دور الأنبياء والأئمة (ع) |
إن علماء الدنيا من المخترعين والمكتشفين والأطباء ومن أشبه يهتمون بتقديم الخدمات المادية للمجتمع الإنساني، أما الأنبياء والأئمة الأطهار (ع) وعلماء الدين فإنهم مضافاً إلى ما يقدمونه لسعادة البشر مادياً، يهتمون بالجانب الروحي أيضاً الذي هو أهم من الجانب المادي بكثير، فإن قيمة الإنسان ترتبط بروحه ونفسه أولاً، لا ببدنه المادي فحسب. يقول الشاعر سعدي الشيرازي(1) ما مضمونه: قيمة المرء بروحه لا بجسمه، أما اللباس الجيد فلا يكون ميزاناً لإنسانيته(2). قال الله تعالى: ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)(3). فجاء الأمر بالسجود للإنسان(4) بعد أن سواه الله ونفخ فيه الروح، فيعلم أن قيمة المرء بروحه لا بجسمه. ومن هنا فإن الفقهاء ذكروا غرامة البدن المادي بالأمور المادية المذكورة في الفقه، فدية قتل الإنسان هي إحدى الموارد المالية التالية: 1: ألف دينار من الذهب (5). 2: عشرة آلاف درهم من الفضة(6). 3: ألف رأس من الغنم. 4: مائة رأس من الإبل. 5: مائتا رأس من البقر. 6: مائتا حُلة(7). هذا بلحاظ الجانب المادي للإنسان، ولكن عندما يكون الحديث عن الجانب الروحي والمعنوي للإنسان فان القرآن المجيد يقول: (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعاً) (8).
نعم، إن علماء الدنيا من المخترعين والمكتشفين يهيئون بعض وسائل الحياة المريحة والمرفهة للإنسان، ولكن أولياء الله يعلمونه كيف يستفيد من تلك الوسائل، فإن الآلات المتطورة والمريحة إذا فإذا فرضنا للإنسان مجتمعاً لا يمتلك فيه وسائل الرفاه يمكن أن نتصور له عيشاً هادئاً بسيطاً، ولكن إذا كان يمتلك مختلف أنواع وسائل الرفاه من دون أن يعرف الموازين الأخلاقية والإنسانية ومن دون أن يطبق التعاليم المعنوية والروحية فإن الحياة تصبح جحيما على البشرية، ولا يمكنهم الاستمرار في الحياة. وبهذا يتضح شيئاً عن أهمية دور حجج الله على الخلق، من الأنبياء والأئمة (ع) وضرورة وجودهم المبارك، ومن هؤلاء الطاهرين الإمام السجاد (ع) فهو من المعلمين الصالحين وأطباء الروح الإلهيين الذين أمرهم الله عزوجل بهداية الخلق وجعلهم أئمة معصومين وفرض طاعتهم على الناس أجمعين. |
(1) سعدي الشيرازي (1189-1291): شاعر وناثر إيراني كبير ولد في شيراز تعلم في نظامية بغداد، له(البستان) و(كلستان) و(الديوان) وقد نقلت إلى عدة لغات. (2) أصل الشعر بالفارسية: تن آدمي شريف است به جان آدميت***نه همين لباس زيباست نشان آدميت (3) سورة ص: 71-74. (4) إن هذا السجود للإنسان لا يعني عبادته، بل كان احتراماً لمقام الإنسان وعبادة لله عزوجل، فإن الملائكة في سجودهم لآدم (ع) قد عبدوا الله عزوجل وأطاعوه، أما إبليس فقد عصا أمر ربه فكان من الكافرين. (5) كل دينار ذهب شرعي عبارة عن مثقال واحد من الذهب عيار 18 حمصة. (6) كل درهم فضة شرعي عبارة عن مثقال واحد من الفضة عيار 12 أو 14 حمصة. (7) الحُلة الواحدة ما تغطي جميع البدن. (8) سورة المائدة: 32. |