كتاب مدينة المعاجز

الجزء الخامس

 

 

 

[ 58 ]

 

الحادي والاربعون إضطراب قلب قتادة وعلمه - عليه السلام - برجوع مسائله الاربعين إلى مسألة الجبن. 1478 / 62 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت جالسا في مسجد الرسول الله (1) - صلى الله عليه وآله - إذ أقبل رجل فسلم، فقال: من أنت يا عبد الله ؟ فقلت: رجل من أهل الكوفة. (فقلت) (2): فما حاجتك ؟ فقال لي: أتعرف أبا جعفر محمد بن علي - عليه السلام - قلت: نعم، فما حاجتك إليه ؟ قال: هيأت له أربعين مسألة أسئلة عنها، فما كان من حق أخذته وما كان من باطل تركته. قال أبو حمزة: فقلت له: هل تعرف ما بين الحق والباطل ؟ قال: نعم فقلت: ما حاجتك إليه إذا كنت تعرف ما بين الحق والباطل ؟ فقال لي: يا أهل الكوفة ! أنتم قوم ما تطاقون، إذا رأيت أبا جعفر - عليه السلام - فاخبرني، فما انقطع كلامه (3) حتى أقبل أبو جعفر - عليه السلام - وحوله أهل خراسان وغيرهم يسألونه عن مناسك الحج، فمضى حتى جلس مجلسه، وجلس الرجل قريبا منه.


(1) في المصدر: الرسول. (2) من المصدر والبحار. (3) في المصدر: كلامي معه.


[ 59 ]

قال: أبو حمزة: فجلست حيث أسمع الكلام، وحوله عالم من الناس، فلما قضى حوائجهم وانصرفوا، التفت إلى الرجل، فقال له: من أنت ؟ قال: أنا قتادة بن دعامة البصري. فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: (أنت فقيه أهل البصرة ؟ قال: نعم، فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: (1) ويحك يا قتادة ان الله عزوجل خلق خلقا من خلقه فجعلهم (خلفاء) (2) حججا على خلقه، فهم أوتاد في أرضه، قوام بأمره، نجباء في علمه، اصطفاهم قبل خلقه، أظلة (والله) (3) عن يمين عرشه. قال: فسكت قتادة طويلا ثم قال: أصلحك الله، (والله) (4) لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس، فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك ! فقال (له) (5) أبو جعفر - عليه السلام - ويحك أتدري (6) أين أنت ؟ أنت بين يدي (بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة) (7) فانت ثم، ونحن أولئك. فقال له قتادة: صدقت والله، جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين، قال قتادة: فأخبرني عن الجبن.


(1) من المصدر والبحار. (2 و 3) ليس في المصدر والبحار. (4 و 5) من المصدر والبحار. (6) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ما تدري. (7) سورة النور: 36.


[ 60 ]

(قال) (1) فتبسم أبو جعفر - عليه السلام - ثم قال: رجعت مسائلك إلى هذا ؟ قال: ضلت عني (2) فقال: لا بأس به فقال: إنه ربما جعلت فيه إنفحة (3) الميت قال ليس بها بأس، إن الانفحة ليس لها عروق، ولا فيها دم ولا لها عظم، إنما تخرج من بين فرث ودم، ثم (قال:) (4) وأن الانفحة بمنزلة دجاجة ميتة اخرجت منها بيضة، فهل تؤكل تلك البيضة ؟ فقال قتادة: لا ولا آمر بأكلها. فقال (له) (5) أبو جعفر - عليه السلام -: ولم ؟ قال (6): لانها من الميتة، قال له: فان حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة أتأكلها ؟ قال: نعم، قال: فما حرم عليك البيض وحلل عليك (7) الدجاجة ؟ ثم قال - عليه السلام -: (فكذلك الانفحة مثل البيضة، فاشتر (الجبن) (8) من أسواق المسلمين من أيدي المصلين، ولا تسأل عنه ألا أن يأتيك من يخبرك عنه. (9)


(1) من المصدر. (2) في المصدر: علي. (3) الانفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء المخففة: كرش الجمل أو الجدي ما لم يؤكل، فإذا اكل فهو كرش (لسان العرب). (4) من المصدر والبحار، وفيهما: وانما الانفحة. (5) من المصدر والبحار. (6) في المصدر: فقال. (7) في المصدر: لك، وفي البحار: وأحل لك. (8) من المصدر والبحار. (9) الكافي: 6 / 256 ح 1 وعنه البحار: 10 / 154 ح 4 وج 46 / 357 ح 11 والوسائل: 16 / 364 ح 1 وحلية الابرار: 3 / 378 ح 2، وقطعة منه في اثبات الهداة: 3 / 42 ح 11.


[ 61 ]

 

الثاني والاربعون رؤيا الرجل التي رآها وقت توفي - عليه السلام - 1479 / 63 - محمد بن يعقوب: باسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان قال: حدثني أبو بصير قال: سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - يقول: إن رجلا كان على أميال من المدينة، فرآى في منامه، فقيل له: إنطلق فصل على أبي جعفر - عليه السلام - فان الملائكة تغسله بالبقيع. (قال:) (1) فجاء الرجل فوجد أبا جعفر - عليه السلام - قد توفي. (2)

الثالث والاربعون رده - عليه السلام - سؤال النصراني بما يعلمه النصراني 1480 / 64 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: أخبرني الحسن بن علي بن هبة الله قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن خالد البرقي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر - عليه السلام -: مررت بالشام وأنا متوجه إلى بعض خلفاء بني أمية، فإذا قوم في جانبي، فقلت: أين تريدون ؟ قالوا: إلى عالم لنا لم نر مثله،


(1) ليس في المصدر والبحار. (2) الكافي: 8 / 183 ح 207 وعنه البحار: 46 / 219 ح 23 وج 61 / 183 ح 48 واثبات الهداة: 3 / 43 ح 12 والعوالم: 19 / 452 ح 8. (*)


[ 62 ]

يخبرنا بمصلحة شأننا، قال: فاتبعتهم حتى دخلوا الهواء (1) عظيما فيه بشر كثير، فلم ألبث أن خرج شيخ كبير متوكيا على رجلين قد سقط حاجباه على عينيه، قد شد حاجبيه حتى بدت عيناه، فنظر إلي فقال: أمنا أنت أم من الامة المرحومة ؟ قلت: من الامة المرحومة، فقال: أمن علمائهم أم من جهالهم ؟ قال: قلت: لا من علمائهم ولا من جهالهم، فقال: أنتم الذين تزعمون أنكم تذهبون إلى الجنة فتأكلون وتشربون لا تحدثون ؟ قال: قلت: نعم، قال: فهات على هذا برهانا، قلت الجنين يأكل (في بطن أمه من طعامها ويشرب من شرابها ولا يحدث، قال ألست (قلت إنك لست من علمائهم ؟ قال: قلت: ولا من جهالهم، قال: فاخبرني عن ساعة ليست من النهار ولا من الليل، قلت: هذه ساعة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لا تعد من ليلنا ولا من نهارنا، وفيها تفيق مرضانا، فنظر إلي النصراني متعجبا وقال: ألست قلت إنك لست من علمائهم ؟ ثم قال: أما والله لا سالنك عن مسألة ترتطم فيها إرتطاما كالثور في الوحل، أخبرني عن رجلين ولدا في ساعة واحدة وماتا في ساعة واحدة عاش أحدهما خمسين ومائة سنة وعاش الاخر خمسين سنة، قال: قلت: ثكلتك امك هما عزير وعزرة عاش هذا خمسين، ثم أماته الله مائة عام ثم بعثه، فقال: كم لبثت ؟ قال: لبثت يوما أو بعض يوم وعاش هذا خمسين ومائة عام، ثم ماتا جميعا، فقال النصراني غضبا والله لا اكلمكم كلمة ولا رأيتم لي وجها اثنا عشر شهرا إذ ادخلتم هذا علي وقام


(1) الملهى: اللهو، زمانه، موضعه، يقال: (هذا ملهى القوم) أي موضع اقامتهم. (*)


[ 63 ]

فخرجت. (1) 1481 / 65 - والذي رواه محمد بن يعقوب: باسناده، عن إسماعيل، عن أبان بن عمر بن عبد الله الثقفي قال: أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر - عليه السلام - من المدينة إلى الشام، فأنزله معه (2)، فكان يقعد مع الناس في مجالسهم. فبينا هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه، إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك، فقال - عليه السلام -: ما لهم (3) ألهم عيد اليوم ؟ قال: لا يا بن رسول الله، ولكنهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم فيخرجونه ويسألونه عما يريدون وعما يكون في عامهم. فقال أبو جعفر - عليه السلام -: وله علم ؟ فقالوا: هو من أعلم الناس قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى - عليه السلام -. قال: فهل نذهب إليه. قالوا: ذاك (4) إليك يا بن رسول الله. فقنع أبو جعفر - عليه السلام - رأسه بثوبه، ومضى هو وأصحابه، فاختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل، فقعد أبو جعفر - عليه السلام - وسط النصارى هو وأصحابه، وأخرج النصارى بساطا، ثم وضعوا (عليه) (5) الوسائد، ثم


(1) دلائل الامامة: 101 - 102، وبما ان الاختلاف بين الاصل والمصدر كثير ولذا تركت الاشارة إلى الاختلافات واثبت ما هو الصحيح في المتن. (2) في المصدر: فأنزل منه. (3) في المصدر: لهؤلاء. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: ذلك. (5) ليس في المصدر والبحار.


[ 64 ]

دخلوا فأخرجوه، ثم ربطوا عينيه، فقلب عينيه كأنهما عينا أفعى، ثم قصد (إلى) (1) أبي جعفر - عليه السلام - فقال: يا شيخ أمنا أنت، أم من الامة المرحومة ؟ فقال: أبو جعفر - عليه السلام -: بل من الامة المرحومة فقال: أفمن علمائهم أنت أم جهلائهم ؟ فقال: لست من جهلائهم، فقال النصراني: أسالك أم تسألني ؟ فقال أبو جعفر - عليه السلام -: سلني. فقال: يا معشر النصارى رجل من أمة محمد - صلى الله عليه وآله - يقول: سلني إن هذا الملئ بالمسائل، ثم قال: يا عبد أخبرني عن ساعة ما هي من الليل ولا من النهار أي ساعة هي ؟ قال (2) أبو جعفر - عليه السلام -: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. فقال النصراني: فإذا لم تكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أي الساعات هي ؟ فقال أبو جعفر - عليه السلام - من ساعات الجنة، وفيها تفيق مرضانا. فقال النصراني: أسألك أو (3) تسألني ؟ فقال أبو جعفر - عليه السلام -: سلني: فقال (النصراني:) (4) يا معشر النصارى، إن هذا لملئ بالمسائل، أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون أعطني مثلهم في الدنيا ؟ فقال أبو جعفر - عليه السلام: هذا الجنين في بطن أمه يأكل مما تأكل


(1) من المصدر. (2) في المصدر: قال. (3) في المصدر: فأسألك أم. (4) من المصدر.


[ 65 ]

أمه، ولا يتغوط، فقال النصراني: ألم تقل: ما أنا من علمائهم ؟ فقال أبو جعفر - عليه السلام -: إنما قلت لك: ما أنا من جهلائهم (1)، فقال النصراني: أسألك (2) أو تسألني. فقال أبو جعفر - عليه السلام -: سلني فقال: يا معشر النصارى والله لاسألنه عن مسألة يرتطم فيها كما يرتطم الحمار في الوحل ! فقال له: سل، قال (3): أخبرني عن رجل دنا من إمرأته فحملت باثنين حملتهما جميعا في ساعة واحدة وولدتهما في ساعة واحدة وماتا في ساعة واحدة ودفنا في قبر واحد وعاش أحدهما مائة وخمسين سنة وعاش الاخر خمسين سنة، من هما ؟ فقال أبو جعفر - عليه السلام -: عزير وعزرة، كان حمل (4) امهما (بهما) (5) على ما وصفت، ووضعتهما على ما وصفت وعاش عزرة وعزير (6) كذا وكذا سنة، ثم أمات الله تبارك وتعالى عزيرا مائة سنة، ثم بعث فعاش (7) مع عزرة هذه الخمسين السنة، وماتا كلاهما في ساعة واحدة. فقال النصراني: يا معشر الناصر ! ما رأيت بعيني قط رجلا أعلم من هذا الرجل، لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام، ردوني.


(1) في المصدر: جهالهم. (2) في المصدر: فأسألك. (3) في المصدر: فقال. (4) في المصدر: كانا حملت. (5) من المصدر. (6) في المصدر: وعاش عزير وعزرة. (7) في المصدر: وعاش.


[ 66 ]

(قال:) (1) فردوه إلى كهفه، ورجع النصارى مع أبي جعفر - عليه السلام. (2) وسيأتي في ذلك ذكر فيما يليه.

الرابع والاربعون الريح التي حملت صوته - عليه السلام - وطرحته في أسماع الرجال والنساء وموقفه موقف شعيب النبي - عليهما السلام -. 1482 / 66 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: روى الحسن ابن معاذ الرضوي قال: حدثنا لوط بن يحيى الازدي، عن عمارة بن زيد الواقدي قال: حج هشام بن عبد الملك بن مروان سنة من السنين، وكان قد حج في تلك السنة محمد بن علي الباقر وابنه جعفر بن محمد - عليهما السلام - قال (3) جعفر بن محمد: (في بعض كلامه) (4) الحمد لله الذي بعث محمدا بالحق نبيا وأكرمنا به، فنحن صفوة الله على خلقه وخيرته من عباده (وخلفاؤه) (5) فالسعيد من اتبعنا والشقي من عادانا وخالفنا، ومن الناس من يقول: إنه يتولانا ويوالي اعدائنا، ومن يليهم من جلسائهم


(1) من المصدر. (2) الكافي: 8 / 122 ح 94، وأخرجه في البحار: 10 / 149 ح 1 وج 46 / 313 ح 2 والعوالم: 19 / 269 ح 1 والايقاظ من الهجعة: 159 ح 3 وحلية الابرار: 3 / 384 عن تفسير القمي: 1 / 98 - 99. (3) في المصدر والبحار: فقال. (4) من المصدر والبحار. (5) من البحار.


[ 67 ]

وأصحابهم أعداء ديننا فهو لم يسمع كلام ربنا ولم يعمل به. قال أبو عبد الله جعفر بن محمد - عليه السلام - فأخبر مسلمة أخاه بما سمع، فلم يعرض لنا حتى انصرف إلى دمشق وانصرفنا إلى المدينة، فأنفذ بريدا إلى عامل المدينة بإشخاص أبي وإشخاصي معه، فاشخصنا إليه، فلما وردنا دمشق حجبنا ثلاثة أيام، ثم أذن لنا في اليوم الرابع، فدخلنا وإذا هو قد قعد على سرير الملك، وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم سماطين (1) مستحلين، وقد نصب البرجاس (2) حذاءه وأشياخ قومه يرمون. فلما دخل أبي وأنا خلفه، ما زال يستدنينا منه حتى حاذيناه وجلسن قليلا، فقال لابي: يا أبا جعفر إرم مع أشياخ قومك الغرض، فانما أراد أن يهتك بأبي، وظن أنه يقصر ويخطئ ولا يصيب إذا رمى، فيشقي منه بذلك، فقال له أبي: قد كبرت عن الرمي، فان رأيت أن تعفيني، فقال: وحق من أعزنا بدينه ونبيه محمد - صلى الله عليه وآله - لا أعفيك. ثم أومأ إلى شيخ من بني أمية أن أعطه قوسك، فتناول أبي عند ذلك قوس الشيخ، ثم تناول منه سهما فوضعه في كبد القوس، ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه، ثم رمى فيه الثانية، فشق فواق (2) سهمه إلى نصله، ثم تابع الرمي حتى شق تسعة أسهم بعضها في جوف بعض، وهشام يضطرب في مجلسه، فلم يتمالك أن قال: أجدت يا أبا جعفر !


(1) السماطان من النخل والناس: الجانبان. (2) البرجاس بالضم: غرض في الهواء على رأس رمح (القاموس). (3) الفوق من السهم: موضع الوتر منه. مشق رأس السهم حيث يقع الوتر منه.


[ 68 ]

وأنت أرمى العرب والعجم، هلا زعمت أنك كبرت عن الرمي ؟ ثم أدركته الندامة على ما قال، وكان هشام لم يكن (1) أحدا قبل أبي ولا بعده في خلافته، فهم به، وأطرق إلى الارض إطراقة يرتوي فيه رأيا، وأبي واقف بحذاءه مواجها له، وأنا وراء أبي. فلما طال وقوفنا بين يديه غضب أبي وهم به، وكان أبي إذا غضب نظر إلى السماء نظر غضبان، يتبين الناظر الغضب في وجهه، فلما نظر هشام إلى ذلك من أبي قال له: يا محمد اصعد فصعد أبي إلى السرير وأنا أتبعه فلما دنا من هشام قام إليه فاعتنقه وأقعده عن يمينه، ثم اعتنقني وأقعدني عن يمين أبي، ثم أقبل على أبي بوجهه فقال له: يا محمد لا تزال العرب والعجم يسودها قريش ما دام فيهم مثلك، ولله درك ! من علمك هذا الرمي ؟ وفي كم تعلمته ؟ فقال أبي: قد علمت أن أهل المدينة يتعاطونه، فتعاطيته أيام حداثتي، ثم تركته، فلما أراد أمير المؤمنين مني ذلك عدت فيه، فقال له: ما رأيت مثل هذا الرمي قط مذ علقت، وما ظننت أن في الارض أحدا يرمي مثل هذا الرمي، أين رمي جعفر من رميك. فقال: إنا نحن نتوارث الكمال والتمام الذين أنزلهما الله على نبيه - صلى الله عليه وآله - في قوله: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) (2) والارض لا تخلو ممن يكمل هذه الامور التي يقصر عنها غيرنا.


(1) اي يخاطبه بكنيته. (2) المائدة: 3.


[ 69 ]

قال: فلما سمع ذلك من أبي إنقلبت عينه اليمنى، فاحولت واحمر وجهه، وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب، ثم أطرق هنيئة ثم رفع رأسه، فقال لابي: ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد ؟ فقال أبي: ونحن كذلك، ولكن الله عزوجل إختصنا من مكنون سره وخالص علمه بما لم يخص أحدا به غيرنا. فقال: أليس الله تعالى بعث محمدا - صلى الله عليه وآله - من شجرة بني عبد مناف إلى الناس كافة أبيضها وأسودها وأحمرها ؟ من أين ورثتم ما ليس لغيركم ؟ ورسول الله مبعوث إلى الناس كافة، وذلك قول الله عز وجل (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والارض) (1) إلى آخر الاية، فمن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ولا أنتم أنبياء ؟. فقال أبي - عليه السلام -: من قوله تبارك وتعالى لنبيه (لا تحرك به لسانك لتعجل به) (2) فالذي أبداه فهو للناس كافة، والذي لم يحرك به لسانه لغيرنا أمره الله أن يخصنا به دون غيرنا، فلذلك كان يناجي به أخاه علينا من دون أصحابه، وأنزل الله بذلك قرآنا في قوله: (وتعيها أذن واعية) (3) فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله - بين أصحابه: (سألت الله أن يجعلها اذنك يا علي). فلذلك قال علي - عليه السلام - بالكوفة: (علمني رسول الله - صلى الله عليه


(1) الاعراف: 158. (2) القيامة: 16. (3) الحاقة 12.


[ 70 ]

وآله - ألف باب من العلم، يفتح من كل باب ألف باب) (1) خصه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من مكنون سره بما يخص أمير المؤمنين - عليه السلام - أكرم الخلق عليه، فكما خص الله نبيه خص نبيه أخاه عليا من مكنون سره وعلمه بما لم يخص به أحدا من قومه، حتى صار إلينا، فتوارثناه من دون أهلنا. فقال له هشام بن عبد الملك: إن عليا - عليه السلام - كان يدعي علم الغيب، والله لم يطلع على غيبه أحدا فيكف ادعى ذلك ؟ ومن أين ؟ فقال أبي: إن الله جل ذكره أنزل على نبيه كتابا بين فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة في قوله: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) (2) وفي قوله تعالى: (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) (3) وفي قوله: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) (4) وفي قوله (وما من غائبة في السماء والارض إلا في كتاب مبين) (5). وأوحى الله إلى نبيه - صلى الله عليه وآله - ان لا يبقى في غيبه وسره ومكنون علمه شيئا إلا يناجي به عليا، فأمره أن يؤلف القرآن من بعده، ويتولى غسله وتكفينه وتحنيطه من دون قومه، قال: لا صحابه: (حرام على أصحابي وأهلي أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي، فإنه مني


(1) هذا الحديث مشهور، وفي كتب الفريقين مذكور، راجع ملحقات الاحقاق: 4 / 342 وج 17 / 465. (2) النحل: 89. (3) يس: 12. (4) الانعام: 38. (5) النمل: 75.


[ 71 ]

وأنا منه، له ما لي وعليه ما علي، وهو قاضي ديني ومنجز وعدي) ثم قال لاصحابه: (علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله) (1) ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلا عند علي - عليه السلام -، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وآله - لاصحابه: (أقضاكم علي) (2) أي هو قاضيكم، وقال عمر بن الخطاب: لولا علي لهلك عمر. يشهد له عمر، ويجحده غيره ؟ ! فأطرق هشام طويلا ثم رفع رأسه فقال: سل حاجتك. فقال: خلفت أهلي وعيالي مستوحشين لخروجي، فقال: قد آنس الله وحشتهم برجوعك إليهم، ولا تقم أكثر من يومك، فاعتنقه أبي ودعا له وودعه وفعلت أنا كفعل أبي، ثم نهض ونهضت معه، وخرجنا إلى بابه وإذا ميدان ببابه، وفي آخر الميدان اناس قعود، عدد كثير، قال أبي من هؤلاء. فقال الحجاب: هؤلاء القسيسون والاحبار والرهبان، وهذا عالم لهم يقعد إليهم في كل سنة يوما واحدا ليستفتونه فيفتيهم، فلف أبي عند ذلك رأسه بفاضل ردائه، وفعلت انا فعل أبي، فاقبل نحوهم حتى قعد نحوهم وقعدت وراء أبي، ورفع ذلك الخبر إلى هشام، فأمر بعض غلمانه أن يحضر الموضع فينظر ما يصنع أبي، فاقبل وأقبل عدد من المسلمين، فأحاطوا بنا، وأقبل عالم النصارى، وقد شد حاجبيه بحريرة


(1) راجع في ذلك ملحقات الاحقاق: 6 / 24 وج 5 / 53. (2) راجع في ذلك ملحقات الاحقاق: 4 / 321 وج 51 / 370.


[ 72 ]

صفراء حتى توسطنا، فقام إليه جميع القسيسين والرهبان مسلمين عليه، فجاء إلى صدر المجلس فقعد فيه، وأحاط به أصحابه، وأبي وأنا بينهم، فأدار نظره ثم قال لابي: أمنا أم من هذه الامة المرحومة، فقال: أبي: بل من هذه الامة المرحومة، فقال من أين أنت ؟ من علمائها أم من جهالها ؟ فقال له أبي: لست من جهالها فاضطرب اضطرابا شديدا ثم قال له: أسألك ؟ فقال له أبي: سل. فقال: من أين ادعيتم أن أهل الجنة يعطمون ويشربون ولا يحدثون ولا يبولون، وما الدليل فيما تدعونه من شاهد لا يجهل ؟ فقال له أبي: دليل ما تدعي من شاهد لا يجهل، الجنين في بطن أمه يطعم ولا يحدث. قال: فاضطرب النصراني اضطرابا شديدا، ثم قال: هلا زعمت أنك لست من علمائها ؟ فقال له أبي: قلت لست من جهالها. وأصحاب هشام يسمعون ذلك، فقال لابي: أسألك عن مسألة أخرى. فقال له أبي: سل فقال: من أين ادعيتم أن فاكهة الجنة أبدا غضة طرية ؟ موجودة غير معدومة عند جميع أهل الجنة لا تنقطع ؟ وما الدليل فيما ما تدعونه من شاهد لا يجهل ؟ فقال له أبي: دليل ما ندعي أن قرآننا أبدا غض طري موجود غير معدوم عند جميع أهل الدنيا، لا ينقطع. فاضطرب إضطرابا شديدا. ثم قال: هلا زعمت أنك لست من علمائها ؟ فقال له أبي: ولا من جهالها، فقال: أسألك عن مسألة أخرى ؟ فقال له: سل، قال: أخبرني عن

[ 73 ]

ساعة من ساعات الدنيا ليست من ساعات الليل ولا من ساعات النهار ؟ فقال له أبي: هي الساعة التي بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، يهدأ فيها المبتلي، ويرقد فيها الساهر، ويفيق فيها المغمى عليه، جعلها الله في الدنيا رغبة للراغبين، وفي الاخرة للعامين لها، وجعلها دليلا واضحا وحجة بالغة على الجاحدين المتكبرين التاركين لها. قال: فصاح النصراني صيحة ثم قال: بقيت مسألة واحدة، والله لا سألنك عن مسألة لا تهتدي إلى الجواب عنها، فقال له أبي: سل، فانك حانث (1) في يمينك، فقال: أخبرني عن مولودين ولدا في يوم واحد وماتا في يوم واحد، عمر أحدهما خمسون ومائة سنة، والاخر خمسون سنة في دار الدنيا ؟ فقال له أبي: ذلك عزير وعزة ولدا في يوم واحد، فلما بلغا مبلغ الرجال خمسة وعشرين عاما مر عزير على حماره راكبا على قرية بانطاكية (2)، وهي خاوية على عروشها، فقال: (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) (3) وقد كان اصطفاه وهداه، فلما قال ذلك القول غضب الله عليه وأماته مائة عام سخطا عليه بما قال. ثم بعثه على حماره بعينه وطعامه وشرابه، فعاد إلى داره، وعزرة أخوه لا يعرفه فاستضافه، فاضافه، وبعث إلى ولد عزرة وولد ولده وقد شاخوا، وعزير شاب في سن إبن خمس وعشرين سنة فلم يزل عزير


(1) حنث في يمينه: لم يبر فيه وأثم. (2) أنطاكية - بتخفيف الياء - مدينة من الثغور الشامية، معروفة، قال اللغويون: كل شئ عند العرب من قبل الشام، فهو انطاكي (معجم البلدان 1 / 266). (3) اشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة: 259.


[ 74 ]

يذكر أخاه وولده وقد شاخوا، وهم يذكرون ما يذكرهم ويقولون: ما أعلمك بأمر قد مضت عليه السنون والشهور ! ويقول له عزرة - وهو شيخ كبير ابن مائة وخمسة وعشرين سنة -: ما رأيت شابا في سن خمس وعشرين سنة أعلم بما كان بيني وبين أخي عزير أيام شبابي منك ! فمن أهل السماء أنت أم من أهل الارض ؟ ! فقال عزير لاخيه: أنا عزير، سخط الله علي بقول قلته - بعد أن اصطفاني وهداني - فأماتني مائة سنة، ثم بعثني ليزدادوا بذلك يقينا إن الله على كل شئ قدير، وها هو حماري وطعامي وشرابي الذي خرجت به من عندكم أعاده الله تعالى لي كما كان فعند ذلك أيقنوا بقدرته. فأعاشه الله بينهم خمس وعشرين سنة، ثم قبضه الله وأخاه في يوم واحد، فنهض عالم النصارى عند ذلك قائما، وقام النصارى على أرجلهم، فقال لهم عالمهم: جئتموني بأعلم مني وأقعدتموه معكم حتى يهتكني ويفضحني، واعلم المسلمين بأن لهم من أحاط بعلومنا وعنده ما ليس عندنا، لا والله ولا كلمتكم من رأسي كلمة واحدة ولا قعدت لكم إن عشت سنة. فتفرقوا، وأبي قاعد مكانه وأنا معه، ورفع ذلك الخبر إلى هشام بن عبد الملك، فلما تفرق الناس نهض أبي وانصرف إلى المنزل الذي كنا فيه، فوافانا رسول هشام بالجائزة، وأمرنا أن ننصرف إلى المدينة من ساعتنا ولا نبقى، لان الناس ماجوا وخاضوا فيما جرى بين أبي وعالم النصارى. فركبنا دوابنا منصرفين، وقد سبقنا بريد من عند هشام إلى عامله

[ 75 ]

بمدين على طريقنا إلى المدينة: يذكر له إن ابني أبي تراب الساحرين محمد بن علي وابنه جعفر بن محمد الكذابين - بل هو الكذاب لعنه الله - فيما يظهران من الاسلام ! قد وردا علي، فلما صرفتهما إلى المدينة ما لا إلى القسيسين والرهبان من كفار النصارى، وأظهر لهما دينهما، ومرقا (1) من الاسلام إلى الكفر دين النصارى، وتقربا إليهم بالنصراينة، فكرهت أن أنكل بهما لقرباتهما، فإذا قرأت كتابي هذا فليناد في الناس برئت الذمة ممن يشاريهما أو يبايعهما أو يصافحهما أو يسلم عليهما، فانهما قد إرتدا عن الاسلام، ورأى أمير المؤمنين أن يقتلهما ودوابهما وغلمانهما ومن معهما أشر قتلة. قال: فورد البريد إلى مدينة (مدين) فلما شارفنا مدينة (مدين) قدم أبي غلمانه ليرتادوا منزلا (2) ويشترون لدوابنا علفا ولنا طعاما، فلما قرب غلماننا من باب المدينة أغلقوا الباب في وجوهنا وشتمونا، وذكروا بالشتم عليا أمير المؤمنين - عليه السلام - وقالوا لهم: لا نزول لكم عندنا ولا شري ولا بيع يا كفار يا مشركين يا مرتدين يا كذابين يا شر الخلائق أجمعين. فوقف غلماننا على الباب حتى انتهينا إليهم، فكلمهم أبي ولين لهم القول وقال لهم: اتقوا الله ولا تغلطوا، فلسنا كما بلغكم ولا نحن كما تقولون، فاسمعونا، فقال لهم أبي فهبنا كما تقولون، إفتحوا لنا الباب وشارونا وبايعونا كما تشارون وتبايعون اليهود والنصارى والمجوس،


(1) مرق من الدين: خرج منه. (2) ارتداد الشئ: طلبه.


[ 76 ]

فقالوا: أنتم أشر من اليهود والنصارى والمجوس ! لان هؤلاء يؤدون الجزية وأنت لا تؤدون. فقال لهم أبي: إفتحوا لنا الباب وأنزلونا وخذوا منا الجزية كما تأخذون منهم، فقالوا: لا نفتح ولا كرامة لكم حتى تموتوا على ظهور دوابكم جياعا نياعا (1) أو تموت دوابكم تحتكم. فوعظهم أبي: فازدادوا عتوا ونشوزا (2). قال: فثنى أبي رجله عن سرجه، ثم قال لي: مكانك يا جعفر لا تبرح، ثم صعد الجبل المطل على مدينة (مدين) وأهل مدين ينظرون إليه ما يصنع، فلما صار في أعلاه استقبل بوجهه المدينة وحده، ثم وضع إصبعيه في أذنيه، ثم نادى بأعلى صوته (والى مدين أخاهم شعيبا - إلى قوله - بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين) (3) نحن والله بقية الله في أرضه. فأمر الله تعالى ريحا سوداء مظلمة، فهبت واحتملت صوت أبي، فطرحته في أسماع الرجال والنساء والصبيان، فما بقي أحد من الرجال والنساء والصبيان إلا صعد السطوح، وأبي مشرف عليهم، وصعد فيمن صعد شيخ من أهل (مدين) كبير السن، فنظر إلى أبي على الجبل، فنادى بأعلى صوته: إتقوا الله يا أهل (مدين) فأنه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب - عليه السلام - حين دعا على قومه، فان أنتم له تفتحوا له الباب ولم


(1) النوع - بالضم -: إتباع للجوع، والنائع: إتباع للجائع. يقال: رجل جائع: نائع. وإذا دعوا عليه قالوا: وقوح جياع: نياع وزعم بعضهم أن النوع: العطش، والنائع: العطشان (الصحاح). (2) أي غلظة (3) هود 84 - 86.


[ 77 ]

تنزلوهم جاءكم من الله العذاب، وإني أخاف عليكم، وقد أعذر من أنذر. ففزعوا وفتحوا لنا الباب وأنزلونا، وكتب العامل بجميع ذلك إلى هشام، فارتحلنا من مدين إلى المدينة في اليوم الثاني. فكتب هشام إلى عامل (مدين) يأمره بأن يأخذ الشيخ فيطمره (1)، فتطمره - رحمة الله عليه - وكتب إلى عامل مدينة الرسول أن يحتال في سم أبي في طعام أو شراب، فمضى هشام ولم يتهيأ له في شئ من ذلك. (2) 1483 / 67 - محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلى ابن محمد، عن علي بن أسباط، عن صالح بن حمزة، عن أبيه، عن أبي بكر الحضرمي قال: لما حمل أبو جعفر - عليه السلام - إلى الشام، إلى هشام بن عبد الملك، وصار ببابه، قال لا صحابه، ومن كان بحضرته من بني أمية: إذا رأيتموني قد وبخت محمد بن علي ثم رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كل رجل منكم فليوبخه، ثم أمر أن يؤذن له، فلما دخل عليه أبو جعفر - عليه السلام - قال بديه السلام عليكم، فعم جميعا بالسلام، ثم جلس فازداد هشام عليه حنقا (3) بتركه السلام عليه بالخلافة، وجلوسه بغير إذن، فاقبل يوبخه ويقول فيما يقوله له: يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصى المسلمين، ودعى إلى نفسه، وزعم أنه الامام سفها وقلة


(1) طمره: دفنه أو غيبه. (2) دلائل الامامة: 104 - 109 وعنه البحار: 72 / 181 ح 9، وأخرجه في البحار: 46 / 306 ح 1 والعوالم: 19 / 275 ح 3 عن امان الاخطار: 66 - 73، وبما أن بين الاصل وما في المصدر والبحار واختلافات كثيرة ولا يمكن الاشارة إليها، لذا تركت الاشارة إليها، واثبت في المتن ما هو الصحيح. (3) (الحنق - محركة - شدة الغيظ).


[ 78 ]

علم، ووبخه بما أراد أن يوبخه، فلما سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل، يوبخه حتى انقضى آخرهم، فلما سكت القوم، نهض - عليه السلام - قائما، ثم قال: أيها الناس، أين تذهبون، وأين يراد بكم، بنا هادى الله أولكم، وبنا يختم آخركم، فان يكن لكم ملك معجل فان لنا ملكا مؤجلا، وليس بعد ملكنا ملك، لانا أهل العاقبة، يقول الله عزوجل: (والعاقبة للمتقين) (1). فأمر به إلى الحبس. فلما صار إلى الحبس تكلم، فلم يبق في الحبس رجلا إلا ترشفه (2) وحن عليه، فجاء صاحب الحبس إلى هشام، فقال: يا أمير المؤمنين إني خائف عليك من أهل الشام أن يحولوا بينك وبين مجلسك هذا، ثم أخبره بخبره، فأمر به، فحمل على البريد هو وأصحابه، ليردوا إلى المدينة، وأمر أن لا يخرج لهم الاسواق، وحال بينهم وبين الطعام والشراب، فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما ولا شرابا، حتى انتهوا إلى (مدين) فاغلق باب المدينة دونهم، فشكى أصحابه الجوع والعطش. قال: فصعد جبلا يشرف عليهم، فقال بأعلى صوته: يا أهل المدينة الظالم أهلها، أنا بقية الله، يقول الله:: (بقية الله خير لكم إن كنتم


(1) الاعراف: 128، القصص: 83. (2) (الترشف: المص والتقبيل مع اجتماع الماء في الغم. وهو كناية عن مبالغتهم في اخذ العلم عنه - عليه السلام -، أو عن غاية الحب. ولعله تصحيف ترسفه - بالسين المهملة - يعني مشي المقيد يتحامل رجله مع القيد).


[ 79 ]

مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ) (1). قال: وكان فيهم شيخ كبير، فأتاهم، فقال لهم: يا قوم هذه - والله - دعوة شعيب النبي - عليه السلام -، والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالاسواق لتؤخذن من فوقكم ومن تحت أرجلكم، فصدقوني في هذه المرة، وأطيعموني، وكذبوني فيما تستأنفون، فاني ناصح لكم. فبادروا فأخرجوا إلى محمد بن علي وأصحابه بالاسواق، فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشيخ، فبعث إليه فحمله فلم يدر ما صنع به. (2) قال مؤلف هذا الكتاب لعل إشخاص مولانا الباقر - عليه السلام - كان مرتين ليلتام اسلوب آخر الحديث الاول وهذا الحديث، فتأمل.

الخامس والاربعون علمه - عليه السلام - بوقت وفاته 1484 / 68 - سعد بن عبد الله: عن يعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: مرض أبو جعفر - عليه السلام - مرضا شديدا فخفنا (3) عليه، فقال: ليس علي من مرضي هذا بأس، قال: ثم سكت (4) ما شاء الله، ثم اعتل علة خفيفة فجعل يوصنا.


(1) هود: 86. (2) الكافي: 1 / 471 ح 5 وعنه البحار: 46 / 264 ذح 63 وح 64 والعوالم: 19 / 272 - 274 ح 2 وعن المناقب لابن شهر آشوب: 4 / 189 - 190 باختلاف. ورواه في الهداية الكبرى: 239 مرسلا نحوه. (3) في المصدر: فحقت. (4) في المصدر: مكث.


[ 80 ]

ثم قال: (يا بني) (1) أدخل علي نفرا من أهل المدينة، حتى اشهدهم، فقلت يا أبتاه (2) ليس عليك بأس، فقال: يا بني إن الذي جائني وأخبرني أني لست بميت في مرضي ذلك هو الذي أخبرني أني ميت في مرضي هذا. (3) 1485 / 69 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: روى محمد ابن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل قال: سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - يقول: إن أبي مرض مرضا شديدا حتى خفنا عليه، فبكى بعض أصحابنا عند رأسه، فنظر - عليه السلام - إليه وقال له: إني (4) لست بميت من وجعي فبرء (5) فمكث ما شاء الله أن يمكث، فبينا هو صحيح ليس به بأس، (حتى) (6) قال: يا بني إن اللذين أتياني في شكايتي التي قمت منها (7) أتياني وخبراني (8) أني ميت من (9) وجعي هذا (في) (10) يوم كذا (وكذا، قال:) (11) فمات - عليه السلام - في ذلك اليوم. (12)


(1) من المصدر. (2) في المصدر هكذا: فقلت له يا أبة. (3) مختصر البصائر: 7 - 8 وعنه اثبات الهداة: 3 / 109 ح 114. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: فقال أبي. (5) في المصدر هكذا: من وجعي هذا. (6) ليس في المصدر. (7) في المصدر: فيها. (8) في المصدر: واخبرني. (9) كذا في المصدر، وفي الاصل: أني أموت وجعي. (10) من المصدر. (11) ليس في المصدر. (12) دلائل الامامة: 102 - 103، واخرجه في البحار: 27 / 287 ح 6 وج 46 / 213 ح 3 والعوالم: =


[ 81 ]

1486 / 70 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: كنت عند أبي في اليوم الذي قبض فيه، فأوصاني بأشياء في غسله وفي كفنه وفي دخوله قبره، فقلت: يا أباه ! والله ما رأيتك منذ اشتكيت أحسن منك اليوم، ما رأيت عليك أثر الموت، فقال: يا بني أما سمعت علي بن الحسين - عليه السلام - ينادي من وراء الجدار يا محمد ! تعال عجل. (1) 1487 / 71 - الفضل بن الحسن بن الطبرسي في إعلام الورى: قال: روى حماد بن عثمان، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - يقول (2): إن أبي قال (لي) (3) ذات يوم: إنما بقي من أجلي خمس سنين فحسبت فما زاد ولا نقص. (4)

السادس والاربعون إخباره - عليه السلام - بما في نفس السائل قبل سؤاله 1488 / 72 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد بن عبد الله، عن


= 19 / 447 ح 3 واثبات الهداة: 3 / 50 ح 32 عن بصائر الدرجات: 481 ح 6. (1) الكافي: 1 / 260 ح 7. وقد تقدم مع تخريجاته في المعجزة (102) من معاجز الامام السجاد - عليه السلام -. (2) في المصدر: قال. (3) من المصدر. (4) اعلام الورى: 262 وعنه البحار: 46 / 268 ح 67 والعوالم: 19 / 144 ح 16 وعن مناقب ابن شهر آشوب: 4 / 186، واخرجه في البحار: 47 / 140 ح 192 عن المناقب وفرج المهموم: 229، وفي اثبات الهداة: 3 / 59 ح 65 عن كشف الغمة: 2 / 138.


[ 82 ]

إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: دخل عبد الله بن قيس الماصر على أبي جعفر - عليه السلام - فقال (له) (1): أخبرني عن الميت لم يغسل غسل الجنابة ؟ فقال (له) (2) أبو جعفر - عليه السلام - لا اخبرك. فخرج من عنده فلقي بعض الشيعة، فقال له: العجب لكم يا معشر الشيعة وليتم (3) هذا الرجل، وأطعتموه، ولو (4) دعاكم إلى عبادته لاجبتموه ! وقد سألته عن مسألة فما كان عنده فيها شئ، فلما كان من قابل دخل عليه أيضا، فسأله عنها، فقال: لا أخبرك بها. فقال عبد الله بن قيس لرجل من أصحابه: انطلق إلى الشيعة فاصحبهم، واظهر عندهم مولاتك إياهم، ولعنتي والتبري مني، فإذا كان وقت الحج، فأتني حتى أدفع إليك ما تحج به، وأسألهم أن يدخلوك على محمد بن علي، فإذا صرت إليه، فاسأله عن الميت لم يغسل (غسل) (5) الجنابة ؟ فانطلق الرجل إلى الشيعة، فكان معهم إلى وقت الموسم، فنظر إلى دين (القوم) (6) فقبله بقبول، وكتم ان قيس أمره مخافة أن يحرم الحج. فلما كان وقت الحج أتاه فأعطاه حجة، وخرج فلما صار بالمدينة، قال له أصحابه: تخلف في المنزل حتى نذكرك له، ونسأله ليأذن لك، فلما صاروا إلى أبي جعفر - عليه السلام - قال لهم: أين صاحبكم ؟ ما


(1 و 2) ليس في المصدر والبحار. (3) في المصدر والبحار: توليتم. (4) في المصدر والبحار: فلو. (5 و 6) من المصدر والبحار، وفيهما فقبله بقبوله.


[ 83 ]

أنصفتموه. قالوا: نعلم ما يفوافقك (1) من ذلك. فأمر بعض من (حضر) (2) أن يأتيه به، فلما دخل على أبي جعفر - عليه السلام - قال له: مربحا كيف رأيت ما أنت فيه اليوم مما كنت فيه قبل ؟ قال (3): يا بن رسول الله لم أكن في شئ. فقال: صدقت أما إن عبادتك يومئذ كانت أخف عليك من عبادتك اليوم، لان الحق ثقيل، والشيطان موكل بشيعتنا، لان سائر الناس قد كفوه أنفسهم (4)، إني سأخبرك بما قال لك ابن قيس الماصر قبل أن تسألني عنه، وأصير الامر في تعريفه إياه إليك، إن شئت أخبرته، وإن شئت لم تخبره. ان الله عزوجل خلق خلاقين (5) فإذا أراد أن يخلق خلقا أمرهم، فأخذوا من التربة التي قال في كتابه: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) (6) فعجن النطفة بتلك التربة التي يخلق منها بعد أن أسكنها (في) (7) الرحم أربعين ليلة، فإذا تمت له (8) أربعة أشهر، قالوا: يا رب (نخلق) (9) ماذا ؟ فيأمرهم بما يريد من ذكر أو انثى، أبيض أو


(1) في البحار: يوافق. (2) من المصدر. (3) في المصدر والبحار: فقال. (4) قال في مرآة العقول: 13 / 344: قوله - عليه السلام -: قد كفوه: أي فعلو بأنفسهم ما هو مراده، فلا يحتاج إلى إغوائهم لحصوله، فأعرض عنهم لعلمه بعدم قبول أعمالهم. (5) وقال أيضا: قوله - عليه السلام - خلاقين: أي ملائكة خلاقين، والخلق بمعنى التقدير. (6) طه: 55. (7) ليس في المصدر والبحار. (8) في المصدر والبحار: لها. (9) في المصدر والبحار: تخلق.


[ 84 ]

أسود، فإذا خرجت الروح من البدن خرجت هذه النطفة بعينها منه، كائنا ما كان، صغيرا أو كبيرا، ذكرا أو أثنى، فلذلك يغسل الميت غسل الجنابة. فقال الرجل: يا بن رسول الله لا بالله، لا أخبر ابن قيس المصار بهذا أبدا. فقال ذاك إليك. (1)

السابع والاربعون إخباره - عليه السلام - زرارة بما في نفسه 1489 / 73 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمد بن عيسى، عن يونس جميعا، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجد، فقال: ما أجد أحدا قال فيه إلا برأيه إلا أمير المؤمنين - عليه السلام -، قلت: أصلحك الله فما قال فيه أمير المؤمنين - عليه السلام - ؟ فقال: إذا كان غدا فالقني حتى أقرئكه في كتاب، قلت: أصلحك الله حدثني فان حدثتني (2) أحب إلي من أن تقرئنيه في كتاب، فقال له الثانية: إسمع ما أقول لك إذا كان غدا فألقيني حتى اقرئك (3) في كتاب، فأتيته من الغد بعد الظهر وكانت ساعتي التي كنت أخلو به فيها بين الظهر والعصر، وكنت أكره أن أسأله إلا خاليا خشية أن يفتيني من أجل من يحضرني (4) بالتقية.


(1) الكافي: 3 / 161 ح 1 وعنه البحار: 46 / 304 ح 54 والعوالم: 19 / 324 ح 1 واثبات الهداة: 3 / 42 ح 10، وقطعة منه في البحار: 60 / 337 ح 23 والوسائل: 2 / 685 ح 2. (2) في المصدر: حديثك. (3) في المصدر: اقرئكه. (4) في المصدر: يحضره.


[ 85 ]

فلما دخلت عليه أقبل على إبنه جعفر - عليه السلام -، فقال (له) (1): إقرأ زرارة صيحفة الفرائض، ثم قام لينام، فبقيت أنا وجعفر - عليه السلام - بالبيت (2)، فقام فاخرج الي صحيفة مثل فخذ البعير، فقال: لست اقرئكها حتى تجعل لي الله عليك، ألا تحدث بما تقرأ فيها أحدا أبدا حتى آذن لك، ولم يقل: حتى يأذن لك أبي، فقلت: أصلحك الله ولم تضيق علي ولم يأمرك أبوك بذلك ؟ فقال (لي:) (2) ما أنت بناظر فيها إلا على ما قلت لك. فقلت: فذاك لك، وكنت رجلا عالما بالفرائض والوصايا، بصيرا بها، حاسبا لها، ألبث الزمان أطلب شيئا يلقي علي من الفرائض والوصايا لا أعلمه فلا أقدر عليه، فلما إلقى إلي طرف الصحيفة إذا كتاب غليظ يعرف أنه من كتب الاولين، فنظرت فيها فإذا فيها خلاف ما بأيدي الناس من الصلة والامر بالمعروف الذي (ليس) (4) فيه إختلاف، وإذا عامته كذلك، فقرأته حتى أتيت على آخره، بخبث نفس وقلة تحفظ واستقام (5) رأي، وقلت: وأنا أقرؤه ؟ باطل حتى أتيت على آخره، ثم أدرجتها ودفعتها إليه، فلما أصبحت لقيت أبا جعفر - عليه السلام - فقال لي: أقرأت صحيفة الفرائض ؟ فقلت: نعم. فقال: كيف رأيت ما قرأت ؟ قال: قلت: باطل ليس بشئ هو خلاف ما الناس عليه، قال: فإن الذي رأيت والله يا زرارة هو الحق الذي


(1) من المصدر. (2) في المصدر: في البيت. (3 و 4) من المصدر. (5) في المصدر: وسقام.


[ 86 ]

رأيت إملاء رسول الله - صلى الله عليه وآله - وخط علي - عليه السلام - بيده، فأتاني الشيطان فوسوس في صدري، فقال: وما يدريه إنه إملاء رسول الله - صلى الله عليه وآله - وخط علي - عليه السلام - بيده. فقال لي قبل أن أنطلق: يا زرارة لا تشكن ود الشيطان - والله - إنك شككت، وكيف لا أدري أنه إملاء رسول الله - صلى الله عليه وآله - وخط علي - عليه السلام بيده، وقد حدثني أبي، عن جدي أن أمير المؤمنين - عليه السلام - حدثه ذلك، قال: قلت: لا، كيف جعلني الله فداك ؟ وندمت على ما فاتني من الكتاب ولو كنت قرأته وأنا أعرفه لرجوت ان لا يفوتني منه حرف. (1)

الثامن والاربعون إخباره - عليه السلام - أخاه زيدا أنه يصلب بالكناسة 1490 / 74 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن الجارود، عن موسى بن بكر ابن داب، عمن حدثه، عن أبي جعفر - عليه السلام - - أن زيد بن علي بن الحسين - عليهما السلام - دخل على أبي جعفر محمد بن علي - عليه السلام - ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم، ويأمرونه بالخروج، فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: هذه الكتب إبتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه ؟ فقال: بل إبتداء من القوم، لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله -


(1) الكافي: 7 / 94 ح 3، واخرج قطعة منه في اثبات الهداة: 3 / 45 ح 16.


[ 87 ]

صلى الله عليه وآله - ولما يجدون في كتاب الله عزوجل من وجوب مودتنا وفرض طعاتنا، ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء، فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: إن الطاعة مفروضة من الله عزوجل وسنة أمضاها في الاولين، وكذلك يحل بها (1) في الاخرين، والطاعة لواحد منا والمودة للجميع، وأمر الله يجري لاوليائه بحكم موصول، وقضاء مفصول، وحتم مقضي، وقدر مقدور وأجل مسمى لوقت معلوم، (ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) (2) (إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا) (3) فلا تعجل فان الله لا يعجل لعجلة العباد، ولا تسبقن (الله) (4) فتعجلك البلية فتصرعك. قال: فغضب زيد عن ذلك، ثم قال: ليس الامام منا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد، ولكن الامام منا من منع حوزته، وجاهد في سبيل الله حق جهاده، ودفع عن رعيته، وذب عن حريمه. قال أبو جعفر - عليه السلام -: هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه، فتجئ عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله - صلى الله عليه وآله - أو تضرب به مثلا فان الله عزوجل أحل حلالا وحرم حراما وفرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا، ولم يجعل الامام القائم بأمره (في) (5) شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله، أو


(1) في المصدر والبحار: يجريها، بدل يحل بها. (2) الروم: 60. (3) الجاثية: 19. (4) من المصدر وفي المصدر والبحار: فتعجزك. (5) ليس في المصدر.


[ 88 ]

يجاهد فيه قبل حلوله. وقد قال الله عزوجل في الصيد: (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) (1) أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله ؟ وجعل لكل شئ محلا، وقال (الله) (2) عزوجل: (وإذا حللتم فاصطادوا) (3). وقال عزوجل: (لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام) (4) فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها (5) أربعة حرما وقال: (فسيحوا في الارض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله) (6). ثم قال (الله) (7) تبارك وتعالى: (فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (8) فجعل لذلك محلا وقال: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) (9) فجعل لكل (شئ) (10): أجلا ولكل أجل كتابا. فان كنت على بينة من ربك، ويقين من امرك، وتبيان من شأنك فشأنك، وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك وشبهة، ولا تتعاط زوال ملك لم ينقص (11) اكله ولم ينقطع مداه، ولم يبلغ الكتاب أجله، فلو قد


(1) المائدة: 95. (2) من المصدر. (3 و 4) المائدة: 2. (5) في البحار: فيها. (6) التوبة: 2. (7) ليس في المصدر والبحار. (8) التوبة: 5. (9) البقرة: 235. (10) من المصدر والبحار. (11) في المصدر: تنتقض وفي البحار: ينقض.


[ 89 ]

بلغ مدااه وانقطع أكله، وبلغ الكتاب أجله لانقطع الفصل وتتابع النظام، ولا عقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار، أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته، فكان التابع فيه أعلم من المتبوع. أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا أهوائهم بغير هدى من الله، وادعوا الخلافة بلا برهان من الله، ولا عهد من رسوله ؟ ! أعيذك بالله يا أخي أن تكون غدا المصلوب بالكناسة، ثم أرفضعت عيناه وسالت دموعه. ثم قال: بيننا وبين من هتك سترنا وجحد (1) حقنا وأفشى سرنا ونسبنا إلى غير جدنا وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا. (2) 1491 / 75 - ابن بابويه: قال: حدثنا الحسين (3) بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى قال: حدثنا الاشعث بن محمد الضبي قال: حدثنا شعيب بن عمرو (4)، عن أبيه، عن جابر الجعفي قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن علي - عليه السلام - وعنده زيد أخوه. قال: فوضع محمد بن علي يده على كتفي زيد، وقال: (هذه صفتك) (5) (ستقتل) (6) يا أبا الحسن (7) (8).


(1) في المصدر والبحار: وجحدنا. (2) الكافي: 1 / 356 ح 16 وعنه البحار: 46 / 203 ح 79 والعوالم: 18 / 238 ح 2. (3) في العيون: الحسن. (4) في الامالي: عمر. (5) من المصدرين. (6) ليس في المصدرين والبحار. (7) في البحار: الحسين. (8) عيون أخبار الرضا - عليه السلام -: 1 / 251 ح 5، أمالي الصدوق: 43 ح 12 وعنهما البحار: =


[ 90 ]

 

التاسع والاربعون الخاتم الخامس من الكتاب الذي أتى به جبرئيل - عليه السلام - إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - وعمل به - عليه السلام - 1492 / 76 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى والحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن علي بن الحسين بن علي، عن إسماعيل ابن مهران، عن أبي جميلة، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: إن الوصية نزلت من السماء على محمد - صلى الله عليه وآله - كتابا لم ينزل على محمد - صلى الله عليه وآله - كتاب مختوم إلا الوصية. فقال جبرئيل - عليه السلام -: يا محمد هذه وصيتك في امتك عند أهل بيتك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: أي أهل بيتي يا جبرئيل ؟ قال: نجيب الله منهم وذريته، ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم - عليه السلام - وميراثه لعلي - عليه السلام - وذريتك من صلبه. قال (1) وكان عليها خواتيم، قال: ففتح علي - عليه السلام - الخاتم الاول ومضى لما فيها (2)، ثم فتح الحسن - عليه السلام - الخاتم الثاني ومضى لما أمر به فيها، فلما توفي الحسن - عليه السلام - ومضى فتح الحسين - عليه السلام - الخاتم الثالث فوجد فيها: أن (قاتل فاقتل وتقتل واخرج باقوام للشهادة، لا شهادة لهم إلا معك)، قال: ففعل - عليه السلام -، فلما مضى دفعها إلى علي بن


= 46 / 168 ح 14 والعوالم: 18 / 224 ح 6. (1) في البحار: فقال. (2) (مضى لما فيها) على تضمين معنى الاداء ونحوه أي مؤديا أو ممتثلا لما أمر به فيها.


[ 91 ]

الحسين - عليه السلام - قبل ذلك، ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها: أن (اصمت واطرق لما حجب العلم). فلما توفي ومضى دفعها إلى محمد بن علي - عليه السلام -، ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها: أن (فسر كتاب الله وصدق أباك وورث ابنك، واصطنع الامة، وقم بحق الله عزوجل، وقل الحق في الخوف والامن، ولا تخش إلا الله) ففعل ثم دفعها إلى الذي يليه. قال: قلت له: جعلت فداك فانت هو ؟ قال: فقال: ما بي إلا أن تذهب يا معاذ فتروي علي. قال: فقلت: أسال الله الذي رزقك من آبائك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات، قال: قد فعل الله ذلك يا معاذ. قال: فقلت: من هو جعلت فداك ؟ قال: هذا الراقد. وأشار (1) بيده إلى العبد الصالح - عليه السلام وهو راقد. (2) 1493 / 77 - عنه: عن الحسين (3) بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الكناني، عن جعفر بن نجيح الكندي، عن محمد بن أحمد بن عبيد الله العمري، عن أبيه، عن جده، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: إن الله عزوجل أنزل على نبيه - صلى الله عليه وآله - كتابا قبل وفاته، فقال: يا محمد هذه وصيتك إلى


(1) في البحار: فأشار. (2) الكافي: 1 / 279 ح 1 وعنه البحار: 48 / 27 ح 46 والعوالم: 21 / 35 ح 5 وحلية الابرار: 3 / 367 ح 1. (3) في المصدر: أحمد.


[ 92 ]

النجبة (1) من أهلك، قال: وما النجبة يا جبرئيل ؟ فقال: علي بن أبي طالب وولده - عليهم السلام -، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب، فدفعه النبي - صلى الله عليه وآله - إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - وأمره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه، ثم فك (2) أمير المؤمنين - عليه السلام - خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى إبنه الحسن - عليه السلام - ففك خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى الحسين - عليه السلام - ففك خاتما فوجه فيه: أن اخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلا معك، واشر نفسك لله عز وجل، ففعل. ثم دفعه إلى علي بن الحسين - عليه السلام - ففك خاتما فوجه فيه: أن اطرق واصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين، ففعل. ثم دفعه إلى (ابنه) (3) محمد بن علي ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وأفتهم ولا تخافن إلا الله عزوجل، فانه لا سبيل لاحد عليك (ففعل) (4). ثم دفعه إلى ابنه جعفر ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وأفتهم وانشر علوم أهل بيتك وصدق آبائك الصالحين، ولا تخافن إلا الله عزوجل وأنت في حرز وأمان (ففعل) (5). ثم دفعه إلى إبنه موسى - عليه السلام - وكذلك يدفعه موسى إلى الذي


(1) النجبة (بضم النون وفتح الجيم): مبالغة في النجيب، أو بفتح النون جمع ناجب بمعنى نجيب وهو الكريم الحسيب. (2) في المصدر: ففك. (3 - 5) من المصدر.


[ 93 ]

بعده، ثم كذلك إلى قيام المهدي - عليه السلام -. (1)

الخمسون إخباره - عليه السلام - أن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر يقتل 1494 / 78 - محمد بن يعقوب: عن عدة من إصحابنا، عن محمد بن حسان، عن محمد بن زنجويه، عن عبد الله بن الحكم الارمني، عن عبد الله ابن إبراهيم بن محمد الجعفري في حديث طويل قال: (فقال) (2) إسماعيل (بن عبد الله بن جعفر) (3) لابي عبد الله - عليه السلام -: (أنشدك الله) (4) هل تذكر يوما أتيت أباك محمد بن علي - عليهما السلام - وعلي حلتان صفراوان، فأدام النظر إلي ثم بكى (5)، فقلت له: ما يبكيك ؟ فقال لي: يبكيني إنك تقتل عند كبر سنك ضياعا، لا ينتطح في دمك عنزان، قال: فقلت: متى (6) ذاك ؟ قال: إذا دعيت إلى البيت (7) فأبيته، وإذا نظرت إلى الاحوال (8)


(1) الكافي: 1 / 280 ح 2 وعنه الجواهر السنية: 170 - 171 وحلية الابرار: 3 / 368 ح 2 وعن أمالي الصدوق: 328 ح 2 وأمالي الطوسي: 2 / 56، واخرجه في البحار: 36 / 192 ح 1 والعوالم: 15 الجزء 3 / 54 ح 2 عن كمال الدين: 669 ح 15 وأمالي الصدوق وأمالي الطوسي، وأورده في مناقب ابن شهر آشوب: 1 / 298 - 299. (2) من المصدر. (3) ليس في المصدر والبحار. (4) من المصدر والبحار. (5) في المصدر: فبكى. (6) في المصدر: قلت فمتى. (7) في المصدر والبحار: الباطل. (8) في المصدر: الاحوال وفي البحار: أحول.


[ 94 ]

مشئوم قومه يتمنى (1) من آل الحسن على منبر رسول الله - صلى الله عليه وآله -، يدعو إلى نفسه، قد تسم بغير إسمه، فاحدث عهدك واكتب وصيتك، فانك متقول من (2) يومك أو من غد. فقال (له) (3) أبو عبد الله - عليه السلام -: نعم وهذا ورب الكعبة لا يصوم من شهر رمضان إلا أقله، فاستودعك (الله) (4) يا أبا الحسن وأعظم الله أجرنا فيك وأحسن (الله) (5) الخلافة على من خلفت وإنا لله وإنا إليه راجعون. قال: ثم احتمل إسماعيل ورد جعفر إلى الحبس، قال: فوالله ما أمسينا حتى دخل عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر فتوطؤوه حتى قتلوه، وبعث محمد بن عبد الله إلى جعفر فخلى سبيله. (6)

الحادي والخمسون عدد الصرة التي اشترى بها حميدة 1495 / 79 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الاشعري عن معلى بن محمد، عن علي بن السندي القمي قال: حدثنا عيسى بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: دخل إبن عكاشة بن محصن الاسدي علي أبي جعفر - عليه السلام - وكان أبو عبد الله - عليه السلام - قائما عنده، فقدم إليه عنبا، فقال: حبة حبة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير، وثلاثة وأربعا يأكله


(1) في المصدر والبحار: ينتمي. (2) في المصدر: في. (3 و 4) من المصدر والبحار. (5) ليس في المصدر والبحار. (6) الكافي: 1 / 364 قطعة من ح 17 وعنه البحار: 47 / 285 - 286.


[ 95 ]

من يظن أنه لا يشبع، وكله حبتين حبتين فانه يستحب. فقال لابي جعفر - عليه السلام -: لاي شئ لا تزوج أبا عبد الله - عليه السلام - فقد أدرك التزويح ؟ فقال: وبين يديه صرة مختومة، فقال: اما إنه سيجئ نخاس من أهل بربر فينزل دار مينون، فنتشري له (1) بهذه الصرة جارية. قال: فأتى لذلك ما أتى. فدخلنا يوما على أبي جعفر - عليه السلام - فقال: ألا اخبركم عن النخاس الذي ذكرته لكم قد قدم ؟ فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرة منه جارية. قال: فأتينا النخاس فقال: قد بعت ما كان عندي إلا جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الاخرى. قلنا: فأخرجهما حتى ننظر إليهما. فاخرجهما فقلنا: بكم تبيعنا هذه المتماثلة (2) ؟ قال: بسبعين دينارا. قلنا أحسن. (وقلنا أحسن) (3) قال: لا أنقص من سبعين دينارا. قلنا له: نشتريها منك بهذه الصرة ما بلغت ولا ندري ما فيها. وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية. قال: فكوا وزنوا. فقال النخاس: لا تفكوا، فإنها إن نقصت حبة من السبعين دينارا لم ابايعكم، فقال الشيخ: ادنوا، فدنونا وفككنا الخاتم ووزنا الدنانير، فإذا هي


(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: فيشتري لي. (2) تماثل العليل: قارب البرء، وأماثل القوم خيارهم، وقوله المتماثلة: يحتمل أن يكون مأخوذا من كل من المعنيين، والمتماثلة بالاول أظهر وأمثل. (3) ليس في المصدر والبحار.


[ 96 ]

سبعون دينارا لا تزيد ولا تنقص، فأخذنا الجارية، فأدخلناها على أبي جعفر - عليه السلام - وجعفر - عليه السلام - قائم عنده. فأخبرنا أبا جعفر - عليه السلام - بما كان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال لها: ما اسمك ؟ قالت: حميدة، قال - عليه السلام -: حميدة في الدنيا محمودة في الاخرة، أخبريني عنك، أبكر أنت أم ثيب ؟ قالت: بكر. قال: وكيف ولا يقع في أيدي النخاسين شئ إلا أفسدوه ؟ فقالت (قد) (1) كان يجيئني فيقعد مني مقعد الرجل من المرأة، فيسلط الله عليه رجلا أبيض الرأس واللحية، فلا يزال يلطمه حتى يقوم عني، ففعل بي مرارا وفعل الشيخ (به) (2) مرارا. فقال: يا جعفر خذها إليك فولدت خير أهل الارض موسى بن جعفر - عليه السلام -. وسيأتي إن شاء الله تعالى معنى هذا الحديث في أول معاجز أبي الحسن موسى - عليه السلام - من طريق أبي جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدثني أبو النجم بدر بن عمار الطبرستاني قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي الشلمغني رفعه إلى جابر. قال: قال أبو جعفر - عليه السلام -: قدم رجل من (أهل) (3) المغرب معه


(1) من المصدر والبحار. (2) ليس في البحار. (3) ليس في المصدر.


[ 97 ]

رقيق قد وصف له صفته (1) جارية (كانت) (2) معه وأمرني بابتياعها بصرة دفعها إلي، وساق حديثه إلى آخره. (3)

الثاني والخمسون الظلمة التي ظهرت لعمر بن حنظلة حين طلب منه - عليه السلام - أن يعلمه الاسم الاعظم. 1496 / 80 - محمد بن الحسن الصفار: عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن الحسن بن علي بن فضال، عن داود بن أبي يزيد، عن بعض أصحابنا، عن عمر بن حنظلة قال: قلت لا بي جعفر - عليه السلام -: إني أظن أن لي عندك منزلة، قال: أجل (قال:) (4) قلت: فان لي إليك حاجة، قال: وما هي ؟ (قال:) (5) قلت: تعلمني الاسم الاعظم، قال: وتطيقه ؟ قلت: نعم، قال: فادخل البيت، قال: فدخلت (6) فوضع أبو جعفر - عليه السلام - يده على الارض فاظلم البيت فأرعدت فرائص عمر، فقال: ما تقول ؟ اعلمك ؟ * (هامش) (1) في المصدر: خلقه بدل صفته. (2) ليس في المصدر، وفيه: واخبرني، بدل (أمرني). (3) الكافي: 1 / 476 ح 1، دلائل الامامة: 148 - 149، واخرجه في البحار: 48 / 5 - 6 - ح 5 و 6 والعوالم: 21 / 12 ح 1 عن الكافي والخرائج: 1 / 286 ح 20، وفي كشف الغمة: 2 / 145 - 146 عن الخرائج. واورده في الثاقب في المناقب: 378 ح 311. (4) من المصدر والبحار. (5) من المصدر. (6) في المصدر والبحار: فدخل البيت.

[ 98 ]

قال: فقلت (1): لا (قال:) (2) فرفع يده فرجع البيت كما كان. (3)

الثالث والخمسون علمه - عليه السلام - بما نسي زرارة وإخباره به 1497 / 81 - محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشا، عن محمد بن حمران قال: حدثنا زرارة قال: قال أبو جعفر - عليه السلام -: حدث عن بني إسرائيل يا زرارة ولا حرج، فقلت: جعلت فداك إن في حديث الشيعة ما هو أعجب من أحاديثهم، قال: وأي (4) شئ هو يا زرارة ؟ (قال:) (5) فاختلس في (6) قلبي فمكثت ساعة لا أذكر ما أريد قال: لعلك تريد التقية ؟ قلت (7) نعم قال: صدق (بها) (8) فانها حق. (9)


(1) في المصدر والبحار: فقال بدل (قال فقلت). (2) من المصدر والبحار. (3) بصائر الدرجات: 210 ح 1 وعنه اثبات الهداة: 3 / 46 ح 22 والبحار: 27 / 27 ح 6 وج 46 / 235 ح 4 و 5 والعوالم: 19 / 66 ح 1 و 2 عنه وعن مناقب ابن شهر آشوب: 4 / 188. (4) في المصدر والبحار: فأي. (5) من المصدر والبحار. (6) في البحار: من. (7) في المصدر: قال. (8) من المصدر والبحار. (9) بصائر الدرجات: 240 ح 19 وعنه البحار: 2 / 237 ح 28 والعوالم: 3 / 546 ح 12.


[ 99 ]

 

الرابع والخمسون علمه - عليه السلام - بالغائب 1498 / 82 - محمد بن الحسن الصفار: قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشا، عن عبد الله، عن موسى بن بكر (1)، عن عبد الله بن عطاء المكي، قال: اشتقت إلى أبي جعفر - عليه السلام - وأنا بمكة، فقدمت المدينة - وما قدمتها إلا شوقا إليه - فأصابني تلك الليلة مطر وبرد شديد، فانتهيت إلى بابه (نصف الليل) (2) فقلت: (ما) (3) أطرقه هذه الساعة وأنتظر حتى أصبح، فاني لا فكر في ذلك، إذ سمعته يقول: يا جارية ! إفتحي الباب لابن عطاء فقد أصابه (في هذه الليلة) (4) برد وأذى. قال: فجائت وفتحت الباب، فدخلت - عليه السلام -. (5)

الخامس والخمسون إرتداد شعر حبابة الوالبية من البياض إلى السواد 1499 / 83 - محمد بن الحسن الصفار: عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، يرفعه، قال: دخلت حبابة الوالبية على أبي جعفر محمد


(1) في المصدر: عبد الله بكير، وفي الاصل: عبد الله بن موسى بن بكر، وما اثبتناه من البحار. (2 - 4) من المصدر والبحار. (5) بصائر الدرجات: 252 ح 7 وص 257 ح 1 وعنه اثبات الهداة: 3 / 47 ح 23، وفي البحار: 46 / 235 - 236 ح 7 - 9 والعوالم: 19 / 145 ح 1 عنه وعن كشف الغمة: 2 / 139 ومناقب ابن شهر آشوب: 4 / 188. وأورده في الخرائج: 2 / 594 ح 3.


[ 100 ]

ابن علي - عليهما السلام - قال: يا حبابة ما الذي أبطاك (1) ؟ قالت: (قلت:) (2) بياض عرض (لي) (3) في مفرق رأسي كثرت لي (4) همومي. فقال: يا حبابة أرينيه قالت (5): فدنوت منه، فوضع يده في مفرق رأسي، ثم قال: ائتوا لها بالمرآة، فاتيت بالمرآة فنظرت، فإذا (شعر) (6) مفرق رأسي قد اسود، فسررت بذلك وسر أبو جعفر لسروري. (7)

السادس والخمسون ما أراه - عليه السلام - جابر من ملكوت السموات والارض 1500 / 84 - محمد بن الحسن الصفار: عن الحسن بن أحمد بن سلمة، عن محمد بن المثنى، (عن أبيه) (8)، عن عثمان بن يزيد (9)، عن جابر، عن أبي جعفر - عليه السلام -، قال: سألته عن قول الله عزوجل:


(1) في البحار: أبطأ بك. (2) من المصدر والبحار. (3) ليس في المصدر والبحار. (4) في المصدر والبحار: له (5) في المصدر: أدنينيه، قال. (6) من المصدر والبحار. (7) بصائر الدرجات: 270 ح 3 وعنه اثبات الهداة: 3 / 47 ح 24 والبحار: 46 / 237 ح 16 والعوالم: 19 / 105 ح 1. وأورده في كشف الغمة: 2 / 142 نقلا من الخرائج: 1 / 273 ح 3 باختلاف. ويأتي نحوه في المعجزة: 114 عن هداية الحضيني. (8) من المصدر والبحار. (9) في المصدر والبحار: زيد.


[ 101 ]

(وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين) (1) قال: وكنت مطرقا إلى الارض، فرفع يده إلى فوق، ثم قال (لي:) (2) إرفع رأسك، فرفعت رأسي ونظرت إلى السقف قد إنفجر حى خلص بصري وثقب ساطع (3)، حار بصري منه. (قال) (4) ثم قال (لي:) (5) رآى إبراهيم - عليه السلام - ملكوت السموات والارض هكذا: ثم قال لي: أطرق. فأطرقت، ثم قال (لي:) (6) إرفع رأسك. فرفعت رأسي، فإذا السقف على حاله، (قال:) (7) ثم أخذ بيدي وقام، وأخرجني من البيت الذي كنت فيه وأدخلني بيتا آخر، فخلع ثيابه التي كانت عليه، ولبس ثيابا غيرها. ثم قال لي: غض بصرك. فغضضت (بصري) (8) وقال (لي) (9): لا تفتح عينيك (10)، فلبثت ساعة، ثم قال لي: أتدري أين أنتت ؟ قلت: لا جعلت فداك. قال (لي) (11): أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين، فقلت له: جعلت فداك، أتذان لي أن أفتح عيني ؟


(1) الانعام: 75. (2) من المصدر والبحار. (3) في المصدر والبحار: إلى نور ساطع. (4 و 5) من المصدر والبحار وفيهما: دونه بدل (منه). (6 - 9) من المصدر والبحار. (10) في المصدر: عينك. (11) من المصدر والبحار.


[ 102 ]

فقال لي: إفتح فإنك لا ترى شيئا، ففتحت (عيني) (1)، فإذا أنا في ظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي، (قال) (2): ثم سار قليلا ووقف، فقال (لي) (3): هل تدري أين أنت ؟ قلت: لا. فقال (4): أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها (5) الخضر - عليه السلام -، (وشرب وشربت) (6) وخرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر، فسلكناه (7) فرأينا كهيئة عالمنا في بنيانه (8) ومساكنه وأهله، ثم خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الاول والثاني حتى وردنا خمسة عوالم. قال: ثم قال (لي) (9): هذه ملكوت الارض، ولم يرها إبراهيم، وإنما رآى ملكوت السموات، وهي إثنا عشر عالما، (كل عالم) (10)، كهيئة ما رأيت، كلما مضى منا إمام سكن إحدى هذه العوالم حتى يكون آخرهم القائم في عالمنا الذي نحن ساكنوه. قال: ثم قال (لي) (11): غض بصرك، فغضضت بصري (ثم أخذ


(1) من المصدر والبحار. (2) ليس في المصدر والبحار، وفي المصدر: صار، بدل سار. (3) من المصدر والبحار. (4) في المصدر والبحار: قال. (5) في المصدر: عنها. (6) ليس في المصدر والبحار. (7) في المصدر والبحار: فسلكنا فيه. (8) في المصدر والبحار: بنائه. (9) ليس في المصدر والبحار. (10) من المصدر والبحار. (11) من البحار.


[ 103 ]

بيدي) (1) فإذا نحن في البيت (2) الذي خرجنا منه، فنزع تلك الثياب ولبس ثياب التي كانت عليه، وعدلنا (3) إلى مجلسنا، فقلت: جعلت فداك كم مضى من النهار ؟ قال - عليه السلام -: ثلاث ساعات. وروي هذا الحديث في كتاب الاختصاص: عن الحسن بن أحمد ابن سلمة اللؤلؤي، عن محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر - عليه السلام -، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين). قال: وكنت مطرقا إلى الارض، فرفع يده إلى فوق، ثم قال (لي) (4): إرفع رأسك، فرفعت رأسي، فنظرت إلى السقف قد انفرج حتى خلص بصري إلى نور ساطع، وحار بصري دونه (قال) (5) ثم قال لي: رآى إبراهيم ملكوت السموات والارض هكذا. ثم قال (لي) (6): أطرق. فاطرقت، ثم قال (لي) (7): إرفع رأسك فرفعت رأسي فإذا السقف على حاله (قال:) (8) ثم أخذ بيدي، وساق


(1) من البحار والمصدر. (2) في المصدر: بالبيت. (3) في المصدر والبحار: وعدنا. (4) ليس في البحار. (5) من البحار. (6) من المصدر والبحار. (7 و 8) من البحار.


[ 104 ]

الحديث بعينه إلا أنه لم يذكر وشرب وشربت (1).

السابع والخسمون طاعة الجني الذي ظهر بالمسعى 1501 / 85 - سعد بن عبد الله: عن أحمد وعبد الله إبني محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: إني لفي عمرة اعتمرتها، (فأنا) (2) في الحجر جالس، إذ نظرت إلى جان (قد اقبل) (3) من ناحية (المسعى) (4) حتى دنا من الحجر، فطاف بالبيت اسبوعا. ثم أنه أتى المقام (فقام) (5) على ذنبه فصلى ركعتين وذلك عند زوال الشمس، فبصر به عطاء وأناس من أصحابه، فأتوني فقالوا: يا أبا جعفر أما رأيت هذا الجان ؟ فقلت: قد رأيته وما صنع، ثم قلت لهم: انطلقوا إليه وقولوا (له) (6): يقول لك محمد بن علي إن البيت


(1) بصائر الدرجات: 404 ح 4، الاختصاص: 322 - 323 وعنهما البحار: 46 / 280 ح 82 وج 47 / 90 ح 96، وفي ج 57 / 327 ح 7 عن البصائر، وفي اثباة الهداة: 3 / 48 ح 26 والعوالم: 19 / 161 - 163 ح 1 و 2 عنهما وعن مناقب ابن شهر آشوب: 4 / 194، وأخرجه في البحار: 46 / 268 عن المناقب. (2) من البحار. (3) من المصدر والبحار: والجان: اسم جمع للجن، حية أكحل العين لا تؤذي، كثيرة في الدور (القاموس المحيط). (4) في البحار: المشرق. (5) من المصدر والبحار. (6) من البحار.


[ 105 ]

يحضره أعبد وسودان، وهذه ساعة خلوته منهم، وقد قضيت نسكك ونحن نتخوف عليك منهم، فلو خففت فانطلقت (قبل أن يأتوا) (1) قال: فكدم كدمة من حصى (2) المسجد (برأسه) (3) ثم وضع ذنبه عليها، ثم تمثل في الهواء. وروى هذا الحديث إبن الفارسي في روضة الواعظين: عن أبي جعفر - عليه السلام - إلا أن فيه: ثم أنه أتى المقام فقام على ذنبه فصلى ركعتين، وساق الحديث. (4)

الثامن والخمسون إرجاع روح الشامي إليه بعد موته 1052 / 86 - الشيخ في أماليه: (اخبرنا الشيخ المفيد أبو علي الطوسي - رضي الله عنه - قال: الشيخ السعيد الوالد) (5) قرأ علي أبو القاسم بن شبل بن أسد الوكيل وأنا أسمع في منزله ببغداد في الربض بباب محول في صفر سنة عشر وأربعمائة حدثنا ظفر بن حمدون (6) (علي) (7) بن أحمد بن شداد البادرائي أبو منصور بادرائي في شهر ربيع الاخر سنة سبع وأربعين وثلاث مائة قال: حدثنا إبراهيم بن اسحاق النهاوندي


(1) من المصدر والبحار، وفي البحار: وانطلقت. (2) في المصدر والبحار: فكوم كومة من بطحاء. (3) ليس في البحار. (4) مختصر البصائر: 15، روضة الواعظين: 204، وأخرجه في البحار: 46 / 252 ح 48 والعوالم: 19 / 78 ح 1 عن مناقب ابن شهر آشوب: 4 / 187 والخرائج: 1 / 285 ح 18. (5) من المصدر. (6) هو أبو منصور البادراي (البادرائي) ترجم له في نضد الايضاح: 174. (7) من المصدر.


[ 106 ]

الاحمري قال: حدثني محمد بن سليمان، عن أبيه قال: كان رجل من أهل الشام (1) - وكان مركزه بالمدينة - يتخلف إلى مجلس أبي جعفر - عليه السلام - يقول له: يا محمد ! ألا ترى أني إنما أغشي مجلسك حبا (2) مني لك، ولا أقول إن أحدا في الارض أبغض الي منكم أهل البيت، وأعلم أن طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم، ولكن أراك رجلا فصيحا، لك أدب وحسن لفظ، وإنما إختلافي (3) إليك لسحن أدبك ! وكان أبو جعفر - عليه السلام - يقول له: خيرا، ويقول: لن تخفى على الله خافية، فلم يلبث الشامي إلا قليلا حتى مرض واشتد وجعه، فلما ثقل دعا وليه وقال له: إذا أنت مددت علي الثوب (في النعش) (4) فائت محمد بن علي (وسله أن يصلي علي) (5) واعلمه أني أنا الذي أمرتك بذلك. قال: فلما أن كان في نصف الليل ظنوا أنه قد برد، وسجوه، فلما أن أصبح الناس خرج وليه إلى المسجد، فلما أن صلى محمد بن علي - عليه السلام - وتورك - وكان إذا صلى عقب في مجلسه - قال له: يا أبا جعفر إن فلانا الشامي قد هلك، وهو يسألك أن تصلي عليه.


(1) أضاف في المصدر والبحار والاصل جملة (ويختلف إلى أبي جعفر - عليه السلام -) ولعلها من اشتباهات النساخ. (2) في المصدر والبحار: حياء. (3) في المصدر: الاختلاف. (4) من المصدر. (5) ليس في المصدر.


[ 107 ]

فقال أبو جعفر - عليه السلام -: كلا إن بلاد الشام بلاد صرد (1) والحجاز بلاد حر ولحمها (2) شديد، فانطلق فلا تعجلن على صاحبك حتى آتيكم. ثم قال - عليه السلامم - من مجلسه فأخذ وضوء، ثم عاد فصلى ركعتين، ثم مد يده تلقاء وجهه ما شاء الله، ثم خر ساجدا حتى طلعت الشمس، ثم نهض - عليه السلام - فانتهى إلى منزل الشامي، فدخل عليه، فدعاه، فأجابه، ثم أجلسه وأسنده، ثم أتى (3) له بسويق فسقاه وقال لاهله: املؤا جوفه، وبردوا صدره بالطعام البارد. ثم انصرف - عليه السلام - فلم يلبث (إلا قليلا) (4) حتى عوفي الشامي فأتى أبا جعفر - عليه السلام - فقال: أخلني. فأخلاه، ثم قال (5): أشهد أنك حجة الله على خلقه، وبابه الذي يؤتى منه، فمن أتى من غيرك خاب وخسر وضل ضلالا بعيدا. فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: ما بدالك ؟ قال: أشهد أني عهدت بروحي، وعاينت بعيني، فلم يتفاجأني إلا ومناد ينادي - أسمعه بأذني ينادي، وما أنا بالنائم: ردوا عليه روحه، فقد سألنا ذلك محمد بن علي. فقال له أبو جعفر: أما علمت إن الله يحب العبد ويبغض عمله، ويبغض العبد ويحب علمه ؟ قال: فصار بعد ذلك من أصحاب أبي


(1) الصرد: شدة البرد. (2) في البحار: ولهبها. (3) في المصدر والبحار: ودعا. (4) من المصدر والبحار. (5) في المصدر والبحار: فقال.


[ 108 ]

جعفر - عليه السلام -. (1)

التاسع والخمسون إخباره - عليه السلام - صالح بن ميثم بما نسيه 1503 - 87 - علي بن إبراهيم في تفسيره (2): عن حميد بن زياد قال: حدثني عبيد الله بن أحمد بن نهيك قال: حدثنا عبيس (3) بن هشام، عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن صالح بن ميثم، عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: قلت له: حدثني. قال أو ليس قد سمعت الحديث من أبيك ؟ (قلت: هلك أبي وأنا صبي. قال: قلت: فأقول: فان أصبت ؟) (4) قلت: نعم وإن أخطأت رددتني عن الخطأ ؟ قال: (ما أشد شرطك ؟ قلت: فأقول: فان أصبت سكت وان أخطأت رددتي عن الخطأ قال:) (5) هذا أهون. قال: قلت: فاني أزعم أن عليا - عليه السلام - دابة الارض قال: وسكت، قال (6): فقال أبو جعفر - عليه السلام -: أراك والله تقول (إن عليا - عليه السلام - راجع إلينا) وقرأ (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) (7).


(1) أمالي الطوسي: 2 / 24 - 25 وعنه البحار: 46 - 233 ح 1 والعوالم: 19 / 106 ح 1 ومناقب ابن شهر اشوب: 4 / 186 مختصرا. (2) لم نجده في تفسير القمي، بل رواه في تأويل الايات عن محمد بن العباس. (3) في البحار: عيسى. (4) من المصدر والبحار. (5) من المصدر. (6) في المصدر هكذا: دابة الارض - فسكت. فقال. (7) القصص: 85.


[ 109 ]

قال: قلت: والله (قد) (1) جعلتها فيما اريد أن أسألك عنها فنسيتها. فقال أبو جعفر - عليه السلام -: أفلا أخبرك بما هو أعظم من هذا ؟ (قوله عزوجل) (2) (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا) (3) (وذلك أنه) (4) لا تبقى (أرض) (5) إلا ونودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأشار بيده إلى آفاق الارض. (6)

الستون إخباره - عليه السلام - أبا بصير بما قاله للمرأة 1504 / 88 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: روى محمد ابن الحسن، عن حماد بن عيسى، عن الحسين (7) بن المختار، عن أبي بصير، قال: كنت اقرئ إمرأة واعلمها القرآن (بالكوفة،) (8)، فمازحتها بشئ، فقدمت (9) على أبي جعفر - عليه السلام -، فقال لي: يا أبا بصير أي شئ قلت للمرأة ؟ فقلت بيدي على وجهي اغطيه


(1) من البحار، وكلمة - والله - ليس في المصدر. (2) من المصدر. (3) سورة سبأ: 28. (4) من المصدر. (5) من المصدر، وفيه (ويؤذن) بدل: ونودي. (6) تأويل الايات: 1 / 423 ح 20 وعنه البرهان: 3 / 239 ح 6، واخرجه في البحار: 53 / 113 ح 15 عن مختصر البصائر: 209 نقلا عن كتاب محمد بن العباس. (7) في المصدر: الحسن. (8) من البحار. (9) في البحار: فلما دخلت.


[ 110 ]

قال (1): فقال لا تعد إليها (2). (3)

الحادي والستون إخباره - عليه السلام - بالصك 1505 / 89 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: عن محمد بن الحسن، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، قال: قدم بعض أصحاب أبي جعفر - عليه السلام - فقال لي: لا ترى - والله - أبا جعفر أبدا. فأخذت صكا، وأشهدت شهودا على الكتاب في غير أيام الحج، ثم إني خرجت إلى المدينة، فاستأذنت على أبي جعفر - عليه السلام -، فلما نظر إلي، قال: يا أبا بصير ما فعل الصك ؟ قال: (قلت:) (4) جعلت فداك إن فلانا قال لي: لا والله لا تراه أبدا. (5)

الثاني والستون علمه - عليه السلام - بالغائب وعدم إحراق النار له 1506 / 90 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن


(1) في المصدر هكذا: اغطيه و... فقال. (2) ليس في المصدر. (3) دلائل الامامة: 103، واخرجه في الصراط المستقيم: 2 / 184 ح 14 والبحار: 46 / 247 ح 35 والعوالم: 19 / 119 ح 2 عن الخرائج: 2 / 594 ح 5. ويأتي في المعجزة: (70) عن مناقب ابن شهر آشوب. (4) من المصدر والبحار. (5) دلائة الامامة: 103، وأخرجه في البحار: 46 / 235 ح 6 والعوالم: 19 / 119 ح 1 عن بصائر الدرجات: 248 ح 13. وأورده في الخرائج: 2 / 726 ح 29 باختلاف.


[ 111 ]

سعيد بن عقدة، عن يحيى بن زكريا، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: مررت بعبد الله بن الحسن، فلما رآني سبني وسب (1) الباقر - عليه السلام - فجئت إلى أبي جعفر - عليه السلام - فلما أبصر بي تبسم، وقال: يا جابر مررت بعبد الله بن حسن فسبك وسبني ؟ قال: قلت: نعم يا سيدي، ودعوت الله عليه، فقال لي: أول داخل يدخل عليك هو، فإذا هو قد دخل ! فلما جلس قال له الباقر - عليه السلام -: ما جاء بك يا عبد الله ؟ قال: أنت الذي تدعي ما تدعي ؟ قال له الباقر - عليه السلام -: ويلك قد أكثرت ! فقال: يا جابر قلت: لبيك قال: إحفر في الدار حفيرة. قال: فحفرت، ثم قال لي: ائتني بحطب كثير وألقه فيها. ففعلت، ثم قال: أضرمه نارا، ففعلت. ثم قال: يا عبد الله بن حسن ! قم وادخلها واخرج منها إن كنت صادقا. قال عبد الله: قم فادخل أنت قبلي. فقام أبو جعفر - عليه السلام - ودخلها، فلم يزل يدوسها برجله ويدور فيها حتى جعلها رمادا، ثم خرج فجاء وجلس وجعل يمسح العرق عن وجهه، ثم قال: قم قبحك الله، فما أقرب ما يحل بك كما حل بمروان بن الحكم وبولده. (2)


(1) في المصدر: وذكر. (2) دلائل الامامة: 109 وعنه اثبات الهداة: 3 / 64 ح 87، وبما أن الاختلافات بين الاصل والمصدر كثيرة. ولذا تركت الاشارة إليها وأثبت في المتن ما هو الاصح.


[ 112 ]

 

الثالث والستون إخباره - عليه السلام - بأن دار هشام تهدم 1507 / 91 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى قال: حدثنا أبي قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن بن فروخ، عن عبد الله بن الحجال، عن ثعلبة، عن أبي حازم يزيد غلام عبد الرحمن قال: كنت مع أبي جعفر - عليه السلام - بالمدينة، فنظر إلى دار هشام بن عبد الملك (التي) (1) بناها على أحجار (2) الزيت، فقال: أما والله لتهدمن، أما والله لتبدون أحجار الزيت، أما والله إنه لموضع النفس الزكية. فسمعت هذا منه وتعجبت، وقلت: من يهدم هذه الدار ؟ وهشام بناها وهو أمير المؤمنين ! (فلما) (3) مات هشام بعث الوليد من يهدمها، فهدمها (4) ونقلها حتى بدرت (5) أحجار الزيت. (6)

الرابع والستون طبعه - عليه السلام - في حصاة حبابة الوالبية. 1508 / 92 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن أبي علي


(1) من المصدر. (2) في المصدر: بأحجار. (أحجار الزيت: موضع بالمدينة، وبها قتل محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية). (3) من المصدر. (4) في المصدر: من هدمها. (5) في المصدر: وندرت. (6) دلائل الامامة: 110، واخرجه في اثبات الهداة: 3 / 59 ح 62 والبحار: 46 / 268 ح 68 والعوالم: 19 / 131 ح 3 والمحجة البيضاء: 4 / 245 عن كشف الغمة: 2 / 137.


[ 113 ]

محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أحمد بن القاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى المعروف بكرد، عن محمد بن خداهي، (عن عبد الله ابن ايوب،) (1) عن عبد الله بن هاشم، عن عبد الكريم بن عمر الخثعمي، عن حبابة الوالبية قالت: رأيت أمير المؤمنين - عليه السلام - في شرطة الخميس (ومعه درة لها سبابتان، يضرب بها بياعي الجري والمار ماهي والزمار، ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان، فقام إليه فرات بن احنف، فقال: يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان ؟ قالت: فقال له: اقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب، فمسخوا فلم أر ناطقا احسن نطقا منه ثم اتبعته، فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد،) (2) فقلت له: يا أمير المؤمنين ما دلالة الامامة يرحمك الله ؟ قالت: فقال: ائتيني بتلك الحصاة - وأشار بيده إلى حصاة - فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة ! إذا دعى مدع الامامة، فقد أن يطبع كما رأيت، فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة، والامام لا يعرب عنه شئ يريده. قالت: ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين - عليه السلام -، فجئت إلى الحسن - عليه السلام - وهو في مجلس أمير المؤمنين - عليه السلام - والناس يسئلونه فقال: يا حبابة الوالبية، فقلت: نعم يا مولاي، فقال: هاتي ما معك، قالت: فأعطيته، فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين - عليه السلام -.


(1) من المصدر والبحار. (2) من المصدر.


[ 114 ]

قالت: ثم أتيت الحسين - عليه السلام - وهو في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - فقرب ورحب، ثم قال لي: إن في الدلالة دليلا على ما تريدين أفتريدين دلالة الامامة ؟ فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هاتي ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها. قالت: ثم أتيت علي بن الحسين - عليهما السلام - وقد بلغ بي الكبر إلى أن رعشت (1) وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة، فرأيته راكعا ساجدا ومشغولا بالعبادة، فيئست من الدلالة، فأومأ إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي. قالت: فقلت: يا سيدي كم مضى من الدنيا وكم بقي ؟ فقال: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا، قالت: ثم لي: هاتي مع معك فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها. ثم أتيت أبا جعفر - عليه السلام - فطبع لي فيها، ثم أتتيت أبا عبد الله - عليه السلام - فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسى - عليه السلام -، فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا - عليه السلام -، فطبع لي فيها. وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكره محمد بن هشام. (2) * (هامش) (1) في المصدر: أرعشت. (2) الكافي: 1 / 346 ح 3. وقد تقدم مع تخريجاته في المعجزة (215) من معاجز الامام علي - عليه السلام.

[ 115 ]

 

الخامس والستون خبر الخيط المعروف 1509 / 93 - السيد الاجل السيد المرتضى في عيون المعجزات: قال روى (1) لي الشيخ أبو محمد بن الحسن بن محمد بن نصر رضي الله عنه: يرفع الحديث برجاله إلى (ابن) (2) محمد بن جعفر البرسي مرفوعا إلى جابر - رضى الله عنه -، قال: لما أفضت الخلافة إلى بني أمية، سفكوا في أيامهم الدم الحرام، ولعنوا أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - على منابرهم ألف شهر، واغتالوا شيعته في البلدان وقتلوهم واستأصلوا شأفتهم (3)، وأمالتهم (4) على ذلك علماء السوء رغبة في حطام الدنيا، وصارت محنتهم على الشيعة لعن أمير المؤمنين - عليه السلام - فمن لم يلعنه قتلوه، فلما فشا ذلك في الشيعة وكثر وطال، اشتكت الشيعة إلى زين العابدين - عليه السلام - وقالوا: يا ابن رسول الله أجلونا عن البلدان، وأفنونا بالقتل الذريع، وقد أعلنوا لعن أمير المؤمنين - عليه السلام - في البلدان وفي مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - وعلى منبره، ولا ينكر عليهم منكر ولا يغير عليهم مغير، فان أنكر واحد منا على لعنه قالوا: هذا ترابي، ورفع ذلك إلى سلطانهم، وكتب إليه أن هذا (ذكر) (5) أبا تراب بخير، ضرب وحبس


(1) في المصدر: رواه. (2) من المصدر. (3) الشأفة: قرحة تخرج في أسفل القدم، فتكوى وتذهب، وإذا قطعت مات صاحبها، والاصل: واستأصل الله شأفته: أذهبه كما تذهب تلك القرحة، أو معناه (القاموس المحيط). (4) في المصدر: وما آلهم، وفي البحار: ومالاتهم، مالاة على الاخر: ساعده وشايعه. (5) من المصدر والبحار.


[ 116 ]

ثم قتل. فلما سمع ذلك - عليه السلام - نظر إلى السماء، وقال: سبحانك ما أعظم شأنك ! إنك أمهلت عبادك حتى ظنوا أنك أهملتهم، وهذا كله بعينك (1)، إذ لا يغلب قضاؤك ولا يرد تدبير محتوم أمرك، فهو كيف شئت وأنى شئت لما أنت أعلم به منا. ثم دعا بابنه محمد بن علي الباقر - عليه السلام -، فقال: يا محمد، قال: لبيك. قال: إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - وخذ الخيط الذي نزل بن جبرئيل على رسول الله - صلى الله عليه وآله - فحركه تحريكا لينا، ولا تحركه تحريكا شديدا فيهلكوا جميعا. قال جابر - رضي الله عنه - فبقيت متعجبا من قوله لا أدري ما أقول، فلما كان من الغد جئته، وكان قد طال علي ليلي حرصا لانظر ما يكون من أمر الخيط، فبيما أنا بالبابا إذ خرج - عليه السلام - فسلمت عليه، فرد السلام وقال: ما غدا بك يا جابر ولم تكن تأتينا في هذا الوقت ؟ فقلت له: لقول الامام - عليه السلام - بالامس خذ الخيط الذي أتى به جبرائيل - عليه السلام -، وصر إلى مسجد جدك وحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فتهلك الناس جميعا. قال الباقر - عليه السلام -: (والله) (2) لولا الوقت المعلوم والاجل المحتوم والقدر المقدور، لخسفت بهذا الخلق المنكوس في طرفة عين


(1) اي بعلمك. (2) ليس في البحار.


[ 117 ]

بل في لحظة، ولكنا عباد مكرمون لا نسبقه بالقول وبأمره نعمل يا جابر. قال جابر 6 فقلت: يا سيدي ومولاي ولم تفعل بهم هذا ؟ فقال لي: ما (1) حضرت بالامس والشيعة تشكوا إلى أبي ما يلقون (2) من الملاعين ؟ فقلت: يا سيدي ومولاي نعم، فقال: إنه أمرني أن أرعبهم لعلهم ينتهون، وكنت أحب أن تهلك طائفة منهم ويطهر البلاد والعباد منهم. قال جابر - رضي الله عنه -: فقلت: (يا) (3) سيدي ومولاي كيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصوا ؟ فقال الباقر - عليه السلام -: امض بنا إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - لاريك قدرة من قدرة الله تعالى التي أخصنا (4) بها، وما من به عليها من دون الناس. فقال جابر - رضي الله عنه -: فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده في التراب وتكلم بكلام، ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا فاح (5) منه رائحة المسك، فكان في المنظر أدق من سم الخياط. ثم قال لي: يا جابر إليك طرف الخيط وامض رويدا، وإياك أن تحركه. قال: فأخذت طرف الخيط ومشيت رويدا، فقال - عليه السلام -: قف يا


(1) في المصدر والبحار: أما. (2) كذا في العوالم، وفي الاصل والمصدر: ما يقولون، وفي البحار: ما يلقون من هؤلاء. (3) ليس في المصدر والبحار. (4) في المصدر والبحار: خصنا. (5) في البحار: فاحت.


[ 118 ]

جابر فوقفت، ثم حرك الخيط تحريكا خفيفا ما ظننت أنه حركه من لينه، ثم قال صلوات الله عليه: ناولني طرف الخيط فناولته وقلت: ما فعلت به يا سيدي ؟ ! قال: ويحك اخرج فانظر ما حال الناس. قال جابر - رضي الله عنه -: فخرجت من المسجد وإذا الناس في صياح واحد والصائحة من كل جانب، فإذا بالمدينة قد تزلزلت (1) زلزلة شديدة وأخذتهم الرجفة والهدمة، وقد خربت أكثر دور المدينة، وهلك منها أكثر من ثلاثين ألفا رجالا ونساء دون الولدان، وإذا الناس في صياح وبكاء وعويل، وهم يقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون خربت دار فلان وخرب أهلها، ورأيت الناس فزعين إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - وهم يقولون: كانت هدمة عظيمة، وبعضهم يقول: قد كانت زلزلة، وبعضهم يقول: كيف لا نخسف (2) وقد تركنا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وظهر (3) فينا الفسق والفجور، وظلم آل الرسول - صلى الله عليه وآله -، والله ليتزلزل (4) بنا أشد من هذا وأعظم أو نصلح من أنفسنا ما أفسدنا. قال جابر - رضي الله عنه -: فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس حيارى يبكون، فأبكاني بكاؤهم، وهم لا يدرون من أين اتوا، فانصرفت إلى الباقر - عليه السلام - وقد حف به الناس في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - وهم


(1) في المصدر والبحار: زلزلت. (2) في المصدر: تخسف. (3) في المصدر: فظهر. (4) في البحار: ليزلزل.


[ 119 ]

يقولون: يا بن رسول الله أما ترى (إلى) (1) ما نزل بنا ؟ فادع الله لنا. فقال - عليه السلام - لهم: افزعوا إلى الصلاة والدعاء والصدقة ثم أخذ - عليه السلام - بيدي وسار بي، فقال (لي:) (7) ما حال الناس ؟ فقلت: لا تسأل يا ابن رسول الله، خربت الدور والمساكن، وهلك الناس، ورأيتهم بحال (لو رأيتهم) (3) رحمتهم. فقال - عليه السلام -: لا رحمهم الله، أما إنه قد بقيت (4) عليك بقية، ولولا ذلك لم ترحم (5) أعدائنا وأعداء أوليائنا، ثم قال: سحقا سحقا (بعدا بعدا) (6) للقوم الظالمين. والله لولا مخالفة (7) والدي لزدت في التحريك وأهلكتهم أجمعين، فما أنزلونا وأوليائنا من أعدائنا (من) (8) هذه المنزلة وغيرهم، وجعلت أعلاها أسفلها، وكان لا يبقى فيها دار ولا جدار، ولكني أمرني مولاي أن أحرك (9) تحريكا ساكنا، ثم صعد - عليه السلام - المنارة وأنا أراه والناس لا يرونه فمد يده وأدارها حول المنارة، فزلزلت المدينة زلزلة خفيفة وتهدمت دور، ثم تلا الباقر - عليه السلام - (ذلك جزيناهم


(1) ليس في المصدر. (2) من المصدر والبحار. (3) ليس في المصدر والبحار. (4) في البحار: ابقيت. (5) في المصدر: نرحم. (6) بدل ما بين القوسين في البحار: وبعدا. (7) في البحار: مخافة. (8) ليس في المصدر والبحار. (9) في المصدر: احركه.


[ 120 ]

ببغيهم) (وهل نجازي إلا الكفور) (1). وتلا أيضا (فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها) (2) وتلا (فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) (3). قال جابر: فخرجت العواتق من خدورهن في الزلزلة الثانية يبكين ويتضرعن منكشفات لا يلتفت إليهن أحد، فلما نظر الباقر - عليه السلام - إلى تحير العواتق رق لهن، فوضع الخيط في كمه فسكنت الزلزلة، ثم نزل عن المنارة والناس لا يرونه، وأخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد، فمررنا بحداد اجتمع الناس بباب حانوته، والحداد يقول: أما سمعتم الهمهمة في الهدم ؟ فقال بعضهم: بل كانت همهمة كثيرة، فقال قوم آخرون: بل والله كلام كثير إلا أنا لم نقف على الكلام. قال جابر - رضى الله عنه - فنظر إلي الباقر - عليه السلام - وتبسم ثم قال: يا جابر هذا لما طغوا وبغوا. فقلت: يا بن رسول الله ما هذا الخيط الذي فيه العجب ؟ فقال: (بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة) (4) وينصبه (5) جبرئيل - عليه السلام -، ويحك يا جابر إنا من الله تعالى بمكان ومنزلة رفيعة، فلولا نحن لم يخلق الله تعالى سماء ولا أرضا ولا جنة ولا


(1) الانعام: 146، سبأ: 17. (2) هود: 82. (3) النحل: 26. (4) مقتبس من سورة البقرة آية: 248. (5) في البحار: ونزل به.


[ 121 ]

نارا ولا شمسا ولا قمرا ولا جنة (1) ولا أنسا. ويحك يا جابر لا يقاس بنا أحد، يا جابر، بنا - والله - انقذكم (الله) (2) وبنا نعشكم وبنا هداكم، ونحن - والله - دللناكم (3) على ربكم، فقفوا عند أمرنا ونهينا، ولا تردوا علينا ما أوردنا عليكم، فانا بنعم الله أجل وأعظم من أن يرد علينا وجميع ما يرد عليكم منا فافهموه (4) فاحمدوا الله عليه، وما جهلتموه فاتكلوه (5) إلينا، وقولوا: أئمتنا أعلم بما قالوا. قال جابر - رضي الله عنه -: ثم استقبله أمير المدينة المقيم بها من قبل بني أمية قد نكب ونكب حواليه حرمته وهو ينادي: معاشر الناس ! احضروا ابن رسول الله - صلى الله عليه وآله - علي بن الحسين - عليه السلام - وتقربوا به إلى الله تعالى، وتضرعوا إليه وأظهروا التوبة والانابة، لعل الله (أن) (6) يصرف عنكم العذاب. قال جابر - رضي الله درجته -: فلما بصر الامير بالباقر محمد بن علي - عليهما السلام - سارع نحوه، وقال: يا بن رسول الله أما ترى ما نزل بأمة محمد - صلى الله عليه وآله وقد هلكوا وفنوا، ثم قال له: أين أبوك حتى نسأله أن يخرج معنا إلى المسجد فنتقرب إلى الله تعالى، فيرفع عن أمة محمد - صلى الله عليه وآله - البلاء.


(1) في البحار: جنا. (2) من البحار. (3) في البحار: دللنا لكم. (4) في المصدر والبحار: فما فهمتموه. (5) في البحار: فردوه. (6) ليس في البحار.


[ 122 ]

فقال الباقر - عليه السلام -: يفعل إن شاء الله تعالى، ولكن أصلحوا من أنفسكم، وعليكم بالتوبة والنزوع عما أنتم عليه، فانه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. قال جابر - رضي الله عنه -: فأتينا زين العابدين - عليه السلام - بأجمعنا وهو يصلي، فانتظرنا حتى انتفل وأقبل علينا، ثم قال لي (1) سرا: يا محمد كدت أن تهلك الناس جميعا. قال جابر - رضي الله عنه -: (قلت) (2) والله يا سيدي ما شعرت بتحريكه حين حركه، فقال - عليه السلام -: يا جابر لو شعرت بتحريكه ما بقي علينا (3) نافخ نار، فما خبر الناس، فأخبرناه، فقال: ذلك مما (4) استحلوا منا محارم الله، وانتهكوا من حرمتنا. فقلت: يا بن رسول الله إن سلطانهم بالباب، قد سئلنا أن نسألك أن تحضر المسجد حتى يجتمع (5) الناس إليك، فيدعون الله ويتضرعون إليه ويسألونه الاقالة، فتبسم، ثم تلا (أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) (6). قلت: يا سيدي ومولاي العجب أنهم لا يدرون من أين اتو. فقال - عليه السلام -: أجل ثم تلا (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم


(1) في البحار: لابنه. (2) من البحار. (3) في البحار: عليها. (4) في المصدر: عما. (5) في البحار: تجتمع. (6) غافر: 50.


[ 123 ]

هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون) (1) هي الله يا جابر آياتنا، وهذه والله أحدها (2)، وهي مما وصف (3) الله تعالى في كتابه (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا زاهق ولكم الويل مما تصفون) (4). ثم قال - عليه السلام -: يا جابر ما ظنك بقوم أماتوا سنتنا وضيعوا عهدنا، ووالوا أعدائنا وانتهكوا حرمتنا، وظلمونا حقنا، وغصبونا إرثنا، وأعانوا الظالمين علينا، وأحيوا سنتهم، وساروا سيرة الفاسقين الكافرين في فساد الدين وإطفاء نور الحق. قال جابر: فقلت: الحمد لله الذي من علي بمعرفتكم وعرفني فضلكم وألهمني طاعتكم ووفقني لموالاة أوليائكم ومعاداة أعدائكم. فقال - عليه السلام -: يا جابر أتدري ما المعرفة ؟ فسكت جابر، فأورد عليه، الخبر بطوله. (5) وقد أوردت أنا المعجز الذي أظهره من هذ الخبر فقط، إذ ليس كل كتاب يحتمل شرح الاشياء بحقائقها. ورواه ابن شهر اشوب في كتاب المناقب: عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر - عليه السلام -. (6)


(1) الاعراف: 51. (2) في المصدر والبحار: إحداها. (3) في المصدر: يوصف. (4) الانبياء: 18. (5) تجد الخبر بتمامه في الهداية الكبرى للحضيني 48 - 49 (مخطوط) وعنه البحار: 26 / 8 ح 2. (6) عيون المعجزات: 78 - 83. وقد تقدم مع تخريجاته في المعجزة (97) من معاجز الامام السجاد - عليه السلام -.


[ 124 ]

 

السادس والستون الدواء الذي أعطاه - عليه السلام - محمد بن مسلم فبرئ في الحال كأنما نشط من عقال. 1510 / 94 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارات: قال: حدثني محمد بن عبد الله بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري) (1)، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم قال: (حدثنا) (2) مدلج عن محمد بن مسلم قال: خرجت إلى المدينة، وأنا وجع فقيل له: محمد ابن مسلم وجع فارسل إلي أبو جعفر - عليه السلام - إناء (3) مع الغلام (4)، مغطى بمنديل، فناولينه الغلام، وقال لي: اشربه، فانه قد أمرني أن لا أبرح حتى تشربه. فتناولته، فإذا رائحة المسك منه، وإذا شراب طيب الطعم بارد، فلما شربته قال لي الغلام: يقول لك مولاي (5): إذا شربت فتعاله (6). ففكرت فيما قال لي، ولا (7) أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي، فلما استقر الشراب في جوفي فكأنما انشطت من عقال، فاتيت بابه، فاسأذنت عليه، فصوت بي: صح الجسم، أدخل.


(1 و 2) من المصدر. (3) في المصدر: شرابا. (4) في المصدر: غلام. (5) في المصدر: مولاك. (6) في المصدر: شربته فتعال. (7) في المصدر: وما.


[ 125 ]

فدخلت عليه وأنا باك، فسلمت عليه وقبلت يده ورأسه، فقال لي: وما يبكيك يا محمد ؟ فقلت: جعلت فداك، أبكي على اغترابي، وبعد شقتي (1) وقلة القدرة على المقام عندك أنظر إليك. فقال لي: أما قلة القدرة فكذلك جعل الله أوليائنا وأهل مودتنا، وجعل البلاء إليهم سريعا. وأما ما ذكرت من الغربة، فان المؤمن في هذه الدنيا لغريب (2)، وفي هذا الخلق منكونس (3) حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله. وأما ما ذكرت من بعد الشقة، فلك بأبي عبد الله - عليه السلام - اسوة، بأرض نائية عنا بالفرات. وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا، وأنك لا تقدر على ذلك، والله يعلم ما في قلبك، وجزاءك عليه. ورواه ابن شهر آشوب في المناقب: قال: قيل لابي جعفر - عليه السلام - محمد بن مسلم وجع. فأرسل إليه بشراب مع الغلام (فقال الغلام:) (4) أمرني أن لا أرجع حتى تشربه، فإذا شربته فأته، ففكر محمد فيما قيل، وهو لا يقدر على النهوض، فلما شرب واستقر الشراب في جوفه، صار كأنما أنشط من عقال. وساق الحديث، وفي آخره وأما ما ذكرت من حبك قربنا، والنظر إلينا وأنك لا تقدر على ذلك، فلك ما في قلبك وجزاءك عليه. (5)


(1) في المصدر: الشقة. (2) في المصدر: غريب. (3) نكس الرجل: ضعف وعجز. (4) من المصدر. (5) كامل الزيارات: 275 ح 7، مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 181، وأخرجه في البحار: 46 / 257 =


[ 126 ]

 

السابع والستون معرفته - عليه السلام - داء إسحاق الجريري ودوائه وصحته 151 / 95 - ابنا بسطام في طب الائمة: عن أحمد بن إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن أبي محمد الثمالي، عن إسحاق الجريري، قال: قال الباقر - عليه السلام - أرى لونك قد فقع (1) أبك بواسير ؟ قلت: نعم يا بن رسول الله، وأسأل الله عزوجل أن لا يحرمني الاجر. قال: فاصف (2) لك دواء ؟ قلت: يا رسول الله والله لقد عالجته بألف وأكثر من (3) دواء فما انتفعت بشئ من ذلك، وأن بواسيري تشخب دما ! قال: ويحك يا جريري، فأنا (4) طبيب الاطباء، ورأس العلماء ورأس الحكماء، ومعدن الفقهاء، وسيد أولاد الانبياء على وجه الارض.


= ح 59 والعوالم: 19 / 100 ح 1 عن المناقب، وفي البحار: 67 / 244 ح 84 عن المناقب ورجال الكشي: 167 ح 281 والاختصاص: 52 - 53، وفي البحار: 46 / 333 ح 18 والعوالم: 19 / 385 ح 1 عن الاختصاص، وصدره في اثبات الهداة: 3 / 58 ح 60 عن كامل الزيارات ورجال الكشي. (1) في المصدر والبحار: انتقع. (2) في المصدر والبحار: أفلا أصف. (3) في المصدر والبحار: بأكثر من ألف. (4) في المصدر والبحار: فإني.


[ 127 ]

قلت: كذلك (يا) (1) سيدي ومولاي. قال: إن بواسيرك اناث تشخب دما، (قال:) (2) قلت: صدقت يا بن رسول الله (فذكرني على الدواء واستعملته) (3) قال الجريري: فوالله الذي لا إله إلا هو ما فعلته إلا مرة واحدة حتى برأ ما كان بي، فما أحسست بعد ذلك بدم ولا وجع. قال الجريري: فعدت إليه من قابل، فقال لي: (يا أبا) (4) إسحاق قد برئت والحمد لله. (5)

الثامن والستون إحياء ميت. 1512 / 96 - الحضيني: باسناده عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر الباقر - عليه السلام - قال: خرجنا معه من (6) مكة في عدة من أصحابنا فبينا (نحن نسير ونحن معه) (7) إذ وقف على رجل قد نفق حماره وبيده رحله، فقال له الراجل: يا بن رسول الله - صلى الله عليه وآله - ادع الله أن يحيي لي حماري فقد قطع بي، قال (8) جابر: فحرك أبو جعفر - عليه السلام - شفتيه بما لم يسمعه أحد منه، فإذا نحن بالحمار، وقد انتفض فأخذه صاحبه،


(1) من المصدر والبحار. (2) من المصدر والبحار، وفيهما: الدماء بدل: دما. (3) هذا خلاصة ما في المصدر والبحار. (4) من المصدر والبحار. (5) طب الائمة: 81 وعنه البحار: 62 / 199 ح 5. (6) في المصدر: إلى. (7) في المصدر بدل ما بين القوسين: هو يسير. (8) في المصدر: قطع لي فقال.


[ 128 ]

وحمله عليه رحله، وسار معنا حتى دخل مكة. (1)

التاسع والستون علمه - عليه السلام - بما عمل ميسر مع الجارية 1513 / 97 - ابن شهر اشوب: من دلالا الحسن بن علي بن (أبي) (2) حمزة، عن بعض أصحابه، عن ميسر بياع الزطي قال: أقمت على باب أبي جعفر - عليه السلام - فطرقته، فخرجت (الي) (3) جارية خماسية، فوضعت يدي على يديها (4) وقلت (لها:) (5) قولي لمولاك هذا ميسر بالباب. فناداني من أقصى الدار: ادخل لا أبا لك، ثم قال لي: أما والله يا ميسر، لو كانت هذه الجدران (6) تحجب أبصارنا كما تحجب عنكم أبصاركم، لكنا وأنتم سواء. فقلت: جعلت فداك والله ما أردت إلا لازداد بذلك إيمانا. (7) 1514 / 98 - الحضيني: باسناده عن ميسر بياع الثياب الزطية قال: قمت على باب أبي جعفر - عليه السلام - فطرقته، فخرجت الي جارية خماسية، فوضعت يدي على رأسها وقلت لها: قولي لمولاك هذا ميسر


(1) الهداية الكبرى للحضيني: 51 (مخطوط) وعنه اثبات الهداة: 3 / 62 ح 75. (2) من المصدر والبحار. (3) من المصدر والبحار، والخماسية: بنت خمس سنوات. (4) في المصدر والبحار: يدها. (5) من المصدر والبحار. (6) في المصدر والبحار: الجدر. (7) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 182 وعنه البحار: 46 / 258 والعوالم: 19 / 124 ح 3، وأخرجه في اثبات الهداة: 3 / 57 ح 56 عن مشارق أنوار اليقين: 90.


[ 129 ]

بالباب. فناداني من أقصى الدار: ادخل لا أبا لك، ثم قال: أما والله يا ميسر لو كانت هذه الجدران تحجب أبصارنا عما تحجب عنه أبصاركم، لكنا نحن وأنتم سواء. فقلت: والله ما أردت إلا لا زداد بذلك إيمانا. (1)

السبعون علمه - عليه السلام - بما صنع أبو بصير مع المرأة 1515 / 99 - ابن شهر اشوب: عن الحسن بن المختار، عن أبي بصير قال: كنت إقرئ إمرأة القرآن، وأعلمها إياه (قال) (2): فمازحتها بشئ. قلت للمرأة ؟ ! فقلت: بيدي هكذا - (يعني) (3) غطيت وجهي - فقال: لا تعودن إليها. وفي رواية حفص بن البختري أنه - عليه السلام - قال لابي بصير: أبلغها السلام فقل: (أبو جعفر يقرئك السلام، ويقول: زوجي نفسك من أبي بصير). قال: فأتيتها فأخبرتها.


(1) الهداية الكبرى للحضيني: 51 (مخطوط). (2) ليس في المصدر. (3) من المصدر والبحار.


[ 130 ]

فقالت: الله ! لقد قال لك أبو جعفر - عليه السلام - هذا ؟ فحلفت لها، فزوجت نفسها مني. (1)

الحادي والسبعون إرتعاد فرائص عكرمة 1516 / 100 - إبن شهراشوب: عن أبي حمزة الثمالي في خبر: لما كانت السنة التي حج فيها أبو جعفر محمد بن علي - عليهما السلام - رأيت عبد الملك (2) أقبل الناس ينثالون (3) عليه، فقال عكرمة: من هذا (عليه) (4) سيماء زهرة العلم ؟ لاجربنه. فلما مثل بين يديه إرتعدت فرائصه، واسقط في يدي (5) أبي جعفر عليه السلام -، وقال: يا بن رسول الله لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس وغيره، فما أدركني ما أدركني آنفا ! فقال (له) (6) أبو جعفر - عليه السلام - ويلك يا عبيد أهل الشام، إنك بين يدي: (بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها إسمه) (7). (8)


(1) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 182 وعنه البحار: 46 / 258 والعوالم: 19 / 120 ح 3. (2) في المصدر والبحار: ولقيه هشام بن عبد الملك. (3) قال الفيروز آبادي: انثال: انصب. (4) من المصدر والبحار. (5) في المصدر والبحار: يد، واسقط في يده: ندم وتحير. (6) من المصدر والبحار. (7) إشارة إلى قوله تعالى في سورة النور: 36. (8) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 182 وعنه البحار: 46 / 258 والعوالم: 19 / 88 ح 1.


[ 131 ]

 

الثاني والسبعون حله - عليه السلام - المشكلات 1517 / 101 - إبن شهر اشوب: عن حبابة الوالبية قالت: رأيت رجلا بمكة أصيلا بالملتزم (1)، أو بين الباب والحجر، على صعدة من الارض، وقد حزم وسطه على المنبر (2) بعمامة خز، والغزالة تخال عن ذلك (3) الجبال كالعمائم على قمم الرجال، وقد صاعد كفه وطرفه نحو السماء ويدعو، فلما انثال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات، ويستفتحون أبواب المشكلات فلم يرم حتى أفتاهم في ألف مسألة. ثم نهض يريد رحله، ومناد ينادي بصوت صهل (4): ألا إن هذا النور الابلج المسرج والنسيم الارج (5)، والحق المرج (6)، وآخرون يقولون: من هذا ؟ فقيل: محمد بن علي الباقر - عليه السلام - علم العلم، الناطق عن الفهم محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام -. وفي رواية أبي بصير ألا إن هذا باقر علم الرسل، وهذا مبين السبل،


(1) في البحار: في الملتزم. (2) في المصدر والبحار: المئزر. (3) في البحار: على قلل. (4) الصهل - محركة -: حدة الصوت مع بحح. (5) الارج - بكسر الراء - من الارج - بالتحريك - وهو توهج ريح الطيب. (6) المرج: إما بضم الميم وكسر الراء وتشديد الجيم من الرج، وهو التحرك والاهتزاز، لتحركه بين الناس، أو لا ضطرابه من خوف الاعداء، أو بفتح الميم وكسر الراء وتخفيف الجيم، من قولهم: مرج الدين إذا فسد، أي الذي ضاع بين الناس قدره.


[ 132 ]

هذا خير من وشح (1) في أصلاب أصحاب السفينة، هذا ابن فاطمة (الغراء العذراء) (2) الزهراء، هذا بقية الله في أرضه، هذا ناموس الدهر، هذا ابن محمد وخديجة وعلي وفاطمة، هذا منار الدين القائمة. (3)

الثالث والسبعون إحياء ميت 1518 / 102 - ثاقب المناقب: عن المفضل بن عمر قال: بينما (4) أبو جعفر - صلوات الله عليه - سائر من مكة إلى (5) المدينة إذ انتهى إلى جماعة على الطريق، فإذا رجل منهم قد نفق حماره، وتبدد متاعه، وهو يبكي، فلما رأى أبا جعفر - صلوات الله عليه - أقبل إليه، وقال له: يا بن رسول الله - صلى الله عليه وآله - نفق حماري، (وبقيت منقطعا، فأدعو الله ان يحيي لي حماري. قال:) (6) فدعا أبو جعفر - عليه السلام - فأحيا الله تعالى له حماره. ورواه ابن شهر اشوب في المناقب. (7)


(1) في المصدر والبحار: وسخ. (2) من المصدر والبحار. (3) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 182 - 183 وعنه البحار: 46 / 259 ح 60 والعوالم: 19 / 89 ح 2 وص 177 ح 2. (4) في المصدر: بينا. (5) في المصدر والبحار: بين مكة والمدينة. (6) من البحار. (7) الثاقب في المناقب: 369 ح 1، وأخرجه في البحار: 46 / 260 ذح 61 والعوالم: 19 / 110 ح 4 عن مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 184.


[ 133 ]

 

الرابع والسبعون إحياء ميت. 1519 / 103 - إبن شهر اشوب (1): قال: (وقد) (2) سمعت شيخي أبا جعفر محمد بن الحسين (3) الشوهاني - رضي الله عنه - بمشهد الرضا - عليه السلام - في داره، وهو يقرأ في (4) كتابه، وقد ذهب عني اسم الراوي، أن فتى من أهل الشام كان يكثر الجلوس عند أبي جعفر - صلوات الله عليه - فقال ذات يوم: والله ما أجلس إليك حبا لك، وانما أجلس إليك لفصاحتك وفضلك. فتبسم - صلوات الله عليه - ولم يقل شيئا، ثم فقده (بعد) (5) ذلك بأيام، فسأل عنه فقيل (له) (6): مريض، فدخل عليه إنسان وقال له: يا بن رسول الله إن الفتى (الشامي) (7) الذي كان يكثر الجلوس إليك قد (توفي وأوصى) (8) إليك أن تصلي عليه، فقال - صلوات الله عليه -: (إذا غسلتموه فدعوه على السرير ولا تكسوه (حتى آتيكم) (9) ثم قام فتطر، وصلى ركعتين، ودعا، وسجد بعده فأطال السجود، ثم قام فلبس نعليه (10)،


(1) لم نجده في مناقب ابن شهر اشوب، بل وجدناه، في الثاقب في المناقب. (2) من المصدر. (3) في المصدر: الحسن. (4) في المصدر: من. (5 و 6) من المصدر، وفيه: أياما، بدل (بأيام). (7) ليس في المصدر. (8) بدل ما بين القوسين في المصدر هكذا: قضى وقد أوصى. (9) من المصدر، وفيه: ولا تكفنوه بدل (ولا تكسوه). (10) في المصدر: نعله.


[ 134 ]

وتردى برداء رسول الله - صلى الله عليه وآله - (ومضى إليه) (1) فلما وصل دخل البيت الذي يغسل فيه وهو على سريره، وقد فرغ من غسله وناداه باسمه، فقال: يا فلان فأجابه ولباه، ورفع رأسه وجلس، فدعا - صلوات الله عليه - بشربة سويق (فسقاه) (2) ثم سأله: مالك ؟ فقال: (إنه) (3) قد قبض روحي بلا شك مني، وإني لما قبضت سمعت صوتا ما سمعت قط أطيب منه: ردوا إليه روحه، فان محمد بن علي - عليه السلام - قد سألناه. (4)

الخامس والسبعون إحياء ميت. 1520 / 104 - ثاقب المناقب: عن محمد بن مسلم، عن أبي عيينة قال: إن رجلا جاء إلى أبي جعفر - صلوات الله عليه -، وقال: أنا رجل من أهل الشام لم أزل - والله - أتولاكم أهل البيت، وأبرأ من عدوكم، وأن أبي - لا رحمه الله - كان يتولى بني أمية ويفضلهم عليكم، وكنت أبغضه على ذلك، ويبغضني على حبكم، ويحرمني ماله، ويجفوني في حياته وبعد وفاته، وقد كان له مال كثير، ولم يكن له ولد غيري، وكان مسكنه بالرملة (5)، وكان له كنيسة يخلو فيها (6) بنفسه، فلما مات طلبت ماله في كل موضع فلم أظفر به، ولست أشك أنه دفنه في موضع وأخذه مني (7)


(1) من المصدر. (2 و 3) من المصدر، وفيه: ما حالك بدل (مالك). (4) الثاقب في المناقب: 369 ح 2. (5) الرملة: مدينة في فلسطين شمال شرقي القدس (معجم البلدان: 3 / 69). (6) في المصدر: بيت يخلو فيه. (7) في المصدر: وأخفاه عني.


[ 135 ]

لا رضي الله عنه. قال أبو جعفر - صلوات الله عليه -: (أفتحب أن تراه وتسأله أين موضع ماله ؟ فقال (له) (1) (الرجل: نعم) (2) فاني فقير محتاج. فكتب له أبو جعفر - صلوات الله عليه - كتابا بيده (الكريمة) (3) في رق أبيض، ثم ختمه بخاتمه، وقال: إذهب بهذا الكتاب (الليلة) (4) إلى البقيع حتى تتوسطه، ثم تنادي: يا درجان (5) فانه سيأتيك رجل معتم، فادفع إليه كتابي (6) وقل له: (أنا رسول محمد بن علي بن الحسين بن زين العابدين - عليهم السلام - واسأله عما بدالك). قال: فأخذ الرجل (الكتاب) (7) وأنطلق، فلما كان من اليوم الغد أتيت أبا جعفر - صلوات الله عليه - متعمدا لا نظر ما (كان) (8) حال الرجل، فإذا هو على باب أبي جعفر ينتظر حتى أذن له، فدخلنا عليه. فقال له الرجل: الله أعلم حيث يجعل رسالته وعند من يضع علمه، قد أنطلقت بكتابك الليلة حتى توسطت البقيع، فناديت (يا) (9) درجان فأتاني رجل معتم فقال: أنا درجان فما حاجتك ؟ فقلت: أنا رسول محمد بن علي بن الحسين - صلوات الله عليهم - (إليك و) (10) هذا كتابه.


(1) من المصدر. (2) بدل ما بين القوسين في المصدر: أجل. (3 و 4) من المصدر. (5) في المصدر: ذرجان. (6) في المصدر: الكتاب. (7 و 8) من المصدر. (9) من المصدر، وفيه: ذرجان وكذا فيما يأتي. (10) من المصدر.


[ 136 ]

فقال: مرحبا برسول حجة الله على خلقه، وأخذ الكتاب وقرأه وقال: أتحب أن ترى أباك ؟ قلت: نعم، قال: فلا تبرح من موضعك حتى آتيك به، فانه بضجنان (1). فانطلق فلم يلبث إلا قليلا حتى أتاني رجل أسود في عنقه حبل أسود، فقال (لي) (2): هذا أبوك وغيره اللهب، ودخان الجحيم، وجرع الحميم، والعذاب الاليم، فقلت: أنت أبي ؟ قال: نعم. قلت: ما غيرك عن صورتك ؟ ! قال: إني كنت أتولى بني أمية وأفضلهم على أهل البيت رسول الله - صلى الله عليه وآله - فعذبني الله على ذلك، وإنك تتولى أهل بيت النبي - صلى الله عليه وآله -، وكنت أبغضك على ذلك، وحرمتك مالي، وزويته عنك، وأنا اليوم على ذلك من النادمين، فانطلق إلى كنيستي (3) واحتفر تحت الزيتونة وخذ المال وهو مائة وخمسون ألفا، فأدفع إلى محمد بن علي - صلوات الله عليه - خمسين ألفا، ولك الباقي، قال: فاني منطلق حتى آتي بالمال. قال أبو عيينة: فلما حال الحول قلت لابي جعفر - صلوات الله عليه -: ما فعل الرجل ؟ قال: (قد جاء (4) بالخمسين ألفا، قضيت منها، دينا كان علينا (5) وأبتعت منها أرضا، ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي،


(1) ضجنان: جبل بناحيد تهامة (معجم البلدان: 3 / 453). (2) من المصدر. (3) في المصدر: بيتي. (4) في المصدر: جاءنا. (5) في المصدر: علي.


[ 137 ]

(أما) (1) إن ذلك ينفع (2) الميت النادم على ما فرط من حبنا، وضيع من حقنا بما أدخل علي من الرفق والسرور). ورواه ابن الفارسي في روضة الواعظين: عن أبي عيينة: إن رجلا جاء إلى أبي جعفر - عليه السلام - وذكر الحديث. ورواه أيضا ابن شهر اشوب في المناقب: عن أبي عيينة وأبي عبد الله: إن موحدا أتى الباقر - عليه السلام - وشكى من (3) أبيه ونصبه وفسقه، وأنه أخفى ماله عند موته، فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: أفتحب أن تراه وتسأله عن ماله ؟ فقال الرجل: نعم، واني لمحتاج فقير. وذكر الحديث. وفي رواية ابن الفارسي في الحديث: وكان مسكنه بالرملة (وله جنة) (4) يخلو (فيها) (5) لفسقه. وفي آخر الحديث فأنا اليوم على ذلك من النادمين، فانطلق إلى جنتي (6) فاحتفر تحت الزيتونة فخذ المال، وهو مائة وخمسون ألفا، فادفع إلى محمد بن علي خمسين ألفا ولك الباقي، قال: فاني منطلق حتى آتي بالمال. قال أبو عيينة: فلما كان الحول، قلت لابي جعفر - عليه السلام -: ما فعل


(1 و 2) من المصدر، وفيه سينفع بدل (ينفع). (3) في المصدر: عن. (4) في المصدر هكذا: وكانت له حبيبة. (5) ليس في المصدر. (6) في المصدر: حديقتي.


[ 138 ]

الرجل ؟ قال: قد جاء (2) بخمسين ألفا وذكر الحديث إلى آخره. وفي رواية ابن شهر اشوب وابن الفارسي: حتى أتاني برجل أسود في عنقه حبل أسود مدلع لسانه يلهث وعليه سربال أسود الحديث. ورواه الراوندي في الخرائج: عن أبي عيينة، قال: كنت عند أبي جعفر - عليه السلام - فدخل (عليه) (2) رجل، فقال: أنا رجل من أهل الشام وذكر الحديث. (3)

السادس والسبعون إخباره - عليه السلام - بالغائب 1521 / 105 - إبن شهر اشوب: عن جابر بن يزيد الجعفي قال: مررت بمجلس عبد الله بن الحسن، فقال: بماذا فضلني محمد بن علي ؟ ثم أتيت إلى أبي جعفر - عليه السلام - فلما بصر بي ضحك إلي ثم قال: يا جابر اقعد، فان أول داخل يدخل عليك في هذا الباب عبد الله بن الحسن. فجعلت أرمق ببصري نحو الباب وأنا مصدق لما قال سيدي، إذ أقبل يسحب أذياله، فقال (له:) (4). يا عبد الله ! أنت الذي تقول: بماذا فضلني محمد بن علي إن محمدا وعليا ولداه، وقد ولداني ؟ !


(1) في المصدر: جاءنا. (2) ليس في المصدر. (3) الثاقب في المناقب: 370 ح 3، روضة الواعظين: 205 - 206، مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 193 - 194 - باختصار، الخرائج: 2 / 597 ح 9، واخرجه في البحار: 46 / 267 والعوالم: 19 / 109 ح 3 عن المناقب في البحار المذكور ص 245 ح 33 والعوالم: 19 / 107 ح 2 عن الخرائج وأورده في الصراط المستقيم: 2 / 184 ح 19 مختصرا. (4) من المصدر والبحار.


[ 139 ]

ثم قال: يا جابر احفر حفيرة واملاها حطبا جزلا (1)، واضرمها نارا. قال جابر: ففعلت، فلما أن رأى النار قد صارت جمرا، أقبل عليه بوجهه، فقال: إن كنت حيث ترى فادخلها لن تضرك، فقطع بالرجل، فتبسم في وجهي، ثم قال: يا جابر (فبهت الذي كفر) (2). (3)

السابع والسبعون إخباره - عليه السلام - بالغائب 1522 / 106 - الراوندي: قال: روى عاصم، عن أبي حمزة قال: ركب الباقر - عليه السلام - (يوما إلى حائط له) (4) وكنت أنا وسليمان بن خالد معه، فما سرنا إلا قليلا، فاستقبلنا رجلان. فقال - عليه السلام -: هما سارقان خذوهما، فاخذناهما. وقال لغلمانه: استوثقوا منهما. وقال لسليمان: انطلق إلى ذلك الجبل - مع هذا الغلام - إلى رأسه، فانك تجد في أعلاه كهفا، فادخله، وصر إلى وسطه، فاستخرج ما فيه، وادفعه إلى هذا الغلام يحمله بين يديك، فان فيه لرجل سرقة، ولاخر سرقة. فمضى (5) واستخرج عيبتين وحملها على ظهر الغلام، فأتى بهما (إلى) (6) الباقر - عليه السلام -، فقال: هما لرجل حاضر، وهناك عيبة اخرى


(1) الجزل: الحطب اليابس، أو الغليظ العظيم منه، والكثير من الشئ. (2) إقتباس من سورة البقرة: 258. (3) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 185 وعنه البحار: 46 / 261 والعوالم: 19 / 147 ح 3. (4) من المصدر. (5) في المصدر: فخرج. (6) ليس في المصدر.


[ 140 ]

لرجل غائب (سيظهر فيما) (1) بعد (فذهب) (2) واستخرج العيبة الاخرى من موضع آخر من الكهف. فلما دخل الباقر - عليه السلام - المدينة فإذا (3) صاحب العيبتين ادعى على قوم، وأباد (4) الوالي أن يعاقبهم، فقال الباقر - عليه السلام -: لا تعذبهم (5). ورد العيبتين إلى صاحبهما (6)، ثم قطع السارقين، فقال أحدهما: لقد قطعنا (7) بحق، والحمد لله الذي جعل إجراء (8) قطعي وتوبتي على يد ابن رسول الله. فقال الباقر - عليه السلام -: لقد سبقتك يدك التي قطعت إلى الجنة بعشرين سنة. فعاش الرجل عشرين سنة ثم مات. قال: فما لبثنا إلا ثلاثة أيام حتى حضر صاحب العيبة الاخرى، فجاء إلى الباقر - عليه السلام -، فقال له الباقر - عليه السلام -: اخبرك بما في عيبتك (وهي) (9) بختمك ؟ فيها ألف دينار (لك) (10)، وألف أخرى لغيرك، وفيها من الثياب كذا وكذا. قال: فان أخبرتني بصاحب الالف دينار من هو ؟ وما اسمه ؟ وابن من (11) هو ؟ علمت أنك الامام المنصوص عليه المفترض الطاعة.


(1) بدل ما بين القوسين، في المصدر: سيحضر. (2) من المصدر. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: فما عاد الباقر - عليه السلام - إلى. (4) في المصدر: وأراد. (5) في المصدر: لا تعاقبهم. (6) في المصدر: الرجل. (7) في المصدر: قطعتنا. (8) في المصدر: الذي أجرى. (9 و 10) من المصدر. (11) في المصدر: وأين هو.


[ 141 ]

قال: هي (1) لمحمد بن عبد الرحمن، وهو صالح كثير الصدقة، كثير الصلاة، وهو الان على الباب ينتظرك. فقال الرجل: - وهو بربري نصراني - آمنت بالله الذي لا إله إلا هو، وأن محمدا عبده ورسوله وأنك الامام المفترض الطاعة وأسلم. (2) 1523 / 107 - ثاقب المناقب: عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت (3) مع أبي جعفر - عليه السلام - ومعنا سليمان بن خالد إلى الحائط من حيطان المدينة، فما سرنا إلا قليلا حتى قال: (الساعة يستقبل (4) رجلان قد سرقا سرقة وصرا (5) عليها) فما سرنا إلا قليلا حتى استقبلنا الرجلان، فقال أبو جعفر - عليه السلام - لغلمانه: (عليكم بالسارقين) فاخذا حتى أتي بهما إلى بين يديه فقال (لهما:) (6) (أسرقتما ؟) فحلفا بالله ما سرقنا. فقال أبو جعفر - عليه السلام -: (والله لئن لم تخرجا ما سرقتما (لابعثن إلى الموضع الذي وضعتما فيه سرقتكما) (7) ولا بعثن به إلى صاحبكما (8) الذي سرقتما منه) فأبيا أن يريا (9) الذي سرقاه.


(1) في المصدر: هو محمد. (2) الخرائج الجرائح: 1 / 276 ح 8 وعنه البحار: 46 / 272 - 274 ح 76 - 78 والعوالم: 19 / 151 ح 1 وعن رجال الكشي: 356 ح 664 ومناقب ابن شهر اشوب الاتي فيما بعد، وأخرجه في كشف الغمة: 2 / 144 عن الخرائج باختصار. (3) في المصدر: خرجت. (4) في المصدر: يستقبلنا. (5) في المصدر: أضمرا. (6 و 7) من المصدر. (8) في المصدر: صاحبه. (9) في المصدر: يردا.


[ 142 ]

فقال أبو جعفر - عليه السلام - لغلمانه: (أوثقوهما، وانطلق أنت يا سليمان إلى ذلك الجبل - وأشار بيده لاى ناحية منه - فاصعد أنت وهؤلاء الغلمان معك، فان في قلة الجبل كهفا فاستخرجوا ما فيه وائتني (1) به). قال سليمان: فانطلقت إلى الجبل وصعدت إلى الكهف فاستخرجنا منه عيبتين محشوتين حتى دخلت بهما على أبي جعفر - عليه السلام -، فقال: (يا سليمان، لترى غدا العجب). فلما أصبحنا أخذ أبو جعفر - عليه السلام - بأيدينا ودخلنا معه إلى (2) والي المدينة، وقد جاء (3) المسروق منه برجال براء، فقال: هؤلاء سرقوا. فأراد الوالي أن يعاقب القوم، فقال أبو جعفر - عليه السلام - إبتداء منه: (إن هؤلاء ليسوا سراقة إن السارقين عندي. فقال للرجل: ما ذهب منك ؟) قال: عيبة فيها كذا وكذا. فادعى ما لم يذهب (له) (4) قال أبو جعفر - عليه السلام -: (لم تكذب ؟ فما أنت أعلم بما ذهب لك مني) فهم الوالي أن يبطش به، فكفه أبو جعفر - عليه السلام -. ثم قال: (يا غلام إئتني بعيبة كذا وكذا) فأتى بها، ثم قال للوالي: (إن ادعى فوق هذا فهو كاذب مبطل، وعندي عيبة اخرى لرجل آخر، وهو يأتيك إلى أيام، وهو من أهل بربر، فإذا أتاك فارشده إلي، وأما هذا السارقان فاني لست ببارح حتى تقطعهما). فأتي بهما، فقال أحدهما: تقطعنا ولم نقر على أنفسنا ؟ فقال الوالي: ويلكما، يشهد عليكما من لو


(1) في المصدر: وأتوني. (2) في المصدر: على. (3) في المصدر: دخل. (4) من المصدر.


[ 143 ]

شهد على أهل المدينة لاجزت شهادته. فلما قطعهما قال أحدهما: يا أبا جعفر، لقد شهدت بحق، وما يسرني، أن (الله) (1) أجرى توبتي على يد غيرك، وأن لي بناء خارج المدينة، وإني لاعلم أنكم أهل بيت النبوة ومعدن العلم. فرق له أبو جعفر - عليه السلام - (وقال: (أنت على خير والى خير). ثم التفت إلى الوالي والى جماعة من الناس) (2) فقال: (والله، لقد سبق يده بدنه إلى الجنة بعشرين سنة). فقال سليمان بن خالد لابي حمزة الثمالي: يا أبا حمزة، ورأيت دلالة أعجب من هذه ؟ فقال أبو جعفر - عليه السلام - (يا سليمان، العجب في العيبة الاخرى) فوالله ما لبثنا إلا ثلاثة حتى أتى البربري إلى الوالي، فأخبره بقصة عيبته، فأرشده إلى أبي جعفر - عليه السلام -، فأتاه، فقال له أبو جعفر: (ألا أخبرك بما في عبيتك قبل أن تخبرني (بما فيها) (3) فقال له البربري: إن أنت أخبرتني بما فيها علمت أنك إمام (مفترض الطاعة) (4) فرض الله طاعتك. فقال - عليه السلام -: (فيها ألف دينار (لك وألف دينار) (5) لغيرك، ومن الثياب كذا وكذا). قال: فما اسم الرجل الذي له ألف دينار ؟ قال: (محمد ابن عبد الرحمن، وهو على الباب ينتظر يراني أخبر (6) بالحق). فقال البربري: آمنت بالله وحده لا شريك له، وبمحمد - صلى الله عليه


(1 - 3) من المصدر. (4) ليس في المصدر. (5) من المصدر. (6) في المصدر: أتراني أخبرك.


[ 144 ]

وآله - رسوله، وأشهد أنكم أهل بيت الرحمة الذين أذهب الله عنكم الرجس وطهركم تطهيرا (1). فقال: أبو جعفر - عليه السلام -: (لقد هديت فخذ واشكر). (قال سليمان:) (2) حججت بعد ذلك بعشر سنين، فكنت أرى الاقطع من أصحاب أبي جعفر. (3) 1524 / 108 - إبن شهر اشوب: عن أبي حمزة: أنه ركب أبو جعفر - عليه السلام - إلى حائط (له) (4) فسأله سليمان بن خالد: هل يعلم الامام ما في يومه ؟ فقال: يا سليمان والذي بعث محمدا بالنبوة، واصطفاه بالرسالة، إنه ليعلم ما في يومه، وما في شهره، وما في سنته، ثم قال بعد هنيئة: الساعة يستقبلك رجلان قد سرقا سرقة قد أصرا (5). فاستقبلنا الرجلان. فقال أبو جعفر - عليه السلام -: سرقتما ؟ فحلفا له بالله أنهما ما سرقا، فقال: والله لان أنتما لم تخرجا ما سرقتما لابعثن إلى الموضع الذي وضعتما فيه سرقتكما، ولابعثن إلى صاحبكما الذي سرقتما منه حتى يجئ يأخذكما، ويرفعكما إلى والي المدينة، ثم أمر غلمانه أن يستوثقوا منهما. قال: فانطلق أنت يا سليمان إلى ذلك الجبل فاصعد أنت وهؤلاء


(1) اقتباس من سورة الاحزاب: 33. (2) من المصدر، وفيه: فحججت. (3) الثاقب في المناقب: 384 ح 7 متحد مع قبله. (4) من المصدر. (5) في المصدر: أضمرا عليها.


[ 145 ]

الغلمان، فان في قلة الجبل كهفا فادخل (أنت) (1) فيه بنفسك حتى تستخرج ما فيه وتدفعه إلى مولى (2) هذا، فان فيه سرقة لرجل آخر وسوف يأتي، فانطلقت واستخرجت عيبتين وأتيت بهما أبا جعفر - عليه السلام - (فرجعنا إلى المدينة وقد أخذ جماعة بالسرقة، فقال أبو جعفر - عليه السلام -: إن هؤلاء براء وليسوا هم بسراقة عندي،) (3) فقال (4) للرجل: ما ذهب منك (5) ؟ قال: عيبة فيها (كذا) (6) وكذا، فادعى ما لم يذهب (7)، قال: أبو جعفر: لم تكذب ؟ فقال: أنت أعلم بما ذهب مني ؟ فأمر له بالعيبة. ثم قال للوالي: وعندي عيبة اخرى (لرجل) (8) وهو يأتيك إلى أيام وهو رجل من بربر فإذا أتاك فارشده إلي فان عيبته عندي، وأما هذان السارقان فلست ببارح من ههنا حتى تقطعهما، قال أحدهما: والله يا أبا جعفر لقد قطعتني بحق، ثم جاء البربري إلى الوالي بعد ثلاثة (أيام) (9) فأرسله إلى أبي جعفر - عليه السلام -، فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: ألا أخبرك بما في عيبتك ؟ فقال البربري: إن أخبرتني علمت أنك إمام فرض الله طاعتك، فقال أبو جعفر: ألف دينار، وألف دينار لغيرك، ومن الثياب كذا وكذا، قال: فما اسم الرجل الذي له ألف دينار ؟ قال: محمد بن عبد


(1) من المصدر. (2) في المصدر: مولاي. (3) من المصدر. (4) في المصدر: ثم قال. (5) في المصدر: لك. (6) من المصدر. (7) في المصدر: ما ليس له. (8 و 9) من المصدر. (*)


[ 146 ]

الرحمن وهو بالباب ينتظرك، فقال البربري: آمنت بالله وحده لا شريك له وبمحمد - صلى الله عليه وآله - وأشهد أنكم أهل بيت الرحمة الذين أذهب الله عنكم الرجس وطهركم تطهيرا. (1)

الثامن والسبعون إخباره - عليه السلام - بالغائب 1525 - 109 - إبن شهر اشوب: عن الثعلبي في نزهة القلوب: روي عن الباقر - عليه السلام - أنه قال: أشخصني هشام بن عبد الملك، فدخلت عليه وبنو أمية حوله، فقال لي: ادن يا ترابي ! فقلت: من التراب خلقنا وإليه نصير. فلم يزل يدنيني حتى أجلسني معه. ثم قال: أنت أبو جعفر الذي تقتل بني أمية ؟ فقلت: لا، قال: فمن ذاك ؟ فقلت: ابن عمنا أبو العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، فنظر إلي وقال: والله ما حويت (2) عليك كذبا. ثم قال: ومتى ذاك ؟ قلت: عن سنيات، (- والله -) (3) وما هي ببعيدة، الخبر. (4)

التاسع والسبعون إخباره - عليه السلام - بالغائب 1526 / 110 - إبن شهر اشوب: عن جابر الجعفي، مرفوعا: لا يزال


(1) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 185 - 186. (2) في المصدر والبحار: جربت. (3) من المصدر والبحار. (4) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 187 وعنه البحار: 46 / 262 ح 63 والعوالم: 19 / 137 ح 9 وص 289 ح 1 وص 298 ح 1.


[ 147 ]

سلطان بني أمية حتى يسقط حائط مسجدنا هذا - يعني مسجد الجعفي - فكان كما أخبر. ذكره ابن شهر اشوب في كتاب المناقب في معجزات الباقر - عليه السلام -. (1)

الثمانون أمره - عليه السلام - مع المخزومي 1527 / 111 - إبن شهر اشوب: قال: قال الكميت الاسدي: دخلت إليه وعنده رجل من بني مخزوم، فانشدته شعري فيهم، فكلما أنشدته قصيدة قال: (يا غلام بدرة) فما خرجت من البيت حتى أخرجت خمسين ألف درهم، فقلت: والله إني ما قلت فيكم لغرض (2) الدنيا وأبيت، فقال: يا غلام أعد هذا المال في مكانه. فلما حمل، قال (له) (3) المخزومي: سئلتك بالله عشرة ألاف درهم: فقلت: ليست عندي، واعطيت الكميت خمسين ألف درهم ! ؟ وإني لاعلم أنك الصادق البار. قال له: قم وادخل فخذ. فدخل المخزومي، فلم يجد شيئا، فهذا دليل على الكنوز مغطية لهم. (4)