مـلاحـقالملحق الاوّلكتب ملك الروم الى عبد الملك يتوعده، فضاق ذرعاً بجوابه وكتب الى الحجّاج وهو إذ ذاك على الحجاز أن ابعث الى علي بن الحسين فتوعده وتهدّده واغلظ له، ثم انظر ماذا يجيبك فاكتب به إليّ. ففعل الحجاج ذلك، فقال له الامام علي بن الحسين(عليه السلام): انّ لله في كل يوم ثلاثمئة وستين لحظة، وارجو أن يكفيك في اول لحظة من لحظاته. وكتب بذلك الى عبد الملك، فكتب به الى صاحب الروم كتاباً. فلما قرأه قال: ليس هذا من كلامه هذا من كلام عترة نبوّته(339). كتب عبد الملك هذا الكتاب أثناء تولية الحجّاج على الحجاز. ومن هنا نفهم أن تأريخ الكتاب قد وقع بعد مقتل عبدالله بن الزبير، أي أن العالم الاسلامي آنذاك تحت سيطرة عبدالملك. ومن هذا المنطلق ينبغي أن نعي أنّ عبد الملك لم يعرف بين الاصدقاء والاعداء في العالم الاسلامي جميعاً شخصاً أولى بالتفكير الراجح والرؤية الثاقبة من علي زين العابدين، ولهذا السبب حاول أن يستطلع تفكيره ويستجلي رؤيته في جواب ملك الروم. ولقد كان بمستطاع عبد الملك أن يستشير الامام زين العابدين(عليه السلام) في جواب ملك الروم كما استشاره في قضية النظام النقدي، ولكن الظاهر ان سياسة عبدالملك تحاول الاستفادة من الطرف المناوئ ذي التفكير القويم من دون أن تنزله الى دائرة الضوء، أو تعمّق وجوده الاجتماعي. كما يمكن أن يكون السبب أنّ عبد الملك كان في حالة شديدة من الحرج والضغط الخارجي، فأراد أن يشرك رجلاً مفكراً قوي العزيمة في نفس شباك الحرج والضغط الشديد والتي كان هو واقعاً فيها. ان الانسان اذا كان بعيد الغور قوي الارادة. انتزع من الحلول السريعة والعملية ما لا يستطيع ان ينتزعه في الحالات الطبيعية.
الملحق الثانيأولى علماء المسلمين ومفكّروهم عناية فائقة بالصحيفة السجادية الكاملة شرحاً وتعليقاً، قديماً وحديثاً، ومن هؤلاء الافاضل: 1 ـ الفقيه محمد ابن إدريس الحلي (ت 558). 2 ـ ابراهيم بن علي الكفعمي (ت 905). 3 ـ الفقيه علي بن عبد العالي الكركي (ت 940). 4 ـ محمد بن جمال الدين الجبعي من احفاد الشهيد الثاني (ت 1030). 5 ـ الشيخ عباس البلاغي من اعلام القرن الحادي عشر. 6 ـ محمد بهاء الدين العاملي (ت 1030). 7 ـ كما اَنَّ لابيه العلامة الشيخ حسين بن عبدالصمد الحارثي العاملي تعليقاً. 8 ـ علي بن زين العابدين. فرغ من تأليفه (ت 1097) هجرية. 9 ـ السيد حسين الموسوي الكركي. 10 ـ السيد علي بن نظام المدني الشيرازي (ت 1120). 11 ـ الشيخ يعقوب بن ابراهيم الحويزي (ت 1150). 12 ـ العلاّمة جمال الدين الكوكباني اليماني (ت 1339). ومن المعاصرين: 13 ـ الاستاذ عزّ الدين الجزائري. 14ـ العلاّمة محمد جواد مغنية. وغيرهم.
ملاحظة:اخبرنا آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي: ان العلامة المصري جوهري طنطاوي حينما اطلع على الصحيفة السجادية اعجب بها غاية الاعجاب، وكتب الي بتصميمه على كتابة شرح على هذه الصحيفة.
الملحق الثّالثلزين العابدين(عليه السلام) أدعية كثيرة للغاية. منها ما هو مذكور في الصحيفة السجادية الكاملة وهي متواترة عنه، ومنها ادعية تُنسب اليه كثيرة جداً ذكرتها الصحف التي أُلّفت في العصور الاخيرة. فالصحف السجادية اذن: 1 ـ الصحيفة السجادية الكاملة وهي من إملاء الامام زين العابدين(عليه السلام). 2 ـ الصحيفة الثانية السجادية، وهي من جمع الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي. 3 ـ الصحيفة الثالثة السجادية، وهي من جمع صاحب رياض العلماء عبد الله الافندي. 4 ـ الصحيفة الرابعة السجادية للمحدّث حسين النوري. 5 ـ الصحيفة الخامسة السجادية للسيد محسن الامين العاملي. وقد رأيت عدة أدعية للامام زين العابدين(عليه السلام) غير مذكورة في الصحف السجادية الخمسة.
الملحق الرّابعهناك أبيات كثيرة من الشعر قيلت في إثر استشهاد الامام الحسين(عليه السلام)، لها أهميتها من الوجهة السياسية والتأريخية. وقد اختلف في نسبتها الى قائلها، فبعض نسبها لسليمان بن قتّة العدوي مولى بني هاشم، وبعض نسبها الى سراقة البارقي، وقد نسبها صاحب كتاب التذكرة في أحوال الموتى وامور الاخرة الى الامام علي زين العابدين(عليه السلام) مقتصراً منها على ذكر مطلع الابيات والبيت الثاني(340)... عين جودي بعبرة وعويل واندبي اِن ندبت آل الرسول واندبي تسعة لصلب علي قد اصيبوا وخمسة لعقيل وابن عمّ النبي عوناً أخاهم ليس فيما ينوبهم بخذول وسميّ النبيّ غودر فيهم قد علوه بصارم مصقول واندبي كهلهم فليس إذا ما عدّ في الخير كهلهم كالكهول فلعمري لقد اصبت ذوي القربى فبكّـي على المصاب الطويل فاذا ما بكيت عيني فجودي بدموع تسيل كل مسيل لعن الله حيث كان زيادا وابنه والعجوز ذات البعول ان نسبة الابيات الى سراقة البارقي بعيدة عن الصحة. فإنه كان بمنأىً عن طريق اهل البيت(عليهم السلام) كما يظهر من حاله، فإنه كان عدواً للمختار، وفي نفس الوقت كان تحت راية بشر بن مروان كما في تاريخ دمشق لابن عساكر ـ نسخة مصورة ـ . فتبقى الابيات مرددة بين الامام زين العابدين(عليه السلام) وبين سليمان بن قتّة. وفي مروج الذهب 3 / 62 نسبتها الى مسلم بن قتيبة مولى بني هاشم، والظاهر أنه تصحيف سليمان بن قتة خصوصاً مع قرينة مولى بني هاشم. تتجلى اهمية الابيات من حيث وقوعها التأريخي في ذلك المقطع الزمني، أي على اثر استشهاد الامام الحسين(عليه السلام) واهل بيته الكرام، كما أن مجرد رثاء الامام الثائر على الحكم القائم امر في غاية الصعوبة والارهاق، فكيف يكون الحال إذا كانت الابيات لم تقتصر على هذا المنحى الخطير بل انها ترسل اللعنة، وترمي بشرر كالقصر في وجوه القيادة الظالمة المستبدة كما في البيت الاخير.
الملحق الخامسأبو علي الطبرسي في اعلام الورى، عبدالله بن سليمان الحضرمي، في خبر طويل: ان غانم بن ام غانم، دخل المدينة ومعه امه وسأل: هل تحسّون رجلاً من بني هاشم اسمه علي؟ قالوا: نعم هو ذاك. قال: فدلوني على علي بن عبدالله بن عباس. فقلت له: معي حصاة ختم عليها عليُّ والحسن والحسين(عليهم السلام)، وسمعتُ انه يختم عليه (عليها) رجل اسمه علي. فقال علي بن عبدالله بن عباس: يا عدو الله كذبت على علي بن أبي طالب وعلى الحسن والحسين. وصار بنو هاشم يضربونني; حتى ارجع عن مقالتي، ثم سلبوا مني الحصاة. فرأيت في ليلتي في منامي الحسين(عليه السلام)، وهو يقول لي: هاك الحصاة يا غانم وامضِ الى علي ابني فهو صاحبك. فانتبهت والحصاة في يدي، فأتيت علي بن الحسين(عليه السلام)فختمها وقال لي: ان في امرك لعبرة فلا تخبر به احداً. فقال في ذلك غانم بن ام غانم: اتيتُ علياً ابتغي الحق عنده وعند علي عبرة لا احاولُ فشد وثاقي ثم قال لي اصطبر كأني مخبول عراني خابلُ فقلت لحاك الله والله لم اكن لاكذب في القول الذي انا قائلُ وخلّى سبيلي بعد ضنك فاصبحت مخلاته نفسي، وسربي سائلُ فافقبلت يا خير الاَنام مؤمماً لك اليوم عند(341) العالمين اسائلُ وقلت وخير القول ماكان صادقاً ولا يستوي في الدين حق وباطلُ ولا يستوي من كان بالحق عالماً كآخر يمسي وهو للحق جاهلُ وانت الامام الحق يعرف فضله وإِن قصرتْ عنه النهى والفضائلُ وانت وصي الاوصياء محمد ابوك ومن نيطت إليه الوسائلُ
تعليق:ان صح هذا الخبر أو لم يصح، فليس بالامر الذي يستحيل وقوعه أو عدم وقوعه. وذلك ان صدق القائل بذلك، فما اكثر الكرامات الحقيقية للرسول واهل بيته الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين. وإِن لم يصدق القائل بذلك، فما اكثر ماكذب على الرسول واهل البيت. وعلى فرض صحة اصل الخبر فليس من الضروري ان يكون صحيحاً بهذه الكيفية التفصيلية. فقد تكون بعض فقراته قد نسجتها ايدي الناسجين. ان التاريخ يحدثنا والكتب العقائديه تؤكد لنا ان اجيالاً متعاقبة في زمان أئمة اهل البيت(عليهم السلام) كانوا يؤمنون بهم ويعتقدون بإمامتهم، حسب الطرق المعتادة والمعروفة، وليس عن طريق الختم على الحصاة. كما ان رؤية الامام الحسين(عليه السلام) في المنام وبهذه الصورة المنقولة وإِن كانت غير مستحيلة إلاّ انها مع اهميتها لم يشر اليها في الابيات المتقدمة، وهذا ما يدع مجالاً رحيباً للشك في صحتها. والذي يمكن ان نستفيد منه تاريخياً من الابيات ضمن الاطر الداخلية لها ـ باعتبار ان الادب مصدر ثر للمادة التاريخية ـ ان نزاعاً وتصادماً قد وقع بين علي بن عبدالله بن عباس رضوان الله عليهم وبين غانم بن ام غانم، ادى الى ان يقع الاخير في قبضة الوثاق. ثم ان غانماً عمد الى مدح الامام علي زين العابدين(عليه السلام). اضافة الى ان الابيات قد اوحت بل قد نصت واعتمدت مقارنة بين الشخصيتين: شخصية الامام زين العابدين، وشخصية علي بن عبدالله، وكان الترجيح الشديد وبشكل واضح في صالح الامام سلام الله عليه. على ان مدح الامام زين العابدين في الابيات لا يقتصر على زاوية الترجيح ما بين الشخصيتين، بل يتعداها كثيراً الى حيث الوصف بـ (خير الانام). ومن الجدير بالذكر ان اثبات الامامة لاي امام كان أو يكون انما يستند على الادلة القطعية، والمستمسكات العلمية، وليس على المنام والرؤيا حتى تلك التي تحظى باهمية خاصة، ومكانة كبيرة. نعم ان للرؤيا دوراً في تعميق الاطمئنان في النفس، وتأكيد الفكرة التي قامت عليها الاَدلة المعتمدة.
ايضاح:ابان بن تغلب الذي روي الخبر عنه هو ابان بن تغلب بن رباح البكري، من اجلاء الفقهاء، واعلام مفسري القرآن الكريم، ثقةٌ عدل. قال العلامة ابو العباس النجاشي: عظيم المنزلة في اصحابنا. وقال العلامة الحافظ الذهبي: صدوق في نفسه، عالم كبير. وقال عبدالله بن احمد بن حنبل عن ابيه، واسحاق بن منصور عن يحيى بن معين، وابو حاتم، والنسائي: ثقة(342).
تحقيق:إذا ما جعلنا هذا الخبر على محك التمحيص والتأمل، أو في محل الرد، فليس بعلة نسبته الى ابان بن تغلب ذلك الرجل الصادق الامين، بل لافة أخرى لا علاقة لها بشخصه الكريم. ان الخبر غير معتمد سندياً، ولا اقل من ان ابان لم يشاهد الواقعة بنفسه وانما نقلها عن غيره، وإن كان الخبر أول وهلة يبدو كأن أباناً هو الشاهد للحادثة. ودليلنا على هذا ان ابان بن تغلب ـ وإن لم نجد مصدراً يدلنا على تحديد سنة مولده المبارك ـ قال عنه الذهبي اثناء ترجمته له: وهو من اسنان حمزة الزيات. بقي علينا اذن ان نعرف تحديد عام مولد حمزة الزيات، ولقد حدد خير الدين الزركلي مولده بعام 80 للهجرة. ومن هنا نعلم ان مولد ابان بن تغلب عام 80 للهجرة وأن هدم الحجاج للكعبة قد وقع سنة 73 للهجرة. اذن لم يكن ابان بن تغلب قد حضر هذه الواقعة، ولم يكن آنذاك مخلوقاً، بل وقعت الواقعة قبل مولده بعدة اعوام. ومن هذا المنطلق، يكون ابان قد نقل الخبر عن غيره ولم يشاهده مباشرة، ولسنا نعلم من هذا الذي قد نقل عنه، فهو مجهول.
الملحق السادسروي عن ابان بن تغلب: لما هدم الحجاج الكعبة، فرق الناس ترابها، فلما جاؤوا الى بنائها وارادوا ان يبنوها، خرجت عليهم حية، فمنعت الناس البناء حتى انهزموا. فاتوا الحجاج فاخبروه، فخاف ان يكون قد منع بناؤها، فصعد المنبر وقال: انشد الله عبداً عنده خبر ما ابتلينا به، لما اخبرنا به. قال: فقام شيخ فقال: ان يكن عند احد علم، فعند رجل رأيته جاء الى الكعبة واخذ مقدارها ثم مضى. فقال الحجاج: من هو؟ قال: علي بن الحسين. قال: معدن ذلك. فبعث الى علي بن الحسين فاتاه فاخبره بما كان من منع الله اياه البناء. فقال له علي بن الحسين: يا حجاج عمدت الى بناء ابراهيم واسماعيل(عليهما السلام)والقيته في الطريق، وانتهبه الناس كأَنك ترى انه تراث لك. اصعد المنبر فانشد الناس ان لا يبقى احد منهم أخذ منه شيئاً إلاّ رده. قال: ففعل فردوه. فلما رأى جميع التراب اتى علي بن الحسين فوضع الاساس، وامرهم أن يحفروا. قال: فتغيبت عنهم الحية، وحفروا حتى انتهوا الى موضع القواعد. فقال لهم علي بن الحسين: تنحوا. فتنحوا فدنا منها فغطاها بثوبه ثم بكى ثم غطاها بالتراب، ثم دعا الفعلة(343) فقال: ضعوا بناءكم; فوضعوا البناء، فلما ارتفعت حيطانه امر بالتراب فالقي في جوفه، فلذلك صار البيت يصعد إليه بالدرج(344).
تحقيق:لا ريب ان للكعبة فضيلة كبرى; باعتبارها بيت الله تبارك وتعالى، ومهبط ملائكته الطاهرين. ولا ريب ان للامام زين العابدين فضيلة كبرى; باعتباره منار الحق والسداد، وكعبة الايمان والعقيدة. بيد ان الفضيلة الكبرى للكعبة المكرمة وللامام زين العابدين(عليه السلام)، لا تمنع ابداً من التحقيق والتدقيق في الفضائل التي تنسب لها أو له، وذلك من اجل تمييز الغث من السمين، والزهيد من الثمين. اننا لو تركنا الحبل على الغارب في باب الفضائل وفي شتى الابواب، من الاخبار والاثار، من غير تحقيق ولا تأمل، لامتزجت الخرافات بالحقائق، ولبّست على الناس امور كثيرة جدا. ان للانسان اذناً وعيناً، اذنا للاستماع، وعيناً للتحقيق. ولقد قال الامام علي بن أبي طالب(عليه السلام): اعقلوا الخبر إذا سمعتوه، عقل رعاية لا رواية. فان رواة العلم كثير، ورعاته قليل. وعلى هذا الضوء سوف ندرس الخبر الذي نحن بصدده. أ ـ سوف نعلم ان ابان بن تغلب رضوان الله عليه، لم يشاهد الواقعة المذكورة بعينه، ولم يكن مخلوقاً في زمانها، وانما قد نقلت له. ب ـ يذكر الخبر ان الحجاج قد هدم الكعبة، وجاء الامام زين العابدين(عليه السلام)فاخذ مقدار الكعبة. ان عبارة مقدار الكعبة، غير واضحة كل الوضوح. فهل المقصود بها انه اخذ من ترابها، أي انه اخذ مقداراً منها مثلاً، إذا فلماذا امتعض(عليه السلام)ممن اخذ التراب منها؟ ولماذا امر برده؟ أو ان المقصود انه اخذ قياس الكعبة، وحينئذ يرتفع الاشكال من هذه الجهة. ج ـ لقد هدم الحجاج الكعبة المقدسة اثناء الحرب بينه وبين عبدالله بن الزبير. وكان الحجاج يمتلك جيشاً، وعبدالله بن الزبير يمتلك وحدة عسكرية قوية الشوكة، وما زالت الحرب بينهما حتى احرز الحجاج الانتصار عليه. فهل كان الحجاج بجيشه الذي انتصر على تلك الوحدة العسكرية الشديدة عاجزاً عن قتل حية خرجت عليه، مع ان انساناً واحداً من قواته يكفي للقضاء عليها. وكيف ينهزم الناس ـ بما فيهم جيش الحجاج ـ من حية واحدة، ولم ينهزموا من مواجهة ابن الزبير ومن معه؟ علماً بان خروج حية او نحوها اثناء القيام بالحفريات وعمليات الترميم والبناء امر عادي، كثيراً ما تتكرر حالاته وامثلته. وقد يخامر التفكير سؤال مهم يفرض نفسه. هل كانت الحية قد خرجت عليهم بالشكل المذهل الذي لم يره الناس أو يعتادوا مثله، بحيث انهم ينهزمون منها؟ ام كانت من الحيات التي اعتادوا رؤية اشباهها ونظائرها؟ ظاهر الخبر انها من الحيّات، التي اعتاد الناس رؤية امثالها، ولو كانت مغايرة لهذه الصورة، لتضمن الخبر ـ وصفاً اضافياً ـ لها.
الخاتمة« 1 »ان من الشرائط الاساسية للبحث العلمي بل مطلق البحوث ان يكون بحثاً نزيهاً موضوعياً، بعيداً عن التعصب والميول الشخصية أو الطائفية او السياسية أو الطبقية. ولكن جملة من البحوث، والمقالات، وفنون من التقييم لاهل البيت(عليهم السلام)تحمل النزعة المتطرفة لاصحابها، فكم بين الكتاب والباحثين واصحاب الرأي او الهوى من شذّوا عن الحدود القويمة، وعفّروا وجه الحقيقة عن طريق الغلو بفضائلهم وامتيازاتهم. وكم بين الكتاب والباحثين واصحاب الرأي من يشوه الصورة المتألقة، ويكتم الحق الصراح، ويخبط خبط عشواء، يحمله على ذلك العداء والجفاء. والامر لا يقتصر على عصرنا او العصور القريبة منه. فلقد كان في عصر اهل البيت(عليهم السلام) من هؤلاء المتطرفين نحو اليمين او الشمال الجمّاء الغفير. سواء من اصحاب التأليف، او من شتى طبقات المجتمع او الرابضين في الاروقة السياسية. ولقد كان الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) المثال الطيب، بل أقوى الامثلة للتعرّض الى هجمات المبغضين من جهة، وإلى آراء المغالين من جهة اخرى. وكان بعض المبغضين يزعم ان علياً(عليه السلام) لا يصلي. وكان احد الاطراف قد بلغ به الغلو الى القول إن علياً اله من دون الله (كبرت كلمة تخرج من افواهم إن يقولون إلا كذباً)(345). ولقد صدقت بعلي(عليه السلام) قولة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي هلك فيك اثنان محب غال، وعدو قال. ومثله قول علي(عليه السلام): يهلك في اثنان محب غال، ومبغض قال(346). وعلي زين العابدين(عليه السلام) هو المثال الاخر من الامثلة الوفيرة في هذا الباب. لقد زعم بعض اعدائه انه ومن معه من اسراء كربلاء من الخوارج. وجاءه آخرون يبالغون في شخصه الكريم، فما كان منه الا ان قال: حسبنا ان نكون من صالحي قومنا. وقال الامام زين العابدين: احبونا حبَّ الاسلام فما زال حبكم حتى صار علينا عابا. * * * « 2 »ان شدة التطرف في المدح او الذم لون من الوان المبالغة عند الكثير من مختلف المجتمعات البشرية لاسيما المتخلفة منها. كما انها حالة من الحالات النفسية عند كثير من الناس، فتراهم يبالغون اذا احبوا أو مدحوا أو اكبروا شخصاً او جماعة. وكذلك يبالغون اذا كرهوا او ذموا او احتقروا شخصاً او جماعة. إن المبالغة في شتى انماطها لتدل على الخلل الكبير في الكيان الثقافي والتربوي لمختلف المجتمعات التي تستشري فيها هذه الحالة. وفي عقيدتي ان بالامكان ان نعزو المبالغة والتطرف الى نوعين من الاسباب:
أ ـ الاسباب الداخلية:وهي التي تعود الى الثقافة المرتبكة للانسان والى التربية المنحرفة.
ب ـ الاسباب الخارجية:وهي البواعث والاغراض السياسية او الطائفية او العنصرية أو المادية التي تقود الانسان الى المبالغة الهوجاء والتطرف الاسن. ان عدم التطرف ركيزة من الركائز الكبرى للاسلام في الفكر والسياسة والاجتماع. قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): خير الامور اواسطها. وقال الامام علي(عليه السلام): نحن النمرقة الوسطى التي بها يلحق التالي، واليها يرجع الغالي(347).
« 3 »تتسم الغالبية من المؤلفات حول اهل البيت(عليهم السلام) ـ قديمها وحديثها ـ لا سيما القديم منها بابراز الجانب الاخلاقي لهذا الامام او ذاك، او نقل صور عن فضائله ومناقبه وملكاته النفسية وحياته الروحية. ولا ريب في اهمية الجوانب التي يتطرق لها المؤلفون الكرام. ولكن جانبا مهما ايضاً بل في اهمية بالغة ـ الا وهو ـ الجانب السياسي قد بقي في الاعم الاغلب من المؤلفات بمنأىً عن المعالجة والتناول. واذا ما تناولته بعض المؤلفات فإنه لا يعبر ـ عادةً ـ الا عن صورة باهتة الالوان، و روح جامدة، ومادة مبتورة. ولعلَّ مردّ ذلك يعود الى عدم الصبر على البحث الدؤوب، والتحقيق المجهد، وما يتمخض عنهما من نتائج ايجابية، واضحة المعالم، وفي سياق من التكامل، او ما هو شبيه بالتكامل. كما ان عدم التعمق في التاريخ السياسي، وقلة الارتواء من المناهل السياسية والاجتماعية، يشكِّل هو الاخر سبباً مهماً من اسباب عدم الفاعلية والحيوية في حركية البحث والتناول. كما انه من اسباب عدم الغزارة في المادة، او البعد عن استيفاء الموضوع. وبناءً على هذه القاعدة كانت البحوث غالباً ما تتصف بتجلية السيرة الذاتية لاهل البيت(عليهم السلام)، وبلورة البعد الشخصي لكل واحد منهم. ونحن مع اعترافنا بالقيمة السنية والكبيرة للسيرة الذاتية لاهل البيت(عليهم السلام)وانها سيرة الطهر والخلوص والنبل والكرامة.. الخ. الا ان المنحى الاخر من مناحي شخصياتهم(عليهم السلام) انما ينصب فيما يتعلق بما لهم من اهداف وما لهم من اعمال وانشطة في المضامير السياسية والاجتماعية، وما قدموه على الصعيد التخطيطي والتوجيهي، وعلى صعيد الممارسات التطبيقية. صحيح ان السيرة الذاتية بنفسها تسلط الضوء على المجالات السياسية والاجتماعية، وانها تعكس آثارها ومقوماتها، على تلك المجالات، غير انها بحاجة الى من يوضحون ذلك الانبعاث الضوئي، ويبينون خط الانعكاس. * * * « 4 »ينبغي لفت النظر الى وجود العلاقة الصميمية والتلاحم العضوي بين الفكر وبين السياسة، وان الخط الفكري يشكل القاعدة العريضة للخط السياسي. ومن هذا المنطلق علينا ان لا نفرق بين امرين من هذه الامور، مثالين على المقصود. اولاً : من الوجهة الفكرية: يرى ائمة اهل البيت سلام الله عليهم : انهم اولى بمنصب قيادة المسلمين من غيرهم باعتبار ان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قد نص عليهم في ذلك، وانهم اصحاب قدرات خاصة تؤهلهم لهذا المنصب الالهي الخطير. وعلى هذا الاساس ـ من الوجهة السياسية ـ ليس من الصحيح ان ننسب لاحدهم الاذعان طوعاً، وعن ارادة محضة، لاي حاكم من حكام عصرهم باعتباره الاولى بالحكم والقيادة العامة منهم. ثانياً : من الوجهة الفكرية: يرى ائمة اهل البيت سلام الله عليهم : جواز الخروج على الحكومة الظالمة احياناً، ووجوب ذلك احياناً أخرى، لانها تتربع على عرش الحكم باسم الاسلام; فلا بد إذن ان تحكم بالاسلام روحاً ونصاً دون هواها، ونزواتها، ونزعاتها الشخصية، ومآربها الفئوية الضيقة. وعلى هذا الاساس ـ من الوجهة السياسية ـ من غير الصحيح ان ينسب لاحدهم(عليهم السلام) سياسة الاقرار بظلم الحكومة وسلوكها غير المشروع، او الاعتراف باية حكومة لا تطبق الكتاب الحكيم والسنّة المطهرة. وانما سكت من سكت من الائمة عن الظالمين، و لم يناصبوهم الحرب لا اقراراً بظلمهم او اعترافاً بحكومتهم او عدم جواز محاربتهم، بل لاسباب موضوعية، كقلة الاعوان، او عدم الوثوق بوفاء القاعدة، او عدم توفر التربة الخصبة للثورة. علماً ان سكوتهم لم يكن سكوتاً مطلقاً، فالامام زين العابدين(عليه السلام)كان يحرض المختار الثقفي. والامام الصادق(عليه السلام) لم يحارب المنصور الدوانيقي، ولكن ولديه عبدالله وموسى بن جعفر(عليهم السلام) قد حاربا مع محمد ذي النفس الزكية في ثورة المدينة ضد المنصور. فهل كان حربهما مع ذي النفس الزكية بدون تحريض ابيهما(عليه السلام)، او بدون اذنه على الحد الاقل؟ والامام موسى بن جعفر(عليه السلام) لم يثر على الحكم القائم، ولكنه دفع عجلة المعارضة نحو الامام، قائلاً لقائد المعارضة (شهيد فخ): حدَّ الضراب. * * * « 5 »يرى ائمة اهل البيت(عليهم السلام) انهم اولى بالخلافة من غيرهم استناداً الى النص عليهم من قبل الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم). واتفقت كلمة الامامية على النص على الامام علي(عليه السلام) ووافقهم على ذلك جماعة قليلة من علماء السنة واقطابهم(348) هذا اضافة الى قدراتهم الخاصة، ومؤهلاتهم الكثيرة كما تقدم. واما القربى من الرسول محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) فهي فضيلة تضاف الى فضائلهم(عليهم السلام)وليست السبب المؤهل للخلافة; لان النص وحده، يكفي للتأهيل للخلافة، كما ان الكفاءة تجعلهم الاحق من غيرهم بالخلافة، من منظار العقل والمنطق السياسي. واما النسب فنحسب انهم انما تعرضوا له لا لانه السبب الشرعي للخلافة ـ حسب الواقع ـ وانما في سبيل ارضاء الطرف المقابل، كما انه اقناع جدلي في ساحة الصراع السياسي. ان اول من قدم النسب والقربى للغرض المذكور هو الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)، وذلك الزامـاً لقـريش، اذ احتجت على الانصار بالاولوية الخلافة; بأن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) منها، اي انهم الشجرة النسبية للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، والانصار ليسوا كذلك. فقال علي(عليه السلام): احتجوا بالشجرة واضاعوا الثمرة. ومن هذا المنطلق، لا عبرة بما يثار في بعض كتب الفقه السياسي والتاريخ السياسي، بضعف مستند اهل البيت سلام الله عليهم، اذ انهم طلبوا الخلافة بسبب قرباهم من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ قد يكون ذو النسب المختص غير كفوء للرئاسة، فإن للرئاسة العامة، بل كل رئاسة، مؤهلات وشرائط موضوعية، قد يتوفر عليها المختص بالنسب وقد لا يتوفر عليها، وإن كان من اقرب الناس الى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). والجواب واضح كما تقدمت الاشارة اليه، ولو كان النسب هو المستند الشرعي، والركن الاساس في الاحقية بالرئاسة; لكان العباس بن عبدالمطلب رضوان الله عليه نظير الامام علي(عليه السلام) في الاولوية بالرئاسة، بل اولى منه بها، لانه عم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). بينما نراه يتقدم بين يدي الامام علي بن ابي طالب قائلاً : امدد يدك ابايعك. ومما هو جدير بالذكر ان الامام علياً كتب الى معاوية بن ابي سفيان: قد بايعني القوم الذين بايعوا ابا بكر وعمر. ان هذا ايضاً من باب الزام الطرف المقابل بما الزم به نفسه، وان علياً(عليه السلام)يرى نفسه الاحق بالخلافة; لما تقدم من النص والاهلية الخاصة، لا للسبب المذكور. وللشورى نظام خاص في الاسلام، فمن امتلك رأي الشورى، فقد امتلك الشرعية في الخلافة. قال تعالى: (وشاورهم في الامر)(349). وقال تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)(350). بيد ان اهل البيت(عليهم السلام) يعتبرون أنفسهم الاولى بالرئاسة العامة للمسلمين، لا لاَجل الشورى، وانما لاجل النص، والكفاءة. واما الشورى فهي وان كانت نظاماً اسلامياً، الا ان موقعها من حيث الترتيب الشرعي بعد النص. قال تعالى: (وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله). وهذا يعني ان عزمه ونصه(صلى الله عليه وآله وسلم) هو الراجح والمتقدم في مقام التعارض، ما بين الشورى وبين النص. وهل الشورى الا محاولة لموافقة امر الله ورسوله؟ فإذا تعيّن النص، انهارت الشورى. واذا اردت ان تضع اصابعك، وانت مطمئن، الى ان النسب والشورى. لدى اهل البيت(عليهم السلام)، ليستا الركيزتين الحقيقيتين والمعتمدتين في الخلافة، وانما هما الزام للجهة المقابلة، فاقرأ البيتين التاليين للامام علي(عليه السلام): فإن كنت بالشورى ملكت امورهم فكيف بهذا والمشيرون غيَّبُ وان كتب بالقربى حججت خصيمهم فغيرك اولى بالنبيِّ وأقرب(351) ومما يجري ضمن السياقات الاقناعية المتقدمة قول الامام علي(عليه السلام): واعجبا اتكون الخلافة بالصحابة، ولا تكون بالصحابة والقرابة(352). فان صحبة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) شرف وكرامة وفضيلة للصاحب، ولكنها ليست الاساس الشرعي للرئاسة العامة. ويتلخص مما تقدم أنه ليست القربى ولا الشورى ولا الصحبة البنى الشرعية لخلافة ائمة أهل البيت من منطلق نظريتهم السياسية في الحكم والرئاسة العامة،وانما هو النص وكفى. ولما كانت النصوص التي تروى عن خلافتهم، والاخرى التي يروونها هم(عليهم السلام) كثيرة جداً لذا نكتفي بالاشارة الخاطفة لشيء يسير منها. لقد ناشد الامام علي(عليه السلام) الناس في الرحبة: من سمع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقام اليه جماعة من الصحابة الكرام فشهدوا بذلك. منهم خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وابو ايوب الانصاري وسهل بن حنيف وحبشي بن جنادة السلولي وعبيد بن عازب الانصاري وثابت بن وديعة الانصاري وابو فضالة الانصاري، والنعمان بن عجلان الانصاري، وعدي بن حاتم الطائي. وكان الذين شهدوا سبعة عشر رجلاً، وقيل: كانوا ثلاثين رجلاً. منهم اثنا عشر بدرياً(353). قال الامام زين العابدين(عليه السلام): الائمة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر عدد الاسباط، ثلاثة من الماضين وانا الرابع وثمان من ولدي، ائمة ابرار(354). وعن زيد الشهيد(عليه السلام): بينا ابي(عليه السلام) مع بعض اصحابه اذ قام اليه رجل فقال: يابن رسول الله هل عهد اليكم نبيكم كم يكون بعده ائمة؟ قال: نعم، اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل(355).
« 6 »الوحدة في القرآن الكريم امر الزامي صريح، لا تردد فيه، ولا خيار معه. وان أئمة أهل البيت(عليهم السلام) اولى الناس بتطبيق كتاب الله العزيز، والتمسك به، والدعوة إليه وتوجيه الاخرين نحوه. ومن هنا يفرض هذا السؤال نفسه. إذا كان أئمة أهل البيت(عليهم السلام) من دعاة الوحدة، فكيف يجتمع هذا مع كونهم يؤمنون بأولويتهم بالقيادة الاسلامية العامة من غيرهم؟ والجواب ليس بتلك الصورة من التعقيد أو الغموض، وذلك اننا نعرف ان مفهوم الوحدة لا يعني بالضرورة ابداً ان الاطراف الذين ينضوون تحت لوائها لا يختلفون في وجهات النظر والتفكير ابدا; لانه لا يوجد طرف إلاّ وله خلافات كثرت ام قلت مع الاطراف الاخرى. ومن البعيد ان يوجد تحت زرقة السماء شخصان يتفقان في كل شيء مطلقاً. وإذا كانت الوحدة تعني عدم الاختلاف مطلقاً فليس الى تحقيق ذلك من سبيل. بيد ان الفرق واضح بين انسان يختلف مع الاخرين في وجهات النظر وكثير من الاراء، ويدعوه ذلك إلى اعلان الحرب عليهم، وان اضرَّ ذلك بالمصلحة العامة، وبين انسان يختلف مع الاخرين ومع هذا فهو يتألفهم، ويتعاون معهم، ويرشدهم، أو على الحدّ الاقل لا يحاربهم، مادامت حربهم تضر بالمصلحة العامة. وعلى هذا الضوء يمكن تقسيم القيادة العامة التي عاصرت أهل البيت(عليهم السلام)الى ميدانين. الميدان الاول: كالخلفاء الثلاثة على سبيل المثال، ممن يطبق الاسلام مع وجودهم، وتقام حدود الله تعالى وان كانت لاهل البيت(عليهم السلام) آراء تخالف قسماً من مفردات الحكم والسياسة لديهم. وقد تعامل أهل البيت مع هؤلاء بروح تآلفية، واسدوا لهم التوجيهات القيمة، على الرغم من رؤيتهم الثابتة لاحقيتهم(عليهم السلام)بالحكم منهم، ولكن مصلحة الاسلام واهداف الوحدة تقتضي التعاون والتنسيق، وترتيب البيت الاسلامي، والابتعاد عن ايجاد ثغرة، أو فتح هوة بين الطرفين، ما امكن ذلك. لقد ضرب اهل البيت(عليهم السلام) في التعاون والتفاهم ومحاولة توفير حالة الانسجام مع هؤلاء اروع الامثلة، وسطروا اجمل صور نكران الذات، إذ لا ريب ان تعاون الانسان وتنسيقه مع الاخرين على الرغم من اعتقاده الكامل بالاحقية منهم بالقيادة والحكم امر صعب مستصعب، لاتطبقه من البشرية إلا ثلة قليلة. وفي مثل هذه الملابسات والمداخلات السياسية يقول الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) من جملة كلام له: «لاسلمنَّ ما سلمت امور المسلمين»(356). ان الذي يؤرق اهل البيت ويشجيهم من الدولة الحاكمة ـ بصورة عامة ـ ان تنحرف عن المسار الصحيح، والمقاصد الاسلامية الرفيعة. وهل ثم اوضح من هذا البيان التاريخي الحافل بالاهتمام الكامل برعاية حقوق الاسلام والمسلمين: «ولكني آسف ان يلي امر هذه الامة سفهاؤها، وفجارها، فيتخذوا مال الله دولاً، وعباده خولا، والصالحين حربا، والفاسقين حزبا...»(357). الميدان الثاني: وامثلته كثيرة من قبيل يزيد بن معاوية، وعبد الملك بن مروان، والهادي، والمتوكل، وغيرهم. فإن التعاون معهم، والابتعاد عن منازعتهم لا يجدي; لانهم بانفسهم لا يحفظون جوهر الاسلام بشكل عام. كما ان عدم منازعتهم يضر بجوهر الاسلام أُطُراً ومضامين، لذلك كانت لائمة أهل البيت(عليهم السلام)نزاعات شديدة معهم، ضمن اساليب وطرائق شتى، ربما تصل احيانا الى الحرب المسلحة ضدهم، كما في ثورة الامام الشهيد الحسين بن علي(عليهما السلام) على يزيد بن معاوية. ان الوحدة مع يزيد، وامثال يزيد تعني الاختلاف مع القرآن، ومنازعة الاسلام، والانفصال عن تحقيق صلاح المسلمين، والقيام بأمور المستضعفين. ومن هنا ينبغي ان يعلم ان الوحدة لدى أئمة اهل البيت(عليهم السلام) لا تعني وحدة المنافع الشخصية، والمصالح الذاتية المشتركة بينهم وبين القادة السياسيين المعاصرين لهم. وانما تعني الوحدة المنبثقة من الرؤية القرآنية، والمنهج النبوي، تلبية لمتطلبات الوجود الاسلامي العام، والحاجة الواقعية للمسلمين. (وأطيعوا اللهَ ورسولهُ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكمْ واصبروا إنَّ اللهَ مع الصابرين)(358).
موارد مصادر الكتابالقرآن الكريم اصول الفكر السياسي في الاسلام الدكتور فتحي عثماناعلام الدين الديلمي / الحسن بن محمداعيان الشيعة السيد محسن الامين العامليالاحتجاج الطبرسي / احمد بن علي بن ابي طالبالاحكام السلطانية والولايات الدينيةعلي بن محمد الماورديالادب في موكب الحضارة الاسلاميةالدكتور مصطفى الشكعةالارشادالشيخ المفيد / محمد بن محمد البغداديالارشاد «ارشاد القلوب» الديلمي / الحسن بن محمدالاستيعاب ابو عمرو بن عبد البر الاندلسيالاغاني ابو الفرج الاصفهاني الاقبال ابن طاووس / علي بن طاوسالامالي الامام الشجري / يحيى بن الحسينالامالي الشيخ الصدوقالامالي الشيخ المفيدالامامة والسياسة ابن قتيبة / عبدالله بن مسلمالبحار «بحار الانوار» الشيخ محمد باقر المجلسيالبداية والنهاية ابن كثير الدمشقيالتاريخ والمعرفة يعقوب بن سفيان «مؤرخ قديم ت (277) »التذكرة في احوال الموتى وامور الاخرة ـ القرطبي / محمد بن احمد بن ابي بكر.التفسير المنسوب للامام العسكري(عليه السلام)ـ الحسن العسكري ـ جمعته من نسختين خطيتين.التنبيه والاشراف المسعودي / علي بن الحسينالخصال الشيخ الصدوق / محمد بن عليالروض النضير السياغي / الحسين بن احمدالسياسة الشرعية في اصلاح الراعي والرعيةتقي الدين بن تيميةالصحيفة الخامسة السجادية جمع السيد محسن الامين العامليالصحيفة السجادية الكاملة الامام علي بن الحسين الصواعق المحرقة ..ابن حجر الهيثمي / احمد بن محمد بن حجرالطبقات الكبرى محمد بن سعدالغدير في الكتاب والسنة والادب العلامة عبد الحسين بن احمد الاميني النجفيالفتوح ابن أعثم الكوفيالفصول المهمة ابن الصبّاغ / علي بن احمد المالكيالكافي الشيخ محمد بن يعقوب الكليني البغداديالكامل في التأريخ إبن الاثير ـ محمد بن محمد الشيباني ـالكشكول ..الشيخ بهاء الدين العامليالمجالس السنية السيد محسن الامين العامليالمصباح الكفعمي / ابراهيم بن عليالمصنَّفلعبد الرزاق بن همام الصنعاني علامة قديم العهد 126 ـ 211هجريةالمناقب .. ابن شهر آشوب / محمد بن عليالوافي بالوفياتصلاح الدين الصفديانساب الاشراف البلاذري / احمدتاريخ الادب العربي الدكتور عمر فروختاريخ الامم والملوك ابو جعفر الطبريتاريخ الخلفاء مؤلف مجهول / القرن 11 هـتاريخ اليعقوبياليعقوبي / احمد بن ابي يعقوبتاريخ بغداد أو مدينة السلام للحافظ ابي بكر احمد بن علي الخطيب البغداديتاريخ دمشق ابن عساكر / علي بن الحسن / نسخة مصورة على النسخة الخطية بالمكتبة الظاهرية ـ بدمشق ـ .تحف العقول ..ابن شعبه الحرّانيتنبيه الخواطر ورّام بن أبي فراس الاشتريثواب الاعمال الشيخ الصدوقثورة الحسين ظروفها الاجتماعية وآثارها الانسانية العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدينثورة الحسين في الوجدان الشعبي العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدينحلية الابرار السيد هاشم البحراني حلية الاولياء ابو نعيم الاصفهاني / احمد بن عبدالله ديوان البغدادي ج1 وج2 محمود البغدادي (المؤلف) مخطوط ديوان الفرزدق الفرزدق / همام بن غالب رجال الكشي ابو عمرو الكشي / محمد بن عمر بن عبدالعزيز روح المعاني الشيخ محمود الالوسي البغدادي سنن الترمذي عيسى بن محمد بن عيسى سيد البطحاء محمود البغدادي «المؤلف» سير اعلام النبلاء للحافظ الكبير محمد بن احمد الذهبي شرح نهج البلاغة ابن ابي الحديد صبح الاعشى القلقشندي / احمدصحيح البخاري ابو عبدالله محمد بن اسماعيل بن ابراهيم البخاري الجعفي صحيح مسلم ابو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري علم الرجال محمود البغدادي «مخطوط» عيون الاخبار ..ادريس عماد الدين القرشيفي شرح مجموع الفقه الكبيركامل الزيارات ..ابن قولويه / جعفر بن محمدكشف الغمة الاربلي / علي بن عيسى كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشرعلي بن محمد الخزاز (القرن الرابع الهجري) نسخة خطيةكفاية الطالب .. الكنجي / محمد بن يوسف الشافعي لُودثيچ ثـتجنشتين الدكتور عزمي اسلام مجمع الزوائد للعلامة الحافظ الهيتمي مروج الذهب المسعودي مسند الامام احمد بن حنبل الامام احمد بن حنبل مشكلات في العلوم السياسية الدكتور احمد ظاهرمطالب السؤول محمد بن طلحة الشافعي معاني الاخبار الشيخ الصدوق معجم رجال الحديث أية الله العظمى السيد الخوئي مقاتل الطالبيين ابو الفرج الاصفهاني مقتل الحسين الخوارزمي / الموفق بن احمد المكي مقتل الحسين «اللهوف» ابن طاووس مقتل الحسين «مثير الاحزان» ابن نما الحلي / جعفر بن محمدنور الابصار السيد مؤمن الشبلنجي نهج البلاغة نسخة خطيه عتيقة كتبت سنة 494 هجريةنهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة الشيخ محمد باقر المحمودي وسائل الشيعة ..الشيخ الحر العاملي / محمد بن الحسن |
|