|
[ 87 ]
1 - الشيخ
في " مجالسه " اخبرنا جماعة، عن ابى المفضل قال: حدثن أبو العباس احمد
بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة قال: حدثنا محمد بن المفضل بن
ابراهيم بن قيس الاشعري، قال: حدثنا على بن حسان الواسطي قال: حدثنا عبد الرحمن بن
كثير، عن جعفر بن محمد، عن ابيه، عن جده، عن على بن الحسين، عن الحسن عليهما
السلام في حديث له، وصدق ابى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سابقا، ووقاه
بنفسه، ثم ثم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كل موطن يقدمه، ولل شديدة
يرسله ثقة منه به، وطمانينة إليه، لعلمه بنصيحته لله عزوجل (1). 2 - وعن في "
اماليه "، قال: اخبرنا محمد بن محمد، يعنى المفيد، قال: اخبرني محمد بن احمد
بن عبيد الله المنصوري (2) قال: حدثنا سلمان بن سهل (3)، قال: حدثنا عيسى بن اسحاق
القرشى، قال: حدثنا حمدان بن على الخفاف، قال: حدثنا عاصم بن حميد، عن ابى حمزة
الثمالى، عن ابى جعفر
1)
امالي الطوسى ج 2 / 175 تقدم في الباب التاسع بطوله وله تخريجات. 2) محمد بن احمد
بن عبيد الله بن احمد المنصوري الهاشمي العباسي أبو الحسن من مشايخ المفيد المتوفى
سنة (413) والتلعكبري المتوفى سنة (385). 3) في المصدر: سليمان بن سهل، وعلى أي
تقدير ما وجدت له ترجمة.
[ 88 ]
محمد
بن على عليهما السلام، عن ابيه على بن الحسين عليهما السلام، عن محمد بن عمار بن
ياسر (1) عن ابيه عمار رضى الله عنه انه قال أي العباس بن عبد المطلب: لم يولد
لعبد المطلب مولود اعظم بركة من على عليه السلام الا النبي صلى الله عليه وآله، ان
عليا عليه السلام لم يزل اسبقهم إلى كل مكرمة واعلمهم لكل قضية، واشجعهم في
الكريهة، واشدهم جهادا للاعداء في نصرة الحنيفية، واول من آمن بالله ورسوله (2). 3
- ابن بابويه في " اماليه "، قال: حدثنا محمد بن معقل القرميسينى، عن
جعفر الوراق، قال: حدثنا محمد بن الحسن الاشج، عن يحيى بن زيد بن على (3)، عن
ابيه، عن على بن الحسين عليهما السلام، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ذات
يوم، وصلى الفجر، ثم قال: معاشر الناس ايكم ينهض إلى ثلاثة نفر قد آلوا باللات
والعزى ليقتلوني، وقد كذبوا ورب الكعبة ؟ قال: فاحجم الناس وما تكلم احد فقال: ما
احسب على بن ابى طالب عليه السلام فيكم. فقام إليه عامر بن قتادة فقال: انه وعك في
هذه الليلة، ولم يخرج يصلى معك افتاذن لى ان اخبره عليه السلام ؟ فقال النبي صلى
الله عليه وآله: شأنك فمضى إليه، فاخبره فخرج امير المؤمنين عليه السلام كانه نشط
من عقال، وعليه ازار قد عقد طرفيه على ردائه فقال: يا رسول الله ما هذا الخبر ؟
قال: هذا رسول ربى يخبرني عن ثلاثة نفر قد نهضوا إلى لقتلى، وقد كذبوا ورب الكعبة.
فقال على عليه السلام: يا رسول الله انا لهم سرية وحدي، هوذا البس
1)
محمد بن عمار بن ياسر المخزومى كان من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عاده في
مرضه ودعا له - رجال الشيخ (48). 2) امالي الطوسى ج 1 / 156 - وعنه البحار ج 43 /
210. 3) يحيى بن زيد بن على بن الحسين بن على عليهم السلام الشهيد سنة (125) ذكره
الشيخ في اصحاب الصادق عليه السلام.
[ 89 ]
على
ثيابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل هذه ثيابي، وهذا درعى، وهذا سيفى،
فدرعه وعممه وقلده واركبه فرسه، وخرج امير المؤمنين عليه السلام فمكث ثلاثة ايام،
لا ياتيه جبرئيل بخبره، ولا خبر من الارض، واقبلت فاطمة عليها السلام والحسن
والحسين عليهما السلام على وركيها، تقول: اوشك ان يؤتم هذان الغلامان، فاسبل النبي
صلى الله عليه وآله عينه يبكى، قال: معاشر الناس من ياتيني بخبر على ابشره بالجنة،
وافترق الناس في الطلب، لعظيم ما راوا بالنبي صلى الله عليه وآله، وخرج العواتق،
فاقبل عامر بن قتادة، يبشر بعلى عليه السلام. وهبط جبزئيل على النبي صلى الله عليه
وآله، فاخبره بما كان فيه، واقبل امير المؤمنين على عليه السلام، معه اسيران وراس،
وثلاثة ابعرة، وثلاثة افراس، فقال النبي صلى الله عليه وآله تحب ان اخبرك بما كنت
فيه يا ابا الحسن ؟ فقال المنافقون: هو منذ ساعة قد اخذه المخاض، وهو الساعة يريد
ان يحدثه ! فقال النبي صلى الله عليه وآله: بل تحدث انت يا ابا الحسن لتكون شهيدا
على القوم. فقال: نعم يا رسول الله، لنا صرت في الوادي، رايت هؤلاء ركبانا على
الاباعر، فنادوني، من انت ؟ فقلت: انا على بن ابى طالب ابن عم رسول الله صلى الله
عليه وآله، فقالوا: ما نعرف لله من رسول، سواء علينا وقعنا عليك أو على محمد، وشد
على هذا المقتول، ودار بينى وبينه ضربات، وهبت ريح حمراء، سمعت صوتك فيها يا رسول
الله وانت تقول: قد قطعت لك جربان (1) درعه، فاضرب حبل عاتقه، فضربته، فلم احفه
(2)، ثم هبت ريح صفراء (3)، سمعت صوتك فيها يا رسول الله وانت تقول: قد قلبت لك
الدرع عن فخذه فاضرب فخذه، فضربته ووكزته (4) وقطعت راسه، ورميت به،
1)
جربان (بكسر الجيم والراء وبضمهما وشد الباء الموحدة) جيب القميص. 2) الاحفاء:
المبالغة في الاخذ. 3) في الخصال: سوداء. 4) وكزه: ضربه بجمع الكف.
[ 90 ]
وقال
لى: هذان الرجلان: بلغنا ان محمدا رفيق شفيق رحيم، فاحملنا إليه ولا تعجل علينا،
وصاحبنا كان يعد بالف فارس. فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا على اما الصوت
الاول الذى صك مسامعك فصوت جبرئيل، واما الآخر، فصوت ميكائيل، فقال النبي صلى الله
عليه وآله وسلم: قدم إلى احد الرجلين، فقدمه فقال: قل: لا اله الا الله، واشهد انى
رسول الله، فقال: لنقل جبل ابى قبيس، احب إلى من ان اقول هذه الكلمة، فقال: يا على
اخره، واضرب عنقه. ثم قال: قدم الآخر، فقال: قل: لا اله الا الله واشهد انى رسول
الله، فقال: الحقنى بصاحبي، قال: يا على اخره واضرب عنقه، فاخره، وقام امير
المؤمنين عليه السلام ليضرب عنقه، فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله
عليه وآله وسلم، فقال: يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول لك لا تقتله، لانه حسن
الخلق، سخى في قومه، فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا على امسك فان هذا رسول ربى
يخبرني انه حسن الخلق، سخى في قومه، فقال اليهودي تحت السيف: هذا رسول ربك يخبرك ؟
قال: نعم. قال: والله ما ملكت درهما مع اخ لى قط، ولا قطبت (1) وجهى في الحرب وانا
اشهد ان لا اله الا الله، وانك رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا
ممن جره حسن خلقه وسخائه إلى جنات النعيم (2). 4 - وعن زيد بن على، عن جده عليهم
السلام، قال: كسرت يد على عليه السلام يوم احد، وفى يده لواء رسول الله صلى الله
عليه وآله، فحاماه المسلمون ان ياخذوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ضعوه
في يده الشمال، فانه صاحب لوائى في الدنيا والآخرة. 5 - ومن طريق المخالفين، ما رواه
موفق بن احمد، قال: اخبرنا الشيخ
1)
قطب وجهه: عبس - في الخصال: والله ما ملكت درهما مع اخ لى الا انفقته، ولا كلمت
بسوء مع اخ لى ولا قطبت وجهى في الجدب. 2) امالي الصدوق: 93 ح 4 - وعنه البحار ج
41 / 73 ح 4 - وعن الخصال: 94 ح 41.
[ 92 ]
لغط
(1) يذعر من يسمعه، فلما مروا بالبئر (2) سلموا عليه (اعني امير المؤمنين) من
اولهم إلى آخرهم اكراما له وبتجيلا (3). 6 - ابن شهر اشوب، عن محمد بن اسحاق، عن
يحيى بن عبد الله بن الحارث (4)، عن ابيه، عن ابن عباس، وابو عمرو عثمان بن احمد
(5)، عن محمد بن هارون (6)، باسناده إلى ابن عباس في خبر طويل انه اصاب الناس عطش
شديد في الحديبية، فقال النبي صلى الله عليه وآله: هل من رجل يمضى مع السقاة إلى
بئر ذات العلم، فيأتينا بالماء، واضمن له على الله الجنة ؟ فذهب جماعة فيهم سلمة
بن الاكوع (7)، فلما دنوا من الشجرة والبئر، سمعوا حسا وحركة شديدة، وقرع طبول،
وراوا نيرانا تتقد بغير حطب، فرجعوا خائفين، ثم قال: هل من رجل يمضى مع السقاة
فيأتينا بالماء، اضمن له على الله الجنة ؟ فمضى رجل من بنى سليم وهو يرتجز: امن
عزيف (8) ظاهر نحو السلم ينكل (9) من وجهه خير الامم من قبل ان يبلغ آبار العلم
فيستقى والليل مبسوط بالظلم ويامن الذم وتوبيخ الكلم
1)
اللغط (بفتح اللام والغين المعجمة): الصوت. أو صوت مبهم لا يفهم. 2) في البحار:
فلما حاذوا البئر. 3) مناقب الخوارزمي: 217 - واخرجه في البحار ج 19 / 285 عن
مناقب ابن شهر اشوب ج 2 / 241 وفى ج 40 / 84 ح 16 عن ابن ابى الحديد ج 9 / 172 ح
16 نقلا عن فضائل احمد: 2 / 613 ح 1049. 4) يحيى بن عبد الله بن الحارث: التيمى
الكوفى الجابر كان يجبر الاعضاء، ترجمة الذهبي في الكاشف ج 3 / 228 وابن حجر في
تهذيب ج 11 / 238. 5) أبو عمرو عثمان بن احمد السماك المتوفى سنة (344) تقدم ذكره.
6) محمد بن هارون: هو محمد بن هارون بن مجتمع أبو الحسن المصيصى له ترجمة في تاريخ
بغداد ج 3 / 357. 7) سلمة بن عمرو بن الاكوع الاسلمي أبو مسلم وابو اياس الصحابي
كان راميا شجاعا يسبق الخيل توفى سنة (74). 8) العزيف والعزف: صوت الجن. 9) ينكل: يجبن
وينكص.
[ 93 ]
فلما
وصلوا إلى الحس رجعوا وجلين، فقال النبي صلى الله عليه وآله: هل من رجل يمضى مع
السقاة إلى البئر ذات العلم فيأتينا بالماء اصمن له على الله الجنة ؟ فلم يقم احد،
واشتد بالناس العطش، وهم صيام، ثم قال لعلى عليه السلام: سر مع هؤلاء السقاة حتى
ترد بئر ذات العلم، وتستقى، وتعود ان شاء الله، فخرج على عليه السلام قائلا: اعوذ
بالرحمن ان اميلا من عزف جن اظهروا تأويلا واوقدت نيرانها تغويلا وقرعت مع عزفها
الطبولا قال: فداخلنا الرعب، فالتفت على عليه السلام الينا، وقال: اتبعوا اثرى،
ولا يفزعنكم ما ترون، وتسمعون، فليس بضائركم ان شاء الله، ثم مضى فلما دخلنا
الشجر، فإذا بنيران تضرم من غير حطب، واصوات هائلة ورؤوس مقطعة، لها ضجة، وهو
يقول: اتبعونى ولا خوف عليكم، ولا يلتفت احد منكم يمينا، ولا شمالا، فلما جاوزنا
الشجرة، وردنا الماء، فادلى البراء بن عازب دلوه في البئر، فاستقى دلوا أو دلوين،
ثم انقطع الدلو فوقع في القليب، والقليب ضيق مظلم، بعيد القعر، فسمعنا في اسفل
القليب قهقهة، وضحكا شديدا. فقال على عليه السلام: من يرجع إلى عسكرنا فيأتينا
بدلو ورشاء ؟ فقال اصحابه: من يستطيع ذلك (1) ؟ فاتزر بمئزر ونزل في القليب، وما
تزداد القهقهة الا علوا، وجعل ينحدر في مراقى القليب إذ زلت رجله، فسقط فيه، ثم
سمعنا وجبة شديدة، واضطرابا وغطيطا كغطيط المخنوق (2) ثم نادى على عليه السلام
الله اكبر الله اكبر، انا عبد الله واخو رسول الله هلموا قربكم، فافعمها (3)
واصعدها على عنقه شيئا فشيئا، ومضى بين ايدينا فلم نر شيئا، فسمعنا صوتا.
1)
في المصدر: لن نستطيع ذلك. 2) الغطيط: مد الصوت والنفس في الخياشيم. والمخنوق:
الذى شد على حلقه. 3) افعم الاناء: ملا ها.
[ 94 ]
أي
فتى ليل اخى روعات واى سباق إلى الغايات لله در الغرر السادات من هاشم الهامات
والقامات مثل رسول الله ذى الآيات أو كعلى كاشف الكربات كذا يكون المرء في الحاجات
فارتجز امير المؤمنين عليه السلام: الليل هول يرهب المهيبا ويذهل المشجع اللبيبا
واننى اهول منه ذيبا ولست اخشى الروع والخطوبا إذا هززت الصارم القضيبا ابصرت منه
عجبا عجيبا وانتهى إلى النبي صلى الله عليه وآله، وله زجل (1)، فقال رسول الله صلى
الله عليه وآله: ماذا رايت في طريقك يا على ؟ فاخبره بخبره كله، فقال: ان الذى
رايته مثل ضربه الله لى ولمن حضر معى في وجهى هذا قال على عليه السلام: اشرحه لى
يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وآله: اما الرؤوس التى رايتهم لها ضجة،
ولالسنتها لجلجة، فذلك مثل قوم معى يقولون بافواههم: ما ليس في قلوبهم، ولا يقبل
الله منهم صرفا ولا عدلا، ولا يقيم لهم يوم القيامة وزنا. واما النيران بغير حطب،
ففتنة تكون في امتى بعدى، القائم فيها والقاعد سواء، لا يقبل الله لهم عملا، ولا
يقيم لهم يوم القيامة وزنا. واما الهاتف الذى هتف بك، فذلك سلقعة وهو سملعة بن
عزاف الذى قتل عدو الله مسعرا، شيطان الاصنام الذى كان يكلم قريشا منها، ويشرع في
هجائي. عبد الله بن سالم (2)، ان النبي صلى الله عليه وآله بعث سعد بن مالك (3)
1)
الزجل (بالزاى والجيم المفتوحتين): الصوت. 2) عبد الله بن سالم: من الصحابة له
ترجمة في اسد الغابة ج 3 / 175. 3) سعد بن مالك: مشترك بين رجال من الصحابة وهم:
سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة الانصاري الخزرجي والد سهل بن سعد، وسعد بن مالك بن
شيبان بن عبيد أبو سعيد الخدرى = = المتوفى سنة (74) ه، وسعد بن مالك العذري، وسعد
بن مالك ابى وقاص بن وهيب الزهري المتوفى سنة (54).
[ 95 ]
بالروايا
يوم الحديبية، فرجع رعبا من القوم، ثم بعث آخر، فنكص فزعا، ثم بعث عليا عليه
السلام فاستسقى، ثم أقبل بها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكبر ودعا له بخير
(1). 7 - كتاب " هواتف الجن " (2): محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عبد الله
بن الحارث، عن أبيه، قال: حدثني سلمان الفارسي في خبر قال: كنا مع رسول الله في
يوم مطير، ونحن ملتفون نحوه، فهتف هاتف: السلام عليك يا رسول الله فرد عليه
السلام، وقال: من أنت ؟ قال: عرفطة بن شمراخ أحد بني نجاح، قال أظهر لنا رحمك الله
في صورتك. قال سلمان: فظهر لنا شيخ، أذب (3) أشعر، قد لبس وجهه شعر غليظ متكاثف قد
واراه، وعيناه مشقوقتان طولا، وفمه في صدره فيه أنياب بادية طوال، وأظفاره كمخالب
السباع، فقال الشيخ: يا نبي الله ابعث معي من يدعو قومي إلى الاسلام، وأنا أرده
إليك سالما. فقال النبي صلى الله عليه وآله أيكم يقوم معه فيبلغ الجن عني، وله
الجنة ؟ فلم يقم أحد فقال ثانية وثالثة: فقال علي: أنا يا رسول الله فالتفت النبي
صلى الله عليه وآله إلى الشيخ فقال: وافني إلى الحرة في هذه الليلة أبعث معك رجلا،
يفصل حكمي، وينطق بلساني، ويبلغ الجن عني قال: فغاب الشيخ، ثم أتى في الليل، وهو
على بعير كالشاة، ومعه بعير آخر كارتفاع الفرس، فحمل النبي صلى الله عليه وآله
عليا عليه السلام، وحملني خلفه وعصب عيني، وقال: لا تفتح عينك حتى تسمع عليا يؤذن،
ولا
1)
مناقب ابن شهر اشوب ج 2 / 88 - وعنه البحار ج 41 / 70. 2) هواتف الجن: تأليف ابن
ابى الدنيا عبد الله بن محمد بن البغدادي المتوفى سنة (281) ه. 3) في المصدر: ازب
(بالزاى الساكنة) وهو بمعنى القصير، وفى البحار: اذب (بالهمزة المفتوحة والذال
المعجمة والباء المشددة) وهو بمعنى الطويل.
[ 96 ]
يروعك
ما تسمع (1) فانك آمن. فسار (2) البعير فدفع سائرا يدف كدفيف (3) النعام، وعى عليه
السلام يتلو القرآن، فسرنا ليلتنا حتى إذا طلع الفجر، اذن على عليه السلام، واناخ
البعير، وقال: انزل يا سلمان فحللت عينى، ونزلت، فإذا ارض قوراء (4)، فاقام
الصلاة، وصلى بنا ولم ازل اسمع الحسن حتى إذا سلم على عليه السلام التفت، فإذا خلق
عظيم، واقام على عليه السلام يسبح ربه حتى طلعت الشمس. ثم قام خطيبا، فخطبهم
فاعترضته مردة منهم، فاقبل على عليه السلام، فقال ابا لحق تكذبون، وعن القرآن
تصدفون، وبآيات الله تجحدون، ثم رفع طرفه إلى السماء، فقال: اللهم بالكلمة العظمى
والاسماء الحسنى، والعزائم الكبرى، والحى القيوم، ومحيى الموتى، ومميت الاحياء،
ورب الارض والسماء، يا حرسة الجن، ورصدة الشياطين، وخدام الله الشرهاليين، وذوى
الارواح الطاهرة، اهبطوا بالجمرة التى لا تطفئ، والشهاب الثاقب، والشواظ المحرق،
والنحاس القاتل، بكهيعص، والطواسين، والحواميم، ويس، ونون والقلم وما يسطرون،
والذاريات، والنجم إذا هوى، والطور وكتاب مسطور في رق منشور، والبيت المعمور،
والاقسام العظام، ومواقع النجوم لما اسرعتم الانحدار إلى المردة المتولعين
والمتكبرين الجاحدين آثار رب العالمين. قال سلمان: فاحسست بالارض من تحتي ترتعد،
وسمعت في الهواء دويا شديدا، ثم نزلت نار من السماء، صعق كل من رآها من الجن، وخرت
على وجوهها مغشيا عليها، وسقطت انا على وجهى، فلما افقت إذا دخان يفور من الارض،
فصاح بهم على عليه السلام: ارفعوا رؤوسكم فقد اهلك الله
1)
في المصدر: يروعك ما ترى. 2) في البحار: فثار. 3) دف دفيفا الطائر: حرك جناحه. 4)
القوراء: الواسعة.
[ 97 ]
الظالمين،
ثم عاد إلى خطبته، فقال: يا معشر الجن والشياطين والغيلان، وبنى شمراخ، وآل نجاح
وسكان الآجام والرمال والقفار، وجميع شياطين البلدان اعلموا ان الارض قد ملئت
عدلا، كما كانت مملوءة جورا، هذا هو الحق فماذا بعد الحق الا الضلال، فانى تصرفون
؟ فقالوا: آمنا بالله ورسوله وبرسول رسوله، فلما دخلنا المدينة، قال النبي صلى الله
عليه وآله لعلى عليه السلام: ماذا صنعت ؟ قال: اجابوا واذعنوا وقص عليه خبرهم،
فقال النبي صلى الله عليه وآله: لا يزالون كذلك هائبين إلى يوم القيامة (1). 8 -
ومن كتاب " الانوار " (2)، خبر عطرفة الجنى بالاسناد، عن زاذان (3)، عن
سلمان رضى الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم جالسا
بالابطح، وعنده جماعة من اصحابه، وهو مقبل علينا بالحديث، إذ نظرنا إلى زوبعة (4)
قد ارتفعت فأثارت الغبار، وما زالت تدنو، والغبار يعلو إلى أو وقفت بحذاء النبي
صلى الله عليه وآله، ثم برز منها شخص كان فيها، ثم قال: يا رسول الله انى وافد
قومي، وقد استجرنا بك فاجرنا، وابعث معى من قبلك من يشرف على قومنا، فان بعضهم قد
بغى علينا، ليحكم بيننا وبينهم بحكم الله وكتابه، وخذ على العهود والمواثيق
المؤكدة، ان ارده اليك سالما في غداة غد، الا ان تحدث على حادثة من عند الله. فقال
له النبي صلى الله عليه وآله: من انت ومن قومك ؟ قال: انا عطرقة بن شمراخ احد بنى
نجاح، وانا وجماعة من اهلي، كنا نسترق
1)
المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 308 - وعنه بحار الانوار ج 39 / 183 ومدينة المعاجز:
21 معجزة: 28. 2) كتاب الانوار: في تاريخ الائمة الاطهار عليهم السلام تأليف الشيخ
ابى على محمد بن ابى بكر همام بن سهيل الكاتب الاسكافي المولود سنة (258) والمتوفى
سنة (336) ه - الذريعة ج 2 / 412. 3) زاذان: أبو عمر الكندى مولاهم الضرير البزاز
المتوفى سنة (82) ه. 4) الزويعة (بفتح الزاى والباء الموحدة وسكون الواو): ريح ترتفع
بالتراب وتستدير كأنها عمود.
[ 98 ]
السمع،
فلما منعنا من ذلك آمنا، ولما بعثك الله نبيا، آمنا بك على ما علمته وقد صدقناك،
وقد خالفنا بعض القوم، واقاموا على ما كانوا عليه، فوقع بيننا وبينهم الخلاف، وهم
اكثر منا عددا وقوة، وقد غلبوا على الماء والمراعى واضروا بنا وبدوا بنا، فابعث
معى من يحكم بيننا بالحق فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فاكشف لنا عن
وجهك حتى نراك على هيئتك التى انت عليها، قال: فكشف لنا عن صورته، فنظرنا فإذا شخص
عليه شعر كثير، وإذا راسه طويل، طويل العينين، عيناه في طول راسه، صغير الحدقتين،
له اسنان كاسنان السباع، ثم ان النبي صلى الله عليه وآله اخذ عليه العهد والميثاق
على ان يرد عليه في غد، من يبعث به معه. فلما فرغ من ذلك التفت إلى ابى بكر، فقال
له: سر مع اخينا عطرفة، وانظر إلى ما هم عليه، واحكم بينهم بالحق، فقال، يا رسول
الله واين هم ؟ قال: هم تحت الارض. فقال أبو بكر: فكيف اطيق النزول تحت الارض وكيف
احكم بينهم ولا احسن كلامهم ؟ ثم التفت إلى عمر بن الخطاب، فقال له مثل قوله لابي
بكر، فأجاب مثل جواب ابى بكر. ثم اقبل على عثمان، وقال له مثل قوله لهما فاجابه
كجوابهما. ثم استدعى بعلى عليه السلام وقال له: يا على سر مع اخينا عطرفة، وتشرف
على قومه وتنظر إلى ما هم عليه، وتحكم بينهم بالحق، فقام امير المؤمنين عليه
السلام مع عطرفة، وقد تقلد سيفه، قال سلمان رضى الله عنه: فتبعتهما إلى ان صارا
إلى الوادي، فلما توسطاه، نظر إلى امير المؤمنين وقال: قد شكر الله تعالى سعيك يا
ابا عبد الله فارجع، فوقفت انظر اليهما فانشقت الارض، ودخلا فيها وعادت (1) إلى ما
كانت، ورجعت وتداخلني من الحسرة، ما الله اعلم به، كل ذلك اشفاقا على امير
المؤمنين عليه السلام.
1)
في البحار ج 63 / 92: وعدت، وفى عيون المعجزات للشيخ حسين بن عبد الوهاب: 44:
وعادت إلى ما كانت، وعلى هذا فالضمير المستتر يرجع إلى الارض.
[ 99 ]
واصبح
النبي صلى الله عليه وآله، وصلى بالناس الغداة، وجاء وجلس على الصفا، وحف به
اصحابه، وتاخر امير المؤمنين عليه السلام، وارتفع النهار، واكثر الناس الكلام، إلى
ان زالت الشمس، وقالوا ان الجنى احتال على النبي صلى الله عليه وآله، وقد اراحنا
الله من ابى تراب، وذهب عنا افتخاره بابن عمه علينا، واكثروا الكلام إلى ان صلى
النبي صلى الله عليه وآله صلاة الاولى وعاد إلى مكانه وجلس على الصفا، وما زال
يحدث اصحابه إلى ان وجبت صلاة العصر، واكثر القوم الكلام واظهروا الياس من امير
المؤمنين عليه السلام فصلى النبي صلى الله عليه وآله، وجاء وجلس على الصفا واظهر
الفكر في امير المؤمنين عليه السلام وظهرت شماتة المنافقين بامير المؤمنين، وكادت
الشمس تغرب. فتيقن القوم انه قد هلك، وإذا قد انشق الصفا، وطلع امير المؤمنين منه
وسيفه يقطر دما، ودمعه عطرفة (1)، فقام إليه النبي صلى الله عليه وآله، وقبل ما
بين عينيه وجبينه، وقال له: ما الذى حبسك عنى إلى هذا الوقت ؟ فقال عليه السلام:
صرت إلى جن كثير قد بغوا على عطرفة، وقومه من المنافقين، فدعوتهم إلى ثلاث خصال،
فابوا على، وذلك انى دعوتهم إلى الايمان بالله، والاقرار بنبوتك ورسالتك، فابوا،
فدعوتهم إلى اداء الجزية، فابوا، فسألتهم ان يصالحوا عطرفة وقومه، فيكون بعض
المرعى لعطرفة وقومه، وكذلك الماء، فابوا ذلك كله، فوضعت سيفى فيهم، وقتلت منهم
زهاء (2) ثمانين الفا. فلما نظروا إلى ما حل بهم، طلبوا الامان والصلح، ثم آمنوا
وصاروا اخوانا (3) وزال الخلاف، وما زلت معهم إلى الساعة، فقال عطرفة: يا
1)
في المصدر: غطرفة - وفى البحار ج 63: عرفطة. 2) في البحار: منهم ثمانين الفا. 3)
في نسخة: اعوانا.
[ 100 ]
رسول
الله جزاك الله تعالى وامير المؤمنين عنا خيرا (1). 9 - وروى في تفسير ابى محمد
الحسن العسكري عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وايكم وقى
بنفسه نفس رجل مؤمن البارحة ؟ فقال على عليه السلام: انا يا رسول الله وقيت بنفسى
نفس ثابت بن قيس بن شماس الانصاري (2)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حدث
بالقصة اخوانك المؤمنين، ولا تكشف عن اسم المنافقين المكايدين (3) لنا، فقد كفا
كما الله شرهم، واخرهم للتوبة لعلهم يتذكرون أو يخشون (4). فقال على عليه السلام:
انى بينما اسير (5) في بنى فلان بظاهر المدينة، وبين يدى بعيدا منى ثابت بن قيس،
إذ بلغ بئرا عادية، عميقة، بعيدة القعر، وهناك رجال (6) من المنافقين، فدفعوه
ليرموه في البئر (7)، فتماسك ثابت ثم عاد فدفعه والرجل لا يشعر بى حتى وصلت إليه،
وقد اندفع ثابت في البئر، فكرهت ان اشتغل بطلب المنافقين (8) خوفا على ثابت، فوقعت
في البئر لعلى آخذه، فنظرت فإذا انا قد سبقته إلى قرار البئر. فقال رسول الله صلى
الله عليه وآله: وكيف لا تسبقه وانت ارزن (9) منه ؟ ولو لم يكن من رزانتك الا ما
في جوفك من علم الاولين
1)
اخرجه في البحار ج 18 / 86 - وج 63 / 90 ح 45 عن عيون المعجزات: 43 نقلا عن كتاب
الانوار وفى ج 39 / 168 ح 9 عن كشف اليقين: 68 ب 90 باسناده عن ابى سعيد الخدرى
عنه، والفضائل لشاذان: 60 عن زاذان، والروضة له: 34 عن ابى سعيد باختلاف. 2) ثابت
بن قيس: بن شماس الخزرجي الانصاري الصحابي المتوفى سنة (12) ه. 3) في المصدر: عن
اسم المنافق المكائد لنا. 4) في المصدر: فقد كفاكما الله شره واخره للتوبة لعله
يتذكر أو يخشى. 5) في المصدر: بينا انا اسير. 6) في المصدر: رجل. 7) في المصدر:
فدفعه ليرميه في البحر. 8) في المصدر: المنافق. 9) الارزن: الاثقل.
[ 101 ]
والآخرين
الذى اودع الله رسوله (1) لكان من حقك ان تكون ارزن من كل شئ، فكيف كان حالك وحال
ثابت ؟ قال: يا رسول الله ! صرت إلى قرار البئر واستقررت قائما، وكان ذلك اسهل على
واخف على رجلى من خطاى التى اخطوها رويدا رويدا. ثم جاء ثابت فانحدر فوقع على يدى،
وقد بسطتها له، فخشيت ان يضرنى سقوطه على أو يضره، فما كان الا كباقة ريحان
تناولتها بيدى، ثم نظرت فإذا ذلك المنافق ومعه آخران على شفير البئر، وهو يقول
لهما: اردنا واحدا فصار اثنين ! فجاووا بصخرة فيها مائتا (2) من فارسلوها علينا
فخشيت ان تصيب ثابتا فاحتضنته، وجعلت راسه إلى صدري، وانحنيت عليه، فوقعت الصخرة
على مؤخر راسى، فما كانت الا كترويحة مروحة تروحت بها في حمارة القيظ. ثم جاؤوا
بصخرة اخرى قدر ثلاثمائة من فارسلوها علينا، فانحنيت على ثابت فاصابت مؤخر راسى،
فكان كماء صببته على راسى وبدنى في يوم شديد الحر. ثم جاؤوا بصخرة ثالثة فيها قدر
خمسمائة من، يديرونها على الارض لا يمكنهم ان يقلبوها، فارسلوها علينا، فانحنيت
على ثابت فاصابت مؤخر راسى وظهري، فكانت كثوب ناعم صببته (3) على بدنى ولبسته،
فتنعمت به، فسمعتهم (4) يقولون: لو ان لابن ابى طالب وابن قيس مائة الف روح ما نجت
واحدة منها من بلاء هذه الصخور. ثم انصرفوا، فدفع الله عنا شرهم، فاذن الله لشفير
البئر فانحط، ولقرار البئر قد ارتفع، فاستوى القرار والشفير بعد بالارض، فخطونا
وخرجنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ابا الحسن ان الله عزوجل
1)
في المصدر: الذى اودعه الله رسوله واودعك. 2) في المصدر: فيها مقدار مائتي من. 3)
صببت الدرع عليه: البستها اياه. 4) في المصدر: ثم سمعتهم.
[ 102 ]
اوجب
لك من الفضائل (1) والثواب ما لا يعرفه غيره، ينادى مناد يوم القيامة اين محبو على
بن ابى طالب عليه السلام ؟ فيقوم قوم من الصالحين، فيقال لهم: خذوا بايدى من شئتم
من عرصات القيامة فادخلوهم الجنة، فاقل رجل منهم ينجو بشفاعته من اهل تلك العرصات
الف الف رجل. ثم ينادى مناد: اين البقية من محبى على بن ابى طالب عليه السلام ؟
فيقومون قوم مقتصدون (2)، فيقال لهم: تمنوا على الله تعالى ما شئتم، فيتمنون، فيفعل
بكل واحد منهم ما تمنى، ثم يضعف له مائة الف ضعف، ثم ينادى مناد: اين البقية من
محبى على بن ابى طالب عليه السلام ؟ فيقوم قوم ظالمون لانفسهم معتدون عليها.
فيقال: اين المبغضون لعلى بن ابى طالب ؟ فيؤتى بهم جم غفير وعدد كثير (3) فيقال:
الا نجعل كل الف من هؤلاء فداء، لواحد من محبى على بن ابى طالب عليه السلام
ليدخلوا الجنة، فينجى الله عزوجل محبيك، ويجعل اعداءهم (4) فداءهم، ثم قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: هذا الافضل الاكرم، محبه محب الله ومحب رسوله، ومبغضه
مبغض الله ومبغض رسوله، هم خيار خلق الله من امة محمد صلى الله عليه وآله (5).
1)
في المصدر والبحار: ان الله عزوجل قد اوجب لك بذلك من الفضائل. 2) قال محقق تفسير
الامام عليه السلام في الذبل: الظاهر انه اشارة إلى ما في قوله تعالى من سورة
فاطر: 32 " فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات " ففى
حديث لابي اسحاق السبيعى عن الباقر عليه السلام في الاية قال: هي لنا خاصة يا ابا
اسحاق اما السابق بالخيرات: فعلى بن ابى طالب والحسن والحسين والشهيد منا - واما
المقتصد: فصائم بالنهار وقائم بالليل، واما الظالم لنفسه ففيه ما في الناس وهو
مغفور له. (سعد السعود: 107). 3) في المصدر والبحار: وعدد عظيم كثير. 4) في
المصدر: ويجعل اعداءك فدائهم. 5) التفسير المنسوب للامام عليه السلام: 108 ح 57
وعنه البحار ج 42 / 27 وج 7 / 210 ح 104 قطعه منه ومدينة المعاجز: 113 ح 304
والبرهان: 1 / 58 ح 2. (*)
[ 103 ]
1 - الشيخ في
" اماليه " باسناده، عن ابن عباس، قال: اجتمع المشركون في دار الندوة،
ليتشاوروا في امر رسول الله صلى الله عليه وآله، فاتى جبرئيل رسول الله صلى الله
عليه وآله، واخبره الخبر، وامره ان لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فلما اراد رسول
الله صلى الله عليه وآله المبيت، امر عليا عليه السلام ان يبيت في مضجعه تلك
الليلة، فبات على عليه السلام، وتغشى ببرد اخضر، حضرمى كان رسول الله صلى الله
عليه وآله ينام فيه، وجعل السيف إلى جنبه، فلما اجتمع اولئك النفر من قريش، يطوفون
ويرصدونه يريدون قتله، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وهم جلوس على الباب،
عددهم خمسة وعشرون رجلا، فاخذ حفنة (1) من البطحاء، ثم جعل يذرهم على رؤوسهم، وهو
يقرا: (يس والقرآن الحكيم) حتى بلغ (فاغشيناهم فهم لا يبصرون) (2) فقال لهم قائل:
ما تنتظرون ؟ قد والله خبتم وخسرتم، والله لقد مر بكم، وما منكم رجل الا وقد جعل
على راسه ترابا قالوا: والله ما ابصرناه قال: فانزل الله عزوجل (واذ يمكر بك الذين
كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله
1)
الحفنة (بفتح الحاء المهملة أو ضمها وسكون الفاء): ملا الكفين. 2) يس: 9.
[ 104 ]
والله
خير الماكرين) (1) (2). 2 - وعنه قال: اخبرنا جماعة، عن ابى المفضل قال: حدثنا
محمد بن احمد بن يحيى بن عمران الامام بانطاكية قال: حدثنا محفوظ بن بحر قال:
حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن حكيم بن جبير، عن على بن
الحسين صلوات الله عليه في قول الله عزوجل (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات
الله) (3) قال عليه السلام: نزلت في على عليه السلام حين بات على فراش رسول الله
صلى الله عليه وآله (4). 3 - وعنه قال: اخبرنا جماعة، عن ابى المفضل، قال: حدثنا
أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدى النحوي قال: حدثنا الخليل بن اسد أبو الاسود
النوشجانى (5) قال: حدثنا أبو زيد سعيد بن اوس، يعنى الانصاري النحوي قال: كان أبو
عمرو بن العلاء إذا قرا: (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله) (6) قال كرم
الله عليا عليه السلام نزلت فيه هذه الآية (7). 4 - وعنه قال: اخبرنا جماعة، عن
ابى المفضل قال: حدثنا محمد بن محمد ابن سليمان الباغندى، قال: حدثنا محمد بن
الصباح الجرجاني (8) قال: حدثنى محمد بن كثير الملاءى (9)، عن عوف الاعرابي من اهل
البصرة، عن الحسن بن ابى الحسن، عن انس بن مالك، قال لما توجه رسول الله صلى الله
عليه
1)
الانفال: 30. 2) امالي الطوسى ج 2 / 60، وتقدم في ج 1 / 133 ح 1، وله تخريجات
ذكرناها هناك. 3) البقرة: 207. 4) امالي الطوسى ج 2 / 61، وتقدم في ج 1 / 135 ح 2،
وله تخريجات ذكرناها هناك. 5) في المصدر: الحليل (بالحاء المهملة) بن الاسود
النوشجانى، وفى بعض النسخ: الجليل (بالجيم) وعلى أي حال كما تقدم ما وجدت له
ترجمة. 6) البقرة: 207. 7) امالي الطوسى ج 2 / 61 - وعنه البحار ج 19 / 55 ح 13،
وتقدم في ج 1 / 135 ح 3. 8) تقدم انه لعل الصواب: الجرجرائى وهو محمد بن الصباح بن
سفيان المتوفى سنة (240) ه. 9) في المصدر: محمد بن كثير المدائني.
[ 105 ]
وآله
وسلم إلى الغار ومعه أبو بكر، امر النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام ان
ينام على فراشه ويتغشى (1) ببردته، فبات على عليه السلام موطنا نفسه على القتل،
وجاءت رجال من قريش من بطونها يريدون قتل رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما
ارادوا ان يضعوا عليه اسيافهم لا يشكون انه محمد صلى الله عليه وآله، فقالوا:
ايقظوه ليجد الم القتل، ويرى السيوف تأخذه، فلما ايقظوه وراوه عليا عليه السلام
تركوه، وتفرقوا في طلب رسول الله صلى الله عليه وآله، فانزل الله عزوجل (ومن الناس
من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) (2). 5 - وعنه قال: اخبرنا
جماعة قال: اخبرنا أبو المفضل قال: حدثنا محمد بن الحسين بن الحفص الخثعمي قال:
حدثنا محمد بن عبد الله المحاربي (3) قال: حدثنا أبو يحيى التميمي (4)، عن عبد
الله بن جندب، عن ابى ثابت، عن ابيه، عن مجاهد قال: فخرت عائشة بابيها ومكانه مع
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغار، فقال عبد الله بن شداد بن الهاد (5):
واين انت من على بن ابى طالب عليه السلام ؟ حيث نام في مكانه وهو يرى انه يقتل،
فسكتت ولم تحر (6) جوابا (7). 6 - وعنه، قال: اخبرنا جماعة، عن ابى المفضل قال:
حدثنا أبو احمد
1)
في المصدر: ويتوشح ببردته. 2) امالي الطوسى ج 2 / 61 - وعنه البحار ج 19 / 55 ح 14
- والبرهان ج 1 / 206 ح، وتقدم في ج 1 / 136 ح 4. 3) في المصدر: محمد بن عبد
المحاربي، وفى البحار: محمد بن عبيد، والظاهر كما تقدم هو محمد بن عبيد بن محمد بن
واقد المحاربي أبو جعفر النحاس الكوفى المتوفى سنة (251) - التقريب ج 2 / 189. 4)
في البحار: أبو يحيى التيمى وهو اسماعيل بن ابراهيم الاحول الكوفى. 5) تقدم انه هو
أبو الوليد المدنى المقتول بالكوفة سنة (81) أو (83). 6) لم تحر جوابا: ما استطاعت
ان تجيب من احار يحور الجواب أي رده يرده. 7) امالي الطوسى ج 2 / 62 - وعنه البحار
ج 19 / 55 ح 15 - وقد تقدم في ج 1 / 137 ح 5.
[ 106 ]
عبيد
الله بن الحسين، عن ابراهيم العلوى النصيبى ببغداد قال: حدثنا محمد بن على بن حمزة
العلوى قال: حدثنى ابى قال: حدثنا الحسى بن زيد، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن
على بن ابى طالب عليه السلام، عن ابيه، عن جعدة بن هبيرة، عن امه ام هاني بنت ابى
طالب عليه السلام، قالت: لما امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله بالهجرة،
وانام عليا عليه السلام على فراشه، وسجاه ببرد حضرمى. ثم خرج فإذا وجوه قريش على
بابه، فاخذ حفنة (1) من تراب فذرها على رؤوسهم فلم يشعر به احد منهم، ودخل على
بيتى، فلما اصبح اقبل على وقال: ابشرى يا ام هانئ فهذا جبرائيل عليه السلام،
يخبرني ان الله عزوجل، قد انجى عليا عليه السلام من عدوه، قالت: وخرج رسول الله
صلى الله عليه وآله مع جناح الصبح إلى غار ثور، فكان فيه ثلاثا، حتى سكن عنه
الطلب، ثم ارسل إلى على عليه السلام، وامره بامره واداء الامانة (2). 7 - وعنه، عن
جماعة، عن ابى المفضل، بالاسناد في حديث الهجرة، ذكر في حديث هند بن ابى هالة،
وفيه ذكر القوم الذين من قريش الذين اجتمعوا في دار الندوة، ليمكروا برسول الله
صلى الله عليه وآله قال في الحديث: فخرج القوم، يعنى من دار الندوة، عزين، وسبقهم
بالوحى بما كان من كيدهم جبرئيل عليه السلام، فتلا هذه الآية على رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: (واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) (3). فلما اخبره جبرئيل عليه السلام بامر
الله في ذلك، ووحيه، وما عزم له من الهجرة، دعا رسول الله صلى الله عليه وآله على
بن ابى طالب صلوات الله
1)
الحفنة (بضم الحاء المهملة أو فتحها وسكون الفاء): ملا الكفين. 2) امالي الطوسى ج
2 / 62 - وعنه البحار ج 19 / 56 ح 17 وتقدم في ج 1 / 137 ح 6. 3) الانفال: 30.
[ 107 ]
عليه
لوقته، فقال له: يا على ان الروح هبط على بهذه الآية انفا يخبرني ان قريشا اجتمعت
على المكربى وقتلى، وانه اوحى إلى (1) عن ربى عزوجل ان اهجر دار قومي، وان انطلق
إلى غار ثور تحت ليلتى، وانه امرني ان آمرك بالمبيت على ضجاعى، أو قال: مضجعي،
ليخفى بمبيتك عليه (2) اثرى، فما انت قائل وصانع ؟ فقال على عليه السلام، أو تسلمن
بمبيتى هناك يا نبى الله ! ؟ قال: نعم. فتبسم على صلوات الله عليه ضاحكا، واهوى
إلى الارض ساجدا شكرا لما انباه صلى الله عليه وآله من سلامته (3). فكان على صلوات
الله عليه اول من سجد لله شكرا، واول من وضع وجهه على الارض بعد سجدته من هذه
الامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رفع راسه، قال له: امض لما (4)
امرت فداك سمعي وبصرى وسويداء قلبى، ومرني بما سئت اكن فيه لمشيئتك (5)، واقع منه
بحيث مرادك، وان توفيقي (6) الا بالله وقال: وان القى عليك شيه منى، أو قال: شبهي
قال: ان يمنعنى نعم، قال: فارقد على فراشي واشتمل ببردى الحضرمي. ثم انى اخبرك يا
على ان الله تعالى، يمتحن اولياءه على قدر ايمانهم، ومنازلهم من دينه، فاشد بلاء
الانبياء (7) ثم الامثل (8) فالامثل، وقد امتحنك يا ابن (9) ام وامتحننى فيك بمثل
ما امتحن به خليله ابراهيم عليه السلام، والذبيح اسماعيل عليه السلام، فصبرا صبرا
فان رحمة الله قريب من المحسنين،
1)
في المصدر: إلى ربى. 2) في المصدر: لتخفى بمبيتك عليهم امرى. 3) في المصدر: لما
بشره صلى الله عليه وآله بسلامته. 4) في المصدر: امض فيما امرت. 5) في البحار: كمسرتك.
6) في المصدر: وما توفيقي الا بالله. 7) في المصدر: فاشد الناس بلاء الانبياء ثم
الاوصياء. ثم الامثل فالامثل. 8) أي الاشرف فالاشرف والاعلى فالاعلى. 9) في
المصدر: يا بن عم.
[ 108 ]
ثم
ضمه النبي صلى الله عليه وآله إلى صدره وبكى إليه وجدا، وبكى على عليه السلام جشعا
لفراق رسول الله صلى الله عليه وآله، واستتبع رسول الله ابا بكر ابن ابى قحافة،
وهند ابن ابى هالة، فامرهما ان يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار، ولبث
رسول الله صلى الله عليه وآله بمكانه من (1) على عليه السلام يوصيه ويامره في ذلك
بالصبر حتى صلى العشائين. ثم خرج صلى الله عليه وآله في فحمة (2) العشاء والرصد من
قريش قد اطافوا بداره، ينتظرون ان ينتصف الليل، وتنام الاعين، فخرج وهو يقرا هذه
الآية (وجعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدا فاغشيناهم فهم لا يبصرون) (3) وكان
بيده قبضة من تراب، فرمى بها في رؤوسهم (4)، فما شعر القوم به، حتى تجاوزهم، ومضى
حتى اتى إلى هند، وابى بكر فنهضا (5) معه حتى وصلوا إلى الغار. ثم رجع هند إلى مكة
بما امره به رسول الله صلى الله عليه وآله، ودخل رسول الله صلى الله عليه وآله،
وابو بكر إلى (6) الغار، فلما خلق الليل (7) وانقطع الاثر، اقبل القوم على على
صلوات الله عليه، قذفا بالحجارة والحلم (8)، فلا يشكون انه رسول الله صلى الله
عليه وآله، حتى إذا برق الفجر، واشفقوا ان يفضحهم الصبح، هجموا على على صلوات الله
عليه،
1)
في المصدر: مكانه مع. 2) في المصدر: في فحمة العشاء الآخرة - وفحمة العشاء: اقباله
وادباره. 3) يس: 9. 4) في المصدر: واخذ بيده قبضة من تراب فرمى بها على رؤوسهم. 5)
في المصدر: فانهضهما فنهضا معه. 6) في المصدر: الغار من دون حرف الجر. 7) في
البحار قال بعد ذكر الحديث: قوله فلما خلق الليل، أي مضى كثير منه كما ان الثوب يخلق
بمضي الزمان عليه - وفى المصدر: فلما غلق الليل ابوابه، واسدل استاره، وانقطع
الاثر اقبل القوم على على عليه السلام يقذفونه بالحجارة فلا يشكون. 8) الحلم (بفتح
الحاء واللام) جمع الحلمة: نبات ينبت بنجد في الرمل لها زهر وورقها اخيشن عليه شوك
كانه اظافير الانسان.
[ 109 ]
وكانت
دور مكة يومئذ سوائب (1)، لا ابواب لها، فلما بصر بهم على عليه السلام قد انتضوا
(2) السيوف، واقبلوا عليه بها، يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة (3)، وثب به على
عليه السلام فختله (4)، وهمز يده (5)، فجعل خالد يقمص قماص (6) البكر وإذا له رغاء
وابذعر (7) الصبح، وهم في عرج الدار (8) من خلفه، وشد عليهم على عليه السلام
بسيفه، يعنى: سيف خالد، فاجفلوا (9) امامه اجفال النعم إلى ظاهر الدار وتبصروه،
فإذا هو على عليه السلام، فقالوا: انك لعلى ؟ ! قال: انا على، قالوا: فانا لم
نردك، فما فعل صاحبك ؟ قال: لا علم لى به، وقد كان علم يعنى: عليا ان الله تعالى
قد انجى نبيه صلى الله عليه وآله بما كان اخبره من مضيه إلى الغار، واختبائه فيه،
الحديث. وفيه طول تقدم باسناده في الباب الخامس عشر من المنهاج الاول في رسول الله
صلى الله عليه وآله، فليؤخذ من هناك (10). 8 - السيد الرضى قدس الله سره في "
الخصائص "، باسناد مرفوع، قال: قال ابن الكواء لامير المؤمنين: اين كنت حيث
ذكر الله نبيه وابا بكر (ثانى اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان
الله معنا) (11) فقال
1)
السوائب: جمع السائبة أي المهملة، والسائب: المال الذى لا حفاظ عليه. 2) انتضوا
السيوف: سلوها من غمدها. 3) خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومى القرشى مات سنة
(21) ه. 4) ختله: خدعه، يقال: خاتل الصياد أي مشى قليلا قليلا لئلا يحس. 5) همز
يده: غمزها وضغطها. 6) قمص البعير: وثب ونفر، والبكر (بفتح الباء وسكون الكاف): الفتى
من الابل. 7) ابذعر: تفرق، وفى المصدر: فجعل خالد يقمص قماص البكر، ويرغو رغاء
الجمل ويذعر ويصيح. 8) عرج الدار: قال في البحار: أي منعطف الدار أو مصعدها
وسلمها. 9) فاجفلوا: فاسرعوا. 10) امالي الطوسى ج 2 / 78 - 86 - وعنه البحار ج 19
/ 57 - 67 ح 18 - والبرهان ج 2 / 74 ح 2، وتقدم بتمامه في ج 1 / 139 ح 7. 11)
التوبة: 40.
[ 110 ]
امير
المؤمنين عليه السلام: ويلك يا ابن الكواء كنت على فراش رسول الله صلى الله عليه
وآله، وقد طرح على ريطته (1)، فاقبلت قريش مع كل رجل منهم، هراوة (2) فيها شوكها،
فلم يبصروا رسول الله صلى الله عليه وآله حيث خرج، فاقبلوا على يضربونني بما في
ايديهم حتى تنفط (3) جسدي، وصار مثل البيض، ثم انطلقوا بى يريدون قتلى، فقال بعضهم
لا تقتلوه الليلة، ولكن اخروه واطلبوا محمدا. قال: فاوثقونى بالحديد، وجعلوني في
بيت، واستوثقوا منى ومن الباب بقفل، فبينا انا كذلك إذ سمعت صوتا من جانب البيت،
يقول: يا على فسكن الوجع الذى كنت اجده، وذهب الورم الذى كان في جسدي. ثم سمعت
صوتا آخر يقول: يا على فإذا الحديد في رجلى قد تقطع، ثم سمعت صوتا آخر يقول: يا
على فإذا الباب قد تساقط ما عليه وفتح، فقمت وخرجت، وقد كانوا جاؤوا بعجوز كمهاء
(4) لا تبصر، ولا تنام تحرس الباب، فخرجت عليها، فإذا هي لا تعقل من النوم (5).
1)
الريطة (بفتح الراء وسكون الياء): الملائة إذا كانت قطعة واحدة شبيه الملحفة. 2)
الهراوة (بكسر الهاء): العصا الضخمة، والشوك: السلاح. 3) تنفط الجسد: قرح أو تجمع
فيه بين الجلد واللحم ماء بسبب العمل. 4) الكمهاء (بفتح الكاف وسكون الميم):
العمياء. 5) الخصائص: 58 - وعنه البحار ج 36 / 43 ح 7 - والبرهان ج 1 / 126 ح 6 -
واخرجه في البحار ج 19 / 76 ح 27 عن الخرائج مختصرا.
[ 111 ]
1 - عبد الله بن احمد بن
حنبل، عن مسند ابيه احمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن حماد (1) قال: حدثنا أبو
عوانة (2)، قال: حدثنا ابوبلج (3) قال: حدثنا عمرو بن ميمون، قال: انى لجالس إلى
ابن عباس رضى الله عنه، إذ اتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عباس اما ان تقوم معنا واما
ان تخلو بنا عن هؤلاء، قال ابن عباس: بل انا اقوم (4) معكم، وهو (5) يومئذ صحيح
قبل ان يعمى. قال: فابتداوا فتحدثوا، فلا ندرى ما قالوا، فجاء ينفض ثوبه وهو يقول:
اف وتف وقعوا في رجل له عشر خصال، وقعوا في رجل، قال له رسول الله صلى الله عليه
وآله: لا بعثن رجلا يخزيه الله ابدا يحب الله ورسوله. قال: فاستشرف لها من استشرف،
فقال: اين على ؟ قالوا: هو في
1)
يحيى بن حماد: بن ابى زياد البصري ختن ابى عوانة توفى سنة (215) ه. 2) أبو عوانة:
وضاح بن عبد الله اليشكرى الواسطي البزاز المتوفى سنة (176) ه. 3) ابوبلج: يحيى بن
سليم، أو ابن ابى سليم الفزارى الكوفى وثقه ابن معين والدارقطني. 4) في المصدر: بل
اقوم معكم. 5) في المصدر: قال: وهو.
[ 112 ]
الرحا
يطحن قال: وما كان احدكم ليطحن ؟ قال: فجاء وهو ارمد لا يكاد يبصر، قال: فتفل (1)
في عينه فبرا، ثم هز الراية ثلاثا، فاعطاها اياه، فجاء بصفية بنت حيى. وقال: ثم
بعث فلانا بسورة التوبة، فبعث عليا عليه السلام خلفه فاخذها منه، وقال: لا يذهب
بها الا رجل هو منى وانا منه. قال: وقال لبنى عمه: ايكم يوالينى في الدنيا والآخرة
؟ قال: وعلى عليه السلام جالس معهم فابوا، فقال على عليه السلام: انا اواليك في
الدنيا والآخرة، فقال: انت وليى في الدنيا والآخرة. ثم اقبل على رجل منهم، فقال:
ايكم يوالينى في الدنيا والآخرة. فابوا، قال على: انا اواليك في الدنيا والآخرة،
فقال: انت وليى في الدنيا والآخرة. قال: وكان على عليه السلام اول من اسلم من
الناس (2) قال: واخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ثوبه، فوضعه على على وفاطمة
والحسن والحسين عليهم السلام، فقال صلى الله عليه وآله: (انما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3). قال: وشرى على نفسه، لبس ثوب رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم، ثم نام مكانه، قال: وكان المشركون يرمون رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم، فجاء أبو بكر وعلى عليه السلام نائم. ثم قال: وابو بكر يحسب
انه نبى الله فقال: يا نبى الله قال: فقال له على عليه السلام: ان نبى الله قد
انطلق نحو بئر ميمون، فادركه، قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار، قال: وجعل على
عليه السلام يرمى
1)
في المصدر: فنفث. 2) في المصدر: اول من اسلم بعد خديجة. 3) الاحزاب: 33.
[ 113 ]
بالحجارة
كما كان يرمى نبى الله صلى الله عليه وآله وهو يتضور (1) قد لف راسه في الثوب لا
يخرجه حتى اصبح، ثم كشف عن راسه، فقالوا: كان (2) صاحبك نرميه فلا يتضور وقد
استنكرنا ذلك. قال: وخرج (3) الناس في غزوة تبوك قال: فقال له على عليه السلام:
اخرج معك (4) ؟ فقال له نبى الله صلى الله عليه وآله، لا، فبكى على عليه السلام،
فقال: اما ترضى ان تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا انك لست بنبى لا ينبغى ان
اذهب الا وانت خليفتي. قال: وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: انت وليى في كل
مؤمن بعدى. قال: وسد ابواب المسجد غير باب على عليه السلام، قال: فيدخل المسجد
جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره. قال: وقال: من كنت مولاه فان مولاه على (5). 2 -
ومن " تفسير الثعلبي " في الجزء الاول في تفسير سورة البقرة، في قوله
تعالى (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله) (6) ان رسول الله صلى الله عليه
وآله، لما اراد الهجرة، خلف على بن ابى طالب صلوات الله عليه بمكة، لقضاء ديونه،
ورد الودائع التى كانت عنده، وامره ليلة خرج إلى الغار، وقد احاط المشركون بالدار:
ان ينام على فراشه صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: يا على اتشح (7) ببردى
الحضرمي الاخضر ثم نم
1)
تصور: تلوى من وجع ضرب أو جوع. 2) في المصدر والبحار: فقالوا انك للئيم. 3) في
المصدر: وخرج بالناس. 4) في المصدر: قال: فقال له. 5) مسند ابن حنبل ج 1 / 330 -
وعنه العمدة لابن البطريق: 237 ح 366 وكشف الغمة ج 1 / 81 - واخرجه في البحار ج 38
/ 241. 6) البقرة: 207. 7) اتشح: لبس.
[ 114 ]
على
فراشي، فانه لا يخلص اليك منهم مكروه ان شاء الله عزوجل، ففعل ذلك عليه السلام،
اوحى الله عزوجل إلى جبرئيل وميكائيل عليهما السلام انى آخيت (1) بينكما، وجعلت
عمر احدكما اصول من الاخر، فايكما يؤثر صاحبه بالحياة، فاختار كلاهما الحياة،
فأوحى الله عزوجل اليهما الا كنتما مثل على بن ابى طالب عليه السلام، آخيت بينه
وبين محمد صلى الله عليه وآله، فنام على فراشه يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة، اهبطا
إلى الارض، فاحفظاه من عدوه، فنزلا، فكان جبرئيل عليه السلام عند راسه، وميكائيل
عند رجليه، فقال جبرئيل: بخ بخ من مثلك يا ابن ابى طالب يباهى الله بك الملائكة
فانزل الله تعالى على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شان على بن ابى طالب عليه
السلام (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله) (2). 3 - قال: ودليل ذلك ما
رواه محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله القائنى قال: حدثنى أبو الحسين محمد بن
عثمان بن الحسن النصيبى (3) ببغداد قال: حدثنى أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح
السبيعى بحلب، حدثنا احمد بن محمد بن سعيد (4) قال: حدثنى محمد بن منصور، قال:
حدثنى احمد بن عبد الرحمن، حدثنى الحسن بن محمد بن فرقد، قال: حدثنى الحكم بن ظهير
(5) قال: حدثنا السدى في قوله عزوجل (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله)
(6) قال: قال ابن عباس: نزلت في على بن ابى طالب عليه السلام حين هرب النبي صلى
الله عليه وآله من المشركين
1)
في العمدة: انى قد آخيت. 2) تفسير الثعلبي - وعنه العمدة لابن البطريق: 239 ح 367
- واخرجه في البحار ج 19 / 86 عن تأويل الآيات: 89 ح 76 نقلا عن تفسير الثعلبي،
وذيله في البحار ج 36 / 43 - والبرهان ج 1 / 207 ح 11 عن مناقب ابن شهر اشوب ج 2 /
65 نقلا عن تفسير الثعلبي واورد ذيله في تنبيه الخواطر ج 1 / 173 - وشواهد التنزيل
ج 1 / 96 ح 133 وارشاد الديلمى: 224. 3) محمد بن عثمان بن الحسين بن عبد الله أبو
الحسن القاضى النصيبى البغدادي المتوفى سنة (406). 4) هو ابن عقدة المتوفى سنة
(332) وقد تقدم ذكره. 5) الحكم بن ظهير الفزارى أبو محمد بن ابى ليلى الكوفى
المتوفى سنة (180). 6) البقرة: 207.
[ 115 ]
إلى
الغار مع ابى بكر، ونام على عليه السلام على فراش النبي صلى الله عليه وآله (1). 4
- أبو المؤيد موفق بن احمد قال: اخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن على بن احمد
العاصمى الخوارزمي، اخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن احمد الواعظ (2)، اخبرنا والدى
أبو بكر احمد بن الحسين البيهقى (3)، اخبرنا أبو على عبد الله بن احمد بن حنبل،
اخبرنا ابى، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، حدثنا ابوبلج، حدثنا عمرو بن
ميمون قال: انى لجالس إلى ابن عباس رضى الله عنه، إذ اتاه تسعة رهط، فقالوا: يا بن
العباس اما ان تقوم معنا، واما ان تخلو بنا من بين هؤلاء، وذكر الحديث السابق (4).
5 - ثم قال موفق بن احمد: وبهذا الاسناد، عن احمد بن الحسين (5)، هذا، اخبرنا محمد
بن عبد الله الحافظ (6)، حدثنا أبو بكر احمد بن حمدان بمرو، حدثنا عبيد بن قنفذ
(7) البزاز بالكوفة، حدثنى يحيى بن عبد الحميد الحمانى، حدثنا قيس بن الربيع،
حدثنا حكيم بن جبير، عن على بن الحسين، قال: ان اول من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله
تعالى، على بن ابى طالب كرم الله وجهه، وقال على عليه السلام عند مبيته على فراش
رسول الله صلى الله عليه وآله: وقيت بنفسى خير من وطى الثرى ومن طاف بالبيت العتيق
وبالحجر رسول اله خاف ان يمكروا به فنجاه ذو الطول الاله من المكر وبات رسول الله
في الغار آمنا موفى في حفظ الاله وفى ستر
1)
تفسير الثعلبي - وعنه العمدة لابن البطريق: 240 وفى غاية المرام: 345 ح 3 عن
العمدة. 2) شيخ القضاة اسماعيل بن احمد بن الحسين البيهقى المتوفى سنة (507) ه. 3)
البيهقى: أبو بكر احمد بن الحسين المتوفى سنة (458) ه. 4) مناقب الخوارزمي: 73 -
وعنه البرهان ج 1 / 206 ح 2. 5) هو البيهقى المتقدم ذكره. 6) محمد بن عبد الله
الحافظ: هو الحاكم النيشابوري المتوفى سنة (405). 7) عبيد بن قنفذ: ترجمة
العسقلاني في لسان الميزان ج 4 / 122.
[ 116 ]
ويت
اراعيهم وما يثبتونني وقد وطنت نفسي على القتل والاسر (1) 6 - " كتاب الصفوة
" حدثنا هبة الله بن محمد قال: حدثنا الحسن بن على (2) قال: اخبرنا احمد بن
جعفر (3) قال: حدثنا عبد الله بن احمد، قال: حدثنى ابى قال: حدثنا عبد الرزاق،
قال: حدثنى معمر، قال: واخبرني عثمان الجزرى، ان مقسما مولى ابن عباس اخبره عن ابن
عباس في قوله (واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك) (4) قال: تشاورت قريش ليلة بمكة،
فقال بعضهم: إذا اصبح فاثبتوه بالوثاق، يريدون النبي صلى الله عليه وآله، وقال
بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل اخرجوه، فاطلع الله نبيه صلى الله عليه وآله على
ذلك، فبات على عليه السلام على فراش النبي صلى الله عليه وآله تلك الليلة وخرج
النبي صلى الله عليه وآله حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون عليا، يحسبونه
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما اصبحوا ثاروا إليه، فلما راوا عليا عليه
السلام رد الله مكرهم، فقالوا: اين صاحبك ؟ قال: لا ادرى فاقتصوا اثره (5). 7 -
كتاب فضائل الصحابة للسمعاني (6): بالاسناد، عن القيس بن الربيع، عن حكيم بن جبير،
عن على بن الحسين عليه السلام قال: اول من شرى نفسه لله عزوجل على بن ابى طالب
عليه السلام. كان المشركون يطلبون رسول الله صلى الله عليه وآله، فقام من فراشه،
وانطلق هو وابو بكر،
1)
مناقب الخوارزمي: 74 - وعنه البرهان ج 1 / 206 ح 2. 2) هو أبو محمد الجوهرى
البغدادي المتوفى سنة (454) تقدم ذكره. 3) هو القطيعى البغدادي المتوفى سنة (368)
ه تقدم ذكره. 4) الانفال: 30. 5) صفة الصفوة ج 1 / 124 - ورواه احمد في مسنده ج 1
/ 348. 6) في المصدر والبحار: فضائل الصحابة عن عبد الملك العكبرى، وعن ابى المظفر
السمعاني باسنادهما عن على بن الحسين عليهما السلام. والسمعاني هو منصور بن محمد
بن عبد الجبار الشافعي المتوفى سنة (489) سنة وهو جد السمعاني صاحب " الانساب
".
[ 117 ]
واضطجع
على على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله، فجاء المشركون فوجدوا عليا ولم يجدوا
رسول الله صلى الله عليه وآله (1).
1)
المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 64 - وعنه البحار ج 36 / 42 ح 6.
[ 119 ]
1 - الشيخ في "
اماليه " قال: اخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: اخبرنا الرزاز (1)
قال: حدثنا محمد بن عبد اللمك الدقيقي قال: حدثنا يزيد بن هارون (2)، قال: اخبرنا
فطر (3) قال: سمعت (4) ابا الطفيل يقول: قال بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وآله:
لقد كان لعلى بن ابى طالب صلوات الله عليه وآله من السوابق ما لو ان سابقة منها
بين الخلائق لو سعتهم خيرا (5) (6). 2 - ابن بابوبه قال: حدثنى ابى رحمه الله قال:
حدثنا ابراهيم بن عمروس الهمداني قال: حدثنا أبو على الحسن بن اسماعيل القحطبى
قال: حدثنا سعيد بن الحكم بن ابى مريم (7)، عن ابيه، عن الاوزاعي، عن
1)
الرزاز: هو أبو جعفر محمد بن عمرو بن البخترى كان حيا في سنة (339). 2) يزيد بن
هارون: بن زاذان أبو خالد الواسطي المتوفى سنة (206) ه. 3) فطر: بن خليفة أبو بكر
الحناط المتوفى بعد سنة (150) ه. 4) في البحار: عن فطر، قال: سمعت بعض اصحاب النبي
صلى الله عليه وآله. 5) في المصدر: اوسعتهم خيرا. 6) امالي الطوسى ج 2 / 5 - وعنه
البحار ج 40 / 30 ح 59. 7) سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن ابى مريم أبو محمد
المصرى المتوفى سنة (224).
[ 120 ]
يحيى
بن ابى كثير، عن عبد الله بن مرة (1)، عن سلمة بن قيس (2) قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وآله: على في السماء السابعة كالشمس بالنهار في الارض، وفى السماء
الدنيا كالقمر بالليل في الارض، اعطى الله عليا من الفضل جزءا لو قسم على اهل
الارض لوسعهم، واعطاه الله من الفهم جزءا لو قسم على اهل الارض لوسعهم: شبهت لينه
بلين لوط، وخلقه بخلق يحيى، وزهده بزهد ايوب، وسخاؤه بسخاء ابراهيم، وبهجته ببهجة
سليمان بن داود، وقوته بقوة داود، وله اسم مكتوب على كل حجاب في الجنة بشرني به
ربى، وكانت له البشارد عندي، على محمود عند الحق، مزكى عند الملائكة، وخاصتي
وخالصتي وظاهرتي ومصباحي وحبيبي ورفيقي، آنسنى به ربى، فسالت ربى الا يقبضه قبلى،
وسالته ان يقبضه شهيدا، ادخلت الجنة فرايت حور على عليه السلام اكثر من ورق الشجر،
وقصور على كعدد البشر، على منى وانا من على، من تولى عليا فقد تولاني. حب على نعمة،
واتباعه فضيلة، دان به الملائكة، وحفت به الجن الصالحون، لم يمش على الارض ماش
بعدى الا كان هو اكرم منه عزا وفخرا ومنهاجا، لم يك فظا عجولا، ولا مسترسلا لفساد،
ولا متعندا. حملته الارض فأكرمته لم يخرج من بطن انثى احد بعدى كان اكرم خروجا
منه، ولم ينزل الا كان ميمونا. انزل الله عليه الحكمة ورداه (3) بالفهم، تجالسه
الملائكة ولا يراها، ولو اوحى إلى احد بعدى لاوحى إليه، فزين الله به المحافل،
واكرم به العساكر، واخصب به البلاد، واعز به الاجناد. مثله كمثل بيت الله الحرام
يزار ولا يزور، ومثله كمثل القمر الطالع إذا طلع اضاء الظلمة، ومثله كمثل الشمس
إذا طلعت انارت، وصفه الله في كتابه، ومدحه بآياته ووصف فيه آثاره،
1)
عبد الله بن مرة: أو ابن ابى مرة الهمداني المتوفى حدود سنة (100). 2) سلمة بن
قيس: الاشجعى الكوفى الصحابي. 3) رداه: البسه الرداء.
[ 121 ]
واجري
منازله، فهو الكريم حيا والشهيد ميتا (1). 3 - وعنه قال: حدثنا على بن احمد بن
موسى (2)، قال: حدثنا أبو العباس احمد بن يحيى بن زكرياء القطان، قال: حدثنا بكر
بن عبد الله بن حبيب (3)، قال: حدثنا عبد الرحيم بن على بن سعيد الجبلى، قال:
حدثنا الحسن بن نضر الخزاز قال: حدثنا عمرو بن طلحة (4)، عن اسباط بن نصر (5)، عن
سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، قال: اتيت عبد الله بن عباس، فقلت به: يا ابن عم
رسول الله جئتك (6) اسالك عن على بن ابى طالب واختلاف الناس فيه، فقال ابن عباس:
يا ابن جبير جئتني تسألني عن رجل كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة وهى ليلد
القربد، جئتني (7). تسألني عن وصى رسول الله صلى الله عليه وآله، ووزيره وخليفته،
وصاحب حوضه ولوائه وشفاعته، والذى نفس ابن عباس بيده لو كانت بحار الدنيا مدادا،
واشجارها (8) اقلاما، واهلها كتابا فكتبوا مناقب على بن ابى طالب عليه السلام وفضائله
من يوم خلق الله عزوجل الدنيا إلى ان يفنيها ما بلغوا معشار ما آتاه الله تبارك
وتعالى (9). 4 - وعنه قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق (10) رحمه الله قال:
1)
امالي الصدوق: 17 ح 7 - وعنه البحار ج 39 / 37 ح 7. 2) علب بن احمد بن موسى:
الدقاق كان من مشايخ الصدوق قدس سره. 3) بكر بن عبداللهبن حبيت المزني: ساكن الرى
وله كتاب نوادر ذكره النجاشي. 4) عمرو بن طلحة: نسب إلى جده ووالده حماد، أبو محمد
القناد الكوفى توفى سنة (222) ه. 5) اسباط بن نصر: أبو يوسف الكوفى الهمداني
المفسر المحدث المتوفى سنة (170) ه. 6) في المصدر والبحار: انى جئتك. 7) في المصدر
والبحار: يا ابن جبير جئتني تسألني. 8) في المصدر والبحار: والاشجار اقلاما. 9)
امالي الصدوق: 447 ح 15 - وعنه البحار ج 40 / 7 ح 17 واورده في مشارق الانوار: 58
عن الامالى، وروضة الواعظين: 127. 10) محمد بن ابراهيم بن اسحاق: أبو العباس
المكتب الطالقاني من مشايخ الصدوق حدثه بالرى كما = = في بعض اسانيده سنة (349) ه
تقدم ذكره.
[ 122 ]
حدثنا
عبد العزيز بن يحيى البصري (1)، عن يحيى البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهرى
(2)، عن محمد بن عمارة (3)، عن ابيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن ابيه محمد بن
على، عن آبائه الصادقين عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان
الله تبارك وتعالى جعل لاخى على بن ابى طالب فضائل لا يحصى عددها [ غيره ]، فمن
ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولو جاء في القيامة
بذنوب الثقلين. ومن كتب فضيلة من فضائل على بن ابى طالب عليه السلام، لم تزل
الملائكة تستغفر له ما بقى لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر
الله له الذنوب التى اكتسبها بالاستماع. ومن نظر إلى كتابة في فضائله غفر الله له
الذنوب التى اكتسبها بالنظر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: النظر إلى على
بن ابى طالب عليه السلام، عبادة (4) ولا يقبل ايمان عبد الا بولايته والبراءة من
اعدائه (5). 5 - كتاب البرسى: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو كانت
البحار مدادا، والرياض (6) اقلاما والسموات صحفا، والانس والجن كتابا لنفد المداد،
وكلت الثقلان ان يكتبوا معشار عشر فضائل على عليه السلام (7) امام
1)
عبد العزيز بن يحيى: بن احمد بن عيسى الجلودى البصري المتوفى بعد سنة (330) ه. 2)
محمد بن زكريا الجوهرى: بن دينار الغلابى مولى بنى غلاب توفى سنة (298). 3) محمد
بن عمارة: الظاهر ان الصواب جعفر بن محمد بن عمارة كما في السند الذى رواه
الخوارزمي في المناقب وسياتى ان شاء الله. 4) في المصدر والبحار: النظر إلى على بن
ابى طالب عليه السلام عبادة. وذكره عبادة. الخ. 5) امالي الصدوق: 119 ح 9 - وعنه
البحار ج 38 / 196 ح 4 - وعن كشف الغمة ج 1 / 112 - وسياتى عن مناقب الخوارزمي. 6)
في المصدر: الغياض. 7) في المصدر: فضائل امام يوم الغدير.
[ 123 ]
يوم
الغدير، وكيف يكتبون وانى يهتدون (1). 6 - وروى البرسى في كتابه قال: ان رسول الله
صلى الله عليه وآله كان جالسا ذات يوم وعنده الامام على بن ابى طالب عليه السلام
إذ دخل عليه الحسين بن على بن ابى طالب عليه السلام، فاخذه النبي صلى الله عليه
وآله وسلم واجلسه في حجره، وقبل بين عينيه، وقبل شفتيه، وكان للحسين عليه السلام
ست سنين، فقال عليه السلام: يا رسول الله ! اتحب ولدى الحسين عليه السلام ؟ قال
النبي صلى الله عليه وآله: وكيف لا احبه وهو عضو من اعضائي ؟ فقال على عليه
السلام: يا رسول الله اينا احب اليك انا ام الحسين ؟ فقال الحسين: يا ابت من كان
اعلى شرفا كان احب إلى النبي صلى الله عليه وآله واقرب إليه منزلة، قال على عليه
السلام لولده: اتفاخرني يا حسين ؟ قال: نعم يا ابتاه ان شئت، فقال له الامام على
بن ابى طالب عليه السلام: يا حسين انا امير المؤمنين، انا لسان الصادقين. انا وزير
المصطفى. انا خازن علم الله ومختاره من خلقه. انا قائد السابقين إلى الجنة. انا
قاضى الدين عن رسول الله صلى الله عليه وآله، انا الذى عمه سيد الشهداء في الجنة.
انا الذى اخوه جعفر الطيار في الجنة عند الملائكة. انا قاضى الرسول صلى الله عليه
وآله، انا آخذ له باليمين، انا حامل سورة التوبة إلى اهل مكة بامر الله تعالى، انا
الذى اختارني الله تعالى من خلقه. انا حبل الله المتين الذى امر الله تعالى خلقه
ان يعتصموا به، في قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا) (2) انا نجم الله
الزاهر، انا الذى تزوره ملائكة السموات. انا لسان الله الناطق، انا حجة الله تعالى
على خلقه، انا يد الله القوى.
1)
مشارق الانوار: 111. 2) آل عمران: 103.
[ 124 ]
انا
وجه الله تعالى في السموات، انا جنب الله الظاهر، انا الذى قال الله سبحانه وتعالى
في وفى حقى: (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون) (1). انا عروة
الله الوثقى التى لا انفصام لها والله سميع عليم، انا باب الله الذى يؤتى منه، انا
علم الله على الصراط، انابيت الله الذى من دخله كان آمنا، فمن تمسك بولايتي
ومحبتى، امن من النار، وانا قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. انا قاتل
الكافرين، انا أبو اليتامى، انا كهف الارامل. انا عم يتساءلون عن ولايتى يوم
القيامة، وقوله تعالى (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) (2). انا نعمة الله تعالى التى
انعم الله بها على خلقه. انا الذى قال الله تبارك وتعالى في، وفى حقى: (اليوم
اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) (3) فمن اجنى كان
مسلما مؤمنا كامل الدين. انا الذى بى اهتديتم، انا الذى قال الله تبارك وتعالى في
وفى عدوى: (وقفوهم انهم مسؤلون) (4) أي عن ولايتى يوم القيامة، ان النبا العظيم،
انا الذى اكمل الله تعالى به الدين يوم غدير خم وخيبر، انا الذى قال رسول الله صلى
الله عليه وآله في: من كنت مولاه فعلى مولاه، انا صلاة المؤمن، انا حى على الصلاة.
انا حى على الفلاح، انا حى على خير العمل، انا الذى نزل على اعدائي (سال سائل
بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذى
1)
الانبياء: 26 - 27. 2) التكاثر: 8. 3) المائدة: 3. 4) الصافات: 24.
[ 125 ]
المعارج)
(1) يعنى من انكر ولايتى وهو النعمان بن الحارث اليهودي لعنه الله تعالى. انا داعى
الانام على الحوض، فهل داعى المؤمنين على الحوض غيرى ؟ انا أبو الائمة الطاهرين من
ولدى، انا موازين القسط ليوم القيامة. انا يعسوب الدين، انا قائد المؤمنين إلى
الخيرات والغفران إلى ربى. انا الذى اصحابي يوم القيامة، واوليائي المبرؤون من
اعدائي، وعند الموت لا يخافون ولا يحزنون، وفى قبورهم لا يعذبون، وهم الشهداء
والصديقون، وعند ربهم يفرحون، انا الذى لشيعتي الامان وهم مهتدون (2). انا الذى
شيعتي متوثقون ان لا يوادوا من حاد الله ورسوله، ولو كانوا آباءهم أو ابناءهم. انا
الذى شيعتي يدخلون الجنة بغير حساب، انا الذى بيدى (3) ديوان الشيعة باسمائهم، انا
عون المؤمنين، وشفيع لهم عند رب العالمين. انا الضارب بالسيفين، انا الطاعن
بالرمحين، انا قاتل الكافرين يوم بدر وحنين، انا مردى الكماة يوم احد، انا ضارب
عمرو بن عبدود لعنه الله تعالى يوم الاحزاب، انا قاتل عنترة ومرحب، انا قاتل فرسان
خيبر. انا الذى قال في الامين جبرئيل عليه السلام: لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى
الا على انا صاحب فتح مكة، انا كاسر اللات والعزى، انا هادم الهبل الاعلى، ومناة
الثالثة الاخرى، انا علوت على كتف النبي صلى الله عليه وآله وكسرت الاصنام. انا
الذى كسرت يغوث ويعوق ونسرا عليهم لعنة الله.
1)
المعارج: 1 - 2 - 3. 2) هذه الجملة ليست في فضائل شاذان. 3) في المصدر: عندي ديوان
الشيعة.
[ 126 ]
انا
الذى قاتلت الكافرين في سبيل الله، انا الذى تصدقت بالخاتم. انا الذى نمت على فراش
النبي صلى الله عليه وآله ووقيته من المشركين. انا الذى يخاف الجن من باسى، انا
الذى به يعبد الله، انا ترجمان الله تعالى. انا خازن علم الله تعالى، انا [ عيبة ]
علم رسول الله صلى الله عليه وآله انا قاتل الجمل وصفين بعد رسول الله صلى الله
عليه وآله، انا قسيم الجنة والنار، فعندها سكت على عليه السلام. فقال النبي صلى
الله عليه وآله للحسين عليه السلام: اسمعت يا ابا عبد الله ما قاله ابوك، وهو عشر
عشير معشار من فضائله ومن الف الف فضيلة، وهو فوق ذلك واعلى. فقال الحسين عليه
السلام: الحمد لله الذى فضلنا على كثير من عباده المؤمنين، وعلى جميع المخلوقين،
وخص جدنا بالتنزيل والتاويل، والصدق ومناجاة الامين جبرئيل عليه السلام، وجعلنا
خيار من اصطفاه الجليل، ورفعنا على الخلق اجمعين. ثم قال الحسين عليه السلام: اما
ما ذكرت يا امير المؤمنين فانت فيه صادق امين، قال النبي صلى الله عليه وآله: اذكر
انت يا ولدى فضائلك. فقال الحسين عليه السلام: يا ابت انا الحسين بن على بن ابى
طالب عليه السلام، وامى فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وجدى محمد المصطفى سيد
نبى آدم اجمعين صلى الله عليه وآله، لا ريب فيه، يا على امى افضل من امك، وافضل
عند الله وعند الناس اجمعين، وجدى خير من جدك وافضل عند الله وعند الملائكة والناس
اجمعين (1). وانا في المهد ناغانى جبرئيل، وتلقاني اسرافيل، يا على انت عند الله
تعالى
1)
في الفضائل: وافضل عند الله وعند الناس اجمعين.
[ 127 ]
افضل
منى، وانا افخر منك بالآباء، والامهات والاجداد. قال: ثم ان الحسين عليه السلام
اعتنق اباه وجعل يقبله واقبل على عليه السلام يقبل ولده الحسين بن على بن ابى طالب
(1) عليهما الصلاة والسلام، وهو يقول: زادك الله تعالى شرفا، وفخرا، وعلما (2)،
ولعنة الله تعالى على ظالميك (3) يا ابا عبد الله (4). 7 - البرسى في كتابه، عن
ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يعذب الله هذا الخلق الا
بذنوب العلماء الذين يكتمون الحق من فضل على وعترته، الا وانه لم يمش فوق الارض
بعد النبيين والمرسلين، افضل من شيعة على ومحبيه الذين يظهرون امره، وينشرون فضله،
اولئك تغشاهم الرحمة، وتستغفر لهم الملائكة، والويل كل الويل لمن يكتم فضائله،
وينكر امره، فما اصبرهم على النار (5). ولنختم الباب بحديث في فضل الشيعة. 8 -
البرسى روى ميسر، عن ابى عبد الله عليه السلام (6) قال: ما تقول يا ميسر فيمن لم
يعص الله طرفة عين في امره ونهيه، لكنه ليس منا ويجعل هذا الامر في غيرنا ؟ قال
ميسر: وما اقول وانا بحضرتك يا سيدى ؟ فقال: هو في النار. ثم قال: وما تقول فيمن
يدين الله بما تدين، ويبرا من اعدائنا، لكن به من الذنوب ما بالناس، الا انه يجتنب
الكبائر. قال: فقلت: وما اقول يا سيدى وانا بحضرتك (7) ؟ فقال: انه في الجنة وان
الله قد ذكر ذلك في آية من
1)
في الفضائل: يقبل ولده الحسين عليه السلام. 2) في الفضائل: وعلما وحلما. 3) في
الفضائل: ولعن الله تعالى ظالميك. 4) الفضائل لابن شاذان: 83 - 85 - ولم يوجد
الحديث في مشارق الانوار المطبوع. 5) مشارق الانوار: 151. 6) في المصدر: انه قال
له. 7) في المصدر: وانا في حضرتك.
[ 128 ]
كتابه
فقال: (ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) - وهو حب فرعون وهامان، (نكفر عنكم سيأتكم
وندخلكم مدخلا كريما) (1) وهو حب على عليه السلام (2).
1)
النساء: 31. 2) مشارق الانوار: 151 - واخرجه في البحار ج 79 / 16 ح 26 والبرهان ج
1 / 365 ح 16 عن امالي المفيد: 152 ح 3 نحوه. (*)
[ 129 ]
1 - أبو المؤيد
موفق بن احمد المكى الخوارزمي في كتاب فضائل امير المؤمنين عليه السلام، وهو من
اعيان علماء المخالفين، قال: اخبرني السيد الامام الاجل المرتضى، شرف الدين، عز
الاسلام، علم الهدى، نقيب نقباء الشرق والغرب، أبو الفضل محمد بن على بن المطهر بن
المرتضى الحسينى (1)، في كتابه إلى من مدينة الرى، جزاه الله عنى خيرا، قال:
اخبرنا السيد أبو الحسن على بن ابى طالب الحسنى (2) السيلقى بقراءتي عليه، اخبرنا
الشيخ العالم أبو النجم محمد بن عبد الوهاب بن عيسى (3) السمان الرازي، اخبرنا
الشيخ العالم أبو سعيد محمد بن احمد بن الحسين النيسابوري الخزاعى (4)، اخبرنا
محمد ابن على بن جعفر الاديب بقراءتي عليه، حدثنى المعافى بن زكريا أبو الفرج (5)،
عن محمد بن احمد بن ابى الثلج، عن الحسن بن محمد بن بهرام، عن
1)
ترجمة منتجب الدين الرازي في الفهرست ص 100 وقال: فاضل، ثقة راوية قرات عليه كتبا
جمة في الاحاديث. 2) قال الرازي في الفهرست ص 88: السيد على بن ابى طالب الحسينى
الاملي: فقيه صالح. 3) ترجمة منتجب الدين في الفهرست ص 104 وقال: ورع. فقيه، حافظ
له كتب في الفقه. 4) قال الرازي في الفهرست ص 102، ثقة، عين، حافظ، له تصانيف. 5)
أبو الفرج معافى بن زكريا بن يحيى النهرواني اللغوى المتوفى سنة (390) - بغية
الوعاة / ج 2 ص 293.
[ 130 ]
يوسف
بن موسى القطان (1)، عن جرير (2)، عن ليث (3)، عن مجاهد، عن ابن عباس، رضى الله
عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو ان الغياض اقلام، والبحر مداد،
والجن حساب، والانس كتاب، ما احصوا فضائل على بن ابى طالب عليه السلام (4). 2 - ثم
قال أبو المؤيد: وذكر ابن شاذان (5)، قال: حدثنى أبو محمد الحسن بن احمد بن محمد
المجلدى (6) من كتابه، قال: حدثنى الحسين بن محمد بن اسحاق، قال: حدثنى محمد بن
زكريا (7)، عن جعفر بن محمد بن عمار (8)، عن ابيه، عن جعفر بن محمد، عن ابيه، عن على
بن الحسين، عن ابيه، عن امير المؤمنين عليهم السلام. قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: ان الله تعالى جعل لاخى على فضائل لا تحصى كثرة، فمن ذكر فضيلة من
فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومن كتب فضيلة من فضائله
لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقى لذلك الكتاب رسم، ومن استمع فضيلة من فضائله غفر
الله له الذنوب التى اكتسبها بالسماع، ومن نظر
1)
يوسف بن موسى القطان: أبو يعقوب الكوفى البغدادي المتوفى سنة (253) - تاريخ بغداد
ج 14 / 304. 2) جرير: بن عبد الحميد الرازي المحدث المتوفى سنة (188) - تذكرة
الحفاظ ج 1 / 250. 3) ليث: بن ابى سليم بن زنيم المتوفى سنة (148) - تقريب التهذيب
ج 2 / 138. 4) رواه الخوارزمي في المناقب: 2 - والكراجكي في الكنز: 128 - والكنجى
في كفاية الطالب: 251 - والحموينى في فرائد السمطين ج 1 / 16 - والعسقلاني في لسان
الميزان ج 5 / 62 - والذهبي في ميزان الاعتدال ج 3 / 467 - وابن شاذان في مائة
منقبة: 176 - والمجلسي في البحار ج 40 / 70 ح 105 عن الكنز. واخرجه الاربلي في كشف
الغمة ج 1 / 111 - والطرائف: 138 ح 216 - وينابيع المودة: 121 وغاية المرام: 493 ح
1 جميعا عن الكنز. 5) ابن شاذان: أبو الحسن محمد بن احمد بن على بن الحسن القمى من
مفاخر اعلام قرنى الرابع والخامس. 6) في المناقب: المخلدى (بالخاء المعجمة). 7)
محمد بن زكريا: هو الجوهرى المتقدم ذكره المتوفى سنة (298). 8) في امالي الصدوق:
119 وجامع الاخبار: 17: محمد بن عمارة، عن ابيه ومحمد بن عمارة مذكور في رجال
السيد الخوئى ج 17 / 67.
[ 131 ]
إلى
فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التى اكتسبها (1) بالنظر ثم قال عليه السلام:
النظر إلى على بن ابى طالب عليه السلام عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل الله ايمان
عبد الا بولايته والبراءة من اعدائه (2). 3 - أبو المويد موفق بن احمد، قال:
انبانى أبو العلا الحافظ الحسن بن احمد الهمداني (3)، قال: اخبرنا الحسن بن احمد
المقرى (4)، اخبرنا احمد بن عبد الله الحافظ (5)، حدثنا احمد بن يعقوب بن المهرجان
(6) حدثنا على بن محمد النخعي (7) القاضى قال: حدثنا الحسين بن (8) الحكم، حدثنا
الحسن بن الحسين (9)، عن عيسى بن عبد الله (10) عن ابيه، عن جده قال: قال رجل لابن
عباس: سبحان الله، ما اكثر مناقب على بن ابى طالب وفضائله انى لاحسبها ثلاثة آلاف،
فقال ابن عباس: أو لا تقول: انها إلى ثلاثين الفا اقرب (11).
1)
في المائة منقبة لابن شاذان: ارتكبها. 2) اخرجه في البحار ج 26 / 229 ح 10 عن ابن
شاذان ورواه الخوارزمي في المناقب: 2 والكنجى في كفاية الطالب: 252 - والحموينى في
فرائد السمطين ج 1 / 19 - والذهبي في ميزان الاعتدال ج 3 / 467 عن ابن شاذان، وهو
في كتاب مائة منقبة من مناقب امير المؤمنين عليه السلام: 176. 3) أبو العلاء
الهمداني: الحسن بن احمد بن الحسن الحافظ المتوفى سنة (569) ه - تذكرة الحفاظ ج 4
/ 1324. 4) الحسن بن احمد المقرى: أبو على الحداد الاصبهاني المتوفى سنة (515) ه -
غاية النهاية ج 1 / 206. 5) هو أبو نعيم الحافظ الاصفهانى المتقدم ذكره. 6) احمد
بن يعقوب بن احمد بن المهرجان المتوفى سنة (358) ه - تاريخ بغداد ج 5 / 227. 7)
على بن محمد بن الحسن القاضى النخعي المعروف بابن كاس الغريق سنة (324) - تاريخ
بغداد ج 12 ص 70. 8) الحسين بن حكم: بن مسلم الحبرى الكوفى له ترجمة في انساب السمعاني
ج 2 / 167. 9) الحسن بن الحسين العرنى: النجار المدنى من ثقات الامامية. 10) عيسى
بن عبد الله: بن محمد بن عمر بن على بن ابى طالب عليه السلام. كان من اصحاب الصادق
عليه السلام. 11) مناقب الخوارزمي: 3 - واخرجه في البحار ج 40 / 49 عن كشف الغمة ج
1 / 112.
[ 132 ]
قال
رضى الله عنه: ويدلك على ذلك ايضا، ما يروى عن الامام الحافظ احمد بن حنبل، وهو
كما عرف اصحاب الحديث في علم الحديث، قريح (1) اقرانه، وامام زمانه، والمقتفى به
في هذا الفن ابانة، والفارس الذى يكبو فرسان الحفاظ في ميدانه، وروايته فيه رضى
الله عنه مقبولة، وعلى كاهل التصديق محمولة، لما علم ان الامام احمد بن حنبل ومن
احتذى على مثاله، ونسج على منواله، وحطب في حبله، وانضوى إلى حقله، مالو إلى تفضيل
الشيخين رضى الله عنهما، وارضاهما، واظلنا يوم القيامة بظل رضاهما، فجاءت روايته
فيه كعهود الصباح، لا يمكن ستره بالراح. 4 - وهو ما اخبرنا الشيخ الامام الزاهد
فخر الائمة أبو الفضل بن عبد الرحمن الخفر (2) بيدى الخوارزمي جزاه الله خيرا،
اخبرنا الشيخ الامام أبو محمد الحسن بن احمد السمرقندى قال: حدثنا أبو القسم عبد
الرحمن بن احمد بن محمد بن عبدان العطار (3) واسماعيل بن ابى نصر عبد الرحمن
الصابونى (4)، واحمد بن الحسين البيهقى، قالوا جميعا: اخبرنا أبو عبد الله الحافظ
(5) قال: سمعت القاضى الامام ابا الحسن على بن الحسن وابا الحسين بن المظفر الحافظ
(6)، يقولون: سمعنا ابا حامد محمد بن هارون 1) القريع: الغالب في المقارعة والمناضلة.
2) في المصدر المطبوع: الحفرميدى، وفى نسخة اخرى الحفرتيدى. 3) ترجمة السمعاني في
الانساب ج 4 / 208 وقال: أبو القاسم عبد الرحمن بن احمد المقرئ العطار: شيخ قرا
على القاضى ابى العلاء محمد بن على بن يعقوب الواسطي وقرا عليه الامام المقرئ أبو
نصر محمد بن احمد بن على بن حامد الكركانجى وذكره في كتابيه: " التذكرة
" و " المعول ". 4) اسماعيل بن ابى نصر عبد الرحمان الصابونى
النيسابوري المتوفى سنة (449) - الانساب ج 3 / 506. 5) هو الحاكم صاحب "
المستدرك " وقد تقدم ذكره. 6) أبو الحسين بن المظفر: الحافظ محمد بن المظفر
بن موسى البزاز. البغدادي المتوفى سنة (379) ه - تاريخ بغداد ج 3 / 262.
[ 133 ]
الحضرمي
(1)، يقول: سمعت محمد بن منصور الطوسى (2) يقول: سمعت احمد بن حنبل، يقول: ما جاء
لاحد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الفضائل، ما جاء لعلى بن ابى
طالب رضى الله عنه (3). 5 - محمد بن عمر الواقدي، قال: كان هارون الرشيد، يقعد
للعلماء في يوم عرفة، فقعد ذات يوم وحضره الشافعي، وكان هاشميا فقعد إلى جنبه،
وحضر محمد بن الحسن، وابو يوسف، فقعدا بين يديه، وغص المجلس باهله: فيهم سبعون
رجلا من اهل العلم، كل منهم يصلح ان يكون امام صقع من الاصقاع، قال الواقدي: فدخلت
في آخر الناس، فقال الرشيد: لما تأخرت ؟ فقلت: ما كان لاضعة حق ولكني شغلت بشغل
عاقني عما احببت، قال: فقربنى حتى اجلسني بين يديه، وقد خاض الناس في كل فن من
العلم. فقال الرشيد للشافعي: يا ابن عم كم تروى في فضائل على بن ابى طالب عليه
السلام ؟ فقال: اربعمائة حديث واكثر، فقال له: قل ولا تخف، قال: يبلغ خمسمائة
وتزيد، ثم قال لمحمد بن الحسن كم تروى يا كوفى من فضائله ؟ قال: الف حديث. فاقبل
على ابى يوسف، فقال: كم تروى انت يا كوفى من فضائله ؟ اخبرني ولا تخض، قال: يا
امير المؤمنين لولا الخوف، لكانت روايتنا في فضائله اكثر من ان تحصى، قال: مم تخاف
؟ قال: منك، ومن عمالك، واصحابك، قال: انت آمن فتكلم واخبرني كم فضلية تروى فيه ؟
فقال: خمسة عشر الف خبر مسند وخمسة عشر الف حديث مرسل. قال الواقدي: فاقبل على فقال:
ما تعرف في ذلك انت ؟ فقلت مثل مقالة ابى يوسف، قال الرشيد: لكنى اعرف له فضيلة
رايتها بعينى، وسمعتها
1)
أبو حامد الحضرمي توفى سنة (321) - تاريخ بغداد ج 3 / 358. 2) محمد بن منصور: أبو
جعفر العابد المتوفى سنة (254) - تهذيب التهذيب ج 9 / 472. 3) مناقب الخوارزمي: 3
- واخرجه في البحار ج 40 / 124 عن كشف الغمة ج 1 / 167.
[ 134 ]
باذنى
اجل من كل فضيلة تروونها انتم، وانى لتائب إلى الله تعالى مما كان منى من امر
الطالبية ونسلهم. فقلنا باجمعنا: وفق الله امير المؤمنين، واصلحه ان رايت ان
تخبرنا بما عندك ؟ قال: نعم وليت عاملي يوسف بن الحجاج بدمشق، امرته بالعدل في
الرعية والانصاف في القضية، فاستعمل ما امرته، فرفع إليه ان الخطيب الذى يخطب
بدمشق يشتم عليا عليه السلام في كل يوم، وينقصه، قال: فاحضره، وساله عن ذلك، فاقر
له بذلك، فقال له: وما حملك على ما انت عليه ؟ قال: لانه قتل آبائى، وسبى الذرارى،
فلذلك الحقد له في قلبى، ولست افارق على ما انا عليه. فقيده، وغلقه، وحبسه، وكتب
إلى بخبره، فأمرته ان يحمله على حالته من القيود، فلما مثل بين يدى، زبرته، وصحت
به، وقلت: انت الشاتم لعلى بن ابى طالب عليهما السلام ؟ فقال: نعم، قلت: ويلك قتل
من قتل وسبى من سبى بامر الله تعالى، وامر النبي صلى الله عليه وآله، قال: ما
افارق ما انا عليه ولا تطيب نفسي الا به. فدعوت بالسياط والعقابين، فاقمته بحضرتي
ههنا، وظهره إلى فأمرت الجلاد وجلده مائة سوط فاكثر الصياح والغياث، فبال في مكانه
فأمرت به، فنحى عن العقابين وادخل ذلك البيت واومى بيده إلى بيت في الايوان وامرت
ان يغلق الباب عليه، ففعل ذلك، ومضى النهار، واقبل الليل، ولم ابرح من موضعي هذا،
حتى صليت العتمة، ثم بقيت ساهرا افكر في قتله، وفى عذابه، وباى شئ اعذبه ؟ مرة
اقول اعذبه على علاوته ومرة اقول اقطع امعائه، ومرة افكر في تفريقه، أو قتله
بالسوط، واستمر الفكر في امره، حتى غلبتني عينى في آخر الليل، فإذا انا ببات
السماء قد انفتح، وإذا النبي صلى الله عليه وآله قد هبط، وعليه خمس حلل. ثم هبط
على عليه السلام، وعليه ثلاث حلل، ثم هبط الحسن عليه السلام، وعليه ثلاث حلل، ثم
هبط الحسين عليه السلام وعليه حلتان.
[ 135 ]
ثم
نزل جبرئيل، وعليه حلة واحدة، فإذا هو من احسن الخلق في نهاية الوصف، ومعه كاس فيه
ماء، كاصفى ما يكون من الماء، واحسنه، فقال النبي صلى الله عليه وآله: اعطني
الكاس، فاعطاه، فنادى باعلا صوته يا شيعة محمد وآله ! واجابوه من حاشيتي وغلماني
ومن اهل الدار، اربعون نفسا، اعرفهم كلهم، وكان في دارى اكثر من خمسمائة الف انسان
فسقاهم من الماء، وصرفهم. ثم قال: اين الدمشقي ؟ فكان الباب قد انفتح، فاخرج إليه،
فلما رآه على عليه السلام قال: يا رسول الله هذا يظلمني، ويشتمني، ومن غير سبب
اوجب ذلك، فقال صلى الله عليه وآله: خله يا ابا الحسن ثم قبض النبي صلى الله عليه
وآله على زنده بيده، وقال: انت الشاتم على بن ابى طالب ؟ فقال: نعم، قال: اللهم
امسخه، وامحقه، وانتقم منه، قال: فتحول، وانا اراه كلبا ورد إلى البيت، كما كان،
وصعد النبي صلى الله عليه وآله، وجبرئيل عليه السلام وعلى عليه السلام ومن كان
معهم، فانتبهت فزعا، مذعورا، فدعوت الغلام، وامرت باخراجه إلى فاخرج وهو كلب، فقلت
له: كيف رايت عقوبة ربك ؟ فاومى براسه كالمعتذر، وامرت برده وها هو ذا في البيت.
ثم نادى وامر باخراجه، فاخرج وقد اخذ الغلام باذنه، فإذا اذناه كآذان الناس وهو في
صورة الكلب، فوقف بين ايدينا يلوك بلسانه ويحرك شفتيه كالمعتذر. قال الشافعي
للرشيد: هذا مسخ، ولست آمن ان يحل العذاب به، فامر باخراجه عنا، فامر به فرد به
إلى البيت، فما كان باسرع من ان سمعنا وحيه (1) وصيحته، فإذا صاعقة، قد سقطت على
سطح البيت، فاحرقته واحرقت البيت، فصار رمادا وعجل بروحه إلى نار جهنم.
1)
الوحى (بفتح الواو والحاء المهملة والالف المقصورة): الصوت.
[ 136 ]
قال
الواقدي: فقلت للرشيد: يا امير المؤمنين هذه معجزة وعظة وعظت بها فاتق الله في
ذرية هذا الرجل، قال الرشيد: انا تائب إلى الله تعالى مما كان منى واحسنت توبتي
(1). 6 - وقد انصف الشافعي: محمد بن ادريس، إذ قيل له: ما تقول: في على ؟ فقال:
وما ذا اقول في رجل اخفت اوليائه فضائله خوفا، واخفت اعداؤه فضائله حسدا، وشاع من
بين ذين ما ملا الخافقين. كتاب مردويه: قال نافع بن الزرق لعبد الله بن عمر: انى
ابغض عليا، فقال له: ابغضك الله، اتبغض رجلا سابقة من سوابقه، خير من الدنيا وما
فيها ؟ (2).
1)
ثاقب المناقب: 98 مخطوط - وعنه مدينة المعاجز: 139. وفى سفينة البحار ج 2 / 367 عن
الخلية ومدينة المعاجز. 2) مناقب ابن شهر اشوب ج 2 / 3 - وعنه البحار ج 40 / 34.
[ 137 ]
1 - فمن
طرق الخاصة: محمد بن على بن الحسين بن بابويه في اماليه، قال: حدثنا احمد بن الحسن
القطان (1)، وعلى بن احمد بن موسى الدقاق (2)، ومحمد بن احمد السنانى (3)، وعبد
الله بن محمد الصائغ (4)، قالوا: حدثنا أبو العباس احمد بن يحيى بن زكريا القطان
(5)، قال: حدثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن حبيب (6)، قال: حدثنى على بن محمد، قال
حدثنا الفضل بن العباس، قال: حدثنا عبد القدوس الوراق، قال: حدثنا محمد بن كثير،
عن الاعمش، وحدثنا الحسين بن ابراهيم بن احمد المكتب (7) رضى الله عنه، قال:
1)
احمد بن الحسن القطان: يحتمل اتحاده مع احمد بن الحسن بن على بن عبد الله المعروف
بابى على بن عبد ربه، المذكور في المشيخة: 7. 2) على بن احمد بن موسى الدقاق يروى
عنه كثيرا في كتبه. 3) السنانس: أبو عيسى محمد بن احمد بن محمد بن سنان الزاهرى
نزيل الرى المترجم في رجال الشيخ في باب من لم يرو عنهم. 4) الصائغ: أبو القاسم
عبد الله بن محمد روى عنه في الامالى، والعيون، والخصال، وكمال الدين. 5) أبو
العباس القطان: احمد بن يحيى بن زكريا، روى عنه جماعة من شيوخ المصنف كالدقاق،
والسنانى، والوراق، والجوهري. 6) أبو محمد: بكر بن عبد الله بن حبيب المزني يسكن
الزى، واكثر المصنف عن جماعة من شيوخه عن القطان عنه، وظاهره الاعتماد عليه. 7)
الحسين المكتب: بن ابراهيم بن احمد بن هشام، كان مقيما بقم وله كتاب الفرائض اجاد
فيه، = ترجمه ابن حجر العسقلاني في " لسان الميزان " ج 2 / 271 وقال:
الحسين بن ابراهيم بن احمد المؤدب: روى عن ابى الحسين محمد بن جعفر الاسدي، قال
على بن الحكم في " مشايخ الشيعة ": كان مقيما بقم وله كتاب في الفرائض
اجاد في واخذ عنه أبو جعفر محمد بن على بن بابويه وكان يعظمه. (*)
[ 138 ]
حدثنا
احمد بن يحيى القطان، قال: حدثنى بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنى عبد الله بن
محمد بن باطويه، عن محمد بن كثير، عن الاعمش وحدثنا سليمان بن احمد بن ايوب اللخمى
(1)، فيما كتب الينا من اصبهان، قال: حدثنا احمد بن القاسم بن مساور الجوهرى (2)
سند 286 قال: حدثنا الوليد بن الفضل العنزي (3)، قال: حدثنا مندل بن على العنزي (4)،
عن الاعمش، وحدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن
بن على العدوى (5)، قال: حدثنا على بن عيسى الكوفى (6)، قال: حدثنا جرير بن عبد
الحميد، عن الاعمش، وزاد بعضهم على بعض في اللفظ، وقال بعضهم: ما لم يقل بعض، وساق
الحديث بمندل بن العنزي، عن الاعمش، قال بعث إلى أبو جعفر الدوانيقي.. الحديث (7).
2 - ورواه من طريق العامة أبو المويد اخطب خوارزم موفق بن احمد، قال: اخبرنا الشيخ
الامام برهان الدين أبو الحسين على بن الحسين الغزنوى بمدينة السلام في داره، سلخ
شهر ربيع الاول سنة اربع واربعين وخمسمائة،
1)
هو الطبراني المتوفى سنة (360) تقدم ذكره. 2) احمد بن القاسم بن مساور أبو جعفر
الحوهرى المتوفى سنة (293) ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد ج 4 / 349. 3) الوليد بن
الفضل أبو محمد العنزي البغدادي ترجمه في تاريخ بغداد ج 13 / 473. 4) مندل بن على
أبو عبد الله العنزي المتوفى سنة (168) تاريخ بغداد ج 13 / 247. 5) أبو سعيد الحسن
بن على العدوى: بن زكريا بن عاصم البصري المتوفى سنة (319) سمع عنه الطالقاني سنة
(317) - ترجمه الذهبي في العبر ج 2 / 181. 6) على بن عيسى الكوفى نزيل بغداد كاتب
عكرمة القاضى. 7) امالي الصدوق: 353 ح 2.
[ 139 ]
اخبرنا
الامام أبو القاسم اسماعيل بن احمد بن عمر بن ابى الاشعث السمرقندى (1) اخبرنا أبو
القاسم بن سعد الاسمعيلى، في شعبان سنة اثنتين وتسعين واربعمائة، اخبرنا أبو
القاسم حمزة بن يوسف السهمى (2) الرجل الصالح، اخبرنا أبو احمد عبد الله بن عدى بن
عبد الله بن محمد الحافظ (3)، اخبرنا أبو على الحسين بن عفير بن حماد بن زياد
العطار بمصر، اخبرنا أبو يعقوب يوسف بن عدى بن زريق بن اسماعيل الكوفى التميمي (4)
- حدثنى جرير بن عبد الحميد الضبى (5)، حدثنى سليمان بن مهران الاعمش، قال: بينا
انا نائم في الليل إذ انتبهت بالحرس (6) على بابى، فقلت: من هذا ؟ قال: رسول ابى
جعفر امير المؤمنين، وكان إذ ذاك خليفة، قال: فنهضت من نومى فزعا مرعوبا، فقلت
للرسول: ما وراك هل علمت لم بعث إلى امير المؤمنين في هذا الوقت ؟ قال: لا اعلم،
قال: فقمت متفكرا لا ادرى على ماذا انزل الامر ؟ افكر بينى وبين نفسي إلى ماذا
اصير إليه ؟ واقول: لم بعث إلى في هذا الوقت وقد نامت العيون وغارت النجوم ؟ ففكرت
ساعة فقلت: انما بعث إلى في هذه الساعة ليسالني عن فضائل على بن ابى طالب عليه
السلام فان انا اخبرته فيه بالحق امر بقتلى وصلبى، فايست والله من نفسي، وكتبت
وصيتى والرسل يزعجوني، ولبست كفني، وتحنطت بحنوطى، وودعت اهلي وصبياني ونهضت إليه
وما اعقل، فلما دخلت عليه سلمت عليه سلام مخاف وجل، فاوما إلى ان اجلس، فجلست (7)،
وعنده عمرو بن عبيد وزيره وكاتبه، فحمدت الله عزوجل إذ رايت من رايت عنده، فرجع
إلى ذهني (8) وانا قائم. فسلمت سلاما ثانيا
1)
في المصدر المطبوع: أبو القاسم اسماعيل بن عمر بن احمد بن ابى الاشعث. 2) أبو
القاسم حمزة بن يوسف بن ابراهيم السهمى الجرجاني المتوفى سنة (427) ه. 3) أبو احمد
عبد الله بن عدى المعروف بابن قطان الجرجاني المتوفى سنة (365) ه. 4) أبو يعقوب
يوسف بن عدى بن زريق الكوفى المتوفى سنة (232) ه. 5) جرير بن عبد الحميد بن جرير
الضبى الرازي المتوفى سنة (188) ه. 6) في المصدر: انتبهت بالجرس (بالجيم). 7) في
المصدر: فلما جلست رعبا فإذا عنده عمرو. 8) في المصدر: فرجع إلى عقلي وذهني.
[ 140 ]
فقلت:
السلام عليك يا امير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم جلست فعلم انى قد رعبت (1)
منه، فلم يقل لى شيئا، وكان اول كلمة قالها ان قال لى: يا سليمان، قلت: لبيك يا
امير المؤمنين، قال: يا ابن مهران ادن منى فدنوت منه، فسم منى رائحة الحنوط، فقال:
يا اعمش والله لتصدقني امرك والا صلبتك حيا، فقلت: سلنى يا امير المؤمنين عما
بدالك فانا والله (2) اصدقك، ولا اكذبك، فوالله لان كان الكذب ينجيني، فان الصدق
لانجى لى منه. فقال لى: ويحك يا سليمان انى اجد منك رائحة الحنوط، فاخبرني عما
حدثتك به نفسك، ولم فعلت ذلك ؟ فقلت: انى اخبرك يا امير المؤمنين واصدقك، لما
اتانى رسلك في بعض الليل، فقالوا لى: اجب امير المؤمنين، فقمت متفكرا، خائفا وجلا،
مرعوبا، فقلت بينى وبين نفسي: ما بعث إلى امير المؤمنين في هذه الساعة، وقد غارت
النجوم، ونامت العيون، الا ليسالني عن فضائل على بن ابى طالب عليه السلام، فان انا
اخبرته بالحق، امر بقتلى أو بصلبى حيا، فصليت ركعتين، وكتبت وصيتى، والرسل
يزعجوني، وتحنطت، ولبست كفني، وودعت اهلي، وصبياني (3)، وجئتك يا امير المؤمنين
سامعا، مطيعا آيسا من الحياة، خائفا، راجيا، ان يسعنى عفوك. قال: فلما سمع مقالتي
علم انى صادق، وكان متكئا فاستوى جالسا، وقال: لا حول ولا قوة الا بالله العلى
العظيم. فلما سمعته قالها، سكن قلبى وذهب عنى بعض ما كنت اجد من رعبي، وما كنت اجد
من رعبي، وما كنت اخاف من سطوته على، فقال الثانية: لا حول ولا قوة الا بالله
العلى العظيم، اسالك بالله يا سليمان الا اخبرتني كم من حديث ترويه في فضائل على
بن ابى طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وصهر النبي صلى اللله عليه وآله
وزوج حبيبته ؟ قلت: يسيرا، قال: كم ؟ قلت: يسيرا يا امير المؤمنين، قال: ويحك كم
تحفظ ؟ قلت: عشرة آلاف حديثا، أو الف حديث، فلما قلت: أو الف حديث
1)
في المصدر: انى دهشت ورعبت. 2) في المصدر: عن حاجتك وما بدالك اصدقك ولا اكذبك. 3)
في المصدر: وصبيتي.
[ 141 ]
استقلها
فقال: ويحك يا سليمان بل هي عشرد آلاف حديث كما قلت اولا، ثم قال: فجثا أبو جعفر
على ركبتيه، وهو فرح مسرور (1)، لا حدثنك (2) يا سليمان بحديثين في فضائل على عليه
السلام، فان يكونا معا سمعت ووعيت فعرفني وان لم يكونا مما لم تسمع، فاسمع، وافهم،
قلت: نعم، يا امير المؤمنين فاخبرني قال: نعم، انا اخبرك انى كنت (3) اياما وليالي
هاربا من بنى مروان، ولا تسعني منهم دار ولا قرار، ولا بلد، ادور في البلدان،
فكلما دخلت بلدا، خالفت اهل ذلك البلد فيما يحبون، واتقرب إلى جميع الناس بفضائل
على بن ابى طالب عليه السلام، وكانوا يطعمونني، ويكسونني ويزودونني إذا خرجت من
عندهم، من بلد إلى بلد، حتى قدمت إلى بلاد الشام (4)، وعلى كساء لى خلق ما
يواريني. قال: فبينما انا كذلك، إذ سمعت الاذان فدخلت المسجد، فإذا سجادة ومتوضا،
فتوضات للصلاة، ودخلت المسجد، فركعت ركعتين فيه، واقمت الصلاة، فصليت معهم الظهر
والعصر، وقلت في نفسي: إذا اتى الليل طلبت من القوم عشاء اتعشى به ليلتى تلك (5).
فلما سلم الشيخ من صلاة العصر جلس، وهو شيخ كبير. له وقار وسمعت حسن ونعمة ظاهرة
(6) إذ اقبل صبيان، وهما ابيضان نبيلان، ولهما جمال ونور ساطع، عيناهما تلألئان
فدخلا المسجد، فسلما فلما نظر اليهما امام
1)
في المصدر: فرحا وسرورا وكان جالسا. 2) في المصدر: ثم قال: والله يا سليمان
لاحدثك. 3) في المصدر: انى مكثت. 4) في المصدر: حتى قدمت بلاد الشام. وكانوا إذا
اصبحوا لعنا في مساجدهم لانهم كلهم خوارج واصحاب معاوية. 5) في المصدر: فدخلت
مسجدا وفى نفسي منهم شئ فاقيمت الصلاة فصليت الظهر وعلى كساء خلق. 6) في المصدر:
فلما سلم الامام اتكا على الحائط واهل المسجد حضور فجلست فلم ار احداء منهم يتكلم
توقيرا لامامهم.
[ 142 ]
المسجد،
قال لهما: مرحبا بكما وبمن سميتها على اسمهما (1)، قال: وكنت جالسا والى جنبى فتى
شاب، فقلت له: يا شاب من هذان الصبيان ؟ ومن هذا الشيخ الامام ؟ فقال: هو جدهما،
وليس في هذه المدينة رجل يحب على بن ابى طالب عليه السلام غير هذا الشيخ، فقلت:
الله اكبر ومن اين علمت، قال: علمت ان من حبه لعلى عليه السلام، سمى ولداه باسم
ولدى على بن ابى طالب عليه السلام، سمى احدهما الحسن، والآخر الحسين (2). قال:
فقمت فرحا مسرورا، حتى اتيت الشيخ، فقلت له: ايها الشيخ اريد احدثك بحديث حسن، يقر
الله به عينك، قال: نعم، ما اكره ذلك فحدثني يرحمك الله وان اقررت عينى، اقررت
عينك (3). فقلت: اخبرني والدى، عن ابيه، عن جده (4)، قال: كنا ذات يوم جلوسا عند
رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ اقبلت فاطمة ابنته رضى الله عنها، فدخلت على
ابيها، فقالت: يا ابت ان الحسن والحسين، خرجا من عندي آنفا، وما ادرى اين هما ؟
وقد طار عقلي وقلق فؤادى وقل صبرى، ثم بكت وشهقت، حتى علا بكاؤها، فلما رآها رحمها
ورق لها، وقال لها: اتبكين يا فاطمة فوالذي نفسي بيده، الذى خلقهما، هو الطف بهما
منك، وارحم بصغرهما منك (5).
1)
في المصدر: وإذا بصبيين قد دخلا المسجد فلما نظر اليهما الامام قال: ادخلا مرحبا
بكما ومرحبا بمن سميتكما باسمهما والله ما سميتكما باسمهما الا لحب محمد وآل محمد.
2) في المصدر: فإذا احدهما يقال له الحسن والآخر يقال له الحسين، فقلت: فيما بينى
وبين نفسي قد اصبت اليوم حاجتى ولا قوة الا بالله، وكان شاب إلى يمينى فسألته من
هذا الشيخ ومن هذان الصبيان ؟ فقال: الشيخ جدهما، وليس في هذه المدينة احد يحب
عليا غيره ولذلك سماهما حسنا وحسينا. 3) في المصدر: فقمت فرحا وانى يومئذ لصارم لا
اخاف الرجال، فدنوت من الشيخ فقلت: هل لك في حديث اقربه عينك ؟ قال: ما احوجني إلى
ذلك، ان اقررت عينى اقررت عينك. 4) في المصدر: فقلت: حدثنى ابى عن جدى، عن ابيه،
عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: من والدك وجدك ؟ قلت: محمد بن على بن عبد
الله بن العباس. 5) في المصدر المطبوع: قالت: يا ابت ان الحسن والحسين قد غدوا
وذهبا منذ اليوم وقد طلبتهما = = فلا ادرى اين ذهبا ؟ وان عليا يقى الدالية منذ
خمسة ايام يسقى البستان، وانى طلبتهما في منازلك فما احسست لهما اثرا، وإذا أبو
بكر. فقال: يا ابا بكر قم فاطلب قرة عينى، ثم قال: يا عمر ثم فاطلبهما، يا سلمان،
يا اباذر. يا فلان، قال: فاحصينا على رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين رجلا في
طلبهما وحثهما، فرجعوا ولم يصيبوهما.
[ 143 ]
قال:
ثم قام النبي صلى الله عليه وآله من ساعته، ورفع يديه إلى السماء، وقال اللهم
انهما ولداى وقرة عينى وثمرة فؤادى، وانت ارحم بهما منى، واعلم بموضعهما يا لطيف
بلطفك الخفى، انت عالم الغيب والشهادة، ان كانا اخذا برا أو بحرا، فاحفظهما
وسلمهما حيث كانا وحيثما توجها، قال: فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله، وما
استتم دعاؤه الا وقد هبط جبرئيل عليه السلام من السماء، ومعه عظماء الملائكة، وهم
يؤمنون على دعاء النبي صلى الله عليه وآله، فقال له جبرئيل: يا حبيبي يا محمد لا
تحزن ولا تغتم، وابشر فان ولديك فاضلان في الدنيا والآخرة، وابوهما خير منهما،
وهما نائمان في حظيرة بنى النجار وقد وكل الله بهما عزوجل ملكا يحفظهما، فلما قال
له جبرئيل عليه السلام ذلك الكلام، سرى عينه (1). ثم قال رسول الله صلى الله عليه
وآله هو واصحابه، وهو فرح مسرور حتى اتوا حضيرة بنى النجار فإذا الحسن، والحسين
عليهما السلام نائمان، وهما متعانقان وإذا الملك الموكل بهما قد وضع احد جناحيه
بالارض، ووطا به تحتهما يقيهما حر الارض والجناح الآخر قد جللهما به يقيهما حر
الشمس (2).
1)
في المصدر: فاغتم النبي صلى الله عليه وآله عما شديدا، ووقف على باب المسجد وهو
يقول: بحق ابراهيم خليلك، وبحق آدم صفيك ان كان قرتا عينى وثمرتا فؤادى اخذا برا
أو بحرا فاحفظهما وسلمهما، قال: فإذا جبرئيل قد هبط فقال: يا رسول الله ان الله
يقرئك السلام ويقول لك: لا تحزن ولا تغتم، الصبيان فاضلان في الدنيا فاضلان في
الآخرة وهما في الجنة، وقد وكلت بهما ملكا يحفظهما إذا ناما وإذا قاما. 2) في
المصدر: ففرح رسول الله صلى الله عليه وآله فرحا شديدا، ومضى وجبرئيل عن يمينه
والمسلمون حوله حتى دخل حظيرة بنى النجار، فسلم على الملك الموكل بهما ثم جثى
النبي صلى الله عليه وآله على ركبته وإذا الحسن معانق الحسين وهما نائمان، وذلك
الملك قد جعل جناحه = = تحتهما والآخر فوقهما، على كل واحد منهما دراعة صوف أو
شعر.
[ 144 ]
قال:
فانكب النبي صلى الله عليه وآله يقبلهما واحدا بعد واحد، ويمسحهما بيده حتى
ايقظهما من نومهما، قال: فلما استيقظا حمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحسن
على عاتقه، وحمل جبرئيل الحسين على ريشة من جناحه الايمن، حتى خرج بهما من الحظيرة
وهو يقول والله لاشرفكما كما شرفكما الله في سمواته (1). فبينما هو وجبرئيل عليه
السلام يمشيان، إذ تمثل جبرئيل في صورة دحية الكلبى (2) فاقبل أبو بكر فقال له: يا
رسول الله ناولنى احد الصبيين اخفف عنك وعن صاحبك وانا احفظه حتى اوديه اليك، فقال
له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حزاك الله خيرا يا ابا بكر عنهما، فنعم
الحاملان نحن، ونعم الراكبان هما، وابوهما خير منهما، فحملاهما وابو بكر معهما حتى
اتوا بهما إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله (3). فاقبل بلال، فقال له النبي صلى
الله عليه وآله: يا بلال هلم على بالناس، فناد فيهم واجمعهم لى في المسجد، فقام
النبي صلى الله عليه وآله على قدميه خطيبا، ثم خطب الناس بخطبد بليغة، فحمد الله
واثنى عليه، وذكر نفسه، فنعاها، ثم قال: معاشر المسلمين هل ادلكم على خير الناس
بعدى جدا وجدة (4) ؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: عليكم بالحسن والحسين
1)
في المصدر: فما زال النبي صلى الله عليه وآله يلثمهما حتى استيقظا فحمل النبي صلى
الله عليه وآله الحسن وجبرئيل الحسين وخرج النبي صلى الله عليه وآله من الحظيرة.
2) هذه الجملة ليست موجودة في المصدر المطبوع. 3) في المصدر: قال ابن العباس:
وجدنا الحسن عن يمين النبي صلى الله عليه وآله والحسين عن يساره وهو يقبلهما
ويقول: من احبكما فقد احب رسول الله ومن ابغضكما فقد ابغض رسول الله فقال أبو بكر
يا رسول الله اعطني احدهما احمله، فقال رسول الله: نعم الحمولة ونعم المطية
تحتهما، فلما ان صار إلى باب الحظيرة لقيه عمر بن الخطاب فقال له مثل مقالة ابى
بكر فرد عليه رسول الله كما رد على ابى بكر. 4) في المصدر: فدخل النبي صلى الله
عليه وآله المسجد فقال: لاشرفن اليوم ابني كما شرفهما الله تعالى فقال: يا بلال
على بالناس فنادى فيهم فاجتمعوا فقال: معاشر اصحابي بلغوا عن محمد = = نبيكم سمعنا
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الا ادلكم على خير الناس جدا وجدة ؟.
[ 145 ]
فان
جدهما محمد المصطفى، وجدتهما خديجة بنت خويلد، سيدة نساء اهل الجنة، وهى اول من
سارعت إلى تصديق ما انزل الله عليه نبيه، والى الايمان بالله ورسوله. ثم قال: يا
معاشر المسلمين هل ادلكم على خير الناس ابا واما ؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال:
عليكم بالحسن والحسين، فان اباهما (1) يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وامهما
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد شرفهما الله في سمواته وارضه. ثم قال:
معاشر المسلمين هل ادلكم على خير الناس عما وعمة ؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال:
عليكم بالحسن والحسين، فان عمهما جعفر ذو الجناحين الطيار مع الملائكة في الجنة،
وعمتهما ام هاني بنت ابى طالب. ثم قال: يا معاشر المسلمين هل ادلكم على خير الناس
خالا وخالة ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: عليكم بالحسن والحسين، فان خالهما
القاسم (2) ابن رسول الله وخالتهما زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم
قال: اللهم انك تعلم ان الحسن والحسين في الجنة، وجدهما وجدتهما في الجنة وامهما
في الجنة، واباهما في الجنة، وخالهما في الجنة، وخالتهما في الجنة، وعمهما في
الجنة، وعمتهما في الجنة، ومن يحبهما في الجنة ومن يبغضهما في النار (3).
1)
في المصدر: فان اباهما على يحب الله. 2) في المصدر: فان خالهما ابراهيم بن محمد،
وخالتهما زينب بنت محمد صلى الله عليه وآله. 3) في المصدر: ثم قال: الا يا معاشر
الناس اعلمكم ان جدهما في الجنة، وجدتهما في الجنة، واباهما في الجنة، وامهما في
الجنة، وخالهما في الجنة، وخالتهما في الجنة، وهما في الجنة، ومن احب ابني على فهو
معنا في الجنة، ومن ابغضهما فهو في النار، وان من كرامتهما على الله ان سماهما في
التوراة شبرا وشبيرا، اللهم انك تعلم ان الحسن والحسين في الجنة، وجدهما في الجنة،
وجدتهما في الجنة، واباهما في الجنة، وامهما في الجنة، وعمهما في الجنة، وعمتهما
في الجنة، وخالهما في الجنة، وخالتهما في الجنة، ومن يحبهما في الجنة، ومن ببغضهما
في النار.
[ 146 ]
قال:
فلما قلت ذلك للشيخ، وفهم قولى، قال: ايدك الله من اين انت (1) ؟ قلت: انا من اهل
الكوفة، قال: اعربي انت ام مولى ؟ قال: قلت: بل عربي شريف، فقال لى: انك تحدث بمثل
هذا الحديث وانت في هذا الكساء الرث ؟ قلت: نعم، لى قصة لا احب ان ابديها لاحد،
قال: ابدها لى بامانة، فقلت: انا هارب من بنى مروان على هذه الحال الذى ترى، لئلا
اعرف، ولو غيرت حالى لعرفت، ولو اردت ان اعرف نفسي لفعلت، ولكني اخاف على نفسي
القتل، فقال لى: لا خوف عليك واقم عندي. وكساني خلعتين خلعهما على وحملنى على بغلة
(2) وثمن البغلة في ذلك اليوم في تلك البلدة مائة دينار. ثم قال: يا فتى اقررت
عينى اقر الله عينك، فوالله لارشدنك إلى فتى يقر الله به عينك، قال: فقلت ارشدني
رحمك الله، قال فارشدني إلى باب دار، فاتيت الدار التى وصف لى وانا راكب على
البغلة، وعلى الخلعتان، فقرعت الباب، وناديت الخادم، فاذن لى بالدخول، فدخلت عليه،
فإذا انا بفتى قاعد على سرير منجد (3)، صبيح الوجه حسن الجسم، فسلمت عليه (4) فرد
على السلام باحسن مرد. ثم اخذ بيدى مكرما حتى اجلسني إلى جانبه (5)، قال لى: والله
يا فتى لاعرف هذه الكسوة التى خلعت عليك، واعرف هذه البغلة، ووالله ما كان أبو
محمد، وكان اسمه الحسن، ليكسوك خلعتيه هاتين ويركبك على بغلته هذه، الا انك تحب
الله ورسوله وذريته وجميع عترته. فاحب رحمك الله ان تحدثني بفضائل على بن ابى طالب
رضى الله عنه،
1)
في المصدر: قال فلما سمع الشيخ الامام هذا منى وفهم قولى قال لى: انشدك الله تعالى
من انت ؟ 2) في المصدر: على بغلته. 3) المنجد: المرتفع. 4) في المصدر: فسلمت عليه
باحسن سلام. 5) في المصدر: فلما نظر إلى قال: والله يا فتى.
[ 147 ]
فقلت
له: نعم ما (1) تحب والكرامة. حدثنى والدى عن ابيه، عن جده قال: كنا يوما عند رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم قعودا (2)، إذ اقبلت فاطمة عليها السلام وقد حملت
الحسن والحسين على كتفيها، وهى تبكى بكاء شديدا، وتشهق في بكائها. فقال لها رسول
الله صلى الله عليه وآله: ما يبكيك يا فاطمة لا ابكى الله عينك (3) ؟ قالت: يا ابت
وكيف لا ابكى (4) ونساء قريش قد عيرتني، وقلن لى: ان اباك قد زوجك برجل (5) فقير
معدم لا مال له. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تبكى يا فاطمة فو الله
ما انا زوجتك (6) بل الله عزوجل زوجك من فوق سبع سمواته، وشهد على ذلك جبرئيل
وميكائيل واسرافيل. ثم ان الله عزوجل فاختار من الخلائق عليا، فزوجك اياه، واتخذته
وصيا، وعلى منى وانا منه، وعلى اشجع الناس قلبا، واعلم الناس علما، واحلم الناس
حلما، واقدم الناس سلما (7). والحسن والحسين ابناه، سيدا شباب اهل الجنة من
الاولين والآخرين،
1)
في المصدر: فقلت له: نعم بالحب والكرامة. 2) في المصدر: كنا يوما جلوسا عند النبي
صلى الله عليه وآله. 3) في المصدر: لا ابكى الله عينيك. 4) في المصدر: فقالت: يا
رسول الله ومالى لا ابكى. 5) في المصدر: من رجل معدم لا مال له. 6) في المصدر:
فوالله ما زوجتك انا. 7) في المصدر: ثم ان الله عزوجل اطلع إلى اهل الارض فاختار
من الخلائق اياك فبعثه نبيا، ثم اطلع إلى الارض ثانية فاختار من الخلائق عليا
فروجك الله اياه واتخذته وصيا فعلى منى وانا منه، فعلى اشجع الناس قلبا، واعلم
الناس علما، واحلم الناس حلما، واقدم الناس سلما، واسمحهم كفا، واحسنهم خلقا، يا
فاطمة انى اخذ لواء الحمد ومفاتيح الجنة بيدى ثم ادفعها إلى على فيكون آدم ومن
ولده تحت لوائه، يا فاطمة انى مقيم غدا عليا على حوضى يسقى من عرف من امتى.
[ 148 ]
وسماهم
(1) الله في التوراة، على لسان موسى عليه السلام، شبرا وشبيرا، لكرامتهما على الله
تعالى، يا فاطمة لا تبكي، فانى إذ دعيت غدا إلى رب العالمين، فيكون على معى، وإذا
بعثت غدا، بعث على معى يا فاطمة لا تبكى فان عليا وشيعته غدا، هم الفائزون، يدخلون
الجنة (2). قال: فلما قالت ذلك للفتى، قال: انشدك الله وبالله عزوجل من انت ؟ قال:
قلت: انارجل من اهل الكوفة، فقال اعربي ام مولى ؟ قال: قلت: بل عربي شريف. قال:
فكساني ثلاثين ثوبا في تخت، واعطاني عشرة آلاف درهم في كيس، ثم قال لى: اقررت عينى
يا فتى اقر الله عينك ولم يسالنى غير ذلك (3).
1)
في المصدر: وقد سبق اسمهما في توراة موسى، وكان اسمهما في التوراة شبرا وشبيرا،
سماهما الحسن والحسين لكرامة محمد على الله ولكرامتهما عليه يا فاطمة يكسى ابوك
حلتين من حلل الجنة. ويكسى على حلتين من حلل الجنة، ولواء الحمد في يدى، وامتى تحت
لوائى، فانا وله عليا لكرامة على على الله، وينادى مناد: يا محمد نعم الجد جدك
ابراهيم ونعم الاخ اخوك على بن ابى طالب. 2) في المصدر: وإذا دعاني رب العالمين
دعا عليا معى، وإذا حبيت حبى على معى، وإذا شفعت شفع على معى، وإذا اجبت اجيب على
معى، وانه في المقام المحمود معى عوني على مفاتيح الجنة، قومي يا فاطمة ان عليا
وشيعته هم الفائزون غدا. قال: وبينا فاطمة جالسة إذ اقبل رسول الله صلى الله عليه
وآله حتى جلس إليها وقال: يا فاطمة لا تبكى ولا تحزني فلابد من مفارقتك فاشتد
بكائها، ثم قالت: يا ابت، اين القاك ؟ قال: تلقيننى تحت لواء الحمد اشفع لامتي،
قالت: يا ابت فان لم اجدك ؟ قال: تلقيننى على الصراط. وجبرئيل عن يمينى وميكائيل
عن شمالى، واسرافيل اخذ بحجزتى، الملائكة خلفي وانا انادى: يا رب امتى امتى، هون
عليهم الحساب. ثم انظر يمينا وشمالا إلى امتى وكل نبى يومئذ مشتغل بنفسه يقول: يا
رب نفسي نفسي. وانا اقول: يا رب امتى امتى، واول من يلحق بى من امتى انت وعلى
والحسن والحسين، يقول الرب: يا محمد ان امتك لو اتوفى بذنوب كامثال الجبال لغفرت
لهم ما لم يشركوا بى شيئا ولم يوالوا عدوا لى. 3) في المصدر: فلما سمع الشاب هذا
منى امر لى آلاف درهم، وكساني ثلاثين ثوبا ثم قال في: من انت ؟ قلت: من اهل
الكوفة، قال: عربي انت ام مولى ؟ قلت: عربي، قال: فكما اقررت عينى اقررت عينك.
[ 149 ]
ثم
قال لى اليك حاجة ؟ فقلت له: تقضى ان شاء الله تعالى ؟ فقال: إذا اصبحت غدا، فات
مسجد بنى فلان، حتى ترى اخى الشقى. قال أبو جعفر: فوالله لقد طالت على تلك الليلة،
حتى خشيت ان لا اصبح، حتى افارق الدنيا، قال: فلما اصبحت، اتيت المسجد الذى وصف لى
وحضرت الصلاة، فقمت في الصف الاول لفضله، والى جانبى على يسارى شاب معتم بعمامة -
فذهب ليركع، فسقطت عمامته من راسه، فنظرت إليه فإذا راسه راس خنزير، ووجهه وجه
خنزير (1). قال أبو جعفر: فوالذي احلف به، ما علمت ما انا فيه، ولا عقلت انا في
الصلاة ام في غير صلاة تعجبا، ودهشت حتى ما ادرى ما اقول في صلاتي إلى ان فرغ
الامام من التشهد، فسلم وسلمت (2). ثم قلت: ما هذا الذى ارى بك ؟ فقال لى: لعلك
صاحب اخى الذى ارسلك إلى لتراني ؟ قال: قلت: نعم، فاخذ بيدى واقامني وهو يبكى بكاء
شديدا ثم شهق في مكانه حتى كادت نفسه ان تزهق (3). ثم اتى بى إلى منزلة، فقال لى:
انظر إلى هذين البيتين، فنظرت إليه،
1)
في المصدر: ثم قال: انى غدا في مسجد بنى فلان واياك ان تخطى، الطريق فذهبت إلى
الشيخ وهو جالس ينتظرني في المسجد فلما رانى استقبلني وقال: ما فعل أبو فلان ؟
قلت: كذا وكذا، قال: جزاه الله خيرا وجمع بيننا وبينه في الجنة فلما اصبحت يا
سليمان ركبت البغلة واخذت الطريق، فلما صرت غير بعيد تشابه على الطريق، وسمعت
اقامة الصلاة في المسجد، فقلت: والله لاصلين مع هؤلاء القوم، فنزلت عن البغلة
ودخلت المسجد فوجدت رجلا قامته مثل قامة صاحبي، فصرت عن يمينه، فلما صرنا في
الركوع والسجود فإذا عمامته قد رمى بها في خلفه، فتفرست في وجهه فإذا وجهه وجه
خنزير وهكذا راسه وحلقه ويداه. 2) في المصدر: فلم اعلم ما اصلى وما قلت في صلاتي
متفكرا في امره وسلم الامام. 3) في المصدر: وتفرس الرجل في وجهى وقال: انت صاحب
اخى بالامس فامر لك بكذا وكذا ؟ قلت: نعم، فاخذ بيدى واقامني فلما رانى اهل المسجد
تبعونا، فقال لغلامه: اغلق الباب ولا تدع احدا يدخل علينا، ثم ضرب بيده إلى قميصه
فنزعها وإذا جسده جسد خنزير فقلت: يا اخى ما هذا الذى ارى بك ؟
[ 150 ]
ثم
قال: ادخل، فدخلت، ثم قال لى: انظر إلى الدن فنظرت إلى الدن فقال لى: اعلم يا اخى
انى كنت اؤذن واؤم الناس، وكنت العن على بن ابى طالب عليه السلام، بين الاذان
والاقامة اربعة آلاف مرة، وخرجت من المسجد واتيت الدار، فاتكات على هذا الموضع
الذى اريتك، فذهب بى النوم، فنمت، فرايت في منامي كانى قد اقبلت باب الجنة، ورايت
فيها قبة من زمردة خضراء، قد زخرفت، ونجدت ونضدت بالاستبرق، والديباج وإذا حول
القبة كرسى من لؤلؤه، وزبرجد وإذا على بن ابى طالب رضى الله عنه، متكئ فيها، وإذا
أبو بكر الصديق وعمر وعثمان، جلوس يتحدثون فرحين مسرورين مستبشرين بعضهم ببعض (1).
ثم التفت فإذا انا بالنبي صلى الله عليه وآله قد اقبل وعلى يمينه الحسن عليه
السلام، ومعه كاس فضه وعن يساره الحسين عليه السلام وفى يده كاس فضة، قال النبي
صلى الله عليه وآله للحسين: اسقنى فسقاه ثم شرب (2). ثم قال النبي صلى الله عليه
وآله يا حسين اسق الجماعة، فسقى ابا بكرو عمرو عثمان ووسقا عليا عليه السلام،
وكانما قال النبي صلى الله عليه وآله للحسين: يا حسين اسق هذا المتكئ الذى على هذا
الدكان، فقال الحسين
1)
في المصدر المطبوع: قال: كنت مؤذنا مع هؤلاء القوم، وكنت كل يوم إذ اصبحت العن
عليا الف مرة بين الاذان والاقامة، قال: فخرجت من المسجد ودخلت دارى هذه يوم
الجمعة وقد لعنته اربعة آلاف مرة ولعنت اولاده فاتكات على هذا الدكان وذهب بى
النوم فرايت في منامي كانما انا بالجنة قد اقبلت فإذا على فيها متكئ، والحسن
والحسين معه، متكئون بعضهم على بعض تحتهم مصليات من نور. 2) في المصدر: وإذا انا
برسول الله صلى الله عليه وآله جالسا والحسن والحسين قدامه، وبيد الحسن ابريق وبيد
الحسين كاس فقال النبي للحسين: اسقنى فشرب، ثم قال: اسق اباك فشرب ثم قال للحسن:
اسق الجماعة فشربوا. ثم قال: اسق هذا المتكئ على الدكان، فولى الحسن بوجهه عنى
وقال: يا ابت كيف اسقيه وهو يلعن ابى كل يوم الف مرة وقد لعنه اليوم اربعة آلاف
مرة ؟ !.
[ 151 ]
عليه
السلام للنبى صلى الله عليه وآله: يا جداه اتامرنى ان اسقى هذا وهو يلعن والدى
عليا في كل يوم الف مرة ؟ وقد لعنه في هذا اليوم، وهو يوم الجمعة اربعة آلاف مرة.
فقال النبي صلى الله عليه وآله عند ذلك لى كالمغضب: مالك تلعن عليا عليه السلام ؟
لعنك الله لعنك الله ثلاث مرات، ويحك اتشتم عليا وهو منى وانا منه ؟ عليك غضب الله
عليك الله عليك غضب الله حتى قالها ثلاثا وقال: غير الله ما بك من نعمة، وسود وجهك
وخلقك حتى تكون عبرة لمن سواك، قال فانتبهت من نومى وإذا راسى راس خنزير ووجهى وجه
خنزير على ما ترى (1). فقال سليما بن مهران: فقال أبو جعفر: يا سليمان هذان
الحديثان كانا في حفظك ؟ قلت: لا يا امير المؤمنين فقال: هذان من ذخائر الحديث
وجواهره ثم قال: ويحك يا سليمان حب على ايمان وبغضه نفاق (2). فقلت: الامان الامان
يا امير المؤمنين فقال: لك الامان يا سليمان، قلت: فما تقول في قاتل الحسين بن على
بن ابى طالب عليه السلام ؟ في النا ر ابعده الله، قلت: وكذلك من يقتل من ولد رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم احدا فهو في النار. فحرك امير المؤمنين أبو جعفر
راسه طويلا، ثم قال: ويحك يا سليمان الملك عقيم، ثم قالها ثلاث مرات، ثم قال: يا
سليمان اخرج فحدث الناس
1)
في المصدر: فقال النبي صلى الله عليه وآله: مالك لعنك الله، تلعن عليا وتشتم اخى ؟
مالك لعنك الله تشتم اولادي الحسن والحسين ؟ ! ثم بصق النبي صلى الله عليه وآله
وملا وجهى وجسدى، فلما انتبهت من منامي وجدت موضع البصاق الذى اصابني قد مسخ كما
ترى وصرت آية للعالمين. 2) في المصدر: ثم قال: يا سليمان اسمعت من فضائل على عليه
السلام اعجب من هذين الحديثين ؟ يا سليمان حب على ايمان وبغضه نفاق، لا يحب عليا
الا مؤمن ولا يبغضه الا كافر.
[ 152 ]
بفضائل
على بن ابى طالب عليه السلام بكلما شئت ولا تكتمن منه حرفا والسلام (1) (2).
1)
في المصدر: فقلت: يا امير المؤمنين لى الامان ؟ فقال: لك الامان، فقلت: ما تقول
فيمن يقتل هؤلاء ؟ قال: في النار، لا اشك في ذلك، قلت: فما تقول فيمن قتل اولادهم
واولاد اولادهم ؟ قال: فنكس راسه ثم قال: يا سليمان الملك عقيم، ولكن حدث عن فضائل
على ما شئت والحسن والحسين ابناه سيدا شباب اهل الجنة من الاولين والآخرين وسماهما
الله تعالى في التوراة على لسان موسى شبرا وشبيرا لكرامتهما على الله عزوجل. 2)
مناقب الخوارزمي: 200 - 208 - وامالي الصدوق: 353 - وعنهما البحار 37 / 88 وعن
بشارة المصطفى: 170 وعن المناقب الفاخرة، ورواه الفتال في روضة الواعظين: 120.
[ 153 ]
1 - بالاسناد، عن
الامام ابى محمد العسكري عليه السلام، في تفسير قوله تعالى (اولئك الذين اشتروا
الضلالة بالهدى) الآية (1) قال: قال العالم عليه السلام: اولئك الذين اشتروا
الضلالة: باعوا دين الله واعتاضوا منه الكفر بالله " فما ربحت تجارتهم "
أي ما ربحوا في تجارتهم في الآخرة، لانهم اشتروا النار واصناف عقابها بالجنة كانت
معدة لهم لو آمنوا " وما كانوا مهتدون " إلى الحق والصواب، فلما انزل
الله عزوجل هذه الآية، حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوم، فقالوا: يا
رسول الله سبحان الرزاق ! الم تر فلانا، كان يسير البضاعة، خفيف ذات اليد، خرج مع
قوم يخدمهم في البحر، فرعوا له حق خدمته، وحملوه معهم إلى الصين، وعينوا يسيرا من
مالهم، قسطوه على انفسهم له، وجمعوه، فاشتروا له به بضاعة من هناك، فسلمت فربح
الواحدة عشرة، فهو اليوم من مياسير اهل المدينة ؟ وقال قوم آخرون بحضرة رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم: الم تر فلانا كان حسنة حاله، كثيرة امواله، جميلة
اسبابه، خيراته وافرة (2)، وشمله مجتمع (3)، ابى الا طلب الاموال الجمة، فحمله
الحرص على ان تهور، فركب
1)
البقرة: 16. 2) في البحار: وافرة خيراته. 3) في البحار: مجتمعا شمله.
[ 154 ]
البحر
في وقت هيجانه، والسفينة غير وثيقة، والملاحون غير فارهين، إلى ان توسط البحر، حتى
لعبت (1) سفينته ريح عاصف، فازعجتها إلى الشاطئ، وفتقتها في ليل مظلم وذهبت
امواله، وسلم بحشاشته فقيرا وقيرا ينظر إلى الدنيا حسرة ؟ ! فقال رسول الله صلى
الله عليه وآله: الا اخبركم باحسن من الاول حالا، وباسوا من الثاني حالا ؟ قالوا:
بلى يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اما احسن من الاول حالا
فرجل اعتقد صدقا بمحمد رسول الله وصدقا باعظام على اخى رسول الله ووليه. وثمرة
قلبه ومحض طاعته، فشكر له ربه، ونبيه، ووصى نبيه، فجمع الله له بذلك خير الدنيا
والآخرة، ورزقه لسانا لآلاء الله ذاكرا، وقلبا لنعمائه شاكرا، وباحكامه راضيا،
وعلى احتمال مكاره اعداء الله واعداء محمد وآله نفسه موطنا، لا جرم ان الله عزوجل
سماه عظيما في ملكوت ارضه وسمواته، وحباه برضوانه وكراماته، فكانت تجارة هذا اربح،
وغنيمته اكثر واعظم. واما اسوا حالا من الثاني فرجل اعطى اخا محمد رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم بيعته واظهر له موافقته، وموالاة اوليائه، ومعاداة اعدائه، ثم
نكث بعد ذلك وخالف ووالى عليه اعدائه، فختم له بسوء اعماله، فصار إلى عذاب لا يبيد
ولا ينفد، قد خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين. ثم قال رسول الله صلى
الله عليه وآله: معاشر عباد الله عليكم بخدمة من اكرمه الله بالارتضاء وحباه
بالاصطفاء، وجعله افضل اهل الارض والسماء بعد محمد سيد الامناء (2) على بن ابى
طالب عليه السلام وبموالاة اوليائه ومعاداة اعدائه، وقضاء حقوق اخوانكم الذين هم
في موالاته ومعاداة اعدائه شركائكم فان رعاية على صلوات الله عليه احسن من رعاية
هؤلاء التجار
1)
في البحار: فلعبت بسفينته. 2) في البحار: سيد الانبياء.
[ 155 ]
الخارجين
بصاحبكم الذى ذكرتموه إلى الصين عرضوه للغنى، واعانوه بالثراء. اما ان من شيعة على
عليه السلام لمن ياتي يوم القيامة وقد وضع الله (1) له في كفه سيئاته من الآثام ما
هو اعظم من الجبال الرواسى والبحار التيارة، يقول الخلايق: هلك هذا العبد، فلا
يشكون انه من الهالكين وفى عذاب الله من الخالدين. فيأتيه النداء من قبل الله
عزوجل: يا ايها العبد الخاطئ (2) هذه الذنوب الموبقات، فهل بازائها حسنات تكافئها
وتدخل جنة الله برحمته أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله ؟ فيقول العبد: لا ادرى،
فيقول منادى ربنا عزوجل: ان ربى تعالى يقول: ناد في عرصات القيامة الا انى فلان بن
فلان من اهل بلد كذا وكذا وقرية كذا وكذا قد رهنت بسياتى (3) كامثال الجبال
والبحار ولا حسنات بازائها (4) فاى اهل هذا المحشر كان لى عنده يد أو عارفة:
فليغثنى بمجازاتى عنها، فهذا اوان شدة حاجتى إليها. فينادى الرجل بذلك، فاول من
يجيبه على بن ابى طالب عليه السلام لبيك لبيك لبيك ايها الممتحن في محبتى المظلوم
بعداوتي. ثم ياتي هو ومن معه عدد كثير وجم غفير وان كانوا اقل عددا من خصمائه
الذين لهم قبله الظلامات فيقول ذلك العدد: يا امير المؤمنين نحن اخوانه المؤمنون
كان بنا بارا ولنا مكرما، وفى معاشرته ايانا مع كثرة احسانه الينا متواضعا، وقد
نزلنا له عن جميع طاعتنا (5) وبذلناها له. فيقول على عليه السلام: فبماذا تدخلون
جنة ربكم ؟ فيقولون: برحمته
1)
في البحار: وقد وضع له. 2) في البحار: الخاطئ الجاني. 3) في البحار: بسيات. 4) في
البحار: ولا حسنة لى بازائها. 5) في البحار: طاعاتنا.
[ 156 ]
الواسعة
التى لا يعدمها من والاك ووالى آلك يا اخا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فيأتي النداء من قبل الله عزوجل يا اخا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هؤلاء
اخوانه المؤمنون قد بذلوا له فانت ماذا تبذل له ؟ فانى انا الحكم، ما بينى وبينه
من الذنوب قد غفرتها له بموالاته اياك، وما بينه وبين عبادي من الظلامات فلا بد من
فصل الحكم بينه وبينهم (1). فيقول على عليه السلام: يا رب افعل ما تأمرني، فيقول
الله عزوجل: يا على اصمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله، فيضمن لهم على عليه
السلام ذلك، ويقول لهم: اقترحوا على ما شئتم اعطكموه (2) عوضا من ظلاماتكم قبله،
فيقولون: يا اخا رسول الله صلى الله عليه وآله تجعل لنا بازاء ظلاماتنا قبله ثواب
نفس من انفاسك ليلة بيتوتتك على فراش محمد صلى الله عليه وآله فيقول على عليه
السلام قد وهبت ذلك لكم. فيقول الله عزوجل: فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه
من على عليه السلام فداء لصاحبه من ظلاماتكم (3) ويظهر لكم (4) ثواب نفس واحد في
الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون ذلك ما يرضى الله عزوجل به خصمائه
المؤمنين (5). ثم يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا
خطر على قلب بشر. يقولون: يا ربنا هل بقى من جناتك (6) شئ إذا كان هذا كله لنا
فاين يحل ساير عبادك المؤمنين والانبياء والصديقين والشهداء والصالحين ؟ ويخيل
إليهم
1)
في البحار: فلا بد من فصلى بينه وبينهم. 2) في البحار: اعطكم. 3) الظلامة (بفتح
الظاء) ما احتمل الانسان من الظلم، وما اخذ منه ظلما. 4) في البحار: ويظهر لهم. 5)
في البحار: خصماء اولئك المؤمنين. 6) في البحار: من جنانك.
[ 157 ]
عند
ذلك ان الجنة باسرها قد خعلت لهم. فيأتي النداء من قبل الله عزوجل: يا عبادي هذا
ثواب نفس من انفاس على بن ابى طالب عليه السلام الذى اقرحتموه (1) عليه قد جعله
لكم فخذوه وانظروا فيصيرون هم وهذا المؤمن الذى عوضهم على عنه إلى تلك الجنان (6).
ثم يرون ماذا يضيفه الله عزوجل إلى ممالك على عليه السلام في الجنان ما هو اضعاف
ما بذله عن وليه الموالى له مما يشاء (3) من الاضعاف التى لا يعرفها غيره. ثم قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: (اذلك خير نزلا ام شجرة الزقوم) (4)، المعدة
لمخالفة (5) اخى ووصيي على بن ابى طالب عليه السلام (6). 2 - ورى عن جعفر بن محمد
عن ابيه عن على بن الحسين عليه السلام عن ابيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله لعلى بن ابى طالب عليه السلام: يا ابا الحسن لو وضع ايمان الخلائق واعمالهم
في كفة (7) ووضع عملك يوم احد في (8) كفة اخرى لرجح عملك على جميع (9) الخلايق،
والله تعالى باهى بك يوم احد ملائكته المقربين، ورفع الحجاب (10) من السماء،
1)
اقترحه عليه كذا: اشتهى ان يصنعه له 2) في البحار: عوضهم على عليه السلام في تلك
الجنان 3) في البحار: مما شاء. 4) الصافات: 62. 5) في البحار: المعدة لمخالفي. 6)
تفسير الامام العسكري عليه السلام: 125 ح 64 - وعنه البحار 8 / 59 ح 82 وج 68 /
106 ح 20 - والبرهان ج 1 / 64 ح 1، تأويل الآيات 1 / 90 ح 78. 7) في ينابيع المودة
في كفة ميزان. 8) في ينابيع المودة: على كفة اخرى. 9) في ينابيع المودة: على جميع
ما عمل الخلائق. 10) في ينابيع المودة: ورفع الحجب من السماوات السبع.
[ 158 ]
واشرقت
بك (1) الجنة وما فيها، وابتهج بفعلك العالمون (2)، وان الله تعالى يعوضك بذلك
اليوم ما يغبطك (3) به كل نبى ورسول وصديق وشهيد (4). 3 - وروى ذلك ايضا في الخندق
الذى فضل النبي صلى الله عليه وآله فيه ضربة امير المؤمنين عليه السلام على جميع
اعمال الثقلين إلى يوم القيامة (5). 4 - ابن شهر اشوب عن ابى يوسف يعقوب بن سفيان،
وابو عبيد القاسم بن سلام في تفسيرهما عن الاعمش، عن مسلم بن البطين، عن ابى جبير
عن ابن عباس في قوله تعالى: (لتركبن طبقا عن طبق) (6) أي لتقعدن ليلة المعراج من
سماء إلى سماء. ثم قال النبي صلى الله عليه وآله لما كانت ليلة المعراج كنت من ربى
كقاب قوسين أو ادنى فقال لى ربى: يا محمد السلام عليك منى، اقرا منى على بن ابى
طالب السلام وقل له فانى احبه واحب من يحبه يا محمد من حبى لعلى بن ابى طالب
اشتققت له اسما من اسمى فانا العلى العظيم وهو على، وانا المحمود وانت محمد، يا
محمد لو عبدنى عبد الف سنة الا خمسين عاما، قال ذلك اربع مرات: لقيني يوم القيامة
وله عندي حسنة واحدة من حسنات على بن ابى طالب عليه السلام قال الله تعالى (فما
لهم) يعنى المنافقين (لا يؤمنون) يعنى لا يصدقون بهذه الفضيلة لعلى بن ابى طالب
عليه السلام (7). 5 - على بن عيسى في " كشف الغمة " عن ربيعة السعدى (8)
قال اتيت
1)
في ينابيع المودة: اليك. 2) في ينابيع المودة: رب العالمين. 3) في ينابيع المودة:
ما يغبط كل نبى.. 4) ينابيع المودة للقندوزى الحنفي نقلا عن ابن المغازلى: 64 ط
اسلامبول. 5) شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد ج 4 / 462 - وعنه البحار ج 39 / 3.
6) الانشقاق: 19. 7) تفسير البرهان ج 4 / 444. 8) ربيعة السعدى: بن مالك بن ربيعة
شاعر فحل من مخضرمي الجاهلية والاسلام، عمر عمرا طويلا ومات في خلافة عمر أو
عثمان.
[ 159 ]
حذيفة
بن اليمان (1) فقلت له: يا ابا عبد الله انا لنتحدث (2) عن على عليه السلام
ومناقبه فيقول اهل البصرة (3): انكم لتفرطون في على (4) فهل انت محدثي بحديث (5)
فيه ؟ فقال حذيفة: يا ربيعة وما تسألني (6) عن على ؟ والذى نفسي (7) بيده لو وضع
جميع اعمال اصحاب (8) محمد صلى الله عليه وآله في كفة الميزان منذ بعث الله محمدا
صلى الله عليه وآله إلى يوم (9) القيامة، ووضع عمل (10) على عليه السلام في الكفة
الاخرى لرجح عمل على عليه السلام على جميع اعمالهم. فقال ربيعة: هذا الذى (11)
لايقام له ولا يقعد، فقال حذيفة: يا لكع وكيف لا يحمل ؟ واين كان أبو بكر وعمر
وحذيفة وجميع اصحاب محمد صلى الله عليه وآله يوم عمرو بن عبدود وقد دعا إلى
المبارزة فاحجم (12) الناس كلهم ما خلا عليا عليه السلام فانه برز إليه فقتله الله
على يده، والذى نفس حذيفة بيده لعمله ذلك اليوم اعظم اجرا من عمل (13) اصحاب محمد
صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة (14).
1)
حذيفة بن اليمان: أبو عبد الله الصحابي كان صاحب سر النبي صلى الله عليه وآله توفى
بالمدائن سنة (36). 2) في شرح النهج والبحار نقلا عنه: ان الناس يتحدثون عن على بن
ابى طالب ومناقبه. 3) في شرح النهج والبحار: فيقول لهم اهل البصيرة. 4) في شرح
النهج والبحار: انكم لتفرطون في تقريظ هذا الرجل. 5) في شرح النهج والبحار: فهل
انت محدثي بحديث عنه اذكره للناس ؟ 6) في شر ح النهج والبحار: وما الذى تسألني عن
على، وما الذى احدثك عنه ؟ ! 7) في شرح النهج والبحار: والذى نفس حذيفة بيده. 8)
في شرح النهج والبحار: لو وضع جميع اعمال امة محمد صلى الله عليه وآله. 9) في شرح
النهج والبحار: إلى يوم الناس هذا. 10) في شرح النهج والبحار: ووضع عمل واحد من
اعمال على عليه السلام. 11) في شرح النهج والبحار: هذا المدح الذى لا يقام له ولا
يعقد ولا يحمل، انى لاظنه اسرافا. 12) في شرح النهج والبحار: واين كان المسلمون
يوم الخندق وقد عبر إليهم عمرو واصحابه. 13) في شرح النهج والبحار: اعظم اجرا من
اعمال امة محمد صلى الله عليه وآله. 14) كشف الغمة ج 1 / 205 - ورواه في ارشاد
القلوب: 245 - واخرجه في البحار ج 39 / 3 عن = = شرح النهج لابن ابى الحديد ج 19 /
60.
[ 160 ]
6 - ومن طريق
المخالفين أو المؤيد الموفق بن احمد قال: اخبرنا الامام الحافظ أبو الفتح عبد
الواحد بن الحسن الباقرجى، اخبرنا أبو عبد الله محمد بن احمد الجوينى (1) قال:
قرات على ابى الحسن على بن احمد الواحدى، اخبرنا عبد الرحمن بن حمدان السعدى قال:
حدثنا لؤلؤ القصرى (2) اخبرنا أبو اسحق ابراهيم بن محمد بن خضر الصوفى، حدثنا أبو
عبد الله الحسين بن حسن بن شداد، اخبرنا محمد بن سنان الحنطى (3)، اخبرنا اسحاق بن
بشر القرشى، عن بهز بن حكيم، عن ابيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
انه قال يوم الخندق: لمبارزة على بن ابى طالب عليه السلام لعمرو بن عبدود افضل من
عمل امتى إلى يوم القيامة (4). 7 - قال الحسن بن ابى الحسن الديلمى: قال النبي صلى
الله عليه وآله وسلم: لمبارزة على عليه السلام لعمرو بن عبدود العامري كانت اثنتين
وسبعين مبارزة، فإذا فكر العاقل ان قسما واحدا من اصل اثنتين وسبعين قسما من اصل
خمسة اقسام، وهى العبادات الخمس من اصل قسمين. وفى العلم والعمل، لان العلم ايضا
عمل نفساني افضل من عمل الامة إلى يوم القيامة: عرف من ذلك انه مجهول القدر، فإذا
كان اعبد الناس كان افضلهم فتعين انه يكون هو الامام بعد النبي صلى الله عليه وآله
(5). 8 - ومن كتاب " فضائل الصحابة " لابي المظفر السمعاني، عن عطية، عن
ابى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان لعلى عليه السلام من
الثواب ما لو قسم على اهل الارض لوسعهم.
1)
في المصدر: محمد بن محمد الحونى. 2) في المصدر: لؤلؤ القيصري. 3) في المصدر: محمد
بن سنان الخطلى. 4) مناقب الخوارزمي: 58 - واخرجه في البحار ج 39 / 1 عن الطرائف:
60 ح 58 - وفى ج 41 / 96 عن كشف الغمة ج 1 / 150 نقلا عن مناقب الخوارزمي - وفى ج
41 / 91 عن مناقب ابن شهر اشوب ج 3 / 138 عنه وعن الواقدي - ورواه الديلمى في
" الارشاد ": 245. 5) ارشاد القلوب: 219. (*)
[ 161 ]
البرسى روى ان في يوم خيبر لما جائت صفية إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله وكانت من احسن الناس وجها، فراى في وجهها شجة، فقال: ما
هذه وانت ابنة الملوك ؟ فقالت: ان عليا عليه السلام لما قدم (1) الحصن هز الباب
فاهتز الحصن، وسقط من كان عليه من النظارة (2) وارتجف بى السرير، فسقطت لوجهي
فشجنى جانب السرير، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: يا صفية ان عليا عليه
السلام عظيم عند الله، وانه لما هز الباب اهتز الحصن، فاهتزت السموات السبع
والارضون السبع، واهتز عرش الرحمن عضبا لعلى عليه السلام. وفى ذلك اليوم لما ساله
عمر فقال: يا ابا الحسن لقد اقتلعت منيعا (3) وانت ثلاثة ايام خميصا، فهل قلعتها
بقوة بشرية ؟ فقال عليه السلام: ما قلعتها بقوة بشرية، ولكن قلعتها بقوة الهية
ونفس بقضاء (4) ربها مطمئنة مرضية. وفى ذلك اليوم لما شطر مرحب شطرين، والقاه
مجدلا جاء جبرئيل من السماء
1)
في البحار: لما قدم إلى الحصن. 2) النظارة: القوم الذين يقعدون في مرتفع الارض
ينظرون القتال. 3) المنيع: الحصن الذى يتعذر الوصول إليه. 4) في البحار: ونفس
بلقاء ربها مطمئنة رضية.
[ 162 ]
متعجبا،
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: مم تتعجب ؟ فقال: ان الملائكة تنادى في مواضع
(1) جوامع السموات: لا فتى الا على لا سيف الا ذو الفقار واما اعجابي فانى لما
امرني (2) ربى ان ادمر قوم لوط حملت مدائنهم، وهى سبع مدائن، من الارض السابعة
السفلى إلى الارض السابعة العليا على ريشة من جناحى، ورفعتها حتى سمع حملة العرش
صياح ديكتهم، وبكاء اطفالهم ووقفت بها إلى الصبح انتظر الامر ولم انتقل بها،
واليوم لما ضرب على عليه السلام ضربته الهاشمية، وكبر امرت ان اقبض فاضل سيفه، حتى
لا يشق الارض، ويصلى إلى الثور الحامل لها فيشطره شطرين فتنقلب الارض باهلها، فكان
فاضل سيفه على اثقل من مداين لوط، هذا واسرافيل، وميكائيل قد قبضا عضده في الهواء
(3). 2 - تفسير ابى محمد العسكري عليه السلام عن ابيه على بن محمد عليهما السلام
قال: ان رجلا من ثقيف كان اطب الناس يقال له: الحارث بن كلدة الثقفى، جاء إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد جئت اداويك من جنونك، فقد داويت محانين
كثيرة فشفوا على يدى. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا حارث انت تفعل افعال
المجانين وتنسبني إلى الجنون ؟ ! فقال الحارث: وماذا فعلته من افعال المجانين ؟
قال صلى الله عليه وآله: نسبتك اياى إلى الجنون من غير محنة (4) منك ولا تجربة ولا
نظر في صدقي أو كذبى، فقال الحارث: أو ليس قد عرفت كذبك وجنونك بدعواك النبوة التى
لا تقدر لها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
1)
في البحار: تنادى في صوامع جوامع السماوات. 2) في البحار: فانى لما امرت ان ادمر.
3) مشارق الانوار: 110 - وعنه البحار ج 21 / 40 ح 37. 4) المحنة: الاختبار
والامتحان.
[ 163 ]
وقولك:
لا تقدر لها فعل (1) المجانين. فقال الحارث: صدقت انا امتحن امرك بآية اطالبك بها:
ان كنت نبيا فادع تلك الشجرة (2) العظيمة البعيدة عنقها (3)، فان اتتك علمت انك
رسول الله صلى الله عليه وآله وشهدت لك بذلك، والا فانت ذلك المجنون الذى قيل لى.
فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله يديه (4) إلى تلك الشجرة واشار إليها ان تعالى،
فانقلعت الشجرة باصولها وعروقها، وجعلت تخد في الارض اخدودا (5) عظيما كانهر حتى
دنت من رسول الله صلى الله عليه وآله ووقفت بين يديه، ونادت بصوت فصيح: ها انا ذا
يارسول الله ما تأمرني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لها: دعوتك لتشهدي لى
بالنبوة بعد شهادتك لله بالتوحيد. ثم تشهدي بعد ذلك لعلى عليه السلام هذا بالامامة
وانه سندى وظهري وعضدى وفخري ولولاه ما خلق الله شيئا مما خلق. فنادت اشهد ان لا
اله الا الله وحده لا شريك له، واشهد انك (6) عبده ورسوله، ارسلك بالحق بشيرا
ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا، واشهد ان عليا ابن عمك، وهو اخوك في
دينك، اوفر خلق الله من الدين حظا واجزلهم من الاسلام نصيبا، وانه سندك، وظهرك،
قامع اعدائك، ناصر اوليائك، باب علومك، وامينك (7) واشهد ان اوليائك الذين
يوالونه،
1)
في المصدر: افعال المجانين - وفى البحار: فعل المجانين، لانك لم تقل: لم قلت كذا ؟
ولا طالبتني بحجة فعجزت عنها. 2) في البحار: فاع تلك الشجرة - يشير بشجرة عظيمة
بعيدة عمقها. 3) العنق من النبات: ما بين الساق والجذر. 4) في البحار: يده. 5) خد
الارض: شقها، والاخدود: الحفرة المستطيلة. 6) في البحار: واشهد انك يا محمد عبده
ورسوله. 7) في البحار: في امتك.
[ 164 ]
ويعادون
اعدائه حشو الجنة، وان اعداءك الذين يوالون اعداءه، ويعادون اوليائه حشو النار.
فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الحارث بن كلدة وقال: يا حارث أو مجنون (1)
من هذا حاله وآياته ؟ ! فقال الحارث بن كلدة: لا والله يا رسول الله، ولا كنى اشهد
انك رسول رب العالمين، وسيد الخلق اجمعين، وحسن اسلامه (2). 3 - قال على بن الحسين
عليه السلام: ولامير المؤمنين عليه السلام نظيرها: كان عليه السلام قاعدا ذات يوم
فاقبل إليه رجل من اليونانيين المدعين للفلسفة والطب، فقال له: يا ابا الحسن بلغني
خبر صاحبك وان به جنونا فجئت لاعالجه ؟ فلحقته قد مضى لسبيله، وفاتني ما اردت من
ذلك. وقد قيل لى انك ابن عمه وصهره، وارى اصفرارا (3) قد علاك، وساقين دقيقين ما
اراهما يقلانك (4)، فاما الصفار فعندي دواؤه، واما الساقان الدقيقان فلا حيلة لى
لتغليظهما، والوجه ان ترفق بهما وبنفسك في المشى تقلله ولا تكثره، وفيما تحمله على
ظهرك وتحضنه (5) بصدرك ان تقللهما ولا تكثرهما، فان ساقيك دقيقان لا يؤمن عند حمل
الثقيل انقصافهما (6). واما الصفار فدواؤك عندي، وهو هذا، واخرج دوء، واخرج دواء،
وقال: هذا لا يؤذيك ولا يخيسك (7) ولكنه يلزمك حمية من اللحم اربعين صباحا، ثم
يزيل صفارك.
1)
في البحار: أو مجنونا يعد من هذه آياته. 2) تفسير الامام عليه السلام: 168 ح 83 -
وعنه البحار ج 17 / 316. 3) في البحار: ارى بك صفارا. 4) قل الشئ: حمله. 5) تحضنه:
تضمه إلى صدرك. 6) الانقصاف: الانكسار. 7) ولا يخيسك: ولا يحبسك.
[ 165 ]
فقال
على بن ابى طالب عليه السلام: قد ذكرت نفع هذا الدواء لصفارى فهل تعرف شيئا يزيد
منه صفارى (1) فقال الرجل: بلى حبة من هذا، واشار إلى دواء معه، وقال: ان تناوله
الانسان وبه صفار اماته من ساعته، وان كان لا صفار فيه صار به صفرة (2) حتى يموت
في يومه. فقال على بن ابى طالب عليه السلام: فارنى هذا الضار، فاعطاه اياه، فقال
له: كم قدر هذا ؟ فقال: قدر مثقالين سم ناقع، قدر حبة منه يقتل رجلا، فتناوله عليه
السلام فقمحه وعرق عرقا خفيفا، وجعل الرجل يرتعد ويقول في نفسه: الآن اوخذ بابن
ابى طالب عليه السلام ويقال: قتله ولا يقبل منى قولى: انه هو الجاني على نفسه.
فتبسم على بن ابى طالب عليه السلام وقال: يا عبد الله اصح ما كنت بدنا الآن، لم
يضرنى ما رعمت انه صم، فغمض عينيك فغمض، ثم قال: افتح عينيك، ففتح ونظر إلى وجه
على عليه السلام فإذا هو ابيض احمر مشرب بحمرة فارتعد الرجل مما رآه، وتبسم على
عليه السلام وقال: اين الصفار الذى زعمت انه بى ؟ فقال: والله كانك لست من رايت،
قبل كنت مصفارا فانت الآن مورد، قال على عليه السلام. فزال عنى الصفار بسمك الذى
تزعمه انه قاتلي. واما ساقاى هاتان، ومد رجليه وكشف عن ساقيه، فانك زعمت انى احتاج
ان ارفق ببدني في حمل ما احمل عليه لئلا ينقصف الساقان، وانا ادلك على ان طب الله
عزوجل خلاف طبك، وضرب بيده إلى استوانة خشب عظيمة على راسها سطح مجلسه الذى هو
فيه، وفوقه حجرتان احدهما فوق الاخرى، وحركها واحتملها فارتفع السطح والحيطان
وفوقهما الغرفتان، فغشى على اليونانى، فقال على عليه السلام: صبوا عليه الماء
فافاق، وهو يقول: والله ما رايت كاليوم عجبا، فقال له على عليه السلام: هذه قوة
الساقين الدقيقين
1)
في البحار: فهل عرفت شيئا يزيد فيه ويضره. 2) في البحار: صار به صفار.
[ 166 ]
واحتمالها
في ظنك هذا يا يونانى. فقال اليونانى: امثلك كان محمد صلى الله عليه وآله ؟ فقال
على عليه السلام: وهل علمي الا من علمه ؟ وعقلي الا من عقله ؟ وقوتى الا من قوته ؟
لقد اتاه ثقفي (1). وساق الحديث بطوله معجزة لامير المؤمنين عليه السلام، والحديث
بتمامه مذكور في كتاب " مدينة المعاجز ".
1)
تفسير الامام عليه السلام: 170 ح 84 - وعنه البحار ج 10 / 70 ح 1 وج 42 / 45 ح 18
- وعن الاحتجاج ج 1 / 235 - وذكر المؤلف الحديث في مدينة المعاجز: 58.
[ 167 ]
1 - الشيخ البرسى في كتابه قال: روى صاحب
كتاب " المقامات " مرفوعا إلى ابن عباس، قال: رايت عليا يوما في سلك
يسلك طريقا لم يكن له منفذ، فجئت فاعلمت رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: ان
عليا عليه السلام علم الهدى، والهدى طريقة، قال: فمضى على ذلك ثلاثة ايام، فلما
كان في اليوم الرابع امرنا ان ننطلق في طلبه. قال ابن عباس: فذهبت في الدرب الذى
رايته فيه، وإذا بياض درعه في ضوء الشمس، قال: فاتيت فاعلمت رسول الله صلى الله
عليه وآله بقدومه، فقام إليه، فلاقاه واعتنقه وحل عنه الدرع بيده، وجعل يتفقد
جسده. فقال عمر: كانك يا رسول الله تتوهم انه كان في الحرب، فقال له النبي صلى
الله عليه وآله: يا عمر بن الخطاب والله لقد ولى اربعين الف ملك، وقتل اربعين الف
عفريت واسلم على يده اربعون الف عفريت واسلم على يده اربعون الف قبيلة من الجن، وان
الشجاعة عشرة اجزاء، تسعة منها في على عليه السلام، وواحد منها في سائر الناس.
والفضل والشرف عشرة اجزاء، تسعة منها في على عليه السلام، وواحد في سائر الناس،
وان عليا منى بمنزلة الذراع من اليد، وزرى في قميصي،
[ 168 ]
ويدى
التى اصول بها، وسيفي الذى اجالد به الاعداء، وان المحب له مؤمن، والمخالف له
كافر، والمقتفى لاثره لاحق (1). 2 - كتاب " المناقب الفاخرة في العترة
الطاهرة " عن جرير بن عبد الله (2)، وقال: صليت مع عمر في مسجد رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم، فلما فرغنا اخذ بيدى نحو منزلة لامر اراده، فاجتزنا بعلى
عليه السلام وهو ببابه، وبين يديه بعيران مناخان ومعه مولى له يقال له نباح، متاهب
للسفر، وامير المؤمنين عليه السلام يقول له: نباح سر على بركات الله وحسن توفيقه،
زودك الله التقوى، ورزقك الله خير الآخرة والدنيا، بعيران هذان اوصيك فيهما خيرا
توخ بهما السهول، وتنكب بهما الحزون، واسقهما الماء عند الماء، وانزل عنهما عند
الغايات، ولا تتخذ ظهور هما مجلسا ولا متحدثا، ولا تضر بهما وانت تجد السبيل إلى
التراضي عنهما. قال جرير: فالتفت إلى عمر وقلت: تسمع وصية على عليه السلام لعبده،
وحسن سيرته مع الخلق ؟ فقال لى: ويحك يا جرير اوليس هذا على بن ابى طالب عليه
السلام معدن الحكم، ومقر الكرم، ومجمع الايمان ؟ اما والله لولا حداثة سنه وخصال
اورثته عجبا ما كان للخلافة غيره. فقلت: يا عمر اما الحداثة فقد عرفتها، واما
الخصال التى اجتمعن فيه واورثته عجبا فلست اعرفها، فقال: شجاعة لا ترام، وقوة لا
يدخل عليها النقص، وسيف في الاسلام، وجود موصوف، وعقل ارزن من الجبال، وراى اعلى
من الافق، وقلب اثبت من احد، وانه زوج سيدة نساء العالمين، وابو سيدي شباب اهل
الجنة. ويكفيك من هذه الخصال واحدة في الفخر. قال جرير: فاجزت منصرفي، واتيت إلى
امير المؤمنين عليه السلام فاخبرته بما جرى قال: يا جرير فهلا قلت له: اكان على
حين قدمه رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر، ويوم بدر، ويوم حنين، ويوم الخندق
اصغر سنا أو
1)
مشارق الانوار: 220. 2) جرير بن عبد الله: ين جابر بن مالك الصحابي المتوفى سنة
(51).
[ 169 ]
اليوم
؟ قال جرير: ما كنت آمن ان يعلونى بالدرة (1) 3 - ابن الفارسى في " روضة
الواعظين " روى ان امير المؤمنين عليه السلام قال في رسالته إلى سهل بن حنيف
(2): والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدية ولا حركة عذائية، ولكني ايدت بقوة
ملكوتية، ونفس بنور ربها مضيئة، وانا من احمد كالضوء من الضوء، والله لو تظاهرت
العرب على قتالي لما وليت، ولو امكنني الفرصة من رقابها لما بقيت، ومن لم يبال متى
حتفه عليه ساقط، فجنانه في الملمات رابط. ورواه على بن عيسى في " كشف الغمة
" (3). 4 - وابن شهر اشوب في " الفضائل " قال فيما كتب عليه السلام
إلى عثمان بن حنيف (4) لو تظاهرت العرب على لما وليت عنها، ولو امكنت الفرصة
لسارعت إليها (5). 5 - جابر بن عبد الله ان عليا عليه السلام حمل الباب يوم خيبر
حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها (6). 7 - ابن جرير الطبري (7) صاحب " المسترضد
" انه عليه السلام حمل باب خيبر بشماله - وهو اربعة اذرع في خمسة اشبار عمقا
حجرا صلدا - دون يمينه، فاثر فيه اصابعه وحمله بغير مقبض، يتترس به فضارب الاقران
بسيفه (8) حتى
1)
المناقب الفاخرة. 2) سهل بن حنيف: بن وهب الصحابي الانصاري المتوفى سنة (38). 3)
روضة الواعظين: 137. 4) عثمان بن حنيف: بن وهب الانصاري المتوفى بعد سنة (41). 5)
المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 84 - وعنه البحار ج 41 / 68. 6) المناقب لابن شهر
اشوب ج 2 / 294 عن الارشاد: 67 بايجاز - وعنه البحار ج 41 / 280. 7) الطبري: محمد
بن جرير بن رستم بن جرير كان معاصرا للكليني وهو غير الطبري المؤرخ المشهور
المتوفى سنة (310) ه وغير صاحب دلائل الامامة الذى كان متاخرا عن صاحب المسترشد
بمائة سنة تقريبا. 8) في المصدر والبحار: فضارب الاقران حتى هجم عليهم.
[ 170 ]
هجم
عليهم، ثم زجه (1) من ورائه اربعين ذراعا. وفى رواية (2) انه كان طول الباب خمسة
(3) عشر ذراعا، وعرض الخندق عشرون ذراعا، فوضع جانبا على طرف الخندق، وضبط بيده
جانبا حتى عبر عليه العسكر، وكانوا ثمانية الف وسبعمائة رجل، وفيهم من كان يتردد
ويجف (4) عليه. أبو عبد الله الجدى (5) قال له عمر: لقد حملت منه ثقلا، فقال: ما
كان الا مثل جنتي (6) التى في يدى (7).
1)
زجه: رماه. 2) في المصدر: وفى " رامش اقراني " - وفى البحار: وفى "
رامش افزاى " وعلى أي تقدير هو اسم كتاب. 3) في المصدر والبحار: ثمانية. 4)
في المصدر: ويخف عليه - وفى البحار: يبرد ويخف عليه. 5) في المصدر والبحار: أبو
عبد الله الجذلى. 6) الجنة (بضم الجيم وفتح النون المشددة): الترس يستر حامله. 7)
المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 294 - وعنه البحار ج 41 / 280.
[ 171 ]
1 - الشيخ في " مجالسه " قال: اخبرنا
الحسين بن ابراهيم القزويني، قال: اخبرنا محمد بن وهبان (1) عن محمد بن احمد بن
زكريا، عن الحسن بن على بن فضال (2)، عن على بن عقبة، عن سعيد بن عمرو الجعفي، عن
محمد بن مسلم، قال: دخلت على ابى جعفر عليه السلام ذات يوم، وهو ياكل متكئا، وقد
كان يبلغنا ان ذلك يكره، فجعلت انظر إليه، فدعاني إلى طعامه، فلما فرغ قال: يا محمد
لعلك ترى ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم راته عين وهو ياكل متكئا منذ بعثه
الله إلى ان قبضه. ثم رد على نفسه قال: لا والله ما راته عين وهو ياكل متكئا منذ
بعثه الله إلى ان قبضه (3). ثم قال: يا محمد لعلك ترى انه شبع من خبز بر (4) لا
والله، ما شبع من خبز بر ثلاثة ايام متوالية إلى ان قبضه الله، اما انى لا اقول:
انه لم يجد، لقد
1)
في المصدر: محمد بن رجعان. وعلى أي تقدير ما وجدت له ترجمة. 2) الحسن بن على بن
فضال الكوفى. كان فطحيا قائلا بامامة عبد الله بن جعفر ثم رجع وقال بامامة ابى
الحسن عليه السلام، توفى سنة (224) ه. 3) هذه الجملة من اولها إلى آخرها مفقودة في
المصدر. 4) في المصدر: ثم قال: لا والله ما شبع من خبز البر ثلاثة ايام متوالية
إلى ان قبضه الله.
[ 172 ]
كان
يجيز الرجل الواحد بالمائة من الابل، ولو اراد ان ياكل لاكل. ولقد اتاه جبرئيل
عليه السلام بمفاتيح خزائن الارض ثلاث مرات (1) فخيره من غيره ان ينقصه الله مما
اعد له يوم القيامة شيئا، فيختار التواضع لربه، وما سئل شيئا قط فقال (2): لا، ان
كان اعطى، وان لم يكن قال: يكون ان شاء الله، وما اعطى على الله شيئا قط الا سلم
الله له ذلك (3)، حتى ان كان ليعطى الرجل الجنة فيسلم الله ذلك له. ثم تناولنى
بيده فقال: وان كان صاحبكم (4) عليه السلام ليجلس جلسة العبد، وياكل اكلة العبد،
ويطعم الناس الخبز (5) واللحم، ويرجع إلى رحله (6) فيأكل الخل والزيت. وان كان
ليشترى القميصين السنبلانيين (7) ثم يخبر غلامه خيرهما، ثم يلبس الآخر، فإذا جاز
اصابعه قطعه، وان جاز كعبه حذفه، وما ورد عليه امران قط كلاهما لله رضا الا اخذ
باشدهما على بدنه. ولقد ولى الناس خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة ولا لبنة على
لبنة، ولا اقطع قطيعة، ولا اورث بيضاء ولا حمراء الا سبعمائة درهم فضلت من عطائه،
اراد ان يبتاع بها لاهله خادما، وما اطاق عمله منا احد، وان كان على بن الحسين
عليهما السلام لينظر في كتاب من كتب على عليه السلام، فيضرب به الارض ويقول: من
يطيق هذا ؟ (8).
1)
في المصدر: ثلاث مرار. 2) في روضة الكافي والبحار نقلا عنه: فيقول: لا. 3) في روضة
الكافي والبحار نقلا عنه: الا سلم ذلك إليه. 4) المراد به امير المؤمنين عليه
السلام، ولفظة " ان " مخففة. 5) في الروضة والبحار: ويطعم الناس خبز
البر واللحم. 6) في الروضة والبحار: ويرجع إلى اهله. 7) القميص السنبلانى: قميص
سابغ الطول، أو منسوب إلى بلد بالروم. 8) امالي الطوسى ج 2 / 303 تقدم الحديث مع
تخريجاته في ج 1 / 218 ح 3.
[ 173 ]
2 - ابن بابويه
" في اماليه " قال: حدثنى ابى رحمه الله قال: حدثنا على بن ابراهيم بن
هاشم، عن ابيه، عن عبد الرحمن بن ابى نجران (1)، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس،
عن ابى جعفر الباقر عليه السلام انه قال: والله ان كان (2) على عليه السلام ليأكل
اكل العبد، ويجلس جلسة العبد، وان كان ليشترى القميصين السنبلانيين فيخير غلامه
خيرهما، ثم يلبس الآخر فإذا جاز اصابعه قطعه، وإذا جاز كعبه حذفه. ولقد ولى خمس
سنين ما وضع آجرة على آجرة ولا لبنة على لبنة، ولا اقطع قطيعة (3)، ولا اورث بيضاء
ولا حمراء، وانه ليطعم الناس من (4) خبز البر واللحم، وينصرف إلى منزله وياكل خبز
الشعير والزيت والخل. وما ورد عليه امران كلاهما لله رضى الا اخذ باشدهما على
بدنه، ولقد اعتق الف مملوك من كد يده، تربت فيه يداه وعرق فيه وجهه، وما اطاق عمله
احد من الناس وان (5) كان ليصلى في اليوم والليلة الف ركعة، وان كان اقرب الناس
شبها به على بن الحسين عليه السلام وما اطاق عمله احد من الناس بعده (6). 3 -
الشيخ في " التهذيب " على بن (7) حاتم، عن محمد بن جعفر المؤدب (8) قال:
حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين، عن
1)
عبد الرحمن بن ابى نجران: أبو الفضل الكوفى. روى عن الامام الرضا عليه السلام وكان
ثقة ثقة معتمدا، وروى ابوه نجران عمرو بن مسلم عن ابى عبد الله الصادق عليه السلام
- جامع الرواة ج 1 / 444. 2) في بعض نسخ المصدر: والله كان على عليه السلام ياكل.
3) في المصدر والبحار: ولا اقطع قطيعا. وهو الصواب لان القطيع قطعة من الارض تقطع
وتجعل غلتها رزقا للجند. وهى المناسبة مع الاقطاع. 4) في المصدر والبحار: وانه
ليطعم الناس خبز البر واللحم. 5) في بعض نسخ المصدر: وانه. 6) امالي الصدوق: 232 ح
14 - وعنه البحار ج 41 / 102 ح 1 وفى الوسائل ج 1 / 66 ح 12 عنه وعن مجمع البيان ج
9 / 88 نحوه، واخرجه في البحار ج 66 / 320 عن مجمع البيان، ورواه الفتال في روضة
الواعظين: 116. 7) على بن حاتم: بن ابى حاتم القزويني وثقه النجاشي وكان حيا في
سنة (350) ه. 8) محمد بن جعفر بن احمد بن بطة المؤدب أبو جعفر القمى ترجمه في جامع
الرواة ج 2 / 83.
[ 174 ]
النضر
بن شعيب، عن جميع بن صالح، عن ابى عبد الله عليه السلام قال: ان استطعت ان تصلى في
شهر رمضان وغيره، في اليوم والليلة الف ركعة فافعل، فان عليا عليه السلام كان يصلى
في اليوم والليلة الف ركعة (1). 4 - وعنه باسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم عن
على بن ابى حمزة، قال: دخلنا على ابى عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير: ما
تقول في الصلاة في شهر رمضان ؟ فقال له: ان لرمضان حرمة وحقا لا يشبهه شئ من
الشهور، صل ما استطعت في شهر رمضان تطوعا بالليل والنهار، فان استطعت ان تصلى في
كل يوم وليلة الف ركعة فصل، فان عليا عليه السلام كان في آخر عمره يصلى في كل يوم
وليلة الف ركعة فصل يا ابا محمد زيادة في رمضان. فقال: كم جعلت فداك ؟ قال في
عشرين ليلة تمضى في كل ليلة عشرين ركعة، ثمانى ركعات قبل العتمة، واثنتي عشرة
بعدها، سوى ما كنت تصلى قبل ذلك، وإذا دخل العشر الاواخر فصل ثلاثين ركعة، في كل
ليلة، ثمانى ركعات قبل العتمة، واثنين وعشرين ركعة بعد العتمة، سوى ما كنت تفعل
قبل ذلك (2). ورواه محمد بن يعقوب، عن عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمد، عن الحسين
بن سعيد، عن القاسم ين محمد، عن على بن ابى حمزة، عن ابى بصير، قال: دخلنا على ابى
عبد الله عليه السلام وساق الحديث إلى آخره. 5 - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى،
عن احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطى
(3) قال: سالت ابا عبد الله عن قول الله عزوجل: (وإذا مس الانسان ضر دعا ربه
1)
التهذيب ج 3 / 61 ح 209 - والاستبصار ج 1 / 461 ح 7 وعنهما الوسائل ج 3 / 72 ح 2 -
وج 5 / 176 ح 1. 2) التهذيب ج 3 / 63 ح 215 - الاستبصار ج 1 / 463 ح 11 - والكافي
ج 4 / 154 ح 1 - وصدره في الوسائل ج 5 / 177 ح 2 - وذيله في ص 181 ح 4 وفى البحار
ج 41 / 23 ح 16. 3) عمار الساباطى: بن موسى أبو اليقظان الكوفى من اصحاب الصادق
عليه السلام.
[ 175 ]
منيبا
إليه) (1) قال: نزلت في ابى الفصيل انه كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
عنده ساحرا وكان إذا مسه الضر يعنى السقم دعا ربه منيبا إليه (2) من قوله في رسوله
الله صلى الله عليه وآله ما يقول. (ثم إذا خوله نعمة) (يعنى العافية) نسى ما كان
يدعو إليه من قبل) يعنى نسى التوبد إلى الله عزوجل مما كان يقول في رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: انه ساحر، ولذلك قال الله عزوجل: (قل تمتع بكفرك قليلا انك
من اصحاب النار) (3) يعنى امرتك على الناس بغير حق من الله عزوجل ومن رسوله صلى
الله عليه وآله. قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: ثم عطف القول من الله
عزوجل في على عليه السلام يخبر بحاله وفضله عند الله تارك وتعالى (امن هو قانت آناء
اليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوى الذين يعلمون) (ان محمد
رسول الله) (والذين لا يعلمون) ان محمدا رسول الله، بل يقولون: انه ساحر كذاب
(انما يتذكر اولوا الالباب) (4) قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: في هذا
تأويله يا عمار (5). 6 - وعنه عن على بن ابراهيم، عن ابيه، ومحمد بن اسماعيل، عن
الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن ابى عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، وحفص بن
البخترى، وسلمة بياع السابرى، عن ابى عبد الله عليه السلام قال: كان على بن الحسين
عليه السلام إذا اخذ كتاب على عليه السلام فنظر فيه قال: من يطيق هذا من يطيق ذا ؟
قال: ثم يعمل به، وكان إذا قام إلى الصلاة تعير لونه حتى يعرف ذلك في وجهه، وما
اطاق احد عمل على
1)
الزمر: 8. 2) في المصدر: منيبا إليه يعنى تائبا إليه. 3) الزمر: 8. 4) الزمر: 9.
5) الكافي ج 8 / 204 ح 246 - وعنه تأويل الآيات ج 2 / 511 - والبحار ج 35 / 375 ح
2 والبرهان ج 4 / 69 ح 1.
[ 176 ]
عليه
السلام من بعده الا على بن الحسين عليهما السلام (1). 7 - وعنه، عن محمد بن يحيى،
عن احمد بن محمد، عن على بن النعمان، عن ابى مسكان، عن الحسن (2) الصيقل، قال:
سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: ان ولى على عليه السلام لا ياكل الا الحلال
(3)، لان صاحبه كان كذلك، وان ولى عثمان لا يبالى احلالا اكل أو حراما لان صاحبه
كذلك. ثم عاد إلى ذكر على عليه السلام فقال: اما والذى ذهب بنفسه ما اكل من الدنيا
حراما قليلا ولا كثيرا حتى فارقها، ولا عرض له امران كلاهما لله طاعة الا اخذ
باشدهما على بدنه، ولا نزلت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شديدة قط الا وجهه
فيها ثقة به، ولا اطاق احد من هذه الامة عمل رسول الله صلى الله عليه وآله بعده
غيره، ولقد كان يعمل عمل رجل كانه ينظر إلى الجنة والنار. ولقد اعتق الف مملوك من
صلب ماله، كل ذلك تحفى (4) فيه يداه وتعرق فيه جبينه التماس وجه الله عزوجل
والخلاص من النار، وما كان قوته الا الخل والزيت وحلواه التمر إذا وجده، وملبوسه
الكرابيس، فإذا فضل من ثيابه شئ دعا بالجلم (5) فجزه (6). 8 - وعنه، عن محمد بن
يحيى، عن احمد بن محمد، عن على بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن ابى عبد الله عليه
السلام قال: ما اكل
1)
الكافي ج 1 / 163 ح 172 - وعنه الوسائل ج 1 / 63 ح 3. 2) الحسن الصيقل: بن زياد
أبو محمد الكوفى من اصحاب الامامين الباقر والصادق عليهما السلام. 3) يفهم منه ان
من ياكل الحرام فهو ليس من اوليائه وشيعته عليه السلام كما نبه عليه العلامة
المجلسي قدس سره في " المرآة ". 4) تحفى في الشئ اجتهد، والحفاء: رقة
القدم من المشى. 5) الجلم: المقراض. 6) الكافي ح 8 / 163 ح 173 - وعنه البحار ج 41
/ 129 ح 40.
[ 177 ]
رسول
الله صلى الله عليه وآله متكئا منذ بعثه الله عزوجل إلى ان قبضه تواضعا لله عزوجل،
وما راى ركبتيه (1) امام جليسه في مجلس قط ولا صافح رسول الله صلى الله عليه وآله
رجلا قط فنزع يده من يده، حتى يكون الرجل هو الذى ينزع يده، ولا كافا رسول الله
صلى الله عليه وآله بسيئة قط قال الله (ادفع بالتى هي احسن السيئة) (2) وما منع
سائلا قط، ان كان عنده اعطى والا قال: ياتي الله به، ولا اعطى على الله عزوجل شيئا
قط الا اجازه الله، انه (3) كان ليعطى الجنة فيجيز الله عزوجل له ذلك وكان اخوه
(4) من بعده والذى ذهب بنفسه ما اكل من الدنيا حراما قط حتى خرج منها، والله انه
(5) كان ليعرض له امران كان كلاهما لله طاعة، فيأخذ باشدهما على بدنه، والله لقد
اعتق الف مملوك لوجه الله دبرت (6) فيهم يداه، والله ما اطاق عمل رسول الله صلى
الله عليه وآله من بعده احد غيره، والله ما نزلت برسول الله صلى الله عليه وآله
نازلة قط الا قدمه فيها ثقة منه به، وانه كان رسول الله ليبعثه برايته، فيقاتل
جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، ثم ما يرجع حتى يفتح الله عزوجل له (7). 9 -
قال الحسن بن ابى الحسن الديلمى (8): اعلم انه إذا نظرت إلى
1)
في هامش البحار: أي ان احتاج إلى كشف ركبتيه ليراه لم يفعل ذلك عند جليسه حياء
منه. وفى بعض النسخ: (ارى ركبتيه) أي لم يكشفها عند جليس، وعلى النسختين يحتمل ان
يكون المراد لم يكن يتقدمهم في الجلوس بان تسبق ركبتاه إلى ركبهم - مرآة العقول -.
2) المؤمنون: 96. 3) في المصدر: ان. 4) المراد به امير المؤمنين عليه السلام. 5)
في المصدر: ان. 6) دبرت يداه (بكسر الباء الموحدة في الماضي): اصابتهما الدبرة
(بفتح الدال والباء والراء) وهى القرحة. 7) الكافي ج 8 / 164 ح 175 تقدم الحديث
وله تخريجات ذكرناها هناك. 8) الديلمى: أبو الحسن بن ابى الحسن المعاصر لفخر
المحققين بن العلامة الحلى الذى توفى سنة (771) ه.
[ 178 ]
العبادة
وجدته اعبد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، منه تعلم الناس صلاة الليل
والتهجد والادعية المأثورة، ولقد كان يفرش له في الصفين بين الصفين، والسهام
تتساقط حوله، ولا يلتفت عن ربه، ولا يغير عادته ولا يفتر عن عبادته (1). 10 - ابن
شهر اشوب جاء انه لم يقد ر احد يحكى صلاة رسول الله الا على عليه السلام ولا صلاة
على عليه السلام الا على بن الحسين عليهما السلام (2). 11 - وروى أبو يعلى (3)، في
" المسند " انه عليه السلام قال: ما تركت صلاة الليل منذ سمعت قول النبي
صلى الله عليه وآله: صلاة الليل نور، فقال ابن الكواء: ولا ليلة الهرير ؟ قال: ولا
ليلة الهرير (4). 12 - " ابانة " العكبرى (5): سليمان بن المغيرة (6)،
عن امه قالت: سالت ام سعيد سرية على عليه السلام عن صلاة على عليه السلام في شهر
رمضان فقالت: رمضان وشوال سواء، يحيى الليل كله (7). 13 - واخذ زين العابدين عليه
السلام بعض صحف عباداته فقرا فيه يسيرا، ثم تركها من يده تضجرا، وقال عليه السلام:
من يقوى على عبادة على بن ابى طالب عليه السلام (8) ؟ !. 14 - وروى عنه عليه
لاسلام كان إذا حضر (9) وقت الصلاة تزلزل وتلون،
1)
ارشاد القلوب ج 2 / 217. 2) المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 20. 3) أبو يعلى: احمد بن
على بن المثنى الحافظ الموصلي المتوفى سنة (307) ه. 4) المناقب لابن شهر اشوب ج 2
/ 123 - وعنه البحار ج 41 / 17. 5) العكبرى: عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان
الحنبلى المتوفى سنة (387). 6) سليمان بن المغيرة ابوسيعد البصري المتوفى سنة
(165) ه. 7) المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 123 - وعنه البحار ج 41 / 17. 8) المناقب
لابن شهر اشوب ج 2 / 124 وعنه البحار ج 41 / 17. 9) في المصدر: وفى تفسير القشيرى:
انه كان عليه السلام إذا حضره.
[ 179 ]
فقيل
له مالك يا امير المؤمنين عليه السلام ؟ فيقول: جاء وقت امانة عرضها الله سبحانه
وتعالى على السموات والارض والجبال والارض فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها
الانسان (1)، فلا ادرى احسن اداء ما حملت ام لا ؟ ! (2). 15 - النيسابوري في
" روضة الواعظين " انه قال عروة بن الزبير: سمع بعض التابعين انس بن
مالك يقول: نزلت في على عليه السلام (امن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر
الآخرة) (3). قال الرجل: فاتيت عليا عليه السلام وقت المغرب فوجدته يصلى ويقرا
القرآن إلى ان طلع الفجر، ثم جدد وضوءه وخرج إلى المسجد، وصلى بالناس صلاة الفجر،
ثم قعد في التعقيب إلى ان طلعت الشمس، ثم قصده الناس، فجعل يقضى بينهم إلى ان قام
إلى صلاة الظهر فجدد الوضوء، ثم صلى باصحابه الظهر، ثم قعد في التعقيب إلى ان صلى
بهم العصر، ثم كان يحكم بين الناس ويفتيهم إلى ان غابت الشمس (4). 16 - محمد بن
جرير (5) الطبري في " مسند فاطمة " قال: كان على بن الحسين حسن الصلاة
يصلى في كل يوم وليلة الف ركعة الف ركعة سوى الفريضة، فيقال له: اين هذا العمل من
عمل على جدك ؟ فقال: مه اننى نظرت في عمل على يوما واحدا عدلت من الحول إلى الحول
(6). 17 - قال الحسن بن ابى الحسن الديلمى: اعلم انه إذا نظرت إلى العبادة وجدته
(7) اعبد الناس من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، منه تعلم الناس صلاة الليل
والتهجد والادعية المأثورة، ولقد كان يفرش له بين
1)
في المصدر: وحملها الانسان في ضعفه. 2) المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 124 - وعنه
البحار ج 41 / 17. 3) الزمر: 9. 4) روضة الواعظين: 117 - وعنه المناقب لابن شهر
اشوب ج 2 / 124. 5) الطبري محمد بن جرير، كان حيا سنة (411)، وهو غير صاحب
المسترشد. 6) دلائل الامامة: 84. 7) المراد به امير المؤمنين عليه السلام.
[ 180 ]
الصفين
والسهام تتساقط حوله، وهو لا يلتفت عن ربه، ولا يغير عادته. وكان إذا توجه إلى
الله تعالى بكليته وانقطع نظره عن الدنيا وما فيها، حتى انه لا يبقى يدرك الالم
لانهم كانوا إذا ارادوا اخراج الحديد والنشاب من جسده الشريف تركوه حتى يصلى فإذا
اشتغل بالصلاة واقبل على الله اخرجوا الحديد من جسده ولم يحس به، فإذا فرغ من
صلاته يرى ذلك، فيقول لولده الحسن عليه السلام: ان هي الا فعلتك يا حسن، ولم يترك
صلاة الليل قط في ليلة الهرير، وكان عليه السلام يوما في حرب صفين مشتغلا بالحرب
والقتال، وهو مع ذلك بين الصفين يراقب الشمس، فقال له ابن عباس: وهل هذا وقت صلاة
؟ وان عندنا لشغلا بالقتال عن الصلاة، فقال عليه السلام: على ما نقاتلهم، انما
نقاتلهم على الصلاة. وبالجملة ان العبادات فقد اتى بها جميعا، وبلغ الغاية القصوى
في كل واحدة منها، ومقاماته الحميدة في التهجد، والخشوع والخوف من الله تعالى لم
يسبقه إليها سوى رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى انه عليه السلام قال: الجلسة
في الجامع خير لى من الجلسة في الجنة فان الجنة فيها رضى نفسي، والجامع فيها رضى
ربى (1): انتهى كلامه رفع مقامه.
1)
ارشاد القلوب: 217.
|
|
|
|