|
[
95 ]
1 - محمد بن إسحق،
من الجزء الاول من كتاب " المغازي " بالاسناد عن عقيل بن أبي طالب (1)،
قال: جاءت قريش إلى أبي طالب، قالوا: إن ابن أخيك هذا، آذانا في نادينا، ومتحدثنا،
فانهه عن ذلك، فقال: يا عقيل، انطلق فأتني بمحمد صلى الله عليه وآله، فانطلقت
إليه، فاستخرجته من كسر يقول من بيت صغير، فجاء به في الظهيرة في شدة الحر، فجعل
يطلب الفئ، يمشي فيه من شدة الحر الرمض. فلما أتاهم، قال أبو طالب: إن بني عمك
هؤلاء، قد زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومتحدثهم، فانته عن أذاهم. فحلق رسول الله
صلى الله عليه وآله ببصره إلى السماء، فقال: أترون هذه الشمس، فقالوا: نعم، قال:
فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم، على أن تشعلوا منها شعلا فقال أبو طالب: ما
كذب ابن أخي قط، فارجعوا عنه. ويليه من الجزء قال: حدثنا بالاسناد عن أبي اسحق
قال: ثم قال أبو طالب في شعر: قال: من أجمع على ذلك من نصره لرسول الله صلى الله
عليه
(1) عقيل بن أبي طالب:
بن عبد المطلب: أبو يزيد أعلم قريش بالايام والماثر والمثالب والانساب، فصيح
اللسان، شديد الجواب، توفي سنة (60).
[
96 ]
وآله، والدفاع عنه،
على ما كان من عداوة قومه له، قال: والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في
التراب دفينا فاصدع بأمرك، ما عليك غضاضة * وأبشر بذاك، وقر منك عيونا ودعوتني،
وزعمت أنك ناصحي * ولقد صدقت، وكنت قبل أمينا وعرضت دينا لا محالة إنه * من خير
أديان البرية دينا 2 - ومن الجزء الاول من كتاب " المغازي " أيضا،
بالاسناد قال: لما تعاورت قريش على بني هاشم، أن لا يناكحوهم، ولا ينازلوهم، لاجل
منع أبي طالب عليه السلام منهم، قال أبو طالب رحمه الله: ألا أبلغا عني على ذات
(1) بيننا * لويا وخصا من لوى بني كعب ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى،
خط في أول الكتب وأن عليه في العباد محبة * ولا خير (2) ممن خصه الله بالحب وأن
الذي ألصقتم من كتابكم * لكم كائن نحسا كراغية السقب (3) أفيقوا أفيقوا قبل أن
يحفر الثرى * ويصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب ولا تتبعوا أمر الوشاة لتقطعوا *
أواصرنا (4) بعد المودة والقرب
(1) ذات بيننا - وذات
يده وما كان نحوه: صفة لمحذوف مؤنث، كأنه يريد الحال التي هي ذات بينهم كما قال
الله تعالى: (وأصلحوا ذات بينكم)، فكذلك إذا قلت: ذات يده تريد أمواله أو
مكتسباته. (2) قال السهيلي في التعليق على الشطر الاخير من هذا البيت: وهو مشكل
جدا لان " لا " في باب التبرئة لا تنصب مثل هذا إلا منونا تقول: لا خيرا
من زيد في الدار، ولا شرا من فلان، وإنما تنصب بخير إذا كان الاسم غير موصول بما
بعده كقوله تعالى: (لا تثريب عليكم اليوم) لان " عليكم " ليس من صلة
التثريب، لانه في موضع الخبر، وأشبه ما يقال في بيت أبي طالب أن خيرا مخففه من خير
بتشديد الياء (كهين وميت) وفي التنزيل: (خيرات حسان). وهو مخفف من خيرات، وقوله:
(ممن) من متعلقة بمحذوف، كأنه قال: لا خير أخير ممن خصه الله. (3) الراغية: من
الرغاء وهو صوت الابل - والسقب: (بفتح السين) ولد الناقة ساعة الولادة، وأراد به
هنا ولد ناقة صالح. (4) الاواصر: أسباب القرابة والمودة.
[
97 ]
وتستجلبوا حربا (1)
عوانا وربما * أمر على من ذاقه جلب الحرب فلسنا ورب البيت نسلم أحمدا * لعزاء (2)
من عض الزمان ولا كرب أليس أبوانا هاشم شد أزره * وأوصثى بنيه بالطعان وبالضرب
ولسنا نمل الحرب حتى تملنا * ولا نشتكي ما قد ينوب من النكب ولكننا أهل الحفائظ
والنهى * إذا طار أرواح الكماة (3) من الرعب (4) وقال أبو طالب عليه السلام: (5)
ألا أبلغا عني لويا رسالة * بحق وما تغني رسالة مرسل بني عمنا الادنين تيما نخصهم
* وإخواننا من عبد شمس ونوفل يقولون لو أنا قتلنا محمدا * أقرت نواصي هاشم بالتذلل
كذبتم وبيت الله يثلم (6) ركنه * ومكة والاشعار (7) في كل معمل وبالحج أو بالنيب
(8) تدمى نحوره * بمدماه والركن العتيق المقبل تنالونه أو تعطفوا دون قتله * صوارم
تفري كل عظم ومفصل وتدعوا بويل أنتم إذ ظلمتموا * هنالك في يوم أغر محجل (9)
(1) الحرب العوان:
التي قوتل فيها مرارا. (2) العزاء (بفتح العين والزاء المعجمة المشددة): الشدة -
السنة الشديدة. (3) الكماة (بضم الكاف) جمع الكمي (بفتح الكاف وكسر الميم وأخرها
الياء المشددة): الشجاع. (4) الرعب (بضم الراء وسكون العين المهملة): الفزع
والخوف. (5) قال أبو طالب هذه القصيدة معاتبا عشيرته ومحذرا إياهم عداوته. (6)
يثلم ركنه أي ركن محمد صلى الله عليه وآله، ويروى: يلثم ركنه (بتقديم اللام على
الثاء) أي ركن البيت. (7) الاشعار (بكسر الهمرة) علامة الهدي وهو أن يشق السنام
الايمن من البدن بحديدة. حتى يدمي ليعرف بذلك أنه هدي. (8) النيب (بكسر النون
وسكون الياء) جمع الناب وهي الناقة المسنة. (9) وفي رواية: " وتدعوا بأرحام
وأنتم ظلمتموا * مصاليت في يوم أغر محجل " والمصاليت جمع المصلات (بكسر
الميم) وهو الرجل الشجاع الماضي في الحوائج.
[
98 ]
فمهلا ولما ينكح
الحرب بكرها * وتأتي تماما أو بآخر معجل (1) فإنا متى ما نمرها (2) بسيوفنا *
تجلجل (3) ونفرك من نشاء بكلكل وتلقوا ربيع الابطحين محمدا * على ربوة من رأس
عنقاء عيطل (4) وتأوي إليها هاشم إن هاشما * عرانين (5) كعب آخرا بعد أول فإن
كنتموا ترجون قتل محمد * فروموا بما جمعتموا نقل يذبل فإنا سنحميه بكل طمرة (6) *
وذي منعة نهد المراكل هيكل (7) وكل رديني (8) ظماء كعوبه * وعضب (9) كإيماض
الغمامة مقصل (10) بأيمان شم (11) من ذؤابة (12) هاشم * مغاوير (13) بالابطال في
كل محفل
(1) المعجل (بصيغة
المفعول) من الناقة أو غيرها: ما يولد قبل أن يستكمل الحول فيعيش وأمه معجل (بصيغة
الفاعل) ويروى: فمهلا ولم تنتج الحرب بكرها * بيتن تمام أو بآخر معجل و "
اليتن " (بفتح الياء التحتانية وسكون التاء المثناة): أن تخرج رجلا المولود
قبل رأسه في الولادة. (2) مرى يمرى الناقة (بفتح الراء المهملة في الماضي وكسرها
في المضارع): مسحها لتدر، ومرى الدم ونحوه: أرسله. (3) تجلجل: تحرك واضطراب - وفي
بعض النسخ: " نجالح فنعرك من نشاء بكلكل " " نجالح " أي
نكاشف، و " نعرك " و " نفرك " كلاهما بمعنى ندلك، و "
الكلكل " كجعفر بمعنى الصدر. (4) في بعض النسخ: " على ربوة في رأس عيطاء
عيطل " والعيطاء والعيطل كلاهما بمعنى طويل العنق. (5) العرانين: جمع العرنين
(بكسر العين) أي السيد الشريف. (6) الطمرة (بكسر الطاء المهملة والميم المكسورة
والراء المهملة المشددة): الفرس الجواد الطويل القوائم. (7) نهد المراكل: واسع
الجوف، وفرس هيكل أي مرتفع. (8) الرديني (بضم الراء وفتح الدال): الرمح منسوبة إلى
ردينة وهي امرأة اشتهرت بتقويم الرماح. (9) العضب (بفتح العين): السيف القاطع.
(10) الايماض (بكسر الهمزة): لمعان البرق خفيفا - والمقصل (بكسر الميم): القطاع.
(11) الشم (بضم الشين المعجمة) جمع الاشم وهو السيد الكريم. (12) الذؤابة (بضم الذال
المعجمة): المتقدم من الجماعة. (13) المغاوير: جمع المغوار وهو الكثير الغارات.
[
99 ]
ومن الجزء المذكور
أيضا، بالاسناد عن ابن إسحاق قال: فلما سمعت بذلك قريش ورأوا من أبي طالب الجد،
وأيسوا منه، أمدوا لبني عبد المطلب الجفاء، وانطلق بهم أبو طالب، وقاموا بين أستار
الكعبة، فدعوا الله على ظلم قومهم لهم، وفي قطيعتهم أرحامهم واجتماعهم على
محاربتهم، وتناولهم سفك دمائهم. فقال أبو طالب: اللهم إن قومنا أبى النصر علينا
فعجل نصرنا، وحل بينهم وبين قتل ابن أخي، ثم أقبل إلى جمع قريش، وهم ينظرون إليه
وإلى أصحابه. فقال أبو طالب رحمه الله: ندعو رب هذا البيت على القاطع المنتهك
للمحارم، والله لتنهن عن الذي تريدون، أو لينزل الله بكم في قطيعتنا بعض الذي
تكرهون، فأجابوه: إنكم يا بني عبد المطلب، لا صلح بيننا، ولا رحم، إلا على قتل هذا
الصبي السفيه. ثم عمد أبو طالب، فأدخل الشعب ابن أخيه، وبني أبيه، ومن اتبعهم: من
بين مؤمن دخل لنصر الله ونصر رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن بين مشرك، فدخلوا
شعبهم، وهو شعب أبي طالب، في ناحية من مكة. 3 - فلما قدم عمرو بن العاص (1) وعبد
الله بن أبي ربيعة (2)، إلى قريش، فأخبروهم بالذي قال النجاشي (3) لمحمد صلى الله
عليه وآله وأصحاب، إشتد
(1) عمرو بن العاص: بن
وائل السهمي. كان من دهاة العرب وأولي الحزم والمكيدة فيهم أسلم في هدنة الحديبية.
ولاه معاوية على مصر سنة (38) وأطلق له خراجها ست سنين فجمع أموالا طائلة، هلك
بالقاهرة سنة (43). (2) عبد الله بن أبي ربيعة: بن المغيرة المخزومي، أسلم يوم
الفتح - وولاه النبي الجند من اليمن، ولم يزل واليا عليها حتى قتل عمر، وكان عمر
قد أضاف إليه صنعاء ثم ولاه عثمان أيضا، فلما حصر عثمان جاء لينصره فسقط عن دابته
ومات سنة (35). (3) النجاشي: (بفتح النون وشد الجيم والتخفيف أفصح) لقب ملك
الحبشة، وكان اسمه أصحمة (بفتح الهمزة والحاء بينهما الصاد الساكنة). وكان عبدا
لرجل من بني ضمرة على دين (*)
[
100 ]
وجدهم، وآذوا النبي
صلى الله عليه وآله وأصحابه أذى شديدا، وضربوهم في ظل الطريق، وحصروهم في الشعب،
وقطعوا عنهم المادة من الاسواق، فلم يدعوا أحدا من الناس يدخل عليهم بطعام، ولا
شيئا مما يرزقونهم، فكانوا يخرجون من الشعب إلى الموسم، فكانت قريش تبادرهم إلى
الاسواق، فيشرونها ويغلونها عليهم، ونادى منادي الوليد في قريش: أيما رجل وجدتموه
عند طعام يشتريه فزيدوا عليه. 4 - وبالاسناد، ومن الجزء المذكور، يليه بلا فاصلة،
قال، عن ابن إسحاق في حديثه عن الوليد: فمن رأيتموه عند طعام يشتريه، فزيدوا عليه،
وحولوا بينهم وبينه، ولم يكن عنده نقد فليشتر على النقد، ففعلوا ذلك ثلاث سنين،
حتى بلغوا القوم الشديد، وحتى سمعوا أصوات صبيانهم يتصائحون من وراء الشعب، فكان
المشركون يكرهون ما فيه بنو هاشم من البلاء، حتى كره عامة قريش ما أصاب ببني هاشم،
وأظهروا كراهيتهم لصحيفتهم القاطعة الظالمة، التي تعاهدوا فيها على محمد صلى الله
عليه وآله ورهطه، وحتى أراد رجل منهم أن يبرء منها. وكان أبو طالب يخاف أن يغتالوا
رسول الله صلى الله عليه وآله ليلا وسرا، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا
أخذ مضجعه أو رقد، بعثه أبو طالب من فراشه، وجعله بينه وبين بنيه، خشية أن
يغتالوه. وتصبح قريش، فيسمعون من الليل أصوات صبيان بني هاشم الذين في الشعب
يتصايحون من الجوع، فإذا أصبحوا، جلسوا عند الكعبة، فيسأل بعضهم بعضا، فيقول الرجل
لصاحبه: كيف بات أهلك البارحة ؟ فيقول: بخير، لكن إخوانكم هؤلاء الذي في الشعب بات
صبيانهم يتصايحون من الجوع حتى أصبحوا. فمنهم من يعجبه ما يلقى محمد صلى الله عليه
وآله ورهطه، ومنهم من يكره ذلك. فقال أبو طالب: وهو يذكر ما طلبوا من محمد صلى
الله عليه
النصرانية فمن الله
عليه بالاسلام غائبا ويكتم إيمانه ويبعث إلى النبي التحف والهدايا النفيسة - توفي
سنة (9) من الهجرة النبوية، ونعاه النبي في اليوم الذي مات فيه.
[
101 ]
وآله، وما حسدوهم، في
كل موسم يمنعوهم أن يبتاعوا بعض ما يصحلهم، وذكر ذلك شعرا: ألاما لهم في آخر الليل
معتم * طواني، وأخرى النجم لم يتفحم طواني وقد نامت عيون كثيرة * وسائر أخرى ساهم
لم تنوم لاحلام أقوام أرادوا محمدا * بسوء من لا يتقي الظلم يظلم سعوا سفها
واقتادهم سوء رأيهم * على قائل من رأيهم غير محكم رجال نووا ما لن ينالوا نظامها *
وإن حسدوا في كل نفر وموسم أيرجون أن نسخي بقتل محمد * ولم تختضب سمر العوالي من
الدم ؟ أيرجون منا خطة دون نيلها * ضراب وطعن بالوشيح المقوم ؟ خزيتم - وبيت الله
- لا تقتلونه * جماجم نلقى بالحطيم وزمزم وتقطع أرحام وتسبى حليلة * ويغشى عليه
مجرم بعد مجرم وينهض قوم بالدروع إليكم * يذبون عن أحسابهم كل مجرم 5 - ومن الجزء
المذكور أيضا، بالاسناد أيضا، عن ابن إسحق قال: ثم إن الله عزوجل برحمته: أرسل على
صحيفة قريش التي كتبوا فيها تظاهرهم على بني هاشم الارضة، فلم يدع فيها اسما لله
تعالى إلا أكلته، وبقي فيها الظلم والقطيعة والبهتان، فأخبر الله عزوجل بذلك رسول
الله صلى الله عليه وآله، فأخبر أبا طالب. فقال له أبو طالب: يا ابن أخي من حدثك
بهذا، وليس يدخل علينا أحد، ولا تخرج أنت إلى أحد، ولست في نفسي من أهل الكذب ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخبرني ربي بهذا. فقال له عمه: إن ربك الحق
وأنا أشهد أنك صادق. فجمع أبو طالب رهطه، ولم يخبرهم بما أخبره به رسول الله صلى
الله عليه وآله، كراهية أن يفشوا ذلك الخبر، فيبلغ المشركين، فيحتالوا للصحيفة
الخب والمكر. فانطلق أبو طالب برهطه، حتى دخل المسجد، والمشركون من قريش في
[
102 ]
ظل الكعبة، فلما
أبصروه تباشروا به، وظنوا أن الحصر والبلاء حملهم على أن يدفعوا إليهم رسول الله
صلى الله عليه وآله فيقتلوه. فلما انتهى إليهم أبو طالب ورهطه، رحبوا به، فقالوا:
قد آن لك أن تطيب نفسك عن قتل رجل، في قتله صلاحكم وجماعتكم، وفي حياته فرقتكم
وفسادكم. فقال أبو طالب: قد جئتكم في أمر، لعله يكون فيه صلاح وجماعة، فاقبلوا ذلك
منا، هلموا صحيفتكم التي فيها تظاهركم علينا، فجاءوا بها، ولا يشكون إلا أنهم
يدفعون رسول الله صلى الله عليه وآله إذا نشروها، فلما جاؤوا بصحيفتهم، قال أبو
طالب: بيني وبينكم، إن ابن أخي قد أخبرني - ولم يكذبني - أن الله عزوجل قد بعث على
صحيفتكم الارضة (1) فلم تدع لله تعالى إسما إلا أثبتته ونفت منها الظلم والقطعية
والبهتان، فإن كان كاذبا، فلكم علي أن أدفعه إليكم تقتلونه، وإن كان صادقا، فهل
ذلك ناهيكم عن تظاهركم علينا ؟ فأخذ عليهم المواثيق، وأخذوا عليه، فلما نشروها،
فإذا هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله، وكانوا هم بالعذر أولى منهم فاستسر
أبو طالب وأصحابه، وقالوا: أينا أولى بالسخر والقطيعة والبهتان. فقام المطعم بن
عدي بن نوفل بن مناف، وهشام بن عمرو أخو بني عامر بن لوي بن حارثة، فقالوا: نحن
براء من هذه الصحيفة القاطعة العادية الظالمة، ولن نمالي أحدا في فساد أمرنا
وأشرافنا، وتتابع على ذلك ناس من أشراف قريش، فخرج أقوام من شعبهم، وقد أصابهم
الجهد الشديد، فقال أبو طالب في ذلك أمر محمد صلى الله عليه وآله، وما أرادوا من
قتله: تطاول ليلي بهم نصب * ودمع كسح (2) السقاء (3) السرب (4)
(1) الارضة: (بفتح
الهمزة والراء) دويبة من فصيلة الارضيات تقرض الاخشاب وتعيش في البلاد الحارة. (2)
الكسح (بفتح السين والحاء المشددة) صب الماء صبا متتابعا غزيرا. (3) السقاء (بكسر
السين) وعاء من جلد للماء واللبن ونحوهما. (4) السرب (بفتح السين وكسر الراء):
الماء السائل.
[
103 ]
للعب قصى بأحلامها *
وهل يرجع الحلم بعد اللعب ونفى قصى بني هاشم * كنفي الطهاة (1) لطاف الحطب وقالوا
لاحمد أنت امرء * خلوف الحديث ضعيف النسب وإن كان أحمد قد جاءهم * بحق ولم يأتهم
بالكذب على أن إخواننا وازروا * بني هاشم وبني المطلب هما أخوان كعظم اليمين *
أمرا علينا بعقد الكرب (2) فيا لقصى ألم تعلموا * بما قد مضى من شؤون العرب فلا
تمسكن بأيديكم * بعيد الانوق (3) بعجم (4) الذنب علام علام تلافيتم * بأمر مراح
وحلم عزب ورمتم بأحمد ما رمتم * على الآصرات (5) وقرب النسب فأما ومن حج من راكب *
وكعبة مكة ذات الحجب تنالون أحمد أو تصطلوا * ظباة (6) الرماح وحد القضب (7)
وتفترفوا بين أبياتكم * صدور العوالي (8) وخيل عصب (9) تراهن ما بين ضافي (10)
السبيب (11) * قطور الحزام (12) طويل اللبب (13)
(1) الطهاة (بضم الطاء
المهملة) جمع الطاهي: الطباخ - الشواء - الخباز. (2) الكرب (بفتح الكاف والراء):
حبيل يصل رشاء الدلو بالخشبة المعترضة عليها. (3) الانوق (بفتح الهمزة وضم النون):
العقاب. (4) العجم (بفتح العين أو كسرها وسكون الجيم) اصل الذنب أي العصعص. (5) الآصرات
جمع الآصرة (على وزن الفاعلة): ما عطفك على رجل من قرابة أو معروف. (6) الظباة
(بضم الظاء المعجمة جمع الغلبة): حد السيف أو السنان ونحوهما. (7) القضب (بضم
القاف والضاد) جمع القضيب أي السيف القطاع. (8) العوالي (بفتح العين) جمع العالية
وهي أعلى القناة. (9) العصب: (بضم العين وفتح الصاد) جمع العصبة (بضم العين وسكون
الصاد المهملة): الجماعة. (10) الضافي: الكثير. (11) السبيب (بفتح السين وكسر
الباء): الخصلة من الشعر - شعر الذنب والناصية والعرف من الفرس. (12) الحزام (بكسر
الحاء المهملة) ما يشد به وسط الدابة. (13) اللبب (بفتح اللام والباء الموحدة) ما
يشد به من سيور السرج في صدر الدابة.
[
104 ]
وجرداء كالطير سمحوجة
(1) * طواها النقائع (2) بعد الحلب عليها صناديد من هاشم * هم الانجبون مع المنتجب
وقال أبو طالب في شأن الصحيفة لما رأى من قومه لا يتناهون وقد رأوا ما فيها من
العلم بما رأوا: ألا من لهم أخر الليل منصب * وشعب العصا من قومك المتشعب وحرب
أتينا من لوى بن غالب * متى ما تزاحمها الصحيفة تخرب إذا قائم في القوم قام بخطبة
* ألدوا (3) به ذنبا وليس بمذنب وقد جربوا فيما مضى غب (4) أمرهم * وما عالم أمرا
كمن لم يجرب وقد كان في أمر الصحيفة عبرة * متى ما يخبر غائب القوم يعجب محى الله
منها كفرهم وعقوقهم * وما نقموا من ناطق الحق معرب فأصبح ما قالوا من الامر باطلا
* ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب وأمسى ابن عبد الله فينا مصدقا * على سخط من قومنا
غير معتب فلا تحسبونا مسلمين محمدا * لذى عزة منا ولا متعرب ستمنعه منا يد هاشمية
* مركبها في الناس خير مركب وما ذنب من يدعو إلى الرب والتقى * ومن يستطع أن يرأب
الشعيب (5) برأب 6 - وبالاسناد، قال: فلما ما راهم أبو طالب بالعداوة، وباراهم
بالحرب، عدت قريش على من منهم، فأوثقوه وآذوه، واشتد البلاء عليهم، وعظمت الفتنة
فيهم، وزلزلوا زلزالا شديدا، وعدت بنو جمح على عثمان بن مظعون (1)، وفر أبو سلمة
بن عبد الاسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم (7)
السمحوج (بضم السين
وسكون الميم): الطويل البغيض. (2) النقائع (بفتح النون) جمع النقيعة وهي الطعام
المعد للقادم من السفر. (3) ألدوا به: عسروا عليه في الخصومة. (4) الغب (بكسر
الغين وتشديد الباء): العاقبة. (5) رأب يرأب بينهم (بفتح الهمزة في الماضي
والمضارع): أصلح، ورأب الشئ: جمعه برفق. (6) عثمان بن مظعون: بن حبيب بن وهب بن
الجمحي أبو السائب الصحابي المتوفي سنة (2). (7) أبو سلمة بن عبد الاسد زوج أم
سلمة قبل النبي وأول من هاجر إلى المدينة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله من
المهاجرين من بني مخزوم.
[
105 ]
إلى أبي طالب ليمنعه،
وكان خاله، فجاءت بنو مخزوم ليأخذوا به، فمنعه (1). فقالوا: يا أبا طالب، منعت منا
ابن أخيك، أتمنع منا ابن أخينا ؟ فقال أبو طالب: أمنع منه ما أمنع ابن أخي، فقال
أبو لهب، ولم يتكلم بكلام خير قط ليس يومئذ: صدق أبو طالب، لا يسلمه إليهم، وطمع
فيه أبو طالب حين سمع منه ما سمع، ورجاء نصره والقيام معه. 7 - قال: وحدثنا يونس،
عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما زالت قريش
كافين عني، حتى مات أبو طالب. 8 - وعن أبي إسحق قال: قال علي بن أبي طالب عليه
السلام، يرثي أبا طالب حين مات: أرقت (2) لنوح (3) آخر الليل غردا (4) * لشيخي
ينعى والرئيس المسودا أبا طالب مأوى الصعاليك (5) ذا الندى * وذا الحلم لا خلفا
(6) ولم يك قعددا (7) أخا الملك خلا ثلمة سيسدها * بنو هاشم أو تستباح وتضهدا (8)
فأمست قريش يفرحون لفقده * ولست أرى حبا لشئ مخلدا أرادت أمورا ألزبتها (9) حلومها
* ستوردها يوما من الغي موردا يرجون تكذيب النبي وقتله * وأن يفتروا بهتا عليه
ومجحدا
(1) منعه: حامى عنه
وصانه من أن يضام. (2) أرق (بكسر الراء) ذهب عنه النوم في الليل. (3) النوح (بفتح
النون): النساء النوائح يجتمعن للحزن. (4) غرد الطائر: رفع صوته في غنائه. (5)
الصعاليك (بفتح الصاد المهملة) جمع الصعلوك (بضمها): الفقير. (6) الخلف (بفتح
الخاء وسكون اللام) من لا خير فيه. (7) القعدد (بضم القاف والدال): الجبان لقعوده
عن الحرب. (8) الضهد: القهر والجور. (9) الزبتها: الزمتها - وفي نسخة: زينتها.
[
106 ]
كذبتم وبيت الله حتى
نذيقكم * صدور العوالي والصفيح المهندا فإما تبيدونا وإما نبيدكم * وإما تروا سلم
العشيرة أرشدا وإلا فإن الحي دون محمد * بنو هاشم خير البرية محتدا (1) وإن له
فيكم من الله ناصرا * وليس نبي صاحب الله أوحدا نبي أتى من كل وحي بخطبة * فسماه
ربي في الكتاب محمدا أغر كضوء البدر صورة وجهه * جلا الغيم عنه ضوءه فتفردا أمين
على ما استودع الله قلبه * وإن قال قولا كان فيه مسددا ونقتصر في هذا الباب على ما
ذكرنا هنا، من طريق العامة، من حماية أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وآله،
وذكر غير ذلك يطول به الكتاب، ومن أراد الوقوف على الزيادة على ما ذكرنا، فعليه
بكتاب مستدرك يحيى بن الحسن بن البطريق (2)، فقد ذكر الكثير من طرق الجمهور، ما
يدل على حماية أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وآله، وما يدل على إيمانه والحمد
لله.
(1) المحتد (بفتح
الميم وكسر التاء): الاصل. (2) ابن البطريق: يحيى بن الحسن بن الحسين بن علي بن
محمد بن البطريق أبو الحسين الاسدي الحلي المتوفي سنة (600).
[
107 ]
(1) محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن هشام بن الحكم (1)، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: بينا النبي صلى الله
عليه وآله في المسجد الحرام، وعليه ثياب له جدد، فألقى المشركون عليه سلا (2) ناقة
فملؤوا ثيابه بها، فدخله من ذلك ما شاء الله، فذهب إلى أبي طالب فقال له: يا عم
كيف ترى حسبي فيكم ؟ فقال له: وما ذاك يا ابن أخي ؟ فأخبره الخبر، فدعا أبو طالب
حمزة، وأخذ السيف وقال لحمزة: خذ السلا. ثم توجه إلى القوم، والنبي صلى الله عليه
وآله معه، فأتى قريشا وهم حول الكعبة، فلما رأوه عرفوا الشر في وجهه، ثم قال
لحمزة: أمر السلا على سبالهم (3)، ففعل ذلك حتى أتى على آخرهم، ثم التفت أبو طالب
إلى
(1) هشام بن الحكم أبو
محمد الكوفي البغدادي من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام توفي سنة (199). (2)
السلا (بفتح السين): جلدة يكون ضمنها الولد في بطن أمه وإذا انقطع في البطن هلكت
الام والولد. (3) السبال (بكسر السين) جمع السبلة (بفتح السين والباء) وهي ما على
الشارب من الشعر - الدائرة في وسط الشفة العليا = مقدم اللحية
[
108 ]
النبي صلى الله عليه
وآله فقال: يا ابن أخي هذا حسبك فينا (1). 2 - وروى عمر بن ابراهيم الاوسي (2) في
كتابه قال: نحر أبو جهل يوما جزورا، ثم أخذ سلاها، ورسول الله صلى الله عليه وآله
ساجد، فغرسها بين كتفيه، وإذا بفاطمة عليها السلام طرحته عنه فلما فرغ، قال: اللهم
عليك بأبي جهل بن هشام وبعتبة بن ربيعة، وبشيبة بن ربيعة (3) وبالوليد بن عتبة
(4)، وبأمية بن خلف (5)، وبعقبة بن أبي معيط، إنهم أوهنوني. قال ابن مسعود (6) رضي
الله عنه والله لقد رأيتهم قتلى في قليب بدر (7). 3 - تفسير الامام أبي محمد الحسن
العسكري عليه السلام، في قوله تعالى (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا) (8) كانوا
إذا لقوا سلمان (9)، والمقداد (10)، وأبا ذر (11)، وعمارا (12)، قالوا: آمنا
كإيمانكم، آمنا بنبوة محمد صلى الله عليه
(1) الكافي ج 1 ص 449
ح 30 وعنه البحار ج 18 ص 239 ح 85. (2) عمر بن إبراهيم الاوسي: بن عمر الانصاري
صاحب " زهر الكمام " كان حيا سنة (683). (3) شيبة بن ربيعة بن عبد شمس
المقتول يوم بدر سنة (2) قتله حمزة بن عبد المطلب. (4) وليد بن عتبة بن ربيعة بن
عبد شمس المقتول ببدر سنة (2) قتله أمير المؤمنين عليه السلام. (5) أمية بن خلف بن
وهب المقتول ببدر سنة (2) قتله رجل من بني مازن. (6) ابن مسعود: عبد الله بن مسعود
بن غافل بن حبيب الهذلي المتوفى سنة (32). (7) أخرج المجلسي قدس سره قريبا منه في
البحار: 18 / 57 ح 12 عن الخرائج: 1 / 51 ح 76. (8) سورة البقرة: 76. (9) سلمان
الفارسي أبو عبد الله الاصفهاني الاصل من أعاظم أصحاب النبي والولي وأكثر ما قيل
في عمره (350) سنة، توفي بالمدائن سنة (36). (10) المقداد: بن عمرو بن ثعلبة
الصحابي الجليل ويقال له: المقداد بن الاسود بن عبديغوث لانه تبناه في الجاهلية،
وكان المقداد سادسا في الاسلام توفي سنة (33). (11) أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة
الصحابي الجليل مناقبه كثيرة جدا نفاه عثمان بن عفان إلى الربذة فتوفي بها سنة
(32). (12) عمار: بن ياسر بن عامر بن مالك العنسي، أبو اليقظان مولى بني مخزوم من
أجلاء الاصحاب ومن السابقين الاولين صار شهيدا في صفين سنة (37).
[
109 ]
وآله، مقرونا
بالايمان بإمامة أخيه علي بن أبي طالب، وبأنه أخوه الهادي، ووزيره المواتي (1)،
وخليفته على أمته، ومنجز عدته، والوافي بذمته، والناهض بأعباء (2) سياسته، وقيم
الخلق الذائذ (3) لهم عن سخط الرحمن، الموجب لهم إن أطاعوه رضا الرحمن، وأن خلفائه
من بعده هم النجوم الزاهرة، والاقمار المنيرة، والشموس المضيئة الباهرة، وأن
أولياؤهم أولياء الله، وأن أعداءهم أعداء الله. ويقول بعضهم: نشهد أن محمدا صلى
الله عليه وآله صاحب المعجزات، ومقيم الدلالات الواضحات، هو الذي لما تواطئت قريش
على قتله، وطلبوه فقدا لروحه، يبس الله أيديهم فلم تعمل، وأرجلهم فلم تنهض، حتى
رجعوا عنه خائبين مغلوبين، لو شاء محمد (4) قتلهم أجمعين، وهو الذي لما جاءته
قريش، وأشخصته إلى هبل (5)، ليحكم عليه بصدقهم وكذبهم، خر هبل لوجهه، وشهد له
بنبوته، ولعلي أخيه بامامته وبولايته من بعده بوراثته (6)، والقيام بسياسته
وإمامته. وهو الذي ألجأته قريش إلى الشعب، ووكلوا ببابه من يمنع من إيصال قوت، ومن
خروج أحد عنه، خوفا أن يطلب لهم قوتا، غذى هناك كافرهم ومؤمنهم أفضل من المن
والسلوى، كل ما اشتهى كل واحد منهم من أنواع الاطعمة الطيبات، ومن أصناف الحلاوات،
وكساهم أحسن الكسوات. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله بين أظهرهم، إذ يراهم وقد
(1) المؤاتي: الموافق
من أتاه على الشئ أي وافقه، وفي " البحار ": الموافي. () 2) الاعباء
(بفتح الهمزة وسكون العين) جمع العبء (بكسر العين وسكون الباء) وهو الثقل. (3)
الذائد: الطارد والدافع. (4) في البحار: لو شاء محمد وحده قتلهم. (5) هبل (بضم
الهاء وفتح الباء) صنم للجاهلية قدم بها مكة عمرو بن بن لحى من الشام وكان حجرا
أحمر أو ورديا على صورة إنسان يده اليمنى مكسورة نصب في جوف الكعبة وقد جعلت له
قريش يدا من ذهب. سحقه النبي صلى الله عليه وآله بعد رجوعه إلى مكة ظافرا. (6) في
البحار: ولاوليائه من بعده بوراثته.
[
110 ]
ضاق بضيق فجهم
صدورهم، فشال بيده (1) هكذا بيمناه إلى الجبال، وهكذا بيسراه إلى الجبال، وقال لها
اندفعي. فتندفع، وتتأخر حتى يصيروا بذلك في صحراء لا ترى أطرافها، ثم يقول بيده
هكذا، يقول: اطلعي أيتها المودعات لمحمد وأنصاره، وما أودعكها الله الاشجار
والاثمار وأنواع الزهر والنبات، فتطلع من الاشجار الباسقة (2)، والرياحين المونقة،
والخضراوات النزهة، ما تتمتع به القلوب والابصار، وتنجلي به الهموم والغموم
والافكار، ويعلمون أنه ليس لاحد من ملوك الارض مثل صحرائهم، على ما تشتمل عليه من
عجائب أشجارها، وتهدل (3) أثمارها، واطراد أنهارها، وغضارة ناحيتها (4) وحسن
نباتها. ومحمد صلى الله عليه وآله هو الذي لما جاءه رسول أبي جهل يتهدده ويقول: يا
محمد إن الخيوط (5) التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة، ورمت بك إلى يثرب، وإنها
لا تزال بك، حتى تنفرك وتحثك على ما يفسدك وتبلغك، إلى أن تفسدها إلى أهلها،
وتصليهم حر نارك، تعديك طورك (6)، وما أرى ذلك إلا وسيؤول إلى أن تثور عليك قريش
(7) ثورة رجل واحد، لقصد آثارك، ودفع ضررك وبلاءك، فتلقاهم بسفهاءك المغترين بك،
ويساعدك على ذلك، من هو كافر بك، مبغض لك، فتلجأه إلى مساعدتك ومظافرتك خوفا لان
يهلك بهلاكك، وتعطب عياله بعطبك (8)، ويفتقر هو ومن
(1) فشال بيده: رفع
يده. (2) الاشجار الباسقة: المرتفعة الاغصان. (3) التهدل: التدلي والتعلق. (4) في
البحار: وغضارة رياحينها. (5) في البحار: الخيوط بالياء التحتانية، ولكن في
المصادر الاخر المخطوطة: الخبوط بالباء الموحدة ولعله هو الاقرب وإن كان هذا اللفظ
بخصوصه لا يوجد في المعاجم ولكن الصيغ الاخر من مادته مناسبة لقول أبي جهل خذله
الله وهو مأخوذ من تخبطه الشيطان إذا مسه بجنون. والخباط (بضم الخاء) داء كالجنون.
(6) الطور (بفتح الطاء): الحد والقدر. (7) في النسختين المخطوطتين من الحلية: وما
أرى ذلك إلا وستثور عليك قريش. (8) العطب (بفتح العين والطاء): الهلاك.
[
111 ]
يليه فقرك وبفقر
شيعتك (1)، إذ يعتقدون أن أعداءك إذا قهروك، ودخلوا ديارهم عنوة، لم يفرقوا بين من
والاك وعاداك، واصطلموهم باصطلامهم (2) لك، وأتوا على عيالاتهم وأموالهم بالسبي
والنهب، كما يأتون على أموالك وعيالك، وقد أعذر من أنذر، وبالغ من أوضح، وأديت هذه
الرسالة إلى محمد صلى الله عليه وآله، وهو بظاهر المدينة، بحضرة كافة أصحابه،
وعامة الكفار به، من يهود بني إسرائيل. وهكذا أمر الرسول، ليجبن المؤمنين، ويغري
بالوثوب عليه، سائر من هناك من الكافرين، فقال رسول الله للرسول: قد اطردت مقالتك،
واستكملت رسالتك ؟ قال: بلى، قال: فاسمع الجواب، إن أبا جهل بالمكاره والعطب
يهددني، ورب العالمين بالنصر والظفر يعدني، وخبر رسول الله أصدق، والقبول من الله
أحق، لن يضر محمدا من خذله، أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله، ويتفضل بجوده وكرمه
عليه، قل له: يا أبا جهل، إنك راسلتني بما ألقاه في خلدك (3) الشيطان، وأنا أجيبك
بما ألقاه في خاطري الرحمن، إن الحرب بيننا وبينك كائنة إلى تسع وعشرين يوما، وإن
الله سيقتلك فيها بأضعف أصحابي، وستلقى أنت، وعتبة، وشيبة، والوليد، وفلان وفلان
وذكر عددا من قريش، في قليب بدر مقتلين، أقتل منك سبعين، وآسر سبعين، أحملهم على
الفداء الثقيل. ثم نادى جماعة من بحضرته، من المؤمنين، واليهود، وسائر الاخلاط (4):
ألا تحبون أن أريكم مصرع كل واحد من هؤلاء ؟ هلموا إلى بدر، فإن هناك الملتقى
والمحشر، وهناك البلاء الاكبر، لاضع قدمي على مواضع مصارعهم، ثم ستجدونها لا تزيد
ولا تنقص، ولا تتغير ولا تتقدم ولا
(1) في تفسير الامام
والبحار: ويفقر متبعيك. (2) الاصطلام: الاستئصال. (3) الخلد (بفتح الخاء واللام):
البال والقلب. (4) الاخلاط: الاصناف المخلوطة.
[
112 ]
تتأخر لحظة، ولا
قليلا ولا كثيرا، فلم يخف ذلك على أحد، ولم يجبه إلا علي بن أبي طالب وحده، وقال:
نعم، بسم الله. قال الباقون: نحن نحتاج إلى مركوب وآلات ونفقات، فلا يمكننا الخروج
إلى هناك، وهو مسيرة أيام، فقالوا رسول الله صلى الله عليه وآله لسائر اليهود:
فأنتم ماذا تقولون ؟ قالوا: نحن نريد أن نستقر في بيوتنا، ولا حاجة لنا في مشاهدة
ما أنت في ادعائه محيل. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا نصب عليكم في
المسير إلى هناك، اخطو خطوة واحدة، فإن الله يطوي الارض لكم، ويوصلكم في الخطوة
الثانية إلى هناك. وقال المؤمنون: صدق رسول الله صلى الله عليه وآله، فلنتشرف بهذه
الآية، وقال الكافرون والمنافقون: سوف نمتحن هذا الكذب ليقطع عذر محمد، ويصير
دعواه حجة عليه، وفاضحة له في كذبه قال: فخطا القوم خطوة، ثم الثانية، فإذاهم ببئر
بدر، فعجبوا من ذلك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: اجعلوا البئر علامة،
واذرعوا من عندها كذا ذراعا فذرعوا، فلما انتهوا إلى آخرها، قال: هذا مصرع أبي
جهل، يجرحه فلان الانصاري، ويجهز عليه عبد الله بن مسعود، أضعف أصحابي، ثم اذرعوا
من البئر من جانب آخر، ثم جانب آخر كذا وكذا ذراعا، وذكر أعداد الاذرع مختلفة.
فلما انتهى كل عدد إلى آخره، قال محمد صلى الله عليه وآله: هذا مصرع عتبة، وذاك
مصرع شيبة، وهذا مصرع الوليد، وسيقتل فلان وفلان، إلى أن سمى تمام سبعين منهم
بأسمائهم، وسيؤسر فلان وفلان، إلى أن ذكر سبعين منهم بأسمائهم، وأسماء آباءهم،
وصفاتهم، ونسب المنسوبين إلى الآباء منهم، ونسب الموالي منهم إلى مواليهم. ثم قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: أوقفتم على ما أخبرتكم به ؟ قالوا: بلى، قال: إن
ذلك لحق، كائن بعد ثمانية وعشرين يوما من اليوم التاسع والعشرين، وعدا من الله
مفعولا، وقضاء حتما لازما.
[
113 ]
ثم قال رسول الله صلى
الله عليه وآله: يا معشر المسلمين واليهود، أكتبوا بما سمعتم فقالوا: يا رسول
الله، قد سمعنا، ووعينا، ولا ننسى. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الكتابة أذكر
لكم. فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله، وأين الدواة والكتف ؟ قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: ذلك للملائكة: ثم قال: يا ملائكة ربي، أكتبوا ما سمعتم من هذه
" القصة " في أكتاف واجعلوا في كم كل واحد منهم كتفا من ذلك. ثم قال: يا
معاشر المسلمين تأملوا أكمامكم وما فيها، وأخرجوه وأقرؤوه، فتأملوها فإذا في كم كل
واحد منهم صحيفة، ثم قرأوها وإذا فيها ذكر ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في
ذلك لا يزيد ولا ينقص، ولا يتقدم ولا يتأخر، فقال: أعيدوها في أكمامكم تكن حجة
عليكم، وشرفا للمؤمنين منكم، وحجة على أعدائكم، فكانت معهم فلما كان يوم بدر جرت
الامور كلها، ووجدوها كما قال لا تزيد ولا تنقص، قابلوا بها ما في كتبهم، فوجدوها
كما كتبت الملائكة لا تزيد ولا تنقص، ولا تتقدم ولا تتأخر (1). 4 - قال عمر بن
إبراهيم الاوسي وغيره، واللفظ له، قال: روي أن صفوان (2) لعنه الله ملا سيفه سما
واستأجر عمير بن وهب (3) على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى راكبا راحلته،
وأناخها بباب المسجد، ودخل على رسول الله، وعلاه بالسيف، وإذا بيده يبست، فنظر
إليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: مالك لا تفعل ما أمرت به ؟ فولى راجعا
طائر الاعيان. فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وأقسم عليه بدينه، فرجع، فقال
له: جلست أنت وصفوان بن أمية في الحجر، وذكرتما أصحاب القليب من قريش، وأنت قلت
لولا دين علي وعيال لي أخاف عليهم الضعف بعدي
(1) تفسير الامام عليه
السلام: 292 - وعنه البحار ج 17 / 341 - والبرهان ج 1 / 115 ح 1. (2) صفوان بن أبي
أمية: بن خلف الجمحي من مؤلفة القلوب توفي أيام قتل عثمان أو سنة (42). (3) عمير
بن وهب: بن خلف، هو الذي حزر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر.
[
114 ]
لخرجت لقتل محمد،
وتحمل صفوان بدينك وعيالك، فجئت إلي لتقتلني، لم لا تفعل ؟ قال: مد يدك اشهد أن لا
إله إلا الله، وأنت محمد رسول الله وعلي ولي الله. 5 - وقال الاوسي: وقدم عامر بن
طفيل (1)، يريد قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أعطاه جعلا أربد بن قيس،
وقال أنظره إلى أن يصلي فاعله بالسيف، فلما قدما على رسول الله صلى الله عليه وآله
وهو في صلوته، فقدم عامر بن الطفيل، وهو في صلوته، فأتاه يريد الغدر به، فإذا به
مصفدا، فصاح، فأتي الخبر إلى أربد بن قيس (2)، فأتى مسرعا بغيظه مجهرا، فلما وصل
وإذا به مصفدا، فجعلا يصيحان هذا ومحمد صلى الله عليه وآله بصلوته. فلما فرغ نظر
إليهما فقالا: فكنا يا رسول الله: قال: تؤمنان بالله ؟ قالا: نعم، ففكهما فقال
عامر: والله لاملانها عليك خيلا ورجلا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم
اكفنا شره وابتله بغدة كغدة البعير، فخرج بسفره، وإذا هي برقبته (3) كبندقة، فصاح
ومات على البعير وانقلب على الارض لا رحمه الله. 6 - وعن جابر بن عبد الله: أن
النبي صلى الله عليه وآله نزل تحت شجرة، فعلق بها سيفه، ثم نام فجاء أعرابي فأخذ
السيف وقام على رأسه: فاستيقظ عليه السلام فقال: يا محمد من يعصمك الآن مني ؟ قال:
الله تعالى، فرجف (4) وسقط السيف من يده. وفي خبر أنه بقي جالسا زمانا ولم يعاقبه
النبي صلى الله عليه وآله. 7 - حذيفة وأبو هريرة: جاء أبو جهل إلى النبي صلى الله
عليه
(1) عامر بن الطفيل:
من بني جعفر بن كلاب أسر يوم الرقم (يوم بين عامر وبين مرة وفزارة). (2) أربد بن
قيس: من ولد خالد بن جعفر بن كلاب أخو لبيد الشاعر لامه. (3) في نسختين مخطوطتين
من الحلية: وإذا هي بركبته. (4) رجف: تحرك واضطرب.
[
115 ]
وآله - وهو يصلي -
ليطأ على رقبته فجعل ينكص على عقبيه، فقيل: مالك ؟ قال: إن بيني وبينه خندقا من
نار مهولا، ورأيت الملائكة ذوي أجنحة فقال النبي صلى الله عليه وآله: لو دنا مني
لاخطفته الملائكة عضوا عضوا فنزل (أفرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى) (1) الآيات (2).
8 - محمد بن إسحق لما خرج النبي صلى الله عليه وآله مهاجرا اتبعه سراقة بن جعشم مع
خيله، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله دعا، فكان قوائم فرسه ساخت حتى
تغيبت، فتضرع إلى النبي صلى الله عليه وآله حتى دعا وصار إلى الارض، فقصد كذلك
ثلاثا والنبي صلى الله عليه وآله يقول: يا أرض خذيه، فإذا تضرع قال: دعيه، فحلف
بعد الرابعة أن لا يعود إلى ما يسؤوه. وهذا الحديث والقصة مذكور من طرق الخاصة
والعامة. 9 - الطبرسي في " الاحتجاج " في حديث طويل عن الامام موسى بن
جعفر عليهما السلام عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن أبيه عليهم السلام، في حديث له
مع يهودي، قال أمير المؤمنين عليه السلام: كان النبي صلى الله عليه وآله يؤذي
قريشا بالدعاء فقام يوما فسفه أحلامهم، وعاب دينهم، وشتم أصنامهم، وضلل آباءهم،
فاغتموا لذلك غما شديدا فقال أبو جهل: والله للموت خير لنا من الحياة، فليس فيكم
معاشر قريش أحد يقتل محمدا فيقتل به ؟ فقالوا: لا. قال: فأنا أقتله، فإن شاءت بنو
عبد المطلب قتلوني، وإلا تركوني، قالوا: فإنك إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي
معروفا لا تزال تذكر به، قال: إنه كثير السجود حول الكعبة، فإذا سجد وجاء أخذت
حجرا فشدخته (3) به. فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله، فطاف بالبيت أسبوعا، ثم
(1) سورة العلق: 9.
(2) المناقب لابن شهر اشوب ج 1 / 70 - وعنه البحار ج 18 / 60 ح 19. (3) شدخ (بفتح
الدال في الماضي والمضارع) رأسه: كسره.
[
116 ]
صلى وأطال السجود،
فأخذ أبو جهل حجرا، فأتاه من قبل رأسه، فلما أن قرب منه أقبل فحل من قبل رسول الله
صلى الله عليه وآله فاغرا (1) فاه نحوه، فلما أن رآه أبو جهل فزع منه، وارتعدت
يده، وطرح الحجر فشدخ رجله، فرجع مدميا متغير اللون، يفيض عرقا فقال له أصحابه: ما
رأيناك كاليوم ؟ ! قال: ويحكم أعذروني، فإنه أقبل من عنده فحل فاغرا فاه فكاد
يبلعني، فرميت بالحجر فشدخت رجلي (2). 10 - محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري (ره)
في " قرب الاسناد ". عن الحسن بن ظريف، عن معمر، عن الرضا عن أبيه موسى
بن جعفر عليهم السلام، في حديث طويل قال: إن أبا جهل عمرو بن هشام المخزومي أتاه،
يعني النبي صلى الله عليه وآله، وهو نائم خلف جدار، ومعه حجر يريد أن يرميه به
فالتصق بكفه (3). 11 - وفي هذا الحديث أيضا: أن عامر بن الطفيل، وأربد (4) بن قيس
أتيا النبي صلى الله عليه وآله فقال عامر لاربد: إذا أتيناه فأنا أشاغله عنك،
فاعله بالسيف، فلما دخلا عليه قال عامر: يا محمد حائر (5) ؟ قال: لا حتى تقول: لا
إله إلا الله، وإني رسول الله، وهو ينظر إلى أربد، وأربد لا يحير شيئا فلما طال
ذلك نهض وخرج، وقال لاربد: ما كان أحد على وجه الارض أخوف منك على نفسي فتكا منك،
ولعمري لا أخافك بعد اليوم، فقال له أربد: لا تعجل فإني ما هممت بما أمرتني به إلا
دخلت الرجال بيني وبينه حتى ما أبصر غيرك فأضربك (6). 12 - وعن أبي بصير، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: لما ظهرت نبوة
(1) الفاغر: الفاتح.
(2) الاحتجاج: 218 - وعنه البحار ج 17 / 284 ح 7. (3) قرب الاسناد: 133 وعنه
البحار ج 17 / 227. (4) في البحار: وأزيد (بالزاي المعجمة والياء المثناة
التحتانية). (5) في المصدر وهكذا في نسختين مخطوطتين من الحلية: خائر (بالخاء
المعجمة) أي ضعيف. (6) قرب الاسناد: 134 - وعنه البحار ج 17 / 228 ح 1.
[
117 ]
محمد صلى الله عليه
وآله وعظم على قريش أمره ونزول الوحي عليه وما كان يخبرهم به قال بعضهم لبعض: ليس
لنا إلا قتل محمد، وقال أبو سفيان: أنا أقتله لكم، قالوا: وكيف تصنع ؟ قال: بلغنا
أنه يظل كل ليلة في مغار جبل أو في واد وقد عرفت أنه في هذه اليلة يمضي إلى جبل
حراء فيظل فيه، قالوا: ويحك يا أبا سفيان إنه لا يمشي عليه أحد إلا قذفه حتى
يقطعه، وكيف يمضي أحد إليه ؟ ! وبعثوا إلى أرصاد (1) لهم على النبي صلى الله عليه
وآله فقال تجسسوا لنا عليه الليلة، ودوروا من حول جبل حراء، فلعل محمدا يعلوه
فيقذفه، فتكفون مؤنته، فلما جن عليه الليل أخذ النبي صلى الله عليه وآله بيد علي
بن أبي طالب عليه السلام، ثم خرجا وأصحابه لا يشعرون، وأبو سفيان وجميع من في
الرصد مقنعون (2) بالحديد من حول حراء، فما شعروا حتى وافى رسول الله صلى الله
عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام بين يديه، فصعدا جبل حراء فلما صارا عليه
وفي ذروته، اهتز الجبل وماج (3)، ففزع أبو سفيان ومن معه، فتباعدوا من الجبل،
وقالوا: كفينا مؤنة محمد وقد قذفه حراء وقطعه، فاطلبوه من حول الجبل، فسمعوا النبي
صلى الله عليه وآله يقول: أسكن حراء فما عليك إلا نبي ووصي نبي. فقال أبو سفيان:
فسمعت محمدا، يقول: جبل حراء إن قرب منك أبو سفيان ومن معه فأدمهم بهوامك (4) حتى
تنهشهم فتجعلهم حصيدا خامدين قال أبو سفيان: فسمعت حراء يلبيه من كل جوانبه ويقول:
سمعا وطاعة لك يا رسول الله ولوصيك، فسعينا على وجوهنا خوفا أن نهلك بما قال محمد
صلى الله عليه وآله، وأصبحوا واجتمعت قريش فقصوا قصتهم وما كان من رسول الله صلى
الله عليه وآله وما خاطب به جبل حراء وما أجابه، فقال أبو جهل لعنه
(1) الارصاد (بفتح
الهمزة) جمع الرصد (بفتح الراء والصاد) القوم الذين يرصدون كالحرس. (2) المقنع
(بفتح النون المشددة): الذي على رأسه بيضة الحديد. (3) ماج: تحرك واضطرب. (4)
الهوام (بفتح الهاء وآخرها الميم المشددة): جمع الهامة وهي ما كان له سم.
[
118 ]
الله: ماذا أنتم
صانعون ؟ فقالوا: رأيك فأنت سيدنا وكبيرنا، فقال: نكافح (1) محمدا بالسيف علينا أم
عليه، غلبنا أم غلبناه، ففي أحد الغلبين راحة، فقال أبو سفيان: وقد بقي لي كيدا
أكيد به محمدا، فقالوا له: وما هو يا أبا سفيان ؟ فقال: إنه قد خبرت أنه يستظل من
حر الشمس تحت حجر عال في هذا اليوم، فآتي الحجر إذا استظل به محمد فأهدهده (2)
عليه بجمع ذي القوة، فلعلنا نكفي مؤنته، فقالوا له: فافعل يا أبا سفيان، قال: فبعث
أبو سفيان رصدا على النبي صلى الله عليه وآله حتى عرف أنه قد خرج هو وعلي عليه
السلام معه حتى أتيا الحجر واستظل تحته، وجعل رأسه في حجر علي صلوات الله عليهما،
فقال: يا علي إني راقد وأبو سفيان يأتيك من وراء هذا الحجر في جمع ذي قوة، فإذا
صاروا في ظهر الحجر استصعب عليهم، ويمتنع من أن يعمل فيه أيديهم، فمر الحجر أن
ينقلب عليهم فإنه ينقلب، فيقتل القوم جميعا ويفلت (3) أبو سفيان وحده. فقال أبو
سفيان لاصحابه: لا تجزعوا من كلام محمد، فإنه ما قال هذا القول إلا ليسمعنا حتى لا
ندنو من الحجر، ثم إنه شجعهم حتى صاروا في ظهر الحجر، ورسول الله صلى الله عليه
وآله راقد في حجر علي بن أبي طالب، فراموا (4) الحجر أن يستهدهدوه أو يقلعوه
فيلقوه على رسول الله صلى الله عليه وآله، فاستصعب عليهم وامتنع منهم. فقال أصحاب
أبي سفيان: إنا نظن محمدا قد قال: حقا، إنا نعهد هذا الحجر لو رامه بعض عدونا
لدهدهه وقلعه، فما باله اليوم مع كثرتنا لا يهتز ! فقال أبو سفيان: اصبروا عليه.
وأحس بهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه فصاح: يا حجر انقلب عليهم فأت عليهم غير
صخر بن حرب، فما استتم كلامه حتى انقض الحجر عليهم
(1) المكافحة: استقبال
العدو بالحرب. (2) هدهد (على وزن دحرج) شيئا: حركه ودحرجه وأنزله من علو إلى سفل.
(3) فلت يفلت (بفتح اللام في الماضي وكسرها في المضارع): تخلص. (4) راموا: أرادوا
وقصدوا.
[
119 ]
فتفرقوا، فامتد
الحجر، وطال، حتى كبس القوم جميعا غير أبي سفيان، فإنه أفلت وهو يضحك ويقول: يا
محمد، لو أحييت لي الموتى، وسيرت الجبال، وأطاعك كل شئ لعصيتك وحدي، فسمع رسول
الله صلى الله عليه وآله كلامه فقال له: ويلك يا أبا سفيان، والله لتؤمنن بي،
ولتطيعني مكرها مغلوبا، إذا فتح الله مكة. فقال أبو سفيان: أما وقد أخبرت يا محمد
بفتح مكة وإيماني بك وطاعتي إياك قهرا لا يكون، ففتح الله على رسول الله صلى الله
عليه وآله مكة، وأسر أبو سفيان، فآمن مكرها وأطاع صاغرا. فقال أبو عبد الله صلوات
الله عليه: والله لقد دخل أبو سفيان بعد فتح مكة على رسول الله وهو في مسجده على منبره،
في يوم جمعة بالمدينة، فنظر أبو سفيان إلى أكابر ربيعة، ومضر، واليمن، وساداتهم في
المسجد، يزاحم بعضهم بعضا، فوقف أبو سفيان متحيرا، وقال في نفسه: يا محمد قدرت أن
هذه الجماجم تذل لك حتى تعلو أعوادك هذه وتقول ما تقول، فقطع النبي صلوات الله
عليه وآله خطبته وقال له: على رغم أنفك يا أبا سفيان، فجلس أبو سفيان خجلا ثم قال
في نفسه: يا محمد: إن أمكنني الله منك لاملان يثرب خيلا ورجلا ولاعفين آثارك. فقطع
النبي صلى الله عليه وآله خطبته ثم قال: يا أبا سفيان أما في حياتي فلا، وأما بعدي
يتقدمك من هو أشقى منك، ثم يكون منك ومن أهل بيتك ما يكون، تقول في نفسك ما تقول،
إلا أنك لا تطفئ نوري ولا تقطع ذكري ولا يدوم ذلك لكم ويسلبنكم الله إياه،
وليخلدنكم في النار، وليجعلنكم شجرتها التي هي وقودها، فمن أجل ذلك قال الله:
(والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم) (1) إلى تمام الآية، والشجرة هم بنو أمية
وهم أهل النار (2). (1) الاسراء: 60. (2) الهداية لابي محمد الحسين بن حمدان
الحضيني: 5 مخطوط في مكتبة آية الله المرعشي (ره) بقم المقدسة.
[
120 ]
13 - ابن شهر اشوب،
عن طارق المحاربي (1): رأيت النبي صلى الله عليه وآله في سويقة ذي المجاز، عليه
حلة حمراء وهو يقول: يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، وأبو لهب
يتبعه ويرميه بالحجارة، وقد أدمى كعبيه وعرقوبيه (2) وهو يقول: يا أيها الناس لا
تطيعوه فإنه كذاب (3). 14 - وعن ابن عباس: دخل النبي صلى الله عليه وآله الكعبة،
وافتتح الصلاة، فقال أبو جهل: من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته ؟ فقام ابن
الزبعري (4) وتناول فرثا (5) ودما وألقى ذلك عليه، فجاء أبو طالب وقد سل سيفه،
فلما رأوه جعلوا ينهضون، فقال أبو طالب: والله لئن قام أحد حلاته (6) بسيفي، ثم
قال: يا ابن أخي، من الفاعل بك هذا ؟ قال: عبد الله، فأخذ أبو طالب فرثا ودما
فألقى عليه. ثم قال ابن شهر اشوب: وفي روايات كثيرة متواترة، أنه أمر عبيده: أن
يلقوا السلا عن ظهره، ويغسلوه، ثم أمرهم أن يأخذوه فيمروا على سبال القوم بذلك
(7). والروايات في أمثال ذلك لا تحصى، والله يعلم حيث يجعل رسالاته.
(1) طارق المحاربي: بن
عبد الله الكوفي له صحبة وروايتان أو ثلاثة - التقريب لابن حجر العسقلاني ج 1 ص
376. (2) العرقوب (بضم العين المهملة وسكون الراء وضم القاف): عصب غليظ فوق العقب.
(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب ج 1 ص 56 ط قم. وعنه بحار الانوار ج 18 ص
202. (4) ابن الزبعري (بكسر الزاي وفتح الباء وسكون العين) عبد الله الشاعر بن قيس
السهمي القرشي، كان من أشد المشركين على المسلمين وكان يؤذي النبي صلى الله عليه
وآله بيده ولسانه إلى أن فتحت مكة فهرب إلى نجران - ثم بعد ذلك أسلم واعتذر، ومدح
النبي صلى الله عليه وآله فأمر له بحلة توفي نحو سنة (15). (5) الفرث (بفتح الفاء
وسكون الراء): السرجين مادام في الكرش. (6) حلاه بالسيف: أي ضربه. (7) مناقب آل
أبي طالب ج 1 ص 60 ط قم المقدسة - وعنه البحار ج 18 ص 187.
[
121 ]
(1) وهلاك الفراعنة 1 - محمد بن علي بن
بابويه رحمة الله في كتاب " الغيبة " (2) قال حدثنا أبي (3) ومحمد بن
الحسن (4) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري (5) ومحمد بن
يحيى العطار وأحمد بن إدريس (6) جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى (7) ومحمد بن الحسين
بن أبي الخطاب (8) وإبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن محبوب (9) عن علي بن رئاب
(10)، عن عبد الله بن علي
(1) سورة الحجر: 95.
(2) المراد بالغيبة " كمال الدين ". (3) أبي: هو علي بن الحسين بن موسى
بن بابويه القمي قدس سره المتوفى (329) (4) محمد بن الحسن: بن أحمد بن الوليد، أبو
جعفر نزيل قم المتوفى (343). (5) عبد الله بن جعفر الحميري: أبو العباس القمي قدم
الكوفة، سنة نيف وتسعين ومائتين وكاتب الامامين الهمامين الهادي والعسكري عليهما
السلام. (6) أحمد بن إدريس: أبو علي الاشعري القمي المتوفى (306). (7) أحمد بن
محمد بن عيسى: بن عبد الله الاشعري القمي لقي الائمة الرضا والجواد والهادي عليهم
السلام. (8) محمد بن الحسين بن أبي الخطاب: أبو جعفر الزيات الكوفي المتوفي (262).
(9) الحسن بن محبوب: أبو علي السراد، أو الزراد الكوفي، روى عن الرضا عليه السلام،
وكان من أصحاب الاجماع، توفي (224). (10) علي بن رئاب: الطحان الكوفي الراوي عن
الصادق والكاظم عليهما السلام.
[
122 ]
الحلبي (1) قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: مكث رسول الله بمكة بعد ما جاءه الوحي عن الله
تبارك وتعالى ثلاث عشرة سنة، منها ثلاث سنين مختفيا خائفا لا يظهر حتى أمره الله
عزوجل أن يصدع بما أمر به فأظهر حينئذ الدعوة (2). 2 - وعنه قال: حدثنا محمد بن
الحسن (3) رضي الله عنه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ومحمد بن الحسن الصفار (4)
جميعا، قالا: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، ومحمد بن عيسى العبيد، قالا: حدثنا
صفوان بن يحيى (5)، عن عبد الله بن مسكان (6)، عن محمد بن علي الحلبي (7)، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إكتتم رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة مختفيا خائفا
خمس سنين ليس يظهر أمره، وعلي عليه السلام معه وخديجة، ثم أمره الله عزوجل أن يصدق
بما أمر به فظهر رسول الله صلى الله عليه وآله فأظهر أمره (8). 3 - وعنه قال:
حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (9) رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم
ابن هاشم، عن أبيه. عن محمد بن أبي عمير، عن أبان
(1) عبد الله بن علي
الحلبي: بن أبي شعبة. قال الاردبيلي في " جامع الرواة " ج 1 ص 497:
الظاهر أنه عبيدالله، يروي عن الامام الصادق عليه السلام. (2) كمال الدين ص 344 ح
29 - وعنه البحار ج 18 ص 177 ح 4. (3) محمد بن الحسن: بن أحمد بن الوليد أبو جعفر
نزيل قم المتوفى سنة (343) ه. (4) محمد بن الحسن الصفار: من فروخ أبو جعفر الاعرج
الاشعري القمي المتوفى (290). (5) صفوان بن يحيى: أبو محمد البجلي الكوفي الراوي
عن الكاظم الرضا والجواد عليهم السلام توفي سنة (210). (6) عبد الله بن مسكان: أبو
محمد الراوي عن الصادق والكاظم عليهما السلام كان من أصحاب الاجماع. (7) محمد بن
علي الحلبي: ابن أبي شعبة أبو جعفر الراوي عن الباقر والصادق عليهما السلام. (8)
كمال الدين: 344 ح 28 - وعنه البحار ج 18 / 176 ح 2. (9) أحمد بن زياد بن جعفر
الهمداني (بالذال المعجمة) كان من الفضلاء الموثقين من شيوخ الصدوق.
[
123 ]
الاحمر (1)، رفعه،
قال: المستهزءون برسول الله صلى الله عليه وآله خمسة: الوليد بن المغيرة المخزومي،
والعاص بن وابل السهمي، والاسود بن عبد يغوث الزهري (2)، والاسود ابن المطلب (3)
والحارث بن الطلاطلة الثقفي (4) (5) 4 - وعنه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان
(6)، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الحسني (7)، قال: حدثنا أبو العباس
محمد بن علي الخراساني، قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن صالح العباسي، عن أبيه،
وإبراهيم بن عبد الرحمن الابلي (8)، قال: حدثنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حدثني جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي
محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي عليهم
السلام: أن أمير المؤمنين عليه السلام قال ليهودي من يهود الشام وأحبارهم فيما
أجابه عنه من جواب مسائله:
(1) أبان بن أحمر:
أبان بن عثمان بن يحيى اللؤلؤي الكوفي المتوفى نحو سنة (200) تقدم ذكره. (2)
الاسود بن عبديغوث الزهري كان ابن خال النبي صلى الله عليه وآله ومن المستهزئين
به، مات كافرا. (3) الاسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة دعا عليه النبي صلى الله
عليه وآله فعمى ومات. (4) الحارث بن طلاطلة بن عمرو بن الحارث الخزاعي دعا عليه
النبي صلى الله عليه وآله وأشار إلى رأسه فامتخض قيحا فقتله. (5) الخصال: 278 ح 24
- ورواه المجلسي في البحار ج 18 / 55 عن العياشي. وأورده المصنف أيضا في البرهان ج
2 / 300 ح 3. (6) أحمد بن الحسن القطان: الرازي المعروف بأبي علي بن عبد ربه روى
عنه الصدوق كثيرا في عيون أخبار الرضا، وكمال الدين والامالي، ويصفه بالعدل، ويقول
في كمال الدين: إنه شيخ كبير لاصحاب الحديث، وروى عنه أيضا التلعكبري، وله منه
إجازة، ويروي عن ابن عقدة وأحمد بن يحيى بن زكريا، وغيرهما وروى عن رجال العامة
أيضا، وهل هو نفسه من العامة أو من الخاصة فيه اختلاف بين المحققين. (7) أبو
القاسم عبد الرحمن بن محمد الحسني - أو الحسيني - كان من محدثي القرن الرابع، روى
عن أبي الطيب محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي الكوفي المتوفى سنة (317) ه.
(8) إبراهيم بن عبد الرحمن الابلي - أو الآملي - من أصحاب الكاظم عليه السلام لم
أقف على ترجمة له.
[
124 ]
فأما المستهزءون فقال
الله عزوجل: (إنا كفيناك المستهزئين) (1) فقتل الله خمستهم، قد قتل كل واحد منهم
بغير قتلة صاحبه في يوم واحد. أما الوليد بن المغيرة فإنه مر بنبل (2) لرجل من بني
خزاعة قد راشه (3) في الطريق فأصابته شظية (4) منه فانقطع أكحله (5) حتى أدماه
فمات، وهو يقول: قتلني رب محمد. وأما العاص بن وائل السهمي فإنه خرج في حاجة له
إلى كداء (6) فتدهده تحته حجر فسقط، فتقطع قطعة قطعة، فمات وهو يقول: قتلني رب
محمد. وأما الاسود بن عبديغوث فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة، ومعه غلام له، فاستظل
بشجرة تحت كدا فأتاه جبرئيل عليه السلام فأخذ رأسه، فنطح به الشجرة، فقال لغلامه:
امنع عني هذا، فقال: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلا نفسك، فقتله وهو يقول: قتلني رب
محمد. ثم قال ابن بابويه: قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: يقال في خبر آخر في الاسود:
قول آخر، يقال: إن النبي صلى الله عليه وآله كان قد دعا عليه أن يعمي الله بصره،
وأن يثكله ولده، فلما كان في ذلك اليوم جاء حتى صار إلى كدا، فأتاه جبرئيل بورقة
خضراء، فضرب بها وجهه، فعمي وبقي حتى أثكله الله عزوجل يوم بدر، ثم مات. وأما
الحارث بن الطلاطلة، فإنه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا، فرجع إلى أهله،
فقال: أنا الحارث، فغضبوا عليه، فقتلوه، وهو
(1) الحجر: 95. (2)
النبل (بفتح النون وسكون الباء الموحدة): السهام العربية. (3) راش السهم يريشه:
الزم عليه الريش. (4) الشظية: (بفتح الشين وكسر الظاء وتشديد الياء): فلقة العود
والعظم. (5) الاكحل: عرق في اليد يفصد. (6) كداء (بفتح الكاف والالف الممدودة):
الثنية العليا وكدى (بضم الكاف والمقصورة): الثنية السفلى بأسفل مكة المكرمة.
[
125 ]
يقول: قتلني رب محمد.
وأما الاسود بن الحارث فإنه أكل حوتا مالحا، فأصابته غلبة العطش، فلم يزل يشرب
الماء حتى انشق بطنه فمات، وهو يقول: قتلني رب محمد. كل ذلك في ساعة واحدة، وذلك
أنهم كانوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا له: يا محمد ننتظر بك إلى
الظهر فإن رجعت عن قولك وإلا قتلناك. فدخل النبي صلى الله عليه وآله منزله، فاغلق
عليه بابه مغتما بقولهم، فأتاه جبرئيل عليه السلام ساعته فقال له: يا محمد السلام
يقرأ عليك السلام وهو يقول: (فاصدع بما تؤمر) (1) يعني أظهر أمرك لاهل مكة، وادع
(واعرض عن المشركين) قال: يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني ؟ قال له:
(إنا كفيناك المستهزئين) (2) قال: يا جبرئيل كانوا عندي الساعة بين يدي ؟ فقال: قد
كفيتهم، فأظهر أمره عند ذلك (3). 5 - الطبرسي في " الاحتجاج " عن الامام
أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن آبائه عليهم السلام عن الحسين بن علي
عليهما السلام عن أبيه عليه السلام، أنه قال له يهودي: إن موسى بن عمران قد أرسله
الله إلى فرعون، وأراه الآية الكبرى، قال له: لقد كان كذلك، ومحمد رسول الله صلى
الله عليه وآله أرسل إلى فراعنة شتى: مثل أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة،
وأبي البختري، والنضر بن الحارث، وأبي بن خلف، ومنبه ونبيه ابني الحجاج، وإلى
الخمسة المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والاسود
بن يغوث الزهري، والاسود بن المطلب، والحارث بن الطلاطلة، فأراهم الآيات في الآفاق
وفي
(1) الحجر: 96. (2)
الحجر: 95. (3) الخصال: 279 ح 25 وعنه البحار: 18 / 55 - والبرهان ج 2 / 300 ح 4.
[
126 ]
أنفسهم، حتى يتبين
لهم أنه الحق. قال له اليهودي: لقد انتقم الله عزوجل لموسى عليه السلام من فرعون.
قال له عليه السلام: لقد كان كذلك، ولقد انتقم الله جل اسمه لمحمد صلى الله عليه
وآله من الفراعنة، فأما المستهزءون فقال الله عزوجل: (إنا كفيناك المستهزئين) فقتل
الله خمستهم، كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد. فأما الوليد بن المغيرة
فمر بنبل لرجل قد راشه، ووضعه في الطريق فأصابه شظية منه، فانقطع أكحله، حتى
أدماه، فمات وهو يقول: قتلني رب محمد. وأما العاص بن وائل السهمي فإنه خرج في حاجة
له إلى موضع فتدهده (1) تحته حجر، فتقطع قطعة قطعة، فمات وهو يقول: قتلني رب محمد.
وأما الاسود بن عبد يغوث فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة، فاستظل بشجرة، فأتاه جبرئيل
عليه السلام، فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع هذا عني، فقال: ما أرى
أحدا يصنع بك شيئا إلا نفسك، فقتله وهو يقول: قتلني رب محمد. وأما الاسود بن
المطلب فإن النبي صلى الله عليه وآله دعا عليه أن يعمي الله بصره، وأن يثكله ولده،
فلما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار إلى موضع فأتاه جبرئيل عليه السلام بورقة خضراء
فضرب بها وجهه فعمي، وبقي حتى أثكله الله عز وجل ولده. وأما الحارث بن الطلاطلة
فإنه خرج من بيته في السموم (2) فتحول حبشيا فرجع إلى أهله فقال: أنا الحارث،
فغضبوا عليه، فقتلوه وهو يقول: قتلني رب محمد.
(1) تدهده: تدحرج. (2)
السموم (بفتح السين المهملة) الريح الحارة.
[
127 ]
ثم قال الطبرسي: وروي
أن الاسود بن المطلب أكل حوتا مالحا فأصابه غلبة العطش، فلم يزل يشرب الماء حتى
انشق بطنه، فمات وهو يقول: قتلني رب محمد. وكل ذلك في ساعة واحدة، وذلك أنهم كانوا
بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا له: يا محمد ننتظر بك إلى الظهر فإن
رجعت عن قولك وإلا قتلناك. فدخل النبي صلى الله عليه وآله منزله فأغلق عليه بابه
مغتما لقولهم، فأتاه جبرئيل عليه السلام عن الله عزوجل من ساعته فقال: يا محمد
السلام يقرأ عليك السلام ويقول لك: (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين) (1) يعني
أظهر أمرك لاهل مكة وادعهم إلى الايمان. قال: يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما
أوعدوني ؟ قال له: (إنا كفيناك المستهزئين) قال: يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي،
قال: وقد كفيتهم، فأظهر أمره عند ذلك، وأما بقيتهم من الفراعنة (2) فقتلوا يوم بدر
بالسيف، وهزم الله الجمع وولوا الدبر (3). 6 - الشيخ في أماليه: باسناده عن ابن
عباس قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وآله على قتلى بدر، فقال: جزاكم الله من
عصابة شرا لقد كذبتموني صادقا، وخونتم أمينا، ثم التفت إلى أبي جهل بن هشام فقال:
إن هذا أعتى على الله من فرعون، إن فرعون لما أيقن بالهلاك وحد الله، وهذا لما أيقن
بالهلاك دعا باللات والعزى (4).
(1) سورة الحجر: 94.
(2) في المصدر: وأما بقية الفراعنة. (3) الاحتجاج: ج 1 / 216 - وعنه البحار: 10 /
35 - وج 17 / 282 - والبرهان: 2 / 356. (4) أمالي الطوسي ج 1 / 316 - وعنه البحار
ج 19 / 272 ح 11.
[
129 ]
1 -
عمر بن إبراهيم الاوسي (1) في كتابه قال: قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
لما مات أبو طالب عليه السلام لج المشركون في أذيته، فصار يعرض نفسه على القبايل
بالاسلام والايمان، فلم يأت أحد من القبائل إلا صده ورده. فقال بعضهم: أعلم أنه لا
يقدر أن يصحلنا وهو قد أفسد قومه، فعمد إلى ثقيف بالطائف فوجد سادتهم جلوسا، وهم
ثلاثة أخوة، فعرض عليهم الاسلام وحذرهم من النار وغضب الجبار. فقال أحدهم: أنا
أسرق ثياب الكعبة إن كان الله بعثك نبيا. وقال آخر: يا محمد عجز الله أن يرسل غيرك
؟
(1) عمر بن إبراهيم
الاوسي: ما وجدت بعد الفحص ترجمة له إلا ترجمة ناقصة في ذيل كشف الظنون وهدية
العارفين ج 1 / 796 وهي هذه: سراج الدين أبو حفص عمر بن إبراهيم الانصاري الاوسي
المقرئ المالكي المتوفى.. له " زهر الكمام " في قصة يوسف عليه السلام -
وفي " الذريعة " ج 12 / 71 قال: " زهر الكلام " للشيخ عمر بن
إبراهيم الاوسي ينقل عنه السيد هاشم البحراني في " نزهة الابرار " معبرا
عنه بالشيخ العالم العلامة - وفي " الرياض ": إنه كان من أكابر علمائنا،
وله كتاب " زهر الكمام " على ما حكاه البحراني في " نزهة الابرار
في خلق الجنة والنار " وقد ينقل فيه الاخبار عنه ووصفه بالشيخ العالم العامل
العلامة، ولكن لم أعلم خصوص عصره. (*)
[
130 ]
وقال آخر: لا تكلموه
إن كان رسولا من الله كما يزعم، هو أعظم قدرا أن يكلمنا، وإن كان كاذبا على الله
فهو أسرف بكلامه. وجعلوا يستهزءون به، فجعل يمشى كلما وضع قدما وضعوا له صخرة، فما
فرغ من أرضهم إلا وقدماه تشخب دما، فعمد لحائط من كرومهم، وجلس مكروبا، فقال:
اللهم إني أشكو إليك غربتي وكربتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب
المستضعفين، أنت رب المكروبين، اللهم إن لم يكن لك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك
أوسع لي، أعوذ بك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي الثناء عليك أنت
كما أثنيت على نفسك، لك الحمد حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قيل: وكان في الكرم عتبة بن ربيعة، وشيبة، فكره أن يأتيهما، لما يعلم من عداوتهما.
فقالا لغلام لهما يقال: عداس: خذ قطفين (1) من العنب، وقدحا من الماء، واذهب بهما
إلى ذلك الرجل، وإنه سيسئلك أهدية أم صدقة، فإن قلت: صدقة لم يقبلها، بل قل له:
هدية. فمضى ووضعه بين يديه، فقال: هدية أم صدقة ؟ فقال: هدية، فمد يده وقال: بسم
الله، وكان عداس نصرانيا، فلما سمعه عجب منه، وصار ينظره، فقال له: يا عداس من أين
؟ قال: من أهل نينوى، قال: من مدينة الرجل الصالح أخي يونس بن متى، قال: ومن أعلمك
؟ فأخبره بقصته، وبما أوحي إليه، فقال: ومن قبله ؟ فقال: نوح، ولوط، وحكاه بالقصة،
فخر ساجدا لله، وجعل يقبل قدميه، هذا وسيداه ينظران إليه. فقال أحدهما للآخر: سحر
غلامك، فلما أتاهما قالا له: ما شأنك سجدت وقبلت يديه ؟ فقال: يا أسيادي ما على
وجه الارض أشرف ولا ألطف ولا أخير منه، قالوا: ولم ذلك ؟ قال: حدثني بأنبياء
ماضية، ونبينا يونس بن
(1) القطف (بكسر القاف
وسكون الطاء): العنقود ساعة يقطف.
[
131 ]
متى، فقالا: يا ويلك
فتنك عن دينك، فقال: والله إنه نبي مرسل، قال له: ويحك عزمت قريش على قتله، فقال:
هو والله يقتلهم ويسودهم ويشرفهم، إن تبعوه دخلوا الجنة، وخاب من لا يتبعه، فقاما
يريدان ضربه فركض (1) للنبي وأسلم. 2 - ابن شهر اشوب في كتاب " الفضائل
" لما توفي أبو طالب رحمة الله عليه واشتد على النبي صلى الله عليه وآله
البلاء والاذى، عمد إلى ثقيف بالطائف، رجاء أن يؤوه سادتها: عبد يا ليل، ومسعود،
وحبيب، بنو عمرو بن عمير الثقفي (2)، فلم يقبلوه، وتبعه سفهاؤهم بالاحجار، وأدموا
رجليه، فخلص منهم، واستظل في ظل حبلة (3) منه، وقال: أللهم إني أشكوا إليك من ضعف
قوتي، وقلة حيلتي وناصري، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين. فأنفذ عتبة وشيبة،
إبنا ربيعة إليه بطبق عنب، على يد غلام يدعى عداسا وكان نصرانيا، فلما مد يده وقال:
بسم الله، فقال: إن أهل هذا البلد لا يقولونها، فقال النبي صلى الله عليه وآله: من
أين أنت ؟ قال: من بلد نينوى، فقال صلى الله عليه وآله: من مدينة الرجل الصالح
يونس بن متى، قال: ومن أين تعرفه (4) ؟ قال: أنا رسول الله والله أخبرني خبر يونس.
فخر عداس ساجدا لله، وجعل يقبل قدميه وهما يسيلان الدماء. فقال عتبة لاخيه: قد
أفسد عليك غلامك: ولما انصرف عند سيده (5) قال: إنه والله نبي صادق، فقالوا: إنه
رجل خداع، لا يفتنك عن نصرانيتك (6).
(1) ركض (بفتح الراء
والكاف): عدا = حرك رجليه. (2) بنو عمرو بن عمير الثقفي: أخوة ثلاثة وعند أحدهم
امرأة من قريش من بني جمح. (3) الحبلة (بفتح الحاء والباء): الاصل أو القضيب من
شجر الاعناب. (4) في المصدر المطبوع: قال: وبما تعرفه. (5) في المصدر المطبوع:
فلما انصرف عنه سئل عن مقالته. (6) المناقب لابن شهر اشوب: 1 / 68 - وعنه البحار:
19 / 17.
[
133 ]
1 - الشيخ الطوسي في " أماليه "، قال: أخبرنا جماعة:
منهم الحسين بن عبيدالله (1)، وأحمد بن عبدون (2)، وأبو طالب بن عرفة (3)، وأبو
الحسين الصفار، وأبو علي الحسن بن إسماعيل بن أشناس (4)، قالوا. حدثنا أبو المفضل
محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني (5)، قال: حدثنا أحمد بن سفيان بن العباس
النحوي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح (6)، قال: حدثنا محمد بن عمر بن واقد
الاسلمي قاضي الشرقية (7)، قال: حدثني إبراهيم بن
(1) الحسين بن
عبيدالله بن إبراهيم الغضائري أبو عبد الله الذي أجاز للشيخ الطوسي جميع رواياته،
توفي سنة (411). (2) أحمد بن عبدون: أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد البزاز
المتوفى سنة (423). (3) أبو طالب بن عرفة: لعل عرفة مصحف عزور. (4) أبو علي الحسن
بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أشناس (بفتح الهمزة وسكون الشين) اسم لغلام جعفر
المتوكل، كان أبو علي معروفا بابن الحمامي البزاز، ولد سنة (359)، وتوفي سنة
(439). (5) أبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيدالله بن البهلول بن عبد
المطلب الشيباني الكوفي نزيل بغداد المتوفى (387). (6) أحمد بن عبيد بن ناصح أبو
جعفر النحوي المعروف بأبي عصيدة المتوفى سنة (273) - تقريب التهذيب ج 1 ص 21. (7)
محمد بن عمر بن واقد الاسلمي المعروف بالواقدي المدني نزيل بغداد توفي سنة (207).
[
134 ]
إسماعيل بن أبي
حبيبة، يعني الاشهلي (1) عن داود بن حصين (2)، عن أبي غطفان (3)، عن ابن عباس،
قال: اجتمع المشركون في دار الندوة، ليتشاوروا في أمر رسول الله صلى الله عليه
وآله، وأتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره الخبر، وأمره أن لا ينام
في مضجعه تلك الليلة. فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله المبيت أمر عليا
عليه السلام أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، فبات علي عليه السلام، وتغشى ببرد أخضر
حضرمي، كان لرسول الله صلى الله عليه وآله ينام فيه، وجعل السيف إلى جنبه، فلما
اجتمع أولئك النفر من قريش، يطوفون ويرصدونه يريدون قتله، فخرج رسول الله صلى الله
عليه وآله وهم جلوس على الباب خمسة وعشرون رجلا، فأخذ حفنة (4) من البطحاء (5)، ثم
جعل يذرها على، رؤوسهم، وهو يقرأ (يس والقرآن الحكيم) (6) حتى بلغ (فأغشيناهم فهم
لا يبصرون) (7). فقال لهم قائل: ما تنتظرون ؟ قالوا: محمدا قال: خبتم وخسرتم قد
والله مربكم، فما منكم رجل إلا وقد جعل على رأسه ترابا، قالوا: والله ما أبصرناه،
قال: فأنزل الله عزوجل (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) (8) (9).
(1) إبراهيم بن
إسماعيل بن أبي حبيبة الانصاري الاشهلي مولاهم أبو إسماعيل المدني المتوفي (165) -
تقريب ج 1 ص 31. (2) داود بن الحصين: أبو سليمان الاموي مولاهم المدني المتوفى سنة
(135). (3) أبو غطفان (بفتح الغين والطاء) بن طريف، أو ابن مالك المري المدني -
قال ابن حجر في التقريب ج 1 ص 461: إنه من كبار الثالثة. (4) الحفنة (بالحاء
المهملة المضمومة أو المفتوحة والفاء الساكنة): ملا الكفين. (5) البطحاء (بفتح
الباء وسكون الطاء المهملة): مسيل واسع فيه رمل ودقاق الحصى. (6) يس: 1 - 2. (7)
يس: 9. (8) الانفال: 30. (9) أمالي الطوسي ج 2 / 60 وعنه البحار ج 19 / 53 ح 11،
والبرهان ج 4 / 4 ح 2 ويأتي في =
[
135 ]
2 - وعنه قال: حدثنا
جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الامام بانطاكية
(1)، قال: حدثنا محفوظ بن بحر (2) قال: حدثنا الهيثم بن جميل (3) قال: حدثنا قيس
بن ربيع (4)، عن حكيم بن جبير (5)، عن علي بن الحسين صلوات الله عليه في قول الله
عزوجل (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) (6) قال: نزلت في علي عليه
السلام حين بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله (7). 3 - وعنه قال: أخبرنا
جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدي النحوي
(8): قال: حدثنا الخليل بن أسد، أبو الأسود الموميحاني (9). قال: حدثنا أبو زيد
سعيد بن أوس يعني الانصاري النحوي (10) قال: كان أبو عمرو بن العلاء (11) إذا قرأ
(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء
= الباب الثاني عشر من
المنهج الثاني ح 1. (1) في المصدر: محمد بن يحيى بن الصفار الامام بأنطاكية، وفي
البحار: محمد بن أحمد بن يحيى بن صفوان وعلى أي تقدير ما وجدت له ترجمة. (2) محفوظ
بن بحر الانطاكي، ترجمه الذهبي في ميزان الاعتدال: ج 3 / 444 رقم 7092. (3)
الهيثم بن جميل أبو سهل البغدادي نزيل أنطاكية توفي سنة (213). (4) قيس بن الربيع
الاسدي أبو محمد الكوفي المتوفى بعد سنة (160). (5) حكيم بن جبير الاسدي بن مطعم
بن عدي من أصحاب السجاد عليه السلام. (6) سورة البقرة: 207. (7) أمالي الطوسي ج 2
ص 61 - وعنه البحار ج 19 ص 54 ح 12. والبرهان ج 1 / 206 ح 1 ويأتي في الباب الثاني
عشر من المنهج الثاني ح 2. (8) أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد اليزيدي
النحوي البغدادي المتوفى سنة (310) (9) في المصدر: الجليل (بالجيم) بن الاسود
النوشجاني - وفي بعض النسخ المطبوعة: الحليل (بالحاء) وعلى أي نحو ما وجدت له
ترجمة. (10) أبو زيد سعيد بن أوس الانصاري بن ثابت النحوي البصري المتوفى (214).
(11) أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان المازني النحوي القاري المتوفى (154).
[
136 ]
مرضات الله) (1) قال
كرم الله عليا عليه السلام: فيه نزلت هذه الآية (2). 4 - عنه قال أخبرنا جماعة، عن
أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي (3)، قال: حدثنا محمد بن
الصباح الجرجاني (4) قال: حدثني محمد بن كثير الملائي (5)، عن عوف الاعرابي (6)،
من أهل البصرة، عن الحسن بن أبي الحسن (7)، عن أنس بن مالك، قال: لما توجه رسول
الله صلى الله عليه وآله إلى الغار، ومعه أبو بكر، أمر النبي صلى الله عليه وآله
عليا عليه السلام أن ينام على فراشه، ويتغشى (8) ببردته، فبات علي عليه السلام
موطنا نفسه على القتل. وجاءت رجال من قريش من بطونها يريدون قتل رسول الله صلى
الله عليه وآله، فلما أرادوا أن يضعوا عليه أسيافهم لا يشكون أنه محمد صلى الله
عليه وآله، فقالوا: أيقظوه ليجد ألم القتل، ويرى السيوف تأخذه، فلما أيقظوه فرأوه
عليا تركوه، وتفرقوا في طلب رسول الله صلى الله عليه وآله فأنزل الله عزوجل: (ومن
الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد) (9). (10)
(1) سورة البقرة: 207.
(2) أمالي الطوسي ج 2 / 61 - وعنه البحار ج 19 / 55 ح 13 ويأتي في الباب (12) من
المنهج الثاني ح 3. (3) الباغندي: محمد بن محمد بن سليمان بن الحارث بن عبد الرحمن
الواسطي المتوفى (312). (4) ولعل الصواب: الجرجرائي، قال ابن حجر في "
التقريب " ج 2 / 171: محمد بن الصباح بن سفيان الجرجرائي (بجيمين مضمومين
بينهما راء ساكنة ثم راء خفيفة) توفي سنة (240). (5) في المصدر: محمد بن كثير
المدائني، وفي البحار: محمد بن كثير، وعلى أي حال ما وجدت له ترجمة. (6) عوف
الاعرابي: هو عوف بن أبي جميلة، أبو سهل العبدي البصري المعروف بالاعرابي المتوفى
(146، 147). (7) الحسن بن أبي الحسن يسار البصري المتوفى سنة (110) ه. (8) في
المصدر: يتوشح. (9) سورة البقرة: 207. (10) أمالي الطوسي ج 1 / 61 - وعنه البحار ج
19 / 55 ح 14، والبرهان ج 1 / 206 ح 4 ويأتي في =
[
137 ]
5 - وعنه قال: أخبرنا
جماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضل، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي (1)،
قال: حدثنا محمد بن عبد الله المحاربي (2)، قال: حدثنا أبويحيى التميمي (3)، عن
عبد الله بن جندب (4)، عن أبي ثابت، عن أبيه، عن مجاهد، قال: فخرت عايشة بأبيها
ومكانه مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار، فقال عبد الله بن شداد بن الهاد
(5): وأين أنت من علي بن أبي طالب عليه السلام حيث نام في مكانه وهو يرى أنه يقتل،
فسكتت ولم تحر (6) جوابا (7). 6 - وعنه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال:
حدثنا أبو أحمد عبيدالله بن الحسين (8)، عن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد، قال:
حدثنا محمد بن علي بن حمزة العلوي (9)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الحسين بن
= الباب الثاني عشر من
المنهج الثاني ح 4. (1) محمد بن الحسين بن حفص بن عمر، أبو جعفر الخثعمي الكوفي
المقرئ ولد سنة (221) وتوفي سنة (315) أو (317)، جامع الرواة ج 2 / 99، غاية
النهاية للجزري. 2 - في المصدر: محمد بن عبد المحاربي، وفي البحار: محمد بن عبيد:
والظاهر أنه الصواب، وهو محمد بن عبيد بن محمد بن واقد المحاربي أبو جعفر النحاس
الكوفي المتوفى سنة (251) - التقريب ج 2 / 189. (3) في البحار: أبويحيى التيمي،
وهو إسماعيل بن إبراهيم الاحول الكوفي. (4) عبد الله بن جندب البجلي الاعور الكوفي
كان من أصحاب أبي إبراهيم الكاظم وأبي الحسن الرضا عليهما السلام وتوفي قبل سنة
(210). (5) عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي أبو الوليد المدني المقتول بالكوفة
سنة (81) أو (83). (6) لم تحر جوابا: أحار الجواب أي رده، ولم يحر جوابا أي ما
استطاع أن يجيب. (7) أمالي الطوسي ج 2 / 62 وعنه البحار ج 19 / 55 ح 15 ويأتي في
الباب (12) من المنهج الثاني ح 5. (8) أبو أحمد عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم بن
علي بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام،
النصيبي، عبر عنه أبو المفضل الشيباني المتوفى (387) بالشيخ الشريف الصالح
البغدادي. روى عن إبراهيم العلوي وهو جده - تاريخ بغداد ج 10 ص 348. (9) محمد بن
علي بن حمزة بن الحسن بن عبيدالله بن العباس بن علي بن أبي طالب عليهما السلام كان
=
[
138 ]
زيد (1)، عن عبيدالله
بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (2)، عن أبيه، عن جده، عن جعدة بن هبيرة (3)،
عن أمه (4) أم هاني بنت أبي طالب عليه السلام (5) قالت: لما أمر الله تعالى نبيه
صلى الله عليه وآله بالهجرة وأنام عليا عليه السلام على فراشه، وسجاه ببرد حضرمي،
ثم خرج فإذا وجوه قريش على بابه، فأخذ حفنة من تراب، فذرها على رؤوسهم فلم يشعر به
أحد منهم، ودخل على بيتي، فلما أصبح أقبل علي وقال: أبشري يا أم هاني فهذا جبرئيل
عليه السلام يخبرني: أن الله عزوجل قد أنجى عليا عليه السلام من عدوه. قالت: وخرج
رسول الله صلى الله عليه وآله مع جناح الصبح إلى غار ثور، فكان فيه ثلثا حتى سكن
عنه الطلب، ثم أرسل إلى علي عليه السلام وأمره بأمره وأداء الامانة (6).
= من الموثقين، يروي
عن العسكريين عليهما السلام، ووالده علي بن حمزة أيضا كان من الموثقين له نسخة
يرويها عن الكاظم عليه السلام - جامع الرواة ج 2 ص 154. (1) الحسين بن زيد: يحتمل
أنه الحسين بن زيد بن علي بن الحسين أبو عبد الله المدني الملقب بذي الدمعة وكان
أبو عبد الله الصادق عليه السلام تبناه ورباه وزوجه بنت الارقط، روى عن الصادق
والكاظم عليهما السلام - جامع الرواة ج 1 ص 240. (2) عبيدالله بن محمد بن عمر بن
علي بن أبي طالب عليه السلام المدني الهاشمي كان من أصحاب الامام السجاد عليه
السلام، ووالده محمد بن عمر صار مقتولا بالمدينة سنة (145) - جامع الرواة ج 1 ص
506. (3) جعدة بن هبيرة: بن أبي وهب المخزومي ولد على عهد النبي صلى الله عليه
وآله، كان ابن أخت أمير المؤمنين عليه السلام وشاهد مقاماته - ولاه خاله عليه
السلام على خراسان. (4) في المصدر: عن أبيه عن أم هاني ولكنه تصحيف. (5) أم هاني
بنت أبي طالب. أخت أمير المؤمنين عليه السلام - اختلف في اسمها: فاختة، أو عاتكة،
أو فاطمة، أو هند، والاشهر الاول، أسلمت عام الفتح بمكة وهرب زوجها إلى نجران.
توفيت بعد سنة (40). (6) أمالي الطوسي ج 2 / 62 - وعنه البحار ج 19 / 56 ح 17،
ويأتي في الباب الثاني عشر من المنهج الثاني ح 6.
[
139 ]
7 - وعنه قال: أخبرنا
جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبيدالله بن عمار الثقفي
(1)، سنة إحدى وعشرين وثلثمائة، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي (2)،
سنة خمسين ومأتين، قال حدثني الحسن بن حمزة أبو محمد النوفلي (3)، قال: حدثني أبي،
وخالي: يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب
(4)، عن الزبير بن سعيد الهاشمي (5)، قال: حدثنيه أبو عبيدة (6) بن محمد بن عمار
بن ياسر رضي الله عنه، بين القبر والروضة عن أبيه، وعبيدالله بن أبي رافع (7)
جميعا، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه وأبي رافع (8) مولى النبي صلى الله عليه
وآله. قال أبو عبيدة: وحدثنيه سنان بن أبي سنان الديلي (9): أن هند بن
(1) أبو العباس أحمد
بن عبيدالله بن عمار الثقفي الكاتب المعروف بحمار عزير له مصنفات في مقاتل
الطالبيين، كان حيا على ما أرخ أبو المفضل الشيباني في سنة (321) ولكن في "
تاريخ بغداد " أرخ وفاته سنة (314) - والله العالم. (2) علي بن محمد بن
سليمان النوفلي: يروى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن العسكري عليهما السلام - جامع
الرواة ج 1 / 598. (3) ما وجدت له ترجمة في كتب التراجم. (4) يعقوب بن الفضل بن
عبد الرحمن الهاشمي اتهمه المهدي العباسي بالزندقة وحبسه ببغداد فلما مات المهدي
قتله الهادي سنة (169). (5) الزبير بن سعيد: بن سليمان بن سعيد بن نوفل بن الحارث
بن عبد المطلب الهاشمي المدني نزيل المدائن المتوفى بعد سنة (150). (6) أبو عبيدة:
سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر، وثقه يحيى بن معين، توفي بعد المائة ووالده محمد بن
عمار قتل بعد سنة (60). (7) عبيدالله بن أبي رافع: صحابي، كان من خواص أمير
المؤمنين عليه السلام وكاتبه وشهد معه الجمل والصفين والنهروان. (8) أبو رافع مولى
النبي صلى الله عليه وآله: اختلف في اسمه، قيل إبراهيم، وقيل: أسلم، أو ثابت، أو
هرمز، توفي حدود (36). (9) سنان بن أبي سنان الديلي المدني: توفي سنة (105) وله (82)
سنة، التقريب ج 1 ص 334.
[
140 ]
هند بن أبي هالة
الاسيدي حدثه، عن أبيه هند بن أبي هالة (1) - ربيب رسول الله صلى الله عليه وآله،
وأمه خديجة زوج النبي صلى الله عليه وآله وأخته لامه فاطمة صلوات الله عليها. قال
أبو عبيدة: وكان هؤلاء الثلاثة: هند بن أبي هالة، وأبو رافع، وعمار بن ياسر جميعا
يحدثون عن هجرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه إلى رسول الله صلى
الله عليه وآله بالمدينة، ومبيته قبل ذلك على فراشه. قال: وصدر هذا الحديث عن هند
بن أبي هالة، واقتصاصه عن الثلاثة: هند، وعمار، وأبي رافع، وقد دخل حديث بعضهم في
بعض. قالوا: كان الله عزوجل مما يمنع نبيه صلى الله عليه وآله بعمه أبي طالب عليه
السلام فما كان يخلص (2) إليه أمر يسوءه من قومه مدة حياته، فلما مات أبو طالب
عليه السلام نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وآله بغيتها (3)، وأصابته بعظيم
من الاذى حتى تركته لقى (4)، فقال صلى الله عليه وآله: لاسرع ما وجدنا فقدك يا عم،
وصلتك رحما، وجزيت خيرا يا عم. ثم ماتت خديجة بعد أبي طالب عليه السلام بشهر،
واجتمع بذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله حزنان، حتى عرف ذلك فيه.
(1) هند بن أبي هالة:
ربيب النبي صلى الله عليه وآله وأمه خديجة، قيل: استشهد يوم الجمل مع أمير
المؤمنين عليه السلام، وقيل: عاش بعد ذلك - التقريب ج 2 ص 322. (2) في البحار: فما
يخلص إليه. (3) البغية (بكسر الغين وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء المثناة
التحتانية أو سكون الغين مع فتح الباء أو ضمها): ما يرغب فيه ويطلب. (4) اللقى
(بفتح اللام والقاف): الشئ الملقى المطروح، قال في البحار في ذيل بيان الحديث: أصل
اللقى أنهم كانوا إذا طافوا خلعوا ثيابهم، وقالوا لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها
فيلقونها عنهم ويسمون ذلك الثوب لقى، فإذا قضوا مناسكهم لم يأخذوها وتركوها بحالها
ملقاة.
[
141 ]
قال هند: ثم انطلق
ذوو الطول والشرف من قريش إلى دار الندوة، ليرتأوا (1) ويأتمروا (2) في رسول الله
صلى الله عليه وآله وأسروا ذلك بينهم، فقال بعضهم: نبني له علما (3) ويترك برحا
(4) نستودعه فيه فلا يخلص من الصباة (5) فيه إليه أحد ولا يزال في رنق (6) من
العيش حتى يتضيفه ريب المنون (7)، وصاحب هذه المشورة العاص بن وائل، وأمية (8)
وأبي ابنا خلف. فقال قائل: كلا ما هذا لكم برأي (9)، ولئن صنعتم ذلك ليتنمرن الحدب
الحميم (10) والمولى الحليف، ثم ليأتين المواسم والاشهر الحرم بالامن، فلينتزعن من
أنشوطتكم (11) قولوا: قولكم. فقال عتبة، وشيبة (12) وشركهما أبو سفيان. قالوا:
فإنا نرى نرحل بعيرا صعبا ونوثق محمدا عليه كتافا وشدا ثم
(1) ارتأى الامر: نظر
فيه وتدبره. (2) ائتمروا بفلان: هموا به وأمر بعضهم بعضا بقتله. (3) العلم (بفتح
العين واللام): المنارة. (4) البرح (بفتح الباء وسكون الراء): الشدة والاذى - وفي
المصدر: نترك رخاء نستودعه فيه فلا يخلص من القتلة فيه إليه أحد، وفي البحار: نترك
فرجا نستودعه فيه فلا يخلص من الصباة فيه إليه أحد. (5) الصباة: جمع الصابي أي
الخارج من الدين، كانت العرب يسمون النبي صلى الله عليه وآله (العياذ بالله) صابئا
والمسلمين صباة لانهم خرجوا من دين قريش. (6) الرنق (بفتح الراء المهملة وسكون
النون): الكدورة. (7) تضيفه: أتاه ضيفا ونزل به، وريب المنون: صرف الدهر - وفي
المصدر: حتى يذوق طعم المنون. (8) أمية: بن خلف بن وهب بن حذاقة بن جمح كان من أشد
أعداء النبي صلى الله عليه وآله والمسلمين حتى صار هالكا في يوم بدر سنة (2). (9)
في المصدر: بئس الرأي ما رأيتم. (10) التنمر: الغضب، والحدب: العطوف، وفي المصدر:
لتستمعن هذا الحديث الحميم. (11) الانشوطة (بضم الهمزة والشين بينهما نون ساكنة):
العقدة التي يسهل انحلالها - وفي المصدر: فلينزعن من أنشوطتكم إلى خلاصه. (12) في
المصدر: قال عتبة وشركه أبو سفيان.
[
142 ]
نقصع (1) البعير
بأطراف الرماح، فيوشك أن يقطعه بين الدكادك (2) إربا إربا (3). فقال صاحب رأيهم:
إنكم لم تصنعوا بقولكم هذا شيئا، أرأيتم إن خلص به البعير سالما إلى بعض الافاريق
(4)، فأخذ بقلوبهم بسحره وبيانه وطلاقة لسانه فصبا القوم إليه، واستجابت القبائل
له قبيلة فقبيلة فليسيرن (5) حينئذ إليكم بالكتائب (6) والمقانب (7) فلتهلكن كما
هلكت إياد (8) ومن كان قبلكم. قولوا: قولكم. فقال له أبو جهل: لكني أرى لكم أن
تعمدوا إلى قبايلكم العشرة فتنتدبوا من كل قبيلة منها رجلا نجدا (9)، ثم تسلحوه
حساما عضبا، وتمهد الفتية حتى إذا غسق الليل وغور (10) بيتوا بابن أبي كبشة (11)
بياتا فيذهب دمه في قبايل قريش جميعا، فلا يستطيع بنو هاشم وبنو المطلب مناهضة (12)
قبايل قريش في صاحبهم فيرضون حينئذ بالعقل (13) منهم.
(1) نقصع: نضرب. (2)
الدكادك: جمع الدكدك كزبرج أي الارض التي فيها غلظ. (3) الارب (بكسر الهمزة وسكون
الراء): العضو. (4) الافاريق: جمع أفراق (بفتح الهمزة) وهو جمع فرق (بكسر الفاء
وسكون الراء) أي الطائفة من الناس كالفريق والفرقة. (5) في المصدر: فيسيرون. (6)
الكتائب: جمع الكتيبة وهي القطعة من الجيش أو الجماعة. (7) المقانب: جمع المقنب
(بكسر الميم وسكون القاف وفتح النون) أي الجماعة من الخيل تجتمع للغارة. (8) إياد
(بكسر الهمزة) قبيلة عربية من معد بن عدنان غلبت في حروب بينها وبين ربيعة ومضر.
(9) النجد (بفتح النون وكسر الجيم أو ضمها) الشجاع الماضي فيما يعجز غيره. (10)
غور: دخل. (11) ابن أبي كبشة: كان المشركون يعبرون عن النبي صلى الله عليه وآله
عنادا بابن أبي كبشة. (12) المناهضة: المقاومة. (13) العقل: الدية.
[
143 ]
فقال صاحب رأيهم:
أصبت يا أبا الحكم، ثم أقبل عليهم، فقال: هذا الرأي، فلا تعدلن به رأيا، وأوكئوا
(1) في ذلك أفواهكم حتى يستتب (2) أمركم، فخرج القوم عزين (3) وسبقهم بالوحي بما
كان من كيدهم جبرئيل عليه السلام، فتلا هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله:
(وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله
خير الماكرين) (4). فلما أخبره جبرئيل بأمر الله في ذلك ووحيه وما عزم له من
الهجرة دعا رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب صلوات الله عليه لوقته،
فقال له: يا علي إن الروح هبط على بهذه الآية آنفا، يخبرني أن قريش اجتمعت على
المكر بي وقتلي، وأنه أوحي إلي عن ربي (5) عزوجل أن أهجر دار قومي وأن انطلق إلى
غار ثور تحت ليلتي وأنه أمرني أن آمرك بالمبيت على ضجاعي ومضجعي (6) لتخفي بمبيتك
عليه أثري (7)، فما أنت قايل وصانع ؟ فقال علي عليه السلام: أو تسلمن بمبيتي هناك
يا نبي الله ؟ قال: نعم، فتبسم علي صلوات الله عليه ضاحكا، وأهوى إلى الارض ساجدا،
شكرا لما أنبأه (8) رسول الله صلى الله عليه وآله من سلامته وكان (9) علي صلوات
الله عليه أول من سجد لله شكرا، وأول من وضع وجهه على الارض بعد سجدته
(1) الايكاء: شد
القربة بالوكاء وهي في المقام كناية عن اخفاء الامر. (2) يستتب: يستقيم. (3) عزين:
جمع عزة (بكسر العين وفتح الزاء المخففة كعدة) وهي الحلقة المجتمعة من الناس
وأصلها عزوة فحذفت الواو وجمعت جمع السلامة بخلاف القياس. (4) الانفال: 30. (5) في
المصدر: وأنه أوحى إلي ربي. (6) في المصدر: على ضجاعي - أو قال: مضجعي. (7) في
المصدر: لتخفي عيبتك عليهم أمري. (8) في المصدر: لما بشره صلى الله عليه وآله
بسلامته. (9) في البحار: فكان علي عليه السلام.
[
144 ]
من هذه الامة بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله. فلما رفع رأسه قال له: امض بما أمرت، فداك سمعي
وبصري وسويداء قلبي، ومرني بما شئت أكن فيه كسيرتك (1) واقع بحيث مرادك، وإن
توفيقي إلا بالله. قال: وأن ألقى عليك شبه مني، أو قال: شبهي ؟ قال: إن يمنعني
نعم، قال: فأرقد على فراشي واشتمل ببردي الحضرمي. ثم إني أخبرك يا علي أن الله
تعالى يمتحن أوليائه على قدر إيمانهم ومنازلهم من دينه فأشد الناس بلاء الانبياء
ثم الاوصياء ثم الامثل فالامثل، وقد امتحنك يا ابن أمي (2) وامتحنني فيك بمثل ما
امتحن به خليله إبراهيم عليه السلام والذبيح إسماعيل عليه السلام فصبرا صبرا فإن
رحمة الله قريب من المحسنين. ثم ضمه النبي صلى الله عليه وآله إلى صدره وبكى إليه
وجدا به، وبكى علي عليه السلام جشعا لفراق رسول الله، واستتبع رسول الله أبا بكر
بن أبي قحافة، وهند بن أبي هالة، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه
إلى الغار ولبث رسول الله صلى الله عليه وآله بمكانه مع علي عليه السلام يوصيه
ويأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشائين. ثم خرج صلى الله عليه وآله في فحمة (3)
العشاء، والرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون أن ينتصف الليل وتنام الاعين فخرج
وهو يقرأ هذه الآية (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا
يبصرون) (4) وكان بيده قبضة من تراب، فرمى بها في رؤوسهم (5) فما شعر
(1) في البحار: أكن
فيه كمسرتك واقع - وفي المصدر: أكن فيه لمشيتك واقع منه بحيث مرادك وما توفيقي إلا
بالله. (2) في المصدر: وقد امتحنك يابن عم. (3) فحمة العشاء: إ قباله وإدباره. (4)
يس: 9. (5) في المصدر: وأخذ بيده قبضة من تراب فرمى بها على رؤوسهم.
[
145 ]
القوم به حتى
تجاوزهم، ومضى حتى أتى إلى هند وأبي بكر، فنهضا معه (1) حتى وصلوا إلى الغار. ثم
رجع هند إلى مكة بما أمره به رسول الله صلى الله عليه وآله ودخل رسول الله صلى
الله عليه وآله وأبو بكر إلى الغار (2) فلما خلق (3) الليل وانقطع الاثر أقبل
القوم على علي صلوات الله عليه قذفا بالحجارة والحلم (4) فلا يشكون أنه رسول الله
صلى الله عليه وآله حتى إذا برق الفجر، وأشفقوا أن يفضحهم الصبح، هجموا على علي،
وكانت دور مكة يومئذ سوائب (5) لا أبواب لها، فلما بصر بهم علي عليه السلام قد
انتضوا السيوف (6). وأقبلوا عليه بها، يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة، وثب به
علي عليه السلام فختله (7) وهمز يده (8)، فجعل خالد يقمص قماص
(1) في المصدر:
فأنهضهما فنهضا معه. (2) في المصدر: الغار. من دون حرف الجر. (3) في البحار بعد
ذكر الحديث: قوله: فلما خلق الليل، أي مضى كثير منه، كما أن الثوب يخلق بمضي
الزمان عليه. وفي المصدر: فلما غلق الليل أبوابه، وأسدل أستاره، وانقطع الاثر أقبل
القوم على علي عليه السلام يقذفونه بالحجارة، فلا يشكون. (4) الحلم (بفتح الحاء
واللام) جمع الحلمة وهي كما في " اللسان " نبات ينبت بنجد في الرمل، لها
زهر وورقها أخيشن عليه شوك كأنه أظافير الانسان. (5) السوائب: جمع السائبة أي
المهملة، والسائب المال الذي لا حفاظ عليه ومن ذلك قولهم: المال السائب يعلم الناس
الحرام، ويريدون بالحرام: السرقة. قال ابن الاثير في النهاية: قد تكرر في الحديث
ذكر السائبة والسوائب، كان الرجل إذا نذر لقدوم من سفر أو برء من مرض أو غير ذلك
قال: ناقتي سائبة، فلا تمنع من ماء ولا مرعى، ولا تحلب، ولا تركب، وكان إذا أعتق
عبدا فقال: هو سائبة فلا عقل بينهما، ولا ميراث، وأصله من تسييب الدواب وهو
إرسالها تذهب وتجئ حيث شاءت. (6) انتضوا السيوف: سلوها من غمدها. (7) ختلة: خدعة،
يقال: خاتل الصياد أي مشى قليلا قليلا لئلا يحس الصيد به، وفي بعض النسخ: خبله
(بالباء الموحدة) أي حبسه. (8) همز يده: غمزها وضغطها.
[
146 ]
البكر (1)، وإذا له
رغاء فابذعر (2) الصبح، وهم في عرج الدار (3) من خلفه، وشد عليهم علي عليه السلام
بسيفه يعني سيف خالد، فأجفلوا (4) أمامه إجفال النعم إلى ظاهر الدار وتبصروه، وإذا
هو علي عليه السلام قالوا: إنك لعلي ؟ قال: أنا علي قالوا: فإنا لم نردك فما فعل
صاحبك، قال: لا علم لي به. وقد كان علم، يعني عليا عليه السلام، أن الله تعالى قد
أنجى نبيه صلى الله عليه وآله بما كان أخبره من مضيه إلى الغار واختبائه فيه فأذكت
(5) قريش عليه العيون، وركبت في طلبه الصعب والذلول. وأمهل علي صلوات الله عليه،
حتى إذا أعتم (6) من الليلة القابلة، انطلق هو وهند بن أبي هالة حتى دخلا على رسول
الله صلى الله عليه وآله في الغار، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله هندا أن
يبتاع له ولصاحبه بعيرين. فقال أبو بكر: قد كنت أعددت لي ولك يا نبي الله راحلتين
نرتحلهما إلى يثرب، فقال: إني لا آخذهما ولا أحدهما إلا بالثمن، قال: فهي لك بذلك،
فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله عليا فأقبضه الثمن. ثم وصاه بحفظ ذمته وأداء
أمانته، فكانت قريش تدعو محمدا صلى الله عليه وآله في الجاهلية الامين، وكانت
تستودعه وتستحفظه أموالها وأمتعتها، وكذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم، وجاءته
النبوة والرسالة والامر كذلك.
(1) قمص البعير: وثب
ونفر، والبكر (بفتح الباء وسكون الكاف) الفتى من الابل. (2) في المصدر: فجعل خالد
يقمص قماص البكر، ويرغو رغاء الجمل، ويذعر ويصيح، وهو الصحيح، وأما كلمة ابذعر في
الكتاب بمعنى تفرق فلا معنى له. (3) عرج الدار: كما قال في البحار هو منعطف الدار
أو مصعدها وسلمها. (4) فأجفلوا: فأسرعوا. (5) فأذكت قريش عليه العيون: أرسلت عليه
الجواسيس. (6) اعتم: دخل في العتمة (بفتح العين): الثلث الاول من الليل، أو ظلمة
الليل مطلقا.
[
147 ]
فأمر عليا عليه
السلام أن يقيم صارخا يهتف بالابطح غدوة وعشيا: من (1) كان له قبل محمد صلى الله
عليه وآله أمانة أو وديعة فليأت فلنؤد إليه أمانته. قال: فقال صلى الله عليه وآله:
إنهم لن يصلوا من الآن إليك يا علي بأمر تكرهه حتى تقدم علي: فأد أمانتي على أعين
الناس ظاهرا، ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي، ومستخلف ربي عليكما، ومستحفظه
فيكما، فأمره أن يبتاع رواحل له، وللفواطم، ومن أزمع الهجرة (2) معه من بني هاشم.
قال أبو عبيدة: فقلت لعبيدالله، يعني ابن أبي رافع: أو كان رسول الله صلى الله
عليه وآله يجد ما ينفقه هكذا ؟ فقال: إني سألت أبي عما سألتني، وكان يحدث لي هذا
الحديث (3) فقال: وأين يذهب بك عن مال خديجة عليها السلام قال: إن رسول الله صلى
الله عليه وآله قال: ما نفعني قط ما نفعني مال خديجة (4) عليها السلام. وكان رسول
الله صلى الله عليه وآله يفك في مالها الغارم (5) والعاني ويحمل الكل، ويعطي في
النائبة، ويرفد (6) فقراء أصحابه إذ كان بمكة، ويحمل من أراد منهم الهجرة، معه (7)
وكانت قريش إذا رحلت عيرها في الرحلتين، يعني رحلة الشتاء والصيف، كانت طائفة من
العير لخديجة، وكانت أكثر قريش مالا، وكان صلى الله عليه وآله ينفق منه ما شاء في
حياتها ثم
(1) في المصدر: ألا من
كان. (2) أزمع الهجرة: ثبت عليها وأظهر فيها عزمه. (3) في المصدر: وكان يحدث بهذا
الحديث. (4) في المصدر: ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال خديجة. (5) الغارم:
المديون - والعاني: الاسير - والكل (بفتح الكاف وتشديد اللام): الضعيف، اليتيم
العيال. (6) رفده يرفده (بفتح الفاء في الماضي وكسرها في المضارع) أعطاه، أعانه.
(7) ليس في المصدر ولا في البحار لفظ " معه ". (*)
[
148 ]
ورثها هو وولدها (1).
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام وهو يوصيه: وإذا أبرمت
(2) ما أمرتك من أمر، فكن على أهبة (3) الهجرة إلى الله ورسوله، وسر إلي لقدوم
كتابي إليك ولا تلبث (4). وانطلق رسول الله صلى الله عليه وآله لوجهه يؤم المدينة،
وكان مقامه في الغار ثلثا، ومبيت علي عليه السلام على الفراش أول ليلة. قال
عبيدالله بن أبي رافع: وقد قال علي بن أبي طالب عليه السلام يذكر مبيته (5) على
الفراش ومقام رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار: وقيت بنفس خير من وطئ الحصا
* ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر محمد لما خاف أن يمكروا به * فوقاه ربي ذو الجلال
من المكر وبت أراعيهم متى يأسرونني (6) * وقد وطنت (7) نفسي على القتل والاسر (8)
وبات رسول الله في الغار آمنا * هناك وفي حفظ الاله وفي ستر أقام ثلثا ثم زمت (9)
قلائص (10) * قلائص يفرين الحصا أينما يفري (11) ولما ورد رسول الله صلى الله عليه
وآله المدينة نزل في بني عمرو بن عوف
(1) في المصدر: ثم
ورثها هو وولدها بعد مماتها. (2) في المصدر: وإذا قضيت. (3) الاهبة (بضم الهمزة
وسكون الهاء): العدة. (4) في المصدر: وانتظر قدوم كتابي إليك ولا تلبث بعده. (5)
في المصدر: وقد قال علي بن أبي طالب عليه السلام شعرا يذكر. (6) في المصدر: متى
ينشرونني. (7) في المصدر: وقد وطئت. (8) في تعليقات البحار: وفي بعض الروايات مكان
البيت الثاني والثالث هكذا: رسول اله خاف أن يمكروا به * فنجاه ذو الطول الاله من
المكر وبت أراعيهم وما يثبتونني * فقد وطنت نفسي على القتل والاسر (9) زمت الجمال:
جعل الخطام في عنقها والخطام حبل يجعل في عنق البعير ويثنى في مقدم أنفه. (10)
القلائص: جمع القلوص كعروس وهي الانثى الشابة من الابل الطويلة القوائم. (11) يفري
الارض: يسريها ويقطعها.
[
149 ]
بقباء، فأراده أبو
بكر على دخوله المدينة، وألاصه (1) في ذلك، فقال: ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن عمي
وابنتي (2) يعني عليا وفاطمة. قالا: قال أبو اليقظان (3) فحدثنا رسول الله صلى
الله عليه وآله، ونحن معه بقبا، عما أرادت قريش من المكر به، ومبيت علي عليه
السلام على فراشه، قال: أوحى الله عزوجل إلى جبرائيل وميكائيل عليهما السلام أني
قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه، فأيكما يؤثر أخاه ؟ وكلاهما كرها
الموت، فأوحى الله إليهما عبداي ألا كنتما مثل وليي علي آخيت بينه وبين محمد نبيي،
فآثره بالحياة على نفسه ؟ ثم ظل، أو قال: رقد على فراشه يقيه بنفسه (4) إهبطا إلى
الارض جميعا (5) فاحفظاه من عدوه. فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه، وميكائيل عند رجليه،
وجعل جبرئيل يقول: بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب ؟ ! والله عزوجل يباهي بك
الملائكة. قال: فأنزل الله عزوجل في علي عليه السلام وما كان من مبيته على فراش
رسول الله صلى الله عليه وآله (6) (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله
والله رؤف بالعباد) (7). قال أبو عبيدة: قال أبي: وابن أبي رافع: ثم كتب رسول الله
صلى الله عليه وآله إلى علي بن أبي طالب عليه السلام كتابا يأمره بالمسير إليه،
وقلة التلوم (8) وكان الرسول إليه أبا واقد الليثي (9) فلما أتاه كتاب رسول الله
صلى الله
(1) ألاصه على الشئ:
أداره عليه وأراد منه. (2) في البحار: حتى يقدم ابن أمي وأخي وابنتي. الخ وإنما
قال لعلي عليه السلام: ابن أمي لان فاطمة بنت أسد رضي الله عنها كانت مربية له صلى
الله عليه وآله. (3) أبو اليقظان: كنية عمار بن ياسر رضوان الله عليه. (4) في
المصدر: يفديه بمهجته. (5) في المصدر: اهبطا إلى الارض كلاكما. (6) عبارة: "
وما كان... رسول الله " ليس في المصدر. (7) البقرة: 207. (8) التلوم:
الانتظار والتمكث. (9) الحارث بن عوف أبو واقد الليثي المدني، وقيل: اسمه الحارث
بن مالك توفي سنة (68).
[
150 ]
عليه وآله تهيأ
للخروج والهجرة، فآذن من كان معه من ضعفاء المؤمنين، فأمرهم أن يتسللوا ويتخففوا
إذا ملا الليل بطن كل واد إلى ذي طوى، وخرج علي بفاطمة بنت رسول الله صلى الله
عليه وآله، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، وقد
قيل: هي ضباعة (1) وتبعهم أيمن (2) بن أم أيمن مولى رسول الله صلى الله عليه وآله،
وأبو واقد رسول رسول الله صلى الله عليه وآله فجعل يسوق بالرواحل فاعنف بهم. فقال
علي عليه السلام: إرفق بالنسوة أبا واقد، إنهن من الضعائف، قال: إني أخاف أن
يدركنا الطالب، أو قال: الطلب، فقال علي عليه السلام أربع عليك (3) فإن رسول الله
صلى الله عليه وآله قال لي: يا علي إنهم لن يصلوا من الآن بأمر تكرهه. ثم جعل -
يعني عليا عليه السلام - يسوق بهن سوقا رفيقا وهو يرتجز ويقول: ليس إلا الله فارفع
ظنكا * يكفيك رب الناس ما أهمكا (4) وسار فلما شارف ضجنان (5) أدركه الطلب سبع
فوارس من قريش مستلئمين (6) وثامنهم مولى الحرب بن أمية (7) يدعى جناحا، فأقبل علي
(1) ضباعة بنت الزبير
بن عبد المطلب، زوجة المقداد بن الاسود، روت عن النبي صلى الله عليه وآله أحد عشر
حديثا. (2) أيمن بن أم أيمن: هو أيمن بن عبيد بن عمرو بن بلال الانصاري الخزرجي
الحبشي صحابي، أمه حاضنة النبي صلى الله عليه وآله وأخوه لامه أسامة بن زيد. (3)
اربع عليك: توقف. (4) في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام ص 88: لا
شئ إلا الله فارفع همكا * يكفيك رب الناس ما أهمكا (5) ضجنان (بالتحريك): جبل
بناحية تهامة، قال الواقدي: بين ضجنان ومكة خمسة وعشرون ميلا. (6) مستلئمين:
اللابسين اللامة وهي الدروع. (7) الحرب بن أمية: بن عبد شمس جد معاوية، تزعم العرب
أن الجن قتلته سنة (36) قبل الهجرة.
[
151 ]
عليه السلام على أيمن
وأبي واقد وقد تراءى القوم فقال لهم: أنيخا الابل وأعقلاها، وتقدم حتى أنزل النسوة
ودنا القوم، فاستقبلهم علي عليه السلام منتضيا سيفه، فأقبلوا عليه فقالوا: ظننت
أنك يا غدار ناج بالنسوة، إرجع لا أبا لك، قال: فإن لم أفعل ؟ قالوا: لترجعن
راغما، أو لنرجعن بأكبرك سعرا (1) وأهون بك من هالك. ودنا الفوارس من النسوة
والمطايا ليثوروها، فحال علي عليه السلام بينهم وبينها، فأهوى إليه جناح بسيفه،
فراغ (2) علي عليه السلام عن ضربته، وتختله (3) علي عليه السلام فضربه على عاتقه،
فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاثبة (4) فرسه. وكان علي عليه السلام يشتد على قدميه
شد الفرس أو الفارس على فرسه، فشد عليهم بسيفه وهو يقول: خلوا سبيل الجاهد المجاهد
* آليت لا أعبد غير الواحد فتصدع القوم عنه فقالوا له: أغن عنا نفسك يا ابن أبي
طالب، قال: فإني منطلق إلى ابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله بيثرب فمن سره أن
أفري (5) لحمه، أو أهريق دمه فليتبعني أو فليدن مني. ثم أقبل على صاحبيه أيمن وأبي
واقد، فقال لهما: أطلقا مطاياكما، ثم سار ظاهرا قاهرا حتى نزل ضجنان فتلوم بها (6)
قدر يومه وليلته، ولحق به نفر من المؤمنين المستضعفين (7) وفيهم أم أيمن (8) مولاة
رسول الله صلى الله عليه
(1) في المصدر: بأكثرك
شعرا. (2) فراغ: فمال وحاد. (3) تختله: قال في البحار: لعل المراد هنا أنه أخذ
السيف من يده. (4) الكاثبة من الفرس: أعلى الظهر. (5) أفري: أقطع وأشق. (6) في
المصدر: فلبث بها. (7) في المصدر والبحار: ولحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين.
(8) أم أيمن: حاضنة النبي صلى الله عليه وآله، وقيل: اسمها بركة، وهي والدة أسامة
بن =
[
152 ]
وآله فصلى ليلته تلك
هو والفواطم: أمه فاطمة بنت أسد رضي الله عنها، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله
عليه وآله، وفاطمة بنت الزبير يصلون ليلتهم، ويذكرون قياما وقعودا وعلى جنوبهم (1)
فلم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فصلى عليه السلام بهم صلاة الفجر. ثم سار لوجهه،
فجعل وهم يصنعون ذلك منزلا بعد منزل يعبدون الله عزوجل ويرغبون إليه كذلك حتى قدم
المدينة (2). وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم. (الذين يذكرون الله
قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا)
إلى قوله تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) (3)
الذكر علي عليه السلام، والانثى فاطمة (4) عليها السلام (بعضكم من بعض) يقول: علي
من فاطمة أو قال: الفواطم، وهن من علي (5) (فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم
وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيأتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها
الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب) (6). وتلا صلى الله عليه وآله:
(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات
= زيد، توفيت في خلافة
عثمان. (1) في المصدر: هو والفواطم طورا يصلون، وطورا يذكرون الله قياما.. الخ وقد
سقط تفسير الفواطم عن المصدر - وفي البحار: يصلون لله ليلتهم ويذكرونه قياما
وقعودا وعلى جنوبهم، فلن يزالوا كذلك.. الخ. (2) في المصدر: ثم سار لوجهه يجوب
منزلا بعد منزل لا يفتر عن ذكر الله، والفواطم كذلك وغيرهم ممن صحبه حتى قدموا
المدينة. (3) آل عمران: 191 - 195. (4) في نسخة كررت فاطمة ثلاثا - وفي المصدر:
الذكر علي، والانثى الفواطم المتقدم ذكرهن، وهن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه
وآله، وفاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت الزبير. (5) المصدر خال عن قوله: أو قال:
الفواطم وهن من علي. (6) آل عمران: 195.
[
153 ]
الله والله رؤف
بالعباد) (1) قال: وقال له: يا علي أنت أول هذه الامة إيمانا بالله ورسوله، وأولهم
هجرة إلى الله ورسوله، وآخرهم عهدا برسوله، لا يحبك والذي نفسي بيده إلا مؤمن قد
امتحن الله قلبه للايمان، ولا يبغضك إلا منافق أو كافر (2).
(1) البقرة: 207. (2)
أمالي الطوسي ج 2 / 78 - 86 - وعنه البحار ج 19 / 57 - 67 ح 18 والبرهان ج 2 / 74
ح 2. تأتي قطعة منه في الباب 12 من المنهج الثاني ح 7.
[
155 ]
1 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر،
عن إبراهيم بن محمد الاشعري (1)، عن عبيد بن زرارة (2)، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: لما توفي أبو طالب عليه السلام نزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله
صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد أخرج من مكة، فليس لك فيها ناصر، وثارت قريش
بالنبي صلى الله عليه وآله، فخرج هاربا حتى جاء إلى جبل بمكة يقال الحجون (3) فصار
إليه (4). 2 - عنه، عن حميد بن زياد، عن محمد بن أيوب، عن علي بن أسباط (5)، عن
الحكم بن مسكين (6)، عن يوسف بن صهيب (7)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول: إن رسول الله
(1) إبراهيم بن محمد
الاشعري: القمي وثقه النجاشي وتبعه الآخرون في توثيقه روى عن موسى والرضا عليهما
سلام الله. (2) عبيد بن زرارة: بن أعين الشيباني الكوفي الراوي عن الصادق عليه
السلام ووثقوه مرتين (3) الحجون (بفتح الحاء وضم الجيم): الجبل المشرف مما يلي شعب
الجزارين بمكة المكرمة. (4) الكافي ج 1 / 449 ح 31 - وعنه البحار ج 19 / 14 ح 6.
(5) علي بن أسباط: بن سالم الكندي الكوفي أبو الحسن المقرئ الراوي عن الرضا عليه
السلام. (6) الحكم بن مسكين: أبو محمد الكوفي الراوي عن الصادق عليه السلام، كان
مكفوفا. (7) يوسف بن صهيب: الكندي الكوفي روي عن الصادق عليه السلام.
[
156 ]
صلى الله عليه وآله
أقبل يقول لابي بكر في الغار: أسكن فإن الله معنا، وقد أخذته الرعدة وهو لا يسكن.
فلما رآى رسول الله صلى الله عليه وآله حاله، قال: تريد أن أريك أصحابي من الانصار
في مجالسهم يتحدثون وأريك جعفرا وأصحابه في البحر يغوصون ؟ قال: نعم، فمسح رسول
الله بيده على وجهه، فنظر إلى الانصار يتحدثون، ونظر إلى جعفر رضي الله عنه
وأصحابه في البحر يغوصون فأضمر تلك الساعة أنه ساحر (1). 3 - وعنه، عن علي بن
إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار (2)، عن أبي عبد الله عليه
السلام، أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما خرج من الغار متوجها إلى المدينة،
وقد كانت قريش جعلت لمن أخذه مائة من الابل، فخرج سراقة بن مالك بن جعشم فيمن
يطلب، فلحق برسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" اللهم اكفني شر سراقة بما شئت "، فساخت قوائم فرسه فثنى رجله ثم اشتد،
فقال: يا محمد إني علمت أن الذي أصاب قوائم فرسي إنما هو من قبلك، فادع الله أن
يطلق لي فرسي، فلعمري إن لم يصبكم مني خير لم يصبكم مني شر. فدعا رسول الله صلى
الله عليه وآله، فأطلق الله عزوجل فرسه، فعاد في طلب رسول الله صلى الله عليه
وآله، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، كل ذلك يدعو رسول الله صلى الله عليه وآله فتأخذ
الارض قوائم فرسه. فلما أطلقت في الثالثة، قال: يا محمد هذه إبلي بين يديك فيها
غلامي،
(1) الكافي ج 8 / 262
ح 377 - وعنه البحار: 19 / 88 ح 40. (2) معاوية بن عمار بن أبي معاوية خباب العجلي
الدهني أبو القاسم الكوفي مولى بني دهن وهو حي من بجيلة، وكان يبيع السابري، وكان
وجها من أصحابنا متقدما كبير الشأن، عظيم المحل ثقة، وقال الكشي: عاش معاوية بن
عمار مائة وخمسا وسبعين سنة - قال السيد التفرشي: هذا بعيد جدا أن يكون في زمان
النبي صلى الله عليه وآله والائمة إلى الصادق والكاظم عليهم السلام ولم ينقل إلا
عن الصادق والكاظم عليهما السلام، ويمكن أن يكون هذا من أغلاط نسخ الكشي كما قال
النجاشي والعلامة، ولعل هذا تاريخ وفاته - جامع الرواة للاردبيلي ج 2 / 239
[
157 ]
وإن احتجت إلى ظهر أو
لبن فخذ منه، وهذا سهم كنانتي علامة، وأنا أرجع فأرد عنك الطلب، فقال لا حاجة لنا
فيما عندك (1). 4 - قال الزمخشري (2) في " ربيع الابرار ": قال سراقة بن
مالك بن جعشم الكناني (3) الذي تبع رسول الله صلى الله عليه وآله في مهاجره فرسخت
قوائم فرسه في الارض، فدعا له فتخلص يخاطب أبا جهل: أبا حكم والله لو كنت شاهدا *
لامر جوادي إن تسوخ قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا * رسول ببرهان فمن ذا يقاربه
وقال الزمخشري: كان عكرمة بن أبي جهل (4) إذا نشر المصحف غشي عليه ويقول: هذا كلام
ربي. 5 - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن
محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة (5)، عن سعيد بن المسيب (6)، قال: سألت علي
بن الحسين عليه السلام ابن كم كان علي بن أبي طالب عليه السلام يوم أسلم ؟ فقال:
أو كان كافرا قط ؟ إنما كان لعلي عليه السلام حيث بعث الله عزوجل رسوله صلى الله
عليه وآله عشر سنين، ولم يكن يومئذ كافرا. ولقد آمن بالله تبارك وتعالى ورسوله صلى
الله عليه وآله، وسبق
(1) الكافي ج 8 / 263
ح 378 - وعنه البحار ج 19 / 88 ح 41. (2) الزمخشري: أبو القاسم محمود بن عمر
النحوي الاديب المعتزلي المتوفى (538) وزمخشر (بفتح الزاي والميم والشين وسكون
الخاء) قرية من قرى خوارزم. (3) سراقة بن مالك بن جعشم (بضم الجيم وسكون العين
والشين المضمومة) صحابي من مسلمة الفتح مات في سنة (44) - وقيل: بعدها. (4) عكرمة
بن أبي جهل من هشام المخزومي، صحابي أسلم يوم الفتح، وقتل بالشام في خلافة أبي
بكر. (5) أبو حمزة: ثابت بن دينار الثمالي الكوفي لقى السجاد والباقر والصادق
والكاظم عليهم السلام وروى عنهم وكان من خيار الامامية، توفي سنة (150). (6) سعيد
بن المسيب: بن حزن بن أبي وهب التابعي المتوفى سنة (94) أو بعدها.
[
158 ]
الناس كلهم إلى
الايمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وآله، وإلى الصلاة ثلاث سنين، وكانت أول صلاة
صلاها مع رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر ركعتين، وكذلك فرضها الله تبارك
وتعالى على من أسلم بمكة ركعتين ركعتين، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصليها
بمكة ركعتين، ويصليها علي عليه السلام معه بمكة ركعتين مدة عشر سنين، حتى هاجر
رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وخلف عليا عليه السلام في أمور لم يكن
يقوم بها أحد غيره. وكان خروج رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة في أول يوم من
ربيع الاول، وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث، وقدم المدينة لاثنتي
عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول مع زوال الشمس، فنزل بقباء فصلى الظهر ركعتين،
والعصر ركعتين. ثم لم يزل مقيما ينتظر عليا عليه السلام يصلي الخمس صلوات ركعتين
ركعتين، وكان نازلا على عمرو بن عوف (1) فأقام عندهم بضعة عشر يوما، يقولون له:
أما تقيم عندنا فنتخذ لك منزلا ومسجدا ؟ فيقول: لا، إني أنتظر علي بن أبي طالب وقد
أمرته أن يلحقني، ولست مستوطنا منزلا حتى يقدم علي، وما أسرعه إن شاء الله. فقدم
علي عليه السلام والنبي صلى الله عليه وآله في بيت عمرو بن عوف فنزل معه، ثم إن رسول
الله صلى الله عليه وآله لما قدم علي عليه السلام من قبا إلى بني سالم بن عوف،
وعلي عليه السلام معه يوم الجمعة مع طلوع الشمس، فخط لهم مسجدا، ونصب قبلته فصلى
بهم الجمعة ركعتين، وخطب خطبتين. ثم راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان
قدم عليها وعلي عليه السلام معه لا يفارقه يمشي بمشيه.
(1) عمرو بن عوف
الانصاري: حليف بني عامر بن لوى، صحابي بدري، توفي في خلافة عمر.
[
159 ]
وليس يمر رسول الله
صلى الله عليه وآله ببطن من بطون الانصار إلا قاموا إليه، يسألونه أن ينزل عليهم
فيقول لهم: خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة، فانطلقت به ورسول الله صلى الله عليه
وآله واضع لها زمامها حتى إذا انتهت إلى الموضع الذي ترى، وأشار بيده إلى باب مسجد
رسول الله صلى الله عليه وآله الذي يصلي عنده بالجنائز، فوقفت عنده وبركت ووضعت
جرانها (1) على الارض، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وأقبل أبو أيوب مبادرا
حتى احتمل رحله، فأدخله منزله، ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه
السلام معه حتى بنى له مسجده، وبنيت له مساكنه ومنزل علي عليه السلام فتحولا إلى
منازلهما. فقال سعيد بن المسيب لعلي بن الحسين عليه السلام: جعلت فداك كان أبو بكر
مع رسول الله صلى الله عليه وآله حين أقبل إلى المدينة فأين فارقه ؟ فقال: إن أبا
بكر لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قبا فنزل بهم ينتظر قدوم علي عليه
السلام، فقال له أبو بكر: انهض بنا إلى المدينة فإن القوم قد فرحوا بقدومك، وهم
يستريثون (2) إقبالك إليهم، فانطلق بنا ولا تقم بنا ههنا تنتظر قدوم علي، فما أظنه
يقدم عليك إلى شهر. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله كلا ما أسرعه، ولست أريم
(3) حتى يقدم ابن عمي وأخي في الله عزوجل، واحب أهل بيتي إلي، فقد وقاني بنفسه من
المشركين، قال: فغضب عند ذلك أبو بكر واشمأز، وداخله من ذلك حسد لعلي عليه السلام،
وكان أول عداوة بدت منه لرسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام، وأول
خلاف على رسول الله صلى الله عليه وآله، فانطلق حتى دخل المدينة وتخلف رسول الله
صلى الله عليه وآله بقبا ينتظر قدوم علي عليه السلام.
(1) جران البعير (بكسر
الجيم) مقدم عنقه. (2) يستريثون: يستبطؤن. (3) أريم: أفارق.
[
160 ]
قال فقلت لعلي بن
الحسين عليه السلام: متى زوج رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام من
علي عليه السلام ؟ فقال عليه السلام: في المدينة بعد الهجرة بسنة، وكان لها يومئذ
تسع سنين. قال علي بن الحسين عليه السلام: ولم يولد لرسول الله صلى الله عليه وآله
من خديجة عليها السلام على فطرة الاسلام إلا فاطمة عليها السلام وقد كانت خديجة
عليها السلام ماتت قبل الهجرة بسنة، ومات أبو طالب رضي الله عنه بعد موت خديجة
عليها السلام بسنة، فلما فقدهما رسول الله صلى الله عليه وآله سئم المقام بمكة،
ودخله حزن شديد، وأشفق على نفسه من كفار قريش، فشكا إلى جبرئيل عليه السلام ذلك،
فأوحى الله عزوجل إليه: أخرج من القرية الظالم أهلها، وهاجر إلى المدينة، فليس لك
اليوم بمكة ناصر، وانصب للمشركين حربا فعند ذلك توجه رسول الله صلى الله عليه وآله
المدينة.. فقلت له: فمتى فرضت الصلاة على المسلمين على ماهم عليه اليوم ؟ فقال:
بالمدينة حين ظهرت الدعوة، وقوي الاسلام، وكتب الله عزوجل على المسلمين الجهاد،
زاد رسول الله صلى الله عليه وآله في الصلاة سبع ركعات: في الظهر ركعتين، وفي
العصر ركعتين، وفي المغرب ركعة، وفي العشاء الآخرة ركعتين، وأقر الفجر على ما فرض:
لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء، ولتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء، وكان
ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الفجر، فلذلك
قال الله عزوجل: (إن قرآن الفجر كان مشهودا) (1) يشهده المسلمون وتشهده ملائكة
النهار وملائكة الليل (2). الشيخ المفيد (3) في كتاب " الاختصاص " عن
إبراهيم بن محمد
(1) الاسراء: 78. (2)
الكافي ج 8 / 338 - 341 ح 536 - وعنه البحار ج 19 / 115 - 117. (3) الشيخ المفيد:
محمد بن محمد بن النعمان من أجل مشايخ الشيعة توفي ببغداد سنة (413)، ودفن في داره
سنين، ثم نقل إلى مقابر قريش بالقرب من الامامين الهمامين عليهما السلام.
[
161 ]
الثقفي، عن عمرو بن
سعيد الثقفي (1)، عن يحيى بن الحسن بن فرات، عن يحيى بن المساور (2)، عن أبي
الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: لما صعد رسول الله صلى
الله عليه وآله الغار طلبه علي بن أبي طالب عليه السلام، وخشي أن يغتاله المشركون:
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله على حرى وعلي عليه السلام على ثبير (3) فبصر به
النبي صلى الله عليه وآله فقال: مالك يا علي ؟ فقال: بأبي أنت وأمي خشيت أن يغتالك
المشركون فطلبتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ناولني يدك يا علي فرجف (4)
الجبل حتى تخطى برجله إلى الجبل الآخر، ثم رجع الجبل إلى قراره (5). 7 - السيد
الرضي (6) في " الخصائص " باسناد مرفوع قال: قال ابن الكواء (7) لامير
المؤمنين عليه السلام: أين كنت حيث ذكر الله نبيه، وأبا بكر: (ثاني اثنين إذ هما
في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) (8) ؟ فقال أمير المؤمنين عليه
السلام: ويلك يا ابن الكواء كنت على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وقد طرح
على ريطته (9)، فأقبلت قريش مع
(1) عمرو بن سعيد بن
هلال الثقفي الكوفي كان من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام. (2) يحيى بن
المساور: ابن أبي مساور أبو زكريا الكوفي من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام.
(3) ثبير (بفتح الثاء المثلثة): جبل بمكة. (4) رجف: تحرك، وفي البحار: فزحف
(بالزاي المعجمة والحاء المهملة) أي مشى قدما. (5) الاختصاص: 324 - وعنه تفسير
البرهان ج 2 / 127 ح 9 والبحار ج 19 / 70 ح 21 عنه وعن بصائر الدرجات 407 ح 9. (6)
السيد الرضي محمد بن الحسين الموسوي نقيب العلويين ببغداد أخ السيد المرتضى كان
أديبا فاضلا وشاعرا بارعا وعالما ورعا مؤلف " نهج البلاغة " ولد سنة
(359) وتوفي في السادس من المحرم سنة (306) ببغداد. (7) ابن الكواء: عبد الله بن
عمرو من بني يشكر، كان من رجال أمير المؤمنين عليه السلام ثم انحرف وصار من
الخوارج. (8) التوبة: 40. (9) الريطة (بفتح الراء وسكون الياء): الملاءة إذا كانت
قطعة واحدة شبيه الملحفة.
[
162 ]
كل رجل منهم هراوة
(1) فيها شوكها، فلم يبصروا رسول الله صلى الله عليه وآله حيث خرج، فأقبلوا علي
يضربونني بما في أيديهم، حتى تنفض (2) جسدي وصار مثل البيض، ثم انطلقوا بي يريدون
قتلي، فقال بعضهم: لا تقتلوه الليلة ولكن أخروه واطلبوا محمدا. قال: فأوثقوني
بالحديد، وجعلوني في بيت، واستوثقوا مني ومن الباب بقفل، فبينا أنا كذلك إذ سمعت
صوتا من جانب البيت يقول: يا علي، فسكن الوجع الذي كنت أجده - وذهب الورم الذي كان
في جسدي، ثم سمعت صوتا آخر يقول: يا علي، فإذا الحديد في رجلي قد تقطع، ثم سمعت
صوتا آخر يقول: يا علي، فإذا الباب قد تساقط ما عليه، وفتح، فقمت وخرجت، وقد كانوا
جاؤوا بعجوز كمهاء، لا تبصر ولا تنام تحرس الباب، فخرجت عليها وهي لا تعقل من
النوم (3).
(1) الهراوة (بكسر
الهاء) العصا الضخمة، والشوك: السلاح. (2) في المصدر والبحار: تنفط - يقال: تنفط
الجسم: قرح أو تجمع فيه بين الجلد واللحم ماء بسبب العمل. (3) الخصائص: 58 - وعنه
البحار ج 36 / 43 ح 8 والبرهان ج 1 / 126 ح 6 وأخرجه في البحار ج 19 / 76 ح 27 عن
الخرايج مختصرا.
[
163 ]
1 - الشيخ في " أماليه " قال: أخبرنا أحمد بن
محمد بن الصلت (1)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة (2)، قال: أخبرنا
أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن فتني قراءة، قال: حدثنا محمد بن عيسى العبيدي، قال:
حدثنا مولى علي بن موسى عن جده (3)، عن علي عليه السلام أنهم قالوا: يا علي صف لنا
نبينا صلى الله عليه وآله كأننا نراه فإنا مشتاقون إليه. قال: كان نبي الله صلى
الله عليه وآله أبيض اللون، مشربا حمرة، أدعج (4) العين، سبط (5) الشعر كث اللحية
(6)، ذا وفرة (7)، دقيق
(1) أحمد بن محمد بن
الصلت الاهوازي من شيوخ الشيخ الطوسي، ولد سنة (317) وتوفي سنة (409). (2) أحمد بن
محمد بن سعيد بن عقدة الهمداني الكوفي أبو العباس، كان زيديا جاروديا، وأمره في
الثقة والجلالة والحفظ أشهر من أن يذكر، ولد سنة (249) وتوفي سنة (333) ه. (3) في
المصدر: حدثنا مولى علي بن موسى، عن علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه،
عن جده عليهم السلام. (4) الدعج: شدة سواد العينين مع سعتهما. (5) سبط الشعر:
(بسكون الباء أو كسرها) المسترسل. (6) كث اللحية (بفتح الكاف وتشديد الثاء
المثلثة): الكثيف أي المجتمع المجعد من غير طول. (7) الوفرة: الشعر الذي يبلغ شحمة
الاذن.
[
164 ]
المسربة (1)، كأن
عنقه ابريق فضة، يجري في تراقيه (2) الذهب، له شعر من لبته (3) إلى سرته، كقضيب
خيط إلى السرة، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره. شثن (4) الكفين والقدمين، شثن
الكعبين، إذا مشى كأنما يتقلع (5) من الصخر، إذا أقبل كأنما ينحدر من صبب (6)، إذا
التفت التفت جميعا (7) بأجمعه كله، ليس بالقصير المتردد (8)، ولا بالطويل الممغط
(9)، وكان في الوجه تدوير، إذا كان في الناس غمرهم (10)، كأنما عرقه في وجهه
اللؤلؤ، عرقه أطيب من ريح المسك، ليس بالعاجز ولا باللئيم. أكرم الناس عشرة،
وألينهم عريكة (11)، وأجودهم كفا، من خالطه بمعرفة أحبه، من رآه بديهة هابه، عزه
(12) بين عينيه، يقول باغته (13): لم أر
(1) المسربة (بفتح
الميم وسكون السين المهملة وضم الراء أو فتحها): الشعر وسط الصدر إلى البطن. (2)
التراقي: جمع الترقوة (بفتح التاء وضم القاف) وهو مقدم الحلق في أعلى الصدر. (3)
اللبة (بفتح اللام والباء المشددة): المنحر. (4) شثن الكفين: خشن الكفين، والعرب
تمدح الرجال بخشونة الكف والنساء بنعومتها وقال الجزري: شثن الكفين أي أنهما
يميلان إلى الغلظ والقصر، وقيل: هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر، ويحمد ذلك في
الرجال. (5) يتقلع: قال الجزري: أراد قوة مشيه كأنه يرفع رجليه من الارض رفعا قويا
لا كالمختال. (6) الانحدار من صبب والتقلع من الارض قريب بعضه من بعض، أراد أنه
يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحال استعجال ومبادرة شديدة. (7) قال المجلسي
قدس سره: قوله: وإذا التفت التفت جميعا، قال الجزري: أراد أنه لا يسارق النظر،
وقيل: أراد أنه لا يلوي عنقه يمنة ويسرة إذا نظر إلى الشئ. (8) المتردد: قال
الجزري: أي المتناهي في القصر. (9) الممغط (بضم الميم الاولى وفتح الغين المشددة):
المتناهي في الطول. (10) غمرهم: قال الجزري: أي كان فوق كل من كان معه. (11)
العريكة: الطبيعة، يقال: لين العريكة أي سلس الخلق. (12) عزه بين عينيه: قال في
البحار: أي يظهر العز في وجهه أولا قبل أن يعرف. (13) يقول باغته: أي من رآه بغتة،
وفي المصدر: ناعته أي الذي يصفه صلى الله عليه وآله.
[
165 ]
قبله ولا بعده مثله،
صلى الله عليه وآله (1). 2 - محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا (2) عن أحمد بن
محمد (3)، عن علي بن سيف (4)، عن عمرو بن شمر (5)، عن جابر (6) قال: قلت لابي جعفر
عليه السلام: صف لي نبي الله صلى الله عليه وآله، قال: كأن نبي الله صلى الله عليه
وآله أبيض مشرب حمرة، أدعج العينين، مقرون الحاجبين، شثن الاطراف (7)، كأن الذهب
أفرغ على براثنه (8)، عظيم مشاشة (9) المنكبين، إذا التفت يلتفت جميعا من شدة
استرساله، سربته (10) سائلة من لبته (11) إلى سرته كأنها وسط الفضة المصفاة، وكأن
عنقه إلى كاهله (12) إبريق فضة، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء، وإذا مشى تكفأ
(13) كأنه ينزل في صبب، لم ير مثل نبي الله صلى الله عليه وآله قبله ولا بعده صلى
الله عليه وآله (14).
(1) أمالي الطوسي ج 1
/ 350 - وعنه البحار ج 16 / 147 ح 3. (2) عدة من أصحابنا: المراد بهم محمد بن يحيى
العطار - وعلي بن موسى الكمنداني، وداود بن كورة، وأحمد بن إدريس، وعلي بن إبراهيم
بن هاشم. (3) أحمد بن محمد: بن عيسى الاشعري القمي الذي ذكر سابقا بقرينة روايته
عن علي بن سيف. (4) علي بن سيف: بن عميرة النخعي الكوفي أبو الحسن الراوي عن الرضا
عليه السلام. (5) عمرو بن شمر: بن يزيد الجعفي الكوفي الراوي عن الصادق عليه
السلام وعن جابر الجعفي ضعفه أرباب الرجال. (6) جابر: هو ابن يزيد الجعفي التابعي
المتوفى سنة (128)، قال ابن الغضائري: جابر بن يزيد الجعفي الكوفي ثقة في نفسه،
ولكن جل من روى عنه ضعيف. (7) شثن الاطراف: أي الغليظ، أو في أنامله غلظ بلا قصر.
(8) كأن الذهب.. الخ: قال في البحار: لعل المراد وصف صلابة كفه صلى الله عليه وآله
وشدة قبضه مع عدم يبس ينافي سهولة القبض، فإن الذهب لها جهة صلابة ولين، ويحتمل أن
يكون التشبيه في النور. (9) المشاشة (بضم الميم) رأس العظم اللين. (10) السربة
(بضم السين المهملة): الشعر وسط الصدر إلى البطن. (11) اللبة (بفتح اللام والباء
المشددة): موضع القلادة من الصدر. (12) الكاهل: أعلى الظهر مما يلي العنق. (13)
تكفأ: عاد وتمايل في مشيه. (14) الكافي: ج 1 / 443 ح 14 وعنه البحار ج 16 / 188 ح
23.
[
167 ]
1 - ابن بابويه في " أماليه ": حدثنا محمد بن إبراهيم
بن إسحاق (1) رحمه الله، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي (2) قال: حدثنا
هشام بن جعفر (3)، عن حماد، عن عبد الله بن سليمان، وكان قارئا للكتب، قال: قرأت
في الانجيل: يا عيسى جد أمري، ولا تهزل، واسمع وأطع، يا ابن الطاهرة الطهر البكر
البتول، أنت من غير فحل أنا خلقتك رحمة للعالمين، فإياي فاعبد، وعلي فتوكل، خذ
الكتاب بقوة، فسر لاهل السوريا بالسريانية، بلغ من بين يديك أني أنا الله الدائم
الذي لا أزول، صدقوا النبي الامي، صاحب الجمل، والمدرعة، والتاج، وهي العمامة،
والنعلين، والهراوة وهي القضيب. الانجل (4) العينين، الصلت (5) الجبين، الواضح
الخدين، الاقنى
(1) محمد بن إبراهيم
بن إسحاق الطالقاني: المكتب من مشايخ الصدوق يروي عنه كثيرا في كتبه ويظهر من بعض
الاسانيد أنه سمع منه بالري سنة (349). (2) عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى
الجلودي شيخ البصرة وجده عيسى كان من أصحاب الباقر عليه السلام. (3) في البحار:
الجلودي، عن محمد بن عطية، عن عبد الله بن عمرو، عن هشام بن جعفر.. الخ. (4)
الانجل: الواسع. (5) الصلت (بفتح الصاد المهملة): الواضح المستوى البارز.
[
168 ]
الانف (1)، مفلج
الثنايا (2)، كأن عنقه إبريق فضة، كأن الذهب يجري في تراقيه (3)، له شعرات من صدره
إلى سرته، ليس على بطنه ولا على صدره شعر. أسمر اللون، دقيق المسربة، شثن الكف
والقدم (4)، إذا التفت التفت جميعا وإذا مشى كأنما يتقلع من الصخرة، وينحدر من
صبب، وإذا جاء مع القوم بذهم (5)، عرقه في وجهه كاللؤلؤ، وريح المسك تنفخ منه، لم
ير قبله مثله ولا بعده. طيب الريح، نكاح النساء، ذو النسل القليل، إنما نسله من
مباركة لها بيت في الجنة لا صخب (6) فيه ولا نصب (7)، يكفلها في آخر الزمان، كما
كفل زكريا أمك. لها فرخان مستشهدان، كلامه القرآن، ودينه الاسلام (وأنا السلام)،
طوبى لمن أدرك زمانه، (شهد أيامه)، وسمع كلامه. قال عيسى: يا رب، وما طوبى ؟ قال:
شجرة في الجنة، أنا غرستها، تظل الجنان، أصلها من رضوان، وماؤها من تسنيم، برده
برد الكافور، وطعمه طعم الزنجبيل، من يشرب من تلك العين شربة لا يظمأ بعدها أبدا.
فقال عيسى: " اللهم اسقني منها " قال: حرام يا عيسى على البشر أن يشربوا
منها حتى يشرب ذلك النبي، وحرام على الامم أن يشربوا منها حتى
(1) الاقنى: الانف
الذي ارتفع وسط قصبته وضاق منخره. (2) مفلج الثنايا: منفرجها. (3) كأن الذهب يجري
في تراقيه: قال المجلسي قدس سره: لعله كناية عن حمرة ترقوته صلى الله عليه وآله،
أو سطوع النور منها. (4) شثن الكف والقدم: قال الجزري: أي أنهما، يميلان إلى الغلظ
والقصر. (5) بذهم: سبقهم وغلبهم. (6) الصخب (بفتح الصاد والخاء المعجمة): اختلاط
الاصوات. (7) النصب (بفتح النون والصاد المهملة): العناء - التعب - الداء.
[
169 ]
تشرب أمة ذلك النبي،
أرفعك إلي ثم أهبطك في آخر الزمان لترى من أمة ذلك النبي العجائب، ولتعينهم على
اللعين الدجال، أهبطك في وقت الصلاة لتصلي معهم، إنهم أمة مرحومة (1).
(1) أمالي الصدوق: 224
ح 8 - وعنه البحار ج 16 / 144 ح 1 وعن كمال الدين: 159 ح 18.
[
171 ]
1 - ابن بابويه
في " عيون الاخبار " قال: أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد
العسكري (1) قال أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن منيع (2)
قال: حدثني إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (3) عليهم
السلام بمدينة الرسول، قال: حدثني علي بن موسى بن جعفر بن محمد، عن أبيه موسى بن
جعفر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال: قال الحسن بن
علي بن أبي طالب: سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول الله صلى الله عليه وآله
وكان وصافا للنبي صلى الله عليه وآله، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله فخما
مفخما، يتلالا وجهه تلالؤ القمر ليلة البدر. أطول من المربوع (4)، وأقصر من المشذب
(5)، عظيم الهامة (6)، رجل
(1) أبو أحمد الحسن بن
عبد الله بن سعيد العسكري (نسبة إلى عسكر مكرم من كور الاهواز) ولد سنة (293)
وتوفي (382). (2) أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ابن بنت أحمد بن منيع
البغوي المتوفى سنة (317). (3) إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد الصادق
عليهما السلام ثقة، عده الشيخ من أصحاب الرضا عليه السلام. (4) المربوع: بين
القصير والطويل. (5) المشذب: الطويل المهزول. (6) الهامة: الرأس - الجثة.
[
172 ]
الشعر (1) إن تفرقت
عقيقته (2) فرق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه، إذا هو وفرة. أزهر اللون (3)،
واسع الجبين، أزج الحواجب (4)، سوابغ في غير قرن (5)، بينهما له (6) عرق يدره
الغضب (7). أقنى العرنين (8)، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم (9)، كث اللحية،
سهل الخدين ضليع الفم (10) * أشنب (11) مفلج الاسنان (12)، دقيق المسربة (13)، كأن
عنقه جيد دمية (14) في صفاء الفضة معتدل الخلق، بادنا (15) متماسكا سواء البطن
والصدر (16)، بعيد ما بين المنكبين.
(1) الرجل (بفتح الراء
وكسر الجيم) من الشعر: ما بين الجعودة والاسترسال. (2) العقيقة: الشعر المجتمع في
الرأس - وفي " المكارم " ونسخة من " العيون " العقيصة وهي
(بفتح العين والصاد المهملة): ضفيرة الشعر. (3) أزهر اللون: نير اللون. (4) أزج
الحواجب: الطويل الدقيق. (5) قرن يقرن (بكسر الراء في الماضي وفتحها في المضارع):
كان مقرون الحاجبين متصل الشعر. (6) المصادر خالية من كلمة (له) إلا " البحار
". (7) عرق يدره الغضب: يملاه الدم. (8) العرنين (بكسر العين وسكون الراء)
الانف كله، أو ما صلب منه. (9) الاشم: من ارتفع أعلى أنفه. (10) ضليع الفم: عظيم
الفم، وهو ممدوح. (11) الاشنب: أبيض الاسنان. (12) مفلج الاسنان: الذي تباعد
أسنانه وتكون فرجة بينها. (13) دقيق المسربة: الذي استدق شعره الممتد من لبته إلى
سرته. (14) الدمية (بضم الدال وسكون الميم): الصور المزينة فيها حمرة كالدم -
الصنم. (15) البادن: عظيم الجسم، قال المجلسي قدس سره في " البحار ":
بادن متماسك، معناه تام خلق الاعضاء ليس بمسترخي اللحم ولا بكثيره. (16) سواء
البطن والصدر: معناه أن بطنه ضامر، وصدره عريض فمن هذه الجهة تساوى بطنه صدره.
[
173 ]
ضخم الكراديس (1)،
أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن
مما سوى ذلك. أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين (2)، رحب الراحة
(3) شثن الكفين والقدمين، سائل الاطراف (4)، سبط القصب (5)، خمصان الاخمصين (6)
مسيح القدمين (7)، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا (8)، يخطو تكفؤا (9) ويمشي
هونا (10)، ذريع المشية (11)، إذا مشى كأنه ينحط في صبب (12)، وإذا التفت التفت
جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الارض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة،
يبدر من لقيه بالسلام. قال: فقلت له: صف لي منطقه. قال: كأن صلى الله عليه وآله
متواصل الاحزان، دائم الفكر، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام
ويختمه بالثناء (13)، يتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه ولا
(1) الكراديس: رؤوس
العظام. (2) طويل الزندين: الزند (بفتح الزاء وسكون النون) موصل الذراع بالكف، قال
في البحار: في كل ذراع زندان وهما جانبا عظم الذراع. (3) رحب الراحة: واسع الراحة
وكبيرها. (4) سائل الاطراف: تامها لا طويلة ولا قصيرة. (5) سبط القصب: ممتد القصب
وهي العظام الجوف التي فيها مخ مثل الذراعين والساقين. (6) خمصان الاخمصين: أخمص
القدم (بفتح الهمزة والميم) ما لا يصيب الارض من باطنها، فمعنى العبارة أن أخمص
رجله الشريفة صلى الله عليه وآله كان شديد الارتفاع من الارض. (7) مسيح القدمين:
معناه ليس بكثير اللحم فيهما ولذلك ينبو الماء عنهما. (8) زال قلعا: معناه متثبتا.
(9) يخطو تكفؤا: قال في البحار: معناه خطاه كأنه يتكبر في مشيه ولا تكبر ولا تبختر
ولا خيلاء. (10) يمشي هونا: أي مع السكينة والوقار. (11) ذريع المشية: واسع المشية
من غير أن يظهر فيه استعجال وبدار. (12) في البحار: كأنما ينحط في صبب. (والصبب
الانحدار). (13) في البحار: يختمه بأشداقه. (والاشداق جوانب الفم). وإنما يكون ذلك
لرحب شدقيه وهو ممدوح.
[
174 ]
تقصير، رؤوفا ليس
بالجافي (1) ولا بالمهين (2)، تعظم عنده النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئا، غير
أنه لا يذم ذواقا (3) ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها. فإذا تعوطى الحق
(4) لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له، إذا أشار أشار بكفه وإذا تعجب
قلبها، وإذا تحدث اتصل بها يضرب (5) براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب
أعرض وأشاح (6)، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حب الغمام (7).
قال الحسن عليه السلام فكتمتها (8) الحسين زمانا، ثم حدثته، فوجدته قد سبقني إليه،
وسألني عما سألته عنه، ووجدته قد سأل أباه عن مدخل النبي صلى الله عليه وآله
ومخرجه، ومجلسه، وشكله، فلم يدع منه شيئا. قال الحسين عليه السلام: سألت أبي عليه
السلام عن مدخل رسول الله، فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فإذا آوى إلى
منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء. لله تعالى، وجزء لاهله، وجزء لنفسه. ثم جزء
جزءه بينه وبين الناس، فيرد (9) ذلك بالخاصة على العامة، ولا
(1) في البحار: دمثا
ليس بالجافي: الدمث (بفتح الدال وكسر الميم) أي سهل الخلق. والجافي: غليظ الخلق.
(2) ولا بالمهين: (بضم الميم) أي ما كان صلى الله عليه وآله مستخفا بالناس. (3)
الذواق (بفتح الذال المعجمة): الطعام. (4) إذا تعوطى الحق: معناه إذا تنوول غضب
لله تبارك وتعالى. (5) في العيون: وإذا تحدث قارب يده اليمنى من اليسرى فضرب
بإبهامه اليمنى راحة اليسرى. (6) أشاح: جد في الغضب وانكمش. (7) قال في البحار:
قوله: يفتر.. الخ معناه يكشف شفتيه عن ثغر أبيض يشبه حب الغمام، أي البرد. (8) في
العيون: فكتمت هذا الخبر. (9) قال في البحار: قوله: يرد ذلك.. الخ معناه أنه كان
يعتمد في هذه الحالة على أن الخاصة يرفع إلى العامة علومه وآدابه وفوائده، وفيه
قول آخر وهو أن يجعل المجالس للعامة بعد الخاصة، فتنوب (الباء) عن كلمة " من
" ولفظة (على) عن كلمة (إلى).
[
175 ]
يدخر عنهم منه شيئا.
وكان من سيرته في جزء الامة إيثار أهل الفضل باذنه، وقسمه على قدر فضلهم في الدين،
فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم، ويشغلهم فيما
أصلحهم والامة (1) من مسألته عنهم وإخبارهم بالذي ينبغي، ويقول: ليبلغ الشاهد منكم
الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من
لا يقدر على إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيمة، لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقيد
(2) من أحد عثرة، يدخلون روادا (3)، ولا يفترقون إلا عن ذواق (4)، ويخرجون أذلة
(5)، فسألته عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وآله كيف كان يصنع فيه ؟ فقال: كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يخزن لسانه إلا عما يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفرهم،
ويكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد
بشره ولا خلقه. ويتفقد أصحابه، ويسأل عما في الناس (6)، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح
القبيح ويوهنه. معتدل الامر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، ولا
يقصر
(1) في العيون: وأصلح
الامة. (2) في العيون والمكارم: ولا يقبل من أحد غيره، وفي نسخة: ولا يقيل (من
الاقالة) - قال في البحار: من رواه ولا يقيد بالدال أي من جنى عليه جناية اغتفرها
وصفح عنها تصفحا وتكرما، إذا كان تعطيلها لا يضيع من حقوق الله شيئا، ومن رواه
يقيل باللام ذهب إلى أنه صلى الله عليه وآله لا يضيع حقوق الناس التي يجب لبعضهم
على بعض. (3) يدخلون روادا: أي طالبين للعلم ملتمسين الحكم من عنده، والرواد (بضم
الراء وتشديد الواو) جمع الرائد وهو الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلاء ومساقط
الغيث. (4) لا يفترقون إلا عن ذواق: أي لا يفترقون إلا عن علوم يذوقون من حلاوتها
ما يذاق من الطعام المشتهى. (5) في البحار: ويخرجون أدلة (بالدال المهملة) وقال:
ومنهم من قرأ أذلة (بالذال المعجمة) أي يخرجون متعظين بما وعظو، وهو تصحيف والصحيح
بالدال المهملة أي يخرجون هداة للناس. (6) في البحار: ويسأل الناس عما في الناس،
وفي العيون: عما الناس فيه.
[
176 ]
عن الحق ولا يجوزه
الذين يلونه من الناس: خيارهم أفضلهم عنده وأعمهم نصيحة للمسلمين، وأعظمهم عنده
منزلة أحسنهم مواساة وموازرة. قال: فسألته عن مجلسه، فقال: كان عليه السلام لا
يجلس فلا يقوم إلا على ذكر (1)، ولا يوطن الاماكن (2)، وينهى عن إيطانها، وإذا
انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا
يحسب أحد من جلسائه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه صابره (3) حتى يكون هو
المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها (4) أو بميسور من القول. قد وسع الناس
منه خلقه، وصار لهم أبا (5) وصاروا عنده في الحق سواء. مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق
وأمانة، لا ترفع فيه الاصوات، ولا تؤبن فيه الحرم (6) " ولا تنثى فلتاته
" (7)، ولا يسئ جلسائه، متعادلون متواصون بالتقوى (8)، متواضعين يوقرون
الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب. فقلت: كيف كان سيرته
في جلسائه ؟ فقال: كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب: ليس بفظ (9) ولا غليظ
ولا صخاب (10) ولا فحاش ولا
(1) في المصادر: ذكر
الله جل اسمه. (2) لا يوطن الاماكن، أي لا يتخذ لنفسه مجلسا يعرف به. (3) في
العيون: جالسه أو نادمه لحاجة صابرة. (4) في العيون والمكارم: حاجة لم يرده إلا
بها. (5) في العيون: فصار لهم أبا رحيما. (6) ولا تؤبن فيه الحرم: قال الجزري: أي
لا يذكرن بقبيح، كان يصان مجلسه عن رفث القول. (7) ولا تنثى فلتاته: قال الجزري:
أي لا تذاع، والفلتات جمع فلتة وهي الزلة. (8) في البحار: متعادلين متواصلين فيه
بالتقوى، وفي بعض رواياتهم: يتواصون فيه بالتقوى. (9) الفظ: سئ الخلق. (10) الصخاب
(بفتح الصاد المهملة والخاء المشددة): شديد الصياح.
[
177 ]
عياب ولا مداح،
يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه ولا يخيب مؤمله. قد ترك نفسه من ثلاث: المراء،
والاكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا، ولا يعيره، ولا
يطلب عثراته ولا عوراته، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه
كأنما على رؤوسهم الطير (1)، وإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث (2)، من
تكلم أنصتوا له حتى يفرغ (3)، حديثهم عنده حديث أولهم (4). يضحك مما يضحكون منه،
ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر على الغريب (5) على الجفوة (6) في مسألته ومنطقه
حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم (7)، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه
(8)، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ (9)، ولا يقطع على أحد
(1) على رؤوسهم الطير،
قال الجزري: وصفهم بالسكون والوقار، لان الطير لا تكاد تقع إلا على شئ ساكن. (2)
ولا يتنازعون عنده الحديث: قال في البحار: أي إذا تكلم أحد منهم أمسكوا حتى يفرغ.
(3) في العيون: وإذا تكلم عنده أحد أنصتوا له حتى يفرغ من حديثه. (4) في البحار:
حديث أوليهم، قال: ولعله تأكيد للسابق، أي لا يتكلم إلا من سبق بالكلام. (5) في
البحار: ويصبر للغريب. (6) على الجفوة: أي على غلظة الغريب وبعده من الآداب. (7)
ليستجلبونهم: قال في البحار: أي يجيئون معهم بالغرباء إلى مجلسه من كثرة احتماله
عنهم، وصبره على ما يكون منهم في سؤالهم إياه، وغير ذلك، والصحابة كانوا لا
يجترؤون على مثل ذلك. (8) فأرفدوه: أي أعينوه، قال في البحار: وفي بعض رواياتهم:
فأرشدوه، والاظهر أنه هنا فأوفدوه بالواو. (9) قال الجزري: قال القتيبي: معناه إذا
أنعم على رجل نعمة فكافأه بالثناء عليه قبل ثنائه، وإذا أثنى قبل أن ينعم عليه لم
يقبله، وقال ابن الانباري هذا غلط، إذ كان أحد لا ينفك عن إنعام النبي صلى الله
عليه وآله، لان الله بعثه رحمة للناس كافة فلا يخرج منها مكافئ ولا غير مكافئ،
والثناء عليه فرض لا يتم الاسلام إلا به وإنما المعنى أنه لا يقبل الثناء عليه إلا
من رجل يعرف حقيقة إسلامه ولا يدخل عنده في جملة المنافقين الذين يقولون بألسنتهم
ما ليس في قلوبهم، وقال الازهري: فيه قول ثالث: إلا من مكافئ، أي مقارب غير مجاوز
حد مثله، ولا مقصر عما رفعه الله إليه.
[
178 ]
كلامه حتى يجوز (1)
فيقطعه بنهي أو قيام. قال: فسألته عن سكوت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: كان
سكوته على أربع: على الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكر، فأما التقدير: ففي تسوية
النظر والاستماع بين الناس، وأما تفكره فيما يبقى ويفنى، وجمع له الحلم في الصبر،
فكان لا يغضبه شئ ولا ينفره (2). وجمع له الحذر في أربع: أخذه الحسن ليقتدى به،
وتركه القبيح لينتهى عنه، واجتهاده الوافي في إصلاح أمته، والقيام فيما جمع لهم
خير الدنيا والآخرة، صلوات الله عليه وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما (3).
(1) في بعض النسخ:
يجوزه، أي يتجاوز عن ذلك الكلام ويتمه ويريد إنشاء كلام آخر، فيقطعه النبي صلى
الله عليه وآله بنهي أو قيام، قال في البحار: يحتمل أن يكون بالراء المهملة، أي
إلا أن يجور ويتكلم بباطل كفحش أو غيبة فيقطعه صلى الله عليه وآله بنهي أو بقيام.
(2) في البحار: ولا يستفزه. (3) عيون الاخبار ج 1 / 315 ج 1 - مكارم الاخلاق: 11 -
وعنهما البحار ج 16 / 148 ح 4 وعن معاني الاخبار: 79 ح 1.
[
179 ]
1 - محمد بن
يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء (1)، عن جميل بن دراج (2)، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم لحظاته بين
أصحابه، فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية، قال: ولم يبسط رسول الله صلى الله
عليه وآله رجليه بين أصحابه قط، وإن كان ليصافحه الرجل فما يترك رسول الله صلى
الله عليه وآله يده من يده حتى يكون هو التارك، فلما فطنوا لذلك كان الرجل إذا
صافحه قال (3) بيده فنزعها من يده (4). 2 - وعنه قال: حدثني محمد بن يحيى، عن أحمد
بن محمد، عن عمر بن
(1) الوشاء: الحسن بن
علي بن زياد البجلي الكوفي أبو محمد الخزاز من أصحاب الرضا عليه السلام. (2) جميل بن
دراج: بن عبد الله أبو علي النخعي الراوي عن الصادق والكاظم عليهما السلام كان من
وجوه الطائفة موثقا. (3) في هامش البحار ج 16 / 260: حكى الفيروز آبادي في القاموس
عن ابن الانباري أنه (قال) يجيئ بمعنى تكلم، وضرب، وغلب، ومات، ومال، واستراح،
وأقبل، ويعبر بها عن التهيؤ للافعال والاستعداد لها، يقال: قال فأكل، وقال فضرب،
وقال فتكلم، انتهى، أقول: ولعل المناسب في المقام المعنى الخامس، أو الاخير. (4)
أصول الكافي ج 2 / 671 - وعنه البحار ج 16 / 259 ح 47 - والوسائل ج 8 / 499 ح 1.
[
180 ]
عبد العزيز (1)، عن
جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم
لحظاته بين أصحابه، ينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية (2). 3 - وعنه بإسناده، عن
إسماعيل بن مهران (3)، عن أيمن بن محرز (4)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما
صافح رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا قط فنزع يده حتى يكون هو الذي ينزع عنه
(5). 4 - وعنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم (6)، عن معاوية
بن وهب (7)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أكل رسول الله متكئا منذ بعثه
الله عزوجل إلى أن قبضه، تواضعا لله عزوجل، ولا رؤي ركبته أمام جليسه في مجلس قط،
ولا صافح رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا قط فنزع يده من يده حتى يكون الرجل هو
الذي ينزع يده (8). 5 - وعنه، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن
(1) عمر بن عبد العزيز
بن أبي بشار أبو حفص البصري المعروف بزحل يروي عنه أبو عبد الله البرقي، وأحمد بن
محمد بن عيسى. (2) روضة الكافي: 268 - وعنه البحار ج 16 / 280 ح 121 - والوسائل ج
8 / 499 ح 1. (3) اسماعيل بن مهران: بن محمد بن أبي نصر زيد أبو يعقوب السكوني
الكوفي كان من أصحاب الرضا عليه السلام، وشهد الشيخ والنجاشي بوثاقته. (4) أيمن بن
محرز كان من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام - جامع الرواة ج 1 / 111 -. (5)
الكافي ج 2 / 182 ح 15 - وعنه البحار ج 16 / 269 ح 82 والوسائل ج 8 / 500 ح 4. (6)
علي بن الحكم: بن الزبير النخعي الكوفي أبو الحسن الضرير، كان من أصحاب الرضا عليه
السلام - جامع الرواة ج 1 / 575. (7) معاوية بن وهب: أبو الحسن الكوفي البجلي من
أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام، وله كتب. (8) الكافي ج 8 / 164 ح 175 - وعنه
البحار ج 41 / 130 ح 41 والبرهان للسيد البحراني ج 3 / 118 ح 1.
[
181 ]
محبوب، عن ابن رئاب،
عن محمد بن قيس (1) قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: وهو يحدث الناس بمكة:
صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الفجر، ثم جلس مع أصحابه حتى طلعت الشمس، فجعل
يقوم الرجل بعد الرجل حتى لم يبق معه إلا رجلان: أنصاري، وثقفي. فقال لهما رسول
الله صلى الله عليه وآله: قد علمت أن لكما حاجة تريدان أن تسألاني عنها، فإن شئتما
أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني، وإن شئتما فسألا عنها، قالا: بل تخبرنا قبل أن
نسألك عنها، فإن ذلك أجلى للعمى، وأبعد من الارتياب، وأثبت للايمان. فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله: أما أنت يا أخا ثقيف فإنك جئت تسألني عن وضوءك وصلاتك
مالك في ذلك من الخير. أما وضوءك، فإنك وضعت يدك في إنائك ثم قلت: بسم الله تناثرت
منها ما اكتسبت من الذنوب، فإذا غسلت وجهك تناثرت التي اكتسبتها عيناك بنظرهما
وفوك، فإذا غسلت ذراعيك تناثرت الذنوب عن يمينك وشمالك، وإذا مسحت رأسك وقدميك
تناثرت الذنوب التي مشيت إليها على قدميك، فهذا لك في وضوءك (2). 6 - وعنه، عن علي
بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل (3) عن الفضل بن شاذان (4)، عن ابن أبي
عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي
(1) محمد بن قيس
البجلي الكوفي أبو عبد الله الراوي عن الباقر والصادق عليهما السلام، توفي سنة
(151) - جامع الرواة ج 2 / 185 -. (2) الكافي ج 3 / 71 ح 7 - وفيه البحار ج 18 /
128 ح 37 - وفي ج 99 / 3 ح 3 - أخرجه عن الامالي ص 441 ح 22 - وأخرجه في الوسائل ج
1 / 276 - ح 12 عن الكافي وعن الفقيه ج 2 / 202 ح 2138. (3) محمد بن إسماعيل: أبو
الحسن البندقي النيشابوري من شيوخ الكليني ومن تلامذة الفضل. (4) الفضل بن شاذان:
أبو محمد الازدي النيسابوري المتكلم الامامي جليل القدر. صنف 180 كتابا وترحم عليه
العسكري عليه السلام - جامع الرواة ج 2 / 7 -.
[
182 ]
عبد الله عليه السلام
قال: أتى النبي صلى الله عليه وآله رجلان: رجل من الانصار، ورجل من ثقيف، فقال
الثقفي: يا رسول الله صلى الله عليه وآله حاجتي، فقال: سبقك أخوك الانصاري، فقال:
يا رسول الله صلى الله عليه وآله إني على ظهر سفر، وإني عجلان. فقال الانصاري: إني
قد أذنت له، فقال: إن شئت سألتني وإن شئت نبأتك، فقال: نبئني يا رسول الله، فقال
صلى الله عليه وآله: جئت تسألني عن الصلاة، وعن الوضوء، وعن السجود، فقال الرجل:
إي والذي بعثك بالحق، فقال صلى الله عليه وآله: أسبغ الوضوء، واملا يديك من
ركبتيك، وعفر جبينك في الصلاة، وصل صلاة مودع. وقال الانصاري يا رسول الله حاجتي،
قال: إن شئت سألتني، وإن شئت نبأتك، فقال: يا رسول الله نبأني، قال: جئت تسألني عن
الحج، وعن الطواف بالبيت، وعن السعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، وحلق الرأس،
ويوم عرفة. فقال الرجل: إي والذي بعثك بالحق نبيا، قال: لا ترفع ناقتك خفا إلا كتب
الله به لك حسنة، ولا تضع خفا إلا حط به عنك سيئة، وطواف البيت، والسعي بين الصفا
والمروة ينقيك كما ولدتك أمك من الذنوب، ورمي الجمار ذخر يوم القيامة، وحلق الرأس
لك بكل شعرة نور يوم القيامة، ويوم عرفة يوم يباهي الله عزوجل به الملائكة، فلو
حضرت ذلك اليوم برمل عالج وقطر السماء وأيام العالم ذنوبا، فإنه تبت ذلك اليوم.
وفي حديث آخر له بكل خطوة إليها يكتب له حسنة، ويمحى عنه سيئة، ويرفع له بها درجة
(1).
(1) الكافي ج 4 / 261
ح 37 - وأخرجه في البحار ج 99 / 13 ح 24 عن نوادر ابن عيسى: 139 ح 360 وصدره في
الوسائل ج 4 / 677 ح 7 عن الكافي وعن الاربعين للشهيد ح 15، وذيله فيه ج 8 / 159 ح
16 و 17.
[
183 ]
1 - الشيخ
في " أماليه " قال: أخبرنا محمد بن محمد (يعني المفيد) قال: أخبرنا أبو
عبد الله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي
(1) قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، قال: حدثنا هوذة (2) بن
خليفة قال: حدثنا عوف (3) عن عطية الطفاوي، عن أبيه، عن أم سلمة رضي الله عنها
قالت: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في بيتي إذ قال الخادم: يا رسول الله صلى
الله عليه وآله إن عليا وفاطمة بالسدة (4)، فقال: قومي فتنحي لي عن (5) أهل
(1) في المصدر
المطبوع: أبو بكر محمد بن محمد بن عيسى المكي - وفي البحار: أحمد بن محمد بن عيسى
المكي، ولعله الصحيح، وفي بعض الكتب: أنه توفي سنة (322). (2) في البحار: هواذة
(مع الالف) وهو سهو والصحيح بدون الالف وهو هوذة بن خليفة بن عبد الله بن عبد
الرحمن بن أبي بكرة الثقفي أبو الأشهب البصري. من رجال العامة واختلفوا في وثاقته،
توفي سنة (216) وله (91) سنة. (3) في المصدر: عوز عن عطية الغفاري، وفي البحار:
عوف بن عطية ولعل الصحيح كما صححناه في المتن هو عوف عن عطية الطفاوي، وعوف هو أبو
سهل البصري ويقال له عوف الاعرابي، توفي سنة (147)، وثقه النسائي، وأما عطية
الطفاوي فهو كما قال ابن حجر في " اللسان " ذكره ابن حبان في الثقات،
وكنيته أبو المعدل من أهل البصرة. (4) السدة (بضم السين المهملة وفتح الدال
المهملة المشددة): باب الدار، وما حول الدار من الرواق. (5) في المصدر فتنحى: عن.
[
184 ]
بيتي، قالت: فقمت
فتنحيت في البيت قريبا، فدخل علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وهما صبيان
صغيران، فوضعهما النبي صلى الله عليه وآله في حجره وقبلهما، واعتنق عليا عليه
السلام بإحدى يديه، وفاطمة عليها السلام باليد الاخرى، وقبل فاطمة عليها السلام
وقال: اللهم إليك أنا وأهل بيتي لا إلى النار (1). 2 - وعنه قال: أخبرنا أبو عبد
الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر (2) رحمه الله قال: حدثني بن
عيسى بن أبي موسى (3) بالكوفة، قال: حدثني عبدوس بن محمد الحضرمي (4)، قال: حدثنا
محمد بن فرات (5)، عن أبي إسحاق (6)، عن الحارث (7)، عن علي عيه السلام، قال: كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يأتينا كل غداة فيقول: الصلاة رحمكم الله الصلاة
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (8) (9).
(1) أمالي الطوسي ج 1
ص 135 - وعنه البحار ج 37 ص 39 ح 11. (2) أبو بكر محمد بن عمر: بن محمد بن سلم
التميمي البغدادي الحافظ الجعابي يقال: إنه كان يحفظ أربعمأة ألف حديث، توفي سنة
(355). (3) أحمد بن عيسى بن أبي موسى ما وجدت له ترجمة إلا في " لسان الميزان
" لابن حجر و " ميزان الاعتدال " للذهبي، قالا: إنه مجهول. (4)
عبدوس بن محمد الحضرمي: ما وجدت له ترجمة لا في كتب رجال القوم ولا في رجالنا إلى
الآن. (5) محمد بن فرات: التميمي أبو علي الكوفي، يقال: كان ابن عشرين ومائة سنة،
ضعفوه. (6) أبو إسحاق: عمرو بن عبد الله بن أبي شعيرة السبيعي الهمداني الحافظ رأى
أمير المؤمنين عليه السلام وهو يخطب وروى عن جماعة من الصحابة، توفي سنة (127). -
تذكرة الحفاظ ج 1 / 114. (7) الحارث: بن عبد الله الاعور الهمداني، وهو من
الاولياء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام توفي سنة (65) ه ق. (8) الاحزاب:
33. (9) أمالي الطوسي: 1 / 87 - وعنه البحار: 35 / 207 ح 3 - وعن أمالي المفيد:
318 ح 4 - وأخرجه المصنف أيضا في " البرهان " ج 2 / 313 ح 18.
[
185 ]
3 - وعنه، عن أبي
محمد الفحام (1)، قال: حدثني عمر بن يحيى (2)، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله
البلخي (3)، حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل (4)، قال: سمعت الصادق عليه
السلام يقول: حدثني أبي محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله، قال: كنت عند النبي صلى
الله عليه وآله أنا من جانب، وعلي أمير المؤمنين صلوات الله عليه من جانب، إذ أقبل
عمر بن الخطاب، ومعه رجل قد تلبب (5) به، فقال: ما باله ؟ قال: حكي عنك يا رسول
الله: أنك قلت: من قال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، دخل الجنة، وهذا إذا
سمعته الناس فرطوا في الاعمال، أفأنت قلت ذلك يا رسول الله ؟ قال: نعم إذا تمسك
بمحبة هذا وولايته (6). 4 - وعنه باسناده، قال: أخبرنا أبو عمرو (7)، قال: أخبرنا
أحمد بن محمد قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن بن محمد الازدي (8)، قال: حدثنا
(1) أبو محمد الفحام:
الحسن بن محمد بن يحيى بن داود المعروف بابن الفحام السر من رائي المتوفى بعد سنة
(408) ه، وضبط بعض أرباب المعاجم الرجالية سنة (408) كالخطيب في تاريخ بغداد وكان
من مشايخ الطوسي من العامة. (2) في المصدر: حدثني عمي عمر بن يحيى، وفي البحار:
وحدثني عمي عمير بن يحيى. (3) لم يوجد له ترجمة في كتب رجال الفريقين. (4) قال الاردبيلي
في جامع الرواة ج 1 / 418: الضحاك بن محمد بن شيبان أبو عاصم النبيل الشيباني
البصري عامي (صه، جش) روى عن جعفر بن محمد عليهما السلام كتابا رواه هارون بن
مسلم، وعباس بن محمد بن حاتم (جش) وفي (ق) بن مخلد الشيباني أبو عاصم البصري
النبيل، وابن المخلد هو الصحيح كما ذكره الذهبي وابن حجر وغيرهما. قال ابن حجر في
التهذيب ج 4 / 450 رقم 783: الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم بن الضحاك الشيباني
أبو عاصم النبيل البصري ولد سنة (122) وتوفي على ما قال غير واحد سنة (212). (5)
تلبب الرجلان: أخذ كل منهما بما في موضع البب من الثياب والتلبيب يعرف بالطوق. (6)
أمالي الطوسي ج 1 / 288 - وعنه البحار ج 39 / 298 ح 103. (7) أبو عمرو عبد الواحد
بن عبد الله بن محمد بن مهدي بن خشنام من مشايخ الطوسي من العامة، ولد سنة (318)
وتوفي سنة 410 (تاريخ بغداد). (8) الحسين: هو أبو أحمد، ما وجدنا له ترجمة ولكن
والده عبد الرحمان كان من العلماء في القرن (*)
[
186 ]
أبي، قال: حدثنا عبد
النور بن عبد الله بن سنان (1) قال: حدثنا سليمان بن قرم (2)، قال: حدثني أبو
الجحاف (3)، وسالم بن أبي حفصة (4)، عن نقيع أبي داود (5)، عن أبي الحمراء (6)،
قال: شهدت النبي صلى الله عليه وآله أربعين صباحا يجئ إلى باب علي وفاطمة عليها
السلام فيأخذ بعضادتي الباب ثم يقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله الصلاة
يرحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (7) (8).
5 - وعنه، قال: أخبرنا أبو عمرو قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن
الحسن (9)، قال: حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي (10)، قال: حدثنا موسى بن جعفر، عن
أبيه، عن جده عليهم السلام، عن
الثاني وهو الذي جمع
كتاب غريب القرآن لابان بن تغلب وكتاب محمد بن السائب الكلبي وكتاب أبي روق بن
عطية الحارث فجعلها كتابا واحدا. (1) عبد النور...: الاسدي الكوفي كان من أصحاب
الصادق عليه السلام. (2) سليمان بن قرم: بن سليمان الضبي الكوفي من أصحاب الصادق
عليه السلام. (3) أبو الجحاف: (بتقديم الجيم على الحاء) داود بن أبي عوف البرجمي.
نقل العلامة في الخلاصة توثيقه عن ابن عقدة. (4) سالم بن أبي حفصة: التمار أبو
يونس الكوفي مولى بني عجل، روى عن السجاد والباقر والصادق عليهم السلام، توفي سنة
(137). (5) نقيع: أبو داود بن الحرث السبيعي الهمداني التابعي، روى عن أبي جعفر
عليه السلام وأبي بدرة نضلة الاسلمي وغيرهما. (6) أبو الحمراء: خادم النبي صلى
الله عليه وآله ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال البرقي: أبو الحمراء
فارسي خادم رسول الله صلى الله عليه وآله. (7) الاحزاب: 33. (8) أمالي الطوسي ج 1
/ 257 - وعنه البحار: 35 / 209 ح 8 - والبرهان ج 3 / 313 ح 19. (9) محمد بن أحمد
بن الحسن: يحتمل أنه أبو الحسن بن خراش كان من رجال العامة وتوفي في رجب سنة (313)
على ما ذكره الخطيب في تاريخ بغداد. (10) موسى بن إبراهيم المروزي: أبو حمران يروي
عن الكاظم عليه السلام روايات. بل له كتاب ذكر أنه سمعه منه وهو عليه السلام محبوس
عند السندي بن شاهك، والمروزي هذا كان معلما لولد السندي.
[
187 ]
جابر بن عبد الله،
قال: لما زوج رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة من علي أتاه أناس من قريش،
فقالوا: إنك زوجت عليا بمهر خسيس، فقال صلى الله عليه وآله: ما أنا زوجت عليا.
ولكن الله زوجه ليلة أسرى بي عند سدرة المنتهى أوحى الله إلى السدرة أن انثري ما
عليك، فنثرت الدر والجوهر والمرجان، فابتدر الحور العين فالتقطن، فهن يتهادينه
ويتفاخرن ويقلن: هذا من نثار فاطمة بنت محمد عليهما السلام. فلما كانت ليلة الزفاف
أتى النبي ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة، وقال لفاطمة: اركبي، وأمر سلمان أن
يقودها، والنبي صلى الله عليه وآله يسوقها. فبينما هو في بعض الطريق إذ سمع النبي
صلى الله عليه وآله وجبة، فإذا هو جبرئيل في سبعين ألفا، وميكائيل في سبعين ألفا،
فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما أهبطكم إلى الارض ؟ قالوا: جئنا نزف فاطمة إلى
علي بن أبي طالب فكبر جبرئيل، وكبر ميكائيل، وكبرت الملائكة، وكبر محمد صلى الله
عليه وآله، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة (1). 6 - وعنه قال: أخبرنا أبو
عبد الله حموية بن علي بن حموية البصري (2)، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن محمد
بن بكر الفراني (3)، قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي (4)، قال: حدثنا
أبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي (5)، قال: حدثنا عثمان بن عمر (6)، عن إسرائيل
(7)، عن
(1) أمالي الطوسي ج 1
ص 263 - وعنه البحار ج 43 / 104 ح 15. (2) حموية بن علي بن حموية البصري من مشايخ
الطوسي توفي بعد سنة (413). (3) في المصدر المطبوع: الهزاني، وعلى أي نحو كان ما
وجدت له ترجمة. (4) الفضل بن الحباب أبو خليفة البصري كان من النحاة البصريين
المحدثين - قال السيوطي في " بغية الوحاة ": كان من أجلاء أصحاب الحديث
روى عن الطيالسي وغيره وولى قضاء البصرة، توفي سنة (305). (5) الرياشي أبو الفضل
العباس بن الفرج اللغوي البصري قتله الزنج وكان قائما يصلي سنة (257). (6) عثمان
بن عمر: بن فارس الحافظ البصري أبو محمد المتوفى سنة (209). (7) إسرائيل: بن يونس
بن أبي اسحاق السبيعي الحافظ الكوفي والمتوفى سنة (162).
[
188 ]
ميسرة بن حبيب (1)،
عن المنهال بن عمرو (2)، عن عائشة بنت طلحة (3)، عن عايشة، قالت: ما رأيت من الناس
أحدا أشبه كلاما وحديثا برسول الله صلى الله عليه وآله من فاطمة عليها السلام كانت
إذا دخلت عليه رحب بها وقبل يديها وأجلسها في مجلسه. فإذا دخل عليها قامت إليه
فرحبت به وقبلت يديه، ودخلت عليه في مرضه فسارها فبكت، ثم سارها فضحكت، فقلت: كنت
أرى لهذه فضلا على النساء فإذا هي امرأة من النساء، فبينما هي تبكي إذ ضحكت،
فسألتها، فقالت: إني كئيبة (4) فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله سألتها،
فقالت: إنه أخبرني أنه يموت فبكيت، ثم أخبرني أني أول أهله لحوقا به فضحكت (5). 7
- وعنه قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل (6) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد
الهمداني (7)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي (8)، قال:
(1) ميسرة بن حبيب:
النهدي أبو حازم الكوفي - نقل ابن أبي حاتم الرازي توثيقه عن ابن حنبل وابن معين،
وعده الاردبيلي في جامع الرواة من أصحاب الصادق عليه السلام. (2) منهال بن عمرو:
الاسدي (مولاهم) الكوفي أدرك الحسين والسجاد والباقر والصادق عليهم السلام، وثقه
ابن معين. (3) عائشة بنت طلحة: بن عبيدالله وأمها بنت أبي بكر، توفيت سنة (101).
(4) في البحار: أني إذا لبذرة (أي التي تفشى السر). (5) أمالي الطوسي ج 2 / 14 -
وعنه البحار ج 43 / 25 ح 22. (6) أبو المفضل: محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني
- كثير الرواية، حسن الحفظ، قال العلامة النوري في " المستدرك " ج 3 ص
845: محمد بن عبد الله بن محمد أبو المفضل الشيباني من كبار مشايخ الاجازة، وإن
ضعفوه في آخر عمره إلا أن عملهم على خلافه. (7) أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني:
أبو العباس الكوفي المعروف بابن عقدة المتوفى سنة (333). (8) أحمد بن يحيى الصوفي
بن حكيم الاودي الكوفي أبو جعفر ابن أخي ذبيان صاحب " دلائل النبي ".
توفي سنة (264).
[
189 ]
حدثنا إسماعيل بن
أبان (1)، قال: حدثني جعفر بن ميسرة (2)، عن أبي عبد الله بن عبد الرحمن اليشكري
(3) عن أنس بن مالك، قال: بينما أنا أوضئ رسول الله صلى الله عليه وآله إذ دخل
عليه علي عليه السلام فجعل يأخذ من وضوئه (4) فيغسل به وجهه ثم قال: أنت سيد
العرب، فقال: يا رسول الله أنت رسول الله وسيد العرب، قال: يا علي أنا رسول الله
وسيد ولد آدم، وأنت أمير المؤمنين وسيد العرب (5) (6). 8 - كتاب " المناقب
الفاخرة في العترة الطاهرة " (7) بالاسناد عن سليم بن قيس الهلالي (8) قال:
جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال له: أخبرني بأفضل مناقبك من رسول
الله صلى الله عليه وآله، قال عليه السلام: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله
لحاف (9)، وكنت مشتكيا، فأجلسني عنده ثم حط اللحاف بين يدي عايشة، وقام يصلي
ويدعو، فبات ليلته على ذلك الحال، ويأتيني ويسألني وينظر إلي، فما زال دأبه
(1) اسماعيل بن أبان:
أبو إسحاق الغنوي الازدي الكوفي الوراق توفي سنة (216). (2) جعفر بن ميسرة:
الاشجعي ويقال له: جعفر بن أبي جعفر أبو الوفاء توفي سنة (181). (3) في المصدر: عن
أبي عبد الله عن عبد الرحمان اليشكري، وفي البحار، عن أبي عبد الله عن عبد الله بن
عبد الرحمن اليشكري وعلى أي حال ما وجدت له ترجمة. (4) الوضوء (بفتح الواو) الماء
الذي يتوضأ منه. (5) قال في البحار: لعله صلى الله عليه وآله إنما خص سيادته
بالعرب لئلا يتوهم كونه أفضل منه، أو حذرا من إنكار القوم. (6) أمالي الطوسي ج 2 /
124 - وعنه البحار ج 38 / 17 ح 32. (7) المناقب الفاخرة: قال في الذريعة ج 32 /
331: للسيد الشريف الرضى (المتوفى سنة 406)، أكثر النقل عنه في " مدينة
المعاجز " وينقل منه السيد هاشم التوبلي في " روضة العارفين "
والشيخ أحمد بن سليمان البحراني في " عقد اللئال في فضائل النبي والآل "
مصرحا في مواضع منه بأنه للسيد الشريف الرضى أبي الحسين محمد بن أحمد بن الحسين
الموسوي. (8) سليم بن قيس الهلالي: العامري الكوفي التابعي، ادرك أمير المؤمنين
عليا والحسن والحسين وعلي بن الحسين والباقر عليهم السلام، وتوفي متسترا عن الحجاج
أيام إمارته في حدود سنة (90) ه وكتابه من الاصول الشهيرة عند الخاصة والعامة.
(9) اللحاف (بكسر اللام): كل ما يلتحف أي يغطى به.
[
190 ]
حتى أصبح، فخرج يصلي
بأصحابه الغداة، فقال: اللهم اشف عليا وعافه فإنه أسهرني الليلة. قال علي عليه
السلام: فكأنما نشطت من عقال (1)، فقمت وخرجت إلى المسجد، فلما رآني قال: أبشر يا
علي إني لم أسأل الله تعالى فيك شيئا إلا أعطيته (2). 9 - ومن " الكتاب
" أيضا بالاسناد، عن الحسين بن علي، عن أمه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين
سلام الله عليها، قالت: نزلت على سيدي صلوات الله عليه قراءة هذه الآية (لا تجعلوا
دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) (3) قالت: فاطمة فجئت وهبت النبي صلى الله
عليه وآله أن أقول له: يا أباه، فجعلت أقول: يا رسول الله فأقبل علي وقال: يا بنية
لم تنزل فيك ولا في أهلك من قبل، قال: أنت مني وأنا منك، وإنما نزلت في أهل
الجفاء، وإن قولك يا أباه أحب إلى القلب وأرضى للرب. ثم قال: أنت نعم الولد، وقبل
جبهتي ومسحني من ريقه، فما احتجت إلى الطيب بعده (4). 10 - ابن بابويه في "
أماليه " باسناده عن محمد بن الفيض بن المختار (5)،
(1) العقال: الحبل
الذي يشد به البعير في وسط ذراعه، ونشطت من عقال أي خرجت منه. (2) أخرج في البحار
ج 38 / 314 رواية عن كتاب سليم بن قيس مضمونها مضمون هذه الرواية. (3) سورة النور:
63. (4) أخرجه المصنف أيضا في تفسير البرهان ج 3 / 154 ح 1. عن " المناقب
الفاخرة " وأخرج الحديث ابن شهر اشوب في المناقب ج 2 / 320، وقال: القاضي أبو
محمد الكرخي في كتابه عن الصادق عليه السلام، قالت فاطمة: لما نزلت: " لا
تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " هبت رسول الله أن أقول له: يا
أبة، فكنت أقول: يا رسول الله، فأعرض عني مرة واثنتين أو ثلاثا. ثم أقبل علي فقال:
يا فاطمة إنها لم تنزل فيك ولا في أهلك، ولا في نسلك، أنت مني وأنا منك، إنما نزلت
في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر، قولي: يا أبة فإنها أحيى للقلب
وأرضى للرب. (5) محمد بن الفيض بن المختار: الجعفي الكوفي كان من أصحاب الصادق
عليه السلام وكان والده =
[
191 ]
عن أبيه، عن أبي جعفر
محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: خرج رسول الله صلى الله
عليه وآله وهو راكب (1)، وخرج علي عليه السلام وهو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن
إما أن تركب، وإما أن تنصرف. فإن الله عزوجل أمرني أن تركب إذا ركبت، وتمشي إذا
مشيت، وتجلس إذا جلست، إلا أن يكون حد من حدود الله لابد لك من القيام والقعود
فيه، وما أكرمني الله بكرامة إلا وقد أكرمك بمثلها. وخصني بالنبوة والرسالة، وجعلك
وليي في ذلك تقوم في حدوده وفي صعب أموره، والذي بعث محمدا بالحق نبيا ما أمن بي
من أنكرك ولا أقر بي من جحدك، ولا آمن بالله من كفر بك، وإن فضلك لمن فضلي وإن
فضلي لك لفضل الله، وهو قول ربي عزوجل (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو
خير مما يجمعون) (2)، ففضل الله نبوة نبيكم، ورحمته ولاية علي بن أبي طالب،
بالنبوة والولاية فليفرحوا يعني الشيعة. (فبذلك) قال: بالنبوة والولاية (فليفرحوا)
يعني الشيعة، (هو خير مما يجمعون) يعني مخالفيهم من الاهل والمال والولد في دار
الدنيا، والله يا علي ما خلقت إلا ليعبد ربك، ولتعرف بك معالم الدين، ويصلح بك
دارس السبل، ولقد ضل من ضل عنك، ولن يهتدي إلى الله عزو جل من لم يهتد إليك وإلى
ولايتك، وهو قول ربي عزوجل: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) (3)
يعني إلى ولايتك. ولقد أمرني ربي تبارك وتعالى أن أفترض من حقك ما أفترضه من حقي،
= ممن روى عن الباقر
والصادق والكاظم وأول من سمع النص من الصادق على الكاظم عليهم السلام. (1) في
المصدر والبحار: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وهو راكب. (2) سورة
يونس: 58. (3) سورة طه: 82.
[
192 ]
وإن حقك لمفروض على
من آمن بي، ولولاك لم يعرف حزب الله، وبك يعرف عدو الله، ومن لم يلقه بولايتك لم
يلقه بشئ. ولقد أنزل الله عزوجل (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) - يعني
في ولايتك يا علي - (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) (1) ولو لم أبلغ ما أمرت به من
ولايتك لحبط عملي. ومن لقى الله عزوجل بغير ولايتك فقد حبط عمله، وغدا (2) ينجز
لي، وما أقول إلا قول ربي تبارك وتعالى، وإن الذي أقول لمن الله عزوجل أنزله فيك
(3). 11 - الشيخ المفيد في " أماليه " قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله
محمد بن الحسن الجواني (4)، قال: أخبرني المظفر بن جعفر العلوي العمري (5) قال:
حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود (6)، عن أبيه، عن محمد بن حاتم (7)،
(1) سورة المائدة: 67.
(2) في المصدر: وعد (بالعين المهملة). (3) أمالي الصدوق: 399 - المجلس 74 - ح 13 -
وعنه البحار ج 38 ص 105 ح 33 والبرهان ج 2 / 488 ح 2 ورواه في بشارة المصطفى: 178
عن ابن بابويه. (4) أبو عبد الله الجواني: محمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن
محمد بن الحسن بن محمد بن عبد الله مولى الحسين بن علي بن الحسين السجاد عليهما
السلام. ساكن أمل طبرستان، كان من الفقهاء والمحدثين له كتاب " ثواب الاعمال
"، وفي رجال النجاشي: محمد بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين عليهما
السلام، لا مولى الحسين، كما نبه عليه التستري في " قاموس الرجال " ج 8
/ 133، وقال في صفحة 263: محمد بن عبيدالله بن الحسين الاصغر أبو عبد الله
الجواني، الظاهر أنه أحد النفرين الذين أمر المأمون بتسليم فدك إليهما كما رواه
البلاذري. ولا يخفى أن هذا الاستظهار مناف لتاريخ وفاة الجواني لانه مات سنة (181)
وابتداء خلافة المأمون كان في سنة (198). (5) المظفر بن جعفر بن المظفر بن جعفر بن
محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر الاطرف: أبو طالب العلوي السمرقندي كان من ثقات
الامامية ومن مشايخ الصدوق قدس سره. (6) جعفر بن محمد بن مسعود بن العياشي: والده
أبو النضر المفسر جليل القدر المتوفى حدود (320) ق وأما جعفر فهو أيضا أمامي فاضل.
قال الاردبيلي في جامع الرواة: روى عن أبيه =
[
193 ]
قال: حدثنا سويد بن
سعيد (1)، قال: حدثني محمد بن عبد الله اليماني (2) عن ابن مينا (3)، عن أبيه عن
عايشة، قالت: جاء علي بن أبي طالب عليه السلام يستأذن على النبي صلى الله عليه
وآله فلم يأذن (4) له فأستأذن دفعه اخرى فقال النبي صلى الله عليه وآله: ادخل يا
علي. فلما دخل قام إليه رسول الله صلى الله عليه وآله فاعتنقه، وقبل بين عينيه
وقال: بأبي الوحيد الشهيد، بأبي الوحيد الشهيد (5). 12 - الشيخ في " أماليه
"، قال: أخبرنا محمد بن محمد (6)، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي
(7)، قال حدثني الحسين الهادي (8) بن حمزة أبو علي من أصل كتابه، قال: حدثنا الحسن
بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (9)،
= جميع كتب أبيه وهي
تزيد على مأتي مصنف. (4) محمد بن حاتم بن بزيع أبو بكر البصري نزيل بغداد المتوفى
سنة (249) ه. (1) سويد بن سعيد الهروي أبو محمد الانباري المتوفى سنة (240). (2)
في النسخ المخطوطة التي قابلنا المطبوع معها: محمد بن عبد الله اليماني، ويحتمل
أنه محمد بن عبد الله بن طاوس بن كيسان الذي هو من المقبولين عندهم من الثامنة كما
قال ابن حجر في التقريب. ولكن في البحار: محمد بن عبد الرحمن اليماني وفي المصدر
أيضا هكذا، فلم أجد له ترجمة. (3) ابن الميناء: سعيد أبو الوليد الحجازي مولى
البختري بن أبي ذباب المتوفى سنة (146). (4) في البحار آذن، والظاهر هو الصحيح.
(5) أمالي المفيد 72 ح 6 - وعنه البحار ج 38 / 306 ح 7. (6) محمد بن محمد: المراد
به هو الشيخ الجليل المفيد المتوفى سنة (413) ببغداد. (7) محمد بن عمر الجعابي بن
محمد التميمي الحافظ البغدادي المتوفى سنة (355). (8) في المصدر: الحسن الهاد، وفي
البحار: الحسين بن الهاد وفي أمالي المفيد: الحسن بن حماد، ولعله الصحيح، وعلى أي
نحو ما وقفت على ترجمة له، واحتمال أنه الذي ترجمه ابن حجر في التقريب كما قاله
البعض ليس بصحيح فإنه توفي سنة 238 قبل ولادة الجعابي حدود أربعين سنة. (9) الحسن
بن عبد الرحمن: بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلي كان من رجال القوم، ترجمه ابن
أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ج 3 / 24 وقال: روى عنه أبي، وأبو زرعة.
[
194 ]
قال: حدثنا محمد بن
سليمان الاصفهاني (1)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (2)، عن علي بن أبي طالب عليه
السلام، قال: دعاني النبي صلى الله عليه وآله وأنا أرمد العين، فتفل في عيني، وشد
العمامة على رأسي، وقال: اللهم اذهب عنه الحر والبرد فما وجدت بعدها حرا ولا بردا
(3). 13 - محمد بن يعقوب، عن عدة (4) من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله (5)، عن
الحسن (6) بن علي العقيلي، عن علي بن أبي علي اللهبي (7)، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: عمم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا
(1) محمد بن سليمان:
بن عبد الله الاصفهاني الكوفي كان من أصحاب الصادق عليه السلام وروى عنه، توفي سنة
(181). وفي المصدر: محمد بن سليمان الاصفهاني، عن عبد الله الاصفهاني، عن عبد
الرحمن. ولعله الصحيح لانه يبعد رواية محمد بن سليمان عن عبد الرحمان بلا واسطة.
(2) عبد الرحمن بن أبي ليلى: الانصاري الكوفي الفقيه المقري كان من أصحاب أمير
المؤمنين ضربه الحجاج حتى اسود كتفاه، غرق مع ابن الاشعث بدجيل سنة (83). (3)
أمالي الطوسي ج 1 / 87 - ومجالس المفيد / 317 - وعنهما البحار ج 18 / 4 ح 2. (4)
عدة من أصحابنا: قال المحققون، كل ما كان في الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن
محمد بن خالد البرقي فهم: 1 - أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي صاحب
التفسير المعروف المتوفى بعد سنة (307). 2 - علي بن محمد بن عبد الله بن أذينة.
(3) أحمد بن عبد الله بن أمية، له ترجمة في تنقيح ج المقال ج 1 / 65. (4) علي بن
الحسين السعد آبادي. له ترجمة في التنقيح ج 2 / 281. (5) أحمد بن أبي عبد الله:
محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي. وكان جده محمد بن علي حبسه
يوسف بن عمر والي العراق بعد قتل زيد بن علي، ثم قتله، وكان خالد صغيرا فهرب مع
أبيه عبد الرحمن إلى برقة قم فأقاموا بها، توفي المترجم سنة (274) - أو (280). (6)
في المصدر: الحسين بن علي العقيلي - وفي البحار والوسائل: الحسن بن علي العقيلي
وعلى أي نحو ما وجدت له ترجمة. (7) علي بن أبي علي اللهبي: المدني كان من أصحاب
الصادق عليه السلام له ترجمة في " جامع الرواة " ج 1 / 552.
[
195 ]
عليه السلام بيده،
فسد لها (1) من بين يديه، وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع، ثم قال أدبر فأدبر، ثم
قال: أقبل فأقبل، ثم قال: هكذا تيجان الملائكة صلوات الله عليهم (2).
(1) سدل الثوب: أرسله
وأرخاه. (2) الكافي ج 6 / 461 ح 4 وعنه البحار ج 42 / 69 ح 21 والوسائل ج 3 / 377
ح 3.
[
197 ]
1 - محمد بن يعقوب، عن محمد بن
يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: ما أكل رسول الله صلى الله عليه وآله متكئا منذ بعثه الله عزوجل إلى
أن قبضه تواضعا لله عزوجل، وما رؤي ركبتاه (1) أمام جليسه في مجلس قط. ولا صافح
رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا قط فنزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي
ينزع يده، ولا كافئ رسول الله بسيئة قط قال الله له: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة)
(2) وما منع سائلا قط، إن كان عنده أعطى، وإلا قال: يأتي الله عزوجل، ولا أعطي على
الله عزوجل شيئا قط إلا أجازه الله، إنه ليعطي الجنة فيجيز الله، له ذلك. وكان أخوه
(3) من بعده والذي ذهب بنفسه ما أكل من الدنيا حراما قط حتى خرج منها، والله إنه
كان ليعرض له أمران كان كلاهما لله عزوجل طاعة
(1) في بعض النسخ: (ما
أرى ركبتيه)، قال المحقق في حاشية البحار: أي إن أحتاج إلى كشف ركبتيه ليراه لم
يفعل ذلك عند جليسه حياء منه، ويحتمل أن يكون المراد أنه صلى الله عليه وآله لم
يكن يتقدم الجلساء في الجلوس بحيث تسبق ركبتاه ركبهم. (2) المؤمنون: 96. (3) يعني
أمير المؤمنين عليه السلام.
[
198 ]
فيأخذ بأشدهما على
بدنه، والله لقد أعتق ألف مملوك لوجه الله عزو جل، دبرت (1) فيهم يداه، والله ما
أطاق عمل رسول الله صلى الله عليه وآله من بعده أحد غيره، والله ما نزلت برسول
الله صلى الله عليه وآله نازلة قط إلا قدمه فيها ثقة منه به، وإنه كان رسول الله
صلى الله عليه وآله ليبعثه برايته، فيقاتل جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، ثم
ما يرجع حتى يفتح الله عزوجل له (2). 2 - وعنه، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي
عبد الله، عن أبيه، عن حماد بن عيسى (3)، عن حريز بن عبد الله (4)، عن بحر السقاء
(5)، قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا بحر حسن الخلق يسر، ثم قال: ألا أخبرك
بحديث ما هو في أيدي أحد من أهل المدينة ؟ قلت: بلى. قال: بينا (6) رسول الله صلى
الله عليه وآله ذات يوم جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الانصار، وهو قاعد،
فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبي صلى الله عليه وآله فلم تقل شيئا، ولم يقل لها
النبي صلى الله عليه وآله شيئا، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فقام لها النبي صلى الله
عليه وآله في الرابعة وهي خلفه، فأخذت هدبة (7) من ثوبه ثم
(1) قال الجزري: الدبر
بالتحريك: الجرح الذي يكون في ظهر البعير. (2) الكافي ج 8 / 164 ح 175 - وعنه
البحار ج 41 / 130 ح 41 - والبرهان ج 3 / 118. وصدره في الوسائل ج 8 / 499 ح 2 وج
16 / 412. (3) حماد بن عيسى: الجهني البصري جليل القدر من أصحاب الاجماع، روى عن
الصادق والكاظم والرضا عليهم الصلوة والسلام: توفي سنة (208) أو (209)، حج خمسين
سنة، ثم خرج بعد الخمسين حاجا فلما صار في موضع الاحرام دخل يغتسل فجاء الوادي
فحمله فغرقه الماء، رحمة الله عليه. (4) حريز بن عبد الله: أبو محمد الازدي الكوفي
مولى الازد، أكثر التجارة إلى سجستان في السمن والزيت، قيل: روى عن الصادق والكاظم
عليهما السلام. (5) بحر السقاء: بن كنيز البصري أبو الفضل المتوفى سنة (160). (6)
في البحار: بينما. (7) الهدبة (بضم الهاء وسكون الدال المهملة): خمل الثوب وطرته،
وبالفارسية: ريشهء ريزهء جامه.
[
199 ]
رجعت، فقال لها
الناس: فعل الله بك (1) وفعل، حبست رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث مرات لا
تقولين له شيئا ولا هو يقول لك شيئا ما كانت حاجتك إليه ؟ قالت: إن لنا مريضا
فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه ليستشفى بها، فلما أردت أخذها رأني فقام، فاستحييت
أن آخذها وهو يراني، وأكره أن أستأمره في أخذها فأخذتها (2). 3 - الشيخ في "
أماليه " قال: حدثنا الحسين بن عبيدالله الغضائري (3) رحمه الله، عن أبي محمد
هارون بن موسى التلعكبري (4)، قال: حدثنا محمد بن همام (5)، قال: حدثنا علي ابن
الحسين الهمداني (6) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي (7)، عن أبي
قتادة القمي (8)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لله عزوجل وجوها خلقهم من
خلقه وأرضه، لقضاء حوائج إخوانهم، يرون الحمد مجدا والله عزوجل يحب مكارم الاخلاق،
وكان فيما خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن قال له يا محمد: (إنك لعلى
(1) دعاء على الجارية.
(2) الكافي ج 2 / 102 ح 15، وعنه البحار ج 16 / 264 ح 61، وج 71 / 379 ح 13 وصدره
في الوسائل ج 8 / 505 ح 11. (3) الحسين بن عبيدالله الغضائري: بن إبراهيم أبو عبد
الله، سمع الشيخ الطوسي منه وأجاز له جميع رواياته - وكذا أجاز النجاشي أيضا، توفي
سنة (411). (4) أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري: بن أحمد بن سعيد الشيباني، كان
جليل القدر واسع الرواية، توفي سنة (385). (5) محمد بن همام: بن سهل أبو علي
الكاتب الاسكافي البغدادي المتوفى (332) أو (336) - ترجمه مبسوطا العلامة
المامقاني في التنقيح ج 2 / 58. (6) علي بن الحسين الهمداني، عده الشيخ في رجاله
من أصحاب الهادي عليه السلام والعلامة في الخلاصة قال: أنه من أصحاب أبي جعفر
الجواد عليه السلام. (7) محمد بن خالد البرقي أبو عبد الله: كان من أصحاب الكاظم،
والرضا، والجواد عليهم الصلوة والسلام، ووثقه الشيخ والعلامة. (8) أبو قتادة
القمي: علي بن محمد بن حفص الاشعري، روى عن الصادق عليه السلام ووثقه النجاشي
والعلامة.
[
200 ]
خلق عظيم) (1) قال:
السخاء وحسن الخلق (2). 4 - ابن بابويه في " أماليه " قال: حدثنا أبي
رضي الله عنه، قال: حدثني علي بن إبراهيم عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان
الاحمر، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى
الله عليه وآله وقد بلي ثوبه، فحمل إليه اثني عشر درهما فدفعها إلى علي عليه
السلام قال: اشتر لي قميصا، فدخل علي عليه السلام السوق، واشترى قميصا باثنتي عشرة
درهما. فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله قال صلى الله عليه وآله: يا علي قميص
دونه يكفيني، أترى صاحبه يقيلنا ؟ فقال: لا أدري. فقام النبي صلى الله عليه وآله، ودخل
معه السوق فاستقال التاجر، فأقاله، وأخذ الدراهم وانصرف، فوجد جارية على الطريق
تبكي، فقال لها: ما يبكيك ؟ قالت: أعطاني أهلي أربعة دراهم لاشتري بها حاجة، وقد
ضيعتها، فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة دراهم. ثم دخل السوق واشترى
قميصا بأربعة دراهم ولبسه، فانصرف فوجد رجلا على الطريق عريانا، وهو يقول: من
كساني كساه الله تعالى من ثياب الجنة، فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله قميصه،
وانصرف إلى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم ولبسه، وانصرف فوجد الجارية تبكي فقال
لها: مالك ؟ فقالت يا رسول الله إن أهلي قد أبطأت عليهم فأخاف أن يضربوني. فقال
النبي صلى الله عليه وآله: امضي أمامي وأرشديني إلى الطريق، فما جاء إلى الباب
قال: السلام عليكم فلم يجيبوه، ثم قال: السلام عليكم فلم يجيبوه، ثم قال: السلام
عليكم فقالوا: وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.
(1) سورة القلم: 4.
(2) أمالي الشيخ: ج 1 ص 309 - وعنه البحار ج 71 / 391 ح 52، والبرهان: 4 / 369 ح
6.
[
201 ]
فقال صلى الله عليه
وآله أسلم عليكم فلا تجيبوني، فقالوا: سمعنا سلامك، فأحببنا أن نستكثر منه، فقال
صلى الله عليه وآله: هذه الجارية قد أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها، فقالوا: يا رسول
الله هي حرة لممشاك. فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما رأيت اثنتي عشرة درهما
أعظم بركة من هذا كسى الله جل جلاله بها عاريين وأعتق بها نسمة (1).
(1) أمالي الصدوق: 197
ح 5 - وعنه البحار ج 16 / 214 ح 1 وعن الخصال: 490 ح 69. ولا يخفى أن المصنف قدس
سره نقل الحديث نقلا بالمعنى ولما كان بحسب اللفظ مع المصدر متفاوتا كثيرا فنورد
أصل الحديث: عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى
الله عليه وآله، وقد بلي ثوبه، فحمل إليه اثني عشر درهما، فقال: يا علي خذ هذه
الدراهم فاشتر لي ثوبا ألبسه، قال علي عليه السلام: فجئت إلى السوق، فاشتريت له
قميصا باثني عشر درهما، وجئت به إلى رسول الله فنظر إليه، فقال: غير هذا أحب ألي،
أترى صاحبه يقيلنا ؟ فقلت: لا أدري، فقال: انظر، فجئت إلى صاحبه فقلت: إن رسول
الله صلى الله عليه وآله قد كره هذا، يريد ثوبا دونه، فأقلنا فيه، فرد علي
الدراهم، وجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فمشى معي إلى السوق ليبتاع
قميصا فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه
وآله: ما شأنك ؟ قالت: يا رسول الله إن أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لاشتري لهم
بها حاجة فضاعت، فلا أجسر أن أرجع إليهم، فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وآله
أربعة دراهم، وقال: ارجعي إلى أهلك، ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى السوق
فاشترى قميصا بأربعة دراهم ولبسه وحمد الله وخرج، فرأى رجلا عريانا يقول: من كساني
كساه الله من ثياب الجنة، فخلع رسول الله صلى الله عليه وآله قميصه الذي اشتراه
وكساه السائل، ثم رجع إلى السوق فاشترى بالاربعة التي بقيت قميصا آخر فلبسه وحمد
الله ورجع إلى منزله، وإذا الجارية قاعدة على الطريق، فقال لها رسول الله صلى الله
عليه وآله: مالك لا تأتين أهلك ؟ قالت: يا رسول الله إني قد أبطأت عليهم وأخاف أن
يضربوني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: مري بين يدي ودليني على أهلك،
فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وقف على باب دارهم، ثم قال: السلام عليكم
يا أهل الدار، فلم يجيبوه، فأعاد السلام فلم يجيبوه، فأعاد السلام، فقالوا: عليك
السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال لهم: مالكم تركتم إجابتي في أول
السلام والثاني ؟ قالوا: يا رسول الله سمعنا سلامك فأحببنا أن نستكثر منه فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إن هذه الجارية أبطئت عليكم فلا تؤاخذوها، فقالوا:
يا =
[
202 ]
5 - وعنه، قال: حدثنا
الحسين بن أحمد بن إدريس (1) رضي الله عنه، قال: حدثني أبي قال: حدثنا أحمد بن
محمد بن عيسى (2)، قال: أخبرني محمد بن يحيى الخزاز (3) قال: حدثني موسى بن
إسمعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام عن أمير
المؤمنين عليه السلام قال: إن يهوديا كان له على رسول الله صلى الله عليه وآله
دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهودي ما عندي ما أعطيك، فقال: فأني لا أفارقك يا
محمد صلى الله عليه وآله حتى تعطيني (4) فقال صلى الله عليه وآله: إذا أجلس معك،
فجلس صلى الله عليه وآله معه، حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء
الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول الله يتهددونه ويتوا عدونه. فنظر رسول الله صلى
الله عليه وآله إليهم فقال: ما الذي تصنعون به ؟ فقالوا: يا رسول الله يهودي يحبسك
؟ فقال صلى الله عليه وآله: لم يبعثني ربي عزوجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره. فلما
علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا لانظر إلى نعتك في
التوراة، فإني قرأت نعتك في التوراة: محمد بن عبد الله مولده بمكة، ومهاجره بطيبة،
ولا بفظ، ولا غليظ، ولا سخاب (5)، ولا
= رسول الله هي حرة
لممشاك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحمد لله ما رأيت اثني عشر درهما
أعظم بركة من هذه، كسا الله بها عريانين، وأعتق بها نسمة. (1) الحسين بن أحمد بن
إدريس: أبو عبد الله الاشعري القمي، روى عنه الصدوق في كتبه كثيرا، وكذا روى عنه
التلعكبري وغيرهما، ووالده الذي حدث عنه هو أحمد بن إدريس أبو علي الاشعري القمي
المتوفى سنة (306). (2) أحمد بن محمد بن عيسى: أبو جعفر الاشعري بن عبد الله بن
سعد القمي من أعاظم فقهاء الشيعة في قم، حكى أنه لقى الرضا والجواد والهادي عليهم
السلام. (3) محمد بن يحيى الخزاز: الكوفي من موثقي أصحاب الصادق عليه السلام. (4)
في المصدر والبحار: تقضيني. (5) السخاب بالسين وبالصاد: الذي يفج ويضطرب صوته
للخصام. (*)
[
203 ]
متزين بالفحش (1)،
ولا قول الخناء (2)، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله صلى الله عليه
وآله، وهذا مالي فاحكم فيه بما أنزل الله عزوجل، وكان اليهودي كثير المال. ثم قال
عليه السلام: كان فراش رسول الله صلى الله عليه وآله عباءة، وكان مرفقته (3) أدم
(4) حشوها ليف، فثنيت له ذات ليلة، فلما أصبح قال: لقد منعني الفراش الليلة
الصلوة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يجعل بطاق واحد (5). 6 - الكافي، عن
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، وعدة من أصحابنا، عن
أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران جميعا، عن سيف بن عميرة (6)، عن عبد الله
بن (7) مسكان، عن عمار بن حيان (8)، قال خبرت أبا عبد الله عليه السلام ببر إسمعيل
ابني بي، فقال: لقد كنت أحبه فقد ازددت له حبا، إن رسول الله صلى الله عليه وآله
أتته أخت له من الرضاعة (9) فلما نظر إليها سر بها،
(1) المتزين بالفحش:
الذي يتخذ الفحش زينة كاللئام، وفي نسخة: المترين بالراء المهملة أي الذي يدنس
نفسه بالفحش. (2) الخناء: الفحش في القول. (3) المرفقة (بكسر الميم وسكون الراء):
المخدة والوسادة. (4) الادم: جمع الاديم وهو الجلد المدبوغ. (5) أمالي الصدوق: 376
ح 6 وعنه البحار ج 16 / 216 ح 5 وأخرج ذيله في البحار أيضا ج 16 / 252 عن مكارم
الاخلاق: 38 باختلاف، يأتي ذيله في الباب 23 ح 8. (6) سيف بن عميرة: النخعي،
الراوي عن الصادق والكاظم عليهما السلام. (7) عبد الله بن مسكان: ثقة عين، ذكره
الكشي من أصحاب الاجماع روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام. (8) عمار بن حيان: لم
يعرف حاله إلا أن نستكشف وثاقته عن رواية ابن مسكان عنه وهو من أصحاب الاجماع كما
تقدم. (9) المراد بها يحتمل هي الشيماء بنت الحارث من حليمة بنت أبي ذؤيب.
[
204 ]
وبسط ملحفته (1) لها،
فأجلسها عليها، ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها. ثم قامت وذهبت وجاء أخوها، فلم
يصنع به ما صنع بها، فقيل له: يا رسول الله صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجل ؟
فقال: لانها كانت أبر بوالديها منه (2). 7 - والذي رواه الحسين بن سعيد (3)، في
كتاب " الزهد " عن فضالة بن أيوب (4)، عن سيف بن عميرة، عن ابن مسكان،
عن عمار بن حيان، قال أخبرني أبو عبد الله عليه السلام ببر ابنه إسمعيل له وقال:
ولقد كنت أحبه وقد ازداد إلي حبا، إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتته أخت له من
الرضاعة. وساق إلى آخره الحديث إلا أن في آخره: فقال صلى الله عليه وآله: لانها
كانت أبر بأبيها منه (5). 8 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن
أبي عمير، عن ابن أذينة (6) عن زرارة (7)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: دخل يهودي
على رسول الله صلى الله عليه وآله، وعائشة عنده فقال:
(1) الملحفة (بكسر
الميم) كل ما يلتحف ويتغطى به. (2) الكافي ج 2 / 161 ح 12 وعنه البحار ج 84 / 55 ح
12 والوسائل ج 15 / 205 ح 3. (3) الحسين بن سعيد: بن حماد الاهوازي الراوي عن
الرضا والجواد والهادي عليهم السلام أصله الكوفي وانتقل مع أخيه الحسن إلى الاهواز
ثم تحول إلى قم وتوفي بها. (4) فضالة بن أيوب: الازدي الاهوازي من أصحاب الكاظم
والرضا عليهما السلام، وقيل أنه من أصحاب الاجماع. (5) كتاب الزهد: 34 ح 88 وعنه
البحار ج 16 / 281 ح 126 وج 74 / 81 ح 85، وصدره في البحار ج 47 / 268 ح 4. (6)
ابن أذينة: عمر بن محمد بن عبد الرحمن الامامي البصري كان من وجوه الاصحاب، وروى
عن الصادق عليه السلام بالمكاتبة. (7) زرارة: بن أعين بن سنسن أبو الحسن الراوي عن
الباقر والصادق عليهما السلام ومن أصحاب الاجماع.
[
205 ]
السام (1) عليكم فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: عليك (2). ثم دخل آخر فقال مثل ذلك فرد عليه كما رد
على صاحبه ثم دخل آخر فقال: مثل ذلك، فرد عليه كما رد على صاحبيه، فغضبت عايشة،
فقالت: عليكم السام والغضب واللعنة يا معشر اليهود، يا إخوة القردة والخنازير.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عايشة إن الفحش لو كان ممثلا لكان مثال
سوء إن الرفق لم يوضع على شئ قط إلا زانه، ولم يوضع عنه قط إلا شانه. قالت: يا
رسول الله أما سمعت إلى قولهم السام عليكم ؟ فقال: بلى أما سمعت ما رددت عليهم ؟
قلت: عليكم، فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا: السلام (3) عليكم، وإذا سلم عليكم كافر
فقولوا: عليك (4). 9 - وعنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى (5)، عن
ربعي بن عبد الله (6)، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان رسول الله صلى الله
عليه وآله يسلم على النساء ويرددن عليه (7)، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسلم
على النساء، وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن ويقول: أتخوف أن يعجبني صوتها،
فيدخل علي أكثر مما أطلب من الاجر (8). 10 - وعنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن
(1) السأم: الموت. (2)
في المصدر: عليكم. (3) في المصدر: سلام. (4) الكافي ج 2 / 648 - وعنه الوسائل ج 8
/ 452 ح 4 والبحار ج 16 ص 258 ح 43. (5) حماد بن عيسى الجهني البصري الراوي عن
الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام وتوفي سنة (208) أو (209). (6) ربعي بن عبد
الله: بن الجارود العبدي أبو نعيم البصري الراوي عن الصادق والكاظم عليهما السلام.
(7) في المصدر: عليه السلام. (8) الكافي ج 2 / 648 ح 1، ج 5 / 535، ح 3 وعنه
الوسائل 8 / 451 ح 1 وج 14 / 173، ح 3 وعن الفقيه ج 3 / 469 ح 4634.
[
206 ]
معمر بن خلاد، قال:
سألت أبا الحسن (1) عليه السلام فقلت: جعلت فداك الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم
كلام يمزحون ويضحكون ؟ فقال: لا بأس ما لم يكن، فظننت أنه نهى عن الفحش. ثم قال:
إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأتيه الاعرابي فيهدي له الهدية، ثم يقول
مكانه: أعطنا ثمن هديتنا، فيضحك رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان إذا اغتم
يقول: ما فعل الاعرابي ؟ ليته أتانا (2). 11 - الحسين بن سعيد في كتاب "
الزهد " عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، يعني عبد الله قال الحسن يعني الصيقل
(3): سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: مرت برسول الله صلى الله عليه وآله
امرأة وهي بذية (4)، وهو يأكل، فقالت: يا محمد إنك لتأكل أكل العبد، وتجلس جلوسه ؟
! فقال لها: ويحك وأي عبد أعبد مني ؟ فقالت: أما تناولني لقمة من طعامك ؟ فناولها
رسول الله صلى الله عليه وآله لقمة من طعامه، فقالت: لا والله إلا إلى فمي (5) من
فيك. قال: فأخرج اللقمة من فيه فناولها إياها فأكلتها، قال أبو عبد الله عليه
السلام: فما أصابتها بذاء (6) حتى فارقت الدنيا (7).
(1) المراد به الامام
علي بن موسى الرضا عليهما السلام. (2) الكافي ج 2 / 663 ح 1 - وعنه البحار ج 16 /
259 ح 45 والوسائل ج 8 / 477 ح 1. (3) الصيقل: الحسن بن زياد أبو محمد الكوفي
الراوي عن الباقر والصادق عليهما السلام. (4) البذية: المتكلمة بالفحش. (5) في
المصدر: في. (6) في المصدر: أصابها داء، وفي بعض النسخ بذاء، روى العلامة المجلسي
الحديث في البحار ج 66 / 420 وقال في بيانه: البذاء بالمد: الفحش في القول، وقد
استدل بالحديث على جواز أكل ما خرج من فم الغير، ويشكل بأن احتمال الاختصاص هنا
قوي. (7) الزهد: 11 ح 22 - وعنه البحار ج 16 / 281 ح 124 وج 66 / 420 ح 33 عنه وعن
المحاسن 457 ح 388.
[
207 ]
1 - ابن بابويه قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن
إدريس رضي الله عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال:
أخبرني محمد بن يحيى الخزاز، قال: حدثني موسى بن إسماعيل (1)، عن أبيه، عن موسى بن
جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن رسول
الله صلى الله عليه وآله دخل على ابنته فاطمة، وإذا في عنقها قلادة، فأعرض عنها،
فقطعتها ورمت بها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت مني يا فاطمة. ثم
جاء سائل فناولته القلادة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اشتد غضب الله
وغضبي على من أهرق دمي وآذاني في عترتي (2) 2 - وعنه قال: حدثنا الحسن بن محمد بن
سعيد الهاشمي الكوفي، قال حدثنا جعفر بن محمد العلوي الحسني (3) قال: حدثنا محمد
بن علي بن
(1) موسى بن إسماعيل:
بن موسى بن جعفر عليهما السلام كان من العلماء المؤلفين. (2) أمالي الصدوق: 377 -
وعنه البحار ج 43 / 22 ح 15 وعن كشف الغمة ج 1 / 471. (3) جعفر بن محمد العلوي
الحسني: بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم
السلام، توفي سنة (308).
[
208 ]
خلف العطار (1)، قال:
حدثنا حسن بن صالح بن الاسود (2)، قال: حدثنا أبو معشر (3)، عن محمد بن قيس (4)،
كان النبي صلى الله عليه وآله إذا قدم من سفر بدأ بفاطمة فدخل عليها فأطال عندها
المكث، فخرج مرة في سفره، فصنعت فاطمة مسكتين (5) من ورق وقلادة وقرطين، وسترا لباب
البيت لقدوم أبيها وزوجها عليهما السلام، فلما قدم رسول الله دخل عليها فوقف
أصحابه على الباب لا يدرون يقفون أو ينصرفون لطول مكثه عندها، فخرج رسول الله صلى
الله عليه وآله وقد عرف الغضب في وجهه، حتى جلس عند المنبر، فظنت فاطمة أنه إنما
فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله لما رأى من المسكتين والقلادة والقرطين
والستر، فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها. ونزعت الستر فبعثت به إلى رسول الله صلى
الله عليه وآله، وقالت للرسول: قل له: تقرأ عليك ابنتك السلام وتقول اجعل هذا في
سبيل الله. فلما أتاه قال صلى الله عليه وآله: فعلت، فداها أبوها ثلاث مرات، ليست
الدنيا من محمد ولا من آل محمد، ولو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير جناح
بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء، ثم قام فدخل عليها (6). 3 - ابن شهر آشوب، عن
أبي صالح المؤذن في كتابه بالاسناد، عن علي
(1) محمد بن علي بن
خلف العطار: الكوفي البغدادي عامي وثقه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج 3 / 57.
(2) الحسن بن صالح بن الاسود: الليثي عامي ترجمه ابن حجر في لسان الميزان وقال:
ذكره ابن حبان في الثقات. (3) أبو معشر: نجيح السندي المدني صاحب المغازي عامي
ترجمه الذهبي في ميزان الاعتدال ج 4 / 246. (4) محمد بن قيس: مولى آل أبي سفيان بن
حرب توفي بالمدينة في فتنة وليد بن يزيد (الجرح والتعديل) ج 8 / 64. (5) المسكة
(بالتحريك): السوار والخلخال. (6) أمالي الصدوق: 194 ح 7 - وعنه البحار ج 43 / 20
ح 7.
[
209 ]
عليه السلام أن النبي
صلى الله عليه وآله دخل على ابنته فاطمة، وإذا في عنقها قلادة، فأعرض عنها،
فقطعتها فرمت بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت مني يا فاطمة، ثم جاء
سائل فناولته القلادة (1) 4 - الحسين بن سعيد في كتاب " الزهد " عن
النضر بن سويد (2)، عن عبد الله بن سنان (3)، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: دخل على النبي صلى الله عليه وآله رجل، وهو على حصير قد أثر في جسمه، ووسادة
ليف قد أثرت في خده، فجعل يمسح (4) ويقول: ما رضي بهذا كسرى ولا قيصر، إنهم ينامون
على الحرير والديباج، وأنت على هذا الحصير ؟ قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه
وآله: لانا خير منهما والله، لانا أكرم منهما والله، ما أنا والدنيا، إنما مثل
الدنيا كمثل رجل راكب مر على شجرة ولها فئ، فاستظل تحتها، فلما أن مال الظل عنها
ارتحل فذهب وتركها (5). 5 - الشيخ في " أماليه " قال: أخبرنا أبو الحسن
محمد بن محمد بن مخلد (6)، قال: حدثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم
المعروف بالخلدي (7)، قال: حدثنا الحسن بن علي القطان، قال: حدثنا عباد بن موسى
الختلي (8)، قال: حدثنا أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب (9)، عن
(1) مناقب ابن شهر
اشوب ج 3 / 343 - وعنه البحار ج 43 / 86. (2) النضر بن سويد الصيرفي الكوفي من
ثقات أصحاب الكاظم عليه السلام انتقل إلى بغداد، وله كتاب - جامع الرواة ج 2 /
292. (3) عبد الله بن سنان: بن طريف الكوفي الخازن للمنصور، والمهدي والهادي
العباسيين، روى عن الصادق عليه السلام. (4) يمسح: يزيل الغبار والاثر. (5) الزهد:
50 - وعنه البحار ج 16 / 282 ح 129 وج 73 / 126 ح 124. (6) أبو الحسن محمد بن محمد
بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز المتوفى سنة (419) من رجال العامة. (7) الخلدي:
أبو محمد جعفر بن محمد كان حيا في سنة (339). (8) عباد بن موسى الختلي (بضم الخاء
المعجمة وتشديد المثناة المفتوحة) أبو محمد نزيل بغداد، توفي سنة (230) وكان من ثقاة
العامة. (9) أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب الاردني نزيل بغداد، ترجمة ابن
حجر في التقريب =
[
210 ]
عبد الله بن مسلم
(1)، عن سعيد بن جبير (2)، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يجلس على الارض، ويأكل على الارض، ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز
الشعير (3). 6 - وعنه، قال: أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الرزاز (4)، قال: حدثنا
حامد بن سهل الثغري (5) قال: حدثنا حامد أبو غسان، قال: حدثنا شريك (6)، عن سماك
(7)، عن عكرمة (8)، عن ابن عباس، عن ميمونة (9) قالت: أجنبت أنا ورسول الله صلى الله
عليه وآله، فاغتسلت من جفنة، وفضلت فيها فضلة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله
فاغتسل منها، قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنها فضلت مني، أو قالت:
اغتسلت، فقال: ليس الماء جنابة (10). 7 - محمد بن يعقوب، عن أحمد بن عبد الله
(11)، عن أحمد بن أبي
= ج 1 / 35. (1) عبد
الله بن مسلم: بن عبيدالله الزهري المدني المتوفى قبل سنة (125). (2) سعيد بن
جبير: الفقيه الكوفي التابعي الشهيد في سنة (95). (3) أمالي الطوسي: ج 2 / 7 -
وعنه البحار ج 16 / 222 وفي ص 229 عن مكارم الاخلاق: 16. (4) الرزاز: هو أبو جعفر
محمد بن عمرو بن البختري من العامة كان حيا في سنة (339). (5) حامد بن سهل الثغري:
بن سالم أبو جعفر البغدادي المتوفى سنة (280). (6) شريك: بن عبد الله النخعي
الكوفي القاضي بواسط المتوفى سنة (177). (7) سماك: بن حرب بن أوس أبو المغيرة
الكوفي المتوفى سنة (123). (8) عكرمة: هو ابن عبد الله البربري مولى ابن عباس،
توفي سنة (107) وقد تقدم. (9) ميمونة: بنت الحارث الهلالية زوج النبي صلى الله
عليه وآله توفيت سنة (51). (10) أمالي الطوسي: 2 / 6 - وعنه البحار: 80 / 134 -
والوسائل: 1 / 169. (11) أحمد بن عبد الله: بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، أحد
العدة الذين يروي الكليني عنهم عن البرقي.
[
211 ]
عبد الله (1)، عن
عبدل بن مالك (2)، عن هارون بن الجهم (3)، عن الكاهلي (4)، عن معاذ بياع الاكسية
قال: - قال أبو عبد الله عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحلب عنز
(5) أهله (6). 8 - ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن إدريس رضي الله عنه،
قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: أخبرني محمد بن يحيى
الخزاز، قال: حدثني موسى بن إسمعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه
عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام: كان فراش رسول الله صلى الله عليه
وآله عباءة، وكان مرفقته أدم حشوها ليف، فثنيت له ذات ليلة، فلما أصبح قال: لقد
منعني الفراش الليلة الصلاة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يجعل بطاق واحد
(7). 9 - الحسين بن سعيد (8)، في كتاب " التمحيص " عن عبد الله بن أبي
(1) أحمد بن أبي عبد
الله: هو أحمد بن محمد بن خالد البرقي صاحب " المحاسن " المتوفى سنة
(264). (2) عبدل بن مالك: ترجمه في " معجم رجال الحديث " ج 10 / 71 -
وفي جامع الرواة: عبد الله بن مالك النخعي الكوفي. (3) هارون بن الجهم: بن ثوير بن
أبي فاختة الراوي عن الصادق عليه السلام، وهو من ثقاة أهل الكوفة، وله كتاب. (4)
الكاهلي: عبد الله بن يحيى أبو محمد الكوفي الراوي عن الصادق والكاظم عليهما
السلام. (5) العنز (بفتح العين وسكون النون): الانثى من المعز. (6) الكافي: 5 / 86
- وعنه البحار: 16 / 273 - والوسائل ج 12 / 39. (7) أمالي الصدوق: 377 - وتقدم
مبسوطا بتمامه وتراجم رجاله في الباب الثاني والعشرين ح 5. (8) الحسين بن سعيد: بن
حماد الاهوازي من ثقاة رواة الرضا والجواد والهادي عليهم السلام توفي بقم، وقد
تقدم، ولكن كتاب " التمحيص " ليس له بل لصاحب " تحف العقول "
الشيخ أبي محمد الحسن بن علي الحراني الحلبي المعاصر للشيخ الصدوق المتوفى سنة
(381)، وهو يروي عن الشيخ أبي علي محمد بن همام الاسكافي المتوفى سنة (336)،
وروايته في أول التمحيص عن ابن همام صارت منشأ تخيل بعض في نسبة التمحيص إلى ابن
همام كما صرح به شيخنا في الرواية العلامة الطهراني في الذريعة ج 3 / 400.
[
212 ]
يعفور (1)، قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رجلا من الانصار أهدى إلى رسول الله صلى الله
عليه وآله صاعا من رطب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للخادم التي جاءت به:
أدخلي فانظري هل تجدين في البيت قصعة أو طبقا فتأتيني به، فدخلت ثم خرجت إليه،
فقالت ما أصبت قصعة ولا طبقا، فكنس رسول الله صلى الله عليه وآله مكانا من الارض،
ثم قال لها: ضعيه ههنا على الحضيض، ثم قال: والذي نفسي بيده لو كانت الدنيا تعدل
عند الله جناح بعوضة ما أعطى كافرا ولا منافقا منها شيئا (2). 10 - محمد بن يعقوب،
باسناده، عن أبي هارون (3)، عن أبي سعيد الخدري (4)، قال: إن رسول الله صلى الله
عليه وآله مكث بمكة يوما وليلة يطوي (5) (6). 11 - وعنه، عن عدة من أصحابنا، عن
أحمد بن أبي عبد الله (7)، عن محمد بن عيسى (8)، عن عبد الله العلوي (9) عن أبيه،
عن جده، قال: قال
(1) عبد الله بن أبي
يعفود واقد أبو محمد من ثقاة أصحاب الامام الصادق عليه السلام وتوفي أيام حياته.
(2) التمحيص: 48 ح 79 - وعنه البحار: 16 / 283 ح 133 وج 72 / 51. (3) أبو هارون
العبدي: عمارة بن جوين (مصغرا) توفي سنة (134). (4) أبو سعيد الخدري: سعد بن مالك
بن سنان الخزرجي من الصحابة الحفاظ المكثرين والعلماء والعظماء، حكى أنه استصغر
بأحد، فرد ثم شهد ما بعدها توفي بالمدينة سنة (65) أو (74) - أو غيرها والخدري
(بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة) منسوب إلى خدرة بن عوف جده، وكان أبوه
مالك صحابيا استشهد يوم أحد، وكان أبو سعيد من السابقين الذين رجعوا إلى أمير
المؤمنين عليه السلام وكان مستقيما. (5) يطوي: يجوع، من طوى يطوي فهو طاو أي خالي
البطن. (6) الكافي ج 6 / 243 قطعة من الحديث الاول - وعنه البحار ج 65 / 172 ح 5.
(7) هو أحمد بن محمد بن خالد البرقي المتقدم ذكره. (8) محمد بن عيسى: بن عبيد بن
يقطين تقدمت ترجمته. (9) عبد الله العلوي: بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه
السلام، عده الشيخ تارة من أصحاب السجاد عليه السلام وأخرى من أصحاب الصادق عليه
السلام.
[
213 ]
أمير المؤمنين عليه
السلام لما قدم عدي بن حاتم (1) إلى النبي صلى الله عليه وآله، أدخله النبي بيته،
ولم يكن في البيت غير خصفة (2) ووسادة أدم، فطرحها رسول الله صلى الله عليه وآله
لعدي بن حاتم (3). 12 - الشيخ في " أماليه " قال: أخبرنا محمد بن محمد
(4)، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسن المقري، قال: حدثنا محمد بن حسن بن سهل
العطار، قال: حدثنا أحمد بن عمر الدهقان، قال: حدثنا محمد بن كثير مولى عمر بن عبد
العزيز، قال: حدثنا عاصم بن كليب (5)، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى
النبي صلى الله عليه وآله فشكا إليه الجوع فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى
بيوت أزواجه، فقلن: ما عندنا إلا الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
لهذا الرجل الليلة ؟ فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: أنا له يا رسول الله. فأتى
فاطمة عليها السلام فقال لها: ما عندك يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقالت:
ما عندنا إلا قوت الصبية، لكنا نؤثر ضيفنا، فقال علي عليه السلام: يا ابنة محمد
صلى الله عليه وآله نومي الصبية واطفئي المصباح. فلما أصبح علي عليه السلام غدا
على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره الخبر، فلم يبرح حتى أنزل الله عزوجل:
(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) (6)
(7).
(1) عدي بن حاتم: بن
عبد الله بن سعد الطائي الصحابي المتوفى سنة (68). (2) الخصفة (بالتحريك): القفة
تعمل من الخوص للتمر ونحوه. (3) الكافي ج 2 / 659، وعنه الوسائل ج 8 / 469. (4)
محمد بن محمد بن النعمان الشيخ الجليل البغدادي المفيد المتوفى سنة (413). (5)
عاصم بن كليب: بن شهام الجرمي الكوفي المتوفى بعد سنة (130). (6) سورة الحشر: 9.
(7) أمالي الطوسي ج 1 / 188 وعنه البحار ج 41 / 34 ح 6 والبرهان ج 4 / 317.
[
214 ]
13 - وعنه، قال:
حدثنا محمد بن علي بن خثيش (1) قال: حدثنا أحمد (2)، قال: حدثنا سليمان بن أحمد
الطبراني (3) بإصبهان، قال: حدثنا عمرو بن ثور الخدامي (4)، قال: حدثنا محمد بن
يوسف الفريابي (5)، قال: حدثنا سفيان الثوري (6)، عن عبد الرحمن بن القاسم (7)، عن
أبيه، عن عايشة، قالت: ما شبع آل محمد عليهم السلام ثلاثة أيام تباعا حتى لحق
بالله عزوجل (8). 14 - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى (9)، عن أحمد بن محمد (10)،
عن محمد بن يحيى الخثعمي (11)، عن طلحة بن زيد (12)، قال: ما أعجب رسول الله صلى
الله عليه وآله شئ من الدنيا إلا أن يكون فيها جايعا خائفا (13). 15 - ابن بابويه
قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه، قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود (14)، عن
(1) محمد بن علي بن
خشيش (بضم الخاء وفتح الشين) بن نصر بن جعفر بن إبراهيم التميمي من مشايخ الشيخ
العامة روى في أماليه عنه كثيرا، توفي بعد سنة (408) ه ق. (2) أحمد: الظاهر
بقرينة بعض الاسانيد المذكورة في الامالي هو أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم بن أحمد
الدينوري نزيل مكة المكرمة. (3) سليمان بن أحمد الطبراني: بن أيوب الشامي أبو
القاسم المتوفى سنة (360). (4) في المصدر: الجزامي، ما وجدت ترجمة له فيما بين
يدينا من كتب التراجم. (5) الفريابي: الحافظ محمد بن يوسف المتوفى بقيسارية سنة
(212). (6) سفيان الثوري: بن سعيد الكوفي المتوفى بالبصرة سنة (161). (7) عبد
الرحمن بن القاسم: بن محمد بن أبي بكر أبو محمد المدني المتوفى سنة (126). (8)
أمالي الطوسي: 317 وعنه البحار ج 16 / 221 ح 18. (9) محمد بن يحيى: أبو جعفر
العطار القمي تقدم ذكره. (10) أحمد بن محمد: بن خالد البرقي المتقدم ذكره. (11)
محمد بن يحيى الخثعمي: بن سلمان الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام. (12) طلحة بن
زيد: الجزري القرشي الشامي الراوي عن الباقر والصادق عليهما السلام. (13) الكافي ج
2 / 129 ح 7 - وعنه البحار ج 16 / 266 ح 66. (14) جعفر بن محمد بن مسعود العياشي
فاضل روى جميع كتب أبيه عنه، وروى عنه أبو المفضل
[
215 ]
أبيه أبي النضر محمد
بن مسعود العياشي (1) قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال (2) قال: حدثنا محمد
بن الوليد (3)، عن العباس بن هلال (4)، عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام، عن
أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن
الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: خمس لا أدعهن حتى الممات: الاكل على الحضيض مع
العبيد، وركوب الحمار موكفا (5)، وحلب العنز بيدي، ولبس الصوف والتسليم على
الصبيان ليكون ذلك سنة من بعدي (6). 16 - وروي عنه أنه قال صلى الله عليه وآله: ما
لي وللدنيا إنما مثلي والدنيا كراكب أدركه المقيل (7) في أصل الشجرة فقال في أصلها
ساعة ومضى (8).
= الشيباني المتوفى
سنة (387). (1) العياشي: محمد بن مسعود بن عياش أبو النضر السمرقندي، جليل القدر
بصير بالرواية، كان في أول عمره عاميا ثم استبصر، له من الكتب ما تزيد على مائتي
مصنف. (2) علي بن الحسن بن علي بن فضال: الكوفي، فقيه، ثقة، قال العياشي: ما رأيت
فيمن لقيت بالعراق وناحية خراسان أفقه ولا أفضل من علي بن الحسن بالكوفة.. غير أنه
كان فطحيا يقول بعبدالله بن جعفر، ثم بأبي الحسن موسى عليه السلام وكان من الثقات.
(3) محمد بن الوليد: الخزاز الكوفي من أجلة العلماء والفقهاء والعدول ولكن قالوا:
أنه كان فطحيا - جامع الرواة ج 2 / 210. (4) عباس بن هلال: الشامي مولى لابي الحسن
موسى عليه السلام. (5) الموكف: الحمار الذي وضع عليه الوكاف أي البرذعة. (6) عيون
أخبار الرضا ج 2 / 81 - وعلل الشرائع: 130 ح 1 وعنهما البحار ج 16 / 215 ح 3 - وعن
أمالي الصدوق بسند آخر عن أبي جعفر عليه السلام. (7) المقيل (بفتح الميم) القيلولة
وهي النوم في منتصف النهار، وفعله قال يقيل. (8) أخرج نحوه في البحار: 73 / 119 عن
روضة الواعظين، وأحمد في مسنده ج 1 / 391 - والحاكم في المستدرك ج 4 / 310.
[
217 ]
1 - الشيخ الطوسي في " مجالسه "
قال: قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد
الله محمد بن وهبان الهناني البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال: أخبرني
أبو محمد الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد
البرقي أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي
أسامة (1)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه
عليه وآله لم يشبع من خبر بر ثلاثة أيام قط، قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام:
ما أكله قط، قلت: فأي شئ كان يأكل ؟ قال: كان طعام رسول الله صلى الله عليه وآله
الشعير إذا وجده، وحلواه التمر، ووقوده السعف (2). 2 - وعنه قال: أخبرنا الحسين بن
إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الازدي، قال: حدثنا أبو
علي محمد بن أحمد بن زكريا (3)، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة
بن خالد
(1) أبو أسامة: زيد بن
محمد بن يونس الشحام الكوفي من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام. (2) أمالي
الطوسي ج 2 / 276 - وعنه البحار ج 16 / 288 ح 146. (3) أبو علي محمد بن أحمد بن
زكريا: الكوفي المعروف بابن دبس، ترجمه النجاشي في ضمن ترجمة الحسن بن الجهم.
[
218 ]
الاسدي (1)، عن أبي
كهمس (2)، عن عمرو بن سعيد بن هلال (3) قال: قلت: لابي عبد الله عليه السلام:
أوصني، فقال: أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد، واعلم أنه لا ينفع اجتهاد ولا
ورع فيه، وانظر إلى ما دونك ولا تنظر إلى من فوقك، فكثيرا ما قال الله عزوجل
لرسوله صلى الله عليه وآله: (ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) (4) وقال عز ذكره:
(ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا) (5). فإن نازعتك
نفسك إلى شئ من ذلك، فاعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان قوته الشعير
وحلواه التمر، ووقوده السعف (6)، وإذا أصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله صلى
الله عليه وآله، فإن الناس لم يصابوا بمثله ولن يصابوا بمثله أبدا (7). 3 - وعنه،
قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا محمد بن وهبان، عن محمد بن
أحمد بن زكريا، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن سعيد بن عمرو الجعفي
(8)، عن محمد بن مسلم (9)، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام ذات يوم، وهو يأكل
متكئا، وقد كان يبلغنا أن ذلك يكره، فجعلت أنظر إليه، فدعاني إلى طعامه، فلما فرغ
قال: يا محمد لعلك ترى أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأته عين وهو يأكل
(1) علي بن عقبة: بن
خالد الاسدي أبو الحسن الكوفي من ثقاة الرواة عن الصادق عليه السلام. (2) أبو
كهمس: هيثم بن عبيدالله الكوفي يروي كثيرا عن الصادق عليه السلام. (3) عمرو بن
سعيد بن هلال: الثقفي الكوفي، كان من أصحاب الصادق عليه السلام، وروى عنه أبو
كهمس، وعمر بن يزيد، وزيد الشحام - جامع الرواة ج 1 / 622. (4) التوبة: 55. (5)
طه: 131. (6) السعف (بفتح السين والعين المهملتين): جريد النخل. (7) أمالي الطوسي:
2 / 294 - وعنه البحار: 78 / 295 ح 4 - وأخرج أيضا صدره في البحار: 70 / 300 ح 10
والوسائل ج 11 / 192 ح 2 عن الكافي ج 2 / 78. (8) سعيد بن عمرو الجعفي الكوفي من
أصحاب الصادق عليه السلام. (9) محمد بن مسلم بن رباح الثقفي أبو جعفر الطحان
المتوفى سنة (150).
[
219 ]
متكئا منذ بعثه الله
إلى أن قبضه ؟ ثم رد على نفسه فقال: لا والله ما رأته عين وهو يأكل متكئا منذ بعثه
الله إلى أن قبضه (1)، ثم قال: يا محمد لعلك ترى أنه شبع من خبز البر ثلاثة أيام
متوالية منذ أن بعثه الله إلى أن قبضه ؟، ثم إنه رد على نفسه، ثم قال: لا والله ما
شبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية إلى أن قبضه الله، أما إني لا أقول: إنه لم
يجد، لقد كان يجيز الرجل الواحد بالمائة من الابل، ولو أراد أن يأكل لاكل ولقد
أتاه جبرئيل عليه السلام بمفاتيح خزائن الارض ثلاث مرات فخيره من غير أن ينقصه
الله تبارك وتعالى مما أعد له يوم القيامة شيئا، فيختار التواضع لربه عزوجل، وما
سئل شيئا قط فيقول: لا، إن كان أعطى، وإن لم يكن قال: يكون إن شاء الله، وما أعطى
على الله شيئا قط إلا سلم الله له ذلك، حتى إن كان ليعطي الرجل الجنة، فيسلم الله
ذلك له. ثم تناولني بيده فقال: وإن كان صاحبكم (2) عليه السلام ليجلس جلسة العبد،
ويأكل أكلة العبد، ويطعم الناس خبز البر واللحم (3)، ويرجع إلى أهله (4) فيأكل
الخل والزيت، وإن كان ليشتري القميصين السنبلانيين، ثم يخير غلامه خيرهما، ثم يلبس
الآخر، فإذا جاز أصابعه قطعه، وإن جاز كعبه حذفه. وما ورد عليه أمران قط كلاهما
الله رضا إلا أخذ بأشدهما على بدنه، ولقد ولى الناس خمس سنين ما وضع آجرة على
آجرة، ولا لبنة على لبنة، ولا أقطع قطيعة (5)، ولا أورث بيضاء ولا حمراء إلا
سبعمائة درهم، فضلت من عطائه، أراد أن يبتاع بها لاهله خادما، وما أطاق عمله منا
أحد، ولقد كان علي بن الحسين عليه السلام ينظر (6) في كتاب من كتب علي عليه السلام
فيضرب به
(1) جملة " ثم رد
على نفسه.. إلى أن قبضه " ليس في المصدر، نعم في البحار موجود. (2) المراد
بصاحبكم هو أمير المؤمنين عليه السلام. (3) في المصدر: الناس الخبز واللحم. (4) في
المصدر: رحله. (5) أي لم يجعل غلة بلد رزقا لشخص. (6) في المصدر: وأنه كان علي بن
الحسين عليهما السلام لينظر...
[
220 ]
الارض ويقول من يطيق
هذا (1). 4 - وعنه، بهذا الاسناد عن علي بن عقبة، عن عبد المؤمن الانصاري (2)، عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عرضت على بطحاء
مكة ذهبا، فقلت: يا رب لا، ولكن أشبع يوما، وأجوع يوما، فإذا شبعت حمدتك وشكرتك،
وإذا جعت دعوتك وذكرتك (3). 5 - المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان،
قال: حدثني: أبو حفص عمر بن محمد (4)، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني (5)،
قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي (6)، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، قال: حدثني
أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال:
حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أتاني ملك فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول: إن شئت جعلت لك بطحاء مكة
ذهبا قال: فرفعت رأسي إلى السماء وقلت: يا رب أشبع يوما فأحمدك وأجوع يوما فأسئلك
(7).
(1) أمالي الطوسي: 2 /
303 وعنه البحار 16 / 277 ح 116 والوسائل: 16 / 413 ح 5 وعن الكافي: 8 / 129 ح 100
وذيله في البحار: 40 / 339 ح 25. (2) عبد المؤمن الانصاري: بن القاسم بن قيس بن
فهد أبو عبد الله الكوفي من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام توفي سنة (147). (3)
أمالي الطوسي ج 2 / 304 - وعنه البحار ج 16 / 279 ح 118، وعن الكافي ج 8 / 131 ح
102. (4) أبو حفص عمر بن محمد: بن علي المعروف بابن الزيات المتوفي (375). (5) علي
بن محمد بن مهرويه عبد الله أبو الحسن القزويني نزل بغداد سنة 318 وحدث بها سنة
(323). (6) داود بن سليمان الغازي: بن وهب بن أحمد أبو أحمد الجرجاني سمع منه علي
بن مهرويه القزويني سنة (266). (7) أمالي المفيد: 124 وعنه البحار ج 16 / 220 ح 12
وعن العيون: 199.
[
221 ]
6 - ابن بابويه في
" أماليه " قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (1) رحمه الله، قال:
حدثني أبي عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن
القاسم (2)، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد عليهم السلام: حديث يروى عن أبيك عليه
السلام أنه قال: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وآله من خبز بر، أهو صحيح ؟ فقال
عليه السلام: ما أكل رسول الله صلى الله عليه وآله خبز بر قط، ولا شبع من خبز شعير
قط (3). 7 - وعنه، قال: حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال:
حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن محمد البصري، قال:
حدثنا ابن عمارة (4) قال: حدثنا علي بن الزعزع البرقي (5) قال: حدثنا أبو ثابت
الجزري، عن عبد الكريم الجزري (6)، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال:
جاع النبي صلى الله عليه وآله جوعا شديدا، فأتى الكعبة فتعلق بأستارها، فقال: يا
الله لا تجع محمدا أكثر مما أجعته. قال: فهبط جبرئيل عليه السلام ومعه لوزة، فقال:
يا محمد صلى الله عليه وآله إن الله جل جلاله يقرأ عليك السلام، ومنه السلام وإليه
يعود السلام، فقال: إن الله تعالى يأمرك أن تفك عن هذه اللوزة، ففك عنها فإذا فيها
ورقة خضراء نضرة مكتوب عليها: لا إله إلا الله، محمد رسول الله،
(1) أحمد بن محمد بن
يحيى العطار القمي من مشايخ الصدوق والتلعكبري، وعد العلامة حديثه صحيحا، وهو يقضي
توثيقه على قاعدتهم روى عنه بعضهم وسماعه عنه كان في سنة (356). (2) عيص بن
القاسم: بن ثابت البجلي الكوفي روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام. (3) أمالي
الصدوق: 263 ح 6 - وعنه البحار ج 16 / 216 وفي ص 243 عن مكارم الاخلاق: 28. (4) في
المصدر ومناقب ابن المغازلي كما سيأتي: أبو عمارة المستملي. (5) في مناقب ابن
المغازلي كما سيأتي: ابن أبي الزعزاع الرقي. (6) عبد الكريم الجزري بن مالك أبو
سعيد الخضري (بالخاء والضاد المعجمتين) نسبة إلى قرية من اليمامة كان من العلماء
في عصر التابعين توفي سنة (127).
[
222 ]
أيدت محمدا بعلي،
ونصرته به، ما أنصف الله من نفسه من اتهم الله في قضائه واستبطأه في رزقه (1)، 8 -
وروى هذا الحديث من طريق المخالفين أبو الحسن الفقيه علي بن محمد المعروف بابن
المغازلي الشافعي (2)، في " كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام "
قال: أخبرنا أبو نصر الطحان (3)، إجازة عن القاضي أبي الفرج الخيوطي (4)، حدثنا،
عمر بن الفتح البغدادي، حدثنا أبو عمارة المستملي، حدثنا ابن أبي الزعزاع الرقي،
عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: جاع النبي صلى
الله عليه وآله جوعا شديدا، فأتى الكعبة فأخذ بأستارها وقال: اللهم لا تجع محمدا
أكثر مما أجعته. قال: فهبط جبرئيل عليه السلام ومعه لوزة، فقال: إن الله تعالى
يقرأ عليك السلام ويقول لك: فك عنها، ففك فإذا فيها ورقة خضراء مكتوب عليها: لا
إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي، ونصرته به، ما أنصف الله من نفسه من
اتهمه في قضائه، واستبطأه في رزقه (5). 9 - الحسين بن سعيد في كتاب " الزهد
" عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
يا ابن سنان إن النبي صلى الله عليه وآله كان قوته الشعير من غير أدم، إن البر
وحسن الخلق يعمران الديار، ويزيدان في الاعمار (6).
(1) أمالي الصدوق: 444
ح 9 وعنه البحار ج 39 / 124 وج 71 / 141. (2) ابن المغازلي الشافعي: أبو الحسن علي
بن محمد بن محمد الواسطي الجلابي المتوفى سنة (483). (3) أبو نصر الطحان: أحمد بن
موسى بن عبد الوهاب الواسطي الشافعي. (4) أبو الفرج الخيوطي: أحمد بن علي بن جعفر
بن محمد بن المعلى الحافظ القاضي الواسطي. (5) مناقب ابن المغازلي: 201 ح 239 -
وميزان الاعتدال ج 3 / 549 - ولسان الميزان ج 5 / 166. (6) الزهد: 29 ح 72 - وعنه
البحار ج 71 / 395 ح 73.
[
223 ]
10 - وعنه عن فضالة
بن أيوب، عن أبي المغرا (1)، عن زيد الشحام (2)، عن عمرو بن سعيد بن هلال (3)،
قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إني لا ألقاك إلا في السنين، فأوصني بشئ حتى
آخذ به، قال: أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد، إياك أن تطمح إلى من فوقك، وكفى
بما قال الله عزوجل لرسوله: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) (4) وقال: (ولا تمدن
عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا) (5). فإن خفت شيئا من ذلك
فاذكر عيش رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنما كان قوته من الشعير، وحلواه من
التمر، ووقوده من السعف إذا وجده، وإذا أصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر
مصابك برسول الله صلى الله عليه وآله، فإن الخلايق لم يصابوا بمثله قط (6). ورواه
محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي
المغرا، عن زيد الشحام، عن عمرو بن سعيد بن هلال. قال: قلت لابي عبد الله عليه
السلام: إني لا ألقاك إلا في السنين فأوصني بشئ آخذ به. وساق الحديث إلى قوله: قط.
(1) أبو المغراء (بفتح
الميم والغين المعجمة) حميد بن المثنى العجلي الكوفي الصيرفي من ثقات أصحاب الصادق
عليه السلام. (2) زيد الشحام: أبو أسامة بن يونس من أصحاب الباقر والصادق والكاظم
عليهم السلام ويدل على جلالته ما روي أن الصادق عليه السلام قال له: ما عندنا خير
لك وأنت من شيعتنا إلينا الصراط والميزان وحساب شيعتنا والله لانا أرحم بكم منكم
بأنفسكم. (3) عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي الكوفي من أصحاب الباقر والصادق عليهما
السلام. (4): التوبة: 55. (5) طه: 131. (6) الزهد: 12 ح 24 - والكافي ج 8 / 168 ح
189.
[
224 ]
11 - وعنه، عن النضر
بن سويد، عن عاصم (1)، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: جاءني ملك فقال: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك: إن شئت
جعلت لك بطحاء مكة رضراض (2) ذهب، قال: فرفع النبي رأسه إلى السماء فقال: يا رب
أشبع يوما فأحمدك، وأجوع يوما فأسئلك (3). 12 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم،
عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج (4)، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: أفطر رسول الله صلى الله عليه وآله عشية خميس في مسجد قبا فقال: هل من
شراب ؟ فأتاه أوس بن خولي الانصاري (5) بعس (6) مخيض بعسل، فلما وضعه على فيه
نحاه، ثم قال: شرابان يكتفي بأحدهما من صاحبه لا أشربه ولا أحرمه، ولكن أتواضع
لله، فإن من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر خفضه الله، ومن اقتصد في معيشة رزقه
الله، ومن بذر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الموت أحبه الله (7). 13 - رواه الحسين بن
سعيد في كتاب " الزهد " قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن
الحجاج، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أفطر رسول الله صلى الله عليه
وآله عشية الخميس في مسجد قبا، فقال: هل من شراب.
(1) عاصم: بن حميد أبو
الفضل الحناط الكوفي من ثقات الرواة عن الصادق عليه السلام. (2) الرضراض: ما صغر
ودق من الحصى. (3) الزهد: 52 ح 139 - وعنه البحار ج 16 / 283 ح 130. (4) عبد
الرحمن بن الحجاج: الكوفي البغدادي من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام ولقي
الرضا عليه السلام وتوفي في عصره وعلى ولايته. (5) أوس بن خولى: بن عبد الله بن
الحارث بن عبيد الانصاري من بني عوف. (6) العس (بضم العين المهملة): القدح -
والمخيض اللبن المأخوذ زبده، وقوله: " بعسل " أي ممزوج بعسل. (7) الكافي
ج 2 / 122 ح 3 - وعنه الوسائل ج 11 / 219 ح 31 - والبحار ج 16 / 265 ح 64، وج 75 /
126 ح 25.
[
225 ]
وساق الحديث إلى آخره
(1). 14 - محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن
فضال (2)، عن العلاء بن رزين (3)، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر عليه
السلام يذكر أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله ملك فقال: إن الله تبارك وتعالى
يخيرك أن تكون عبدا رسولا متواضعا أو ملكا رسولا قال: فنظر إلى جبرئيل عليه
السلام، وأومى بيده أن تواضع، فقال: عبدا رسولا متواضعا، فقال الرسول (4) مع أنه
لا ينقصك مما عند ربك شيئا، قال: ومعه مفاتيح خزائن الارض (5). 15 - وعنه، عن عدة،
عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى (6)، عن جده الحسن بن راشد (7)، عن
عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله
وهو محزون فأتاه ملك ومعه مفاتيح خزائن الارض، فقال: يا محمد صلى الله عليه وآله
هذه مفاتيح خزائن الارض (8) يقول لك ربك: افتح وخذ منها ما شئت من غير أن ينقص (9)
شيئا عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه
(1) الزهد: 55 ح 148 -
وعنه البحار ج 16 / 265 ذ ح 64 وج 75 / 126 ذح 25. (2) ابن فضال: الحسن بن علي بن
فضال التيملي مولى تيم الله بن ثعلبة أبو محمد الكوفي روى عن الرضا عليه السلام،
وكان فطحيا قائلا بامامة عبد الله بن جعفر ثم رجع وقال بالحق. (3) العلاء بن رزين:
القلاء الكوفي كان يقلي السويق روى عن الصادق عليه السلام وصحب محمد بن مسلم وتفقه
عليه وكان ثقة جليل القدر. (4) الرسول: أي الملك. (5) الكافي ج 2 / 122 ح 5 - وعنه
البحار ج 16 / 265 ح 65 وج 75 / 128 ح 27 والوسائل ج 11 / 216 ح 4. (6) القاسم بن
يحيى: بن الحسن بن راشد مولى المنصور العباسي، له كتاب في آداب أمير المؤمنين عليه
السلام. (7) الحسن بن راشد: الكوفي من أصحاب الصادق وأدرك الكاظم عليهما السلام
وكان وزير المهدي والهادي وهارون العباسيين. (8) في البحار: الدنيا. (9) في
المصدر: تنقص.
[
226 ]
وآله: الدنيا دار من
لا دار له ؟ ولها يجمع من لا عقل له، فقال الملك: والذي بعثك بالحق (1) لقد سمعت
هذا الكلام من ملك يقول في السماء الرابعة حتى أعطيت المفاتيح (2). 16 - وعنه، عن
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان (3)،
عن زيد الشحام، عن عمرو بن هلاك (4)، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إياك أن تطمح
بصرك إلى من هو فوقك، فكفى بما قال الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله (ولا
تعجبك أموالهم ولا أولادهم) (5) وقال: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا
منهم زهرة الحيوة الدنيا) (6) فإن دخلك من ذلك شئ، فاذكر عيش رسول الله، فإنما كان
قوته الشعير، وحلواه التمر، ووقوده السعف إذا وجده (7). 17 - وعنه، عن عدة من
أصحابنا، عن سهل بن زياد (8)، وأبو علي الاشعري (9)، عن محمد بن عبد الجبار (10)،
جميعا، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن سعيد بن عمرو الجعفي، عن محمد بن مسلم،
قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام ذات يوم، وهو يأكل متكئا قال: وكان يبلغنا
(1) في المصدر: بالحق
نبيا. (2) الكافي ج 2 / 129 ح 8 - وعنه البحار ج 16 / 266 ح 67 وج 73 / 54 ح 26.
(3) عمار بن مروان: الخزاز الكوفي مولى بني ثوبان بن سالم، كان من ثقات رواة
الصادق عليه السلام. (4) عمرو بن هلال: عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي الكوفي تقدم
الرواية عنه نقلا عن الصادق عليه السلام بتفاوت يسير. (5) التوبة: 55. (6) طه:
131. (7) الكافي ج 2 / 137 ح 1، مع ح 10 من هذا الباب وله تخريجات ذكرناها هناك.
(8) سهل بن زياد: أبو سعيد الرازي كاتب العسكري عليه السلام على يد محمد بن عبد
الحميد. العطار سنة (255) للنصف من شهر ربيع الآخر. (9) أبو علي الاشعري: هو أحمد
بن ادريس الفقيه القمي المتقدم ذكره. (10) محمد بن عبد الجبار: الشيباني القمي من
أصحاب الهادي والعسكري عليهما السلام.
[
227 ]
أن ذلك يكره، فجعلت
أنظر إليه وساق الحديث بطوله بنحو ما تقدم (1) 18 - وعنه، عن عدة من أصحابنا، عن
سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان (2)، قال: حدثني علي
بن المغيرة (3)، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن جبرئيل أتى رسول
الله صلى الله عليه وآله فخيره، وأشار عليه بالتواضع، وكان له ناصحا، فكان رسول
الله يأكل أكلة العبد، ويجلس جلسة العبد، تواضعا لله تبارك وتعالى، ثم أتاه عند
الموت بمفاتيح خزائن الدنيا، فقال: هذه مفاتيح خزائن الدنيا، بعث بها إليك ربك
ليكون لك ما أقلت (4) الارض، من غير أن ينقصك شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه
وآله: في الرفيق الاعلى (5) (6). 19 - وعنه، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد،
عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن عبد المؤمن الانصاري، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عرضت علي بطحاء مكة ذهبا، وساق الحديث
بمثل ما تقدم سواء (7)، 20 - وعنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله يعجبه العسل (8).
(1) الكافي ج 8 / 129
ح 100، مع ح 3 من هذا الباب وله تخريجات ذكرناها هناك. (2) حماد بن عثمان: بن عمرو
بن خالد الفزاري الكوفي روى عن الكاظم والرضا عليهما السلام وتوفي بالكوفة سنة
(190). (3) علي بن المغيرة: الزبيدي الازرق الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام.
(4) أقلت: حملت ورفعت. (5) الرفيق الاعلى: جماعة الانبياء عليهم السلام يسكنون
أعلى عليين. (6) الكافي ج 8 / 131 ح 101 - وعنه البحار ج 16 / 278 ح 117. (7)
الكافي ج 8 / 131 ح 102 و 123 ح 4. (8) الكافي ج 6 / 332 ح 3 - وعنه الوسائل ج 17
/ 73 ح 1 وأخرجه في البحار ج 66 / 290 ح 2 =
[
228 ]
21 - وعنه، عن محمد
بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد (1)، عن
سكين (2)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يأكل
العسل ويقول: آيات من القرآن، ومضغ اللبان (3) يذيب البلغم (4). 22 - الطبرسي، عن
أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل: أن رسول الله صلى الله عليه وآله ما رفعت
له مائدة قط وعليها طعام، وما أكل خبز بر قط، ولا شبع من خبز شعير ثلاث ليال
متواليات قط. 23 - وقال عمر بن إبراهيم الاوسي أن لرسول الله صلى الله عليه وآله
حلة يمانية، وقيل شامية، لم يقدر يخرج ذراعيه من كمه عند الوضوء، حتى أخرجهما من
أسفلهما وتوضأ. 24 - محمد بن يعقوب، عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن سالم (5)، عن
أحمد بن النضر (6)، عن عمرو بن شمر، عن جابر (7)، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
لبس رسول الله الطاق، والساج، والقمائص (8).
= عن مكارم الاخلاق:
165 - وفي ص 292 ح 11 عن المحاسن: 499 ح 617. (1) إبراهيم بن عبد الحميد: البزاز
الكوفي من أصحاب الرضا عليه السلام ثقة وله أصل. (2) سكين: بن إسحاق النخعي الكوفي
روى عن الصادق عليه السلام. (3) اللبان (بضم اللام): الكندر. (4) الكافي ج 6 / 332
- والمحاسن: 499 ح 618 - والوسائل ج 17 / 73 ح 2. (5) محمد بن سالم: بن عبد الحميد
الكوفي من العلماء الفقهاء والعدول، ولكن كان فطحيا. (6) أحمد بن النضر (بالنون
والضاد المعجمة) أبو الحسن الجعفي الخزاز الكوفي ثقة وله كتاب. (7) جابر: هو جابر
بن يزيد الجعفي الكوفي المتوفى سنة (128) تقدم من قبل. (8) الكافي ج 6 / 441 ح 2
وعنه الوسائل ج 3 / 347 ح 1.
[
229 ]
1 - محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن
محمد (1)، عن الحسن بن علي الوشا، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أم سلمة رضي الله عنها، فقربت
إليه كسرة (2)، فقال: هل عندك إدام ؟ فقالت: لا يا رسول الله ما عندي إلا خل،
فقال: نعم الادام الخل ما أقفر (3) بيت فيه خل (4). 2 - عنه، عن علي بن إبراهيم،
عن أبيه، عن النوفلي (5)، عن السكوني (6)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج
رسول الله صلى الله عليه
(1) معلى بن محمد
البصري: أبو الحسن له كتب وقال بعض الاعلام المحققين: الظاهر أن الرجل ثقة يعتمد
على رواياته. (2) في المصدر: كسرا، وهي جمع الكسرة (بكسر الكاف فيهما): القطعة.
(3) ما أقفر (بتقديم القاف) أي ما خلا من المعدوم. (4) الكافي ج 6 / 329 ح 1 -
وعنه البحار ج 16 / 267 ح 70 - والوسائل ج 17 / 66 ح 4، يأتي ص 410 ح 5 (5)
النوفلي: الحسين بن يزيد بن محمد بن عبد الملك الكوفي الشاعر الاديب روى عن الرضا
عليه السلام، توفي بالري. (6) السكوني: إسماعيل بن أبي زياد الشعيري الكوفي قاضي
الموصل روى عن الصادق عليه السلام، عامي ولكن يركنون إليه، كما قال البروجردي في
نخبة المقال: وابن أبي زياد السكوني. عامي أما صالح الركون.
[
230 ]
وآله قبل الغداة،
ومعه كسرة قد غمسها في اللبن، وهو يأكل ويمشي، وبلال (1) يقيم الصلوة فصلى بالناس
صلى الله عليه وآله (2). 3 - وعنه بهذا الاسناد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن أحب الاصباغ (3) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الخل والزيت، وقال: هو طعام
الانبياء (4). 4 - وعنه، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن
ابن سنان (5)، عن إبراهيم بن مهزم (6)، عن عنبسة بن بجاد (7)، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: ما قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله طعام فيه تمر إلا بدأ
بالتمر (8). 5 - وعنه، عن حميد بن زياد، عن الخشاب (9)، عن ابن بقاح (10)، عن عمرو
بن جميع (11)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله
على عايشة فرأى كسرة كاد أن يطأها، فأخذها وأكلها، ثم قال:
(1) بلال: الحبشي مولى
النبي صلى الله عليه وآله، شهد بدرا، توفي بدمشق سنة (18). (2) الكافي ج 6 / 273 ح
2 وعنه الوسائل ج 16 / 421. (3) الاصباغ (جمع الصبغ بكسر الصاد المهملة) وما يغمز
فيه الخبز ويؤكل. (4) الكافي ج 6 / 328 ح 6 - وعنه البحار ج 11 / 67 ح 18. (5) ابن
سنان: عبد الله بن سنان المتقدم الراوي عن الصادق عليه السلام وكان من الثقاة. (6)
إبراهيم بن مهزم: الاسدي الكوفي كان من ثقاة الرواة عن الصادق والكاظم عليهما
السلام. (7) عنبسة بن بجاد: العابد القاضي من أخيار أصحاب الباقر والصادق عليهما
السلام. (8) الكافي ج 6 / 345 ح 2 - وعنه الوسائل ج 17 / 103 ح 4 - وأخرجه في
البحار ج 66 / 131 عن المحاسن. (9) الخشاب: الحسن بن موسى - كان من وجوه الامامية ومن
أصحاب العسكري عليه السلام. (10) ابن بقاح: الحسن بن علي بن يوسف بن بقاح الكوفي
من ثقاة الرواة من أصحاب الصادق عليه السلام. (11) عمرو بن جميع: أبو عثمان الازدي
البصري قاضي الري عد من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام.
[
231 ]
يا حميراء أكرمي جوار
نعم الله عزوجل عليك، فإنها لم تنفر من قوم فكادت تعود إليهم (1). 6 - وعنه بهذا
الاسناد، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يلطع القصعة ويقول: من لطع (2) قصعة فكأنما تصدق بمثلها (3). 7 - وعنه، عن محمد بن
يحيى، عن محمد بن الحسين (4)، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم (5)، عن أبي خديجة (6) عن
أبي عبد الله عليه السلام أنه كان يجلس جلسة العبد، ويضع يده على الارض، ويأكل
بثلاث أصابع، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأكل هكذا، ليس كما يفعل
الجبارون أحدهم يأكل بإصبعيه (7). 8 - وعنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن
النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: طوبى لمن أسلم وكان عيشه كفافا (8). 9 - النوفلي، عن السكوني، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال
(1) الكافي ج 6 / 300
ح 6 - وعنه البحار ج 16 / 265 ح 63 - والوسائل ج 16 / 504 ح 4. (2) لطع (بفتح
الطاء المهملة في الماضي والمضارع) الشئ بلسانه: لحسه. (3) الكافي ج 6 / 297 -
وعنه الوسائل ج 16 / 496 ح 1 - وعن المحاسن 443 ح 318. (4) في المصدر الحسن، وفي
الوسائل محمد بن الحسين، والظاهر هو الصحيح كما نبه عليه السيد الخوئي في المعجم
وقال: لانه لم يثبت رواية محمد بن الحسن عن عبد الرحمان بن أبي هاشم. وقد روى عنه
محمد بن الحسين. وهو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أبو جعفر الزيات الكوفي عظيم
القدر من أصحابنا توفي سنة (262). (5) عبد الرحمان بن أبي هاشم أبو محمد البجلي من
الاجلاء الثقاة. له كتاب نوادر. (6) أبو خديجة: سالم بن مكرم بن عبد الله أبو سلمة
الجمال الكوفي الراوي عن الصادق والكاظم عليهما السلام. (7) الكافي ج 6 / 297 ح 6
- وعنه الوسائل ج 16 / 497 ح 1. (8) الكافي ج 2 / 140 ح 2 - وعنه البحار ج 72 / 59
ح 2 والوسائل ج 15 / 242.
[
232 ]
رسول الله صلى الله
عليه وآله: اللهم ارزق محمدا وآل محمد ومن أحب محمدا وآل محمد العفاف والكفاف،
وارزق من أبغض محمدا وآل محمد المال والولد (1). 10 - وعنه، عن أبي علي الاشعري،
عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن
جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأكل أكل
العبد، ويجلس جلسة العبد، وكان يأكل على الحضيض (2) وينام على الحضيض (3). 11 -
وعنه، عن الحسين بن محمد (4)، عن معلى بن محمد (5)، عن الحسن بن علي (6) عن أحمد
بن عائذ (7)، عن أبي خديجة، قال: سأل بشير الدهان (8) أبا عبد الله عليه السلام
وأنا حاضر، فقال: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأكل متكئا على يمينه وعلى
يساره ؟ فقال: ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأكل متكئا على يمينه ولا على
يساره، ولكن كان يجلس جلسة العبد، قلت: ولم ذلك ؟ قال: تواضعا لله عزوجل (9). 12 -
وعنه، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن زيد
الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما
(1) الكافي ج 2 / 140
ح 3 - وعنه البحار ج 72 / 59 ح 3 - والوسائل ج 15 / 243 ح 3. (2) الحضيض: القراد
من الارض. (3) الكافي: 6 / 271 ح 6، وعنه البحار ج 16 / 262 ح 55، والوسائل ج 16 /
417 ح 3 وعن المحاسن: 457 ح 387. (4) الحسين بن محمد: تقدم أنه الحسين بن محمد بن
عمران بن أبي بكر الاشعري القمي الموثق. (5) معلى بن محمد: سبق أنه أبو الحسن
البصري. (6) الحسن بن علي: هو الوشاء البجلي الكوفي، سبق أنه من أصحاب الرضا عليه
السلام. (7) أحمد بن عائذ: بن حبيب الاحمسي البجلي كان من أصحاب الباقر والصادق
عليهما السلام. (8) بشير الدهان: الكوفي وقيل: (يسير بالياء والسين المهملة) كان
من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام. (9) الكافي ج 6 / 271 ح 7 - وعنه البحار ج
16 / 262 ح 53.
[
233 ]
أكل رسول الله صلى
الله عليه وآله متكئا منذ بعثه الله عزوجل إلى أن قبضه، وكان يأكل أكلة العبد،
ويجلس جلسة العبد، قلت: ولم ذلك ؟ قال: تواضعا لله عزوجل (1). 13 - وعنه، عن علي
بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان (2)، عن ابن مسكان (3)، عن الحسن الصيقل، قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: مرت امرأة بذية برسول الله صلى الله عليه وآله وهو
يأكل، وهو جالس على الحضيض، فقالت: يا محمد إنك لتأكل أكل العبد، وتجلس جلوسه،
فقال لها: إني عبد، وأي عبد أعبد مني ؟ قالت: فناولني لقمة من طعامك فناولها (4)
فأكلتها، قال أبو عبد الله عليه السلام: فما أصابها بذاء حتى فارقت الدنيا (5). 14
- وعنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد (6)، عن علي بن الحكم، عن أبي المعزا
(7)، عن هارون بن خارجة (8)، عن أبي عبد الله
(1) الكافي: ج 6 / 270
ح 1 - وعنه البحار ج 16 / 261 ح 51. (2) صفوان بن يحيى أبو محمد البجلي الكوفي
بياع السابري روى عن الرضا عليه السلام. (3) ابن مسكان: عبد الله أبو محمد من
أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام ومن أصحاب الاجماع. (4) في المصدر: "
فقالت: لا والله إلا الذي في فيك " فأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله
اللقمة من فيه فناولها. (5) الكافي ج 6 / 271 ح 2 - وعنه البحار ج 66 / 310 ح 6.
(6) أحمد بن محمد: بن عيسى بن عبد الله الاشعري القمي من أصحاب الرضا والجواد
والهادي عليهم السلام. (7) قال المامقاني في تنقيح المقال ج 1 / 379: المعزي (بكسر
الميم وسكون العين وفتح الزاي بعدها ألف) بمعنى المعز وهو خلاف الضأن. وقد جعلها
العلامة في إيضاح الاشتباه بالقصر، وابن طاوس وتلميذه ابن داود والسيد الداماد
بالمد والممدود يكتب بالالف كصفراء والمقصود بالباء كجعلي، وظاهر القاموس أن
القياس هو القصر لانه ذكره بالياء ثم قال: ويمد، أقول: وبالجملة فالرجل هو حميد بن
المثنى العجلي الكوفي الصيرفي. " وتقدم قبل ذلك أن بعضهم ضبط (المغرى) بالغين
المعجمة. (8) هارون بن خارجة: أبو الحسن الكوفي من ثقاة أصحاب الصادق عليه السلام.
[
234 ]
عليه السلام قال: كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يأكل أكل العبد، ويجلس جلسة العبد، ويعلم أنه عبد
(1). 15 - وعنه، عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن معلى
أبي عثمان، عن المعلى بن خنيس (2) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما أكل نبي
الله صلى الله عليه وآله وهو متكئ منذ بعثه الله عزوجل، وكان يكره أن يتشبه
بالملوك، ونحن لا نستطيع أن نفعل (3).
(1) الكافي ج 6 / 271
ح 3 - وعنه البحار ج 16 / 262 ح 52. (2) معلى بن خنيس: البزار الكوفي من قوام
الصادق عليه السلام قتله داود بن علي حاكم المدينة، وقال الصادق عليه السلام على
ما روى: أما والله لقد دخل الجنة. (3) الكافي ج 6 / 272 ح 8 - وعنه البحار ج 16 /
262 ح 54.
[
235 ]
1 - عن هبة الله بن محمد، عن الحسن بن علي (1) عن أحمد
بن جعفر (2)، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن فضيل (3)، قال: حدثني أبي، عن
عمارة بن القعقاع (4)، عن أبي زرعة (5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا. أخرجاه في الصحيحين (6). 2 - وعنه، قال:
أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر،
قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد (7)، قال:
(1) الحسن بن علي: بن
محمد أبو محمد الجوهري البغدادي المتوفى سنة (454). (2) أحمد بن جعفر: بن حمدان بن
مالك القطيعي البغدادي المحدث المتوفى (368). (3) محمد بن فضيل: بن غزوان أبو عبد
الرحمن الكوفي المتوفى سنة (195). (4) عمارة بن القعقاع: بن شبرمة الكوفي الضبي،
ترجمه في التقريب ج 2 ص 51. (5) أبو زرعة: هرم بن عمرو بن جرير البجلي الكوفي
التابعي. (6) صفة الصفوة لابن الجوزي ج 1 / 195 - وصحيح البخاري ج 8 / 122 وصحيح
مسلم ج 4 / 2281 ح 18 و 19 - وسنن الترمذي ج 4 / 580. (7) عبد الله بن أحمد: بن
محمد بن حنبل البغدادي المتوفى سنة (290).
[
236 ]
حدثني أبي، قال:
حدثنا يحيى بن سعيد (1)، عن يزيد بن كيسان (2) قال حدثني أبو حازم (3)، قال: رأيت
أبا هريرة يشير بأصبعه مرارا: والذي نفس أبي هريرة بيده ما شبع نبي الله صلى الله
عليه وآله وأهله ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة حتى فارق الدنيا. أخرجاه في
الصحيحين (4). 3 - وعنه، أخبرنا هبة الله، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا
أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو
معاوية (5)، قال: حدثنا هشام بن عروة (6)، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان ضجاع
النبي صلى الله عليه وآله الذي ينام عليه بالليل من أدم محشوا ليفا. أخرجاه في
الصحيحين (7). 4 - وعنه، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي،
قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال:
حدثنا محمد بن جعفر (8)، قال: حدثنا شعبة (9)، عن
(1) يحيى بن سعيد: بن
أبان بن سعيد الكوفي المتوفى سنة (194). (2) يزيد بن كيسان: أبو إسماعيل الاسلمي
الكوفي وثقه النسائي. (3) أبو حازم سلمان الاشجعي الكوفي الغطفاني المتوفى في
خلافة عمر بن عبد العزيز سنة (100). (4) صفة الصفوة ج 1 / 195 - وصحيح مسلم ج 4 /
2284 - وصحيح البخاري ج 8 / 121 - وسنن الترمذي ج 4 / 579 ح 2358. (5) أبو معاوية:
محمد بن حازم المحدث الضرير الكوفي المتوفى سنة (195). (6) هشام بن عروة: بن
الزبير بن عوام أبو المنذر المدني المتوفى سنة (145). (7) صفة الصفوة: ج 1 / 196 -
ورواه البخاري في صحيحه ج 8 / 121 ورواه أحمد في مسنده ج 6 / 48. (8) محمد بن
جعفر: أبو عبد الله غندر البصري وكان ابن امرأة شعبة، توفي سنة (193). (9) شعبة:
بن الحجاج بن الورد الواسطي البصري المتوفى سنة (160).
[
237 ]
سماك بن حرب (1)،
قال: سمعت النعمان بن بشير (2) يخطب، قال: ذكر عمر ما أصاب الناس من الدنيا، فقال:
لقد رأيت رسول الله يظل اليوم يلتوي ما يجد دقلا (3) يملا به بطنه. انفرد بإخراجه
البخاري (4). 5 - وعنه، قال أخبرنا عبد الاول، قال: أخبرنا ابن المظفر، قال:
أخبرنا ابن أعين، قال: حدثنا الفربري (5) قال: حدثنا البخاري (6)، قال: حدثنا
الهدبة (7)، قال: حدثنا همام بن يحيى (8)، عن قتادة (9)، قال: كنا نأتي أنس بن
مالك (10)، وخبازه قائم، قال: فقال يوما: كلوا فما أعلم رسول الله رآى رغيفا مرققا
ولا شاة سميطا قط (11). انفرد بإخراجه البخاري (12).
(1) سماك بن حرب: بن
أوس بن خالد الكوفي أبو المغيرة المتوفى سنة (123) (2) النعمان بن بشير: بن سعد بن
ثعلبة الخزرجي الانصاري المدني الصحابي وجهته نائلة زوجه عثمان بقميصه إلى معاوية
وشهد صفين مع معاوية وولاه معاوية القضاء بدمشق سنة (53 ه) وقتل بحمص سنة (65).
(3) الدقل (بفتح الدال المهملة والقاف): أردأ التمر. (4) صفة الصفوة: ج 1 / 196 -
ورواه مسلم في صحيحه ج 4 / 2285 ح 36. (5) الفربري (بكسر الباء وفتح الياء) منسوب
إلى بليدة بين جيحون وبخاري هو محمد بن يوسف رواية صحيح البخاري. ولد سنة (231)
وتوفي سنة (320). (6) البخاري: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي أبو
عبد الله صاحب " الجامع المعروف بصحيح البخاري توفي سنة (256). (7) هدبة (بضم
الهاء وسكون الدال المهملة وبعدها موحدة) ابن خالد بن الاسود القيسي أبو خالد
البصري المتوفى بعد سنة (233). (8) همام بن يحيى: بن دينار العوذي أبو عبد الله
البصري المتوفى سنة (164). (9) قتادة: بن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب
البصري ولد اكمه وتوفي سنة (117). (10) أنس بن مالك بن النضر الانصاري الخزرجي
خادم النبي صلى الله عليه وآله خدمه عشر سنين، توفي سنة (92) وقد جاوز المائة.
(11) السميط (بفتح السين المهملة وكسر الميم): المشوي. (12) صفة الصفوة ج 1 / 197
ورواه البخاري في صحيحه ج 7 / 98 باختلاف.
[
238 ]
6 - وعنه، قال: أخبرنا
عبد الاول، قال: أخبرنا ابن المظفر، قال: أخبرنا ابن أعين، قال: حدثنا الفربري،
قال: حدثنا البخاري، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم (1)، قال: حدثنا روح بن عبادة
(2)، قال: حدثنا ابن أبي ذؤيب (3)، عن سعيد المقبري (4)، عن أبي هريرة (5)، أنه مر
بقوم بين أيديهم شاة مصلية (6)، فدعوه فأبى أن يأكل، وقال: خرج رسول الله صلى الله
عليه وآله من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير (7). 7 - وقال البخاري: وحدثنا قتيبة
(8)، قال: حدثنا جرير (9)، عن منصور (10) عن إبراهيم، عن الاسود، عن عائشة (11)،
قالت: ما شبع آل محمد عليهم السلام منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تبعا
حتى قبض (12). 8 - قال البخاري: وحدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا يعقوب، عن أبي
حازم (13)، قال: سألت سهل بن سعد (14) فقلت له: هل أكل رسول الله
(1) اسحاق بن إبراهيم:
من شيوخ البخاري. (2) روح بن عبادة: بن العلاء بن حسان القيسي أبو محمد البصري
المتوفى سنة (205). (3) ابن أبي ذؤيب: اسماعيل بن عبد الرحمن الاسدي كان من محدثي
القرن الثاني. (4) سعيد المقبري: بن أبي سعيد كيسان أبو سعد المدني توفي حدود سنة
(120). (5) أبو هريرة: عبد الرحمن بن صخر الدوسي المتوفى سنة (57) أو (58). (6)
المصلية: المشوية. (7) صفة الصفوة ج 1 / 197 - ورواه البخاري في " الصحيح
" ج 7 / 97. (8) قتيبة: بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي أبو رجاء البغلاني
المتوفى سنة (240). (9) جرير: بن عبد الحميد بن قرط الكوفي نزيل الري وقاضيها توفي
سنة (188). (10) منصور: بن المعتمد بن عبد الله أبوعثاب (بمثلثة ثقيلة) الكوفي
توفي سنة (132). (11) عائشة بنت أبي بكر أبي قحافة ماتت سنة (57). (12) صفة الصفوة
ج 1 / 197 - ورواه البخاري في " الصحيح " ج 7 / 97 - ومسلم في صحيحه ج 4
/ 2281 ح 20. (13) أبو حازم: سلمة بن دينار الاعرج التمار المدني القاضي مات في
خلافة المنصور. (14) سهل بن سعد: بن مالك بن خالد الصحابي الانصاري الخزرجي
الساعدي المتوفى سنة (88).
[
239 ]
النقي (1) ؟ فقال
سهل: ما رآى رسول الله النقي من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله قال: فقلت: هل كانت
لكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مناخل ؟ قال: ما رأى رسول الله صلى الله
عليه وآله منخلا من حين ابتعثه الله حتى قبضه قال: قلت: فكيف كنتم تأكلون الشعير
غير منخول ؟ قال: كنا نطحنه وننفخه، فيطير ما طار وما بقي ثريناه (2) فأكلناه (3).
9 - وعنه، قال: أخبرنا الكروخي (4)، قال: أخبرنا أبو عامر الازدي (5)، وأبو بكر
الغورجي (6) قالا أخبرنا الجراحي، قال: حدثنا المحبوبي، قال: حدثنا الترمذي (7)،
قال: حدثنا عبد الله بن معاوية (8) الجمحي، قال: حدثنا ثابت بن يزيد (9)، عن هلال
بن خباب (10)، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يبيت
الليالي المتتابعة طاويا وأهله لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير (11).
10 - وعنه، أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي (12)، قال: أخبرنا
أبو بكر بن مالك، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد (13)، قال:
(1) النقي: الخبز الذي
نخل مرة بعد أخرى. (2) ثريناه: بللناه بالماء أو رششناه به. (3) صفة الصفوة ج 1 /
198 - ورواه البخاري في الصحيح ج 7 / 96. (4) الكروخي: أبو الفتح عبد الملك بن أبي
القاسم عبيدالله بن أبي سهل المتوفى سنة (548). (5) أبو عامر الازدي: محمود بن
القاسم بن القاضي أبي منصور محمد الهروي الفقيه الشافعي المتوفى (487). (6) أبو
بكر الغورجي: أحمد بن عبد الصمد الهروي المتوفى سنة (481). (7) الترمذي: محمد بن
عيسى بن سورة أبو عيسى صاحب " الجامع " المتوفى سنة (279). (8) عبد الله
بن معاوية: الجمحي بن موسى أبو جعفر البصري المتوفى سنة (243). (9) ثابت بن يزيد:
الاحول أبو زيد البصري المتوفى سنة (169). (10) هلال بن خباب: أبو العلاء البصري
نزيل المدائن المتوفى سنة (144). (11) صفة الصفوة ج 1 / 198 - ورواه الترمذي في
سننه ج 4 / 508 ح 2360. (12) الحسن بن علي: هو ابن محمد الجوهري البغدادي الذي تقدم
ذكره توفي سنة (454). (13) عبد الله بن أحمد: بن محمد بن حنبل أبو عبد الرحمان
المتوفى (290).
[
240 ]
حدثني أبي، قال:
حدثنا وكيع (1)، قال: حدثنا عبد الواحد بن أيمن (2)، عن أبيه، عن جابر (3) قال لما
حفر النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه الخندق أصابهم جهد شديد، حتى ربط النبي صلى
الله عليه وآله على بطنه حجرا من الجوع (4). 11 - قال: أخبرنا هبة الله بن محمد،
قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن
أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا حسين، يعني ابن محمد (5)، قال: حدثنا محمد بن مطرف
(6)، عن أبي حازم (7)، عن عروة (8)، أنه سمع عايشة تقول: كان يمر (9) هلال وهلال،
ما توقد في بيت من بيوت رسول الله صلى الله عليه وآله نار، قال: قلت: يا خالة فعلى
أي شئ كنتم تعيشون ؟ قالت: على الاسودين: التمر والماء (10). 12 - وعنه، قال:
أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن، قال: أخبرنا ابن مالك، قال: حدثنا
عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا هشام، عن عكرمة، عن ابن
عباس، قال: قبض النبي صلى الله عليه وآله وإن درعه لمرهونة عند رجل من يهود على
ثلاثين
(1) وكيع: يحتمل أنه
ابن محرز بن وكيع الناجي البصري ترجمه ابن حجر في التقريب وقال: من الطبقة
الثامنة. (2) عبد الواحد بن أيمن أبو القاسم المكي المخزومي مولاهم. عد من
الخامسة. (3) جابر: بن عبد الله بن عمرو بن حرام الانصاري المتوفى بعد سنة (70).
(4) صفة الصفوة ج 1 / 198. (5) حسين بن محمد: يحتمل أنه الحسين بن محمد بن بهرام
أبو أحمد المروذي نزيل بغداد المتوفى سنة (213). (6) محمد بن مطرف: بن داود الليثي
أبو غسان المدني نزيل عسقلان المتوفى بعد سنة (160). (7) أبو حازم: سلمة بن دينار
الاعرج المدني القاضي المتقدم ذكره. (8) عروة: بن الزبير بن العوام بن خويلد
الاسدي أبو عبد الله المدني الفقيه المتوفى سنة (94). (9) في المصدر: يمر بنا.
(10) صفة الصفوة ج 1 / 199.
[
241 ]
صاعا من شعير أخذها
رزقا لعياله (1). 13 - وعنه، قال: أخبرنا أبو القاسم الحريري، قال: أخبرني أبو
طالب العشاري، قال: أخبرني أبو الحسين بن سمعون، قال: حدثنا أبو بكر المطري (2)
قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن زياد، قال: حدثنا بشر بن سهران (3)، قال: حدثنا
محمد بن دينار (4)، عن هشام بن عروة، عن عائشة (5)، قالت: ما رفع النبي صلى الله
عليه وآله قط غداء لعشاء ولا عشاء (6) لغداء، ولا اتخذ من شئ زوجين، ولا قميصين،
ولا ردائين، ولا إزارين (7)، ولا من النعال، ولا رؤي قط فارغا في بيته، إما يخصف
نعلا لرجل مسكين، أو يخيط ثوبا لارملة (8) (9). 14 - وعنه، قال: أخبرني محمد بن
أبي طاهر البزاز قال: أخبرني الحسن بن علي الجوهري، قال: أخبرني أبو عمر بن حيوية،
قال: أخبرني أحمد بن معروف، قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة، قال: حدثنا محمد بن
(10) سعد، قال:
(1) صفة الصفوة ج 1 /
200. (2) المطري: في نسخة أخرى: الطبري. (3) بشر بن سهران: يحتمل أنه مصحف والصحيح
مهران (بالميم) وهو جد بشر والمراد به بشر بن الحكم بن حبيب بن مهران العبدي
النيشابوري المتوفى سنة (237). (4) محمد بن دينار: أبو بكر بن أبي الفرات البصري
الازدي ترجمه ابن حجر في التقريب وعده من الثامنة. (5) لا يخفى أن هشام بن عروة بن
الزبير المتوفى سنة (145) ما رأى عائشة حتى يحدث عنها، فإن عائشة ماتت سنة (57)
وهشام ولد بعد هذه السنة، ولعله حدث عن والده عروة وهو عن عائشة. (6) العشاء (بفتح
العين): طعام الليل كما أن الغداء (بفتح الغين المعجمة): طعام الصبح. (7) الازار
(بكسر الهمزة): ملحفة يلبس ويعقد من الحقوين، والجمع في القلة والكثرة على أزرة
وأزر مثل حمار واحمرة وحمر. (8) الارملة (بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الميم)
المرأة التي لا زوج لها - والفقير المحتاج. (9) صفة الصفوة ج 1 / 200. (10) محمد
بن سعد: بن منيع البصري نزيل بغداد كاتب الواقدي توفي سنة (230).
[
242 ]
أخبرني هشام بن عبد
الملك أبو الوليد الطيالسي (1)، قال: حدثنا أبو هاشم صاحب الزعفران، قال: حدثنا
محمد بن عبد الله أن أنس بن مالك حدثه: أن فاطمة عليها السلام جاءت بكسرة خبز إلى
النبي صلى الله عليه وآله، فقال: ما هذه الكسرة يا فاطمة ؟ قالت: قرص خبزته فلم
تطب نفسي حتى أتيتك بهذه، فقال: أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام (2).
(1) هشام بن عبد الملك
أبو الوليد الطيالسي الباهلي البصري توفي سنة (227). (2) صفة الصفوة ج 1 / 200 -
ومسند أحمد ج 3 / 212.
[
243 ]
1 - محمد بن يعقوب، عن حميد بن
زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة (1)، عن وهيب بن حفص (2)، عن أبي بصير، عن أبي
جعفر عليه السلام، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله عند عايشة ليلتها،
فقالت: يا رسول الله لم تتعب نفسك، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال: يا
عايشة ألا أكون عبدا شكورا ؟ قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم على
أطراف أصابع رجليه، فأنزل الله سبحانه (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) (3) (4).
2 - علي بن إبراهيم في " تفسيره " قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد
(5)، عن علي (6) عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، وأبي جعفر
(1) الحسن بن محمد بن
سماعة أبو علي وأبو محمد الكندي الصيرفي الفقيه وكان ثقة توفي سنة (263). (2) وهيب
بن حفص: أبو علي الجريري مولى بني أسد، روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام ووقف
وصنف كتبا، وثقه النجاشي. (3) طه: 1 - 2. (4) الكافي ج 2 / 95 ح 6، وعنه البحار ج
16 / 263 ح 59 وج 71 / 24 ح 3 وتفسير البرهان ج 3 / 29، وأخرج ذيله في البحار ج 16
/ 85 ح 3. (5) القاسم بن محمد: الجوهري الكوفي من أصحاب الكاظم عليه السلام وكان
واقفيا سكن بغداد. (6) علي: المراد به علي بن أبي حمزة البطائني الواقفي، تقدم
ذكره.
[
244 ]
عليهما السلام، قالا:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى قام على أصابع رجليه حتى تورم، فأنزل
الله تبارك وتعالى: (طه) بلغة (1) يا محمد صلى الله عليه وآله، (ما أنزلنا عليك
القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى) (2) (3). 3 - الطبرسي في " الاحتجاج "
عن الامام موسى بن جعفر عليهما السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن الحسين
عليه السلام، قال: إن يهوديا من يهود الشام من أحبارهم، كان قد قرأ التوراة
والانجيل والزبور وصحف الانبياء عليهم السلام، وعرف دلائلهم، جاء المسجد فجلس وفيه
(4) أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيهم علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن
مسعود، وأبو معبد الجهني، فقال: يا أمة محمد ما تركتم لنبي درجة ولا لمرسل فضيلة،
إلا نحلتموها نبيكم، فهل تجيبوني عما أسألكم عنه ؟ فكاع (5) القوم عنه، فقال علي
بن أبي طالب عليه السلام: نعم ما أعطى الله عزوجل نبيا درجة ولا مرسلا فضيلة، إلا
وقد جمعها لمحمد صلى الله عليه وآله وزاد محمدا صلى الله عليه وآله الانبياء
أضعافا مضاعفا. فقال له اليهودي: فهل أنت مجيبي ؟ قال له: نعم سأذكر لك اليوم من
فضائل رسول الله صلى الله عليه وآله، ما يقر الله به أعين المؤمنين، ويكون فيه
إزالة لشك الشاكين في فضائله صلى الله عليه وآله، إنه كان إذا ذكر لنفسه فضيلة
قال: " ولا فخر "، وأنا أذكر لك فضائله غير مزر بالانبياء ولا منتقص
لهم، ولكن شكرا لله عزوجل على ما أعطى محمدا مثل ما أعطاهم، وما زاده الله وما
فضله عليهم.
(1) في المصدر: وهي
بلغة طي يا محمد صلى الله عليه وآله. (2) طه: 2 - 3. (3) تفسير القمي ج 2 / 57
وعنه البحار ج 16 / 85 ح 2 - وج 71 / 26 وتفسير البرهان ج 3 / 29. (4) في الاحتجاج
المطبوع: جاء إلى مجلس فيه. (5) كاع القوم عنه: هاب وجبن القوم عن الرجل. *
[
245 ]
فقال له اليهودي: إني
أسألك فأعد له جوابا، قال له عليه السلام: هات. قال له اليهودي. وساق الحديث بما
ذكره اليهودي مما أعطاه الله سبحانه الانبياء، وأمير المؤمنين عليه السلام يسلم له
ما أعطاه الانبياء وأعطى محمدا صلى الله عليه وآله مثل ما أعطاهم وما زاده الله
تعالى عليهم السلام إلى أن قال اليهودي: فإن هذا سليمان أعطي ملكا لا ينبغي لاحد
من بعده. قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمدا أعطى الله تعالى ما هو أفضل
من هذا، إنه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الارض قبله وهو ميكائيل، فقال له: يا محمد
عش ملكا متنعما، وهذه مفاتيح خزائن الارض معك، وتسير معك جبالها ذهبا وفضة، ولا
ينقص مما ادخر لك في الآخرة شئ، فأومى إلى جبرئيل عليه السلام وكان خليله من
الملائكة - فأشار إليه: أن تواضع، فقال له: بل أعيش نبيا عبدا آكل يوما ولا آكل
يومين، وألحق بأخواني من الانبياء، فزاده الله تبارك وتعالى الكوثر، وأعطاه الشفاعة
وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة، ووعده المقام المحمود فإذا
كان يوم القيامة أقعده الله تعالى على العرش، فهذا أفضل مما أعطي سليمان عليه
السلام. قال له اليهودي: فإن (1) هذا داود عليه السلام بكى على خطيئته حتى سارت
الجبال معه لخوفه، قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله
أعطى ما هو أفضل من هذا إنه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز
المرجل على الاثافي (2) من شدة البكاء، وقد آمنه الله عزوجل من عقابه، فأراد أن
يتخشع لربه ببكائه ويكون إماما لمن اقتدى به. ولقد قام صلى الله عليه وآله عشر
سنين على أطراف أصابعه حتى
(1) وقع هذا السؤال
وجوابه في المصدر والبحار قبل السؤال المتقدم. (2) الازيز: صوت البكاء. والمرجل
(كمنبر): القدر - والاثافي: الاحجار التي يوضع عليها القدر.
[
246 ]
تورمت قدماه واصفر
وجهه يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عزوجل (طه ما أنزلنا عليك القرآن
لتشقى) (1) بل لتسعد به. ولقد كان يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله أليس
الله عزوجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال: بلى أفلا أكون عبدا شكورا
(2). 4 - الشيخ في " أماليه " قال: أخبرنا أبو عبد الله حمويه بن علي بن
حمويه البصري، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن بكر الهذالي (3)، قال: حدثنا أبو
خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدثنا سلم، قال: حدثنا أبو هلال (4)، قال:
حدثنا بكر بن عبد الله (5): أن عمر بن الخطاب دخل على النبي صلى الله عليه وآله
وهو موقوذ أو قال محموم، فقال له عمر: يا رسول الله ما أشد وعكك أو حماك ؟ قال: ما
منعني ذلك أن قرأت الليلة ثلاثين سورة فيهن السبع الطوال (6) فقال عمر: يا رسول
الله غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر وأنت تجتهد هذا الاجتهاد ؟ فقال: يا
عمر أفلا أكون عبدا شكورا (7). 5 - الشيخ في " مجالسه " قال: أخبرنا
جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن حسن
العلوي الحسني، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن الصيداوي، قال: حدثنا
حسين بن شداد (8)،
(1) طه: 1 - 2. (2)
الاحتجاج ج 1 / 291 و 220 - وعنه البحار ج 10 / 40 وج 17 / 287 و 288. (3) في
المصدر: الهزاني (بالنون) وهو الصحيح قال ابن الاثير في اللباب ج 3 / 290: هذه
النسبة إلى هزان بن صباح بن عتيك منهم أحمد بن محمد بن بكر الهزاني حدث هو وأبوه،
وقال السمعاني: مات بعد سنة (332). (4) أبو هلال: محمد بن سليم الراسبي البصري
المكفوف المتوفى سنة (167). (5) بكر بن عبد الله أبو عبد الله المزني البصري
المتوفى سنة (106). (6) السبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة،
والانعام، والاعراف والتوبة. (7) أمالي الطوسي ج 2 / 18 - وعنه البحار ج 16 / 222
ح 20 وج 71 / 48 ح 62. (8) الحسين بن شداد: بن رشيد الجعفي الكوفي من أصحاب الصادق
عليه السلام.
[
247 ]
عن أبيه شداد بن
رشيد، عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام:
أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب لما نظرت إلى ما يفعل ابن أخيها علي بن الحسين بنفسه
من الدأب في العبادة، أتت جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الانصاري. فقالت له:
يا صاحب رسول الله إن لنا عليكم حقوقا، من حقنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك
نفسه اجتهادا أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا علي بن الحسين،
بقية أبيه الحسين عليه السلام، قد انخرم أنفه، وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه إدآبا
منه لنفسه في العبادة. فأتى جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين عليهما السلام،
وبالباب أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام في أغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا
هناك، فنظر جابر إليه مقبلا، فقال: هذه مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسجيته،
فمن أنت يا غلام ؟ قال: فقال: أنا محمد بن علي بن الحسين. فبكى جابر رضي الله عنه
ثم قال: أنت والله الباقر عن العلم حقا، ادن مني بأبي أنت وأمي، فدنا منه، فحل
جابر أزراره، ووضع يده على صدره فقبله، وجعل عليه خده ووجهه، وقال له: أقرئك عن
جدك رسول الله صلى الله عليه وآله السلام، وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، وقال لي:
يوشك أن تعيش وتبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه محمد، يبقر العلم بقرا، وقال لي: إنك
تبقى حتى تعمى ثم يكشف لك عن بصرك. ثم قال لي: إئذن لي على أبيك، فدخل أبو جعفر
عليه السلام على أبيه فأخبره الخبر، وقال: إن شيخا بالباب وقد فعل بي كيت وكيت،
فقال: يا بني ذلك جابر بن عبد الله ثم قال: أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال وفعل
بك ما فعل ؟ قال: نعم، قال: أبي الله (1) أنه لم يقصدك فيه بسوء ولقد أشاط بدمك.
ثم أذن لجابر فدخل عليه، فوجده في محرابه قد أنضته العبادة، فنهض
(1) في البحار: قال:
إنا لله.
[
248 ]
علي عليه السلام
فسأله عن حاله سؤالا حفيا (1) ثم أجلسه بجنبه، فأقبل جابر عليه يقول: يابن رسول
الله أما علمت أن الله تعالى إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم، وخلق النار لمن
أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك ؟ قال له علي بن الحسين عليهما
السلام: يا صاحب رسول الله أما علمت أن جدي رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر فلم يدع الاجتهاد له، وتعبد بأبي هو وأمي حتى انتفح الساق وورم
القدم، وقيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال: أفلا
أكون عبدا شكورا. فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين عليهما السلام وليس يغني فيه
قول من يستميله من الجهد والتعب إلى القصد، قال له: يا بن رسول الله صلى الله عليه
وآله البقياء على نفسك، فإنك لمن أسرة بهم يستدفع البلاء ويسأل كشف اللاواء، وبهم
يستمطر السماء، فقال: يا جابر لا أزال على منهاج أبوي مؤتسيا بهما صلوات الله
عليهما حتى ألقاهما، فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: والله ما أرى في أولاد
الانبياء بمثل علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب عليهما السلام والله لذرية علي بن
الحسين أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب، إن منهم من يملا الارض عدلا كما ملئت جورا
(2). 6 - محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشا، عن حماد
بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: صام رسول الله صلى الله عليه
وآله حتى قيل: ما يفطر، ثم أفطر حتى قيل: ما يصوم، ثم صام صوم داود عليه السلام
يوما ويوما لا، ثم قبض صلى الله عليه وآله على صيام ثلاثة أيام في الشهر وقال:
يعدلن صوم الدهر ويذهبن بوحر الصدر. قال حماد: فقلت ما الوحر ؟ قال: الوحر:
الوسوسة.
(1) في المصدر: خفيا
(بالخاء المعجمة) ولعله تصحيف، والصحيح بالحاء المهملة. يقال: حفى عنه: أكثر
السؤال عن حاله. (2) أمالي الشيخ ج 2 / 249 - وعنه البحار ج 46 / 60 ح 18.
[
249 ]
قال حماد: فقلت: أي
الايام هي ؟ قال: أول خميس في الشهر، وأول أربعاء بعد العشر، وآخر خميس فيه، فقلت:
لم صارت هذه الايام التي تصام ؟ فقال: إن من قبلنا من الامم كان إذا نزل على أحدهم
العذاب نزل في هذه الايام المخوفة (1) 7 - الشيخ في " التهذيب " قال:
أخبرني الشيخ أيده الله، عن أحمد بن محمد (2)، عن أبيه، عن محمد بن يحيى (3)، عن
محمد بن أحمد بن يحيى (4)، عن علي بن إسماعيل (5)، عن صفوان (6)، عن عبد الله بن
مسكان (7)، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
أشد الناس توقيا عن البول، كان إذا أراد البول تعمد إلى مكان مرتفع من الارض، وإلى
مكان من الامكنة يكون فيه التراب الكثير، كراهية أن ينضح
(1) الكافي ج 4 / 89 ح
1 - وعنه الوسائل ج 7 / 303 ح 1 والتهذيب ج 4 / 303 ح 1. (2) أحمد بن محمد: بن
موسى المعروف بابن الصلت الاهوازي المتوفى حدود سنة (409). (3) محمد بن يحيى: هو
أبو جعفر العطار القمي الذي كان حيا في سنة (356). (4) محمد بن أحمد بن يحيى: بن
عمران بن عبد الله بن سعد بن مالك الاشعري القمي أبو جعفر كان ثقة في الحديث إلا
أن أصحابنا قالوا: إنه يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل. (5) علي بن إسماعيل ويقال
له: علي بن السندي وهو لقب لوالده كان من أصحاب الرضا عليه السلام. (6) صفوان: هو
ابن يحيى البجلي المتقدم ذكره توفي سنة (210). (7) عبد الله بن مسكان أبو محمد ثقة
عين روى عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام تقدم ذكره. وبقي شئ ينبغي التنبيه عليه
وهو أن المعروف أن ابن مسكان لم يسمع من الصادق عليه السلام إلا حديثا واحدا وهو
" من أدرك المشعر فقد أدرك الحج " كما قال الاردبيلي في جامع الرواة ج 1
/ 507: زعم أبو النضر محمد بن مسعود أن ابن مسكان كان لا يدخل على أبي عبد الله
عليه السلام شفقة أن لا يوفيه حق إجلاله فكان يسمع من أصحابه، وهو ممن اجتمعت
العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وتصديقهم لما يقولون وأقروا لهم بالفقه. فعلى هذا
يكون هذا الحديث مرسلا، وإلا فهو صحيح، ولكن الذي يظهر أن حصر ما رواه ابن مسكان
عن الصادق عليه السلام في حديث " من أدرك المشعر فقد أدرك الحج " لم
يثبت. وقد تضمن الكافي أحاديث كثيرة رواه ابن مسكان عن الصادق عليه السلام وفي
بعضها سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول هكذا.
[
250 ]
عليه البول (1).
(1) التهذيب ج 1 / 33
ح 26 - وعنه الوسائل ج 1 / 238 ح 2 - وعن علل الشرائع 278 ح 1 مثله والفقيه ج 1 /
22 ح 36 مرسلا نحوه.
[
251 ]
1 - صاحب كتاب " الصفوة
" من أعيان علماء المخالفين من الجمهور قال: أخبرنا هبة الله بن محمد، قال:
أخبرني الحسن بن علي، قال: أخبرني أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال
حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى (1)، عن سفيان (2)، قال حدثني منصور (3)، عن إبراهيم (4)،
عن علقمة (5) قال: سألت عائشة أكان رسول الله يخص شيئا من الايام ؟ قالت: لا كان
عمله ديمة (6)، وأيكم يطيق ما كان رسول الله يطيق ؟ أخرجاه في الصحيحين (7). 2 -
وعنه، هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر،
قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال:
(1) يحيى بن سعيد بن
فروخ القطان الحافظ البصري المتوفى سنة (198). (2) سفيان بن سعيد الثوري المتوفي
سنة (161) تقدم ذكره. (3) منصور: بن المعتمد أبو عتاب الكوفي المتوفى سنة (132)
تقدم ذكره. (4) إبراهيم: بن يزيد النخعي الكوفي بن قيس بن الاسود المتوفى (96).
(5) علقمة: بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي الفقيه المتوفى بعد سنة (60). (6)
ديمة: دائما غير منقطع. (7) صفة الصفوة ج 1 / 190 - ورواه البخاري في صحيحه ج 2 /
55 - ومسلم في صحيحه ج 1 / 541 ح 217 نحوه - وأحمد في مسنده ج 6 / 189 باختلاف.
[
252 ]
حدثنا هارون بن معروف
(1)، قال: حدثنا ابن وهب (2)، قال: حدثني أبو صخر (3)، عن ابن قسيط (4)، عن عروة
(5)، عن عايشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى قام حتى تتفطر (6)
رجلاه، قالت عايشة: يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر ؟ ! قال صلى الله عليه وآله: يا عايشة أفلا أكون عبدا شكورا ؟ أخرجاه في
الصحيحين (7).
(1) هارون بن معروف
المروزي أبو علي الخزاز الضرير نزيل بغداد المتوفى سنة (231). (2) ابن وهب: عبد
الله بن وهب أبو محمد المصري المتوفى سنة (197). (3) أبو صخر: حميد بن زياد بن أبي
المخارق المدني المصري المتوفى سنة (189). (4) ابن قسيط: يزيد بن عبد الله بن قسيط
(مصغرا) الاعرج المدني المتوفى (122). (5) عروة: بن الزبير بن العوام المتوفى سنة
(94) تقدم ذكره. (6) تتفطر: تشقق. (7) صفة الصفوة ج 1 / 194 - وصحيح مسلم ج 4 / 2172
ح 81 - ومسند أحمد ج 6 / 115 - وصحيح البخاري ج 2 / 63 وج 6 / 149 بسند آخر نحوه.
[
253 ]
1 - محمد بن يعقوب، عن علي
بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة أمر
بوضوئه وسواكه، يوضع عند رأسه مخمرا، فيرقد ما شاء الله، ثم يقوم فيستاك ويتوضأ
ويصلي أربع ركعات، ثم يرقد، ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي أربع ركعات، ثم يرقد، حتى
إذا كان في وجه الصبح قام فأوتر ثم يصلي الركعتين. ثم قال: (لقد كان لكم في رسول
الله أسوة حسنة) (1): قلت: متى كان يقوم ؟ قال: بعد ثلث الليل، وقال في حديث آخر:
بعد نصف الليل. وفي رواية أخرى: يكون قيامه وركوعه وسجوده سواء، ويستاك في كل مرة
قام من نومه ويقرأ الآيات من آل عمران (إن في خلق السموات والارض - إلى قوله - إنك
لا تخلف الميعاد) (2) (3). 2 - وعنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى،
عن ابن
(1) الاحزاب: 21. (2)
آل عمران: 190 - 194. (3) الكافي ج 3 / 445 ح 13 - وعنه الوسائل ج 1 / 356 ح 1 وج
3 / 196.
[
254 ]
فضال، عن ابن بكير
(1)، عن زرارة (2)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه
وآله يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر وركعتا الفجر في السفر والحضر (3).
3 - الشيخ في " التهذيب " بإسناده في الصحيح، عن محمد بن علي بن محبوب
(4)، عن العباس بن معروف (5)، عن عبد الله بن المغيرة (6)، عن معاوية بن وهب، قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وذكر صلاة النبي صلى الله عليه وآله قال: كان
يأتي (7) بطهور فيخمر عند رأسه، ويوضع سواكه تحت فراشه، ثم ينام ما شاء الله، فإذا
استيقظ جلس، ثم قلب بصره في السماء، ثم تلى الآيات من آل عمران: (إن في خلق
السموات والارض) (8) الآية، ثم يستن (9) ويتطهر ثم يقوم إلى المسجد، فيركع أربع
ركعات على قدر قراءة ركوعه، وسجوده على قدر ركوعه، يركع حتى يقال: متى يرفع رأسه ؟
ويسجد حتى يقال: متى يرفع رأسه ؟ ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله. ثم يستيقظ
فيجلس، فيتلوا الآيات من آل عمران، ويقلب بصره إلى السماء، ثم يستن ويتطهر، ويقوم
إلى المسجد، فيصلي أربع ركعات كما ركع
(1) ابن بكير: عبد
الله بن بكير بن أعين الشيباني مولاهم أبو علي روى عن الصادق عليه السلام. وكان
فطحيا إلا أنه ثقة له كتاب روى عنه الحسن بن علي بن فضال. (2) زرارة: بن أعين بن
سنسن الشيباني مولاهم اسمه عبد ربه توفي (150). (3) الكافي ج 3 / 446 - وعنه
الوسائل ج 3 / 67 ح 6. (4) محمد بن علي بن محبوب: أبو جعفر الاشعري القمي شيخ
القميين في عصره روى عنه أحمد بن إدريس الاشعري القمي المتوفى (306). (5) العباس
بن معروف: مولى جعفر بن عمران بن عبد الله الاشعري، قمي وثقه النجاشي والعلامة.
(6) عبد الله بن المغيرة: أبو محمد البجلي الكوفي كان واقفيا فرجع وقطع بامامة
الرضا عليه السلام، قال النجاشي أنه ثقة، ثقة. (7) في الوسائل: يؤتى. (8) آل عمران:
191. (9) يستن: يستاك ويستعمل السواك.
[
255 ]
قبل ذلك، ثم يعود إلى
فراشه فينام ما شاء الله، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلب بصره في
السماء ثم يستن ويتطهر، ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلي الركعتين، ثم يخرج إلى
الصلاة (1).
(1) التهذيب ج 2 / 334
ح 233 - وعنه البحار ج 16 / 276 ح 115 والوسائل ج 3 / 195 ح 1 - وقطعة منه في
الوسائل ج 4 / 948 ح 2.
[
257 ]
1 - كتاب " الصفوة
" قال: أخبرنا عبد الاول قال: أخبرنا ابن المظفر، قال: أخبرنا ابن أعين، قال:
حدثنا الفربري ؟ قال: حدثنا البخاري، قال: حدثنا قتيبة (1)، عن مالك (2)، عن مخرمة
بن سليمان (3)، عن كريب (4)، عن أنس، عن ابن عباس، أخبره أنه بات عند ميمونة زوج
النبي صلى الله عليه وآله، وهي خالته، قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول
الله صلى الله عليه وآله وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وآله حتى
انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وآله،
فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم (5) من سورة آل عمران،
ثم قام إلى شن (6) معلق، فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي.
(1) قتيبة: بن سعيد بن
جميل البلخي المتوفى سنة (240) تقدمت ترجمته. (2) مالك: بن أنس بن مالك بن أبي
عامر المدني الفقيه المتوفى سنة (179). (3) مخرمة بن سليمان: (بفتح الميم وسكون
الخاء المعجمة وفتح الراء المهملة) الاسدي الوالبي المدني المتوفى سنة (130). (4)
كريب: بن أبي سلم المدني أبورشدين مولى ابن عباس توفي سنة (98). (5) من آية 91 -
إلى آية 200. (6) الشن (بفتح الشين المعجمة والنون المشددة): القربة من الجلد.
[
258 ]
قال ابن عباس: فقمت
فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله يده
اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى ففتلها، فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين،
ثم ركعتين، ثم ركعتين ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاء المؤذن، فقام فصلى ركعتين
خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح. أخرجاه في الصحيحين (1). 2 - وعنه، قال: أخبرنا هبة
الله بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني
أبي، قال: حدثنا هشيم (2)، قال: أخبرنا خالد (3)، عن عبد الله بن شقيق (4)، قال:
سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله من التطوع، فقالت: كان يصلي قبل
الظهر أربعا في بيتي، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يرجع إلى بيتي فيصلى ركعتين، وكان
يصلي بالناس المغرب، ثم يرجع إلى بيتي فيصلي ركعتين، فكان يصلي بهم العشاء، ثم
يدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر، وكان يصلي ليلا
طويلا قائما، وليلا طويلا جالسا، فإذا قرأ وهو قائم، ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ
وهو قاعد، ركع وسجد وهو قاعد، وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين، ثم يخرج فيصلي
بالناس صلاة الفجر. انفر بإخراجه مسلم (5).
(1) صفة الصفوة ج 1 /
190 - ورواه مسلم في صحيحه ج 1 / 526 ح 182 - والبخاري في صحيحه ج 1 / 55 - وج 2 /
29 - ومالك في الموطأ ج 1 / 121 وابن ماجة في سننه ج 1 / 433 ح 1363 - والنسائي في
سننه ج 3 / 211. (2) هشيم (بالتصغير) بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي أبو
معاوية بن أبي خازم الواسطي المتوفي سنة (183) كان حافظ بغداد في عصره. (3) خالد:
بن مهران أبو المنازل الحذاء (بفتح الحاء المهملة وتشديد الذال المعجمة) البصري
مولى قريش - توفي سنة (142). (4) عبد الله بن شقيق: العقيلي (بضم العين المهملة)
البصري المتوفى سنة (108). (5) صفة الصفوة ج 1 / 190 - ورواه مسلم في صحيحه ج 1 /
405 ح 105 باختلاف.
[
259 ]
3 - وقد اختلفت
الرواية في عدد الركعات اللواتي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصليهن في
الليل، فقال الترمذي: أقل ما روي عنه تسع ركعات، وأكثره ثلاث عشرة مع الوتر، وقد
روي عنه أحد عشر ركعة (1). 4 - قال المؤلف: (ره) قلت: قد روى البخاري من حديث
مسروق (2) قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله بالليل، فقالت:
سبع، وتسع، وإحدى عشر ركعة، سوى ركعتي الفجر. وهذا غير ما قال الترمذي (3). 5 -
وعنه، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد
بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا ابن أبي عدي
(4) عن حميد (5)، قال: سئل أنس بن مالك عن صلوة رسول الله صلى الله عليه وآله من
الليل، فقال: ما كنا شاء أن نراه من الليل مصليا إلا رأيناه، وما كنا نشاء أن نراه
نائما إلا رأيناه، وكان يصوم من الشهر حتى نقول: لا يفطر منه شيئا، ويفطر حتى
نقول: لا يصوم منه شيئا (6). أخرجاه في الصحيحين (7). 6 - وعنه، قال: أخبرنا هبة
الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا ابن مالك، قال: حدثنا عبد
الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد (8)، عن سفيان، قال: حدثني
سليمان (9)،
(1) صفة الصفوة ج 1 /
192 - رواه الترمذي في سننه ج 2 / 303 - 305. (2) مسروق: بن الاجدع بن مالك
الهمداني الوادعي الكوفي المتوفى سنة (63). (3) صفة الصفوة ج 1 / 193 - ورواه
البخاري في صحيحه ج 2 / 62. (4) ابن أبي عدي: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي البصري
المتوفى سنة (194). (5) حميد: بن أبي حميد الطويل أبو عبيدة البصري المتوفى سنة
(143). (6) جملة " ويفطر حتى نقول لا يصوم منه شيئا " ليست في المصدر.
(7) صفة الصفوة ج 1 / 193 - ورواه البخاري في صحيحه ج 2 / 62 نحوه. (8) يحيى بن
سعيد: بن فروخ القطان المتوفى سنة (198) تقدم ذكره. (9) سليمان: بن مهران الاعمش
الكوفي الاسدي المتوفى سنة (148).
[
260 ]
عن أبي وائل (1)، عن
عبد الله، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وآله ذات ليلة، فلم يزل قائما حتى
هممت بأمر سوء، قلنا: ما هممت ؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه. أخرجاه في الصحيحين (2).
7 - وعنه، قال: أخبرنا هبة الله، أخبرنا الحسن، قال: أخبرنا أنس بن مالك، قال:
حدثنا عبد الله بن أحمد، قال حدثني أبي، قال: حدثنا ابن نمير (3)، قال: حدثنا
الاعمش، عن سعد بن عبيد (4) عن المستورد بن الاحنف (5)، عن صلة بن زفر (6)، عن
حذيفة (7) قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وآله ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع
عند المائة، قال: ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت يركع بها، ثم افتتح
النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح
سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول: سبحان ربي العظيم
وبحمده (8)، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلا
قريبا مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الاعلى، فكان سجوده قريبا من قيامه.
(1) أبو وائل: شقيق بن
سلمة الاسدي الكوفي المتوفى حدود سنة (100). (2) صفة الصفوة ج 1 / 193 - رواه مسلم
في صحيحه ج 1 / 537 ح 204 - والبخاري في صحيحه ج 2 / 61 باختلاف. (3) ابن نمير:
عبد الله أبو هشام الكوفي المحدث المتوفى سنة (199). (4) سعد بن عبيد: أبو عبيد
الزهري مولى عبد الرحمن بن أزهر قال ابن حجر في التقريب: ثقة من الثانية، وقيل: له
ادراك. (5) المستورد بن الاحنف: الكوفي، قال في التقريب: ثقة من الثالثة. (6) صلة
(بكسر أوله وفتح اللام) بن زفر (بضم الزاي المعجمة وفتح الفاء) أبو العلاء الكوفي
التابعي مات في حدود (70). (7) حذيفة: بن اليمان العبسي صحابي جليل مات في سنة
(36). (8) كلمة (وبحمده) ليست في المصدر.
[
261 ]
انفرد باخراجه مسلم
(1) وسورة النساء في هذا الحديث مقدمة على آل عمران، وكذلك في مصحف ابن مسعود (2).
8 - وروى شعبة (3)، عن أبي إسحاق (4)، عن حارثة بن مضرب (5) قال: سمعت علي بن أبي
طالب عليه السلام يقول: لقد حضرنا بدرا وما فينا إلا من نام غير رسول الله صلى
الله عليه وآله، فإنه كان منتصبا في أصل شجرة يصلي ويدعو حتى الصباح.
(1) صحيح مسلم ج 1 /
536 ح 203. (2) صفة الصفوة ج 1 / 194. (3) شعبة: بن الحجاج أبو بسطام الواسطي
البصري المتوفى سنة (160) تقدم ذكره. (4) أبو إسحاق: عمرو بن عبد الله السبيعي
الهمداني المتوفى سنة (129) تقدم ذكره. (5) حارثة بن مضرب (بتشديد الراء المهملة
المكسورة) الكوفي ثقة من الثالثة.
|
|
|
|