المجالس السّنية ـ الجزء الرابع-

 
 

الصفحة ( 327 )

المجلس التاسع والخمسون بعد المئتين

أوجب الله تعالى التوبة على كلّ مذنب بقوله : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ )(1) . ومعنى التّوبة : هي النّدم على الذّنب والعزم على عدم العود إليه . ووجوبها ثابت بالعقل والنّقل , وهي واجبة على الفور بدون تأخير . وقد وعد الله تعالى بقبول التّوبة ، بقوله : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السّيِّئَاتِ )(2) . وقوله تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى )(3) .

ومِن كرم الله تعالى وفضله على عباده , إنّ مَن نوى منهم السّيئة ولم يفعلها لم تُكتب عليه , فإنْ فعلها انتظره الملك الموكّل بكتابة السّيئات سبع ساعات , فإنْ تاب قبل مضي سبع ساعات لم تُكتب عليه , وإنْ يتُب كُتبت عليه سيئة واحدة , وإذا نوى الحسنة ولم يفعلها , كُتبت له حسنة واحدة , فإنْ فعلها كُتبت له عشر حسنات .

وقال زين العابدين (عليه السّلام) في دعاء وداع شهر رمضان من أدعية الصّحيفة الكاملة , مشيراً إلى التّوبة : (( أَنْتَ الَّذِيْ فَتَحْتَ لِعِبَادِكَ بَاباً إلَى عَفْوِكَ وَسَمَّيْتَهُ التَّوْبَـةَ ، وَجَعَلْتَ عَلَى ذلِكَ البَابِ دَلِيلاً مِنْ وَحْيِكَ لِئَلاَّ يَضِلُّوا عَنْهُ ، فَقُلْتَ تَبَارَكَ اسْمُكَ : تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ(4) . فَمَا عُذْرُ مَنْ أَغْفَلَ دُخُولَ ذلِكَ الْمَنْزِلِ بَعْدَ فَتْحِ الْبَابِ وَإقَامَةِ الدَّلِيْلِ ؟ )) .

وأشار (عليه السّلام) إلى شيء من حدود التّوبة وشروطها في دعائه في ذكر التّوبة وطلبها من أدعية الصّحيفة , فقال : (( أللَّهُمَّ ، إنِّي أَتُـوبُ إلَيْـكَ فِي مَقَامِي هَذَا مِنْ كَبَائِرِ ذُنُوبِي وَصَغَائِرِهَا ، وَبَوَاطِنِ سَيِّئآتِي وَظَوَاهِرِهَا ، تَوْبَةَ مَنْ لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِمَعْصِيَة ، وَلاَ يُضْمِرُ أَنْ يَعُودَ فِي خَطِيئَة ،

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة النّور / 31 .

(2) سورة الشّورى / 25 .

(3) سورة طه / 82 .

(4) سورة التحريم / 8 .


الصفحة ( 328 )

 وَقَدْ قُلْتَ يَا إلهِي فِي مُحْكَمِ كِتابِكَ إنَّكَ تَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِكَ ، وَتَعْفُو عَنِ السَّيِّئآتِ ، وَتُحِبُّ التَّوَّابِينَ ، فَاقْبَلْ تَوْبَتِي كَمَا وَعَدْتَ ، وَأعْفُ عَنْ سَيِّئآتِي كَمَا ضَمِنْتَ ، وَأَوْجِبْ لِي مَحَبَّتَكَ كَمَا شَـرَطْتَ ، وَلَـكَ يَـا رَبِّ شَـرْطِي أَلاّ أَعُودَ فِي مَكْرُوهِكَ ، وَضَمَانِي أَلاّ أَرْجِعَ فِي مَذْمُومِكَ ، وَعَهْدِي أَنْ أَهْجُرَ جَمِيعَ مَعَاصِيكَ .

أللَّهُمَّ ، وَإنَّهُ لاَ وَفَاءَ لِي بِالتَّوْبَةِ إلاَّ بِعِصْمَتِكَ ، وَلا اسْتِمْسَاكَ بِي عَنِ الْخَطَايَا إلاَّ عَنْ قُوَّتِكَ . أللَّهُمَّ ، أَيُّما عَبْد تَابَ إلَيْكَ وَهُوَ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ فَاسِخٌ لِتَوْبَتِهِ ، وَعَائِدٌ فِي ذَنْبِهِ وَخَطِيئَتِهِ ، فَإنِّي أَعُوذُ بِكَ أنْ أَكُوْنَ كَذلِكَ ، فَاجْعَلْ تَوْبَتِي هَذِهِ تَوْبَةً لا أَحْتَاجُ بَعْدَهَا إلَى تَوْبَة ، تَوْبَةً مُوجِبَةً لِمَحْوِ مَا سَلَفَ ، وَالسَّلاَمَةِ فِيمَـا بَقِيَ .

أللَّهُمَّ ، وَإنِّي أَتُوبُ إلَيْكَ مِنْ كُلِّ مَا خَالَفَ إرَادَتَكَ مِنْ خَـطَرَاتِ قَلْبِي ، وَلَحَـظَاتِ عَيْنِي ، وَحِكَايَاتِ لِسَانِي . أَللَّهُمَّ ، إنْ يَكُنِ النَّدَمُ تَوْبَةً إلَيْكَ فَأَنَا أَنْدَمُ اْلنَّادِمِينَ ، وَإنْ يَكُنِ التَّرْكُ لِمَعْصِيَتِكَ إنَابَةً فَأَنَا أَوَّلُ الْمُنِيبينَ ، وَإنْ يَكُنِ الاسْتِغْفَارُ حِطَّةً لِلذُّنُوبِ فَإنِّي لَكَ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ )) .

 وكان الحُرّ بن يزيد التميمي اقترف ذنباً عظيماً في خروجه لحرب الحسين (عليه السّلام) , ومنعه عن الرّجوع وضيّق عليه , ثمّ لمّا تاب تاب الله عليه واستشهد بين يدي الحسين (عليه السّلام) , فرافق الحسين وجدّه وأباه (صلوات الله عليهم) في أعلى درجات الجنان , وذلك لمّا رأى الحُرُّ أنّ القوم قد صمّموا على قتال الحسين (عليه السّلام) , قال لعمر بن سعد : أمقاتل أنت هذا الرجل ؟! قال : أي والله , قتالاً أيسره أنْ تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي .

فأخذ الحُرّ يدنو من الحسين (عليه السّلام) قليلاً قليلاً ، وأخذه مثل الأفكل ( وهي : الرّعدة ) ، فقال له المهاجر بن أوس : إنّ أمرك لمريب ! والله ، ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا ! ولو قيل لي : مَن أشجع أهل الكوفة ؟ ما عدوتك , فما هذا الذي أرى منك ؟! فقال الحُرّ : إنّي والله , اُخيّر نفسي بين الجنّة والنّار ، فوالله , لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قُطّعت وحُرّقت . ثمّ ضرب فرسه قاصداً إلى الحسين (عليه السّلام)


الصفحة ( 329 )

ويده على رأسه ، وهو يقول : اللهمّ , إليك اُنيت فتب عليّ , فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد بنت نبيّك .

وقال للحسين (عليه السّلام) : جعلت فداك يابن رسول الله , أنا صاحبك الذي حبستك عن الرّجوع , وسايرتك في الطّريق , وجعجعت بك ( أي : ضيّقت عليك ) في هذا المكان , وما ظننتُ أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم , ولا يبلغون منك هذه المنزلة . والله , لو علمتُ أنّهم ينتهون منك إلى ما أرى , ما ركبت مثل الذي ركبت ، وإنّي قد جئتك تائباً ممّا كان منّي وإلى ربّي , مواسياً لك بنفسي حتّى أموت بين يديك , فهل ترى لي من توبة ؟ فقال له الحسين (عليه السّلام) : (( نعم يتوب الله عليك , فانزل )) . قال : أنا لك فارساً خير منّي راجلاً , اُقاتلهم على فرسي ساعة وإلى النّزول يصير آخر أمري . فقال له الحسين (عليه السّلام) : (( فاصنع يرحمك الله ما بدا )) . فقاتل حتّى قُتل , وفاز بالشّهادة .

ولمّا جيء بسبايا أهل البيت إلى دمشق ، واُوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يُقام السّبي , جاء شيخ فدنا من نساء الحسين (عليه السّلام) وعياله , وتكلّم بما كان من عظم الذّنوب , ثمّ لمّا وعظه زين العابدين (عليه السّلام) وأبان له ما كان يجهله , تاب فتاب الله عليه ونال درجة الشّهادة ؛ وذلك أنّه قال لهم : الحمد لله , الذي أهلككم وقتلكم , وأراح البلاد من رجالكم , وأمكن أمير المؤمنين منكم .

فلم يقابله زين العابدين (عليه السّلام) بسبٍّ ولا شتم حيث علم أنّه جاهل ، بل جاءه باللين والموعظة الحسنة , وقال : (( يا شيخ , هل قرأت القرآن ؟ )) . قال : نعم . قال : (( فهل عرفت هذه الآية : قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى(1) ؟ )) . قال : نعم . قال : (( فنحن القُربى )) . (( فهل قرأت : وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ (2) ؟ )) . قال : نعم . قال : (( فنحن القُربى )) . (( فهل قرأت : وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى(3) ؟ )) . قـال : نعم . قال : (( فنحن القُربى )) . (( وهل قرأت : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً(4) ؟ )) . قال : نعم . قال : (( فنحن أهل البيت الذين اختصنا الله بآية

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة الشّورى / 23 .

(2) سورة الإسراء / 26 .

(3) سورة الأنفال / 41 .

(4) سورة الأحزاب / 33 .


الصفحة ( 330 )

الطّهارة )) . فبقي الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلّم به ، وقال : بالله إنّكم هم ؟! قال (عليه السّلام) : (( تالله ، إنّا لنحن هم من غير شكّ ، وحقِّ جدّنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) )) .

فبكى الشيخ ورمى عمامته ، ثمّ رفع رأسه إلى السّماء وقال : اللهمَّ ، إنّي أبرأ إليك من عدوِّ آل محمَّد من جنّ وإنس . ثمّ قال : هل لي من توبة ؟ فقال له : (( نعم , إنْ تبت تاب الله عليك , وأنت معنا )) . فقال : أنا تائب . فبلغ يزيدَ خبرُه فأمر به فقُتل .

ذرِّيَّةٌ مثلُ ماءِ المُزنِ قدْ طَهرُوا        وطُيِّبوا فصفتْ أوصافُ ذاتِـهمُ

أئمَّـةٌ أخـذَ اللهُ العهـودَ لهُـمْ      على جميعِ الورَى منْ قبلِ خلقِهمُ

 

المجلس الستّون بعد المئتين

الحسد من الصّفات الذّميمة , وهو أيضاً من الذّنوب الكبيرة , والحسد : هو التّألم من وجود نعمة على الغير أو صفة كمال فيه ، وتمنّي زوالها . وهو مذموم في الكتاب العزيز والسّنّة المُطهّرة , قال تعالى : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ )(1) . ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ )(2) . وأمر الله تعالى نبيّه أنْ يستعيذ من شرّ الحاسد بقوله تعالى : ( وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ )(3) .

وقال النّبيُّ (صلّى الله عليه وآله) : (( إيّاكم والحسد ؛ فإنّه يأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب )) . والحسد أساس كلّ شر ومنبع كلّ بلاء ؛ حسد إبليس آدم حين أمر الله تعالى الملائكة بالسّجود تعظيماً لآدم (عليه السّلام) , فحمل الحسد إبليس على التّكبر عن السجود لآدم ، فكان ذلك سبباً لسخط الله تعالى على إبليس ولعنه الدّائم ، وتسلّطه على بني آدم , وسبباً لأكل آدم وحواء من الشّجرة بوسوسة إبليس ،

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة النّساء / 54 .

(2) سورة البقرة / 109 .

(3) سورة الفلق / 5 .


الصفحة ( 331 )

وخروجهما من الجنّة .

والحسد أوّل معصية وقعت على وجه الأرض ، حسد قابيل أخاه هابيل ؛ لأنّ الله تعالى قبل قربان هابيل ولم يقبل قربانه ، والحسد هو الذي كان سبب إلقاء إخوة يوسف أخاهم يوسف في الجبّ وإرادة هلاكه . ( إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ )(1) .

والحسد هو الذي كان السّبب في إنكار اليهود نبوّة محمَّد (صلّى الله عليه وآله) , وكانوا عرفوا صفته في كتبهم , حكاه الله تعالى عنهم بقوله : ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ )(2) . كانوا يقولون لمُشركي قريش : هذا نبيّ قد أطلّ زمانه , سيُبعث ونؤمن به فينصرنا عليكم . فلمّا ظهر أنكروه حسداً ؛ لأنّه من غيرهم وهم يريدونه منهم , وقالوا : ليس هذا الذي كُنّا نخبركم به . وهم يعتقدون أنّه هو .

والحسد هو الذي دعا بني اُميّة إلى بغض بني هاشم ومنابذتهم ؛ فحارب جدُّهم أبو سفيان النّبيَّ (صلّى الله عليه وآله) عدّة حروب حتّى ظهر أمر الله وهو كاره , فأظهر الإسلامَ مُكرهاً ونفسه منطوية على خلافه ، واقتدى به ولده معاوية , فحارب أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب (عليه السّلام) يوم صفّين ونابذه , وفرّق كلمة المسلمين ، ومشي على أثره ولده يزيد , فجيّش الجيوش على ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وسبطه حتّى قتله , وقتل أهل بيته وأنصاره , وسبى نساءه وعياله وحملهم إليه من الكوفة إلى الشّام , وأوقفهم على درج باب المسجد الجامع حيث يُقام السّبي , وقابلهم بكلِّ جفاء وغلظة .

ألا يابنَ هندٍ لا سَقَى اللهُ تُرْبةً      ثويتَ بِمثواهَا ولا اخضَرَّ عودُها

* * *

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة يوسف / 8 ـ 9 .

(2) سورة البقرة / 89 .


الصفحة ( 332 )

 

المجلس الواحد والستّون بعد المئتين

قال الله سبحانه وتعالى ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ )(1) . وقال تعالى مخاطباً لنبيّه (صلّى الله عليه وآله) ، وناعياً إليه نفسه : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ )(2) .

واشترى اُسامة بن زيد جارية بمئة دينار إلى شهر , فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( ألا تعجبون من اُسامة المُشتري إلى شهر ! إنّ اُسامة لطويل الأمل . والذي نفسي بيده , ما طرفتْ عيناي إلاّ ظننتُ أنّ شفريَّ لا يلتقيان حتّى يقبض الله روحي , ولا رفعتُ طرفي وظننتُ أنّي خافضه حتّى اُقبض , ولا تلقّمتُ لقمةً إلاّ ظننتُ أنّي لا أسيغها ، أنحصر بها من الموت )) . ثم قال (( يا بني آدم , إنْ كُنتم تعقلون فعدّوا أنفسكم من الموتى ، والذي نفسي بيده ، إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ(3) )) .

وقال أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) في بعض خطبه : (( وَلَوْ أَنَّ أَحَداً يَجِدُ إِلَى الْبَقَاءِ سُلَّماً ، أَوْ لِدَفْعِ الْمَوْتِ سَبِيلاً لَكَانَ ذَلِكَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ ( عليه السلام ) ، الَّذِي سُخِّرَ لَهُ مُلْكُ الْجِنِّ وَالإِنْسِ مَعَ النُّبُوَّةِ وَعَظِيمِ الزُّلْفَةِ ، فَلَمَّا اسْتَوْفَى طُعْمَتَهُ ، وَاسْتَكْمَلَ مُدَّتَهُ ، رَمَتْهُ قِسِيُّ الْفَنَاءِ بِنِبَالِ الْمَوْتِ ، وَأَصْبَحَتِ الدِّيَارُ مِنْهُ خَالِيَةً ، وَالْمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةً ، وَوَرِثَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ ، وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْقُرُونِ السَّالِفَةِ لَعِبْرَةً .

أَيْنَ الْعَمَالِقَةُ وَأَبْنَاءُ الْعَمَالِقَةِ ؟! أَيْنَ الْفَرَاعِنَةُ وَأَبْنَاءُ الْفَرَاعِنَةِ ؟! أَيْنَ أَصْحَابُ مَدَائِنِ الرَّسِّ الَّذِينَ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ ، وَأَطْفَؤوا سُنَنَ الْمُرْسَلِينَ ، وَأَحْيَوْا سُنَنَ الْجَبَّارِينَ ؟! أَيْنَ الَّذِينَ سَارُوا بِالْجُيُوشِ وَهَزَمُوا بِالأُلُوفِ ، وَعَسْكَرُوا الْعَسَاكِرَ وَمَدَّنُوا الْمَدَائِنَ ؟! ))

وخطب الحسين (عليه السّلام) لمّا عزم على الخروج إلى العراق , فقال : (( الحمدُ لله وما شاء الله ولا قوّة إلاّ بالله ، وصلّى الله على رسوله ، خُطَّ الموتُ على وُلد آدمَ مَخَطَّ القَلادةِ على جيد الفتاةِ ، وما أولهني

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة القصص / 88 .

(2) سورة الزمر / 30 .

(3) سورة الأنعام / 134 .


الصفحة ( 333 )

 إلى أسلافي اشتياقُ يعقوبَ إلى يوسفَ ، وخُيّر لي مصرعٌ أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي تُقطّعها عَسْلانُ الفلوات بين النّواويس وكربلاء ، فيملأنَّ منّي أكراشاً جوفاً وأجربةً سغباً ، لا مَحيصَ عن يومٍ خُطّ بالقَلَمْ ، رِضَى اللهُ رضانا أهلَ البيتِ ، نصبرُ على بلائِهِ ويُوفّينا أجورَ الصّابرين ، لنْ تَشُذَّ عن رسول اللهِ لَحمتُهُ ، بل هي مجموعةٌ لهُ في حظيرةِ القُدْسِ ، تُقرُّ بِهمْ عينُه ويُنجزُ بهم وعدَه .

مَنْ كان باذلاً فينا مُهجَتَه ، ومُوَطِّناً على لقاءِ اللهِ نفسَه فليرحل معنا ، فإنّني راحلٌ مُصبحاً إنْشاءَ اللهُ تعالى )) .

وما قال الحسين (عليه السّلام) : (( كأنّي بأوصالي تُقطّعها عَسْلانُ الفلوات )) : أي ذئابها , إلاّ لعلمه أنّه سيُقتل ويبقي بلا دفن كما أخبره جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . ومن عادة القتيل الذي لم يُدفن أنْ يجري عليه ذلك , فساق كلامه على مجرى العادة , وإلاّ فجسمه الشّريف وإنْ لم يحفظ من ذئاب أهل الكوفة وكلابهم أتباع بني اُميّة , إلاّ أنّه محفوظ من الذّئاب الوحشيّة كما قال السيّد الرّضي رضي الله عنه :

تَهابُهُ الوَحشُ أَنْ تَدنو لِمَصرَعِهِ      وَقَد أَقامَ ثَلاثاً غَيرَ مَقبورِ

تَحنو عَلَيهِ الرُبى ظِلاّ ً وَتَستُرُه      عَنِ النَّواظِرِ أَذيالُ الأَعاصيرِ

 

المجلس الثاني والسّتون بعد المئتين

الأخوات اللواتي أصابتهُنَّ سهام الدّهر وفُجعن بإخوتهنّ كثيرات , لكن أشدّهنَّ أشجاناً ، وأعظمهنَّ أحزاناً أربعة : اثنتان في الشّرك , واثنتان في الإسلام ، وكلّ منهنّ وقفت على جسد أخيها فرأته صريعاً مضرّجاً بالدّم .

فأمّا اللتان في الشّرك , فإحداهنَّ : ليلى اُخت عمرو بن عبد ود


الصفحة ( 334 )

العامري , فإنّها لمّا قُتل أخوها عمرو , برزت من خدرها وهي صارخةٌ معولةٌ حتّى وقفت على جسده , فرأته مقطوع الرأس ولم تُسلب منه ثيابُه ولا درعُه , فتعجَّبت من ذلك وقالت : مَن هو قاتل أخي ؟ فقيل لها : هو علي بن أبي طالب (عليه السّلام) . فاستبشرت وقالت : لَعمري , لهو كفو كريم . والله , لا أرثي أخي ولا أندبه . ثمّ أنشأت تقول :

لـو  iiكانَ قاتلُ عمرٍو غيرَ قاتلِهِ      iiلـكـنـتُ أبكي عليهِ آخرَ الأبدِ
لـكـنّ قـاتـلَهُ مَنْ لا يُعابُ بهِ      قـدْ  iiكان يُدعَى أبوهُ بيضةَ البلدِ
منْ هاشمٍ في ذُراهَا وهي صاعدةٌ      إلى  السّماءِ تُميتُ النّاسَ iiبالحسدِ
قـومٌ أبـى اللهُ إلاّ أنْ يكون لهمْii      iiكـرامـةُ الـدِّينِ والدُّنيا بلا لدد

وأمّا الثّانية : فهي صفيّة اُخت مرحب , فإنّه بعد ما قتله أمير المؤمنين (عليه السّلام) , أخذها أسيرة وبعث بها إلى النّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) مع بلال , فمرّ بها بلال على مصرع أخيها فرأته صريعاً مُلطّخاً بدمه , ثمّ جاء بها إلى النّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) وأوقفها بين يديه , وهي مذعورة وقد ارتعدت فرائصها , فقال لها النّبي (صلّى الله عليه وآله) : (( ما بالِك ؟ )) . قالت : يا رسول الله , اعلم أنّ هذا العبد مرّ بي على مصرع قومي , فاعتراني ما ترى . فلامه النّبيُّ (صلّى الله عليه وآله) وأمر بإطلاقها .

وأمّا اللتان في الإسلام ، فإحداهنّ صفيّة عمّة النّبي (صلّى الله عليه وآله) , فإنّه لمّا قُتل أخوها حمزة بن عبد المطّلب في وقعة اُحد , وقفت عليه فرأته صريعاً مُلطّخاً بدمه , وقد خُرق جوفه واستُخرجت كبده , وقد غطّاه النّبي (صلّى الله عليه وآله) بردائه , فلم يستر جسده بل بقيت رجلاه مكشوفتين , فستره النّبيُّ (صلّى الله عليه وآله) بالحشيش , فوقفت عليه اُخته صفيّة , فقال النّبي (صلّى الله عليه وآله) لولدها الزّبير : (( قُل لاُمّك لتَكفّنّ عن البكاء , ولترجع إلى خدرها )) .

وأمّا الثّانية ، فهي زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام) , وهي أعظمهنَّ شجناً وأشدَّهنّ حُزناً ، وأكثرهنَّ كرباً وأوجعهنَّ قلباً ؛ وذلك


الصفحة ( 335 )

لِمَا رأت من المصائب التي لم تُسبق ولم تُلحق بمثلها أبداً , ولمّا قُتل أخوها الحسين (عليه السّلام) ، حمل ابن سعد نساءه وبناته وأخواته ومَن كان معه من الصّبيان , وساقوهم كما يُساق سبي التّرك والرّوم , فقالت النّسوة : بحقِّ الله , إلاّ ما مررتم بنا على مصرع الحسين (عليه السّلام) . فمرّوا بهم على الحسين وأصحابه (عليهم السّلام) وهم صرعى , فلمّا نظرت النّسوة إلى القتلى , صحن وضربن وجوههنَّ .

قال الرّاوي : فوالله , لا أنسى زينب بنت علي (عليهما السّلام) وهي تندب الحسين (عليه السّلام) , وتُنادي بصوت حزين وقلب كئيب : يا مُحمّداه ! صلّى عليك مليك السّماء ، هذا حُسينك مرمّل بالدماء ، مقطوع الأعضاء ، وبناتك سبايا ـ إلى أن قالت ـ بأبي مَن لا غائب فيُرتجى ، ولا جريح فيُداوى ! بأبي المهموم حتّى قضى ! بأبي العطشان حتّى مضى ! بأبي مَن شيبته تقطر بالدماء .

أمّا اُخت عمرو ، فهوّن حزنها على أخيها أنّ قاتله رجل شريف جليل وهو علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، وافتخرت بذلك , وكانت العرب تفتخر بكون القاتل شريفاً , ويزيد في حزنها على القتيل كون قاتله وضيعاً ؛ وأمّا اُخت مرحب , فهوّن ما بها إكرام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لها ؛ وأمّا اُخت حمزة , فهوّن حزنها على أخيها أنْ بقي لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .

أمّا زينب ، فزاد في حزنها وعظيم مصابها أنّ قاتل أخيها شمر بن ذي الجوشن النّذل الرّذل , ولم يبقَ لها مَن تتسلّى به إلاّ زين العابدين (عليه السّلام) , وقد نهكته العلّة وأضرّ به المرض , فما أعظم مصيبتها ، وأجلّ رزيتها !

لَمْ أدرِ أيَّ رزاياهُمْ اُعدِّدُها     هيهاتَ لمْ اسْتَطعْ عَنهُنَّ تَعبيرَا

* * *


الصفحة ( 336 )

 

المجلس الثالث والستّون بعد المئتين

النّساء اللّواتي فُجعن بإخوتِهنَّ في الجاهليّة والإسلام كثيرات , ولكنْ اشتهر من بينهنّ عدّة , فمنهنّ : الخنساء اُخت صخر , وكان أخوها قد طُعن في بعض الحروب بطعنة , ثمّ اعتلّ منها فمات , فقالت اُخته ترثيه :

أَلا يا صَخرُ إِنْ أَبكَيتَ عَيني      لَـقَد أَضحَكتَني دَهراً iiطَويلا
بَـكَيتُكَ فـي نِساءٍ iiمُعوِلاتٍ      وَكُنتُ أَحَقَّ مَن أَبدى iiالعَويلا
دَفَعتُ  بِكَ الجَليلَ وَأَنتَ iiحَيٌّ      فَمَن  ذا يَدفَعُ الخَطبَ الجَليلا
إِذا قَـبُحَ الـبُكاءُ عَلى iiقَتيلٍ      رَأَيتُ بُكاءَكَ الحَسَنَ iiالجَميلا

ولها أيضاً ترثيه :

تَبكي خُناسٌ عَلى صَخرٍ وَحُقَّ لَها      إِذ رابَـها الدَّهرُ إِنَّ الدَّهرَ ضَرّارُ
يـا  صَـخرُ وَرّادَ ماءٍ قَد iiتَناذَرَهُ      كـلُّ الـبَريَّةِ مـا في وِردِهِ iiعارُ
مَشى السَّبَنتى إِلى هَيجاءَ iiمُعضِلَةٍ      لَـهُ سِـلاحانِ أَنـيابٌ iiوَأَظـفارُ
وَمـا عَـجولٌ عَلى بَوٍّ تُطيفُ بِهِ      لَـها  حَـنينانِ إِعـلانٌ iiوَإِسرارُ
يَـوماً  بِـأَوجَدَ مِنّي يَومَ iiفارَقَني      صَـخرٌ  وَلِـلدَّهرِ إِحلاءٌ وَإِمرارُ
وَإِنَّ  صَـخراً لَـوالِينا iiوَسَـيِّدُنا      وَإِنَّ صَـخراً إِذا نَـشتو iiلَـنَحّارُ
وَإِنَّ  صَـخراً لَـتَأتَمَّ الـهُداةُ iiبِهِ      كَـأَنَّهُ  عَـلَمٌ فـي رَأسِـهِ نـارُ

ومنهنّ : ليلى بنت طريف الشّيبانيّة , وكان أخاها الوليد قتله يزيدُ بن مزيد الشّيباني في بعض الحروب , فقالت اُخته ترثيه :


الصفحة ( 337 )

أيـا  شـجرَ الـخابورِ مـا لكَ مُورقا      كَـأنّك  لَـم تَـجزعْ عَلى ابنِ iiطريفِ
فَـتىً  لا يُـحبُّ الـزَّاد إلاّ منَ iiالتُّقى      وَلا الـمـالَ إلاّ مـن قـناً iiوسـيوفِ
ولا الـذّخـرَ إلاّ كـلَّ جـرداءَ صلدمٍ      مــعــاودةً iiلـلـكـرِّ بين صفوفِ
فَـقَـدناكَ  فُـقـدانَ الـرَّبيعِ ولَـيتنا      فَـدَيـناك مِــن سـاداتـنا بـاُلوفِ
حَليف النَّدى إِنْ عاشَ يرضى به النَّدى      وَإِنْ  مـاتَ لا يـرضى النَّدى iiبحليفِ
وَمـا  زالَ حـتّى أزهق الموتُ iiنفسَهُ      شَـجـاً  لـعـدوٍّ أو نـجاً لـضعيفِ
فَـإِنْ  يـكُ أَرداهُ يـزيدُ بـنُ iiمـزيد      فــرُبَّ زَحــوفٍ لـفَّها iiبـزحوفِ
ألا يـا لـقـومـي لـلـحِمامِ وللبَلَىii      ولـــلأرضِ iiهَـمَّـتْ بعدَهُ برحيفِ
وَلـلّيثِ  فـوقََ الـنَّعشِ إِذ يَـحملونه      إِلــى حُـفـرةٍ مـلحودةٍ iiوسـقوفِ

ومنهنَّ : اُمّ كلثوم اُخت عمرو بن عبد ود العامري , فإنّه لمّا قتل أخاها عليٌّ (عليه السّلام) يوم الخندق , وقفت عليه فرأته لم تُسلب منه ثيابُه ولا درعه , فسألت عن قاتله , فقيل لها علي بن أبي طالب , فأنشأت تقول :

لـو  iiكانَ قاتلُ عمرٍو غيرَ قاتلِهِ      iiلـكـنـتُ أبكي عليهِ آخرَ الأبدِ
لـكـنّ قـاتـلَهُ مَنْ لا يُعابُ بهِ      قـدْ  iiكان يُدعَى أبوهُ بيضةَ البلدِ
منْ هاشمٍ في ذُراهَا وهي صاعدةٌ      إلى  السّماءِ تُميتُ النّاسَ iiبالحسدِ
قـومٌ أبـى اللهُ إلاّ أنْ يكون لهمْii      iiكـرامـةُ الـدِّينِ والدُّنيا بلا لددِ
يـا أمّ كـلثومَ ابـكيهِ ولا تَدَعي      بُـكاءَ مـعولةٍ حـرّى على iiولد

وقالت أيضاً :

أسدانِ في ضيْقِ المجالِ تصاوَلا       وكلاهُما كفوٌ كـريمٌ باسل ُ

فَتَخالَسا سلـبَ النُّفوسِ كِلاهما       وَسط المجالِ مجالدٌ ومقاتلُ


الصفحة ( 338 )

وَكِلاهما حسرَ القناعَ حفيظةً       لَم يثنهِ عَن ذاك شغلٌ شاغلُ
فاذهبْ عليٌّ فما ظفـرتَ بمثلِهِ      قولٌ سديدٌ ليس فيه تحاملُ

ومنهنّ : وهي أعظمهنَّ وجداً وأشدّهنّ حزناً , عقيلة بني هاشم زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام) , التي رأت أخاها الحسين (عليه السّلام) جثّة بلا رأس , مرضوض الجسم بحوافر الخيل , وقفت عليه وجعلت تندبه وتُنادي بصوتٍ حزين وقلبٍ كئيب : يا مُحمّداه ! صلّى عليك مليك السّماء ، هذا حُسينك مرمّل بالدماء ، مُقطّع الأعضاء ، وبناتك سبايا ، وذُرّيّتك مُقتّلة تسفي عليهم ريح الصبا ، وهذا حسينٌ محزوز الرأس من القفا , مسلوب العمامة والرّداء . بأبي مَن لا هو غائب فيُرتجى ، ولا جريح فيُداوى ! بأبي المهموم حتّى قضى ! بأبي العطشان حتّى مضى ! بأبي مَن شيبته تقطر بالدّماء .

وثـواكلٍ بـالنّوحِ تُسعدُ مثلَها      أرأيـتَ  iiذا ثكلٍ يكونُ سَعيدَا
حـنَّـتْ فلَمْ تَرَ مثلَهنَّ نوائحاًii      إذْ  لـيـسَ مثلُ فقيدِهنَّ فقيدَا
إنْ تنْعَ أعطَتْ كلَّ قلبٍ حَسْرةً      أو  تدْعُ صدَّعتِ الجِبالَ المِيدَا

وليكن هذا آخر الجزء الرّابع من المجالس السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النّبويّة , وبه تمّ القسم المتعلّق بمُصيبة الحسين (عليه السّلام) من الكتاب .

ولمْ نألُ جهداً في اختياره وانتقائه وترتيبه حسبما وصلت إليه مقدرتُنا القاصرة ، والله المسؤول أنْ ينفع به إخوان الدِّين ، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم ، ويحشرنا في زمرة محمّد وآله الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين .
ووافق الفراغ منه آخر نهار الاثنين , الثّامن من شهر ذي القعدة الحرام سنة 1343 من الهجرة ، بمدينة دمشق المحميّة ، ووافق الفراغ من إعادة النّظر فيه ثانياً ، والزيادة عليه عصر يوم السّبت الرّابع والعشرين من شهر رمضان


الصفحة ( 339 )

المبارك سنة 1362 من الهجرة بمدينة دمشق أيضاً ، حماها الله تعالى , وكتب بيده الدّاثرة مؤلفه الفقير إلى عفو ربّه الغني محسن ابن المرحوم السيّد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي نزيل دمشق ، تجاوز الله عنه ، حامداً مُصليّاً مُسلّماً . s

كان الفراغ من طبع هذا الجزء للمرة الثّالثة يوم الخميس ، الواقع في السّادس عشر من شهر جمادى الاُولى سنة 1373 هجرية .

* * *

والحمد لله رب العالمين

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث