الحادي والسبعون الاسود الذي
ظهر للرشيد في منامه
2031 / 101 - ابن بابويه في عيون الاخبار: قال: حدثنا محمد بن
(1) في البحار: لها البعد. (2) سارب - خ ل -. والضارب: الليل الذي ذهبت
ظلمته يمينا وشمالا وملات الدنيا. (3) في المصدر: يرد. (4) ليس في البحار.
(5) عيون أخبار الرضا - عليه السلام -: 1 / 79 ح 7، أمالي الطوسي: 2 / 35،
عنهما البحار: 48 / 217 - 218 ح 17 - 19، وج 95 / 209 ح 1، وعوالم العلوم:
21 / 233 ح 2 وعن أمالي الصدوق: 307 ح 2. وأخرجه في البحار: 94 / 337 ح 6
عن مهج الدعوات: 28 بإسناده عن ابن بابويه. وفي إحقاق الحق: 12 / 325 عن
الفصول المهمة: 235.
[ 327 ]
علي ما
جيلويه - رضي الله عنه -، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه قال
(1): سمعت رجلا من أصحابنا يقول: لما حبس الرشيد موسى بن جعفر - عليه
السلام - جن عليه الليل فخاف ناحية هارون أن يقتله، فجدد موسى [ بن جعفر ]
(2) - عليه السلام - طهوره فاستقبل بوجهه القبلة، وصلى الله عزوجل أربع
ركعات، ثم دعا بهذه الدعوات، فقال: يا سيدي، نجني من حبس هارون، وخلصني من
يده، يا مخلص الشجر من [ بين ] (3) رمل وطين، ويا مخلص اللبن من بين فرث
ودم، ويا مخلص الولد من [ بين ] (4) مشيمة ورحم، ويا مخلص النار من بين
الحديد والحجر (5)، ويا مخلص الروح من بين الاحشاء والامعاء، خلصني من يدي
هارون. قال: فلما دعا موسى - عليه السلام - بهذه الدعوات أتى هارون رجل
أسود في منامه وبيده سيف قد سله، فوقف على رأس هارون وهو يقول: يا هارون،
أطلق عن موسى (6) بن جعفر - عليه السلام - وإلا ضربت علاوتك (7) بسيفي
هذا، فخاف هارون من هيبته، ثم دعا الحاجب، فجاء الحاجب، فقال له: اذهب إلى
السجن فأطلق عن موسى بن جعفر - عليهما السلام -. قال: فخرج الحاجب، فقرع
باب السجن، فأجابه صاحب السجن،
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: يقول. (2) من المصدر. (3) من
المصدر والبحار، وفي البحار: رمل وطين وماء. (4) من المصدر والبحار. (5)
في المصدر: من الحديد والحجر. (6) في المصدر: أطلق موسى. (7) العلاوة:
أعلا الرأس.
[ 328 ]
فقال: من ذا ؟ قال:
إن الخليفة يدعو موسى بن جعفر - عليهما السلام -، فأخرجه من سجنك، وأطلق
عنه، فصاح السجان: يا موسى، إن الخليفه يدعوك، فقام موسى - عليه السلام -
مذعورا فزعا وهو يقول: لا يدعوني في جوف هذا الليل إلا لشر يريده بي، [
فقام ] (1) باكيا حزينا مغموما آئسا من حياته، فجاء إلى هارون وهو ترتعد
فرائصه، فقال: سلام على هارون، فرد عليه السلام، ثم قال له هارون (الرشيد)
(2): ناشدتك بالله هل دعوت الله (3) في جوف هذا الليل (4) بدعوات ؟
فقال: نعم. قال: وما هن ؟ قال: جددت طهورا، وصليت لله عزوجل أربع ركعات،
ورفعت طرفي إلى السماء، وقلت: يا سيدي، خلصني من يد هارون وشره (5)، وذكر
له ما كان من دعائه. فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك، يا حاجب أطلق عن
هذا، ثم دعا بخلع فخلع عليه (6) ثلاثا، وحمله على فرسه، وأكرمه وصيره
نديما لنفسه، ثم قال: هات الكلمات، فعلمه (قال:) (7) فأطلق عنه
(1) من المصدر والبحار، وفي البحار: " يريد " بدل " يريده ". (2) ليس في
المصدر والبحار. (3) لفظ الجلالة ليس في المصدر والبحار. (4) في البحار:
هذه الليلة. (5) في البحار: هارون وذكره وشره. (6) في المصدر: دعا بخلع
عليه. (7) ليس في البحار.
[ 329 ]
وسلمه
إلى الحاجب ليسلمه إلى الدار ويكون معه، فصار موسى بن جعفر - عليه السلام
- كريما شريفا عند هارون، وكان (1) يدخل عليه في كل خميس إلى أن حبسه
الثانية، فلم يطلق عنه حتى سلمه إلى السندي بن شاهك، وقتله بالسم. ورواه
الشيخ: بالاسناد السابق عن ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه
- رحمه الله - قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، وذكر
الحديث. (2)
الثاني والسبعون علمه - عليه السلام - بما يكون 2032 / 102 -
ابن بابويه: قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي الله عنه -،
قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن سنان، قال: دخلت
على أبي الحسن - عليه السلام - قبل أن يحمل إلى العراق بسنة، وعلي ابنه -
عليه السلام - بين يديه، فقال لي: يا محمد. قلت: لبيك. قال: إنه سيكون في
هذه السنة حركة فلا تجزع منها، ثم أطرق ونكت بيده في الارض ورفع رأسه إلي
(3) وهو يقول: [ ويضل الله
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: وكان أن. (2) عيون أخبار الرضا -
عليه السلام -: 1 / 93 ح 13، أمالي الطوسي: 2 / 36، أمالي الصدوق: 308 ح
3، عنها البحار: 48 / 219 - 220 ح 20 - 22، وعوالم العلوم: 21 / 287 ح 1.
وأخرجه في البحار: 95 / 210 ح 2 عن العيون وأمالي الصدوق. (3) كذا في
المصدر والبحار، وفي الاصل: إليه.
[ 330 ]
الظالمين ويفعل الله ما يشاء ] (1). قلت: وما ذاك (2)، جعلت فداك ؟ قال:
من ظلم ابني هذا حقه، وجحد إمامته [ من ] (3) بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي
طالب - عليه السلام - حقه، وجحد إمامته من بعد محمد - صلى الله عليه وآله
-، فعلمت أنه قد نعى إلي نفسه، ودل على ابنه [ فقلت: والله - لئن مد الله
في عمري لاسلمن إليه حقه، ولا قرن له بالامامة، و ] (4) أشهد أنه من بعدك
حجة الله تعالى على خلقه، والداعي إلى دينه.
فقال لي: يا محمد، يمد الله في عمرك وتدعو إلى إمامته وإمامة من يقوم
مقامه من بعده. قلت: من ذاك [ جعلت فداك ] (5) ؟ قال: محمد ابنه. [ قال: ]
(6) قلت: فالرضا والتسليم ؟ قال: نعم، كذلك وجدتك (7) في كتاب أمير
المؤمنين - عليه السلام - أما إنك في شيعتنا أبين من البرق في الليلة
الظلماء. ثم قال: يا محمد، إن المفضل كان انسي ومستراحي، وأنت
(1) سورة إبراهيم: 27. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: وما كان.
(3) من المصدر والبحار. (4) من المصدر والبحار، وفي الاصل: فقد. (5 و 6)
من المصد ر والبحار. (7) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: وجدت.
[ 331 ]
انسهما ومستراحهما، حرام على النار أن تمسك أبدا. (1) 2033 / 103 - الكشي:
حدثني حمدويه، قال: حدثني الحسن بن موسى، قال: حدثني محمد بن سنان، قال:
دخلت على أبي الحسن موسى - عليه السلام - قبل أن يحمل إلى العراق [ بسنة ]
(2) وعلي - عليه السلام - ابنه بين يديه، فقال [ لي ] (3): يا محمد، قلت:
لبيك. قال: إنه سيكون في هذه السنة حركة ولا تخرج منها، ثم أطرق ونكت (4)
الارض بيده، ثم رفع رأسه إلي وهو يقول: [ ويضل الله
الظالمين ويفعل الله ما يشاء ] (5). قلت: وما ذلك، جعلت فداك ؟ قال: من
ظلم ابني هذا حقه، وجحد إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب -
عليه السلام - حقه وإمامته [ من ] (6) بعد محمد - صلى الله عليه وآله -
فعلمت أنه قد نعى إلي نفسه، ودل على ابنه، فقلت: والله لئن مد الله في
عمري لاسلمن إليه حقه، ولا قرن له (7) بالامامة أشهد أنه [ من ] (8) بعدك
حجة الله على خلقه، والداعي إلى دينه.
(1) عيون أخبار الرضا - عليه السلام -: 1 / 32 ح 29، غيبة الطوسي: 32 ح 8
نقلا من الكافي: 1 / 319 ح 16، إرشاد المفيد: 306 بإسناده عن الكليني،
إعلام الورى: 308 عن الكليني، عنها البحار: 49 / 21 ح 27. وللحديث تخريجات
اخرى من أرادها فليراجع الغيبة. (2 و 3) من المصدر. (4) كذا في المصدر،
وفي الاصل: ونكت في. (5) سورة إبراهيم: 27. (6) من المصدر. (7) كذا في
المصدر، وفي الاصل: إليه. (8) من المصدر.
[ 332 ]
فقال [ لي ] (1): يا محمد، يمد الله في عمرك، وتدعو إلى إمامته وإمامة من
يقوم مقامه من بعده. فقلت: ومن ذاك ؟ [ جعلت فداك ] (2) ؟ قال: محمد ابنه.
قلت: بالرضا والتسليم. فقال: كذلك قد وجدتك (3) في صحيفة أمير المؤمنين -
عليه السلام -، أما إنك في شيعتنا أبين من البرق في الليلة الظلماء، ثم
قال: يا محمد، [ إن ] (4) المفضل انسي ومستراحي (5)، وأنت انسهما
ومستراحهما (6)، حرام على النار أن تمسك أبدا، [ يعني أبا الحسن وأبا جعفر
- عليهما السلام - ] (7). (8)
الثالث والسبعون الجواب قبل السؤال 2034 /
104 - ابن بابويه: قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي الله -
عنه، قال: [ حدثنا ] (9) علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه،
(1 و 2) من المصدر. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: وجدته. (4) من المصدر.
(5) كذا في المصدر، وفي الاصل: أنسي وحسين أخي. (6) كذا في المصدر، وفي
الاصل: وحين تحبهما. (7) من المصدر. (8) رجال الكشي: 508 ح 982، عنه
البحار: 50 / 19 ح 4 وعن غيبة الطوسي المتقدم. (9) من المصدر.
[ 333 ]
(عن محمد بن خالد البرقي،) (1) عن سليمان بن حفص المروزي، قال: دخلت على
أبي الحسن موسى بن جعفر - عليه السلام - وأنا اريد أن أسأله عن الحجة على
الناس بعده [ فلما نظر إلي ] (2) فابتدأني، وقال: يا سليمان، إن عليا ابني
ووصيي وحجة الله على الناس (3) بعدي، وهو
أفضل ولدي، فإن بقيت بعدي فاشهد له بذلك عند شيعتي وأهل ولايتي،
والمستخبرين عن خليفتي من بعدي. (4)
الرابع والسبعون علمه - عليه السلام -
بما يكون 2035 / 105 - ابن بابويه: قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق
والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وأحمد بن زياد بن جعفر
الهمداني والحسين بن إبراهيم بن تاتانة وأحمد بن علي بن إبراهيم (5) بن
هاشم ومحمد بن علي ما جيلويه ومحمد بن موسى بن المتوكل - رضي الله عنهم -
قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن
سفيان بن نزار (6)، قال: كنت يوما على رأس
(1) ليس في البحار. (2) من المصدر. (3) في المصدر والبحار: والحجة على
الناس. (4) عيون أخبار الرضا - عليه السلام -: 1 / 26 ح 11، عنه البحار:
49 / 15 ح 9، وإثبات الهداة: 3 / 178 ح 25 وص 236 ح 32، وحلية الابرار: 2
/ 382، وعوالم العلوم: 22 / 42 ح 15. وأورده في الصراط المستقيم: 2 / 165.
(5) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: أحمد بن إبراهيم بن علي بن
إبراهيم. (6) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: بزاز.
[ 334 ]
المأمون، فقال: أتدرون من (1) علمني التشيع ؟ فقال القوم جميعا: لا والله
ما نعلم. قال: علمنيه الرشيد. قيل له: وكيف ذلك والرشيد كان يقتل أهل هذا
البيت ؟
قال: [ كان ] (2) يقتلهم على المالك لان الملك عقيم، ولقد حججت معه سنة،
فلما صار إلى المدينة تقدم إلى حجابه وقال: لا يدخلن (3) علي رجل من [ أهل
] (4) المدينة ومكة من أبناء (5) المهاجرين والانصار وبني هاشم وسائر بطون
قريش إلا نسب نفسه، وكان الرجل إذا دخل عليه قال: أنا فلان بن فلان، حتى
ينتهي إلى جده من هاشمي أو قرشي أو مهاجري أو أنصاري، فيصله من المال
بخمسة آلاف دينار (6) وما دونها إلى مائتي دينار، على قدر شرفه وهجرة
آبائه. فأنا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع فقال: يا أمير المؤمنين،
على الباب رجل زعم (7) أنه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي
بن أبي طالب - عليهم السلام -، فأقبل علينا ونحن قيام على رأسه، والامين
والمؤتمن وسائر القواد فقال: احفظوا على أنفسكم، ثم قال لآذنه: ائذن له،
ولا ينزل إلا على بساطي.
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ما. (2) من المصدر والبحار. (3)
كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: لا يدخل. (4) من المصدر والبحار. (5)
في المصدر: أهل. (6) في البحار: درهم. (7) في المصدر: يزعم.
[ 335 ]
فأنا كذلك إذ دخل شيخ مسخد (1) قد أنهكته العبادة كأنه شن بال، قد كلم [
من ] (2) السجود جبهته (3) وأنفه، فلما رأى الرشيد رمى بنفسه
عن حمار كان راكبه فصاح الرشيد: لا والله إلا على بساطي، فمنعه الحجاب من
الترجل، ونظرنا إليه بأجمعنا بالاجلال (4) والاعظام، فما زال يسير على
حماره حتى صار إلى البساط والحجاب والقوا محدقون به، فنزل فقام إليه
الرشيد واستقبله إلى آخر البساط، وقبل وجهه وعينيه، وأخذ بيده حتى صيره في
صدر المجلس، وأجلسه معه [ فيه ] (5)، وجعل يحدثه ويقبل بوجهه عليه، ويسأله
عن أحواله، ثم قال (له) (6): يا أبا الحسن، ما عليك من العيال ؟ فقال:
يزيدون على خمسمائة. قال: أولاد كلهم ؟ قال: لا، أكثرهم موالي وحشم، وأما
الولد [ فلي ] (7) نيف وثلاثون، الذكران (8) منهم كذا، والنسوان منهم كذا.
قال: فلم لا تزوج (9) النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن ؟
(1) أي مصفر، ثقيل، مورم. (2) من المصدر. والكلم: الجرح. (3) في المصدر
والبحار: وجهه. (4) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: بالآجال. (5) من
المصدر والبحار. (6) ليس في البحار. (7) من المصدر والبحار. (8) كذا في
المصدر والبحار، وفي الاصل: الذكر. (9) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل:
لا تتزوج.
[ 336 ]
قال: اليد تقصر عن
ذلك.
قال: فما حال الضيعة ؟ قال: تعطي في وقت، وتمنع (1) في آخر. قال: فهل عليك
دين ؟ قال: نعم. قال: كم ؟ قال: نحو من عشرة (2) آلاف دينار. فقال [ له ]
(3) الرشيد: يا ابن عم، أنا اعطيك من المال ما تزوج الذكران والنسوان،
(وتقضي الدين،) (4) وتعمر الضياع. فقال: وصلت رحمك (5) يا ابن عم، وشكر
الله لك هذه النية الجميلة والرحم ماسة، والقرابة واشجة (6)، والنسب واحد،
والعباس عم النبي - صلى الله عليه وآله - [ وصنو أبيه ] (7) وعم علي بن
أبي طالب - عليه السلام - وصنو أبيه، وما أبعدك الله من أن تفعل ذلك وقد
بسط يدك، وأكرم عنصرك، وأعلى محتدك (8). فقال: أفعل ذلك يا أبا الحسن
وكرامة.
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: نعطى في وقت، ونمنع. (2) في
المصدر: نحو عشرة. (3) من المصدر. (4) ليس في البحار. (5) في المصدر
والبحار: فقال له: وصلتك رحم. (6) الواشجة: المشتبكة. (7) من المصدر
والبحار. (8) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: محبتك. والمحتد: الاصل.
[ 337 ]
فقال: يا أمير المؤمنين، إن
الله عزوجل قد فرض على ولاة عهده أن ينعشوا فقراء الامة، ويقضوا على
الغارمين، ويؤدوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا إلى العاني (1)، وأنت
أولى من يفعل ذلك. فقال: أفعل يا أبا الحسن، ثم قام، فقام الرشيد لقيامه،
وقبل عينيه ووجهه، ثم أقبل علي وعلى الامين والمؤتمن، فقال: يا عبد الله،
ويا محمد، ويا إبراهيم، امشوا بين يدي عمكم وسيدكم، خذوا بركابه، وسووا
عليه ثيابه، وشيعوه إلى منزله، فأقبل علي أبو الحسن (2) موسى ابن جعفر -
عليه السلام - سرا بيني وبينه فبشرني بالخلافة وقال [ لي ] (3): إذا ملكت
هذا الامر فأحسن إلى ولدي، ثم انصرفنا وكنت أجرأ ولد أبي عليه. فلما خلا
المجلس قلت: يا أمير المؤمنين، من هذا الرجل [ الذي ] (4) قد أعظمته
وأجللته، وقمت من مجلسك إليه، فاستقبلته وأقعدته في صدر المجلس وجلست
دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له ؟ قال: هذا إمام الناس، وحجة الله على
خلقه، وخليفته على عباده. فقلت: يا أمير المؤمنين، أو ليست هذه الصفات
كلها لك وفيك ؟ فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى
بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنه لاحق بمقام رسول الله - صلى الله عليه
وآله - مني، ومن الخلق جميعا، ووالله لو نازعتني هذا الامر لاخذت الذي فيه
(1) العاني: الاسير. (2) في البحار: فأقبل أبو الحسن. (3) من المصدر والبحار.
(4) من المصدر والبحار، وفي البحار: عظمته.
[ 338 ]
عيناك، فإن الملك عقيم (1). فلما أراد الرحيل من المدينة إلى مكة أمر بصرة
سوداء فيها مائتا دينار، ثم أقبل على (2) الفضل بن الربيع فقال [ له ]
(3): اذهب بهذه إلى موسى بن جعفر، وقل له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في
ضيقة وسيأتيك برنا بعد هذا الوقت. فقمت في صدره فقلت: يا أمير المؤمنين،
تعطي أبناء المهاجرين والانصار وسائر قريش وبني هاشم، ومن لا يعرف حسبه
ونسبه خمسة آلاف دينار إلى ما دونها، وتعطي موسى بن جعفر وقد أعظمته
وأجللته مائتي دينار ؟ أخس عطية أعطيتها (4) أحدا من الناس ؟ ! فقال: اسكت
لا ام لك، فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه (5) أن يضرب وجهي
غدا بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، [ وفقر هذا ] (6) وأهل بيته أسلم لي
ولكم من بسط أيديهم وأعينهم، فلما نظر إلى ذلك مخارق المغني دخله في ذلك
(7) غيظ، فقام إلى الرشيد فقال له: يا أمير المؤمنين (8)، قد دخلت المدينة
وأكثر أهل المدينة (9)
(1) أي لا ينفع
فيه نسب، لانه يقتل في طلبه الاب والاخ والعم والولد. (2) كذا في المصدر
والبحار، وفي الاصل: إلى. (3) من المصدر والبحار. (4) كذا في المصدر
والبحار، وفي الاصل: تعطيها. (5) في المصدر: أمنته. (6) من المصدر
والبحار.
(7) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: مخارق المغني ذلك دخله من ذلك. (8)
في المصدر والبحار: فقال: يا أمير المؤمنين. (9) في المصدر والبحار: وأكثر
أهلها.
[ 339 ]
يطلبون مني شيئا، وإن خرجت ولم أقسم فيهم شيئا لم يتبين (1) لهم تفضل أمير
المؤمنين علي، ومنزلتي عنده، فامر له بعشرة آلاف دينار، فقال له: يا أمير
المؤمنين (2)، هذا لاهل المدينة، وعلي دين أحتاج أن أقضيه، فأمر له بعشرة
آلاف دينار اخرى. فقال له: يا أمير المؤمنين، بناتي اريد أن ازواجهن وأنا
محتاج إلى جهازهن، فأمر له بعشرة آلاف دينار اخرى، فقال [ له ] (3): يا
أمير المؤمنين، لابد من غلة تعطينيها ترد علي وعلى عيالي وبناتي وأزواجهن
القوت، فأمر له بأقطاع ما يبلغ غلته في السنة عشرة آلاف دينار، وأمر أن
يعجل ذلك عليه (4) من ساعته. ثم قام مخارق من فوره، وقصد موسى بن جعفر -
عليه السلام - وقال له: قد وقفت على ما عاملك به هذا الملعون، وما أمر لك
به، وقد احتلت عليه لك، وأخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار، وأقطاعا تغل (5)
في السنة عشرة آلاف دينار، ولا والله يا سيدي ما أحتاج إلى شئ من ذلك، وما
أخذته إلا لك، وأنا أشهد لك بهذه الاقطاع، وقد حملت المال إليك. فقال له:
بارك الله (6) لك في مالك، وأحسن جزاك ما كنت لآخذ
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: أبين. (2) في المصدر: فقال: يا
أمير المؤمنين.
(3) من المصدر والبحار. (4) في البحار: له. (5) كذا في المصدر والبحار،
وفي الاصل: فقال: بارك الله. (6) في المصدر والبحار: فقال: بارك الله.
[ 340 ]
منه درهما واحدا ولا من هذه الاقطاع شيئا، وقد قبلت صلتك وبرك، فانصرف
راشدا، ولا تراجعني في ذلك، فقبل يده وانصرف. (1)
الخامس والسبعون تعليم
الثعبان من الجن 2036 / 106 - السيد الرضي في المناقب الفاخرة في العترة
الطاهرة: قال: روى أحمد بن حنبل، قال: دخلت في بعض الايام على الامام موسى
بن جعفر - عليه السلام - حتى أقرأ عليه وإذا بثعبان قد وضع فمه على اذن
موسى - عليه السلام - كالمحدث له، فلما فرغ حدثه موسى حديثا لم أفهمه، ثم
انساب الثعبان، فقال: يا أحمد، هذا رسول من الجن قد اختلفوا في مسألة،
فجاءني يسألني عنها، فأخبرته، فبالله عليك يا أحمد، لا تخبر بهذا إلا بعد
موتي، فما أخبرت به حتى مات.
السادس والسبعون علمه - عليه السلام -
بالغائب 2037 / 107 - كتاب الرجال: محمد بن علي، [ قال: ] (2)، أخبرني زيد
بن علي بن الحسين بن زيد، قال: مرضت فدخل الطبيب علي ليلا، ووصف لي دواء
آخذه في السحر كذا وكذا [ يوما ] (3)، فلم يمكنني تحصيله من الليل، وخرج
الطبيب من الباب، وورد صاحب أبي الحسن - عليه السلام - في الحال ومعه صرة
فيها ذلك الدواء بعينه، فقال
(1) عيون أخبار الرضا - عليه السلام -: 1 / 88 ح 11، عنه البحار: 48 / 129 - 132 ح 4 و 5،
وعوالم العلوم: 21 / 245 ح 1 وعن الاحتجاج: 392. (2 و 3) من المصدر والبحار.
[ 341 ]
[ لي ] (1): أبو الحسن - عليه السلام - يقرئك السلام ويقول لك: خذ (2) هذا
الدواء كذا [ وكذا ] (3) يوما، (فأخذته) (4) وشربت فبرأت. قال محمد بن
علي: قال لي زيد بن علي: يا محمد، أين الغلاة (5) عن هذا الحديث ؟ قاله
المفيد في إرشاده. (6)
السابع والسبعون الاستجابة لدعائه - عليه السلام -
2038 / 108 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي
عمير، عن زياد القندي، قال: كتبت إلى أبي الحسن الاول - عليه السلام -:
علمني دعاء فإني قد بليت بشي، وكان قد حبس ببغداد حيث اتهم بأموالهم، فكتب
إليه: إذا صليت فأطل السجود، ثم قل: يا أحد، يا من لا أحد (7) له، حتى
ينقطع النفس، ثم قل: يا من لا
(1) من
المصدر والبحار. (2) في البحار: ويقول: خذ. (3) من المصدر. (4) ليس في
البحار، وفي المصدر: " وشربته " بدل " وشربت ". (5) في البحار: قال محمد:
قال زيد: أين الغلاة ؟. (6) إرشاد المفيد: 332، عنه كشف الغمة: 2 / 481 -
482. وأورده في روضة الواعظين: 244، والثاقب في المناقب: 549 ح 10. وأخرجه
في البحار: 50 / 150 ح 36 عن الارشاد، والخرائج والجرائح: 1 / 406 ح 12،
ومناقب ابن شهر اشوب: 4 / 408. ويأتي في المعجزة: 11 و 88 من معاجز الامام
الهادي - عليه السلام - عن الكافي وهداية الحضيني. (7) في المصدر: يا أحد
من لا أحد.
[ 342 ]
يزيده كثرة الدعاء إلا جودا وكرما، حتى ينقطع النفس (1)، ثم قل: يا رب
الارباب أنت أنت أنت الذي انقطع الرجاء إلا منك، يا علي يا عظيم. قال
زياد: فدعوت به ففرج الله عني وخلى سبيلي. (2)
الثامن والسبعون الكشف عن
أعداء أمير المؤمنين - عليه السلام - من الارض 2039 / 109 - السيد المرتضى
في عيون المعجزات: قال: روى محمد بن الفضل، عن داود الرقي، قال: قلت لابي
عبد الله - عليه السلام -: حدثني عن أعداء أمير المؤمنين - عليه السلام -
وأهل بيت النبوة - صلوات الله عليهم -، فقال الحديث أحب إليك أم المعاينة
؟ قلت: المعاينة. فقال لابي إبراهيم موسى - عليه السلام -: ائتيني
بالقضيب، فمضى وأحضره إياه، فقال له: يا موسى، اضرب به الارض وأرهم أعداء
أمير المؤمنين - عليه السلام - وأعداءنا، فضرب به الارض ضربة، فانشقت
الارض عن بحر أسود، ثم ضرب البحر بالقضيب فانفلق عن صخرة سوداء، فضرب
الصخرة فانفتح منها باب، فإذا بالقوم جميعا لا يحصون لكثرتهم ووجوههم
مسودة وأعينهم زرق، كل واحد منهم مصفد مشدود في جانب من الصخرة، وهم
ينادون: يا محمد (3)، والزبانية تضرب
وجوههم ويقولون لهم: كذبتم ليس محمد لكم ولا أنتم له.
(1) في المصدر: نفسك. (2) الكافي: 3 / 328 ح 25. (3) في المصدر: يا محمداه.
[ 343 ]
فقلت: له: جعلت فداك، من هؤلاء ؟ فقال: الجبت والطاغوت والرجس واللعين بن
اللعين، ولم يزل يعددهم كلهم من أولهم إلى آخرهم حتى أتى على أصحاب
السقيفة، وأصحاب الفتنة، وبني الازرق، والاوزاع (1)، وبني أمية جدد الله
عليهم العذاب بكرة وأصيلا. ثم قال - عليه السلام - للصخرة: انطبقي عليهم [
إلى الوقت المعلوم ] (2). (3)
التاسع والسبعون قطع المسافة البعيدة في
الوقت القصير 2040 / 110 - السيد المرتضى في عيون المعجزات: عن محمد ابن
علي الصوفي، قال: استأذن إبراهيم الجمال - رضي الله عنه - على أبي الحسن
علي بن يقطين الوزير فحجبه، فحج علي بن يقطين في تلك السنة فاستأذن
بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر - عليه السلام - فحجبه، فرآه ثاني يومه،
فقال علي بن يقطين: يا سيدي، ما ذنبي ؟ فقال: حجبتك لانك حجبت أخاك
إبراهيم الجمال، وقد أبى الله
(1) كذا
في البحار، وفي الاصل والمصدر: والاوازغ. قال المجلسي - رحمه الله -: يمكن
أن يكون أصحاب الفتنة إشارة إلى طلحة والزبير وأصحابهما، وبنو الازرق:
الروم، ولا يبعد أن يكون إشارة إلى معاوية وأصحابه، وبنو
زريق: حي من الانصار، والاوزاع: الجماعات المختلفة. (2) من المصدر
والبحار. (3) عيون المعجزات: 96 - 97، عنه البحار: 48 / 84 ح 104، وعوالم
العلوم: 21 / 160 ح 1. وأخرجه في إثبات الهداة: 3 / 146 ح 267 عن إثبات
الوصية: 164 - 165.
[ 344 ]
أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمال، فقلت: يا سيدي (1) ومولاي، من لي
بإبراهيم الجمال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة ؟ فقال: إذا كان
الليل فامض إلى البقيع وحدك من [ غير ] (2) أن يعلم بك أحد من أصحابك
وغلمانك، واركب نجيبا هناك مسرجا. قال: فوافى البقيع، وركب النجيب، ولم
يلبث أن أناخه علي بباب إبراهيم (3) الجمال بالكوفة، فقرع الباب، وقال:
أنا علي بن يقطين. فقال إبراهيم الجمال من داخل الدار: وما يعمل علي بن
يقطين الوزير ببابي ؟ فقال علي بن يقطين: يا هذا، إن أمري عظيم وآلى عليه
الاذن له (4)، فلما دخل قال: يا إبراهيم، إن المولى - عليه السلام - أبى
أن يقبلني أو تغفر لي. فقال: يغفر الله لك، فآلى علي بن يقطين على إبراهيم
الجمال أن يطأ خده، فامتنع إبراهيم من ذلك، فآلى عليه ثانيا ففعل، فلم يزل
إبراهيم يطأ خده وعلي بن يقطين يقول: اللهم اشهد، ثم انصرف وركب النجيب
وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفر - عليه السلام - بالمدينة، فأذن
له ودخل عليه، فقبله.
ورواه صاحب ثاقب المناقب: قال: وجدت في بعض كتب
(1) في البحار: فقلت: سيدي. (2) من المصدر والبحار. (3) في البحار: أناخه على باب إبراهيم. (4) في البحار: وآلى عليه أن يأذن له.
[ 345 ]
أصحابنا - رضي الله عنهم - أن إبراهيم الجمال كان من الموحدين العارفين،
فاستأذن على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير، وكان من موالي (1) أهل البيت
- عليهم السلام - فحجب عليه، فحج تلك السنة علي بن يقطين، فاستأذن
بالمدينة على أبي إبراهيم موسى بن جعفر - عليه السلام - [ فحجبه، فرآه
ثاني يوم، فقال: يا مولاي، ما ذنبي ؟ ] (2). فقال - عليه السلام -: حجبتك
لانك حجبت أخاك إبراهيم الجمال (3)، وذكر الحديث إلى آخره. (4)
الثمانون
علمه - عليه السلام - بما في النفس 2041 / 111 - الشيخ في التهذيب:
بإسناده عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين أن بعض أصحابنا كتب إلى أبي
الحسن الماضي - عليه السلام - يسأله عن الصلاة على الزجاج. قال: فلما نفذ
كتابي إليه تفكرت وقلت: هو مما أنبتت الارض، وما كان لي أن أسأل عنه، فكتب
إليه: لا تصل على الزجاج وإن حدثتك نفسك أنه مما أنبتت الارض، ولكنه من
الملح والرمل، وهما ممسوخان. (5)
(1)
في المصدر: ممن يوالي.
(2) من المصدر. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: حجبت لاخيك إبراهيم. (4)
عيون المعجزات: 100 - 101، عنه البحار: 48 / 85 ح 105، وعوالم العلوم: 21
/ 134 ح 1. وأورده في الثاقب في المناقب: 458 ح 4 مرسلا. (5) تهذيب
الاحكام: 2 / 304 ح 87.
[ 346 ]
الحادي والثمانون علمه - عليه السلام - بما يكون 2042 / 112 - الشيخ
المفيد في إرشاده، والطبرسي في إعلام الورى: قالا: روى محمد بن إسماعيل،
عن محمد بن الفضل (1)، قال: اختلفت الرواية بين أصحابنا في مسح الرجلين [
في الوضوء ] (2)، أهو من الاصابع إلى الكعبين ؟ أم من الكعبين إلى الاصابع
؟ فكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسى - عليه السلام -: جعلت فداك، إن
أصحابنا قد اختلفوا في المسح على الرجلين (3)، فإن رأيت أن تكتب إلي بخطك
ما يكون عملي بحسبه لفعلت (4) إن شاء الله تعالى. فكتب إليه أبو الحسن -
عليه السلام -: فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء، والذي آمرك به في ذلك
أن تتمضمض ثلاثا، وتستنشق ثلاثا، وتغسل وجهك ثلاثا، وتخلل شعر لحيتك، [
وتغسل يدك من أصابعك إلى المرفقين ] (5) وتمسح رأسك كله، وتسمح ظاهر اذنيك
= وأخرجه في البحار: 48 / 37 ح 12 و
13، وعوالم العلوم: 21 / 78 ح 4 عن الكافي: 3 / 332 ح 14، ومناقب ابن شهر
اشوب: 4 / 304. وفي البحار: 85 / 147 ذ ح 2 وح 3 عن علل الشرائع: 342 ح 5،
وكشف الغمة: 2 /
384، وفي الوسائل: 3 / 604 ح 1 عن الكافي والعلل والكشف والتهذيب. (1) كذا
في أغلب المصادر، وفي الاصل: المفضل، والمتكرر في الاسانيد رواية محمد بن
إسماعيل بن بزيع عن محمد بن الفضيل، فلا يبعد وقوع التصحيف هنا. راجع معجم
رجال الحديث: 17 / 43 - 45. (2) من الارشاد والبحار. (3) في الارشاد
والبحار: في مسح الرجلين. (4) في الارشاد والبحار: عملي عليه فعلت. (5) من
الارشاد.
[ 347 ]
وباطنها، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثا، ولا تخالف ذلك إلى غيره. فلما
وصل الكتاب إلى علي بن يقطين تعجب مما رسم له فيه (1) مما جميع (2)
العصابة على خلافه، ثم قال: مولاي أعلم بما قال، وأنا ممتثل أمره، فكان
يعمل في وضوئه على هذا الحد، ويخالف ما عليه جميع الشيعة، امتثالا لامر
أبي الحسن - عليه السلام -. وسعي بعلي بن يقطين إلى الرشيد وقالوا (3):
إنه رافضي مخالف لك. فقال الرشيد لبعض خاصته: قد كثر عندي القول في علي بن
يقطين والقرف (4) بخلافنا (5)، وميله إلى الرفض، ولست أرى في خدمته لي
تقصيرا، وقد امتحنته مرارا، فما ظفرت (6) منه على ما يقرف به، واحب أن
أستبرئ أمره من حيث لا يشعر بذلك، فيتحرز مني. فقيل له: إن الرافضة - يا
أمير المؤمنين - تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه، ولا ترى غسل الرجلين،
فامتحنه (7) من حيث لا يعلم
بالوقوف على وضوئه. فقال: أجل، إن هذا الوجه يظهر به أمره. ثم تركه مدة
وناطه (8) بشئ من الشغل في الدار، حتى دخل وقت
(1) في البحار: بما رسم فيه. (2) في الارشاد والبحار: أجمع. (3) في
الارشاد: وقيل له، وفي البحار: وقيل. (4) القرف: الاتهام " الصحاح: 4 /
1415 - قرف - ". (5) كذا في الارشاد والبحار، وفي الاصل: بخلافها. (6) في
الارشاد والبحار: ظهرت. (7) في البحار: فامتحنه - يا أمير المؤمنين -. (8)
كذا في الارشاد والبحار، وفي الاصل: وباطنه.
[ 348 ]
الصلاة، وكان علي بن يقطين يخلو في (1) حجرة في الدار لوضوئه وصلاته، فلما
دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين ولا
يراه هو، فدعا بالماء للوضوء، فتمضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا، وغسل وجهه
ثلاثا، وخلل شعر لحيته (2)، وغسل يديه إلى المرفقين ثلاثا، ومسح رأسه
واذنيه، وغسل رجليه [ ثلاثا ] (3) والرشيد ينظر إليه. فلما رآه قد فعل ذلك
لم يملك نفسه حتى أشرف عليه بحيث (4) يراه، ثم ناداه: كذب - يا علي بن
يقطين - من زعم أنك من الرافضة، وصلحت حاله عنده. وورد عليه كتاب أبي
الحسن - عليه السلام -: ابتدئ من الآن يا علي بن يقطين، توضأ كما أمرك (5)
الله، اغسل وجهك مرة فريضة، واخرى
إسباغا، واغسل يديك من المرفقين كذلك، وامسح بمقدم رأسك، وظاهر قدميك من
فضل (6) نداوة وضوئك، وقد زال ماكان يخاف عليك، والسلام (7). ورواه ابن
شهر اشوب في المناقب: عن محمد بن الفضل.
(1) في الارشاد: إلى. (2) كذا في الارشاد والبحار، وفي الاصل: فتمضمض
ثلاثا، وخلل لحيته. (3) من الارشاد. (4) في الارشاد: من حيث. (5) في
الارشاد والبحار: أمر. (6) في البحار: بفضل. (7) كذا في الارشاد والبحار،
وفي الاصل: نخاف عليك.
[ 349 ]
ورواه
أيضا صاحب ثاقب المناقب. (1) 2043 / 113 - والذي رواه الراوندي في
الخرائج: أن علي بن يقطين كتب إلى الامام موسى بن جعفر - عليهما السلام -:
اختلف علي الوضوء فهل أمسح على الرجلين أم أغتسل (2) ؟ فإن رأيت أن تكتب
ما يكون علمي عليه فعلت، فكتب الامام - عليه السلام - (3): الذي آمرك به
أن تتمضمض ثلاثا، وتستنشق ثلاثا، وتغسل وجهك ثلاثا، [ وتخلل شعر لحيتك،
وتغسل يدك ثلاثا، وتمسح رأسك كله ] (4) وتمسح ظاهر اذنيك وباطنهما، وتغسل
رجليك ثلاثا، ولا تخالف ذلك إلى غيره، فامتثل أمره وعمل عليه. فقال الرشيد
يوما: احب أن أستبرئ أمر علي بن يقطين فإنهم
يقولون إنه رافضي، والرافضة يخففون (5) في الوضوء [ فطلبه، فناطه بشئ من
الشغل في الدار ] (6)، حتى دخل وقت الصلاة، ووقف الرشيد [ من ] (7) وراء
حائط الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو، وقد بعث إليه بالماء
للوضوء فتوضأ كما أمره الامام - عليه السلام - فدخل عليه
(1) إرشاد المفيد: 294 - 295، إعلام الورى: 293 - 294 باختلاف كثير، مناقب
ابن شهر اشوب: 4 / 288 - 289، عنها البحار: 48 / 38 ح 14، وعوالم العلوم:
21 / 99 ح 6. وأورده في الثاقب في المناقب: 451 ح 4 عن محمد بن إسماعيل.
وأخرجه في الوسائل: 1 / 312 ح 3 عن الارشاد. وفي إثبات الهداة: 3 / 194 ح
74 عن إعلام الورى والارشاد وكشف الغمة: 2 / 225 - 227 نقلا من الارشاد.
(2) في المصدر والبحار: اختلف في المسح على الرجلين. (3) في المصدر
والبحار: فكتب أبو الحسن - عليه السلام -. (4) من المصدر، وفي البحار:
وتخلل شعر لحيتك ثلاثا، وتغسل يديك ثلاثا. (5) كذا في المصدر والبحار، وفي
الاصل: يخفون. (6) من المصدر والبحار، وكلمة " فطلبه " ليس في البحار. (7)
من المصدر.
[ 350 ]
الرشيد (1) وقال:
كذب من زعم أنك رافضي، فورد على علي بن يقطين بعد ذلك كتاب الامام موسى
(2) بن جعفر - عليهما السلام -: وتوضأ من الآن كما أمر الله، اغسل وجهك
مرة فريضة، واخرى إسباغا، واغسل [ يديك ] (3) من المرفقين كذلك، وامسح
بمقدم رأسك، وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك، فقد زال ما يخاف (4) عليك.
(5)
الثاني والثمانون الرعدة التي أخذت نفيع 2044 / 114 - الطبرسي في
إعلام الورى: قال: روى الشريف
الاجل المرتضى - قدس الله روحه العزيزة - [ عن أبي حريز ] (6)، عن أبي عبد
الله المرزباني، مرفوعا إلى أيوب بن الحسين الهاشمي قال: كان نفيع رجلا من
الانصار حضر باب الرشيد - وكان عريفا - وحضر معه عبد العزيز بن عمر بن عبد
العزيز وحضر موسى (7) بن جعفر - عليه السلام - على حمار له، فتلقاه الحاجب
بالبشر والاكرام، وأعظمه من كان هناك، وعجل له بالاذن، فقال نفيع لعبد
العزيز: ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم يفعلون هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن
السرير، أما لان خرج لاسوءنه.
(1) في المصدر والبحار: أمره موسى - عليه السلام -، فقام الرشيد. (2) في
البحار: فورد على علي بن يقطين كتاب موسى. (3) من المصدر والبحار. (4) كذا
في المصدر والبحار، وفي الاصل: نخاف. (5) الخرائج والجرائح: 1 / 335 ح 26،
عنه الصراط المستقيم: 2 / 192 ح 21 (مختصرا)، والبحار: 48 / 136 ح 11،
وعوالم العلوم: 21 / 379 ح 2. (6) من المصدر. (7) في المصدر: وحضر عبد
العزيز وحضر موسى.
[ 351 ]
قال له عبد
العزيز: لا تفعل، إن هؤلاء أهل بيت قل من تعرض لهم في الخطاب إلا وسموه
بالجواب (1) سمة يبقى عارها عليه مدى الدهر. قال: وخرج موسى بن جعفر -
عليه السلام - فقام إليه نفيع الانصاري فأخذ بلجام حماره، ثم قال: من أنت
؟ فقال: يا هذا، إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمد حبيب الله بن إسماعيل
ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله، وإن كنت تريد البلد فهو الذي
فرض الله عزوجل على المسلمين وعليك - إن كنت منهم - الحج إليه، وإن كنت
تريد المفاخرة فو الله ما رضي مشركوا قومي مسلمي قومك أكفاء لهم حتى
قالوا: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قريش، وإن كنت تريد الصيت والاسم
فنحن الذين أمر الله بالصلاة علينا في الصلاة المفروضة تقول: اللهم صل على
محمد وآل محمد، فنحن آل محمد، خل عن الحمار، فخلى عنه ويده ترعد، وانصرف
مخزيا، فقال له عبد العزيز: ألم أقل لك ؟ (2) 2045 / 115 - أبو جعفر محمد
بن جرير الطبري: قال: حدثني القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدثنا أحمد بن
إسماعيل الكاتب، كان يحضر (3) باب الرشيد رجل من الانصار يقال له نفيع
وكان عريفا، وكان
(1) في المصدر: بالخطاب إلا وسموه في الجواب. (2) أمالي المرتضى: 1 / 274
ح 20، إعلام الورى: 297. وأخرجه في البحار: 48 / 143 ح 19 عن مناقب ابن
شهر اشوب: 4 / 316، وفي البحار: 78 / 333 ذ ح 9 عن أعلام الدين: 305 -
306. وفي عوالم العلوم: 21 / 278 ح 1 عن أمالي المرتضى وأعلام الدين. (3)
في المصدر: بحضرة.
[ 352 ]
[ آدم بن ]
(1) عبد العزيز شاعرا ظريفا فاتفقا يوما بباب الرشيد (2) وحضر موسى بن
جعفر - عليه السلام - على حمار له، فلما قرب قام الحاجب إليه فأدخله من
الباب [ فقال نفيع لآدم: من هذا ؟ ] (3). فقال: أو ما تعرفه ؟ قال: لا.
قال: [ هذا ] (4) شيخ آل أبي طالب [ اليوم ] (5) هذا فلان بن فلان. فقال:
تبا لهؤلاء القوم يكرمون هذا الاكرام من يقصد ليزيلهم عن سريرهم، أما إنه
إن (6) خرج لاسوءنه. قال: فقال له آدم (7): لا تفعل، إن هؤلاء قوم قد
أعطاهم الله عز وجل حظا في ألسنتهم، وقل ما ناواهم إنسان أو تعرض لهم إلا
ووسموه بسمة سوء، فقال له: سترى، وخرج موسى ووثب [ إليه ] (8) نفيع فأخذ
بلجام حماره، فقال له: من أنت ؟ قال بوقار: إن كنت تريد النسب فأنا ابن
محمد حبيب الله بن إسماعيل ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله، وإن كنت تريد
البيت [ فهو البيت الذي ] (9) الذي أوجب الله جل ذكره على المسلمين كافة
وعليك - إن كنت منهم - أن تحجوا إليه، وإن كنت تريد المفاخرة فو الله ما
رضوا
(1) من المصدر. (2) في المصدر: شاعرا فاتفقنا بباب الرشيد. (3 - 5) من
المصدر. (6) في المصدر: إذا. (7) في المصدر: قال: فقال آدم. (8 و 9) من
المصدر.
[ 353 ]
مشركوا قومي بمسلمي
قومك أكفاء حتى قالوا: يا محمد، أخرج علينا أكفاءنا من قريش. قال: فاسترخت
[ أصابعه ] (1) من اللجام وتركه. (2)
الثالث والثمانون علمه - عليه السلام
- بما يكون
2046 / 116 - الشيخ المفيد في إرشاده: قال: وكان السبب في قبض الرشيد على
أبي الحسن موسى - عليه السلام - وحبسه وقتله، ما ذكره أحمد بن عبيدالله بن
عمار، عن علي بن محمد النوفلي، عن أبيه، وأحمد بن محمد بن سعيد، وأبو محمد
الحسن بن محمد بن يحيى، عن مشايخهم، قالوا: كان السبب في أخذ موسى بن جعفر
- عليه السلام - أن الرشيد جعل ابنه في حجر جعفر بن محمد بن الاشعث، فحسده
يحيى ابن خالد بن برمك على ذلك، وقال: إن أفضت إليه الخلافة زالت دولتي
ودولة ولدي، فاحتال على جعفر بن محمد - وكان يقول بالامامة - حتى داخله
وأنس به (3)، وكان يكثر غشيانه في منزله فيقف على أمره ويرفعه إلى الرشيد،
ويزيد عليه في ذلك (4) بما يقدح في قلبه. ثم قال يوما لبعض ثقاته -
أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال، يعرفني ما أحتاج إليه،
فدل على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد، فحمل إليه يحيى بن خالد مالا،
وكان موسى بن
(1) من المصدر. (2) دلال الامامة: 156 - 157. (3) في المصدر: إليه. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: ويزيد على ذلك.
[ 354 ]
جعفر - عليه السلام - يأنس بعلي بن إسماعيل [ بن جعفر بن محمد ] (1) ويصله
ويبره، ثم أنفذ إليه يحيى بن خالد يرغبه في قصد الرشيد ويعده بالاحسان
إليه، فعمد إلى ذلك (2)، فأحس به موسى - عليه السلام - فدعاه، فقال [ له ]
(3): إلى أين تريد يا ابن أخي (4) ؟
قال: إلى بغداد. قال: وما تصنع ؟ قال: علي دين وأنا مملق (5). فقال له
موسى - عليه السلام -: فأنا أقضي دينك وأفعل بك وأصنع، فلم يلتفت إلى ذلك،
وعمد إلى (6) الخروج، فاستدعاه أبو الحسن - عليه السلام - فقال له: أنت
خارج ؟ قال: نعم، لابد لي من ذلك. فقال له: انظر - يا ابن أخي - واتق
الله، ولا تؤتم أولادي، وأمر له بثلاثمائة دينار وأربعة آلاف درهم، فلما
قام [ من ] (7) بين يديه قال أبو الحسن موسى - عليه السلام - لمن حضره:
والله ليسعين في دمي، وليؤتمن أولادي. فقالوا له: جعلنا الله فداك، فأنت
تعلم هذا من حاله وتعطيه وتصله !
(1) من المصدر. (2) في المصدر: فعمل على ذلك. (3) من المصدر. (4) في
المصدر: إلى أين يا ابن أخي ؟ (5) في المصدر: معلق. (6) في المصدر: فعمل
على. (7) من المصدر.
[ 355 ]
قال لهم:
نعم، حدثني أبي، عن آبائه، عن رسول الله - صلى الله عليه وآله - أن الرحم
إذا قطعت فوصلت فقطعت قطعها الله، وإنني أردت أن أصله
بعد قطعه لي، حتى إذا قطعني قطعه الله. قالوا: فخرج علي بن إسماعيل حتى
أتى يحيى بن خالد، فتعرف منه خبر موسى بن جعفر - عليهما السلام - ورفعه
إلى الرشيد وزاد عليه (1)، ثم أوصله إلى الرشيد فسأله عن عمه فسعى به
إليه، ثم قال (2) له: إن الاموال تحمل إليه من المشرق والمغرب (3)، وأنه
اشترى ضيعة سماها اليسيرة (4) بثلاثين ألف دينار، فقال له صاحبها - وقد
أحضره المال -: لا آخذ هذا النقد، ولا آخذ إلا نقد كذا وكذا، فأمر بذلك
المال فرد وأعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سأل بعينه، فسمع ذلك منه
الرشيد وأمر له بمائتي ألف درهم تسبيبا على بعض النواحي، فاختار بعض كور
المشرق، ومضت رسله لقبض المال، وأقام ينتظرهم (5)، فدخل في بعض تلك الايام
إلى الخلاء فزحر زحرة خرجت منها حشوته كلها فسقط، وجهدوا في ردها فلم
يقدروا، فوقع لما به (6)، وجاءه المال وهو ينزع، فقال: ما أصنع به وأنا في
الموت ؟ ! وخرج الرشيد في تلك السنة إلى الحج، وبدأ بالمدينة فقبض
(1) في المصدر: فيه. (2) في المصدر: وقال. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل:
إلى المغرب. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: اليسيرية، السيرية - خ ل -.
(5) في المصدر: وصوله. (6) أي ان حالته حالة الموت.
[ 356 ]
بها (1) على أبي الحسن موسى - عليه السلام -، ويقال: إنه لما ورد المدينة
استقبله موسى - عليه السلام - في جماعة من الاشراف، وانصرفوا من استقباله،
فمضى أبو الحسن - عليه السلام - إلى المسجد على رسمه، فقام الرشيد إلى
الليل وصار إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله -، فقال: يا رسول
الله، إني أعتذر إليك من شئ اريد أن أفعله، اريد أن أحبس موسى بن جعفر،
فإنه يريد التشتت (2) بين امتك وسفك دمائها. ثم أمر به فاخذ (3) من المسجد
فادخل عليه (4) فقيده، واستدعى قبتين فجعله في إحداهما على بغل، وجعل
القبة الاخرى على بغل آخر، واخرج البغلان من داره عليهما القبتان
مستورتان، ومع كل واحدة منهما خيل، فافترقت الخيل فمضى بعضها مع إحدى
القبتين على طريق البصرة، والاخرى على طريق الكوفة، وكان أبو الحسن - عليه
السلام - في القبة التي مضي بها على طريق البصرة، وإنما فعل ذلك الرشيد
ليعمي على الناس الامر في باب أبي الحسن - عليه السلام -. وأمر القوم
الذين كانوا مع قبة أبي الحسن - عليه السلام - أن يسلموه إلى عيسى بن جعفر
بن المنصور - وكان على البصرة حينئذ -، فسلم إليه فحبسه عنده سنة، وكتب
إليه الرشيد في دمه، فاستدعى عيسى بن جعفر بعض خاصته وثقاته فاستشار هم
فيما كتبه (5) الرشيد، فأشاروا
(1) في المصدر: فيها. (2) في المصدر: التشتيت. (3) في المصدر: فاخرج. (4) في المصدر: إليه. (5) في المصدر: فيما كتب إليه.
[ 357 ]
عليه بالتوقف عن ذلك والاستعفاء منه، فكتب عيسى بن جعفر إلى الرشيد يقول
له: (إنه) (1) قد طال أمر موسى بن جعفر ومقامه في حبسي، وقد اختبرت حاله
ووضعت عليه العيون طول [ هذه ] (2) المدة، فما وجدته يفتر عن العبادة،
ووضعت من يسمع منه ما يقول في دعائه، فما دعا عليك ولا علي، ولا ذكرنا [
في دعائه ] (3) بسوء، وما يدعو إلى نفسه إلا بالمغفرة والرحمة، فإن أنت
أنفذت إلي من يتسمله مني وإلا خليت سبيله، فإني متحرج من حبسه. وروي أن
بعض عيون عيسى بن جعفر رفع إليه أنه يسمعه (4) كثيرا يقول في دعائه وهو
محبوس عنده: اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك، اللهم وقد
فعلت (ذلك) (5) فلك الحمد. فوجه الرشيد من تسلمه من عيسى بن جعفر وصير به
(6) إلى بغداد، فسلمه (7) إلى الفضل بن الربيع فبقي عنده مدة طويلة فأراده
الرشيد على شئ من أمره فأبى، فكتب إليه بتسليمه إلى الفضل بن يحيى، فتسلمه
[ منه ] (8)، وجعله في بعض حجر داره (9) ووضع عليه الرصد، وكان - عليه
السلام - مشغولا بالعبادة يحيي الليل كله صلاة وقراءة للقرآن ودعاءا
(1) ليس في المصدر. (2 و 3) من المصدر. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل:
سمع. (5) ليس في المصدر. (6) كذا في المصدر، وفي الاصل: يتسلمه من عيسى بن
جعفر ويصيريه. (7) في المصدر: فسلم. (8) من المصدر.
(9) في المصدر: دوره.
[ 358 ]
واجتهادا، ويصوم النهار في أكثر الايام، ولا يصرف وجهه عن المحراب، فوسع
عليه الفضل بن يحيى وأكرمه. فاتصل ذلك بالرشيد وهو في الرقة (1) فكتب إليه
ينكر عليه توسعته على موسى - عليه السلام - ويأمره بقتله، فتوقف عن ذلك
ولم يقدم عليه، فاغتاظ الرشيد لذلك ودعا مسرورا الخادم، فقال له: اخرج على
البريد في هذا الوقت إلى بغداد، وادخل من فورك على موسى بن جعفر، فإن
وجدته في دعة ورفاهية فأوصل هذا الكتاب إلى العباس بن محمد ومره بامتثال
ما فيه، وسلم إليه كتابا آخر إلى السندي بن شاهك يأمره فيه بطاعة العباس
بن محمد. فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدري أحد بما (2) يريد، ثم
دخل على موسى بن جعفر - عليه السلام - فوجده على ما بلغ هارون الرشيد،
فمضى من فوره إلى العباس بن محمد والسندي بن شاهك فأوصل الكتابين إليهما،
فلم يلبث الناس أن خرج الرسول يركض ركضا إلى الفضل بن يحيى، فركب معه وخرج
مشدوها دهشا حتى دخل على العباس بن محمد، فدعا العباس بسياط وعقابين وأمر
بالفضل فجرد (3) وضربه السندي بين يديه مائة سوط، وخرج متغير اللون خلاف
ما دخل، وجعل يسلم على الناس يمينا وشمالا. وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد،
فأمر بتسليم موسى - عليه السلام -
(1)
الرقة: مدينة مشهورة على الفرات معدودة في بلاد الجزيرة لانها من جانب
الفرات الشرقي، وهي الآن إحدى مدن سوريا. " معجم البلدان: 3 / 59 ".
(2) في المصدر: ما. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: مجردا.
[ 359 ]
إلى السندي بن شاهك، وجلس الرشيد مجلسا حافلا وقال: أيها الناس، إن الفضل
بن يحيى قد عصاني وخالف طاعتي، ورأيت أن ألعنه فالعنوه، فلعنه الناس من كل
ناحية، حتى ارتج البيت والدار بلعنه. وبلغ ذلك الخبر يحيى بن خالد (1)،
فركب إلى الرشيد فدخل من غير الباب الذي يدخل الناس منه، حتى جاءه من خلفه
وهو لا يشعر [ به ] (2)، ثم قال له: التفت - يا أمير المؤمنين - إلي،
فأصغى إليه فزعا، فقال له: إن الفضل حدث، وأنا أكفيك ما تريد، فانطلق وجهه
وسر، وأقبل على الناس [ فقال: ] (3) إن الفضل كان قد عصاني في شئ فلعنته،
وقد تاب وأناب إلى طاعتي فتولوه. فقالوا: نحن أولياء من واليت، وأعداء من
عاديت، وقد توليناه. ثم خرج يحيى بن خالد على البريد حتى وافى بغداد، فماج
الناس وأرجفوا بكل شئ، وأظهر أنه ورد لتعديل السواد والنظر في أمر (4)
العمال، وتشاغل ببعض ذلك أياما، ثم دعا السندي فأمره فيه بأمره فامتثله.
وكان الذي تولى به السندي قتله - عليه السلام - سما جعله في طعام قدمه
إليه، ويقال: إنه جعله في رطب أكل منه فأحس بالسم، ولبث ثلاثا بعده موعوكا
منه، ثم مات في اليوم الثالث. ولما مات موسى - عليه السلام - أدخل السندي
بن شاهك عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد، وفيهم: الهيثم بن عدي وغيره،
فنظروا إليه لا أثر به
(1) في المصدر: وبلغ يحيى بن خالد الخبر. (2 و 3) من المصدر. (4) في المصدر: امور.
[ 360 ]
من جراح ولاخنق، وأشهدهم على أنه مات حتف أنفه، فشهدوا على ذلك. واخرج
ووضع على الجسر ببغداد، ونودي: هذا موسى بن جعفر - عليه السلام - قد مات
فانظروا إليه، فجعل الناس يتفرسون في وجهه وهو ميت، وقد كان قوم زعموا في
أيام موسى بن جعفر - عليه السلام - زعموا أنه هو القائم المنتظر، وجعلوا
حبسه هو غيبته (1) المذكورة للقائم، وأمر يحيى بن خالد أن ينادى عليه عند
موته: هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت فانظروا إليه، فنظر
الناس إليه ميتا، ثم حمل فدفن في مقابر قريش في باب التبن (2)، وكانت هذه
المقبرة لبني هاشم والاشراف من الناس قديما. (3)
الرابع والثمانون علمه -
عليه السلام - بما دبر فيه 2047 / 117 - محمد بن بابويه في عيون الاخبار
وأماليه: قال: حدثنا أبي - رضي الله عنه -، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن
هاشم، عن محمد ابن عيسى اليقطيني، عن أحمد بن عبد الله القروي (4)، عن
أبيه، قال:
(1) في المصدر: الغيبة.
(2) مقابر قريش: هي مدينة الكاظمية حاليا. وباب التبن من مناطق بغداد في
تلك الايام. (3) إرشاد المفيد: 298 - 299، عنه كشف الغمة: 2 / 230،
والمستجاد: 479، وحلية الابرار: 2 / 256.
وأخرجه في البحار: 48 / 231 - 234 ح 38 و 39، وعوالم العلوم: 21 / 429 ح 1
عن = غيبة الطوسي: 26 ح 6 والارشاد. (4) كذا في البحار، وفي الاصل:
القزويني، وفي المصدرين: الغروي. ذكره الصدوق - رحمه الله - في مشيخته في
طريقه إلى جويرية بن مسهر، انظر معجم =
[ 361 ]
دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح فقال لي: ادن [ مني ] (1)،
فدنوت حتى حاذيته، ثم قال: [ لي ] (2): أشرف إلى البيت في الدار، فأشرفت،
فقال: ما ترى في البيت ؟ قلت: ثوبا مطروحا. فقال: انظر حسنا، فتأملت ونظرت
فتيقنت (3) فقلت: رجلا ساجدا. فقال: بلى، تعرفه (4) ؟ قلت: لا. قال: هذا
مولاك. قلت: ومن مولاي ؟ فقال: تتجاهل [ علي ] (5) ؟ فقلت: ما أتجاهل،
ولكني لم أعرف [ لي ] (6) مولى. فقال: هذا أبو الحسن موسى بن جعفر - عليه
السلام -، إني أتفقده بالليل والنهار فلا (7) أجده في وقت من الاوقات إلا
على الحال التي اخبرك
= رجال الحديث:
2 / 140. (1) من البحار. (2) من المصدرين والبحار.
(3) كذا في المصدرين والبحار، وفي الاصل: فالتفت. (4) في المصدرين
والبحار: فقال لي: تعرفه ؟ (5) من المصدرين والبحار. (6) من المصدرين
والبحار، وفيهم: " لا " بدل " لم ". (7) في الامالي والبحار: فلم.
[ 362 ]
[ بها ] (1) إنه يصلي الفجر فيعقب ساعة في دبر الصلاة (2) إلى أن تطلع
الشمس، ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجدا حتى تزول الشمس، وقد وكل من يترصد له
الزوال، فلست (3) أدري متى يقول الغلام: قد زالت الشمس إذ يثب فيبتدئ
بالصلاة من غير أن يجدد وضوءا فأعلم (4) أنه لم ينم في سجوده ولا أغفى.
ولا يزال [ كذلك ] (5) إلى أن يفرغ من صلاة العصر، فإذا صلى العصر سجد
سجدة فلا يزال ساجدا إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس وثب من سجدته
فصلى المغرب من غير أن يحدث حدثا، ولا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يصلي
العتمة، فإذا صلى العتمة أفطر على شوي [ يؤتى به ] (6)، ثم يجدد الوضوء،
ثم يسجد، ثم يرفع رأسه، فينام نومة خفيفة، ثم يقوم فيجدد الوضوء، ثم يقوم
فلا يزال يصلي في جوف الليل حتى يطلع الفجر، فلست أدري متى يقول الغلام:
إن الفجر قد طلع إذ قد وثب هو لصلاة الفجر، فهذا دأبه منذ حول إلي. فقلت:
اتق الله، ولا تحدثن في أمره حدثا يكون منه زوال (7) النعمة، فقد تعلم أنه
لم يفعل أحد بأحد منهم [ سوء ] (8) إلا كانت نعمته
(1) من المصدرين والبحار.
(2) في البحار: صلاته. (3) كذا في المصدرين والبحار، وفي الاصل: فما. (4)
كذا في الامالي والبحار، وفي الاصل والعيون: أن يحدث فأعلم. (5) من
الامالي والبحار. (6) من المصدرين والبحار. (7) كذا في المصدرين والبحار،
وفي الاصل: يكون فيه لزوال. (8) من المصدرين والبحار.
[ 363 ]
زائلة. فقال: قد أرسلوا إلي [ في ] (1) غير مرة يأمرونني بقتله فلم اجبهم
إلى ذلك، وأعلمتهم أني لا أفعل ذلك، ولو قتلوني ما أجبتهم إلى ما سألوني.
فلما كان بعد ذلك حولوه (2) إلى الفضل بن يحيى البرمكي، فحبس عنده أياما،
فكان الفضل بن الربيع يبعث إليه في كل ليلة مائدة (3) [ ومنع أن يدخل إليه
من عند غيره، فكان لا يأكل ولا يفطر إلا على المائدة التي يؤتى بها ] (4)
حتى مضى [ على تلك الحال ] (5) ثلاثة أيام [ ولياليها ] (6)، فلما كانت
الليلة الرابعة قدمت إليه مائدة الفضل بن يحيى [ قال: ] (7) ورفع - عليه
السلام - يده إلى السماء، فقال: يا رب، إنك تعلم أني لو أكلت قبل اليوم
كنت [ قد ] (8) أعنت على نفسي [ قال: ] (9) فأكل فمرض، فلما كان من الغد
فجاءه الطبيب فعرض عليه خضرة في بطن راحته، وكان السم الذي سم به قد اجتمع
(10) في ذلك الموضع
(1) من الامالي
والبحار.
(2) في المصدرين والبحار: حول - عليه السلام -. (3) كذا في المصدرين
والبحار، وفي الاصل: إليه كل يوم مائدة. (4 و 5) من الامالي والبحار. (6)
من المصدرين والبحار. (7) من الامالي والبحار. (8) من المصدرين والبحار.
(9) من الامالي والبحار. (10) في الامالي والبحار: فلما كان من غد بعث
إليه بالطبيب ليسأله عن العلة، فقال له الطبيب: ما حالك ؟ فتغافل عنه،
فلما أكثر عليه أخرج إليه راحته، فأراها الطبيب، ثم قال: هذه علتي وكانت
خضرة وسط راحته تدل على أنه سم فاجتمع.
[ 364 ]
[ قال: ] (1) فانصرف الطبيب إليهم فقال: والله لهو أعلم بما فعلتم به
منكم، ثم توفي - عليه السلام -. (2)
الخامس والثمانون خبر الكلبة، وسيرة
إلى المدينة من السجن وعوده 2048 / 118 - ابن بابويه في عيون الاخبار:
قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي - رضي الله عنه - قال: حدثني
أبي، عن أحمد بن علي الانصاري، عن سليمان بن جعفر البصري، عن عمر بن واقد،
قال: إن هارون الرشيد لما ضاق صدره مما كان يظهر له من فضل موسى بن جعفر -
عليه السلام -، وما كان يبلغه عنه من قول الشيعة بإمامته، واختلافهم في
السر إليه بالليل والنهار خشية على نفسه وملكه، ففكر في قتله بالسم، فدعا
برطب وأكل منه، ثم أخذ صينية فوضع فيها (3) عشرين
رطبة، وأخذ سلكا فعركه (4) بالسم، وأدخله [ في سم ] (5) الخياط، وأخذ رطبة
من ذلك الرطب فأقبل يردد إليها [ ذلك ] (6) السم بذلك الخيط، حتى علم أنه
قد حصل السم فيها فاستكثر منه، ثم ردها في ذلك الرطب
(1) من الامالي والبحار. (2) عيون أخبار الرضا - عليه السلام -: 1 / 106 ح
10، أمالي الصدوق: 126 ح 18، عنهما البحار: 48 / 210 ح 9، وعوالم العلوم:
21 / 434 ح 1. وأورده في روضة الواعظين: 216 - 217، ومناقب ابن شهر اشوب:
4 / 327 (مختصرا). (3) في المصدر: عليها. (4) كذا في الاصل - خ ل -
والمصدر والبحار، وفي الاصل: ففركه، والعرك: الدلك. (5 و 6) من المصدر
والبحار.
[ 365 ]
وقال لخادم له: احمل
هذه الصينية إلى موسى بن جعفر - عليه السلام - وقل له: [ إن ] (1) أمير
المؤمنين أكل من هذا الرطب وتنغص لك به (2)، وهو يقسم عليك بحقه لما
أكلتها عن آخر رطبة فإني اخترتها لك بيدي، ولا تتركه يبقي منها شيئا ولا
يطعم منها أحدا. فأتاه بها الخادم وأبلغه الرسالة، فقال له: ائتني بخلال،
فناوله خلالا، وقام بإزائه وهو يأكل [ من ] (3) الرطب وكانت للرشيد كلبة
تعز عليه فجذبت نفسها وخرجت تجر سلاسلها من ذهب وجوهر حتى حاذت موسى بن
جعفر - عليه السلام - فبادر بالخلال إلى الرطبة المسمومة ورمى بها إلى
الكلبة فأكلتها، فلم تلبث أن ضربت بنفسها الارض وعوت (4) وتهرت قطعة قطعة،
واستوفى - عليه السلام - باقي الرطب، وحمل
الغلام الصينية حتى صار بها إلى الرشيد. فقال له: قد أكل الرطب عن آخره ؟
قال: نعم، يا أمير المؤمنين. قال: فكيف رأيته ؟ قال: ما أنكرت [ منه ] (5)
شيئا، يا أمير المؤمنين. قال (6): ثم ورد عليه خبر الكلبة وأنها قد تهرت
وماتت، فقلق
(1) من المصدر والبحار. (2) في المصدر: ما به. (3) من المصدر والبحار. (4)
كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: فلم تلبث إلا ضربت بنفسها وعوت. (5) من
المصدر والبحار. (6) في المصدر: ثم قال.
[ 366 ]
الرشيد لذلك قلقا شديدا واستعظمه، ووقف على الكلبة فوجدها متهرثة بالسم،
فأحضر الخادم ودعا [ له ] (1) بسيف ونطع، وقال له: لتصدقني عن خبر الرطب
أو لاقتلنك. فقال له: يا أمير المؤمنين، إني حملت الرطب إلى موسى بن جعفر
وأبلغته سلامك، وقمت بازائه، وطلب مني خلالا فدفعته إليه، فأقبل يغرز في
الرطبة بعد الرطبة ويأكلها حتى مرت الكلبة فغرز الخلال في رطبة من ذلك
الرطب فرمى بها، فأكلتها الكلبة، وأكل هو باقي الرطب، فكان كما (2) ترى يا
أمير المؤمنين. فقال الرشيد: ما ربحنا من موسى بن جعفر إلا أنا أطعمناه
جيد
الرطب، وضيعنا سمنا، وقتلنا (3) كلبتنا، ما في موسى بن جعفر حيلة. قال
(4): إن سيدنا موسى - عليه السلام - دعا بالمسيب وذلك قبل وفاته بثلاثة
أيام وكان موكلا به فقال له: يا مسيب. قال: لبيك، يا مولاي. قال: إني
لظاعن في هذه الليلة [ إلى المدينة ] (5)، مدينة جدي رسول الله - صلى الله
عليه وآله - لاعهد إلى علي ابني ما عهده إلي أبي جعفر، وأجعله وصيي
وخليفتي، وآمره بأمري. قال المسيب: فقلت: يا مولاي، كيف تأمرني أن أفتح لك
الابواب
(1) من البحار. (2) في المصدر والبحار: ما. (3) في المصدر والبحار: وقتل. (4) في المصدر والبحار: ثم. (5) من المصدر والبحار.
[ 367 ]
وأقفالها والحرس معي على الابواب ؟ فقال: يا مسيب، ضعف يقينك بالله عزوجل
وفينا. قلت: لا، يا سيدي. قال: فمه. قلت: يا سيدي، ادع الله أن يثبتني.
فقال: اللهم ثبته، ثم قال: إني أدعو الله عزوجل باسمه العظيم الذي دعا به
آصف [ بن برخيا ] (1) حتى جاء بسرير بلقيس، ووضعه بين يدي سليمان قبل
ارتداد طرفه إليه حتى يجمع بيني وبين ابني [ علي ] (2)
بالمدينة. قال المسيب: فسمعته - عليه السلام - يدعو ففقدته عن مصلاه، فلم
أزل قائما على قدمي حتى رأيته قد عاد إلى مكانه، وأعاد الحديد إلى رجليه
(3)، فخررت لله ساجدا لوجهي شكرا على ما أنعم به علي من معرفته. فقال لي:
ارفع رأسك يا مسيب واعلم أني راحل إلى الله عزوجل في ثالث هذا اليوم. قال:
فبكيت. فقال [ لي ] (4): لا تبك، يا مسيب فإن عليا - عليه السلام - ابني
هو إمامك ومولاك بعدي، فاستمسك بولايته، فإنك لن تضل ما لزمته.
(1) ليس في المصدر والبحار. (2) من المصدر والبحار. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: رجله. (4) من المصدر والبحار.
[ 368 ]
فقلت: الحمد لله. قال: ثم إن سيدي - عليه السلام - دعاني في ليلة اليوم
الثالث فقال لي: إني على ما عرفتك [ من ] (1) الرحيل إلى الله عزوجل، فإذا
دعوت بشربة من ماء فشربتها، ورأيتني قد انتفخت وارتفع بطني، واصفر لوني،
واحمر واخضر وتلون ألوانا فخبر الطاغية بوفاتي، فإذا رأيت بي هذا الحدث
فإياك أن تظهر عليه أحدا، ولا على من (2) عندي إلا بعد وفاتي. قال المسيب
بن زهير: فلم أزل أترقب (3) وعده حتى دعا - عليه السلام -
بالشربة فشربها، ثم دعاني فقال لي: يا مسيب، إن هذا الرجس السندي ابن شاهك
سيزعم أنه يتولى غسلي ودفني، وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبدا، فإذا حملت
إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها، ولا ترفعوا قبري فوق أربع
أصابع مفرجات، ولا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به، فإن كل تربة لنا
محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي - عليه السلام - فإن الله تعالى جعلها
شفاء لشيعتنا وأوليائنا. قال: ثم رأيت شخصا أشبه الناس (4) به جالسا إلى
جانبه، وكان عهدي بسيدي الرضا - عليه السلام - وهو غلام فأردت سؤاله، فصاح
بي سيدي [ موسى ] (5) - عليه السلام - وقال [ لي ] (6): أليس قد نهيتك، يا
مسيب ؟
(1) من البحار. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ما. (3) في المصدر
والبحار: أرقب. (4) في المصدر والبحار: الاشخاص. (5) من المصدر والبحار.
(6) من البحار.
[ 369 ]
فلم أزل (1)
صابرا حتى مضى، وغاب الشخص، ثم أنهيت الخبر إلى الرشيد فوافى السندي بن
شاهك فو الله لقد رأيتهم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه فلا تصل أيديهم
إليه، ويظنون أنهم يحنطونه [ ويكفنونه ] (2) وأراهم لا يصنعون به شيئا،
ورأيت ذلك الشخص يتولى غسله وتحنيطه وتكفينه، وهو يظهر المعاونة لهم، وهم
لا يعرفونه. فلما فرغ من أمره قال لي ذلك الشخص: يا مسيب، مهما شككت
فيه فلا تشكن في فإني إمامك ومولاك، وحجة الله عليك بعد أبي - عليه السلام
-. [ يا مسيب ] (3) مثلي مثل يوسف الصديق - عليه السلام - ومثلهم (4) مثل
إخوته حين دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون، ثم حمل - عليه السلام - حتى
دفن في مقابر قريش، ولم يرفع قبره أكثر مما أمر به، ثم رفعوا قبره [ بعد
ذلك ] (5) وبنوا عليه. (6) 2049 / 119 - وروى هذا الحديث المرتضى في عيون
المعجزات: قال: روي عن محمد بن الحسن المعروف بالقاضي الوراق، عن أحمد بن
محمد بن السمط، قال: سمعت من أصحاب الحديث
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: تكن. (2 و 3) من المصدر والبحار.
(4) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ومثلهم يا مسيب. (5) من المصدر
والبحار. (6) عيون أخبار الرضا - عليه السلام -: 1 / 100 ح 6، عنه البحار:
48 / 222 ح 26، وإثبات الهداة: 3 / 181 ح 32، وعوالم العلوم: 21 / 455 ح
1. وللحديث تخريجات اخرى من أرادها فليراجع العوالم. وقد تقدم ذيله في
المعجزة: 88 من معاجز الامام الصادق - عليه السلام -.
[ 370 ]
والرواة المذكورين أن موسى بن جعفر - عليه السلام - كان في حبس هارون
الرشيد، وهو في المسجد المعروف بمسجد المسيب من جانب الغربي بباب الكوفة
لانه قد نقل الموضع إليه من دار السندي بن شاهك، وهي الدار المعروفة بدار
ابن [ أبي ] (1) عمرويه، وكان موسى - عليه السلام -
[ هناك، و ] (2) قد فكر هارون الرشيد في قتله بالسم، فدعا بالرطب فأكل
منه، ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة، وأخذ سلكا فغرقه بالسم في سم
الخياط، وأخذ رطبة من تلك العشرين الرطبة وجعل يردد ذلك السلك المسموم في
أول رطبة إلى آخرها، حتى علم أنه قد مكن السم فيها واستكثر من ذلك. ثم
أخرج السلك منها وقال لخادم له: احمل هذه الصينية إلى موسى بن جعفر، وقل
له: إن أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب وتنغص لك، وهو يقسم عليك بحقه لما
أكلته عن آخر رطبة لاني اخترته لك بيدي، ولا تتركه يبقي منه شيئا، ولا
يطعم منه أحدا. فأتاه الخادم وأبلغه الرسالة، فقال له موسى - عليه السلام
-: ائتني بخلالة، فأتاه بها وناوله إياها وقام بإزائه وهو يأكل الرطب،
وكان للرشيد كلبة أعز عليه من كل ما في مملكته ومن أبيه، فجذبت نفسها
وخرجت تجر سلاسلها من ذهب وفضة وجواهر منظومة حتى عادت إلى موسى ابن جعفر
- عليه السلام -، فبادر بالخلالة إلى الرطبة المسمومة فغرزها ورمى بها إلى
الكلبة، فأكلتها الكلبة، فلم تلبث أن ضربت بنفسها الارض وعوت وتقطعت قطعا،
واستوفى موسى - عليه السلام - باقي الرطب، وحمل
(1 و 2) من المصدر.
[ 371 ]
الخادم الصينية وصار بها إلى الرشيد، فقال له: أكل الرطب عن آخره ؟ قال:
نعم. قال: فكيف رأيته ؟ قال: ما أنكرت منه شيئا، ثم ورد عليه خبر الكلبة
وأنها تهرأت
وماتت، فقلق هارون الرشيد لذلك قلقا شديدا واستعظمه، فوقف على الكلبة
فوجدها متهرئة بالسم، فأحضر الخادم ودعا بالسيف، وقال: اصدقني [ عن ] (1)
خبر الرطب، وإلا قتلتك. فقال: يا أمير المؤمنين، إني حملت الرطب إلى موسى
بن جعفر، فأبلغته كلامك، وقمت بإزائه، فطلب خلالة فأعطيته، فأقبل يغرز
رطبة رطبة ويأكلها حتى مرت به الكلبة فغرز رطبة ورمى بها إليها، فأكلتها،
وأكل هو باقي الرطب، وكان ما ترى. فقال الرشيد: ما ربحنا من موسى إلا أن
أطعمناه، جيد الرطب، وضيعنا سمنا، وقتلنا كلبتنا، ما في موسى حيلة. ثم ان
موسى بن جعفر - عليه السلام - بعد ثلاثة أيام دعا بمسيب الخادم وكان به
موكلا، فقال له: يا مسيب. فقال: لبيك، يا مولاي. قال - عليه السلام -: إني
ظاعن في هذه الليلة إلى المدينة: مدينة جدي رسول الله - صلى الله عليه
وآله - لاعهد إلى من فيها عهدا يعمل بعدي [ به ] (2). قال المسيب: قلت: يا
مولاي، كيف تأمرني والحرس معي على الابواب أن أفتح لك الابواب وأقفالها ؟
(1 و 2) من المصدر.
[ 372 ]
فقال - عليه السلام -: يا مسيب، أضعيف يقينك (1) في الله عزوجل وفينا ؟
قال: يا سيدي، لا. قال: فمه.
قال المسيب: فقلت: متى، يا مولاي ؟ فقال - عليه السلام -: يا مسيب، إذا
مضى من هذه الليلة المقبلة ثلثاها فقف وانظر. قال المسيب: فحرمت على نفسي
الاضطجاع [ في ] (2) تلك الليلة، ولم أزل راكعا وساجدا ومنتظرا ما وعدني
به، فلما مضى من الليلة ثلثاها نعست وأنا جالس، وإذا أنا بمولاي - عليه
السلام - يحركني برجله، ففزعت وقمت قائما فإذا أنا بتلك الجدران المشيدة
والابنية وما حولها من القصور والحجر قد صارت كلها أرضا والدنيا من
حواليها فضاء، فظننت بمولاي أنه [ قد ] (3) أخرجني من الحبس الذي كان فيه،
فقلت: مولاي، أين أنا من الارض ؟ قال - عليه السلام -: في مجلسي، يا مسيب.
فقلت: يا مولاي، فخذ لي من ظالمي وظالمك. فقال - عليه السلام -: أتخاف من
القتل ؟ فقلت: مولاي، معك [ لا ] (4). فقال - عليه السلام -: يا مسيب، كن
على هيئتك (5) فإني راجع إليك بعد
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: أضعف نفسك. (2 - 4) من المصدر. (5) في المصدر: يا مسيب، فاهدأ على جملتك.
[ 373 ]
ساعة واحدة، فإذا وليت عنك فسيعود محبسي (1) إلى بنيانه. فقلت: يا مولاي،
فالحديد لا تقطعه. فقال - عليه السلام -: يا مسيب، ويحك ألان الله تعالى
الحديد لعبده
داود، وكيف يتصعب علينا الحديد ؟ ! قال المسيب: ثم خطا - عليه السلام -
بين يدي خطوة لم أدر كيف غاب عن بصري، ثم ارتفع البنيان وعادت القصور إلى
ما كانت عليه، واشتد اهتمامي بنفسي، وعلمت أن وعده الحق، فلم يمض إلا ساعة
كما حد لي حتى رأيت الجدران قد خرت إلى الارض سجودا، وإذا أنا بسيدي -
عليه السلام - قد عاد إلى محبسه (2) في الحبس، وعاد الحديد إلى رجله،
فخررت ساجدا لوجهي بين يديه، فقال: ارفع رأسك يا مسيب، واعلم أن سيدك راجع
(3) إلى الله جل اسمه ثالث هذا اليوم الماضي. قلت له: مولاي، وأين سيدي
علي الرضا - عليه السلام - ؟ فقال - عليه السلام -: يا مسيب، شاهد عندي
غير غائب، وحاضر غير بعيد. قلت: سيدي فإليه قصدت ؟ فقال - عليه السلام -:
قصدت والله كل منتجب لله عزوجل على وجه الارض شرقها وغربها حتى محبي من
الجن في البراري والبحار ومخلصي الملائكة في مقاماتهم وصفوفهم، فبكيت،
فقال - عليه السلام -: لا تبك يا مسيب، إننا نور لا يطفأ، إن غبت عنك هذا
علي ابني بعدي هو
(1) في المصدر: مجلسي. (2) في المصدر: مجلسه. (3) في المصدر: راحل.
[ 374 ]
أنا. فقلت: الحمد لله، ثم ان سيدي - عليه السلام - في ليلة يوم الثالث
دعاني
وقال: يا مسيب، إن سيدك يصبح في ليلة يومه على ما عرفتك من الرحيل إلى
الله عزوجل مولاه الحق تقدست أسماؤه، فإذا دعوت بشربة ماء فشربتها،
ورأيتني قد انتفخ بطني، واصفر لوني واحمر واخضر وتلون ألوانا فخبر الطاغية
بوفاتي، وإياك أن تظهر على الحديث أحدا إلا بعد وفاتي. قال المسيب: فلم
أزل أترقب وعده حتى دعا بشربة ماء فشربها، ثم دعاني فقال لي: إن هذا الرجس
سندي بن شاهك يقول: إنه يتولى أمري ويدفنني لا يكون (1) ذلك أبدا، فإذا
حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فالحدني بها، ولا تعلو على قبري
علوا، وتجنبوا زيارتي، ولا تأخذوا من تربتي (لتتبركوا بها) (2) فإن كل
تربة محرمة ما خلا تربة جدي الحسين - عليه السلام - فإن الله تعالى جعلها
شافية لشيعتنا وأوليائنا. قال المسيب: ثم رأيته - عليه السلام - يختلف
ألوانا، وينتفخ بطنه، ورأيت شخصا أشبه الاشخاص بشخصه جالسا إلى جانبه في
مثل شبهه، وكان عهدي بسيدي علي الرضا - عليه السلام - في ذلك الوقت غلاما،
فأقبلت اريد سؤاله، فصاح بي سيدي موسى - عليه السلام -: قد نهيتك يا مسيب،
فتوليت عنه، ثم لم أزل صابرا حتى قضى وغاب ذلك الشخص، ثم أوصلت الخبر إلى
الرشيد، فوافى سندي بن شاهك، فو الله لقد
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: أن لا يكون. (2) ليس في المصدر.
[ 375 ]
رأيتهم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه ويحنطونه ويكفنونه، كل ذلك أراهم لا
يصنعون به شيئا، ولا تصل أيديهم إليه، وهو - صلوات الله عليه -
مغسل مكفن محنط، وحمل حتى دفن في مقابر قريش، ولم يصل إلى قبره إلى
الساعة. وهذا الحديث متكرر في الكتب. وروى هذا أيضا أبو جعفر محمد بن جرير
الطبري. ورواه الحسين بن حمدان في هدايته: بإسناده عن أحمد البزاز (1)،
قال: أمر الرشيد السندي بن شاهك أن يبني لابي الحسن - عليه السلام - مجلسا
في داره ويحوله إليه من دار هارون، ويقيده بثلاثة أقواد من ثلاثين رطل [
حديد ] (2)، ويلزمه ويضيق عليه، ويقفل الباب في وجهه إلا في وقت طعام، أو
وضوء الصلاة. قال: فلما كان قبل وفاته بثلاثة أيام دعا برجل (3) ممن وكل
به يقال له المسيب، وكان له وليا، فقال له: يا مسيب. قال: لبيك. قال: إني
ظاعن عنك في هذه الليلة إلى المدينة: مدينة جدي [ رسول الله ] (4) - صلى
الله عليه وآله - لاعهد إلى من بها عهدا يعمل به بعدي.
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: عن علي بن أحمد البزاز. (2) من المصدر، وليس فيه: " ويلزمه ". (3) في المصدر: رجلا. (4) من المصدر.
[ 376 ]
قال [ المسيب: يا ] (1) مولاي كيف تأمرني والحرس معي أن أفتح لك الابواب
وأقفالها ؟
قال: ويحك يا مسيب، ضعفت نفسك في الله وفينا. قلت: لا يا سيدي، بل تنبئني
يا سيدي ؟ قال: يا مسيب، إذا مضى من هذه الليلة [ المقبلة ] (2) ثلثها فقف
وانظر. قال المسيب: فحرمت على نفسي الاضطجاع في تلك (3) الليلة، وساق
الحديث إلى آخره. (4)
السادس والثمانون علمه - عليه السلام - بما دبر له
في الطعام 2050 / 120 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد ابن
عيسى، عن الحسن بن محمد بن بشار، قال: حدثني شيخ (5) من أهل قطيعة (6)
الربيع من العامة ببغداد ممن كان ينقل عنه، قال: قال لي: قد رأيت بعض من
يقولون بفضله من أهل هذا البيت فما رأيت مثله قط في فضله ونسكه، فقلت له:
من وكيف رأيته ؟ قال: جمعنا أيام السندي بن شاهك ثمانين رجلا من الوجوه
(1 و 2) من المصدر. (3) في المصدر: الاضطجاع تلك. (4) عيون المعجزات: 101
- 105، دلائل الامامة: 152 - 154، الهداية الكبرى: 55 - 56. (5) قال
الصدوق - رحمه الله -: قال الحسن: وكان هذا الشيخ من خيار العامة، شيخ
صديق مقبول القول، ثقة جدا عند الناس. (6) القطيعة: محال ببغداد أقطعها
المنصور أناسا من أعيان دولته ليعمروها ويسكنوها. " القاموس المحيط: 3 /
70 - قطع - ".
[ 377 ]
المنسوبين إلى
الخير فادخلنا على موسى بن جعفر - عليه السلام - فقال لنا
السندي: يا هؤلاء، انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث ؟ فإن الناس يزعمون
أنه قد فعل به ويكثرون في ذلك، وهذا منزله وفراشه موسع عليه غير مضيق، ولم
يرد به أمير المؤمنين سوءا، وإنما ينتظر به أن يقدم (1) فيناظر أمير
المؤمنين، وهذا هو [ صحيح ] (2) موسع عليه في جميع اموره فاسألوه. قال:
ونحن ليس لنا هم إلا النظر إلى الرجل وإلى فضله وسمته. فقال موسى بن جعفر
- عليه السلام -: أما ما ذكر من التوسعة وما أشبهها فهو على ما ذكر غير
أني اخبركم أيها النفر إني قد سقيت السم في سبع تمرات، وأنا غدا أخضر وبعد
غد أموت. قال (3): فنظرت إلى السندي بن شاهك يضطرب ويرتعد مثل السعفة. (4)
2051 / 121 - وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: كان سبب وفاته أن
يحيى بن خالد سمه في رطب وريحان أرسل بهما إليه
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: يقوم. (2) من المصدر. (3) كذا في المصدر
والبحار، وفي الاصل: قال: فقال. (4) الكافي: 1 / 258 ح 2، عنه إثبات
الهداة: 3 / 171 ح 2 وعن غيبة الطوسي: 31 ح 7، وعيون أخبار الرضا - عليه
السلام -: 1 / 96 ح 2، وأمالي الصدوق: 128 ح 20، وقرب الاسناد: 142 - 143.
وأورده في روضة الواعظين: 217، ومناقب ابن شهر اشوب: 4 / 327 (مختصرا).
وأخرجه في البحار: 48 / 212 - 213 ح 10 - 12، وعوالم العلوم: 21 / 436 ح 2
عن العيون والامالي والقرب والغيبة.
[ 378 ]
مسمومين بأمر الرشيد، ولما سم
وجه الرشيد إليه (1) بشهود حتى يشهدون عليه بخروجه عن أملاكه، فلما دخلوا
قال: يا فلان بن فلان، سقيت السم في يومي هذا، وفي غد يصفر بدني ويحمر،
وبعد غد يسود وأموت، فانصرف الشهود من عنده، فكان كما قال، وتولى أمره
ابنه علي الرضا - عليه السلام -، ودفن في بغداد في مقابر (2) قريش في بقعة
كان قبل وفاته ابتاعها لنفسه، وكانت وفاته في حبس المسيب وهو في المسجد
الذي بباب الكوفة الذي فيه السدرة. (3) 2052 / 122 - سعد بن عبد الله: عن
أيوب بن نوح، عن إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قلت لابي
الحسن الرضا - عليه السلام -: الامام يعلم متى يموت ؟ فقال: نعم. قلت:
فأبوك حيث بعث إليه يحيى بن خالد بالرطب والريحان المسمومين علم به ؟ قال:
نعم. قلت: فأكله وهو يعلم فيكون معينا على نفسه. فقال: لا، إنه كان يعلم
قبل ذلك ليتقدم فيما يحتاج إليه فإذا جاء الوقت ألقى الله عزوجل على قلبه
النسيان ليمضي فيه الحكم. (4)
(1) في
المصدر: وجه إليه. (2) في المصدر: ببغداد بمقابر. (3) دلائل الامامة: 148.
(4) مختصر بصائر الدرجات: 7، بصائر الدرجات: 481 ح 3، عنهما البحار: 27 /
285 ح 2،
وج 48 / 235 ح 42، وعوالم العلوم: 21 / 467 ح 3.
[ 379 ]
2053 / 123 - وروى أيضا سعد تارة اخرى: عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن
إبراهيم بن أبي محمود، عن بعض أصحابنا، قال: قلت للرضا - عليه السلام -:
الامام يعلم إذا مات ؟ قال: نعم، حتى يتقدم في الامر. قلت: علم أبو الحسن
- عليه السلام - بالرطب والريحان المسمومين الذين بعث بهما إليه يحيى بن
خالد ؟ فقال: نعم. قلت: فأكله وهو يعلم ؟ فقال: نسيه لينفذ فيه الحكم. (1)
السابع والثمانون أنه خير بين نفسه - عليه السلام - والشيعة 2054 / 124 -
محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد ابن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن
أبي الحسن موسى - عليه السلام - قال: إن الله عزوجل غضب على الشيعة فخيرني
نفسي أوهم، فوقيتهم والله بنفسي. (2)
الثامن والثمانون قراءة الانجيل 2055
/ 125 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم،
عن يونس، عن هشام بن الحكم في حديث بريه أنه
(1) مختصر بصائر الدرجات: 6، بصائر الدرجات: 483 ح 12، عنهما البحار: 27 /
285 ح 2، وج 48 / 236 ح 43، وعوالم العلوم: 21 / 466 ح 2. (2) الكافي: 1 /
260 ح 5.
[ 380 ]
لما جاء معه إلى أبي عبد الله -
عليه السلام - فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر - عليه السلام - فحكى له هشام
الحكاية، فلما فرغ قال أبو الحسن - عليه السلام - لبريه: [ يا بريه ] (1)
كيف علمك بكتابك ؟ قال: أنا به عالم، ثم قال: كيف ثقتك بتأويله ؟ قال: ما
أوثقني بعلمي [ فيه ] (2). قال: فابتدأ أبو الحسن - عليه السلام - يقرأ
الانجيل، فقال بريه: إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك. قال (3): فآمن
بريه، وحسن إيمانه، وآمنت المرأة التي كانت معه. فدخل هشام وبريه والمرأة
على أبي عبد الله - عليه السلام -، فحكى له هشام الكلام الذي جرى بين أبي
الحسن موسى - عليه السلام - و [ بين ] (4) بريه، فقال أبو عبد الله: [
ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ] (5). فقال بريه: أنى لكم التوراة
والانجيل وكتب الانبياء ؟ قال: هي عندنا وراثة من عندهم، نقرؤها كما
قرؤوها [ ونقولها كما قالوا ] (6)، إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن
شئ فيقول: لا أدري. (7)
(1 و 2) من
المصدر والبحار. (3) في البحار: قال: فقال. (4) من المصدر والبحار. (5)
سورة آل عمران: 34. (6) من المصدر والبحار. (7) الكافي: 1 / 227 ح 1، عنه
البحار: 48 / 114 ح 25، وحلية الابرار: 2 / 240، وعوالم
العلوم: 21 / 306 ح 1.
[ 381 ]
التاسع
والثمانون قطعه - عليه السلام - ما بلغ ذوالقرنين، وجاوزه أضعاف مضاعفة في
الوقت القصير 2056 / 126 - البرسي: قال: روى صفوان بن مهران قال: أمرني
سيدي أبو عبد الله - عليه السلام - يوما أن اقدم ناقته إلى باب الدار،
فجئت بها، [ قال: ] (1) فخرج أبو الحسن موسى - عليه السلام - مسرعا وهو
ابن ست سنين، فاستوى على ظهر الناقة وأثارها، وغاب عن بصري. قال: فقلت:
إنا لله [ وإنا إليه راجعون ] (2) وما أقول [ لمولاي ] (3) إذا خرج يريد
ناقته (4). قال: [ فلما ] (5) مضى من النهار ساعة إذا الناقة قد انقضت
كأنها شهاب وهي ترفض عرقا، فنزل عنها، ودخل الدار، فخرج الخادم وقال: اعد
الناقة مكانها، وأجب مولاك قال: ففعلت ما أمرني، ودخلت عليه، فقال: يا
صفوان، إن ما أمرتك بإحضار الناقة ليركبها مولاك أبو الحسن - عليه السلام
-. (6) فقلت في نفسك كذا وكذا، فهل علمت يا صفوان أين بلغ عليها في هذه
الساعة ؟ إنه بلغ ما بلغه ذو القرنين، وجاوزه أضعافا مضاعفة، وأبلغ
(1) من المصدر. (2 و 3) من المصدر والبحار. (4) في البحار: الناقة. (5) من
المصدر والبحار. (6) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: عد الناقة مكانها،
وأجب مولاك أبا عبد الله.
[ 382 ]
كل مؤمن ومؤمنة سلامي. (1)
التسعون معرفته - عليه السلام - اللغات 2057 / 127 - قال: روى المسيب أن
الرشيد - لعنه الله - لما أراد قتل موسى - عليه السلام - أرسل إلى عماله
في الاطراف فقال: التمسوا إلي قوما لا يعرفون الله أستعين بهم في مهم لي.
فأرسلوا إليه قوما يقال لهم العبدة، فلما قدموا عليه وكانوا خمسين رجلا
أنزلهم في بيت من بيوت داره قريب المطبخ، ثم حمل إليهم المال والثياب
والجواهر والاشربة والخدم، ثم استدعاهم (2) وقال: من ربكم ؟ فقالوا: ما
نعرف ربا، وما سمعنا بهذه الكلمة فخلع عليهم، ثم قال للترجمان: [ قل لهم ]
(3) إن لي عدوا في هذه الحجرة فادخلوا عليه (4) وقطعوه، فدخلوا بأسلحتهم
على أبي الحسن موسى - عليه السلام - والرشيد ينظر ما ذا يفعلون، فلما رأوه
رموا أسلحتهم، وخروا له سجدا، فجعل موسى - عليه السلام - يمر يده على
رؤوسهم وهم يبكون، وهو يخاطبهم بألسنتهم، فلما رأى الرشيد ذلك غشي عليه،
وصالح بالترجمان: أخرجهم، فأخرجهم يمشون القهقرى إجلالا لموسى - عليه
السلام -، ثم
(1) مشارق أنوار اليقين:
95، عنه البحار: 48 / 99، وعوالم العلوم: 21 / 135 ح 1. (2) كذا في
المصدر، وفي الاصل: استدعى بهم. (3) من المصدر. (4) في المصدر: إليه.
[ 383 ]
ركبوا خيولهم، وأخذوا الاموال ومضوا. (1)
الحادي والتسعون انحلال القيود
والابواب 2058 / 128 - البرسي: قال: روى أحمد البزاز قال: إن الرشيد -
لعنه الله - لما أحضر موسى - عليه السلام - إلى بغداد فكر في قتله، فلما
كان قبل قتله بيومين قال للمسيب وكان من الحراس عليه لكنه كان من أوليائه،
وكان الرشيد - لعنه الله - قد سلم موسى - عليه السلام - إلى السندي بن
شاهك - لعنه الله - وأمره أن يقيده بثلاثة قيود من الحديد وزنها ثلاثون
رطلا. قال: فاستدعى المسيب نصف الليل وقال: إني ظاعن عنك في هذه الليلة [
إلى المدينة ] (2) لاعهد إلى من بها عهدا يعمل به بعدي. فقال المسيب: [ يا
] (3) مولاي، كيف أفتح لك الباب والبواب والحرس (4) قيام ؟ فقال: ما عليك،
ثم أشار بيده إلى القصور المشيدة، والابنية (5) العالية، والدور المرتفعة
فصارت أرضا، ثم قال [ لي ] (6): يا مسيب، كن على هيئتك فإني راجع إليك بعد
ساعة. فقلت: يا مولاي، ألا أقطع لك الحديد ؟
(1) مشارق أنوار اليقين: 95 - 96. وأخرجه في البحار: 48 / 249، وعوالم
العلوم: 21 / 285 ح 1 عن بعض مؤلفات أصحابنا. (2 و 3) من المصدر. (4) في
المصدر: أفتح لك الابواب والحرس. (5) في المصدر: والابواب. (6) من المصدر.
[ 384 ]
قال: فنفضه فإذا هو ملقى. قال:
ثم خطا خطوة فغاب عن عيني، ثم ارتفع البنيان كما كان. قال المسيب: فلم أزل
قائما على قدمي حتى رأيت الابنية والجدران قد خرت ساجدة إلى الارض، وإذا
بسيدي قد أقبل وقد دخل (1) إلى محبسه (2) وأعاد الحديد إليه، فقلت: يا
سيدي، أين قصدت ؟ فقال: كل محب لنا في الارض شرقا وغربا حتى الجن في البر
(3) ومختلف الملائكة. (4)
الثاني والتسعون كلام الجن 2059 / 129 - سعد بن
عبد الله: عن محمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن حبيب
بن معلى (5)، قال: كنت في المسجد الحرام ونحن مجاورون وكان هشام بن أحمر
يجلس معنا في المجلس، فنحن يوما في ذلك المجلس فأتانا سعيد الازرق وابن
أبي الاصبغ، فقال لهشام: إني قد جئتك في حاجة وهي يد تتحذرها (6)
(1) في المصدر: وعاد. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: مجلسه. (3) في
المصدر: البراري. (4) مشارق أنوار اليقين: 94 - 95، عنه إثبات الهداة: 3 /
199 ح 91. ورواه الحضيني في الهداية الكبرى: 55 - 56 مفصلا. (5) في
المصدر: علي. (6) في المصدر: تتخذها.
[ 385 ]
عندي وعظم الامر، وقال: ما هو ؟
قال: معروف (1) أشكرك عليه ما بقيت. فقال هشام: هاتها. قال: تستأذن لي على
أبي الحسن - عليه السلام - وتسأله أن يأذن لي في الوصول إليه. فقال [ له ]
(2): نعم، أنا الضامن (3) لك ذلك، فلما دخل علينا سعيد وهو شبه الواله
فقلت (4) له: مالك ؟ فقال لي: ابغ (5) لي هشاما. فقلت له: اجلس فإنه يأتي.
فقال: إني لا حب أن ألقاه، فلم يلبث أن جاء هشام، فقال له سعيد: يا أبا
الحسن، إني قد سألتك ما قد علمت. فقال له: نعم، قد كلمت صاحبك فأذن لك (6)
فقال له سعيد: فإني لما انصرفت جاءني جماعة من الجن، فقالوا: ما أردت
بطلبتك إلى هشام يكلم لك إمامك أردت القربة إلى الله تعالى بأن تدخل عليه
ما يكره، وتكلفه ما لا يحب (7) إنما عليك أن تجيب إذا دعيت، وإذا فتح بابه
تستأذن وإلا حرمك في تركه أعظم من أن تكلفه ما لا يحب، فأنا أرجع فيما
كلفتك فيه ولا حاجة [ لي ] (8) في الرجوع إليه، ثم انصرف فقال لنا
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: وعظم الامر وقال: هو معروف. (2) من المصدر.
(3) في المصدر: أضمن. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: قال. (5) في المصدر:
فقال: ابغ. (6) كذا في المصدر، وفي الاصل: نعم، قال: كلمت صاحبك.
(7) كذا في المصدر، وفي الاصل: ما لا يجب. وكذا في الموضع الآتي. (8) من
المصدر.
[ 386 ]
هشام: أما علمت (1) يا أبا الحسن بها ؟ فقال: إن كان الحائط كلمني فقد
كلمني، أو رأيت في الحائط شيئا فقد رأيته في وجهه (2).
الثالث والتسعون
عدم إحراق النار 2060 / 130 - الراوندي: ان المفضل (3) بن عمر قال: لما
مضى (4) الصادق - عليه السلام - كانت وصيته في الامامة لموسى - عليه
السلام - (5) فادعى عبد الله أخوه الامامة، وكان أكبر ولد جعفر - عليه
السلام - في وقته ذلك، وهو المعروف بالافطح، فأمر موسى - عليه السلام -
بجمع حطب كثير في وسط داره، فأرسل إلى [ أخيه ] (6) عبد الله يسأله أن
يصير إليه، فلما صار عنده ومع موسى - عليه السلام - جماعة (7) من وجوه
الامامية، فلما جلس إليه أخوه عبد الله أمر موسى - عليه السلام - أن تضرم
(8) النار في ذلك الحطب فاضرمت (9)، ولا يعلم الناس ما سبب ذلك (10)، حتى
صار الحطب كله جمرا، ثم قام موسى - عليه السلام - وجلس بثيابه في وسط
النار
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل:
أعلمت. (2) مختصر بصائر الدرجات: 70. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي
الاصل: ان أبا الفضل. (4) في البحار: قضى. (5) في المصدر والبحار: إلى
موسى الكاظم - عليه السلام -. (6) من المصدر والبحار.
(7) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: صار عنده مع جماعة. (8) في البحار:
تجعل. (9) في البحار: الحطب كله فاحترق كله. (10) في المصدر والبحار:
السبب فيه.
[ 387 ]
وأقبل يحدث الناس (1) ساعة، ثم قام فنفض ثوبه (2) ورجع إلى المجلس فقال
لاخيه عبد الله: إنك كنت تزعم أنك الامام بعد أبيك، فاجلس في ذلك المجلس.
قالوا: فرأينا عبد الله [ قد ] (3) تغير لونه، ثم قام (4) يجر رداءه حتى
خرج من دار موسى - عليه السلام. (5)
الرابع والتسعون علمه - عليه السلام -
بالآجال 2061 / 131 - ثاقب المناقب والراوندي، قالا: قال إسحاق بن منصور:
(سمعت أبي يقول:) (6) سمعت موسى بن جعفر - عليهما السلام - يقول ناعيا إلى
رجل من الشيعة نفسه، فقلت في نفسي: وانه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته !
فالتفت إلي فقال: اصنع ما أنت صانع، فإن عمرك قد [ فني وقد ] (7) بقي منه
دون سنتين، وكذلك أخوك لا يمكث بعدك إلا شهرا واحدا
(1) في المصدر: القوم. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: فنهض
بثيابه. (3) من المصدر والبحار. (4) في المصدر والبحار: فقام. (5) الخرائج
والجرائح: 1 / 308 ح 2، عنه البحار: 47 / 251 ح 22، وج 48 / 67 ح 89،
وعوالم العلوم: 21 / 148 ح 1. وأخرجه في إثبات الهداة: 3 / 212 ح 135 عن
الصراط المستقيم: 2 / 189 ح 2 نقلا من الخرائج (مختصرا). (6) ليس في
الثاقب. (7) من المصدرين.
[ 388 ]
حتى يموت، وكذلك عامة أهلك (1)، وتشتت كلمتهم، ويتفرق جمعهم، ويشمت بهم
أعداؤهم، وهم يصيرون رحمة لاخوانهم أكان هذا (2) في صدرك ؟ فقلت (3):
أستغفر الله مما عرض في صدري [ منكم ] (4)، فلم يستكمل منصور سنتين حتى
مات [ ومات ] (5) بعده بشهر أخوه، ومات عامة أهل بيته (6)، وأفلس بقيتهم
وتفرقوا حتى احتاج من بقي منهم إلى الصدقة. (7)
الخامس والتسعون علمه -
عليه السلام - باللغات 2062 / 132 - الراوندي: قال بدر مولى علي الرضا -
عليه السلام -: إن إسحاق بن عمار دخل على موسى بن جعفر - عليهما السلام -
فجلس عنده إذ استأذن عليه رجل خراساني فكلمه بكلام لم يسمع مثله قط كأنه
كلام الطير. قال إسحاق: فأجابه موسى - عليه السلام - بمثله (8) وبلغته إلى
أن قضى
(1) في المصدرين: أهل بيتك.
وفي الثاقب: ويتشتت كلهم. (2) في الثاقب: ويصيرون رحمة لاخوانهم إن كان
هذا. (3) في الخرائج: قال.
(4) من الثاقب. (5) من المصدرين. (6) في الثاقب: ومات أهل بيته. (7)
الثاقب في المناقب: 461 ح 8، الخرائج والجرائح: 1 / 310 ح 3. وأخرجه في
البحار: 48 / 68 ح 90، وعوالم العلوم: 21 / 125 ح 5، وإثبات الهداة: 3 /
199 ح 90 عن الخرائج (مختصرا). (8) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل:
فكلمه بكلام لم أسمع بمثله.
[ 389 ]
وطره من مساءلته، فخرج من عنده فقلت: ما سمعت بمثل هذا الكلام ! قال: هذا
كلام قوم من [ أهل ] (1) الصين، وليس كل كلام أهل الصين مثله، ثم قال:
أتعجب من كلامي بلغته ؟ قلت: هو موضع العجب (2). قال - عليه السلام -:
اخبرك بما هو أعجب منه، اعلم أن الامام يعلم منطق الطير، ومنطق (3) كل ذي
روح خلقه الله تعالى، وما يخفى على الامام شئ. (4)
السادس والتسعون إحياء
ميت 2063 / 133 - الراوندي: قال علي بن أبي حمزة: أخذ بيدي موسى بن جعفر -
عليهما السلام - يوما فخرجنا من المدينة إلى الصحراء فإذا نحن برجل مغربي
(5) على الطريق يبكي وبين يديه حمار ميت، ورحله مطروح، فقال له موسى -
عليه السلام -: ما شأنك ؟ قال: كنت مع رفقائي نريد الحج فمات حماري هاهنا،
وبقيت وحدي ومضى (6) أصحابي وأنا متحير ليس لي شئ أحتمل
(1) من المصدر والبحار. (2) في المصدر
والبحار: التعجب. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ونطق. (4)
الخرائج والجرائح: 1 / 313 ح 6، عنه كشف الغمة: 2 / 247، والبحار: 48 / 70
ح 94، وعوالم العلوم: 21 / 156 ح 1، والصراط المستقيم: 2 / 190 ح 6
(مختصرا). وقد تقدم في المعجزة 38 عن دلائل الامامة. (5) كذا في المصدر
والبحار، وفي الاصل: مرمي. (6) في البحار: وبقيت ومضى.
[ 390 ]
عليه (1). فقال موسى - عليه السلام: لعله لم يمت. قال: أما ترحمني حتى
تلهو بي ! قال: إن لي رقية (2) جيدة. قال الرجل: ليس يكفيني ما أنا فيه
حتى تستهزء بي، فدنا (3) موسى - عليه السلام - من الحمار وتكلم بشئ لم
أفهمه (4)، وأخذ قضيبا كان مطروحا فضربه (5) به وصاح عليه، فوثب الحمار [
صحيحا ] (6) سليما، ثم قال (7): يا مغربي، ترى هاهنا شيئا من الاستهزاء ؟
إلحق بأصحابك، ومضينا وتركناه. قال علي بن أبي حمزة: فكنت واقفا يوما على
بئر زمزم [ بمكة ] (8) فإذا المغربي هناك، فلما رآني أقبل (9) إلي وقبل
يدي فرجا مسرورا، فقلت [ له ] (10): ما حال حمارك ؟
(1) في المصدر والبحار: وقد بقيت متحيرا ليس لي شئ أحمل.
(2) الرقية: العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة. وقيل: الرقية: أن يستعان
للحصول على أمر بقوى تفوق القوى الطبيعية. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي
الاصل: حتى تلهو بي استهزاء وفدنا، وفي البحار: " عندي " بدل " لي ". (4)
في المصدر: ودعا بشئ لم أسمعه، وفي البحار: ونطق بشئ لم أسمعه. (5) في
المصدر: فنخسه، وفي البحار: فضربه وصاح. (6) من المصدر والبحار. (7) في
المصدر والبحار: فقال. (8) من المصدر والبحار. (9) في المصدر والبحار:
عدا. (10) من المصدر والبحار.
[ 391 ]
فقال: هو والله سليم صحيح، وما أدري من أين هو ذلك (1) الرجل الذي من الله
به علي فأحيا لي حماري بعد موته ؟ فقلت له: قد بلغت حاجتك فلا تسأل عما لا
تبلغ معرفته. (2)
السابع والتسعون علمه - عليه السلام - بما يكون 2064 /
134 - الراوندي: قال: روي عن المعلى بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن بكار
القمي، قال: حججت أربعين حجة، فلما كان في آخرها اصبت بنفقتي [ بجمع ]
(3)، فقدمت مكة فأقمت حتى يصدر الناس، ثم قلت: أصير إلى المدينة فأزور
رسول الله - صلى الله عليه وآله - وأنظر إلى سيدي أبي الحسن موسى - عليه
السلام - وعسى أن أعمل عملا بيدي فأجمع شيئا فأستعين به على طريقي إلى
الكوفة، فخرجت حتى
صرت (4) إلى المدينة فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وآله -، [ فسلمت
عليه ] (5) ثم جئت إلى المصلى إلى الموضع الذي يقوم فيه الفعلة، فقمت (6)
فيه رجاء أن يسبب الله لي عملا أعمله.
(1) في المصدر والبحار: من أين ذلك ؟ (2) الخرائج والجرائح: 1 / 314 ح 7،
عنه كشف الغمة: 2 / 247، والبحار: 48 / 71 ح 95، والايقاظ من الهجعة: 196
ح 9، وعوالم العلوم: 21 / 128 ح 1. وأخرجه في إثبات الهداة: 3 / 212 ح 138
عن الصراط المستقيم: 2 / 190 ح 8 نقلا من الخرائج (مختصرا). (3) من
المصدر. وجمع: ضد التفرق، وهو المزدلفة، سمي جمعا لازدلاف آدم إلى حواء
واجتماعه معها. " مجمع البحرين - زلف - ". (4) كذا في المصدر والبحار، وفي
الاصل: وردت. (5) من المصدر والبحار. (6) كذا في المصدر، وفي الاصل:
العملة فوقفت، وفي البحار: العملة فقمت.
[ 392 ]
فبينا أنا كذلك إذا أنا برجل قد أقبل فاجتمع حوله الفعلة، فجئت فوقفت معهم
فذهب بجماعة فاتبعته وقلت: يا عبد الله، إني رجل غريب فإن رأيت أن تذهب بي
معهم فتستعملني. قال: أنت من أهل الكوفة ؟ قلت: نعم. قال: اذهب، فانطلقت
معه إلى دار كبيرة [ تبنى ] (1) جديدة، فعملت فيها أياما وكنا لا نعطى من
اسبوع إلى اسبوع إلا يوما واحدا، وكان العمال لا يعملون، فقلت للوكيل:
استعملني عليهم حتى أستعملهم
[ وأعمل معهم، فقال: قد استعملتك، فكنت أعمل وأستعملهم ] (2). قال: فإني
ذات يوم واقف على السلم (3) إذ نظرت إلى أبي الحسن [ موسى ] (4) - عليه
السلام - قد أقبل وأنا في السلم في الدار (5) فدار في الدار، ثم رفع رأسه
إلي فقال: بكار (6) جئتنا، انزل، فنزلت، قال: فتنحى ناحية فقال لي: ما
تصنع هاهنا ؟ فقلت: جعلت فداك، اصبت بنفقتي بجمع (7)، فأقمت بمكة إلى أن
(1 و 2) من المصدر والبحار. (3) في المصدر والبحار: فإني لواقف ذات يوم
على السلم. (4) من المصدر والبحار. (5) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل:
وأنا على السلم. وعبارة " فدار في الدار " ليس في البحار. (6) في المصدر:
يا بكار. (7) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: اصيبت نفقتي جميعا.
[ 393 ]
صدر (1) الناس، ثم أتيت المدينة، فأتيت المصلى لاطلب (2) عملا، فبينا أنا
قائم إذ جاء وكيلك فذهب برجال فسألته أن يستعملني كما يستعملهم، فقال لي:
قم يومك هذا. فلما كان من الغد وكان اليوم (3) الذي يعطون فيه الفعلة،
فجاء الوكيل فقعد (4) على الباب، فجعل يدعو [ الوكيل ] (5) برجل رجل
يعطيه، وكلما ذهبت إليه أومأ إلي بيده أن أقعد حتى (6) إذا كان في آخرهم
قال لي: ادن، فدنوت فدفع إلي صرة فيها خمسة عشر دينارا فقال [ لي ] (7):
خذ هذه نفقتك إلى الكوفة.
ثم قال (الامام) (8): اخرج غدا. قلت: نعم، جعلت فداك [ ولم أستطع أن أرده
] (9)، ثم ذهب وأتاني رسوله، فقال: إن أبا الحسن - عليه السلام - قال:
ائتني [ غدا ] (10) قبل أن تذهب. (فقلت: سمعا وطاعة) (11)، فلما كان من
الغد أتيته فقال: اخرج
(1) في البحار: فأقمت إلى صدور. (2) في المصدر والبحار: ثم إني صرت إلى
المدينة، فأتيت المصلى فقلت: أطلب. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل:
كما يستعملهم فعملت حتى كان اليوم. (4) في المصدر والبحار: يعطون فيه جاء
فقعد. (5) من المصدر والبحار. (6) في البحار: ذهبت لادنو قال لي بيده كذا
حتى. (7) من البحار. (8) ليس في المصدر والبحار. (9) من المصدر والبحار.
(10) من المصدر والبحار: وفيهما: ثم ذهب وعاد إلي الرسول فقال: قال أبو
الحسن - عليه السلام -: ائتني. (11) ليس في البحار.
[ 394 ]
الساعة حتى تصير إلى فيد (1)، فإنك توافي (2) قوما يخرجون إلى الكوفة، وخذ
(3) هذا الكتاب فادفعه إلى علي بن أبي حمزة. قال: فانطلقت فلا والله ما
تلقاني خلق حتى صرت إلى فيد، فإذا قوم قد تهيأوا للخروج إلى الكوفة من
الغد، فاشتريت بعيرا وصحبتهم [ إلى الكوفة ] (4) فدخلتها ليلا، فقلت: أصير
إلى منزلي فأرقد ليلتي هذه،
ثم أغدو بكتاب مولاي إلى علي بن أبي حمزة، فأتيت منزلي فاخبرت أن اللصوص
دخلوا إلى حانوتي (5) قبل قدومي بأيام. فلما أن أصبحت صليت الفجر، فبينا
أنا جالس متفكر فيما ذهب لي من حانوتي إذا أنا بقارع يقرع [ علي ] (6)
الباب، فخرجت وإذا هو (7) علي بن أبي حمزة فعانقته وسلمت عليه (8)، ثم قال
لي: يا بكار، هات كتاب سيدي. قلت: نعم، وإنني [ قد ] (9) كنت على عزم
المجئ إليك الساعة. قال: هات قد علمت أنك أتيت (10) ممسيا، فأخرجت الكتاب
وسلمته (11)
(1) فيد: بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة. " مراصد الاطلاع: 3 / 1049 ".
(2) في المصدر والبحار: توافق. (3) في المصدر والبحار: وهاك. (4) من
المصدر والبحار. (5) في البحار: دخلوا حانوتي. (6) من المصدر. (7) في
البحار: وإذا علي. (8) في المصدر والبحار: وسلم علي. (9) من المصدر. (10)
في المصدر والبحار: قدمت. (11) في المصدر والبحار: فدفعته.
[ 395 ]
إليه، فأخذه وقبله ووضعه على عينيه وبكى، فقلت: ما يبكيك ؟ قال: شوقا إلى
سيدي، ففضه (1) وقرأه، ثم رفع رأسه إلي وقال: يا
بكار دخل عليك اللصوص ؟ قلت: نعم. قال: فأخذوا ما [ كان ] (2) في حانوتك ؟
قلت: نعم. فقال: إن الله قد رد (3) عليك، قد أمرني مولاي ومولاك أن أخلف
عليك ما ذهب منك، وأخرج صرة فيها أربعون دينارا فدفعها إلي، قال (4):
فقومت ما ذهب مني فإذا قيمته أربعون دينارا، فقرأ (5) علي الكتاب و [ إذا
] (6) فيه: ادفع إلى بكار قيمة ما ذهب من حانوته وهو أربعون (7) دينارا.
(8)
الثامن والتسعون علمه - عليه السلام - بالآجال 2065 / 135 - الراوندي:
قال: روي أن إسحاق بن عمار قال: لما
(1) في المصدر والبحار: ففكه. (2) من المصدر. (3) في المصدر والبحار:
أخلفه. (4) في المصدر والبحار: ما ذهب منك وأعطاني أربعين دينارا قال. (5)
في المصدر والبحار: ففتح. (6) من المصدر، وفي البحار: وقال. (7) في المصدر
والبحار: من حانوته أربعين. (8) الخرائج والجرائح: 1 / 319 ح 13، عنه
الصراط المستقيم: 2 / 190 ح 11 (مختصرا)، والبحار: 48 / 12 ح 82، وعوالم
العلوم: 21 / 84 ح 16. وأورده في الثاقب في المناقب: 211 ح 15 عن المعلى
بن محمد.
[ 396 ]
حبس هارون الرشيد أبا الحسن موسى - عليه السلام - دخل عليه أبو يوسف ومحمد
بن الحسن صاحبا أبي حنيفة، فقال أحدهما للآخر: نحن على أحد الامرين، إما
أن نساويه أو (1) نشاكله، فجلسا بين يديه، فجاء رجل كان موكلا به من قبل
السندي بن شاهك فقال: إن نوبتي قد انقضت وأنا على الانصراف، فإن كانت لك
حاجة فأمرني بها حتى (2) آتيك بها في الوقت الذي تلحقني النوبة. فقال له:
ما لي حاجة، فلما [ أن ] (3) خرج قال لابي يوسف [ ومحمد بن الحسن ] (4):
ما أعجب هذا ! يسألني أن اكلفه حاجة من حوائجي وهو (5) ميت في هذه الليلة،
ثم ان أبا يوسف ومحمد قاما من عنده، فقال (6) أحدهما للآخر: إنا جئنا
لنسأله عن الفرض والسنة وهو الآن جاء بشئ [ آخر كأنه ] (7) من علم الغيب.
ثم بعثا برجل مع الرجل وقالا له: اذهب [ حتى تلزمه ] (8) وانظر ما يكون من
أمره في هذه الليلة، وتأتينا بخبره من الغد، فمضى الرجل وتام في مسجد عند
(9) باب داره، فلما أصبح سمع الواعية ورأى الناس يدخلون داره فقال: ما هذا
؟
(1) في المصدر: واما أن، وفي البحار: أو نشكله. نشكله: أي نشبهه وإن لم
نكن مثله. (2) في المصدر والبحار: حاجة أمرتني حتى. (3) من المصدر
والبحار. (4) من المصدر. (5) في المصدر والبحار: ليرجع وهو. (6) في
المصدر: في هذه الليلة، قال: فغمز أبو يوسف محمد بن الحسن للقيام، فقاما
فقال، وفي البحار: في هذه الليلة فقاما، فقال. (7 و 8) من المصدر والبحار.
(9) في البحار: في.
[ 397 ]
قالوا: [
قد ] (1) مات فلان في هذه الليلة فجأة من غير علة، فانصرف الرجل إلى أبي
يوسف ومحمد وأخبرهما بالخبر، فأتيا أبا الحسن - عليه السلام - فقالا: قد
علمنا أنك قد أدركت العلم في الحلال والحرام، فمن أين أدركت أمر هذا الرجل
الموكل بك أنه يموت في هذه الليلة ؟ قال: من الباب الذي أخبر بعلمه رسول
الله - صلى الله عليه وآله - علي بن أبي طالب - عليه السلام -، فلما رد
(2) عليهما هذا بقيا متحيرين لا يردان جوابا (3). (4)
التاسع والتسعون
علمه - عليه السلام - بما كان وما يكون 2066 / 136 - الراوندي: قال: إن
داود بن كثير الرقي قال: وفد من خراسان وافد يكني أبا جعفر، واجتمع إليه
جماعة من أهل خراسان، فسألوه أن يحمل لهم أموالا ومتاعا ومسائلهم في
الفتاوى والمشاورة، فورد الكوفة ونزل وزار أمير المؤمنين - عليه السلام -،
ورأى في ناحيته رجلا ومعه (5) جماعة، فلما فرغ من زيارته قصدهم فوجدهم
شيعته فقهاء ويسمعون من الشيخ، فسألهم عنه، فقالوا: [ هو ] (6) أبو حمزة
(1) من المصدر والبحار. (2) كذا في البحار، وفي الاصل: أردد، وفي المصدر:
أورد. (3) في المصدر والبحار: بقيا لا يحيران جوابا. (4) الخرائج
والجرائح: 1 / 322 ح 14، عنه كشف الغمة: 2 / 248، وإثبات الهداة: 3 / 198
ح 84 مختصرا، والبحار: 48 / 64 ح 83، وعوالم العلوم: 21 / 107 ح 17.
وأورده في الفصول المهمة: 241، والاتحاف بحب الاشراف: 154.
(5) في المصدر والبحار: وحوله. (6) من المصدر والبحار.
[ 398 ]
الثمالي، قال: فبينا نحن جلوس إذ أقبل أعرابي فقال: جئت من المدينة وقد
مات جعفر بن محمد - عليهما السلام -، فشهق أبو حمزة وضرب (1) بيده الارض،
ثم سأل الاعرابي هل [ سمعت ] (2) له بوصية ؟ قال: أوصى إلى ابنه عبد الله
وإلى ابنه موسى، وإلى المنصور. فقال [ أبو حمزة ] (3): الحمد لله الذي لم
يضلنا، دل على الصغير، وبين (4) على الكبير، وستر (5) الامر العظيم، ووثب
إلى قبر أمير المؤمنين - عليه السلام - فصلى وصلينا، ثم أقبلت عليه وقلت
له: فسر لي ما قلته. فقال: بين أن الكبير ذو عاهة، ودل على الصغير بأن
أدخل يده مع الكبير، وستر الامر العظيم بالمنصور، حتى إذا (6) سأل المنصور
من وصيه ؟ قيل: أنت. قال الخراساني: فلم أفهم جواب ما قاله، ووردت المدينة
ومعي المال والثياب والمسائل، وكان فيما معي درهم دفعته إلي [ امرأة تسمى
] (7) شطيطة ومنديل فقلت لها: أنا (8) أحمل عنك مائة درهم.
(1) في البحار: ثم ضرب. (2) من المصدر والبحار. (3) من المصدر. (4) في
المصدر: ومن. (5) في البحار: وسر. وكذا في الموضع الآتي.
(6) كذا في البحار، وفي الاصل: وستر الامر العظيم، ووثب إلى القبر
فالمنصور حتى إذا، وفي المصدر: وستر الامر بالمنصور حتى إذا. (7) من
المصدر والبحار. (8) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ما.
[ 399 ]
فقالت: إن الله لا يستحيي من الحق فعوجت الدرهم وطرحته في بعض الاكياس،
فلما دخلت المدينة (1) سألت عن الوصي، فقيل: عبد الله ابنه، فقصدته، فوجدت
بابا مرشوشا مكنوسا عليه بواب فأنكرت ذلك في نفسي واستأذنت ودخلت [ بعد
الاذن ] (2) فإذا هو جالس في منصبه فأنكرت [ ذلك ] (3) أيضا، فقلت: أنت
وصي الصادق - عليه السلام - الامام المفترض الطاعة ؟ قال: نعم. قلت: كم في
المائتين من الدراهم زكاة ؟ قال: خمسة دراهم. قلت: وكم في المائة ؟ قال:
درهمان ونصف. قلت: ورجل قال لامرأته: أنت طالق بعدد نجوم السماء، هل تطلق
بغير شهود ؟ قال: نعم، ويكفي من النجوم رأس الجوزاء (4) ثلاثا، فعجبت من
جواباته [ ومجلسه ] (5)، فقال: احمل إلي ما معك. فقلت: ما معي شئ، وجئت
إلى قبر النبي - صلى الله عليه وآله -، فلما رجعت إلى بيتي إذا أنا بغلام
أسود واقف، فقال: سلام عليك، فرددت
(1) في المصدر والبحار: حصلت
بالمدينة. (2 و 3) من المصدر والبحار. (4) أي بعدد رأس الجوزاء وهو اما
الانجم الثلاثة أو حرف الجيم وهو ثلاث بحساب العدد، والجوزاء: نجم يقال:
إنها تعترض في جوز السماء، أي وسطها. (5) من المصدر والبحار.
[ 400 ]
عليه السلام، قال: أجب من تريده، فنهضت معه فجاء بي إلى باب دار مهجورة،
ودخل وأدخلني، فرأيت موسى بن جعفر - عليهما السلام - على حصير الصلاة،
فقال لي: يا أبا جعفر، اجلس، [ وأجلسني ] (1) قريبا، فرأيت دلائله أدبا
(2) وعلما ومنطقا، فقال لي: [ احمل ] (3) ما معك. فحملته إلى حضرته، فأومأ
بيده إلى الكيس (الذي فيه درهم المرأة) (4) فقال لي: افتحه، ففتحته، وقال
لي: اقبله، فقلبته فظهر درهم شطيطة المعوج، فأخذه [ بيده ] (5) وقال: [
افتح تلك الرزمة، ففتحتها، فأخذ المنديل منها بيده، وقال ] (6) وهو مقبل
علي: إن الله لا يستحيي من الحق يا أبا جعفر، اقرأ على شطيطة السلام مني،
وادفع إليها هذه الصرة. ثم قال (7) لي: اردد ما معك [ إلى ] (8) من حمله
وادفعه إلى أهله، وقل قد قبله ووصلكم (9) به، وأقمت عنده، وحادثني وعلمني
وقال [ لي ] (10): ألم يقل لك أبو حمزة الثمالي بظهر الكوفة وأنتم زوار
أمير المؤمنين - عليه السلام - كذا وكذا ؟ قلت: نعم.
(1) من المصدر والبحار، وفي البحار: فقال: إلي يا أبا جعفر، وأجلسني. (2)
كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ادما.
(3) من المصدر والبحار. (4) ليس في البحار. (5) من المصدر. (6) من المصدر
والبحار. (7) في المصدر والبحار: وقال. (8) من المصدر والبحار. (9) كذا في
المصدر والبحار، وفي الاصل: وقل قبلته ووصلتكم. (10) من المصدر.
[ 401 ]
قال: كذلك يكون المؤمن إذا نور الله قلبه كان علمه بالوجه، ثم قال لي: قم
إلى ثقاة أصحاب الماضي فسلهم عن نصه. قال أبو جعفر الخراساني: فلقيت جماعة
كثيرة (1) منهم شهدوا بالنص على موسى - عليه السلام -، ثم مضى أبو جعفر
إلى خراسان. قال داود الرقي: فكاتبني من خراسان إنه وجد جماعة ممن حملوا
المال قد صاروا فطحية، وأنه وجد شطيطة على أمرها تتوقعه يعود قال (2):
فلما رأيتها عرفتها سلام مولاي (3) عليها، وقبوله منها دون غيرها، وسلمت
إليها الصرة، ففرحت وقالت لي: امسك الدراهم معك فإنها لكفني، فأقامت ثلاثة
أيام وتوفيت إلى رحمة الله تعالى. (4)
المائة علمه - عليه السلام -
بالغائب 2067 / 137 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: حدثني أبو
المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر بن عمار الطبرستاني،
قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي، رفعه إلى هشام بن
أحمد، قال: قال [ لي ] (5) أبو الحسن موسى - عليه السلام -: قد قدم [ من
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: كبيرة. (2) كذا في المصدر والبحار،
وفي الاصل: بتوقعه قال. (3) في المصدر والبحار: مولانا. (4) الخرائج
والجرائح: 1 / 328 ح 22، عنه البحار: 47 / 251 ح 23، وإثبات الهداة: 3 /
198 ح 85 (مختصرا). ويأتي في المعجزة: 106. (5) من المصدر.
[ 402 ]
المغرب ] (1) رجل نخاس فامض بنا إليه، فمضينا فعرض عليه (2) رقيقا، فلم
يعجبه، قال لي: سله عما بقي عنده، فسألته، فقال لي: لم (3) يبق إلا جارية
عليلة، فتركناه (4) وانصرفنا، فقال لي: عد إليه وابتع [ تلك ] (5) الجارية
منه بما يقول لك (فإنه يقول لك) (6) كذا وكذا، فأتيت النخاس فكان كما قال،
وباعني الجارية، ثم قال لي: بالله هي لك ؟ قلت: لا. قال: لمن هي ؟ قلت:
لرجل من بني هاشم. قال: اخبرك إني اشتريت هذه الجارية من أقصى المغرب،
فلقيتني امرأة من أهل الكتاب، فقالت: ما هذه الجارية معك ؟ قلت: اشتريتها
لنفسي. قالت: ما ينبغي أن تكون هذه (الجارية) (7) إلا عند خير أهل الارض،
ولا تلبث [ عنده ] (8) إلا قليلا حتى تلد له غلاما يدين له شرق الارض (9)
وغربها، فحملتها، ولم تلبث إلا قليلا حتى حملت بأبي
الحسن - عليه السلام - وكان يقال لها تكتم (10)، وقال أبو الحسن - عليه
السلام - لما
(1) من المصدر. (2) في المصدر: علينا. (3) في المصدر: فقال: لم. (4) كذا
في المصدر، وفي الاصل: فتركناها. (5) من المصدر. (6 و 7) ليس في المصدر.
(8) من المصدر. (9) كذا في المصدر، وفي الاصل: يدين له شرقها. (10) كذا في
المصدر، وفي الاصل: اقليم.
[ 403 ]
ابتعت هذه الجارية لجماعة من أصحابه: والله ما اشتريت هذه الجارية إلا
بأمر الله (1) ووحيه، فسئل عن ذلك، قال: بينا أنا نائم إذ أتاني جدي وأبي
ومعهما (2) شقة حرير، فنشراها فإذا قميص فيه صورة هذه الجارية، فقالا: يا
موسى، ليكونن لك [ من هذه الجارية ] (3) خير أهل الارض، ثم أمراني إذا
ولدته أن اسميه عليا، وقالا: إن الله عزوجل سيظهر به العدل والرأفة
(والرحمة) (4)، طوبى لمن صدقه، وويل لمن عاداه وكذبه وعانده. (5) 2068 /
138 - الراوندي: قال: إن هشام بن أحمر [ قال: ] (6) قال لي أبو الحسن
الاول - عليه السلام -: هل علمت أحدا من أهل المغرب قد قدم ؟ قلت: لا.
فقال: بلى (7)، قدم رجل، فركب وركبت معه حتى انتهينا إلى
الرجل، فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق، فقلت [ له ] (8): اعرض علينا،
فعرض علينا تسع جوار كل ذلك ويقول أبو الحسن - عليه السلام -: لا
(1) كذا في المصدر: وفي الاصل: وقال أبو الحسن - عليه السلام -: ما ابتعت
هذه الجارية إلا بأمر الله. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: جدي وامي
ومعها. (3) من المصدر. (4) ليس في المصدر. (5) دلائل الامامة: 175 - 176،
إثبات الوصية: 170 - 171، عيون المعجزات: 106 - 107 (صدره). (6) من
المصدر. (7) كذا في المصدر، وفي الاصل: قال لي. (8) من المصدر.
[ 404 ]
حاجة لي فيها، ثم قال [ له ] (1): اعرض علينا. قال: ما عندي شئ. قال: بل
اعرض علينا. قال: لا والله ما عندي إلا جارية مريضة. قال: ما عليك أن
تعرضها، فأبى عليه، ثم انصرف، ثم إنه أرسلني من الغد إليه، فقال: قل [ له
] (2): كم غايتك فيها ؟ فإذا قال: كذا وكذا، فقل: قد رضيت (3)، فأتيته،
فقال: ما اريد (4) أن انقصها من كذا [ وكذا ] (5). فقلت: قد رضيت بذلك وهو
لك (6). فقال: هي لك، ولكن من الرجل الذي كان معك بالامس ؟
قلت: رجل من بني هاشم. قال: من أي بني هاشم ؟ قلت: ما عندي أكثر من هذا.
فقال: اخبرك عن هذه الوصيفة، إني اشتريتها من أقصى المغرب، فلقيتني امرأة
من أهل الكتاب، فقالت: هذه الوصيفة التي معك لمن هي ؟ قلت: اشتريتها
لنفسي.
(1 و 2) من المصدر. (3) في المصدر: أخذتها. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل:
ما كنت اريد. (5) من المصدر. (6) في المصدر: قد أخذتها وهو لك.
[ 405 ]
فقالت: ما ينبغي أن تكون هذه (الجارية) (1) عند مثلك، إن هذه الجارية
ينبغي أن تكون عند خير أهل الارض، ولا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد له
غلاما يدين له شرق الارض وغربها. قال: فأتيت (2) بها، فلم تلبث إلا قليلا
حتى ولدت الرضا - عليه السلام - (3). وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيد رواية
في الاول من معاجز أبي الحسن الرضا - عليه السلام -.
|