|
[ 355 ]
1 - المفيد في
" أماليه " قال: حدثنا أبو الحسن على بن بلال المهلبى، قال: حدثنا على
بن عبد الله بن أسد الاصفهانى (1)، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفى، قال: حدثنا
محمد بن عبد الله بن عثمان، قال: حدثنى على بن أبى سيف، عن على (2) بن أبى حباب،
عن ربيعة (3)، وعمارة (4)، وغيرهما أن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين على بن أبى
طالب عليه السلام مشوا إليه عند تفرق الناس عنه، وفرار كثير منهم إلى معاوية طلبا
لما في يده من الدنيا، فقالوا له: يا أمير المؤمنين أعط هذه الاموال، وفضل هؤلاء
الاشراف من العرب، وقريش على الموالى والعجم، ومن تخاف خلافه عليك من الناس وفراره
إلى معاوية، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟
لا والله لا أفعل ما طلعت شمس، ولاح في السماء نجم، والله
1)
في بعض النسخ: على بن عبد الله بن راشد، وقال في هامش الامالى: إنه على بن عبد
الله بن كوشيد الاصفهانى. 2) في " الغارات ": عن أبى حباب، ترجمه في
تقريب التهذيب في باب الكنى وقال: اسمه سعيد بن يسار توفى سنة (117). 3) يحتمل أن
يكون المراد به ربيعة بن ناجذ الاسدي. 4) قال في هامش " الغارات ": هذا
الرجل كسابقه ممن لم نتمكن من تطبيقه على أحد من المسمين بعمارة، يحتمل أنه عمارة
بن ربيعة الجرمى، ويحتمل أنه عمارة بن عمير التيمى الكوفى المتوفى حدود سنة (100)
أو قبلها - والعلم عند الله.
[ 356 ]
لو
كان مالهم لى (1) لواسيت بينهم، فكيف وإنما هي أموالهم ؟ ! قال: ثم ازم (2) أمير
المؤمنين عليه السلام طويلا ساكتا، ثم قال: من كان له مال فإياه والفساد، فإن
إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو وإن كان ذكرا لصاحبه في الدنيا فهو
يضيعه عند الله عزوجل (3)، ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه
الله تعالى شكرهم، وكان لغيره ودهم فإن بقى معه من يوده، ويظهر له الشكر فإنما هو
ملق وكذب، يريد (4) التقرب به إليه لينال منه مثل الذى كان يأتي إليه من قبل، فإن
زلت (5) بصاحبه النعل واحتاج إلى معونته ومكافاته عشر خليل، وألام خدين (6)، ومن
صنع المعروف فيما أتاه فليصل به القرابة، وليحسن فيه الضيافة، وليفك به العانى
(7)، وليعن به الغارم، وابن السبيل، والفقراء، والمجاهدين في سبيل الله، وليصبر
على النوائب والخطوب، فإن الفوز بهذه الخصال أشرف مكارم الدنيا، ودرك فضائل الآخرة
(8). 2 - محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبى عبد الله، عن محمد بن
على، عن أحمد بن عمرو بن سليمان البجلى، عن إسماعيل (9) بن الحسن بن إسماعيل بن
شعيب بن ميثم التمار، عن إبراهيم بن
1)
في المصدر المطبوع: لو كانت أموالهم لى. 2) أزم (بالزاى): أمسك عن الكلام، وفى بعض
النسخ: أرم (بالراء المهملة والميم المشددة) أي سكت. 3) هذه الفقرة في "
الغارات " للثقفي هكذا: " وهو ذكر لصاحبه في الناس ويضعه عند الله
". 4) في الغارات: " وإنما ينوى أن ينال من صاحبه مثل الذى كان يأتي
إليه من قبل ". 5) في مجمع الامثال: " زلت به نعله " يضرب لمن نكب
وزالت نعمته قال زهير بن أبى سلمى: " تداركتما عبسا وقد ثل عرشها * وذبيان إذ
زلت بأقدامها النعل " 6) الخدين: الصديق. 7) العانى: الاسير. 8) أمالى
المفيد: 175 ح 6 - والغارات للثقفي ج 1 / 74 - 77 - ونقله المجلسي في البحار ج 8
في باب النوادر: 712 - وتقدم عن أمالى الطوسى. 9) يحتمل أنه الذى عده الشيخ من
أصحاب الصادق عليه السلام بزيادة إسماعيل بن الحسن في السند اشتباها من الناسخ، أو
حذفه من فهرس الشيخ سهوا، والله العالم.
[ 357 ]
إسحاق
المدينى، عن رجل، عن أبى مخنف (1) الازدي، قال: أتى أمير المؤمنين عليه السلام رهط
من الشيعة، فقالوا: يا أمير المؤمنين لو أخرجت هذه الاموال ففرقتها في هؤلاء
الرؤساء والاشراف، وفضلتهم علينا حتى إذا استوسقت الامور عدت إلى أفضل ما عودك
الله من القسم بالسوية والعدل في الرعية ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام:
أتأمروني ويحكم أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من أهل الاسلام ؟ لا والله لا
يكون ذلك ما سمر السمير، وما رأيت في السماء نجما، والله لو كانت أموالهم لى
لساويت بينهم، فكيف وإنما هي أموالهم ؟ قال: ثم أزم ساكتا طويلا، ثم رفع رأسه،
فقال: من كان فيكم له مال فإياه والفساد، فإن إعطاءه من غير حقه تبذير وإسراف، وهو
يرفع ذكر صاحبه في الناس ويضعه عند الله، ولم يضع امرء ماله في غير حقه وعند غير
أهله إلا حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودهم، فإن بقى معه منهم بقية ممن يظهر الشكر
له ويريه النصح فإنما ذلك ملق منه وكذب، فإن زلت بصاحبهم النعل ثم احتاج إلى
معونتهم ومكافأتهم فالام خليل وشر خدين، ولم يضع امرء ماله في غير حقه وعند غير
أهله إلا لم يكن له من الحظ فيما أتى إلا محمدة اللئام وثناء الاشرار ما دام عليه
منعما مفضلا، ومقالة الجاهل ما أجوده، وهو عند الله بخيل، فأى حظ أبور وأخس من هذا
الحظ ؟ وأى فائدة معروف أقل من هذا المعروف ؟ فمن كان منكم له مال فليصل به
القرابة، وليحسن منه الضيافة، وليفك به العانى والاسير وان السبيل، فإن الفوز بهذه
الخصال مكارم الدنيا وشرف الآخرة (2). 3 - وعنه عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن
زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد (3) بن جعفر العقبى، رفعه، قال: خطب أمير
المؤمنين عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إن آدم لم يلد
عبدا ولا
1)
أبو مخنف: لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف المتوفى سنة (157) ولقائه أمير المؤمنين
عليه السلام غير معلوم. 2) الكافي ج 4 / 31 ح 3 - وعنه البحار ج 41 / 122 ح 29 -
والوسائل ج 11 / 80 ح 2. 3) محمد بن جعفر العقبى، أو العتبى عده الشيخ من أصحاب
الرضا عليه السلام.
[ 358 ]
أمة،
وإن الناس كلهم أحرار، ولكن الله خول بعضكم بعضا، فمن كان له بلاء فصبر في الخير
فلا يمن به على الله عزوجل، ألا وقد حضر شئ ونحن مسوون فيه بين الاسود والاحمر.
فقال مروان (1) لطلحة (2) والزبير (3): ما أراد بهذا غير كما، قال: فأعطى كل واحد
ثلاثة دنانير، وأعطى رجلا من الانصار ثلاثة دنانير، وجاء بعد غلام أسود فأعطاه
ثلاثة دنانير، فقال الانصاري: يا أمير المؤمنين هذا غلام أعتقته بالامس تجعلني
وإياه سواء ؟ فقال عليه السلام: إنى نظرت في كتاب الله عزوجل فلم أجد لولد إسماعيل
على ولد إسحاق فضلا (4). 4 - وعنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن
محبوب، عن الحسن (5) بن صالح الثوري، عن أبى جعفر عليه السلام، قال: إن أمير
المؤمنين عليه السلام أمر قنبر أن يضرب رجلا حدا، فغلظ قنبر فزاده ثلاثة أسواط،
فأقاده على عليه السلام من قنبر ثلاثة أسواط (6).
1)
مروان: بن الحكم بن أبى العاص بن أمية أبو عبد الملك توفى بالطاعون في دمشق سنة
(65). 2) طلحة: بن عبيد الله بن عثمان القرشى المدنى المقتول يوم الجمل سنة (36)
ه. 3) الزبير: بين العوام بن خويلد الاسدي القرشى قتله ابن جرموز غيلة بوادي
السباع على 7 فراسخ من البصرة سنة (36) ه. 4) الكافي ج 8 / 69 ح 26 - وعنه البحار
ج 32 / 133 ح 107. 5) الحسن بن صالح الثوري بن حى أبو عبد الله الهمداني الكوفى
لزيدي المتوفى سنة (154) أو سنة (168). 6) الكافي ج 7 / 260 ح 1 - وعنه الوسائل ج
18 / 312 ح 3 - وعن التهذيب ج 10 / 148 ح 18. (*)
[ 359 ]
1 - ابن بابويه، قال: حدثنى أبى (رض)، ومحمد بن الحسن (رض)، قالا:
حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد (1)، قال: حدثنا جعفر
بن محمد النوافلى (2)، عن يعقوب بن يزيد (3) قال: قال أبو عبد الله بن جعفر بن
أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن على بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب، قال: حدثنا
يعقوب بن عبد الله الكوفى قال: حدثنا موسى بن عبيد (4)، عن عمرو بن أبى المقدام
(5)، عن أبى إسحاق، عن الحارث، عن محمد بن حنفية (ر ض)، وعمرو بن أبى المدام، عن
جابر الجعفي، عن أبى جعفر عليه السلام قال: أتى رأس اليهود على بن أبى طالب عليه
السلام عند منصرفه من وقعة النهروان، وهو جالس في مسجد الكوفة، فقال: يا أمير
المؤمنين إنى أريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبى
1)
أحمد بن الحسين بن سعيد: بن حماد بن سعيد بن مهران أبو جعفر الاهوازي الملقب
بدندان، توفى بقم - عنونه النجاشي والشيخ والعلامة وغيرهم. 2) جعفر بن محمد
النوفلي: روى الصدوق في " العيون " في الباب (45) عن الاسدي عن الحسن بن
عيسى الخراط عنه عن الامام الرضا عليه السلام حديثا يدل على حسن اعتقاده. 3) في
بحار الانوار: يعقوب بن الرائد. 4) في المصدر المطبوع: موسى بن عبيدة. 5) عمرو بن
أبى المقدام: ثابت (ميمون) بن هرمز الكوفى أبو ثابت المتوفى (172).
[ 360 ]
أو
وصى نبى، فإن شئت سألتك، وإن شئت أعفيتك (1)، قال: سل عما بدالك يا أخا اليهود.
قال: إنا نجد في الكتاب أن الله عزوجل إذا بعث نبيا أوحى إليه أن يتخذ من أهل بيته
من يقوم بأمر أمته من بعده، وأن يعهد إليهم عهدا فيه يحتذى (2) عليه، ويعمل به في
أمته من بعده، وأن الله عزوجل يمتحن الاوصياء في حياة الانبياء، ويمتحنهم بعد
وفاتهم، فأخبرني كم يمتحن الاوصياء في حياة الانبياء ؟ وكم يمتحنهم بعد وفاتهم، من
مرة ؟ وإلى ما يصير آخر الاوصياء إذا رضى محنتهم ؟ فقال له على عليه السلام: والله
الذى لا إله غيره الذى فلق البحر لبنى إسرائيل، وأنزل التوراة على موسى لئن أخبرتك
بحق عما تسأل عنه لتقرن به ؟ قال: نعم، قال: والذى فلق البحر لبنى إسرائيل وأنزل
التوراة على موسى عليه السلام لئن أجبتك لتسلمن ؟ قال: نعم. فقال على عليه السلام:
إن الله عزوجل بمتحن الاوصياء في حياة الانبياء في سبعة مواطن ليبتلى طاعتهم، فإذا
رضى طاعتهم ومحنتهم أمر الانبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم، وأوصياء بعد
وفاتهم، ويصير طاعة الاوصياء في أعناق الامم ممن يقول بطاعة الانبياء، ثم يمتحن
الاوصياء بعد وفاة الانبياء عليهم السلام في سبعة مواطن، ليبلوا صبرهم، فإذا رضى
محنتهم ختم لهم بالسعادة ليلحقهم بالانبياء، وقد أكمل لهم السعادة. قال له رأس
اليهود: صدقت يا أمير المؤمنين فأخبرني كم امتحنك الله في حياة محمد من مرة ؟ وكم
امتحنك بعد وفاته من مرة ؟ وإلى ما يصير آخر أمرك ؟ فأخذ على عليه السلام بيده
وقال: انهض بنا أنبئك بذلك يا أخا اليهود، فقام إليه جماعة من أصحابه فقالوا: يا
أمير المؤمنين أنبئنا بذلك معه، فقال:
1)
قوله: " فإن شئت سألتك وإن شئت أعفيتك " ليس موجودا لا في المصدر
المطبوع ولا في البحار. 2) احتذى مثال فلان وعلى مثاله: اقتدى وتشبه به.
[ 361 ]
إنى
أخاف أن لا تحتمله قلوبكم، قالوا: ولم ذاك يا أمير المؤمنين ؟ قال: لامور بدت لى
من كثير منكم. فقام إليه الاشتر فقال: يا أمير المؤمنين أنبئنا فوالله إنا لنعلم
أنه ما على ظهر الارض وصى نبى سواك، وإنا لنعلم أن الله لا يبعث بعد نبينا نبيا
سواه، وأن طاعتك لفى أعناقنا موصولة بطاعة نبينا. فجلس على عليه السلام وأقبل على
اليهودي فقال: يا أخا اليهود إن الله عزوجل امتحننى في حياة نبينا محمد صلى الله
عليه وآله في سبعة مواطن، فوجدني فيهن - من غير تزكية لنفسي - بنعمة الله له
مطيعا، قال: فيم وفيم يا أمير المؤمنين ؟ قال: أما أولهن فإن الله عزوجل أوحى إلى
نبينا عليه الصلاة والسلام، وحمله الرسالة وأنا أحدث أهل بيتى سنا، أخدمه في بيته،
وأسعى بين يديه (1) في أمره، فدعا صغير بنى عبد المطلب وكبيرهم إلى شهادة أن لا
إله إلا الله، وأنه رسول الله، فامتنعوا من ذلك وأنكروه عليه، وهجروه، ونابذوه
(2)، واعتزلوه، واجتنبوه، وسائر الناس مقصين له، ومخالفين عليه، قد استعظموا ما
أورده عليهم مما لم تحتمله قلوبهم، ولم تدركه عقولهم، فأجبت رسول الله صلى الله
عليه وآله وحدي إلى ما دعا إليه مسرعا مطيعا موقنا، لم يتخالجنى في ذلك شك، فمكثنا
بذلك ثلاث حجج، وما على وجه الارض خلق يصلى أو يشهد لرسول الله بما آتاه الله غيرى،
وغير ابنة خويلد رحمها الله وقد فعل ثم أقبل أمير المؤمنين عليه السلام على
أصحابه، فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما الثانية يا أخا
اليهود فإن قريشا لم تزل تخيل الآراء وتعمل الحيل في قتل النبي صلى الله عليه وآله
حتى كان آخر ما اجتمعت في ذلك في يوم الدار دار الندوة وإبليس الملعون حاضر في
صورة أعور ثقيف، فلم تزل
1)
في المصدر: وأسعى في قضاء بين يديه. 2) نابذوه: خالفوه وفارفوه عن عداوة.
[ 362 ]
تضرب
أمرها ظهر البطن حتى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب من كل فخذ (1) من قريش رجل، ثم
يأخذ كل رجل منهم سيفه، ثم يأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو نائم على
فراشه، فيضربونه جميعهم بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلوه، فإذا قتلوه منعت قريش
رجالها ولم تسلمها فيمضى دمه هدرا، فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله
عليه وآله وسلم فأنبأه بذلك، وأخبره بالليلة التى يجتمعون فيها، والساعة التى
يأتون فراشه فيها، وأمره بالخروج في الوقت الذى خرج فيه إلى الغار، فأخبرني رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم بالخبر، وأمرني أن أضطجع في مضجعه، وأقيه بنفسى،
فأسرعت إلى ذلك مطيعا له مسرورا لنفسي بأن أقتل دونه، فمضى عليه السلام لوجهه،
واضطجعت في مضجعه، وأقبلت رجالات قريش موقنة في نفسها أن تقتل النبي صلى الله عليه
وآله فلما استوى بى وبهم البيت الذى أنا فيه ناهضتهم بسيفي، ودفعتهم عن نفسي بما
قد علمه الله والناس، ثم أقبل على أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير
المؤمنين. فقال عليه السلام: وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن ابني ربيعة وابن عتبة
كانوا فرسان قريش دعوا إلى البراز يوم بدر، فلم يبرز لهم خلق من قريش فأنهضني رسول
الله صلى الله عليه وآله مع صاحبي رضى الله عنهما (وقد فعل) وأنا أحدث أصحابي سنا
وأقلهم للحرب تجربة، فقتل الله عزوجل بيدى وليدا وشيبة، سوى من قتلت من جحاجحة (2)
قريش في ذلك اليوم وسوى من أسرت، وكان منى أكثر مما كان من أصحابي واستشهد ابن عمى
في ذلك اليوم - رحمة الله عليه - ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ فقالوا:
بلى يا أمير المؤمنين. فقال عليه السلام: وأما الرابعة يا أخا اليهود فإن أهل مكة
أقبلوا إلينا على بكرة أبيهم (3) قد استحاشوا (4) من يليهم من قبائل العرب وقريش
طالبين بثأر
1)
الفخذ (بفتح الفاء وسكون الخاء المعجمة): الحى والقبيلة. 2) الجحاجحة (جمع جحجاح
بفتح الجيم): السيد المسارع إلى المكارم. 3) بكرة أبيهم: قال الجزرى في الحديث:
" جائت هوازن على بكرة أبيها " يريدون بها الكثرة وتوفر العدد وأنهم
جاؤوا جميعا. 4) استحاشوا: يقال: استحوش الصيد أي حاشه وجمعه.
[ 363 ]
مشركي
قريش في يوم بدر، فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
فأنبأه بذلك فذهب النبي صلى الله عليه وآله وعسكر بأصحابه في سد أحد، وأقبل
المشركون إلينا فحملوا علينا حملة رجل واحد، واستشهد من المسلمين من استشهد، وكان
ممن بقى ما كان من الهزيمة، وبقيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومضى المهاجرون
والانصار إلى منازلهم في المدينة كل يقول: قتل رسول الله صلى الله عليه وآله (1)
وقتل أصحابه، ثم ضرب الله عزوجل وجوه المشركين، وقد جرحت بين يدى رسول الله صلى
الله عليه وآله نيفا وسبعين جراحة، منها هذه وهذه ثم ألقى عليه السلام ردائه، وأمر
يده على جراحاته، وكان منى في ذلك اليوم ما على الله عزوجل ثوابه إن شاء الله، ثم
التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال عليه السلام: وأما الخامسة يا أخا اليهود فإن قريشا والعرب تجمعت وعقدت عقدا
وميثاقا لا ترجع عن وجهها حتى تقتل رسول الله وتقتلنا معه معاشر بنى عبد المطلب،
ثم أقبلت بحدها وحديدها حتى أناخت علينا بالمدينة واثقة بأنفسها فيما توجهت له.
فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه بذلك، فخندق (2) على
نفسه ومن معه من المهاجرين والانصار، فقدمت قريش فأقامت على الخندق محاصرة لنا،
فترى في أنفسها القوة وفينا الضعف، ترعد وتبرق (3)، ورسول الله صلى الله عليه وآله
يدعوها إلى الله عزوجل ويناشدها بالقرابة والرحم، فتأبى ولا يزيدها ذلك إلا عتوا،
وفارسها فارس
1)
في المصدر والبحار: قتل النبي صلى الله عليه وآله. 2) خندق خندقه: حفر الخندق وهى
حفيرة حول أسوار المدينة أو عموما، فارسية. 3) أرعد وأبرق: أوعد وهدد.
[ 364 ]
العرب
يومئذ عمرو بن عبدود، يهدر (1) كالبعير المغتلم (2)، يدعو إلى البراز، ويرتجز
ويخطر (3) برمحه مرة وبسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم، ولا يطمع فيه طامع، ولا حمية
تهيجه، ولا بصيرة تشجعه، فأنهضني إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعممني
بيده وأعطاني سيفه هذا، وضرب بيده إلى ذى الفقار، فخرجت إليه ونساء أهل المدينة
بواك إشفاقا على من ابن عبدود، فقتله الله عزوجل بيدى والعرب لا تعد لها فارسا
غيره، وضربنى هذه الضربة وأومأ بيده إلى هامته فهزم الله قريشا، والعرب بذلك وبما
كان منى فيهم من النكاية، ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه، فقال: أليس كذلك،
قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. فقال عليه السلام: وأما السادسة يا أخا اليهود فإنا
وردنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله مدينة أصحابك خيبر على رجال من اليهود
وفرسانها من قريش وغيرها، فتلقونا بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسلاح، وهم في
أمنع دار، وأكثر عدد، كل ينادى ويدعو ويبادر إلى القتال، فلم يبرز إليهم من أصحابي
أحد إلا قتلوه، حتى إذا احمرت الحدق ودعيت إلى النزال، وأهمت كل امرئ نفسه، فالتفت
بعض أصحابي إلى بعض، وكل يقول: يا أبا الحسن انهض، فأنهضني رسول الله صلى الله
عليه وآله إلى دارهم، فلم يبرز إلى منهم أحد إلا قتلته، ولا يثبت لى فارس إلا
طحنته. ثم شددت عليهم شدة الليث على فريسته، حتى أدخلتهم جوف مدينتهم مسددا عليهم،
فاقتلعت باب حصنهم بيدى حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدي، أقتل من يظهر فيها من
رجالها، وأسبى من أجد من نسائها، حتى فتحتها وحدي ولم يكن لى فيها معاون إلا الله
وحده، ثم التفت إلى أصحابه فقال عليه السلام: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير
المؤمنين.
1)
هدر البعير: ردد صوته في حنجرته. 2) اغتلم: كان منقادا للشهوة، والبعير المغتلم:
الذى هاج من شهوة الضراب. 3) خطر الرجل برمحه وبسيفه: رفعه مرة ووضعه أخرى.
[ 365 ]
فقال
عليه السلام: وأما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله صلى الله عليه وآله توجه
لفتح مكة أحب أن يعذر إليهم ويدعوهم إلى الله عزوجل آخرا كما دعاهم أولا، فكتب
إليهم كتابا يحذرهم فيه، وينذرهم عذاب الله، ويعدهم الصفح ويمنيهم مغفرة ربهم،
ونسخ لهم في آخره سورة براءة لتقرأ عليهم، ثم عرض على جميع أصحابه المضى به فكلهم
يرى التثاقل فيه، فلما رأى ذلك ندب منهم رجلا فوجهه به. فأتاه جبرئيل عليه السلام
فقال: يا محمد لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك، فأنبأني رسول الله صلى الله عليه
وآله بذلك، ووجهني بكتابه ورسالته إلى أهل مكة فأتيت مكة، وأهلها من قد عرفتم ليس
منهم أحد إلا ولو قدر أن يضع على كل جبل منى إربا لفعل، ولو أن يبذل في ذلك نفسه
وأهله وولده وماله، فبلغتهم رسالة النبي صلى الله عليه وآله وقرأت عليهم كتابه،
فكلهم يلقانى بالتهدد والوعيد، ويبدى إلى البغضاء، ويظهر لى الشحناء من رجالهم
ونسائهم، فكان منى في ذلك ما قد رأيتم، ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال:
أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. فقال عليه السلام: يا أخا اليهود هذه المواطن
التى امتحننى فيهن ربى عزوجل مع نبيه صلى الله عليه وآله، فوجدني فيها كلها بمنه
مطيعا، وليس لاحد فيها مثل الذى لى، ولو شئت لوصفت ذلك، ولكن الله عزوجل نهى عن
التزكية. فقالوا: يا أمير المؤمنين صدقت والله، لقد أعطاك الله عزوجل الفضيلة
بالقرابة من نبينا، وأسعدك بأن جعلك أخاه، تنزل منه بمنزلة هارون من موسى، وفضلك
بالمواقف التى باشرتها، والاهوال التى ركبتها، وذخر لك الذى ذكرت وأكثر منه مما لم
تذكره، ومما ليس لاحد من المسلمين مثله، يقول ذلك من شهدك منا مع نبينا ومن شهدك
بعده، فأخبرنا يا أمير المؤمنين ما امتحنك الله عزوجل به بعد نبينا فاحتملته وصبرت
عليه، فلو شئنا أن نصف ذلك لوصفناه علما منا به، وظهورا منا عليه، إلا أنا نحب أن
نسمع منك ذلك، كما سمعنا منك ما امتحنك الله به في حياته فأطعته فيها.
[ 366 ]
فقال
عليه السلام: يا أخا اليهود إن الله عزوجل امتخنى بعد وفاة نبيه صلى الله عليه
وآله في سبعة مواطن فوجدني فيهن من غير تزكية لنفسي بمنه ونعمته صبورا. أما أولهن
يا أخا اليهود فإنه لم يكن لى خاصة دون المسلمين عامة أحد آنس به، أو اعتمد عليه،
أو استنيم (1) إليه، أو أتقرب به غير رسول الله صلى الله عليه وآله، هو ربانى
صغيرا، وبوأنى كبيرا، وكفاني العيلة، وجبرني من اليتم، وأغناني عن الطلب، ووقاني
المكسب، وعال (2) لى النفس والولد والاهل، هذا في تصاريف أمر الدنيا، مع ما خصني
به من الدرجات التى قادتني إلى معالى الحظوة (3) عند الله عزوجل، فنزل بى من وفاة
رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم أكن أظن الجبال لو حملته عنوة (4) كانت تنهض
به. فرأيت الناس من أهل بيتى ما بين جازع لا يملك جزعه، ولا يضبط نفسه، ولا يقوى
على حمل فادح (5) ما نزل به، قد أذهب الجزع صبره، وأذهل عقله، وحال بينه وبين
الفهم، والافهام، والقول، والاستماع، وسائر الناس من غير بنى عبد المطلب بين معز
يأمر بالصبر، وبين مساعد باك لبكائهم، جازع لجزعهم، وحملت نفسي على الصبر عند
وفاته، بلزوم الصمت والاشتغال بما أمرنى به: من تجهيزه، وتغسيله وتحنيطه وتكفينه،
والصلاة عليه، ووضعه في حفرته، وجمع كتاب الله وعهده إلى خلقه، لا يشغلني عن ذلك
بادر (6) دمعة، ولا هائج زفرة، ولا لاذع حرقة، ولا جزيل مصيبة، حتى أديت في ذلك
الحق الواجب لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وآله على، وبلغت
1)
استنام إليه: سكن. 2) عال لى النفس والولد والاهل: كفاهم معاشهم. 3) الحظوة (بكسر
الحاء المهملة وضمها): المكانة والمنزلة وفى المصدر: معالى الحق. 4) العنوة:
القهر. 5) الفادح: الصعب المثقل. 6) بادر دمعة: الدمعة التى تبدر من غير اختيار.
والزفرة: النفس الطويل. ولذع الحب قلبه: آلمه، ولذعت النار الشئ: لفحته.
[ 367 ]
منه
الذى أمرنى به، واحتملته صابرا محتسبا، ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه، فقال:
أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. فقال عليه السلام: وأما الثانية يا أخا
اليهود فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرنى في حياته على جميع أمته، وأخذ
على جميع من حضره منهم البيعة والسمع والطاعة لامرى، وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب
ذلك، فكنت المؤدى إليهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله أمره إذا حضرته، والامير
على من حضرني منهم إذا فارقته، لا تختلج في نفسي منازعة أحد من الخلق لى في شئ من
الامر في حياة النبي صلى الله عليه وآله ولا بعد وفاته. ثم أمر رسول الله صلى الله
عليه وآله بتوجيه الجيش الذى وجهه مع أسامة (1) بن زيد عند الذى أحدث الله به من
المرض الذى توفاه فيه، فلم يدع النبي صلى الله عليه وآله أحدا من أبناء (2) العرب
ولا من الاوس والخزرج وغيرهم من سائر الناس مما يخاف على نقضه ومنازعته، ولا أحدا
ممن يرانى بعين البغضاء ممن قد وترته بقتل أبيه وأخيه أو حميمه إلا وجهه في ذلك
الجيش، ولا من المهاجرين والانصار والمسلمين وغيرهم من المؤلفة قلوبهم والمنافقين،
لتصفو قلوب من يبقى معى بحضرته، ولئلا يقول قائل شيئا مما أكرهه، ولا يدفعني دافع
من الولاية والقيام بأمر رعيته من بعده. ثم كان آخر ما تكلم به في شئ من أمر أمته
أن يمضى جيش أسامة ولا يختلف عنه أحد ممن أنهض معه، وتقدم في ذلك أشد التقدم،
وأوعز فيه أبلغ الايعاز (3)، وأكد فيه أكثر التأكيد، فلم أشعر بعد أن قبض النبي
صلى الله عليه وآله وسلم إلا برجال من بعث أسامة بن زيد وأهل عسكره قد تركوا
مراكزهم، وأخلوا (4) مواضعهم، وخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله فيما
1)
أسامة بن زيد بن حارثة الصحابي المتوفى سنة (54) ه. 2) في المصدر والبحار: أفناء
العرب، أي الذين لم يعلم ممن هم. 3) أوعز إيعازا إليه في كذا أن يفعله أو يتركه:
تقدم وأشار. 4) في البحار: وأخلوا بمواضعهم.
[ 368 ]
أنهضهم
له وأمرهم به، وتقدم إليهم من ملازمة أميرهم، والسير معه تحت لوائه حتى ينفذ لوجهه
الذى أنفذه إليه. فخلفوا أميرهم مقيما في عسكره، وأقبلوا يتبادرون على الخيل إلى
حل عقدة عقدها الله عزوجل لى ولرسوله في أعناقهم فحلوها، وعهد عاهدوا الله ورسوله
فنكثوة، وعقدوا لانفسهم عقدا ضجت به أصواتهم واختصت به آراؤهم، من غير مناظرة لاحد
منا بنى عبد المطلب، أو بمشاركة في رأى، أو في استقالة (1) لما في أعناقهم من
بيعتى، فعلوا ذلك وأنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشغول، وبتجهيزه عن
سائر الاشياء مصدود (2)، فإنه كان أهمها وأحق ما بدئ به منها. فكان هذا يا أخا
اليهود أقرح (3) ما ورد على قلبى مع الذى أنا فيه من عظيم الرزية، وفاجع المصيبة،
وفقد من لا خلف منه إلا الله تبارك وتعالى، فصبرت عليها إذ أتت بعد أختها على
تقاربها وسرعة اتصالها، ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير
المؤمنين. فقال عليه السلام: وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن القائم بعد النبي صلى
الله عليه وآله كان يلقانى معتذرا في كل أيامه، ويلزم (4) غيره ما ارتكبه من أخذ
حقى ونقض بيعتى، ويسألني تحليله ! فكنت أقول: تنقضي أيامه ثم يرجع إلى حقى الذى
جعله الله لى عفوا (5) هنيئا من غير أن أحدث في الاسلام مع حدوثه، وقرب عهده
بالجاهلية حدثا في طلب حقى بمنازعة، لعل فلانا يقول فيها: نعم، وفلانا يقول: لا،
فيؤول ذلك من القول إلى الفعل، وجماعة من خواص أصحاب محمد صلى الله عليه وآله
أعرفهم بالنصح لله
1)
استقاله البيعة: طلب منه أن يحلها. 2) المصدود: الممنوع. 3) قرحه: جرحه. 4) أي كان
يقول: لم يكن هذا منى بل كان من غيرى - وفى المصدر: يلوم غيره. 5) جعله الله لى
عفوا: أعطاني من غير مسألة.
[ 369 ]
ولرسوله
ولكتابه ودينه الاسلام يأتوني عودا (1) وبدءا وعلانية وسرا فيدعوني إلى آخر حقى،
ويبذلون أنفسهم في نصرتي ليؤدوا إلى بذلك بيعتى في أعناقهم، فأقول: رويدا وصبرا
قليلا لعل الله يأتيني بذلك عفوا بلا منازعة، ولا إراقة الدماء. فقد ارتاب كثير من
الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله، وطمع في الامر بعده من ليس له بأهل،
فقال كل قوم: من أمير، وما طمع القائلون في ذلك إلا لتناول غيرى الامر، فلما دنت
وفاة القائم (2)، وانقضت أيامه صير الامر بعده لصاحبه، ولكانت هذه أخت أختها،
ومحلها منى مثل محلها، وأخذا منى ما جعل الله لى، فاجتمع إلى من أصحاب محمد صلى
الله عليه وآله ممن مضى، وممن بقى ممن أخره (3) الله من اجتمع، فقالوا فيها مثل
الذى قالوا في أختها، فلم يعد قولى الثاني قولى الاول صبرا واحتسابا ويقينا
وإشفاقا من أن تفنى عصبة تألفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باللين مرة
وبالشدة أخرى، وبالبذل (4) مرة وبالسيف أخرى. حتى لقد كان من تألفه لهم أن كان
الناس في الكر والفرار (5) والشبع والرى واللباس والوطأ (6) والدثار، ونحن أهل بيت
محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا سقوف لبيوتنا، ولا أبواب ولا ستور إلا الجرائد
وما أشبهها، ولا وطاء ولا دثار علينا، يتداول الثوب الواحد في الصلاة أكثرنا،
وتطوى الليالى والايام جوعا عامتنا، وربما أتانا الشئ مما أفاء الله علينا، وصيره
لنا خاصة دون غيرنا، ونحن على ما وصفت من حالنا، فيؤثر به رسول الله أرباب النعم
1)
يقال: رجع عودا على بدء أي لم يتم ذهابه حتى وصله برجوعه. 2) أي القائم بعد الرسول
صلى الله عليه وآله يعنى أبا بكر. 3) في البحار: من مضى رحمه الله ومن بقى ممن
أخره الله. 4) في المصدر المطبوع: بالنذر مرة. 5) قال العلامة المجلسي بعد ذكر
الخبر: ولعل الكر والفر كناية عن الاخذ والجر، ويحتمل أن يكون تصحيف الكزم والقزم
بالمعجمتين، والكزم بالتحريك: شدة الاكل، والقزم: اللوم والشح. 6) الوطاء (بكسر
الواو وفتحها): خلاف الغطاء وهى ما تفترشها، والدثار: الثوب الذى يستدفا به من فوق
الشعار، وما يتغطى به النائم. (*)
[ 370 ]
والاموال
تألفا منه لهم، فكنت أحق من لم يفرق هذه العصبة التى ألفها رسول الله صلى الله
عليه وآله ولم يحملها على الخطة (1) التى لاخلاص لنا منها دون بلوغها أو فناء
آجالها. لانى لو نصبت نفسي فدعوتهم إلى نصرتي كانوا منى وفى أمرى على إحدى
منزلتين: إما متبع مقاتل وإما مقتول إن لم يتبع الجميع، وإما خاذل يكفر إن قصر في
نصرتي أو أمسك عن طاعتي، وقد علم أنى منه بمنزلة هارون من موسى، يحل به في مخالفتي
والامساك عن نصرتي ما أحل قوم موسى بأنفسهم في مخالفة هارون وترك طاعته، ورأيت
تجرع الغصص ورد أنفاس الصعداء (2) ولزوم الصبر حتى يفتح الله أو يقضى بما أحب أزيد
لى في حظى وأرفق بالعصابة التى وصفت أمرهم، (وكان أمر الله قدرا مقدورا) (3). ولو
لم أتق هذه الحالة يا أخا اليهود ثم طلبت حقى لكنت أولى ممن طلبه، لعلم من مضى من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومن يحضرتك منهم بأنى كنت أكثر عددا وأعز
عشيرة وأمنع رجالا وأطوع أمرا وأوضح حجة وأكثر في هذا الدين مناقب وآثارا، لسوابقي
وقرابتي ووراثتى، فضلا عن استحقاقي ذلك بالوصية التى لا مخرج للعباد منها والبيعة
المتقدمة في أعناقهم ممن تناولها، وقد قبض محمد صلى الله عليه وآله وإن ولاية
الامة في يده وفى بيته، ولا في يد الاولى (4) تناولوا، ولا في بيوتهم، ولاهل بيته
الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أولى بالامر من بعده من غيرهم في جميع
الخصال، ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. فقال
عليه السلام: وأما الرابعة يا أخا اليهود فإن القائم بعد صاحبه كان
1)
الخطة (بضم الخاء وتشديد الطاء): الامر المشكل الذى لا يهتدى إليه. 2) الصعداء
(بضم الصاد وفتح العين): التنفس الطويل من هم أو تعب. 3) الاحزاب: 38. 4) الاولى:
جمع للذى من غير لفظه كما قال ابن مالك: جمع الذى الاولى الذين مطلقا.
[ 371 ]
يشاورني
في موارد الامور فيصدرها عن أمرى، ويناظرنى في غوامضها فيمضيها عن رأيى، لا أعلم
أحدا ولا يعلمه أصحابي يناظره في ذلك غيرى، ولا يطمع في الامر بعده سواى، فلما أن
أتته منيتة على فجاة بلا مرض كان قبله، ولا أمر كان أمضاه في صحة من بدنه، لم أشك
أنى قد استرجعت (1) حقى في عافية بالمنزلد التى كنت أطلبها، والعاقبة التى كنت
التمسها، وأن الله سيأتي بذلك على أحسن ما رجوت، وأفضل ما أملت. فكان من فعله أن
ختم أمره بأن سمى قوما أنا سادسهم ولم يسونى (2) بواحد منهم، ولا ذكر لى حالا في
وراثة الرسول صلى الله عليه وآله، ولا قرابة ولا صهر ولا نسب، ولا لواحد منهم مثل
سابقة من سوابقي، ولا أثر من آثارى، وصيرها شورى بيننا، وصير ابنه فيها حاكما
علينا، وأمره أن يضرب أعناق النفر الستة الذين صير الامر فيهم إن لم ينفذوا أمره
وكفى بالصبر على هذا - يا أخا اليهود - صبرا، فمكث القوم أيامهم كلها، كل يخطب
لنفسه، وأنا ممسك عن أن سألوني عن أمرى (3) فناظرتهم في أيامى وأيامهم، وآثاري
وآثارهم، وأوضحت لهم ما لم يجهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم، وذكرتهم عهد رسول
الله إليهم، وتأكيد ما أكده من البيعة لى في أعناقهم، فدعاهم (4) حب الامارة وبسط
الايدى والالسن في الامر والنهى والركون إلى الدنيا والاقتداء بالماضين قبلهم إلى
تناول ما لم يجعل الله لهم. فإذا خلوت بالواحد ذكرته أيام الله وحذرته ما هو قادم
عليه وصائر إليه،
1)
قال في البحار بعد ذكر الحديث في بيانه: قوله عليه السلام: " لم أشك أنى قد
استرجعت حقى " أقول: أمثال هذا الكلام إنما صدر عنه عليه السلام بناء على
ظاهر الامر، مع قطع النظر عما كان يعلمه بإخبار الله ورسوله من استيلاء هؤلاء
الاشقياء، وحاصل الكلام أن حق المقام كان يقتضى أن لا يشك في ذلك كما قيل في قوله
تعالى: (لا ريب فيه). 2) في المصدر المطبوع: " ولم يستونى " وفى البحار:
" ولم يستوفى " وفى الاختصاص: " ولم يساونى " وعلى كل فلا
يخلو عن إجمال. 3) في الاختصاص: " فإذا سألوني عن أمرى ". 4) في المصدر،
والاختصاص، والبحار: " دعاهم ".
[ 372 ]
التمس
منى شرطا أن أصيرها له بعدى (1) ! فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء، والحمل
على كتاب الله عزوجل ووصية الرسول، وإعطاء كل امرئ منهم ما جعله الله له، ومنعه ما
لم يجعل الله له، أزالها (2) عنى إلى ابن عفان طمعا في الشحيح معه فيها، وابن عفان
رجل لم يستو به وبواحد ممن حضره حال قط فضلا عمن دونهم لا ببدر (3) التى هي سنام
فخرهم، ولا غيرها من المآثر التى أكرم الله بها رسوله ومن اختصه معه من أهل بيته.
ثم لم أعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم، ونكصوا على أعقابهم، وأحال
بعضهم على بعض، كل يلوم نفسه ويلوم أصحابه، ثم لم تطل الايام بالمستبد بالامر ابن
عفان حتى أكفروه وتبرؤوا منه، ومشى إلى أصحابه خاصة وسائر أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وآله على (4) هذه، يستقيلهم من بيعته، ويتوب إلى الله من فلتته، فكانت
هذه - يا أخا اليهود أكبر من أختها، وأفظع (5) وأخرى أن لا يصبر عليها، فنالني
منها الذى لا يبلغ وصفه، ولا يحد وقته، ولم يكن عندي فيها إلا الصبر على ما أمض
(6) وأبلغ منها. ولقد أتانى الباقون من الستة من يومهم كل راجع عما كان ركب منى !
يسألنى خلع ابن عفان، والوثوب عليه، وأخذ حقى، ويعطيني صفقته وبيعته على الموت تحت
رايتى، أو يرد الله عزوجل على حقى. فوالله يا أخا اليهود ما منعنى منها إلا الذى
منعنى من أختيها قبلها،
1)
في الاختصاص: " التمس منى شرطا بطائفة من الدنيا أصيرها له ". 2) في
الاختصاص: " شد من القوم مستبد فأزالها عنى " وفى البحار: " أزالها
عنى إلى ابن عفان رجل لم يستو به " الخ. 3) أي غزوة بدر. 4) في الاختصاص:
" وسائر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله عامة يستقيلهم. الخ " وكذلك في
المصدر المطبوع. 5) في بعض النسخ: " أقطع ". 6) الامض: الاوجع.
[ 373 ]
ورأيت
الابقاء على من بقى من الطائفة أبهج لى وآنس لقلبي من فنائها، وعلمت أنى إن حملتها
على دعوة الموت ركبته، فأما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى وممن غاب من أصحاب محمد
صلى الله عليه وآله أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من
ذى العطش الصدى (1). ولقد كنت عاهدت الله عزوجل ورسوله أنا وعمى حمزة، وأخى جعفر،
وابن عمى عبيدة على أمر وفينا به لله عزوجل ولرسوله، فتقدمني أصحابي، وتخلفت بعدهم
لما أراد الله عزوجل، فأنزل الله فينا: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله
عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) (2) حمزة، وجعفر، وعبيدة
(3)، وأنا والله المنتظر - يا أخا اليهود وما بدلت تبديلا. وما سكتنى عن ابن عفان
وحثنى على الامساك إلا أنى عرفت من أخلاقه فيما اختبرت منه بما لن يدعه حتى يستدعى
الاباعد إلى قتله وخلعه، فضلا عن الاقارب، وأنا في عزلة، فصبرت حتى كان ذلك، لم
أنطق فيه بحرف من " لا " ولا " نعم " ثم أتانى القوم، وأنا
علم الله كاره، لمعرفتي بما يطمعون (4) به من اعتقال (5) الاموال والمرح (6) في
الارض، وعلمهم بأن تلك ليست لهم عندي، شديد (7) عادة منتزعة، فلما لم يجدوا عندي
تعللوا
1)
الصدى (بفتح الصاد المهملة كعصا): العطش الشديد. 2) الاحزاب: 23. 3) في الاختصاص:
فمن قضى نحبه حمزة وعبيدة وجعفر. 4) في البحار، والخصال المطبوع: " بما
تطاعموا به " وقال في البحار في بيان الحديث: قوله: " بما تطاعموا به
" أي بما أوصل كل منهم إلى صاحبه في دولة الباطل طعمه ولذته. 5) اعتقال
الاموال: اكتسابها وضبطها من قولهم: عقل البعير واعتقله إذا شد يديه، وفى بعض
النسخ: " اعتقاد الاموال " بالدال. ويؤل إلى المعنى الاول، يقال: اعتقد
ضيعة ومالا أي اقتناها. 6) المرح (بفتح الميم والراء المهملة): النشاط والفرح
الشديد. 7) قال في البحار: قوله: " وشديد عادة منتزعة " كذا فيما عندنا
من النسخ، ولعل قوله: " عادة " مبتدا، و " شديد " خبره، أي
انتزاع العادة وسلبها شديد.
[ 374 ]
الاعاليل،
ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ فقالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال عليه السلام: وأما الخامسة يا أخا اليهود فإن المتابعين لى لما لم يطعموا في
تلك منى وثبوا بالمرأة على، وأنا ولى أمرها والوصى عليها، فحملوها على الجمل
وشدوها على الرجال، وأقبلوا بها تخبط (1) الفيافي وتقطع البراري وتنبح عليها كلاب
الحوأب (2)، وتظهر لهم علامات الندم في كل ساعة وعند كل حال، في عصبة قد بايعوني
ثانية بعد بيعتهم الاولى في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أتت أهل
بلدة، قصيرة أيديهم، طويلة لحاهم، قليلة عقولهم، عذبة آراؤهم، وهم جيران بدو،
ووراد بحر، فأخرجتهم، يخبطون بسيوفهم من غير علم، ويرمون بسهامهم بغير فهم، فوقفت
من أمرهم على اثنتين، كلتاهما في محلة المكروه ممن إن كففت لم يرجع ولم يعقل، وإن
أقمت كنت قد صرت إلى التى (3) كرهت. فقدمت الحجة بالاعذار والانذار، ودعوت المرأة
إلى الرجوع إلى بيتها، والقوم الذين حملوها على الوفاء ببيعتهم لى، والترك لنقضهم
عهد الله عزوجل في، وأعطيتهم من نفسي كل الذى قدرت عليه، وناظرت بعضهم فرجع وذكرت
فذكر، ثم أقبلت على الناس بمثل ذلك، فلم يزدادوا إلا جهلا وتماديا وغيا، فلما أبوا
إلا هي، ركبتها منهم، فكانت عليهم الدبرة (4)، وبهم الهزيمة، ولهم الحسرة، وفيهم
الفناء والقتل، وحملت نفسي على التى لم أجد منها بدا، ولم يسعنى إذ فعلت ذلك
وأظهرته آخرا مثل الذى وسعنى منه أولا من الاعطاء والامساك، ورأيتني إن أمسكت كنت معينا
لهم على بإمساكى على ما صاروا إليه وطمعوا فيه من تناول الاطراف، وسفك الدماء،
وقتل الرعية، وتحكيم النساء
1)
خبط البعير الارض: ضربها، ويقال: خبطه أي ضربه ضربا شديدا والفيافي: جمع الفيفاء
وهى المفازة لا ماء فيها. 2) الحواب (بفتح الاول وسكون الثاني والهمزة المفتوحة):
موضع في طريق البصرة. 3) في الاختصاص: إلى الذى كرهت. 4) الدبرة (بالتحريك):
الهزيمة، وفى بعض النسخ: " عليهم الدائرة ".
[ 375 ]
النواقص
العقول والحظوظ على كل حال، كعادة بنى الاصفر (1) ومن مضى من ملوك سبأ والامم
الخالية، فإصبر (2) على ما كرهت أولا وآخرا، وقد أهملت المرأة وجندها يفعلون ما
وصفت بين الفريقين من الناس، ولم أهجم على الامر إلا بعد ما قدمت وأخرت، فتأنيت
وراجعت، وأرسلت وسافرت، وأعذرت وأنذرت، وأعطيت القوم كل شئ التمسوه بعد أن أعرضت
عليهم كل شئ لم يلتمسوه. فلما أبوا إلا تلك أقدمت عليها، فبلغ الله بى وبهم ما
أراد، وكان لى عليهم بما كان منى إليهم شهيدا، ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس
كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. فقال عليه السلام: وأما السادسة - يا أخا
اليهود فتحكيمهم الحكمين ومحاربة ابن آكلة الاكباد، وهو طليق بن طليق، معاند لله
ولرسوله وللمؤمنين منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله إلى أن فتح الله عليه
مكة عنوة، فأخذت بيعته وبيعة أبيه لى معه في ذلك اليوم وفى ثلاثة مواطن بعده،
وأبوه بالامس أول (3) من سلم على بإمرة المؤمنين، وجعل يحثنى على النهوض في أخذ
حقى من الماضين قبلى، يجدد لى بيعته كلما أتانى. وأعجب العجب أنه لما رأى ربى
تبارك وتعالى قد رد إلى حقى، وأقره في معدنه، وانقطع طمعه أن يصير في دين الله
رابعا، وفى أمانة حملناها حاكما، كر على العاصى بن العاص فاستماله، فمال إليه، ثم
أقبل به بعد أن أطمعه مصر، وحرام عليه أن يأخذ من الفئ دون قسمه درهما، وحرام على
الراعى إيصال درهم إليه فوق حقه، فأقبل يخبط البلاد بالظلم، ويطأها بالغشم (4)،
فمن بايعه أرضاه، ومن خالفه ناواه.
1)
المراد ببنى الاصفر أهل الروم لان أباهم الاول كان أصفر اللون، وهو روم بن عيصو بن
إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام. 2) في المصدر المطبوع، والبحار، والاختصاص:
" فأصير إلى ما كرهت ". 3) يعنى أبا سفيان في أول خلافة أبى بكر. 4)
الغشم: الظلم.
[ 376 ]
ثم
توجه إلى ناكثا علينا، مغيرا في البلاد شرقا وغربا ويمينا وشمالا، والانباء تأتيني
والاخبار ترد على بذلك، فأتاني أعور ثقيف، فأشار إلى أن أوليه البلاد التى هو بها
لاداريه بما أوليه منها ! وفى الذى أشار به الرأى في أمر الدنيا، لو وجدت عند الله
عزوجل في توليته لى مخرجا، وأصبت لنفسي في ذلك عذرا، فأعلمت (1) الرأى في ذلك،
وشاورت من أثق بنصيحته لله عزوجل ولرسوله ولى وللمؤمنين، فكان رأيه في ابن آكلة
الاكباد كرأيى، ينهاني عن توليته، ويحذرني أن أدخل في أمر المسلمين يده، ولم يكن
الله ليراني لاتخذ المضلين عضدا، فوجهت إليه أخا (2) بجيلة مرة، وأخا الاشعريين
مرة، كلاهما (3) ركن إلى الدنيا، وتابع هواه فيما أرضاه. فلما لم أره (4) يزداد
فيما انتهك من محارم الله إلا تماديا، فشاورت من معى من أصحاب محمد صلى الله عليه
وآله البدريين، والذين ارتضى الله عزوجل أمرهم، ورضى عنهم بعد بيعتهم، وغيرهم من
صلحاء المسلمين والتابعين، فكل يوافق رأيه رأيى في غزوه ومحاربته، ومنعه مما نالت
يده، وإنى نهضت إليه بأصحابى، أنفذ إليه من كل موضع كتبي، وأوجه إليه رسل، أدعوه
إلى الرجوع عما هو فيه، والدخول فيما فيه الناس معى، فكتب يتحكم على ويتمنى على
الامانى، ويشترط على شروطا لا يرضاها الله عزوجل ورسوله، ولا المسلمون، ويشترط في
بعضها أن أدفع إليه أقواما من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أبرارا فيهم عمار بن
ياسر، وأين مثل عمار ؟ والله لقد رأينا (5) مع النبي وما تقدمنا (6) خمسة إلا كان
سادسهم، ولا
1)
في بعض النسخ: " فأعملت الرأى " وفى الاختصاص: " فما عملت الرأى
". 2) المراد به جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك البجلى المتوفى سنة (51) ه
والمراد بالثاني إما زياد بن نضر بن بشر بن مالك بن الديان الحارثى، وأما أبو موسى
الاشعري والله العالم، قال مصحح الخصال: لم أعثر على إرسال أحدهما إلى معاوية
ولعله سهو من الراوى. 3) ولعل الصحيح: " فكل منهما " والسهو من النساخ.
4) في المصدر: " فلما لم أره أن يزداد فيما انتهك " وفى الاختصاص:
" فلما رأيته لم يزد فيما انتهك ". 5) في المصدر المطبوع وكذلك البحار:
" لقد رأيتنا " وفى الاختصاص: " لقد أتينا ". 6) في المصدر
وهكذا الاختصاص: " وما يعد منا خمسة ".
[ 377 ]
أربعة
إلا كان خامسهم، اشترط دفعهم إليه ليقتلهم ويصلبهم وانتحل دم عثمان ولعمر الله ما
ألب (1) على عثمان، ولا جمع الناس على قتله إلا هو وأشباهه من أهل بيته، أغصان
الشجرة الملعونة في القرآن. فلما لم أجب إلى ما اشترط من ذلك كر مستعليا في نفسه
بطغيانه وبغيه، بحمير لا عقول لهم ولا بصائر، فموه (2) لهم أمرا فاتبعوه، وأعطاهم
من الدنيا ما أمالهم به إليه فناجزناهم وحاكمناهم إلى الله عزوجل بعد الاعذار
والانذار، فلما لم يزده ذلك إلا تماديا وبغيا لقيناه بعادة الله التى عودنا من
النصر على أعدائه وعدونا، وراية رسول الله صلى الله عليه وآله بأيدينا، لم يزل
الله تبارك وتعالى يفل حزب الشيطان بها حتى يقضى الموت عليه، وهو معلم رايات أبيه
التى لم أزل أقاتلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله في كل المواطن، فلم يجد من
الموت منجا إلا الهرب. فركب فرسه وقلب رايته ! لا يدرى كيف يحتال ؟ فاستعان برأى
ابن العاص، فأشار إليه بإظهار المصاحف ورفعها على الاعلام، والدعاء إلى ما فيها،
وقال: إن ابن أبى طالب وحزبه أهل بصائر ورحمة وبقيا (3)، وقد دعوك إلى كتاب الله
أولا وهم مجيبوك إليه آخرا، فأطاعه فيما أشار به عليه، إذ رأى أنه لا منجا له من
القتل أو الهرب غيره. فرفع المصاحف يدعو إلى ما فيها بزعمه، فمالت إلى المصاحف
قلوب من بقى من أصحابي بعد فناء خيارهم (4) وجهدهم في جهاد أعداء الله وأعدائهم
على بصائرهم، فظنوا أن ابن آكلة الاكباد له الوفاء بما دعا إليه، فأصغوا إلى
دعوته، وأقبلوا بأجمعهم في إجابته، فأعلمتهم أن ذلك منه مكر، ومن ابن العاص معه، وأنهما
إلى النكث أقرب منهما إلى الوفاء فلم يقبلوا قولى ولم يطيعوا أمرى، وأبوا إلا
إجابته كرهت أم هويت، شئت أو أبيت، حتى أخذ
1)
ألب (كنصر): تجمع وتحشد. 2) موه عليه الامر أو الخبر: زوره عليه وزخرفه ولبسه، أو
بلغه خلاف ما هو. 3) في المصدر المطبوع: " ورحمة وتقيا " وفى الاختصاص:
" ورحمة ومعنى ". 4) في المصدر المطبوع: " أخيارهم ".
[ 378 ]
بعضهم
يقول لبعض: إن لم يفعل فألحقوه بابن عفان أو ادفعوه إلى ابن هند برمته (1) ! فجهدت
- علم الله - جهدي، ولم أدع علة (2) في نفسي إلا بلغتها في أن يخلونى ورأيى فلم
يفعلوا، وراودتهم على الصبر على مقدار فواق (3) الناقة أو ركضة (4) الفرس، فلم
يجيبوا ما خلا هذا الشيخ - وأومأ بيده إلى الاشتر - وعصبة من أهل بيتى. فوالله ما
منعنى أن أمضى على بصيرتي إلا مخافة أن يقتل هذان - وأومأ بيده إلى الحسن والحسين
- فينقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله وذريته من أمته ومخافة أن يقتل هذا
وهذا - وأومأ بيده إلى عبد الله بن جعفر، ومحمد بن الحنفية رضى الله عنهما - فإنى
أعلم لولا مكاني لم يقفا ذلك الموقف، فلذلك صبرت على ما أراد القوم مع ما سبق فيه
من علم الله عزوجل. فلما رفعنا عن القوم سيوفنا، تحكموا في الامور، وتخيروا
الاحكام والآراء، وتركوا المصاحف، وما دعوا إليه من حكم القرآن، وما كنت أحكم في
دين الله أحدا إذا كان التحكيم في ذلك الخطأ الذى لا شك فيه ولا امتراء. فلما أبوا
إلا ذلك أردت أن أحكم رجلا من أهل بيتى أو رجلا ممن أرضى رأيه وعقله، وأثق بنصيحته
ومودته ودينه، وأقبلت لا أسمى أحدا إلا امتنع منه ابن هند، ولا أدعوه إلى شئ من
الحق إلا أدبر عنه، وأقبل ابن هند يسومنا عسفا (5) وما ذاك إلا باتباع أصحابي له
على ذلك، فلما أبوا إلا غلبت على التحكم تبرأت إلى الله عزوجل منهم، وفوضت ذلك
إليهم، فقلدوه امرءا فخذعه ابن العاص خديعة ظهرت في شرق الارض وغربها، وأظهر
المخدوع عليها ندما، ثم أقبل على أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير
1)
برمته: بجملته. 2) في المصدر: " ولم أدع غلة في نفسي ". 3) فواق الناقة:
قال في البحار: الفواق: الوقت ما بين الحلبتين، لانها تحلب ثم تترك سويعة يرضعها
الفصيل لتدر ثم تحلب. 4) الركضة: الحركة والدفعة، يقال: " ركض الفرس برجليه
" أي استحثه للعدو. 5) سامه الامر: كلفه إياه، والعسف: الظلم.
[ 379 ]
المؤمنين.
فقال عليه السلام: وأما السابعة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان عهد إلى أن
أقاتل في آخر الزمان من أيامى قوما من أصحابي يصومون النهار، ويقومون الليل،
ويتلون الكتاب، يمرقون بخلافهم على ومحاربتهم إياى من الدين، كما (1) يمرق السهم
من الرمية، فيهم ذو الثدية (2)، يختم لى بقتلهم بالسعادة، فلما انصرفت إلى موضعي
هذا - يعنى بعد الحكمين - أقبل بعض (3) باللائمة، فيما صاروا إليه من تحكيم
الحكمين، فلم يجدوا لانفسهم من ذلك مخرجا إلا أن قالوا: كان ينبغى لاميرنا أن لا
يتابع من أخطأ وأن يقضى بحقيقة رأيه على قتل نفسه وقتل من خالفه منا، فقد كفر
بمتابعته إيانا وطاعته لنا في الخطأ، وأحل لنا بذلك قتله وسفك دمه، فتجمعوا على
ذلك، وخرجوا راكبين رؤوسهم ينادون بأعلى صوتهم لا حكم إلا لله. ثم تفرقوا فرقة
بالنخيلة (4)، وأخرى بحروراء (5)، وأخرى راكبة رأسها تخبط الارض شرقا حتى عبرت
دجلة، فلم تمر بمسلم إلا امتحنه، فمن تابعها استحيته، ومن خالفها قتلته، فخرجت إلى
الاوليين واحدة بعد أخرى، أدعوهم إلى طاعة الله عزوجل والرجوع إليه، فأبيا إلا
السيف لا يقنعهما غير ذلك، فلما أعيت الحيلة فيهما حاكمتهما إلى الله عزوجل فقتل
الله هذه وهذه. وكانوا - يا أخا اليهود لولا ما فعلوا لكانوا ركنا قويا وسد منيعا،
فأبى
1)
في المصدر وهكذا في البحار والاختصاص: مروق السهم من الرمية والرمية (بفتح الراء
وكسر الميم): الصيد يرمى. 2) ذو الشدية (بضم الثاء المثلثة وفتح الدال والياء
المشددة): لقب رجل من الخوارج اسمه حرقوص بن زهير، أو ثرملة قتل يوم النهروان،
قيل: هي مصغر الثدى وأدخل فيه الهاء لان معناها اليد وهى مؤنث، وذلك أن يده كانت
قصيرة مقدار الثدى، ويقال له أيضا: " ذو اليدية " وقيل: هو مصغر "
الثندوة " بحذف النون وانقلاب الواو ياء - مجمع البحرين في لفظ " ثدى
" - 3) في المصادر الثلاثة: " أقبل بعض القوم على بعض باللائمة ".
4) النخيلة (مصغرا): موضع بقرب الكوفة على سمت الشام. 5) الحر وراء (بالمد
والقصر): موضع بقرب الكوفة كان أول تجمعهم وتحكيمهم فيه.
[ 380 ]
الله
إلا ما صاروا إليه، ثم كتبت إلى الفرقة الثالثة، ووجهت رسلي تترى (1) وكانوا من
جلة (2) أصحابي وأهل التعبد منهم والزهد في الدنيا، فأبت إلا اتباع أختيها
والاحتذاء على مثالهما، وأسرعت (3) في قتل من خالفها من المسلمين، وتتابعت إلى
الاخبار بفعلهم. فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة، أوجه السفراء والنصحاء، وأطلب العتبى
(4) بجهدي بهذا مرة وبهذا مرة وأومأ بيده إلى الاشتر، والاحنف بن قيس، وسعيد بن
قيس الارحبي، والاشعث بن قيس الكندى فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم فقتلهم الله -
يا أخا اليهود - عن آخرهم، وهم أربعة آلاف أو يزيدون، حتى لم يفلت منهم مخبر،
فاستخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من ترى، له ثدى كثدي المرأة، ثم التفت عليه
السلام إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين فقال عليه
السلام: قد وفيت سبعا وسبعا - يا أخا اليهود - وبقيت الاخرى وأوشك بها فكان قد (5)
فبكى أصحاب على عليه السلام وبكى رأس اليهود. وقالوا: يا أمير المؤمنين أخبرنا
بالاخرى فقال عليه السلام: الاخرى أن تخضب هذه وأومأ بيده إلى لحيته - من هذه -
وأومأ بيده إلى هامته - قال: وارتفعت أصواب الناس في المسجد الجامع بالضجة والبكاء
حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا، وأسلم رأس اليهود على يدى على عليه
السلام من ساعته. ولم يزل مقيما حتى قتل أمير المؤمنين عليه السلام وأخذ (6) ابن
ملجم لعنه
1)
تترى (بفتح التاء المثناة الاولى الثانية والالف المقصورة): من المواترة وهى
المتابعة، وأصله " وترى " أبدلت الواو تاء كما في تراث - مجمع البحرين
في لفظ وتر - 2) في الاختصاص: من أجلة أصحابي. 3) في البحار: " وشرعت في قتل
". 4) العتبى (بضم العين كصغرى): الرجوع عن الاساءة إلى المسرة الرضى. 5) في
الاختصاص: " وكان قد قربت ". 6) في الاختصاص: " فلما قتل أمير
المؤمنين عليه السلام وأخذ ابن ملجم لعنه الله أقبل رأس اليهود ".
[ 381 ]
الله،
فأقبل رأس اليهود حتى وقف على الحسن عليه السلام، والناس حوله وابن ملجم لعنه الله
بين يديه، فقال له: يا أبا محمد اقتله قتله الله، فإنى رأيت (1) في الكتب التى
أنزلت على موسى (2) أن هذا أعظم عند الله عزوجل جرما من ابن آدم قاتل أخيه، ومن
القدار عاقر ناقة ثمود (3).
1)
في الاختصاص: " فإنى قرأت في الكتب ". 2) في الاختصاص: " على موسى
بن عمران عليه السلام ". 3) الخصال: 364 - 382 ح 58 - والاختصاص: 163 - 181
وعنهما البحار ج 38 / 167 - 184 ح 1.
[ 383 ]
1 - ابن بابويه، قال: حدثنا
أحمد (1) بن هارون قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميرى، عن أبيه،
عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبى عمير، عن أبان الاحمر، عن سعد الكنانى، عن الاصبغ
بن نباتة، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا على
أبشر بالشهادة، فإنك مظلوم بعدى ومقتول، فقال على عليه السلام: يا رسول الله وذلك
في سلامة من دينى ؟ قال صلى الله عليه وآله: في سلامة من دينك، يا على لن تضل ولن
تزل، ولولاك لم يعرف حزب الله بعدى (2). 2 - الشيخ في " أماليه " قال:
أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن على بن بلال المهلبى، قال: حدثنى أبو
العباس أحمد (3) بن الحسين
1)
أحمد بن إبراهيم بن هارون الفامى من شيوخ الصدوق حدثه في مسجد الكوفة سنة (354) ه
وحدث عنه الصدوق في العيون، والامالي، وكمال الدين كثيرا وهو يروى عن الحميرى وعلى
بن إبراهيم القمى. 2) الامالى للصدوق: المجلس (58) ح 17 ص 301 - وعنه البحار ج 38
/ 103 في ذيل ح 26. 3) أبو العباس أحمد بن الحسين بن عباد البغدادي البزاز عنونه
ابن أبى حاتم الرازي في الجرح والتعديل ج 2 / 48 وقال: قدم علينا الرى سنة (257) ه
وعنونه الخطيب في تاريخ بغداد ج 4 / 94 بعنوان أبى العباس السمسار. (*)
[ 384 ]
البغدادي،
قال: حدثنا الحسين بن عمر المقرى (1)، عن على بن الازهر (2)، عن على بن صالح المكى
(3)، عن محمد بن (4) عمر بن على، عن أبيه، عن جده، قال: لما نزلت على النبي صلى
الله عليه وآله وسلم: (إذا جاء نصر الله والفتح) قال صلى الله عليه وآله: يا على
لقد جاء نصر الله والفتح، فإذا (رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد
ربك واستغفره إنه كان توابا) يا على إن الله تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في
الفتنة من بعدى، كما كتب عليهم جهاد المشركين معى، فقلت: يا رسول الله وما الفتنة
التى كتب علينا فيها الجهاد ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: فتنة قوم يشهدون أن لا
إله إلا الله، وأنى رسول الله، وهم مخالفون لسنتي، وطاعنون في دينى. فقلت: فعلى م
نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ؟ فقال صلى
الله عليه وآله: على إحداثهم في دينهم، وفراقهم لامرى، واستحلالهم دماء عترتي،
قال: فقلت: يا رسول الله إنك كنت وعدتني الشهادة فسل الله تعجيلها لى، فقال صلى
الله عليه وآله وسلم: أجل، قد كنت وعدتك الشهادة، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا ؟
- وأومى إلى رأسي ولحيتي - فقلت: يا رسول الله أما إذا ثبت لى ما ثبت (5) فليس
بموطن صبر، ولكنه موطن بشرى وشكر، فقال صلى الله عليه وآله: أجل، فأعد للخصومة
فإنك تخاصم أمتى. قلت: يا رسول الله أرشدني الفلح، قال إذا رأيت قومك قد عدلوا
1)
ما عثرنا على الحسين بن عمر المقرئ ولكن يحتمل كما احتمله معلق " أمالى
المفيد " كونه الحسين بن عمرو العنقزى أو الصقرى فصحف وهو معنون في الجرح
والتعديل للرازي ج 3 / 61. 2) على بن الازهر الاهوازي الرامهرمزى كتب عنه أبو حاتم
الرازي بالرى وعنونه ابنه في الجرح والتعديل ج 6 / 175 تحت رقم (959) وقال: سئل
أبى عنه فقال: صدوق. 3) على بن صالح المكى العابد: معنون في " التقريب ".
4) محمد بن عمر بن على بن أبى طالب عليه السلام عنونه ابن أبى حاتم في الجرح
والتعديل ج 8 / 18. 5) في المصدر المطبوع: " أما إذا بينت لى ما بينت ".
[ 385 ]
عن
الهدى إلى الضلال فخاصمهم، فإن الهدى من الله، والضلال من الشيطان، يا على إن
الهدى هو اتباع أمر الله، دون الهوى والرأى وكأنك بقوم قد تأولوا القرآن، وأخذوا
بالشبهات، واستحلوا الخمر بالنبيذ، والبخص بالزكاة، والسحت بالهدية. قلت: يا رسول
الله فما هم إذا فعلوا ذلك، أهم أهل فتنة أم أهل ردة ؟ فقال: هم أهل فتنة يعمهون
فيها إلى أن يدركهم العدل، فقلت: يا رسول الله العدل منا أم من غيرنا ؟ فقال: بل
منا، بنا فتتح الله، وبنا يختم الله، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك، وبنا
يؤلف بين القلوب بعد الفتنة، فقلت: الحمد الله على ما وهب لنا من فضله. ورواه
الشيخ المفيد في " أماليه " قال: أخبرني أبو الحسن على بن بلال المهلبى
وسالق الحديث بالسند والمتن إلا أن فيه -: فقلت: يا رسول الله إذا بينت لى ما بينت
فليس موضع صبر، لكن موطن بشرى وشكر. وفى نسخة من نسخ الشيخ في " أماليه
" فقلت: يا رسول الله أما إذا شئت لى ما شئت فليس بموطن صبر، لكنه موطن بشرى
وشكر (1). 3 - محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن
أحمد (2) بن محمد، عن الحارث بن جعفر، عن على بن إسماعيل بن يقطين، عن عيسى (3) بن
المستفاد أبى موسى الضرير، قال: حدثنى موسى بن جعفر، قال: قلت لابي عبد الله عليه
السلام: أليس كان أمير المؤمنين
1)
الامالى للطوسي ج 1 / 63 - وأمالى المفيد: 288 ح 7 وعنهما البحار ج 32 / 297 ح 257
- والبرهان ج 4 / 517 ح 1 - وأخرج نحوه في البحار ج 32 / 308 ح 274 عن شرح النهج
لابن أبى الحديد ج 9 / 206. 2) هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان: الانباري
روى عن الكاظم والرضا والجواد عليهم السلام. 3) عيسى بن المستفاد أبو موسى البجلى
الضرير: روى عن الكاظم والجواد عليهما السلام وحدث عنه أبو يوسف الرحاطى، والازهر
بن بسطام بن رسيم، والحسن بن يعقوب وله كتاب رواه عنه عبيد الله بن عبد الله
الدهقان معجم رجال الحديث ج 13 / 206.
[ 386 ]
عليه
السلام كاتب الوصية، ورسول الله صلى الله عليه وآله المملى عليه، وجبرئيل
والملائكة المقربون عليهم السلام شهود ؟ قال: فأطرق طويلا (1) ثم قال: يا أبا
الحسن قد كان ما قلت، ولكن حين نزل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الامر نزلت
الوصية من عند الله كتابا مسجلا، نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من
الملائكة، فقال جبرئيل: يا محمد مر بإخراج من عندك إلا وصيك، ليقبضها منا،
ولتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها -، يعنى عليا عليه السلام -، فأمر النبي صلى
الله عليه وآله بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا عليه السلام، وفاطمة عليها السلام
فيما بين الستر والباب. فقال جبرئيل: يا محمد ربك يقرؤك السلام ويقول: هذا كتاب ما
كنت عهدت إليك، وشرطت عليك وشهدت به عليك، وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بى يا محمد
شهيدا، قال فارتعدت مفاصل النبي صلى الله عليه وآله وقال: يا جبرئيل ربى هو
السلام، ومنه السلام، وإليه يعود السلام، صدق عزوجل وبر، هات الكتاب، فدفعه إليه
وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال له: اقرأه، فقرأه حرفا حرفا
فقال: يا على هذا عهد ربى تبارك وتعالى إلى، وشرطه على، وأمانته، وقد بلغت، ونصحت،
وأديت. فقال على عليه السلام: وأنا أشهد لك يأبى أنت وأمى بالبلاغ، والنصيحة،
والتصديق على ما قلت، ويشهد لك به سمعي وبصرى ولحمي ودمى، فقال جبرئيل: وأنا لكما
على ذلك من الشاهدين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا على أخذت وصيتى،
وعرفتها، وضمنت لله ولى الوفاء بما فيها ؟ فقال على عليه السلام: نعم بأبى أنت
وأمى على صمانها، وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها، فقال رسول الله صلى الله
عليه وآله: يا على إنى أريد أن أشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة، فقال على عليه
السلام: نعم أشهد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن جبرئيل وميكائيل عليهما
السلام فيما بينى وبينك الآن، وهما حاضران، معهما
1)
في بعض النسخ: فأطرق مليا.
[ 387 ]
الملائكة
المقربون لاشهدهم عليك، فقال: ليشهدوا وأنا بأبى أنت وأمى أشهدهم، فأشهدهم رسول
الله صلى الله عليه وآله وكان فيما اشترط عليه النبي صلى الله عليه وآله بأمر
جبرئيل عليه السلام فيما أمر (1) الله عزوجل أن قال له: يا على، تفى بما فيها من
موالاة من والى الله ورسوله، والبراءة، والعداوة لمن عادى الله ورسوله، والبراءة
منهم على الصبر منك، وعلى كظم الغيظ، وعلى ذهاب حقك وغصب خمسك وانهتاك (2) حرمتك ؟
فقال: نعم يا رسول الله. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: والذى فلق الحبة، وبرء
النسمة لقد سمعت جبرئيل يقول للنبى صلى الله عليه وآله: يا محمد، عرفه (3) أنه
ينهتك الحرمة، وهى حرمة الله وحرمة رسوله صلى الله عليه وآله وعلى أن تخضب لحيته
من رأسه بدم عبيط (4)، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: فصعقت حين فهمت الكلمة من
الامين جبرئيل حتى سقطت على وجهى، وقلت: نعم قبلت ورضيت، وإن انهتكت (5) الحرمة،
وعطلت السنن، ومزق الكتاب، وهدمت الكعبة، وخضبت لحيتى من رأسي بدم عبيط، صابرا
محتسبا أبدا حتى أقدم عليك. ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة، والحسن،
والحسين عليهم السلام، وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين عليه السلام فقالوا مثل
قوله، فختمت الوصية بخواتيم من فضة (6) لم تمسه (7) النار، ودفعت إلى أمير
المؤمنين عليه السلام.
1)
في الوافى والبحار: " فيما امره الله ". 2) في المصدر، والبحار،
والوافى: " وانتهاك حرمتك " بتقديم التاء على الهاء. 3) في المصدر
المخطوط: " أعلمه ". 4) دم عبيط: خالص طرى. 5) في المصدر المطبوع،
والوافى، والبحار: " وإن انتهكت " بتقديم التاء على الهاء. 6) في المصدر
المطبوع وكذلك الوافى والبحار: " من ذهب ". 7) قال الفيض قدس سره في
الوافى: " لم تمسه النار " وذلك لانه كان من عالم الامر والملكوت، منزها
عن مواد العناصر وتراكيبها.
[ 388 ]
فقلت
لابي الحسن عليه السلام: بأبى أنت وأمى ألا تذكر ما كان في الوصية ؟ فقال: سنن
الله وسنن رسوله، فقلت: أكان في الوصية توثبهم (1) وخلافهم على أمير المؤمنين عليه
السلام ؟ فقال: نعم، والله شئ بعد شئ وحرف بحرف (2) أما سمعت قول الله عزوجل: (إنا
نحن نحيى الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) (3) والله
لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لامير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام: أليس
قد فهمتما ما قدمت (4) به إليكما فقبلتماه ؟ فقالا: بلى، وصبرنا على ما ساءنا
وغاضنا. وفى نسخة الصفوانى (ر ه) زيادة (5) (6). 4 - الشيخ ورام (7) في كتابه قال:
حدثنا محمد بن الحسن القصبانى (8)، عن إبراهيم بن محمد بن مسلم الثقفى قال: حدثنى
عبد الله بن بلج المنقرى، عن شريك، عن جابر، عن أبى خمزة اليشكرى، عن قدامة
الاودى، عن إسماعيل بن عبد الله الصلعى، وكانت له صحبة، قال: لما كثر الاختلاف بين
1)
قال في الوافى: التوثب: الاستيلاء على الشئ ظلما. 2) في المصدر، وهكذا الوافى:
" نعم، والله شيئا شيئا، وحرفا حرفا " وفى البحار: " شئ بشئ، وحرف
بحرف ". 3) يس: 114. 4) في المصدر، وهكذا الوافى والبحار: " ما تقدمت
". 5) قوله: وفى نسخة الصفوانى زيادة: قال العلامة المجلسي في " مرآة
العقول ": هذا كلام بعض رواة الكليني، فإن نسخ الكافي كانت بروايات مختلفة
كالصفواني وهو محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة بن صفوان الجمال، وكان ثقة فقيها
فاضلا، ومحمد بن إبراهيم النعماني، وهارون بن موسى التلعكبرى، وكان بين تلك النسخ
اختلاف فتصدى بعض من تأخر عنهم كالصدوق والمفيد وأضرابهما الجمع بين النسخ
والاشارة إلى الاختلاف بينها. 6) الكافي ج 1 / 281 ح 4 وعنه البرهان ج 4 / 5 ح 1 والوافى
ج 2 / 264 ح 4 - وفى البحار ج 22 / 479 ح 28 عنه وعن الطرف: 23 و 24. 7) أبو
الحسين ورام بن أبى فراس من أحفاد مالك الاشتر توفى سنة (605) ه الذريعة ج 20 /
109 - 8) في البحار: " القضبانى " بالضاد المعجمة.
[ 389 ]
أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله، وقتل عثمان بن عفان تخوفت على نفسي الفتنة، فاعتزمت
على اعتزال الناس، فتنحيت إلى ساحل البحر، فإقمت فيه حينا لا أدرى ما فيه الناس،
(معتزلا لاهل البحر (1) والارجاف (2)) (3). فخرجت من بيتى لبعض حوائجى، وقد ها (4)
الليل ونام الناس، فإذا أنا برجل على ساحل البحر يناجى ربه ويتضرع إليه بصوت شجى
(5) وقلب حزين فنصت (6) له وأصغيت (7) إليه من حيث لا يرانى، فسمعته يقول: يا حسن
الصحبة، يا خليفة النبيين، أنت أرحم الراحمين، البدئ البديع الذى ليس كمثلك شئ،
والدائم غير الغافل، والحى الذى لا يموت، أنت كل يوم في شأن، أنت خليفة محمد، وناصر
محمد، ومفضل محمد، أنت الذى (8) أسألك أن تنصر وصى محمد، والقائم بالقسط بعد محمد،
اعطف عليه نصرك أو توفنى برحمة. قال: ثم رفع رأسه، فقعد (9) مقدار التشهد، ثم إنه
سلم فيما أحسب تلقاء وجهه، ثم مضى فمشى على الماء، فناديته من خلفه: كلمني يرحمك
الله، فلم يلتفت، وقال: الهادى خلفك، فاسأله عن أمر دينك، قال: قلت: من هو ؟ قال:
وصى محمد من بعده، فخرجت متوجها إلى الكوفة، فأمسيت دونها، فبت قريبا من الحيرة،
فلما أجننى الليل إذ أنا برجل قد أقبل حتى استتر برابية (10) ثم صف قدميه، فإطال
المناجاة، وكان فيما قال: اللهم إنى
1)
في المصدر: " لاهل الهجر ". 2) الارجاف (بكسر الهمزة): الخوض في الاخبار
السيئة والفتن بقصد أن يهيج الناس. 3) " البحار " خال عما بين القوسين.
4) هدء: سكن، هدء الليل: نام الناس فيه. 5) الشجى: الحزين. 6) نصت له (بصيغة
المتكلم): سكت مستمعا له. 7) في البحار: " فآنست إليه ". 8) ليس في
البحار: " أنت الذى ". 9) في البحار ": " وجلس بقدر التشهد
". 10) الرابية: ما ارتفع من الارض.
[ 390 ]
سرت
فيهم بما أمرنى به رسولك وصفيك، وقتلت من المنافقين كلما أمرتنى فجهلوني، وقد
مللتهم وملوني، وأبغضتهم وأبغضوني، ولم يبق لى خلة أنتظرها إلا المرادى، اللهم
فاجعل له (1) الشقاء، وتغمدني بالسعادة، اللهم قد وعدني نبيك أن تتوفانى إليك إذ
سألتك، اللهم وقد رغبت إليك في ذلك، ثم مضى فقفوته (2)، فدخل منزله، فإذا هو على
بن أبى طالب عليه السلام، فلم ألبث أن نادى المنادى بالصلاة، فخرج وتبعته، حتى دخل
المسجد، فغمصه ابن ملجم لعنه الله بالسيف (3). 5 - الشيخ في " أماليه "
قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابى، قال: حدثنا
أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف
القطان الكوفى، قال: حدثنا محمد بن سليمان المنقرى (4) الكندى، عن عبد الصمد بن
على النوفلي، عن أبى إسحق السبيعى عن الاصبغ بن نباته العبدى، قال: لما ضرب ابن
ملجم لعنه الله أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام غدونا عليه نفر من
أصحابنا: أنا، والحارث، وسويد بن غفلة، وجماعة معنا، فقعدنا على الباب، فسمعنا
البكاء، فبكينا، فخرج إلينا الحسن بن على عليه السلام، فقال: يقول لكم أمير
المؤمنين عليه السلام: انصرفوا إلى منازلكم، فانصرف القوم غيرى، فاشتد البكاء من
منزلة، فبكيت، فخرج الحسن عليه السلام، وقال: ألم أقل لكم انصرفوا ؟ فقلت: لا والله
يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما تتابعنى نفسي، ولا تحملني أن أنصرف
حتى أرى أمير المؤمنين عليه السلام. قال: وبكيت، فدخل، ولم يلبث أن خرج، فقال لى:
ادخل،
1)
في البحار: فعجل له الشقاء ". 2) في البحار: " فتبعته ". 3) تنبيه
الخواطر: ج 2 / 2 - وعنه البحار ج 42 / 252 ح 54. 4) في المصدر: " محمد بن
سلمان المقرى " - وفى أمالى المفيد والبحار: " محمد بن سليمان المقرى
" وعلى أي حال ما ظفرت له ولمن روى عنه ترجمة.
[ 391 ]
فدخلت
على أمير المؤمنين عليه السلام، وهو إذا مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف
(1)، واصفر وجهه ما أدرى وجهه أصفر أم العمامة، فأكببت عليه فقبلته، فقال لى: لا
تبك يا أصبغ فإنها والله الجنة، فقلت له: جعلت فداك إنى أعلم والله إنك تصير إلى
الجنة، وإنما أبكى لفقداني إياك يا أمير المؤمنين جعلت فداك (2). 6 - السيد الرضى
(ر ض) في " الخصائص " وابن شهر اشوب في " الفضائل " رحمهما
الله تعالى: لما ضربه ابن ملجم لعنه الله قال عليه السلام: فزت ورب الكعبة (3).
1)
نزف الدم فلانا: خرج منه دم كثير حتى يضعف فهو نزيف. 2) أمالى الطوسى ج 1 / 122
وأمالى المفيد: 351 - وعنهما البحار ج 42 / 204 ح 8. 3) الخصائص: 63 - المناقب
لابن شهر اشوب ج 3 / 312 وعنه البحار 42 / 239.
[ 393 ]
1 - قال الشيخ على بن عيسى في " كشف
الغمة ": صفة على عليه السلام قال الخطيب أبو المؤيد الخوارزمي: عن أبى إسحق،
قال: لقد رأيت عليا عليه السلام أبيض الرأس واللحية، ضخم البطن، ربعة (1) من
الرجال. وذكر ابن مندة (2) أنه كان شديد الادمة، ثقيل العينين، عظيمهما، ذا بطن
وهو إلى القصر أقرب، أبيض الرأس واللحية، صلوات الله عليه وآله الطاهرين. وزاد
محمد بن (3) حبيب البغدادي صاحب " المحبر الكبير " آدم اللون، حسن الوجه،
ضخم الكراديس (4)، واشتهر عليه السلام بالانزع البطين. أما في الصورة فيقال: رجل
أنزع: بين النزع، وهو الذى انحسر الشعر عن جانبى جبهته، وموضعه النزعة، وهما
النزعتان، ولا يقال لامرأة: نزعاء، ولكن زعراء، والبطين: الكبير البطن.
1)
الربعة (بفتح الاول وسكون الثاني): الوسيط القامة، للمذكر والمؤنث. 2) مشترك بين
ستة أشهرهم: يحيى بن عبد الوهاب الاصفهانى المؤرخ المتوفى (511) ه. 3) محمد بن
حبيب أبو جعفر المؤدب البغدادي المتوفى بسامراء سنة (245) ه. 4) الكردوسة (بضم
الكاف وسكون الراء جمعه الكراديس): كل عظمين التقيا في مفصل.
[ 394 ]
وأما
المعنى فإن نفسه نزعت (يقال: نزع إلى أهله ينزع نزاعا: اشتاق، ونزع عن الامور
نزوعا: انتهى عنها) (1) عن ارتكاب الشهوات فاجتنبها، ونزعت إلى اجتناب السيئات فسد
عليه مذهبها، ونزعت إلى اكتساب الطاعات فأدركها حين طلبها، ونزعت إلى استصحاب
الحسنات فارتدى بها وتحلاها. وامتلا علما فلقب بالبطين، وأظهر بعضا وأبطن بعضا حسب
ما اقتضاه علمه الذى عرف به الحق اليقين. أما ما ظهر من علمه فأشهر من الصباح،
وأسير في الآفاق من سرى الرياح. وأما ما بطن فقال: " بل اندمجت على مكنون علم
لو بحت به لا ضطربتم اضطراب الارشية في الطوى البعيدة. ومما ورد في صفته عليه
السلام ما أورده صديقنا العز المحدث (2) وذلك حين طلب منه السعيد بدر الدين لؤلؤ
صاحب (3) الموصل أن يخرج أحاديث صحاحا وشيئا مما ورد في فضائل أمير المؤمنين عليه
السلام وصفاته، وكتب على أتوار الشمع (4) الاثنى عشر التى حملت إلى مشهده عليه
السلام وأنا رأيتها، قال: كان ربعة من الرجال، أدعج (5) العينين، حسن الوجه، كأنه
القمر ليلة البدر، حسنا، ضخم البطن، عريض المنكبين، شئن الكفين (6) أغيد (7) كأن
1)
في هامش البحار: أما بين العلامتين إما جملة معترضة وإما تعليقة كانت في الهامش
فأثبتها النساخ في المتن. 2) هو عز الدين الرسعنى عبد الرزاق بن رزق الله بن أبى
بكر بن خلف الحنبلى الموصلي توفى بسنجار سنة (660) ه ذيل طبقات الحنابلة ج 2 / 274
- 3) صاحب الموصل: الملك بدر الدين لؤلؤ الارمني الاتابكى توفى سنة (657) ه العبر
ج 5 / 240 4) في هامش البحار: الاتوار: جمع تور (بفتح التاء) وهو إناء صغير من صفر
أو حجارة كالاجانة. وكان المراد هنا ما ينصب فيه الشمع. 5) إذا كانت العين سوداء
شديدا مع سعتها قيل لها: دعجاء ولصاحبها: أدعج. 6) قال الجزرى: " شئن الكفين
والقدمين " أي إنهما يميلان إلى الغلط والقصر وقيل: هو أن يكون في أنامله غلظ
بلا قصر، ويحمد ذلك في الرجال وبذم في النساء - النهاية ج 2 / 204 7) الاغيد: الذى
مالت عنقه ولانت أعطافه.
[ 395 ]
عنقه
إبريق فضة، أصلع، كث اللحية، لمنكبيه مشاش (1) كمشاش السبع الضارى، لا يبين عضده
من ساعده، وقد أدمجت إدماجا، إن أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه، فلم يستطع أن ينفس،
شديد الساعد واليد، إذا مشى إلى الحرب هرول، ثبت الجنان، قوى، شجاع، منصور على من
لاقاه، انتهى كلام على بن عيسى رحمه الله (2). 2 - كتاب " الصفوة " لبعض
العامة قال: صفته كان أبيض طويلا، ويقال: لم يكن بالطويل ولا بالقصير، إلى الجف في
اللحم ما هو، ويقال: كان أسمر اللون، خفيف العارضين.
1)
المشاش (بضم الميم) رؤوس العظام اللينة. والسبع الضارى: المعتاد بالصيد لا يصير
عنه. 2) كشف انغمة ج 1 / 75 وعنه البحار ج 35 / 4 ح 2 - وأورد صدره الخوارزمي في
المناقب: 12.
[ 397 ]
1 - ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن محمد
بن سعد الهاشمي (1)، قال حدثنا فرات بن إبراهيم الكوفى، قال: حدثنا محمد بن أحمد
بن على الهمداني قال: حدثنى أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري، قال: حدثنا
محمد ابن القاسم بن إبراهيم بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبى بكر، قال: حدثنا
عبد السلام بن صالح الهروي، عن على بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه
جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن على، عن أبيه على بن الحسين، عن أبيه الحسين بن
على، عن أبيه على بن أبى طالب عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: ما خلق الله خلقا أفضل منى، ولا أكرم عليه منى، قال على عليه السلام: فقلت:
يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل ؟. فقال صلى الله عليه وآله: يا على إن الله
تبارك وتعالى فضل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلني على جميع النبيين
والمرسلين، والفضل بعدى لك يا على وللائمة من بعدك، فإن الملائكة لخدامنا وخدام
مجينا، يا على الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم، ويستغفرون للذين
1)
في العيون: الهاشمي الكوفى بالكوفة سنة (354) ه.
[ 398 ]
آمنوا
بولايتنا (1). يا على لولا نحن ما خلق الله آدم، ولا حواء، ولا الجنة، ولا النار،
ولا السماء، ولا الارض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة ؟ وقد سبقناهم إلى معرفة
ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه، لان أول ما خلق الله عزوجل خلق أرواحنا فأنطقنا
بتوحيده وتحميده، ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا،
فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون، وأنه منزه عن صفاتنا فسبحت الملائكة
بتسبيحنا ونزعته عن صفاتنا، فلما شاهدوا عظم شأئننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا
إله إلا الله وأنا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه، فقالوا: لا إله إلا
الله. فلما شاهدوا كبر محلنا كبرنا لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال عظم
المحل (2) إلا به فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العزة والقوة، قلنا: لا حول ولا
قوة إلا بالله (3)، لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوة إلا بالله، فلما شاهدوا ما
أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا: الحمد لله، لتعلم الملائكة ما
يحق (4) لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمته، فقالت الملائكة: الحمد لله،
فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده. ثم إن الله
تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكرما،
وكان سجودهم لله عزوجل عبودية، ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون
أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون (5) ؟ وأنه لما عرج بى إلى السماء
أذن جبرئيل مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى ثم قال: تقدم يا محمد فقلت له: يا جبرئيل
أتقدم عليك ؟ فقال: نعم لان
1)
إشارة إلى قوله تعالى في سورة المؤمن: الآية: 7. 2) في كمال الدين: " وأنه
عظيم المحل ". 3) في كمال الدين: " بالله العلى العظيم ". 4) في
العيون: " ما يستحق لله تعالى ". 5) إشارة إلى ما في سورة الحجر الآية
30 وغيرها من السور. (*)
[ 399 ]
الله
تبارك وتعالى فضل أنبياءه على ملائكته أجمعين وفضلك (1) خاصة، فتقدمت فصليت بهم
ولا فخر. فلما انتهيت إلى حجب النور قال لى جبرئيل: تقدم يا محمد، وتخلف عنى فقلت:
يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني ؟ فقال: يا محمد إن انتهاء حدى الذى وضعني
الله عزوجل فيه إلى هذا المكان فإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدى حدود ربى جل جلاله
فزخ (2) بى في النور زخة حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله من علو ملكه، فنوديت يا
محمد، فقلت: لبيك ربى وسعديك تباركت وتعاليت فنوديت: يا محمد أنت عيدي وأنا ربك
فإياى فاعبد، وعلى فتوكل، فإنك نوري في عبادي، ورسولي إلى خلقي، وحجتي على بريتى،
لك ولمن اتبعك خلقت جنتي، ولمن خالفك خلقت نارى، ولاوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتهم
أوجبت ثوابي، فقلت: يا رب ومن أوصيائي ؟ فنوديت يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق
عرشى، فنظرت وأنا بين يدى ربى جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت أثنى عشر نورا، في كل
نور سطر أخضر عليه اسم وصى من أوصيائي أولهم: على بن أبى طالب، وآخرهم مهدى أمتى.
فقلت: يا رب هؤلاء أوصيائي من بعدى ؟ فنوديت: يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي
وأصفيائي وحججى بعدك على بريتى، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالى
لاظهرن بهم دينى، ولاعلين بهم كلمتي، ولاطهرن الارض بآخرهم من أعدائي، ولامكننه
مشارق الارض ومغاربها، ولاسخرن له الرياح، ولاذللن له السحاب الصعاب، ولارقينه في
الاسباب، ولانصرنه بجندي، ولامدنه بملائكتي حتى تعلو دعوتي، ويجمع الخلق على
1)
وفى نسخة: " وفضلك يا محمد خاصة ". 2) زخ (بالزاى والخاء المعجمة)
الجمر: برق شديدا. زخ الحادى بالابل: سار بها سيرا عنيفا. وفى العلل المطبوع:
" فزج بى " زج بالشئ (بالجيم): رمى به. وفى بعض النسخ: " فرج بى
" (بالراء المهملة والجيم): حركني وحزني.
[ 400 ]
توحيدي،
ثم لاديمن ملكه، ولاداولن الايام بين أوليائي إلى يوم القيامة (1). 2 - ابن
بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن
يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر ابن أذينة، عن أبان بن أبى عياش (2)، عن
إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم ابن قيس الهلالي، قال: سمعت سلمان الفارسى يقول:
كنت جالسا بين يدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضته التى توفى فيها،
ودخلت فاطمة عليها السلام ورأت ما بأبيها من الضعف بكت حتى جرت دموعها على خديها
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: وما يبكيك يا فاطمة ؟ قالت: يا رسول الله
أخشى على نفسي وولدى الضيعة بعدك، فاغرورقت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله
بالبكاء. ثم قال: يا فاطمة أما علمت أنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا
وأنه حتم الفناء على جميع خلقه، وأن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الارض اطلاعة
فاختارني من خلقه وجعلني نبيا، ثم اطلع (3) اطلاعة ثانية فاختار منها زوجك، وأوحى
إلى أن أزوجك إياه، وأن أتخذه وليا ووزيرا، وأن أجعله خليفتي في امتى فأبوك خير
أنبياء الله ورسله، وبعلك خير الاوصياء، وأنت أول من يلحق بى من أهلى. ثم اطلع إلى
الارض ثالثة فاختارك وولديك، وأنت سيدة نساء أهل الجنة وابناك حسن وحسين سيدا شباب
أهل الجنة، وأنا وبعلك وأوصيائي إلى يوم القيامة كلهم هادون مهديون، أول الاوصياء
بعدى أخى على، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين في درجتي، وليس في
الجنة درجة أقرب إلى
1)
علل الشرائع: 5 وعيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 باب 26 ح 22 - وكمال الدين: 254
- وتقدم الحديث في الباب الاول ح 1 وله تخريجات ذكرناها هناك. 2) أبان بن أبى عياش
فيروز التابعي: عد من أصحاب السجاد والباقر والصادق عليهم السلام. 3) في المصدر:
" اطلع إلى الارض اطلاعة ".
[ 401 ]
الله
من درجتي ودرجة أخى، أما تعلمين يا بنتى (1) أن من كرامة الله إياك أن زوجك خير
أمتى وخير أهل بيتى، وأقدمهم سلما، وأعظمهم حلما، وأكثرهم علما، فاستبشرت فاطمة
عليها السلام وفرحت بما قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ثم قال: يا
بنية إن لبعلك مناقب، إيمانه بالله ورسوله قبل كل أحد، لم يسبقه إلى ذلك أحد من
أمتى، وعلمه بكتاب الله عزوجل وسنتى، فليس أحد من أمتى يعلم جميع علمي غير على
عليه السلام. وإن الله عزوجل علمني علما لا يعلمه غيره، وعلم ملائكته ورسله علما،
فكلما علمه ملائكته ورسله فأنا أعلمه، وأمرني الله أن أعلمه إياه ففعلت، فليس لاحد
من أمتى يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره، وإنك يا بنية زوجته، وابناه سبطاى حسن
وحسين، وهما سبطا أمتى وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر فإن الله عزوجل آتاه
الحكمة وفصل الخطاب. يا بنية إنا أهل بيت أعطانا الله عزوجل ست خصال لم يعطها أحدا
من الاولين كان قبلكم، ولا يعطها أحدا من الآخرين غيرنا، نبينا سيد الانبياء
والمرسلين وهو أبوك، ووصينا سيد الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة
بن عبد المطلب، وهو عم أبيك، قالت: يا رسول الله هو سيد الشهداء الذين قتلوا معك
(2) ؟ قال: لا، بل سيد شهداء الاولين والآخرين ما خلا الانبياء والاوصياء، وجعفر
بن أبى طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع الملائكة، وابناك حسن وحسين سبطا أمتى
وسيدا شباب أهل الجنة. ومنا والذى نفسي بيده مهدى هذه الامة الذى يملا الارض قسطا
وعدلا كما ملئت جورا وظلما، قالت: وأى هؤلاء الذين سميتهم أفضل ؟ قال صلى الله
عليه وآله وسلم: على بعدى أفضل أمتى، وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتى بعد على
1)
في المصدر: " يا بنية ". 2) في المصدر: " قتلوا معه ".
[ 402 ]
وبعدك
وبعد ابني وسبطي حسن وحسين وبعد الاوصياء من ولد ابني هذا، - وأشار بيده إلى
الحسين -، منهم المهدى عليه السلام. وإنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على
الدنيا، ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليها وإلى بعلها وإلى ابنيها
فقال: يا سلمان أشهد الله أنى سلم لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم، أما إنهم في الجنة
معى. ثم أقبل على على عليه السلام فقال: يا أخى أنت ستبقى بعدى، وستلقى من قريش
شدة، ومن تظاهرهم عليك وظلمهم، فإن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم، وقاتل من خالفك بمن
وافقك، فإن لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بها إلى التهلكة، فإنك منى بمنزلة
هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه، وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم
قريش وتظاهرهم عليك، فإنك بمنزلة هارون ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه، يا
على إن الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الامة، فلو شاء الله
لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الامة، ولا ينازع في شئ من أمره، ولا
يجحد المفضول لذوى الفضل فضله، ولو شاء الله لعجل النقمة، وكان منه التغيير حتى
يكذب الظالم، ويعلم الحق إلى مصيرة، ولكنه جعل الدنيا دار الاعمال، وجعل الآخرة
دار القرار، (ليجزى الذين أساؤ بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى) (1) فقال
عليه السلام: الحمدلله شكرا على نعمائه وصبرا على بلائه (2). 3 - الشيخ في "
أماليه " قال أخبرنا محمد بن محمد، يعنى المفيد، قال: حدثنا الشريف الصالح
أبو محمد الحسن بن حمزة (3) قال: حدثنا أبو القاسم نصر
1)
النجم: 31. 2) كمال الدين: 262 ح 10 - وعنه البحار ج 28 / 52 ح 21 وعن سليم بن
قيس: 69. 3) هو الحسن بن حمزة بن على بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن
على بن الحسين السجاد عليهما السلام المعروف بالمرعشى الطبري كان من وجوه السادة،
ذكره علماء الرجال وأثنوا عليه بكل جميل، توفى سنة (358) ه.
[ 403 ]
ابن
الحسن الورامينى قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمى، قال: حدثنا محمد بن
الوليد المعروف بشاب الصيرفى مولى بنى هاشم، قال: حدثنا سعيد الاعرج، قال: دخلت
أنا وسليمان بن خالد (1) على أبى عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام، فابتدأني
فقال: يا سليمان ما جاء عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام يؤخذ به،
وما نهى عنه ينتهى عنه، جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وآله،
ولرسوله الفضل على جميع من خلق الله. العائب على أمير المؤمنين عليه السلام في شئ
كالعائب على الله عزوجل وعلى رسوله صلى الله عليه وآله، والراد عليه في صغير أو
كبير على حد الشرك بالله كان أمير المؤمنين عليه السلام باب الله الذى لا يؤتى إلا
منه، وسبيله الذى من تمسك بغيره هلك، كذلك جرى حكم الائمة عليهم السلام بعده واحد
بعد واحد، جعلهم الله أركان الارض، وهم الحجة البالغة على من فوق الارض ومن تحت
الثرى، أما علمت أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: أنا قسيم الله بين الجنة
والنار، وأنا الصادق (2) الاكبر، وأنا صاحب العصا والميسم (3) ولقد أقر لى جميع
الملائكة والروح بمثل ما أقروا لمحمد صلى الله عليه وآله، ولقد حملت (4) مثل حمولة
محمد صلى الله عليه وآله وهى حمولة الرب، وأن محمد
1)
سليمان بن خالد: أبو الربيع الهلالي الاقطع، خرج مع زيد فقطعت اصبعه لم يخرج من
أصحاب الباقر عليه السلام معه غيره. روى عن الباقر والصادق عليهما السلام - جامع
الرواة ج 1 / 377 - 2) في البحار: " وأنا الفاروق الاكبر ". 3) قال
المجلسي في بيان الحديث: قوله: " صاحب العصار والميسم " فسيأتي أنه عليه
السلام الدابة الذى ذكره الله في القرآن يظهر قبل قيام الساعة، معه عصا موسى وخاتم
سليمان يسم بها وجوه المؤمنين والكافرين ليتميزوا. 4) قوله عليه السلام: "
وقد حملت " أي حملني الله من العلم والايمان والكمالات أو تكليف هداية الخلق
وتبليغ الرسالات وتحمل المشاق مثل ما حمل محمدا صلى الله عليه وآله. وفى بعض
النسخ: " ولقد حملت على مثل حمولته " فيمكن أن يقرأ " حملت "
على المجهول المتكلم، = = وعلى التخفيف، " والحمولة " بفتح الحاء، أي
حملني الله تعالى على مثل ما حمله عليه من الامور التى توجب الوصول إلى أقصى منازل
الكرامة من الخلافة والامامة.
[ 404 ]
يدعى
فيكسى، ويستنطق فينطق، وأدعى فأكسى وأستنطق فأنطق، ولقد أعطيت خصالا لم يعطها أحد
قبلى، علمت البلايا والقضايا وفصل الخطاب (1) 4 - ومن طريق المخالفين أبو المؤيد
موفق بن أحمد، قال: أخبرني شهردار (2) إجازة، أخبرني عبدوس كتابة، أخبرني أبو طالب
(3)، حدثنى ابن مردويه، حدثنى أحمد بن محمد بن عاصم (4)، حدثنى عمران بن عبد
الرحيم (5)، حدثنى أبو الصلت الهروي، حدثنى الحسين بن الحسن الاشقر (6)، حدثنى
قيس، عن الاعمش، عن عباية بن ربعى، عن أبى أيوب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
مرض مرضة فأتته فاطمة عليها السلام تعوده، فلما رأت ما برسول الله من الجهد والتعب
والضعف استعبرت، فبكت حتى سالت دموعها على خديها. فقال لها رسول الله صلى الله
عليه وآله: يا فاطمة إن لكرامة الله تعالى إياك زوجتك من أقدمهم سلما، وأكثرهم علما،
وأعظمهم حلما، إن الله تعالى اطلع إلى أهل الارض اطلاعة فاختارني منهم، فبعثني
نبيا مرسلا، ثم اطلع اطلاعه فاختار منهم بعلك، فأوحى إلى أن أزوجه إياك (7) وأتخذه
وصيا وأخا (8).
1)
أمالى الطوسى ج 1 / 208 - وعنه البحار ج 25 / 352 ح 1 2) شهردار: بن شيرويه بن
شهردار الديلمى الهمداني المتوفى سنة (558) ه - شذرات الذهب ج 4 / 182 - 3) أبو
طالب الفضل بن محمد الشريف الجعفري الاصفهانى. 4) أحمد بن محمد بن أحمد عاصم بن
طلحة أبو عبد الله العاصمى الكوفى البغدادي ذكره النجاشي والشيخ. 5) عمران بن عبد
الرحيم: بن أبى الورد المتوفى سنة (271) ه - دائرة الاعلمي - 6) الحسين بن الحسن
الاشقر: الفزارى الكوفى روى عن قيس الاسدي الكوفى. 7) في المصدر: أن أزوجك إياه.
8) مناقب الخوارزمي: 62 - وعنه كشف الغمة ج 1 / 153 - وأخرجه في البحار ج 37 / 41
ح 16 عن أمالى الطوسى ج 1 / 154. (*)
[ 405 ]
وحديث
الاطلاعة في عدة أسانيد مذكورة في كتاب " الانصاف " (1) في النص على
الائمة الاثنى عشر صلوات الله عليهم أجمعين.
1)
من كتب المصنف فرغ منه (1098).
[ 407 ]
1 - الشيخ في " أماليه " قال: أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد،
يعنى بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن القطوانى، قال:
حدثنا إبراهيم بن أنس الانصاري، قال: حدثنا إبراهيم (1) بن جعفر بن عبد الله بن
محمد بن سلمة، عن أبى الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا عند النبي صلى الله
عليه وآله فأقبل على بن أبى طالب عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله قد
أتاكم أخى، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده، ثم قال: والذى نفسي بيده إن هذا
وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة. ثم قال: إنه أولكم إيمانا معى، وأوفاكم بعهد
الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية، قال:
فنزلت: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) (2) قال: فكان أصحاب
محمد صلى الله عليه وآله إذا أقبل على عليه السلام قالوا: قد جاء خير البرية (3).
1)
إبراهيم بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدى بن مجدعة
توفى سنة (191) - ثقات ابن حبان ج 8 / 62 - 2) البينة: 7. 3) أمالى الطوسى ج 1 /
257 - وعنه البحار ج 38 / 5 ح 5 - والبرهان ج 4 / 491 ح 6.
[ 408 ]
2 - محمد بن العباس
بن ماهيار، المعروف بابن الجحام الثقة، في تفسيره " فيما نزل في أهل البيت
عليهم السلام " عن أحمد بن الهيثم (1)، عن الحسن بن عبد الواحد، عن حسن بن
حسين، عن يحيى بن مساور، عن إسماعيل بن زياد، عن إبراهيم بن مهاجر (2)، عن يزيد بن
شراحيل (3) كاتب على بن أبى طالب عليه السلام قال: سمعت عليا عليه السلام يقول:
حدثنى رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا مسنده إلى صدري، وعائشة من أذنى (4)،
فأصغت عائشة لتسمع إلى ما يقول، فقال: أي أخى ألم تسمع قول الله عزوجل: (إن الذين
آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) (5) ؟ ثم التفت إلى فقال: أنت يا على
وشيعتك موعدى وموعدكم الحوض إذا جئت بالامم تدعون غرا محجلين، متوجين، شباعا
مرويين (6). 3 - وعنه، عن أحمد بن هوذة (7)، عن إبراهيم بن إسحاق (8)، عن عبد الله
بن حماد (9)، عن عمرو بن شمر، عن أبى مخنف (10)، عن يعقوب بن ميثم، أنه وجد في كتب
أبيه أن عليا عليه السلام قال: سمعت رسول الله
1)
يحتمل أنه أحمد بن الهيثم بن إبراهيم أبو على الخطاب الشوكى البغدادي المتوفى سنة
(308) ذكره الخطيب في تاريخ بغداد ووثقه. 2) يحتمل أنه إبراهيم بن مهاجر بن جابر
البجلى الكوفى التابعي، وثفه ابن سعد. 3) زيد (أو يزيد) بن شراحيل الانصاري كان
ممن شهد لعلى عليه السلام بحديث الغدير 4) في المصدر: " عند أذنى ". 5)
البينة: 7. 6) تأويل الآيات ج 2 / 831 ح وعنه البحار ج 23 / 389 ح 99 وج 68 / 53 ح
95 والبرهان ج 4 / 489 ح 1. 7) هو أحمد بن نصر بن سعيد الباهلى المعروف بابن أبى
هراسة، ويلقب أبوه هوذة، توفى سنة (333) ه بالنهروان. 8) إبراهيم بن إسحاق:
الاحمري النهاوندي، سمع منه القاسم بن محمد الهمداني سنة (269) ه. 9) عبد الله بن
حماد: الانصاري، عده الشيخ من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام، وعده النجاشي
من شيوخ أصحابنا - رجال النجاشي ج 2 / 15 - 10) أبو مخنف: لوط بن يحيى بن سعيد بن
مخنف بن سليم الازدي الغامدى الكوفى المتوفى سنة (157) ه - إرشاد الاديب ج 6 / 220
[ 409 ]
صلى
الله عليه وآله يقول: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) (1)
ثم التفت إلى فقال: أنت يا على وشيعتك، وميعادك وميعادهم الحوض، تأتون غرا محجلين
متوجين. قال يعقوب: فحدثت به أبا جعفر عليه السلام فقال: هكذا هو عندنا في كتاب
على صلوات الله عليه وآله (2). 4 - وعنه، عن أحمد بن (3) محمد الوراق، عن أحمد بن
إبراهيم، عن الحسن بن أبى عبد الله، عن مصعب (4) بن سلام، عن أبى حمزة الثمالى، عن
أبى جعفر عليه السلام، عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى
اله عليه وآله في مرضه الذى قبض فيه لفاطمة عليها السلام: يا بنية بأبى أنت وأمى
أرسلي إلى بعلك فادعيه لى، فقالت فاطمة للحسن عليه السلام: انطلق إلى أبيك فقل له:
إن جدى يدعوك، فانطلق إليه الحسن فدعاه، فأقبل أمير المؤمنين عليه السلا حتى دخل
على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفاطمة عنده، وهى تقول: واكرباه لكربك يا
أبتاه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا كرب على أبيك بعد هذا اليوم يا
فاطمة، إن النبي لا يشق عليه الجيب، ولا يخمش عليه الوجه، ولا يدعى عليه بالويل،
ولكن قولى كما قال أبوك على ابنه إبراهيم: العين تدمع وقد يوجع القلب ولا نقول ما
يسخط الرب، وأنا بك يا إبراهيم لمحزون، ولو عاش إبراهيم لكان نبيا، ثم قال: يا على
ادن منى، فدنا منه، فقال: ادخل أذنك في فمى، ففعل، فقال: يا أخى ألم تسمع يقول
الله عزوجل في كتابه:
1)
البينة: 7. 2) تأويل الآيات ج 2 / 831 ح 4 - وعنه البحار ج 33 / 390 ح 100 وج 68 /
53 ح 96 - والبرهان ج 4 / 490 ح 2 - وفى البحار ج 27 / 130 ح 121 عن المحتضر نقلا
عن التأويل. 3) أحمد بن محمد بن عبد الله الوراق أبو الطيب، له أحاديث جيدة في طرق
أصحابنا الامامية واستفيد تشيعه من عدة أحاديث - الجامع في الرجال: 173 4) مصعب بن
سلام: التميمي الكوفى ذكره الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام برقم (595).
[ 410 ]
(إن الذين آمنوا
وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) (1) ؟ قال: بلى يا رسول الله، فقال: هم أنت
وشيعتك، تجيئون غرا محجلين شباعا مرويين، ألم تسمع قول الله عزوجل في كتابه: (إن
الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)
(2) ؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: هم أعداؤك وشيعتهم، يجيئون يوم القيامة مسودة
وجوههم، ظماء مظمئين، أشقياء معذبين، كفارا منافقين، ذاك لك ولشيعتك، وهذا لعدوك
وشيعتهم (3). 5 - وعنه، عن جعفر بن محمد الحسنى (4) ومحمد بن أحمد الكاتب، قالا:
حدثنا محمد بن على بن خلف، عن أحمد بن عبد الله، عن معاوية (5) بن عبد الله بن أبى
رافع عن أبيه، عن جده، أن عليا عليه السلام قال لاهل الشورى: أنشدكم بالله هل
تعلمون يوم أتيتكم، وأنتم جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: هذا اخى قد
أتاكم، ثم التفت إلى الكعبة قال: ورب الكعبة المبنية إن هذا وشيعته هم الفائزون
يوم القيامة ؟ ثم أقبل عليكم وقال: أما إنه أولكم إيمانا، وأقومكم بأمر الله،
وأوفاكم بعهد الله، وأقضاكم بحكم الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية،
وأعظمكم عند الله مزية فأنزل الله سبحانه: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك
هم خير البرية) (6) فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وكبرتم، وهنأتموني بأجمعكم،
فهل تعلمون أن ذلك كذلك ؟ قالوا: اللهم
1)
البينة: 7. 2) البينة: 6. 3) تأويل الآيات ج 2 / 832 ح 5 وعنه البحار ج 24 / 263 ح
22 وج 68 / 54 ح 97 - والبرهان ج 4 / 490 ح 3. 4) جعفر بن محمد الحسنى: بن جعفر بن
الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب عليهما السلام كان حيا في سنة
(307) ه. 5) معاوية بن عبد الله بن عبيدالله بن أبى رافع المدنى عد من أصحاب
الصادق عليه السلام. 6) البينة: 7.
[ 411 ]
نعم
(1). 6 - ومن طريق المخالفين أبو المؤيد موفق بن أحمد، وهو من أعيان المخالفين في
كتابه المعمول في فضائل على عليه السلام قال: أنبأني أبوالعلا الحسن بن أحمد،
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الاشعثى، أخبرنا أبو القاسم (2) إسماعيل
بن مسعدة بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم الجرجاني ببغداد، أخبرنا أبو القاسم حمزة
بن يوسف السهمى، أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدى الحافظ، حدثنا الحسن بن على
الاهوازي، حدثنا معمر بن سهل، حدثنى أبو سمرة أحمد بن سالم (3) حدثنى شريك، عن
الاعمش، عن عطية، عن أبى سعيد، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " على خير
البرية " (4). 7 - وعنه قال: أنباني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه
بن شهردار الديلمى فيما كتب إلى من همدان، أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن
عبدوس الهمداني كتابة، حدثنا أبو الحسن (5) محمد بن أحمد البزاز ببغداد، حدثنا
القاضى أبو عبد الله الحسين بن هارون بن محمد الضبى (6)، حدثنا أبو العباس أحمد بن
محمد بن سعيد الحافظ، أن محمد بن أحمد القطوانى (7) قال: حدثنا إبراهيم بن أنس
الانصاري، حدثنا إبراهيم بن
1)
تأويل الآيات ج 2 / 833 ح 6 - وعنه البحار ج 35 / 346 ح 21 وج 68 / 55 ح 98 -
وتفسير البرهان ج 4 / 490 ح 4. 2) أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن أحمد
بن إبراهيم الاسماعيلي الجرجاني المتوفى سنة (477) ه - العبر ج 3 / 286 - 3) أبو
سمرة الكوفى: أحمد بن سالم بن خالد بن جابر بن سمرة. 4) مناقب الخوارزمي: 61 وعنه
كشف الغمة ج 1 / 152 - وأخرجه في البحار ج 9 / 38 عن المناقب لابن شهر اشوب ج 3 /
69. 5) أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق البزاز البغدادي المتوفى سنة
(417). 6) القاضى أبو عبد الله الحسين بن هارون البغدادي الكوفى المتوفى سنة (398)
- تاريخ بغداد ج 8 / 146 7) في المصدر: " محمد بن أحمد الغطريف ". وعلى
أي حال لم أظفر على ترجمة له ولا لتالية: " إبراهيم بن أنس الانصاري ".
[ 412 ]
جعفر
بن عبد الله بن محمد بن سلمة، عن أبى الزبير، عن جابر، قال: كنا عند النبي صلى
الله عليه وآله فأقبل على بن أبى طالب (رض)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم: قد أتاكم أخى، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده. ثم قال: والذى نفسي بيده إن
هذا وشيعته الفائزون يوم القيامة، ثم قال: إنه أولكم إيمانا معى، وأوفاكم بعهد
الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله
مزية. قال: في ذلك الوقت نزلت فيه: (إن الذين آمنوا وعموا الصالحات أولئك هم خير
البرية) (1) قال: وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله إذا أقبل على عليه السلام
قالوا: قد جاء خير البرية (2).
1)
البينة: 7. 2) مناقب الخوارزمي: 62 - وعنه كشف الغمة ج 1 / 152 - وأخرج ذيله في
البحار ج 38 / 9 عن مناقب ابن شهر اشوب ج 3 / 69.
[ 413 ]
1 - محمد بن يعقوب،
عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبد الله بن
القداح، عن أبى عبد الله عليه السلام، قال: دخل رجلان على أمير المؤمنين عليه
السلام فألقى لكل واحد منهما وسادة، فقعد عليها أحدهما وأبى الآخر، فقال أمير
المؤمنين عليه السلام: اقعد عليها، فإنه لا يأبى الكرامة إلا حمار، ثم قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (1). 2 - وعنه، عن على
بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبى عبد الله عليه السلام عن
آبائه عليهم السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام صاحب رجلا ذميا فقال له الذمي:
أين تريد يا عبد الله فقال: أريد الكوفة، فلما عدل الطريق بالذمي عدل معه أمير المؤمنين
عليه السلام فقال الذمي: ألست زعمت أنك تريد الكوفة ؟ فقال له: بلى، فقال له
الذمي: فقد تركت الطريق ؟ فقال له: قد علمت ذلك، قال: فلم عدلت معى وقد علمت ذلك ؟
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: هذا من تمام حسن الصحبة أن يشيع الرجل صاحبه
هنيئة إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبينا صلى الله عليه وآله،
1)
الكافي ج 2 / 659 ح 1 - وعنه البحار ج 41 / 53 ح 6 والوسائل ج 8 / 369 ح 3.
[ 414 ]
فقال
له الذمي: هكذا قال ؟ قال: نعم، قال الذمي: لا جرم إنما تبعه من تبعه لافعاله
الكريمة، فأنا أشهدك أنى على دينك ورجع الذمي مع أمير المؤمنين عليه السلام فلما
عرفه أسلم (1). 3 - وعنه، عن على بن إبراهيم، بإسناد له ذكره عن الحارث الهمداني،
قال: سامرت (2) أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: يا أمير المؤمنين عرضت لى حاجة،
قال: فرأيتني لها أهلا ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: جزاك الله عنى خيرا، ثم
قام إلى السراج فأغشاها وجلس، ثم قال: إنما أغشيت السراج لئلا أرى ذل حاجتك في
وجهك، فتكلم، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الحوائج أمانة من
الله في صدور العباد، فمن كتمها كتبت له عبادة، ومن أفشاها كان حقا على من سمعها
أن يعينه (3) (4). 4 - الشيخ في " التهذيب " بإسناده عن محمد بن على بن
محبوب، عن محمد بن عيسى العبيدي، عن الحسن (5) بن على، عن إبراهيم بن عبد الحميد،
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أمير المومنين عليه السلام كان إذا
أراد قضاء الحاجة وقف على باب المذهب (6) ثم التفت يمينا وشمالا إلى ملكيه فيقول:
أميطا عني (7) فلكما الله على ألا أحدث حدثا حتى أخرج إليكما (8).
1)
الكافي ج 2 / 670 ح 5 - وعنه البحار ج 41 / 53 ح 5 والوسائل ج 8 / 493 ح 1 وعن قرب
الاسناد: 7. 2) سامرت: حادثت ليلا. 3) في المصدر: " يعينه " (بتقديم
النون على الياء) أي يكفيه. 4) الكافي ج 4 / 24 ح 4 - وعنه البحار ج 41 / 36 ح 13
والوسائل ج 6 / 319 ح 3. 5) الظاهر أنه الحسن بن على بن يقطين بن موسى كان من
الفقهاء الثقات والمتكلمين روى عن أبى الحسن موسى والرضا عليهما السلام. 6)
المذهب: يعنى بيت الخلاء. 7) أميطا عنى: اذهبا عنى وابعدا وخليا عنى واتركاني
ونفسي. 8) التهذيب ج 1 / 351 ح 3 وعنه البحار ج 38 / 69 ح 7 وأورده في الفقيه ج 1
/ 23 ح 39. (*)
[ 415 ]
5 - وعنه في "
أماليه " قال: أخبرنا محمد بن محمد، يعنى المفيد، قال: أخبرنا أبو عبد الله
محمد بن عمران المرزبانى، قال: أخبرني الحسن بن على، قال: حدثنا أحمد بن سعيد،
قال: حدثنى الزبير بن بكار، قال: حدثنا على بن محمد، قال: كان عمرو بن العاص يقول:
إن في على دعابة، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: زعم ابن النابغة (1)
أنى تلعابة (2) مزاحة ذو دعابة أعافس (3) وأمارس، هيهات يمنع من العفاس والمراس
ذكر الموت وخوف البعث والحساب، ومن كان له قلب ففى هذا عن هذا له واعظ وزاجر، أما
وشر القول الكذب، إنه ليحدث فيكذب، ويعد فيخلف، فإذا كان يوم البأس فأى زاجر وآمر
هو ما لم يأخذ السيوف هام الرجال (4) ؟ فإذا كان ذلك فأعظم مكيدته في نفسه أن يمنح
القوم (5) إسته (6). 6 - ومن طريق المخالفين ما رواه في مسند أحمد بن حنبل، رواه
عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا على بن
صالح (7)، عن أبيه، عن سعيد بن عمرو القرشى (8)، عن
1)
النابغة: المشهورة فيما لا يليق بالنساء، من نبغ إذا ظهر. 2) تلعابة (بكسر التاء)
كثير اللعب. 3) المعافسة والممارسة: معالجة النساء بالمغازلة. 4) أي إنه في الحرب
زاجر وآمر عظيم، محرض حاث ما لم تأخذ السيوف مآخذها فعند ذلك يجبن. 5) في نهج
البلاغة: " فإذا كان كذلك كان أكبر مكيدته أن يمنح القرم سبته " والسبة
(بضم السين وفتحها وتشديد الباء الموحدة): الاست، تقريع له بفعلته المشهورة يوم
صفين والقرم (بفتح القاف): السيد. العظيم، تشبيها بالقرم من الابل لعظم شأنه. 6)
أمالى الطوسى ج 1 / 131 وعنه البحار 33 / 223 ح 511. ورواه الرضى قدس سره في نهج
البلاغة الخطبة (82) وابن قتيبة في عيون الاخبار ج 3 / 10 وابن عبد ربه في العقد
الفريد ج 2 / 287 وأبو حيان التوحيدي في الامتاع والمؤانسة ج 3 / 183 والبيهقي في
المحاسن والمساوئ: 54 والبلاذري في أنساب الاشراف: 145 و 151 بتفاوت يسير. 7) على
بن صالح بن صالح بن حى الهمداني الثوري له ترجمة في " الجرح والتعديل "
للرازي ج 6 / 190، نقل توثيقه عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. 8) سعيد بن عمرو: بن
سعيد بن العاص أبو عنبسة الاموى الكوفى التابعي المتوفى سنة (120) ه وثقه أبو زرعة
والنسائي وأبو حاتم - التهذيب ج 4 / 68 -
[ 416 ]
عبد
الله بن عياش (1)، قال: قلت له: أخبرنا عن هذا الرجل، يعنى على بن أبى طالب عليه
السلام قال: إن لنا أخطارا وأحسابا، ونحن نكره أن نقول: ما يقول بنو عمنا: قال:
كان على عليه السلام رجلا تلعابة يعنى مزاحا، قال: وكان إذا قرع قرع إلى ضرس من
حديد، قال: قلت: وما ضرس حديد ؟ قال: قراءة القرآن، وفقه في الدين، وشجاعة، وسماحة
(2).
1)
عبد الله بن عياش بن أبى ربيعة المخزونى التابعي المدنى المقتول بسجستان سنة (48)
ه. 2) فضائل الصحابة لابن حنبل ج 2 / 576 وعنه العمدة لابن بطريق: 263 ح 414 والرياض
النضرة لمحب الدين الطبري ج 3 / 255 -
[ 417 ]
1 - محمد بن يعقوب، عن على بن إبراهيم، عن هارون بن
مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبى عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين صلوات الله
عليه، بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر البغيبغة (1) وكان الرجل ممن يرجو نوافله
ويؤمل نائله ورفده، وكان لا يسأل عليا عليه السلام ولا غيره شيئا، فقال رجل لامير
المؤمنين: والله ما سألك فلان، ولقد كان يجزيه من الخمسة الاوساق وسق واحد، فقال
له أمير المؤمنين عليه السلام: لا كثر الله في المؤمنين ضربك، أعطى أنا وتبخل أنت
لله أنت إذا أنا لم أعط الذى يرجونى إلا بعد المسألة ثم أعطيه بعد المسألة فلم
أعطه ثمن ما أخذت منه، وذلك لانى عرضته أن يبذل لى وجهه الذى يعفره في التراب لربى
وربه لربى وربه عند تعبده له وطلب حوائجه إليه. فمن فعل هذا بأخيه المسلم وقد عرف
أنه موضع لصلته ومعروفه فلم يصدق الله في دعائه له، حيث يتمنى له الجنة بلسانه
ويبخل عليه بالحطام من ماله، وذلك أن العبد قد يقول في دعائه: اللهم اغفر للمؤمنين
والمؤمنات، فإذا دعا لهم بالمغفرة فقد طلب لهم الجنة فما أنصف من فعل هذا بالقول
ولم
1)
البغيبغة (ببائين موحدتين وغينين معجمتين وفى الوسط ياء مثناة): ضيعة أو عين
بالمدينة غريزة كثيرة النخل.
[ 418 ]
يحققه
بالفعل (1). 2 - وعنه عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد
الاشعري، عن ابن القداح عن أبى عبد الله عليه السلام، قال: أتى أمير المؤمنين عليه
السلام بدهن وقد كان ادهن فادهن وقال إنا لا نرد الطيب (2). 3 - وعنه، عن محمد بن
يحيى، عن أحمد بن محمد، عن على بن حديد، عن مرازم بن حكيم، عمن رفعه إليه، قال: إن
حارثا الاعور أتى أمير المؤمنين عليه السلام وقال: يا أمير المؤمنين أحب أن تكرمني
بأن تأكل عندي، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: على أن لا تتكلف لى شيئا ودخل،
فأتاه الحارث بكسرة، فجعل أمير المؤمنين عليه السلام يأكل، فقال له الحارث: إن معى
دراهم، وأظهرها فإذا هي في كمه، فإن أذنت لى اشتريت لك شيئا غيرها، فقال لى أمير
المؤمنين عليه السلام: هذه مما في بيتك (3). 4 - وعنه، عن جماعة، عن أحمد بن محمد،
عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عبد الله بن سنان، عن حفص الاعور، عن أبى
عبد الله عليه السلام قال: كان على صلوات الله عليه إذا سجد يتخوى (4) كما يتخوى
البعير الضامر، يعنى بروكه (5). 5 - وعنه، عن محمد بن إسماعيل (6)، عن الفضل بن
شاذان، عن
1)
الكافي ج 4 / 22 ح 1 - وعنه البحار ج 1 / 35 ح 12 - والوسائل ج 6 / 318 ح 1. 2)
الكافي ج 6 / 512 ح 2 - وعنه الوسائل ج 1 / 444 ح 2. 3) الكافي ج 6 / 276 ح 4 وعنه
الوسائل ج 16 / 432 ح 1 وعن المحاسن: 415 ح 169 وأخرجه في البحار ج 75 / 454 ح 18
عن المحاسن. 4) كذا في النسخ من باب التفعل، والمضبوط في اللغة من باب التفعيل،
قال في " المصباح ": خوى الرجل في سجوده: رفع بطنه من الارض، وقيل: جافى
عضديه، وفى القاموس: خوى في سجوده تخوية: تجافى وفرج ما بين عضديه وجنبيه.
والضامر: الهضيم البطن واللطيف الجسم. 5) الكافي ج 3 / 321 ح 2 وعنه الوسائل ج 4 /
953 ح 1 وعن التهذيب ج 2 / 79 ح 64. 6) هو محمد بن إسماعيل أبو الحسن البندقي
النيشابوري.
[ 419 ]
حماد
بن عيسى، عن شعيب العقرقوفى، عن أبى بصير، عن أبى عبد الله قال: كان على عليه
السلام إذا هاله شئ فزع إلى الصلاة ثم تلا هذه الآية: (واستعينوا بالصبر والصلوة
(1)) (2). 6 - الشيخ في " أماليه " أخبرنا جماعة، عن أبى المفضل، قال:
حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوى النصيبى رحمه الله ببغداد،
قال: سمعت جدى إبراهيم بن على، يحدث عن أبيه على بن عبد الله، قال: حدثنى شيخان
بران من أهلنا سيدان عن موسى بن جعفر، عن، أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن
على، عن أبيه. وحدثنيه الحسين بن زيد بن على ذو الدمعة، قال: حدثنى عمى عمر (3) بن
على قال: حدثنى أخى محمد بن على، عن أبيه، عن جده الحسين صلوات الله عليهم. قال
أبو جعفر عليه السلام: حدثنى عبد الله بن العباس، وجابر بن عبد الله الانصاري،
وكان بدريا أحديا شجريا، وممن يحظ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في مودة
أمير المؤمنين عليه السلام قالوا: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجده في
رهط من أصحابه فيهم: أبو بكر وأبو عبيدة، وعمر، وعثمان، وعبد الرحمن، ورجلان من
قراء الصحابة من المهاجرين: عبد الله بو أم عبد، ومن الانصار: أبى بن كعب وكانا
بدريين، فقرأ عبد الله من السورة التى يذكر فيها لقمان حتى أتى على هذه الآية:
(وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) (4) الآية، وقرأ أبى من السورة التى يذكر
1)
البقرة: 45. 2) الكافي ج 3 / 480 ح 1 وعنه الوسائل ج 5 / 263 ح 1 والبرهان ج 1 /
94 ح 3. 3) عمر بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب عليهم السلام المدنى التابعي
كان فاضلا جليلا ورعا متجنبا ولى صدقات النبي صلى الله عليه وآله وصدقات أمير
المؤمنين عليه السلام جامع الرواة ج 1 / 636 - 4) لقمان: 20. (*)
[ 420 ]
فيها
إبراهيم عليه السلام: (وذكرهم بأيام الله في ذلك لآيات لكل صبار شكور) (1) قالوا:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيام الله نعماؤه وبلائه ومثلاته سبحانه. ثم
أقبل صلى الله عليه وآله على من شهده من الصحابة فقال: إنى لا تخولكم بالموعظة
تخولا مخافة السأمة عليكم، وقد أوحى إلى ربى جل وتعالى أن أذكركم بأنعمه وأنذركم
بما اقتص (2) عليكم من كتابه، وتلى: (وأسبغ عليكم نعمه) الآية (3). ثم قال لهم
قولوا: الآن قولكم ما أول نعمة رغبكم الله فيها وبلاكم بها ؟ فخاض القوم جميعا،
فذكروا نعم الله التى أنعم عليهم وأحسن إليهم من المعاش والرياش والذرية والازواج
إلى سائر ما بلاهم الله عزوجل من أنعمه الظاهرة فلما أمسك القوم أقبل رسول الله
صلى الله عليه وآله على على عليه السلام، فقال: يا أبا الحسن قل فقد قال أصحابك
فقال: وكيف لى بالقول فداك أبى وأمى وإنما هدانا الله بك، قال: ومع ذلك فهات قل ما
أول نعمة بلاك الله عزوجل وأنعم عليك بها ؟ قال: أن خلقني جل ثناؤه ولم أك شيئا
مذكورا. قال: صدقت فما الثانية ؟ قال: أن أحسن بى إذ خلقني فجعلني حيا لا مواتا
(4). قال: صدقت فما الثالثة ؟ قال: أن أنشأني فله الحمد في أحسن صورة وأعدل تركيب.
قال: صدقت فما الرابعة ؟ قال: أن جعلني متفكرا واعيا (5) لا بلها
1)
إبراهيم: 5. 2) في البحار: بما أفيض. 3) لقمان: 20. 4) في المصدر: لا ميتا. 5) في
المصدر: راغبا.
[ 421 ]
ساهيا.
قال: صدقت فما الخامسة ؟ قال: أن جعل لى شواعر أدرك ما ابتغيت بها وجعل لى سراجا
منيرا. قال: صدقت فما السادسة ؟ قال: أن هداني لدينه، ولم يضلني عن سبيله. قال:
صدقت فما السابعة ؟ قال: أن جعل لى مردا في حياة لا انقطاع لها. قال: صدقت فما
الثامنة ؟ قال: أن جعلني ملكا مالكا لا مملوكا. قال: صدقت فما التاسعة ؟ قال: سخر
لى سمائه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه. قال: صدقت فما العاشرة ؟ قال: أن
جعلنا سبحانه ذكرانا (1) قواما على حلائلنا لا إناثا. قال: صدقت فما بعد هذا قال:
كثرت نعم الله يا نبى الله فطابت (2)، (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها) (3) فتبسم
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: ليهنئك الحكمة ليهنئك العلم يا أبا
الحسن، وأنت وارث علمي، والمبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدى، من أحبك لدينك وأخذ
بسبيلك فهو ممن هدى إلى صراط مستقيم، ومن رغب عن هداك وأبغضك وتخلاك لقى الله يوم
القيامة لا خلاق له (4). 7 - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبى المفضل، قال: حدثنا
محمد بن جعفر (5) الرزاز القرشى رحمه الله قال: حدثنا الحسن بن موسى
1)
في المصدر: ذكرانا لا إناثا. 2) في المصدر: وتلى: " وإن تعدوا.. ". 3)
إبراهيم: 34 والنحل: 18. 4) أمالى الطوسى ج 2 / 105 وعنه البحار ج 70 / 20 ح 17
والبرهان ج 3 / 277 ح 4. 5) هو أحد رواة الحديث ومشايخ الشيعة، وله عندهم منزلة
سامية، وكان الوافد عنهم إلى المدينة = = عند وقوع الغيبة سنة (260) وأقام بها
سنة، وكان مولده سنة (236) ومات سنة (316) ه كذا ذكره سبطه أبو غالب أحمد بن محمد
الزرارى في رسالته في آل أعين، وصرح فيها بأن محمد بن جعفر المذكور جده لامة وخال
أبيه محمد، فما ذكره الشيخ في " الفهرست " من كونه خاله لعله أراد أنه
خاله الاعلى لا الادنى هامش أمالى المفيد: 259 -
[ 422 ]
الخشاب،
قال: حدثنى محمد بن المثنى الحضرمي (1)، عن زرعة (2)، يعنى ابن محمد الحضرمي، عن
المفضل بن عمر الجعفي، عن أبى عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام رفعه،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عزوجل نصب عليا عليه السلام
علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن جهله كان
ضالا، ومن عدل بينه وبين غيره كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة، ومن جاء
بعداوته دخل النار (3). 8 - وعنه، بإسناده عن الشعبى، عن صعصعة (4) بن صوحان، قال:
عادني أمير المؤمنين عليه السلام في مرض، ثم قال: أنظر فلا تجعلن عيادتي إياك فخرا
على قومك، وإذا رأيتهم في أمر فلا تخرج منه، فإنه ليس بالرجل غنى عن قومه، إذا خلع
منهم يدا واحدة يخلعون منه أيدى كثيرة، فإذا رأيتهم في خير فأعنهم عليه، وإذا
رأيتهم في شر فلا تخذلنهم، وليكن تعاونكم على طاعة الله، فإنكم لن تزالوا بخير ما تعاونتم
على طاعة الله تعالى وتناهيتم عن معاصيه (5). 9 - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبى
المفضل قال: أخبرنا أبو جعفر
1)
له ترجمة في " ميزان الاعتدال " ج 4 / 51. 2) أبو محمد زرعة بن محمد
الحضرمي، عد من أصحاب الصادق عليه السلام جامع الرواة ج 1 / 329 - 3) أمالى الطوسى
ج 2 / 101 وعنه البحار ج 38 / 119 ح 63. 4) صعصعة بن صوحان العبدى: عظيم القدر،
روى عن الصادق عليه السلام أنه قال: ما كان مع أمير المؤمنين عليه السلام من يعرف
حقه إلا صعصعة جامع الرواة ج 1 / 411 - 5) أمالى الطوسى ج 1 / 357 وعنه البحار ج
73 / 290 ح 11.
[ 423 ]
محمد
بن جرير الطبري، قراءة، قال: حدثنا أبو كريب (1) محمد بن العلاء. وحدثنا عبد
الرحمن (2) بن أبن حاتم الرازي بالرى، قال: حدثنى أبو زرعة عبيدالله (3) بن عبد
الكريم، قال: حدثنا عمرو (4) بن حماد بن طلحة القناد قال: حدثنا أسباط بن نصر، عن
سماك، يعنى ابن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس رحمه الله أن عليا عليه السلام كان
يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عزوجل يقول: (وما محمد إلا
رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (5) والله لا
نقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، ولئن مات أو قتل قاتلت على ما قاتل عليه حتى
أموت، والله إنى لاخوه وابن عمه ووارثه فمن أحق به منى ؟ (6). 10 - وعنه، قال:
أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عبد الله (7) بن محمد، قال: حدثنا محمد بن أبى بكر
الواسطي، قال: حدثنا أحمد (8) بن محمد بن زيد، قال: حدثنا حسين (9) بن حسن، قال:
حدثنا قيس (10) بن الربيع، عن أبى هاشم (11) الرماني، عن مجاهد، عن ابن عباس قال:
قال
1)
أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني: كان من الحفاظ المحدثين بالكوفة توفى سنة (247)
ه - العبر ج 1 / 453 - 2) عبد الرحمن بن أبى حاتم أبو محمد الرازي الحافظ المتوفى
سنة (327) ه. 3) أبو زرعة: عبيدالله بن عبد الكريم بن يزيد الرازي الحافظ المتوفى
سنة (264). 4) عمرو بن حماد بن طلحة أبو محمد القناد الكوفى المتوفى سنة (222) ه.
5) آل عمران: 144. 6) أمالى الطوسى ج 2 / 116 وعنه البرهان ج 1 / 319 ح 4. 7) عبد
الله بن محمد بن عثمان أبو محمد الحافظ الواسطي المعروف بابن السقاء توفى سنه
(373) ه - العبر ج 2 / 371 - 8) أحمد بن محمد بن زيد الخزاعى أبو جعفر المتوفى سنة
(262) ه جامع الرواة ج 1 / 65 - 9) الحسين بن الحسن: الاشقر الفزارى الكوفى
المتوفى سنة (208). 10) قيس بن الربيع أبو محمد الاسدي الحافظ الكوفى المتوفى سنة
(168) ه - تذكرة الحفاظ ج 1 / 266 - 11) أبو هاشم الرماني: يحيى بن دينار أبى
الاسود الواسطي، وثقه أبو زرعة ويحيى بن معين - الجرح = = والتعديل للرازي ج 9 /
140 -
[ 424 ]
رسول
الله صلى الله عليه وآله: على منى بمنزلة هارون من موسى، ورأسي من بدنى (1). 11 -
ومن طريق المخالفين، ما رواه ابن المغازلى الشافعي في كتاب " مناقب "
على أمير المؤمنين عليه السلام قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن على بن
العباس البزار رفعه (2) إلى إسماعيل (3) بن أبى خالد، عن قيس، قال: سأل رجل معاوية
عن مسألة، فقال: سل عنها على بن أبى طالب عليه السلام فإنه أعلم، فقال: يا أمير
المؤمنين قولك فيها أحب إلى من قول على عليه السلام فقال: بئس ما قلت، ولؤم ما جئت
به، لقد كرهت رجلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغره بالعلم غرا (4)
ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا
نبى بعدى، ولقد كان عمر بن الخطاب يسأله فيأخذ عنه، ولقد شهدت عمر إذا أشكل عليه
شئ قال: هاهنا على ؟ قم لا أقام الله رجليك، ومحى اسمه من الديوان (5).
1)
أمالى الطوسى ج 1 / 363 - وعنه البحار ج 38 / 319 ح 30 ولكن فيهما: " على منى
بمنزلة رأسي من بدنى ". 2) في المصدر: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن على
بن العباس البزار، قال: حدثنا أبو القاسم عبيدالله بن أسد البزار، قال: حدثنا أبو
مقاتل محمد بن العباس بن أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا وهب بن عمر بن
عثمان المدنى، قال: حدثنا أبى عن إسماعيل بن أبى خالد.. 3) إسماعيل بن أبى خالد
محمد بن مهاجر الازدي الكوفى، قال الشيخ في " الفهرست ": روى أبوه عن
أبى جعفر الباقر عليه السلام، وروى هو عن الصادق عليه السلام، وهما ثقتان، ولا
سماعيل كتاب " القضايا ". 4) في النهاية: وفى حديث معاوية: " كان
النبي صلى الله عليه وآله يغر عليا بالعلم " أي يلقمه إياه، يقال: أغر الطائر
فرخه إذا أزقه. 5) المناقب لابن المغازلى: 34 وأخرجه في البحار ج 37 / 266 ح 40 عن
عمدة ابن البطريق: 135 ح 199 نقلا عن ابن المغازلى، وأخرجه الحموينى في فرائد
السمطين ج 1 / 371 ح 302، والمحب الطيرى في ذخائر العقبى: 79 والرياض النضرة ج 2 /
195.
[ 425 ]
12 - الشيخ في
" أماليه " قال: أخبرنا محمد بن محمد، يعنى المفيد، قال: حدثنى أبو جعفر
(1) محمد بن عثمان الصيرفى قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله العلاف المعروف
بالمستعين (2)، قراءة عليه، قال: حدثنا محمد بن أبى يعقوب الدينورى، قال: حدثنا
عبد الله (3) بن محمد البلوى، قال: حدثنا عمارة (4) بن زيد، قال: حدثنى بكر بن
حارثة الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن حابر بن عبد الله، قال: سمعت عليا
عليه السلام ينشد ورسول الله صلى الله عليه وآله يسمع: أنا أخو المصطفى لا شك في
نسبي معه ربيت وسبطاه هما ولدى جدى وجد رسول الله منفرد وفاطم زوجتى لا قول ذى فند
فالحمد لله شكرا لا شريك له البر بالعبد والباقى بلا أمد قال: فتبسم رسول الله صلى
الله عليه وآله وقال: صدقت يا على (5).
1)
في المصدر: أبو حفص. 2) في المصدر: بالمستغنى. 3) عبد الله بن محمد بن عمر بن
محفوظ البلوى أبو محمد المصرى الواعظ الفقيه، منسوب إلى " بلى " قبيلة
من أهل مصر، أو قبيلة من قضاعة له ترجمة في جامع الرواة ج 1 / 504. 4) عمارة بن
زيد: أبو زيد الخيوانى المدنى حليف الانصار، قال الاردبيلى: هذا على ما يزعمه عبد
الله بن محمد البلوى المصرى فإنه لا يعرف إلا من جهته - جامع الرواة ج 1 / 615 -
5) أمالى الطوسى ج 1 / 214 - وعنه البحار ج 40 / 29 ح 57 - وأخرجه في البحار ج 38
/ 338 ح 12 عن المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 187
[ 427 ]
1 - ابن
شهر اشوب عن النطنزى (1) في " الخصائص " (2) شقيق بن سلمة (3) قال: كان
عمر يمشى فالتفت إلى ورائه وعدى، فسألته عن ذلك، فقال: ويحك أما ترى الهزبر بن
الهزبر (4) القثم (5) بن القثم، الفلاق للبهم (6)، الضارب على هامة من طغى وظلم،
ذا السيفين ورائي ؟ فقلت: هذا على بن أبى طالب عليه السلام، فقال: ثكلتك أمك إنك
تحقره، بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله ويوم أحد أن من فر منا فهو ضال، ومن قتل
فهو شهيد ورسول الله صلى الله عليه وآله يضمن له الجنة، فلما التقى الجمعان
هزمونا. وهذا كان يحاربهم وحيدا حتى انسل نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وجبرئيل، ثم قال: عاهدتموه وخالفتموه، ورمى بقبضة رمل، وقال: شاهت الوجوه فوالله
ماكان منا إلا من أصابت عينه رملة ورجعنا نمسح
1)
النطنزى: محمد بن أحمد المتوفى سنة (804) ه. 2) في المصدر: النطنزى في الخصائص عن
سفيان بن عيينة عن شقيق بن سلمة. 3) شقيق بن سلمة: أبو وائل الاسدي، التابعي،
ترجمه ابن أبى حاتم ونقل توثيقه عن يحيى بن معين، ووكيع الجرح والتعديل ج 4 / 371
- 4) الهزير (بكسر الهاء وفتح الزاى) الغليظ الضخم، و (بكسر الهاء وسكون الزاى
وفتح الباء): الاسد. 5) القثم (كصرد) معدول القاثم: المعطاء. 6) البهم (بضم الباء
الموحدة وفتح الهاء) جمع بهمة: الشجاع.
[ 428 ]
وجوهنا
قائلين: الله الله أقلنا يا أبا الحسن أقلنا أقالك الله، فالكر والفر عادة العرب
فاصفح، وقل ما أراه وحيدا إلا خفت منه (1). 2 تفسير على بن إبراهيم، وأبان بن
عثمان: أنه أصاب عليا عليه السلام يوم أحد أحد وستون جراحة (2). 3 - تفسير القشيرى
قال أنس بن مالك: إنه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله بعلى عليه السلام وعليه
نيف وستون جراحة، قال أبان: أمر النبي أم سليم (3) وأم عطية (4) أن تداوياه،
فقالتا: قد خفنا عليه، فدخل النبي عليه الصلوة والسلام، والمسلمون يعودونه، وهو
قرحة واحدة، فجعل النبي صلى الله عليه وآله يمسحه بيده، ويقول: إن رجلا لقى هذا في
الله لقد أبلى (5) وأعذر، وكان يلتأم. فقال على عليه السلام: الحمدلله الذى لم
يرانى أفر ولم أول الدبر، فشكر الله تعالى له ذلك في موضعين من القرآن: وهو قوله:
(وسيجزى الله الشاكرين) (6) (وسنجزي الشاكرين) (7) (8). 4 - قال ابن شهر اشوب: قد
تصفحنا كتاب المغازلى فما وجدنا لابي بكر وعمر فيه أثرا البتة، وقد أجمعت الامة أن
عليا كان المجاهد في سبيل الله
1)
المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 116 - وعنه البحار ج 41 / 72 ح 3. 2) المناقب لابن
شهر اشوب ج 2 / 119 وعنه البحار ج 41 / 2 عن مجمع البيان ج 1 / 497 وتفسير القمى ج
1 / 116. 3) أم سليم: الرميصاء بنت ملحان بن خالد صحابية توفيت نحو سنة (30) ه وهى
أم أنس خادم النبي صلى الله عليه وآله - الاصابة ج 4 / 461 - 4) أم عطية:
الانصارية نسيبة (مصغرة، أو بفتح النون) الصحابية بنت الحارث غزوت مع النبي صلى
الله عليه وآله سبع غزوات - الاصابة ج 4 / 477 - 5) أبلى فلانا عذره: قدمه له
فقبله، أبلى في الحرب بلاء حسنا: أظهر فيها بأسه حتى بلاه الناس وامتحنوه. 6) آل
عمران: 144. 7) آل عمران: 145. 8) المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 119 وعنه البحار ج
41 / 3.
[ 429 ]
والكاشف
الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله المقدم في سائر الغزوات إذا لم يحضره
النبي صلى الله عليه وآله فإذا حضر فهو تاليه، وصاحب للراية واللواء معا، وما كان
قط تحت لواء أحد، ولا فر من زحف، وإنهما فرا في غير موضع، وكانا تحت لواء جماعة
ووقوفه يوم حنين في وسط أربعة وعشرين ألفا، يضارب بسيفه إلى أن ظهر المدد من
السماء قال: ولا إشكال في هزيمة عمر وعثمان (1). 5 - وفى حديث طويل أنه قال أبو
بكر لعمر: إن هذه الدنيا أهون على على عليه السلام من لقاء أحدنا للموت، أنسيت يوم
أحد ؟ وقد فررنا بأجمعنا وصعدنا الجبل، وقد أحاطت به ملوك القوم، وصناديد قريش،
موقنين بقتله، لا يجد محيصا للخروج من أوساطهم، فلما أن شد عليه القوم برماحهم نكس
نفسه عن دابته حتى جاوزه طعان القوم، ثم قام في ركابه، وقد مرق عن سرجه، وهو يقول:
يا الله يا الله، يا جبرئيل يا جبرئيل، يا محمد يا محمد، النجاة النجاة، ثم عمد
إلى رئيس القوم فضربه ضربة بالسيف فبقى على فك ولسان. ثم عمد إلى صاحب الراية
فضربه على جمجمته، يدق بعضهم بعضا، وجعل يمسحهم بالسيف مسحا، حتى تركهم جراثيم
جمودا على تلعة من الارض، يتجرعون كؤوس الموت، قد اختطف أرواحهم بسيفه، ونحن نتوقع
منه أكثر من ذلك، ولم نكن نضبط من أنفسنا من مخافته، حتى التفت إليك التفاتة، وكان
منه إليك ما تعلم، ولولا آية في كتاب الله لكنا من الهالكين، وهو قوله تعالى:
(ولقد عفى عنكم) (2) فاترك هذا الرجل ما تركك، ولا يغرنك خالد (3) بن الوليد أنه
يقتله، فإنه لا يجسر على ذلك وإن رامه كان أول مقتول، فإنه من ولد عبد مناف إذا
هاجوا هيبوا، وإن غضبوا أدموا، ولا سيما
1)
المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 66 و 82 و 83 وعنه البحار ج 41 / 60. 2) آل عمران:
125. 3) خالد بن الوليد: بن المغيرة المخزومى، مات بحمص وقيل: بالمدينة سنة (21)
ه.
[ 430 ]
على
بن أبى طالب عليه السلام، فإنه بأبها الاكبر، وسنامها الاطول، وهمامها الاعظم،
وشجاعها الاسبل (1). قال: ثم إن عمر وأبا بكر أرسلا لخالد بن الوليد، وسألا أن
يقتل على بن أبى طالب عليه السلام فأجابهما إلى ذلك. وساق الحديث، وهو مشهور، وهو
مروى عن الصادق عليه السلام (2). 6 - على بن عيسى في " كشف الغمة " قال:
روى عن عكرمة، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: لما انهزم الناس عن النبي صلى
الله عليه وآله وسلم يوم أحد لحقني من الجزع عليه ما لم أملك نفسي، وكنت أمامه
أضرب بسيفي بين يديه، فرجعت أطلبه فلم أره، فقلت: ما كان النبي صلى الله عليه وآله
ليفر، وما رأيته في القتلى، وأظنه رفع من بيننا إلى السماء فكسرت جفن سيفى، وقلت:
لاقاتلن به حتى أقتل، وحملت على القوم فأفرجوا عنى فإذا بالنبي صلى الله عليه وآله
قد وقع على الارض مغشيا عليه (3) فقمت على رأسه فنظر إلى. وقال: ما فعل الناس يا
على ؟ فقلت: كفروا يا رسول الله وولوا الدبر من العدو (4) وأسلموك، فنظر النبي صلى
الله عليه وآله إلى كتيبة قد أقبلت إليه، فقال لى: ردهم (5) عنى، فحملت عليهم
أضربهم يمينا وشمالا حتى فروا، فقال صلى الله عليه وآله: أما تسمع مديحا (6) في
السماء. إن ملكا اسمه رضوان يقول: لا سيف إلا ذو الفقار - ولا فتى إلا على
1)
الاحتجاج للطبرسي: 97 - وعنه البحار ج 8 / 94 ط الحجرى. 2) الاحتجاج: 94 وعنه
البحار ج 8 / 93 ط الحجرى. 3) في المصدر: فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله
وقد وقع مغشيا عليه. 4) في المصدر: وولوا الدبر وأسلموك. 5) في المصدر: فنظر إلى
كتيبة قد أقبلت فقال: ردهم عنى. 6) في المصدر: أما تسمع مديحك. 7) في المصدر:
ينادى.
[ 431 ]
فبكيت
سرورا، وحمدت الله تعالى على نعمته. وهذه المناداة بهذا قد نقلوها الرواة وتداولها
الاخبار (1) ولم ينفرد بها الشيعة بل وافقهم على ذلك الجم الغفير (2) (3). 7 -
قال: وروى عن أبى عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام عن أبيه قال: كان أصحاب
اللواء (4) تسعة كلهم قتلهم على عليه السلام (5) عن آخرهم، وانهزم القوم، وبارز
الحكم (6) بن الاخنس، فضربه فقطع رجله من نصف الفخذ فهلك منها، وأقبل أمية بن أبى
حذيفة (7) وهو دارع، وهو يقول: يوم بيوم بدر، وعرض له رجل من المسلمين فقتله أمية
فعمد (8) له على عليه السلام وضربه على هامته، فنشب السيف في بيضته (9)، وسيفه في
درقة (10) على عليه السلام، فنزعا سيفهما وتناوشا (11). قال على عليه السلام ولما
انهزم الناس وثبت قال صلى الله عليه
1)
في المصدر: تداولها الاخباريون. 2) راجع " تاريخ الطبري " ج 2 / 197 و
" ميزان الاعتدال " ج 2 / 317 - والمناقب للخوارزمي: 246 و 127 ط تبريز
- والاغانى لابي الفرج ج 15 / 192 ولسان الميزان للعسقلاني ج 4 / 406 ومجمع
الزوائد للهيثمي ج 6 / 114 وذخائر العقبى للمحب الطبري: 68. 3) كشف الغمة ج 1 /
194 عن الارشاد للمفيد: 46 وأخرجه في البحار ج 20 / 86 عن الارشاد، وصدره في
البحار ج 41 / 83 عن المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 124. 4) في المصدر: كان أصحاب
اللواء يوم أحد تسعة. 5) في المصدر: قتلهم على بن أبى طالب عليه السلام. 6) في
سيرة ابن هشام في ذكر من قتل من المشركين يوم أحد: ومن بنى زهرة بن كلاب: أبو
الحكم بن الاخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفى حليف لهم، قتله على بن أبى طالب
عليه السلام - السيرة ج 3 / 135. 7) قال ابن هشام في السيرة: أبو أمية بن أبى
حذيفة بن المغيرة، قتله على بن أبى طالب عليه السلام - السيرة ج 3 / 135. 8) في
المصدر: وصمد له على عليه السلام. 9) البيضة: الخوذة من الحديد وهى من آلات الحرب
لوقاية الرأس. 10) الدرقة (بفتح الدال والراء): الترس من جلود ليس فيه خشب. 11)
تناوشا بالرماح: تطاعنا.
[ 432 ]
وآله
وسلم: مالك لا تذهب مع القوم ؟ فقال عليه السلام: أذهب وأدعك يا رسول الله ؟ والله
لا برحت حتى أقتل أو ينجز الله ما وعدك من النصر، فقال النبي صلى الله عليه وآله:
أبشر يا على فإن الله ينجز (1) وعده ولن ينالوا منا مثلها أبدا. ثم نظر إلى كتيبة
قد أقبلت إليه، فقال: احمل على هؤلاء يا على فحملت، فقلت منها هشام (2) بن أمية
المخزومى، وانهزموا، وأقبلت كتيبة أخرى فقال: احمل على هذه فحملت فقتلت منها عمرو
بن عبد الله الجمحى (3)، وانهزمت أيضا، وعدت أخرى فحملت عليها فقتلت بشر بن مالك
العامري، وانهزمت فلم يعد بعدها أحد، وتراجع المنهزمون من المسلمين إلى النبي صلى
الله عليه وآله وانصرف المشركون إلى مكة، وانصرف النبي صلى الله عليه وآله إلى
المدينة فاستقبلته فاطمة عليها السلام ومعها إناء فيه ماء، فغسل به وجهه، ولحق به
أمير المؤمنين عليه السلام وقد خضب الدم يده إلى كتفه ومعه ذو الفقار، فناوله
فاطمة عليها السلام وقال لها: خذى هذا السيف فقد صدقنى اليوم، وقال: أفاطم هاك
السيف غير ذميم فلست برعديد (4) ولا بمليم (5) أميطى دماء الكفر عنه فإنه سقى آل
عبد الداركاس حميم لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد وطاعة رب بالعباد عليم وقال رسول
الله صلى الله عليه وآله: خذيه يا فاطمة فقد أدى بعلك ما عليه، وقتل الله صناديد
قريش (6).
1)
في المصدر: منجز وعده. 2) في " السيرة " لابن هشام: هشام بن أبى أمية بن
المغيرة. 3) في السيرة لابن هشام: عمرو بن عبد الله بن عمير بن وهب بن حذاقة بن
جمح وهو أبو عزة، قتله رسول الله صلى الله عليه وآله صبرا السيرة ج 3 / 135 - 4)
الرعديد (بكسر الراء المهملة): الجبان الكثير الارتعاد. 5) المليم (بفتح الميم):
الذى يلام على ما صدر منه. 6) كشف الغمة ج 1 / 195 نقلا عن " الارشاد "
للمفيد: 47 وأخرجه في البحار ج 20 / 87 عن = = الارشاد.
[ 433 ]
8 - ابن بابويه
قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رض) قال: حدثنا على بن إبراهيم بن
هاشم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبى نصر البزنطى، عن محمد بن أبى عمير جمعيا عن
أبان بن عثمان، عن أبى عبد الله عليه السلام قال: لما كان يوم أحد انهزم أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله حتى لم يبق معه إلا على بن أبى طالب عليه السلام
وأبو دجانة (1) سماك بن خرشة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: يا أبا دجانة أما
ترى قومك ؟ قال: بلى قال: الحق بقومك، قال: ما على هذا بايعت الله ورسوله، قال:
أنت في حل قال: والله لا تتحدث قريش بأنى خذلتك وفررت، أذوق ما تذوق، فجزاه النبي
صلى الله عليه وآله جزاء (2). وكان على عليه السلام كلما حملت طائفة على رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم استقبلهم وردهم حتى أكثر فيهم القتل والجراحات حتى انكسر
سيفه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إن الرجل يقاتل
بسلاحه وقد انكسر سيفى فأعطاه صلى الله عليه وآله سيفه ذو الفقار فما زال يدفع به
عن رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أثر وأنكر (3)، فنزل عليه جبرئيل عليه السلام
وقال: يا محمد إن هذه لهى المواساة من على لك، فقال النبي صلى الله عليه وآله: إنه
منى وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منكما، وسمعوا دويا من السماء: لا سيف إلا ذو
الفقار ولا فتى إلا على (4). 9 - الشيخ المفيد في " الاختصاص " في حديث
سبعين منقبة لامير المؤمنين
1)
أبو دجانة: سماك بن خرشة الخزرجي الصحابي المتوفى سنة (11) ه - الاصابة باب الكنى
الترجمة (371) - 2) في المصدر والبحار: فجزاه النبي صلى الله عليه وآله خيرا. 3)
قال المجلسي في ذيل الحديث: قوله: " حتى أثر " على بناء المجهول، أي أثر
فيه الجراحة، و " أنكر " أيضا على بناء المجهول، أي صار بحيث لم يكن
يعرفه من يراه، من قولهم: أنكره إذا لم يعرفه. 4) علل الشرائع: 7 ح 3 - وعنه
البحار ج 20 / 70 ح 7.
[ 434 ]
عليه
السلام دون الصحابة عن ابن دأب (1) وذكر مناقب على عليه السلام إلى أن قال: ثم ترك
الوهن والاستكانة، إنه انصرف من أحد وبه ثمانون جراحة، تدخل الفتائل في موضع وتخرج
من موضع، فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عائدا، وهو مثل المضغة على
نطع، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله بكى، فقال له: إن رجلا يصيبه هذا في
الله لحق على الله أن يفعل به ويفعل، فقال مجيبا له وبكى: بأبى أنت وأمى الحمدلله
الذى لم يرنى وليت عنك ولا قررت، بأبى أنت وأمى كيف حرمت الشهادة ؟ قال: إنها من
ورائك إن شاء الله. قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أبا سفيان قد
أرسل موعده (2) بيننا وبينكم حمراء الاسد، فقال: بأبى أنت وأمى والله لو حملت على
أيدى الرجال ما تخلفت عنك، قال: فنزل القرآن: (وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير
فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين)
(3) ونزلت الآية فيه قبلها: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن
يرد ثواب الدنيا نؤته منها، ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين) (4).
ثم ترك الشكاية في ألم الجراحة شكت المرأتان (5) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ما يلقى، وقالتا: يا رسول الله خشينا عليه مما تدخل الفتائل في موضع الجراحات
من موضع إلى موضع، وكتمانه ما يجد من الالم.
1)
ابن دأب: أبو الوليد عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب، كان من أهل الحجاز معاصرا لموسى
الهادى العباسي، وكان أكثر أهل عصره أدبا وعلما ومعرفة بأخبار الناس وأبامهم -
الكنى والالقاب للقمى ج 1 / 277 - 2) في المصدر: موعدة. 3) آل عمران: 146. 4) آل
عمران: 145. 5) إحداهما أم عطية نسيبة الانصارية والثانية أم سلمة بنت ملحان تقدمت
ترجمتهما.
[ 435 ]
قال:
فعد ما به أثر الجراحات عند خروجه من الدنيا فكانت ألف جراحة من قرنه إلى قدمه
صلوات الله عليه (1).
1)
الاختصاص: 158 وعنه البحار ج 40 / 114 والبرهان ج 1 / 33 ح 2.
[ 437 ]
1 - ابن بابويه
قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحق الطالقاني (ر ض) قال: حدثنا عبد العزيز بن
يحيى الجلودى البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهرى، قال: حدثنا جعفر بن محمد
بن عمارة، عن أبيه عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين
على بن أبى طالب عليه السلام يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أفضل
الكلام قول لا إله إلا الله، وأفضل الخلق أول من قال: لا إله إلا الله، فقيل له:
يا رسول الله ومن أول من قال: لا إله إلا الله ؟ قال: أنا، وأنا نور بين يدى الله
جل جلاله أوحده وأسبحه وأكبره وأقدسه وأمجده، ويتلونى (1) شاهد منى. فقيل: يا رسول
الله ومن الشاهد منك ؟ قال: على بن أبى طالب أخى (2) ووصيي ووزيرى ووارثى وخليفتي
وإمام أمتى، وصاحب حوضى، وحامل لوائى، فقيل: يا رسول الله فمن يتلوه ؟ قال: الحسن
والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم الائمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة (3).
1)
في المصدر: ويتلونى نور شاهد منى. 2) في المصدر: فقال: على بن أبى طالب أخى وصفيى،
ووزيرى وخليفتي، ووصيي وإمام أمتى. 3) كمال الدين للصدوق: 669 ح 14 وعنه البحار ج
36 / 263 ح 83.
[ 438 ]
2 - وعنه قال:
حدثنا محمد بن على رحمه الله، قال: حدثنا عمى محمد بن أبى القاسم، عن محمد (1) بن
على الكوفى، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن ثابت بن أبى صفية، عن سعيد بن
جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: معاشر الناس
من أحسن من الله قيلا وأصدق حديثا ؟ معاشر الناس إن ربكم جل جلاله أمرنى أن أقيم
لكم عليا علما وإماما وخليفة ووصيا، وأن أتخذه أخا ووزيرا، معاشر الناس إن عليا
باب الهدى بعدى، والداعى إلى ربى، وهو صالح المؤمنين، ومن أحسن قولا ممن دعا إلى
الله وعمل صالحا وقال: إننى من المسلمين ؟ معاشر الناس إن عليا منى، ولده ولدى،
وهو زوج حبيبتي، أمره أمرى، ونهيه نهيى، معاشر الناس عليكم بطاعته واجتناب معصيته،
فإن طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتى، معاشر الناس إن عليا صديق هذه الامة وفاروقها
ومحدثها: إنه هارونها ويوشعها، وآصفها وشمعونها، إنه باب حطتها، وسفينة نجاتها،
إنه طالوتها وذو قرنيها. معاشر الناس إنه محنة الودى، والحجة العظمى، والآية
الكبرى وإمام (2) الهدى والعروة الوثقى، معاشر الناس إن عليا مع الحق والحق معه،
وعلى لسانه، معاشر الناس إن عليا قسيم النار، لا يدخل النار ولى له، ولا ينجو منها
عدو له، وإنه قسيم الجنة لا يدخلها عدو له، ولا يتزحزح (3) عنها ولى له معاشر
أصحابي قد نصحت لكم وبلغتكم رسالة ربى ولكن لا تحبون الناصحين، أقول قولى هذا،
وأستغفر الله لى ولكم (4). 3 - وعنه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن
أبى مسروق
1)
هو محمد بن على الكوفى الصيرفى أبو سمينة جامع الرواة ج 2 / 150 - 2) في البحار:
وإمام أهل الدنيا. 3) في البحار: ولا يزحزح عنها. 4) أمالى الصدوق: 35 وعنه البحار
ج 38 / 93 ح 7.
[ 439 ]
النهدي،
عن الحسين (1) بن علوان، عن عمرو (2) بن ثابت، عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ
بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم على منبر الكوفة: أنا سيد
الوصيين، ووصى سيد النبيين، أنا إمام المسلمين، وقائد المتقين، وولى المؤمنين،
وزوج سيدة نساء العالمين، أنا المتختم باليمين، والمعفر للجبين، أنا الذى هاجرت
الهجرتين، وبايعت البيعتين، أنا صاحب بدر وحنين، أنا الضارب بالسيفين (3)، والحامل
على فرسين، أنا وارث علم الاولين، وحجة الله على العالمين بعد الانبياء ومحمد بن
عبد الله خاتم النبيين. أهل موالاتي مرحومون، وأهل عداوتي ملعونون، ولقد كان حبيبي
رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرا ما يقول لى: يا على حبك تقوى وإيمان، وبغضك
كفر ونفاق، وأنا بيت الحكمة وأنت مفتاحه، وكذب من زعم أنه يحبنى ويبغضك (4). 4 -
وعنه، قال: حدثنا محمد بن على رحمه الله، عن عمه: محمد بن أبى القاسم عن محمد بن
على الكوفى، عن محمد بن سنان، عن المفضل، عن جابر بن يزيد، عن أبى الزبير المكى،
عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله
تبارك وتعالى اصطفاني واختارني وجعلني رسولا وأنزل على سيد الكتب، فقلت: إلهى
وسيدي إنك
1)
الحسين بن علوان: الكوفى روى عن الصادق عليه السلام، وعن الاعمش، وهشام بن عروة بن
الزبير بن العوام، وله كتاب تختلف رواياته - رجال النجاشي ج 1 / 161 - 2) عمرو بن
ثابت أبى المقدام بن هرمز الكوفى الحداد مولى بنى عجل روى عن السجاد والباقر
والصادق عليهم السلام توفى سنة (172) - جامع الرواة ج 1 / 616 - ميزان الاعتدال ج
3 / 249. 3) قال العلامة المجلسي قدس سره: قوله: " أنا الضارب بالسيفين
" أي بسيف التنزيل في حياة الرسول صلى الله عليه وآله، وبسيف التأويل بعده،
أو أنه أخذ بسيفين في بعض الغزوات معا، أو سيفا بعد سيف كما كان في غزوة أحد أعطاه
النبي صلى الله عليه وآله ذا الفقار بعد تكسر سيفه، أو إشارة إلى ما هو المشهور من
أن ذا الفقار كان ذا شعبتين. 4) أمالى الصدوق: 31 ح 2 وعنه البحار ج 39 / 341 ح
12.
[ 440 ]
أرسلت
موسى إلى فرعون فسألت أن تجعل معه أخاه هارون وزيرا تشد به عضده، ويصدق به قوله،
وإنى أسألك يا سيدى وإلهى أن تجعل لى من أهلى وزيرا تشد به عضدي فاجعل لى عليا
وزيرا وأخا، واجعل الشجاعة في قلبه، واكسه الهيبة على عدوة، وهو أول من آمن بى
وصدقني، وأول من وحد الله معى، إنى سألت ذلك ربى عزوجل فأعطانيه فهو سيد الاوصياء،
اللحوق به سعادة، والموت في طاعته شهادة، واسمه في التوراة مقرون إلى اسمى، وزوجته
الصديقة الكبرى ابنتى، وابناه سيدا شباب أهل الجنة ابناى، وهو وهما والائمة من
بعدهم حجج الله على خلقه بعد النبيين، وهم أبواب العلم، من تبعهم نجى من النار،
ومن اقتدى بهم هدى إلى صراط مستقيم، لم يهب الله محبتهم لعبد إلا أدخله الله الجنة
(1). 5 - وعنه، قال: حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن على بن
الحسين بن على بن أبى طالب عليه السلام، قال: أخبرنا على بن إبراهيم، عن أبيه، عن
على بن (2) معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبى الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام
عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أحب أن
يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة، ويعتصم بحبل الله المتين فليوال عليا بعدى
وليعاد عدوه، وليأتم بالائمة الهداة من ولده، فإنهم خلفائي وأوصيائي، وحجج الله
على الخلق بعدى، وسادة أمتى، وقادة الاتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبى، وحزبى حزب
الله، وحزب أعدائهم حزب الشيطان (3). 6 - وعنه، قال: حدثنا أحمد (4) بن محمد، قال
أخبرنا محمد (5) بن
1)
أمالى الصدوق: 28 ح 5 وعنه البحار ج 38 / 92 ح 6. 2) على بن معبد: ذكره الشيخ في
أصحاب الهادى عليه السلام ولقبه بالبغدادي. 3) أمالى الصدوق: 26 ح 5 وعنه البحار ج
38 / 92 ح 5 وفى ج 23 / 144 ح 100 عن عيون أخبار الرضا عليه السلام: 292 ح 43. 4)
أحمد بن محمد: هو ابن يحيى العطار القمى كان حيا في سنة (356). 5) محمد بن على بن
يحيى الانصاري المعروف بابن أخى رواد كان حيا في سنة (309).
[ 441 ]
على
بن يحيى قال: حدثنا أبو بكر (1) بن نافع، قال: حدثنا أمية (2) بن خالد قال: حدثنا
حماد بن سلمة (3)، قال: حدثنا على بن (4) زيد، عن على بن الحسين عليهما السلام
قال: سمعت أبى يحدث عن أبيه أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام أنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا على والذى فلق الحبة وبرأ النسمة إنك
لافضل الخليفة بعدى، يا على أنت وصيى، وإمام أمتى، من أطاعك أطاعنى، ومن عصاك
عصاني (5). 7 - وعنه، قال: حدثنا محمد بن على رحمه الله، عن عمه محمد بن أبى
القاسم، عن محمد بن على الكوفى، عن محمد بن سنان، عن زياد بن المنذر، عن سعيد بن
جبير، عن ابن عبابس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المخالف على على
بن أبى طالب بعدى كافر، والمشرك به مشرك، والمحب له مؤمن، والمبغض له منافق،
والمقتفى لاثره لاحق، والمحارب له مارق، والراد على زاهق. على نور الله في بلاده،
وحجته على عباده، على سيف الله على أعدائه، ووارث علم أنبيائه، على كلمة الله
العليا، وكلمة أعدائه السفلى، على سيد الاوصياء، ووصى سيد الانبياء، على أمير
المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، وإمام المسلمين، لا يقبل الله الايمان إلا بولايته
وطاعته (6). 8 - وعنه، قال: حدثنا أبى رضى الله عنه قال: حدثنا عبد الله (7) بن
الحسن المؤدب، عن أحمد بن على الاصفهانى، عن إبراهيم بن محمد
1)
أبو بكر بن نافع: هو محمد بن أحمد بن نافع العبدى القيسي البصري مشهور بكنيته توفى
بعد سنة (240) ه - تهذيب التهذيب ج 9 / 23 -. 2) أمية بن خالد: بن الاسود بن هدية
الاسدي من بنى قيس بن ثوبان أبو عبد الله، وثقه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان الجرح
والتعديل ج 2 / 302 - 3) حماد بن سلمة بن دينار أبو سلمة الخزاز البصري المتوفى
سنة (167) ه - التهذيب ج 3 / 11 - 4) على بن زيد بن عبد الله بن زهير أبى مليكة بن
جدعان البصري المتوفى سنة (131) ه. 5) أمالى الصدوق: 20 ح 2 وعنه البحار ج 38 / 90
ح 2. 6) أمالى الصدوق: 19 ح 6 وعنه البحار ج 38 / 90 ح 3. 7) عبد الله بن الحسن
المؤدب: أحد مشايخ الصدوق ووالده كما في مشيخة الصدوق.
[ 442 ]
الثقفى،
قال: حدثنا مخول بن إبراهيم (1)، قال: حدثنا عبد الرحمن (2) بن الاسود اليشكرى، عن
محمد بن عبيد الله (3)، عن سلمان الفارسى رحمة الله عليه، قال: سألت رسول الله صلى
الله عليه وآله من وصيك من أمتك ؟ فإنه لم يبعث نبى إلا كان له وصى من أمته، فقال:
رسول الله صلى الله عليه وآله: لم يبين لى بعد، فمكثت ما شاء الله أن أمكث، ثم
دخلت المسجد، فناداني رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا سليمان سألتنى عن
وصيى من أمتى، فهل تدرى من كان وصى موسى من أمته ؟ فقلت: كان يوشع بن نون فتاه،
فقال: هل تدرى لم كان أوصى إليه ؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: أوصى إليه لانه كان
أعلم أمته بعده، ووصيي وأعلم أمتى بعدى على بن أبى طالب عليه السلام (4). 9 - ومن
طريق المخالفين ما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في " مسند " أبيه أحمد
بن حنبل، عن الهيثم (5) بن خلف، قال: حدثنا محمد بن أبى عمر الدوري (6) قال: حدثنا
شاذان (7)، قال: حدثنا جعفر بن (8) زياد، عن
1)
مخول بن إبراهيم بن مخول بن راشد النهدي الكوفى، ترجمه الذهبي في ميزان الاعتدال
وقال: صدوق في نفسه، روى عن إسرائيل وقال ابن حجر في لسان الميزان: هو من متشيعي
الكوفة وذكره ابن حبان في الثقات - لسان الميزان ج 6 / 11 - 2) عبد الرحمن بن
الاسود أبو عمرو اليشكرى الكوفى المتوفى سنة (167) ه وهو ابن (75) سنة جامع الرواة
ج 1 / 446 - 3) في البحار: عبد الله. 4) أمالى الصدوق: 21 ج 1 وعنه البحار ج 38 /
18 ح 34. 5) الهيثم بن خلف: أبو محمد الدوري الحافظ المتوفى ببغداد سنة (307) ه
العبر في خبر من غير ج 2 / 141 - 6) هو محمد بن أبى عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز
صهبان أبو بكر الدوري البغدادي المتوفى سنة (259) ه أنساب السمعاني ج 2 / 503 - 7)
شاذان: هو الاسود بن عامر أبو عبد الرحمن الشامي البغدادي الملقب بشاذان توفى
ببغداد سنة (208) ه وثقه ابن المدينى التقريب ج 1 / 76 - 8) جعفر بن زياد: الاحمر
أبو عبد الله الكوفى، عده الشيخ الطوسى من أصحاب الصادق عليه السلام توفى سنة
(167) ه جامع الرواة ج 1 / 152 -
[ 443 ]
مطر
(1)، عن أنس، يعنى ابن مالك، قال: قلنا لسلمان: سل النبي صلى الله عليه وآله من
وصيه ؟ فقال له سلمان: يا رسول الله من وصيك ؟ فقال صلى الله عليه وآله: يا سلمان
من كان وصى موسى ؟ فقال يوشع بن نون، قال: قال صلى الله عليه وآله: وصيى ووارثى من
يقضى دينى، وينجز موعدى، على بن أبى طالب عليه السلام (2). 10 - الثعلبي، قال:
أخبرني الحسين (3) بن محمد بن الحسين، حدثنا موسى بن محمد، حدثنا الحسن بن على بن
شبيب المعبرى (4) حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا على بن هاشم، عن صباح بن يحيى
المزني، عن زكريا بن ميسرة (5)، عن أبى إسحق، عن البرآء، قال لما نزلت: (وأنذر
عشيرتك الاقربين) (6) جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بنى عبد المطلب، وهم يومئذ
أربعون رجلا، الرجل منهم يأكل المسنة، ويشرب العس (7)، فأمر عليا أن يدخل شاة
فأدمها (8). ثم قال: ادنوا بسم الله، فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ثم
دعا بقعب (9) من لبن فجرع منه جرعة، ثم قال لهم: هلموا اشربوا
1)
مطر: بن أبى مطر ميمون المحاربي الاسكاف لقى أنس بن مالك بالخريبة وهى موضع
بالبصرة ميزان الاعتدال ج 4 / 127 - 2) فضائل أحمد ج 2 / 615 ح 1052 وأخرجه في
البحار ج 38 / 19 ح 35 عن العمدة لابن بطريق: 76 ح 92 والطرائف: 22 ح 15 نقلا من
مسند أحمد، وروى ذيله في ذخائر العقبى: 71. 3) الظاهر أنه الحسين بن محمد بن
الحسين بن عبد الله بن صالح بن شعيب بن فنجويه الثقفى الدنيوي النيشابوري المتوفى
(414) ه - تاريخ نيشابور: 291. 4) المعمرى: الحسن بن على بن شبيب أبو على القاضى
الحافظ البغدادي المتوفى سنة (295). 5) زكريا بن ميسرة: الكوفى عده الشيخ من أصحاب
الصادق عليه السلام. 6) الشعراء: 214. 7) العس (بضم الين المهملة والسين المهملة
المشددة): القدح أو الاناء الكبير. 8) فأدمها: فجعلها إداما، والادام: ما يجعل مع
الخبز، وما يلائم ويوافق. 9) القعب (بفتح القاف وسكون العين المهملة): القدح
الضخم.
[ 444 ]
بسم
الله، فشربوا حتى رووا، فبدرهم أبو لهب فقال: هذا ما سحركم به الرجل، فسكت النبي
صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ فلم يتكلم، ثم دعاهم من الغد إلى مثل ذلك الطعام
والشراب، ثم أنذرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا بنى عبد المطلب
إنى أنا النذير إليكم من الله عزوجل، والبشير لما لم يجئ به أحد، جئتكم بالدنيا
والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا. ثم قال: من يواخيني ويوازرني ويكون وليى ووصيي
بعدى وخليفتي في أهلى ويقضى دينى ؟ فسكت القوم، وأعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت
القوم، ويقول على عليه السلام: أنا، فقال في المرة الثالثة: أنت، فقال القوم وهم
يقولون لابي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك (1). 11 - أبو الحسن الفقيه ابن المغازلى
الشافعي الواسطي في كتاب " المناقب " قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد
بن أحمد بن عثمان، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز إذنا، قال:
حدثنا أبو عبد الله الحسين بن على الدهان المعروف بأخى (2) حماد، قال: حدثنا على
بن محمد بن الخليل بن هارون البصري، قال: حدثنا محمد بن الخليل الجهنى، قال: حدثنا
هشيم عن أبى بشر (3)، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنه، قال: كنت جالسا
مع فتية من بنى هاشم عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ انقض كوكب، فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله: من انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدى ! فقام
فتية من بنى هاشم، فنظروا فإذا الكوكب قد انقض في منزل على بن أبى طالب عليه السلا
م، فأنزل الله تعالى: (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى) إلى قوله: (بالافق
1)
تفسير الثعلبي مخطوط، وعنه البرهان ج 3 / 191 ح 7 وعن مجمع البيان ج 7 / 206
وأخرجه في البحار ج 38 / 144 ح 111 عن العمدة لابن بطريق: 76 ح 93. 2) أخو حماد:
أبو عبد الله الحسين بن على بن الحسين بن الحكم الاسدي الدهان الكوفى. 3) أبو
بشير: جعفر بن أبى وحشية إياس اليشكرى البصري المتوفى سنة (123) ه أو بعدها -
التهذيب ج 2 / 83.
[ 445 ]
الاعلى)
(1). 12 - صدر الائمة موفق بن أحمد من أعيان علماء الجمهور، قال: أنبأني الامام
الحافظ صدر الحفاظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني إجازة، حدثنا أبو
القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ، أخبرنا أبو الحسين (2) أحمد بن محمد بن
أحمد بن عبد الله، أخبرنا أبو القاسم (3) عيسى بن على بن عيسى بن داود الجراح، أخبرنا
أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا محمد بن حميد
الرازي حدثنا على بن (4) مجاهد، حدثنا محمد بن إسحق، عن شريك بن عبد الله، عن أبى
ربيعة (5) الايادي، عن ابن بريدة (6)، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
لكل نبى وصى ووارث، وإن عليا وصيى ووارثى (7). 13 - وعنه قال: أنبأني أبوالعلا
هذا، أخبرنا الحسن بن أحمد المقرى، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد
الله محمد (8) بن أحمد بن علي بن مخلد، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة (9)،
حدثنا
(1)
المناقب لابن المغازلي: 310 ح 353 وعنه البرهان ج 4 / 246 ح 5 أو الطرائف: 22 ح
16، والعمدة لابن بطريق: 78 ح 95 وتأويل الآيات ج 2 / 620 ح 1 وأخرجه في البحار ج
35 / 283 ح 11 عن الطرائف والعمدة والتأويل وتفسير فرات: 75. (2) أبو الحسين: أحمد
بن محمد بن أحمد بن عبد الله البزاز البغدادي المعروف بابن النقور ولد سنة (381)
وتوفي سنة (470) ه العبر ج 3 / 50. (4) علي بن مجاهد بن مسلم أبو مجاهد الرازي
المعروف بابن الكابلي المتوفي سنة (182) روى عنه أحمد بن محمد بن حنبل الجرح
والتعديل ج 6 / 205 - (5) أبو ربيعة الايادي: عمر بن ربيعة. (6) ابن بريدة: هو عبد
الله بن بريدة بن الحصيب الاسلمي القاضي المتوفى (115) ه. (7) المناقب الخوارزمي:
4 2 وعنه كشف الغمة ج 1 / 114 وأخرجه في البحار ج 38 / 154 عن المناقب لابن شهر
اشوب ج 3 / 66 عن الحافظ أبي العلاء. (8) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن
مخلد البغدادي المعروف بابن أخرم المتوفى سنة (735) - العبر ج 2 / 315 - (9) أبن
أبي شيبة: محمد بن عثمان بن محمد أبي شيبة العيسي أبو جعفر الكوفي المؤرخ الحافظ =
[ 446 ]
إبراهيم
(1) بن محمد بن ميمون، حدثنا علي بن (2) عابس، عن الحارث بن حصين، عن القاسم بن
جندب، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أنس اسكب لي وضوء ثم
قام فصلى ركعتين. ثم قال: يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين،
وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين. قال: قلت: اللهم اجعله رجلا
من الانصار، وكتمته، إذ جاء على عليه السلام فقال صلى الله عليه وآله: من هذا يا
أنس ؟ فقلت: على عليه السلام، فقام مستبشرا فاعتنقه، ثم جعل يمسح عرق وجهه، ويمسح
عرق وجه علي عن وجهه، فقال علي عليه السلام: يا رسول الله لقد رأيتك صنعت شيئا ما
صنعته بي من قبل ؟ قال: وما يمنعني وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما
اختلفوا فيه بعدي (3). 14 - وعنه، قال: أخبرني شهردار إجازة، أخبرنا عبدوس هذا
كتابة، أخبرنا أبو طالب (4)، عن ابن مردويه، حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم، حدثنا
عمران بن عبد الرحيم، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، حدثنا حسين بن حسن الاشقر،
حدثنا قيس، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي، عن أبي أيوب، أن النبي صلى الله عليه
وآله مرض مرضا فأتته فاطمة عليها السلام تعوده، فلما رأت ما برسول الله من الجهد
والتعب والضعف استعبرت، فبكت حتى سالت دموعها على خديها، فقال لها رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: يا فاطمة إن لك لكرامة على الله زوجك من هو أقدمهم
=
المتوفى سنة (297) - تاريخ بغداد ج 3 / 42 (1) إبراهيم بن محمد بن ميمون الكندي،
قال ابن حجر في اللسان: هو من أجلاء الشيعة، ذكره ابن حبان في الثقات، وأبو جعفر
الطوسي في رجال الشيعة لسان الميزان ج 1 / 107 (2) علي بن عابس: الازرق الاسدي
الكوفي ميزان الاعتدال ج 3 / 134 - (3) المناقب للخوارزمي: 42 وعنه كشف الغمة ج 1
/ 114 وأخرجه في البحار ج 38 / 2 عن المناقب لابن شهر اشوب ج 2 / 48 نقلا عن حلية
الاولياء ج 1 / 63. (4) أبو طالب. محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج البغدادي
المتوفى سنة (445) ه
[ 447 ]
سلما
(1)، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما، إن الله تعالى اطلع إلى أهل الارض اطلاعة
فاختارني منهم فبعثني نبيا مرسلا، ثم اطلع اطلاعة فاختار منهم بعلك، فأوحى الله
عزوجل إلي أن أزوجه إياك (2) وأتخذه وصيا وأخا. 15 وعنه، قال: أخبرني شهردار هذا
إجازة، أخبرنا عبدوس هذا كتابة، حدثنا الشيخ أبو الفرج محمد بن سهل، حدثنا أبو
العباس أحمد بن إبراهيم بن تركان، حدثني زكريا بن عثمان أبو القاسم ببغداد، حدثنا
محمد بن زكريا الغلابي حدثنا الحسن بن موسى بن محمد بن عباد الجزار، حدثنا عبد
الرحمن بن القاسم الهمداني، حدثنا أبو حاتم محمد بن محمد الطالقاني أبو مسلم، عن
الخالص الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن
علي بن أبي الحسين بن علي بن أبي طالب، عن الثقة محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن
محمد بن علي بن الحسين بن علي بن علي بن أبي طالب، عن الامين موسى بن جعفر بن محمد
بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن الصادق جعفر بن محمد بن علي
بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن الباقر محمد بن علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب عليهم السلام عن الزكي زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب، عن البر الحسين (3) بن علي بن أبي طالب، عن المرتضى أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب، عن المصطفى محمد الامين سيد المرسلين من الاولين والآخرين صلى الله عليه
وآله أنه قال لعلي بن أبي طالب: يا أخا الحسن كلم الشمس فإنها تكلمك، قال علي رضي
الله عنه: السلام عليك أيها العبد الصالح، المطيع لله تعالى، فقالت الشمس:
(1)
في المصدر: إن لكرامة الله عزوجل إياك زوجتك من أقدمهم سلما. (2) في المصدر: فأوحى
إلي أن أزوجك إياه. (3) في المصدر: عن البر الحسين بن علي. وعليك السلام يا أمير
المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، يا علي أنت وشيعتك في الجنة، يا
علي أول ما تنشق الارض عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم أنت، وأول من يكسى محمد
صلى الله عليه وآله ثم أنت. قال: فانكب علي ساجدا، وعيناه تذرفان دموعا، فانكب
عليه النبي صلى الله عليه وآله وقال: يا أخي وحبيبي ارفع رأسك، فقد باهى الله
[ 448 ]
بك
أهل سبع سموات (1). قال المؤلف: انظر أيها الاخ إلى هذه الاحاديث، وهذا الحديث في
فضله عليه السلام وأنه وصي رسول الله صلى الله عليه وآله بالنص عليه من الله
سبحانه وتعالى ومن رسول صلى الله عليه وآله، والاحاديث من طرق الخاصة والعامة في
النص بأنه وصي رسول الله ما لا تحصى، وقد صنف في ذلك العلماء، وجملة من الفضلاء،
وأنا أذكر لك هنا جملة ممن صنف في ذلك. كاب الوصية للشيخ الجليل إبراهيم بن محمد
بن سعيد بن هلال المتوفى سنة (283) ه. كتاب الوصية للشيخ الجليل أحمد بن محمد بن
خالد البرقي المتوفى سنة (332). كتاب الوصية للشيخ الجليل علي بن الحسين المسعودي
صاحب مروج الذهب. توفي (346). كتاب الوصية (والامامة) للشيخ الجليل علي بن رئاب
أبي الحسن الطحان الكوفي الراوي عن الصادق عليه السلام. كتاب الوصية للشيخ الجليل
عيسى بن المستفاد أبو موسى الضرير الراوي
(1)
مناقب الخوارزمي: 63 وعنه اليقين لابن طاووس: (25) الباب 25 وكشف الغمة ج 1 / 154
وعنهما البحار ج 41 / 16) ح 5.
[ 449 ]
عن
الجواد عليه السلام. كتاب الوصية للشيخ الجليل محمد بن أحمد المعروف بالصابوني،
أدرك الغيبتين. كتاب الوصية للشيخ الجليل محمد بن الحسن بن الفروخ، عده الشيخ من
أصحاب العسكري عليه السلام. كتاب الوصية للشيخ الجليل محمد بن يعقوب الكليني.
المتوفى سنة (932) ه. كتاب الوصية للشيخ الجليل محمد بن الحسن الطوسي. المتوفى
سنة (460) ه. كتاب الوصية للشيخ الصدوق محمد بن بابويه القمي المتوفى سنة (381) ه.
كتاب الوصايا للشيخ الجليل محمد بن علي بن الفضل بن تمام سمع منه التلعكبري سنة
(340) ه. كتاب الاوصياء وذكر الوصايا تأليف السعيد علي بن محمد بن زياد الصيمري
وهو ممن لحق الامام علي بن محمد الهادي والامام الحسن العسكري عليهما السلام وجد
الكتاب بعد وفاة مصنفه سنة (228). كتاب الوصايا للشيخ الجليل محمد بن علي بن
إبراهيم بن موسى القرشي أبي سمينة يرويه عنه النجاشي. كتاب للشيخ محمد بن علي
الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر المقتول سنة (322). كتاب الوصايا للشيخ الجيل
موسى بن الحسن بن عامر الاشعري القمي. كتاب الوصايا للشيخ الجليل هشام بن الحكم
الكوفي المتوفى سنة (199). كتاب الوصية للشيخ الجليل الحسين بن سعيد بن حماد
الاهوازي المتوفى بقم. كتاب الوصايا للشيخ الجليل الحكم بن مسكين أبي محمد الكوفي
المكفوف الراوي عن الصادق عليه السلام. كتاب الوصايا للشيخ الجليل علي بن أبي
المغيرة الراوي عن الباقر والصادق عليهما السلام. كتاب الوصايا للشيخ علي بن الحسن
بن علي بن فضال ذكره الشيخ في أصحاب الهادي والعسكري عليهما السلام. كتاب الحجج
القوية لم يحضرني اسم مصنفه وهو كتاب حسن (1). كتاب التحفة البهية في إثبات الوصية
لمصنف هذا الكتاب هاشم بن سليمان بن إسماعيل الحسيني قد اشتمل على أربعمائة وخمسين
حديثا من طرق الخاصة، منها ما يزيد على خمسين حديثا من طرق العامة. وإثبات وصية
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الاحد عشر الائمة عليهم السلام مما تظافرت به
الاخبار وتواترت به الآثار، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
(1)
قال شيخنا في الاجازة العلامة الطهراني في الذريعة ج 6 / 265: الحجج القوية في
إثبات الوصية كتاب الوصايا للشيخ الجيل موسى بن الحسن بن عامر الاشعري القمي. كتاب
الوصايا للشيخ الجليل هشام بن الحكم الكوفي المتوفى سنة (199). كتاب الوصية للشيخ
الجليل الحسين بن سعيد بن حماد الاهوازي المتوفى بقم. كتاب الوصايا للشيخ الجليل
الحكم بن مسكين أبي محمد الكوفي المكفوف الراوي عن الصادق عليه السلام. كتاب
الوصايا للشيخ الجليل علي بن أبي المغيرة الراوي عن الباقر والصادق عليهما السلام.
كتاب الوصايا للشيخ علي بن الحسن بن علي بن فضال ذكره الشيخ في أصحاب الهادي
والعسكري عليهما السلام. كتاب الحجج القوية لم يحضرني اسم مصنفه وهو كتاب حسن (1).
كتاب التحفة البهية في إثبات الوصية لمصنف هذا الكتاب هاشم بن سليمان بن إسماعيل
الحسيني قد اشتمل على أربعمائة وخمسين حديثا من طرق الخاصة، منها ما يزيد على
خمسين حديثا من طرق العامة. وإثبات وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الاحد عشر
الائمة عليهم السلام مما تظافرت به الاخبار وتواترت به الآثار، وصلى الله على محمد
وآله الطاهرين.
(1)
قال شيخنا في الاجازة العلامة الطهراني في الذريعة ج 6 / 265: الحجج القوية في
إثبات الوصية لعلي بن أبي طالب عليه السلام. ذكر في أوله عشرين كتابا في إثبات
الوصية... إلى أن قال: ومن نقل المؤلف عن البياضي (الشيخ زين الدين علي بن يونس
النباطي المتوفى سنة (877) يظهر تأخره عنه، فنسبة الكتاب إلى العلامة الحلي إنما
صدرت ممن لم يراجع أثناء الكتاب.
|
|
|
|