[ 260 ]
الحادي والسبعون قصة الكلب الذي خرق ثوب
الناصب لامير المؤمنين - عليه السلام - العداوة وخمش ساقه 166 - السيد
المرتضى من هذا الكتاب: قال: حدث محمد بن عثمان، قال: حدثنا أبو زيد
النميري (3)، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث (4)، قال: حدثنا شعبة،
عن سليمان الاعمش، قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح (5)، عن أبيه (6) عن أبي
هريرة، قال: صليت الغداة مع النبي - صلى الله عليه وآله - فلما فرغ من
صلاته وتسبيحه أقبل علينا بوجهه الكريم وأخذ معنا في الحديث، فأتاه رجل من
الانصار، فقال: يارسول الله كلب فلان الانصاري خرق ثوبي، وخمش ساقي ومنعني
من الصلاة معك في الجماعة، فعرض عنه، ولما كان اليوم الثاني
(1) في المصدر: عامر. (2) عيون المعجزات: 29. ورواه الطبري في نوادر
المعجزات: 38 ح 14 بإسناده إلى عمار بن ياسر باختلاف يسير. وأخرجه في
البحار: 42 / 43 ح 16 عن فضائل شاذان بن جبرئيل: 74.
(3) هو: عمر بن شبة بن عبدة بن زيد بن رائطة، أبو زيد، النميري البصري
النحوي، ومات بسر من رأى سنة: 262. (سير أعلام النبلاء). (4) هو: عبد
الصمد بن عبد الوارث، بن سعيد، بن ذكوان، أبو سهل التميمي العنبري، مولاهم
البصري التنوزي، حدث عن شعبة بن الحجاج، مات سنة 207. (سير أعلام
النبلاء). (5) هو: سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، أبو زيد المدني، حدث عن
أبيه أبي صالح وغيره، وحدث عنه الاعمش وغيره، مات سنة 140 (سير أعلام
النبلاء، الضعفاء للعقيلي). (6) هو ذكوان بن عبد الله مولى ام المؤمنين
جويرة الغطفانية، المدني الزيات السمان، سمع أبا هريرة وغيره، توفي سنة
101 (سير أعلام النبلاء). [ * ]
[ 261 ]
جاء رجل البيع وقال: كلب أبي رواحة الانصاري خرق ثوبي، وخمش ساقي، ومنعني
من الصلاة معك. فقال النبي - صلى الله عليه وآله -: قوموا بنا إليه فإن
الكلب إذا كان عقورا وجب قتله، فقام - صلى الله عليه وآله - ونحن معه حتى
أتى منزل الرجل، فبادر أنس بن مالك إلى الباب فدقه، وقال: النبي بالباب،
فأقبل الرجل مبادرا حتى فتح بابه وخرج إلى النبي - صلى الله عليه وآله -
فقال: فداك أبي وامي ما الذي جاء بك الا وجهت إلي فكنت أجيك. فقال له
النبي - صلى الله عليه وآله -: أخرج الينا كلبك العقور، فقد وجب قتله، وقد
خرق ثياب فلان، وعرق (1) ساقه، وكذا فعل اليوم بفلان بن فلان. فبادر الرجل
إلى كلبه وطرح في عنقه حبلا، وأخرجه إليه، وأوقفه بين يديه، فلما نظر
الكلب إلى النبي - صلى الله عليه وآله - واقفا قال: يارسول الله ما الذي
جاء بك، ولم تقتلني ؟ فأخبره الخبر. فقال: يارسول الله إن القوم منافقون
نواصب، مبغضون لامير المؤمنين علي بن أبي طالب، ولولا أنهم كذلك ما تعرضت
لسبيلهم، فأوصى به النبي - صلى الله عليه وآله - خيرا، وتركه وانصرف. (2)
الثاني والسبعون مثل سابقه 167 - أبو هريرة: أنه قال: صليت الغداة مع رسول
الله - صلى الله عليه وآله - ثم أقبل علينا بوجهه الكريم، وأخذ معنا في
الحديث، فأتاه رجل من الانصار وقال: يارسول الله (إن) (3) كلب فلان الذمي
خرق ثوبي، وخدش ساقي، ومنعني من الصلاة معك، فلما كان في اليوم الثاني
جاءه رجل من الصحابة وقال:
(1) في المصدر: خدش. (2) عيون المعجزات: 18 وعنه البحار: 41 / 247 ذح 15.
ورواه الطبري في نوادر المعجزات: 23 ح 8 بإسناده إلى أبو هريرة باختلاف
يسير. (3) ليس في البحار. [ * ]
[ 262 ]
يارسول الله إن كلب فلان الذمي خرق ثوبي، وخدش ساقي، ومنعني من الصلاة
معك. فقال: إذا كان الكلب عقورا وجب قتله. (قال:) (1) فقام - صلى الله
عليه وآله - وقمنا معه حتى أتى منزل الرجل، فبادر أنس فدق الباب، وقال
(الرجل) (2): من بالباب ؟ فقال أنس: النبي ببابكم. قال: فأقبل الرجل
مبادرا ففتح الباب، وخرج إلى النبي - صلى الله عليه وآله - وقال: بأبي أنت
وأمي يارسول الله ما الذي جاء بك إلي، ولست على دينك ألا كنت وجهت إلي
أجيئك. فقال - صلى الله عليه وآله -: الحاجة، أخرج إلينا كلبك فإنه عقور،
وقد وجب قتله، فقد خرق ثياب فلان، وخدش ساقه، وكذا فعل اليوم بفلان (بن
فلان) (3)، قال: فبادر الرجل فطرح في عنقه حبلا وجره إليه وأوقفه بين
يديه. فلما نظر الكلب إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال بلسان
فصيح بإذن الله: السلام عليك يارسول الله، ما الذي جاء بك، ولاي شئ تقتلني
؟ (4) قال:
خرقت ثياب فلان وفلان [ وخدشت ساقيهما ] (5). قال: يارسول الله [ إن ] (6)
القوم الذين ذكرتهم نواصب منافقون يبغضون ابن عمك علي بن أبي طالب، ولولا
أنهم كذلك ما تعرضت لهم، ولكن جازوا وهم يرفضون عليا ويسبونه، فأخذتني
الحمية الابية، والنخوة العربية، ففعلت بهم (ذلك) (7). قال: فلما سمع
النبي - صلى الله عليه وآله - ذلك الكلب أمر صاحبه بالالتفات
(1) في البحار: ثم. (2 و 3) ليس في البحار. (4) في البحار: ولم تريد قتلي. (5 و 6) من البحار. (7) ليس في البحار. [ * ]
[ 263 ]
إليه وأوصاه فيه، ثم قام ليخرج وإذا بصاحب الكلب الذمي قد قام على قدميه
وقال: أتخرج يارسول الله وقد شهد كلبي بأنك رسول الله (وإني موافق له مد
يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله) (1)، وابن عمك
عليا أمير المؤمنين ثم أسلم، وأسلم جميع من كان في داره. (2)
الثالث
والسبعون كلام الضب 168 - الامام أبو محمد العسكري - عليه السلام - في
تفسيره: عن الامام علي بن محمد بن علي بن موسى، (عن أبيه) (3) - عليهما
السلام - أن النبي - صلى الله عليه وآله - قصده عشرة من اليهود يريدون أن
يتعنتوه ويسألونه (4) عن أشياء يريدون أن يتعانتوه بها، فبينما هم كذلك إذ
جاء أعرابي كأنه (5) يدفع في قفاه، قد علق على عصا - على عاتقه - جرابا
مشدود الرأس، فيه شئ قد ملاه لا يدرون ما هو، فقال: يا محمد أجبني عما
أسألك.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: يا أخا العرب قد سبقك اليهود
ليسألوا أفتأذن لهم حتى أبدأ بهم ؟ فقال الاعرابي: لا فإني غريب مجتاز.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: فأنت إذن أحق منهم لغربتك
واجتيازك. فقال الاعرابي: ولفظة اخرى. قال رسول الله - صلى الله عليه وآله
-: ماهي ؟ قال: إن هؤلاء أهل كتاب يدعونه يزعمون (6) حقا، ولست آمن أن
تقول شيئا
(1) مابين القوسين ليس في البحار. (2) البحار: 41 / 246 ح 15 عن الروضة:
37 والفضائل لشاذان.. (3) ليس في المصدر. (4) في المصدر: يسألوه. (5) في
المصدر: كأنما. (6) كذا في المصدر، وفي الاصل بزعمهم. [ * ]
[ 264 ]
يواطؤنك عليه ويصدقونك، ليفتنوا الناس عن دينهم، وأنا لاأقنع بمثل هذا،
لاأقنع إلا بأمر بين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: أين علي بن
أبي طالب - ؟ فدعا بعلي، فجاء حتى قرب من رسول الله - صلى الله عليه وآله
-، فقال الاعرابي: يا محمد وما تصنع بهذا في محاورتي إياك ؟ قال: يا
أعرابي سألت البيان، وهذا البيان الشافي، وصاحب رسول العلم الكافي، أنا
مدينة الحكمة وهذا بابها، فمن أراد الحكمة والعلم فليأت الباب (1). فلما
مثل بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال رسول الله - صلى الله
عليه وآله - بأعلى صوته: يا عباد الله من أراد أن ينظر إلى آدم في جلالته،
وإلى شيث في حكمته، وإلى إدريس في نباهته، [ ومهابته ] (2) وإلى نوح في
شكره لربه
وعبادته، وإلى إبراهيم في وفائه وخلته، وإلى موسى في بغض كل عدو لله
ومنابذته، وإلى عيسى في حب كل مؤمن و [ حسن ] (3) معاشرته، فلينظر إلى علي
بن أبي طالب هذا (4). فأما المؤمنون فازدادوا بذلك إيمانا، وأما المنافقون
فازداد نفاقهم، فقال الاعرابي: يا محمد هكذا مدحك لابن عمك، [ إن ] (5)
شرفه شرفك، وعزه عزك، ولست أقبل من هذا [ شيئا ] (6) إلا بشهادة من لا
يحتمل شهادته بطلانا ولافسادا بشهادة هذا الضب.
(1) هذا الحديث هو مما روته الخاصة والعامة (مستقبلا أو ضمن حديث) بأسانيد
عديدة استقصي أكثرها في كتاب (مائة منقبة) المنقبة: 18 (نشر مدرسة الامام
المهدي - عليه السلام -) وانظر كذلك إحقاق الحق: 16 / 298. (2 و 3) من
المصدر. (4) هذا أيضا حديث متواتر روته الخاصة والعامة بألفاظ مختلفة
وأسانيد شتى، انظر البحار: 39 / 35 - 78 باب: 73، وتفسير العسكري - عليه
السلام -: 498. (5 و 6) من المصدر. [ * ]
[ 265 ]
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: يا أخا العرب فاخرجه من جرابك
لتستشهده، فيشهد لي بالنبوة ولاخي هذا بالفضيلة. فقال الاعرابي: لقد تعبت
في اصطياده وأنا خائف أن يطفر ويهرب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله
-: لا تخف فإنه لا يطفر، بل يقف ويشهد لنا بتصديقنا وتفضيلنا، فقال
الاعرابي: [ إني ] (1) أخاف أن يطفر. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله
-: فإن طفر فقد كفاك به تكذيبا لنا واحتجاجا علينا، ولن يطفر، ولكنه سيشهد
لنا بشهادة الحق فإذا فعل ذلك فخل
سبيله، فإن محمدا يعوضك عنه ما هو خير لك منه. فأخرجه الاعرابي من الجراب
ووضعه على الارض، فوقف واستقبل رسول الله - صلى الله عليه وآله - ومرغ
خديه في التراب، ثم رفع رأسه وأنطقه الله تعالى فقال: أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه، وسيد المرسلين،
وأفضل الخلق أجمعين، وخاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين، وأشهد أن أخاك
علي بن أبي طالب على الوصف الذي وصفته، وبالفضل الذي ذكرته، وأن أوليائه
في الجنان مكرمون، وأن أعدائه في النار خالدون (2). فقال الاعرابي وهو
يبكي: يارسول الله وأنا أشهد بما شهد به هذا الضب فقد رأيت وشاهدت وسمعت
ما ليس لي عنه معدل ولا محيص، ثم أقبل الاعرابي إلى اليهود، فقال: ويلكم
أي آية بعده تريدون ؟ ومعجزة بعد هذه تقترحون ؟ ليس إلا أن تؤمنوا أو
تهلكوا أجمعين. فآمن اولئك اليهود كلهم، فقالوا: عظمت بركة ضبك علينا يا
أخا العرب. (3)
(1) من المصدر. (2) في المصدر: يهانون. (3) تفسير العسكري - عليه السلام
-: 496 - 500، وعنه البحار: 17 / 418 ح 47 والبرهان: 1 / 141 ح 1. [ * ]
[ 266 ]
الرابع والسبعون كلام الذئبين وسلامهما عليه - عليه السلام - 169 - الامام
أبو محمد العسكري - عليه السلام -: قال: إن رسول الله - صلى الله عليه
وآله - كان جالسا ذات يوم إذ جاءه راع ترتعد فرائصه، قد استفزعه العجب،
فلما رآه من بعيد قال لاصحابه: إن لصاحبكم هذا شأن عظيم فلما وقف قال له
رسول الله - صلى الله عليه وآله -: حدثنا بما أزعجك.
قال الراعي: يارسول الله أمر عجيب ! كنت في غنمي إذ جاء ذئب، فحمل حملا،
فرميته بمقلاعي، فانتزعته منه. ثم جاء إلى الجانب الايمن، فتناول حملا،
فرميته بمقلاعي، فانتزعته منه، ثم جاء إلى الجانب الايسر، فتناول حملا،
فرميته بمقلاعي، فانتزعته منه، ثم جاء إلى الجانب الآخر، فتناول حملا،
فرميته بمقلاعي، فانتزعته منه، ثم جاء الخامسة هو وانثاه يريد أن يتناول
حملا فأردت أن أرميه، فأقعى على ذنبه وقال: أما تستحي [ أن ] (1) تحول
بيني وبين رزق قد قسمه الله تعالى لي، أفما أحتاج أنا إلى غذاء أتغذى به ؟
فقلت: ما أعجب هذا ! ذئب أعجم يكلمني بكلام الآدميين، فقال لي الذئب: ألا
انبئك بما هو أعجب من كلامي لك ؟ محمد رسول الله، [ رسول ] (2)، رب
العالمين بين الحرتين (3)، يحدث الناس
(1 و 2) من المصدر. (3) الحرتان: حرة واقم وحرة ليلى. (مجمع البحرين: 3 /
264). قال الحموي: حرة واقم: إحدى حرتي المدينة وهي الشرقية سميت برجل من
العماليق اسمه واقم.. وقيل: اسم أطم من آطام المدينة إليه تضاف الحرة..
وفيها كانت وقعة الحرة المشهورة.. وحرة ليلى: لبني مرة بن عوف بن سعد بن
ذبيان بن بغيض.. يطؤها الحاج في طريقهم إلى المدينة.. (معجم البلدان: 2 /
247 وص 249). والحرة في الاصل اسم لكل أرض ذات حجارة سوداء. [ * ]
[ 267 ]
بأنباء ما قد سبق من الاولين وما لم يأت من الآخرين. ثم اليهود مع علمهم
بصدقه ووجودهم له في كتب رب العالمين بأنه أصدق الصادقين، وأفضل الفاضلين،
يكذبونه ويجحدونه وهو بين الحرتين، وهو الشفاء النافع، ويحك يا راعي آمن
به تأمن من عذاب الله، وأسلم له تسلم من
سوء العذاب الاليم. فقلت [ له ] (1): والله لقد عجبت من كلامك، واستحييت
من منعي لك ما تعاطيت أكله فدونك غنمي، فكل منها ما شئت لاادافعك ولا
امانعك. فقال [ لي ] (2) الذئب: يا عبد الله [ أحمد الله ] (3) إذ كنت ممن
يعتبر بآيات الله، وينقاد بأمره، لكن الشقي كل الشقي من يشاهد آيات محمد
في (4) أخيه علي بن أبي طالب - عليه السلام - وما يؤديه عن الله عزوجل من
فضائله، وما يراه من وفور حظه من العلم الذي لا نظير له فيه (5)، والزهد
الذي لا يحاذيه [ أحد ] (6) فيه، والشجاعة التي لا عديل له فيها، ونصرته
للاسلام التي لاحظ لاحد فيها مثل حظه. ثم يرى مع ذلك كله رسول الله - صلى
الله عليه وآله - يأمر بموالاته وموالاة أوليائه والتبري من أعدائه، ويخبر
أن الله عزوجل لا يتقبل (7) من أحد عملا وإن جل وعظم ممن يخالفه (ثم هو مع
ذلك يخالفه) (8)، ويدفعه عن حقه ويظلمه، ويوالي أعداءه ويعادي أولياءه، إن
هذا لاعجب من منعك إياي.
(1 و 3) من المصدر. (4) كذا في المصدر، والاصل: آيات الله في محمد وفي.
(5) كذا في المصدر، وفي الاصل: أحد. (6) من المصدر. (7) كذا في المصدر،
وفي الاصل: يقبل. (8) مابين القوسين ليس في نسخة " خ ". [ * ]
[ 268 ]
قال الراعي: فقلت [ له ] (1): أيها الذئب أو كائن هذا ؟ قال: بلى، ما هو
أعظم منه سوف يقتلونه باطلا، ويقتلون ولده، ويسبون
حريمهم، و [ هم ] (2) مع ذلك يزعمون أنهم مسلمون، فدعواهم أنهم على دين
الاسلام مع صنيعهم هذا بسادة أهل الزمان (3) أعجب من منعك لي، لاجرم أن
الله [ قد ] (4) جعلنا معاشر الذئاب - أنا ونظرائي من المؤمنين - نمزقهم
في النيران يوم فصل القضاء، وجعل في تعذيبهم شهواتنا، وفي شدائد آلامهم
لذاتنا قال الراعي: فقلت: والله لولا هذه الغنم بعضها لي وبعضها أمانة في
رقبتي لقصدت محمدا - صلى الله عليه وآله - حتى أراه، فقال لي الذئب: يا
عبد الله امض إلى محمد، واترك (علي) (5) غنمك لارعاها [ لك ] (6) فقلت:
كيف أثق بأمانتك ؟ فقال لي: يا عبد الله إن الذي أنطقني بما سمعت هو الذي
يجعلني (7) قويا أمينا عليها، أو لست مؤمنا بمحمد - صلى الله عليه وآله -،
مسلما له ما أخبر به عن الله في أخيه علي - عليه السلام - ؟ فامض لشأنك
فإني راعيك، والله عزوجل ثم ملائكته المقربون رعاة [ لي ] (8) إذ كنت
خادما [ لولي ] (9) علي - عليه السلام - فتركت غنمي على الذئب والذئبة
وجئتك يارسول الله. فنظر رسول الله - صلى الله عليه وآله - في وجوه القوم
وفيها ما يتهلل سرورا به
(1 و 2) من المصدر. (3) كذا في الاصل، وفي المصدر: الاسلام. (4) من
المصدر. (5) ليس في نسخة " خ ". (6) من المصدر. (7) كذا في المصدر، وفي
الاصل: جعلني. (8 و 9) من المصدر. [ * ]
[ 269 ]
وتصديقا، وفيها ما يعبس شكا فيه وتكذيبا، منافقون يسرون إلى أمثالهم هذا
قد واطأه رسول الله - صلى الله عليه وآله - على هذا الحديث ليختدع به
الضعفاء والجهال. فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وآله - وقال: لئن شككتم
أنتم فيه فقد تيقنته أنا وصاحبي الكائن معي في أشرف المحال من عرش (1)
الملك الجبار، والمطوف به معي في أنهار الحيوان من دار القرار، والذي هو
تلوي في قيادة الاخيار، والمتردد معي في الارحام الزاكيات، والمنقلب معي
في الاصلاب الطاهرات (2)، والراكض معي في مسالك الفضل، والذي كسي ماكسيته
من العلم والحلم والعقل، وشقيقي الذي انفصل مني عند الخروج إلى صلب عبد
الله وصلب أبي طالب، وعديلي في اقتناء المحامد والمناقب علي بن أبي طالب.
آمنت به أنا والصديق الاكبر، وساقي أوليائه من نهر الكوثر. آمنت به أنا
والفاروق الاعظم، وناصر أوليائي السيد الاكرم. آمنت به أنا ومن جعله
(الله) (3) محنة لاولاد الغي، و [ رحمة لاولاد ] (4) الرشد وجعله للموالين
له أفضل العدة. آمنت [ به ] (5) أنا ومن جعله [ الله ] (6) لديني قواما،
ولعلومي علاما، وفي الحرب مقداما، وعلى أعدائي ضرغاما، أسدا قمقاما. آمنت
[ به ] (7) أنا ومن سبق الناس إلى الايمان، فتقدمهم إلى رضاء الرحمن وتفرد
دونهم بقمع أهل الطغيان، وقطع بحججه وواضح بيانه معاذير أهل البهتان. آمنت
به أنا وعلي بن أبي طالب الذي جعله الله لي سمعا وبصرا، ويدا
(1) في الاصل: عزيز. (2) في المصدر: والمتردد معي في الاصلاب الزاكيات، والمتقلب معي في الارحام الطاهرات. (3) ليس في نسخة " خ ".
(4 - 7) من المصدر. [ * ]
[ 270 ]
ومؤيدا وسندا وعضدا، لا ابالي بمن خالفني إذا وافقني، ولا أحفل بمن خذلني
إذا (نصرني و) (1) وآزرني، ولا أكترث بمن ازور عني إذا ساعدني. آمنت به
أنا ومن زين الله بن الجنان وبمحبيه، وملا (2) طبقات النيران [ بمبغضيه و
] (3) شانئيه، ولم يجعل أحدا من امتي يكافيه ولا يدانيه، لن يضرني عبوس
المعبسين (4) منكم إذا تهلل وجهه، ولا إعراض المعرضين منكم إذا خلص لي
وده. [ ذاك ] (5) علي بن أبي طالب لو كفر الخلق كلهم من أهل السماوات
والارضين لنصر الله عزوجل به وحده هذا الدين، والذي لو عاداه الخلق كلهم
لبرز إليهم أجمعين، باذلا روحه في نصرة [ كلمة الله ] (6) رب العالمين
وتسفيل (7) كلمات إبليس اللعين. ثم قال - صلى الله عليه وآله - هذا الراعي
لم يبعد شاهده، فهلموا [ بنا ] (8) إلى قطيعه ننظر إلى الذئبين، فإذا
كلمانا، ووجدناهما يرعيان غنمه، وإلا كنا على رأس أمرنا. فقام رسول الله -
صلى الله عليه وآله - ومعه جماعة كثيرة من المهاجرين والانصار، فلما رأوا
القطيع من بعيد، قال الراعي: ذلك قطيعي. فقال المنافقون: فأين الذئبان ؟
فلما قربوا، رأوا الذئبين يطوفان حول الغنم يردان عنهما كل شئ يفسدها.
(1) ليس في المصدر. (2) في الاصل: وملابه. (3) من المصدر.
(4) في المصدر: المتعبسين. (5 و 6) من المصدر. (7) كذا في المصدر، وفي الاصل: يستقل. (8) من المصدر. [ * ]
[ 271 ]
فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وآله -: أتحبون أن تعلموا أن الذئب
ماعنى غيري بكلامه ؟ قالوا: بلى يارسول الله. قال: أحيطوا بي حتى لايراني
الذئبان، فأحاطوا به، فقال الراعي: [ يا راعي ] (1) قل للذئبان (2): من
الذي ذكرته من بين هؤلاء ؟ [ فقال الراعي للذئب ماقاله رسول الله - صلى
الله عليه وآله - ] (3). قال فجاء الذئب إلى واحد منهم وتنحى عنه، ثم جاء
إلى آخر وتنحى عنه، فما زال كذلك حتى دخل وسطهم، فوصل إلى رسول الله - صلى
الله عليه وآله - هو وانثاه، وقالا: السلام عليك يارسول رب العالمين، وسيد
الخلق أجمعين، ووضعا خدودهما على التراب، ومرغاها بين يديه، وقالا: كنا
نحن دعاة إليك، بعثنا إليك هذا الراعي وأخبرناه بخبرك. فنظر رسول الله -
صلى الله عليه وآله - إلى المنافقين معه، فقال: ما للكافرين عن هذا محيص،
ولا للمنافقين عن هذا موئل ولا معدل. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه
وآله -: هذه واحدة قد علمتم صدق الراعي فيها، أفتحبون أن تعلموا صدقه في
الثانية ؟ قالوا: بلى يارسول الله - صلى الله عليه وآله -. قال: أحيطوا
بعلي بن أبي طالب، ففعلوا، ثم نادى رسول الله - صلى الله عليه وآله -:
(يا) (4) أيها الذئبان إن [ هذا ] (5) محمدا قد أشرتما للقوم إليه فعينتما
عليه، فأشيرا (على علي الذي) (6) ذكرتماه بما ذكرتماه: قال: فجاء الذئبان
(1) من المصدر. (2) في المصدر ونسخة "
خ ": للذئب. (3) من المصدر. (4) ليس في المصدر. (5) من المصدر. (6) في
المصدر بدل مابين القوسين: وعينا علي بن أبي طالب. [ * ]
[ 272 ]
وتخللا القوم، وجعلا يتأملان الوجوه والاقدام، فكل من تأملاه أعرضا عنه،
حتى بلغا عليا - عليه السلام - فلما تأملاه مرغا في التراب (خدودهما و)
(1) أبدانهما، ووضعا على التراب بين يديه خدودهما، وقالا: السلام عليك يا
حليف الندى، ومعدن النهى، ومحل الحجى، وعالما بما في الصحف الاولى ووصي
المصطفى. السلام عليك يامن أسعد به محبيه، وأشقى بعداوته شانئيه، وجعله
سيد آل محمد وذويه. السلام عليك يامن لو أحبه أهل الارض كما يحبه أهل
السماء لصاروا خيار الاصفياء، ويامن لو أحس بأقل قليل (من بغضه) (2) من
أنفق في سبيل الله مابين العرش إلى الثرى لانقلب بأعظم الخزي والمقت من
العلي الاعلى. قال: فعجب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله - الذين
كانوا معه، وقالوا: يارسول الله ما ظننا [ أن ] (3) لعلي بن أبي طالب هذا
المحل من السباع مع محله منك. قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: فكيف
لو رأيتم محله من سائر الحيوانات المبثوثات في البر والبحر، وفي السماوات
والارض،
والحجب [ والعرش ] (4) والكرسي، والله لقد رأيت من تواضع أملاك سدرة
المنتهى لمثال علي المنصوب بحضرتهم - يستغنون (5) بالنظر إليه بدلا من
النظر إلى علي - عليه السلام - كلما اشتاقوا إليه - ما صغر في جنبه تواضع
هذين الذئبين.
(1 و 2) ليس في المصدر. (3 و 4) من المصدر. (5) في المصدر: ليشيعوا، وفي البحار: ليشبعوا. [ * ]
[ 273 ]
وكيف لا تتواضع الاملاك وغيرهم من العقلاء لعلي ؟ [ وهذا ] رب العزة قد
آلى على نفسه قسما حقا، لا يتواضع أحد إلى علي - عليه السلام - قدر شعرة
إلا رفعه الله في علو الجنان مسيرة مائة ألف سنة، وإن التواضع الذي
تشاهدون، يسير قليل في جنب هذه الجلالة والرفعة اللتين عنهما (1) تخبرون.
(2)
الخامس والسبعون كلام الجمال والثياب 170 - الامام أبو محمد العسكري -
عليه السلام -: في حديث أعجز أمير اللمؤمنين - عليه السلام - جماعة من
اليهود في الاحتجاج وأقحمهم في معنى قول الله تعالى { الم ذلك الكتاب
لاريب فيه هدى للمتقين } (3) قال خطيبهم ومنطقيهم: لاتفرح يا علي بأن
عجزنا عن أقامة حجة على دعوانا، فأي حجة لك في دعواك إلا أن تجعل عجزنا
حجتك، فإذا مالنا حجة فيما نقول، ولا لكم حجة فيما تقولون. قال علي - عليه
السلام -: لاسواء، إن لنا حجة في المعجزة الباهرة. ثم نادى جمال اليهود:
يا أيتها الجمال أشهدي لمحمد ولوصيه. فنادت الجمال: صدقت صدقت [ يا علي ]
(4) يا وصي محمد، وكذب هؤلاء اليهود.
فقال علي - عليه السلام -: هؤلاء خير من اليهود (5)، ياثياب اليهود
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: عنها. (2) تفسير الامام العسكري - عليه
السلام -: 181 - 187 ح 87 وعنه البحار: 17 / 321 ضمن ح 5، وقطعة منه في ج:
7 / 274 ح 49 وأورده في الثاقب في المناقب: 71 ح 1 ودلائل النبوة: 6 / 41
وتاريخ الاسلام للذهبي: 351 باختصار. (3) البقرة: 1. (4) من المصدر. (5)
كذا في المصدر، وفي الاصل: هؤلاء جنس من الشهود. [ * ]
[ 274 ]
[ التي عليهم ] (1) اشهدي لمحمد ولوصيه. فنطقت ثيابهم كلها: صدقت [ صدقت ]
(2) يا علي، نشهد أن محمدا رسول الله حقا، وأنك يا علي وصيه حقا، لم يثبت
لمحمد قدم في مكرمة إلا وطئت على موضع قدمه بمثل مكرمته، فأنتما شقيقان من
أشرف أنوار الله تعالى [ فميزتما اثنتين ] (3) وأنتما في الفضائل شريكان،
إلا أنه لانبي بعد محمد - صلى الله عليه وآله -. فعند ذلك خزيت اليهود [
وآمن بعض النظارة منهم برسول الله - صلى الله عليه وآله - وغلب الشقاء على
اليهود ] (4) وسائر النظار (5) الآخرين فذلك ما قال الله تعالى { لاريب
فيه } (6) إنه كما قال محمد ووصي محمد عن قول محمد عن قول رب العالمين. ثم
قال { هدى } بيان وشفاء { للمتقين } من شيعة محمد وعلي - عليهما الصلاة
والسلام - [ أنهم ] (7) اتقوا أنواع الكفر فتركوها، واتقوا [ أنواع ] (8)
الذنوب الموبقات فرفضوها، واتقوا [ إظهار ] (9) أسرار الله، وأسرار أزكياء
عباده الاوصياء بعد محمد - صلى الله عليه وآله - فكتموها، واتقوا ستر
العلوم عن أهلها
المستحقين لها وفيهم نشروها. (10)
(1
- 4) من المصدر. (5) في المصدر: بعض النظارة. (6) البقرة: 1. (7 - 9) من
المصدر. (10) تفسير الامام العسكري - عليه السلام -: 66 - 67 ذح 33 وعنه
البحار: 92 / 380 ذ ح 10 وعن معاني الاخبار: 27 ذح 4. وأورده ابن شهر اشوب
في المناقب: 2 / 313 من قوله: نادى جمال اليهود إلى قوله (والمتقين شيعته)
مختصرا وعنه البحار: 41 / 244 ح 13. وأورده في تفسير نور الثقلين: 1 / 30
ذح 7 عن معاني الاخبار قطعة، وذيله في البحار: 2 / 64 ح 2 والعوالم: 3 /
318 ح 27 عن تفسير الامام. [ * ]
[ 275 ]
السادس والسبعون كلام الذئب 171 - ابن شهر اشوب: عن أبي عبد الله الخليلي،
عن الرضا - عليه السلام - قال الحسن بن علي - عليهما السلام -: كنت مع أبي
بالعقيق (1)، إذ لاح لنا ذئب فجعل يهرول حتى وقف بين يدي أبي، فجعل يلطع
بلسانه قدميه ويتمسح به، فقال أبي: انطق بها أيها الذئب بإذن الله تعالى
فأنطقه الله تعالى وهو يقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين. (2)
السابع
والسبعون تسليم الاسد عليه - عليه السلام - 172 - ابن شهر اشوب: (عن
جويرية بن مسهر، قال: خرجت مع أمير المؤمنين - عليه السلام - نحو بابل،
فمضينا بغابة وإذا نحن بالاسد
باركا على الطريق) (3) وأشباله خلفه، فملت دابتي (4) لارجع، فقال لي: (5):
اقدم يا جويرية بن مسهر، إنما هو كلب الله، ثم قال: { وما من دابة إلا هو
آخذ بناصيتها } (6) الآية، فإذا بالاسد قد أقبل
(1) قال في مجمع البحرين: هو واد من أودية المدينة يزيد على بريد قريب من
ذات عرق قبلها بمرحلة أو مرحلتين. (2).. (3) في المصدر والبحار بدل مابين
القوسين هكذا: (ابن وهبان والفتاك: فمضينا بغابة فإذا بأسد بارك في
الطريق). (4) في المصدر والبحار: فلويت بدابتي. (5) في المصدر والبحار:
(إلى أين) بدل (لي)). (6) هود: 56. [ * ]
[ 276 ]
{ نحوه ] (1) يبصبص بذنبه وهو يقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة
الله وبركاته، يابن عم رسول الله. فقال: وعليك السلام يا أبا الحارث، ما
تسبيحك ؟ قال: أقول: سبحان من ألبسني المهابة، وقذف في قلوب عباده مني
المخافة. (2)
الثامن والسبعون أسد آخر 173 - ثاقب المناقب وابن شهر اشوب
واللفظ له: عن الباقر - عليه السلام - قال أمير المؤمنين - عليه السلام -
لجويرية [ بن مسهر ] (3) وقد عزم على الخروج: أما [ إنه ] (4) سيعرض لك
الاسد في طريقك. قال: فما الحيلة ؟ قال: تقرأه مني السلام وتخبره إني
أعطيتك منه الامان، فبينما هو يسير إذ أقبل نحوه أسد، فقال:
يا أبا الحارث إن أمير المؤمنين - عليه السلام - يقرئك السلام وإنه قد
آمنني منك. قال: فولى وهمهم خمسا، فلما رجع حكى ذلك لامير المؤمنين - عليه
السلام - فقال فإنه قال لك فقرأ وصي محمد مني السلام وعقد بيده خمسا. (5)
وذكر أبو المفضل الشيباني نحو ذلك عن جويرية.
(1) من المصدر. (2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 303 - 304 وعنه البحار: 41 /
242 - 243 ذ ح 12. (3 و 4) من المصدر والبحار. (5) الثاقب في المناقب: 250
ح 2، والمناقب لابن شهر اشوب: 2 / 304 وعنه البحار: 41 / 245 ح 14 وعن
إعلام الورى: 183 مفصلا. [ * ]
[ 277 ]
التاسع والسبعون أسد آخر 174 - ابن شهر اشوب: قال: ورأى أسدا [ أقبل ] (1)
نحوه يهمهم ويمسح براسه الارض، فتكلم - عليه السلام - معه بشئ، فسئل عنه،
فقال: إنه يشكو للحبل ودعا لي وقال: لاسلط الله أحدا منا على أوليائك
(فقلت: آمين) (2). (3)
الثمانون أسد آخر 175 - ابن شهر اشوب: عن أبي
الجارود في حديثه أنه أقبل أسد من البر حتى جاء إلى الكناسة، فقام بين يدي
أمير المؤمنين - عليه السلام - فوضع يده بين اذنيه، وقال له: ارجع بإذن
الله ولا تدخل دار هجرتي بعد اليوم، وبلغ ذلك السباع عني. (4)
الحادي
والثمانون أسد آخر
176 - البرسي: بالاسناد عن منقذ بن الابقع وكان الرجل من خواص مولانا أمير
المؤمنين - عليه السلام - قال: كنا مع مولانا علي - عليه السلام - [ في ]
(5) النصف من شعبان وهو يريد أن يمضي إلى
(1) من المصدر. (2) ليس في المصدر. (3) المنقاب لابن شهراشوب: 2 / 304
وعنه البحار: 41 / 243. (4) أخرجه في البحار: 41 / 231 ذح 2 عن الخرائج: 1
/ 191 ح 27، وفي إثبات الهداة: 2 / 495 ح 344 عن هداية الحضيني: 27.
وأورده في الثاقب في المناقب: 250 ح 1 وإرشاد القلوب: 277 عن الحارث
باختلاف، ولم نجده في مناقب ابن شهر اشوب. (5) من المصدر. [ * ]
[ 278 ]
موضع كان له يأوي إليه بالليل، [ فمضى ] (1) وإنا معه حتى أتى الموضع،
ونزل عن بغلته ومضى لشأنه، قال: فحمحمت البغلة، ورفعت اذنيها. [ وجذبتني ]
(2). قال: فحس (بذلك) (3) مولاي فقال لي: ما وراءك يا أخا بني أسد ؟
(فقلت: يا مولاي البغلة تنظر شيئا وقد شخصت وهي تحمحم وما أدري) (4) ما
دهاها. (قال:) (5) فنظر أمير المؤمنين - عليه السلام - إلى البر فقال: هو
سبع ورب الكعبة، فقام من محرابه متقلدا ذا الفقار وجعل يخطو نحو السبع، ثم
صاح به فخف ووقف يضرب بذنبه خواصره، قال: فعندها استقرت البغلة (وحمحمت)
(6) فقال له: يا ليث (أما أني الليث) (7) وأبو الاشبال وأبو قسور
وحيدر، فما جاء بك أيها الليث ؟ [ ثم ] (8) قال: أللهم انطق لسانه. فعند
ذلك قال السبع: يا أمير المؤمنين، وياخير الوصيين، وياوارث علم النبيين
(ان لي اليوم سبعة أيام ما افترست) (9) شيئا وقد أضر بي الجوع، وقد رأيتكم
من مسافة فرسخين فدنوت منكم، فقلت: أذهب وأنظر ما هؤلاء القوم، ومن هم،
فإن كان لي
(1) من المصدر. (2) من اليقين والبحار. (3 و 4) ليس في المصدر والبحار.
(5) ليس في المصدر. (6) ليس في المصدر والبحار. (7) ليس في المصدر. (8) من
المصدر والبحار. (9) في البحار: ويا مفرق بين الحق والباطل ما افترست منذ
سبع. [ * ]
[ 279 ]
بهم مقدرة أخذت منهم
نصيبي. فقال - عليه السلام - مجيبا له: يا ليث إني أبو الأشبال أحد عشر،
ثم مد الامام يده إليه، فقبض بيده صوف قفاه وجذبه إليه، فامتد السبع بين
يديه، فجعل - عليه السلام - يمسح عليه من هامته إلى كتفيه، ويقول: يا ليث
أنت كلب الله تعالى في أرضه. فقال له السبع: الجوع الجوع يا مولاي. فقال
الامام: اللهم آتيه برزق بحق محمد وأهل بيته. قال: فالتفت وإذا بالاسد
يأكل شيئا على هيئة الحمل (1) حتى أتى على آخره، فلما فرغ من أكله قام
(يجلس) (2) بين يديه وقال:
يا أمير المؤمنين نحن معاشر الوحوش لا نأكل لحم محبيك ومحب عترتك، فنحن
أهل بيت نتخذ بحب الهاشميين وعترتهم، فقال [ له ] (3): أيها السبع أين
تأوي وأين تكون ؟ قال: يا مولاي إني مسلط على أعدائك كلاب أهل الشام أنا
وأهل بيتي، وهم فريستنا، و [ نحن ] (4) نأوي النيل. قال: فما جاء بك إلى
الكوفة ؟ فقال: يا أمير المؤمنين أتيت الحجاج (5) لاجلك، فلم اصادفك فيها
وأتيت (6) الفيافي والقفار حتى وقفت بك وبللت (7) شوقي، وإني منصرف في
ليلتي هذه إلى القادسية، إلى رجل يقال له سنان بن مالك بن وائل، وهو ممن
انفلت من حرب صفين، وهو من
(1) في نسخة " خ ": الجمل. (2) ليس في الفضائل. (3 و 4) من المصدر. (5) في
المصدر: الكوفة. (6) في المصدر: وقطعت. (7) في المصدر: ولك. [ * ]
[ 280 ]
أهل الشام، ثم همهم وولى. قال منقذ بن الابقع الاسدي: فعجبت من ذلك، فقال
لي - عليه السلام -: أتعجب من هذا فالشمس أعجب [ من ] (1) رجوعها، ام
العين في نبعها، أم الكواكب في انقضاضها، أم الجمجمة، أم سائر ذلك ؟ فو
الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لو أحببت أن اري الناس ما علمني رسول الله -
صلى الله عليه وآله - من الآيات والعجائب والمعجزات لكانوا
يرجعون كفارا، ثم رجع إلى مصلاه ووجه بي من ساعتي إلى القادسية، فوصلت قبل
أن يقيم المؤذن الصلاة، فسمعت الناس يقولون: افترس سنان السبع، فأتيت إليه
مع من ينظر إليه، فرأيته لم يترك السبع منه سوى أطراف أصابعه، وانبوبي
الساق، ورأسه، فحملوا عظامه ورأسه إلى أمير المؤمنين - عليه السلام -،
فبقى متعجبا، فحدثت بحديث السبع وما كان منه مع أمير المؤمنين - عليه
السلام -. (قال:) (2) فجعل الناس يرمون التراب تحت قدميه ويأخذونه
ويتشرفون (3) به. قال: فلما رأى ذلك قام خطيبا (فيهم) (4)، فحمد الله
وأثنى عليه، ثم قال: معاشر الناس ما أحبنا رجل دخل النار، ولا أبغضنا رجل
دخل الجنة، وأنا قسيم الجنة والنار، هذه إلى الجنة يمينا، وهم [ من ] (5)
محبي، وهذه إلى النار شمالا وهم [ من ] (6) مبغضي، ثم ان يوم القيامة أقول
لجهنم: هذا لي وهذا لك حتى تجوز شيعتي على الصراط كالبرق الخاطف، والرعد
العاصف، والطير المسرع،
(1) من المصدر. (2) ليس في المصدر. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل:
فيرفسون. (4) ليس في المصدر ونسخة " خ ". (5 و 6) من المصدر، وفيه: من
يحبني، من يبغضني. [ * ]
[ 281 ]
والجواد السابق. قال: فعند ذلك قام الناس بأجمعهم: وقالوا: الحمد لله الذي
فضلك على كثير من خلقه، ثم تلا هذه الآية: { الذين قال لهم الناس إن الناس
قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل
فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو
فضل عظيم } (1). (2)
الثاني والثمانون كلام البقرة باسمه - عليه السلام -
177 - محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن موسى، (عن الحسن ابن موسى الخشاب،
عن علي بن حسان) (3)، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله - عليه
السلام - قال: ثلاثة من البهائم تكلموا على عهد النبي - صلى الله عليه
وآله - الجمل والذئب والبقرة، وذكر كلام الجمل والذئب - إلى أن قال - وأما
البقرة فإنها آمنت بالنبي - صلى الله عليه وآله - (4) ودلت عليه وكانت في
نخل أبي (5) سالم [ فقال: يا آل ذريح ] (6) عمل نجيح، صائح (7) يصيح،
بلسان عربي فصيح بأن لا إله
(1) آل عمران: 173 - 174. (2) الفضائل لشاذان: 170 - 172 والروضة له: 40 -
41 وعنهما البحار: 41 / 232 ح 5 وعن اليقين في إمرة أمير المؤمنين - عليه
السلام -: 65 - 67 عن الاربعين لمحمد بن مسلم ابن أبي الفوارس باختلاف.
(3) ليس في البصائر والبحار. (4) في الاختصاص: آذنت النبي، وفي مختصر
بصائر الدرجات: إذ تنبي النبي. (5) في الاختصاص: لبني، وفي مختصر بصائر
الدرجات: في محلة بني سالم من الانصار. (6) من البصائر والاختصاص ومختصر
بصائر الدرجات والبحار، وفي بعضها: (فقال) بدل (فقالت)، وفي البصائر
والبحار: (تعمل على) بدل (عمل). (7) في نسخة من البصائر: صالح. [ * ]
[ 282 ]
إلا الله رب العالمين، ومحمد رسول الله سيد النبيين (1)، وعلي سيد
الوصيين. وفي الاختصاص روى هذا الحديث عن الحسن بن موسى الخشاب، عن
علي بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله - عليه السلام -
مثله. ورواه سعد بن عبد الله في بصائر الدرجات: عن الحسن بن موسى الخشاب،
عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله - عليه
السلام - مثله. (2)
الثالث والثمانون كلام الفيلة 178 - ابن شهر اشوب: قال
في حديث عمار لما أرسل النبي - صلى الله عليه وآله - عليا - عليه السلام -
إلى مدينة عمان في قتال الجلندي بن كركر وجرى بينهم حرب عظيم، وضرب وجيع،
دعا الجلندي بغلام يقال له: الكندي، وقال له: أنت خرجت إلى صاحب الغمامة
السوداء، والبغلة الشهباء، فتأخذه أسيرا، أو تطرحه محلا (3) عفيرا، زوجتك
ابنتي التي لم أنعم لاولاد الملوك بزواجها، فركب الكندي الفيل الابيض،
وكان مع الجلندي ثلاثون فيلا، وحمل بالافيلة والعسكر على المسلمين (4).
فلما نظر [ الامام ] (5) إليه نزل عن بغلته، ثم كشف عن رأسه، فأشرقت
الفلاة
(1) في الاختصاص: المرسلين. (2) بصائر الدرجات: 351 ح 513 الاختصاص: 296،
مختصر البصائر: 16 وعنها إثبات الهداة: 1 / 314 ح 258، وفي البحار: 27 /
265 ح 14 عن البصائر والاختصاص، وفي ج 17 / 398 ذح 11 عن الاختصاص، وقصص
الانبياء: 287 ح 354 والخرائج: 2 / 496 ح 10. (3) في المصدر والبحار:
مجدلا. (4) في المصدر والبحار: علي أمير المؤمنين. (5) من المصدر والبحار.
[ * ]
[ 283 ]
طولا وعرضا، ثم ركب ودنا من الافيلة وجعل يكلمها بكلام لا يفهمه الآدميون،
وإذا بتسعة وعشرين فيلا قد دارت رؤوسها وحملت على عسكر المشركين، وجعلت
تضرب فيهم يمينا وشمالا حتى أوصلتهم إلى [ باب ] (1) عمان، ثم رجعت وهي
تتكلم بكلام يسمعه الناس: يا علي كلنا نعرف محمدا، ونؤمن برب محمد إلا هذا
الفيل الابيض فإنه لايعرف محمدا، ولا آل محمد فزعق الامام زعقته المعروفة،
عند الغضب مشهورة، فارتعد الفيل ووقف، فضربه الامام بذي الفقار ضربة رمى
رأسه عن بدنه، فوقع الفيل إلى الارض كالجبل العظيم، وأخذ الكندي من ظهره،
فأخبر جبرئيل - عليه السلام - [ النبي - صلى الله عليه وآله - ] (2) بذلك،
فارتقى على السور فنادى: يا أبا الحسن هبه لي فهو أسيرك، فأطلق علي - عليه
السلام - سبيل الكندي، فقال: يا أبا الحسن ما حملك على إطلاقي ؟ قال: ويلك
مد نظرك [ فمد عينه ] (3)، فكشف الله بصره، فرأى (4) النبي - صلى الله
عليه وآله - على سور المدينة وصحابته، فقال: من هذا يا أبا الحسن ؟ فقال:
سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وآله -. فقال: كم بيننا وبينه يا علي ؟
فقال: مسيرة أربعين يوما. فقال: يا أبا الحسن إن ربكم رب عظيم، ونبيكم نبي
كريم، مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وقتل
علي الجلندي وغرق منهم في البحر خلقا كثيرا، وقتل منهم كذلك، وأسلم
الباقون، وسلم الحصن إلى الكندي، وزوجه بابنة الجلندي، وأقعد عندهم قوما
(1 - 3) من المصدر والبحار. (4) في المصدر والبحار: فنظر إلى النبي - صلى الله عليه وآله -. [ * ]
[ 284 ]
من المسلمين يعلمونهم الفرائض. (1)
الرابع والثمانون كلام الوز 179 - ابن
شهر اشوب: عن محمد بن وهبان الذهلي (2)، [ في معجزات النبوة ] (3) عن
البراء بن عازب (4) في خبر عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه عبر في
السماء خيط من الاوز (5) طائر على رأس أمير المؤمنين - عليه السلام -
فصرصرن وصرخن، فقال أمير المؤمنين - عليه السلام -: وقد سلمن علي وعليكم،
فتغامز أهل النفاق بينهم، فقال أمير المؤمنين -: يا قنبر ناد بأعلى صوتك:
أيها الاوز أجيبوا أمير المؤمنين - عليه السلام - وأخا رسول رب العالمين،
فنادى قنبر بذلك، فإذا
(1) مناقب ابن شهراشوب: 2 / 311 وعنه البحار: 41 / 77 ح 8. أقول: إن
الحديث مرسل، وما وجد في فتح عمان ما يؤيده في كتب التاريخ والبلدان
والمغازي والمكاتب والسير، فالموجود في مكاتيب الرسول وكتب البلدان ان
الذي أرسله رسول الله - صلى الله عليه وآله - عمرو بن العاص بن الوائل
الابتر ابن الابتر شانئ رسول الله - صلى الله عليه وآله - أو زيد بن ثابت،
وانه أسلم أهله من دون خيل ولاركاب، وانه كان عليه حينذاك عبيد وجيفر ابنا
الجلندي، وكان الجلندي قد مات قبل ذلك، والله أعلم بحقائق الامور. (2) في
المصدر والبحار: الديبلي، والديبل - بفتح الدال وسكون الياء وضم الباء -
مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند، وهو محمد بن وهبان بن محمد.. ساكن
البصرة، ثقة من أصحابنا، واضح الرواية، قليل التخليط " رجال النجاشي ورجال
الشيخ " ولم يذكرا له كتابا باسم المعجزات مع أنهما عدا له كتبا كثيرة.
وعده الشيخ فيمن لم يرو عنهم - عليهم السلام -. (3) من المصدر والبحار.
(4) هو البراء بن عازب الانصاري الخزرجي، أبو عامر، من أصحاب رسول الله -
صلى الله عليه وآله - ومن أصحاب أمير المؤمنين - عليه السلام - " رجال
الشيخ "، وعده البرقي من أصحاب
رسول الله - صلى الله عليه وآله - ومن الاصفياء من أصحاب أمير المؤمنين -
عليه السلام -. مات سنة: 72. وشهد مع على - عليه السلام - الجمل وصفين "
تهذيب التهذيب ". (5) الاوز: بالكسر والفتح وتشديد الزاي: البط. [ * ]
[ 285 ]
الطير ترفوف على رأس أمير المؤمنين - عليه السلام - فقال: قل لها: انزلن.
فلما قال لها، رأيت الاوز وقد ضربت بصدورها إلى الارض حتى صارت (معنا) (1)
في صحن المسجد على الارض واحدة، فجعل أمير المؤمنين - عليه السلام -
يخاطبها بلغة لا نعرفها، يلوون (2) بأعناقهن إليه ويصرصرن، ثم قال لهن:
انطقن (3) بإذن الله العزيز الجبار، فإذا هن يقلن (4) بلسان عربي مبين:
السلام عليك يا أمير المؤمنين [ وخليفة رب العالمين ] (5)، وهذا لقوله
تعالى { يا جبال أوبي معه والطير } (6). (7)
الخامس والثمانون كلام الدراج
180 - مشارق الانوار: روى سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: كنت يوما
جالسا عند مولانا أمير المؤمنين - عليه السلام - بأرض قفراء، فرأي درجا،
فكلمه - عليه السلام - فقال له: مذ كنت أنت في هذه البرية، ومن أين مطعمك
ومشربك ؟ فقال: يا أمير المؤمنين من أربعمائة سنة أنا في هذه البرية،
ومطعمي ومشربي إذا جعت فاصلي عليكم فأشبع، وإذا عطشت فأدعوا على ظالميكم
فأروى. قلت: يا أمير المؤمنين - صلوات الله وسلامه عليك - هذا شئ عجيب، ما
اعطي منطق الطير إلا سليمان بن داود - عليه السلام - ! قال: يا سلمان أما
علمت أني أعطيت سليمان ذلك، يا سلمان أتريد أن اريك شيئا أعجب من هذا ؟
قلت:
(1) ليس في المصدر والبحار. (2)
في المصدر والبحار: " وهن يلززن " بدل " يلوون " وهو من اللز، ولزالشئ
بالشئ: شده
والصقه به، ألزمه. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: انطلقن، وهو
تصحيف. (4) في المصدر والبحار: قال فإذا هن ينطقن. (5) من المصدر والبحار.
(6) سبأ: 10. (7) مناقب آل أبي طالب: 2 / 305 وعنه البحار: 41 / 242. [ *
]
[ 286 ]
بلى يا أمير المؤمنين، ويا خليفة رسول رب العالمين. قال: فرفع رأسه إلى
الهواء، وقال: يا طاووس اهبط، فهبط، ثم قال: يا صقر اهبط، فهبط، ثم قال:
ياباز اهبط، فهبط، ثم قال: يا غراب اهبط، فهبط، ثم قال: يا سلمان اذبحهم
وانتف ريشهم وقطعهم إربا إربا، واخلط لحومهم، ففعلت كما أمرني مولاي
وتحيرت في أمره. ثم التفت إلى وقال: ما تقول ؟ فقلت: يا مولاي أطيار تطير
في الهواء، لم أعرف لهم ذنبا، أمرتني بذبحها ! قال: يا سلمان أتريد أن
احييها الساعة ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فنظر إليها شزرا، وقال: طيري
بقدرة الله، فطارت الطيور جميعا بإذن الله تعالى. قال: فتعجبت من ذلك،
وقلت: يا مولاي هذا أمر عظيم. قال: يا سلمان لا تعجب من أمر الله فإنه
قادر على ما يشاء، فعال لما يريد، يا سلمان إياك أن تحول بوهمك شيئا، أنا
عبد الله وخليفته، أمري أمره ونهيي نهيه، وقدرتي قدرته، وقوتي قوته. (1)
السادس والثمانون كلام دراج آخر 181 - روضة الفضائل والبرسي: عن الحسن
العسكري، عن النسب الطاهر إلى الحسين - عليه السلام - قال: كنت مع [ أبي ]
(2) علي بن أبي طالب - عليه السلام -
يوما [ على الصفا ] (3)، وإذا هو بدراج (يدرج) (4) على وجه الارض في
الصفا، فوقف مولاي بإزائه، فقال: السلام عليك أيها الدراج، فقال (5):
وعليك السلام
(1) قد تقدم الحديث في معجزة: 69، وقد أسلفنا هناك بأنه أتى به هاهنا
باعتبار الطيور الاربعة، وهناك باعتبار تكلمه - عليه السلام - مع الدراج.
(2. 3) من المصدر. (4) ليس في المصدر. (5) في المصدر: فأجابه يقول. [ * ]
[ 287 ]
ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين، فقال له علي - عليه السلام - أيها
الدراج ما تصنع في هذا المكان ؟ فقال: [ يا أمير المؤمنين ] (1) أنا في
هذا المكان منذ أربعمائة سنة اسبح الله تعالى وأحمده واهل له واكبره
وأعبده حق عبادته. فقال - عليه السلام -: [ إن هذا ] (2) الصفا نقي لا
مطعم فيه ولا مشرب، فمن أين مطعمك ومشربك ؟ فقال [ له ] (3): يا مولاي وحق
من بعث ابن عمك بالحق نبيا، وجعلك وصيا، إني كلما جعت دعوت الله لشيعتك
ومحبيك فأشبع، وإذا عطشت دعوت الله على مبغضك (ومبغض أهل بيتك) (4) فأروى.
(ثم أنشد شعرا) (5): أيها السائل عما * دونه النجم العلي إنما استخبرت عنه
* واضح الامر العلي (6) خير خلق الله من * بعد النبيين علي وبه فاز
الموالي * وبه ضل الغوي هكذا خبرنا * عن ربه الهادي النبي لم يحد (7) عنه
* وعن أبنائه إلا الشقي (8)
(1) من المصدر والبحار. (2) من المصدر
وليس فيه: نقي. (3) من المصدر. (4) في المصدر: وظالميك. (5) ليس في المصدر
والبحار واليقين. (6 و 7) في المصدر: جلي. ولم يمل. (8) ليست الابيات في
البحار ولا في اليقين، والموجود في المصدر أيضا يختلف عن المذكور هنا.
والحديث في الفضائل: 162 والروضة في الفضائل: 36 وعنهما البحار: 41 / 235
ح 6 وعن اليقين: 72 ب 92 باختلاف، ولكن ما وجدناه في مشارق أنوار اليقين
الموجود عندنا. [ * ]
[ 288 ]
السابع
والثمانون كلام الفرس 182 - أبو محمد العسكري - عليه السلام - في تفسيره:
قال: ولقد رامت الفجرة الكفرة ليلة العقبة قتل رسول الله - صلى الله عليه
وآله - على العقبة، ورام من بقي من مردة المنافقين بالمدينة قتل علي بن
أبي طالب، فما قدروا على مغالبة ربهم، حملهم على ذلك حسدهم لرسول الله -
صلى الله عليه وآله - في علي - عليه السلام - لما فخم من أمره، وعظم من
شأنه، من ذلك أنه لما خرج من المدينة وقد كان خلفه عليها وقال له: أن
جبرئيل أتاني وقال [ لي ] (1): يا محمد إن العلي الاعلى يقرأ عليك السلام
ويقول لك: يا محمد إما أن تخرج أنت ويقيم علي، أو تقيم أنت ويخرج علي لابد
من ذلك، فإن عليا [ قد ندبته ] (2) لاحدى اثنتين لا يعلم أحد كنه جلال من
أطاعني فيهما، وعظيم ثوابه غيري، فلما خلفه أكثر المنافقون [ الطعن ] (3)،
فقالوا: مله وسئمه وكره صحبته، فتبعه علي - عليه السلام - حتى لحقه، وقد
وجد (4) مما قالوا فيه.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: ما أشخصك عن مركزك ؟ قال: بلغني
عن الناس كذا وكذا، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
إلا أنه لانبي بعدي (5)، فانصرف علي إلى موضعه فدبروا عليه أن يقتلوه،
وتقدموا في أن يحفروا له في طريقه حفيرة طويلة قدر خمسين ذراعا ثم غطوها
بخص، (6)
(1) ليس في المصدر. (2 و 3) من المصدر. (4) من المصدر، وفي البحار:
الاقوال. (5) أي حزن. وزاد عليها في الاحتجاج: غما شديدا. حديث المنزلة من
الاحاديث المتواترة، روته العامة والخاصة بأسانيد متعددة، وقد استقصي
أغلبها في كتاب " مائة منقبة " المنقبة 57 نشر مؤسسة الامام المهدي - عليه
السلام -، فراجع. (6) الخص: بيت من شجر أو قصب وفي المصدر: بحصر رقاق
ونثروا. [ * ]
[ 289 ]
ثم غلق ونثروا
فوقها يسيرا من التراب بقدر ما غطوا وجه الخص (1)، وكان [ ذلك ] (2) على
طريق علي الذي لابد [ له ] (3) منه من عبوره ليقع هو ودابته في الحفيرة
التي [ قد ] (4) عمقوها، وكان ما حوالي المحفور أرض ذات أحجار ودبروا على
أنه إذا وقع مع دابته في ذلك المكان كبسوه (5) بالاحجار حتى يقتلوه. فلما
بلغ علي - عليه السلام - قرب المكان لوى فرسه عنقه وأطال الله جحفلته (6)
فبلغت (7) اذنه، وقال: يا أمير المؤمنين قد حفر هاهنا ودبر عليك الحتف
وأنت أعلم لاتمر فيه، فقال [ له ] (8) علي - عليه السلام -: جزاك الله من
ناصح خيرا كما تدبر بتدبيري (9) فإن الله لا يخليك من صنعه الجميل. وسار
حتى شارف المكان فتوقف الفرس خوفا من المرور على المكان، فقال علي - عليه
السلام -: سر بإذن الله سالما سويا، عجيبا شأنك، بديعا أمرك،
فتبادرت الدابة وإذا الله (10) (عزوجل) قد متن الارض وصلبها، ولام (11)
حفرها، وجعلها كسائر الارض. فلما جاوزها علي - عليه السلام - لوى الفرس
عنقه، ووضع جحفلته على اذنه، [ ثم ] (12) قال: ما أكرمك على رب العالمين،
جوزك على هذا المكان الخاوي ؟ ! فقال أمير المؤمنين - عليه السلام -:
جازاك الله بهذه السلامة عن تلك النصيحة
(1) في المصدر والبحار: وجوه الحصر. (2 - 4) من المصدر والبحار. (5) كبس
البئر: طمها بالتراب. أي ملاها. (6) هو لذي الحافر كالشفة للانسان. (7) في
المصدر والبحار: وأطاله الله فبلغت جحفلته. (8) من المصدر والبحار. (9)
كذا في المصدر، وفي الاصل والبحار: تدبيري، والتدبير في الامر: التفكر
فيه. (10) كذا في المصدر، والاصل والبحار: ربك. (11) لام: أي أصلح. (12)
من المصدر والبحار. [ * ]
[ 290 ]
التي
نصحتني، ثم قلب وجه الدابة إلى ما يلي كفلها (1) والقوم معه بعضهم كان
أمامه وبعضهم خلفه، وقال: اكشفوا عن هذا المكان، فكشفوا [ عنه ] (2) فإذا
هو خاو ولا يسير عليه أحد إلا وقع في الحفيرة، فأظهر القوم الفزع والتعجب
مما رأوا. فقال علي عليه السلام - للقوم: أتدرون من عمل هذا ؟ قالوا: لا
ندري. قال - عليه السلام -: لكن فرسي هذا يدري. [ ثم قال: ] (3) يا أيها
الفرس كيف هذا ؟ [ ومن دبر هذا ] (4) ؟ فقال الفرس:
يا أمير المؤمنين إذا كان الله عزوجل يبرم ما يروم جهال الخلق نقضه أو كان
ينقض ما يروم جهال الخلق إبرامه، والله هو الغالب، والخلق هم المغلوبون،
فعل هذا يا أمير المؤمنين فلان وفلان إلى أن ذكر عشرة بمواطاة [ من ] (5)
أربعة وعشرين هم مع رسول الله - صلى الله عليه وآله - في طريقه. ثم دبروا
- هم - على أن يقتلوا رسول الله على العقبة، والله عزوجل من وراء حياطة
(6) رسول الله - صلى الله عليه وآله - وولي الله لا يغلبه الكافرون، فأشار
بعض أصحاب أمير المؤمنين - عليه السلام - بأن يكاتب رسول الله - صلى الله
عليه وآله - بذلك ويبعث رسولا مسرعا. فقال أمير المؤمنين: إن رسول الله
(يعني جبرئيل - عليه السلام -) (7) إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه
وآله - أسرع، وكتابه إليه أسبق، فلا يهمنكم [ هذا ] (8). (9)
(1) الكفل من الدابة: العجز أو الردف. (2 و 3 و 4) من المصدر والبحار. (5)
من المصدر، وفي البحار: عن. (6) الحياطة: الحفظ والحماية. (7) ليس في
المصدر والبحار. (8) من المصدر. (9) تفسير الامام العسكري - عليه السلام
-: 380 ح 265، عنه البحار: 21 / 223 ح 6 وعن الاحتجاج للطبرسي: 50 - 52. [
* ]
[ 291 ]
الثامن والثمانون كلام
الاحجار والاموات واستجابة الدعاء بالبرص والجذام والفلج واللقوة والعمى،
والشفاء منها، وإنطاق هبل 183 - الامام أبو محمد العسكري - عليه السلام -:
قال: ما أظهر الله عزوجل لنبي تقدم آية إلا وقد جعل لمحمد وعلي مثلها
وأعظم منها. قيل: يابن رسول الله فأي شئ جعل لمحمد وعلي ما يعدل آيات عيسى
إحياء الموتى، وإبراء الاكمه والابرص، والانباء بما يأكلون وما يدخرون ؟
قال - عليه السلام -: [ إن ] (1) رسول الله - صلى الله عليه وآله - كان
يمشي بمكة، وأخوه علي يمشي معه، وعمه أبو لهب خلفه يرمي عقبه بالاحجار،
وقد أدماه ينادي: معاشر قريش هذا ساحر كذاب، فاقذفوه واهجروه (واجتنبوه)
(2)، وحرش (3) عليه أوباش قريش فتبعوهما ويرمونهما فما منها حجر أصابه إلا
وأصاب عليا - عليه السلام -. فقال بعضهم: يا علي ألست المتعصب لمحمد
والمقاتل عنه، والشجاع [ الذي ] (4) لا نظير لك مع حداثة سنك، وانك لم
تشاهد الحروب، ما بالك لاتنصر محمدا، ولا تدفع عنه ؟ فناداهم علي - عليه
السلام -: معاشر أوباش قريش لااطيع محمدا بمعصيتي له، لو أمرني لرأيتم
العجب، وما زالوا يتبعونه حتى خرج من مكة، فأقبلت الاحجار على حالها تتدرج
(5)، فقالوا: الآن تشدخ (6) هذه الاحجار محمدا وعليا
(1) من المصدر والبحار. (2) ليس في نسخة " خ ". (3) كذا في المصدر
والبحار، وفي الاصل: حدش، وهو تصحيف، والاوباش: سفلة الناس وأخلاطهم. (4)
من المصدر و " نسخة: خ ". (5) في المصدر والبحار: تتدحرج. (6) كذا في
المصدر والبحار، وفي الاصل: تشرح. والشدخ: الكسر، شدخ الرجل الحجر: أصاب
مشدخه. أي كسرها من حيث أصابها. [ * ]
[ 292 ]
ونتخلص منهما، وتنحت قريش عنه خوفا على أنفسهم من تلك الاحجار، فرأوا تلك
الاحجار قد أقبلت على محمد وعلي كل حجر منها ينادي: السلام عليك يا محمد
بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، [ السلام عليك يا علي بن
أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ] (1). السلام عليك يارسول
العالمين، وخير الخلق أجمعين. السلام عليك يا سيد الوصيين، ويا خليفة رسول
رب العالمين. وسمعها جماعات قريش فوجموا (2)، فقال عشرة من مردتهم
وعتاتهم: ما هذه الاحجار تكلمها ولكنهم رجال في حفرة بحضرة الاحجار قد
خبأهم محمد تحت الارض فهي تكلمها ليغرنا ويختدعنا. فأقبلت عند ذلك الاحجار
عشرة من تلك الصخور، وتحلقت وارتفعت فوق العشرة المتكلمين بهذا [ الكلام ]
(3)، فما زالت تقع بهاماتهم (4)، ترتفع وترضضها حتى ما بقي من العشرة احد
إلا سال دماغه ودماؤه من منخريه، و (قد) (5) تخلخل رأسه وهامته ويافوخه
(6) فجاء أهلوهم وعشائرهم يبكون ويضجون (7) يقولون أشد من مصابنا بهؤلاء
تبجح (8) محمد وتبدخه بأنهم قتلوا بهذه الاحجار، [ فصار ذلك ] (9) آية له
ودلالة ومعجزة، فأنطق الله عزوجل
(1) من المصدر والبحار. (2) وجم: سكت وعجز عن الكلام من شدة الغيظ أو
الخوف. (3) من المصدر والبحار. (4) الهامات: ج الهامة: رأس كل شئ. (5) ليس
في المصدر. (6) اليافوخ: ملتقى عظم مقدمن الرأس ومؤخره. (7) كذا في المصدر
والبحار، وفي الاصل: يصيحون.
(8) التبجح: إظهار الفرح. والتبذخ: إظهار التكبر والعلو. (9) من المصدر. [
* ]
[ 293 ]
جنائزهم، [ فقالت: ] (1) صدق محمد وما كذب، وكذبتم (أنتم) (2) وما صدقتم،
واضطربت الجنائز ورمت من عليها، وسقطوا على الارض، ونادت ماكنا لننقاد
ليحملوا علينا أعداء الله [ إلى عذاب الله ] (3). فقال أبو جهل - لعنه
الله - إنما سحر محمد هذه الجنائز كما سحر تلك الاحجار والجلاميد والصخور
حتى وجد منها من النطق ما وجد، فإن كانت قتلت هذه الاحجار هؤلاء لمحمد آية
له وتصديقا لقوله، وتبيينا (4) لامره، فقولوا له يسأل من خلقهم أن يحييهم.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: يا أبا الحسن قد سمعت اقتراح
الجاهلين وهؤلاء عشرة، قتلى، كم جرحت بهذا الاحجار التي رمانا [ بها ] (5)
القوم يا علي ؟ قال علي - عليه السلام -: (6) جرحت أربع جراحات، وقال رسول
الله - صلى الله عليه وآله -: وقد جرحت أنا ست جراحات، فليسأل كل واحد منا
ربه أن يحيي من العشرة بقدر جراحاته. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وآله
- لستة منهم فنشروا، ودعا علي لاربعة منهم فنشروا. ثم نادى المحيون معاشر
المسلمين، إن لمحمد وعلي شأنا عظيما في الممالك التي كنا فيها. لقد (7)
رأينا لمحمد - صلى الله عليه وآله - مثالا على سرير عند البيت المعمور
وعند العرش، ولعلي - عليه السلام - مثالا عند البيت المعمور، وعند الكرسي،
أملاك
(1) من المصدر. (2) ليس في
المصدر والبحار. (3) من المصدر والبحار.
(4) في المصدر: تثبيتا. (5) من المصدر والبحار. (6) كذا في المصدر
والبحار، وفي الاصل وبعض نسخ المصدر هكذا: قال: ثلاث جراحات في كعبي، قال:
يا علي، وما أثبتناه هو الصحيح، بقرينة أنها عشرة أحجار. (7) كذا في
المصدر والبحار، وفي الاصل: قال، وهو تصحيف. [ * ]
[ 294 ]
السماوات، والحجب، وأملاك العرش، يحفون بهما ويعظمونهما ويصلون عليهما،
ويصدرون عن أوامرهما، ويقسمون [ بهما ] (1) على الله عزوجل بحوائجهم إذا
سألوه بهما. فآمن منهم سبعة [ نفر ] (2)، وغلب الشقاء على الآخرين. وأما
تأييد الله عزوجل لعيسى - عليه السلام - بروح القدس، فإن جبرئيل هو الذي
لما حضر رسول الله - صلى الله عليه وآله - وهو قد اشتمل بعبائه القطوانية
(3) على نفسه وعلى علي وفاطمة والحسن والحسين، وقال: اللهم هؤلاء أهلي،
أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم، محب لمن أحبهم، ومبغض لمن أبغضهم،
فكن لمن حاربهم حربا، ولمن سالمهم سلما، ولمن أحبهم محبا، ولمن أبغضهم
مبغضا. فقال الله عزوجل: فقد أجبتك إلى ذلك يا محمد. فرفعت ام سلمة جانب
العبا لتدخل، فجذبه رسول الله - صلى الله عليه وآله - وقال: لست هناك، وان
كنت في خير وإلى خير. وجاء جبرئيل متدبرا (4) وقال: يارسول الله اجعلني
منكم ! قال: أنت منا. قال: أفأرفع العبا وأدخل معكم ؟ قال: بلى، فدخل في
العبا، ثم خرج وصعد إلى السماء إلى الملكوت الاعلى وقد تضاعف حسنه وبهاؤه،
قالت الملائكة: قد رجعت بجمال خلاف ما ذهبت به من عندنا ! قال: وكيف
لاأكون كذلك وقد شرفت بأن جعلت
من آل محمد وأهل بيته، قالت الاملاك في ملكوت السماوات والحجب والكرسي
والعرش: حق لك هذا الشرف أن تكون كما قلت (5).
(1) من المصدر. (2) من المصدر والبحار. (3) القطوانية: عباءة بيضاء قصيرة
الخمل. (4) كذا في المصدر، وفي البحار: مدثرا. (5) في المصدر: مثل ما
ذكرت. [ * ]
[ 295 ]
وكان علي - عليه
السلام - معه جبرئيل عن يمينه في الحروب، وميكائيل عن يساره، إسرافيل
خلفه، وملك الموت أمامه. وأما إبراء الاكمه والابرص، والانباء بما يأكلون
وما يدخرون في بيوتهم (1)، فإن رسول الله - صلى الله عليه وآله - لما كان
بمكة قالوا: يا محمد [ إن ] (2) ربنا هبل الذي يشفي مرضانا، وينقذ هلكانا،
ويعالج جرحانا. قال عليه السلام -: كذبتم ما يفعل هبل من شئ، بل الله يفعل
بكم ما يشاء من ذلك (شيئا) (3). قال: فكبر هذا على مردتهم، فقالوا له: يا
محمد ما أخوفنا عليك من هبل أن يضربك باللقوة والفالج والجذام والعمى
وضروب العاهات لدعائك إلى خلافه. قال: لن يقدر على شئ مما ذكرتموه إلا
الله عزوجل. قالوا: يا محمد فإن كان لك رب تعبده لارب سواه، فاسأله أن
يضربنا بهذه الآفات التي ذكرناها لك حتى نسأل نحن هبل أن يبرئنا منها،
لنعلم أن هبل هو شريك ربك الذي إليه تومئ وتشير. فجاء جبرئيل - عليه
السلام - فقال: ادع أنت على بعضهم، وليدع علي على بعض. فدعا رسول الله -
صلى الله عليه وآله - على عشرين منهم، ودعا علي - عليه السلام -
على عشرة، فلم يريموا مواضعهم حتى برصوا، وجذموا، وفلجوا، ولقوا، وعموا،
وانفصلت عنهم الايدي والارجل، ولم يبق في شئ من أبدانهم عضو صحيح إلا
ألسنتهم وآذانهم، فلما أصابهم ذلك صير بهم إلى هبل ودعوه ليشفيهم، وقالوا:
دعا على هؤلاء محمد وعلى، ففعل بهم ما ترى، فاشفهم. فناداهم هبل: يا أعداء
الله وأي قدرة لي على شئ من الاشياء، والذي بعثه إلى الخلق أجمعين، وجعله
أفضل النبيين والمرسلين لو دعا علي لتهافتت أعضائي،
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: وما تدخرون في بيوتكم. (2) من المصدر. (3) ليس في المصدر. [ * ]
[ 296 ]
وتفاصلت أجزائي، واحتملتني الرياح تذروني حتى لا يرى لشئ مني عين ولا أثر،
يفعل الله ذلك بي حتى يكون أكبر جزء مني دون عشر عشير خردلة، فلما سمعوا
ذلك من هبل ضجوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - فقالوا: قد انقطع
الرجاء عمن سواك، فأغثنا وادع الله لاصحابنا فإنهم لا يعودون إلى ذلك.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: شفاؤهم يأتيهم من حيث أتاهم
داؤهم، عشرون علي وعشرة على علي، فجاؤا بعشرين فأقاموهم بين يديه، وبعشرة
أقاموهم بين يدي علي - عليه السلام -. فقال رسول الله - صلى الله عليه
وآله - للعشرين: غمضوا (1) أعينكم وقولوا: اللهم بجاه من بجاهه ابتليتنا
(2) فعافنا بمحمد وعلي والطيبين من آلهما، وكذلك قال علي للعشرة الذين بين
يديه، فقالوها فقاموا: فكأنما أنشطوا (3) من عقال ما بأحد منهم نكبة (4)
وهو أصح مما كان قبل أن يصيب ما اصيب، فآمن الثلاثون وبعض أهليهم، وغلب
الشقاء على أكثر الباقين. أما الانباء بما كانوا يأكلون، وما يدخرون في
بيوتهم فإن رسول الله
- صلى الله عليه وآله - لما برؤا فقال لهم: آمنوا. فقالوا: آمنا. فقال:
ألا أزيدكم بصيرة ؟ قالوا: بلى. قال: اخبركم بما تغذي به هؤلاء وتداووا. [
فقالوا: قل يارسول الله، فقال: ] (5) تغدي فلان بكذا، وتداوي فلان بكذا،
وبقى عنده كذا، حتى ذكرهم أجمعين. ثم قال: يا ملائكة ربي احضروني بقايا
غدائهم ودوائهم على أطباقهم وسفرهم، فأحضرت الملائكة ذلك، وأنزلت من
السماء بقايا طعام اولئك
(1) في المصدر والبحار: غضوا. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل:
ابتلينا. (3) كذا في المصدر والبحار إلا أن فيه: نشطوا، وفي الاصل: كما
نشطوا. (4) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: مكنة، وهو تصحيف. (5) من
المصدر. [ * ]
[ 297 ]
ودوائهم، فقالوا:
هذه البقايا من المأكول كذا، والمداوي به كذا. ثم قال: يا أيها الطعام
أخبرنا كم اكل منك ؟ فقال الطعام: اكل مني كذا، وترك مني كذا وهو ما ترون،
وقال بعض ذلك الطعام: أكل صاحبي هذا مني كذا، وبقي مني كذا، وجاء به
الخادم فأكل مني كذا وأنا الباقي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -:
فمن أنا ؟ فقال الطعام والدواء: أنت رسول الله. قال: فمن - هذا يشير إلى
علي - ؟ فقال الطعام والدواء: هذا أخوك سيد الاولين [ والآخرين ] (1)،
ووزيرك أفضل الوزراء وخليفتك سيد الخلفاء. (2)
التاسع والثمانون إنطاق
الجبال والاحجار والاشجار باسمه - عليه السلام - 184 - الامام أبو محمد
العسكري - عليه السلام -: قال: قال أمير المؤمنين
- عليه السلام -: تواطأت اليهود على قتل رسول الله - صلى الله عليه وآله -
في طريقه على جبل حرا وهم سبعون، فعمدوا إلى سيوفهم فسموها، ثم قعدوا له
ذات [ يوم ] (3) غلس في طريقه على جبل حرا. فلما صعد، صعدوا إليه، وسلوا
سيوفهم، وهم سبعون رجلا من أشد اليهود وأجلدهم وذوي النجدة منهم، فلما
أهووا بها إليه ليضربوه بها التقى طرفا الجبل بينهم وبينه فانضما، وصار
ذلك حائلا بينهم وبين محمد - صلى الله عليه وآله -، وانقطع طمعهم عن
الوصول إليه بسيوفهم، فغمدوها فانفرج الطرفان بعد ما كانا انضما فسلوا بعد
سيوفهم وقصدوه.
(1) من المصدر. (2) التفسير المنسوب إلى الامام العسكري - عليه السلام -.
373 - 379 - ح 260 - 263 وعنه البحار: 17 / 259 - 264 ح 5 وقطعة منه في
البحار: 26 / 343 ح 15، وفي إثبات الهداة، 3 / 393 ح 606 مختصرا. (3) من
المصدر. [ * ]
[ 298 ]
فلما هموا
بإرسالها عليه انضم طرفا الجبل، وحيل بينهم وبينه فغمدوها، ثم ينفرجان
فيسلونها إلى أن بلغ [ إلى ] (1) ذروة الجبل، وكان ذلك سبعا وأربعين مرة،
فصعدوا الجبل وداروا خلفه ليقصدوه بالقتل، فطال عليهم الطريق، ومد الله
عزوجل الجبل فانطوى عنه حتى [ فرغ ] (2) رسول الله - صلى الله عليه وآله -
من ذكره وثنائه على ربه واعتباره بعبره. ثم انحدر عن الجبل وانحدروا خلفه
ولحقوه وسلوا سيوفهم [ عليه ] (3) ليضربوه بها، فانضم طرفا الجبل وحال
بيهم وبينه فغمدوها، ثم انفرج فسلوها، ثم انضم فغمدوها، وكان ذلك سبعا
وأربعين مرة [ كلما انفرج
سلوها، فإذا انضم غمدوها ] (4). فلما كان في آخر مرة وقد قارب رسول الله -
صلى الله عليه وآله - القرار، سلوا سيوفهم [ عليه ] (5) فانضم طرفا الجبل،
وضغطهم الجبل ورضضهم، وما زال يضغطهم حتى ماتوا جميعا. ثم نودي: يا محمد
انظر إلى خلفك وإلى من بغي بك السوء ماذا صنع بهم ربهم (6)، فنظر فإذا
طرفا الجبل [ مما يليه ] (7) منضمان، فلما نظر انفرج الجبل، وسقط اولئك
القوم وسيوفهم بأيديهم وقد هشمت وجوههم وظهورهم وجنوبهم وأفخاذهم وسوقهم
وأرجلهم وخروا موتى تشخب أوداجهم دما. وخرج رسول الله - صلى الله عليه
وآله - من ذلك الموضع سالما مكفيا مصونا محوطا، (8)
(1) من المصدر. (2 - 5) من المصدر والبحار. (6) كذا في المصدر والبحار،
وفي الاصل: ربك. (7) من المصدر والبحار. (8) في المصدر والبحار: محفوظا،
والمعنى واحد. [ * ]
[ 299 ]
تناديه
الجبال وما عليها من الاحجار والاشجار: هنيئا لك يا محمد بنصرة الله عزوجل
لك على أعدائك بنا، وسينصرك [ الله ] (1) إذا ظهر أمرك على جبارة امتك
وعتاتهم بعلي بن أبي طالب، وتسديده لاظهار دينك، وإعزازه وإكرام أوليائك
وقمع أعدائك، وسيجعله تاليك وثانيك، ونفسك التي بين جنبيك، وسمعك الذي
(به) (2) تسمع، وبصرك الذي به تبصر، ويدك التي بها تبطش، ورجلك التي عليها
تعتمد، وسيقضي عنك ديونك، ويفي عنك بعداتك، وسيكون جمال امتك، وزين أهل
ملتك، وسيسعد ربك عزوجل به محبيه،
ويهلك به شانئيه. (3)
التسعون كلام الحية 185 - ثاقب المناقب: عن سفيان
الثوري، عن أبي عبد الله - صلوات الله عليه - قال: دخل رسول الله - صلى
الله عليه وآله - على عائشة فأخذ منها ما يأخذ الرجل من المرأة، فاستلقى
رسول الله - صلى الله عليه وآله - على السرير فنام، فجاءت حية حتى صارت
على بطنه، فنظرت عائشة إلى النبي - صلى الله عليه وآله - والحية على بطنه
فوجهت إلى أبي بكر، فلما أراد أبو بكر أن يدخل على رسول الله - صلى الله
عليه وآله - وثبت الحية في وجهه فانصرف، ثم وجهت إلى عمر بن الخطاب، فلما
أراد أن يدخل وثبت في وجهه فانصرف. فقالت ميمونة وام سلمة - رضي الله
عنهما -: وجهي إلى علي بن أبي طالب - صلوات الله عليه -، فوجهت إليه، فلما
دخل علي قامت الحية في وجهه تدور حول
(1) من المصدر. (2) ليس في نسخة " خ ". (3) التفسير المنسوب إلى الامام
العسكري - عليه السلام -: 161 ح 80 وعنه البحار: 17 / 313 - 314 وحلية
الابرار: 1 / 35 - 36. [ * ]
[ 300 ]
علي وتلوذ به، ثم صارت في زاوية البيت، فانتبه النبي - صلى الله عليه وآله
- فقال: يا أبا الحسن أنت هاهنا فقليلا ماكنت تدخل دار عائشة ؟ فقال:
يارسول الله دعيت، فتكلمت الحية وقالت: يارسول الله إني ملك غضب علي رب
العالمين، جئت إلى هذا الوصي أطلب إليه أن يشفع لي إلى الله تعالى فقال:
ادع له حتى اومن على دعائك، فدعا علي وأمن النبي - صلى الله عليه وآله -،
فقالت الحية: [ يارسول ] (1) قد غفر لي ورد علي جناحي.
وروي من طريق آخر: أن النبي - صلى الله عليه وآله - جعل يدعو والملك يكسى
ريشه حتى التأم جناحه، ثم عرج إلى السماء فصاح صيحة، فقال النبي - صلى
الله عليه وآله -: أتدري ما قال الملك ؟ قال: لا. (قال:) (2) يقول: جزاك
الله من ابن عم خيرا. (3)
|