27
وَكانَ
مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ لاَِهْلِ الثُّغُورِ
أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَحَصِّنْ ثُغُورَ الْمُسْلِمينَ بِعِزَّتِكَ، وَأَيِّدْ حُماتَها بِقُوَّتِكَ، وَأَسْبِغْ عَطاياهُمْ مِنْ جِدَتِكَ. أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَكَثِّرْ عِدَّتَهُمْ، وَاشْحَذْ أَسْلِحَتَهُمْ، وَاحْرُسْ حَوْزَتَهُمُ، وَامْنَعْ حَوْمَتَهُمْ، وَأَلِّفْ جَمْعَهُمْ، وَدبِّرْ أَمْرَهُمْ، وَواتِرْ بَيْنَ مِيَرِهِمْ، وَتَوَحَّدْ بِكِفايَةِ مُؤَنِهِمْ، وَاعْضُدْهُمْ بِالنَّصْرِ، وَأَعِنْهُمْ بِالصَّبْرِ، وَالْطُفْ لَهُمْ فِي الْمَكْرِ. أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَعَرِّفْهُمْ مايَجْهَلُونَ، وَعَلِّمْهُمْ ما لايَعْلَمُونَ، وَبَصِّرْهُمْ ما لا يُبْصِرُونَ. أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى
مُحَمَّد وَآلِهِ، وَأَنْسِهِمْ عِنْدَ لِقائِهِمُ الْعَدُوَّ ذِكْرَ دُنْياهُمُ
الْخَدَّاعَةِ الْغَرُورِ، وَامْحُ عَنْ قُلُوبِهِمْ خَطَراتِ الْمالِ الْفَتُونِ،
وَاجْعَلِ الْجَنَّةَ نَصْبَ أَعْيُنِهِمْ، وَلَوِّحْ مِنْها لاَِبْصارِهِمْ ما
أَعْدَدْتَ فيها مِنْ مَساكِنِ الْخُلْدِ، وَمَنازِلِ الْكَرامَةِ، وَالْحُورِ
الْحِسانِ، وَالاَْنْهارِ الْمُطَّرِدَةِ بِأَنْواعِ الاَْشْرِبَةِ، وَالاَْشْجارِ الْمَتَدَلِّيَةِ بِصُنُوفِ الثَّمَرِ، حَتّى لايَهُمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالاِْدْبارِ، وَلا يُحَدِّثَ نَفْسَهُ عَنْ قِرْنِهِ بِفرِار. أَللّهُمَّ افْلُلْ بِذلِكَ عَدُوَّهُمْ، وَأَقْلِمْ عَنْهُمْ أَظْفَارَهُمْ، وَفَرِّقْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَسْلِحَتِهِمْ، وَاخْلَعْ وَثائِقَ أَفَئِدَتِهِمْ، وَباِعِدْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَزْوِدَتِهِمْ، وَحَيِّرْهُمْ في سُبُلِهِمْ، وَضَلِّلْهُمْ عَنْ وَجْهِهِمْ، وَاقْطَعْ عَنْهُمُ الْمَدَدَ، وَانْقُصْ مِنْهُمُ الْعَدَدَ، وَامْلاَْ أَفْئِدَتَهُمُ الرُّعْبَ، وَاقْبِضْ أَيْدِيَهُمْ عَنِ الْبَسْطِ، وَاخْزِمْ أَلْسِنَتَهُمْ عَنِ النُّطْقِ، وَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ، وَنَكِّلْ بِهِمْ مَنْ وَراءَهُمْ، وَاقْطَعْ بِخِزْيِهِمْ أَطْماعَ مَنْ بَعْدَهُمْ. أَللّهُمَّ عَقِّمْ أَرْحامَ نِسائِهِمْ، وَيَبِّسْ أَصْلابَ رِجالِهِمْ، وَاقْطَعْ نَسْلَ دَوابِّهِمْ وَأَنْعامِهِمْ، لاتَأْذَنْ لِسَمائِهِمْ في قَطْر، وَلا لاَِرْضِهِمْ في نَبات. أَللّهُمَّ وَقَوِّ بِذلِكَ مَحالَّ أَهْلِ الاِْسْلامِ، وَحَصِّنْ بِهِ دِيارَهُمْ، وَثَمِّرْ بِهِ أَمْوالَهُمْ، وَفَرِّغْهُمْ عَنْ مُحارَبَتِهِمْ لِعِبادَتِكَ، وَعَنْ مُنابَذَتِهِمْ لِلْخَلْوَةِ بِكَ، حَتّى لا يُعْبَدَ في بِقاعِ الاَْرْضِ غَيْرُكَ، وَلا تُعَفَّرَ لاَِحَد مِنْهُمْ جَبْهَةٌ دُوَنَكَ. أَللّهُمَّ اغْزُ
بِكُلِّ ناحِيَة مِنَ الْمُسْلِمينَ عَلى مَنْ بِإِزائِهِمْ مِنَ
الْمُشْرِكينَ، وَأَمْدِدْهُمْ بِمَلائِكَة مِنْ عِنْدِكَ مُرْدِفينَ، حَتّى يَكْشِفُوهُمْ إِلى مُنْقَطَعِ التُّرابِ قَتْلاً في أَرْضِكَ وَأَسْراً، أَوْ يُقِرُّوا بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ. أَللّهُمَّ وَاعْمُمْ بِذلِكَ أَعْداءَكَ في أَقْطارِ الْبِلادِ مِنَ الْهِنْدِ وَالرُّومِ وَالتُّرْكِ، وَالْخَزَرِ وَالْحَبَشِ، وَالنُّوبَةِ وَالزّنْجِ، وَالسَّقالِبَةِ وَالدَّيالِمَةِ، وَسائِرِ أُمَمِ الشِّرْكِ، الَّذينَ تَخْفى أسْماؤْهُمْ وَصِفاتُهُمْ، وَقَدْ أَحْصَيْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ، وَأَشْرَفْتَ عَلَيْهِمْ بِقُدْرَتِكَ. أَللّهُمَّ اشْغَلِ الْمُشْرِكينَ بِالْمُشْرِكينَ عَنْ تَناوُلِ أَطْرافِ الْمُسلِمينَ، وَخُذْهُمْ بِالنَّقْصِ عَنْ تَنَقُّصِهِمْ، وَثَبِّطْهُمْ بِالْفُرْقَةِ عَنِ الاِْحْتِشادِ عَلَيْهِمْ. أَللّهُمَّ أَخْلِ قُلُوبَهُمْ مِنَ الاَْمَنَةِ، وَأَبْدانَهُمْ مِنَ القُوَّةِ، وَأَذْهِلْ قُلُوبَهُمْ عَنِ الاِْحْتِيالِ، وَأَوْهِنْ أَرْكانَهُمْ عَنْ مُنَازَلَةِ الرِّجالِ، وَجَبِّنْهُمْ عَنْ مُقَارَعَةِ الاَْبْطالِ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ جُنْداً مِنْ مَلائِكَتِكَ بِبَأْس مِنْ بَأْسِكَ، كَفِعْلِكَ يَوْمَ بَدْر، تَقْطَعُ بِهِ دابِرَهُمْ، وَتَحْصُدُ بِهِ شَوْكَتَهُمْ، وَتُفَرِّقُ بِهِ عَدَدَهُمْ. أَللّهُمَّ وَامْزُجْ
مِياهَهُمْ بِالْوَباءِ، وَأَطْعِمَتَهُمْ بِالاَْدْواءِ، وَارْمِ بِلادَهُمْ
بِالْخُسُوفِ، وَأَلِحَّ عَلَيْها بِالْقُذُوفِ، وَافْرَعْها بِالْمُحُولِ،
وَاجْعَلْ مِيَرَهُمْ في أَحَصِّ أَرْضِكَ وَأَبْعَدِها عَنْهُمْ، وَامْنَعْ
حُصُونَها مِنْهُمْ، أَصِبْهُمْ بِالْجُوعِ الْمُقيمِ وَالسُّقْمِ الاَْليمِ. أَللّهُمَّ وَأَيُّما غاز غَزاهُمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكَ، أَوْ مُجاهِد جاهَدَهُمْ مِنْ أَتَباعِ سُنَّتِكَ، لِيَكُونَ دينُكَ الاَْعْلى، وَحِزْبُكَ الاَْقْوى، وَحَظُّكَ الاَْوْفى، فَلَقِّهِ الْيُسْرَ، وَهَيِّئْ لَهُ الاْمْرَ، وَتَوَلَّهُ بِالنُّجْحِ، وَتَخَيَّرْ لَهُ الاَْصْحابَ، وَاسْتَقْوِ لَهُ الظَّهْرَ، وَأَسْبِغْ عَلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ، وَمَتِّعْهُ بِالنَّشاطِ، وَاطْفِ عَنْهُ حَرارَةَ الشَّوْقِ، وَأَجِرْهُ مِنْ غَمِّ الْوَحْشَةِ، وَأَنْسِهِ ذِكْرَ الاَْهْلِ وَالْوَلَدِ، وَآثِرْ لَهُ حُسْنَ النِّيَّةِ، وَتَوَلَّهُ بِالْعافِيَةِ، وَأَصْحِبْهُ السَّلامَةَ، وَأَعْفِهِ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَلْهِمْهُ الْجُرْأَةَ، وَارْزُقْهُ الشِّدَّةَ، وَأَيِّدْهُ بِالنُّصْرَةِ، وَعَلِّمْهُ السِّيَرَ وَالسُّنَنَ، وَسَدِّدْهُ فِي الْحُكْمِ، وَاعْزِلْ عَنْهُ الرِّياءَ، وَخَلِّصْهُ مِنَ السُّمْعَةِ، وَاجْعَلْ فِكْرَهُ وَذِكْرَهُ وَظَعْنَهُ وَإِقامَتَهُ فيكَ وَلَكَ. فَإِذا صافَّ عَدُوَّكَ وَعَدُوَّهُ فَقَلِّلْهُمْ في عَيْنِهِ، وصَغِّرْ شَأْنَهُمْ في قَلْبِهِ، وَأَدِلْ لَهُ مِنْهُمْ، وَلا تُدِلْهُمْ مِنْهُ، فَإِنْ خَتَمْتَ لَهُ بِالسَّعادَةِ، وَقَضَيْتَ لَهُ بِالشَّهادَةِ، فَبَعْدَ أَنْ يَجْتَاحَ عَدُوَّكَ بِالْقَتْلِ، وَبَعْدَ أَنْ يَجْهَدَ بِهِمُ الاَْسْرُ، وَبَعْدَ أَنْ تَأْمَنَ أطْرافُ الْمُسْلِمينَ، وَبَعْدَ أنْ يُوَلّيَ عَدُوُّكَ مُدْبِرينَ. أَللّهُمَّ وَأَيُّما
مُسْلِم خَلَفَ غَازِياً أَوْ مُرابِطاً في دَارِه، أَوْ تَعَهَّدَ
خالِفيهِ في غَيْبَتِهِ، أَوْ أَعانَهُ بِطائِفَة مِنْ مالِهِ، أَوْ أَمَدَّهُ بِعَتاد، أَوْ شَحَذَهُ عَلى جِهاد، أَوْ أَتْبَعَهُ في وَجْهِهِ دَعْوَةً، أَوْ رَعى لَهُ مِنْ وَرائِهِ حُرْمَةً، فَأَجْرِ لَهُ مِثْلَ أَجْرِهِ، وَزْناً بِوَزْن، وَمِثْلاً بِمِثْل، وَعَوِّضْهُ مِنْ فِعْلِهِ عِوَضاً حاضِراً، يَتَعَجَّلُ بِهِ نَفْعَ ماقَدَّمَ، وَسُرُورَ ما أَتى بِهِ، إِلى أَنْ يَنْتَهِىَ بِهِ الْوَقْتُ إِلى ما أَجْرَيْتَ لَهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَأَعْدَدْتَ لَهُ مِنْ كَرامَتِكَ. أَللّهُمَّ وَأَيُّما مُسْلِم أَهَمَّهُ أَمْرُ الاِْسْلامِ، وَأَحْزَنَهُ تَحَزُّبُ أَهْلِ الشِّرْكِ عَلَيْهِمْ، فَنَوى غَزْواً، أَوْ هَمَّ بِجِهاد، فَقَعَدَ بِهِ ضَعْفٌ، أَوْ أَبْطَأَتْ بِهِ فاقَةٌ، أوْ أخَّرَهُ عَنْهُ حادِثٌ، أوْ عَرَضَ لَهُ دُونَ إِرادَتِهِ مانِعٌ، فَاكْتُبِ اسْمَهُ فِي الْعابِدينَ، وَأَوْجِبْ لَهُ ثَوابَ الْمُجاهِدينَ، وَاجْعَلْهُ في نِظامِ الشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ. أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَآلِ مُحَمَّد، صَلاةً عالِيَةً عَلَى الصَّلَواتِ، مُشْرِفَةً فَوْقَ التَّحِيّاتِ، صَلاةً لايَنْتَهي مَدَدُها، وَلا يَنْقَطِعُ عَدَدُها، كَأَتَمِّ مامَضى مِنْ صَلَواتِكَ عَلى أَحَد مِنْ أَوْليِائِكَ، إِنَّكَ الْمَنّانُ الْحَميدُ، الْمُبْدِئُ الْمُعيدُ، الْفَعّالُ لِما تُريدُ.
28
وَكانَ
مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ
السَّلامُ مُتَفَزِّعاً إِلَى اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ
أَللّهُمَّ إِنّي أَخْلَصْتُ بِانْقِطاعي إِلَيْكَ، وَأَقْبَلْتُ بِكُلّي عَليْكَ، وَصَرَفْتُ وَجْهي عَمَّنْ يَحْتاجُ إِلى رِفْدِكَ، وَقَلَبْتُ مَسْأَلَتي عَمَّنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ فَضْلِكَ، وَرَأَيْتُ أَنَّ طَلَبَ الْمُحْتاجِ إِلَى الْمُحْتاجِ سَفَهٌ مِنْ رَأْيِهِ، وَضَلَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ. فَكَمْ قَدْ رَأَيْتُ يا إِلهي مِنْ أُناس طَلَبُوا العِزَّ بِغَيْرِكَ فذلّوا، وَرامُوا الثَّرْوَةَ مِنْ سِواكَ فَافْتَقَرُوا، وَحاوَلُوا الاِْرْتِفاعَ فَاتَّضَعُوا، فَصَحَّ بِمُعايَنَةِ أَمْثالِهِمْ حازِمٌ وَفَّقَهُ اعْتِبارُهُ، وَأَرْشَدَهُ إِلى طَريقِ صَوابِهِ اخْتِيارُهُ. فَأَنْتَ يا مَولاىَ دُونَ كُلِّ مَسْؤُول مَوْضِعُ مَسْأَلَتي، وَدُونَ كُلِّ مَطْلُوب إِلَيْهِ وَلىُّ حاجَتي، أَنْتَ الْمَخْصُوصُ قَبْلَ كُلِّ مَدْعُوٍّ بِدَعْوَتي، لايَشْرَكُكَ أَحَدٌ في رَجائي، وَلايَتَّفِقُ أَحَدٌ مَعَكَ في دُعائي، وَلا يَنْظِمُهُ وَإِيّاكَ نِدائي. لَكَ يا إِلهي وَحْدانِيَّةُ الْعَدَدِ، وَمَلَكَةُ الْقُدْرَةِ الصَّمَدِ، وفَضيلَةُ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ، وَدَرَجَةُ الْعُلُوِّ وَالرِّفْعَةِ. وَمَنْ سِواكَ مَرْحُومٌ في عُمْرِهِ، مَغْلُوبٌ عَلى أَمْرِهِ، مَقْهُورٌ عَلى شَأْنِهِ، مُخْتَلِفُ الْحالاتِ، مُتَنَقِّلٌ فِي الصِّفاتِ. فَتَعالَيْتَ عَنِ الاَْشْباهِ وَالاَْضْدادِ، وَتَكَبَّرْتَ عَنِ الاَْمْثالِ وَالاَْنْدادِ، فَسُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ.
29
وَكانَ
مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ
السَّلامُ إِذا قُتِّرَ عَلَيْهِ الرِّزْقُ
أَللّهُمَّ إِنَّكَ ابتَلَيْتَنا في أَرْزاقِنا بِسُوءِ الظَّنِّ، وَفي آجالِنا بِطُولِ الاَْمَلِ، حتَّى الْتَمَسْنا أَرْزاقَكَ مِنْ عِنْدِ الْمَرْزُوقينَ، وَطَمِعْنا بِآمالِنا في أَعْمارِ الْمُعَمَّرينَ. فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَهَبْ لَنا يَقيناً صادِقاً، تَكْفينا بِهِ مِنْ مَؤُونَةِ الطَّلَبِ، وَأَلْهِمْنا ثِقَةً خالِصَةً، تُعْفينا بِها مِنْ شِدَّةِ النَّصَبِ، وَاجْعَلْ ما صَرَّحْتَ بِهِ مِنْ عِدَتِكَ في وَحْيِكَ، وَأَتْبَعْتَهُ مِنْ قَسَمِكَ في كِتابِكَ، قاطِعاً لاِهْتِمـامِنا بِالـرِّزْقِ الَّـذي تَكَـفَّلْتَ بِهِ، وَحَسْمـاً لِلاِْشْتِغالِ بِمـا ضَمِنْتَ الْكِـفايَةَ لَهُ، فَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ الاَْصْدَقُ، وَأَقْسَمْتَ وَقَسَمُـكَ الاْبَرُّ الاْوْفـى : (وَفِـي السَّمـاءِ رِزْقُكُـمْ وَمـا تُوعَدُونَ)، ثُـمَّ قُلْتَ: (فَوَرَبِّ السَّمـاءِ وَالاَْرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُـمْ تَنْطِقُونَ).
30
وَكانَ
مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ
السَّلامُ فِي الْمَعُونَةِ عَلى قَضاءِ الدَّيْنِ
أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَهَبْ لِىَ الْعافِيَةَ مِنْ دَيْن تُخْلِقُ بِهِ وَجْهي، وَيَحارُ فيهِ ذِهْني، وَيَتَشَعَّبُ لَهُ فِكْري، وَيَطُولُ بِمُمارَسَتِهِ شُغْلي. وَأَعُوذُ بِكَ يارَبِّ مِنْ هَمِّ الدَّيْنِ وَفِكْرِهِ، وَشُغْلِ الدَّيْنِ وَسَهَرِهِ. فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَأَعِذْني مِنْهُ. وَأَسْتَجيرُ بِكَ يارَبِّ مِنْ ذِلَّتِهِ فِي الْحَياةِ، وَمِنْ تَبِعَتِهِ بَعْدَ الْوَفاةِ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَأَجِرْني مِنْهُ بِوُسْع فاضِل، أَوْ كَفاف واصِل. أَللّهُـمَّ صَلِّ
عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاحْجُبْني عَنِ السَّرَفِ وَالاِْزْدِيادِ، وَ قَـوِّمْني
بِالْبَذْلِ وَالاِْقْتِصادِ، وَعَلِّمْني حُسْنَ التَّقْديرِ، وَاقْبِضْني
بِلُطْفِكَ عَنِ التَّبْذيرِ، وَأَجْرِ مِنْ
أَسْبابِ الْحَلالِ أَرْزاقي، وَوَجِّهْ في أَبْوابِ الْبِرِّ إِنْفاقي، وَازْوِ عَنّي مِنَ الْمالِ ما يُحْدِثُ لي مَخْيَلَةً أَوْ تَأَدِّياً إِلى بَغْي، أَوْ ما أَتَعَقَّبُ مِنْهُ طُغْياناً. أَللّهُمَّ حَبِّبْ إِلَىَّ صُحْبَةَ الْفُقَراءِ، وَأَعِنّي عَلى صُحْبَتِهِمْ بِحُسْنِ الصَّبْرِ، وَما زَوَيْتَ عَنّي مِنْ مَتاعِ الدُّنْيَا الْفانِيَةِ، فَاذْخَرْهُ لي في خَزائِنِكَ الْباقِيَةِ، وَاجْعَلْ ماخَوَّلْتَني مِنْ حُطامِها، وَعَجَّلْتَ لي مِنْ مَتاعِها، بُلْغَةً إِلى جِوارِكَ، وَوُصْلَةً إِلى قُرْبِكَ، وَذَريعَةً إِلى جَنَّتِكَ، إِنَّكَ ذُو الْفَضْلِ العَظيمِ، وَأَنْتَ الْجَوادُ الكَريمُ.
31
وَكانَ
مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ في
ذِكْرِ التَّوْبَةِ وَطَلَبِها
أَللّهُمَّ يا مَنْ لا يَصِفُهُ نَعْتُ الْواصِفينَ، وَيا مَنْ لا يُجاوِزُهُ رَجاءُ الرّاجِينَ، وَيا مَنْ لايَضيعُ لَدَيْهِ أَجْرُ الْمُحْسِنينَ، وَيا مَنْ هُوَ مُنْتَهى خَوْفِ الْعابِدينَ، وَيا مَنْ هُوَ غايَةُ خَشْيَةِ الْمُتَّقينَ. هذا مَقامُ مَنْ
تَداوَلَتْهُ أَيْدِي الذُّنُوبِ، وَقادَتْهُ أَزِمَّةُ الْخَطايا، وَاسْتَحْوَذَ
عَلَيْهِ الشَّيْطانُ، فَقَصَّرَ عَمّا أَمَرْتَ بِهِ تَفْريطاً، وَتَعاطى ما
نَهَيْتَ عَنْهُ تَغْريراً، كَالْجاهِلِ بِقُدْرَتِكَ عَليْهِ، أَوْ كَالْمُنْكِرِ
فَضْلَ إِحْسانِكَ إِلَيْهِ، حَتّى إِذَا انْفَتَحَ لَهُ بَصَرُ الْهُدى،
وَتَقَشَّعَتْ عَنْهُ سَحائِبُ الْعَمى، أَحْصى ماظَلَمَ بِهِ نَفْسَهُ، وَفَكَّرَ
فيما خالَفَ بِهِ رَبَّهُ، فَرَأى كَبيرَ عِصْيانِهِ كَبيراً، وَجَليلَ
مُخالَفَتِهِ جَليلاً، فَأَقْبَلَ نَحْوَكَ مُؤَمِّلاً لَكَ، مُسْتَحْيِياً مِنْكَ،
وَوَجَّهَ رَغْبَتَهُ إِلَيْكَ ثِقَةً بِكَ، فَأَمَّكَ بِطَمَعِهِ يَقَيناً،
وَقَصَدَكَ بِخَوْفِهِ إِخْلاصاً، قَدْ خَلا طَمَعُهُ مِنْ كُلِّ مَطْمُوع فيهِ
غَيْرِكَ، وَأَفْرَخَ رَوْعُهُ مِنْ كُلِّ مَحْذُور مِنْهُ سِواكَ، فَمَثَلَ بَيْنَ
يَدَيْكَ مُتَضَرِّعاً، وَغَمَّضَ بَصَرَهُ إِلَى الاَْرْضِ مُتَخَشِّعاً،
وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ لِعِزَّتِكَ مُتَذَلِّلاً، وَأبَثَّكَ مِنْ سِرِّهِ ما أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنْهُ خُضُوعاً، وَعَدَّدَ مِنْ ذُنُوبِهِ ما أَنْتَ أَحْصى لَها خُشُوعاً، وَاسْتَغَاثَ بِكَ مِنْ عَظيمِ ما وَقَعَ بِهِ في عِلْمِكَ، وَقَبيحِ مافَضَحَهُ في حُكْمِكَ، مِنْ ذُنُوب أَدْبَرَتْ لَذّاتُها فَذَهَبَتْ، وَأَقامَتْ تَبِعاتُها فَلَزِمَتْ، لايُنْكِرُ يا إِلهي عَدْلَكَ إِنْ عاقَبْتَهُ، وَلا يَسْتَعْظِمُ عَفْوَكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَرَحِمْتَهُ، لاَِنَّكَ الرَّبُّ الْكَريمُ الَّذي لا يَتَعاظَمُهُ غُفْرانُ الذَّنْبِ الْعَظيمِ. أَللّهُمَّ فَها أَنَا ذا قَدْجِئْتُكَ مُطيعاً لاَِمْرِكَ فيما أَمَرْتَ بِهِ مِنَ الدُّعاءِ، مُتَنَجِّزاً وَعْدَكَ فيما وَعَدْتَ بِهِ مِنَ الاِْجابَةِ، إِذْ تَقُولُ: (ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ ). أَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَالْقَني بِمَغْفِرَتِكَ كَما لَقِيتُكَ بِإِقْراري، وَارْفَعْني عَنْ مَصارِعِ الذُّنُوبِ كَما وَضَعْتُ لَكَ نَفْسي، وَاسْتُرْني بِسِتْرِكَ كَما تَأَنَّيْتَني عَنِ الاِْنْتِقَامِ مِنّي. أَللّهُمَّ وَثَبِّتْ في طاعَتِكَ نِيَّتي، وَأَحْكِمْ في عِبادَتِكَ بَصيرَتي، وَوَفِّقْني مِنَ الاَْعْمالِ لِما تَغْسِلُ بِهِ دَنَسَ الْخَطايا عَنّي، وَتَوَفَّني عَلى مِلَّتِكَ وَمِلَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلامُ إِذا تَوَفَّيْتَني. أَللّهُمَّ إِنّي أَتُوبُ إِلَيْكَ في مَقامي هذا مِنْ كَبائِرِ ذُنُوبي وَصَغائِرِها، وَبَواطِنِ سَيِّئاتِي وَظَواهِرِها، وَسَوالِفِ زَلاّتي وَحَوادِثِها، تَوْبَةَ مَنْ لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِمَعْصِيَة، وَلا يُضْمِرُ أَنْ يَعُودَ في خَطيئَة. وَقَدْ قُلْتَ يا إِلهي في مُحْكَمِ كِتابِكَ: إِنَّكَ تَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِكَ وَتَعْفُو عَنِ السَّيِّئاتِ، وَتُحِبُّ التَّوّابينَ، فَاقْبَلْ تَوْبَتي كَما وَعَدْتَ، وَاعْفُ عَنْ سَيِّئاتي كَما ضَمِنْتَ، وَأَوْجِبْ لي مَحَبَّتَكَ كَما شَرَطْتَ. وَلَكَ يا رَبِّ شَرْطي أَنْ لا أَعُودَ في مَكْرُوهِكَ، وَضَماني أَنْ لا أَرْجعَ في مَذْمُومِكَ، وَعَهْدي أَنْ أَهْجُرَ جَميعَ مَعاصيكَ. أَللّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِما عَمِلْتُ، فَاغْفِرْ لي ما عَلِمْتَ، وَاصْرِفْني بِقُدْرَتِكَ إِلى ما أَحْبَبْتَ. أَللّهُمَّ وَعَلَىَّ تَبِعاتٌ قَدْ حَفِظتُهُنَّ، وَتَبِعاتٌ قَدْ نَسيتُهُنَّ، وَكُلُّهُنَّ بِعَيْنِكَ الَّتي لا تَنامُ، وَعِلْمِكَ الَّذي لايَنْسى، فَعَوِّضْ مِنْها أَهْلَها، وَاحْطُطْ عَنّي وِزْرَها، وَخَفِّفْ عَنّي ثِقْلَها، وَاعْصِمْني مِنْ أَنْ أُقارِفَ مِثْلَها. أَللّهُمَّ وَإِنَّهُ
لاوَفاءَ لي بِالتَّوْبَةِ إِلاّ بِعِصْمَتِكَ، وَلاَ اسْتِمْساكَ بي
عَنِ الْخَطايا إِلاّ عَنْ قُوَّتِكَ، فَقَوِّني بِقُوَّة كافِيَة، وَتَوَلَّني بِعِصْمَة مانِعَة. أَللّهُمَّ أَيُّما عَبْد تابَ إِلَيْكَ وَهُوَ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ فاسِخٌ لِتَوْبَتِهِ، وَعائِدٌ في ذَنْبِهِ وَخَطيئَتِهِ، فَإِنّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَكُونَ كَذلِكَ، فَاجْعَلْ تَوْبَتي هذِهِ تَوْبَةً لا أَحْتاجُ بَعْدَها إِلى تَوْبَة، تَوْبَةً مُوجِبَةً لِمَحْوِ ماسَلَفَ، وَالسَّلامَةِ فيما بَقِىَ. أَللّهُمَّ إِنّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ جَهْلي، وَأَسْتَوْهِبُكَ سُوءَ فِعْلي، فَاضْمُمْني إِلى كَنَفِ رَحْمَتِكَ تَطَوُّلاً، وَاسْتُرْني بِسِتْرِ عافِيَتِكَ تَفَضُّلاً. أَللّهُمَّ وَإِنّي أَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْ كُلِّ ما خالَفَ إِرادَتَكَ، أَوْ زالَ عَنْ مَحَبَّتِكَ، مِنْ خَطَراتِ قَلْبي، وَلَحَظاتِ عَيْني، وَحِكاياتِ لِساني، تَوْبَةً تَسْلَمُ بِها كُلُّ جارِحَة عَلى حِيالِها مِنْ تَبِعاتِكَ، وَتَأْمَنُ مِمّا يَخافُ الْمُعْتَدُونَ مِنْ أليمِ سَطَواتِكَ. أَللّهُمَّ فَارْحَمْ وَحْدَتي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَوَجيبَ قَلْبي مِنْ خَشْيَتِكَ، وَاضْطِرابَ أَرْكاني مِنْ هَيْبَتِكَ. فَقَدْ أَقامَتْني يا
رَبِّ ذُنُوبي مَقامَ الْخِزْيِ بِفِنائِكَ، فَإِنْ سَكَتُّ
لَمْ يَنْطِقْ عَنّي أَحَدٌ، وَإِنْ شَفَعْتُ فَلَسْتُ بِأَهْلِ الشَّفاعَةِ. أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَشَفِّعْ في خَطاياىَ كَرَمَكَ، وَعُدْ عَلى سَيِّئاتي بِعَفْوِكَ، وَلا تَجْزِني جَزائي مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَابْسُطْ عَلَىَّ طَوْلَكَ، وَجَلِّلْني بِسِتْرِكَ، وَافْعَلْ بي فِعْلَ عَزيز تَضَرَّعَ إِلَيْهِ عَبْدٌ ذَليلٌ فَرَحِمَهُ، أَوْ غَنِىٍّ تَعَرَّضَ لَهُ عَبْدٌ فَقيرٌ فَنَعَشَهُ. أَللّهُمَّ لا خَفيرَ لي مِنْك، فَلْيَخْفُرْني عِزُّكَ، ولا شَفيعَ لي إِلَيْكَ، فَلْيَشْفَعْ لي فَضْلُكَ، وَقَدْ أَوْجَلَتْني خَطاياىَ فَلْيُؤْمِنّي عَفْوُكَ، فَما كُلُّ ما نَطَقْتُ بِهِ عَنْ جَهْل مِنّي بِسُوءِ أَثَري، وَلا نِسْيان لِما سَبَقَ مِنْ ذَميمِ فِعْلي، وَلكِنْ لِتَسْمَعَ سَماؤُكَ وَمَنْ فيها، وَأَرْضُكَ وَمَنْ عَلَيْها، ما أَظْهَرْتُ لَكَ مِنَ النَّدَمِ، وَلَجَأْتُ إِلَيْكَ فيهِ مِنَ التَّوْبَةِ، فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَرْحَمُني لِسُوءِ مَوْقِفي، أَوْ تُدْرِكُهُ الرِّقَّةُ عَلَىَّ لِسُوءِ حالي، فَيَنالَني مِنْهُ بِدَعْوَة هِىَ أَسْمَعُ لَدَيْكَ مِنْ دُعائي، أَوْ شَفاعَة أَوْكَدُ عِنْدَكَ مِنْ شَفاعَتي، تَكُونُ بِها نَجاتي مِنْ غَضَبِكَ، وَفَوْزَتي بِرِضاكَ. أَللّهُمَّ إِنْ
يَكُنِ النَّدَمُ تَوْبَةً إِلَيْكَ فَأَنَا أَنْدَمُ النّادِمينَ، وَإِنْ يَكُنِ
التَّرْكُ لِمَعْصِيَتِكَ إِنابَةً فَأَنَا أَوَّلُ الْمُنيبينَ، وَإِنْ يَكْنِ الاِْسْتِغْفارُ حِطَّةً لِلذُّنُوبِ فَإِنّي لَكَ مِنَ الْمُسْتَغْفِرينَ. أَللّهُمَّ فَكَما أَمَرْتَ بِالتَّوْبَةِ وَضَمِنْتَ الْقَبُولَ، وَحَثَثْتَ عَلَى الدُّعاءِ وَوَعَدْتَ الاِْجابَةَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاقْبَلْ تَوْبَتي، وَلا تَرْجِعْني مَرْجِعَ الْخَيْبَةِ مِنْ رَحْمَتِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوّابُ عَلَى الْمُذْنِبينَ، وَالرَّحِيمُ لِلْخاطِئينَ الْمُنيبينَ. أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ كَما هَدَيْتَنا بِهِ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ كَما اسْتَنْقَذْتَنا بِهِ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ صَلاةً تَشْفَعُ لَنا يَوْمَ الْقِيـامَةِ وَيَوْمَ الْفاقَـةِ إِلَيْكَ، إِنَّكَ عَلـى كُلِّ شَىْء قَديرٌ، وَهُوَ عَلَيْكَ يَسيرٌ. |