هداية المسلمين إلى الحقيقة:

 روى بعض علماء أهل السّنّة ومن جملتهم ابن الصّبّاغ المالكي عن أبي هاشم الجعفري قوله:

  ثمّ لم تطل مدّة أبي محمد الحسن (العسكري (عليه السلام)) في الحبس إِلاّ ان قحط النّاس بسرّ من رأى قحطاً شديداً فأمر الخليفة المعتمد على الله ابن المتوكل بخروج النّاس إلى الاستسقاء فخرجوا ثلاثة أيام يستسقون ويدعون فلم يسقوا، فخرج الجاثليق (كبير الاساقفة) في اليوم الرّابع إلى الصّحراء وخرج معه النّصارى والرّهبان وكان فيهم راهب كلمّا مدّ يده إلى السّماء ورفعها هطلت بالمطر، ثمّ خرجوا في اليوم الثّاني وفعلوا كفعلهم أوّل يوم فهطلت السّماء بالمطر وسقوا سقياً شديداً حتّى استعفوا، فعجب الناس من ذلك وداخلهم الشكّ وصفا بعضهم إلى دين النّصرانيّة فشقّ ذلك على الخليفة فأنفذ إلى صالح بن وصيف ان أخرج أبا محمّد الحسن بن علي من السّجن وائتني به، فلمّا حضر أبو محمّد الحسن عند الخليفة قال له: أدرك امّة محمّد فيما لحق بعضهم في هذه النّازلة فقال أبو محمّد: دعنم يخرجوا غداً اليوم الثّالث، قال: قد استعفى النّاس من المطر واستكفوا فما فايدة خروجهم؟ قال: لأزيل الشكّ عن النّاس وما وقعوا فيه من هذه الورطة التي افسدو فيها عقولاً ضعيفة، فأمر الخليفة الجاثليق والرّهبان ان يخرجوا أيضاً في اليوم الثّالث على جاري عادتهم وان يخرجوا النّاس، فخرج النّصارى وخرج لهم أبو محمّد الحسن ومعه خلق كثير، فوقف النّصارى على جاري عادتهم يستسقون إلاّ ذلك الرّاهب مدّ يديه رافعاً لهما إلى السّماء، ورفعت النّصارى والرهبان أيديهم على جاري عادتهم فغيمت السّماء في الوقت ونزل المطر فأمر أبو محمّد الحسن القبض على يد الرّاهب وأخذ ما فيها فاذا بين اصابعه عظم آدمي فأخذه أبو محمّد الحسن ولفّه في خرقة وقال استسق، فانكشف السّحاب وانقشع الغيم وطلعت الشّمس فعجب النّاس من ذلك، وقال الخليفة: ما هذا يا أبا محمّد؟ فقال: عظم نبي من أنبياء الله عزّوجل ظفر به هؤلاء من بعض قبور الأنبياء وما كشف عظم نبي تحت السّماء إلاّ هطلت بالمطر، واستحسنوا ذلك فامتحنوه فوجدوه كما قال: فرجع أبو محمّد الحسن إلى داره بسرّ من رأى وقد ازال عن النّاس هذه الشّبهة...(1).


(1) احقاق الحق، ج12، ص464، وقد نقل هذا الحديث أيضاً ستة أشخاص آخرين من كبار علماء السنّة.