الحادي
والستون: الشجرة والعين والماء 2484 / 64 - ثاقب المناقب: عن يحيى بن
هرثمة قال: أنا أشخصت أبا الحسن - عليه السلام - من المدينة إلى سر من راى
في خلافة المتوكل، فلما صرنا ببعض الطريق عطشنا عطشا شديدا، فتكلمنا و
تكلم الناس في ذلك، فقال أبو الحسن - عليه السلام -: أما بعد فانا نصير
إلى ماء عذب نشربه، فما سرنا إلا قليلا حتى سرنا إلى تحت شجرة (عظيمة) (3)
ينبع منها ماء عذب بارد، فنزلنا عليه (وارتوينا وحملنا معنا وارتحلنا،
وكنت علقت سيفى على الشرجة فنسيته) (4).
فلما صرت غير بعيد في بعض الطريق [ ذكرته ] (5)، فقلت لغلامي: ارجع حتى
تأتيني بالسيف، فمر الغلام ركضا فوجود السيف و حمله ورجع (دهشا) (6)
متحيرا، فسألته عن ذلك فقال لى: إنى رجعت
(1) من المصدر. (2) الثاقب في المناقب: 529 ح 1. (3) ليس في المصدر. (4)
كذا في المصدر، وفي الاصل: وشربنا وعلقت السيف على شجرة فانسيته. (5) من
المصدر. (6) ليس في المصدر.
[ 493 ]
إلى
الشجرة فوجدت السيف معلقا عليها إذ لا عين ولا ماء ولا شجر، فعرفت الخبر،
فصرت إلى أبى الحسن - عليه السلام - فاخبرته بذلك، فقال: (احلف أن لا تذكر
ذلك لاحد)، فقلت: نعم. (1)
الثاني والستون: إخراج النقرة الصافية من الارض
2485 / 65 - ثاقب المناقب: عن أبى هاشم قال: حججت سنة حج فيها بغا، فلما
صرت إلى المدينة (صرت) (2) إلى باب أبى الحسن - عليه السلام -، فوجدته
راكبا في إستقبال بغا، فسلمت عليه فقال: (إمض بنا إذا شئت)، فمضيت معه حتى
خرجنا من المدينة، فلما أصحرنا التفت إلى غلامه وقال: (إذهب فانظر في
أوائل العسكر)، ثم قال: إنزل بنا يا أبا هاشم. قال: فنزلت وفي نفسي أن
أساله شيئا وأنا أستحى منه واقدم و اوخر، قال: فعمل بسوطه في الارض خاتما
سليما (3)، فنظرت فإذا في
آخر الاحرف مكتوب: (خذ) [ وفي الاخر اكتم ] (4) وفي الاخر (اعذر)، ثم
اقتلعه بسوطه وناولنيه، فنظرت فإذا نقرة (5) صافية فيها أربعمائة مثقال،
فقلت: بابى أنت وأمى لقد كنت شديد الحاجة إليها واردت كلامك واقدم واوخر،
والله أعلم حيث يجعل رسالته [ ثم
(1) الثاقب في المناقب: 531 ح 1. (2) ليس في المصدر. (3) في المصدر: خاتم
سليمان. (4) من المصدر. (5) النقرة: القطعة المذابة، وقيل: السبيكة (لسان
العرب).
[ 494 ]
ركبنا ] (1). (2)
الثالث
والستون: علمه - عليه السلام - بما تحت الارض 2486 / 66 - ثاقب المناقب:
عن المنتصر بن المتوكل قال: زرع والدى الاس في بستان وأكثر منه، فلما
استوى الاس كله وحسن أمر الفراشين أن يفرشوا له على دكان في وسط البستان،
وأنا قائم على راسه، فرفع راسه إلى وقال: يا رافضي سل ربك الاسود عن هذا
الاصل الاصفر ما له من بين ما بقى من هذا البستان قد اصفر ؟ فانك تزعم أنه
يعلم الغيب، فقلت: يا أمير المؤمنين إنه ليس يعلم الغيب. فاصبحت وغدوت إلى
أبى الحسن - عليه السلام - من الغد وأخبرته بالامر، فقال: (يا بنى إمض أنت
واحفر الاصل الاصفر، فان تحته جمجمة نخرة واصفراره لبخارها ونتنها)، قال:
ففعلت ذلك فوجدته كما قال - عليه السلام -، ثم قال - عليه السلام - لى:
(يا بنى لا تخبرن لاحد بهذا
الامر إلا لمن يحدثك بمثله). (3)
الرابع والستون: علمه - عليه السلام -
بما يكون 2487 / 67 - ثاقب المناقب: عن الحسن بن محمد بن جمهور
(1) من المصدر. (2) الثاقب في المناقب: 532 ح 2. (3) الثاقب في المناقب: 538 ح 1.
[ 495 ]
العمى [ قال: ] (1) سمعت من سعيد الصغير الحاجت قال: دخلت على سعيد بن [
صالح ] (2) الحاجب فقلت: يا أبا عثمان قد صرت من أصحابك - وكان [ سعيد ]
(3) يتشيع - فقال: هيهات، قلت: بلى والله فقال: وكيف ذلك ؟ قلت: بعثنى
المتوكل وأمرني أن أكبس على على بن محمد بن الرضا - عليهم السلام - وأنظر
ما يفعل، ففعلت ذلك فوجدته يصلى، فبقيت قائما حتى فرغ، فلما انفصل (4) من
صلاته أقبل على وقال: (يا سعيد لا يكف عنى جعفر [ - أي المتوكل الملعون -
] (5) حتى يقطع إربا إربا إذهب وأعزب)، وأشار بيده [ الشريفة ] (6)، فخرجت
إلى المتوكل سمعت الصيحة والواعية، فسالت عنه فقيل: قتل المتوكل فرجعت و
قلت بها (7). (8)
الخامس والستون: علمه - عليه السلام - بما يكون 2488 /
68 - ثاقب المناقب: عن عبد الله بن طاره قال: خرجت إلى سر من راى لامر من
الامور أحضرني المتوكل، فاقمت سنة (9) ثم
(1 - 3) من المصدر.
(4) في المصدر: انفتل. (5 و 6) من المصدر. (7) أي بالامامة، وفي المصدر:
فرجعنا. (8) الثاقب في المناقب: 539 ح 3. (9) في المصدر: مدة.
[ 496 ]
ودعت وعزمت على الانحدار إلى بغداد، فكتب إلى أبى الحسن - عليه السلام -
أستاذنه في ذلك واودعه، فكتب [ لى ] (1) (فانك بعد ثلاث يحتاج إليك وسيحدث
أمران، فانحدرت واستحسنته، فخرجت إلى الصيد وأنسيت ما أشار إلى أبو الحسن
- عليه السلام -، فعدلت إلى المطيرة (2) وقد صرت إلى مصرى وأنا جالس مع
خاصتي، إذا بمائة فارس (3) يقولون: أجب أمير المؤمنين المنتصر، فقلت: ما
الخبر ؟ قالوا: قتل المتوكل وجلس المنتصر واستوزر أحمد بن الخضيب، فقمت من
فورى راجعا. (4)
السادس والستون: علمه - عليه السلام - بما يكون من المطر
وعلمه - عليه السلام - بما في النفس 2489 / 69 - حدث أبو الفتح غازى بن
محمد الطرائفي بدمشق سلخ شعبان سنة تسع وتسعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو
الحسن على ابن عبد الله الميمونى قال: حدثنى أبو الحسين محمد بن على بن
معمر قال: حدثنى على بن يقطين بن موسى الاهوازي قال: كنت رجلا أذهب مذاهب
المعتزلة، وكان يبلغني من أمر أبى الحسن على بن محمد - عليه السلام - ما
استهزئ به ولا أقبله، فدعتنى الحال إلى دخولي بسر من راى
(1) من المصدر. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: إلى الصلاة. (3) في المصدر: إذ ثمانية فوارس. (4) الثاقب في المناقب: 539 ح 4.
[ 497 ]
للقاء السلطان فدخلتها، فلما كان يوم وعد السلطان للناس أن يركبوا
الميدان، فلما كان من الغد ركب الناس في غلائل القصب بايديهم المراوح،
وركب أبو الحسن - صلوات الله عليه - على زى الشتاء وعليه لبادة وبرنس، و [
على ] (1) سرجه بخناق طويل، وقد عقد ذنب دابته، و الناس يهزون به وهو
يقول: (ألا ان موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) (2). فلما توسطوا الصحراء
وجاءوا (3) بين الحائطين ارتفعت سحابة و أرخت السماء عزاليها (4)، وخاضت
الدواب إلى ركبها في الطين و لوثتهم أذنابها، فرجعوا في أقبح زى ورجع أبو
الحسن - صلوات الله عليه - في أحسن زى، ولم يصبه شئ مما أصابهم، فقلت: إن
كان الله عزوجل اطلعه على هذا السر فهو حجة، (وجعلت في نفسي أن أساله عن
عرق الجنب وقلت: إن هو أخذ البرنس عن راسه وجلعه على قربوس سرجه ثلاثا فهو
حجة) (5). ثم إنه لحى إلى بعض الشعاب، فلما قرب نحى البرنس وجعله على
قربوس سرجه ثلاث مرات، ثم التفت إلى وقال: إن كان من حلال فالصلاة في
الثوب حلال، وإن كان من حرام فالصلاة في الثوب حرام،
(1) من المصدر، وفيه: تجفاف بدل (بخناق)، والتجفاف: الذى يوضع على الخيل
من
حديد أو غيره في الحرب، والبخنق: أن تخاط خرقة مع الدرع، فيصير كانه ترس.
(2) مقتبس من سورة هود آية 81. (3) في البحار: جازو. (4) كناية عن شدة وقع
المطر على التشبيه بنزوله. (5) ليس في البحار: 50 وفيه وفي ج 90: ثم إنه
لجا إلى بعض السقائف.
[ 498 ]
فصدقته وقلت بفضله ولزمته - عليه السلام -، فلما أردت الانصراف جئت
لوداعه، فقلت: زودني بدعوات، فدفع إلى هذا الدعاء وأوله (اللهم إنى أسالك
وجلا من انتقامك حذرا من عقابك) والدعاء طويل. (1)
السابع والستون: علمه -
عليه السلام - بما في النفس 2490 / 70 - ابن شهراشوب من كتاب (المعتمد في
الاصول)، قال: قال على بن مهزيار: وردت على أبى الحسن وأنا شاك في
الامامة، فرايت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم من الربيع إلا أنه صائف،
والناس عليهم ثياب الصيف، وعلى أبى الحسن - عليه السلام - لبادة وعلى فرسه
تجفاف لبود، وقد عقد ذنب الفرس والناس يتعجبون منه ويقولون: ألا ترون إلى
هذا المدنى وما قد فعله بنفسه ؟ فقلت في نفسي: لو كان هذا إماما ما فعل
هذا. فلما خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا [ إلا ] (2) أن ارتفعت سحابة
عظيمة هللت، فلم يبق أحد إلا إبتل حتى غرق بالمطر، وعاد - عليه السلام -
وهو سالم من جميعه، فقلت في نفسي: يوشك أن يكون هو الامام، ثم قلت: اريد
أن أساله عن الجنب إذا عرق في الثوب، فقلت في نفسي: إن كشف وجهه فهو
الامام.
(1) لم نثر على كتاب العتيق الغروى
وعنه البحار: 50 / 187 ح 65 وأخرجه في ج 90 / 142 - 143 عن مجموع الدعوات
للتلعكبري. (2) من البحار: 50، وفيه وفي ج 80 والمصدر: هطلت بدل (هللت).
[ 499 ]
فلما قرب منى كشف وجهه ثم قال: إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام
لا يجوز الصلاة فيه، وإن كان جنابته من حلال فلا باس، فلم يبق في نفسي بعد
ذلك شبهة. (1)
الثامن والستون: علمه - عليه السلام - بما يكون من نزول
المطر 2491 / 71 - ثاقب المناقب: عن الطبيب بن محمد [ بن الحسن ] (2) ابن
شمون قال: ركب المتوكل ذات يوم وخلفه الناس وركب أبو الحسن - عليه السلام
- وآل أبى طالب (3) ليركبوا بركوبه، فخرج في يوم صائف شديد الحر، والسماء
صافية ما فيها غيم، وهو - عليه السلام - معقود ذنب الدابة بسرج جلود طويل،
وعليه ممطر وبرنس، فقال زيد بن موسى بن جعفر [ لجماعة آل أبى طالب: انظروا
إلى هذا الرجل يخرج مثل هذا اليوم كانه وسط الشتاء، قال: فساروا جميعا،
فما جاوزوا الجسر ولا خرجوا عنه حتى تغيمت السماء وأرخت عزاليها كافواه
القرب، وابتلت ثياب الناس، فدنا منه زيد بن موسى بن جعفر ] (4) و قال: يا
سيدى أنت قد علمت أن السماء قد تمطر [ فهلا أعلمتنا فقد
(1) مناقب آل أبى طالب: 4 / 413 - 414 وعنه البحار: 50 / 173 - 174 ذح 53
وج 80 / 117 ح 5، وفي إثبات الهداة: 3 / 387 ح 90 مختصرا. (2) من المصدر،
وفيه: الطيب. (3) في المصدر: وركبت آل أبى طالب إلى أبى الحسن - عليه
السلام -.
(4) من المصدر.
[ 500 ]
هلكنا وعطبنا ]
(1). (2)
التاسع والستون: علمه - عليه السلام - بما في النفس 2492 / 72 -
ثاقب المناقب: عن موسى بن جعفر البغدادي قال: كانت لى حاجة أحببت أن أكتب
إلى العسكري - عليه السلام - فسالت محمد بن على بن مهزيار أن يكتب في
كتابه إليه حاجتى، فانى كتبت إليه كتابا ولم أذكر فيه حاجتى، بل بيضت
موضعها، فورد الكتاب في حاجتى مفسرا في كتابة محمد (3) بن إبراهيم الحمصى.
(4)
السبعون: حديث الذى اتهم بموالاته - عليه السلام - 2493 / 73 - ثاقب
المناقب: عن الحسن بن محمد بن على قال: جاء رجل إلى على بن محمد بن على بن
موسى - عليهم السلام - وهو يبكي ويرتعد فرائصه، فقال: يابن رسول الله إن [
فلانا - يعنى ] (5) الوالى - أخذ إبنى واتهمه بموالاتك، فسلمه إلى حاجب من
حجابه، وأمره أن يذهب به إلى موضع كذا فيرميه من أعلى جبل هناك، ثم يدفنه
في أصل الجبل. فقال - عليه السلام -: (فما تشاء) فقال: ما يشاء الوالد
الشفيق لولده،
(1) من المصدر. (2)
الثاقب في المناقب: 540 ح 5. (3) في المصدر: في كتابة لمحمد. (4) الثاقب
في المناقب: 540 ح 6. (5) من المصدر. (*)
[ 501 ]
فقال: (إذهب فان ابنك ياتيك غدا
إذا أمسيت ويخبرك بالعجب من أمره) فانصرف الرجل فرحا، فلما كان عند ساعة
من آخر النهار غدا إذا هو (1) بابنه قد طلع عليه في أحسن صورة، فسره وقال:
ما خبرك يا بنى ؟ فقال: يا أبت إن فلانا - يعنى الحاجب - صار بى إلى أصل
ذلك الجبل، فامسى عنده إلى هذا الوقت يريد أن يبيت هناك، ثم يصعدني من
غداة إلى [ أعلى ] (2) الجبل ويدهدهني لبئر حفر لى قبرا في هذه الساعة،
فجعلت أبكى وقوم موكلون بى يحفظوننى، فأتاني جماعة عشرة لم أر أحسن منهم
وجوها وأنظف منهم ثيابا وأطيب منهم روائح، والموكلون بى لا يرونهم، فقالوا
لى: ما هذا البكاء والجزع [ والتطاول ] (3) والتضرع ؟ فقلت: ألا ترون قبرا
محفورا وجبلا شاهقا، وموكلون لا يرحمون يريدون أن يدهدهونى منه ويدفنونى
فيه ؟ قالوا: بلى أرايت لو جعلنا الطالب مثل المطلوب فدهدهناه من الجبل
ودفناه في القبر، أتحترز بنفسك فتكون خادما لقبر رسول الله - صلى الله
عليه وآله - ؟ قلت: بلى والله، فمضوا إلى الحاجب فتناولوه وجروه وهو
يستغيث و لا يسمعون به أصحابه ولا يشعرون [ به ] (4)، ثم صعدوا به [ إلى ]
(5)
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: عند مساء غد إذا بابنه. (2) من المصدر. وفيه: من غد. (3 - 5) من المصدر.
[ 502 ]
الجبل ودهدهوه [ منه ] (1)، فلم يصل إلى الارض حتى تقطعت
أوصاله، فجاء أصحابه وضجوا (2) عليه بالبكاء واشتغلوا عنى، فقمت وتناولني
العشرة فطاروا بى إليك في هذه الساعة، وهم وقوف ينتظرونني ليمضوا بى إلى
قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله - لاكون خادما، و مضى. وجاء الرجل إلى
على بن محمد - عليه السلام - فاخبره، ثم لم يلبث إلا قليلا حتى جاء الخبر
بان قوما أخذوا ذلك الحاجب فدهدهوه من ذلك الجبل ودفنه أصحابه في ذلك
القبر، وهرب ذلك الرجل الذى كان أراد أن يدفنه (3) في ذلك القبر، فجعل على
بن محمد - عليه السلام - يقول [ للرجل: (إنهم ] (4) لا يعلمون ما نعلم
ويضحك). ورواه ابن شهراشوب في المناقب ببعض التغيير في الالفاظ. (5)
الحادى والسبعون: علمه - عليه السلام - بما في النفس 2494 / 74 - ثاقب
المناقب: عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال: كنت رويت عن أبى الحسن الرضا
- عليه السلام - في أبى جعفر - عليه السلام - روايات تدل عليه، فلما مضى
أبو جعفر - عليه السلام - قلقت لذلك، وبقيت
(1) من المصدر. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: فصاحوا. (3) كذا في المصدر،
وفي الاصل هكذا: وهرب ذلك الصبى الذى يريدون أن يدفنوه. (4) من المصدر.
(5) الثاقب في المناقب: 543 ح 3، مناقب آل أبى طالب: 4 / 416، وأخرجه في
البحار: 50 / 174 ذح 54 عن المناقب.
[ 503 ]
متحيرا لا أتقدم ولا أتأخر، وخفت أن أكتب إليه في ذلك، ولا أدرى
ما يكون، فكتبت إليه أساله الدعاء أن يفرج الله عنا في أسباب من قبل
السلطان كنا نغتم بها من غلماننا، فرجع الجواب بالدعاء، ورد علينا
الغلمان. وكتب في آخر الكتاب: أردت أن تسال عن الخلف بعد مضى أبى جعفر -
عليه السلام - وقلقت لذلك، (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين
لهم ما يتقون) (1) [ صاحبك بعدى أبو محمد ابني، عنده ما تحتاجون إليه ]
(2) يقدم الله ما يشاء ويوخر ما يشاء (ما ننسخ من آية أو ننسها نات بخير
منها أو مثلها) (3)، قد كتبت بما فيه بيان و قناع لذى عقل يقظان. (4)
الثاني والسبعون: معرفته اللغات 2495 / 75 - ابن شهراشوب: عن على بن
مهزيار قال: أرسلت إلى أبى الحسن الثالث - عليه السلام - غلامي - وكان
صقلبيا - فرجع الغلام إلى متعجبا، فقلت له: مالك يا بنية ؟ فقال: وكيف لا
أتعجب ما زال يكلمني
(1) التوبة: 115. (2) من المصدر. (3) البقرة: 106. (4) الثاقب في المناقب:
548 ح 8، وأخرجه في البحار: 50 / 242 ح 11 عن غيبة الطوسى: 200 ح 168،
ورواه في إثبات الوصية 208 باختلاف يسير، وياتى في المعجزة 84 عن الكافي.
[ 504 ]
بالصقلبية كانه واحد منا ! وإنما أراد بهذا الكتمان عن القوم. (1)
الثالث
والسبعون: إخراج سبيكة الذهب من الارض
2496 / 76 - ابن شهراشوب: عن داود بن القاسم الجعفري قال: دخلت عليه بسر
من راى وأنا اريد الحج لاودعه، فخرج معى، فلما انتهى إلى آخر الحاجز نزل
ونزلت معه، فخط بيده الارض خطة شبيهة بالدائرة، ثم قال لى: يا أبا هاشم
(2) خذ ما في هذه تكون في نفقتك و تستعين به على حجك، فضربت بيدى فإذا
سبيكة ذهب فكان فيها مائتا مثقال. (3)
الرابع والسبعون: جزالة العطاء 2497
/ 77 - ابن شهراشوب: قال: دخل أبو عمرو عثمان بن سعيد وأحمد بن إسحاق
الاشعري وعلى بن جعفر الهمداني على أبى الحسن العسكري - عليه السلام -
فشكى إليه أحمد بن إسحاق دينا عليه فقال: يا أبا عمرو - وكان وكليه - ادفع
إليه ثلاثين ألف دينار وإلى على بن جعفر ثلاثين ألف دينار وخذ أنت ثلاثين
ألف دينار.
(1) مناقب آل أبى طالب: 4 / 408 وعنه البحار: 50 / 130 ح 11 وعن بصائر
الدرجات: 333 ح 3 وكشف الغمة: 2 / 389، وأخرجه في إثبات الهداة: 3 / 382 ح
61 عن الكشف. (2) في المصدر والبحار والاثبات: (يا عم) بدل (يا أبا هاشم).
(3) مناقب آل أبى طالب: 4 / 409 وعنه البحار: 50 / 172 ح 52 وإثبات
الهداة: 3 / 386 ح 87.
[ 505 ]
ثم قال ابن
شهراشوب عقيب ذلك: فهذه معجزة لا يقدر [ عليها ] (1) إلا الملوك، وما
سمعنا بمثل هذا العطاء. (2)
الخامس والسبعون: علمه - عليه السلام -
بالغائب
2498 / 78 - ابن شهراشوب: قال: وجه المتوكل عتاب بن أبى عتاب إلى المدينة
يحمل على بن محمد - عليه السلام - إلى سر من راى، و كانت الشيعة يتحدثون
أنه يعلم الغيب، فكان في نفس عتاب من هذا شئ، فلما فصل من المدينة راه وقد
لبس لبادة والسماء صاحية، فما كان باسرع من أن تغيمت وأمطرت، فقال عتاب
هذا واحد. ثم لما وافى شط القاطول (3) راه مقلق القلب، فقال له: مالك يا
أبا أحمد ؟ فقال: قلبى مقلق بحوائج التمستها من أمير المؤمنين، قال له:
فان حوائجك قد قضيت، فما كان باسرع من أن جاءته البشارات بقضاء حوائجه،
فقال: الناس [ يقولون: ] (4) إنك تعلم الغيب وقد تبينت (5) من ذلك خلتين.
(6)
(1) من المصدر والبحار. (2) مناقب آل أبى طالب: 4 / 409 وعنه البحار: 50 /
173 ذح 52 وحلية الابرار: 2 / 459 (ط ق). (3) القاطول موضع على دجلة أو هو
إسم لتمام النهر المشقوق الفرعي من الدجلة إلى النهراوات. (4) من المصدر
والبحار. (5) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: نلت. (6) مناقب آل أبى
طالب: 4 / 413 وعنه البحار: 50 / 173 صدر ح 53.
[ 506 ]
السادس والسبعون: علمه - عليه السلام - بالغائب 2499 / 79 - ابن شهراشوب:
قال: في (كتاب البرهان): عن الدهنى أنه لما ورد به - عليه السلام - سر من
راى كان المتوكل برا به (1) ووجه
إليه يوما بسلة فيها تين، فاصاب الرسول المطر، فدخل إلى المسجد ثم شرهت
نفسه إلى التين، ففتح السلة وأكل منها، فدخل وهو قائم يصلى، فقال له [ بعض
خدمه ] (2): ما قصتك ؟ فعرفه القصة، قال له: أو ما علمت أنه قد عرف خبرك
وما أكلت من هذا التين ؟ فقامت على الرسول القيامة، ومضى مبادرا [ إلى
منزله ] (3) حتى إذا سمع صوت البريد ارتاع هو ومن في منزله بذلك الخبر.
(4)
السابع والسبعون: علمه - عليه السلام - بما في النفس 2500 / 80 - ابن
شهراشوب: قال: قال أبو جعفر الطوسى في (المصباح) و (الامالى) (5): قال أبو
إسحاق بن عبد الله العلوى العريضى: اختلف أبى وعمومتي في الاربعة الايام
التى تصام في السنة، فركبوا إلى مولانا أبى الحسن على بن محمد - عليهما
السلام - وهو
(1) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: يرائيه. (2) من المصدر والبحار.
(3) من البحار. (4) مناقب آل أبى طالب: 4 / 415 وعنه البحار: 50 / 174 ح
54. (5) لم نجده في الامالى ولعله تصحيف التهذيب.
[ 507 ]
مقيم (بصريا) (1) قبل مصيره إلى (سر من راى)، فقالوا: جئناك يا سيدنا لامر
اختلفنا فيه، فقال: جئتم تسألونني عن الايام التى تصام في السنة، وذكر
أنها مولد النبي - صلى الله عليه وآله - ويوم بعثه ويوم دحيت الارض من تحت
الكعبة ويوم الغدير، وذكر فضائلها. (2) 2501 / 81 - وروى الشيخ أيضا في
(التهذيب): عن أبى عبد الله
ابن عياش قال: حدثنى أحمد بن زياد الهمداني وعلى بن محمد التسترى قالا:
حدثنا محمد بن الليث المكى قال: حدثنى أبو إسحاق ابن عبد الله العلوى
العريضى قال: وحك (3) في صدري ما الايام التى تصام ؟ فقصدت مولانا أبا
الحسن على بن محمد - عليهما السلام - وهو بصريا، ولم ابد ذلك لاحد من خلق
الله، فدخلت عليه فلما بصر بى - عليه السلام - قال: يا أبا إسحاق جئت
تسألني عن الايام التى يصام فيهن ؟ وهى أربعة: أولهن يوم السابع والعشرين
من رجب، يوم بعث الله تعالى محمدا - صلى الله عليه وآله - إلى خلقه رحمة
للعالمين، ويوم مولده - صلى الله عليه وآله - وهو السابع عشر من شهر ربيع
الاول، ويوم الخامس والعشرين من ذى القعدة فيه دحيت الكعبة، ويوم الغدير
فيه أقام رسول الله - صلى الله
(1) قال ابن شهراشوب في المناقب: 4 / 382 انها مدينة أسسها موسى بن جعفر -
عليه السلام - على ثلاثة أميال من المدينة. (2) مناقب آل أبى طالب: 4 /
417 وعنه البحار: 50 / 157 ح 47 وعن مصباح المتهجد: 754 - 755 والخرائج: 2
/ 759 ح 78. وأخرجه في البحار: 96 / 266 ح 13 عن الخرائج، وفي الوسائل: 7
/ 335 ح 3 عنه وعن المصباح، وفي إثبات الهداة: 3 / 363 ح 15 عنهما وعن
التهذيب الاتى ذيلا. (3) حك: تخالج.
[ 508 ]
عليه وآله - أخاه عليا - عليه السلام - علما للناس وإماما من بعده، قلت:
صدقت جعلت فداك، لذلك قصدت، أشهد أنك حجة الله على خلقه. (1)
الثامن
والسبعون: علمه - عليه السلام - بما يكون
2502 / 82 - ابن شهراشوب: عن أبى محمد الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه
قال: قال يوما الامام على بن محمد - عليه السلام -: يا أبا موسى اخرجت إلى
سر من راى كرها، ولو اخرجت عنها خرجت كرها، قال: قلت: ولم يا سيدى ؟ قال:
لطيب هوائها وعذوبة مائها و قلة دائها، ثم قال: تخرب سر من راى حتى يكون
فيها خان وبقال للمارة وعلامة [ تدارك ] (2) خرابها تدارك العمارة في
مشهدى من بعدى. (3)
التاسع والسبعون: علمه - عليه السلام - بما يكون 2503
/ 83 - ابن شهراشوب: قال: قال أبو جنيد: أمرنى أبو الحسن العسكري بقتل
فارس بن حاتم القزويني، فناولني دراهم و قال: اشتر بها سلاحا وأعرضه على،
فذهبت فاشتريت سيفا فعرضته
(1) التهذيب: 4 / 305 ح 4 وعنه الوسائل: 7 / 324 ح 3 وإثبات الهداة: 2 /
25 ح 101. (2) من البحار والامالي. (3) مناقب آل أبى طالب: 4 / 417،
وأخرجه في البحار: 50 / 129 ح 8 وإثبات الهداة: 3 / 366 ح 21 عن أمالى
الطوسى: 1 / 287.
[ 509 ]
عليه، فقال: رد
هذا وخذ غيره، قال: فرددته وأخذت مكانه ساطورا فعرضته عليه، فقال: هذا
نعم، فجئت إلى فارس وقد خرج من المسجد بين الصلاتين المغرب والعشاء
الاخرة، فضربته على راسه فسقط ميتا ورميت الساطور، واجتمع الناس واخذت إذ
لم يوجد هناك [ أحد ] (1) غيرى، فلم يروا معى سلاحا ولا سكينا ولا أثر
الساطور، ولم يروا بعد ذلك فخليت. (2)
الثمانون: إخباره - عليه السلام - بالقائم وغيبته - عليه السلام - 2504 /
84 - إعلام الورى (3): قال: وفي (كتاب) أبى عبد الله بن عياش: حدثنى أحمد
بن محمد بن يحيى قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنى محمد بن أحمد بن
محمد العلوى العريض قال: حدثنى أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت
أبا الحسن صاحب العسكر - عليه السلام - يقول: الخلف من بعدى إبنى الحسن،
فكيف لكم بالخلف بعد الخلف، قلت: ولم جعلت فداك ؟ قال: لانكم لا ترون شخصه
ولا يحل لكم تسميته ولا ذكره باسمه، قلت - كيف نذكره ؟ قال: قولوا: الحجة
من آل محمد - صلى الله عليه وآله -. ورواه ابن بابويه في (الغيبة): قال:
حدثنا محمد بن الحسن (ره) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أبو جعفر
محمد بن أحمد
(1) من المصدر والبحار، وفي المصدر: لم ير. (2) مناقب آل أبى طالب: 4 /
417 وعنه البحار: 50 / 205 ح 14. (3) في الاصل: ابن شهراشوب وهو سهو، إذ
لم نعثر على الحديث في المناقب.
[ 510 ]
العلوى، عن أبى هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن صاحب
العسكر يقول: وساق الحديث إلى آخره. (1)
الحادى والثمانون: علمه - عليه
السلام - بأجله 2505 / 85 - ابن بابويه في (معاني الاخبار) قال: حدثنا
محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا على بن إبراهيم، عن عبد الله بن أحمد
الموصلي، عن الصقر بن أبى دلف قال: لما حمل المتوكل سيدنا أبا الحسن -
عليه السلام - جئت أسال عن خبره. قال: فنظر إلى الزراقى وكان
حاجبا للمتوكل، فاومى إلى أن أدخل عليه، فدخلت إليه، فقال: يا صقر ما شأنك
؟ فقلت: خيرا أيها الاستاد، فقال: اقعد، فاخذني ما تقدم وما تأخر وقلت:
أخطات في المجئ. قال: فوخر الناس عنه ثم قال لى: ما شأنك وفيم جئت ؟ قلت:
لخير ما، فقال: لعلك جئت تسال عن خبر مولاك ؟ فقلت [ له ] (2): ومن مولاى
؟ مولاى أمير المؤمنين، فقال: اسكت ! مولاك هو الحق [ فلا ] (3) تحتشمنى،
فانى على مذهبك، فقلت: الحمدلله، فقال: أتحب أن
(1) إعلام الورى: 351 - 352، كمال الدين: 381 ح 5 و 648 ح 4 وعنهما
البحار: 50 / 240 ح 5 وعن غيبة الطوسى: 202 ح 169 وإرشاد المفيد: 338
باسناده عن الكليني. ورواه في الكافي: 1 / 328 ح 13 و 332 ح 1 وإثبات
الوصية: 208 و 224 وكفاية الاثر: 284 وعلل الشرائع: 245 ح 5 وتقريب
المعارف: 184 و 191 وروضة الواعظين: 262 وعيون المعجزات: 141 وكشف الغمة:
2 / 406 و 449، وله تخريجات اخر من أرادها فليراجع الغيبة للطوسي - عليه
الرحمة -. (2 و 3) من المصدر والبحار.
[ 511 ]
تراه ؟ قال: فجلست. فلما خرج (من عنده) (1) قال لغلامه: خذ بيد الصقر
فادخله إلى الحجرة التى فيها العلوى المحبوس، وخل بينه وبينه، قال:
فادخلني الحجرة وأومى إلى بيت فدخلت، قال: فإذا هو - عليه السلام - جالس
على صدر حصير وبحذاه قبر محفور، قال: فسلمت [ عليه ] (2) فرد، ثم أمرنى
بالجلوس ثم قال لى: يا صقر ما أتى بك ؟ قلت: يا سيدى جئت أتعرف خبرك، قال:
ثم نظرت إلى القبر فبكيت، فنظر إلى فقال: يا صقر
لا عليك لن يصلو إلينا بسوء، فقلت: الحمدلله. ثم قلت: يا سيدى حديث يروى
عن النبي - صلى الله عليه وآله - لا أعرف معناه، فقال: وما هو ؟ قلت:
قوله: (لا تعادوا الايام فتعاديكم) ما معناه ؟ فقال: نعم الايام نحن ما
قامت السموات والارض، فالسبت اسم رسول الله - صلى الله عليه وآله -،
والاحد أمير المؤمنين، والاثنين الحسن و الحسين، والثلاثاء على بن الحسين
ومحمد الباقر وجعفر الصادق، و الاربعاء موسى بن جعفر وعلى بن موسى ومحمد
بن على وأنا، والخميس إبنى الحسن، والجمعة ابن ابني وإليه تجتمع عصابة
الحق، وهو الذى يملاها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، فهذا معنى الايام،
فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الاخرة، [ ثم قال: ودع
(1) ليس في المصدر والبحار، وفيهما: قال لغلام له. (2) من البحار.
[ 512 ]
واخرج، فلا آمن عليك ] (1). (2)
الثاني والثمانون: خبر أم القائم - عليه
السلام - وما فيه من المعجزات 2506 / 86 - ابن بابويه باسناده وغيره: عن
محمد بن بحر الشيباني قال: وردت كربلاء سنة ست وثمانين ومائتين، قال: وزرت
قبر غريب رسول الله - صلى الله عليه وآله -، ثم انكفات إلى مدينة السلام
متوجها إلى مقابر قريش [ في وقت ] (3) قد تضرمت الهواجر وتوقدت السمائم، [
فلما ] (4) وصلت منها إلى مشهد الكاظم - عليه السلام - واستنشقت نسيم
تربته المغمورة من الرحمة المحفوفة بحدائق الغفران أكببت عليها
بعبرات متقاطرة وزفرات متتابعة، وقد حجب الدمع طرفي عن النظر. فلما رقات
العبرة وانقطع النحيب وفتحت بصرى وإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه وتقوس
منكباه، وثفنت جبهته وراحتاه وهو يقول لاخر معه عند القبر: يابن أخى لقد
نال عمك شرفا بما حمله السيدان من غوامض الغيوب وشرائف العلوم التى لم
يحمل مثلها إلا سلمان،
(1) من المصدر والبحار. (2) معاني الاخبار: 123 ح 1 وعنه البحار: 50 / 194
ح 6 وعن الخصال: 394 ح 102 و كمال الدين: 382 ح 9، وفي إثبات الهداة: 3 /
491 ح 177 عنها وعن كفاية الاثر: 285 - 287 باختلاف. وأورده في إعلام
الورى: 410 - 411 عن الكمال، وأخرجه في البحار: 36 / 413 ح 3 و العوالم:
15 / 295 ح 2 عن كفاية الاثر، وله تخريجات اخر من أرادها فليراجع العوالم.
(3 و 4) من المصدر.
[ 513 ]
وقد أشرف عمك
على استكمال المدة والنقضاء العمر، وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضى
إليه [ بسره ] (1). قلت: يا نفس لا يزال العناء والمشقة ينالان منك
باتعابى (2) الخف والحافر في طلب العلم، وقد قرع سمعي من هذا الشيخ [ لفظ
] (3) يدل على علم جسيم وأمر عظيم، فقلت: أيها الشيخ ومن السيدان ؟ قال
النجمان المغيبان في الثرى بسر من راى، فقلت: إنى اقسم بالموالاة و شرف
محل (4) هذين السيدين من الامامة والوراثة إنى خاطب علمهما و طالب
آثارهما، وباذل من نفسي الايمان الموكدة على حفظ أسرارهما. قال: إن كنت
صادقا فيما تقول فاحضر ما صحبك من الاثار عن
نقلة أخبارهم، فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها قال: صدقت أنا بشر بن
سليمان النخاس من ولد أبى أيوب الانصاري أخدم موالى أبى الحسن وأبى محمد -
عليهما السلام - وجارهما بسر من راى، قلت: فاكرم أخاك ببعض ما شاهدت من
آثارهما، قال: كان مولاى أبو الحسن على بن محمد العسكري - عليه السلام -
فقهنى في علم (5) الرقيق، فكنت لا ابتاع ولا أبيع إلا باذنه، فاجتنبت بذلك
موارد الشبهات حتى كملت معرفتي فيه، فاحسنت الفرق فيما بين الحلال
والحرام.
(1) من المصدر. (2) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: ما يعاين، والخف
والحافر كنايتان عن البعير و الفرس. (3) من المصدر والبحار، وفي المصدر:
وأثر عظيم. (4) كذا في المصدر والبحار، وفي الاصل: مجد. (5) في المصدر: في
أمر.
[ 514 ]
فبينما أنا ذات ليلة في
منزلي بسر من راى وقد مضى هوى من الليل، إذ قرع الباب قارع، فعدوت مسرعا،
فإذا [ أنا ] (1) بكافور الخادم رسول مولانا أبى الحسن على بن محمد -
عليهما السلام - يدعوني إليه، فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يحدث ابنه
أبا محمد - عليه السلام - واخته حكيمة من وراء الستر، فلما جلست قال: يا
بشر إنك من ولد الانصار، وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف،
وأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإنى مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها سائر (2)
الشيعة في الموالاة بهما بسر اطلعك عليه وانفذك في ابتياع أمة، فكتب كتابا
ملصقا بخط رومى ولغة رومية، وطبع عليه بخاتمه، وأخرج شنسقة (3) صفراء فيها
مائتان وعشرون دينارا. فقال: خذها وتوجه بها إلى بغداد، واحضر معبر الفرات
ضحوة كذا، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وبرزن الجوارى منها فستحدق
بهن طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بنى العباس وشراذم من فتيان العراق،
فإذا رايت ذلك فاشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك
إلى أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا [ وكذا ] (4)، لابسة حريرتين
صفيقتين، تمتنع من السفور ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها ويشغل
نظره بتامل مكاشفها
(1) من المصدر (2) في المصدر: شاو، وهو مصدر: الامد والغاية. (3) في
المصدر: شستقة وفي البحار: شقة، على أي حال المراد الصرة التى يجعل فيه
الدنانير. (4) من المصدر.
[ 515 ]
من وراء
الستر الرقيق، فيضربها النخاس، فتصرخ صرخة رومية، فاعلم أنها تقول: واهتك
ستراه. فيقول بعض المبتاعين: على بثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها
رغبة، فتقول بالعربية: لو برزت في زى سليمان وعلى مثل سرير ملكه ما بدت لى
فيك رغبة، فاشفق على مالك، فيقول النخاس: فما الحيلة ولابد من بيعك، فتقول
الجارية: وما العجلة ولابد من إختيار مبتاع يسكن قلبى [ إليه ] (1) إلى
أمانته وديانته، فعند ذلك قم إلى عمر بن
يزيد النخاس وقل له: إن معى كتابا ملصقا لبعض الاشراف كتبه بلغة رومية وخط
رومى ووصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه، [ فناولها ] (2) لتتامل منه
أخلاق صاحبه، فان مالت إليه ورضيته فانا وكيله في ابتياعها منك. قال بشر
بن سليمان النخاس: فامتثلت جميع ما حده لى مولاى أبو الحسن - عليه السلام
- في أمر الجارية، فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا، وقالت لعمر بن
يزيد النخاس: بعنى من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرجة المغلظة (3) إنه
متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فما زلت اشاحه في ثمنها حتى استقر
الامر [ فيه ] (4) على [ مقدار ] (5) ما كان أصحبنيه مولاى - عليه السلام
- من الدنانير في الشنسقة (6) الصفراء،
(1 و 2) من المصدر. (3) المغلظة: الموكدة من اليمين، والمحرجة: اليمين
التى تضيق مجال الحالف بحيث لا يبقى له مندوحة عن بر قسمه. (4 و 5) من
المصدر. (6) في المصدر: الشستقة.
[ 516 ]
فاستوفاه منى وتسلمت [ منه ] (1) الجارية ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلى
حجرتي التى كنت آوى إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولاها
- عليه السلام - (2) من جيبها وهى تلثمه و تضعه على خدها وتطبقه على جفنها
وتمسحه على بدنها. فقلت تعجبا منها: أتلثمين كتابا ولا تعرفين صاحبه ؟
قالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الانبياء أعرني (3) سمعك
وفرغ
لى قلبك، أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وامى من ولد الحواريين
تنسب إلى وصى المسيح شمعون، أنبئك العجب العجيب، إن جدى قيصر أراد أن
يزوجنى من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل
الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاثمائة [ رجل ] (4)، ومن ذوى الاخطار
سبعمائة رجل، وجمع من امراء الاجناد [ وقواد العساكر ونقباء الجيوش وملوك
] (5) العشائر أربعة آلاف، وأبرز هو من [ بهو ] (6) ملكه عرشا مصنوعا من
أنواع الجواهر إلى صحن القصر، فرفعه فوق أربعين مرقاة، فلما صعد ابن أخيه
واحدقت به الصلبان وقامت الاساقفة عكفا ونشرت أسفار الانجيل تسافلت
الصلبان من الاعالى، فلصقت بالارض، وتقوضت الاعمدة فانهارت إلى القرار،
وخر الصاعد من العرش مغشيا عليه،
(1) من المصدر. (2) كذا في المصدر، وفي الاصل: كتاب مولاى - عليه السلام -
(3) من الاعارة: أي أعطني سمعك عارية. (4 - 6) من المصدر، وفيه: عرشا
مسوغا من أصناف الجواهر.
[ 517 ]
فتغيرت
ألوان الاساقفة وارتعدت فرائصهم. فقال كبير هم لجدي: أيها الملك أعفنا من
ملاقات هذه النحوس الدالة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكانى،
فتطير جدى من ذلك تطيرا (1) شديدا، وقال للاساقفة: أقيموا هذه الاعمدة و
ارفعوا الصلبان واحضروا أخا [ هذا ] (2) المدبر العاشر المنكوس جده لازوج
منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنك بسعوده، فلما فعلوا ذلك
حدث على الثاني ما حدث على الاول، وتفرق الناس وقام جدى قيصر مغتما فدخل
قصره وارخيت الستور، فاريت في تلك الليلة كان المسيح وشمعون وعدة من
الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدى و نصبوا [ فيه ] (3) منبرا يبارى [
السماء ] (4) علوا وارتفاعا في الموضع الذى كان جدى نصب فيه عرشه، فدخل
عليهم محمد - صلى الله عليه وآله - مع فتية وعدة من بنيه، فيقوم إليه
المسيح فيعتنقه فيقول له: يا روح الله إنى جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته
ملكية لابنى هذا، وأومى بيده إلى أبى محمد صاحب هذا الكتاب، فنظر المسيح
إلى شمعون فقال له: قد أتاك الشرف فصل رحمك برحم رسول الله - صلى الله
عليه وآله -، قال: قد فعلت، فصعد ذلك المنبر وخطب محمد - صلى الله عليه
وآله - وزوجني (من إبنه) (5) وشهد المسيح - عليه السلام - وشهد [ بنو ]
(6)
(1) كذا في المصدر، وفي الاصل: فتغير جدى من ذلك تغيرا. (2) من المصدر،
والعاثر: الكذاب (لسان العرب). (3 و 4) من المصدر، ويبارى السماء: أي
يعارضها. (5) ليس في المصدر. (6) من المصدر.
[ 518 ]
محمد - صلى الله عليه وآله - والحواريون، فلما استيقظت من نومى أشفقت أن
أقص هذه الرويا على أبى وجدى مخافة القتل، وكنت أسرها في نفسي ولا ابديها
لهم، وضرب بصدري بمحبة أبى محمد - عليه السلام - حتى امتنعت من الطعام
والشراب، وضعفت نفسي ودق شخصي و مرضت مرضا شديدا، فما بقى في مدائن الروم
طبيب إلا أحضره جدى
وساله عن دوائي. فلما برح به الياس (1) قال: يا قرة عينى فهل تخطر ببالك
شهوة فازودكها في الدنيا ؟ فقلت: يا جدى أرى أبواب الفرج على مغلقة، فلو
كشفت العذاب عمن في سجنك من اسارى المسلمين و فككت عنهم الاغلال وتصدقت
عليهم ومنيتهم (2) بالخلاص لرجوت أن يهب المسيح وامه لى عافية وشفاء، فلما
فعل ذلك [ جدى ] (3) تجلدت في إظهار الصحة في بدنى وتناولت يسيرا من
الطعام، فسر [ بذلك ] (4) جدى وأقبل على إكرام الاسارى وإعزازهم، فاريت
(5) أيضا بعد أربع ليال كان سيدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران
وألف [ وصيفة ] (6) من وصائف الجنان، فتقول لى مريم: هذه سيدة النساء ام
زوجك أبى محمد - عليه السلام -، فاتعلق بها وأبيك وأشكوا إليها امتناع أبى
محمد من زيارتي.
(1) برح به الامر تبريحا: جده وأضر به. (2) في المصدر: ومننتهم. (3 و 4) من المصدر. (5) في المصدر: فرايت. (6) من المصدر.
[ 519 ]
فقالت [ لى ] (1) سيدة النساء - عليها السلام -: إن ابني أبا محمد لا
يزورك وانت مشركة بالله جل ذكره وعلى مذهب النصارى، وهذه اختى مريم تبرا
إلى الله عزوجل من دينك، فان ملت إلى رضا الله عزوجل ورضا المسيح ومريم
عنك وزيارة أبى محمد أياك فتقولي: أشهد أن لا إله
إلا الله وأن محمدا (2) رسول الله، فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني سيدة
النساء إلى صدرها وطيبت لى نفسي، وقالت: ألان توقعي زيارة أبى محمد إياك
فانى منفذه إليك، فانتبهت وأنا أقول: واشوقاه إلى لقاء أبى محمد، (فلما
كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمد - عليه السلام - في منامي فرأيته) (3)
كانى أقول له: جفوتنى يا حبيبي بعد أن شغلت قلبى بجوامع حبك. قال: ما كان
تأخيري عنك إلا لشركك، وإذ قد أسلمت فانا زائرك [ في ] (4) كل ليلة إلى أن
يجمع الله شملنا في العيان، فما قطع عنى زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.
قال بشر: [ فقلت لها ] (5): وكيف وقعت في الاسارى ؟ فقالت: أخبرني أبو
محمد - عليه السلام - ليلة من الليالى أن جدك سيسير جيوشا إلى قتال
المسلمين يوم كذا ثم يتبعهم، فعليك باللحاق [ بهم ] (6) متنكرة في زى
الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا، ففعلت، فوقعت علينا
(1) من المصدر. (2) في المصدر: وأشهد أن - أبى - محمدا. (3) كذا في
المصدر، وفي الاصل: ثم زارني بعد ذلك ورايت. (4) من المصدر، وفيه: فانى
زائرك. (5 و 6) من المصدر.
[ 520 ]
طلائع
المسلمين حتى كان من أمرى ما رايت وما شاهدت، وما شعر أحد بانى إبنة ملك
الروم إلى هذه الغاية سواك، وذلك باطلاعي إياك عليه، ولقد سألني الشيخ
الذى وقعت إليه في سهم الغنيمة عن إسمى
فانكرته وقلت: نرجس، فقال: اسم الجوارى. فقلت: العجب إنك رومية ولسانك
عربي ؟ قالت: بلغ من ولوع جدى وحمله إياى على تعلم الاداب أن أو عز إلى
إمراة ترجمان له في الاختلاف إلى، فكانت تقصدني صباحا ومساء وتفيدني
العربية حتى استمر عليها لساني واستقام. قال بشر: فلما انكفات بها إلى سر
من راى دخلت على مولانا أبى الحسن العسكري - عليه السلام -، فقال لها: كيف
أراك الله عز الاسلام وذل النصرانية وشرف أهل بيت محمد - صلى الله عليه
وآله - ؟ قالت: كيف أصف لك يابن رسول الله ما أنت أعلم به منى ؟ قال: فانى
احب أن اكرمك، فايما أحب إليك عشرة آلاف درهم أم بشرى لك فيها شرف الابد ؟
قالت: بل البشرى، قال - عليه السلام -: فابشرى بولد يملك الدنيا شرقا
وغربا ويملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، قالت: ممن ؟ قال -
عليه السلام -: ممن خطبك رسول الله - صلى الله عليه وآله - له من ليلة كذا
من شهر كذا من سنة كذا بالرومية، [ قالت: ] (1) من المسيح و وصيه ؟ قال:
ممن زوجك المسيح ووصيه، قالت: من إبنك أبى محمد ؟ قال: فهل تعرفينه ؟
قالت: وهل خلوت ليلة من زيارته إياى منذ الليلة التى أسلمت فيها على يد
سيدة النساء امه.
(1) من المصدر.
[ 521 ]
فقال أبو الحسن - عليه السلام -: يا كافور ادع [ لى ] (1) اختى حكيمة،
فلما دخلت عليه قال - عليه السلام - لها: ها هيه، فاعتنقتها طويلا وسرت
بها كثيرا، فقال [ لها ] (2) مولانا: يا بنت رسول الله أخرجيها إلى منزلك
و
علميها الفرائض والسنن، فانها زوجة أبى محمد وام القائم - عليه السلام -.
ورواه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (كتابه): قال: حدثنا أبو المفضل
محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني سنة خمس وثمانين وثلاثماة قال: حدثنا
أبو الحسين محمد بن بحر (3) الرهنى الشيباني قال: وردت كربلاء سنة ست
وثمانين ومائتين وزرت قبر غريب رسول الله - صلى الله عليه وآله -، وساق
الخبر إلى آخره. (4)
الثالث والثمانون: علمه - عليه السلام - بما في النفس
2507 / 87 - محمد بن يعقوب: عن على بن محمد، عن إسحاق بن محمد، عن أبى
هاشم الجعفري قال: كنت عند أبى الحسن - عليه السلام -
(1 و 2) من المصدر. (3) في الاصل والمصدر: يحيى، ولكن الصحيح ما أثبتناه،
كما في رجال المامقانى - عليه الرحمة -: 2 / 85 - 86 وج 3 / 200. (4) كمال
الدين: 417 ح 1، دلائل الامامة: 262 - 267. وأخرجه في البحار: 51 / 6 - 11
ح 12 و 13 عن الكمال وغيبة الطوسى: 208 ح 178 باختلاف، وفي إثبات الهداة:
3 / 363 ح 17 عنهما مختصرا، وفي منتخب الانوار المضيئة: 51 - 50 عن إبن
بابويه. وأورده في روضة الواعظين: 252 - 255 كما في الغيبة، وله تخريجات
اخر من أرادها فليراجع الغيبة، وياتى ذيله في الحديث 2468.
[ 522 ]
بعد ما مضى إبنه أبو جعفر، وإنى لافكر في نفسي اريد أن أقول: كأنهما -
أعنى أبا جعفر وأبا محمد - في هذا الوقت كابى الحسن موسى و إسماعيل إبنى
جعفر بن محمد - عليه السلام - وإن قصتهما كقصتهما، إذ كان
أبو محمد - عليه السلام - المرجى بعد أبى جعفر - عليه السلام -، فاقبل على
أبو الحسن قبل أن أنطق فقال: نعم يا أبا هشام بدالله في أبى محمد بعد أبى
جعفر (1) ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضى إسماعيل ما كشف
به عن حاله، وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، وأبو محمد إبنى الخلف
من بعدى، عنده علم ما يحتاج إليه، ومعه آلة الامامة. (2)
(1) هو السيد محمد المعروف، جلالته وعظم شانه أكثر من أن يذكر، وقبره مزار
معروف في (بلد) التى هي مدينة قديمة على يسار دجلة قرب سامراء، والعامة
والخاصة يعظمون مشهده الشريف ويعبرون عنه بسبع الدجيل. (2) الكافي: 1 /
327 ح 10، وأخرجه في كشف الغمة: 2 / 406 عن الارشاد باسناده عن الكليني،
وفي البحار: 50 / 241 ح 7 عن الارشاد وغيبة الطوسى: 82 ح 84 وص 200 ح 167،
وفي إثبات الهداة: 3 / 398 ح 18 عنهما مختصرا. وهذا الخبر صريح في وفاة
أبى جعفر محمد بن على العسكري - عليه السلام - ولكن جملة (بدالله) غير
موافق لقواعد الامامية والمتواترة من أخبارهم، لاشتماله على بداء لا
يجوزونه، لان ما يجوزونه من إطلاق البداء هو ظهور أمر لله سبحانه لم يكن
ظاهرا لغيره تعالى وإن كان قبله أيضا في علمه تعالى واللوح المحفوظ مثل ما
ظهر بعد، وإليه يشير ما ذكره الشيخ في ذيل الرواية. والمستفاد من الاخبار
المعتبرة الاخرى أن البداء في إسماعيل بن جعفر ومحمد بن على كان لاجل ما
كان ظاهرا لاكثر الناس من أن الامامة ينتهى إليها لا لاجل الدلالة
والاشارة =
[ 523 ]
الرابع والثمانون:
علمه - عليه السلام - بما في النفس 2508 / 88 - محمد بن يعقوب: عن على بن
محمد، عن إسحاق بن
محمد، عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال: كتب إلى أبو الحسن - عليه السلام
- في كتاب أردت أن تسال عن الخلف بعد أبى جعفر وقلقت لذلك، فلا تغتم فان
الله عزوجل (لا يضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) (1)، وصاحبك
بعدى أبو محمد إبنى، وعنده ما تحتاجون إليه، يقدم ما يشاء الله ويوخر ما
يشاء (ما ننسخ من آية أو ننسها نات بخير منها أو مثلها) (2)، قد كتبت بما
فيه بيان وقناع لذى عقل يقظان. (3)
= والنصب من جعفر الصادق - عليه السلام - لاسماعيل أو من على العسكري -
عليه السلام - على إبنه محمد. فالخبر وأمثاله من جهة اشتماله على الدلالة
والاشارة والنصب من أبيهما لهما مخالف لقواعد الامامية والمعتبرة بل
المتواترة من أخبارهم، فلا بد من طرحها من تلك الجهة أو تأويلها مع
الامكان. (1) مقتبس من سورة التوبة، آية 115. (2) البقرة: 106. (3)
الكافي: 1 / 328 ح 12 وعنه نور الثقلين: 2 / 276 ح 38، وفي إثبات الهداة:
3 / 392 ح 10 عنه وعن إرشاد المفيد: 337 - باسناده عن الكليني - وإعلام
الورى: 351 - عن محمد بن يعقوب - وكشف الغمة: 2 / 406 نقلا من الارشاد،
وله تخريجات اخر من أرادها فليراجع الغيبة، وقد تقدم في المعجزة 71 عن
الثاقب.
[ 524 ]
الخامس والثمانون: علمه -
عليه السلام - بما في النفس 2509 / 89 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري:
قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارن قال: حدثنى أبى - رحمة الله - قال:
حدثنا أبو على
محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد [ قال: حدثنا محمد ] (1) بن جعفر،
عن أبى نعيم، عن محمد بن القاسم العلوى قال: دخلنا جماعة من العلوية على
حكيمة بنت محمد بن على بن موسى - عليهم السلام -، فقالت: جئتم تسألوني عن
ميلاد ولى الله ؟ قلنا: بلى والله، قالت: كان عندي البارحة وأخبرني بذلك،
وإنه كانت عندي صبية يقال لها: نرجس، وكنت اربيها من بين الجوارى، ولا يلى
تربيتها غيرى، إذ دخل أبو محمد - عليه السلام - على ذات يوم، فبقى يلح
النظر إليها، فقلت: يا سيدى هل لك فيها من حاجة ؟ فقال: إنا معاشر
الاوصياء لسنا ننظر نظر ريبة، ولكنا ننظر تعجبا أن المولود الكريم على
الله يكون منها، قالت: قلت: يا سيدى فاروح بها إليك ؟ قال: استاذني أبى في
ذلك، فصرت إلى أخى - عليه السلام -، فلما دخلت عليه تبسم ضاحكا وقال: يا
حكيمة جئت تستاذنينى في أمر الصبية، ابعثى بها إلى أبى محمد، فان الله
عزوجل يحب أن يشركك في هذا الاجر (2) فزينتها وبعثت بها إلى أبى محمد -
عليه السلام -. (3)
(1) من المصدر. (2) في المصدر: في هذا الامر. (3) دلائل الامامة: 269،
وعنه حلية الابرار: 2 / 534 (ط ق) وياتى بتمامه في المعجزة 8 =
[ 525 ]
2510 / 90 - ابن بابويه: قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس - رضى الله
عنه - قال: حدثنا أبى قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنى محمد بن
إبراهيم الكوفى قال: حدثنا محمد بن عبد الله الطهوى (1)، عن حكيمة بنت
محمد الجواد - عليه السلام - قال:
قلت: يا سيدتي حدثينى بولادة مولاى وغيبته - عليه السلام -، قالت: نعم
كانت لى جارية يقال لها: (نرجس) فزارني ابن أخى - عليه السلام - و اقبل
يحد النظر إليها، فقلت [ له ] (2): يا سيدى لعلك هويتها ؟ فارسلها إليك ؟
فقال: لا يا عمة ولكني اتعجب منها، فقلت: وما أعجبك ؟ فقال - عليه السلام
-: سيخرج منها ولد كريم على الله عزوجل الذى يملا الله به الارض عدلا
وقسطا كما ملئت جورا ظلما، فقلت: ارسلها إليك يا سيدى ؟ فقال: استاذني في
ذلك أبى - عليه السلام -. قالت: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبى الحسن - عليه
السلام -، فسلمت وجلست، فبداني - عليه السلام - وقال: يا حكيمة ابعثى نرجس
إلى ابني أبى محمد [ قالت: ] (3) فقلت: يا سيدى على هذا قصدتك [ على ] (4)
أن أستاذنك في ذلك، فقال [ لى ] (5): يا مباركة إن الله تبارك وتعالى أحب
= من معاجز صاحب الزمان - عليه السلام -. (1) في البحار: المطهرى. (2) من المصدر، وفيه: فاقبل يحدق. (3 - 5) من المصدر.
[ 526 ]
أن يشركك في الاجر ويجعل لك في الخير نصيبا. (1)
السادس والثمانون: علمه -
عليه السلام - بأجله 2511 / 91 - الحسين بن حمدان الحضينى في (هدايته):
باسناده، عن أحمد بن داود القمى ومحمد بن عبد الله الطلحى قالا: حملنا
مالا
إجتمع من خمس ونذر وعين (2) وورق وجوهر وحلى وثياب من قم و ما يليها،
فخرجنا نريد سيدنا أبا الحسن على بن محمد - عليهما السلام -، فلما صرنا
إلى دسكرة الملك تلقانا رجل راكب على جمل ونحن في قافلة عظيمة، فقصدنا
ونحن سائرون في جملة الناس وهو يعارضنا بجملة، حتى وصل إلينا وقال: يا
أحمد بن داود ومحمد بن عبد الله الطلحى معى رسالة إليكما، فقلنا ممن يرحمك
الله ؟ قال: من سيدكما أبى الحسن على ابن محمد - عليهما السلام - يقول
لكما: أنا راحل إلى الله في هذه الليلة، فاقيما مكانكما حتى ياتيكما أمر
ابني أبى محمد الحسن - عليه السلام -، فخشعت قلوبنا وبكت عيوننا و اخفينا
ذلك ولم نظهره، ونزلنا بدسكرة الملك واستاجرنا منزلا و أحرزنا ما حملناه
فيه، وأصبحنا والخبر شائع في الدسكرة بوفاة مولانا أبى الحسن - عليه
السلام -، فقلنا: لا إله إلا الله أترى (الرسول) (3) الذى جاء
(1) كمال الدين: 426 ح 4، وياتى بتمامه مع تخريجاته في المعجزة 3 من معاجز
الامام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه الشريف. (2) في المصدر: ونذور من
عين. (3) ليس في المصدر.
[ 527 ]
برسالته
أشاع الخبر في الناس، فلما أن تعال النهار رأينا قوما من الشيعة على أشد
قلق مما نحن فيه، فاخفينا أثر الرسالة ولم نظهره. والحديث طويل ياتي إن
شاء الله في التاسع والعشرين و مائة من معاجز أبى محمد الحسن العسكري -
عليه السلام -. (1)
السابع والثمانون: علمه - عليه السلام - بما يكون
2512 / 92 - عنه باسناده في (هدايته): عن محمد بن عبد الحميد البزاز وأبى
الحسن محمد بن يحيى ومحمد بن ميمون الخراساني و الحسين (2) بن مسعود
الفزارى قالوا جميعا: وقد سألتهم في مشهد سيدنا أبى عبد الله الحسين -
عليه السلام - بكربلاء عن جعفر الكذاب وما جرى في أمره قبل غيبة سيدنا أبى
الحسن وأبى محمد - عليهما السلام - صاحبي العسكر، وبعد غيبة سيدنا أبى
محمد - عليه السلام -، وما ادعاه جعفر وما ادعى له، فحدثوني من جملة
أخباره: أن سيدنا أبا الحسن على بن محمد الهادى - عليهما السلام - كان
يقول لهم: تجنبوا إبنى جعفرا، فانه منى بمنزلة نمرود من نوح الذى قال الله
عزوجل فيه (فقال رب إن ابني من أهلى) (3) الاية قال الله (يا نوح إنه ليس
من أهلك إنه عمل غير صالح) (4).
(1) الهداية الكبرى للحضيني: 68 وياتى بتمامه في المعجزة 129 من معاجز
الامام العسكري - عليه السلام -. (2) في المصدر: الحسن. (3 و 4) هود: 45 -
46.
[ 528 ]
والحديث طويل ياتي بتمامه إن
شاء الله تعالى في الحادى و السبعين من معاجز القائم - عليه السلام -. (1)
الثامن والثمانون: علمه - عليه السلام - بالغائب 2513 / 93 - الحسين بن
حمدان الحضينى: باسناده، عن زيد بن على بن زيد قال: مرضت مرضا شديدا، فدخل
على الطبيب وقد اشتدت بى العلة، فاصلح دواء في الليل لم يعلم به أحد،
فقال: خذ هذا
الدواء في كل يوم مرة عشرة أيام فانك تعافى إن شاء الله تعالى، وخرج من
عندي وترك الدواء في نصف الليل، فلم يبعد حتى وافى نصر (2) غلام أبى الحسن
على بن محمد - عليهما السلام -، فاستاذن على، فدخل و معه إناء فيه مثل ذلك
الدواء الذى أصلحه الطبيب في تلك الساعة، فقال لى: مولاى يقول: [ قال ]
(3) الطبيب لك: استعمل هذا الدواء عشرة أيام فانك تعافى، وقد بعثنا إليك
من الدواء الذى أصلحه لك، فخذ منه الساعة مرة واحدة، فانك تعافى من ساعتك.
قال زيد: فعلمت [ والله ] (4) إن قوله الحق، فاخذت ذلك الدواء من الهاون
مرة واحدة فعوفيت من ساعتي، ورددت دواء الطبيب عليه - وكان نصرانيا -،
فسائلني وقد رانى في صبيحة يومى معافى من علتى
(1) الهداية الكبرى للحضيني: 73 و 94 - 95. (2) في الاصل والمصدر: نمير،
ولكنه إشتباه، إذ ليس لابي الحسن الهادى - عليه السلام - غلام بهذا الاسم،
فيحتمل قويا كونه تصحيف نصر، كما أن في الهداية المطبوع: 314 كما اثبتناه.
(3 و 4) من المصدر.
[ 529 ]
ما كان السبب
في العافية ولم رددت الدواء على ؟ فحدثته بحديثي ولم أكتمه، فمضى إلى أبى
الحسن - عليه السلام - فاسلم على يده وقال: يا سيدى هذا علم المسيح - عليه
السلام - وليس يعلمه إلا من كان مثله. (1)
التاسع والثمانون: علمه - عليه
السلام - بما يكون 2514 / 94 - عنه: باسناده، عن محمد بن عبد الله (2)
القمى قال: لما حملت ألطافا من قم إلى سيدى أبى الحسن - عليه السلام - إلى
سر من راى،
فوردتها واستاجرت بها منزلا، وجعلت أروم الوصول إليه أو من يوصل [ إليه ]
(3) تلك الالطاف التى حملتها، فتعذر على ذلك، فكلفت عجوزا كانت معى في
الدار أن تلتمس لى إمراة أتمتع بها، فخرجت العجوز في طلب حاجتى، فإذا أنا
بطارق قد طرق بابى وقرعه، فخرجرت إليه فإذا أنا بصبى منحول، فقلت له: ما
حاجتك ؟ فقال لى: سيدى ومولاى أبو الحسن - عليه السلام - يقول لك: قد
شكرنا برك و ألطافك التى حملتها تريدنا بها، فاخرج إلى بلدك واردد ألطافك
معك، واحذر الحذر كله أن تقيم بسر من راى أكثر من ساعة، فانك إن خالفت
وأقمت عوقبت فانظر لنفسك. فقلت: إنى والله أخرج ولا اقيم، فجاءت العجوز
ومعها المتيعة،
(1) الهداية الكبرى للحضيني: 63 (ط ق)، وقد تقدم مع تخريجاته في الحديث
2037 عن الارشاد وفي الحديث 2432 عن الكافي. (2) في المصدر: عبدة. (3) من
المصدر.
[ 530 ]
فمتعت بها وبت ليلتى
وقلت: في غد أخرج، فلما تولى الليل طرق باب دارنا ناس وقرعوه قرعا شديدا،
فخرجت العجوز إليهم، فإذا أنا بالطائف والحارس وشرطة معهما ومشعل وشمع،
فقالوا لها: اخرجي إلينا الرجل والمراة من دارك، فجحدتهم، فهجموا على
الدار فاخذوني والمراة ونهبوا كلما كان معى من الالطاف وغيرها، فرفعت و
أقمت في الحبس بسر من راى ستة أشهر. ثم جائنى بعض مواليه فقال لى: حلت بك
العقوبة التى حذرتك
منها، فاليوم تخرج من حبسك، فصر إلى بلدك، فاخرجت في ذلك اليوم وخرجت
هائما حتى وردت قم، فعلمت أن بخلافي لامره نالتنى تلك العقوبة. (1)
التسعون: علمه - عليه السلام - بالغائب وبما في النفس 2515 / 95 - عنه:
باسناده، عن فارس بن حاتم بن ماهويه قال: بعث يوما المتوكل إلى سيدنا أبى
الحسن - عليه السلام - أن اركب واخرج (معنا) (2) إلى الصيد لنتبرك بك،
فقال للرسول: قل له: إنى راكب، فلما خرج الرسول قال لنا: كذب، ما يريد إلا
غير ما قال، قالا: قلنا: يا مولانا فما الذى يريد ؟ قال: يظهر هذا القول
فان أصابه خير نسبه إلى ما يريد بنا ما يبعده من الله (3) وإن اصابه شر
نسبه إلينا، وهو يركب في هذا اليوم
(1) الهداية الكبرى للحضيني: 63. (2) ليس في المصدر. (3) في المصدر: إلى من يريده بنا مما يبعد عن الله.
[ 531 ]
ويخرج إلى الصيد فيرد هو وجيشه على قنطرة على نهر، فيعبر سائر الجيش ولا
تعبر دابته، فيرجع ويسقط من فرسه فتزل رجله وتتوهن يداه ويعرض شهرا. قال
فارس: فركب سيدنا وسرنا في المركب معه والمتوكل يقول: اين ابن عمى المدنى
؟ فيقول له: سائر يا أمير المؤمنين في الجيش، (فيقول: ألحقوه بنا، ووردنا
النهر والقنطرة، فعبر سائر الجيش) (1) وتشعثت القنطرة وتهدمت، ونحن نسير
في أواخر الناس مع سيدنا، ورسل المتوكل تحته، فلما وردنا النهر والقنطرة
امتنعت دابته أن تعبر،
وعبر سائر [ الجيش و ] (2) دوابنا، فاجتهدت رسل المتوكل عبور دابته فلم
تعبر، وعثر المتوكل فلحقوا به، ورجع سيدنا، فلم يمضى من النهار إلا ساعات
حتى جاءنا الخبر أن المتوكل سقط عن دابته وزلت رجله وتوهنت يداه، وبقى
عليلا شهرا وعتب على أبى الحسن - عليه السلام -. قال أبو الحسن - عليه
السلام -: إنما رجع (عنا) (3) لئلا تصيبنا هذه السقطة فنشام به، فقال أبو
الحسن - عليه السلام -: صدق الملعون وأبدى ما كان في نفسه. (4)
(1) ليس في المصدر. (2) من المصدر. (3) ليس في المصدر. (4) الهداية الكبرى للحضيني: 63 - 64.
[ 532 ]
الحادى والتسعون: خبر الهندي 2516 / 96 - وعنه: باسناده، عن محمد بن أحمد
الحضينى قال: ورد على المتوكل رجل من [ أهل ] (1) الهند مشعبذ يلعب الحقة،
فاحضره المتوكل فلعب بين يديه باشياء ظريفة فكثر تعجبه منها، فقال للهندي:
يحضر الساعة عندنا رجل فالعب بين يديه بكل ما تحسن و تعرض به واقصد لخجله،
فحضر سيدنا أبو الحسن - عليه السلام - ولعب الهندي وهو ينظر إليه والمتوكل
يعجب من لعبه، حتى تعرض الهندي لسيدنا وقال: ما لك أيها الشريف لا تهش (2)
للعبى ؟ أحسبك جائعا، وضرب الهندي يده إلى صورة في البساط وقال: ارتقى،
فاراهم أنها رغيف، وقال: امض يا رغيف إلى هذا الجائع حتى ياكلك ويفرح
بلعبي. فوضع سيدنا أبو الحسن - عليه السلام - إصبعه على صورة سبع في
البساط وقال له: خذه، فوثب من تلك الصورة سبع عظيم فابتلع الهندي ورجع إلى
صورته في البساط، فسقط المتوكل لوجه وهرب من كان قائما، فقال المتوكل -
وقد أثاب إليه عقله -: يا أبا الحسن أين الرجل رده، قال له أبو الحسن -
عليه السلام -: ان ردت عصى موسى ما تلقفت رد هذا الرجل، ونهض. (3)
(1) من المصدر. (2) الهشاشة: الارتياح والخفة (لسان العرب). (3) الهداية الكبرى للحضيني: 64، وقد تقدم في الحديث 2468 عن البرسى.
[ 533 ]
الثاني والتسعون: علمه - عليه السلام - بالاجال 2517 / 97 - وعنه:
باسناده، عن عبد الله بن جعفر، عن المعلى بن محمد قال: قال أبو الحسن على
بن محمد - عليهما السلام -: إن هذا الطاغية يبنى مدينة بسر من راى يكون
حتفه فيها على يد إبنه المسمى بالمنتصر، وأعوانه عليه الترك. قال: وسمعته
يقول: اسم الله على ثلاثة وسبعين حرفا، وإنما كان عند آصف بن برخيا حرف
واحد، فتكلم به فخرقت له الارض فيما بينه وبين مدينة سبا، فتناول عرش
بلقيس فاحضره سليمان - عليه السلام - قبل أن يرتد إليه طرفه، ثم بسطت
الارض في أقل من طرفة عين، وعندنا منه إثنان وسبعون حرفا، والحرف الذى كان
عند آصف بن برخيا وكتب إليه رجل من شيعته من
المدائن يساله عن سنى المتوكل، فكتب إليه: (بسم الله الرحمن الرحيم تزرعون
سبع سنين دابا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم ياتي من
بعد ذلك سبع شداد ياكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم ياتي من بعد
ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) (1)، فقتل بعد خمسة عشر سنة. ثم كان
من أمر بناء المتوكل الجعفري وما أمر به بنى هاشم و غيرهم من الابنية هناك
ما تحدث به، ووجه إلى أبى الحسن - عليه السلام - بثلاثين ألف درهم وأمره
أن يستعين بها على بناء دار، وركب المتوكل يطوف على الابنية، فنظر إلى دار
أبى الحسن - عليه السلام - لم ترتفع إلا
(1) يوسف: 47 - 49.
[ 534 ]
قليلا، فانكر ذلك وقال لعبيد الله بن يحيى بن خاقان على وعلى يمينا - و
أكدها - لئن ركبت ولم ترتفع دار أبى الحسن - عليه السلام - لاضربن عنقه،
فقال له عبيدالله: يا أمير المؤمنين لعله في اضاقة، فامر له بعشرين ألف
درهم وجه بها إليه مع أحمد إبنه وقال له: تحدثه بما جرى، فصار إليه وأخبره
بما جرى، فقال: إن ركب فليفعل ذلك. ورجع أحمد إلى أبيه عبيدالله فعرفه
ذلك، فقال عبيدالله: ليس والله يركب، فلما كان في يوم الفطر من السنة التى
قتل (فيها) (1) أمر بنى هاشم بالترجل (2) والمشى بين يديه، وإنما أراد
بذلك أبا الحسن - عليه السلام -، فترجل بنو هاشم وترجل أبو الحسن - عليه
السلام -، فاتكى على رجل من مواليه، فاقبل عليه الهاشميون فقالوا: يا
سيدنا ما في هذا العالم أحد يدعوا الله فيكفينا مونته ؟ فقال أبو الحسن -
عليه السلام -: في هذا
العالم من قلامة ظفره أعظم عند الله من ناقة صالح، لما عقرت وضج الفصيل
إلى الله، فقال الله عز من قائل: (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير
مكذوب) (3)، فقتل في اليوم الثالث خلق كثير من بنى هاشم. وروى أنه قال -
وقد أجهده المشى -: (اللهم إنه قطع رحمى قطع الله أجله). ومضى المتوكل في
اليوم الرابع من شوال سنة سبع وأربعين
(1) ليس في المصدر. (2) الترجل: النزول عن المركب والمشى بالقدم. (3) هود: 65.
[ 535 ]
ومائتين في سنة سبع وعشرين من إمامة أبى الحسن - عليه السلام -، وبويع
لابنه محمد بن جعفر المنتصر، فكان من حديثه مع أبى الحسن - عليه السلام -،
ومع جعفر بن محمود ما رواه الناس. (1)
الثالث والتسعون: رويا المتوكل
وإخباره - عليه السلام - بما راى المتوكل 2518 / 98 - وعنه: باسناده: عن
على بن عبيدالله الحسينى (2) قال: ركبنا مع سيدنا أبى الحسن - عليه السلام
- إلى دار المتوكل في يوم السلام، فسلم سيدنا أبو الحسن - عليه السلام -
وأراد أن ينهض، فقال له المتوكل: إجلس يا أبا الحسن إنى اريد أن أسالك،
فقا له - عليه السلام -: سل، فقال له: ما في الاخرة شئ غير الجنة أو النار
يحلون فيه الناس ؟ فقال أبو الحسن - عليه السلام -: ما يعلمه إلا الله،
فقال له: فعن علم الله أسالك،
فقال له - عليه السلام -: ومن علم الله اخبرك، قال: يا أبا الحسن ما رواه
الناس أن أبا طالب يوقف إذا حوسب الخلائق بين الجنة والنار، وفي رجله
نعلان من نار يغلى منهما دماغه، لا يدخل الجنة لكفره ولا يدخل النار
لكفالته رسول الله - صلى الله عليه وآله - وصده قريشا عنه، والسر على يده
حتى ظهر أمره ؟ قال له أبو الحسن - عليه السلام -: ويحك لو وضع إيمان أبى
طالب في كفة ووضع ايمان الخلائق في الكفة الاخرى لرجح إيمان أبى طالب
(1) الهداية الكبرى للحضيني: 64 (مخطوط). (2) في المصدر: الحسنى.
[ 536 ]
على إيمانهم جميعا، قال له المتوكل: ومتى كان مومنا ؟ قال له: دع ما لا
تعلم واسمع ما لا ترده المسلمون [ جميعا ] (1) ولا يكذبون به، إعلم أن
رسول الله - صلى الله عليه وآله - حج حجة الوداع، فنزل بالابطح بعد فتح
مكة، فلما جن عليه الليل أتى القبور قبور بنى هاشم، وقد ذكر أباه وامه
وعمه أبا طالب، فداخله حزن عظيم عليهم ورقة، فأوحى الله إليه أن الجنة
محرمة على من أشرك بى وإنى اعطيك يا محمد ما لم اعطه أحدا غيرك، فادع أباك
وامك وعمك فانهم يجيبونك ويخرجون من قبورهم أحياء لم يمسهم عذابي لكرامتك
على، فادعهم إلى الايمان [ بالله وإلى ] (2) رسالتك و [ إلى ] (3) موالاة
أخيك على والاوصياء منه إلى يوم القيامة، فيجيبونك ويومنون بك. فاهب لك كل
ما سالت وأجعلهم ملوك الجنة كرامة لك يا محمد، فرجع النبي - صلى الله عليه
وآله - إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - فقال له:
قم يا أبا الحسن فقد أعطاني ربى هذه الليلة ما لم يعطه أحدا من خلقه في
أبى وامى وأبيك عمى، وحدثه بما أوحى الله إليه وخاطبه به، و أخذ بيده وصار
إلى قبورهم، فدعاهم إلى الايمان بالله وبه وباله - عليهم السلام -،
والاقرار بولاية على بن أبى طالب أمير المؤمنين - عليه السلام - والاوصياء
منه، فامنوا بالله وبرسوله وأمير المؤمنين والائمة منه واحدا بعد واحد إلى
يوم القيامة. فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وآله -: عودوا إلى الله
ربكم وإلى الجنة، فقد جعلكم الله ملوكها، فعادوا إلى قبورهم، فكان والله
(1 - 3) من المصدر.
[ 537 ]
أمير المؤمنين - عليه السلام - يحج عن أبيه وامه وعن أب رسول الله - صلى
الله عليه وآله - وامه، حتى مضى ووصى الحسن والحسين - عليهما السلام -
بمثل ذلك، وكل إمام منا يفعل ذلك إلى أن يظهر الله أمره، فقال له المتوكل:
قد سمعت هذا الحديث: أن أبا طالب في صحضاح من نار، أفتقدر يا أبا الحسن أن
ترينى أبا طالب بصفته حتى أقول له ويقول لى ؟ قال أبو الحسن - عليه السلام
- إن الله سيريك أبا طالب في منامك الليلة وتقول له ويقول لك، قال له
المتوكل: سيظهر (1) صدق ما تقول، فان كان حقا صدقتك في كل ما تقول، قال له
أبو الحسن - عليه السلام -: ما أقول لك إلا حقا ولا تسمع منى إلا صدقا،
قال له المتوكل: أليس في هذه الليلة في منامي ؟ قال له: بلى، قال: فلما
أقبل الليل قال المتوكل اريد أن لا أرى أبا طالب الليلة في منامي، فاقتل
على بن محمد بادعائه الغيب وكذبه، فماذا أصنع ؟ فما لى إلا أن أشرب الخمر،
وآتى الذكور
من الرجال والحرام من النساء فلعل أبا طالب لا ياتيني، ففعل ذلك كله وبات
في جنابات، فراى أبا طالب في النوم فقال له: يا عم حدثنى كيف كان إيمانك
بالله وبرسوله بعد موتك. قال: ما حدثك به إبنى على بن محمد في يوم كذا
وكذا، فقال: يا عم تشرحه لى، فقال له أبو طالب: فان لم أشرحه لك تقتل عليا
والله قاتلك، فحدثه فاصبح، فاخر أبو الحسن - عليه السلام - ثلاثا لا يطلبه
و لا يساله، فحدثنا أبو الحسن - عليه السلام - بما راه المتوكل في منامه
وما فعله من القبائح لئلا يرى أبا طالب في نومه، فلما كان بعد ثلاثة
(1) في المصدر: سننظر.
[ 538 ]
[ أيام ] (1) أحضره فقال له: يا أبا الحسن قد حل لى دمك، قال له: ولم ؟
قال: في إدعائك الغيب وكذبك على الله، أليس قلت لى: إنى أرى أبا طالب في
منامي [ تلك الليلة فاقول له ويقول لى ؟ فتطهرت وتصدقت وصليت وعقبت لكى
أرى أبا طالب في منامي ] (2) فاسأله، فلم أره في ليلتى، وعملت هذه الاعمال
الصالحة في الليلة الثانية الثالثة فلم أره، فقد حل لى قتلك وسفك دمك.
فقال له أبو الحسن - عليه السلام -: يا سبحان الله ويحك ما أجراك على الله
؟ ويحك سولت [ لك ] (3) نفسك اللوامة حتى أتيت الذكور من الغلامان
والمحرمات من النساء وشربت الخمر لئلا ترى أبا طالب في منامك فتقتلني،
فأتاك وقال لك وقلت له، وقص عليه ما كان بينه وبين أبى طالب في منامه، حتى
لم يغادر منه حرفا، فاطرق المتوكل [ ثم ] (4) قال: كلنا بنو هاشم وسحركم
يا آل [ أبى ] (5) طالب من دوننا عظيم،
فنهض (عنه) (6) أبو الحسن - عليه السلام -. (7) تم بعون الله وحسن توفيقه.
(1 - 5) من المصدر. (6) ليس في المصدر. (7) الهداية الكبرى للحضيني: 65 (مخطوط) وعنه حلية الابرار: 2 / 460 - 462.
|