مكتبة الإمام زين العابدين

فهرس الكتاب

 

 

النصّ على إمامة زين العابدين(عليه السلام)

لقد نصّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) على إمامة اثني عشر إماماً من أهل بيته الأطهار، وعيّنَهم بذكر أسمائهم وأوصافهم، كما هو المعروف من حديث الصحابي جابر بن عبدالله الأنصاري وغيره عند العامّة والخاصّة[1].

كما نصّ كلّ إمام معصوم على الإمام الذي يليه قبل استشهاده في مواطن عديدة بما يتناسب مع ظروف عصره، وقد كان النصّ يكتب ويودع عند أحد سرّاً، ويجعل طلبه دليلاً على الاستحقاق، ونلاحظ تكرّر هذه الظاهرة في حياة أبي عبدالله الحسين(عليه السلام) بالنسبة لابنه زين العابدين(عليه السلام) تارة في المدينة واُخرى في كربلاء قبيل استشهاده.

وممّا روي من النصّ على إمامة ولده(عليه السلام) ما رواه الطوسي، عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام): أنّ الحسين لمّا خرج الى العراق دفع الى اُمّ سلمة زوجة النبىّ(صلى الله عليه وآله) الوصيّة والكتب وغير ذلك وقال لها: «إذا أتاك أكبر وُلدي فادفعي إليه ما قد دفعتُ إليك». فلما قُتل الحسين(عليه السلام) أتى عليّ بن الحسين(عليه السلام) أُمّ سلمة فدفعت إليه كلّ شيء أعطاها الحسين(عليه السلام).

وفي نصٍّ آخر: أنّه(عليه السلام) جعل طلبها منها علامة على إمامة الطالب لها من الأنام فَطلبها زين العابدين(عليه السلام)[2].

وروى الكليني عن أبي الجارود عن الإمام الباقر(عليه السلام): أنّ الحسين(عليه السلام) لمّا حضره الذي حضره دعا ابنته فاطمة الكبرى فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصيّة ظاهرة، وكان عليّ بن الحسين(عليه السلام) مريضاً لا يرون أنّه يبقى بعده، فلمّا قُتل الحسين(عليه السلام) ورجع أهل بيته الى المدينة دفعت فاطمة الكتاب الى عليّ بن الحسين(عليه السلام)[3].

وسوف نلاحظ في احتجاج الإمام(عليه السلام) مع عمّه محمد بن الحنفيّة أنّه قال له: «إنّ أبي صلوات الله عليه أوصى إليّ قبل أن يتوجّه الى العراق وعهد إليّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعة»[4].

الإمام زين العابدين(عليه السلام) يوم عاشوراء :

إنّ أشدّ ما كان يحزّ في نفوس أهل بيت الرسالة ومحبّيهم ما رواه حميد ابن مسلم، وهو شاهد عيان بعد ظهر اليوم العاشر من المحرّم إثر استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام) إذ قال:

لقد كنت أرى المرأة من نسائه وبناته وأهله تنازع ثوبها من ظهرها حتى تغلب عليه فيُذهب به منها.

ثمّ انتهينا إلى عليّ بن الحسين(عليه السلام) وهو منبسط على فراش وهو شديد المرض، ومع شمر جماعة من الرجّالة، فقالوا له: ألا تقتل هذا العليل؟ فقلت: سبحان الله أيقتل الصبيان؟! إنّما هذا صبيٌ وإنّه لما به، فلم أزل حتى دفعتهم عنه.

وجاء عمر بن سعد فصاحت النساء في وجهه وبكين، فقال لأصحابه: لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النسوة ولا تتعرّضوا لهذا الغلام المريض... من أخذ من متاعهنّ شيئاً فليردّه عليهن، فوالله ما ردّ أحد منهم شيئاً[5].

وهكذا شارك الإمام زين العابدين(عليه السلام) أباه الحسين السبط(عليه السلام) في جهاده ضد الطغاة ولكنه لم يرزق الشهادة مع أبيه والأبرار من أهل بيته وأصحابه، فإنّ الله سبحانه كان قد حفظه ليتولّى قيادة الاُمّة بعد أبيه(عليه السلام) ويقوم بالدور المعدّ له لصيانة رسالة جده(صلى الله عليه وآله) من أيدي العتاة العابثين وانتحال الضالّين المبطلين ومن التيارات الوافدة على حضيرة الإسلام التي أخذت رقعتها بالاتّساع والانتشار السريع.

[1] راجع : منتخب الأثر: 97، الباب الثامن، والإرشاد وإعلام الورى بأعلام الهدى: 2/181، 182، النصوص على الأئمة الاثنا عشر، قادتنا: 5/14،  وإثبات الهداة بالنصوص والمعجزات: 2/285، النصوص العامة على الأئمة، وإحقاق الحقّ وملحقاته ج1 ـ 25.

[2] الكافي : 1 / 242 / 3 ، والغيبة للطوسي: 118 الحديث 148، واثبات الهداة: 5 / 214 ـ 216.

[3] الكافي : 1 / 241 / 1، واثبات الوصيّة: 142، وإعلام الورى : 1 / 482 ـ 483.

[4] الاحتجاج  : 2 / 147، احتجاجات الإمام زين العابدين(عليه السلام) .

[5] الإرشاد : 2 / 112 ، وانظر وقعة الطف لأبي مخنف : 256 ، 257.