اقتراح
المأمون: ارسل
المأمون رسالة الى الامام بعد دخوله
الى مرو يعلمه فيها انّه يريد التّخلّي
عن الخلافة واسنادها الى الامام،
ويطلب منه ابداء وجهة نظره. فرفض
الامام، فأعاد المأمون الكرّة وارسل
رسالة اخرى يقول له فيها لمّا كنت قد
رفضت اقتراحي الاوّل فلابدّ لك من قبول
ولاية عهدي. وتوقّف الامام تماماً من
قبول هذا الاقتراح أيضاً، فأحضر
المأمونُ الامامَ عنده وخلي به في مجلس
خاصّ وكان «الفضل بن سهل ذوالرياستين»
حاضراً في هذا الجتماع. قال المأمون:
لقد استقرّ رأيي على ان اسند اليك
الخلافة وشؤون المسلمين. فلم يقبل
الامام، وعندئذ كرّر المأمون اقتراحة
بولاية العهد فلم يوافق عليه الامام
ايضاً. قال
المأمون: لقد عيّن «عمر بن الخطاب»
للخلافة من بعده شورى تضمّ ستّة اعضاء
وكان جدّك علي بن أبي طالب واحداً منهم ،
وقد أمر عمر بأن تُضرب عنق كلّ من يخالف
منهم، فلا مفرّ لك من قبول ما اردته
منك، لانّني لا اجد سبيلاً آخر ولا
علاجاً آخر . وبهذه
الطّريقة فقد لوّح المأمون للامام
بالموت، فاضطرّ الامام لقبول ولاية
العهد بالاكراه والاجبار قائلاً: «انّني
اقبل ولاية العهد بشرط ان لا اكون
آمراً ولا ناهيا ولا مفتيا ولا قاضيا
وان لا اعزل ولا انصب احداً وا ن لا
اغيّر شيئا ولا ابدّله». ووافق
المأمون على كل هذه الشّروط(1). وهكذا
فُرضت ولاية العهد على الامام، والغرض
من وراء هذه المؤامرة هو ان يجعل
الامام تحت المراقبة حتّى يتعذّر عليه
دعوة النّاس الى نفسه، والهدف الاخر هو
تهدئة العلويّين والشّيعة حتّى تستقرّ
أسس حكومته. يقول
«ريّان بن الصّلت»: ذهبت
الى الامام الرّضا (عليه
السلام) وقلت له يا ابن رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) يقول البعض انّك قبلت ولاية عهد المأمون
مع انّك تظهر الزّهد في الدّنيا وتدّعي
عدم الرّغبة فيها ! قال:
«يشهد الله انّ هذا الامر لم يسعدني،
لكنّني وجدت نفسي بين قبول ولاية العهد
والقتل فاضطررت للقبول... ألا تعرف انّ
« يوسف » كان نبيّ الله ولمّا
اضطرّ قَبلِ ان يكون اميناً على خزائن
عزيز مصر، وها هنا ايضاً اقتضت
الضّرورة ان اقبل انا ولاية العهد
بالاكراه والاجبار، وعلاوة على هذا
فانا لم ادخل في هذا الامر اِلاّ كمن هو
خارج عنه (بمعنى انني بسبب تلك الشّروط
التي اشترطتها اكون كمن لم يتدخل في
الحكومة)، اشكوامرى اِلى الله تعالى
واطلب منه العون»(2). يقول
«محمّد بن عرفة»: قلت للامام (عليه السلام): يا
ابن رسول الله ! لماذا قبلت ولاية
العهد؟ قال:
«لنفس السّبب الذي دعا جدّي عليّا (عليه السلام)
للاشتراك في تلك الشّورى»(3). يقول
«ياسر الخادم»: لقيت الامام (عليه السلام) بعد
قبوله لولاية لاعهد وهو رافع يديه نحو
السّماء قائلاً: «الهي
انّك تعلم انّني قبلت بالاكراه
والاجبار، فلا تؤاخذني كما لم تؤاخذ
عبدك ونبيّك يوسف عندما قبل ولاية مصر»(4). وفي
مرّة قال الامام لاحد خواصّه عندما لا
حظ عليه السّرور بسبب قبول الامام
ولاية العهد: «لا
تفرح انّ هذا الامر لن يتمّ وسوف لن
يبقى على هذا الوضع »(5).
|