ص 5

علوية عبد المطلب للشاعر الأديب الشيخ محمد عبد المطلب الأستاذ بمدرسة دار العلوم

تبصر هل ترى إلا عليا * إذا ذكر الهدى ذاك الغلاما

غلام آثر الإسلام دينا * ولما يعد أن بلغ الفطاما

إذ الروح الأمين أتى بدين * يرد إلى هدى الحق الأناما

فكهل في جهالته تولى * وشيخ في ضلالته تعامى

وآخر لا يبين له جواب * أطاع الصمت واجتنب الكلاما

ولجت في عمايتها قريش * تصارحه العداوة والخصاما

وجاشت بين أضلعها قلوب * على الإسلام تلتهب احتداما

فما فعل الفتى والشر تغلي * مراجله وتهتزم اهتزاما

مضى كالسيف لم يعقد إزارا * على ريب ولم يشدد حزاما

يروح على مجامعهم ويغدو * كشبل الليث يعترم اعتراما

صغير السن يخطر في إباء * فلا ضيما يخاف ولا ملاما

وما زالت به الأيام ترقى * على درج النهى عاما فعاما

وقد جمع الحجا والدين فيه * خلائق تجمع الخير العظاما

ولن ينسى النبي له صنيعا * عشية ودع البيت الحراما

ص 6

وفي أم القرى خل أخاه * تسجى في حظيرته وناما

ولم يأبه على للمنايا * ولم تقلق بجفنيه مناما

وخلف عنه كي يقضي حقوقا * على خير الورى كانت لزاما

وما صهر النبي إذا تنادوا * كمن يدعو ربيعة أو هشاما

ومن تهدى البتول له عروسا * بنى في النجم بيتا لا يسامى

بأمر الله زفوها إليه * عشية راح يخطبها وساما

كأني بالملائك إذ تدلت * بصحن البيت تزدحم ازدحاما

فلو كشف الحجاب رأبت فيه * جنود الله تنتظم انتظاما

أطافوا بالحظيرة في جلال * صفوفا حول فاطمة قياما

تفيض على منصتها وقارا * وتكسو حسن طلعتها وساما

فلا يحزن خديجة أن تولت * ولم تبلغ بجلوتها مراما

تولاها الذي ولى أباها * رسالته وزوجها الإماما

قران زاده الإسلام يمنا * وشمل زاده الحب التئاما

فإن تك خير من عقدت إزارا * وأكرم من تلثمت اللثاما

فما شغلته عن خوض المنايا * إذا التطمت زواخرها التطاما

فسائل عنه في أحد العوالي * وقد حلك العجاج بها وآما

وسائل يوم خيبر عن علي * تجد فيها مآثره جساما

إذا الرايات في جهد عليها * تعاصى الفتح وانبهم انبهاما

 دع الحومات عنك فتى المغازي * ومن سل السيوف بها وشاما

وسل أهل السلام تجد عليا * أمام الناس يبتدر السلاما

حوى علم النبوة في فؤاد * طما بالعلم زخارا فطاما

ص 7

سقاه الحق أفواق المعاني * وهيمه به حبا فهاما

وزوده اليقين به فكانت * أفاويق اليقين له قواما

فكم أجرى على المحراب دمعا * لخوف الله ينسجم انسجاما

إذا ما قام في المحراب قامت * له زمر الملائكة احتراما

صلاة الليل يجعلها سحورا * إذا ما في الغداة نوى الصياما

رأينا في الكهولة منه شيخا * هوى المجد اشتمالا واعتماما

فما للدهر لم يعرف حقوقا * له شيخا ولم ينكر ظلاما

ألا تبت يد بالغدر ثارت * تمد إلى أبي حسن حساما

لو أن السيف كان له خيار * لعرد عنه وانثلم انثلاما

ولكن القضاء جرى برزء * له انحلت عرى الصبر انفصاما

فبعدا لابن ملجم يوم يأتي * يجر بردغة الخيل اللجاما

به فجع المدينة والمصلى * وزلزل بطن مكة والمقاما

ولولا الغدر لم يرفع جبينا * لهيبته ولا نظرا أساما

نعى الناعي أبا حسن فمالت * رواسي الأرض تندك انهداما

بروحي غرة يجري عليها * دم أزكى من المسك اشتماما

جبين زاده بالموت نورا * لقاء الله فأتلق ابتساما

بنفسي إذ يجود بخير نفس * تخاف على الحنيفة أن تضاما

مضى زين الصحابة في سبيل * إلى ملأ بجيرته استهاما

إلى دار السلام مضى علي * وجاور في منازلها السلاما

كتاب علي إمام الأمة للشيخ أحمد حسن الباقوري.

ص 9