[ 211 ]
بسم الله
الرحمن الرحيم الباب السادس في معاجز الامام أبي عبد الله جعفر بن محمد
ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الصادق - عليهم السلام -
الاول في
معاجز الميلاد وقد تقدم في معاجز ميلاد علي بن الحسين - عليه السلام -
الثاني تسميته - عليه السلام - الصادق بنص من رسول الله - صلى الله عليه
وآله - 1571 / 1 - ابن بابويه: قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد - رضي الله
عنه - قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال: حدثنا أبو بكر عبيد بن موسى
الخيال (1) الطبري قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب قال: حدثنا محمد بن
الحصين قال: حدثنا المفضل بن عمر، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، عن
علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده - عليهم السلام - قال: قال رسول الله -
صلى الله عليه وآله - إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن
(1) في المصدر والبحار: عبيد الله بن موسى الحبال. (*)
[ 212 ]
الحسين بن علي بن أبي طالب -
عليهم السلام - فسموه الصادق، فانه سيكون في ولده سمي له، يدعي الامامة
بغير حقها، ويسمى كذابا. وقد تقدم حديث طويل في معنى ذلك في الخامس
والثلاثين من معاجز علي بن الحسين - عليهما السلام -. (1)
الثالث أنه -
عليه السلام - يخضر مرة ويصفر اخرى إذا قال قال رسول الله - صلى الله عليه
وآله - 1572 / 2 - ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل - رضي
الله عنه - قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد ابن
خالد يعني البرقي، (عن أبيه) (2) قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد الازدي
- يعني ابن أبي عمير، قال: سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول: كنت أدخل
على الصادق جعفر بن محمد - عليهما السلام - فيقدم لي مخدة ويعرف لي قدرا
ويقول: يا مالك إني أحبك فكنت أسر بذلك وأحمد الله عزوجل عليه. قال: وكان
- عليه السلام - (رجلا) (2) لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إما صائما وإما
قائما وإما ذاكرا، وكان من عظماء العباد وأكابر الزهاد الذين يخشون الله
عزوجل، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد، فإذا (قال:) (4)
قال رسول الله - صلى الله عليه وآله - إخضر مرة واصفر
(1) علل الشرائع: 234 ح 1 وعنه البحار: 47 / 8 ح 2 وحلية الابرار: 4 / 11
ح 4. (2) ليس في البحار. (3) من البحار. (4) من المصدر والبحار.
[ 213 ]
اخرى حتى ينكره من (كان) (1) يعرفه، ولقد حججت معه سنة، فلما استوت به
راحلته عند الاحرام كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكان أن
يخر من راحلته، فقلت: (قل) (2) يا بن رسول الله، ولابد لك من أن تقول.
فقال: يا بن (أبي) (3) عامر كيف أجسر أن أقول: لبيك اللهم لبيك وأخشى أن
يقول عزوجل لي: لا لبيك ولا سعديك. (4)
الرابع أنه - عليه السلام - أرى
أصحابه كأس الملكوت 1573 / 3 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: حدثنا
أبو محمد عبد الله قال: قال لي عبد الله بن بشر: سمعت الاحوص يقول: كنت مع
الصادق - عليه السلام - إذ سأله قوم عن كأس الملكوت، فرأيته وقد تحدر
نورا، ثم علا حتى أنزل تلك الكأس، فأدارها على أصحابه، وهي كأس مثل البيت
الاعظم أخف من الريش من نور محضور (5) مملؤ شرابا، فقال (6) لي: لو علمتم
بنور الله لعاينتم هذا في الاخرة. (7)
(1) من البحار. (2 و 3) من المصدر والبحار. (4) الخصال: 167 ح 219، علل
الشرائع: 234 ح 4، امالي الصدوق: 143 ح 3، مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 275
وعنها البحار: 47 / 16 ح 1 و 2 حلية الابرار: 15 ح 1. (5) في المصدر:
محصور. (6) في المصدر: ثم قال - عليه السلام. (7) دلائل الامامة: 112.
[ 214 ]
الخامس رفعه - عليه السلام - المنارة بيده اليسرى وحيطان قبر النبي - صلى
الله عليه وآله - باليمنى 1574 / 4 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال:
حدثنا سفيان، عن وكيع، عن الاعمش، عن قيس بن خالد قال: رأيت الصادق - عليه
السلام - وقد رفع منارة النبي - صلى الله عليه وآله - بيده اليسرى وحيطان
القبر بيده
اليمنى، ثم بلغ بهما عنان السماء، ثم (1) قال: أنا جعفر أنا نهر الاغور
(2) أنا صاحب الايات الاقمر أنا (ابن) (3) شبير وشبر. (4)
السادس إحياء
السمكة المسلوخة وضرب بيده الارض فإذا الدجلة والفرات تحت قدميه وأرى مطلع
الشمس ومغربها في أسرع من لمح البصر 1575 / 5 - أبو جعفر محمد بن جرير
الطبري: قال: حدثنا أبو محمد قال: حدثنا عمارة بن زيد قال: حدثنا إبراهيم
بن سعيد قال: رأيت الصادق - عليه السلام - وقد جئ إليه بسمك مسلوخ (5)،
فمسح يده على سمكة فمشت بين يديه، ثم ضرب بيده إلى الارض فإذا الدجلة
والفرات
(1) في المصدر: وقال. (2) في المصدر: الازخر. (3) من المصدر. (4) دلائل
الامامة: 112 - 113 وعنه اثبات الهداة: 3 / 139 ح 227. (5) في المصدر
والاثبات: مملوح.
[ 215 ]
تحت قدميه، ثم
أرانا السفن في البحر، ثم أرانا مطلع الشمس ومغربها في أسرع من اللمح. (1)
السابع أنه - عليه السلام - هاجت لغضبه ريح سوداء 1576 / 6 - أبو جعفر
محمد بن جرير الطبري: قال: حدثنا أبو محمد، عن وكيع، عن عبد الله بن قيس،
عن أبي قناقب الصدوجي (2) قال: رأيت أبا عبد الله جعفر بن محمد - عليه
السلام - وقد سئل عن مسألة، فغضب حتى امتلا (3) منه مسجد الرسول - صلى
الله عليه وآله - وبلغ أفق السماء،
وهاجت لغضبه ريح سوداء حتى كادت تقلع المدينة، فلما هدأ هدأت لهدوئه. فقال
- عليه السلام - لو شئت لقلبتها على من عليها، ولكن رحمة الله وسعت كل شئ.
(4)
الثامن جره - عليه السلام - السماء 1577 / 7 - أبو جعفر محمد بن جرير
الطبري: قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا عمارة بن زيد قال: حدثنا إبراهيم
بن سعد (5) قال: قلت
(1) دلائل الامامة: 113 وعنه اثبات الهداة: 3 / 140 ح 228. (2) في المصدر:
قباقب الصدوحي. (3) في المصدر: فامتلا. (4) دلائل الامامة: 113 وعنه اثبات
الهداة: 3 / 140 ح 229. (5) في المصدر: سعيد.
[ 216 ]
للصادق - عليه السلام -: أتقدر أن تمسك السماء (1) بيدك ؟ فقال: لو شئت
لحجبتها عنك ! فقلت: إفعل، قال: فرأيته قد جرها كما يجر الدابة بعنانها،
واسودت وانكسفت وذلك بعين أهل المدينة كلهم حتى ردها. (2)
التاسع إخراج
اللبن من شاة عجفاء 1578 / 8 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: حدثنا
أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الاعمش، عن إبراهيم بن وهب قال: اتي أبو عبد
الله بشاة حائل عجفاء، فمسح ظهرها (3) فدرت اللبن فاستوت. (4)
العاشر
إرتفاعه - عليه السلام - ورجوعه بطبق من رطب وكون رجله
على كتف جبرئيل والاخرى على ميكائيل ولحوقه بالنبي وعلي وفاطمة والحسن
والحسين وعلي وأبيه - عليهم السلام - 1579 / 9 - أبو جعفر محمد بن جرير
الطبري: قال: حدثنا أبو محمد، عن وكيع، عن الاعمش، عن قبيصة بن وائل قال:
كنت مع الصادق - عليه السلام - فارتفع حتى غاب (عني) (5)، ثم رجع ومعه طبق
من رطب
(1) في المصدر والاثبات: الشمس. (2) دلائل الامامة: 113 وعنه اثبات
الهداة: 3 / 140 ح 230. (3) في المصدر والاثبات: ضرعها. (4) دلائل
الامامة: 113 وعنه اثبات الهداة: 140 ح 231. (5) من المصدر.
[ 217 ]
فرجع، قال: وكانت رجلي اليمنى على كتف (1) جبرئيل واليسرى على كتف (2)
ميكائيل حتى لحقت (3) بالنبي وفاطمة والحسن والحسين وعلي وأبي - عليهم
السلام - فحيوني (بهذا لي ولشيعتي) (4). (5)
الحادي عشر إظهار الثلج
والعسل والنهر 1580 / 10 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: حدثنا عبد
الله (6) قال: حدثنا عمارة، عن ابن سعيد قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر
الصادق - عليه السلام - وقد أظلتنا هاجرة صعبة، فأظهر لنا ثلجا وعسلا
ونهرا يجري في داره في غير حفر، وذلك بالمدينة حيث (7) لا ثلج ولا عسل ولا
ماء جاري. (8)
الثاني عشر إنقلاب الحائط ذهبا وأوراق الاسطوانة 1581 / 11
- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: حدثنا أحمد
ابن منصور الرشادي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا مهلب بن قيس قال: قلت
للصادق - عليه السلام -: بأي شئ يعرف العبد (9) إمامه ؟ قال: إن
(1 و 2) في المصدر: كف. (3) في المصدر: صرت إلى النبي. (4) من المصدر. (5)
دلائل الامامة: 113 وصدره في اثبات الهداة: 3 / 140 ح 232. (6) في المصدر:
أبو محمد. (7) في المصدر: حين. (8) دلائل الامامة: 113 - 114 وعنه إثبات
الهداة: 3 / 140 ح 233. (9) في المصدر: نعرف إمامة الامام.
[ 218 ]
فعل، كذا ووضع يده على حائط فإذا الحائط ذهب، ثم وضع يده على إسطوانة،
فأورقت من ساعتها، فقال: بهذا يعرف الامام. (1)
الثالث عشر إتيانه - عليه
السلام - من المدينة إلى الغري ويمشي على الماء ورجع إلى المدينة من ليلته
1582 / 12 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: (حدثنا عبد الله قال:)
(2) حدثنا عمارة بن زيد قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد قال: حدثنا الليث بن
إبراهيم قال: صحبت جعفر بن محمد - عليه السلام - حتى أتى الغري في ليلة من
(المدينة واتى) (3) الكوفة، ثم رأيته مشى على الماء ورجع (4) إلى المدينة
ولم ينقص من الليل شئ. (5)
الرابع عشر إستجابة دعائه - عليه السلام - على
داود بن علي حين
قتل المعلى بن خنيس 1583 / 13 - محمد بن الحسن الصفار: عن إبراهيم بن
إسحق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير وداود الرقي (عن معاوية بن عمار
الدهني) (6) عن معاوية بن وهب وابن سنان قالا: كنا بالمدينة، حين بعث
(1) دلائل الامامة: 114 وعنه اثبات الهداة: 3 / 140 ح 234. (2) ليس في
المصدر. (3) من المصدر. (4) في المصدر: وعاد. (5) دلائل الامامة: 114 وعنه
اثبات الهداة: 3 / 140 ح 235. (6) من المصدر والبحار، وفيهما: ومعاوية بن
وهب، عن ابن سنان قال.
[ 219 ]
داود بن
علي إلى المعلى بن خنيس فقتله. فجلس أبو عبد الله - عليه السلام - فلم
يأته شهرا، قال: فبعث إليه أن ائتني فأبى أن يأتيه، فبعث إليه خمسة نفر من
الحرس قال: (ائتوني به فان أبى) (1) فائتوني به أو برأسه، فدخلوا عليه وهو
يصلي ونحن نصلي معه الزوال فقالوا (له) (2): أجب داود بن علي قال: فان لم
أجب ؟ قالوا: أمرنا أن نأتيه برأسك، (قال) (3): فقال: وما أظنكم تقتلون
ابن رسول الله - صلى الله عليه وآله -، فقالوا: ما ندري ما تقول وما نعرف
إلا الطاعة، قال: انصرفوا فانه خير لكم في دنياكم وآخرتكم، قالوا: والله
لا ننصرف حتى نذهب بك معنا أو نذهب برأسك. قال: فلما علم أن القوم لا
ينصرفون إلا (به أو) (4) بذهاب رأسه وخاف على نفسه، (قالوا:) (5) رأيناه
قد رفع يديه، فوضعهما على
منكبيه، ثم بسطهما، ثم دعا بسباتيه فسمعناه يقول: الساعة الساعة، (قال)
(6): فسمعنا صراخا عاليا، فقالوا له: قم ! فقال (لهم:) (7) أما إن صاحبكم
قد مات، وهذا الصراخ عليه، (فان شئتم) (8) (فابعثوا رجلا منكم، فان لم يكن
هذا الصراخ عليه) (9) قمت معكم، قال: فبعثوا رجلا
(1) من البحار، وفي المصدر: ائتوني فان أبى. (2 و 3) ليس في المصدر
والبحار. (4) ليس في المصدر والبحار، وفيهما: يذهبون بدل (ينصرفون). (5)
من المصدر والبحار. (6) ليس في المصدر والبحار. (7) من المصدر والبحار.
(8) ليس في المصدر والبحار. (9) من المصدر والبحار.
[ 220 ]
منهم فما لبث أن أقبل فقال: يا هؤلاء قد مات صاحبم، وهذا الصراخ عليه
فانصرفوا. فقلنا (1) له: جعلنا الله فداك ما كان حاله ؟ قال: قتل مولاي
المعلى ابن خنيس، فلم آته منذ شهر فبعث إلى أن آتيه، فلما (أن) (2) كان
الساعة ولم آته بعث إلى ليضرب عنقي، فدعوت الله باسمه الاعظم، فبعث الله
إليه ملكا بحربة فطعنه في مذاكيره فقتله، فقلت له: فرفع اليدين ما هو ؟
قال: الابتهال، قلت: فوضع يديك وجمعهما (3) ؟ قال: التضرع، قلت: ورفع
الاصبع قال: البصبصة. (4) 1584 / 14 - محمد بن جرير الطبري: قال: روى عبد
الله بن حماد،
عن أبي بصير وداود الرقي ومعاوية بن عمار وعبد الله بن سنان (جميعا) (5)
قالوا: كنا بالمدينة حين بعث داود بن علي إلى المعلى، بن خنيس فقتله، فجلس
(عنه) (6) أبو عبد الله - عليه السلام - شهرا لم يأته، فبعث إليه فدعاه
فأبى أن يأتيه، فبعث إليه عشرة نفر من الحرس وقال (لهم) (7): ائتوني به
فان أبى فائتوني برأسه، فدخلوا عليه وهو يصلي - ونحن معه -
(1) في المصدر والبحار: فقلت. (2) من المصدر والبحار. (3) في المصدر
والبحار: وجمعها. (4) بصائر الدرجات: 217 ح 2 وعنه البحار: 47 / 66 ح 9
وصدره في اثبات الهداة: 3 / 99 ح 73. (5) من المصدر. (6) ليس في المصدر.
(7) من المصدر.
[ 221 ]
صلاة الزوال
فقالوا له: أجب الامير (فأبى، فقالو: إن لم تجب قتلناك) (1) قال: ما أظنكم
تقتلون ابن رسول الله - صلى الله عليه وآله -. فقالوا له: ما ندري ما تقول
؟ ولا نعرف إلا الطاعة، قال: انصرفوا فانه خير لكم، قالوا: لا نرجع (إليه)
(2) إلا بما أمرنا، فلما علم أن القوم لا ينصرفون (3) إلا بما أمروا به،
رأيناه وقد رفع يديه إلى السماء، ثم وضعهما على منكبيه، ثم بسطهما، ثم
بسبابتيه (4) فسمعنا الساعة الساعة، حتى (5) سمعنا صراخا (بالمدينة) (6)
عاليا، فقالوا له: قم ! فقال: إن صاحبكم قد مات، وهذا الصراخ عليه،
فانصرفوا والناس
قد حضروه، فقالوا: انشقت مثانته (فمات) (7) فقال أبو عبد الله: دعوت الله
باسمه الاعظم وابتهلت إليه، فبعث الله إليه ملكا فطعنه بحربة في مذاكيره
فكفانا شره، قالوال: (فقلنا (8) ما الابتهال ؟ قال: رفع اليدين إلى جنب
المنكبين قلنا (9) ما البصبصة ؟ فقال: رفع الاصبع وتحريكها يعني السبابة.
(10) 1585 / 15 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن
ابن أبي نجران، عن حماد بن عثمان، عن المسمعي قال: لما
(1 و 2) من المصدر. (3) في المصدر: لا يرجعون. (4) في المصدر هكذا: ودعا
مشيرا بسباته قائلا. (5) في المصدر: وسمعنا. (6 و 7) من المصدر. (8) ليس
في المصدر. (9) في المصدر: قالوا والبصبصة ؟. (10) دلائل الامامة: 114.
[ 222 ]
قتل داود بن علي المعلى بن خنيس قال أبو عبد الله - عليه السلام -: لادعون
الله على من قتل مولاي وأخذ مالي، فقال له داود بن علي: إنك لتهددني
بدعائك. قال حماد: قال المسمعي: فحدثني معتب أن أبا عبد الله - عليه
السلام - لم يزل (ليلته) (1) راكعا وساجدا فلما كان في السحر سمعته يقول -
وهو ساجد: اللهم إني أسألك بقوتك القوية، وبجلالك الشديد، الذي كل
خلقك له ذليل أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تأخذه الساعة الساعة، فلما
(2) رفع رأسه حتى سمعنا الصيحة في دار داود بن علي، فرفع أبو عبد الله -
عليه السلام - رأسه وقال: إني دعوت الله (عليه) (3) بدعوة بعث الله عزوجل
عليه ملكا فضرب رأسه بمرزبة من حديد انشقت منها مثانته فمات. (4) 1586 /
16 - عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد (، عن محمد بن إسماعيل) (5)،
عن أبي إسماعيل السراج، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله - عليه السلام
-: أن الذي دعا به أبو عبد الله - عليه السلام - على داود ابن علي حين قتل
المعلى بن خنيس وأخذ مال أبي عبد الله - عليه السلام - (اللهم إني أسالك
بنورك الذي لا يطفي، وبعزائمك التي لا تخفى، وبعزتك التي لا تنقضي،
وبنعمتك التي لا تحصى، وبسلطانك الذي
(1) من المصدر والبحار. (2) في المصدر: فما. (3) من البحار. (4) الكافي: 2
/ 513 ح 5 وعنه البحار: 47 / 209 ح 52 واثبات الهداة: 3 / 82 ح 18. (5) من
المصدر.
[ 223 ]
كففت به فرعون عن موسى -
عليه السلام -. (1) 1587 / 17 - الكشي: عن حمدوية بن نصير قال: حدثني
العبيدي، عن إبن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن إسماعيل بن جابر:
أن أبا عبد الله - عليه السلام - لما اخبر قتل المعلى بن خنيس قال: أما
والله لقد دخل الجنة. (2)
1588 / 18 - وعن إبن أبي نجران، عن حماد الناب، عن المسعمي قال: لما أخذ
داود بن علي المعلى بن خيس حبسه فأراد قتله، فقال له معلى: أخرجني إلى
الناس فان لي دينا كثيرا ومالا حتى أشهد بذلك، فأخرجه إلى السوق، فلما
أجتمع الناس قال: أيها النسا أنا معلى بن خنيس فمن عرفني فقد عرفني،
اشهدوا أن ما تركت من مال عين أو دين أو أمة أو عبد أو دار قليل أو كثير
فهو لجعفر بن محمد - عليهما السلام - قال: فشد عليه صاحب شرطة داود فقتله.
قال: فلما بلغ ذلك أبا عبد الله - عليه السلام - خرج يجر ذيله حتى دخل على
داود بن علي وإسماعيل ابن خلفه، فقال: يا دواد قتلت مولاي وأخذت مالي،
فقال: ما أنا قتلته ولا أخذت مالك، فقال: والله لادعون الله على من قتل
مولاي وأخذ مالي ! قال: (ما أنا قتلته ولا أخذت مالك) (3) ولكن قتله صاحب
شرطتي فقال: باذنك أو بغير إذنك ؟ فقال: بغير إذني،
(1) الكافي: 2 / 557 ح 5. (2) اختيار معرفة الرجال: 367 قطعة من ح 707. (3) في المصدر والبحار بدل ما بين القوسين هكذا ما قتلته.
[ 224 ]
فقال: يا إسماعيل شأنك به، (قال) (1) فخرج إسماعيل والسيف معه حتى قتله في
مجلسه. قال: حماد: وأخبرني المسمعي عن معتب قال: فلم يزل أبو عبد الله -
عليه السلام - ليلته ساجدا وقائما (قال) (2) فسمعته في آخر الليل وهو ساجد
يقول: (اللهم (إني) (3) أسألك بقوتك القوية وبمحالك الشديدة وبعزتك التي
(كل) (4) خلقك لها ذليل أن تصلي على محمد وآل محمد
وأن تأخذه الساعة (الساعة) (5). قال: فوالله ما رفع رأسه من سجوده حتى
سمعنا الصائحة فقالوا: مات داود بن علي، فقال أبو عبد الله - عليه السلام
- (إني دعوت الله عليه بدعوة) (6) بعث الله إليه ملكا فضرب رأسه بمرزبة
انشقت (منها) (7) مثانته. (8) 1589 / 19 - ابن شهر اشوب في كتاب المناقب:
قال روى الاعمش والربيع وابن سنان وعلي بن أبي حمزة وحسين بن أبي العلاء،
وأبو المغرا وأبو بصير: أن داود بن علي بن عبد الله بن العباس لما قتل
المعلى بن خنيس وأخذ ماله، قال الصادق - عليه السلام -: قتلت مولاي، وأخذت
مالي،
(1 و 2) من المصدر. (3) من المصدر والبحار. (4) ليس في المصدر والبحار.
(5) من البحار. (6) من المصدر والبحار. (7) من المصدر. (8) رجال الكشي:
377 ح 708 وعنه البحار: 47 / 352 ح 59 وذيله في البحار: 95 / 225 ح 24.
[ 225 ]
أما علمت أن الرجل ينام على الثكل ولا ينام على الحرب ؟ (أما) (1) والله
لادعون الله عليك. فقال له داود: تهددنا بدعائك ؟ كالمستهزئ بقوله، فرجع
أبو عبد الله - عليه السلام - إلى داره، فلم يزل ليله كله قائما وقاعدا،
فبعث إليه داود
خمسة من الحرس وقال: ائتوني به، فإن أبى فائتوني برأسه، فدخلوا عليه وهو
يصلي فقالوا له: أجب داود. قال: فإن لم أجب ؟ قالوا: أمرنا بأمر، قال:
فانصرفوا فانه (هو) (2) خير لكم لدنياكم (3) وآخرتكم، فأبوا إلا خروجه،
فرفع يديه فوضعهما على منكبيه ثم بسطهما، ثم دعا بسبابته فسمعناه يقول:
الساعة الساعة، حتى سمعنا صراخا عاليا فقال لهم: إن صاحبكم قد مات،
فانصرفئوا ! فسئل فقال: بعث إلي ليضرب عنقي، فدعوت (عليه) (4) بالاسم
الاعظم، فبعث الله إليه ملكا بحربة فطعنه في مذاكيره فقلته. قال: وفي
رواية لبابة بنت عبد الله بن العباس: بات داود تلك الليلة (حائرا) (5) قاد
أغمى عليه، (فقمت) (6) أفتقده في الليل، فوجدته مستلقيا على قفاه وثعبان
قد انطوى على صدره، وجعل فاه على فيه، فأدخلت يدي في كمي فتناولته فعطف
فاه (الي) (7) فرميت به فانساب في ناحية البيت، وانبهت داود فوجدته حائرا
قد احمرت عيناه، فكرهت أن أخبره
(1) من المصدر والبحار. (2) من البحار، وفيه: في دنياكم بدل (لدنياكم). (3) في البحار: في دنياكم. (4 - 7) من المصدر والبحار.
[ 226 ]
بما كان، وجزعت عليه (وحركت) (1). ثم انصرفت فوجدت ذلك الثعبان كذلك،
ففعلت به مثل الذي فعلت في المرة الاولى، وحركت داود فأصبته ميتا، فما رفع
جعفر - عليه
السلام - رأسه من السجود حتى سمع الواعية. (2)
الخامس عشر إخباره - عليه
السلام - أن المعلى بن خنيس يقتله داود ويصلبه. 1590 / 20 - الكشي:
باسناده عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - (يقول:) (3)
وجرى ذكر المعلى بن خنيس، قال: يا أبا محمد اكتم علي ما أقول لك في
المعلى، قلت: أفعل، فقال: أما إنه ما كان ينال درجتنا إلا بما ينال منه
داود بن علي، قلت: وما الذي يصيبه من داود ؟ فقال (4): يدعو به فيأمر به
فيضرب عنقه ويصلبه، قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون قال: ذاك قابل. (قال:)
(5) فلما كان قابل، ولي (داود) (6) المدينة فقصد قتل (7) المعلى، فدعاه
فسأله عن شيعة أبي عبد الله - عليه السلام - وأن يكتبهم له،
(1) ليس في المصدر والبحار. (2) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 230 - 231 وعنه
البحار: 47 / 177 ح 24. (3) من المصدر. (4) في المصدر: قال. (5) من
المصدر. (6) من البحار. (7) كذا في البحار، وفي المصدر والاصل: قصد.
[ 227 ]
فقال: ما أعرف من أصحاب أبي عبد الله - عليه السلام - أحدا، وإنما أنا رجل
أختلف في حوائجه ولا أعرف له صاحبا، قال: تكتمني ؟ أما إن كتمتني قتلتك،
فقال له المعلى: بالقتل تهددني والله لو كان (1) تحت قدمي ما
رفعت قدمي عنهم، وإن أنت قتلتني لتسعدني وأشقيك، فكان كما قال أبو عبد
الله - عليه السلام -: لم يغادر منه قليلا ولا كثيرا. (2) 1591 / 21 - أبو
جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: روى الحسين قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن
محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن الحسين بن أبي العلاء وابن ابي المغرا
جميعا، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد الله - عليه السلام - فجرى ذكر
المعلى بن خنيس، قال: يا بني اكتم ما أقول لك في المعلى، قلت: أفعل، قال:
إنه ما كان ينال درجتنا إلا بما ينال دواد بن علي منه، قلت: وما الذي ينال
داود بن علي منه ؟ قال: يدعو به لعنه الله ويأمر به، فيضرب عنقه ويصلبه،
قلت (3): إنا لله وإنا إليه راجعون قال: ذلك في قابل فلما كان في قابل ولي
المدينة فقصد قتل (4) المعلى، فدعاه فسأله عن شيعة أبي عبد الله - عليه
السلام - أن يكتبهم له، قال: ما أعرف من أصحابه أحد، وإنما أنا رجل أختلف
في
(1) في المصدر والبحار: كانوا. (2) رجال الكشي: 380 ح 713 وعنه البحار: 47
/ 109 ح 144 - 146 وعن مناقب ابن شهر اشوب المذكور في ذيل الحديث الاتي
والخرائج: 2 / 647 ح 57 وفرج المهموم: 229. واخرجه في اثبات الهداة: 3 /
120 ح 152 عن الخرائج. ويأتي في المعجزة (254) عن الهداية الكبرى للحضيني
مفصلا. (3) في المصدر: قال. (4) في المصدر: جاء والي المدينة يقصد المعلى.
[ 228 ]
حوائجه، وما يتوجه (إلي) (1) ولست أعرف له صاحبا، قال: أما إنك إن كتمتني
قتلتك، قال: بالقتل تهددني ؟ ! والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت
(قدمي) (2) عنهم (لك) (3) ولئن قتلتني ليسعدني الله إن شاء الله ويشقيك
الله، (قال:) (4) فقتله. ورواه ابن شهر اشوب في المناقب: قال أبو بصير:
سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - يقول: وقد جرى ذكر المعلى بن خنيس
فقال: يا أبا محمد اكتم (علي) (5) ما أقول لك في المعلى قلت: أفعل، وساق
الحديث بعينه إلا أن فيه لو كانوا (6) تحت قدمي ما رفعت (قدمي) (7) عنهم،
وإن أنت قتلتني لستعدني ولتشقين. فلما أراد قتله قال المعلى: أخرجني إلى
الناس، فان لي أشياء كثيرة، حتى اشهد بذلك، فأخرجه إلى السوق، فلما اجتمع
الناس قال: (يا) (8) أيها الناس أشهدوا أن ما تركت من مال عين أو دين أو
أمة أو عبد أو دار أو قليل أو كثير فهو لجعفر بن محمد - عليه السلام -
(فقتل) (9). (10)
(1 - 4) من المصدر. (5) من المصدر والبحار. (6) كذا في المصدر والبحار وفي
الاصل: كان. (7) من المصدر والبحار. (8) ليس في المصدر والبحار. (9) من
المصدر والبحار. (10) دلائل الامامة: 118، مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 225،
وأخرجه في البحار: 47 / 129 صدر ح 176 عن المناقب، متحد مع قبله.
[ 229 ]
السادس عشر أنه - عليه السلام - وصل المعلى بن خنيس من المدينة
إلى منزله بالكوفة ومنها إلى المدينة في وقت واحد 1592 / 22 - سعد بن عبد
الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن (1) محمد بن خالد البرقي، عن (أبي) (2)
الربيع الوراق، عن بعض أصحابه، عن حفص الابيض قال: دخلت على أبي عبد الله
- عليه السلام - أيام قتل المعلى بن خنيس وصلبه، فقال: يا حفص إني نهيت
المعلى عن أمر فأذاعه، فقتل (3) بما ترى. قلت له: إن لنا حديثا من حفظه
حفظ الله عليه دينه ودنياه ومن أذاعه علينا سلبه الله دينه. يا معلى، لا
تكونوا أسرى في أيدي الناس لحديثنا، إن شاؤا آمنوا عليكم وإن شاؤا قتلوكم،
يا معلى إنه من كتم الصعب من حديثنا جعله الله نورا بين عينيه ورزقه الله
العز في الناس، يا معلى من أذاع الصعب من أحاديثنا (4) لم يمت حتى يعضه
السلاح، أو يموت بخبل، إني رأيته يوما حزينا، فقلت: مالك ذكرت (5) أهلك
وعيالك ؟ فقال: نعم. فمسحت وجهه
(1) في المصدر: و. (2) ليس في المصدر. (3) في المصدر: فأقبل. (4) في المصدر: حديثنا. (5) في المصدر: أذكرت.
[ 230 ]
فقلت: أين (1) تراك ؟ فقال: أراني في بيتي مع زوجتي وعيالي، فتركته في تلك
الحال مليا، ثم مسحت وجهه، فقلت: أين تراك ؟ قال:
أراني معك في المدينة، فقلت له: احفظ ما رأيت ولا تدعه (2)، فقال لاهل
المدينة: إن الارض تطوى لي فأصابه ما قد رأيت. (3) 1593 / 23 - أبو جعفر
محمد بن جرير الطبري: قال: روى محمد ابن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن حفص
الابيض التمار قال: دخلت على أبي عبد الله - عليه السلام - أيام صلب
المعلى بن خنيس - رحمه الله - فقال لي: يا حفص إني أمرت المعلى بأمر
فخالفني، فابتلى بالحديد، إني نظرت إليه يوما فرأيته كئيبا حزينا، فقلت
له: (ما لي أراك كئيبا حزينا ؟ فقال لي: ذكرت أهلي وولدي فقلت:) (4) ادن
مني فدنا مني، فمسحت وجهه بيدي، وقلت له: أين أنت ؟ قال: يا سيدي أنا في
منزلي هذه والله زوجتي وولدي، فتركته حتى أخذ وطره منهم واستقرب منه، حتى
نال حاجته من أهله وولده، حتى كان منه إلى أهله ما يكون من الزوج إلى
المرأة. ثم قلت له: ادن مني، فدنا فمسحت وجهه، وقلت له: أين أنت ؟ فقال:
أنا معك في المدينة وهذا بيتك، فقلت له: يا معلى إن لنا حديثا من حفظه
علينا حفظه الله وحفظ عليه دينه وديناه، يا معلى لا تكونوا اسراء في أيدي
الناس بحديثنا، إن شاؤا آمنوا عليكم وإن شاؤا قتلوكم. يا معلى إنه من كتم
الصعب من حديثنا جعله الله نورا بين عينيه
(1) في المصدر: أنى. (2) في المصدر: تذعه. (3) مختصر البصائر: 98 - 99. (4) من المصدر.
[ 231 ]
وأعزه في الناس من غير عشيرة، ومن أذاعه لم يمت حتى يذوق عضة
الحديد، وألح عليه الفقر والفاقة في الدنيا حتى (1) يخرج منها، ولا ينال
منها شيئا وعليه في الاخرة (غضب) (2) وله عذاب أليم، ثم قلت له: يا معلى
أنت مقتول فاستعد. (3) 1594 / 24 - الكشي: عن إبراهيم بن محمد بن العباس
الختلي قال: حدثني أحمد بن إدريس القمي المعلم قال: حدثني محمد بن أحمد بن
يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن
حفص الابيض التمار قال: دخلت على أبي عبد الله - عليه السلام - أيام صلب
المعلى بن خنيس - رحمه الله - فقال لي: يا حفص إني أمرت المعلى فخالفني
فابتلى بالحديد، إني نظرت إليه يوما وهو كئيب حزين، فقلت: يا معلى كأنك
ذكرت أهلك وعيالك ؟ قال: أجل، قلت: ادن مني، فدنا مني فمسحت وجهه فقلت:
أين تراك ؟ فقال: أراني هذا أهلي (4) وهذه زوجتي وهذا ولدي، (قال) (5)
فتركته حتى يمل (6) منهم (واستترت منهم) (7) حتى نال ما ينال الرجل من
أهله، ثم قلت: ادن مني، فدنا مني، فمسحت وجهه فقلت: أين تراك ؟ فقال:
أراني معك في المدينة، قال: قلت: يا معلى إن لنا حديثا من
(1) في المصدر: و. (2) من المصدر. (3) دلائل الامامة: 136. (4) في المصدر:
في أهل بيتي وهوذا. (5) ليس في المصدر. (6) في المصدر: تملا. (7) من
المصدر. (*)
[ 232 ]
حفظه علينا حفظه الله عليه دينه
ودنياه، يا معلى لا تكونوا أسرى في أيدي الناس بحديثنا، إن شاؤا أمنوا (1)
عليكم وإن شاؤا قتلوكم، يا معلى إنه من كتم الصعب من حديثنا جعله الله
نورا بين عينيه وزوده القوة في الناس، ومن أذاع الصعب من حديثنا لم يمت
حتى يعضه السلاح أو يموت بخبل، يا معلى أنت مقتول فاستعد. (2) 1595 / 25 -
وفي كتاب الاختصاص للشيخ المفيد هكذا: أحمد ابن الحسين بن سعيد، عن أبيه،
عن محمد بن سنان، عن حماد بن عثمان، عن المعلى بن خنيس قال: كنت عند أبي
عبد الله - عليه السلام - في بعض حوائجه، فقال لي: ما لي أراك كئيبا حزينا
؟ فقلت: ما بلغني من أمر العراق وما فيها من هذا (3) الوباء، فذكرت عيالي،
فقال: أيسرك أن تراهم ؟ فقلت: وددت والله قال: فاصرف وجهك فصرفت وجهي، ثم
قال: أقبل بوجهك فإذ داري متمثلة نصب عيني، فقال لي: ادخل دارك فدخلت،
فإذا (أنا) (4) لا أفقد من عيالي صغيرا ولا كبيرا إلا وهو في داري بما
فيها، فقضيت وطري ثم خرجت، فقال: اصرف وجهك فصرفته فلم أر شيئا. (5)
(1) في المصدر: منوا. (2) رجال الكشي: 378 ح 709 وعنه البحار: 2 / 71 ح 34
والعوالم: 3 / 307 ح 18 وعن بصائر الدرجات: 403 ح 2، وفي البحار: 47 / 87
- 88 ح 91 - 92 عنهما وعن الاختصاص: 321، وفي ج 25 / 380 ح 34 عن
الاختصاص، وفي اثبات الهداة: 3 / 104 ح 95 عن البصائر. (3) في المصدر:
هذه. (4) من المصدر.
(5) الاختصاص: 323 وعنه البحار: 47 / 91 ح 98 وعن بصائر الدرجات: 406 ح 8
واخرجه في اثبات الهداة: 3 / 108 ح 109 عن البصائر.
[ 233 ]
1596 / 26 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: روى أحمد ابن الحسن، عن
أبيه، عن محمد بن يسار، عن حماد بن عيسى، عن المعلى ابن خنيس قال: كنت عند
أبي عبد الله - عليه السلام - فقال: ما لي أراك كئيبا حزينا ؟ فقلت: بلغني
عن العراق وما أصاب أهله من الوباء، فذكرت عيالي وداري ومالي هناك، فقال:
أيسرك أن تراهم ؟ فقلت: إي والله إنه ليسرني ذلك. قال: فحول وجهك نحوهم،
فحولت وجهي، فمسح يده على وجهي، فإذا داري وأهلي وولدي ممثلة بين يدي نصب
عيني، قال: فقال: ادخل دارك فدخلتها حتى نظرت (إلى) (1) جميع ما فيها من
عيالي ومالي (2)، ثم بقيت ساعة حتى مللت منهم، ثم خرجت، قال (لي) (3)، حول
وجهك، فحولت وجهي، فنظرت فلم أر شيئا. (4)
السابع عشر علمه - عليه السلام
- بما أضمر عليه إبن أبي يعفور ومعلى بن خنيس. 1597 / 27 - الكشي: عن محمد
بن (الحسن) (5) البراثي وعثمان
(1) من
المصدر. (2) في المصدر: وولدي. (3) ليس في المصدر. (4) دلائل الامامة:
138، متحد مع الحديث السابق. (5) من المصدر والبحار، وفي المصدر: البراني.
(*)
[ 234 ]
(معا) (1) قالا: حدثنا محمد بن
يزداد (2)، عن محمد بن الحسين، عن الحجال، عن أبي مالك الحضرمي، عن أبي
العباس البقباق (قال:) (3) تذاكر ابن أبي يعفور ومعلى بن خنيس، فقال ابن
أبي يعفور: الاوصياء علماء الابرار (4) أتقياء، وقال المعلى بن خيس:
الاوصياء أنبياء. قال: فدخلا على أبي عبد الله - عليه السلام - (قال:) (5)
فلما استقر مجلسهما قال: فبدأهما أبو عبد الله - عليه السلام - فقال: يا
عبد الله أبرأ ممن (6) قال: إنا أنبياء. (7) قلت: قال بعض علماء الرجال:
يكون هذا محمولا على أول أمر معلى بن خنيس لمنافاته لما تقدم من الروايات.
الثامن عشر استكفاؤه - عليه السلام - أبا جعفر المنصور بحيث صار لا يبصر
مولاه ومولاه لا يبصره 1598 / 28 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد، عن الحسين (8) بن علي، عن علي بن ميسر قال: لما قدم أبو عبد
الله - عليه السلام - على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على رأسه، وقال
له:
(1) من البحار. (2) كذا في
المصدر، وفي البحار والاصل: زياد. (3) من المصدر والبحار، وفي المصدر:
تدارء بدل (تذاكر). (4) في المصدر والبحار: أبرار. (5) من المصدر والبحار.
(6) في البحار: مما. (7) رجال الكشي: 246 ح 456 وعنه البحار: 25 / 291 ح
48.
(8) في المصدر: الحسن بن علي.
[ 235 ]
إذ
دخل علي فاضرب عنقه. فلما دخل أبو عبد الله - عليه السلام - نظر إلى أبي
جعفر وأسر شيئا فيما بينه وبين نفسه لا يدرى ما هو، ثم أظهر: يا من يكفي
خلقه كلهم ولا يكفيه أحد إكفني شر عبد الله بن علي. قال: فصار أبو جعفر لا
يبصر مولاه وصار مولاه لا يبصره، فقال أبو جعفر: يا جعفر بن محمد لقد
عييتك في هذا الحر فانصرف، فخرج أبو عبد الله - عليه السلام - من عنده،
فقال أبو جعفر لمولاه: ما منعك أن تفعل ما أمرتك به ؟ فقال: لا والله ما
أبصرته ولقد جاء شئ فحال بيني وبينه، فقال أبو جعفر له: والله لئن حدثت
بهذا الحديث أحدا لاقتلنك. (1) 1599 / 29 - سعد بن عبد الله القمي: عن
أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن ميسر قال: لما قدم أبو
عبد الله - عليه السلام - على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى على رأسه، وقال
له: إذا دخل علي فاضرب عنقه. فلما دخل أبو عبد الله - عليه السلام - على
أبي جعفر فنظر - عليه السلام - إلى أبي جعفر، وأسر شيئا فيما بينه وبين
نفسه ولم يدر ما هو، ثم أظهر (يا من يكفي خلقه كله ولا يكفيه أحد اكفني
شره) (2) فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه وصار مولاه لا يبصره (فقال أبو
جعفر: يا جعفر بن محمد لقد غثثتك (3) في هذا الحر، فانصرف، فخرج أبو عبد
الله - عليه السلام - من
(1) الكافي:
2 / 559 ح 12 وعنه اثبات الهداة: 3 / 82 ح 20 وعن بصائر الدرجات ومختصر
البصائر الاتيين فيما بعد، واورده المؤلف في حلية الابرار: 4 / 73 ح 4.
(2) في المصدر: شر عبد الله بن محمد بن علي وفي البحار: شر عبد الله بن
علي. (3) في البحار: أتعبتك.
[ 236 ]
عنده) (1) فقال أبو جعفر لمولاه: ما منعك أن تفعل كما (2) أمرتك (به) (3)
؟ ! فقال: لا والله ما أبصرته، ولقد جاء شئ فحال بيني وبينه. فقال أبو
جعفر: والله لئن حدثت بهذا الحديث أحدا لا قتلنك. (4) 1600 / 30 - ثاقب
المناقب: عن علي بن ميسر قال: لما قدم أبو عبد الله - عليه السلام - (علي
أبي جعفر) (5) أقام أبو جعفر مولى له على رأسه وقال (له) (6): إذا دخل علي
فاضرب عنقه. فلما دخل أبو عبد الله - عليه السلام - ونظر (إلى) (7) أبي
جعفر أسر شيئا فيما بينه وبين نفسه لم يدر ما هو، ثم أظهر: (يا من يكفي
خلقه (كله) (8) ولا يكفيه أحد اكفني) فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه وصار
مولاه لا (9) يبصره، فقال أبو جعفر: يا جعفر بن محمد، لقد غشيك في هذا
الحر (جشمت) (10)، فانصرف. وخرج أبو عبد الله - عليه السلام - من عنده،
فقال لمولاه: ما منعك أن تفعل ما أمرتك (به) (11) ؟ فقال: لا والله ما
أبصرته، ولقد جاء شئ فحال بيني وبينه.
(1) من المصدر والبحار. (2) في المصدر والبحار: ما. (3) من المصدر
والبحار. (4) مختصر البصائر: 8 - 9 وعنه البحار: 47 / 169 - 170 ح 11 و 12
وعن بصائر الدرجات: 494 ح 1 والخرائج: 2 / 773 ح 96. (5 - 8) من المصدر.
(9) في المصدر: ولا مولاه يبصره. (10) ليس في المصدر، وفيه (عنيتك) بدل:
غشيك. (11) من المصدر.
[ 237 ]
فقال (له) (1) أبو جعفر: والله لئن حدثت بهذا الحديث أحدا لاقتلنك. (2)
1601 / 31 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: عن الحسين قال: أخبرنا أحمد بن
محمد، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن بعض أصحابنا قال: قال أبو جعفر
لحاجبه: إذا دخل علي جعفر بن محمد فادخل واقتله قبل أن يصل إلي، قال: فدخل
أبو عبد الله - عليه السلام - فجلس، قال: فأرسل (إلى الحاجب) (3) فدعاه
فنظر إليه وأبو عبد الله - عليه السلام - قاعد، ثم قال لي: عد إلى مكانك،
فأقبل يضرب بيده على الاخرى، فلما قام أبو عبد الله - عليه السلام - وخرج
دعا صاحبه فقال: أما (4) أمرتك ؟ قال: والله ما رأيته حيث خرج ولا رأيته
وهو قاعد عندك. (5)
التاسع عشر إستكفاء المنصور. 1602 / 32 - محمد بن
يعقوب: عن علي بن محمد، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن أبي القاسم
الكوفي، عن محمد بن إسماعيل، عن معاوية بن عمار والعلاء بن سيابة وظريف بن
ناصح قال: لما بعث أبو الدوانيق إلى أبي عبد الله - عليه السلام - رفع يده
إلى السماء ثم قال: اللهم إنك حفظت الغلامين بصلاح أبويهما فاحفظني بصلاح
آبائي محمد - صلى الله
(1) من المصدر. (2) الثاقب في المناقب: 422 ح 7.
(3) من المصدر. (4) في المصدر: دعا حاجبه فقال: باي شئ أمرتك ؟. (5) دلائل الامامة: 119.
[ 238 ]
عليه وآله -، وعلي، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي -
عليهم السلام -، اللهم إني أدرء بك في نحره، وأعوذ بك من شره. ثم قال
للجمال: سر، فلما استقبله الربيع بباب أبي الدوانيق قال له: يا أبا عبد
الله ما أشد باطنه عليك ! لقد سمعته يقول: والله لا تركت لهم نخلا إلا
عقرته، ولا مالا إلا نهبته، ولا ذرية إلا سبيتها، قال: فهمس بشئ خفي وحرك
شفتيه، فلما دخل سلم وقعد فرد عليه السلام، ثم قال: أما والله لقد هممت أن
لا أترك لك نخلا إلا عقرته، ولا مالا إلا أخذته. فقال أبو عبد الله - عليه
السلام -: يا أمير المؤمنين إن الله عزوجل ابتلى أيوب فصبر، وأعطى داود
فشكر، وقدر يوسف فغفر، وأنت من ذلك النسل، ولا يأتي ذلك النسل إلا بما
يشبهه، فقال: صدقت فقد عفوت عنكم، فقال له: يا أمير المؤمنين إنه لم ينل
منا أهل البيت أحد دما إلا سلبه الله ملكه، فغضب لذلك واستشاط (1)، فقال:
على رسلك (2) يا أمير المؤمنين إن هذا الملك كان في آل أبي سفيان. فلما
قتل يزيد - لعنه الله - حسينا - عليه السلام - سلبه الله ملكه، فورثه
(الله) (3) آل مروان، فلما قتل هشام زيدا سلبه الله ملكه، فورثه مروان بن
محمد، فلما قتل مروان إبراهيم (4) سلبه الله ملكه، فأعطاكموه فقال:
(1) إستشاط: إلتهب غضبا. (2) الرسل: بكسر الراء المهملة، الرفق.
(3) ليس في المصدر والبحار. (4) هو ابراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن
العباس زعيم الدعوة العباسية قبل ظهورها، وكان معروفا بالامام، ولد سنة
(82) ه وقتله مروان الحمار في السجن بحران سنة (131) ه - الاعلام: 1 /
54.
[ 239 ]
صدقت هات ارفع حوائجك فقال: الاذن، فقال: هو في يدك متى شئت، فخرج فقال له
الربيع: قد أمر لك بعشرة الاف درهم، قال: لا حاجة لي فيها، قال: إذن تغضبه
(فقال هات) (1) فأخذها ثم تصدق بها. (2) 1603 / 33 - ومن طريق المخالفين
ما رواه إبن شهر اشوب من كتاب التهريب والترغيب عن أبي القاسم الاصفهاي
وكتاب العقد (3) عن ابن عبد ربه الاندلي: أن المنصور لما رآه قال: قتلني
الله إن لم أقتلك. فقال له: إن سليمان اعطي فشكر، وإن أيوب ابتلى فصبر،
وإن يوسف ظلم فغفر، وأنت على إرث منهم وأحق من تأسى بهم، فقال مشيرا إلى
أبي عبد الله - عليه السلام - (4): فأنت القريب القرابة، و (ذو) (5) الرحم
الواشجة، السليم الناحية، القليل الغائلة، ثم صافحه بيمينه وعانقه بشماله،
وأمر له بكسوة وجائزة. وفي خبر آخر عن الربيع: أنه أجلسه إلى جانبه، فقال
له: ارفع حوائجك، فأخرج رقاعا لاقوام، فقال المنصور: ارفع حوائجك في نفسك،
فقال: لا تدعوني حتى أجيئك فقال: ما (لي) (6) إلى ذلك (من) (7)
(1) ليس في المصدر والبحار وفيهما: فخذها. (2) الكافي: 2 / 562 ح 22 وعنه
البحار: 208 ح 51 وحلية الابرار: 4 / 73 ح 5. (3) العقد الفريد: 2 / 159 -
160 وج 3 / 224 - 225.
(4) في المصدر والبحار هكذا: فقال: إلي يا أبا عبد الله - عليه السلام -.
(5) من المصدر والبحار. (6) ليس في المصدر والبحار، وفي المصدر: حتى
اجيبك. (7) من المصدر.
[ 240 ]
سبيل. (1)
العشرون التنين الذي خرج للمنصور. 1604 / 34 - إبن شهر اشوب:
قال الربيع الحاجب: أخبرت الصادق - عليه السلام - بقول المنصور (لا قتلنك
و) (2)، لاقتلن أهلك حتى لا ابقي على الارض منكم قامة سوط، ولاخربن
المدينة حتى لا أترك فيها جدارا قائما، فقال: لا ترع من كلامه، ودعه في
طغيانه، فلما صار بين السترين سمعت المنصور يقول: أدخلوه إلي سريعا، فلما
دخلته (3) عليه فقال: مرحبا بابن العم النسيب، وبالسيد القريب، ثم أخذه
(4) بيده، وأجلسه على سريره وأقبل عليه، ثم قال: أتدري لم بعثت إليك ؟
فقال: وأنى لي علم الغيب ! ؟ فقال: أرسلت إليك لتفرق هذه الدنانير في
أهلك، وهي عشرة الاف دينار، فقال: ولها غيري، فقال: أقسمت عليك يا أبا عبد
الله لتفرقها على فقراء أهلك، ثم عانقه بيده وأجازه وخلع عليه وقال (لي:)
(5) يا ربيع أصحبه قوما يردونه إلى المدينة، قال: فلما خرج أبو عبد الله -
عليه السلام - قلت له: يا أمير المؤمنين لقد كنت من أشد (6) الناس عليه
غيظا فلما الذي أرضاك عنه ؟ ! قال: يا
(1) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 231 وعنه البحار: 47 / 178 ح 26. (2) من المصدر والبحار.
(3) في المصدر والبحار: فأدخلته. (4) في المصدر والبحار: أخذ. (5) من البحار. (6) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل أعداء.
[ 241 ]
ربيع لما حضرت الباب رأيت تنينا عظيما يقرض أنيابه، وهو يقول بألسنة
الادميين: إن أنت أسأت لابن (1) رسول الله لا فصلن لحمك من عظمك، فأفزعني
ذلك، وفعلت به ما رأيت. (2)
الحادي والعشرون التنين الذي رآه المنصور 1605
/ 35 - السيد المرتضى في عيون المعجزات: قال: روي مرفوعا إلى محمد بن
الاسقنطري قال: كنت من خواص المنصور أبي جعفر الدوانيقي، وكنت أقول بإمامة
أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق - عليه السلام -، فدخلت يوما على أبي
جعفر الدوانيقي، وإذا هو يفرك يديه، ويتنفس تنفسا باردا، فقلت: يا أمير
المؤمنين ما هذه الفكرة ؟ فقال: يا محمد إني قتل من ذرية فاطمة بنت رسول
الله - صلى الله عليه وآله - ألفا أو يزيدون وقد تركت سيدهم المشار إليه،
فقلت له: ومن ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: ذلك جعفر بن محمد - عليه
السلام -، فقلت له: إن جعفر بن محمد - عليه السلام - رجل قد أنحلته
العبادة واشتغل بالله عما سواه وعما في أيدي الملوك، فقال: يا محمد قد
علمت بأنك تقول بإمامته، والله إنه لامام هذا الخلق كلهم، ولكن الملك
عقيم، وآليت على نفسي أن لا أمسي أو أفرغ منه.
قال محمد: فوالله لقد أظلم علي البيت من شدة الغم، ثم دعا
(1) في المصدر والبحار: أشكت ابن. (2) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 231 وعنه البحار: 47 / 178 ح 25.
[ 242 ]
المنصور بالموائد فأكل وشرب ثلاثة أرطال (خمر) (1)، ثم أمر الحاجب أن يخرج
كل من في المجلس ولم يبق إلا أنا وهو، ثم دعا بسياف له وقال له: ويلك يا
سياف، فقال له: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: إذا أنا أحضرت (2) جعفر بن
محمد وجاريته الحديث وقلعت القلنسوة عن رأسي فاضرب عنقه، فقال: نعم يا
أمير المؤمنين، قال محمد: فضاقت علي الارض برحبها، فلحقت السياف فقلت له
سرا: ويلك تقتل جعفر بن محمد - عليه السلام - ويكون خصمك رسول الله - صلى
الله عليه وآله - ؟ فقال السياف: والله لا فعلن ذلك، قلت: وما الذي تفعل ؟
قال: إذا حضر أبو عبد الله وأشغله (3) أبو جعفر الدوانيقي بالكلام وأخذ
قلنسوته عن رأسه ضربت عنق أبي جعفر الدوانيقي، فقلت: قد أصبت الرأي ولم
أبل بما قد صرت إليه ولا (ما) (4) يكون من أمري، فأحضر أبو عبد الله جعفر
- عليه السلام - (على حمار مصري) (5) فلحقته في السير الاول وهو يقول: يا
كافي موسى (من) (6) فرعون يا كافي محمد الاحزاب، ثم لحقته في الستر الذي
بينه وبين المنصور وهو يقول: يا دائم، ثم تكلم بكلام وأطبق شفتيه - عليه
السلام - ولم أدر ما الذي قال، (قال) (7): فرأيت القصر يموج بي كأنه سفينة
في موج البحار، ورأيت المنصور وهو يسعى بين يدي أبي عبد الله الصادق -
عليه السلام - حافي
(1) ليس في المصدر.
(2) كذا في المصدر، وفي الاصل: حضرت. (3) في المصدر: وشغله. (4 - 6) من المصدر. (7) ليس في المصدر.
[ 243 ]
القدم مشكوف الرأس، قد اصطكت اسنانه وارتعدت فرائصه، يسود ساعة ويصفر ساعة
اخرى، حتى أخذ بعضد أبي عبد الله - عليه السلام - وأجلسه على سرير ملكه
وجثى بين يديه كما يجثو العبد بين يدي سيده، ثم قال له: يا رسول الله ما
الذي جاء بك في هذا الوقت ؟ فقال - عليه السلام -: دعوتني فأجبتك، فقال له
المنصور: سل ما شئت ؟ فقال أبو عبد الله - عليه السلام -: حاجتي أن لا
تدعوني حتى أجيئك (1)، ولا تسأل عني حتى أسأل عنك، فقال المنصور: لك ذلك،
وخرج أبو عبد الله - عليه السلام - من عنده، فدعا المنصور بالدواويح
والفنك والسمور والحواصل وهو يرتعد، فنام تحته فلم ينتبه إلا في نصف
الليل، فلما انتبه وإني عند رأسه جالس، فقال لي: أجالس أنت يا محمد ؟ قلت:
نعم يا أمير المؤمنين، فقال: ارفق حتى أقضي ما فاتني من الصلاة واحدثك،
فلما انفتل من الصلاة أقبل علي وقال: يا محمد لما أحضرت أبا عبد الله جعفر
بن محمد - عليه السلام - وقد هممت من السوء ما (2) قد هممت به، رأيت تنينا
قد حوى (3) بذنبه جميع البلد وقد وضع شفته السفلى في أسفل قبتي هذه، وشفته
العليا في أعلى مقامي وهو ينادي بلسان طلق ذلق عربي مبين ويقول: يا عبد
الله إن الله عزوجل بعثني وأمرني إن أحدثت بجعفر بن محمد حدثا بأن أبتلعك
مع أهل قصرك هذا ؟ فطاش عقلي وارتعدت
فرائصي.
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: أجيبك. (2) في المصدر: بما. (3) في المصدر: جرى.
[ 244 ]
قال محمد: قلت: أسحر هذا يا أمير المؤمنين ؟ فقال لي: أسكت ويلك أما تعلم
أن جعفر بن محمد - عليه السلام - وارث النبيين والوصيين وعنده الاسم
الاعظم المخزون الذي لو قرأه على الليل لانار وعلى النهار لاظلم وعلى
البحار لسكنت، فقلت له: يا أمير المؤمنين فدعه على شأنه ولا تسأل عنه بعد
يومك هذا، فقال المصنور: والله لا سألت عنه أبدا. قال محمد: فوالله ما سأل
عنه المنصور قط. (1)
الثاني والعشرون الهيبة التي تعرض للمنصور إذا هم
بقتله - عليه السلام - 1606 / 36 - ابن شهر اشوب: عن محمد بن سنان، عن
المفضل بن عمر: أن المنصور قد كان هم بقتل أبي عبد الله - عليه السلام -
غير مرة، فكان إذا بعث إليه ودعاه لقتله (2) فإذا نظر إليه هابه ولم يقتله
غير أنه منع الناس عنه، ومنعه من القعود للناس، واستقصى (عليه) (3) أشد
الاستقصاء حتى (أنه) (4) كان يقع لاحدهم مسألة في دينه، في نكاح أو طلاق
أو غير ذلك فلا يكون علم ذلك عندهم، ولا يصلون إليه فيعتزل الرجل وأهله،
فشق ذلك على شيعته وصعب عليهم حتى ألقى الله عز وجل في روع المنصور أن
يسأل الصادق - عليه السلام - ليتحفه بشئ من
(1) عيون المعجزات: 89 - 91، متحد مع ح 40. (2) في المصدر والبحار: ليقتله. (3 و 4) من المصدر والبحار.
[ 245 ]
عنده لا يكون لاحد مثله، فبعث إليه بمحضرة كانت للنبي - صلى الله عليه
وآله - طولها ذراع، ففرح بها فرحا شديدا، وأمر أن تشق له أربعة أرباع
وقسمها في أربعة مواضع، ثم قال له: ما جزاؤك عندي إلا أن أطلق لك، وتفشي
علمك لشيعتك ولا أتعرض لك ولا لهم، فاقعد غير محتشم وافت الناس ولا تكون
في بلدنا (1) تقية، ففشى العلم عن الصادق - عليه السلام. (2)
الثالث
والعشرون إبطاله - عليه السلام - لسحر السحرة بحضرة المنصور وأكل صورة
السباع مصور بها. 1607 / 37 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: أخبرني
أبو الحسين محمد بن هارون قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن
موسى بن بابويه قال: حدثنا أبو محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد النيسابوري
الحذاء قال: حدثني أبو الحسن علي بن عمرو بن محمد الرازي الكاتب قال:
حدثنا محمد بن الحسن السراج قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن
محمد بن هذيل، عن محمد بن سنان، عن الربيع قال: وجه المنصور وجاء بالخبر
على السياقة. (3) 1608 / 38 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن بن هارون بن
موسى، عن أبيه قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام قال: حدثنا أبو عبد الله
جعفر
(1) في المصدر والبحار: ولا تكن في بلد أنا فيه.
(2) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 238 وعنه البحار: 47 / 180 ذح 27. (3) دلائل الامامة: 144.
[ 246 ]
ابن محمد الحميري (1) عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد ابن هذيل،
عن محمد بن سنان قال: وجه المنصور إلى سبعين رجلا من أهل كابل فدعاهم،
فقال لهم: ويحكم إنكم تزعمون أنكم ورثتم السحر عن آبائكم أيام موسى - عليه
السلام - وأنكم تفرقون بين المرء وزوجه، وأن أبا عبد الله جعفر بن محمد -
عليه السلام - ساحر مثلكم، فاعلموا شيئا من السحر، فانكم إن أبهتموه
أعطيتكم الجائزة العظيمة والمال الجزيل، فقاموا إلى المجلس الذي فيه
المنصور وصوروا له سبعين صورة من صور السباع لا يأكلون ولا يشربون، وإنما
كانت صور، وجلس كل واحد منهم تحت صورته، وجلس المنصور على سريره ووضع
أكليله على رأسه، ثم قال لحاجبه: ابعث إلى أبي عبد الله - عليه السلام -
قال: فدخل عليه فلما أن نظر إليه وإليهم وبما قد استعدوا له رفع يده إلى
السماء ثم تكلم بكلام بعضه جهرا وبعضه خفيا، ثم قال: ويحكم أنا الذي أبطل
سحركم، ثم نادى برفيع صوته قسورة خذهم، فوثب كل سبع منها على صاحبه
فافترسه في مكانه، ووقع المنصور عن سريره وهو يقول: يا أبا عبد الله أقلني
فوالله لا عدت إلى مثلها أبدا، فقال له: قد اقتلك. قال: يا سيدي فرد
السباع إلى ما أكلوا، قال - عليه السلام -: هيهات إن عادت عصا موسى فستعود
السباع. ورواه المفيد في كتاب الاختصاص: إلا أن فيه قال لحاجبه: ابعث
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل هكذا: حدثنا محمد بن علي، عن محمد بن جعفر الحميري.
[ 247 ]
إلى أبي عبد الله - عليه السلام - فبعث إليه، فقام حتى دخل، فلما بصر به
وبهم وقد استعدوا له رفع يده إلى السماء، ثم تكلم بكلام بعضه جهرا وبعضه
خفيا، ثم قال: ويلكم أنا الذي أبطلت سحر آبائكم أيام موسى، وأنا الذي ابطل
سحركم، ثم نادى يرفع صوته قسورة ! فوثب كل واحد منهم على صاحبه فافترسه في
مكانه، ووقع أبو جعفر المنصور عن سريره وهو يقول: يا أبا عبد الله أقلني،
فوالله لاعدت إلى مثلها أبدا، فقال: قد أقلتك، قال: فرد السباع كما كانت،
قال: هيهات إن رد عصا موسى فستعود السباع. (1)
الرابع والعشرون الجزوران
اللتان صورتا ونحرهما رسول المنصور حين أمر المنصور بقتله - عليه السلام -
وقتل ابنه إسماعيل 1609 / 39 - الراوندي: إن أبا خديجة روى عن رجل من
كندة، وكان سياف بني العباس قال: (لما) (2) جاء أبو الدوانيق بأبي عبد
الله - عليه السلام - واسماعيل، أمر بقتلهما وهما محبوسان في بيت، فأتى -
عليه اللعنة - إلى أبي عبد الله - عليه السلام - ليلا، فأخرجه وضربه بسيفه
حتى قتله، ثم أخذ إسماعيل ليقتله فقاتله ساعة، ثم قتله، ثم جاء إليه فقال
(له) (3): ما
(1) دلائل الامامة: 144، الاختصاص: 246 - 247. (2) من المصدر والبحار.
(3) ليس في المصدر والبحار.
[ 248 ]
صنعت ؟ قال: لقد قتلتهما وأرحتك منهما. فلما أصبح إذا أبو عبد الله - عليه
السلام - وإسماعيل جالسان فاستئذنا. فقال أبو الدوانيق للرجل: ألست زعمت
أنك قتلتهما ؟ قال: بلى، لقد عرفتهما كما أعرفك، قال: فاذهب إلى الموضع
الذي قتلتهما فيه (فانظر) (1)، فجاء بجزورتين (2) منحورتين. قال: فبهت،
ورجع (فأخبره) (3) فنكس رأسه (وعرفه ما رآى) (4) قال: لا يسمعن منك هذا
أحد، فكان كقوله تعالى في عيسى (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) (5)
ورواه صاحب ثاقب المناقب. (6)
الخامس والعشرون حديث التنين والسباع 1610 /
40 - من طريق ثاقب المناقب: حدث محمد الاسقنطوري وكان وزيرا للدوانيقي
وكان يقول بامامة الصادق - صلوات الله عليه - قال: دخلت يوما على الخليفة
هو يفكر، فقلت: يا أمير المؤمنين ما هذه الفكرة ؟ قال: قتلت من ذرية فاطمة
ألفا (7) أو يزيدون، وتركت سيدهم
(1)
من المصدر. (2) في المصدر والبحار: فجاء فإذا بجزورين منحورين. (3) من
المصدر. (4) ليس في البحار. (5) النساء: 157. (6) الخرائج: 2 / 626 ح 27،
الثاقب في المناقب: 218 ح 21، وأخرجه في اثبات الهداة: 3 / 118 ح 147
والبحار: 47 / 102 ح 127
عن الخرائج وفي الصراط المستقيم: 2 / 188 ح 20 عن الخرائج مختصرا. (7) في
المصدر: ألف سيد.
[ 249 ]
ومولاهم وإمامهم. فقلت: ومن ذلك (1) يا أمير المؤمنين ؟ قال: جعفر بن
محمد، وقد علمت أنك تقول بامامته، وأنه إمامي وإمامك وإمام هذا الخلق
جميعا، ولكن الان أفرغ منه، قال ابن الاسقنطوري: لقد أظلمت الدنيا علي من
الغم، ثم دعا بالموائد، وأكل وشرب وأمر الحاجب أن يخرج الناس من مجلسه،
قال: فبقيت أنا وهو، ثم دعا بسياف له فقال: يا سياف قال: لبيك يا أمير
المؤمنين، قال: الساعة أحضر جعفر بن محمد واشغله بالكلام، فإذا رفعت
قلنسوتي (2) عن رأسي فاضرب عنقه، قال (السياف) (3): نعم يا سيدي. قال:
فلحقت السياف وقلت: ويلك يا سياف أتقتل ابن رسول الله - صلى الله عليه
وآله - ؟ ! فقال: لا والله، لا أفعل ذلك. فقلت: وما الذي تفعل ؟ ! قال إذا
حضر جعفر بن محمد - عليه السلام -، وشغله بالكلام وقلع قلنسوته من رأسه
ضربت عنق الدوانيقي، ولا أبالي إلى ما صرت إليه. الرأي الذي أصبت. قال:
فأحضر جعفر بن محمد - عليه السلام - على حمار مصري، وكان ينزل موضع
الخلفاء، فلحقته في الستر وهو يقول: (يا كافي موسى فرعون اكفني شره).
(1) في المصدر: ذاك.
(2) في المصدر: عمامتي. (3) من المصدر.
[ 250 ]
ثم لحقته في الستر الذي بينه (1) وبين الدوانيقي وهو يقول: (يا دائم يا
دائم). ثم أطبق شفتيه ولم أدر ما قال، ورأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجة
البحر، ورأيت، الدوانيقي يسعى بين يديه حافي القدم مكشوف الرأس، وقد اصطكت
أسنانه ارتعدت فرائصه وأخذ بعضده وأجلسه على سريره، وجثى بين يديه كما
يجثو العبد بين يدي مولاه، وقال: يا مولاي ما الذي جاء بك ؟ قال: (قد) (2)
دعوتني فجئتك قال: مرني بأمرك، قال: أسألك ألا تدعوني حتى أجيئك (3)، قال:
سمعا وطاعة لامرك (قال:) (4). ثم قام وخرج - عليه السلام - ودعا أبو جعفر
الدوانيقي بالدواويح (5) والسمور والحواصل، ونام ولبس الثياب (عليه) (6)
وارتعدت فرائصه، وما انتبه إلى نصف الليل، فلما انتبه قال لي: أنت جالس يا
هذا ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال: أرأيت هذا العجب ؟ قلت: نعم يا أمير
المؤمنين.
(1) في المصدر: بيني. (2)
من المصدر. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: اجيبك. (4) ليس في المصدر. (5)
في المصدر: الدواويج: جمع الدواج كرمان: اللحاف. (القاموس المحيط - داج -
6: 96). والسمور: هي دابة يتخذ من جلدها الفرا الثمينة. (القاموس المحيط -
سمر - 2 / 53).
والحواصل: جمع حاصل وهو ما خلص من الفضة من حجارة المعدن. (لسان العرب -
حصل - 11: 154). (6) من المصدر.
[ 251 ]
قال: لا والله، لما أن دخل جعفر بن محمد علي رأيت قصري يموج كأنه سفينة في
لج البحر (ورأيت) (1) تنينا قد فغرفاه ووضع شفته السفلى في أسفل قبتي هذه
وشفته العلياء على (2) أعلاها، وهو يقول لي بلسان عربي مبين: يا منصور إن
الله تعالى قد أمرني أن أبتلعك مع قصرك (3) جميعا إن أحدثت حدثا. فلما
سمعت ذلك منه طاش عقلي وارتعدت (4) يدي ورجلي، فقلت: أسحر هذا يا أمير
المؤمنين ؟ ! قال: اسكت، أما تعلم أن جعفر بن محمد خليفة الله في أرضه ؟ !
(5) 1611 / 41 - حدث الربيع صاحب المنصور قال: وجه المنصور إلى سبعين رجلا
من أهل باب، فدعاهم وقال: ويحكم أنتم ورثتم السحر من آبائكم من أيام موسى
بن عمران، وأنكم لتفرقون بين المرء وزوجه، وإن أبا عبد الله جعفر بن محمد
ساحر كاهن (مثلكم،) (6) فاعملوا شيئا من السحر، فانكم إن بهتموه أعطيتكم
به الجائزة العظيمة، والمال الجزيل فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور،
فصوروا سبعين صورة من صور السباع، وجلس كل واحد منهم بجنب صاحبه، وجلس
(1) من المصدر، وفيه لجج البحر. (2) في المصدر: في. (3) في المصدر هكذا: مع أهل قصرك ومن حضرك.
(4) في المصدر: وارتعشت. (5) الثاقب في المناقب: 208 ح 13 وأورد نحوه في مهج الدعوات: 18 - 19 وص 201 - 202. (6) من المصدر.
[ 252 ]
المنصور على سرير ملكه، ووضع التاج على رأسه، ثم قال لحاجبه: ابعث إلى أبي
عبد الله واحضره الساعة. قال: فلما (حضروا) (1) دخل عليه ونظر إليهم وإليه
وما قد استعد إليه (2) غضب وقال: (ويلكم، أتعرفوني ؟ ! أنا حجة الله الذي
أبطل سحر آبائكم في أيام موسى بن عمران). ثم نادى برفيع صوته: (أيها الصور
الممثلة (3)، ليأخذ كل واحد منكم صاحبه باذن الله تعالى). قال: فوثب كل
سبع إلى صاحبه وافترسه وابتلعه في مكانه، ووقع المنصور عن سريره مغشيا
عليه، فلما أفاق قال: (الله الله) (4) يا أبا عبد الله ارحمني وأقلني فاني
تبت توبة لا أعود إلى مثلها أبدا. فقال - صلوات الله عليه وآله -: (قد
أقتلك، وعفوت عنك). ثم قال: يا سيدي، قل للسباع أن يردهم إلى ما كانوا.
قال: (هيهات، إن أعادت عصا موسى سحرة فرعون فستعيد السباع هذه السحرة).
ومعنى قوله: (أنا حجة الله الذي أبطل سحر آبائكم: في أيام موسى): أني مثل
ذلك الحجة. (5)
(1) ليس في المصدر.
(2) في المصدر: له. (3) في المصدر: أيتها الصور المتمثلة. (4) من المصدر. (5) الثاقب في المناقب: 207 ح 12.
[ 253 ]
السادس والعشرون إستكفاؤه - عليه السلام - المنصور وإخباره - عليه السلام
- أنه يموت قبل المنصور. 1612 / 42 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم،
عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن بعض أصحابنا قال: أبو عبد الله - عليه
السلام -، قال لي رجل أي شئ قلت حين دخلت على أبي جعفر بالربذة ؟ قال:
قلت: (اللهم إنك تكفي من كل شئ ولا يكفي منك شئ فاكفني بما شئت وكيف شئت
ومن حيث شئت وأنى شئت). (1) 1613 / 43 - الراوندي: (روي) (2) أن محرمة (3)
الكندي قال: إن أبا الدوانيق نزل بالربذة، وجعفر الصادق - عليه السلام -
بها. قال: من يعذرني من جعفر، والله لا قتلنه، فدعاه، فلما دخل عليه جعفر
- عليه السلام - قال: يا أمير المؤمنين إرفق بي، فوالله لقلما أصحبك. فقال
أبو الدوانيق: انصرف، ثم قال لعيسى بن علي ألحقه فسله أبي ؟ أم به ؟ فخرج
يشتد حتى لحقه، فقال: يا أبا عبد الله إن أمير المؤمنين يقول: أبك ؟ أم به
؟ قال: لا بل بي. (4)
(1) الكافي: 2 / 559 ح 11. (2) من البحار. (3) في المصدر: محزمة.
(4) الخرائج: 2 / 647 ح 56 وعنه البحار: 47 / 171 ح 17.
[ 254 ]
السابع والعشرون استكفاؤه - عليه السلام - المنصور 1614 / 44 - أبو العتاب
والحسين ابنا بسطام في كتاب طب الائمة - عليهم السلام -: عن الاشعث بن عبد
الله قال: حدثني محمد بن عيسى، عن أبي الحسن الرضا، عن موسى بن جعفر -
عليه السلام - قال: لما طلب أبو الدوانيق أبا عبد الله - عليه السلام وهم
بقتله، فأخذه صاحب المدينة ووجه به إليه، وكان أبو الدوانيق (قد) (1)
استعجله واستبطأ قدومه حرصا منه على قتله، فلما مثل بين يديه ضحك في وجهه
ثم رحبه وأجلسه عنده، وقال (له) (2): يا بن رسول الله والله لقد وجهت إليك
وأنا عازم على قتلك، ولقد نظرت فألقى الله علي محبتك (3)، فوالله ما أجد
(أحدا) (4) من أهل بيتي أعز (علي) (5) منك، ولا آثر عندي، ولكن يا أبا عبد
الله ما كان (6) يبلغني عنك تهجينا (7) فيه وتذكرنا (فيه) (8) بسوء ؟
فقال: يا أمير المؤمنين ما ذكرتك بسوء قط، فتبسم أيضا وقال: أنت والله
أصدق عندي من جميع من سعى بك (إلي) (9) هذا مجلسي بين
(1 و 2) ليس في المصدر والبحار. (3) في المصدر والبحار هكذا: فألقى إلي
محبة لك. (4) من المصدر والبحار. (5) ليس في المصدر والبحار. (6) في
المصدر والبحار: كلام.
(7) في المصدر: تهجنا وفي البحار: تهجننا. (8) ليس في المصدر والبحار. (9)
من المصدر والبحار.
[ 255 ]
يديك وخاتمي، فانبسط ولا تحتشمني في جميع (1) أمرك (من جليله وحقيره
وكبيره) (2) وصغيره، ولست أردك عن شئ، ثم أمره بالانصراف، وحباه وأعطاه،
فلم (3) يقبل شيئا وقال: يا أمير المؤمنين أنا في غناء وكفاية وخير كثير،
فإذا هممت ببري فعليك بالمتخلفين من أهل بيتي، فارفع عنهم القتل. قال: قد
فعلت (4) يا أبا عبد الله وقد أمرت (لهم) (5) بمائة ألف (درهم) (6) تفرق
بينهم، فقال: وصلت الرحم يا أمير المؤمنين، فلما خرج من عنده مشى بين يديه
مشايخ قريش وشبانهم وكل (7) قبيلة، ومعه عين أبي الدوانيق، فقال له: يا بن
رسول الله لقد نظرت نظرا شافيا حين دخلت إلى (8) أمير المؤمنين فما أنكرت
منك شيئا غير أني نظرت إلى شفتيك وقد حركتهما بشئ، فما كان ذلك ؟ قال: إني
نظرت إليه قلت: (يامن لا يضام ولا يرام، وبه تواصل الارحام صل على محمد
وآله، واكفني شره بحولك وقوتك) والله ما زدت على ما سمعت، قال: فرجع العين
إلى أبي الدوانيق فأخبره بقوله، فقال: والله ما استتم ما قال
(1) في المصدر والبحار هكذا: ولا تخشني في جليل. (2) ليس في المصدر
والبحار. (3) في المصدر والبحار: فأبى أن يقبل. (4) في المصدر والبحار:
قبلت.
(5) ليس في المصدر والبحار. (6) من المصدر والبحار وفيهما: ففرق. (7) في
المصدر والبحار: من كل. (8) في المصدر والبحار: على.
[ 256 ]
حتى ذهب (عني) (1) ما كان في صدري من غائلة وشر. (2)
الثامن والعشرون
استكفاؤه - عليه السلام - المنصور 1615 / 45 - قال الشيخ المفيد في
إرشاده: قد روى الناس من آيات الله الظاهرة على يده (3) - عليه السلام -
ما يدل على إمامته وحقه وبطلان مقال من ادعى الامامة لغيره. فمن ذلك ما
رواه نقلة الاثار من خبره - عليه السلام - مع المنصور لما أمر الربيع
باحضار أبي عبد الله - عليه السلام - فأحضره، فلما بصر به المنصور قال له:
قتلني الله إن لم أقتلك، أتلحد في سلطاني وتبغيني الغوائل ؟ ! وذكر الحديث
الاتي. وقال الفضل أبو الحسن أبو علي الطبرسي في كتاب إعلام الورى: اشتهر
في الرواية أن المنصور أمر الربيع باحضار أبي عبد الله - عليه السلام -
فأحضروه، فلما بصر به قال: قتلني الله إن لم أقتلك أتلحد في سلطاني ؟
وتبغيني الغوائل ؟ فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: والله ما فعلت
ولا أردت، فان كان بلغك فمن كاذب، ولو كنت فعلت لقد ظلم يوسف فغفر، وابتلي
أيوب فصبر، واعطي سليمان فشكر، فهؤلاء أنبياء الله وإليهم يرجع نسبك. فقال
له المنصور: أجل ارتفع هيهنا فارتفع، فقال له: إن فلان بن
(1) ليس في المصدر والبحار. (2) طب الائمة: 115 وعنه البحار: 47 / 173 ح 20 وج 95 / 219 ح 16. (3) في المصدر: يديه.
[ 257 ]
فلان أخبرني عنك بما ذكرت، فقال له (1) جعفر: يا أمير المؤمنين ليوافقني
على ذلك، فأحضر الرجل المذكور، فقال له المنصور: أنت سمعت ما حكيت عن جعفر
؟ قال: نعم، قال له أبو عبد الله - عليه السلام -: فاستحلفه على ذلك. قال
(له) (2) المنصور: أتحلف ؟ قال: نعم، فابتدأ باليمين فقال أبو عبد الله -
عليه السلام -: دعني يا أمير المؤمنين احلفه أنا، فقال له: افعل، فقال أبو
عبد الله - عليه السلام - للساعي: قل برئت من حول الله وقوته والتجأت إلى
حولي وقوتي لقد فعل كذا وكذا (وقال كذا وكذا) (3) جعفر، فامتنع منها هنيئة
ثم حلف بها، فما برح حتى اضطرب برجله، فقال أبو جعفر: جروا برجله فأخرجوه
- لعنه الله -. قال الربيع: كنت رأيت أبا عبد الله جعفر بن محمد - عليهما
السلام - حين دخل على المنصور يحرك شفتيه فكلما حركهما سكن غضب المنصور،
حتى أدناه منه ورضي عنه، فلما خرج أبو عبد الله - عليه السلام - من عند
أبي جعفر (تبعته) (4) فقلت له: إن هذا الرجل (كان) (5) أشد الناس غضبا
عليك فلما دخلت عليه وحركت شفتيك سكن غضبه، فبأي شئ كنت تحركهما ؟ قال:
بدعاء جدي الحسين بن علي - عليهما السلام - فقلت: جعلت فداك وما هذا
الدعاء ؟ قال: (يا عدتي عند شدتي ويا غوثي عند كربتي
(1) في المصدر: فقال: احضره يا. (2) من المصدر. (3) ليس في المصدر. (4 و 5) من المصدر.
[ 258 ]
احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام). فقال الربيع:
فحفظت هذا الدعاء فما نزلت بي شدة قط فدعوت (الله) (1) به إلا فرج الله
عني، قال: وقلت لجعفر بن محمد لم منعت الساعي أن يحلف بالله تعالى ؟ قال:
كرهت أن يراه الله تعالى يوحده ويمجده فيحلم عنه ويؤخر عقوبته، فاستحلفته
بما سمعت فأخذه الله أخذة رابية. (2)
التاسع والعشرون علمه - عليه السلام
- بما تحمله مرازم من الكتاب إلى المدينة وأمره بالرجوع إلى المنصور وأنه
ينسى 1616 / 46 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: عن أبي الحسين محمد بن
هارون بن موسى، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن الحسن ابن علي، عن أبي
عثمان أو غيره، عن محمد بن سنان، عن أبان، عن حذيفة بن منصور، عن مرزام
(3) قال: بعثني أبو جعفر عبد الله الطويل وهو المنصور إلى المدينة، وأمرني
إذا دخلت المدينة أن أفض الكتاب الذي دفعته إليك (4) واعمل بما فيه، قال:
فما شعرت إلا بركب قد طلعوا
(1) ليس
في المصدر. (2) ارشاد المفيد: 272، اعلام الورى: 270، وأخرجه في كشف
الغمة: 2 / 168 والبحار: 47 / 174 ح 21 عن الارشاد، وفي البحار المذكور ص
182 ح 28 عن كشف الغمة: 2 /
158 - 159 نقلا من مطالب السؤل: 2 / 58، وفي حلية الابرار: 4 / 76 ح 7 عن
اعلام الورى، وأورده في الفصول المهمة: 225. (3) في المصدر: رزام وكذا
فيما يأتي. (4) في المصدر: دفعه إلي.
[ 259 ]
علي حين قربت من المدينة، وإذا رجل قد صار إلى جانبي، فقال: يا مرازم اتق
الله ولا تشرك في دم آل محمد - صلى الله عليه وآله - قال: فأنكرت ذلك.
فقال لي: دعاك صاحبك نصف الليل وخاط رقعة في جانب قبائك وأمرك إن صرت إلى
المدينة تفضها وتعمل ما فيها، قال: فرميت بنفسي من المحمل وقبلت رجليه
(وقلت) (1) ظننت أن ذلك صاحبي، وأنت سيدي وصاحبي فما اصنع ؟ قال: إرجع
إليه واذهب بين يديه وتعال، فانه رجل نساء وقد أنسى ذلك فليس يسألك عنه،
قال: فرجعت إليه فلم يسألني عن شئ، قلت صدق مولاي - عليه السلام -. (2)
الثلاثون علمه - عليه السلام - بما وقع بين المنصور وبين ابن مهاجر إرساله
إلى المدينة وما أرسله إليه من الامر 1617 / 47 - أبو جعفر محمد بن جرير
الطبري: عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني قال: حدثنا ما جيلوية
قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى،
عن جعفر بن محمد بن الاشعث قال: أتدري ما كان (سبب) (3) دخولنا في هذا
الامر ومعرفتنا به ؟ وما كان عندنا منه خبر ولا ذكر ولا معرفة شئ مما عند
الناس، قلت: وكيف كان ذلك ؟
(1) ليس في المصدر، وفيه: وظننت. (2) دلائل الامامة: 129. (3) ليس في المصدر.
[ 260 ]
قال: إن أبا جعفر المنصور قال لابي محمد بن الاشعث: أبغني (1) رجلا له عقل
يؤدي عني، قال له: قد أصبت (2) لك هذا فلان بن مهاجر خالي، قال: فائتني
به، فأتاه بخاله، فقال له أبو جعفر: (يا بن مهاجر) (3) خذ هذا المال
وأعطاه الوفا ما شاء الله. قال: ائت المدينة إلى عبد الله بن الحسن وعدة
من أهل بيته فيهم جعفر بن محمد، فقل لهم: إني رجل غريب من أهل خراسان،
وبها شيعة من شيعتكم وقد وجهوا إليكم بهذا المال، فادفع إلى كل واحد منهم
على هذا الشرط كذا وكذا، فإذا قبضوا المال فقل: إني رسول واحب أن يكون معي
خطوطكم بقبض ما قبضتم مني، فأخذ المال وأتى المدينة، ثم رجع إلى أبي جعفر
المنصور، فدخل عليه وعنده محمد بن الاشعث، فقال له أبو جعفر: ما وراءك ؟
فقال: أتيت القوم وهذه خطوطهم بقبضهم (المال) (4) خلا جعفر بن محمد، فاني
أتيته وهو يصلي في مسجد الرسول - صلى الله عليه وآله -، فجلست خلفه وقلت:
ينصرف فأذكر له ما ذكرت لاصحابه، فعجل وانصرف والتفت إلي فقال (لي:) (5)
يا هذا اتق الله ولا تغرر أهل بيت محمد - صلى الله عليه وآله - وقل
لصاحبك: اتق الله ولا تغرر أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وآله -،
فانهم
قريبوا عهد بدولة بني مروان، وكلهم محتاج، قال: قلت: وما ذاك أصلحك الله ؟
فقال: ادن مني، فدنوت منه، فأخبرني بجميع ما جرى
(1) في المصدر: ائتني. (2) في المصدر: احببت. (3 - 5) من المصدر.
[ 261 ]
بيني وبينك حتى (كأنه) (1) كان ثالثنا. فقال المنصور: يا بن مهاجر إعلم
إنه ليس من أهل (بيت) (2) النبوة إلا وفيهم محدث، وإن جعفر بن محمد محدثنا
اليوم، وكانت هذه الدلالة حتى قلنا بهذه المقالة. ورواه محمد بن يعقوب: عن
أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن جعفر بن
محمد بن الاشعث قال: قال لي: أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الامر
ومعرفتنا به ؟ وساق الحديث إلى آخره، وفي آخره. وأخبرني بجميع ما جرى بيني
وبينك حتى كأنه كان ثالثنا، (قال:) (3) فقال له أبو جعفر: يا بن مهاجر !
إعلم إنه ليس من أهل (بيت) (4) نبوة إلا وفيهم محدث، وأن جعفر بن محمد -
عليهما السلام - محدثنا اليوم، فكانت هذه الدلالة سبب قولنا بهذه المقالة.
ورواه محمد بن الحسن الصفار: عن عمر بن علي، عن عمه محمد ابن عمر (5)، عن
صفوان بن يحيى، عن جعفر بن محمد بن الاشعث قال: أتدري ما كان سبب دخولنا
في هذا الامر ومعرفتنا له (6) ؟ وساق الحديث إلى آخره، وفي آخره فأخبرني
بجميع ما جرى بيني وبينك،
حتى كأنه كان ثالثنا، قال: فقال أبو جعفر يا بن مهاجر إعلم أنه ليس من أهل
بيت النبوة إلا وفيهم محدث، وأن جعفر بن محمد - عليهما السلام -
(1 - 4) من المصدر. (5) في المصدر والبحار: عن عمه عمير. (6) في المصدر: به.
[ 262 ]
محدث اليوم (1)، فكانت هذه دلالة انا (2) قلنا بهذه المقالة. وروى هذ
الحديث ابن شهر اشوب في المناقب. ورواه صاحب ثاقب المناقب: إلا أن في آخر
روايته قال: فقال (له) (3): يا بن مهاجر إعلم إنه ليس من أهل بيت النبوة
(4) إلا وفيهم محدث، وأن جعفر بن محمد محدثنا اليوم، فكانت (هذه) (5)
المقالة سبب مقالتنا بهذا الامر. (6) 1618 / 48 - الرواندي: أن مهاجر بن
عمار الخزاعي قال: بعثني أبو الدوانيق إلى المدينة وبعث معي مال كثير،
وأمرني أن أتضرع لاهل هذا البيت وأتحفظ مقالتهم،، قال: فلزمت الزاوية
(التي) (7) مما يلي القبر، فلم أكن أتنحى منها (إلا) (8) في وقت الصلاة لا
في ليل ولا في نهار. قال: وأقبلت أطرح إلى (هذا) (9) السؤال - الذين حول
القبر - الدراهم - ومن هو فوقهم - الشئ بعد الشئ حتى ناولت شبابا من بني
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: القوم. (2) كذا في المصدر والبحار،
وفي الاصل: ان.
(3) من المصدر. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: البيت. (5) من المصدر. (6)
دلائل الامامة: 123، الكافي: 1 / 475 ح 6، بصائر الدرجات: 245 ح 7، مناقب
ابن شهر اشوب: 4 / 220، الثاقب في المناقب: 406 ح 5 وأخرجه في البحار: 47
/ 74 ح 39 - 42 عن الكافي والبصائر والمناقب والخرائج: 2 / 720 ح 25، وفي
إثبات الهداة: 3 / 80 ح 11 عن الكافي والبصائر والخرائج. (7) من المصدر
والبحار، وفي المصدر: القبلة بدل القبر. (8 و 9) ليس في المصدر والبحار.
[ 263 ]
الحسن ومشيخه (منهم) (1) حتى ألفوني وألفتهم في السر. قال: وكلما كنت دنوت
من أبي عبد الله - عليه السلام - يلاطفني ويكرمني، حتى إذا كان يوما من
الايام (بعدما نلت حاجتي ممن كنت اريد من بني الحسن وغيرهم) (2) دنوت منه
(3) وهو يصلي، فلما قضى صلاته إلتفت إلي وقال: تعال يا مهاجر - ولم أكن
أتسمى (باسمي) (4) ولا أتكنى بكينتي - فقال: قلت لصاحبك: يقول لك جعفر:
كان أهل بيتك إلى غير هذا منك أحوج منهم إلى هذا، تجئ إلى قوم شباب
محتاجين فتدس إليهم، فلعل أحدهم يتكلم بكلمة تستحل بها سفك دمه، فلو
بررتهم ووصلتهم (وأنلتهم) (5) وأغنيتهم كانوا (إلى هذا) (6) أحوج ما تريد
منهم. قال: فلما أتيت أبا الدواينق قلت (له:) (7) جئتك من عند ساحر
كاهن (8) من أمره كذا وكذا، قال: صدق والله (لقد) (9) كانوا إلى غير هذا
أحوج إياك أن يسمع منك هذ الكلام إنسان. (10)
(1 و 2) من المصدر. (3) في المصدر والبحار: من أبي عبد الله - عليه السلام
-. (4 - 6) من المصدر. (7) من المصدر والبحار. (8) في المصدر: كان وفي
البحار: ساحر كذاب كاهن. (9) من المصدر. (10) الخرائج: 2 / 646 ح 55 وعنه
البحار: 47 / 172 ح 18.
[ 264 ]
الحادي
الثلاثون الماء الذي خرج له - عليه السلام - 1619 / 49 - أبو جعفر محمد بن
جرير الطبري: قال: روى أبو القاسم علي بن الحسن بن القاسم المعروف بابن
الطبال الكوفي الخزاز - قال: مولدي سنة إحدى وثلاثين ومأتين (من حفظه) (1)
وتوفي سنة تسع وعشرين وثلاث مائة من حفظه (2) قال: سمعت أبا جعفر محمد بن
معروف الهلالي - وكان ينزل في عبد قيس وكان خزازا، (قد) (3) أتى عليه من
السن مائة وثمان وعشرون سنة - قال: مضيت إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد -
عليه السلام - (إلى الحيرة ثلاثة أيام، فما قدرت عليه من كثرة الناس، فجئت
كان اليوم الرابع أدناني ومضى إلى قبر أمير المؤمنين - عليه السلام -
فمضيت معه وحيث صار) (4) في بعض الطريق غمزة البول، فاعتزل عن الجادة
فبال، ثم نبش الرمل فخرج له الماء، فتطهر للصلاة
فقام فصلى ركعتين ودعا ربه، وكان من دعائه (ان قال:) (5) (اللهم لا تجعلني
ممن تقدم فمرق ولا ممن تخلف فمحق، واجعلني من النمط
(1) ليس في المصدر. (2) علي بن الحسن بن القاسم القشيري الخزاز الكوفي
المعروف بابن الطبال يكنى أبا القاسم، روى عن محمد بن معروف الهلالي (معجم
رجال الحديث). (3) ليس في المصدر. (4) يدل ما بين القوسين في المصدر هكذا:
وهو بالحيرة، فما استطعت أن أصل إليه من كثرة الزحام ثلاثة أيام، ثم
سايرته فغمزه. (5) من المصدر.
[ 265 ]
الاوسط) وقال لي غلامه (1) لا تحدث بما رأيت وقال (2) ليس للبحر جار ولا
للملك صديق ولا للعافية ثمن (وكم من ناعم ولا يعلم) (3). ورواه ابن شهر
اشوب وصاحب ثاقب المناقب. (4)
الثاني والثلاثون إخباره - عليه السلام -
الشامي كيف سفره. 1620 / 50 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،
عمن ذكره، عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله - عليه السلام -
فورد عليه رجل من أهل الشام، فقال: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض، وقد
جئت لمناظرة أصحابك. فقال أبو عبد الله - عليه السلام - كلامك من كلام
رسول الله - صلى الله عليه وآله - أو من عندك ؟ فقال: من كلام رسول الله -
صلى الله عليه وآله - ومن عندي، فقال (له) (5) أبو عبد الله - عليه السلام
-: فأنت إذا شريك رسول الله - صلى الله عليه وآله - ؟ قال: لا. قال: فسمعت
الوحي عن الله عزوجل يخبرك ؟ قال: لا، قال:
فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله - صلى الله عليه وآله - ؟ قال: لا،
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: غلام. (2) في المصدر: ومن كلامه بدل
(وقال). (3) من المصدر. (4) دلائل الامامة: 115، مناقب ابن شهر اشوب: 4 /
237، الثاقب في المناقب: 158 ح 8، واخرجه في البحار: 47 / 94 ح 104 و 105
عن المناقب وفرحة الغري: 58، وفي البحار المذكور ص 93 ح 106 عن نوادر علي
بن اسباط: مفصلا. (5) ليس في المصدر.
[ 266 ]
(قال) (1): فالتفت أبو عبد الله - عليه السلام - إلي فقال: يا يونس بن
يعقوب هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم، ثم قال: يا يونس لو كنت تحسن الكلام
كلمته. قال يونس: فيالها من حسرة، فقلت: جعلت فداك إني سمعتك تنهى عن
الكلام وتقول: ويل لاصحاب الكلام يقولون: هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا
ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله. فقال أبو عبد الله - عليه
السلام -: إنما قلت: ويل لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون، ثم
قال لي: اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله، قال: فأدخلت
حمران بن أعين - وكان يحسن الكلام - وأدخلت الاحوال - وكان يحسن الكلام -
وأدخلت هشام بن سالم - وكان يحسن الكلام - وأدخلت قيس بن الماصر - وكان
عندي أحسنهم كلاما وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين - عليه السلام -.
فلما استقر بنا المجلس - وكان أبو عبد الله - عليه السلام - قبل الحج
يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة له مضروبة - قال: فأخرج
أبو عبد الله - عليه السلام - رأسه من فازته، فإذا هو ببعير يخب، فقال:
هشام ورب الكعبة، قال: فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة
له. قال: فورد هشام بن الحكم وهو أول ما اختطت لحيته، وليس فينا إلا من هو
أكبر سنا منه، قال: فوسع له أبو عبد الله - عليه السلام - وقال: ناصرنا
بقبله ولسانه ويده، ثم قال: يا حمران كلم الرجل، فكلمه فظهر عليه
(1) ليس في المصدر.
[ 267 ]
حمران، ثم قال: يا طاقي كلمه، فكلمه فظهر عليه الاحول، ثم قال: يا هشام بن
سالم كلمه، فتعارفا، ثم قال أبو عبد الله - عليه السلام - لقيس الماصر:
كلمه، فكلمه، فأقبل أبو عبد الله - عليه السلام - يضحك من كلامهما مما
(قد) (1) أصاب الشامي. ثم قال (2) للشامي: كلم هذا الغلام - يعني هشام بن
الحكم - فقال: نعم، فقال (الشامي) (3) لهشام: يا غلام سلني في إمامة هذا،
فغضب هشام حتى ارتعد ثم قال للشامي: يا هذا أربك أنظر لخلقه أم خلقه
لانفسهم ؟ فقال الشامي: بل ربي أنظر لخلقه، قال: ففعل بنظره لهم ماذا ؟
قال: أقام لهم حجة ودليلا كي لا يتشتتوا و (4) يختلفوا، يتألفهم ويقيم
أودهم ويخبرهم بفرض ربهم، قال: فمن هو ؟ قال: رسول - صلى الله عليه وآله
-. قال هشام: فبعد رسول الله - صلى الله عليه وآله - (من) (5) ؟ قال:
الكتاب والسنة. قال هشام: فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة في رفع الاختلاف
عنا ؟
قال الشامي: نعم، قال: فلم اختلفنا أنا وأنت وصرت إلينا من الشام في
مخالفتنا إياك ؟ قال: فسكت الشامي. فقال أبو عبد الله - عليه السلام -
للشامي: مالك لا تتكلم ؟ قال الشامي:
(1) من المصدر. (2) في المصدر: فقال. (3) ليس في المصدر. (4) في المصدر: أو. (5) ليس في المصدر.
[ 268 ]
إن قلت لم نخالف (1) كذبت، وإن قلت: إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف
أبطلت، لانهما يحتملان الوجوه وإن قلت: قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق
فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة إلا أن لي (عليه) (2) هذه الحجة، فقال أبو
عبد الله - عليه السلام -: سله تجده مليا. فقال الشامي: يا هذا من أنظر
للحق أربهم أو أنفسهم ؟ فقال هشام: ربهم أنظر لهم من أنفسهم، فقال الشامي:
فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم ويقيم أودهم ويخبرهم بحقهم من باطلهم ؟
قال هشام: في وقت رسول الله - صلى الله عليه وآله - أو الساعة ؟ قال
الشامي: في وقت رسول الله - صلى الله عليه وآله - رسول الله والساعة من ؟
فقال هشام: هذا القاعد الذي تشد إليه الرحال، ويخبرنا بأخبار (السماء
والارض) (3) وراثة عن أب عن جد. قال الشامي: فكيف لي أن أعلم ذلك ؟ قال
هشام: سله عما بدا لك، قال الشامي: قطعت عذري فعلي السؤال.
فقال أبو عبد الله - عليه السلام -: يا شامي: اخبرك كيف كان سفرك ؟ وكيف
كان طريقك ؟ كان كذا وكذا، فأقبل الشامي يقول: صدقت، أسلمت لله الساعة.
فقال أبو عبد الله - عليه السلام -: بل آمنت بالله الساعة، إن الاسلام قبل
الايمان وعليه يتوارثون ويتناكحون، والايمان عليه يثابون، فقال الشامي:
صدقت، فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول
(1) في المصدر: نختلف. (2 و 3) من المصدر.
[ 269 ]
الله - صلى الله عليه وآله - وأنك وصي الاوصياء. ثم التفت أبو عبد الله -
عليه السلام - إلى حمران، فقال: تجري الكلام على الاثر فتصيب، والتفت إلى
هشام بن سالم فقال: تريد الاثر ولا تعرفه، ثم التفت إلى الاحول فقال: قياس
رواغ (1) تكسر باطلا بباطل إلا أن باطلك أظهر. ثم التفت إلى قيس الماصر،
فقال: تتكلم وأقرب ما يكون من الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وآله -
أبعد ما يكون منه، وتمزج الحق مع الباطل وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل،
أنت والاحول قفازان حاذقان. قال يونس: فظننت والله أن (2) يقول لهشام
قريبا (2) مما قال لهما، ثم قال: يا هشام لا تكاد تقع تلوي رجليك (4) إذا
هممت بالارض طرت، مثلك فليكم الناس، فاتق الزلة، والشفاعة من ورائها إن
شاء الله. (5) وفي بعض النسخ من ورائك. 1621 / 51 - وروى هذا الحديث الشيخ
المفيد في إرشاده والطبرسي في إعلام الورى: بسندهما عن محمد بن يعقوب
الكليني،
عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن جماعة من رجاله، عن يونس
(1) قياس: على صيغة المبالغة، أي أنت كثير القياس. وكذلك رواغ باهمال أوله
وإعجام آخره أي كثير الروغان، وهو ما يفعله الثعلب من المكر والحيل، ويقال
للمصارعة أيضا (الوافي). (2) في المصدر: أنه. (3) كذا في المصدر: وفي
الاصل: قريب. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: رجليه. (5) الكافي: 1 / 171 ح
4 وعنه البحار: 23 / 9 ح 12 وعن الاحتجاج: 364 - 367، وقطعه منه في
البحار: 47 / 157 ح 221 و 222 عنهما وعن مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 243.
[ 270 ]
ابن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله - عليه السلام - فورد عليه رجل من
أهل الشام وساقا الحديث إلى آخره، وقالا في حديثهما. ثم قال لقيس الماصرة:
كلمة فكلمة، وأقبل أبو عبد الله - عليه السلام - يبتسم من كلامهما، وقد
استخذل الشامي في يده. (ثم) (1) قال للشامي: كلم هذا الغلام - يعني هشام
بن الحكم - فقال: نعم. ثم قال الشامي لهشام: يا غلام، سلني في إمامة هذا -
يعني أبا عبد الله - عليه السلام - فغضب هشام حتى ارتعد ثم قال (له) (2):
أخبرني يا هذا أربك أنظر لخلقه أم هم لانفسهم ؟ قال (3): بل ربي أنظر
لخلقه. قال ففعل بنظره لهم في دينهم ماذا ؟ قال (الشامي:) (4) كلفهم وأقام
لهم حجة ودليلا على ما كلفهم، وأزاح في ذلك عللهم، فقال له هشام: فما
(هذا) (5) الدليل الذي نصبه لهم ؟ قال الشامي: هو رسول الله - صلى الله
عليه وآله - فقال هشام فبعد رسول الله - صلى الله عليه وآله - من ؟ قال:
الكتاب
والسنة. قال له هشام: فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه،
حتى يرفع عنا الاختلاف ومكننا من الاتفاق ؟ قال الشامي: نعم. قال له هشام:
فلم اختلفنا نحن وأنت ؟ وجئتنا من الشام تخالفنا وتزعم أن الرأي طريق
الدين ؟ وأنت مقر بأن الرأي لا يجمع على القول الواحد
(1) من اعلام الورى والبحار. (2) ليس في اعلام الورى والبحار. (3) في
المصدرين والبحار: فقال الشامي. (4) ليس في الارشاد والبحار. (5) ليس في
اعلام والورى والارشاد.
[ 271 ]
المختلفين، فسكت الشامي كالمفكر. فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -:
مالك لا تتكم ؟ قال: إن قلت إنا ما اختلفنا كابرت، وإن قلت ان الكتاب
والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت، لانهما يحتملان الوجوه، ولكن لي عليه
مثل ذلك. فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: سله تجده مليا، فقال
الشامي لهشام: من أنظر للخلق ربهم أم أنفسهم ؟ قال هشام: بل ربهم أنظر
لهم، فقال الشامي: فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم ويرفع اختلافهم ويبين لهم
حقهم من باطلهم ؟ قال هشام: نعم. قال الشامي: من هو ؟ قال هشام: أما في
إبتداء الشريعة فرسول الله - صلى الله عليه وآله - وأما بعد النبي - صلى
الله عليه وآله - فغيره، قال الشامي: ومن هو
غير النبي - صلى الله عليه وآله - القائم مقامه في حجته ؟ قال هشام: في
وقتنا هذا أم قبله ؟ قال الشامي بل في وقتنا هذا. فقال هشام: هذا الجالس -
يعني أبا عبد الله - عليه السلام - الذي تشد إليه الرحال ويخبرنا عن أخبار
السماء وراثة عن النبي - صلى الله عليه وآله - عن أب عن جد، قال الشامي:
فكيف لي بعلم ذلك ؟ قال هشام: سله عما بدا لك قال الشامي: قطعت عذري فعلي
السؤال. فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: أنا أكيفك المسألة يا
شامي، اخبرك عن مسيرك وسفرك، خرجت في يوم كذا وكذا، وكانت طريقتك من كذا،
ومررت على كذا، ومر بك كذا، فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول
صدقت والله ثم قال له الشامي: أسلمت لله الساعة. فقال له أبو عبد الله -
عليه السلام -: بل انك آمنت بالله الساعة، إن
[ 272 ]
الاسلام قبل الايمان وعليه يتوارثون ويتناكحون، والايمان عليه يثابون، قال
الشامي: صدقت، فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
وأنك وصي الاوصياء، قال: فاقبل أبو عبد الله - عليه السلام - على حمران بن
أعين فقال. يا حمران تجري الكلام على الاثر فتصيب، والتفت إلى هشام بن
سالم فقال: تريد الاثر ولا تعرف، ثم التفت إلى الاحول فقال: قياس رواغ،
تكسر باطلا بباطل، إلا أن باطلك أظهر، ثم التفت إلى قيس الماصر فقال:
تتكلم وأقرب ما يكون الخبر عن الرسول - صلى الله عليه وآله - أبعد ما يكون
منه، تمزج الحق بالباطل، وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل، أنت والاحول
قفازان حاذقان.
قال يونس بن يعقوب: فظننت والله أنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما، فقال:
يا هشام لا تكاد تقع تلوي رجليك إذا هممت بالارض طرت، مثلك فليكلم الناس،
إتق الله الزلة، والشفاعة من ورائك. ثم قال أبو علي الطبرسي عقيب ذلك وهذا
الخبر مع ما فيه من المعجزات الدالة على إمامة أبي عبد الله - عليه السلام
- يتضمن لاثبات حجية النظر ودلالة الامامة من طريق النظر والاستدلال. (1)
(1) الارشاد للمفيد: 278 - 280، اعلام الورى: 273 - 276 وعنهما البحار: 48
/ 203 ح 7 والعوالم: 21 / 385 ح 2، وفي كشف الغمة: 2 / 173 عن الارشاد.
وبما ان الاختلافات بين الاصل والارشاد والاعلام والبحار كثيرة لذا تركت
الاشارة إلى الاختلافات واثبتت ما هو الاصح.
[ 273 ]
الثالث والثلاثون إخباره - عليه السلام - زيد أنه يقتل ويصلب بالكناسة.
1622 - 52 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد ابن محمد بن عيسى،
عن علي بن الحكم، عن أبان قال: أخبرني الاحول: أن زيد بن علي بن الحسين -
عليهما السلام - بعث إليه وهو مستخف، قال: فأتيته فقال لي: يا أبا جعفر ما
تقول إن طرقك طارق من أتخرج معه ؟ قال: فقلت له: إن كان أباك أو أخاك خرجت
معه، قال: فقال لي: فأنا اريد أن أخرج اجاهد هؤلاء القوم فاخرج معي، قال:
قلت: لا ما أفعل جعلت فداك، قال: فقال لي (جعفر) (1): أترغب بنفسك عني ؟
قال: فقلت له: إنما هي نفس واحدة، فان كان لله في الارض حجة فالمتخلف عنك
ناج والخارج معك هالك وإن لا تكن لله حجة في
الارض فالمتخلف عنك والخارج معك سواء. قال: فقال (لي) (2): يا أبا جعفر
كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة السمينة ويبرد لي اللقمة
الحارة حتى تبرد، شفقة علي، ولم يشفق علي من حر النار، إذا أخبرك بالدين
ولم يخبرني به ؟ فقلت له: جعلت فداك من شفقته عليك حر النار لم يخبرك خاف
عليك ألا تقبله وتدخل النار، وأخبرني أنا، فان قبلت نجوت، وإن لم أقبل لم
يبال أن أدخل النار.
(1) ليس في المصدر. (2) من المصدر.
[ 274 ]
ثم قلت له: جعلت فداك أنتم أفضل أم الانبياء ؟ قال: بل الانبياء قلت: يقول
يعقوب ليوسف (يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكدوا لك كيد) (1) لم لم
يخبرهم حتى كانوا لا يكيدونه ؟ ولكن كتمهم ذلك، فكذا أبوك كتمك لانه خاف
عليك، قال: فقال: أما والله لئن قلت ذلك لقد حدثني صاحبك بالمدينة أني
أقتل وأصلب بالكناسة، وأن عنده لصحيفة فيها قتلي وصلبي. فحججت فحدثت أبا
عبد الله - عليه السلام - بمقالة زيد وما قلت له، فقال لي: أخذته من بين
يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت أقدامه، ولم تترك
له مسلكا يسلكه. (2)
الرابع والثلاثون إستكفاؤه - عليه السلام - المنصور
1623 / 53 - ابن بابويه: عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن الصقر
الصائغ وأبي الحسن علي بن محمد بن مهرويه قالا: حدثنا عبد الرحمن ابن أبي
هاشم (3) قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الحسن بن الفضل أبو محمد مولى (بني)
(4) هاشميين بالمدينة قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه - عليهم
السلام - قال: أرسل أبو جعفر الدوانيقي إلى جعفر بن
(1) يوسف: 5. (2) الكافي: 1 / 174 ح 5، وأخرجه في البحار: 46 / 180 ح 42
والعوالم: 18 / 242 ح 1 عن الاحتجاج: 376 - 377. (3) في المصدر والبحار:
أبي حاتم. (4) ليس في المصدر.
[ 275 ]
محمد - عليهما السلام - ليقتله، وطرح له سيفا (ونطعا) (1) وقال: يا ربيع
إذا أنا كلمته ثم ضربت بإحدى يدي على الاخرى فاضرب عنقه. فلما دخل جعفر بن
محمد - عليه السلام - ونظر إليه من بعيد تحرك أبو جعفر على فراشه وقال:
مرحبا وأهلا بك يا أبا عبد الله ما أرسلنا إليك إلا رجاء أن نقضي دينك
ونقضي ذمامك (2)، ثم سأله مسائلة لطيفة عن أهل بيته، وقال: قد قضى الله
(حاجتك و) (3) دينك وأخرج جائزتك، يا ربيع لا تمضين ثالثة حتى يرجع جعفر
إلى أهله. فلما خرج قال له الربيع: يا أبا عبد الله رأيت السيف ؟ إنما
(كان) (4) وضك لك والنطع، فأي شئ (رأيتك) (5) تحرك به شفتيك ؟ قال جعفر بن
محمد - عليه السلام -: نعم يا ربيع لما رأيت الشر في وجهه قلت: (حسبي الرب
المربوبين، وحسبي الخالق من المخلوقين، وحسبي الرازق من المرزوقين، وحسبي
الله رب العالمين، وحسبي من هو حسبي، وحسبي
من لم يزل حسبي، حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش
العظيم. (6)
(1) من المصدر والبحار. (2) الذمام والمذمة: الحق الحرمة، جمع أذمة
(القاموس المحيط). (3) من البحار. (4 و 5) من المصدر والبحار. (6) عيون
أخبار الرضا - عليه السلام -: 1 / 304 ح 64 وعنه البحار: 47 / 162 ح 2 وج
95 / 214 ح 6.
[ 276 ]
الخامس والثلاثون
إخباره - عليه السلام - بالغائب 1624 / 54 - محمد بن يعقوب: عن عدة من
أصحابنا، عن محمد ابن حسان، عن محمد بن رنجويه، عن عبد الله بن الحكم
الارمني، عن عبد الله بن إبراهيم بن محمد الجعفري قال: أتينا خديجة بنت
عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - نعزيها بابن
بنتها، فوجدنا عندها موسى بن عبد الله بن الحسن، فإذا هي في ناحية قريبا
من النساء، فعزيناهم، ثم أقبلنا عليه فإذا هو يقول لابنه أبي يشر الراثية:
قولي: فقالت: اعدد رسول الله واعدد بعده * أسد الاله وبعده (1) عباسا
واعدد علي الخير واعدد جعفرا * واعدد عقيلا بعده الرؤاسا فقال: أحسنت
وأطربتني (2)، زيديني، فاندفعت تقول: ومنا إمام المتقين محمد * وحمزة منا
والمهذب جعفر ومنا علي صهره وابن * عمه وفارسه ذاك الامام المطهر
فأقمنا عندها حتى كاد الليل أن يجئ، ثم قال خديجة: سمعت عمي محمد بن علي -
صلوات الله عليه - وهو يقول: إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل
دمعتها، ولا ينبغي لها أن تقول هجرا، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة
بالنوح، ثم خرجنا فغدونا إليها غدوة فتذاكرنا
(1) في المصدر والبحار: وثالثا. (2) في المصدر: واطربتني.
[ 277 ]
عندها اختزال (1) منزلها من دار أبي عبد الله جعفر بن محمد - عليه السلام
-. فقال: هذه دار تسمى دار السرقة، فقالت: هذا ما اصطفى مهدينا - تعني
محمد بن عبد الله بن الحسن - تمازحه بذلك، فقال موسى بن عبد الله: والله
لاخبرنكم بالعجب، رأيت أبي رحمه الله لما أخذ في أمر محمد بن عبد الله
وأجمع على لقاء أصحابه فقال: لا أجد هذا الامر يستقيم إلا أن ألقى أبا عبد
الله جعفر بن محمد، فانطلق وهو متك (2) علي، فانطلقت معه حتى أتينا أبا
عبد الله - عليه السلام - فلقيناه خارجا يريد المسجد، فاستوقفه أبي وكلمه،
فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: ليس هذا موضع ذلك، نلتقي إن شاء
الله. فرجع أبي مسرورا، ثم أقام حتى إذا كان الغد أو بعد بيوم انطلقنا حتى
أتيناه، فدخل عليه أبي وأنا معه فابتدأ الكلام، ثم قال له فيما يقول: قد
علمت جعلت فداك أن السن لي عليك وأن في قومك من هو أسن (مني) (3) منك،
ولكن الله عزوجل قد قدم لك فضلا ليس هو لاحد من قومك، وقد جئتك معتمدا لما
أعلم من برك، وأعلم - فديتك - إنك إذا أجبتني لم يتخلف عني أحد من أصحابك،
ولم يتخلف (4) علي
إثنان من قريش ولا غيرهم. فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: إنك تجد
غيري أطوع لك مني، ولا حاجة لك في، فوالله إنك لتعلم أني اريد البادية أو
أهم بها، فأثقل عنها،
(1) الاختزال: الانقطاع. (2) في المصدر والبحار: متكئ. (3) ليس في المصدر والبحار. (4) في المصدر والبحار: يختلف.
[ 278 ]
واريد الحج فما ادركه إلا بعد كد وتعب ومشقة على نفسي، فاطلب غيري وسله
ذلك، ولا تعلمهم أنك جئتني، فقال له: إن الناس ما دون أعناقهم إليك، وإن
أجبتني لم يتخلف عني أحد، ولك ان لا تكلف قتالا ولا مكروها، قال: وهجم
علينا اناس (1) فدخلوا وقطعوا كلامنا، فقال أبي: جعلت فداك ما تقول ؟
فقال: نلتقي إن شاء الله، فقال: أليس على ما أحب ؟ قال: على ما تحب إن شاء
الله من إصلاح حالك. ثم انصرف حتى جاء البيت، فبعث رسولا إلى محمد في جبل
بجهينة - يقال له الاشقر، على ليلتين من المدينة - فبشره وأعلمه أنه قد
ظفر له بوجه حاجته وما طلب، ثم عاد بعد ثلاثة أيام، فوقفنا بالباب ولم نكن
نحجب إذا جئنا، فأبطأ الرسول، ثم أذن لنا، فدخلنا عليه فجلست في ناحية
الحجرة، ودنا أبي إليه فقبل رأسه، ثم قال: جعلت فداك قد عدت إليك راجيا
مؤملا، قد انبسط رجائي وأملي ورجوت الدرك لحاجتي. فقال له أبو عبد الله -
عليه السلام -: يا بن عم إني اعيذك بالله من التعرض
لهذا الامر الذي أمسيت فيه، وإني لخائف عليك أن يكسبك شرا، فجرى الكلام
بينهما حتى أفضى إلى ما لم يكن يريد، وكان من قوله: بأي شئ كان الحسين -
عليه السلام - أحق بها من الحسن - عليه السلام - ؟ فقال أبو عبد الله -
عليه السلام -: رحم الله الحسن ورحم (الله) (2) الحسين وكيف ذكرت هذا ؟
قال: لان الحسين - عليه السلام - كان ينبغي له إذا
(1) في المصدر والبحار: ناس. (2) ليس في المصدر والبحار.
[ 279 ]
عدل أن يجعلها في الاسن من ولد الحسن - عليه السلام -. فقال أبو عبد الله
- عليه السلام -: إن الله تبارك وتعالى لما أن أوحى إلى محمد - صلى الله
عليه وآله - أوحي إليه بما شاء، ولم يؤامر أحدا (1) من خلقه، وأمر محمد -
صلى الله عليه وآله - عليا - عليه السلام - بما شاء، ففعل ما أمر به،
ولسنا نقول فيه إلا ما قال رسول الله - صلى الله عليه وآله - من تبجيله
وتصديقه، فلو كان أمر الحسين أن يصيرها في الاسن أو أن ينقلها في ولدهما -
يعني الوصية - لفعل ذلك الحسين - عليه السلام -، وما (هو) (2) بالمتهم
عندنا في الذخيرة لنفسه، ولقد ولي وترك ذلك، ولكنه مضى لما أمر به وهو جدك
وعمك، فان قلت خيرا فما أولاك به وإن قلت هجرا فيغفر الله لك، أطعني يا بن
عم واسمع كلامي، فوالله الذي لا إله إلا هو لا الوك نصحا وحرصا، فكيف ولا
أراك تفعل وما لامر الله من مرد، فسر أبي عند ذلك. فقال له أبو عبد الله -
عليه السلام -: والله إنك لتعلم أنه الاحول الاكشف الاخضر المتقول بسدة
أشجع (3)، (بين دورها) (4) عند بطن مسيلها، فقال أبي: ليس هو ذاك والله
ليجازين (5) باليوم يوما وبالساعة ساعة وبالسنة
سنة، وليقومن بثأر بني أبي طالب جميعا.
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ولم يؤمر أحد. (2) من المصدر
والبحار. (3) أي لتعلم أن ابنك محمدا هذا هو الاحول الاكشف الذي أخبر به
المخبر الصادق أنه سيخرج بغير حق ويقتل صاغرا. والاكشف الذي نبتت له
شعيرات في قصاص ناصيته دائرة ولا تكاد تسترسل والعرب تتشأم به، والاخضر:
ربما يقال للاسود أيضا، وفي هذا المقام يحتمله، والسدة - بالضم - باب
الدار، وأشجع قبلية سميت باسم أبيهم (الوافي: 2 / 161). (4) من البحار.
(5) في المصدر: ليحاربن يعني أعدائنا، والضمير المرفوع لابنه.
[ 280 ]
فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: يغفر الله لك ما أخوفني أن يكون
هذا البيت يلحق صاحبنا (1) (منتك نفسك في الخلاء ضلالا) لا والله لا يملك
أكثر من حيطان المدينة، ولا يبلغ عمله الطائف إذا أحفل - يعني إذا أجهد
نفسه - وما للامر من بد أن يقع، فاتق الله وارحم نفسك وبني أبيك، فوالله
إني لاراه أشأم سلحة (2) أخرجتها أصلاب الرجال إلى أرحام النساء، والله
إنه لمقتول بسدة أشجع بين دورها، والله لكأني به صريعا مسلوبا بزته (3)،
بين رجليه لبنة، ولا ينفع هذا الغلام ما يسمع. قال موسى بن عبد الله: -
يعني - وليخرجن معه فيهزم ويقتل صاحبه، ثم يمضي فيخرج معه راية اخرى،
فيقتل كبشها (4) ويتفرق جيشها، فان أطاعني فليطلب الامان عند ذلك من بني
العباس حتى يأتيه الله بالفرج، ولقد علمت بان هذا الامر لا يتم، وإنك
لتعلم ونعلم أن ابنك الاحول الاخضر الاكشف المقتول بسدة أشجع بين دروها
عند
بطن مسيلها. فقام أبي وهو يقول: بل الله يغني عنك وليعودن أو ليفئ (5)
الله بك وبغيرك، وما أردت بهذا إلا إمتناع اغيرك، وأن تكون ذريعتهم إلى
ذاك.
(1) يعني البيت الذي ينشد منه بعد ذلك مصراعا وهو قوله: (منتك) من التمني
- أي منتك نفسك حال خلوتك من غير أن يكون في مقابلك عدو - وأراد بالصاحب
المخاطب (الوافي: 2 / 162). (2) السلحة: النجو. (3) البزة: السلاح
والثياب. قوله: (بين رجليه لبنة) كناية عن ستر عورته بها. (4) كبشها: أي
رئيسها وأميرها. (5) أي لرجع إليه الامر، وفي المصدر: ليقي من الوقاية.
[ 281 ]
فقال أبو عبد الله - عليه السلام -: الله يعلم ما اريد إلا نصحك ورشدك،
وما علي إلا الجهد، فقام أبي يجر ثوبه مغضبا، فلحقه أبو عبد الله - عليه
السلام - فقال له: أخبرك إني سمعت عمك وهو خالك (1) يذكر أنك وبني أبيك
ستقتلون، فان أطعتني ورأيت أن تدفع بالتي هي أحسن فافعل، فوالله الذي لا
إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الكبير المتعال على خلقه
لوددت أني (قد) (2) فديتك بولدي وبأحبهم إلي، وبأحب أهل بيتي إلي، وما
يعدلك عندي شئ، فلا ترى أنني (3) غششتك، فخرج أبي من عنده مغضبا أسفا.
قال: فما أقمنا بعد ذلك إلا قليلا - عشرين ليلة أو نحوها - حتى قدمت رسل
أبي جعفر، فأخذا أبي وعمومتي سليمان بن حسن
وحسن بن حسن وإبراهيم بن حسن وداود بن حسن وعلي بن حسن وسليمان بن داود بن
حسن وعلي بن إبراهيم بن حسن وحسن بن جعفر بن حسن وطباطبا إبراهيم بن
إسماعيل بن حسن وعبد الله بن داود، قال: فصفدوا في الحديد، ثم حملوا في
محامل عراة (4) ولا وطاء فيها، ووقفوا بالمصلى لكي يشتمهم الناس، قال: فكف
الناس عنهم ورقوا (لهم) (5) للحال التي هم فيها، ثم انطلقوا بهم حتى وقفوا
عند باب مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله -
(1) كأنه أراد أباه - عليهما السلام. (2) ليس في المصدر والبحار. (3) في
المصدر والبحار: أني. (4) في المصدر والبحار: اعراء. (5) من المصدر
والبحار.
[ 282 ]
قال عبد الله بن إبراهيم
الجعفري: فحدثتنا خديجة بنت عمر بن علي أنهم لما اوقفوا عند باب المسجد -
الباب الذي يقال له باب جبرئيل - أطلع عليهم أبو عبد الله - عليه السلام -
وعامة ردائه مطروح بالارض ثم أطلع من باب المسجد فقال: لعنكم الله يا
معاشر الانصار - ثلاثا - ما على هذا عاهدتم رسول الله - صلى الله عليه
وآله - ولا بايعتموه، أما والله إن كنت حريصا ولكني غلبت، وليس للقضاء
مدفع. ثم قام وأخذ إحدى نعليه فأدخلها رجله والاخرى في يده، وعامة ردائه
يجره في الارض، ثم دخل بيته فحم عشرين ليلة لم يزل يبكي فيها الليل
والنهار، حتى خفنا عليه فهذا حديث خديجة.
قال الجعفري: وحدثنا موسى بن عبد الله بن الحسن أنه لما طلع بالقوم في
المحامل قام أبو عبد الله - عليه السلام - من المسجد، ثم أهوى إلى المحمل
الذي فيه عبد الله بن الحسن يريد كلامه، فمنع أشد المنع وأهوى إليه
الحرسي، فدفعه وقال: تنح عن هذا، فان الله سيكفيك ويكفي غيرك، ثم دخل بهم
الزقاق ورجع أبو عبد الله - عليه السلام - إلى منزله، فلم يبلغ بهم العقيق
(1) حتى ابتلى الحرسي بلاء شديدا، رمحته ناقته فدقت وركه فمات فيها ومضى
بالقوم، فأقمنا بعد ذلك حينا. ثم أتى محمد بن عبد الله بن حسن، فأخبر أن
أباه وعمومته قتلوا - قتلهم أبو جعفر (2) - إلا حسن بن جعفر وطباطبا وعلي
بن إبراهيم وسليمان بن دواد وداود بن حسن وعبد الله بن داود، قال: فظهر
محمد بن
(1) في المصدر والبحار: البقيع. (2) أي الدوانيقي.
[ 283 ]
عبد الله عند ذلك ودعا الناس لبيعته. قال: فكنت ثالث ثلاثة بايعوه واستوثق
الناس (1) لبيعته ولم يختلف عليه قرشي ولا أنصاري ولا عربي. قال: وشاور
عيسى بن زيد - وكان (من) (2) ثقاته، وكان على شرطة (3) - فشاوره في البعثة
إلى وجوه قومه، فقال له عيسى بن زيد: إن دعوتهم دعاء يسيرا لم يجيبوك، أو
تغلظ عليهم فخلني وإياهم، فقال له محمد: امضي إلى ما (4) أردت منهم، فقال:
ابعث إلى رئيسهم وكبيرهم - يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد - عليه السلام
- فانك إذا أغلظت عليه علموا جميعا أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت
عليها أبا عبد الله - عليه
السلام -. قال: فوالله ما لبثنا أن أتي بأبي عبد الله - عليه السلام - حتى
أوقف بين يديه، فقال له عيسى بن زيد: أسلم تسلم، فقال له أبو عبد الله -
عليه السلام -: أحدثت نبوة بعد محمد - صلى الله عليه وآله - ؟ فقال له
محمد: لا ولكن بايع تأمن على نفسك ومالك وولدك، ولا تكلفن حربا. فقال له
أبو عبد الله - عليه السلام -: ما في حرب ولا قتال، ولقد تقدمت إلى أبيك
وحذرته الذي حاق به، ولكن لا ينفع حذر من قدر، يا بن أخي عليك بالشباب ودع
عنك الشيوخ، فقال له محمد: ما أقرب ما بيني
(1) أي استجمعهم. (2) من المصدر والبحار. (3) في البحار: شرطته والشرط - كصرد العسكر. (4) في المصدر والبحار: من.
[ 284 ]
وبينك في السن، فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: إني لم أعازك (1)،
ولم أجئ لاتقدم عليك في الذي أنت فيه، فقال له محمد: لا والله لابد من أن
تبايع. فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: ما في يا بن أخي طلب ولا
هرب (2)، وإني لاريد الخروج إلى البادية فيصدني ذلك ويثقل علي حتى تكلمني
في ذلك الاهل غير مرة، وما (3) يمنعني منه إلا الضعف. والله والرحم (4) ان
تدبر عنا ونشقى بك. فقال له: يا أبا عبد الله قد مات والله أبو الدوانيق -
يعني أبا جعفر -. فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: وما تصنع بي وقد
مات ؟ قال: اريد
الجمال بك، قال: ما إلى ما تريد سبيل، لا والله ما مات أبو الدوانيق إلا
أن يكون مات موت النوم، قال: والله لتبايعني طائعا أو مكرها ولا تحمد في
بيعتك، فأبى عليه إباء شديدا، فأمر به إلى الحبس، فقال له عيسى بن زيد:
إما إن طرحناه في السجن وقد خرب السجن وليس عليه اليوم غلق خفنا أن يهرب
منه. فضحك أبو عبد الله - عليه السلام - ثم قال: لا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم أو تراك تسجنني ؟ قال: نعم والذي أكرم محمدا - صلى الله عليه
* (هامش) (1) المعازة: المغالبة. (2) في المصدر: حرب. (3) في المصدر: ولا.
(4) الواو للقسم أي أحذرك بالله، والرحم التي بيني وبينك. (ان تدبر عنا)
بالخطاب من الادبار أي تهلك وتقتل و (نشقي بك) أي نقع في التعب والعناء
بسبب مبايعتك (الوافي: 2 / 163).
[ 285 ]
وآله - بالنبوة لاسجننك ولاشددن عليك، فقال عيسى بن زيد: إحبسوه في المخبأ
- وذلك دار ريطة اليوم (1) - فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: أما
والله إني سأقول ثم أصدق، فقال له عيسى بن زيد: لو تكلمت لكسرت فمك. فقال
(له) (2) أبو عبد الله - عليه السلام -: أما والله يا أكشف يا أزرق لكأني
بك تطلب لنفسك جحر ا تدخل فيه، وما أنت في المذكورين عند اللقاء، وإني
لاظنك إذا صفق خلفك طرت مثل الهيق النافر، فنفر عليه محمد بانتهار (3):
أحبسه وشدد عليه واغلظ عليه. فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: أما
والله لكأني بك خارجا من سدة
أشجع إلى بطن الوادي، وقد حمل عليك فارس معلم (4) في يده طرادة نصفها أبيض
ونصفها أسود، على فرس كميت أقرح (5)، فطعنك فلم يصنع فيك شيئا، وضربت
خيشوم فرسه فطرحته، وحمل عليك آخر خارج من زقاق آل أبي عمار الدئليين (6)
عليه غديرتان مصفوفتان (7) قد خرجتا من تحت بيضة (8) كثير شعر الشاربين،
فهو والله صاحبك فلا رحم الله رمته.
(1) ريطة المثناة بنت عبد الله بن محمد بن الحنفية أم يحيى بن زيد وكانت
ريطة في هذا اليوم تسكن هذه الدار، وفي بعض النسخ (ربطه) بالموحدة وقيل
المراد بها ربطة الخيل. (2) من المصدر والبحار. (3) التصفيق: ضرب إحدى
اليدين بالاخرى، والهيق بالمثناة التحتانية: الذكر من النعامة، والنفر:
الزجر والغلظة، والانتهار: الزبر والخشونة (الوافي: 2 / 163). (4) أعلم
الفارس جعل لنفسه علامة الشجعان، فهو معلم. والطرادة: رمح قصير. (5)
الاقرح: الفرس الذي في وجهه ما دون الغرة (الوافي: 2 / 163). (6) الد -
بالضم فالكسر - أبو قبيلة والنسبة الدئلي، والغديرة الذؤابة. (7) في
المصدر والبحار: مضفورتان، والمضفورة: المنسوجة. (8) في البحار: بيضته.
[ 286 ]
فقال له (محمد) (1) يا أبا عبد الله حسبت فأخطات، وقام إليه السراقي بن
سلخ (2) الحوت، فدفع في ظهره حتى ادخل السجن، واصطفي ما كان له من مال وما
كان لقومه ممن لم يخرج مع محمد، قال: فطلع باسماعيل بن عبد الله بن جعفر
بن أبي طالب، وهو شيخ كبير ضعيف، قد ذهبت إحدى عينيه وذهبت رجلاه وهو يحمل
حملا،
فدعاه إلى البيعة، فقال له: يا بن أخي إني شيخ كبير ضعيف، وأنا ببرك (3)
وعونك أحوج. فقال له: لابد من أن تبايع، فقال له: وأي شئ تنتفع ببيعتي ؟
والله إني لاضيق عليك مكان اسم رجل إن كتبته، قال: لابد لك أن تفعل، وأغلظ
(4) له في القول، فقال إسماعيل: ادع لي جعفر بن محمد: فلعلنا نبايع جميعا،
قال: فدعا جعفر - عليه السلام - فقال له إسماعيل: جعلت فداك إن رأيت أن
تبين له فافعل، لعل الله يكفه عنا قال: أجتمعت (5) أن لا أكلمه، فليس (6)
في رأيه. فقال إسماعيل لابي عبد الله - عليه السلام - أنشدك الله هل تذكرر
يوما أتيت أباك محمد بن علي - عليه السلام - وعلي حلتان صفراوان فأدام
النظر
(1) من المصدر والبحار، والرمة - بالكسر - العظام البالية. (2) في البحار:
سلح. (3) في المصدر والبحار: وأنا إلى برك. (4) في البحار: فاغلظ عليه.
(5) في المصدر والبحار: اجمعت. (6) في المصدر: أفلير في برأيه وفي البحار:
فلير.
[ 287 ]
إلي ثم بكى (1) فقلت له: ما
يبكيك ؟ فقال (لي) (2): يبكيني أنك تقتل عند كبر سنك ضياعا لا ينتطح في
دمك عنزان، قال: فقلت: متى ذاك ؟ قال: إذا دعيت إلى الباطل فأبيته، وإذا
نظرت إلى الاحول مشؤم قومه ينتمي من آل الحسن على منبر رسول الله - صلى
الله عليه وآله -، يدعو إلى نفسه، قد يسمى بغير اسمه (3). فأحدث عهدك
واكتب وصيتك، فانك مقتول في
يومك أو من غد. فقال له أبو عبد الله - عليه السلام -: نعم وهذا ورب
الكعبة لا يصوم من شهر رمضان إلا أقله، فأستودعك الله يا أبا الحسن وأعظم
الله أجرنا فيك وأحسن الخلافة على من خلفت، وإنا لله وإنا إليه راجعون،
قال: ثم احتمل إسماعيل ورد جعفر إلى الحبس، قال: فوالله ما أمسينا حتى دخل
عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر فتوطوؤه حتى قتلوه، وبعث
محمد بن عبد الله إلى جعفر - عليه السلام - فخلي سبيله. قال: وأقمنا بعد
ذلك حتى استهللنا شهر رمضان، فبلغنا خروج عيسى بن موسى يريد المدينة، قال:
فتقدم محمد بن عبد الله على مقدمته يزيد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر،
وكان على مقدمة عيسى بن موسى ولد الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن وقاسم
ومحمد بن زيد وعلي بن (4) إبراهيم بنو الحسن بن زيد فهزم يزيد بن معاوية
وقدم عيسى
(1) في المصدر: فدام النظر إلي فبكى. (2) من المصدر والبحار. (3) اي باسم المهدي. (4) في المصدر والبحار: وإبراهيم.
[ 288 ]
إبن موسى المدينة، وصار القتال بالمدينة، فنزل بذباب (1)، ودخلت علينا
المسودة (2) من خلفنا، وخرج محمد في أصحابه حتى بلغ السوق، فأوصلهم ومضى
ثم تبعهم حتى انتهى إلى مسجد الخوامين (3)، فنظر إلى ما هناك فضاء ليس
(فيه) (4) مسود ولا مبيض، فاستقدم حتى انتهى إلى شعب فزارة.
ثم دخل هذيل، ثم مضى إلى أشجع، فخرج إليه الفارس الذي قال أبو عبد الله -
عليه السلام - من خلفه من سكة هذيل، فطعنه، فلم يصنع فيه شيئا، وحمل على
الفارس فضرب خيشوم فرسه بالسيف، فطعنه الفارس، فأنفذه في الدرع وانثنى
عليه محمد فضربه حتى أثخنه، وخرج عليه (5) حميد بن قحطبة وهو مدبر على
الفارس يضربه من زقاق العماريين، فطعنه طعنة أنفذ السنان فيه فكسر الرمح
وحمل على حميد، فطعنه حميد بزج الرمح فصرعه، ثم نزل (إليه) (6) فضربه حتى
أثخنه وقتله وأخذ رأسه، ودخل الجند من كل جانب، وأخذت المدينة، وأجلينا
هربا في البلاد. قال موسى بن عبد الله: فانطلقت حتى لحقت بابراهيم بن عبد
الله، فوجدت عيسى بن زيد مكمنا عنده، فأخبرته بسوء تدبيره، وخرجنا
(1) الذباب: جبل بالمدينة (الوافي: 2 / 163). (2) بكسر الواو وهم الذين
كانوا يلبسون السود من الثياب يعني بهم أصحاب الدولة العباسية الذين كانوا
مع عيسى بن موسى (الوافي: 2 / 163). (3) الخوامين: بياعي الخام. (4) ليس
في المصدر. (5) في المصدر والبحار: فاثخنه وخرج إليه. (6) ليس في البحار.
[ 289 ]
معه حتى أصيب رحمه الله، ثم مضيت مع ابن أخي الاشتر عبد الله بن محمد بن
عبد الله بن الحسن حتى اصيب بالسند، ثم رجعت شريدا طريدا تضيق علي البلاد،
فلما ضاقت علي الارض واشتد بي الخوف
ذكرت ما قال أبو عبد الله - عليه السلام -، فجئت إلى المهدي وقد حج، وهو
يخطب الناس في ظل الكعبة، فما شعر إلا وأني قد قمت من تحت المنبر، فقلت:
ألي الامان يا أمير المؤمنين ؟ وأدلك على نصيحة لك عندي ؟ فقال: نعم ما هي
؟ قلت: أدلك على موسى بن عبد الله بن حسن، فقال (لي) (1): نعم لك الامان،
فقلت له: اعطني ما أثق به، فأخذت منه عهودا ومواثيق، فوثقت (2) لنفسي، ثم
قلت: أنا موسى بن عبد الله (بن حسن) (3)، فقال لي: إذا تكرم وتحبى، فقلت
له: اقطعني إلى بعض أهل بيتك يقوم بأمري عندك. فقال (لي) (4): أنظر (إلى)
(5) من أردت، فقلت: عمك العباس بن محمد، فقال العباس: لا حاجة لي فيك،
فقلت: ولكني لي فيك الحاجة، أسألك بحق أمير المؤمنين إلا قبلتني، فقبلني
شاء أو أبى، وقال لي المهدي: من يعرفك ؟ - وحوله أصحابنا أو أكثرهم -
فقلت: هذا الحسن ابن زيد يعرفني وهذا موسى بن جعفر يعرفني وهذا الحسن بن
عبد (6)
(1) من المصدر. (2) في المصدر والبحار: ووثقت. (3) ليس في المصدر والبحار.
(4) ليس في البحار. (5) من المصدر والبحار. (6) في البحار: عبيد.
[ 290 ]
الله بن عباس يعرفني، فقالوا: نعم يا أمير المؤمنين كأنه لم يغب عنا، ثم
قلت للمهدي: يا أمير المؤمنين لقد أخبرني بهذا المقام أبو هذا الرجل،
وأشرت إلى موسى بن جعفر - عليه السلام -. قال موسى بن عبد الله: وكذبت على
جعفر كذبة، فقلت له: وأمرني أن اقرئك السلام وقال: إنه إمام عدل وسخاء،
(قال) (1) فأمر لموسى بن جعفر - عليه السلام - بخمسة الاف دينار، فأمر لي
منها موسى بألفي دينار، ووصل عامة أصحابه، ووصلني فأحسن صلتي، فحيث ما ذكر
ولد محمد بن علي بن الحسين فقولوا: صلى الله عليه وملائكته وحملة عرشه
والكرام الكاتبين، وخصوا أبا عبد الله بأطيب ذلك وجزى موسى ابن جعفر عني
خيرا، فأنا والله مولاهم بعد الله. (2)
السادس والثلاثون إخباره - عليه
السلام - بالغائب 1625 / 55 - الشيخ المفيد في الارشاد: قال: وجدت بخط أبي
الفرج علي بن الحسين بن محمد الاصفهاني في أصل كتابه المعروف بمقاتل
الطالبيين (3). أخبرني عمر بن عبد الله العتكي قال: حدثنا عمر بن شبة قال:
حدثني الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي، وابن داجة (قال أبو زيد:) (4) وحدثني
عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة قال: حدثني الحسن بن أيوب
(1) من المصدر والبحار، وفي البحار: وسخي. (2) الكافي: 1 / 358 ح 17 وعنه
البحار: 47 / 278 ح 19، والوافي: 2 / 151 / 819. (3) مقاتل الطالبيين: 140
- 142. (4) كذا في المصدر البحار وفي الاصل: داحة.
[ 291 ]
مولى بن نمير، عن عبد الاعلى بن أعين قال: وحدثني إبراهيم بن محمد
ابن أبي الكرام الجعفري، عن أبيه قال: وحدثني محمد بن يحيى، عن عبد الله
بن يحيى قال: وحدثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه،
وقد دخل حديث بعضهم في حديث الاخرين: أن جماعة من بني هاشم اجتمعوا
بالابواء وفيهم إبراهيم بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس وأبو جعفر
المنصور، وصالح بن علي، وعبد الله بن الحسن وابناه محمد وإبراهيم، ومحمد
بن عبد الله بن عمرو بن عثمان. فقال صالح بن علي: قد علمتم أنكم الذين تمد
الناس إليهم أعينهم وقد جمعكم (1) الله في هذا الموضع، فاعقدوا بيعة لرجل
منكم تعطونه إياها من أنفسكم، وتوافقوا (2) على ذلك حتى يفتح الله وهو خير
الفاتحين، فحمد الله عبد الله بن الحسن، وأثنى عليه ثم قال: قد علمتم أن
ابني هذا هو المهدي فهلم نبايعه (3). وقال أبو جعفر لاي شئ تخدعون أنفسكم
؟ والله لقد (4) علمتم ما الناس إلى أحد أطول (5) أعناقا ولا أسرع إجابة
منهم إلى هذا الفتى - يريد به محمد بن عبد الله - قالوا: قد - والله -
صدقت، إن هذا (لهو) (6) الذي نعلم، فبايعوا محمد جميعا ومسحوا (على) (7)
يده.
(1) كذا في المصدر والبحار ومقاتل الطالبيين، وفي الاصل: جعلكم. (2) في
المصدر والبحار ومقاتل الطالبيين: وتواثقوا. (3) في المصدر: فلنبايعه وفي
البحار: لنبايعه. (4) كذا في المصدر والبحار ومقاتل الطالبيين، وفي الاصل
لما. (5) في المصدر: أصور وفي البحار: أمور. (6) من مقاتل الطالبيين. (7)
من مقاتل الطالبيين والمصدر والبحار. (*)
[ 292 ]
قال عيسى: وجاء رسول عبد الله
بن حسن إلى أبي: أن ائتنا فانا مجتمعون لامر، وأرسل بذلك إلى جعفر بن محمد
- عليهما السلام -، وقال غير عيسى: إن عبد الله بن الحسن قال لمن حضر: لا
تريدوا جعفرا، فانا نخاف أن يفسد عليكم أمركم. قال عيسى بن عبد الله بن
محمد: فأرسلني أبي لانظر ما اجتمعوا له، فجئتهم ومحمد بن عبد الله يصلي
على طنفسة رحل مثنية فقلت لهم: أرسلني أبي إليكم أسئلكم لاي شئ اجتمعتم ؟
فقال عبد الله: إجتمعنا لنبايع المهدي محمد بن عبد الله. قال: وجاء جعفر
بن محمد فأوسع له عبد الله بن حسن إلى جنبه، فتكلم بمثل كلامه، فقال جعفر:
لا تفعلوا، فان هذا الامر لم يأت بعد، إن كنت ترى - يعني عبد الله - أن
ابنك هذا هو المهدي فليس به ولاهذا أوانه، وإن كنت إنما تريد أن تخرجه
غضبا لله وليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فانا والله لا ندعك وأنت شيخنا
ونبايع ابنك في هذا الامر. فغضب عبد الله وقال: لقد علمت خلاف ما تقول،
ووالله ما أطلعك الله على غيبه، ولكنه (1) يحملك على هذا الحسد لابني،
فقال: والله ما ذاك يحملني، ولكن هذا وإخوته وأبنائهم دونكم، وضرب بيده
على ظهر أبي العباس ثم ضرب بيده على كتف عبد الله بن الحسن وقال: إنها
والله ما هي إليك ولا (إلى) (2) إبينك ولكنها لهم، وإن إبنيك لمقتولان، ثم
نهض وتوكأ على يد عبد العزيز بن عمران الزهري. فقال:
(1) في مقاتل الطالبيين والبحار: ولكن. (2) من المصدر والبحار ومقاتل الطالبيين. (*)
[ 293 ]
أرأيت صاحب الرداء الاصفر ؟ -
يعني أبا جعفر - فقال له: نعم، فقال: إنا والله نجده يقتله. قال له عبد
العزيز: أيقتل محمدا ؟ قال: نعم، فقلت في نفسي: حسده ورب الكعبة، قال: ثم
والله ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتلهما، قال: فلما قال جعفر - عليه
السلام - ذلك نهض القوم وافترقوا تبعه عبد الصمد وأبو جعفر فقالا: يا أبا
عبد الله أتقول هذا ؟ قال: نعم أقوله والله أعلمه. قال أبو الفرج: وحدثني
علي بن العباس المقانعي قال: أخبرنا بكار بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن
الحسين، عن عنبسة بن بجاد العابد قال: كان جعفر بن محمد - عليه السلام -
إذا رآى محمد بن عبد الله بن حسن تغرغرت عيناه، ثم يقول: بنفسي هو، إن
الناس ليقولون فيه (انه المهدي) (1) وإنه لمقتول، ليس هو في كتاب علي -
عليه السلام - من خلفاء هذه الامة - وهذا حديث مشهور -. وذكر هذا الحديث
ابن شهر اشوب في المناقب والطبرسي في إعلام الورى. (2)
السابع والثلاثون
إخباره - عليه السلام - بالغائب 1626 / 56 - الطبرسي في إعلام الورى: قال:
روى صاحب كتاب
(1) من مقاتل
الطالبيين. (2) إرشاد المفيد: 276 - 277، مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 228
مختصرا، إعلام الورى، 271 - 272، وأخرجه في البحار: 47 / 276 ح 18 عن
الارشاد وإعلام الورى في ص 131 - 132 عن المناقب. (*)
[ 294 ]
نوادر الحكمة عن أحمد بن أبي
عبد الله، عن أبي محمد الحميري، عن الوليد بن العلاء بن سيابة، عن زكار بن
أبي زكار الواسطي قال: كنت عند أبي عبد الله - عليه السلام - إذ أقبل رجل
فسلم ثم قبل رأس أبي عبد الله - عليه السلام -، قال: فمس أبو عبد الله -
عليه السلام - ثيابه وقال: ما رأيت كاليوم ثيابا أشد بياضا ولا أحسن منها.
فقال: جعلت فداك هذه ثياب بلادنا وجئتك منها بخير من هذه، قال: فقال: يا
معتب أقبضها منه، ثم خرج الرجل، فقال أبو عبد الله - عليه السلام: صدق
الوصف وقرب الوقت، هذا صاحب الرايات السود الذي يأتي بها من خراسان. ثم
قال: يا معتب الحقه فسله ما أسمه ؟ ثم قال لي: إن كان عبد الرحمن فهو
والله هو قال: فرجع معتب فقال: قال: اسمي عبد الرحمن، قال زكار بن أبي
زكار: فمكث زمانا فلما ولي ولد العباس نظرت إليه وهو يعطي الجند، فقلت
لاصحابه: من هذا الرجل ؟ فقالوا: هذا عبد الرحمن ابن مسلم. (1)
الثامن
والثلاثون إخباره - عليه السلام - بالغائب 1627 / 57 - الطبرسي في إعلام
الورى: قال: وذكر ابن جمهور العمي (2) في كتاب الواحدة قال: حدثنا أصحابنا
أن محمد بن عبد الله
(1) اعلام الورى:
272 - 273، وعنه البحار: 47 / 274 ح 15 وفي اثبات الهداة: 3 / 112 ح 131
مختصرا. (2) قال النجاشي: الحسن بن محمد بن جمهور العمي، أبو محمد البصري
ثقة في نفسه.
[ 295 ]
ابن الحسن بن الحسن قال لابي عبد الله - عليه السلام -: والله إني لاعلم
منك وأسخى منك وأشجع منك، فقال: أما ما قلت إنك أعلم مني، فقد أعتق جدي
وجدك ألف نسمة من كد يده فسمهم لي، وإن أحببت أن اسميهم لك إلى آدم فعلت.
وأما ما قلت: إنك أسخى مني، فوالله ما بت ليلة ولله علي حق يطالبني به،
وأما ما قلت إنك أشجع، فكأني أرى رأسك وقد جئ به ووضع على حجر الزنابير،
يسيل منه الدم إلى موضع كذا وكذا، قال: فصار إلى أبيه فقال: يا أبه كلمت
جعفر بن محمد بكذا فرد علي كذا، فقال أبوه: يا بني آجرني الله فيك الله
فيك إن جعفرا أخبرني أنك صاحب (حجر) (1) الزنابير. (2)
التاسع والثلاثون
النار عليه - عليه السلام - بردا وسلاما 1628 / 58 - محمد بن يعقوب: عن
عدة من أصحابنا، عن إبن جمهور، عن أبيه، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله
بن القاسم، عن المفضل بن عمر قال: وجه أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد
وهو واليه على الحرمين أن أحرق على جعفر بن محمد - عليه السلام - داره،
فألقى النار في دار أبي عبد الله - عليه السلام -، فأخذت النار في الباب
والدهليز، فخرج أبو عبد الله - عليه السلام - يتخطى النار ويمشي فيها
(1) من المصدر والبحار. (2) اعلام الورى: 273 وعنه البحار: 47 / 275 ذح 15 وفي اثبات الهداة: 3 / 113 ح 132 مختصرا.
[ 296 ]
ويقول: أنا ابن أعراق الثرى، أنا ابن ابراهيم خليل الله - عليه السلام -.
(1)
1629 / 59 - وفي ثاقب المناقب: أنه لما أمر الدوانيقي الحسن بن زيد - وهو
واليه على المدينة - بإحراق دار أبي عبد الله - عليه السلام - بأهلها
فاضرم فيها النار وقويت، خرج - عليه السلام - من البيت ودخل النار ووقف
ساعة في معظمها، ثم خرج منها وقال: (أنا ابن أعراق الثرى) وعرق الثرى لقب
إبراهيم - عليه السلام -. ورواه ابن شهر اشوب عن المفضل بن عمر. (2)
الاربعون إخباره - عليه السلام - بالغائب 1630 / 60 - محمد بن يعقوب: عن
الحسين بن محمد، عن معلى ابن محمد، عن البرقي، عن أبيه، عمن ذكره، عن رفيد
مولى يزيد بن عمرو بن هبيرة (3) قال: سخط علي ابن هبيرة وحلف علي ليقتلني،
فهربت منه وعذت بأبي عبد الله - عليه السلام - فأعلمته خبري، فقال لي:
إنصرف (إليه) (4) واقرأه مني السلام وقل له: إني قد آجرت عليك مولاك رفيدا
فلا تهجه بسوء. فقلت له: جعلت فداك شامي خبيث الرأي، فقال: إذهب إليه كما
(1) الكافي: 1 / 473 ح 2 وعنه اثبات الهداة: 3 / 78 ح 6 وحلية الابرار: 4
/ 71 ح 1. (2) الثاقب في المناقب: 137، مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 236،
واخرجه في البحار: 47 / 136 ذح 186 عن المناقب. (3) كذا في المصدر والصحيح
عمر بن يزيد بن هبيرة كان والي العراق من قبل مروان بن محمد. (4) ليس في
المصدر.
[ 297 ]
أقول لك، فأقبلت.
فلما كنت في بعض البوادي (1) استقبلني أعرابي، فقال: أين تذهب ؟ إني أرى
وجه مقتول، ثم قال لي: أخرج يدك، ففعلت فقال: يد مقتول، ثم قال لي: أبرز
رجلك فأبرزت رجلي، فقال رجل مقتول، ثم قال (لي) (2): أبرز جسدك ففعلت،
فقال جسد مقتول، ثم قال لي: أخرج لسانك، ففعلت، فقال لي: إمض، فلا بأس
عليك، فان في لسانك رسالة لو أتيت بها الجبال الرواسي لا نقادت لك. قال:
فجئت حتى وقفت على باب ابن هبيرة، فاستأذنت، فلما دخلت عليه قال: أتتك
بخائن (3) رجلاه يا غلام النطع والسيف، ثم أمر بي فكتفت (4) وشد رأسي وقام
علي السياف ليضرب عنقي، فقلت: أيها الامير لم تظفر بي عنوة، وإنما جئتك من
ذات نفسي، وهيهنا أمر أذكره لك، ثم أنت وشأنك، فقال: قل، قلت: أخلني فأمر
من حضر (5) فخرجوا، فقلت له: جعفر بن محمد يقرئك السلام ويقول لك: قد آجرت
عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء. فقال: الله لقد قال لك جعفر بن محمد هذه
المقالة وأقرأني السلام ؟ ! فحلفت له فردها (6) علي ثلاثا ثم حل أكتافي،
ثم قال: لا
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: البراري. (2) من المصدر. (3) مثل معروف،
والخطاب لنفسه، ورجلاه فاعل أتتك، وفي المصدر: بحائن. (4) كتف شد يدي
بالكتاف وهو حبل شديد. (5) كذا في المصدر، وفي الاصل: يحضرني. (6) كذا في
المصدر، وفي الاصل: فحلفت فرددها.
[ 298 ]
يقنعني منك حتى تفعل (لي) (1) ما فعلت بك، قلت: ما تنطلق يدي بذاك ولا
تطيب به نفسي، فقال: والله ما يقنعني إلا ذاك، ففعلت به كما فعل بي
فاطلقته، فناولني خاتمه وقال: اموري في يدك فدبر فيها ما شئت. (2)
|