مكتبة الإمام زين العابدين

فهرس الكتاب

 

 

مع الأقرباء

ذكروا أنه وقف على علي بن الحسين (ع) رجل كان له بعض القرابة من الإمام (ع) وشتمه، فلم يكلمه الإمام (ع) بسوء، فلما انصرف قال (ع) لجلسائه: «لقد سمعتم ما قال هذا الرجل وأنا أحب أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا مني ردي عليه».

قال: فقالوا له نفعل، ولقد كنا نحب أن يقول له ويقول.

فأخذ (ع) نعليه ومشى وهو يقول: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) (1).

قالوا: فعلمنا أنه لا يقول له شيئاً.

قال: فخرج (ع) حتى أتى منزل الرجل فصرخ به فقال: «قولوا له هذا علي بن الحسين».

قال: فخرج إلينا متوثباً للشر وهو لا يشك أنه إنما جاء مكافئاً له على بعض ما كان منه.

فقال له علي بن الحسين (ع) : «يا أخي إنك كنت قد وقفت عليّ آنفاً فقلت وقلت، فإن كنت قلت ما فيّ فاستغفر الله منه، وإن كنت قلت ما ليس فيّ فغفر الله لك».

قال: فقبل الرجل بين عينيه وقال: بل قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحق به(2).

وروي أن الإمام السجاد (ع) كان يخرج بالليل متنكراً من دون أن يعرفه أحد ويطرق أبواب بعض أقربائه ويساعده مالياً، وكان الشخص يأخذ المال ويقول: لكن علي بن الحسين لا يواصلني لا جزاه الله عني خيراً، فيسمع الإمام ذلك ويصبر عليه ولم يعرفه بنفسه.

وبعد استشهاد الإمام السجاد (ع) انقطع الخير عن الرجل فعرف أن الشخص المحسن الذي لم يكن يعرفه كان هو الإمام السجاد (ع) ، عندها جاء إلى قبره وبكى بحسرة وندم على ما فرطه في حق الإمام(3).

 

(1) سورة آل عمران: 134.

(2) راجع بحار الأنوار: ج46 ص54-55 ب5 ح1.

(3) راجع بحار الأنوار: ج46 ص100 ب5 ضمن ح88.