كتاب مدينة المعاجز

الجزء السادس

 

 

الحادي ومائة معرفته - عليه السلام - بأصحاب الاحقاف 2069 / 139 - الراوندي: ان المهدي (الخليفة) (4) أمر بحفر بئر بقرب قبر العبادي (5) لعطش الحاج هناك، فحفر أكثر من مائة قامة، فبينا هم [ كذلك ] (6) يحفرون إذ خرقوا خرقا فإذا تحته هواء لا يدرى [ ما ] (7)


(1) ليس في المصدر. (2) في المصدر: فأتيته. (3) الخرائج والجرائح: 2 / 653 ح 6، عنه البحار: 49 / 7 ح 11 وعن عيون أخبار الرضا - عليه السلام -: 1 / 17 ح 14، وإرشاد المفيد: 307. ورواه في الاختصاص: 197. وأورده في مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 362. وأخرجه في كشف الغمة: 2 / 272 - 273 عن الارشاد. ويأتي في المعجزة: 1 من معاجز الامام الرضا - عليه السلام - عن الكافي والعيون ودلائل الامامة. (4) ليس في المصدر والبحار. (5) هو منزل في طريق مكة من القادسية إلى العذيب. " معجم البلدان: 4 / 304 ". (6) من المصدر. (7) من المصدر. وفيه: فإذا هو.


[ 406 ]

قعره، وهو مظلم، وللريح فيه دوي، فأدلوا (1) رجلين [ إلى مستقره ] (2)، فلما خرجا تغيرت ألوانهما (3) وقالا: رأينا [ دوي ] (4) هواء ورأينا بيوتا قائمة ورجالا ونساء وإبلا وبقرا وغنما، كلما مسسنا شيئا منها رأيناه هباء، فسألنا الفقهاء عن ذلك فلم يدر أحد ما هو، فقدم أبو الحسن موسى - عليه السلام - على المهدي، فسأله عن ذلك، فقال: هؤلاء (5) أصحاب الاحقاف هم بقية من قوم عاد، ساخت بهم منازلهم، وذكر على مثل قول الرجلين (6). (7)

الثاني ومائة علمه - عليه السلام - بما في النفس، وبما يكون 2070 / 140 - الراوندي: قال: روي عن أحمد بن عمر الحلال قال: سمعت الاخرس (8) يذكر موسى بن جعفر - عليهما السلام - بسوء، فاشتريت سكينا وقلت في نفسي: والله لاقتلنه إذا خرج للمسجد (9)، فأقمت على


(1) في البحار: فأدخلوا. (2) من المصد. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ألوانهم. (4) من المصدر. وفيه هواء واسعة. (5) في المصدر والبحار: فسأله عنه، فقال: اولئك. (6) في المصدر: مثل ما قال الرجلان. (7) الخرائج والجرائح: 2 / 655 ح 8، عنه الصراط المستقيم: 2 / 193 ح 28 (مختصرا)، والبحار: 48 / 120 ح 39، وعوالم العلوم: 21 / 226 ح 1. وأخرجه في البحار: 11 / 356 ح 13 عن الاحتجاج: 389 (مفصلا). وفي ج 48 / 104، وعوالم العلوم: 21 / 180 ح 3، عن مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 310 (نحوه). (8) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: الاخوص وكذا في الموضع الآتي. (9) في المصدر: من المسجد.


[ 407 ]

ذلك وجلست فما شعرت إلا برقعة أبي الحسن - عليه السلام - قد طلعت علي فيها (مكتوب) (1): بحقي عليك لما كففت عن الاخرس، فإن الله ثقتي وهو حسبي، فما بقي أيام إلا ومات. ورواه ابن شهر اشوب في المناقب: عن أحمد بن عمر الحلال، قال: سمعت الاخوص بمكة يذكره، فاشتريت سكينا، وساق الحديث إلى أن قال: بحقي عليك لما كففت عن الاخوص، وساق الحديث إلى آخره. ورواه صاحب ثاقب المناقب: عن أحمد بن عمر الحلال، قال: [ لما ] (2) سمعت الاخرس (3) بمكة، وذكر الحديث. (4)

الثالث ومائة علمه - عليه السلام - بالغائب 2071 / 141 - ابن شهر اشوب: عن بيان بن نافع التفليسي، قال: خلفت والدي مع الحرم في الموسم وقصدت موسى بن جعفر - عليهما السلام -، فلما أن قربت منه هممت بالسلام عليه، فأقبل علي بوجهه وقال: برحجك، يا ابن نافع آجرك الله في أبيك، فإنه قد قبضه الله (5) إليه في هذه


(1) ليس في المصدر والبحار. (2) من المصدر. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: الاخوص. (4) الخرائج والجرائح: 2 / 651 ح 3، مناقب ابن شهراشوب: 4 / 289، الثاقب في المناقب: 438 ح 4. وأخرجه في البحار: 48 / 59 ح 69، وعوالم العلوم: 21 / 03 ح 8 وص 124 ح 3 عن الخرائج والمناقب. (5) لفظ الجلالة ليس في المصدر والبحار.


[ 408 ]

الساعة، فارجع فخذ في جهازه، فبقيت متحيرا عند قوله، وقد كنت خلفته وما به علة. فقال: يا ابن نافع، أفلا تؤمن ؟ ! فرجعت، فإذا أنا بالجواري يلطمن خدودهن. فقلت: ما وراءكن ؟ قلن: أبوك فارق الدنيا. قال ابن نافع: فجئت له (1) أسأله عما أخفاه ورائي فقال لي: أبدا ما أخفاه وراءك ثم قال: يا ابن نافع، إن كان في امنيتك كذا وكذا أن تسأل عنه فأنا جنب الله، وكلمته الباقية، وحجته البالغة. (2)

الرابع ومائة علمه - عليه السلام - بالغائب 2072 / 142 - ابن شهر اشوب: عن أبي خالد الزبالي وأبي يعقوب الزبالي، قال كل واحد منهما: استقبلت أبا الحسن - عليه السلام - بالاجفر (3) في المقدمة الاولى على المهدي، فلما خرج ودعته وبكيت، فقال لي: ما يبكيك ؟ قلت: حملك هؤلاء ولا أدري ما يحدث.


(1) في المصدر والبحار: إليه. (2) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 287، عنه البحار: 48 / 72 ح 99، وإثبات الهداة: 3 / 213 ح 143، وعوالم العلوم: 21 / 93 ح 9. (3) الاجفر: هي البئر الواسعة لم تطو: موضع بين فيد والخزيمية، بينه وبين فيد ستة وثلاثون فرسخا نحو مكة. وقال الزمخشري: ماء لبني يربوع انتزعته منهم بنو جذيمة. " مراصد الاطلاع: 1 / 31 ".


[ 409 ]

قال: فقال [ لي ] (1): لا بأس علي منه في وجهي هذا، ولا هو بصاحبي، وإني لراجع إلى الحجاز ومار عليك في هذا الموضع راجعا فانتظرني في يوم كذا وكذا، في وقت كذا وكذا، [ فإنك ] (2) تلقاني راجعا. قلت له: خير البشرى، لقد خفته عليك. قال: فلا تخف فتر صدته ذلك الوقت في ذلك الموضع فإذا بالسواد قد أقبل ومناد ينادي من خلفي، فأتيته فإذا هو أبو الحسن - عليه السلام - على بغلة له، فقال [ لي ] (3): إيها أبا خالد. قلت: لبيك يا ابن رسول الله، الحمد لله الذي خلصك من أيديهم. فقال: أما إن لي عودة إليهم لا أتخلص من أيديهم. (4)

الخامس ومائة علمه - عليه السلام - بما يكون 2073 / 143 - ابن شهر اشوب: عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن عباد المهلبي، قال: لما حبس هارون الرشيد موسى بن جعفر - عليه السلام - وأظهر الدلائل والمعجزات [ وهو ] (5) في الحبس دعا الرشيد يحيى بن خالد البرمكي وسأله تدبيرا في شأن موسى - عليه السلام -. فقال: الذي أراه لك (6) أن تمن عليه وتصل رحمه. فقال الرشيد: انطلق إليه، وأطلق عنه الحديد، وأبلغه عني السلام،


(1 - 3) من المصدر والبحار. (4) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 287، عنه البحار: 48 / 72، وعوالم العلوم: 21 / 111 ح 22. (5) من المصدر. (6) كذا في المصدر، وفي الاصل: الذي أرى ذلك.


[ 410 ]

وقل له: يقول [ لك ] (1) ابن عمك: إنه قد سبق مني فيك [ يمين ] (2) أني لا اخليك حتى تقر لي بالاساءة، وتسألني العفو عما سلف منك، وليس عليك في إقرارك عار، ولا في مسألتك إياي منقصة، وهذا يحيى هو ثقتي ووزيري، فله بقدر ما أخرج من يميني وانصرف راشدا. فقال - عليه السلام -: يا أبا علي، أنا ميت، وإنما بقي من أجلي اسبوغ، اكتم موتي واثنتي يوم الجمعة، وصل أنت وأوليائي (3) علي فرادى، وانظر إذا سار هذا الطاغية إلى الرقة، وعاد إلى العراق لا يراك ولا تراه، واحتل لنفسك، فإني رأيت في نجمك ونجم ولدك ونجمه أنه يأتي عليكم فاحذروه، ثم قال (4) له: يا أبا علي، أبلغه عني: يقول موسى بن جعفر: رسولي يأتيك يوم الجمعة ويخبرك بما يرى، وستعلم غدا إذا جاثيتك بين يدي الله من الظالم والمعتدي على صاحبه، فلما أخبره بجوابه قال له هارون: (إنه) (5) إن لم يدع النبوة بعد أيام فما أحسن حالنا، فلما كان يوم الجمعة توفي أبو إبراهيم - عليه السلام -. (6)


(1) من المصدر. (2) من المصدر، وفيه: " أن " يدل " اني ". (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: أنت وإياه. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: وقال. (5) ليس في المصدر. (6) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 290، غيبة الطوسي: 24 - 26 ح 4 و 5، عنهما البحار: 48 / 230 ح 37، وعوالم العلوم: 21 / 446 ح 3. وأخرجه في إثبات الهداة: 3 / 184 ح 36 عن الغيبة.


[ 411 ]

 

السادس ومائة خبر شطيطة، وما فيه من المعجزات 2074 / 144 - ثاقب المناقب: عن عثمان بن سعيد، عن أبي علي بن راشد، قال: اجتمعت العصابة بنيسابور في أيام أبي عبد الله - عليه السلام - فتذاكروا ما هم فيه من الانتظار للفرج، وقالوا: نحن نحمل في كل سنة إلى مولانا ما يجب علينا، وقد كثرت الكاذبة ومن يدعي هذا الامر، فينبغي لنا (1) أن نختار رجلا ثقة نبعثه إلى الامام ليتعرف لنا الامر، فاختاروا رجلا يعرف بأبي جعفر محمد بن إبراهيم النيسابوري، ودفعوا إليه ما وجب عليهم في السنة من مال وثياب، فكانت الدنانير ثلاثين ألف دينار، والدراهم خمسين ألف درهم، والثياب ألفي شقة وأثواب مقاربات ومرتفعات، وجاءت عجوز من عجائز الشيعة الفاضلات اسمها شطيطة ومعها درهم صحيح فيه درهم ودانقان، وشقة من غزلها [ خام ] (2) تساوي أربعة دراهم وقالت: ما يستحق [ علي ] (3) في مالي غير هذا، فادفعه إلى مولاي. فقال: يا امرأة (أنا) (4) أستحيي من أبي عبد الله - عليه السلام - أن أحمل [ إليه ] (5) درهما وشقة بطانة. فقالت: ألا تفعل، إن الله لا يستحيي من الحق، هذا الذي يستحق


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: " فبينا " بدل " فينبغي لنا ". (2 و 3) من المصدر. (4) ليس في المصدر. (5) من المصدر.


[ 412 ]

فاحمل يا فلان فلان (1) ألقى الله وما له قبلي حق قل أم كثر أحب إلي من أن ألقاه وفي رقبتي لجعفر بن محمد حق. قال: فعوجت الدرهم وطرحته في كيس فيه أربعمائة درهم لرجل يعرف بخلف بن موسى اللؤلؤي، وطرحته الشقة في رزمة فيها ثلاثون ثوبا لاخوين بلخيين يعرفان بابني نوح به إسماعيل، وجاءت الشيعة بالجزء الذي (2) فيه المسائل [ وكان ] (3) سبعين ورقة، وكل مسألة فيها (4) بياض، وقد أخذوا كل ورقتين فحزموهما بحزائم ثلاثة، وختموا على كل حزام بخاتم، وقالوا: تحمل هذا الجزء الذي معك، وتمضي إلى الامام وتدفع الجزء إليه وتبيت عنده ليلة، وعد عليه وخذه منه، فإن وجدت الخاتم بحاله لم يكسر ولم يتشعب فاكسر عنها (5) ختمه وانظر الجواب، فإن أجاب ولم يكسر الخواتيم فهو الامام، فادفعه إليه، وإلا فرد أموالنا علينا. قال أبو جعفر: فسرت حتى وصلت إلى الكوفة، وبدأت بزيارة أمير المؤمنين - عليه السلام - ووجدت على باب المسجد شيخا مسنا قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وقد تشنج وجهه متزرا ببرد، ومتشحا بآخر، وحوله جماعة يسألونه عن الحلال والحرام، وهو


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: لا. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: بالحبر والذي. وكذا في الموضع الآتي. (3) من المصدر. (4) في المصدر: تحتها. (5) في المصدر: منها.


[ 413 ]

يفتيهم على مذهب أمير المؤمنين - عليه السلام -، فسألت من حضر عنه (1) فقالوا: أبو حمزة الثمالي، فسلمت عليه وجلست بين يديه، فسألني (2) عن أمري، فعرفته بالحال، ففرح بي، وجذبني إليه، وقبل بين عيني، وقال: لو تجدب الدنيا ما وصل لهؤلاء (3) حقوقهم، وإنك ستصل بخدمتهم (4) إلى جوارهم، فسررت بكلامه، وكان ذلك أول فائدة لقيتها بالعراق، وجلست معهم أتحدث إذ فتح عينيه ونظر إلى البرية، وقال: هل ترون ما أرى ؟ قلنا: وأي شئ ترى (5) ؟ قال: [ أرى ] (6) شخصا على ناقة، فنظرنا إلى الموضع فرأينا رجلا على جمل فأقبل فأناخ البعير، وسلم علينا وجلس، فسأله الشيخ وقال: من أين أقبلت ؟ قال: من يثرب. قال: ما وراءك ؟ قال: مات جعفر بن محمد - عليه السلام -، فانقطع ظهري [ نصفين ] (7) وقلت لنفسي إلى أين أمضي ؟ فقال [ له ] (8) أبو حمزة: إلى من أوصى ؟


(1) في المصدر: عنده. (2) في المصدر: وجلست إليه، فسألني. (3) في المصدر: إلى هؤلاء. (4) في المصدر: بحرمتهم. (5) في المصدر: رأيت. (6 و 7) من المصدر. (8) من المصدر.


[ 414 ]

قال: إلى ثلاثة، أولهم أبو جعفر المنصور، وإلى ابنه عبد الله، وإلى ابنه موسى. فضحك أبو حمزة والتفت إلي وقال: لاتغتم، فقد عرفت الامام. فقلت: وكيف، أيها الشيخ ؟ فقال: أما وصيته إلى أبي جعفر المنصور فستر على الامام، وأما وصيته إلى ابنه الاكبر والاصغر فقد بين عن عوار الاكبر ونص على الاصغر. فقلت: وما فقه ذلك ؟ فقال: قول النبي - صلى الله عليه وآله -: الامامة في أكبر ولدك يا علي ما لم يكن ذا عاهة، فلما رأيناه وقد أوصى إلى الاكبر والاصغر علمنا أنه قد بين عن عوار الكبير، ونص على الصغير (1) فسر إلى موسى فإنه صاحب الامر. فقال أبو جعفر: فودعت [ أمير المؤمنين وودعت ] (2) أبا حمزة وسرت إلى المدينة، وجعلت رحلي في بعض الخانات، وقصدت مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - وزرته وصليت، ثم خرجت وسألت أهل المدينة إلى من أوصى جعفر بن محمد ؟ فقالوا: [ إلى ] (3) ابنه الافطح عبد الله. فقلت: هل يفتي ؟ قالوا: نعم، فقصدته وجئت إلى باب داره، فوجدت عليها من


(1) في المصدر: كبيره... صغيره. (2 و 3) من المصدر.


[ 415 ]

الغلمان ما لم يوجد على باب دار أمير البلد، فأنكرت، ثم قلت: الامام لا يقال له: لم وكيف ؟ فاستأذنت، فدخل الغلام وخرج، وقال: من [ أين ] (1) أنت ؟ فأنكرت وقلت: والله ما هذا بصاحبي، ثم قلت: لعله من التقية، فقلت: قل: فلان الخراساني، فدخل وأذن لي، فدخلت فإذا به جالس في الدست على منصة عظيمة وبين يديه غلمان قيام، فقلت في نفسي: إذا أعظم الامام يقعد في الدست ثم قلت: هذا أيضا من الفضول الذي لا يحتاج إليه يفعل [ الامام ] (2) ما يشاء، فسلمت عليه، فأدناني وصافحني وأجلسني بالقرب منه [ وسألني فأحفى ] (3) ثم قال: في أي شئ جئت ؟ قلت: في مسائل أسأل عنها واريد الحج. فقال [ لي ] (4): سل عما تريد. فقلت: كم (5) في المائتين من الزكاة ؟ قال: خمسة دراهم. فقلت: كم في المائة ؟ قال: درهمان ونصف. فقلت: حسن يا مولاي، اعيذك بالله ما تقول في رجل قال لامرأته: أنطت طالق عدد نجوم السماء ؟ قال: يكفيه من رأس الجوزاء ثلاثة. فقلت: الرجل لا يحسن شيئا، فقمت وقلت: أنا أعود إلى


(1 - 4) من المصدر. (5) كذا في المصدر، وفي الاصل: في كم ؟


[ 416 ]

سيدي (1) غدا. فقال: إن كان لك حاجة فإنا لا نقصر، فانصرفت من عنده وجئت إلى ضريح النبي - صلى الله عليه وآله - فبكيت (2) على قبره وشكوت خيبة سفري، وقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وامي إلى من أمضي في هذه [ المسائل ] (3) التي معي، إلى اليهود، أم إلى النصارى، أم إلى المجوس، أم إلى فقهاء النواصب، إلى أين يا رسول الله ؟ فما زلت أبكي وأستغيث به فإذا أنا بإنسان يحركني، فرفعت رأسي من فوق القبر فرأيت عبدا أسود عليه قميص خلق، وعلى رأسه عمامة خلق، فقال لي: يا أبا جعفر، [ النيسابوري، يقول لك مولاك موسى بن جعفر - عليه السلام -: ] (4) إلي، لا إلى اليهود، ولا إلى النصارى، ولا إلى المجوس، ولا إلى أعدائنا من النواصب، فأنا حجة الله وقد أجبتك عما في الجزو وبجميع ما تحتاج إليه منذ أمس فجئني به وبدر هم شطيطة الذي فيه درهم ودانقان الذي في كيس أربعمائة درهم اللؤلؤي وشقتها التي في رزمة الاخوين البلخيين. قال: فطار عقلي وجئت إلى رحلي ففتحت وأخذت الجزو والكيس والرزمة فجئت إليه فوجدته في دار خراب وبابه مهجور ما عليه أحد، وإذا بذلك الغلام قائم على الباب، فلما رآني دخل بين يدي فدخلت معه وإذا بسيدنا جالس على الحصير [ وتحته شاذكونة


(1) في المصدر: سيدنا. (2) في المصدر: فانكببت. (3 و 4) من المصدر.


[ 417 ]

يمانية ] (1)، فلما رآني ضحك وقال: لا تقنط ولم تفزع، (إلي) (2) لا إلى اليهود و [ لا إلى ] (3) النصارى والمجوس، أنا حجة الله ووليه، ألم يعرفك أبو حمزة على باب مسجد الكوفة جري أمري ؟ قال: فأزاد [ ذلك ] (4) في بصيرتي وتحققت أمره، ثم قال لي: هات الكيس، فدفعته إليه فحله وأدخل يده فيه، وأخرج منه درهم شطيطة، وقال لي: هذا درهمها ؟ فقلت: نعم، وأخرج (5) الرزمة وحلها وأخرج منها شقة قطن مقصورة طولها خمسة وعشرون ذراعا، وقال لي: اقرأ عليها السلام كثيرا، وقل لها: [ قد ] (6) جعلت شقتك في أكفاني وبعثت بهذه إليك من أكفاننا من قطن قريتنا صريا قرية فاطمة - عليها السلام - وبذر قطن كانت تزرعه بيدها [ الشريفة ] (7) لاكفان ولدها، وغزل اختي حكيمة بنت أبي عبد الله - عليه السلام - وقصاره يده لكفنه، فاجعليها في كفنك. [ ثم ] (8) قال: يا معتب، جئني (9) بكيس [ نفقة ] (10) مؤناتنا، فجاء به وطرح درهما فيه، وأخرج منه أربعين درهما، وقال: اقرأها مني السلام وقل لها: ستعيشي تسع عشرة ليلة من دخول أبي جعفر، ووصول هذا


(1) من المصدر. (2) ليس في المصدر. (3 و 4) من المصدر. (5) في المصدر: فأخذ. (6 - 8) من المصدر. (9) كذا في المصدر، وفي الاصل: يا شيث جئنا. (10) من المصدر.


[ 418 ]

الكفن وهذه الدراهم، فانفقي [ منها ] (1) ستة عشر درهما، واجعلي أربعة وعشرين (درهما) (2) صدقة عنك وما يلزم عليك، وأنا أتولى الصلاة عليك، فإذا رأيتني فاكتم فإن ذلك أبقى لنفسك، وافكك هذه الخواتيم، وانظر هل أجبنا (3) أم لا قبل أن تجئ بدراهمهم كما أوصوك فإنك رسول، فتأملت الخواتيم فوجدتها صحاحا، ففككت من وسطها واحدا فوجدت تحتها ما يقول العالم - عليه السلام - في رجل قال: ندرت لله (4) عز وجل لاعتقن كل مملوك كان في ملكي قديما، وكان له جماعة من المماليك ؟ تحته الجواب من موسى بن جعفر - عليه السلام -: (يعتق) (5) من كان في ملكه قبل ستة أشهر، والدليل على صحة ذلك قوله تعالى: [ حتى عاد كالعرجون القديم ] (6)، [ كان بين ] (7) العرجون القديم [ والعرجون الجديد في النخلة ] (8) ستة أشهر. وفككت الآخر فوجدت [ فيه ] (9): ما يقول العالم - عليه السلام - في رجل قال أتصدق بمال كثير بما يتصدق ؟ تحته الجواب [ بخطه - عليه السلام - ] (10): إن كان الذي حلف بهذا اليمين [ من أرباب الدنانير تصدق بأربعة وثمانين دينارا، وإن كان ] (11) من أرباب الدراهم تصدق بأربعة


(1) من المصدر. (2) ليس في المصدر. (3) في المصدر: أجبناك. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: في رجل نذر لله. (5) ليس في المصدر. (6) سورة يس: 39. (7 - 11) من المصدر.


[ 419 ]

وثمانين درهما، وإن كان من أرباب الغنم فأربعة وثمانون (1) غنما، وإن كان من أرباب البعير فأربعة وثمانون (2) بعيرا، والدليل على ذلك قوله تعالى: [ لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين ] (3) فعددت مواطن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قبل نزول الآية فكانت أربعة وثمانين موطنا. وكسرت الاخرى فوجدت فيها (4): ما يقول العالم في رجل نبش قبرا، وقطع رأس الميت ؟ وأخذ كفنه ؟ الجواب [ تحته ] (5) بخطه - عليه السلام -: تقطع يده لاخذ الكفن [ من وراء الحرز، ويؤخذ مائة دينار لقطع رأس الميت لانا جعلناه بمنزلة الجنين في ] (6) بطن امه من قبل نفخ الروح فيه، فجعلنا في النطفة عشرين دينارا وفي العلقة عشرين دينارا، وفي المضغة عشرين دينارا، وفي اللحم عشرين دينارا، وفي تمام الخلق عشرين دينارا، فلو نفخ فيه الروح لالزمناه ألف دينار على أن لا يأخذ ورثة الميت منها شيئا ويتصدق (7) بها عنه أو يحج أو يغزي بها لانها أصابته في جسمه بعد الموت. قال أبو جعفر: فمضيت من فوري إلى الخان، وحملت المال والمتاع إليه، وأقمت معه، وحج في تلك السنة فخرجت في جملته


(1) في المصدر: فيتصدق بأربعة وثمانين. (2) في المصدر: فبأربعة وثمانين. (3) سورة التوبة: 25. (4) في المصدر: تحته. (5 و 6) من المصدر. (7) في المصدر: بل يتصدق.


[ 420 ]

معادلا له في عماديته في ذهابي يوما في عماديته، ويوما في عمادية ابنه، ورجعت (1) إلى خراسان فاستقبلني الناس وشطيطة في (2) جملتهم، وسلموا علي، فأقبلت عليها من بينهم وأخبرتها بحضرتهم [ بما جرى ] (3)، ودفعت إليها الشقة والدراهم، وكادت تنشق مرارتها من الفرح، ولم يدخل إلى المدينة من الشيعة إلا حاسد أو متأسف على منزلتها، ودفعت الجزو إليهم، ففتحوا الخواتيم ووجدوا الجوابات تحت مسائلهم. وأقامت شطيطة تسعة عشر يوما وماتت - رحمة الله عليها - فتزاحمت الشيعة على الصلاة عليها، فرأيت أبا الحسن - عليه السلام - على نجيب فنزل عنه وأخذ بخطامه، ووقف يصلي عليها مع القوم، وحضر نزولها إلى قبرها وشهدها وطرح في قبرها (4) من تراب قبر أبي عبد الله - عليه السلام -، فلما فرغ من أمرها ركب البعير وألوى برأسه نحو البرية وقال: عرف أصحابك واقرأهم عني السلام، وقل لهم: إنني ومن جرى مجراي من أهل البيت (5) لابد لنا من حضور جنائزكم [ في ] (6) أي بلد كنتم، فاتقوا الله في أنفسكم، وأحسنوا الاعمال لتعينونا على خلاصكم وفكاك (7) رقابكم من النار.


(1) في المصدر: وفي عمادية أبيه يوما ورجعت. (2) في المصدر: من. (3) من المصدر. (4) في المصدر: إلى قبرها ونثر في قبرها. (5) كذا في المصدر، وفي الاصل: إن من جرى مجرى أهل البيت. (6) من المصدر. (7) في المصدر: وفك.


[ 421 ]

قال أبو جعفر: فلما ولى - عليه السلام - عرفت الجماعة، فرأوه وقد بعد والنجيب يحث به وكادت (1) أنفسهم تسيل حزنا إذ لم يتمكنوا من النظر إليه. وهذا الخبر متكرر في الكتب، ذكره الراوندي مختصرا وابن شهر اشوب: عن أبي علي بن راشد وغيره، باختلاف يسير، والله سبحانه الموفق. (2)

السابع ومائة الخروج من السجن، وعلمه - عليه السلام - بما يكون 2075 / 145 - ابن شهر اشوب: عن أبي الازهر ناصح بن علية البرجمي في حديث طويل أنه جمعني مسجد بازاء دار السندي بن شاهك وابن السكيت، فتفاوضنا في العربية ومعنا رجل لا نعرفه، فقال: يا هؤلاء، أنتم إلى إقامة دينكم أحوج منكم إلى إقامة ألسنتكم، وساق الكلام إلى إمام الوقت وقال: ليس بينكم وبينه غير هذا الجدار. قلنا: تعني هذا المحبوس موسى ؟ قال: نعم. قلنا: سترنا عليك فقم [ من ] (3) عندنا خيفة أن يراك أحد جليسنا


(1) في المصدر: والنجيب يجري به فكادت. (2) الثاقب في المناقب: 439 ح 5، والخرائج والجرائح: 2 / 720 ح 24، ومناقب ابن شهر اشوب: 4 / 291 - 292. وأخرجه في البحار: 48 / 73 ح 100، وإثبات الهداة: 3 / 213 ح 144 (مختصرا)، وعوالم العلوم: 21 / 172 ح 1. (3) من المصدر والبحار.


[ 422 ]

فنؤخذ بك. قال: والله لا يفعلون ذلك أبدا [ والله ] (1) ما قلت لكم إلا بأمره، وإنه ليرانا ويسمع كلامنا، ولو شاء أن يكون ثالثنا لكان. قلنا: فقد شئنا فادعه (2) إلينا، فإذا قد أقبل رجل من باب المسجد داخلا كادت لرؤيته العقول أن تذهل، فعلمنا أنه موسى بن جعفر - عليه السلام - ثم قال: أنا هذا الرجل (3)، وتركنا، وخرج (4) من المسجد مبادرا، فسمعنا وجيبا شديدا وإذا السندي بن شاهك يعدو داخلا إلى المسجد معه [ جماعة ] (5) فقلنا: كان معنا رجل فدعانا إلى كذا وكذا، ودخل هذا الرجل المصلي وخرج ذاك الرجل ولم نره، فأمر بنا فأمسكنا. ثم تقدم إلى موسى وهو قائم في المحراب فأتاه من قبل وجهه ونحن نسمع فقال: يا ويحك، كم تخرج بسحرك هذا وحيلتك من وراء الابواب والاغلاق والاقفال [ وأردك ] (6)، فلو كنت هربت كان أحب إلي من وقوفك هاهنا أتريد يا موسى أن يقتلني الخليفة ؟ قال: فقال موسى ونحن والله نسمع كلامه: كيف أهرب ولله في أيديكم موقت لي يسوق إليها أقداره، وكرامتي على أيديكم - في كلام له - قال: فأخذ السندي بيده ومشى، ثم قال للقوم: دعوا هذين واخرجوا


(1) من المصدر والبحار. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: فادفعه. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: موسى بن جعفر - عليه السلام - قال: أنا الرجل. (4) في المصدر والبحار: وخرجنا. (5 و 6) من المصدر والبحار.


[ 423 ]

إلى هذا الطريق (1)، فامنعوا أحدا [ يمر به الناس ] (2) حتى أمر أنا وهذا إلى الدار. (3)

الثامن ومائة الروضة التي خرجت والوصائف، وغير ذلك. 2076 / 146 - ابن شهر اشوب: قال في كتاب الانوار: قال العامري: إن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر جارية خصيفة، لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن، فقال: قل له: [ بل أنتم بهديتكم تفرحون ] (4) لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها. قال: فاستطار هارون غضبا وقال: ارجع إليه، وقل له: ليس برضاك حبسناك، ولا برضاك أخدمناك (5)، واترك الجارية عنده وانصرف. قال: فمضى ورجع، ثم قام هارون عن مجلسه وأنفذ الخادم إليه ليتفحص عن حالها فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها تقول: قدوس سبحانك سبحانك. فقال هارون: سحرها والله موسى بن جعفر بسحره، علي بها، فاتي بها وهي ترعد شاخصة نحو السماء بصرها، فقال: ما شأنك ؟ قالت: شأني الشأن البديع إني كنت عنده واقفة وهو قائم يصلي


(1) في المصدر والبحار: إلى الطريق. (2) من المصدر والبحار: وفيهما: " أتم " بدل " أمر ". (3) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 296 - 297، عنه البحار، 48 / 237 ح 46، وعوالم العلوم: 21 / 438 ح 2. (4) سورة النمل: 36. (5) في البحار: أخذناك.


[ 424 ]

ليله ونهاره، فلما انصرف عن صلاته بوجهه وهو يسبح الله ويقدسه قلت: يا سيدي، هل [ لك ] (1) حاجة اعطيكها ؟ قال: وما حاجتي إليك ؟ قلت: إني ادخلت عليك لحوائجك قال: فما بال هؤلاء ؟ قال: فالتفت فإذا روضة مزهرة لا أبلغ آخرها من أولها بنظري، ولا أولها من آخرها، فيها مجالس مفروشة بالوشي والديباج، وعليها وصفاء ووصائف لم أر مثل وجوههم [ حسنا ] (2)، ولا مثل لباسهم لباسا، عليهم الحرير الاخضر، والاكاليل والدر والياقوت، وفي أيديهم الاباريق والمناديل ومن كل الطعام، فخررت ساجدة حتى أقامني هذا الخادم فرأيت نفسي حيث [ كنت ] (3). قال: فقال هارون: يا خبيثة، لعلك سجدت فنمت فرأيت هذا في منامك. قالت: لا والله يا سيدي إلا قبل سجودي رأيت، فسجدت من أجل ذلك. فقال الرشيد: اقبض هذه الخبيثة إليك، فلا يسمع هذا منها أحد، فأقبلت في الصلاة، فإذا قيل لها في ذلك قالت: هكذا رأيت العبد الصالح - عليه السلام -، فسئلت عن قولها (4) قالت: إني لما عاينت من الامر نادتني الجواري: يا فلانة، ابعدي عن العبد الصالح حتى ندخل عليه، فنحن له دونك، فما زالت كذلك حتى ماتت، وذلك قبل [ موت ] (5)


(1 - 3) من المصدر والبحار. (4) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: عن قولها ترجع. (5) من المصدر والبحار.


[ 425 ]

موسى بأيام يسيرة. (1)

التاسع ومائة الاسدان اللذان أكلا ابن مهران 2077 / 147 - ابن شهر اشوب: قال: في رواية أن الرشيد أمر حميد بن مهران الحاجب بالاستخفاف به - عليه السلام -، فقال له: إن القوم [ قد ] (2) افتتنوا بك بلا حجة، فاريد أن يأكلني هذان الاسدان المصوران على هذا [ المسند ] (3)، فأشار - عليه السلام - إليهما وقال: خذا عدوا الله (4)، فأخذاه وأكلاه، ثم قالا: وما الامر ؟ أنأخذ الرشيد ؟ قال: لا، عودا إلى مكانكما. (5)

العاشر ومائة رؤيا المهدي 2078 / 148 - ابن شهر اشوب: قال: لما بويع محمد المهدي دعا حميد بن قحطبة نصف الليل وقال: إن إخلاص أبيك وأخيك [ فينا ] (6) أظهر من الشمس، وحالك عندي موقوف. فقال: أفديك بالمال والنفس. فقال: هذا السائر الناس.


(1) مناقب ابن شهراشوب: 4 / 297 - 298، عنه إثبات الهداة: 3 / 214 ح 145 (مختصرا)، والبحار: 48 / 238 - 239 ذ ح 46، وعوالم العلوم: 21 / 441 ح 4. (2 و 3) من المصدر. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: خذا هذا والله. (5) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 300. (6) من المصدر والبحار.


[ 426 ]

قال: أفديك بالروح والمال والاهل والولد، فلم يجبه المهدي. فقال: أفديك بالمال والنفس والاهل والولد والدين. فقال: لله درك، فعاهده على ذلك، وأمره بقتل (1) الكاظم - عليه السلام - في السحر (2) بغتة، فنام فرأى [ في منامه ] (3) عليا - عليه السلام - يشير إليه ويقرأ: [ فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم ] (4) فانتبه مذعورا، ونهى حميدا عما أمره، وأكرم الكاظم - عليه السلام - ووصله. (5)

الحادي عشر ومائة الهيبة والخوف الذي يدخل خدم الرشيد، والاقرار له - عليه السلام - 2079 / 149 - ابن شهر اشوب: عن علي بن أبي حمزة قال: كان يتقدم الرشيد إلى خدمه إذا خرج موسى بن جعفر من عنده أن يقتلوه، فكانوا يهمون به فيتداخلهم [ من ] (6) الهيبة والزمع، فلما طال ذلك أمر بتمثال من خشب، وجعل له وجها مثل وجه موسى بن جعفر، وكانوا إذا سكروا أمرهم أن يذبحوه بالسكاكين، فكانوا يفعلون ذلك أبدا، فلما كان


(1) في البحار: أن يقتل. (2) في البحار: السحرة. وكلاهما بمعنى واحد. (3) من المصدر والبحار. (4) سورة محمد - صلى الله عليه وآله -: 22. (5) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 300، عنه البحار: 48 / 139 ح 15، وعوالم العلوم: 21 / 222 ح 1. وللحديث تخريجات كثيرة من أرادها فليراجع العوالم. (6) من المصدر والبحار. والزمع: الدهش.


[ 427 ]

في بعض الايام جمعهم في الموضع، وهم سكارى، وأخرج سيدي إليهم، فلما بصروا به هموا به على رسم الصورة. فلما علم منهم ما يريدون كلمهم بالخوزية (1) والتركية، فرموا من أيديهم السكاكين، ووثبوا إلى قدميه فقبلوهما، وتضرعوا إليه، وتبعوه إلى أن شيعوه إلى المنزل الذي كان ينزل فيه، فسألهم الترجمان عن حالهم، فقالوا: إن هذا الرجل يصير إلينا في كل عام، فيقضي أحكامنا، ويرضي بعضنا من بعض (2)، ونستسقي به إذا قحط بلدنا، وإذا نزلت بنا نازلة فزعنا إليه، فعاهدهم أنه لا يأمرهم [ بذلك فرجعوا ] (3). (4)

الثاني عشر ومائة خبر علي بن صالح الطالقاني 2080 / 150 - ابن شهر اشوب: [ خالد السمان في خبر ] (5) أن الرشيد دعا [ رجلا يقال له ] (6) علي بن صالح الطالقاني وقال [ له ] (7): أنت الذي تقول: إن السحاب حملتك من بلد الصين إلى طالقان ؟ قال: نعم. قال: فحدثنا كيف كان ؟ قال: كسر مركبي في لجج البحر فبقيت ثلاثة أيام على لوح


(1) في المصدر والبحار: بالخزرية. (2) في المصدر: بعضنا بعضا، وفي البحار: بعضا من بعض. (3) من المصدر والبحار. (4) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 300 - 301، عنه البحار: 48 / 140 ح 16، وعوالم العلوم: 21 / 285 ح 1. (5 - 7) من المصدر والبحار.


[ 428 ]

تضربني الامواج، فألقتني الامواج إلى البر فإذا أنا بأنهار (1) وأشجار، فنمت تحت ظل شجرة، فبينا أنا نائم إذ سمعت صوتا هائلا، فانتبهت فزعا مذعورا فإذا أنا بدابتين تقبلان (2) على هيئة الفرس، لا احسن أن أصفها، فلما بصرابي دخلتا في البحر، فبينما أنا كذلك إذ رأيت طائرا عظيم الخلق، فوقع قريبا مني بقرب كهف في جبل، فقمت مستنرا بالشجر حتى دنوت منه لاتأمله، فلما رآني طار وجعلت أقفو أثره. فلما قمت بقرب الكهف سمعت تسبيحا وتهليلا وتكبيرا وتلاوة قرآن، فدنوت من الكهف فناداني مناد من أهل الكهف (3): ادخل يا علي ابن صالح الطالقاني رحمك الله، فدخلت وسلمت فإذا رجل فخم ضخم، غليظ الكراديس، عظيم الجثة، أنزع أعين، فرد علي السلام وقال: يا علي بن صالح الطالقاني، أنت من معدن الكنوز، لقد أقمت ممتحنا بالجوع والعطش والخوف، لولا أن الله رحمك في هذا اليوم فأنجاك وسقاك شرابا طيبا، ولقد علمت الساعة التي ركبت فيها، وكم أقمت في البحر، وحين كسر بك المركب، وكم لبثت تضربك الامواج، وما هممت به من طرح نفسك في البحر لتموت اختيارا للموت لعظيم ما نزل بك، والساعة التي نجوت فيها، ورؤيتك لما رأيت [ من ] (4) الصورتين الحسنتين، واتباعك للطائر الذي رأيته واقعا، فلما رآك صعد طائرا إلى السماء، فهلم فاقعد رحمك الله.


(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: فألقتني الامواج فإذا بأنهار. (2) في المصدر والبحار: تقتتلان. (3) في المصدر والبحار: من الكهف. (4) من المصدر والبحار.


[ 429 ]

فلما سمعت كلامه قلت: سألتك بالله من أعلمك بحالي ؟ فقال: عالم الغيب والشهادة، والذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين، ثم قال: أنت جائع فتكلم [ بكلام ] (1) تململت به شفتاه، فإذا بمائدة عليها منديل، فكشفه، وقال: هلم إلى ما رزقك الله فكل، فأكلت طعاما ما رأيت أطيب منه، ثم سقاني ماء ما رأيت ألذ منه ولا أعذب، ثم صلى ركعتين، ثم قال: يا علي، أتحب الرجوع إلى بلدك ؟ فقلت: ومن لي بذلك ؟ فقال: وكرامة لاوليائنا أن نفعل بهم ذلك، ثم دعا بدعوات ورفع يده إلى السماء وقال: الساعة الساعة، فإذا سحاب قد أظلت باب الكهف قطعا قطعا، وكلما وافت سحابة قالت: سلام عليك يا ولي الله وحجته، فيقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، أيتها السحابة السامعة المطيعة، ثم يقول لها: أين تريدين ؟ فنقول: أرض كذا. فقال (2): الرحمة أو سخط ؟ فتقول: لرحمة أو سخط، وتمضي، حتى جاءت سحابة حسنة مضيئة، فقالت: السلام عليك يا ولي الله وحجته. قال: وعليك السلام، أيتها السحابة السامعة المطيعة، أين تريدين ؟ فقالت: أرض طالقان. فقال: لرحمة أو سخط. فقالت: لرحمة.


(1) من المصدر والبحار. (2) في المصدر والبحار: فيقول.


[ 430 ]

فقال لها: احملي ما حملت مودعا في الله (1). فقالت: سمعا وطاعة. قال لها: فاستقري بإذن الله على وجه الارض، فاستقرت، فأخذ بعضدي (2) فأجلسني عليها. فعند ذلك قلت له: سألتك بالله العظيم، وبحق محمد خاتم النبيين، وعلي سيد الوصيين، والائمة الطاهرين من أنت ؟ فقد اعطيت والله أمرا عظيما. فقال: ويحك يا علي بن صالح، إن الله يخلي أرضه من حجة طرفة عين، إما باطن وإما ظاهر، أنا حجة الله الظاهرة، وحجته الباطنة، أنا حجة الله يوم الوقت المعلوم، وأنا المؤدي الناطق عن الرسول، أنا في وقتي هذا موسى بن جعفر، فذكرت إمامته وإمامة آبائه وأمر السحاب بالطيران فطارت، فوالله ما وجدت ألما ولا فزعت فما كان بأسرع من طرفة العين حتى ألقتني بالطالقان في شارعي الذي فيه أهلي وعقاري سالما في عافية، فقتله الرشيد، وقال: لا يسمع بهذا أحد. (3)

الثالث عشر ومائة حديث البلخي - وقد تقدم - 2081 - 151 - ابن شهر اشوب وغيره - واللفظ له -: قال: في كتاب أمثال الصالحين: قال شقيق البلخي: وجدت رجلا عند فيد يملا الاناء


(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: لله. (2) في المصدر والبحار: بعض عضدي. (3) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 301 - 302، عنه البحار: 48 / 39 ح 16، وعوالم العلوم: 21 / 158 ح 1.


[ 431 ]

من الرمل ويشربه، فتعجبت من ذلك واستسقيته فسقاني، فوجدته سويقا وسكرا، القصة. وقد نظموها: سل شقيق البلخي عنه بما * شاهد منه وما الذي كان أبصر قال لما حججت عاينت شخصا * ناحل الجسم شاحب اللوان أسمر سائرا وحده وليس له زاد * فما زلت دائبا أتفكر وتوهمت أنه يسأل الناس * ولم أدر أنه الحج الاكبر ثم عاينته ونحن نزول * دون فيد على الكثيب الاحمر يضع الرمل في الاناء ويشربه * فناديته وعقلي محير اسقني شربة فلما سقاني * منه عاينته سويقا وسكر فسألت الحجيج من يك هذا ؟ قيل هذا الامام موسى بن جعفر (1)

الرابع عشر ومائة استجابة الدعاء 2082 / 152 - ابن شهر اشوب: قال: حكي أنه مغص بعض الخلفاء فعجز بختيشوع (2) النصراني عن دوائه وأخذ جليدا فأذابه بدواء، ثم أخذ ماء وعقده بدواء وقال: هذا الطب إلا أن يكون مستجابا دعاؤه (3)، ذا منزلة عند الله يدعو لك.


(1) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 302 - 303، عنه البحار: 48 / 78، وعوالم العلوم: 21 / 162 ح 1. (2) طبيب سرياني الاصل مستعرب، اشتهر وتقدم عند الخلفاء العباسيين، وعاصر هارون الرشيد وتميز في أيامه. (3) في البحار: مستجاب الدعاء.


[ 432 ]

فقال الخليفة: علي بموسى بن جعفر، فاتي به، فسمع في الطريق أنينه، فدعا الله سبحانه، وزال مغص الخليفة، فقال له: بحق جدك المصطفى أن تقول بما دعوت [ لي ] (1) ؟ فقال - عليه السلام -: [ قلت: ] (2) اللهم كما أريته ذل معصيته فأره عز طاعتي، فشفاه الله من ساعته. (3)

الخامس عشر ومائة علمه - عليه السلام - بالآجال 2083 / 153 - ثاقب المناقب: عن خالد بن نجيح، قال: قال لي أبو الحسن - عليه السلام -: أفرغ فيما بينك وبين الناس في سنة أربع وسبعين ومائة حتى يجيئك كتابي، فاخرج وانظر ما عندك وابعث إلي، ولا تقبل من أحد شيئا، وخرج إلى المدينة، وبقي خالد بمكة، فبقي خالد بعد المدة خمسة عشر يوما، ثم مات. (4)

السادس عشر ومائة علمه - عليه السلام - بالغائب 2084 / 154 - ثاقب المناقب: عن خالد بن نجيح، قال: قلت لابي الحسن - عليه السلام -: إن أصحابنا قدموا من الكوفة فذكروا أن المفضل شديد (5) الوجع، فادع الله له، فقال: قد استراح، وكان هذا الكلام بعد


(1 و 2) من المصدر والبحار. (3) مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 305، عنه البحار: 48 / 140 ح 17، وعوالم العلوم: 21 / 238 ح 1. (4) الثاقب في المناقب: 434 ح 2. ورواه في بصائر الدرجات: 265 ح 12، عنه البحار: 48 / 54 ح 55، وإثبات الهداة: 3 / 189 ح 55، وعوالم العلوم: 21 / 104 ح 13. وأورده في الخرائج والجرائح: 2 / 715 ح 14. (5) كذا في سائر المصادر، وفي الاصل والمصدر: براه.


[ 433 ]

موته بثلاثة أيام. (1)

السابع عشر ومائة علمه - عليه السلام - بالغائب 2085 / 155 - ثاقب المناقب: عن عبد الرحمان بن الحجاج، قال: استقرض أبو الحسن - عليه السلام - من شهاب بن عبد ربه مالا، وكتب كتابا ووضعه على يدي، وقال: إن حدث بي حدث فخرقه. قال عبد الرحمان: فخرجت إلى مكة فلقيني أبو الحسن - عليه السلام - وأنا بمنى، فقال لي: يا عبد الرحمان، خرق الكتاب، ففعلت، وقدمت الكوفة، وسألت عن شهاب، فإذا هو قد مات في الوقت الذي أومأ (2) إلي في خرق الكتاب. (3)

الثامن عشر ومائة علمه - عليه السلام - بالآجال 2086 / 156 - ثاقب المناقب: عن الحسن بن علي الوشاء، عن


(1) الثاقب في المناقب: 435 ح 3. ورواه في بصائر الدرجات: 264 ح 10، عنه البحار: 47 / 77 ح 51، وإثبات الهداة: 3 / 189 ح 53. وأورده في الخرائج والجرائح: 2 / 715، عنه البحار: 48 / 72 ح 98، وعوالم العلوم: 21 / 86 ح 18. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: أرسل. (3) الثاقب في المناقب: 435 ح 5. ورواه في بصائر الدرجات: 263 ح 5، عنه البحار: 48 / 53 ح 52، وإثبات الهداة: 3 / 188 ح 50، وعوالم العلوم: 21 / 81 ح 12. وأورده في الخرائج والجرائح: 2 / 716 ح 15. وأخرجه في إثبات الهداة: 3 / 188 ح 49 عن البصائر وكشف الغمة: 2 / 243 نحوه.


[ 434 ]

هشام، قال: أردت شراء (1) جارية بمنى، فكتب إلى أبي الحسن - عليه السلام - أستشيره في ذلك، فأمسك ولم يخبر. قال: فإني من الغد عند مولى الجارية إذ مربي وهي جالسة عند جوار تتحدث مع جارية، فنظر إليها، ثم رجع إلى منزله وقال [ لي ] (2): لا بأس، إن لم يكن في عمرها قلة، فأمسكت عن شرائها، فلم أرجع (3) من مكة حتى ماتت. (4)

التاسع عشر ومائة علمه - عليه السلام - بما في النفس 2087 / 157 - ثاقب المناقب: عن خالد بن نجيح، قال: دخلت على أبي الحسن الاول - عليه السلام - وهو [ في ] (5) عرصة داره، وهو يومئذ بالرملة، فلما نظرت [ إليه ] (6) قلت في نفسي: بأبي وامي مظلوم مغصوب مضطهد، ثم دنوت فقبلت [ ما ] (7) بين عينيه، ثم جلست بين يديه، فالتفت إلي وقال: يا خالد، نحن أعلم بهذا الامر، فلا تضمر في نفسك هذا. فقلت: والله ما أردت بهذا شيئا. فقال: نحن أعلم بهذا الامر من غيرنا، لو أردنا لزف إلينا، وإن لهؤلاء


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: أشتري. (2) من المصدر. (3) في المصدر: أخرج. (4) الثاقب في المناقب: 435 ح 6. ورواه في بصائر الدرجات: 263 ح 4، عنه البحار: 48 / 53 ح 1، وعوالم العلوم: 21 / 104 ح 11. وأخرجه في إثبات الهداة: 3 / 188 ح 49 عن البصائر وكشف الغمة: 2 / 243 نحوه. (5 - 7) من المصدر.


[ 435 ]

القوم مدة وغاية لابد من الانتهاء إليها. فقلت: لا أعود أضمر (1) في نفسي شيئا بعد هذا، فقال: لاتعد أبدا. (2)

العشرون ومائة الجواب قبل السؤال 2088 / 158 - ثاقب المناقب: عن علي بن يقطين [ قال: ] (3) أردت أن أكتب إلى أبي الحسن موسى (4) - عليه السلام -: أيتنور الرجل وهو جنب ؟ فكتب إلي أشياء ابتداء منه، أولها: النورة تزيد الرجل نظافة، ولكن لا يجامع الرجل وهو مختضب، ولا تجامع المرأة وهي مختضبة (5). (6)


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: أظن. (2) الثاقب في المناقب: 437 ح 1. وقد تقدم مع تخريجاته في المعجزة: 13 عن دلائل الامامة. (3) من المصدر. (4) في المصدر: أبي الحسن الاول. (5) في المصدر: ولا يجامع امرأة مختضبة. (6) الثاقب في المناقب: 438 ح 3. وأخرجه في البحار: 48 / 51 ح 45 و 46، وعوالم العلوم: 21 / 91 ح 5 عن بصائر الدرجات: 251 ح 3، والخرائج والجرائح: 2 / 652 ح 4. وفي الوسائل: 1 / 499 ح 3 عن التهذيب: 1 / 377 ح 22 والخرائج. وفي إثبات الهداة: 3 / 178 ح 23 عن التهذيب والبصائر. وللحديث تخريجات اخرى من أرادها فليراجع العوالم.


[ 436 ]

 

الحادي والعشرون ومائة علمه - عليه السلام - بالغائب 2089 / 159 - ثاقب المناقب: عن الاصبغ بن موسى، قال: بعث معي رجل من أصحابنا إلى أبي الحسن موسى - عليه السلام - بمائة دينار، وكان معي بضاعة لنفسي، فلما دخلت المدينة صببت علي ماء، وغسلت بضاعتي وبضاعة الرجل، وذررت عليها مسكا، ثم [ إني ] (1) عددت بضاعة الرجل فوجدتها تسعة وتسعين دينارا، فأخذت دينارا من دنانير لي اخرى فغسلته وذررت عليه مسكا (2)، وأعدتها في الصرة كما كانت، ثم دخلت عليه في الليل، فقلت له: جعلت فداك، إن معي شيئا أتقرب به إلى الله. فقال: هات، فلما ناولته الصرة، [ قال: فضها، ففضضتها ] (3)، ثم قلت: إن فلانا مولاك بعث إليك [ معي ] (4) بشئ، فلما أن ناولته ونثرتها بين يديه أخرج ديناري من بينها، ثم قال: إنما بعث إلينا وزنا لا عددا. (5)


(1) من المصدر. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: تسعة وتسعين دينارا، فزدت عليها دينارا من دنانير اخرى وغسلتها وذررت عليها مسكا. (3 و 4) من المصدر. (5) الثاقب في المناقب: 447 ح 1. وأخرجه في البحار: 48 / 32، وإثبات الهداة: 3 / 204 ح 103، وعوالم العلوم: 21 / 77 ح 2 عن كشف الغمة: 2 / 244.


[ 437 ]

 

الثاني والعشرون ومائة خبر الطير الذي أتى بالصورة من البحر المكفوف 2090 / 160 - صاحب ثاقب المناقب: قال: وجدت في بعض كتب أصحابنا - رضي الله عنهم - أنه [ كان ] (1) للرشيد باز أبيض، يحبه حبا شديدا، فطار في بعض متصيداته حتى غاب عن أعينهم، فأمر الرشيد بأن يضرب له قبة، ونزل تحتها، وحلف أن (2) لا يبرح من موضعه أو يجيئوا إليه بالباز، وأقام بالموضع، وأنفذ وجوه العسكر، وخرج الامراء [ والاقواد ] (3) في طلبه على مسيرة يوم واثنين وثلاثة (4). فلما كان في اليوم الثاني آخر النهار نزل البازي عليه في يده حيوان يتحرك، ويلمع كما يلمع السيف في الشمس، فأخذه من يده بالرفق، ورجع [ إلى ] (5) داره فطرحه في طست ذهب، ودعا الاشراف والاطباء والحكماء والفقهاء والقضاة والحكام، فقال: هل فيكم من رأى مثل هذه الصورة قط ؟ فقالوا: ما رأينا مثلها قط، ولا ندري ما هي. قال: كيف لنا بعلمها ؟


(1) من المصدر. (2) في المصدر: أنه. (3) من المصدر، وفيه " وسرح " بدل " وخرج ". (4) في المصدر: يوم أو يومين وثلاثة. (5) من المصدر.


[ 438 ]

فقال له ابن أكثم القاضي وأبو يوسف [ يعقوب ] (1) القاضي: مالك غير إمام الروافض موسى بن جعفر، إليه تبعث وتحضر جماعة من الروافض، وتسأله عنها، فإن علم كان معرفتها لنا فائدة، وإن لم يعلم افتضح عند أصحابه الذين عندهم أنه يعلم الغيب، وينظر في السماء إلى الملائكة. فقال: هذا وتربة المهدي نعم الرأي، وبعث إلى أبي الحسن - عليه السلام - وسأله أن يحضر المجلس الساعة ومن عنده من الروافض (2). فحضر أبو الحسن - عليه السلام - وجماعة من الشيعة معه، فقال: يا أبا الحسن إنما أحضرتك شوقا إليك. فقال: دعني من شوقك، ألا إن الله تعالى خلق بين السماء والارض بحرا مكفوفا عذبا زلالا، كف [ الموج ] (3) بعضه على بعض من جوانبه لئلا يطغى على خزنته فينزل منه مكيال فيهلك ما تحته، وطوله أربعة فراسخ في أربعة فراسخ من فراسخ الملائكة، الفرسخ مسيرة مائتي عام للراكب المجد يحف به الصافون (4) المسجون من الملائكة الذين قال الله تعالى [ وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ] (5) وخلق له سكانا أشخاصا على عمل السمك صغارا وكبارا، فأكبر ما فيه من هذه


(1) من المصدر. (2) في المصدر: نعم الرأي وأخلف أبي الحسن - عليه السلام - واسألوه أن يحضر المجلس الساعة ومن عنده من أصحابه، وبعثوا خلف فلان وفلان من أصحاب الروافض. (3) من المصدر. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: للراكب بحفافة الصافون. (5) سورة الصافات: 165 و 166.


[ 439 ]

الصورة شبرا، وله رأس كرأس الآدمي (1)، وله أنف واذنان وعينان، والذكور [ منها ] (2) له سواد في وجهه مثل اللحى، والاناث لها شعور على رأسها كما للنساء (3)، ولها أجساد كأجساد (4) السمك، وفلوس مثل فلوس السمك، وبطون مثل بطونها، ومواضع الاجنحة [ منها ] (5) مثل أكف وأرجل مثل أيدي الناس وأرجلهم، تلمع لمعانا عظيما لانها متبرجة بالانوار، تغشي الناظر [ إليها ] (6) حتى يرد طرفه حسيرا، غداؤها التقديس (7) والتهليل والتكبير، فإذا قصر أحدها (8) في التسبيح سلط الله عليها البزاة البيض، فأكلتها وجعلت رزقها، وما يحل لك أن تأخذ من هذا البازي رزقه الذي بعثه الله إليه ليأكله. فقال الرشيد: أخرجوا الطست، فأخرجوه، فنظر إليها فما أخطأ مما قال أبو الحسن موسى - عليه السلام - شيئا، ثم انصرف، فطرحها الرشيد للبازي فقطعها وأكلها، فما نقط لها دم، ولا سقط منها شئ، فقال الرشيد لجماعة الهاشميين ومن حضر: أترانا لو حدثنا بهذا كنا (9) نصدق ؟ ! (10) (1) كذا في المصدر، وفي الاصل: شبر وكسر ورأس مثل رأس الآدمي. (2) من المصدر. (3) في المصدر: مثل النساء. (4) في المصدر: مثل أجساد. (5 و 6) من المصدر. (7) كذا في المصدر، وفي الاصل: حتى يزدجر اتخذوها للتقديس. (8) في المصدر: أحدهما. (9) كذا في المصدر، وفي الاصل: لجماعة الهاشميين: إنا لو حدثنا بهذا لكنا. (10) الثاقب في المناقب: 447 ح 2.

[ 440 ]

 

الثالث والعشرون ومائة علمه - عليه السلام - بما يكون 2091 / 161 - ثاقب المناقب: عن مرازم، قال: حضرت باب الرشيد أنا و عبد الحميد الطائي ومحمد بن حكيم وأدخل عبد الحميد فما لبثنا أن طرح برأسه وحده، فتغيرت ألواننا وقلنا: قد وقع الامر. فلما دخلت عليه وجدته مغضبا، والسياف قائم بين يديه، وبيده سيفه، وخلفه علوي (1)، فعلمت أنه قد فعل بنا ذلك، فقلت: اتق الله يا أمير المؤمنين في دمي، فإنه لا يحل لك إلا بحجة (2)، ولا تسمع فينا قول هذا الفاسق. فقال العلوي: أتفسقني وقد كنت بالمدينة تلقمني الفالوذج بيدك محبة لي ؟ فقال الرشيد بحيث لم يسمع هو: إذا عرفت حقه. فقلت: يا أمير المؤمنين [ انشدك الله ] (3) إلا قلت لهذا: ألست كنت أبيع دارا بالمدينة لي فطلب مني أن أبيعها منه، ثم إنه استشفع في ذلك بموسى بن جعفر - عليه السلام - فما قبلت ولا شفعته فيه، وبعته من غيره ؟ فسأله: أكذلك ؟ قال: نعم. فقال له: قم (4)، قبحك الله، تقول إنه يقول بربوبية موسى بن


(1) في المصدر: وبيده سيف مصلت، ورأيت خلفه علويا. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: بحجة الله. (3) من المصدر. (4) في المصدر: فقال: قم.


[ 441 ]

جعفر - عليه السلام - ثم تقول إنه لم يقبل شفاعته في بيع دار مني ؟ ! ثم أقبل علي وقال: ارجع راشدا، فخرجت وأخذت بيد صاحبي وقلت: امض، فقد خلصنا الله تعالى، ورحم الله (1) عبد الحميد، وحكيت [ له ] (2) ما جرى، فقال لي: وما منعك من قبول شفاعة أبي الحسن - عليه السلام - ؟ قلت له: هو أمرني بذلك، وقال لي: إن استشفع بي إليك (3) فلا تقبل شفاعتي. (4)

الرابع والعشرون ومائة علمه - عليه السلام - بالغائب 2092 / 162 - ثاقب المناقب: عن إسماعيل بن سلام وأبي حميد (5)، قالا: بعث إلينا علي بن يقطين وقال: اشتريا راحلتين (6)، وتجبنا الطريق، ودفع إلينا مالا وكتبا حتى توصلا ما معكما من المال والكتب إلى أبي الحسن - عليه السلام -، ولا يعلم بكما أحد. قالا: فأتينا الكوفة واشترينا راحلتين، وتزودنا زادا، وخرجنا نتجنب الطريق حتى إذا صرنا ببطن البرية شددنا راحلتينا، ووضعنا العلف لهما، وقعدنا نأكل، فبينا نحن كذلك إذا راكب (7) قد أقبل ومعه


(1) لفظ الجلالة من المصدر. (2) من المصدر. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: وقال: استشفع إليك. (4) الثاقب في المناقب: 453 ح 5. (5) كذا في المصدر، وفي الاصل: جميلة. (6) كذا في المصدر، وفي الاصل: ناقتين. (7) في المصدر: إذ رأينا راكبا.


[ 442 ]

شاكري (1)، فلما قرب فإذا هو أبو الحسن - عليه السلام - فقمنا إليه وسلمنا عليه، ودفعنا إليه الكتب، وما كان معنا، فأخرج من كمه كتابا فناولنا إياه وقال: هذا جواب (2) كتبكم، فقلنا (3): زادنا [ قد ] (4) فني، فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة وزرنا رسول الله - صلى الله عليه وآله - وتزودنا زادا. فقال: هاتا ما معكما من الزاد، فأخرجنا الزاد إليه فقلبه بيده [ الشريفة ] (5) فقال: هذا يبلغكما الكوفة، وأما زيارة رسول الله - صلى الله عليه وآله - فقد زرتماه، إني صليت معهم الفجر، وأنا اريد أن اصلي معهم الظهر، انصرفا في حفظ الله. (6)

الخامس والعشرون ومائة إخراج السوار من ماء الهور 2093 / 163 - ثاقب المناقب: عن إسحاق بن أبي عبد الله، قال: كنت مع أبي الحسن موسى - عليه السلام - حين قدم من البصرة، فبينا نحن نسير في البطائح في هول رياح إذ سايرنا (7) قوم في السفينة، فسمعنا


(1) الشاكري: الاجير والمستخدم. (2) في المصدر: فناولها إيانا، وقال: هذه جوابات. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: فقلت. (4 و 5) من المصدر. (6) الثاقب في المناقب: 457 ح 3. وأخرجه في البحار: 48 / 34 - 35 ح 5 و 6، وعوالم العلوم: 21 / 130 ح 1 عن رجال الكشي: 436 - 437 ح 821 و 822 مثله، وعن الخرائج والجرائح: 1 / 327 ح 20 نحوه. وفي إثبات الهداة: 3 / 205 ح 106 عن كشف الغمة: 1 / 249 نقلا من الخرائج وعن رجال الكشي. (7) كذا في المصدر، وفي الاصل: ابتدرنا.


[ 443 ]

لهم جلبة (1)، فقال - عليه السلام -: ما هذا ؟ فقيل: عروس تهدى إلى زوجها [ قال: ] (2) ثم مكثنا ما شاء الله تعالى، فسمعنا صراخا وصيحة، فقال - عليه السلام - ما هذا ؟ فقيل: العروس أرادت تغرف ماء فوقع سوارها في الماء، فقال: احبسوا وقولوا لملاحهم يحبس فحبسنا وحبس ملاحهم (3) فجلس ووضع أبو الحسن - عليه السلام - صدره على السفينة وتكلم بكلام خفي، وقال للملاح: انزل، فنزل الملاح بفوطة، فلم يزل في الماء نصف ساعة وبعض ساعة فإذا (4) هو بسوارها فأخرجه (5). فلما أخرج الملاح السوار قال له إسحاق أخوه: جعلت فداك، الدعاء الذي قلت أخبرنا به. فقال له: استره إلا ممن تثق به، ثم قال: يا سابق كل فوت، ويا سامع كل صوت، ويا بارئ النفوس بعد الموت، يا كاسي العظام لحما بعد الفوت (6)، ويا من لا تغشاه الظلمات الحندسية، ولا تتشابه [ عليه ] (7) الاصوات المختلفة، ويا من لا يشغله شأن عن شأن، يا من له عند كل شئ من خلقه سمع حاضر، وبصر نافذ، لا يغلطه كثرة المسائل، ولا يبرمه إلحاح الملحين، يا حي حين لا حي في ديموته ملكه وبقائه، يا من


(1) الجلبة: الصوت. (2) من المصدر. (3) كذا في سائر المصادر، وفي الاصل والمصدر: فقال: من ملاحنا يحبس وملاحهم. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: فلم يزل في الماء نصف ساقه فإذا. (5) في المصدر: فجاء به. (6) في المصدر: الموت. (7) من المصدر.


[ 444 ]

سكن العلا واحتجب عن خلقه بنوره، يا من أشرق بنوره دياجي الظلم أسألك باسمك الواحد الاحد الفرد الوتر الصمد أن تصلي على محمد وآل محمد الطيبين الاخيار (1). (2)

السادس والعشرون ومائة خبر هند بن الحجاج 2094 / 164 - ثاقب المناقب: عن بشار مولى السندي بن شاهك، قال: كنت من أشد الناس بغضا لآل محمد، فدعاني السندي يوما وقال: يا بشار، إني اريد أن أئتمنك على ما ائتمنني هارون، قلت: إذا لا أبقي فيه غاية. قال: هنا (3) موسى بن جعفر قد دفعه إلي وقد دفعته ووكلتك بحفظه، فجعلته (4) في دار لي في جوف دور، وكنت أقفل عليه عدة أقفال، فإذا مضيت في حاجة وكلت امرأتي بالباب، فما (5) تفارقه حتى أرجع. قال بشار: فحول الله (6) ما كان في قلبي من البغض حبا.


(1) في المصدر: الطاهرين. (2) الثاقب في المناقب: 459 ح 5. وأخرج نحوه في البحار: 48 / 29 ح 2، وج 95 / 160 ح 13، وإثبات الهداة: 3 / 203 ح 97، وعوالم العلوم: 21 / 164 ح 1 عن كشف الغمة: 2 / 239. (3) في المصدر: هذا. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: دفعه إلي لا إلى وقت وكلتك بحفظه فاجعله. (5) في المصدر: لا. (6) لفظ الجلالة من المصدر.


[ 445 ]

قال: فدعاني - عليه السلام - يوما فقال: يا بشار أحضر إلى (1) سجن القنطرة وادع لي هند بن الحجاج، وقل له: أبو الحسن يأمرك بالمصير إليه، فإنه يستهزئ بك ويصيح (2) عليك، فإذا فعل ذلك فقل: إني قد قلت وأبلغت رسالته، فإن شئت فافعل، وإن شئت لا تفعل، واتركه وانصرف. قال: ففعلت ما أمرني به، وأقفلت الابواب كما كنت أفعل (3)، وأقعدت امرأتي على الباب، وقلت: لا تبرحي حتى آتيك، وقصدت إلى سجن القنطرة، ودخلت على هند بن الحجاج وقلت له: أبو الحسن - عليه السلام - يأمرك بالمصير إليه [ فصاح علي وانتهرني، فقلت له: ] (4) قد أبلغتك فإن شئت فافعل، وإن شئت لا تفعل، فانصرفت وتركته، وجئت إلى أبي الحسن - عليه السلام -، فوجدت امرأتي جالسة (5) على الباب، والابواب مغلقة، فما زلت (6) أفتح واحدا بعد واحد حتى وصلت إليه، فأعلمته الخبر. فقال: نعم قد جاءني وانصرف، فخرجت إلى امرأتي وقلت لها: هل جاء أحد بعدي فدخل هذا الباب ؟ فقالت: لا، والله، ما فارقت الباب، ولا فتحت [ الاقفال ] (7) حتى


(1) في المصدر: في. (2) في المصدر: فإنه ينتهرك ويصيح. (3) في المصدر: أقفل. (4) من المصدر. (5) في المصدر: قاعدة. (6) في المصدر: فلم أزل. (7) من المصدر.


[ 446 ]

جئت. قال: وروى علي بن محمد بن الحسن الانباري أخو صندل، قال: بلغني (1) من جهة اخرى أنه لما صار إليه هند بن الحجاج قال له العبد الصالح - عليه السلام - [ عند انصرافه ] (2): إن شئت رجعت إلى موضعك ولك الجنة، وإن شئت انصرفت إلى منزلك. فقال: إلى موضعي، إلى السجن. (3)

السابع والعشرون ومائة إخباره - عليه السلام - بالغائب 2095 / 165 - ثاقب المناقب: عن إسحاق بن عمار، قال: كان رجل من موالي (4) أبي الحسن - عليه السلام - لي صديقا قال: خرجت من منزلي يوما فإذا أنا بامرأة حسناء جميلة ومعها اخرى فتبعتها، فقلت [ لها ] (5): تمتعيني نفسك ؟ فالتفتت إلي وقالت: إن كان [ لنا ] (6) عندك حسن فليس فينا مطمع، وإن لم يكن [ لك ] (7) زوجة فامض بنا. فقلت لها: ليس عندنا، فانطلقت معي حتى صرنا إلى باب المنزل فدخلت، فلما أن خلعت [ فردة ] (8) خفها وبقي الخف الآخر تنزعها إذا


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: علي بن محمد الانباري بلغني. (2) من المصدر. (3) الثاقب في المناقب: 460 - 461 ح 6 و 7. وأخرجه في البحار: 48 / 241 ح 49، وإثبات الهداة: 3 / 207 ح 111، وعوالم العلوم: 21 / 439 ح 3 عن رجال الكشي: 438 ح 827. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: قال عن مولى. (5 - 8) من المصدر.


[ 447 ]

بقارع يقرع الباب، فخرجت إليه، وإذا أنا بموفق (1)، فقلت له: ما وراءك ؟ قال: خير، يقول لك أبو الحسن - عليه السلام: أخرج هذه المرأة من البيت، ولا تمسها، فدخلت وقلت لها: البسي خفيك يا هذه واخرجي، فلبست خفيها وخرجت، فنظرت إلى الموفق بالباب، فقال: سد الباب، فسددته، فوالله ما جاوزت غير بعيد وأنا وراء الباب أسمع حتى أتاها رجل وقال [ لها ] (2): مالك خرجت سريعا ؟ وما لبثت إلا قليلا ؟ قالت: إن رسول الساحر جاء فأمره أن يخرجني، [ فأخرجني ] (3) فسمعته يقول: آه له، فإذا القوم قد طمعوا في مال عندي. فلما كان العشاء عدت إلى أبي الحسن - عليه السلام - فقال: يا فلان، تلك المرأة من [ امية ] (4)، أهل بيت اللعنة، إنهم كانوا بعثوها ليأخذوا ما بقي في بيتك، ومنزلك (5)، فالحمد لله الذي صرفها عنك. ثم قال أبو الحسن - عليه السلام - تزوج بابنة فلان - وهو مولى أبي أيوب الانصاري - فإن له بنتا قد جمعت كل ما تريد من أمر الدنيا والآخرة، فتزوجها (6)، فكانت كما قال - عليه السلام -. (7)

الثامن والعشرون ومائة خبره - عليه السلام - مع المسيب 2096 / 166 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: حدثنا أبو


(1) في المصدر: فإذا هو موفق. (2 - 4) من المصدر. (5) كذا في المصدر، وفي الاصل: ليأخذوا ما في يدك. (6) في المصدر: فتزوجتها. (7) الثاقب في المناقب: 463 ح 11.


[ 448 ]

المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا جعفر بن مالك الفزاري، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الحسني، عن أبي محمد الحسن بن علي الثاني - عليه السلام - قال: إن موسى - عليه السلام - قبل وفاته بثلاثة أيام دعا المسيب وقال له: إني ظاعن عنك في هذه الليلة إلى مدينة جدي رسول الله - صلى الله عليه وآله - لاعهد إلى من بها عهدا أن يعمل به بعدي. قال المسيب: قلت: مولاي، وكيف تأمرني والحرس والابواب كيف أفتح لك الابواب والحرس معي على الابواب وأقفالها ؟ فقال: يا مسيب، ضعفت نفسك في الله وفينا. قلت: يا سيدي بين لي. فقال: يا مسيب، إذا مضى من هذه الليلة المقبلة ثلثها فقف فانظر. قال المسيب: فحرمت على نفسي الاضطجاع في تلك الليلة فلم أزل راكعا وساجدا وناظرا ما وعدنيه، فلما مضى [ من ] (1) الليل ثلثه فغشاني النعاس وأنا جالس فإذا أنا بسيدي [ ومولاي ] (2) - عليه السلام - يحركني برجله، ففزعت وقمت قائما فإذا بتلك الجدران المشيدة، والابنية المعلاة (3) وما حولنا من القصور والابنية قد صارت كلها أرضا، والدنيا من حولنا من القصور والابنية المعلاة والارض، فظننت بمولاي انه أخرجني من المحبس (4) الذي كان فيه قلت: مولاي خذ بيدي من ظالمك وظالمي. فقال: يا مسيب، تخاف القتل ؟


(1 و 2) من المصدر. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: والابنية المعلاة والارض. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: المجلس. وكذا في الموضع الآتي.


[ 449 ]

قلت: مولاي، معك لا. فقال: يا مسيب، فاهدأ على حالتك فإنني راجع إليك بعد ساعة واحدة، وإذا وليت عنك فسيعود المحبس إلى شأنه. قلت: يا مولاي، والحديد الذي عليك كيف تصنع به ؟ فقال: [ ويحك ] (1) يا مسيب، بنا والله ألان (2) الحديد لنبيه داود - عليه السلام -، كيف يصعب علينا الحديد ؟ قال المسيب: ثم خطا فمر بين يدي خطوة، ولم أدر كيف غاب عن بصري، ثم ارتفع البنيان وعادت القصور على ما كانت عليه، واشتد اهتمام نفسي، وعلمت أن وعده الحق، فلم أزل قائما على قدمي فلم ينقص إلا ساعة كما حده لي حتى رأيت الجدران والابنية قد خرت إلى الارض سجدا، وإذا أنا بسيدي - عليه السلام - قد عاد إلى حبسه، وعاد الحديد إلى رجليه، فخررت ساجدا لوجهي بين يديه، فقال لي: ارفع رأسك يا مسيب، واعلم أن سيدك راحل عنك إلى الله في ثالث هذا اليوم الماضي. فقلت: مولاي، وأين سيدي علي ؟ فقال: شاهد غير غائب (يا مسيب) (3)، وحاضر غير بعيد يسمع ويرى. قلت: يا سيدي، فإليه قصدت. قال: قصدت والله يا مسيب كل منتجب لله على وجه الارض شرقا


(1) من المصدر. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: ألان الله. (3) ليس في المصدر.


[ 450 ]

وغربا حتى محبي الجن في البوادي (1) والبحار، وحتى الملائكة في مقاماتهم وصفوفهم. قال: فبكيت. قال: لا تبك يا مسيب أنا نور لا يطفا إن غبت عنك، فهذا علي يقوم مقامي بعدي، هو أنا. فقلت: الحمد لله. (قال:) (2) ثم ان سيدي في ليلة اليوم الثالث دعاني وقال لي: يا مسيب، إن سيدك يصبح من ليلة يومه على ما عرفتك من الرحيل إلى الله تعالى، فإذا أنا دعوت بشربة ماء فشربتها فرأيتني قد انتفخ بطني يا مسيب واصفر لوني واحمر واخضر وتلون ألوانا فخبر الظالم بوفاتي، وإياك بهذا الحديث (3) أن تظهر عليه أحدا من عندي إلا بعد وفاتي. قال المسيب: فلم أزل أترقب وعده حتى دعا بشربة الماء فشربها، ثم دعاني فقال: إن هذا الرجس السندي بن شاهك سيقول انه يتولى أمري ودفني، وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبدا، فإذا حملت نعشي إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها، ولا تعلوا على قبري علوا واحدا، ولا تأخذوا من تربتي لتتبركوا بها، فإن كل تربة [ لنا ] (4) محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي - عليه السلام - فإن الله جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا.


(1) في المصدر: البراري. (2) ليس في المصدر. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: وإياك إذا رأيت بي هذا الحديث. (4) من المصدر.


[ 451 ]

قال: فلما رأيته تختلف ألوانه، وينتفخ بطنه، ثم قال: رأيت شخصا أشبه الاشخاص به جالسا إلى جانبه في مثله يشبهه، وكان عهدي بسيدي الرضا - عليه السلام - في ذلك الوقت غلاما، فأقبلت اريد سؤاله، فصاح بي سيدي موسى - عليه السلام -: قد نهيتك يا مسيب، [ فتوليت عنهم ] (1) ولم أزل صابرا حتى قضى وعاد ذلك الشخص، ثم أوصلت الخبر إلى الرشيد، فوافى الرشيد وابن شاهك، فوالله لقد رأيتهم بعيني [ وهم ] (2) يظنون أنهم يغسلونه ويحنطونه ويكفنونه، وكل ذلك أراهم لا يصنعون به شيئا، ولا تصل أيديهم إلى شئ [ منه ] (3) ولا إليه وهو مغسول مكفن محنط، ثم حمل ودفن بمقابر قريش، ولم يعل على قبره إلى الساعة. وبقي في الحديث ما لم يحسن ذكره مما فعله الرشيد. كذا وجدت الحكاية. ثم ذكر بعد ذلك الكلبة التي للرشيد التي أعطاها الامام - عليه السلام - الرطبة المسمومة فماتت، وكل ذلك قد تقدم، والحمد لله رب العالمين. (4)

التاسع والعشرون ومائة علمه - عليه السلام - بالغائب 2097 / 167 - تفسير الامام أبي محمد العسكري - عليه السلام -: قال: قال موسى بن جعفر - عليه السلام - وقد حضره فقير مؤمن يسأله سد فاقته،


(1 - 3) من المصدر. (4) دلائل الامامة: 152 - 154.


[ 452 ]

فضحك في وجهه وقال: أسألك مسألة، فإن أصبتها أعطيتك عشرة أضعاف ما طلبت، وإن لم تصبها أعطيتك ما طلبت، وكان قد طلب منه مائة درهم يضعها (1) في بضاعة يتعيش بها، فقال الرجل: اسأل. فقال موسى - عليه السلام -: لو جعل إليك التمني لنفسك في الدنيا ماذا (2) كنت تتمنى ؟ قال: كنت أتمنى أن ارزق التقية في ديني، وقضاء حقوق إخواني. قال: فما لك (3) لم تسأل الولاية لنا أهل البيت ؟ قال: ذلك قد اعطيته، وهذا لم اعطه (4)، فأنا أشكر الله تعالى على (5) ما اعطيت وأسأل ربي عزوجل ما منعت. فقال: أحسنت أعطوه ألفي درهم، وقال: اصرفها في كذا - يعني [ في ] (6) العفص، فإنه متاع يا بس، وسيقبل بعد ما أدبر، فانتظر به سنة، واختلف إلى دارنا وخذ الاجر (7) في كل يوم، ففعل، فلما تمت له سنة إذ قد زاد في ثمن العفص للواحد خمسة عشر، فباع ما كان اشترى بألفي درهم بثلاثين ألف درهم. (8)


(1) في المصدر والبحار: يجعلها. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: في نفسك ماذا. (3) في المصدر: فما بالك. (4) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: نعطه. (5) في المصدر والبحار: أشكر على. (6) من البحار. والعفص: حمل شجرة البلوط، وهو دواء قابض مجفف، يدبغ به ويتخذ منه الحبر. (7) في المصدر والبحار: الاجراء. (8) التفسير المنسوب إلى الامام العسكري - عليه السلام -: 322 ح 169، عنه البحار: 75 / 415 ح 68 (قطعة)، والوسائل: 11 / 474 ح 9 (قطعة)، وج 12 / 312 ح 3 (مختصرا)، وحلية =


[ 453 ]

 

الثلاثون ومائة أنه - عليه السلام - حي بعد الموت 2098 / 168 - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الاسناد: عن معاوية بن حكيم، عن الحسن بن علي بن بنت إلياس، عن أبي الحسن الرضا - عليه السلام - قال: قال لي ابتداء: إن أبي كان عندي البارحة. قلت: أبوك ؟ قال: أبي. قلت: أبوك ؟ قال: أبي. قلت: أبوك ؟ (1) قال: في المنام، إن جعفرا كان يجئ إلى أبي فيقول: يا بني، افعل كذا، يا بني افعل كذا. قال: فدخلت عليه بعد ذلك، فقال لي: يا حسن، إن منامنا (2) ويقظتنا واحدة. (3)


= الابرار: 2 / 259. (1) كذا في المصدر والبحار، وزاد في الاصل: قال: أبي. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: فقال: يا حسن، منامنا. (3) قرب الاسناد: 151، عنه البحار: 27 / 302 ح 1، وج 49 / 87 ح 4، وج 61 / 239 ح 3، وعوالم العلوم: 22 / 159 ح 1 وعن كشف الغمة: 2 / 303. ويأتي في ج 7 / 99.


[ 454 ]

 

الحادي والثلاثون ومائة علمه - عليه السلام - بما يكون من قتل الرضا - عليه السلام - بالسم، وقبره إلى جنب هارون 2099 / 169 - ابن بابويه: قال: حدثنا أحمد بن هارون القاضي (1) - رضي الله عنه -، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة - رضي الله عنه -، قال: حدثني محمد بن علي بن محبوب، عن إبراهيم بن هاشم، عن سليمان بن حفص المروزي، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر - عليهما السلام - يقول: إن ابني عليا مقتول بالسم ظلما، ومدفون إلى جنب هارون بطوس، من زاره كمن زار رسول الله - صلى الله عليه وآله -. (2) 2100 / 170 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارات: قال: حدثني أبي - رحمه الله -، عن سعد - يعني سعد بن عبد الله القمي -، عن إبراهيم بن الزيات، قال: حدثني يحيى بن الحسين الحسيني، قال: حدثني علي بن عبد الله بن قطرب (3)، عن أبي الحسن موسى بن جعفر - عليهما السلام - قال: مر به ابنه وهو شاب حدث وبنوه مجتمعون عنده، فقال: إن ابني هذا يموت في أرض غربة، فمن زاره مسلما لامره، عارفا بحقه كان عند الله عزوجل كشهداء بدر. (4)


(1) في المصدر والبحار: الفامي. (2) عيون أخبار الرضا - عليه السلام -: 2 / 260 ح 23، عنه الوسائل: 10 / 438 ح 20، وإثبات الهداة: 3 / 184 ح 35، والبحار: 102 / 38 ح 32. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: يحيى بن الحسن الحسيني، قال: حدثني علي بن يقطين، عن عبد الله بن قطرب. (4) كامل الزيارات: 304 ح 5، عنه البحار: 102 / 41 ح 43، وإثبات الهداة: 3 / 200 ح 93.


[ 455 ]

 

الثاني والثلاثون ومائة خبره - عليه السلام - مع صفوان الجمال 2101 / 171 - الحسين بن حمدان الحضيني في هدايته: بإسناده عن صفوان بن مهران جمال أبي عبد الله - عليه السلام -، قال: أمرني أبو عبد الله - عليه السلام - أن اقدم ناقته الشعلاء إلى باب الدار، وأضع عليها رحلها، ففعلت ووقفت أفتقد أمره، فإذا أنا بأبي الحسن موسى - عليه السلام - قد خرج مسرعا وله في ذلك الوقت ست سنين، مشتملا ببردة يمانية، وذؤابته تضرب [ بين ] (1) كتفيه حتى استوى على (2) ظهر الناقة فأثارها، فلم أجسر على منعه من ركوبها وهبته، فغاب عن نظري، فقلت: إنا لله [ وإنا إليه راجعون ] (3)، ما أقول لسيدي أبي عبد الله - عليه السلام -، إذا (4) خرج لركوب الناقة، وبقيت متململا حتى مضت (5) ساعة فإذا أنا بالناقة قد انحطت كأنها كانت في السماء، فانقضت إلى الارض وهي ترفض عرقا جاريا، ونزل عنها أبو الحسن موسى - عليه السلام - فدخل الدار، ثم خرج (6) الخادم إلي فقال: يا صفوان، إن مولاك يأمرك أن تحط عن الناقة رحلها، وتردها إلى مربطها. فقلت: الحمد لله أرجو أن لا الام على ركوبه إياها، ففعلت ذلك


(1) من المصدر. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: في. (3) من المصدر. (4) في المصدر: إن. (5) كذا في المصدر، وفي الاصل: نمت. (6) كذا في المصدر، وفي الاصل: فخرج.


[ 456 ]

ووقفت في (1) الباب، فأذن لي بالدخول على سيدي أبي عبد الله - عليه السلام - فقال [ لي ] (2): يا صفوان، لا لوم عليك فيما أمرتك به من إحضار الناقة وإصلاح رحلها عليها، وما ذاك إلا ليركبها أبو الحسن موسى - عليه السلام - فهل علمت يا صفوان أين بلغ (3) عليها في مقدار هذه الساعة ؟ فقلت: الله [ ورسوله ] (4) وأنت أعلم يا مولاي. قال - عليه السلام -: بلغ ما بلغه القرنين وجاوزه أضعافا مضاعفة، فشاهد كل مؤمن ومؤمنة، وعرفه نفسه، وبلغه سلامي، وعاد، فادخل عليه فإنه يخبرك بما كان في نفسك، وما قلت لك. قال صفوان: فدخلت على موسى - عليه السلام - وهو جالس، وبين يديه فاكهة ليست من فاكهة (5) الزمان والوقت، فقلت في نفسي: لا إله إلا الله، لا عجب من أمر الله. قال: نعم يا صفوان، لا إله إلا الله، لاعجب من أمر الله، قلت يا صفوان، عند ركوبي الناقة (6) إنا لله [ وإنا إليه راجعون ] (7) ما أقول لسيدي أبي عبد الله - عليه السلام - إذا (8) خرج ليركب الناقة فلم يجدها، وأردت


(1) في المصدر: على. (2) من المصدر. (3) في المصدر: ما بلغ. (4) من المصدر. (5) في المصدر: فواكه. (6) في المصدر: فقال: يا صفوان... قلت. (7) من المصدر، وفيه: " ماذا " بدل " ما ". (8) في المصدر: إن.


[ 457 ]

منعي من الركوب فلم تجسر، ولم تزل متململا حتى نزلت فخرج (1) إليك الامر بالحط عن الناقة، فقلت: الحمد لله أرجو أن لا الام على ركوبه إياها، وخرج إليك مغيث الخادم فأذن لك بالدخول فدخلت، فقال (2) لك أبي: يا صفوان، لا لوم (3) عليك، فهل علمت [ يا صفوان ] (4) ما بلغ موسى [ عليها ] (4) في مقدار هذه الساعة ؟ فقلت: الله وأنت أعلم، فقال لك: إني بلغت ما بلغه ذو القرنين وجاوزته أضعافا مضاعفة، وشاهدت كل مؤمن ومؤمنة، وعرفته نفسي، وأقرأته السلام عن أبي وقال (5): ادخل عليه فإنه يخبرك بما كان في نفسك، وما قلت لك و [ ما ] (6) قلت لي. قال صفوان: فسجدت لله شكرا فقلت له: يا مولاي، هذه الفاكهة التي بين يديك في غير أوانها يأكلها مثلي ؟ قال: نعم، إذا أكل منها من هو مثلك بعدي وبعد أبي أتاك منها رزقك، فخرجت من عنده، فقال لي مولاي أبو عبد الله - عليه السلام -: يا صفوان، ما زادك كلمة ولا نقصك كلمة ؟ قلت: لا والله يا مولاي ثم قال: كن (7) في دارك حتى آكل من الفاكهة (8) وأطعمه وأطعم إخوانك، ويأتيك رزقك منها كما وعدك


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: حتى خرج. (2) في المصدر: بالدخول فقال. (3) في المصدر - خ ل -: أن لالوم. (4 و 4) من المصدر. (5) في المصدر: ثم قال لك. (6) من المصدر، وفيه: " له " بدل " لي ". (7) كذا في المصدر، وفي الاصل: يا مولاي، قال لي: كن. (8) في المصدر: في دارك فإني آكل الفاكهة.


[ 458 ]

موسى، فقلت: [ ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ] (1). [ قال: ] (2) فمضيت إلى منزلي، فحضرت الصلاتان الظهر والعصر فصليتهما وإذا أنا بطبق من تلك الفاكهة بعينها، وقال لي الرسول: يقول لك مولاك: كل، فما تركنا وليا مثلك إلا أطعمناه على قدر استحقاقه. (3)

الثالث والثلاثون ومائة خبره - عليه السلام - مع الغيدة 2102 / 172 - روى الحضيني أيضا في حديث له: قال الرشيد: لكني أفعل فعلا إن تم لم يبق لي غيره في موسى، وكتب إلى عماله في الاطراف أن التمسوا إلي قوما غتما (4) لادين لهم، ولا يعرفون الله ولا رسوله، فاقدم عليه منهم طائفة، فلما نظر إليهم فإذا هم قوم يقال لهم الغيدة، وكانوا خمسين رجلا. قال علي بن أحمد البزاز: فلما قدموا عليه أمر أن ينزلوا في حجرة في (5) دار الرشيد، فجعل لهم هارون الكسي (6) والحلي والمال والجواهر والطيب والجواري والخدم ما لا يحل ذكره، وغدوا بأطيب الطعام، وسقوا أفضل الشراب، وادخلوا على الرشيد بعد ثلاثة أيام. فقال لترجمانهم: قل لهم: من ربكم ؟


(1) سورة آل عمران: 34. (2) من المصدر. (3) الهداية الكبرى: 56 (مخطوط). وقد تقدم ص 173 ح 355. (4) الغتم: جمع الاغتم. وهو من لا يفصح في كلامه. (5) في المصدر: من. (6) في المصدر: وحمل إليهم من الكساء.


[ 459 ]

قالوا: لا نعرف ربا، ولا ندري ما هذه الكلمة. فقال: قل لهم: من أنا ؟ فقالوا له: قل إنك ما شئت [ حتى نقول إنك هو، فقال لترجمانهم: قل لهم: أليس رأيتم ما فعلت بكم منذ قدمتم ؟ قالوا: بلى ] (1). فقال: أنا أقدر أن اجيعكم واعريكم وأقتلكم وأحرقكم بالنار. فقالوا: لا ندري ما تقول إلا [ أن ] (2) نطيعك ولو في قتل أنفسنا، وكان الرشيد قد مثل لهم صورة أبي الحسن - عليه السلام - حتى لو رآه من عرفه لحلف بالله إن ذلك المثال (3) أبو الحسن موسى - عليه السلام -. فأمر الرشيد فنصب لهم موائد وهو جالس، والخادم معه في مستشرف له وينقل (4) إليهم الطعام الذي لا يعقلونه، وخرجت عليهم (5) الجواري بالعيدان والنايات والطبول فوقفن صفوفا حولهم يغنين والكاسات تأخذهم من كل جانب، والخلع تطرح عليهم (6)، والاموال تنثر عليهم، فلما سكروا قال لترجمانهم: قل لهم: قوموا فخذوا سيوفكم وادخلوا على عدولي في هذه الحجرة فاقتلوه. وكان الرشيد قد أمر بذلك المثال فجعل في تلك الحجرة وقال:


(1 و 2) من المصدر. (3) في المصدر: صورة موسى بن جعفر - عليه السلام - حتى لو رأى من يعرفه يحلف بالله إن ذلك لمثال. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: معه مستشرف وينقل. (5) في المصدر: لا يعرفونه وخرجت إليهم. (6) في المصدر: إليهم.


[ 460 ]

إن كان هؤلاء (1) في معرفة موسى مثل البعر عر الذين عرفوا (2) صورة جعفر بن محمد عند جدي المنصور، فإذا رأوا صورته سيفعلون فعلهم، وإن لم يعرفوه فسيقتلون صورته، فإذا قتلوا صورته اليوم قتلوه هو غدا، فأخذوا سيوفهم ودخلوا الحجرة، فلما رأوا المثال تبادروا إليه (3) ووضعوا سيوفهم عليه فرضوه. فقال الرشيد: الحمد لله قتلت موسى بهؤلاء القوم بلا شك، فخلع عليهم خلعا اخرى، وحمل إليهم الاموال وردهم إلى دورهم، ولم يزل الرشيد يمثل لهم ذلك المثال سبع مرات وهم يقتلونه. فلما رأى ذلك منهم أمر بإحضار موسى - عليه السلام - وجعله في حجرة مثل تلك الحجرة على سبيل تلك التماثيل، ثم أحضر هم، وقال لترجمانهم: قل لهم: ما بقي لي عدو من أعدائي إلا واحد فاقتلوه، وقد سلمت إليكم المملكة، فأخذوا سيوفهم ودخلوا على أبي الحسن موسى - عليه السلام - والرشيد والخادم [ في ] (4) مستشرف له على تلك الحجرة يقول للخادم أين موسى ؟ قال: جالس في وسط الدار على بساط. قال: فماذا يصنع ؟ قال: مستقبل القبلة مادا يديه إلى السماء يحرك شفتيه.


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: هذا. (2) في المصدر: في معرفة البعر عن الدر عرفوا. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: عليه. (4) من المصدر.


[ 461 ]

فقال الرشيد: إنا لله ليته ما يكفى ما نريده [ به ] (1)، ثم قال للخادم: هل دخل القوم عليه ؟

[ 461 ]

فقال الرشيد: إنا لله ليته ما يكفى ما نريده [ به ] (1)، ثم قال للخادم: هل دخل القوم عليه ؟ قال: قد دخل أولهم ورمى بسيفه، ودخل جميعهم فرموا بسيوفهم، وخروا سجدا حوله، وهو يمر يده على رؤوسهم ويخاطبهم بمثل لغتهم، وهم يخاطبونه على وجوههم. قال: فغشي [ على ] (2) الرشيد وقال للخادم: خذ باب المستشرف الذي نحن فيه كي لا يأمرهم موسى بقتلنا، وقل لترجمانهم يقول (3) لهم: اخرجوا، وأقبل يتململ و [ هو ] (4) يقول: يا فضيحتاه كدت موسى كيدا فما نفعني فيه شئ، وصاح الخادم بترجمانهم: قل لهم [ إن ] (5) أمير المؤمنين يقول لكم: اخرجوا، فخرجوا مكتفين الايدي على ظهورهم، يمشون القهقرى حتى غابوا عنه، ثم جاؤا إلى منازلهم وأخذوا كل ما فيها، وركبوا من ساعتهم وخرجوا، فأمر الرشيد بترك التعرض لهم. قال علي بن أحمد: والله لقد تبعهم خلق كثير من شيعة أبي الحسن - عليه السلام - فما وجدوا لهم أثرا ولا علموا أي طريق أخذوا. (6) تمت معاجز أبي الحسن موسى بن جعفر - عليهما السلام - ويتلوه معاجز أبي الحسن الرضا - عليه السلام -. تم ولله الحمد المجلد السادس، ويليه المجلد السابع بإذنه تعالى


(1 و 2) من المصدر. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: حتى يقول. (4 و 5) من المصدر. (6) الهداية الكبرى: 57 (مخطوط)، عنه حلية الابرار: 4 / 273 ح 6.