الفهرس

عفوهم

 

1 ـ رسول الله صلّى الله عليه و آله : مُروءَ تُنا أهلَ البَيتِ العَفوُ عَمَّن ظَلَمَنا وإعطاءُ مَن حَرَمَنا[1] .

2 ـ أبو عَبدِاللهِ الجَدَلِيُّ : سَأَلتُ عائِشَةَ عَن خُلقِ رَسولِ اللهِ صلّى الله عليه و آله فَقالَت : لَم يَكُن فاحِشًا ولا مُتَفَحِّشًا ولا صَخّابًا[2] فِي الأَسواقِ ، ولا يَجزي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، ولكِن يَعفو ويَصفَحُ[3] .

3 ـ عَبدُ اللهِ : كَأَنّي أنظُرُ إلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه و آله يَحكي نَبِيًّا مِنَ الأَنبِياءِ ، ضَرَبَهُ قَومُهُ فَأَدمَوهُ ، وهُوَ يَمسَحُ الدَّمَ عَن وَجهِهِ ويَقولُ : اللّهُمَّ اغفِر لِقَومي فَإِنَّهُم لا يَعلَمونَ[4] .

4 ـ الإمام الباقر عليه السّلام : إنَّ رَسولَ اللهِ صلّى الله عليه و آله اُتِيَ بِاليَهودِيَّةِ الَّتي سَمَّتِ الشّاةَ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه و آله ، فَقالَ لَها : ما حَمَلَكِ عَلى ما صَنَعتِ ؟ فَقالَت : قُلتُ : إن كانَ نَبِيًّا لَم يَضُرَّهُ وإن كانَ مَلِكًا أرَحتُ النّاسَ مِنهُ ، قالَ : فَعَفا رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه و آله عَنها[5] .

5 ـ مُعاذُ بنُ عَبدِ اللهِ الَّتميمِيُّ : وَاللهِ، لَقَد رَأَيتُ أصحابَ عَلِيٍّ عليه السّلام وقَد وَصَلوا إلَى الجَمَلِ ، وصاحَ مِنهُم صائِحٌ : اِعقِروهُ ، فَعَقَروهُ فَوَقَعَ ، فَنادى عَلِيٌّ عليه السّلام : مَن طَرَحَ السِّلاحَ فَهُوَ آمِنٌ ، ومَن دَخَلَ بَيتَهُ فَهُوَ آمِنٌ ، فَوَاللهِ ما رَأَيتُ أكرَمَ عَفوًا مِنهُ[6] .

6 ـ البَلاذُرِيُّ في أنسابِ الأَشرافِ : قامَ عَلِيٌّ عليه السّلام حينَ ظَهَرَ وظَفِرَ (عَلَى القَومِ) خَطيبًا فَقالَ : يا أهلَ البَصرَةِ ، قَد عَفَوتُ عَنكُم ، فَإِيّاكُم وَالفِتنَةَ ، فَإِنَّكُم أوَّلُ الرَّعِيَّةِ نَكَثَ البَيعَةَ وشَقَّ عَصَا الاُمَّةِ[7] .

7 ـ الإمام عليّ عليه السّلام ـ مِن كَلامِهِ بِالبَصرَةِ حينَ ظَهَرَ عَلَى القَومِ ، بَعدَ حَمدِ اللهِ وَالثَّناءِ عَلَيهِ ـ : أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ اللهَ ذو رَحمَةٍ واسِعَةٍ ، ومَغفِرَةٍ دائِمَةٍ ، وعَفوٍ جَمٍّ ، وعِقابٍ أليمٍ ، قَضى أنَّ رَحمَتَهُ ومَغفِرَتَهُ وعَفوَهُ لِأَهلِ طاعَتِهِ مِن خَلقِهِ ، وبِرَحمَتِهِ اهتَدَى المُهتَدونَ ، وقَضى أنَّ نَقمَتَهُ وسَطَواتِهِ وعِقابَهُ عَلى أهلِ مَعصِيَتِهِ مِن خَلقِهِ ، وبَعدَ الهُدى وَالبَيِّناتِ ما ضَلَّ الضّالّونَ . فَما ظَنُّكُم يا أهلَ البَصرَةِ وقَد نَكَثتُم بَيعَتي وظاهَرتُم عَلَيَّ عَدُوّي؟ فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ فَقالَ : نَظُنُّ خَيرًا ، ونَراكَ قَد ظَفِرتَ وقَدَرتَ ، فَإِن عَاقَبتَ فَقَدِ اجتَرَمنا ذلِكَ ، وإن عَفَوتَ فَالعَفوُ أحَبُّ إلَى اللهِ ، فَقالَ : قَد عَفَوتُ عَنكُم ، فَإِيّاكُم وَالفِتنَةَ ، فَإِنَّكُم أوَّلُ الرَّعِيَّةِ نَكَثَ البَيعَةَ وشَقَّ عَصا هذِهِ الاُمَّةِ .
ثُمَّ جَلَسَ لِلنّاسِ فَبايَعوهُ[8] .

8 ـ الإمام زين العابدين عليه السّلام : دَخَلتُ عَلى مَروانَ بنِ الحَكَمِ فَقالَ : ما رَأَيتُ أحَدًا أكرَمَ غَلَبَةً مِن أبيكَ ، ما هُوَ إلّا أن وَلِيَنا يَومَ الجَمَلِ ، فَنادى مُناديهِ : لا يُقتَلُ مُدبِرٌ ولا يُذَفَّفُ عَلى جَريحٍ[9] .

9 ـ اِبنُ أبِي الحَديدِ في شَرحِ نَهجِ البَلاغَةِ ـ في صِفَةِ عَلِيٍّ عليه السّلام ـ : وأمَّا الحِلمُ وَالصَّفحُ فَكانَ أحلَمَ النّاسِ عَن ذَنبٍ ، وأصفَحَهُم عَن مُسي ءٍ . وقَد ظَهَرَ صِحَّةُ ما قُلناهُ يَومَ الجَمَلِ ، حَيثُ ظَفِرَ بِمَروانَ بنِ الحَكَمِ ـ وكانَ أعدَى النّاسِ لَهُ ، وأشَدَّهُم بُغضًا ـ فَصَفَحَ عَنهُ .
وكانَ عَبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيرِ يَشتِمُهُ عَلى رُؤوسِ الأَشهادِ ، وخَطَبَ يَومَ البَصرَةِ فَقالَ : قَد أتاكُمُ الوَغدُ اللَّئيمُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ . وكانَ عَلِيٌّ عليه السّلام يَقولُ : ما زالَ الزُّبَيرُ رَجُلاً مِنّا أهلَ البَيتِ حَتّى شَبَّ عَبدُاللهِ . فَظَفِرَ بِهِ يَومَ الجَمَلِ ، فَأَخَذَهُ أسيرًا ، فَصَفَحَ عَنهُ ، وقالَ : اِذهَب فَلا أرَيَنَّكَ ، لَم يَزِدهُ عَلى ذلِكَ .
وظَفِرَ بِسَعيدِ بنِ العاصِ بَعدَ وَقعَةِ الجَمَلِ بِمَكَّةَ ـ وكانَ لَهُ عَدُوًّا ـ فَأَعرَضَ عَنهُ ، ولَم يَقُل لَهُ شَيئًا .
وقَد عَلِمتُم ما كانَ مِن عائِشَةَ في أمرِهِ ، فَلَمّا ظَفِرَ بِها أكرَمَها ، وبَعَثَ مَعَها إلَى المَدينَةِ عِشرينَ امرَأَةً مِن نِساءِ عَبدِالقَيسِ عَمَّمَهُنَّ بِالعَمائِمِ وقَلَّدَهُنَّ بِالسُّيوفِ ، فَلَمّا كانَت بِبَعضِ الطَّريقِ ذَكَرَتهُ بِما لا يَجوزُ أن يُذكَرَ بِهِ ، وتَأَفَّفَت وقالَت : هَتَكَ سِتري بِرِجالِهِ وجُندِهِ الَّذينَ وَكَّلَهُم بي . فَلَمّا وَصَلَتِ المَدينَةَ ألقَى النِّساءُ عَمائِمَهُنَّ ، وقُلنَ لَها : إنَّما نَحنُ نِسوَةٌ .
وحارَبَهُ أهلُ البَصرَةِ ، وضَرَبوا وَجهَهُ ووُجوهَ أولادِهِ بِالسُّيوفِ ، وشَتَموهُ ولَعَنوهُ ، فَلَمّا ظَفِرَ بِهِم رَفَعَ السَّيفَ عَنهُم ، ونادى مُناديهِ في أقطارِ العَسكَرِ : ألا لا يُتبَعُ مُوَلٍّ ، ولا يُجهَزُ عَلى جَريحٍ ، ولا يُقتَلُ مُستَأسَرٌ ، ومَن ألقى سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، ومَن تَحَيَّزَ إلى عَسكَرِ الإِمامِ فَهُوَ آمِنٌ . ولَم يَأخُذ أثقالَهُم ، ولا سَبى ذَرارِيَهُم ، ولا غَنِمَ شَيئًا مِن أموالِهِم ، ولَو شاءَ أن يَفعَلَ كُلَّ ذلِكَ لَفَعَلَ ، ولكِنَّهُ أبى إلَّا الصَّفحَ وَالعَفوَ ، وتَقَيَّلَ سُنَّةَ رَسولِ اللهِ صلّى الله عليه و آله يَومَ فَتحِ مَكَّةَ ، فَإِنَّهُ عَفا وَالأَحقادُ لم تَبرُد ، وَالإِساءَ ةُ لَم تُنسَ[10] .

10 ـ الإمام الحسن عليه السّلام : اُخِذَ ابنُ مُلجَمٍ فَاُدخِلَ عَلى عَلِيٍّ عليه السّلام ، فَقالَ : أطيبوا طَعامَهُ وألينوا فِراشَهُ ، فَإِن أعِش فَأَنَا وَلِيُّ دَمي ، عَفوٌ أو قِصاصٌ ، وإن مِتُّ فَأَلحِقوهُ بي اُخاصِمهُ عِندَ رَبِّ العالَمينَ[11] .

11 ـ الإمام الباقر عليه السّلام : إنَّ عَلِيًّاعليه السّلام قالَ فِي ابنِ مُلجَمٍ بَعدَما ضَرَبَهُ : أطعِموهُ وَاسقوهُ ، أحسِنوا إسارَهُ ، فَإِن عِشتُ فَأَنَا وَلِيُّ دَمي ، أعفو إن شِئتُ وإن شِئتُ استَقَدتُ ، وإن مِتُّ فَقَتَلتُموهُ فَلا تُمَثِّلوا[12] .

12 ـ رُوِيَ أنَّهُ جَنى غُلامٌ لِلحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليهما السّلام جِنايَةً توجِبُ العِقابَ ، فَأَمَرَ بِهِ أن يُضرَبَ ، فَقالَ : يا مَولايَ والكاظِمينَ الغَيظَ . قالَ : خَلّوا عَنهُ . قالَ : يا مَولايَ والعافينَ عَنِ النّاسِ . قالَ : قَد عَفَوتُ عَنكَ . قالَ : يا مَولايَ واللهُ يُحِبُّ المُحسِنينَ [13]. قالَ : أنتَ حُرٌّ لِوَجهِ اللهِ ، ولَكَ ضِعفُ ما كُنتُ اُعطيكَ[14] .

13 ـ الحُرُّ بنُ يَزيدَ ـ في يَومِ عاشوراءَ لِلحُسَينِ عليه السّلام ـ : جَعَلَنِي اللهُ فِداكَ يَابنَ رَسولِ اللهِ ، أنَا صاحِبُكَ الَّذي حَبَستُكَ عَنِ الرُّجوعِ ، وسايَرتُكَ فِي الطَّريقِ ، وجَعجَعتُ بِكَ في هذَا المَكانِ . وَاللهِ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ ما ظَنَنتُ أنَّ القَومَ يَرُدّونَ عَلَيكَ ما عَرَضتَ عَلَيهِم أبَدًا ... وإنّي قَد جِئتُكَ تائِبًا مِمّا كانَ مِنّي إلى رَبّي ، ومُواسِيًا لَكَ بِنَفسي حَتّى أموتَ بَينَ يَدَيكَ ، أ فَتَرى ذلِكَ لي تَوبَةً ؟ قالَ : نَعَم ، يَتوبُ اللهُ عَلَيكَ ، ويَغفِرُ لَكَ ، مَا اسمُكَ ؟ قالَ : أنَا الحُرُّ بنُ يَزيدَ . قالَ : أنتَ الحُرُّ كَما سَمَّتكَ اُمُّكَ ، أنتَ الحُرُّ إن شاءَ اللهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، اِنزِل . قالَ : أنَا لَكَ فارِسًا خَيرٌ مِنّي راجِلاً، اُقاتِلُهُم عَلى فَرَسي ساعَةً ، وإلَى النُّزولِ ما يَصيرُ آخِرُ أمري . قالَ الحُسَينُ : فَاصنَع يَرحَمكَ اللهُ ما بَدا لَكَ[15] .

14 ـ عَبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ : سَمِعتُ عَبدَ الرَّزّاقِ يَقولُ : جَعَلَت جارِيَةٌ لِعَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليهما السّلام تَسكُبُ عَلَيهِ الماءَ يَتَهَيَّأُ لِلصَّلاةِ ، فَسَقَطَ الإبريقُ مِن يَدِ الجارِيَةِ عَلى وَجهِهِ فَشَجَّهُ ، فَرَفَعَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهما السّلام رَأسَهُ إلَيها ، فَقالَتِ الجارِيَةُ : إنَّ اللهَ عَزَّوجَلَّ يَقولُ : الكاظِمينَ الغَيظَ ، فَقالَ لَها : قَد كَظَمتُ غَيظي . قالَت : والعافينَ عَنِ النّاسِ . قالَ : قَد عَفَا اللهُ عَنكِ . قالَت : واللهُ يُحِبُّ المُحسِنينَ . قالَ : فَاذهَبي فَأَنتِ حُرَّةٌ[16] .


الهامش


(1) تحف العقول : 38 .
(2) الصخب والسخب : الضجّة واضطراب الأصوات للخصام . (النهاية : 3 / 14)
(3) سنن الترمذيّ : 4 / 369 / 2016 ، مسند ابن حنبل : 9 / 532 / 25472 ، وذكر أيضًا في: 10 / 75 / 26049 و : 94 / 26150 .
(4) صحيح البخاريّ : 6 / 2539 / 6530 ، و أيضًا في : 3 / 1282 / 3290 ، صحيح مسلم : 3 / 1417 / 1792 ، سنن ابن ماجة : 2 / 1335 / 4025 ، مسند ابن حنبل : 2 / 125 / 4107 نحوه .
(5) الكافي : 2 / 108 / 9 عن زرارة .
(6) الجمل : 365 ، وراجع مروج الذهب : 2 / 378 ، الأخبار الطوال : 151 ، تاريخ اليعقوبيّ : 2 /183 ، شرح الأخبار : 1 / 395 / 334 .
(7) أنساب الأشراف : 2 / 264 / 337 .
(8) الإرشاد : 1 / 257 ، وراجع الجمل : 407 عن الحارث بن سريع .
(9) السنن الكبرى : 8 / 314 / 16746 عن إبراهيم بن محمّد عن الإمام الصادق عن أبيه عليهما السّلام ، المبس