لماذا كانت الغيبة ؟ إن وجود الإمام (عليه السلام) و وصي النبي (صلى الله
عليه واله) أمر ضروري لجهات عديدة منها رفع
الاختلافات ، و تفسير و توضيح القوانين
الإلهية و الهداية المعنوية الباطنية و
غير ذلك و أن الله تعالى برحمته جعل
الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) و بعده أحد عشر إماماً من أبنائه
واحداً بعد الآخر أوصياء للنبي (صلى الله عليه واله) و أئمة للأمة و من الواضح أن
مهمة الإمام صاحب الزمان تشبه
من حيث تمام جوانب الإمامة وظائف الأئمة
الآخرين (عليه السلام) ، و أنه لو لم تكن هناك موانع فإن
عليه أن يظهر للناس لكي يستفيدوا منه ، و
إذا كان الأمر كذلك فلماذا كان غائباً
منذ بدء حياته ؟ و عند الإجابة على هذا السؤال
نقول : إن الإعتقاد بحكمة الله تعالى يجعل من غير اللازم أساساً نعرف فلسفة الغيبة بعد أن ثبتت ثبوتاً قاطعاً لا شك فيه ، فلا يضرنا مطلقاً إذن أن لا نعرف علة الغيبة و ذلك شبيه بتلك الموارد الكثيرة التي لا نعرف وجه الحكمة فيها ، و إنما يكفينا فقط أن يثبت لدينا بالروايات الصحيحة و البراهين القوية أن الله العظيم أرسل حجته إلى الأمة و لكن كانت هناك بعض المصالح التي استدعت أن يبقى وراء ستار الغيبة و يبدو من بعض الروايات أن السبب الأصلي للغيبة سيعرف بعد ظهوره (عليه السلام) يقول : " إن لصاحب هذا الأمر غيبة لابد منها يرتاب منها كل مبطل فقلت له : و لم جعلت فداك ؟ قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم قلت فما وجه الحكمة في غيبته ، قال : وجه الحكمة في غيبة وجه الحكمة في غياب من تقدم من حجج الله تعالى ذكره ، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاة الخضر (عليه السلام) لموسى عليه السلام إلا بعد إفتراقهما ، يا بن الفضل إن هذا الأمر من أمر الله وسر من سر الله و غيب من غيب الله و متى علمنا أن الله عز وجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة و إن كان وجهها غير منكشف " (1).
(1)
اثبات
الهداة ج6 ص 438.
|