كتاب مدينة المعاجز

الجزء السابع

 

 

 الحادى والاربعون: زوال الاذى ومسحه - عليه السلام - 2371 / 63 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: وروى العباس بن السندي الهمداني، عن بكر قال: قلت له: إن عمتى تشتكى من ريح بها. فقال: ائتنى بها (قال: فاتيته بها) (4) فدخلت عليه فقال لها مما تشكين ؟ قالت: [ من ] (5) ركبتي جعلت فداك. (قال:) (6) فمسح يده على ركبتها من وراء الثياب وتكلم بكلام (7) فخرجت ولا تجد شيئا من الوجع. (8) ثاقب المناقب: عن العباس بن السندي الهمداني، عن بكير قال:


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل فقال: لك. (2) من المصدر. (3) دلائل الامامة: 213. (4) ليس في المصدر. (5) من المصدر. (6) ليس في المصدر. (7) في المصدر: دعا بدل (وتكلم بكلام). (8) في المصدر: مما تشتكى. (*)


[ 343 ]

قلت لابي جعفر - عليه السلام -: عمتى تشتكى من ريح بها، وذكر الحديث إلى آخره. (1)

الثاني والاربعون: علمه - عليه السلام - بحال الانسان 2372 / 64 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: باسناده عن على، عن الحسن (2) بن أبى عثمان الهمداني قال: دخل اناس من أصحابنا من أهل الدين (3) - وفيهم رجل من الزيدية - على محمد بن الرضا - عليه السلام - فسألوه (4). فقال: أبو جعفر - عليه السلام - لغلامه: خذ بيد هذا الرجل فاخرجه. فقال الزيدى: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا طيبا مباركا وأنك حجة الله [ بعد آبائك ] (5). (6)


(1) دلائل الامامة: 213، الثاقب في المناقب: 521 ح 1. وأخرجه في كشف الغمة: 2 / 366 والبحار: 50 / 46 ح 21 عن الخرائج: 1 / 376 ح 3، وفي الصراط المستقيم: 2 / 200 ح 3 عن الخرائج مختصرا. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: عن على بن الحسين بن أبى عثمان الهمداني. (3) في الخرائج والثاقب: من أهل الرى. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: من أصحابنا على أبى جعفر، وفيهم رجل من الزيدية فسألناه. (5) من المصدر. (6) دلائل الامامة: 213 - 214. وأخرجه في البحار: 50 / 44 ح 14 عن الخرائج: 2 / 669 ح 12. وأورده في الثاقب في المناقب: 519 ح 6، وياتى في المعجزة: 82 عن هداية الحضينى مفصلا.


[ 344 ]

 

الثالث والاربعون: تكوين حالات جسده - عليه السلام - 2373 / 65 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال: حدثنى أبو المفضل محمد بن عبد الله، عن محمد بن إسماعيل (1)، عن على بن الحسين، عن أبيه، قال: وحدثني أحمد بن صالح، عن عسكر مولى أبى جعفر محمد بن على الرضا - عليهما السلام - قال: دخلت عليه وهو جالس في وسط إيوان (له) (2) يكون [ نحو ] (3) عشرة أذرع. (قال:) (4) فوقفت بباب الايوان وقلت في نفسي: يا سبحان الله ما أشد سمرة مولاى وأضوا جسده (5) ! قال: فوالله ما أتممت (هذا) (6) القول في نفسي حتى عرض في جسده، وتطاول وامتلا به الايوان إلى سقفه مع جوانب حيطانه، ثم رايت (7) لونه قد اظلم حتى صار كالليل (المظلم) (8)، ثم ابيض حتى صار (كابيض ما يكون من الثلج الابيض، ثم احمر) (9) حتى صار كالعلق


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: محمد بن عبد الله. (2) ليس في المصدر. (3) من المصدر. (4) ليس في المصدر. (5) في المصدر: بدنه، وكذا فيما ياتي. (6) ليس في المصدر. (7) في المصدر: ورايت. (8) ليس في المصدر، وفيه: وابيض. (9) في المصدر بدل ما بين القوسين هكذا: كالثلج واحمر.


[ 345 ]

(المحمر) (1)، ثم اخضر حتى صار (كاعظم شئ يكون في الاعواد المورقة الخضر) (2)، ثم تلاصق جسده حتى صار في صورته الاولى وعاد لونه إلى اللون الاول (3)، فسقطت لوجهي لهول ما رايت. فصالح بى: يا عسكر كم تشكون فينا وتضعفون قلوبكم، والله لا وصل (4) إلى حقيقة معرفتنا إلا من من الله [ بنا ] (5) عليه وارتضاه لنا وليا. قال عسكر: فاليت ألا افكر في نفسي إلا بما ينطق به (6) لساني. (7) 2374 / 66 - ابن شهراشوب في (المناقب): قال عسكر مولى أبى جعفر - عليه السلام -: دخلت عليه فقلت في نفسي: يا سبحان الله ما أشد سمرة مولاى وأضوا جسده. قال: فوالله ما استتممت كلامي (8) في نفسي حتى تطاول وعرض جسده، وامتلا به الايوان إلى سقفه، ومع جوانب حيطانه. ثم رايت لونه وقد اظلم حتى صار كالليل المظلم، ثم ابيض [ حتى صار ] (9) كابيض ما يكون من الثلج، ثم احمر [ حتى صار ] (10) كالعلق


(1) ليس في المصدر. (2) بدل ما بين القوسين في المصدر هكذا: كالاس، وفيه: ثم تناقص. (3) في المصدر: كما كان. (4) في المصدر: كم تشك وتضعف قلوبكم، والله ما لا يصل. (5) من المصدر. (6) كذا في المصدر، وفي الاصل: ألا تطيب نفسي إلا نطق لساني. (7) دلائل الامامة: 214 وعنه اثبات الهداة: 3 / 346 ح 70. ورواه مقصد الراغب: 88 (مخطوط) وهداية الكبرى للحضيني: 299 (مطبوع). (8) في المصدر والبحار: الكلام. (9) من المصدر والبحار. (10) من المصدر والبحار.


[ 346 ]

المحمر ثم أخضر حتى صار [ كاخضر ] (1) ما يكون من الاغصان المورقة الخضرة، ثم تناقص جسمه حتى صار في صورته الاولى وعاد لونه الاول وسقطت لوجهي مما رايت. فصاح بى: يا عسكر تشكون فننبئكم (2) وتضعفون فنقويكم، والله لا وصل إلى حقيقة معرفتنا إلا من من الله عليه [ بنا ] (3) وارتضاه لنا وليا. (4)

الرابع والاربعون: زوال الاذى بمسحه - عليه السلام - 2375 / 67 - ابن شهراشوب: عن أبى سلمة قال: دخلت على أبى جعفر - عليه السلام - وكان بى صمم (5) شديد فخبر بذلك لما أن دخلت عليه، فدعاني إليه فمسح يده على اذنى وراسى ثم قال: اسمع وعه ! فوالله إنى لاسمع الشئ الخفى عن اسماع الناس من بعد دعوته. (6)


(1) من المصدر والبحار. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: فنثبتكم. (3) من البحار. (4) مناقب آل أبى طالب: 4 / 387 - 388 وعنه البحار: 50 / 55 صدر ح 31. (5) الصمم: إنسداد الاذن وثقل السمع (لسان العرب). (6) مناقب آل أبى طالب - عليهم السلام -: 4 / 390 وعنه البحار: 50 / 57 ضمن ح 31.


[ 347 ]

 

الخامس والاربعون: غزارة علمه - عليه السلام - في صغر سنه 2376 / 68 - الشيخ المفيد في (الارشاد): قال: روى الحسن بن محمد بن سليمان، عن على بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن شبيب (1) قال: لما أراد المأمون أن يزوج ابنته ام الفضل أبا جعفر محمد بن على - عليهما السلام - بلغ ذلك العباسيين فغلظ عليهم واستنكروه (2)، وخافوا أن ينتهى الامر معه إلى ما انتهى إليه مع الرضا - عليه السلام -، فخاضوا في ذلك، واجتمع منهم أهل بيته الادنون منه، فقالوا (له) (3): ننشدك الله يا أمير المؤمنين أن تقيم على هذا الامر الذى قد عزمت عليه من تزويج ابن الرضا - عليه السلام -، فانا نخاف أن تخرج به عنا أمرا قد ملكناه الله تعالى، وتنزع منا عزا قد ألبسناه الله، وقد (4) عرفت ما بيننا وبين هولاء القوم قديما وحديثا، وما كا عليه الخلفاء الراشدون قبلك من تبعيدهم والتصغير بهم، وقد كنا في وهلة (5) من عملك مع الرضا ما عملت، حتى كفانا الله المهم من ذلك، فالله الله أن تردنا إلى غم قد انحسر عنا، واصرف رايك عن ابن الرضا واعدل إلى من تراه من أهل


(1) قال النجاشي: الريان بن شبيب خال المعتصم، ثقة، سكن قم. (2) في المصدر: واستكبروه. (3) ليس في المصدر والبحار. (4) في المصدر: فقد. (5) وهل في الامر: غلط فيه ونسيه.


[ 348 ]

بيتك يصلح لذلك دون غيره. فقال لهم المأمون: أما ما بينكم وبين آل أبى طالب فانتم السبب فيه، ولو أنصفتم القوم لكانوا أولى بكم، وأما ما كان يفعله من قبلى بهم فقد كان به قاطعا للرحم، وأعوذ بالله من ذلك. ووالله ما ندمت على ما كان منى من استخلاف الرضا - عليه السلام -، ولقد سألته أن يقوم بالامر وانزعه عن نفسي فابى، وكان أمر الله قدرا مقدورا. وأما أبو جعفر محمد بن عليه فقد اخترته لتبريزه (1) على كافة (الانام و) (2) أهل الفضل في العلم والفضل مع صغر سنه، والاعجوبة فيه بذلك، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه، فيعلموا أن الراى ما رايت فيه. فقالوا: إن هذا الفتى (3) وإن راقك منه هديه، فانه صبى لا معرفة له ولا فقه، فامهله ليتادب ويتفقه في الدين، ثم اصنع ما تراه بعد ذلك. فقال لهم: ويحكم ! انى (4) أعرف بهذا الفتى منكم، وإن هذا من أهل بيت علمهم من الله ومواده وإلهامه، لم يزل آباوه أغنياء في علم الدين والادب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال، فان شئتم فامتحنوا أبا


(1) برز برازة: فاق أصحابه فضلا أو شجاعة. (2) ليس في المصدر والبحار. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: الصبى. (4) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: إننى.


[ 349 ]

جعفر - عليه السلام - بما (1) يتبين لكم به ما (قد) (2) وصفت (لكم) (3) من حاله. قالوا له: قد رضينا لك يا أمير المؤمنين ولانفسنا بامتحانه، فخل بيننا وبينه لننصب من يساله بحضرتك عن شئ من فقه الشريعة، فان أصاب (في) (4) الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في أمره، وظهر للخاصة والعامة سديد راى أمير المؤمنين، وإن عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه. فقال لهم المأمون: شأنكم وذاك متى أردتم. فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم على مسائلة يحيى بن أكثم - وهو (يومئذ) (5) قاضى الزمان - على أن يساله مسالة لا يعرف الجواب فيها (6)، ووعدوه باموال نفيسة على ذلك، وعادوا إلى المأمون وسالوه (7) أن يختار لهم يوما للاجتماع، فأجابهم إلى ذلك. فاجتمعوا في اليوم الذى اتفقوا عليه، وحضر معهم يحيى بن أكثم وأمر (8) المأمون أن يفرش لابي جعفر - عليه السلام - دست ويجعل [ له ] (9) فيه مسورتان، ففعل ذلك، وخرج أبو جعفر - عليه السلام - وهو يومئذ ابن


(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل ثم يتبين. (2) ليس في المصدر والبحار. (3) ليس في المصدر. (4 و 5) ليس في المصدر. (6) كذا في المصدر والبحار، والاصل: عنها. (7) من المصدر فسألوه. (8) في المصدر: فامر. (9) من المصدر والبحار، والدست: صدر البيت. المجلس. الوسادة والمسور: متكا من جلد.


[ 350 ]

تسع سنين وأشهر، فجلس (1) بين المسورتين، وجلس يحيى بن أكثم بين يديه، وقام الناس في مراتبهم، والمأمون جالس في دست متصل بدست أبى جعفر - عليه السلام -. فقال يحيى بن أكثم للمأمون: أتاذن لى يا أمير المؤمنين أن أسال أبا جعفر ؟ فقال له المأمون: استاذنه في ذلك. فاقبل عليه يحيى بن أكثم فقال: أتاذن لى جعلت فداك في مسالة ؟ فقال (2) أبو جعفر - عليه السلام - سل إن شئت، قال يحيى: ما تقول جعلت فداك (3) في محرم قتل صيدا ؟ فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: قتله في حل أو (في) (4) حرم ؟ عالما كان المحرم أم جاهلا ؟ قتله عمدا أو خطا ؟ حرا كان المحرم أو عبدا (5) ؟ صغيرا كان أم كبيرا ؟ مبتدئا بالقتل أو معيدا ؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها ؟ من صغار الصيد كان أم من كباره ؟ مصرا على ما فعل أو نادما ؟ في الليل كان قتل الصيد (6) أم نهارا ؟ محرما كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرما ؟


(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ابن سبع سنين وأشهر، وجلس. (2) في المصدر: قال له. (3) في المصدر: جعلني الله فداك. (4) ليس في المصدر والبحار. (5) في المصدر: أم وكذا فيما ياتي. (6) في المصدر والبحار: قتله للصيد.


[ 351 ]

فتحير يحيى بن أكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع، ولجلج (1) حتى عرف جماعة أهل المجلس أمره. فقال المأمون: الحمدلله على هذه النعمة والتوفيق لى في الراى. ثم نظر إلى أهل بيته وقال لهم: أعرفتم الان ما كنتم تنكرونه ؟ ثم أقبل على أبى جعفر - عليه السلام - فقال له: أتخطب يا أبا جعفر ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. فقال له المأمون: اخطب جعلت فداك لنفسك، فقد رضيتك لنفسي وأنا مزوجك ام الفضل إلبنتى (2)، وإن رغم (3) قوم لذلك. فقال أبو جعفر - عليه السلام -: (الحمدلله إقرارا بنعمته، ولا إله إلا الله إخلاصا لوحدانيته، وصل الله على محمد سيد بريته والاصفياء من عترته. أما بعد: فقد كان من فضل الله على الانام أن اغناهم بالحلال عن الحرام، فقال سبحانه: (وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) (4). ثم ان محمد بن على بن موسى يخطب ام الفضل بنت عبد الله المأمون، وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة - عليها السلام - بنت


(1) لجلج فلان: تردد في الكلام ولم يبن. وفي الاصل تلجلج. وما أثبتناه من المصدر والبحار. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: بنتى. (3) رغم: ذل عن كره. (4) النور: 32.


[ 352 ]

محمد - صلى الله عليه وآله - وهو خمسمائة درهم جيادا، فهل زوجته يا أمير المومنين بها على هذا الصداق المذكور ؟ فقال (1) المأمون: نعم قد زوجتك يا أبا جعفر (ام الفضل) (2) ابنتى على [ هذا ] (3) الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح ؟ فقال أبو جعفر - عليه السلام -: قد قبلت ذلك ورضيت به. فامر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم في الخاصة والعامة. قال الريان: ولم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم، فإذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضة مشدودة بالحبال (4) من الابريسم [ على عجلة ] (5) مملوءة من الغالية (6)، فامر المأمون أن يخضب لحى الخاصة من تلك الغالية، ثم مدت إلى دار العامة، فطيبوا منها، ووضعت الموائد فاكل الناس، وخرجت الجوائز إلى كل قوم على قدرهم. فلما تفرق الناس وبقى من الخاصة من بقى، قال المأمون لابي جعفر - عليه السلام -: إن رايت جعلت فداك أن تذكر الفقه فيما فصلته من


(1) في المصدر: قال. (2) ليس في المصدر. (3) من المصدر. (4) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: في فضة شبيه الحبال. (5) من المصدر والبحار إلا أن في المصدر عجل. (6) الغالية: ضرب من الطيب مركب من مسك وعنبر وكافور ودهن البان وعود (مجمع البحرين).


[ 353 ]

وجوه قتل المحرم [ الصيد ] (1) لنعلمه ونستفيده. فقال أبو جعفر - عليه السلام -: نعم إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد من [ ذوات ] (2) الطير، وكان من كبارها، فعليه شاة، فان أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا. وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل (3) قد فطم من اللبن. وإذا قتله في الحرم، فعليه الحمل وقيمة الفرخ. وإن (4) كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة. وإن كان نعامة فعليه بدنة (5). وإن كان ظبيا فعليه شاة. فان قتل شيئا من ذلك في الحرم، فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة. وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدى فيه وكان إحرامه بالحج نحره بمنى. وإن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء، وفي العمد له الماثم، وهو موضوع عنه في الخطا، والكفارة على الحر في نفسه، وعلى السيد في عبده، والصغير لا كفارة عليه، وهى على الكبير واجبة، والنادم يسقط عنه بندمه عقاب الاخرة،


(1 و 2) من المصدر. (3) الحمل: الصغير من الضان. (4) في البحار: فإذا كان. (5) البدنة: تقع على الجمل والناقة والبقرة عند جمهور أهل اللغة وبعض الفقهاء، وخصها جماعة بالابل (مجمع البحرين).


[ 354 ]

والمصر يجب عليه العقاب في الاخرة. فقال له المأمون: أحسنت يا أبا جعفر أحسن الله إليك، فان رايت أن تسال يحيى عن مسالة كما سالك. فقال أبو جعفر - عليه السلام - ليحيى: أسالك ؟ قال: ذلك إليك جعلت فداك، فان عرفت جواب ما تسألني عنه وإلا استفدته منك. فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: (أخبرني عن رجل نظر إلى إمراة [ في ] (1) أول النهار، وكان نظره إليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل عليه وقت العشاء الاخرة حلت [ له ] (2) فلما كان انتصاف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له، ما حال هذه المراة ؟ وبماذا حلت له و (بماذا) (3) حرمت عليه) ؟ فقال [ له ] (4) يحيى بن أكثم: (لا) (5) والله ما اهتدى إلى جواب هذا السوال ولا [ أعرف الوجه فيه ] (6) فان رايت أن تفيدناه. فقال (له) (7) أبو جعفر - عليه السلام -: هذه أمة لرجل من الناس، نظر


(1) من المصدر، وفيه وفي البحار: فكان. (2) من المصدر والبحار. (3) ليس في المصدر والبحار. (4) من المصدر. (5) ليس في المصدر. (6) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: لا أعرفه. (7) ليس في المصدر والبحار.


[ 355 ]

إليها أجنبي في أول النهار، فكان نظره إليها حراما عليه. فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له. فلما كان عند الظهر أعتقها، فحرمت عليه. فلما كان وقت العصر تزوجها، فحلت له. فلما كان الوقت المغرب ظاهر منها، فحرمت عليه. فلما كان وقت العشاء الاخرة كفر عن الظهار، فحلت له. فلما كان في نصف الليل طلقها واحدة، فحرمت عليه. فلما كان عند الفجر راجعها، فحلت له. [ قال: ] (1) فاقبل المأمون على من حضره من أهل بيته، فقال لهم: هل فيكم أحد يجيب عن (هذه) (2) المسالة بمثل هذا الجواب أو يعرف القول فيما تقدم من السوال ؟ قالوا: لا والله إن أمير المؤمنين أعلم بما راى. فقال لهم: ويحكم ! إن أهل هذا البيت خصوا من الخلق بما ترون من الفضل، وإن صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال. أما علمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - افتتح دعوته بدعاء أمير المومنين على بن أبى طالب - عليه السلام - وهو ابن عشر سنين، وقبل منه الاسلام وحكم له به، ولم يدع أحدا في سنه غيره، وبايع الحسن والحسين - عليهما السلام - وهما ابنا دون ست سنين، ولم يبايع صبيا غيرهما،


(1) من المصدر. (2) ليس في المصدر، وفي البحار: يجيب هذه المسالة.


[ 356 ]

أفلا تعلمون الان ما اختص الله به هولاء القوم، وإنهم ذرية [ طيبة ] (1) بعضها من بعض يجرى لاخرهم ما يجرى لاولهم ؟ ! قالوا: صدقت يا أمير المومنين، ثم نهض القوم. فلما كان من الغد أحضر (2) الناس وحضر أبو جعفر - عليه السلام - وصار القواد والحجاب والخاصة والعمال (3) لتهنئة المأمون وأبى جعفر - عليه السلام -، فاخرجت ثلاثة أطباق من الفضة فيها بنادق مسك وزعفران معجون، في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة باموال جزيلة وعطايا سنية وإقطاعات. فامر المأمون بنثرها على القوم من خاصته، فكان كل من وقع في يده بندقة أخرج الرقعة التى فيها والتمسه فاطلق له، ووضعت البدر (4)، فنثر ما فيها على القواد وغيرهم، وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوائز والعطايا، وتقدم المأمون بالصدقة على كافة المساكين، ولم يزل مكرما لابي جعفر - عليه السلام - معظما لقدره مدة حياته، يوثره على ولده وجماعة أهل بيته. (5)


(1) من المصدر. (2) في المصدر: حضر. (3) في المصدر: والعامة. (4) البدرة عشرة آلاف درهم، ومن المال كمية عظيمة. (5) ارشاد المفيد: 319 - 323 وعنه كشف الغمة: 2 / 353 - 358 وحلية الابرار: 4 / 553 ح 1، وفي البحار: 50 / 74 ح 3 عنه وعن الاحتجاج: 443 - 446 وتفسير القمى: 1 / 182 - 185 باسناده عن محمد بن عون التميمي نحوه. وأخرجه في البحار: 10 / 381 ح 1 عن تفسير القمى وتحف العقول: 451 - 453.


[ 357 ]

2377 / 69 - ثم قال الشيخ المفيد: وقد روى الناس: أن ام الفضل (بنت المأمون) (1) كتبت إلى أبيها تشكو أبا جعفر - عليه السلام - وتقول: إنه يتسرى على ويعيرني (2). فكتب إليها المأمون: يا بنية أنا لم ازوجك (3) أبا جعفر لنحرم عليه حلالا، فلا تعاودي لذكر ما ذكرت بعدها. (4)

السادس والاربعون: خبر النبقة 2378 / 70 - المفيد في (الارشاد) والطبرسي في (إعلام الورى) وابن شهراشوب في (المناقب) وصاحب (ثاقب المناقب) رواه عن الريان بى شبيب. قال المفيد في (الارشاد) لما توجه أبو جعفر - عليه السلام - [ من بغداد ] (5) منصرفا من عند المأمون، ومعه ام الفضل، قاصدا بها [ إلى ] (6) المدينة، صار إلى شارع باب الكوفة ومعه الناس يشيعونه، فانتهى إلى دار المسيب عند غروب (7) الشمس، نزل ودخل المسجد، وكان في


(1) ليس في المصدر والبحار. (2) في المصدر والبحار: ويغيرني. (3) في المصدر: إنا لم نزوجك. (4) إرشاد المفيد: 323 وعنه البحار: 50 / 79 ح 5. وأورده في الفصول المهمة: 270. (5) من المصدر والبحار. (6) من البحار. (7) في المصدر والبحار: مغيب.


[ 358 ]

صحنه نبقة لم تحمل بعد. فدعا بكوز فيه ماء (1)، فتوضأ في أصل النبقة، (وقام - عليه السلام -) (2)، فصلى بالناس صلاة المغرب، فقرا في الاولى [ منها ] (3) (الحمد) و (إذا جاء نصرالله والفتح)، وقرا في الثانية (الحمد) و (قل هو الله احد)، وقنت قبل ركوعه فيها، وصلى الثالثة وتشهد وسلم، ثم جلس هنيئة يذكر الله جل اسمه، وقام من غير أن يعقب، فصلى النوافل الاربع وعقب بعدها أربع ركعات (4)، وسجد سجدتي الشكر، ثم خرج. فلما انتهى إلى النبقة راها الناس وقد حملت حملا حسنا، فتعجبوا من ذلك فاكلوا منها فوجدوه (5) نبقا حلوا لا عجم له وودعوه. ومضى - عليه السلام - من وقته إلى المدينة، فلم يزل بها إلى أن أشخصه المعتصم في أول سنة خمس وعشرين ومائتين إلى بغداد، فاقام (6) بها حتى توفى في آخر ذى القعدة من هذه السنة، فدفن في ظهر جده أبى الحسن موسى - عليه السلام -. (7)


(1) في البحار: من الماء. (2) ليس في البحار، والنبق - بالفتح والكسر وهكذا محركة ككتف -: حمل شجر السدر، أشبه شئ به العناب قبل أن تشتد حمرته. (3) من المصدر والبحار. (4) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: النوافل الاربع، وفي المصدر: تعقيبها بدل (بعدها). (5) في المصدر: فاكلوا منه فوجدوا نبقا. (6) في البحار: وأقام. (7) إرشاد المفيد: 323 - 324، إعلام الورى: 338، مناقب آل أبى طالب: 4 / 390، الثاقب في المناقب: 512 ح 1. =


[ 359 ]

 

السابع والاربعون: خبر زوجته ام الفضل وعدم تأثير السيف 2379 / 71 - السيد المرتضى في (عيون المعجزات) قال: حدث صفوان بن يحيى قال: حدثنى أبو نصر الهمداني قال: حدثتني حكيمة بنت أبى الحسن القرشى وكانت من الصالحات - رضى الله عنها -. قالت: لما قبض أبو جعفر محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب - صلوات الله عليهم أجمعين - أتيت ام الفضل بنت المأمون أو قالت ام عيسى (1) بنت المأمون، فعزيتها، فرأيتها شديدة الحزن والجزع تقتل نفسها بالبكاء والعويل، فخفت عليها [ أن ] (2) تتصدع مرارتها. فبينما نحن في حديث كرمه ووصف خلقه وما أعطاه الله تعالى من العز والاخلاص، ومنحه من الشرف والكرامة، إذ قالت زوجته بنت (3) المأمون. ألا اخبرك عنه - عليه السلام - بشئ عجيب وأمر جليل فوق الوصف


= وأخرجه في إثبات الهداة: 3 / 337 ح 23 عن إعلام الورى والارشاد وكشف الغمة 2 / 358 نقلا من الارشاد، وفي البحار: 50 / 89 ح 4 عن إعلام الورى والارشاد، وفي الوسائل: 4 / 1059 ح 4 والبحار: 86 / 100 عن الارشاد، وفي البحار: 87 / 87 ح 3 عن الارشاد والخرائج: 1 / 378 ح 8. وأورده في الفصول المهمة: 258 - 259. (1) الظاهر أنها كنية اخر لام الفضل، واسمها زينب. (2) من مهج الدعوات والبحار. (3) في المصدر: ابنة.


[ 360 ]

والمقدار ؟ قلت: وما ذاك ؟ قالت: كنت أغار عليه كثيرا واراقبه أمدا وربما [ كان ] (1) يسمعني الكلام، فاشكو ذلك [ إلى أبى ] (2) فقال: يا بنية احتمليه فانه بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وآله -. فبينما (3) أنا جالسة ذات يوم إذ دخلت على جارية، فسلمت [ على ] (4). فقلت: من أنت ؟ فقالت: أنا جارية من ولد عمار بن ياسر، وأنا زوجة (5) أبى جعفر


(1) من المصدر، وفيه أبدا. (2) من المصدر: وفيه: فيقول يا بنتى. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: فبينا. (4) من المصدر. (5) قال الاربلي في كشف الغمة: 2 / 366، بعد إيراد هذا الخبر: وهذه القصة عندي فيها نظر وأظنها موضوعة، فان أبا جعفر - عليه السلام - إنما كان يتزوج ويتسرى حيث كان بالمدينة، ولم يكن المأمون بالمدينة فتشكو إليه ابنته. (فان قلت:) إنه جاء حاجا (قلت:) لم يكن ليشرب في تلك الحال، وأبو جعفر - عليه السلام - مات ببغداد وزوجته معه، فاخته أين راتها بعد موته ؟ وكيف اجتمعتا وتلك بالمدينة وهذه ببغداد ؟ وتلك الامراة التى من ولد عمار بن ياسر - رضى الله عنه - في المدينة تزوجها فكيف راتها أم الفضل، فقامت من فورها وشكت إلى أبيها، كل هذا يجب أن ينظر فيه والله أعلم. وقال المجلسي - رحمه الله - في البحار: 50 / 72 ما لفظه: كل ما ذكره من المقدمات التى بنى عليها رد الخبر في محل المنع ولا يمكن رد الخبر المشهور المتكرر في جميع الكتب =


[ 361 ]

محمد بن على - عليه السلام - زوجك. فدخلني من المغيرة ما لا أقدر (1) على احتماله، وهممت أن أخرج وأسيح في البلاد، وكان (2) الشيطان يحملنى على الاساءة بها، فكظمت غيظي وأحسنت رفدها (3) وكسوتها، فلما خرجت عنى لم أتمالك أن نهضت ودخلت [ على ] (4) أبى، فاخبرته بذلك وكان سكرانا لا يعقل. فقال: يا غلام على بالسيف، فاتى به ثم ركب وقال: والله لاقطعنه ! فلما رايت ذلك قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما صنعت بنفسى وزوجي، وجعلت ألطم وجهى. فدخل عليه أبى، وما زال يضربه بالسيف حتى قطعه. ثم خرج وخرجت هاربة خلفه، ولم أرقد ليلتى غما وقلقا. فلما أصبحت أتيت أبى وقلت [ له ] (5): أتدرى ما صنعت البارحة ؟ قال: وما صنعت ؟ قلت: قتلت ابن الرضا، فبرق عينيه (6) وغشى عليه، فلما أفاق من غشوته قال: ويلك ما تقولين ؟


= بمحض هذا الاستبعاد. (1) في المصدر: لم أقدر. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: كان. (3) الرفد: العطاء. (4) من المصدر. (5) من المصدر. (6) كذا في المصدر، وفي الاصل: عينه، وبرق عينيه: وسعهما وأحد النظر.


[ 362 ]

قلت: نعم والله يا أبت دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسيف حتى قطعته، فاضطرب من ذلك اضطرابا شديدا، ثم قال: على بياسر الخادم، فلما اتى به قال: ما هذا الذى تقول هذه ؟ قال [ ياسر ] (1): صدقت يا أمير المؤمنين، فضرب أبى بيده على صدره وخده وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، هلكنا والله وعطبنا وافتضحنا [ إلى ] (2) آخر الابد. إذهب ويلك وانظر ما القصة ؟ وعجل على بالخبر، فان نفسي تكاد تخرج الساعة. فخرج ياسر وأنا ألطم خدى ووجهى، فلما كان باسرع ما رجع وقال: البشرى يا أمير المؤمنين. فقال: لك البشرى ما لك ؟ قال: دخلت إليه وإذا هو جالس وعليه قميص، وقد اشتمل بدواج (3) وهو يستاك. فسلمت عليه وقلت: يابن رسول الله احب أن تهب لى قميصك هذا اصلى فيه وأتبرك به، وإنما أردت أن أنظر إلى جسده هل فيه جراحة أو أثر سيف ؟ فقال: بل أكسوك خيرا منه. قلت: لست اريد غير هذا القميص، فخلعه فنظرت إلى جسده ما


(1 و 2) من المصدر. (3) الدواج: معطف غليظ.


[ 363 ]

به أثر سيف. فبكى المأمون بكاء شديدا وقال: ما بقى بعد هذا شئ، إن ذلك [ والله ] (1) عبرة للاولين والاخرين، ثم قال المأمون: يا ياسر أما ركوبي إليه وأخذ السيف والدخول عليه فانى أذكره، وخروجي عنه (2) وما فعلته فلست أذكر شيئا منه، ولا أذكر أيضا إنصرافي إلى مجلسي وكيف كان أمرى وذهابي، لعن الله هذه الابنة لعنا وبيلا، تقدم إليها وقل لها: يقول لك أبوك لئن جئتني بعد هذا اليوم وشكوت منه أو خرجت بغير إذنه لانتقمن له منك، ثم صر إليه يا ياسر وابلغه عنى السلام واحمل إليه عشرين ألف دينار، وقدم إليه الشهري (3) الذى ركبته البارحة، ومر الهاشميين والقواد بان يركبوا إليه ويسلموا عليه. قال ياسر: خرجت إلى الهاشميين والقواد فاعلمتهم ذلك، وحملت المال إليه وقدت الشهري وصرت إليه، ودخلت عليه وأبلغته السلام، ووضعت المال بين يديه، وعرضت إليه (4) الشهري، فنظر إليه ساعة، ثم تبسم وقال: يا ياسر ! هكذا كان العهد [ بيننا وبينه حتى يهجم على بالسيف، أما علم أن لى ناصرا وحاجزا يحجز) (5) بينى وبينه ؟


(1) من المصدر وفيه: لعبرة. (2) في المصدر: ذاكره وخروجي منه. (3) الشهرية - بالكسر - ضرب من البرازين. (4) في المصدر: عليه. (5) من مهج الدعوات والبحار.


[ 364 ]

فقلت: يا سيدى دع عنك العتاب، فوالله - عزوجل - وحق جدك محمد - صلى الله عليه وآله - ما كان يعقل من أمره شيئا، وما علم أين هو في أرض الله، وقد نذر لله نذرا (1) وحلف أن لا يسكر أبدا، ولا تذكر له شيئا ولا تعاتبه على ما كان منه. فقال - عليه السلام -: هكذا كان عزمى ورايى. فقلت: إن جماعة من بنى هاشم والقواد بالباب بعثهم ليسلموا عليك ويكونوا معك إذا ركبت. فقال - عليه السلام -: أدخل بنى هاشم والقواد ما خلا عبد الرحمن بن الحسن وحمزة بن الحسن، فخرجت إليهم وأدخلتهم فسلموا وخدموا. فدعا - عليه السلام - بالثياب ولبس ونهض وركب معه الناس حتى دخلوا على المأمون. فلما راه قام إليه وضمه إلى صدره ورحب به، ولم ياذن لاحد بالدخول عليه، ولم يزل يحدثه ويساره. فلما انقضى ذلك قال له أبو جعفر - عليه السلام -: يا أمير المؤمنين، فقال [ له ] (2) المأمون: لبيك وسعديك. قال: لك نصيحة فاقبلها. فقال المأمون: حمدا وشكرا فما ذاك ؟ فقال عليه السلام: احب أن لا تخرج بالليل، فانى لست آمن عليك


(1) في المصدر: وقد نذر الله. (2) من المصدر.


[ 365 ]

[ من ] (1) هذا الخلق المنكوس، وعندي حرز تحصن به نفسك، وتحترز من الشرور والبلايا والمكاره والافات والعاهات كما أنقذني الله منك البارحة. ولو لقيت به جيوش الروم أو أكثر أو اجتمعت عليك وعلى غلبتك أهل الارض جميعا ما تهيا لهم فيك شئ بقدرة الله تعالى وجبروته، ومن مردة الشياطين (من) (2) الجن والانس، فان أحببت بعثت به إليك تحرز به نفسك من جميع ما ذكرته وما تحذره، مجرب فوق الحد والمقدار من التجربة. فقال المأمون: تكتب ذلك بخطك وتبعث به إلى لانتهى فيه إلى ما ذكرته. فقال: حبا وكرامة. فقال له المأمون: فداك ابن عمك [ إن كنت ] (3) تجد على شيئا مما قد رصد (4) منى فاعف واصفح. فقال - عليه السلام -: لا أجد شيئا ولم يكن إلا خيرا. فقال المأمون: والله لاتقربن إلى الله تعالى بخراج الشرق والغرب ولاغدون [ غدا ] (5) ولانفق فيه ما أملك كفارة لما سلف. ثم قال: يا غلام الوضوء والغداء، وادخل بنى هاشم، فدخلوا


(1) من المصدر. (2) ليس في المصدر. (3) من المصدر. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: قدر منى. (5) من المصدر، وفيه: وأنفق.


[ 366 ]

وأكلوا معه، وأمر لهم بالخلع والجوائز على الاقدار. ثم قال لابي جعفر - عليه السلام -: انصرف في كلائة الله عز اسمه وحفظه، فإذا كان في غد فابعث إلى بالحرز. فقام - عليه السلام - وركب وأمر القواد أن يركبوا معه حتى ياتي منزله. قال ياسر [ الخادم ] (1): فلما أصبح أبو جعفر - عليه السلام - بعث إلى ودعانى ودعا بجلد ظبى من رق، ثم كتب - عليه السلام - فيه بخطه الحرز وهو معروف، ونسخته عند أكثر الشيعة وليس هذا موضعه، وكنت [ اثبته ] (2). ثم قال - عليه السلام -: يا ياسر احمله إلى أمير المؤمنين وقل له: يصنع له فص (3) من فضة. فإذا أراد شده في عضده الايمن فيتوضا وضوءا حسنا سابغا، وليصل أربع ركعات يقرا في كل ركعة (فاتحة الكتاب) وسبع مرات (آية الكرسي) وسبع مرات (شهد الله) وسبع مرات (والشمس (وضحها) (4) وسبع مرات (والليل (إذا يغشى) (5) وسبع مرات (قل هو الله (أحد) (6)، ثم شده على عضده الايمن عند النوائب، يسلم بحول الله وقوته من كلم شئ يخافه ويحذره. (7)


(1 و 2) من المصدر. (3) في المصدر: قصبة. (4 - 6) ليس في المصدر، وفيه: ثم يشده. (7) عيون المعجزات: 124 - 129 وعنه البحار: 50 / 95 - 99 ح 9 - 11 وعن مهج الدعوات: 36 - 39 باختلاف ومناقب ابن شهراشوب: 4 / 394 - 395 مختصرا. وأخرجه في البحار: 94 / 355 ح 1 عن مهج الدعوات. وأورده في الثاقب في المناقب: 219 ح 22 وأمان الاخطار: 74 - 77.


[ 367 ]

2380 / 72 - ورواه الراوندي: قال: إن محمد بن إبراهيم الجعفري روى عن حكيمة بنت الرضا - عليه السلام - قالت: لما توفى أخي محمد بن الرضا - عليهما السلام - صرت يوما [ إلى ] (1) إمرأته ام الفضل بنت المأمون العباسي لسبب (2) احتجت إليها فيه. قالت: فبينما (3) نحن نتذاكر فضل محمد وكرمه وما أعطاه الله تعالى من العلم والحكمة، إذ قالت امرأته ام الفضل: يا حكيمة اخبرك عن أبي جعفر محمد بن الرضا - عليهما السلام - باعجوبة لم يسمع أحد بمثلها. قلت: وما ذاك ؟ قالت: إنه كان ربما أغارني مرة بجارية ومرة بتزويج، فكنت أشكوه (4) إلى المأمون، فيقول: يا بنية احتملي، فانه ابن رسول الله - صلى الله عليه وآله -. فبينا (5) أنا ذات ليلة جالسة إذ أتت إمرأة فقلت: من أنت ؟ وكانها قضيب بان (6) أو غصن خيزران (7).


(1) من المصدر والبحار. (2) في المصدر والبحار: بسبب. (3) في المصدر: فبينا. (4) في المصدر: أشكوا. (5) في المصدر: فبينما. (6) البان: شجر ورقه كورق الصفصاف والحلاف، ويشبه به القامة لطوله ولطافته ونعومته. (7) الخيزران - بفتح الخاء وضم الزاى - شجر هندي وهو عروق ممتدة في الارض، يضرب به المثل في اللين.


[ 368 ]

قالت: أنا زوجة لابي جعفر - عليه السلام -. قلت: من أبو جعفر ؟ قالت: محمد بن الرضا - عليهما السلام -، وأنا إمراة من ولد عمار بن ياسر. قالت: فدخل على من الغيرة ما لم أملك نفسي، فنهضت من ساعتي وصرت إلى المأمون، وهو ثمل (1) من الشراب، وقد مضى من الليل ساعات، فاخبرته بحالى وقلت له: إنه يشتمني ويشتمك ويشتم العباس وولده. [ قالت: ] (2) وقلت ما لم يكن، فغاظه ذلك منى جدا، ولم يملك نفسه من السكر، وقام مسرعا، فضرب بيده إلى سيفه وحلف أنه يقطعه بهذا السيف [ ما بقى في يده وصار إليه ] (3) قالت: فندمت عند ذلك وقلت في نفسي: [ ما صنعت ] (4) هلكت وأهلكت ؟ ! قالت: فعدوت خلفه لانظر ما يصنع، فدخل إليه وهو نائم، فوضع فيه السيف فقطعه قطعا (5) ثم وضع السيف على حلقه فذبحه، وأنا أنظر إليه وياسر الخادم، وانصرف وهو يزبد مثل الجمل.


(1) في المصدر والبحار: وقد كان ثملا، والثمل - بفتح الثاء المثلثة وكسر الميم - السكران. (2) من المصدر والبحار. (3 و 4) من المصدر والبحار. (5) في المصدر والبحار فقطعه قطعة قطعة، وفي البحار: ثم وضع سيفه.


[ 369 ]

قالت: فلما رايت ذلك هويت على وجهى، ثم (1) رجعت إلى منزل أبى، فبت بليلة لم أنم فيها حتى أصحبت (2) قالت: فلما أصبحت دخلت إليه وهو (قائم) (3) يصلى وقد أفاق من السكر، فقلت له: يا أمير المؤمنين هل تعلم ما صنعت الليلة ؟ قال: لا والله فما الذى صنعت ويلك ؟ قلت: فانك صرت إلى ابن الرضا - عليه السلام - وهو نائم، فقطعته إربا إربا وذبحته بسيفك وخرجت من عنده. قال ويلك ما تقولين ؟ قلت: أقول: ما فعلت. فصاح يا ياسر [ وقال: ] (4) ما تقول هذه الملعونة ويلك ؟ قال: صدقت في كل ما قالت. قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، هلكنا وافتضحنا، ويلك يا ياسر بادر إليه وأتنى بخبره، فمضى (إليه) (5) ثم عاد مسرعا فقال: يا أمير المؤمنين البشرى. قال: ما (6) وراءك ؟


(1) في المصدر والبحار: هربت على وجهى حتى رجعت. (2) في المصدر والبحار: إلى أن أصبحت. (3) ليس في المصدر والبحار. (4) من المصدر. (5) ليس في البحار، وفيه وفي المصدر: فركض بدل (فمضى). (6) في المصدر: فما، وفي الاصل: وما.


[ 370 ]

قال: دخلت عليه وإذا هو قاعد يستاك [ وعليه قميص ودواج ] (1) فبقيت متحيرا في أمره، ثم أردت أن أنظر إلى بدنه هل فيه شئ من الاثر، فقلت [ له ] (2): احب أن تهب لى هذا القميص الذى عليك لاتبرك به، فنظر إلى [ وتبسم ] (3) كانه علم ما أردت بذلك. فقال: أكسوك كسوة فاخرة. فقلت: لست اريد غير هذا القميص [ الذى عليك ] (4)، فخلعه وكشف (لى) (5) عن بدنه كله، [ فوالله ] (6) ما رايت أثرا، فخر المأمون ساجدا ووهب لياسر ألف دينار وقال: الحمد لله الذى لم يبتلني بدمه. ثم قال: يا ياسر أما (7) مجئ هذه الملعونة إلى وبكاوها بين يدى فاذكره، وأما مصيري إليه فلست أذكره. فقال ياسر: والله يا مولاى ما زلت تضر به بالسيف وأنا وهذه ننظر إليك [ واليه ] (8) حتى قطعته قطعة قطعة، ثم وضعت سيفك على حلقه فذبحته، وأنت تزبد كما يزبد البعير.


(1) من المصدر والبحار، والدواج - بضم الدال المهملة وتشديد الواو وتخفيفها: اللحاف الذى يلبس (القاموس). (2 - 4) من المصدر. (5) ليس في المصدر، وكلمة (عن) ليس في المصدر والبحار. (6) من المصدر والبحار. (7) في البحار بدل (أما) هكذا: كلما كان من. (8) من المصدر.


[ 371 ]

فقال: الحمد لله، ثم قال لى: والله لئن عدت بعدها (إلى بشكواك) (1) فيما يجرى بينكما لاقتلنك. ثم قال: يا ياسر إحمل إليه عشرة آلاف دينار [ وقد إليه الشهري الفلاني ] (2) وسله الركوب إلى وابعث إلى الهاشميين والاشراف والقواد ليركبوا [ معه ] (3) في خدمته إلى عندي ويبدوا بالدخول إليه والتسليم عليه. ففعل ياسر ذلك، وصار الجميع بين يديه، واذن للجميع بالدخول. فقال - عليه السلام -: يا ياسر هذا كان العهد بينى وبينه ؟ قلت: يابن رسول الله ليس هذا وقت العتاب، فوحق محمد - صلى الله عليه وآله - وعلى - عليه السلام - ما [ كان ] (4) يعقل من أمره شيئا، ثم أذن للاشراف كلهم بالدخول إلا عبد الله وحمزة ابني الحسن [ لانهما ] (5) كانا وقعا فيه عند المأمون [ يوما ] (6)، وسعيا به مرة بعد اخرى. ثام قام فركب مع الجماعة وصار إلى المأمون، فتلقاه وقبل [ ما ] (7) بين عينيه، وأقعده على المقعد في الصدر، وأمر أن يجلس الناس ناحية (وخلا به) (8) وجعل يعتذر إليه.


(1) ليس في المصدر والبحار، وفيهما، في شئ مما جرى لاقتلنك. (2) من المصدر والبحار، وقد - بضم القاف -: فعل امر من قاد يقود. (3) من المصدر، وفي البحار هكذا: والقواد معه ليركبوا وجملة (في خدمته) ليس فيهما. (4 و 5) من المصدر والبحار، وفيهما: فاذن للاشراف. (6) من المصدر. (7) من المصدر والبحار. (8) ليس في البحار، وفي المصدر: فخلا، وفيهما: فجعل.


[ 372 ]

فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: لك عندي نصيحة فاسمعها منى. قال: هاتها، قال: أشير عليك بترك الشراب المسكر. فقال: فداك ابن عمك قد قبلت نصيحتك. (1)

الثامن والاربعون: قرائته - عليه السلام - الخط وهو في المهد وهدى الاعمى 2381 / 73 - الراوندي: عن محمد بن ميمون قال: كنت (2) مع الرضا - عليه السلام - بمكة قبل خروجه إلى خراسان، فقلت (3) إنى اريد [ أن أتقدم إلى ] (4) المدينة، فاكتب معى كتابا إلى أبى جعفر - عليه السلام -، فتبسم وكتب، وصرت إلى المدينة، وقد كان ذهب بصرى، فاخرج الخادم أبا جعفر - عليه السلام - إلينا، فحمله في (5) المهد، فناولته الكتاب. فقال لموفق الخادم: فضه وانشره، ففضه ونشره بين يديه، فنظر فيه، ثم قال لى: يا محمد ما حال بصرك ؟


(1) الخرائج والجرائح: 1 / 372 ح 2 وعنه كشف الغمة: 2 / 365 - 366 والبحار 50 / 69 ح 47 وحلية الابرار: 4 / 571 ح 1، وفي اثبات الهداة: 3 / 338 / ح 25 مختصرا. (2) في المصدر والبحار: أنه كان مع الرضا - عليه السلام -. (3) في المصدر والبحار: قال: قلت. (4) من المصدر والبحار. (5) في المصدر: يحمله من المهد.


[ 373 ]

قلت: يابن رسول الله اعتلت عيناى فذهب بصرى كما ترى. فقال: (أذن منى. فدنوت منه) (1)، فمد يده فمسح بها على عينى، فعاد إلى بصرى كاصح ما كان. فقبلت يده ورجله وأنصرفت (2) من عنده وأنا بصير. ورواه صاحب (ثاقب المناقب) عن محمد بن ميمون قال: كنت مع الرضا - عليه السلام - بمكة قبل خروجه إلى خراسان، قال: فقلت له: إنى اريد أتقدم (3) إلى المدينة، فاكتب معى (4) كتابا إلى أبى جعفر - عليه السلام -، فتبسم وكتب وصرت إلى المدينة، وقد كان ذهب بصرى، فاخرج الخادم أبا جعفر - عليه السلام - إلينا [ فحمله ] (5) من المهد وتناول الكتاب، وساق الحديث إلى آخره. (6)

التاسع والاربعون: إخراجه - عليه السلام - سبيكة الذهب من التراب 2382 / 74 - الراوندي: عن إسماعيل بن عباس الهاشمي قال: جئت إلى أبى جعفر - عليه السلام - يوم عيد، فشكوت إليه ضيق


(1) ليس في البحار. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: وأبصرت. (3) في المصدر: أن أقدم. (4) في المصدر: لى. (5) من المصدر، وفيه: في المهد وناوله. (6) الخرائج والجرائح: 1 / 372 ح 1، الثاقب في المناقب: 200 ح 6 وص 525 ح 10. وأخرجه في كشف الغمة: 2 / 365 واثبات الهداة: 3 / 338 ح 24 والبحار: 50 / 46 ح 20 وحلية الابرار: 4 / 540 ح 4 عن الخرائج.


[ 374 ]

المعاش. فرفع المصلى وأخذ من التراب سبيكة من ذهب فاعطانيها. فخرجت بها إلى السوق فكان [ فيها ] (1) ستة عشر مثقالا [ من ذهب ] (2). ورواه صاحب (ثاقب المناقب) عن إسماعيل بن عباس الهاشمي قال: جئت إلى أبى جعفر - عليه السلام - يوم عيد، وساق الحديث إلى آخره. (3)

الخمسون: علمه - عليه السلام - بالغائب 2383 / 75 - الراوندي: قال: روى عن ابن ارومة أنه قال: حملت إلى امراة شيئا من حلى وشيئا من دراهم وشيئا من ثياب، فتوهمت أن ذلك كله لها، ولم أسالها أن لغيرها في ذلك شئ (4). فحملت ذلك إلى المدينة مع بضاعات لاصحابنا، [ فوجهت ذلك كله إليه ] (5). وكتبت في الكتاب أنى قد بعثت [ إليك ] (6) من قبل فلانة كذا (ومن


(1 و 2) من المصدر، وفي البحار: فكانت، وفي الاصل: وكانت، وما أثبتناه من المصدر. (3) الخرائج والجرائح: 1 / 383 ح 12، الثاقب في المناقب: 526 ح 12. وأخرجه في كشف الغمة: 2 / 368 والصراط المستقيم: 2 / 200 ح 8 والبحار: 50 / 49 ح 26 عن الخرائج. (4) في البحار: ولم أحتط عليها أن ذلك لغيرها فيه شئ. (5) من البحار. (6) من المصدر والبحار.


[ 375 ]

قبل فلان كذا) (1) [ ومن قبل فلان وفلان بكذا ] (2). فخرج في التوقبع: (قد وصل ما بعثت من قبل فلان وفلان ومن قبل المراتين، تقبل الله منك ورضى الله عنك وجعلك معنا في الدنيا والاخرة). فلما رايت ذكر المراتين شككت في الكتاب أنه غير كتابه [ وأنه قد عمل على دونه ] (3)، لانى كنت في نفسي على يقين أن الذى دفعت إلى المراة كان كله لها، وهى مراة واحدة، فلما رايت (في التوقيع) (4) إمراتين اتهمت فوصل كتابي. فلما انصرفت إلى البلاد جائتني المراة فقالت: هل [ أوصلت ] (5) بضاعتي ؟ فقلت: نعم، [ قالت: وبضاعة فلانة ؟ قلت: وكان فيها لغيرك شئ ؟ قالت: نعم ] (6). كان لى فيها كذا ولاختي [ فلانة ] (7) كذا. قلت: بلى (قد) (8) أوصلت (ذلك. وزال ما كان عندي) (9). (10)


(1) ليس في البحار، وفيه بكذا. (2) من المصدر والبحار. (3) من المصدر والبحار. (4) ليس في البحار. (5) من المصدر والبحار. (6) من المصدر والبحار، وفي البحار: هل كان. (7) من المصدر. (8 و 9) ليس في البحار. (10) الخرائج والجرائح: 1 / 386 ح 15 وعنه إثبات الهداة: 3 / 338 ح 28 والبحار: 50 / 52 ح 26.


[ 376 ]

 

الحادى والخمسون: علمه - عليه السلام - بما في النفس 2384 / 76 - الراوندي: قال: روى [ عن ] (1) محمد بن ارومة، عن الحسين المكارى قال: دخلت على أبى جعفر - عليه السلام - ببغداد وهو على ما كان من أمره. فقلت في نفسي: هذا الرجل لا يرجع إلى موطنه أبدا وأنا أعرف مطعمه (2). قال: فاطرق - عليه السلام - راسه ثم رفعه وقد اصفر لونه، فقال: يا حسين خبز الشعير وملح جريش في حرم جدى رسول الله - صلى الله عليه وآله - أحب إلى مما تراني فيه (3).

الثاني والخمسون: علمه - عليه السلام - بما يكون وكلام الميت 2385 / 77 - الراوندي: قال: قال أبو هاشم الجعفري: جاء رجل إلى محمد بن على بن موسى - عليهم السلام - فقال: يا ابن رسول الله إن أبى مات وكان له مال، [ ففاجاه الموت ] (4)،


(1) من المصدر والبحار. (2) أي أنه يرجع إلى وطنه، والحال أن مطعمه بالطيب والدعة و السعة التى أعرفها وأراها. (3) الخرائج والجرائح: 1 / 383 ح 11 وعنه اثبات الهداة: 3 / 338 ح 26 والبحار: 50 / 48 ح 25، وفي الصراط المستقيم: 2 / 200 ح 7 عنه مختصرا. (4) من المصدر.


[ 377 ]

ولست أقف على ماله، ولى عيال كثيرون، وأنا من مواليكم، فاغثنى. فقال [ أبو جعفر ] (1) - عليه السلام -: إذا صليت العشاء الاخرة فصل على محمد وآل محمد، فان أباك ياتيك في النوم ويخبرك بامر المال. ففعل الرجل ذلك، فراى أباه في النوم فقال: يا بنى مالى في موضع كذا، فخذه وامض (2) إلى ابن رسول الله، فاخبره (3) أنى دللتك على المال. فذهب الرجل وأخذ المال، وأخبر الامام - عليه السلام - بامر المال. فقال: (الحمد لله الذى أكرمك واصطفاك). (4)

الثالث والخمسون: علمه - عليه السلام - بموت أبيه من البعد 2386 / 78 - الراوندي: قال: روى أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد (5)، عن أبى جعفر - عليه السلام -، قال لى بالمدينة: يا معمر اركب. قلت: إلى أين ؟ قال: إركب كما يقال لك. فركبت معه، فانتهينا إلى واد وإلى وهدة وإلى تل (6) فوقفت،


(1) من المصدر والبحار. (2) في المصدر: واذهب به، وفي البحار: واذهب. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: وأخبره. (4) الخرائج والجرائح: 2 / 665 ح 5 وعنه البحار: 50 / 42 ح 8 وعن مناقب ابن شهراشوب الاتى في المعجزة 61. (5) في المصدر: أبو الحسن بن معمر بن خلاد. (6) كذا في المصدر، وفي الاصل: به أكمة بدل (وإلى وهدة وإلى تل).


[ 378 ]

ومضى (1)، ثم أتانى، فقلت: جعلت فداك أين كنت ؟ قال: دفنت أبى الساعة، [ وكان ] (2) بخراسان. (3)

الرابع والخمسون: علمه - عليه السلام - بالغائب 2387 / 79 - الراوندي: عن داود بن محمد النهدي، عن عمران بن محمد الاشعري قال: دخلت على أبى جعفر الثاني - عليه السلام - وقضيت حوائجى، وقلت له: إن ام الحسن (4) تقرئك السلام وتسالك ثوبا من ثيابك تجعله كفنا لها. قال: قد استغنت عن ذلك، فخرجت ولست أدرى ما (5) معنى ذلك.


(1) في المصدر: وخرج. (2) من المصدر والبحار. (3) الخرائج والجرائح: 2 / 666 ح 6 وعنه البحار: 49 / 42 ح 20 والعوالم: 22 / 503 ح 8 وعن كشف الغمة: 2 / 363. وأخرجه في البحار: 50 / 64 قطعة من ح 40 واثبات الهداة: 3 / 341 ح 37 عن كشف الغمة. (4) كنية لزوجة عمران بن محمد كما ذكر ذلك في الصراط المستقيم، بانه قال: إن زوجتى تسالك الخ فيحتمل أن تكون كنية عمران أبو الحسن أيضا، إذ لم يصرح بكنيته في كتب الرجال. (5) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ولا أعرف معنى ذلك.


[ 379 ]

فأتاني الخبر بانها قد ماتت قبل ذلك بثلاثة عشر يوما. [ أو أربعة عشر يوما ] (1). ورواه السيد المرتضى في (عيون المعجزات): عن عمران بن محمد الاشعري قال: دخلت على أبى جعفر - عليه السلام - لما قضيت حوائجى، وذكر الحديث. (2)

الخامس والخمسون: علمه - عليه السلام - بما في النفس 2388 / 80 - الراوندي: قال: روى أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سهل بن يسع قال: كنت مجاورا بمكة، فصرت إلى المدينة، فدخلت على أبى جعفر الثاني - عليه السلام -، وأردت أن أساله (عن) (3) كسوة يكسونيها، فلم يتفق أن أساله حتى ودعته وأردت الخروج. فقلت: أكتب إليه وأساله.


(1) من المصدر والبحار. (2) الخرائج والجرائح: 2 / 667 ح 9، عيون المعجزات: 124. وأخرجه في اثبات الهداة: 3 / 339 ح 30 عن الخرائج، وفي البحار: 50 / 43 ح 11 عن الخرائج وكشف الغمة: 2: 363. وفي اثبات الهداة: 3 / 347 ح 75 عن الصراط المستقيم: 2: 201 ح 14 نقلا من الخرائج مختصرا. (3) ليس في المصدر، وفيه: فلم يقض لى بدل (فلم يتفق).


[ 380 ]

فقال: كتبت إليه كتابا، وصرت إلى المسجد (1) على أن اصلى ركعتين، وأستخير الله مائة مرة، فان (2) وقع في قلبى أن أبعث إليه بالكتاب بعثت به وإلا خرقته، ففعلت فوقع في قلبى أن لا أبعث (3)، فخرقت الكتاب وخرجت من المدينة. فبينما أنا كذلك (4) إذ رايت رسولا ومعه ثياب في منديل، (وهو) (5) يتخلل القطار ويسال عن محمد بن سهل القمى حتى انتهى إلى، فقال: مولاك بعث إليك بهذا، [ وإذا ملاءتان ] (6). قال أحمد بن محمد: فقضى الله أنى غسلته حين مات فكفنته [ فيهما ] (7). (8)


(1) في المصدر: قال: فكتب إليه الكتاب، فصرت إلى مسجد الرسول - صلى الله عليه وآله -، وفي البحار: قال: فكتب إليه الكتاب، فصرت. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: فقال: (3) في المصدر: أن لا أفعل. (4) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: فبينا أنا سائر. (5) ليس في المصدر والبحار، والقطار، من الابل: عدد منها بعضه خلف بعض ما نسق واحد. (6) من المصدر، والملاءة: الملحفة، ويفرش على السرير. (7) من المصدر والبحار، وفي البحار: وكفنته. (8) الخرائج والجرائح: 2 / 668، ح 10 وعنه البحار: 50 / 44 ح 12 وإثبات الهداة: 3 / 331، ح 31.


[ 381 ]

 

السادس والخمسون: علمه - عليه السلام - بما يكون 2389 / 81 - الراوندي: قال: روى أبو سليمان (1)، عن صالح بن محمد بن صالح بن داود اليعقوبي قال: لما توجه أبو جعفر - عليه السلام - لاستقبال المأمون إلى ناحية الشام، أمر أن يعقد ذنب دابته، وذلك في يوم صائف شديد الحر لا يوجد الماء. فقال بعض من كان معه: لا عده له بركوب الدواب ! فان (2) موضع عقد ذنب البرذون غير هذا. قال: فما مررنا إلا يسيرا حتى ضللنا الطريق بمكان كذا، ووقعنا في وحل كثير، ففسد ثيابنا وما معنا، ولم يصب (الامام - عليه السلام -) (3) شئ من ذلك. (4) 2390 / 82 - ثاقب المناقب: عن محمد بن القاسم، عن أبيه، عن بعض المدينيين قال:


(1) هو أبو سليمان الحذاء، عده الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام، قائلا: ابو سليمان الجبلى، روى عن أحمد بن أبى عبد الله، والظاهر أنه: خالد الحذاء كما في سند الحضينى. (2) كذا في البحار، وفي المصدر: أي، وفي الاصل بان. (3) ليس في المصدر والبحار، وفيهما: ولم يصبه. (4) الخرائج والجرائح: 2 / 669 ح 13، وعنه البحار: 50 / 45 ح 15 واثبات الهداة: 3 / 339 ح 32. ورواه الحضينى في الهداية الكبرى: 300 (المطبوع).


[ 382 ]

لما وجه المأمون إليه وهو بتكريت متوجها إلى الروم، وصار في بعض الطريق في حميم الحر، ولا مطر وحل ولا ماء به (1) ولا حوض، قال لبعض غلمانه: اعقد ذنب برذونى، فتعجب الناس ووقفوا حتى عقد الغلام ذنب برذونه، ثم مضى ومضى الناس معه، وعمر بن الفرج يهزء متعجبا (2). [ قال: ] (3) فما مضى إلا ميلا أو ميلين، وإذا هم بماء قد فاض من نهر، فطبق الارض أجمع، فمضى والناس وقوف (4) حتى شدوا أذناب دوابهم. قال أبى: قال عمر بن الفرج: والله لو راى أخى هذا لكفر اليوم أشد وأشد. (5)

السابع والخمسون: استجابة دعائه - عليه السلام - 2391 / 83 - الراوندي: قال: روى عن ابن ارومة أنه قال: إن المعتصم دعا جماعة من وزرائه فقال: اشهدوا لى على محمد بن على بن موسى - عليهم السلام - زورا، واكتبوا (كتابا) (6) إنه أراد أن يخرج، ثم دعاه فقال (له) (7):


(1) في المصدر: ولا ماء يرى. (2) في المصدر: مستهزئ متعجب. (3) من المصدر، وفيه: فما مضوا. (4) كذا في المصدر، وفي الاصل: وقفوا. (5) الثاقب في المناقب: 518 ح 4، وفيه: أشده وأشده. (6 و 7) ليسا في المصدر والبحار.


[ 383 ]

إنك أردت أن تخرج على ؟ فقال: والله ما فعلت شيئا من ذلك. قال: إن فلانا وفلانا (وفلانا) (1) شهدوا عليك (بذلك) (2) واحضروا. فقالوا: نعم هذه الكتب أخذناها من بعض غلمانك. قال: وكان جالسا في نهر (3) فرفع أبو جعفر - عليه السلام - يده وقال: (اللهم إن كانوا كذبوا على فخذهم). قال: فنظرنا إلى ذلك النهر (4) كيف يزحف (5) ويذهب ويجئ، وكلما قام واحد وقع. فقال المعتصم: يابن رسول الله إنى تائب مما قلت (6)، فادع ربك أن يسكنه. فقال: اللهم سكنه إنك تعلم أنهم أعداوك وأعدائي، فسكن. ورواه صاحب (ثاقب المناقب): عن ابن ارومة قال: إن المعتصم دعا جماعة من وزرائه، وذكر الحديث. (7)


(1) ليس في البحار. (2) ليس في المصدر والبحار، وفي البحار: فاحضروا. (3 و 4) في المصدر والبحار: في بهو، والبهو: البيت المقدم أمام البيوت، أو المكان المخصص لاستقبال الضيوف. (5) في البحار: يرجف. (6) في المصدر: فعلت. (7) الخرائج والجرائح: 2 / 670، ح 18، الثاقب في المناقب: 524 ح 59، وأخرجه في البحار: 50 / 45 ح 18 وإثبات الهداة: 3 / 340 ح 33 عن الخرائج.


[ 384 ]

 

الثامن والخمسون: علمه - عليه السلام - بالغائب 2392 / 84 - ابن شهراشوب: عن بنان بن نافع قال: سالت على بن موسى الرضا - عليه السلام - فقلت: جعلت فداك من صاحب الامر بعدك ؟ فقال لى: يا بن نافع ! يدخل عليك من هذا الباب من ورث ما ورثته من (1) قبلى، وهو حجة الله تعالى من بعدى. فبينا أنا كذلك إذ دخل علينا محمد بن على - عليها السلام -، فلما بصربى قال [ لى ] (2): يابن نافع ألا احدثك بحديث ؟ إنا معاشر الائمة إذا حملته امه يسمع الصوت في (3) بطن امه أربعين يوما، فإذا أتى له في بطن امه أربعة أشهر رفع الله تعالى [ له ] (4) أعلام الارض، فقرب له ما بعد عنه حتى لا يعزب عنه حلول قطرة غيث نافعة ولا ضارة. وإن قولك لابي الحسن: من حجة الدهر والزمان من بعده ؟ الذى حدثك أبو الحسن ما سالت (5) عنه هو الحجة عليك. فقلت: أنا أول العابدين، ثم دخل علينا أبو الحسن، فقال لى: يا بن نافع ! سلم واذعن له بالطاعة، فروحه روحي، و (روحي) (6)


(1) في البحار: ممن هو قبلى. (2) من المصدر والبحار. (3) في المصدر: من. (4) من المصدر والبحار. (5) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: لسالت. (6) من المصدر والبحار.


[ 385 ]

روح رسول الله - صلى الله عليه وآله -. (1)

التاسع والخمسون: خبر الطير 2393 / 85 - ابن شهراشوب: قال: اجتاز المأمون بابن الرضا - عليه السلام - وهو بين الصبيان، فهربوا سواه. فقال: على به. فقال له: ما لك ما هربت [ في جملة الصبيان ] (2) ؟ قال: ما لى ذنب فافر [ منه ] (3)، ولا الطريق ضيق فاوسعه عليك، مر (4) من حيث شئت. فقال: من تكون [ أنت ] (5) ؟ قال له: أنا محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب - عليهم السلام -. فقال: ما تعرف من العلوم ؟ قال: سلنى عن أخبار السموات، فودعه ومضى، وعلى يده باز أشهب يطلب به الصيد (6).


(1) مناقب ابن شهراشوب: 4 / 388 وعنه البحار: 50 / 55 - 56 وإثبات الهداة: 3 / 326 ح 23. (2) من المصدر والبحار. (3) من البحار. (4) في المصدر: تمر، وفي البحار: سر حيث. (5) من البحار، وكلمة (له) ليس فيه وفي المصدر. (6) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: بالصيد.


[ 386 ]

فلما بعد عنه نهض عن يده الباز، فنظر يمينه وشماله لم يرصيدا، والباز يثب عن يده، فارسله وطار يطلب الافق، حتى غاب عن ناظره ساعة، ثم عاد إليه وقد صاد حية، فوضع الحية في بيت الطعم وقال لاصحابه: قد دنا حتف (1) ذلك الصبى في هذا اليوم على يدى. ثم عاد وابن الرضا - عليه السلام - في جمله الصبيان. فقال: ما عندك من أخبار السموات (والارض) (2) ؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين حدثنى أبى، عن آبائه (3)، عن النبي - صلى الله عليه وآله -، عن جبرئيل، عن رب العالمين أنه قال: (بين السماء والهواء بحر عجاج يتلاطم به الامواج، فيه حيات خضر البطون، رقط الظهور، يصيدها الملوك بالبزاة الشهب، يمتحن به (4) العلماء. فقال: صدقت [ وصدق آباوك ] (5) وصدق جدك وصدق ربك. فاركبه ثم زوجه ام الفضل (6). (7)


(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: مدوا ناصف ذلك. (2) ليس في المصدر والبحار. (3) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: عن أبيه. (4) في المصدر: بها. (5) من المصدر والبحار، وفي البحار: أبوك. (6) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: وزوجه بدل (ثم زوجه ام الفضل). (7) مناقب ابن شهراشوب: 4 / 388 - 389، وعنه البحار: 50 / 56 وحلية الابرار: 4 / 567 ح 1. وأخرج نحوه في البحار المذكور ص 91 ح 6 وحلية الابرار: 4 / 568 ح 2 عن كشف =


[ 387 ]

 

الستون: خبر الفصد (1)


= الغمة: 2 / 346 نقلا من مطالب السول: 2 / 74. (1) لقد الستوعب أئمة أهل البيت - عليهم السلام - شتى العلوم ومنها علوم الطب والحكمة بما آتاهم الله من فضله، وأطلعهم على غيبه، وحباهم من نوره، وألهمهم من معرفته، وبما ورثوه من علوم خاتم الانبياء وسيد المرسلين - صلى الله عليه وآله -، فكانوا - عليهم السلام - يعالجون المرضى تارة بالقران والدعاء والاحراز والرقى والصدقة، وتارة يوصونهم بضرورة النظافة والطهارة والوقاية العامة، وثالثة يصفون لهم الاعشاب والنباتات وغيرها من العقاقير الطيبة التى كانت توثر بشكل فعال في شفاء المرضى مما يدل على أقدارهم - عليهم السلام - الكبيرة وإمكاناتهم الواسعة بتشخيص المرض من دون اللجوء إلى أجراء التحليلات المختبرية والصور الشعاعية والتخطيطات وما إلى ذلك من الوسائل المتطورة الحديثة المعروفة في يومنا هذا. ويتم أيضا عن درايتهم - عليهم السلام - واطلاعهم الواسع بخواص تلك العقاقير وتاثيرها المباشر على المرض، وبالتالي صحة تشخيصهم لمختلف الامراض. وتجدر الاشارة هنا إلى أنه بعد مرور عدة قرون جاء الطب الحديث بامكاناته الواسعة ليبرهن على صحة وصواب ما ورد عنهم - عليهم السلام - من أخبار وأحاديث في هذا المجال، لابل إنه اعتمد الكثير من تلك الاخبار، وما العودة إلى استخدام الحجامة والفصد علاجا أساسيا أو مساعدا لغيره من العلاجات ومتعاضدا معها للوصول إلى الشفاء إلا مثالا صارخا على صحة ما ذكرناه. ولقد أقر الكثير من العلماء والمستشرقين في بحوثهم وتحقيقاتهم بتلك الحقائق والاخبار الواردة عنهم - عليهم السلام - واتفقوا على أن قوانين الطب قد جمعت في قوله تعالى: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا) الاعراف: 31. ولا باس أخى القارئ أن نذكر هنا لمحا عن الحجامة والفصد، يقال: فصد العرق فصدا: شقة، ويقال: فصد المريض: اخرج مقدارا من دم وريده. وقد تكامل الفصد اليوم باستعمال إبرة واسعة القناة بواسطتها ويوخذ الدم من الوريد مباشرة، وتتراوح كمية الدم المقصود بين 300 - 500 سم 3، ويجب أن يتم باسرع =


[ 388 ]


= ما يمكن. وتخلف الحجامة عن الفصد في أن الاخير هو إخراج دم الوريد بشقة كما هو نقيا كان أو غليظا، بينما الحجامة هي إخراج الدم الفاسد بواسطة الممص - آلة المص - من العروق الدقيقة والشعيرات الدموية المبثوثة في اللحم، والفصد يقلل الدم، وبالتالي يحتاج إلى تعويض وخلق جديد، بينما الحجامة تنقى الدم وتصفية دون أن يفقد الجسم كمية كبيرة منه بل العكس أنها تنشط الدورة الدموية وتوجب الرشد. وعلى هذا فالحجامة لا تضعف البدن كما في الفصد. وتستعمل الحجامة أساسا للتخفيف عن الدورة الدموية وما يثقلها من سموم الفضلات والدهون والمتخلفات من الافراز، وقد استعملت منذ قديم الزمان كواجب من الواجبات الفصلية، وكعلاج ناجح لعدد من الامراض كالجلطة الدموية والسكتة القلبية، وانفجار الشريان الدماغى. قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: (عليكم بالحجامة، لا يتبيغ الدم باحدكم، فيقتله). وقال جالينوس: دمك عبدك، وربما قتل العبد سيده، فاطلقه، فان رايته صالحا فامسكه. والاحاديث فيها كثيرة متواترة، ويعد العلق الطبى - واحدتها علقة - وهى دودة تعيش في الماء تمص الدم - من ملحقات الحجامة، وله اهميته أيضا في العلاج الموضعى لكثير من أمراض الاوردة الدموية كركود الدم في منطقة ما في الجسم، وذلك بما يتمتع به العلق من غريزة خاصة في مص الدم الفاسد، وإدخاله الهواء أثناء عملية المص تحت الجلد. ومن ناحية أخرى ينفرد الفصد في علاج الحالات التالية: 1 - الهبوط الوظيفي في البطين الايسر المودى إلى تورم في الرئتين ينجم عنها عسر شديد في التنفس. 2 - ضغط الدم الدماغى العالي لغلظة الدم. 3 - إزدياد عدد كريات الدم الاولى. 4 - الاحتقان الرئوي. وللفصد عروق معروفة ولها أسماء خاصة كالعرق الزاهر والاكحل يخرج منها الدم وقد ورد عن النبي والائمة - صلوات الله عليهم - أن للفصد أوقات معينة. =


[ 389 ]

2394 / 86 - ابن شهراشوب: قال: وفي كتاب (معرفة تركيب الجسد) عن الحسين بن أحمد التميمي (1): روى عن أبى جعفر الثاني - عليه السلام - أنه استدعى فاصدا في أيام المأمون فقال له: أفصدني في العرق الزاهر ! فقال له: ما أعرف هذا العرق يا سيدى ولا سمعته، فاراه إياه، فلما فصده خرج منه ماء أصفر فجرى حتى امتلا الطست، [ ثم ] (2) قال له: امسكه، فامر بتفريغ الطست. ثم قال: خل عنه، فخرج دون ذلك، فقال: شده الان، فلما شد يده أمر له بمائة [ دينار ] (3)، فاخذها وجاء إلى نحاس (4) فحكى له ذلك، فقال: والله ما سمعت بهذا العرق مذ نظرت في الطب، ولكن هاهنا فلان


= وأما الحجامة فلها مواضع معروفة كاليافوخ من الراس والنقرة من الظهر وغيرها، ولها أوقات معينة أيضا، وردت عن النبي والائمة - صلوات الله عليهم - في الاحاديث الشريفة. (1) في البحار: التيمى. (2 و 3) من المصدر والبحار. (4) في البحار: وجاء إلى يوحنا بن يختيشوع، وفي المصدر: بخناس. ويوحنا بن بختيشوع: هو طبيب أخى المعتمد، شخص أسقفا على الموصل سنة 893 م / 279 ه‍. وهذا التاريخ بعيد عن حياة الامام الجواد - عليه السلام - والذى استشهد سنة 220 ه‍ والظاهر أنه جبرئيل بن بختيشوع بن جورجيس، طبيب المأمون، توفى سنة 828 م / 212 ه‍. واسرة بختيشوع: اسرة أطباء من النساطرة أصلها من جنديسابور، خدمت الخلفاء العباسيين نحو ثلاثة قرون. اشتهر منها: جورجيس بن جبرئيل وبختيشوع بن جبرئيل.


[ 390 ]

الاسقف (1) قد مضت عليه السنون، فامض بنا إليه، فان كان عنده علمه و إلا لم نقدر على من يعلمه، فمضيا ودخلا عليه وقصا القصص، فاطرق مليا ثم قال: يوشك أن يكون هذا الرجل نبيا أو من ذرية نبى. (2)

الحادى والستون: علمه - عليه السلام - بما يكون 2395 / 87 - ابن شهراشوب: عن الحسن بن على: إن رجلا جاء إلى التقى - عليه السلام - وقال (له) (3): ادركني يا بن رسول الله، فان أبى قد مات فجاة وكان له ألفا دينار ولست أصل إليه ولى عيال كثير. فقال: إذا صليت العتمة فصل على محمد وآل محمد مائة مرة ليخبرك به. (قال:) (4) فلما فرغ الرجل من ذلك راى أباه يشير إليه بالمال، [ فلما أخذه قال: يا بنى إذهب به إلى الامام واخبره بقصتي، فانه أمرنى بذلك، فلما انتبه الرجل أخذ المال ] (5). وأتى أبا جعفر - عليه السلام - وقال الحمد لله الذى أكرمك و اصطفاك. وفي رواية ابن اسباط وهو إذ ذاك خماسى إلا أنه لم يدر بموت والده. (6)


(1) الاسقف: فوق القسيس ودون المطران، والكلمة يونانية. (2) مناقب ابن شهراشوب: 4 / 389 وعنه البحار: 50 / 57. (3 و 4) ليس في المصدر. (5) من المصدر. (6) مناقب ابن شهراشوب: 4 / 391 وعنه البحار: 50 / 43 ح 8. وأخرجه في البحار: 76 / 220 صدر ح 31 عن دعوات الراوندي: 57 ح 145. متحد مع المعجزة: 52.


[ 391 ]

 

الثاني والستون: علمه - عليه السلام - بما يكون وعلمه بالغائب 2396 / 88 - ابن شهراشوب: عن أحمد بن على بن كلثوم السرخسى [ قال: ] قال أبو زينبة (1): [ كان ] في حلق الحكم بن يسار المروزى شبه [ الخط ] (2) كانه أثر الذبح، فسألته عن ذلك فقال: كنا سبعة نفر في حجرة واحدة ببغداد في زمان أبى جعفر الثاني - عليه السلام -، فغاب عنا الحكم عند العصر ولم يرجع تلك الليلة. فلما كان جوف الليل جائنا توقيع من أبى جعفر - عليه السلام - (إن صاحبكم الخراساني مذبوح مطروح في لبد (3) في مزبلة كذا وكذا، فاذهبوا فداووه بكذا وكذا)، [ فذهبنا ] (4) فحملناه وداويناه بما أمرنا به فبرا من ذلك. (5)

الثالث والستون: علمه - عليه السلام - بما يكون 2397 / 89 - ابن شهراشوب: عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال:


(1) أبو زينبة هو محمد بن سليمان بن مسلم الامامي (تنقيح المقال). (2) من المصدر. (3) اللبد: البساط من صوف، ما يجعل على ظهر الفرس تحت السرج. (4) من المصدر والبحار. (5) مناقب آل أبى طالب: 4 / 397 وعنه البحار: 50 / 641 ح 41 وعن اختيار معرفة الرجال: 569 ح 1077 وأخرجه في إثبات الهداة: 3 / 343 ح 45 عن اختيار معرفة الرجال.


[ 392 ]

كتب إلى أبو جعفر - عليه السلام - كتابا وأمرني أن أفكه حين (1) يموت يحيى بن عمران. قال: فمكث الكتاب عندي سنين، فلما كان اليوم الذى مات فيه يحيى بن عمران فككته فإذا فيه: قم بما كان يقوم به أو نحو هذا [ من ] (2) الامر. قال: فقرا إبراهيم هذا الكتاب في المقبرة يوم مات يحيى [ بن عمران ] (3)، وكان إبراهيم يقول: كنت لا أخاف الموت ما كان يحيى حيا. ورواه صاحب (ثاقب المناقب) عن إبراهيم بن محمد الهمداني، وذكر الحديث. (4)

الرابع والستون: إحياء الميت 2398 / 90 - ثاقب المناقب: عن أحمد بن محمد الحضرمي قال: حج أبو جعفر - عليه السلام -، فلما نزل زبالة فإذا هو بامراة ضعيفة تبكى على بقرة مطروحة على قارعة الطريق، فسألها عن علة بكائها، فقامت المراة إلى أبى جعفر - عليه السلام - وقالت: يابن رسول الله إنى إمراة ضعيفة لا أقدر على شئ وكانت هذه البقرة كل مال أملكه. فقال لها أبو جعفر - عليه السلام -: (إن أحياها الله تبارك وتعالى لك ما


(1) في المصدر والبحار: أن لا أفكه حتى يموت. (2 و 3) من المصدر والبحار. (4) مناقب آل أبى طالب: 4 / 397، الثاقب في المناقب: 515 ح 1. وأخرجه في البحار: 50 / 37 ح 2 عنه وعن بصائر الدرجات: 262 ح 2 وفي إثبات الهداة: 3 / 337 ح 20 عن البصائر والخرائج: 2 / 717 ح 18.


[ 393 ]

تفعلين ؟) قالت: [ يابن رسول الله ] (1) لاجددن لله شكرا، فصلى أبو جعفر - عليه السلام - ركعتين ودعا بدعوات، ثم ركض برجله البقرة فقامت البقرة وصاحت المراة عيسى بن مريم، فقال أبو جعفر - عليه السلام -: (لا تقولي هذا بل (نحن) (2) عباد مكرمون، [ أوصياء الانبياء ] (3). (4)

الخامس والستون: علمه - عليه السلام - بالغائب 2399 / 91 - ثاقب المناقب، عن على بن مهزيار قال: حدثنى محمد بن الفرج [ أنه قال: ] (5) ليتنى إذا دخلت على أبى جعفر - عليه السلام - كسانى ثوبين قطوانيين مما لبسه أحرم فيهما. قال: فدخلت عليه بسرف (6) وعليه رداء قطوانى (7) يلبسه، فاخذه وحوله من هذا العاتق إلى الاخر (8)، ثم إنه أخذ من ظهره وبدنه إلى آخر (مما) (9) يلبسه خلفه، فقال: (أحرم فيهما بارك الله لك). (10)


(1) من المصدر، وفيه: فما تفعلين ؟ (2) ليس في المصدر. (3) من المصدر. (4) الثاقب في المناقب: 503 ح 1. (5) من المصدر. (6) في المصدر: بشرف. (7) القطوانى: نسبة إلى موضع بالكوفة (لسان العرب). (8) كذا في المصدر، وفي الاصل هكذا: وحركه من هذا العاتق إلى آخره. (9) ليس في المصدر. (10) الثاقب في المناقب: 514 ح 4.


[ 394 ]

 

السادس والستون: علمه - عليه السلام - بالغائب 2400 / 92 - ثاقب المناقب: عن محمد بن أبى القاسم قال: ورواه عامة أهل المدينة أن الرضا - عليه السلام - كتب في أحمال له تحمل إليه من المتاع وغير ذلك، فلما توجهت وكان يوما من الايام أرسل (إليه) (1) أبو جعفر - عليه السلام - رسلا يردونها لم ندر (2) لم ذلك، ثم حسب ذلك اليوم في ذلك الشهر فوجدوه يوما (3) مات فيه الرضا - عليه السلام -. (4)

السابع والستون: علمه - عليه السلام - بالغائب 2401 / 93 - عنه: عن محمد بن القاسم، عن أبيه وعن غير واحد من أصحابنا أنه قد (5) سمع عمر بن الفرج أنه قال: سمعت من أبى جعفر - عليه السلام - شيئا لو راه محمد أخى لكفر، فقلت: وما هو أصلحك الله ؟ قال [ إنى ] (6) كنت معه يوما بالمدينة إذ قرب الطعام فقال: (امسكوا) فقلت: [ فداك أبى ] (7) قد جاءكم الغيب ؟ فقال: (على بالخباز) فجئ به وعاتبه وقال: من أمرك أن تسمنى في هذا الطعام ؟ فقال له: جعلت فداك فلان، ثم أمر بالطعام فرفع واتى


(1) ليس في المصدر. (2) في المصدر: فلم يدر. (3) في المصدر: فوجد يوم. (4) الثاقب في المناقب: 517 ح 1. (5) كذا في المصدر، وفي الاصل: أنه قال: (6 و 7) من المصدر.


[ 395 ]

بغيره. (1)

الثامن والستون: علمه - عليه السلام - بالغائب 2402 / 94 - عنه: عن محمد بن أبى القاسم، عن أبيه قال: حدثنى بعض المدنيين أنهم كانوا يدخلون على أبى جعفر - عليه السلام - وهو نازل في قصر أحمد بن يوسف يقولون له (2): يا أبا جعفر جعلنا فداك قد تهيانا (3) وتجهزنا ولا تزال (4) تهم بذلك، فقال لهم: (لستم بخارجين حتى تغرفوا بايديكم من الابواب (5) التى ترونها)، فتعجبوا من ذلك أن ياتي الماء في تلك الكرة (6)، فما خرجوا حتى اغترفوا بايديهم منها. (7)

التاسع والستون: علمه - عليه السلام - بما يكون 2403 / 95 - عنه: عن محمد عن أبى القاسم، عن أبيه، ورواه عامة أصحابنا قال: إن رجلا خراسانيا أتى أبا جعفر - عليه السلام - بالمدينة، فسلم عليه وقال: السلام عليك يابن رسول الله وكان واقفيا، فقال له: (سلام) وأعادها الرجل، فقال: (سلام) فسلم الرجل بالامامة.


(1) الثاقب في الماقب: 517 ح 2. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: يقول له. (3) كذا في المصدر، وفي الاصل: تنهانا. (4) في المصدر: ولا نراك. (5) في المصدر: حتى تغترفوا الماء بايديكم من هذه الابواب. (6) في المصدر: من تلك المكثرة. (7) الثاقب في المناقب: 518 ح 3.


[ 396 ]

قال: قلت في نفسي: كيف علم أنى غير موتم به وإنى واقف عنه ؟ ! قال: ثم بكى وقال: جعلت فداك هذه كذا وكذا دينارا فاقبضها، فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: (قد قبلتها فضمها إليك). فقال: إنى خلفت صاحبتي ومعها ما يكفيها ويفضل عنها، فقال: (ضمها إليك فانك (1) ستحتاج إليها مرارا)، قال الرجل: ففعلت ورجعت فإذا طرار (2) قد أتى منزلي فدخله ولم يترك شيئا إلا أخذه، فكانت تلك الدنانير هي التى تحملت بها إلى منزلي. (3)

السبعون: علمه - عليه السلام - بمنطق الشاة 2404 / 96 - عنه: عن على بن أسباط قال: خرجت مع أبى جعفر - عليه السلام - من الكوفة وهو راكب على حمار، فمر بقطيع من الغنم، فتركت شاة القطيع وعدت إليه وهى ترعى (4) فاحتبس [ - عليه السلام - وأمرني أن أدعو الراعى إليه، ففعلت، فقال: ] (5) أبو جعفر - عليه السلام -: (أيها الراعى إن هذه الشاة تشكوك وتزعم [ أن لها رجلين ] (6) وأنك تحيف عليها بالحلب، فإذا رجعت إلى صاحبها بالعشى لم يجد معها لبنا، فان كففت (7) من ظلمها وإلا دعوت الله تعالى أن يبتر عمرك).


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: فانها. (2) الطرار: السارق (لسان العرب). (3) الثاقب في المناقب: 518 ح 5 وفيه: إلى موضعي. (4) في المصدر: بقطيع غنم فتركت شاة الغنم... وهى ترغى. (5 و 6) من المصدر. (7) كذا في المصدر، وفي الاصل: كففتها.


[ 397 ]

فقال الراعى: [ إنى ] (1) أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأنك وصيه، أسالك لما أخبرتني من أين عملت هذا الشان ؟ فقال أبو جعفر - عليه السلام -: (نحن خزان الله على علمه وغيبه (2) وحكمته وأوصياء أنبيائه وعباد مكرمون). (3)

الحادى والسبعون: علمه - عليه السلام - بما في النفس 2405 / 97 - عنه: عن أبى الصلت الهروي قال: حضرت مجلس الامام محمد بن على بن موسى الرضا - عليهم السلام - وعنده جماعة من الشيعة وغيرهم، فقام إليه رجل وقال: يا سيدى جعلت فداك، فقال - عليه السلام -: (لا تقصر واجلس). ثم قام إليه آخر وقال: يا مولاى جعلت فداك، فقال - عليه السلام -: (إن لم تجد أحدا فارم لها في الماء، فانها تصل إليه)، قال: فجلس الرجل، فلما انصرف من كان في المجلس قلت له: جعلت فداك يا سيدى رايت عجبا ! قال: (نعم تسألني عن الرجلين ؟) قلت: نعم يا سيدى. فقال: أما الاول فانه قام يسالنى عن الملاح يقصر في السفينة ؟ فقلت (4): لا، لان السفينة بمنزلة بيته ليس بخارج منها، وأما الاخر فانه قام يسالنى عن الزكاة إن لم يجد (5) أحدا من شيعتنا فالى من يدفعه ؟


(1) من المصدر. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: وعيبة حكمته. (3) الثاقب في المناقب: 522 ح 3. (4) في المصدر: قلت. (5) في المصدر: إن لم يصب.


[ 398 ]

قلت له: إن لم تجد أحدا من شيعتنا (1) فارم بها في الماء فانها تصل إلى أهلها. (2)

الثاني والسبعون: علمه - عليه السلام - بما يكون 2406 / 98 - عنه: عن صالح بن عطية الاضخم قال: حججت فشكوت إلى أبى جعفر - عليه السلام - الوحدة، فقال [ لى ] (3): إنك لا تخرج من الحرم حتى تشترى جارية [ ترزق منها ابنا، فقلت: تشير إلى ؟ ] (4) قال: نعم، وركب إلى النخاس ونظر إلى جارية فقال: اشترها، فاشتريتها فولدت [ محمدا ] (5). (6)

الثالث والسبعون: إستجابة دعائه - عليه السلام - 2407 / 99 - عنه: عن محمد بن عمير بن (7) واقد الرازي قال: دخلت على أبى جعفر محمد الجواد بن الرضا - عليه السلام - ومعى أخى


(1) في المصدر: إن لم تصب لها أحدا فارم. (2) الثاقب في المناقب: 523 ح 6. (3 - 5) من المصدر. (6) الثاقب في المناقب: 524 ح 7. وأخرجه في البحار: 50 / 43 ح 9 عن الخرائج: 2 / 666 ح 7 وفي ص 58 ح 33 عن فرج المهموم: 232 مفصلا ورواه في إثبات الوصية: 191 كما في فرج المهموم باختلاف. (7) كذا في الخرائج وكشف الغمة وفي الاصل محمد بن عمران، عن واقد الرازي وفي المصدر: محمد بن عمر بن واقد الرازي.


[ 399 ]

به بهق (1) شديد فشكى إليه من البهق، فقال: عافاك الله مما تشكو، فخرجنا من عنده وقد عوفي، فما عاد إليه ذلك البهق إلى أن مات. قال محمد بن عمير وكان يصيبني وجع في خاصرتي في كل اسبوع فيشتد ذلك لى (2) أياما، فسألته أن يدعو لى بزواله عنى، فقال: وأنت عافاك الله (3) فما عاد إلى هذه الغاية. (4)

الرابع والسبعون: بكاء أهل السموات عليه ومناغاة أبيه - عليه السلام - له في المهد 2408 / 100 - قال السيد المرتضى (5) قدس سره (في عيون المعجزات): ومن دلائل وبراهين أبى جعفر محمد بن على بن موسى - صلوات الله عليهم - روى عبد الرحمن بن محمد، عن كلثم (6) بن عمران قال: قلت للرضا - عليه السلام -: ادع الله أن يرزك ولدا، فقال - عليه السلام -: إنما ارزق ولدا واحدا وهو يرثنى، فلما ولد أبو جعفر - عليه السلام - قال الرضا - عليه السلام - لاصحابه: قد ولد لى شبيه موسى بن عمران - عليه


(1) البهق: بياض يعترى الجسد، يخالف لونه، ليس ببرص، وفي المصدر: فشكى إليه ذلك البهق. (2) في المصدر: بى. (3) في المصدر: فعافاك الله. (4) الثاقب في المناقب: 525 ح 11. وأخرجه في كشف الغمة: 2 / 367 والبحار: 50 / 47 ح 23 عن الخرائج: 1 / 377 ح 5. (5) قد ذكرنا مرارا أنه للحسين بن عبد الوهاب المعاصر للسيد المرتضى رحمهما الله. (6) في البحار: كليم.


[ 400 ]

السلام - فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم - عليه السلام - قدست ام ولدته، [ فلما ولدته ] (1) طاهرة مطهرة قال الرضا - عليه السلام -: يقتل غصبا فتبكى (2) عليه أهل السماء، ويغضب الله تعالى على عدوه وظالمه، فلا يلبث إلا يسيرا حتى يعجل الله به إلى عذابه الاليم وعقابه الشديد، وكان طول ليلته يناغيه [ في مهده ] (3). (4)

الخامس والسبعون: أنه - عليه السلام - علم بماء دجلة ووزنه 2409 / 101 - السيد المرتضى في (عيون المعجزات): عن عمر ابن الفرج الرخجى قال: قلت لابي جعفر - عليه السلام -: إن شيعتك تدعى أنك تعلم كل ماء في دجلة ووزنه ؟ وكنا على شاطئ دجلة. فقال - عليه السلام - لى: يقدر الله تعالى أن يفوض علم ذلك إلى بعوضة من خلقه أم لا ؟ قلت: نعم يقدر، فقال: أنا أكرم على الله تعالى من بعوضة ومن أكثر خلقه. (5)


(1) من المصدر، وفي البحار هكذا: قد خلقت طاهرة مطهرة ثم قال: (2) في المصدر والبحار: فيبكى له وعليه. (3) من المصدر، وفيه: طول ليله، قال الجواهري: المراة تناغى الصبى أي تكلمه بما يعجبه ويسره (الصحاح). (4) عيون المعجزات: 118 - 119 وعنه البحار: 50 / 15 ح 19 وحلية الابرار: 4 / 525 ح 4، و رواه في إثبات الوصية: 183. (5) عيون المعجزات: 124 وعنه البحار: 50 / 100 - 101 ذح 12.


[ 401 ]

 

السادس والسبعون: علمه - عليه السلام - باجله 2410 / 102 - أبو على الطبرسي في (إعلام الورى): عن محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب (نوادر الحكمة)، عن حمدان (1) بن سليمان، عن أبى سعيد الارمني، عن محمد بن عبد الله ابن مهران قال: قال محمد بن الفرج: كتب إلى أبو جعفر - عليه السلام - احملوا إلى الخمس، فانى لست آخذه منكم سوى عامى هذا، فقبض - عليه السلام - في تلك السنة. ورواه صاحب (ثاقب المناقب): عن محمد بن الفرج قال: كتب أبو جعفر - عليه السلام - إلى احمل الخمس، وذكر الحديث. (2)

السابع والسبعون: علمه - عليه السلام - بحال الانسان 2411 / 103 - قال البرسى: روى عن أبى جعفر الهاشمي قال: كنت عند أبى جعفر الثاني - عليه السلام - ببغداد، فدخل عليه ياسر الخادم يوما وقال: يا سيدنا إن سيدتنا ام جعفر تستأذنك أن تصير إليها. فقال للخادم: ارجع فانى في الاثر، ثم قام وركب البغلة وأقبل حتى قدم الباب. (قال:) (3) فخرجت ام جعفر [ اخت


(1) كذا في البحار، وفي المصدر: حماد. (2) اعلام الورى: 335، الثاقب في المناقب: 522 ح 4. وأخرجه في كشف الغمة: 2 / 370 وإثبات الهداة: 3 / 337 ح 22 عن إعلام الورى، وفي البحار: 50 / 63 ذح 39 عن الاعلام ومناقب آل أبى طالب: 4 / 389. (3) ليس في المصدر.


[ 402 ]

المأمون ] (1) إلى الامام - عليه السلام -، فسلمت عليه وسالته الدخول على ام الفضل بنت المأمون وقالت: يا سيدى احب أن أراك مع ابنتى في موضع واحد فتقر عينى. قال: فدخل والستور تشال بين يديه، فما لبث أن خرج راجعا وهو يقول: (فلما راينه أكبرنه) (2) قال: ثم جلس، فخرجت ام جعفر تعثر في ذيولها، فقالت: يا سيدى أنعمت على [ بنعمة ] (3) فلم تتمها، فقال لها: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) (4) إنه قد حدث ما لم يحسن إعادته، فرجعي إلى ام الفضل فاستخبريها [ عنه ] (5)، فرجعت ام جعفر فاعادت عليها ما قال، فقالت: يا عمة وما أعلمه بذلك عنى ؟ ثم قالت: كيف لا أدعو على أبى وقد زوجنى ساحرا ! ثم قالت: والله يا عمة إنه لما طلع على جماله حدث [ لى ] (6) ما يحدث للنساء، فضربت يدى إلى أثوابي وضممتها، فبهتت ام جعفر من قولها، ثم خرجت مذعورة وقالت: يا سيدى وما حدث لها ؟ قال: هو من أسرار النساء، فقالت: يا سيدى أتعلم الغيب ؟ قال: لا، قالت: فنزل إليك الوحى ؟ قال: لا قالت: فمن أين لك علم ما لا يعلمه (7)


(1) من المصدر والبحار، وجملة (إلى الامام - عليه السلام -) ليس فيهما. (2) يوسف: 31. (3) من المصدر. (4) النحل: 1. (5) من المصدر والبحار، وفي المصدر: فعادت عليها. (6) من المصدر والبحار. (7) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: فقالت: من أين لك علم ما لم يعلمه.


[ 403 ]

إلا الله [ وهى ] (1) ؟ فقال: وأنا أيضا أعلمه من علم الله، [ قال: ] (2) فلما رجعت ام جعفر قلت (له) (3): يا سيدى وما كان إكبار النسوة ؟ قال: هو ما حصل لام الفضل، فعلمت أنه الحيض. (4)

الثامن والسبعون: علمه - عليه السلام - بما في هلاكه 2412 / 104 - الشيخ محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: باسناده عن زرقان صاحب ابن أبى داود وصديقه بشدة قال: رجع ابن أبى داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم، فقلت له في ذلك، فقال: وددت اليوم أنى قد مت منذ عشرين سنة ! قال: قلت له: ولم ذاك ؟ قال: لما كان هذا من الاسود ! أبى جعفر محمد بن على بن موسى - عليهم السلام - اليوم بين يدى أمير المؤمنين [ المعتصم ] (5). قال: قلت له: وكيف كان ذلك ؟ قال: إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة، وسال الخليفة تطهيره باقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، وقد أحضر محمد بن على - عليهما السلام -، فسالنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع ؟ قال: فقلت: من الكرسوع، قال: وما الحجة في ذلك ؟ قال: قلت: لان اليد هي الاصابع والكف إلى الكرسوع، لقول الله في التيمم: (فامسحوا


(1 و 2) من المصدر والبحار. (3) ليس في البحار. (4) مشارق أنوار اليقين: 98 - 99 وعنه البحار: 50 / 83 ح 7 وفي حلية الابرار: 4 / 575 ح 2 عنه وعن هداية الكبرى للحضيني: 61 (مخطوط) مفصلا. (5) من المصدر.


[ 404 ]

بوجوهكم وأيديكم) (1)، واتفق معى على ذلك قوم. وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: وما الدليل على ذلك ؟ قالوا: لان الله لما قال: (وأيديكم إلى المرافق) (2) في الغسل دل ذلك أن حد اليد هو المرفق، قال: فالتفت إلى محمد بن على - عليه السلام - فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر ؟ فقال: قد تكلم القوم فيه يا أمير المؤمنين [ قال: دعني مما تكلموا به، أي شئ عندك ؟ قال: اعفنى عن هذا يا أمير المؤمنين ] (3) قال: أقسمت عليك بالله [ لما أخبرت بما عندك فيه، فقال - عليه السلام -: أما إذا أقسمت على بالله ] (4) إنى أقول: إنهم اخطوا فيه السنة، فان القطع يجب أن يكون من مفصل اصول الاصابع، فيترك الكف، قال: وما الحجة في ذلك ؟ قال: قول رسول الله - صلى الله عليه وآله -: (السجود على سبعة أعضاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين)، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقد قال الله تعالى: (وأن المساجد لله - يعنى به هذه الاعضاء السبعة التى يسجد عليها - فلا تدعو مع الله أحدا) (5) وما كان لله لم يقطع، قال: فاعجب المعتصم ذلك، وأمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون الكف. قال ابن أبى داود: قامت قيامتي وتمنيت أنى لم أك [ حيا ] (6).


(1) النساء: 43. (2) المائدة: 6. (3 و 4) من المصدر. (5) الجن: 18. (6) من المصدر والبحار.


[ 405 ]

قال زرقان: إن ابن أبى داود قال: صرت إلى المعتصم بعد ثالثة (1)، فقلت: إن نصيحة أمير المؤمنين على واجبة، وأنا اكلمه بما أعلم أنى أدخل به النار، قال: وما هو ؟ قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وعلمائهم لامر واقع من امور الدين، فسألهم عن الحكم فيه فاخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، وقد حضر مجلسه [ أهل بيته ] (2) وقواده ووزرائه وكتابه، وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلم لقول رجل يقول شطر هذه الامة بامامته، ويزعمون (3) أنه أولى منه بمقامه، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء ؟ ! قال: فتغير لونه وانتبه لما نبهته له وقال: جزاك الله عن نصيحتك خيرا، قال: فامر اليوم الرابع الامراء من كتابه ووزرائه (4) بان يدعوه إلى منزله، فدعاه فابى أن يجيبه وقال: قد علمت أنى لا أحضر مجالسكم. فقال: إنى إنما أدعوك إلى الطعام، واحب أن تطاببابى (5) وتدخل منزلي فاتبرك بذلك، وقد أحب فلان بن فلان من وزراء الخليفة [ لقائك ] (6)، فصار إليه. فلما طعم منها أحس السم، فدعا بدابته فسأله رب المنزل أن يقيم، قال: خروجي من دارك خير لك، فلم يزل يومه ذلك وليله في


(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ثلاثة. (2) من المصدر والبحار. (3) في المصدر والبحار: يدعون. (4) في المصدر والبحار: من كتاب وزرائه. (5) في المصدر والبحار: ثيابي. (6) من المصدر والبحار.


[ 406 ]

حلقه (1) حتى يقبض - عليه السلام -. (2)

التاسع والسبعون: إستجابة دعائه - عليه السلام - 2413 / 105 - السيد المرتضى في (عيون المعجزات): قال: إن المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبى جعفر - عليه السلام - وأشار إلى ابنة المأمون زوجته بانها (3) تسمه، لانه وقف على إنحرافها عن أبى جعفر - عليه السلام - وشدة غيرتها عليه لتفضيله ام أبى الحسن ابنه [ عليها ] (4)، ولانه لم يرزق منها ولد، فأجابته إلى ذلك، وجعلت سما في عنب رازقي ووضعته بين يديه - عليه السلام -، فلما أكل منه ندمت وجعلت تبكى. فقال - عليه السلام -: ما بكاوك والله ليضربنك الله بفقر لا ينجبر وبلاء لا ينستر، فماتت بعلة في اغمض المواضع من جوارحها صارت ناصورا، فانفقت مالها وجميع ملكها (5) على تلك العلة، حتى احتاجت إلى الاسترفاد.


(1) في المصدر: في خلفه، وقال محقق البحار: إن الصحيح في خلفة وهو بالكسر: الهيضة، وهى انطلاق البطن والقئ (2) تفسير العياشي: 1: 319 ح 109 وعنه البحار: 50 / 5 ح 7 وج 79 / 190 ح 33 وج 85 / 128 والوسائل: 18 / 490 ح 5 وحلية الابرار: 4 / 580 ح 2. (3) في البحار: بان. (4) من المصدر والبحار. (5) في البحار: وجميع ما ملكته. (6) الرفد بالكسر: العطاء والعون.


[ 407 ]

وروى أن الناصور كان في فرجها. (1) 2414 / 106 - وذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتابه: قال: وكان سبب وفاته أن ام الفضل بنت المأمون لما تسترى (2) - عليه السلام - رزقه الله الولد من غيرها إنحرفت عنه، (أنها) (3) سمته في عنب وكان تسع عشرة حبة، وكان يحب العنب، فلما أكله بكت، فقال لها: مم بكاوك والله ليضربنك الله بفقر لا ينجبر وبلاء لا ينستر، فبليت بعده بعلة في أغمض المواضع، أنفقت عليها جميع ما تملكه حتى احتاجت إلى رفد الناس، وقيل: إنها سمته في فرجه بمنديل [ يمسح به عند الملامسة ] (4) فلما أحس بذلك قال لها: بلاك الله ببلاء لا داوء له، فوقعت الاكلة في فرجها، فكانت تنكشف للطبيب (ينظر إليها ويشيرون عليها بالدواء) (5) فلا ينفع ذلك شيئا حتى ماتت (في علتها) (6)، ودفن ببغداد بمقابر قريش إلى جنب جده موسى بن جعفر - عليه السلام -. (7)

الثمانون: علمه - عليه السلام - بما في النفس 2415 / 107 - ابن بابويه: قال: حدثنا على بن أحمد بن موسى


(1) عيون المعجزات: 129 وعنه البحار: 50 / 17 ذح 26. ورواه في اثبات الوصية: 192 مفصلا. (2) السرية: الامة. (3) ليس في المصدر. (4) من المصدر. (5 و 6) ليس في المصدر، وفيه: لا يفيد علاجه. (7) دلائل الامامة: 209 وعنه إثبات الهداة: 3 / 344 ح 53.


[ 408 ]

الدقاق - رضى الله عنه - قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفى قال: حدثنا أبو تراب عبيدالله (1) بن موسى الرويانى قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله ابن على بن الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى قال: دخلت على سيدى محمد بن على بن موسى وأنا اريد أن أساله عن القائم أهو المهدى أو غيره ؟ فابتدانى فقال (لى) (2): يا أبا القاسم إن القائم منا هو المهدى - عليه السلام - الذى يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدى. والذى بعث محمدا - صلى الله عليه وآله - بالنبوة وخصنا بالامامة إنه لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج (فيه) (3) فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وإن الله تبارك و تعالى ليصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى - عليه السلام - إذ ذهب ليقتبس [ لاهله ] (4) نارا، فرجع وهو رسول نبى، ثم قال - عليه السلام -: أفضل أعمال شيعتنا إنتظار الفرج. (5)


(1) في المصدر: عبد الله. (2 و 3) ليس في البحار. (4) من المصدر. (5) كمال الدين: 377 ح 1 وعنه اعلام الورى: 408 والبحار: 51 / 156 ح 1 واثبات الهداة: 3 / 478 ح 174. ورواه في كفاية الاثر: 276 - 277 عن ابن بابويه، وأورده في الخرائج والجرائح: 3 / 171 ح 66 ومنتخب الانوار المضيئة: 39 مختصرا.


[ 409 ]

 

الحادى والثمانون: إخباره - عليه السلام - بالقائم - عليه السلام - و غيبته 2416 / 108 - ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن أحمد الشيباني (1) - رضى الله عنه - قال: حدثنا محمد بن أبى عبد الله الكوفى، عن سهل بن زياد الادمى، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: قلت لمحمد بن على بن موسى - عليهم السلام -: إنى لارجو ا أن تكون [ القائم ] (2) من أهل بيت محمد - صلى الله عليه وآله - الذى يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا و ظلما، فقال - عليه السلام -: يا أبا القاسم: ما منا إلا (وهو) (3) قائم بامر الله عزوجل وهاد إلى دين الله، ولكن القائم الذى يطهر الله عز وجل به الارض من أهل الكفر والجحود، ويملاها قسطا وعدلا هو الذى تخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته، وهو سمى رسول الله - صلى الله عليه وآله - وكنيه، وهو الذى تطوى له الارض ويذل له كل صعب، تجتمع إليه من أصحابه (4) عدة أهل بدر: ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصى الارض، وذلك قول الله عزوجل: (أينما تكونوا يات بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير) (5).


(1) في البحار: السنانى. (2) من المصدر والبحار. (3) ليس في البحار، وفيه: وهاد إلى دينه. (4) كذا في المصدر، وفي البحار: ويجتمع إليه أصحابه، وفي الاصل تجتمع أصحابه إليه. (5) البقرة: 148.


[ 410 ]

فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الاخلاص أظهر (الله) (1) أمره، فإذا اكمل له العقد وهو عشرة الاف رجل خرج باذن الله عزوجل، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله تعالى. قال عبد العظيم: فقلت له: يا سيدى وكيف يعلم أن الله عزوجل قد رضى ؟ قال: يلقى (الله) (2) في قلبه الرحمة، فإذا دخل المدينة أخرج اللات والعزى فاحرقهما. (3) 2417 / 109 - عنه: قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار - رحمة الله - قال: حدثنا على بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: حدثنا حمدان بن سليمان قال: حدثنا الصقر بن أبى دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن على الرضا - عليهما السلام - يقول: إن الامام بعدى إبنى على أمره أمرى وقوله قولى وطاعته طاعتي، والامام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه [ وقوله قول أبيه ] (4) وطاعته طاعة أبيه ثم سكت، فقلت له: يابن رسول فمن الامام بعد الحسن ؟ فبكى - عليه السلام - بكاء شديدا ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القاسم بالحق المنتظر، فقلت له: يابن رسول الله ولم (5) سمى القائم ؟


(1) ليس في البحار، وفي المصدر: كمل. (2) ليس في المصدر والبحار. (3) كمال الدين: 377 ح 2 وعنه اعلام الورى: 409 ومنتخب الانوار المضيئة: 176 - 177 و حلية الابرار: 2 / 598 (ط ق). وفي البحار: 52 / 283 ح 10 عنه وعن الاحتجاج: 449، و أخرجه في البحار: 51 / 157 ح 4 عن كفاية الاثر باختلاف يسير. (4) من المصدر والبحار. (5) في المصدر: لم سمى.


[ 411 ]

قال: لانه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بامامته، فقلت [ له ] (1): ولم سمى المنتظر ؟ قال: لان له غيبة يكثر ايامها ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ بذكره الجاحدون ويكذب فيه الوقاتون ويهلك [ فيها ] (2) المستعجلون وينجو فيها المسلمون. (3)

الثاني والثمانون: علمه - عليه السلام - بحال الانسان 2418 / 110 - الحسين بن حمدان الحضينى: باسناده عن موسى بن جعفر الرازي قال: وردنا جماعة من أهل الرى إلى بغداد نريد أبا جعفر - عليه السلام -، فدخلنا عليه ومعنا رجل من أهل إلى زيدي يظهر لنا الامامة، فلما جلسنا سئلناه عن مسائل قصدناها فقال أبو جعفر - عليه السلام - لبعض غلمانه: خذ بيد هذا الرجل الزيدى وأخرجه، فقام الرجل على قدميه وقال: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن عليا أمير المؤمنين وأن آباوك الائمة و انك حجة الله في هذا العصر. فقال له: اجلس قد استحققت بترك الضلال الذى كنت عليه،


(1) من المصدر والبحار. (2) من المصدر، وفيه: يكثر بدل يكذب. (3) كمال الدين: 378 ح 3 وعنه اعلام الورى: 409 والصراط المستقيم: 2 / 230 والبحار: 51 / 30 ح 4 وحلية الابرار: 2 / 477 و 554 (ط ق) وفي اثبات الهداة: 1 / 518 ح 260 عنه و عن كفاية الاثر: 279. وأخرجه في البحار المذكور ص 157 ح 5 عن كفايه الاثر.


[ 412 ]

وتسليمك الامر إلى من جعله الله له أن تسمع ولا تمنع، فقال له الرجل: والله يا سيدى إنى لادين الله بامامة زيد بن على منذ أربعين سنة ولا اظهر للناس غير مذهب الامامية، فلما علمت منى ما لم يعلمه إلا الله شهدت أنك الامام والحجة. (1)

الثالث والثمانون: علمه - عليه السلام - بما في النفس والغائب 2419 / 111 - الحضينى: باسناده عن ميسر، عن محمد بن الوليد ابن يزيد (2) قال: أتيت أبا جعفر - عليه السلام - فوجدت في فناء [ باب ] (3) داره قوما كثيرين، ورايت مسافرا جالسا في معزل منهم، فعدلت إليه فجلست معه حتى زالت الشمس، فقمت إلى الصلاة، فصليت الزوال فرض الظهر والنوافل بعدها، وزدت أربع ركعات وفرض العصر، وأحسست بحركة ورائي، فالتفت فإذا أنا بابى جعفر - عليه السلام -، فقمت إليه وسلمت عليه وقبلت يديه ورجليه، فجلس وقال [ لى ] (4): ما الذى أقدمك ؟ وكان في نفسي مرض من إمامته. فقال: لى: سلم، فقلت: (قد) (5) سلمت، فقال لى: سلم، فقلت: يا سيدى قد سلمت، فقال لى: ويحك سلم ! وتبسم في وجهى، فاناب إلى عقلي،


(1) الهداية الكبرى للحضيني: 61 (مخطوط) وعنه اثبات الهداة: 3 / 344 ح 48 مختصرا، وقد تقدم في المعجزة: 42، عن دلائل الامامة مختصرا. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: ميسر بن محمد بن الوليد بن زيد. (3) من المصدر. (4) من المصدر. (5) ليس في المصدر.


[ 413 ]

فقلت: قد سلمت إليك يابن رسول الله ورضيت بك إماما، فكان الله قد جلا عنى غمى وأزال ما في قلبى من المرض في إمامته، حتى لو اجتهدت ورميت الشك فيه ما وصلت إليه. ثم عدت من الغد وما معى خلق ولا أرى خلقا، وأنما أتوقع أن ياتي أحد، فطال ذلك على حتى اشتد الحر واشتد على الجوع (حتى جعلت أشرب الماء واطفئ به حرما أجد من الحر والجوع) (1)، فبينا أنا كذلك إذا أقبل نحوى غلام قد حمل خوانا عليه طعام ألوان، وغلام آخر معه طست وإبريق حتى وضعه بين يدى فقالا لى: مولانا يامرك أن تغسل يدك وتاكل، فغلست يدى وأكلت فإذا أنا بابى جعفر - عليه السلام - قد أقبل، فقمت إليه فأمرني بالجلوس والاكل، فجلست وأكلت، فنظر إلى الغلام يرفع ما يسقط من الخوان، فقال لى: كل معه حتى إذا فرغت و رفع الخوان ذهب الغلام يرفع ما سقط من الخوان على الارض، فقال [ له ] (2): ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة، وما كان في البيت فتتبعه وألقطه (3) وكله، فان فيه رضا الرب ومجلبة الرزق شفاء من الداء. (4) ثم قال لى: سل، فقلت: جعلت فداك ما تقول في المسك ؟ فقال لى: إن أبى الرضا - عليه السلام - أمر أن يتخذ له مسك فيه بان، فكتب إليه الفضل بن سهل يقول (له) (5): يا سيدى إن الناس يعيبون ذلك عليك،


(1) ليس في المصدر. (2) من المصدر. (3) في المصدر هكذا: وما كان في البيت فسحة كذا فالقطه. (4) في المصدر: وشفاء من كل سقم. (5) ليس في المصدر.


[ 414 ]

فكتب إليه: يا فضل أما علمت أن يوسف الصديق - عليه السلام - كان يلبس الديباج مزورا بازرار الذهب [ والجوهر، ويجلس على كراسي الذهب ] (1) واللجين، فلم يضره ذلك ولم ينقص من نبوته وحكمته شيئا. وإن سليمان بن داود - عليه السلام - صنع له كرسى من ذهب ولجين مرصع بالجوهر والحلى، وعمل له درج من ذهب ولجين، فكان إذا صعد على الدرج اندرجت وراءه، وإذا نزل انتشرت بين يديه والغمام تظله، والجن والانس وقوف [ بين يديه ] (2) لامره، والرياح تنسم وتجرى كما أمرها، والسباع والوحوش والهوام مذللة عكف (3) حوله، والملا تختلف إليه، فما ضره ذلك ولا نقص من نبوته شيئا ولا منزلته عند الله، وقد قال الله عزوجل: (قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدينا خالصة يوم القيامة) (4) ثم أمر أن يتخذ له غالية فاتخذت باربعة ألاف دينار، و عرضت عليه فنظر إليها وإلى سرورها وحسنها وطيبها، فامر أن تكتب رقعة فيها عوذة من العين وقال - عليه السلام -: العين حق. فقلت له: جعلت فداك فما لمواليكم من موالاتكم فقال: [ إن ] (5) جعفر بن محمد الصادق - عليه السلام - كان له غلام يمسك بغلته إذا دخل المسجد، فبينا هو في بعض الايام وهو جالس في المسجد، إذ أقبلت


(1 و 2) من المصدر. (3) في المصدر: والوحوش والهوام مذللة عكوف. (4) الاعراف: 32. (5) من المصدر.


[ 415 ]

رقعة من خراسان، فاقبل بها الرجل إلى الغلام وفي يده البغلة، فقال له: من داخل المسجد ؟ قال له: مولاى جعفر بن محمد الصادق - عليه السلام -، فقال له الرجل: هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك فاكون مملوكا وأجعل لك مالى كله ؟ فانى كثير المال كثير الضياع، وأشهد لك بجميعه وأكتب وتمضى إلى خراسان وتقبضه، واقيم أنا معه مكانك ؟ فقال الغلام: أسال مولاى ذلك، فلما خرج قدم بغلته حتى ركب فاتبعه كما كان يفعل، فلما نزل في داره واستاذن الغلام ودخل عليه فقال: يا مولاى تعرف خدمتي وطول صحبتي، فان ساق الله لى خيرا تمنعني منه ؟ فقال له: اعطيك من عندي وأمنعك من غيرى حاش لله، فحكى له حديث الخراساني، فقال له - عليه السلام -: إن زهدت في خدمتنا أرسلناك وإن رغبت فينا قبلناك، فولى الغلام. فقال له: انصحك لطول الصحبة ولك الخيار ؟ قال نعم، فقال: إذا كان يوم القيامة كان رسول الله - صلى الله عليه وآله - متعلقا بنور الله آخذا بحجزته، وكذلك أمير المؤمنين - عليه السلام - وفاطمة - عليها السلام - والحسن والحسين والائمة منهم - عليهم السلام -، وكذلك شيعتنا معنا يدخلون مداخلنا ويردون مواردنا ويسكنون مساكننا، فقال له الغلام: يا مولاى بل اقيم في خدمتك وأختار ما ذكرت، وخرج الغلام إلى الخراساني فقال له: خرجت يا غلام إلى بغير الوجه الذى دخلت به، فاعاد الغلام عليه قول الصادق - عليه السلام -. فقال [ له ] (1): فاستاذن لى عليه، فاستاذن له ودخل عليه وعرفه


(1) من المصدر.


[ 416 ]

شدة ولايته، فقبل قوله و شكره، وأمر الغلام في الوقت بالف درهم وقال: هي خير لك من كل مال الخراساني، فودعه وساله أن يدعو له، ففعل بلطف ورفق وبشاشة بالخراساني، ثم أمر برزمة (1) عمائم فاحضرت، وقال للخراساني: خذها فان كل ما معك يوخذ منك في طريقك، وتبقى عليك هذه العمائم وتحتاج إليها، فقبلها وسار، فقطع عليه الطريق وأخذ كلما كان معه غير تلك العمائم، فاحتاج إليها فباع منها و تحمل إلى أن وصل (لى) (2) خراسان، وقال الكرماني: حسب مواليهم بهذا شرفا وفضلا. (3)

الرابع والثمانون: إتيانه - عليه السلام - الرجل في نومه وإخباره بالغائب 2420 / 112 - الحضينى: باسناده عن موسى بن القاسم قال: شاجرني رجل من أصحابنا - ونحن بمكة - يقال له: (إسماعيل) في أبى الحسن الرضا - عليه السلام - فقال: لى: [ هل ] (4) كان يجب على أبى الحسن - عليه السلام - أن يدعو المأمون إلى الله وطاعته ؟ فلم أدر ما اجيبه،


(1) الرزمة: ما جمع في شئ واحد، يقال: رزمة ثياب ورزمة ورق وهكذا. (2) ليس في المصدر. (3) الهداية الكبرى للحضيني: 62 - 63 (مخطوط)، وأخرج قطعة منه من حلية الابرار: 4 / 470 ح 3 ومستدرك الوسائل: 1 / 421 ح 1. (4) من المصدر.


[ 417 ]

فانصرفت فاويت إلى فراشي، فرايت أبا جعفر محمد بن على - عليهما السلام - في نومى، فقلت له: جعلت فداك إن إسماعيل سألني (1) هل كان يجب على أبيك الرضا - عليه السلام - أن يدعو المأمون إلى الله وطاعته ؟ فلم أدر ما اجيبه. فقال: إنما يدعو الامام إلى الله [ من ] (2) مثلك ومثل أصحابك ممن [ ينفعهم ] (3) لا يتقيهم، فانتبهت وحفظت الجواب من أبى جعفر - عليه السلام -، فخرجت (4) إلى الطواف، فلقينى إسماعيل، فقلت له: ما قاله لى أبو جعفر - عليه السلام -، فكانى (5) ألقمته حجرا، فلما كان من قابل أتيت المدينة فدخلت على أبى جعفر - عليه السلام - [ وهو يصلى ] (6)، فاجلسني موفق الخادم، فلما فرغ من صلاته قال: إيه يا موسى ما الذى قال لك إسماعيل بمكة في العام الاول حيث شاجرك في أبى الرضا - عليه السلام - ؟ فقلت له جعلت فداك [ أنت تعلم ] (7)، فما كانت روياك ؟ قلت: رايتك يا سيدى في نومى وشكوت إليك قول إسماعيل، فقلت لى قل: إنما يجب على الامام أن يدعو إلى الله وطاعته مثلك ومثل أصحابك ممن لا يتقيه، قلت: كذا والله يا سيدى قلت لى [ في منامي، فخصمت إسماعيل به، قال: إن قلت لك في منامك فانا أعدته الساعة


(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: يسالنى. (2 و 3) من المصدر، وفيه: لا يتقيه. (4) في المصدر: فخرجنا. (5) في المصدر: ما قال لى... فكأنني. (6) من المصدر. (7) من المصدر المطبوع: 307.


[ 418 ]

عليك، فقلت: إى والله ] (1) إن هذا لهو الحق المبين. (2) تم بعون الله وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.


(1) من المصدر. (2) الهداية الكبرى للحضيني: 62 (مخطوط) وعنه إثبات الهداة: 3 / 344 ح 49 مختصرا.