مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 1

الجزء الرابع عشر

 [تتمة كتاب الجنائز]

باب ثواب من حفر لمؤمن قبرا

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): مختلف فيه.

قوله عليه السلام:" موافقا"

 (3) لأن القبر بيت موافق له و هو روضة من رياض الجنة.

باب حد حفر القبر و اللحد و الشق و أن رسول الله صلى الله عليه و آله لحد له‏

 (4) قال في التذكرة: يستحب أن يجعل للميت لحد، و معناه أنه إذا بلغ الحافر أرض القبر حفر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت و هو أفضل من الشق و معناه أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه و يسقف‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 2

عليه بشي‏ء، ذهب إليه علماؤنا. و به قال الشافعي: و أكثر أهل العلم. لقول ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه و آله لحد له أبو طلحة الأنصاري، و قال: أبو حنيفة الشق أفضل لكل حال.

 (الحديث الأول)

 (1): ضعيف.

و في التهذيب هكذا سعد بن عبد الله عن يعقوب ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال حد القبر إلخ.

قوله عليه السلام:" و قال بعضهم إلى الثدي"

 (2) قال في الذكرى: لعله كلام الراوي لأن الإمام لا يحكي قول أحد.

قوله عليه السلام:" حتى يمد الثوب".

 (3) ربما يستدل به على استحباب مد الثوب على القبر عند الدفن، و لا يخفى ما فيه: إذا الظاهر أن المراد به التقدير للتحديد.

قوله عليه السلام:" أغمي عليه"

 (4) قال: الشهيد الثاني (رحمه الله) لا يريد به حقيقة الإغماء بل مجازه بمعنى أنه قد حصل له ما أوجب عند الحاضرين أن يصفوه بذلك من دون أن يكون قد حصل له حقيقة، لأن المعصوم ما دام حيا لا يجوز أن يخرج من التكليف،

 (الحديث الثاني)

 (5): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" فقد صدقوا"

 (6) أي هو أفضل. و إنما أوصى عليه السلام بذلك لأنه كان بادنا و كان لا يحتمل أرض المدينة لرخاوتها للحد المناسب له عليه السلام كما و رد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 3

التصريح به في غيره.

 (الحديث الثالث)

 (1): حسن.

 (الحديث الرابع)

 (2): ضعيف على المشهور. و لعله محمول على ما إذا لم يحتج إلى الأكثر.

باب أن الميت يؤذن به الناس‏

 (3)

 (الحديث الأول)

 (4): حسن كالصحيح.

و قال في الحبل المتين: لعل المراد

بأولياء الميت‏

 (5) الذين يستحب لهم أن يخبروا الناس بموته، أولاهم بميراثه على ترتيب الطبقات الثلاث في الإرث، و يمكن أن يراد بهم من علاقتهم أشد. سواء كانت نسبية أو سببية و

الجنازة

 (6) بفتح الجيم و كسرها الميت.

و قد يطلق بالفتح على السرير، و بالكسر على الميت، و ربما عكس.

و قد يطلق بالكسر على السرير إذا كان عليه الميت، و هو المراد في الحديث‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 4

و لفظتا يكتسب في‏

قوله عليه السلام:" فيكتسب لهم الأجر و يكتسب للميت الاستغفار"

 (1) إما بالبناء للمفعول، أو الفاعل بعود المستتر إلى الولي في ضمن الأولياء، و لفظة في‏

قوله عليه السلام:" و يكتسب هو الأجر فيهم و فيما اكتسب لميتهم من الاستغفار"

 (2) للسببية أي يكتسب الولي الأجر بذينك السببين.

و قال في مشرق الشمسين: جملة

" يشهدون"

 (3) معطوفة على جملة ينبغي لا على يؤذنوا، و في بعض النسخ يشهدوا، و يصلوا و يستغفروا، بإسقاط النون و هو الأولى.

 (الحديث الثاني)

 (4): صحيح.

 (الحديث الثالث)

 (5): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 5

باب القول عند رؤية الجنازة

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): مرسل كالحسن.

قوله عليه السلام:" من السواد المخترم"

 (3) السواد يطلق على الشخص، و على القرية، و المخترم الهالك، أو المستأصل، و الظاهر أن المراد هنا إما الجنس أي لم يجعلني من الجماعة الهالكين، فيكون شكر النعمة الحياة و لا ينافي حب لقاء الله، فإن معناه حب الموت على تقدير رضاء الله به فلا ينافي لزوم شكر نعمة الحياة و الرضا بقضاء الله في ذلك.

و قيل:" حب لقاء الله" إنما يكون عند معاينة منزلته في الجنة كما مر في الخبر، أو المراد" بالمخترم" الهالك بالهلاك المعنوي، إما لأن غالب أهل زمانهما عليهما السلام. كانوا منافقين، فلما رأوا جنازتهم و علموا ما أصابهم من العذاب شكروا الله على نعمة الهداية.

و أما إن عند رؤية الموتى ينبغي تذكر أحوال الآخرة، فينبغي الشكر على ما هو العمدة في حصول السعادات الأخروية أعني الإيمان، و على الأخير لا يختص برؤية جنازة المنافق، و إذا كان المراد" بالسواد" القرية كان المراد القرية الهالكة أهلها بالهلاك المعنوي، أي جعلني في بلاد المسلمين.

و قال: في الذكرى: إن المعنى لم يجعلني من هذا القبيل، ثم قال: و لا ينافي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 6

هذا حب لقاء الله تعالى لأنه غير مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار، و معاينة ما يحب.

كما روينا عن الصادق عليه السلام و رووه في الصحاح عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال:

" من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه" قيل: له صلى الله عليه و آله إنا لنكره الموت. فقال عليه السلام: ليس ذلك و لكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله و كراماته، و ليس شي‏ء أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله و أحب الله لقاءه، و إن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله فليس شي‏ء أكره إليه مما أمامه، كره لقاء الله فكره الله لقاءه.

ثم قال:" قدس الله روحه" و يجوز أن يكنى بالمخترم عن الكافر، لأنه الهالك على الإطلاق، بخلاف المؤمن، أو يراد بالمخترم من مات دون أربعين سنة، و قال الشيخ البهائي:" رحمه الله" يمكن أن يراد بالسواد،" عامة الناس" كما هو أحد معاني السواد في اللغة، ليكون المراد: الحمد لله الذي لم يجعلني من عامة الناس الذين يموتون على غير بصيرة و لا استعداد للموت.

 (الحديث الثاني)

 (1): مرفوع.

 (الحديث الثالث)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام" تعزز"

 (3) أي صار عزيزا. غالبا بالقدرة الكاملة، بإيجاد الأشياء

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 7

و إفنائها، و إحياء الناس و إماتتهم.

قال: في القاموس" عز يعز" صار عزيزا، كتعزز.

باب السنة في حمل الجنازة

 (1) اعلم أنه ذكر الأصحاب أن حمل الميت واجب على الكفاية، و أجمعوا على استحباب التربيع، قال في الذكرى: و أفضله أن يبدأ بمقدم السرير الأيمن، ثم يمر عليه إلى مؤخره، ثم بمؤخر السرير الأيسر و يمر عليه إلى مقدمه دور الرحى، و ذكر ذلك الشيخ في المبسوط و النهاية: و هو المشهور بين المتأخرين.

و قال في الخلاف، يحمل بميامنه مقدم السرير الأيسر ثم يدور حوله حتى يرجع إلى المقدم، و ادعى عليه الإجماع.

و أقول: الظاهر من الأخبار ما ذكره الشيخ في الخلاف كما ستقف عليه.

 (الحديث الأول)

 (2): في الخبر إرسال: لكنه كالحسن.

لأنه قال إبراهيم بن هاشم: عن غير واحد، و هو لا يقصر عن ممدوح واحد رواه.

قوله عليه السلام" السنة في حمل الجنازة" إلخ.

 (3) أقول: هذا الخبر ظاهرا موافق لما ذكره الشيخ في الخلاف إذ الظاهر من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 8

قوله" فتلزم الأيسر"

 (1) أيسر السرير. إذا فرض رجلا ماشيا و هو يوافق أيمن الميت.

و

قوله عليه السلام: في آخر الخبر:" مما يلي يسارك"

 (2) كالصريح في ذلك. لأن الماشي عن يمين الجنازة هي عن يساره.

و يحتمل أن يكون المراد، الجانب الذي تأخذه بيسارك.

 (الحديث الثاني)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" السنة أن تحمل السرير إلخ"

 (4) السنة ما واظب عليه النبي صلى الله عليه، و التطوع ما صدر عنه و عن أوصيائه عليه السلام على جهة الاستحباب، و لم يواظب عليه رحمة للأمة، و ليتميز ما هو المؤكد من المستحبات و ما ليس كذلك منها.

و الظاهر أن المراد أن السنة النبوية جرت بحمل الجنازة من أربع جوانبها كيف اتفق و الزائد على الأربع تطوع، و يحتمل أن يكون المراد أن رعاية الهيئات المخصوصة في حمل الجوانب الأربعة. تطوع، و أن يكون المراد أن ما بعد ذلك كما و كيفا فهو تطوع، و يحتمل أن يكون المراد

" بالحمل من جوانبه الأربعة"

 (5) الهيئة المخصوصة المسنونة، و

بقوله." ما بعد ذلك"

 (6) الزائد عنه، أو الأعم منه و من النقص، أو مخالفة الكيفية المسنونة.

و يحتمل بعيدا: أن يكون المراد. أن السنة الأخذ بأحد القوائم الأربع كيف اتفق و ما كان بعد ذلك من الزيادة في الكمية و الرعاية في الكيفية فهو

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 9

تطوع.

و لعل الأول أظهر و روى الجمهور: عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إذا تبع أحدكم الجنازة فليأخذ بجوانب السرير الأربعة، ثم ليتطوع بعد، أو ليذر فإنه من السنة.

ثم اعلم أن المشهور استحباب التربيع على الهيئة المخصوصة، بل ظاهر بعضهم تحقق الإجماع على ذلك. و قال ابن الجنيد. يرفع الجنازة من أي جوانبها قدر عليه و استدل له بهذا الخبر و مكاتبة الحسين بن سعيد، و قد عرفت أن هذا الخبر لا يدل على نفي استحباب التربيع، و المكاتبة أيضا محمولة على حصول التطوع بترك الهيئة المقررة. لا نفي فضلها رأسا.

قوله عليه السلام:" من جوانبه الأربع" في ما رأينا من النسخ، كذلك و الأظهر الأربعة، و لعله بتأويل الناحية و شبهها.

 (الحديث الثالث)

 (1): مرسل.

قوله عليه السلام:" فابدأ باليد اليمنى"

 (2) هذا صريح في أن المراد اليد اليمنى للميت الكائنة على أيسر السرير.

قوله عليه السلام:" ثم ارجع من مكانك"

 (3) أي من موضع الرجل اليمنى‏

إلى ميامن الميت‏

 (4)، أي الجانب الذي فرغت منه و عبر عنه بميامن الميت، فهذا صريح في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 10

أن المراد يمين الميت لا يمين السرير، و هذا الخبر يدل على أن الخلاف بيننا و بين العامة في الترتيب لا في الابتداء، و قال في شرح السنة: حمل الجنازة من الجوانب الأربع، فيبدأ بياسرة السرير المقدمة فيضعها على عاتقه الأيمن، ثم بياسرته المؤخرة، ثم بيامنته المقدمة، فيضعها على عاتقه الأيسر، ثم بيامنته المؤخرة انتهى.

قال الشيخ في الخلاف: صفة التربيع أن يبدأ بيسرة الجنازة و يأخذ بيمينه و يتركها على عاتقه، و يربع الجنازة و يمشي إلى رجليها و يدور دور الرحى إلى أن يرجع إلى يمنة الجنازة فيأخذ ميامن الجنازة بمياسره، و به قال سعيد بن جبير و الثوري و إسحاق، و قال الشافعي و أبو حنيفة: يبدأ بمياسر مقدم السرير فيضعها على عاتقه الأيمن، ثم يتأخر فيأخذ مياسره فيضعها على عاتقه الأيمن، ثم يعود إلى مقدمه فيأخذ ميامن مقدمه فيضعها على عاتقه الأيسر، ثم يتأخر فيأخذ بميسرة مؤخره فيضعها على عاتقه الأيسر، ثم قال: دليلنا إجماع الفرقة و عملهم. انتهى و يظهر من الخلاف. أنه قال: بهذا القول الشافعي و أبو حنيفة و قال: بما ذهب إليه الشيخ في الخلاف، جماعة منهم سعيد بن جبير و الثوري و إسحاق.

 (الحديث الرابع)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" من الجانب الأيمن"

 (2) يحتمل أيمن الميت و أيمن السرير، بل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 11

لو كان صريحا في أيمن السرير يمكن أن يقال كما يمكن أن يعتبر السرير رجلا ماشيا و يعتبر يمينه و يساره بحسب ذلك التوهم، كذلك يمكن أن يطلق اليمين و اليسار على جوانبه بحسب ما جاوز من جوانب الميت، بل بأن يعتبر شخصا مستلقيا على قفاه، كالميت ثم أقول: لا يخفى عليك بعد ما قررنا لك في تفسير الأخبار. أن المعتمد ما اختاره الشيخ في الخلاف مدعيا عليه الإجماع، لأن الخبر الأول و الثالث صريحان في ذلك، و الخبر الأخير محتمل الأمرين، فينبغي حمله عليهما لرفع التنافي بين الأخبار.

و ما استدل به الشهيد (ره) في الذكرى بقوله عليه السلام: في هذا الخبر دوران الرحى و أنه لا يتصور إلا على البدأة بمقدم السرير الأيمن، و الختم بمقدمه الأيسر و الإضافة قد يتعاكس فلا يخفى وهنه، إذ ظاهر أن التشبيه بمجرد الدوران و عدم الرجوع كما تفعله العامة و دل عليه الخبر الثالث و أومأ إليه الشيخ في الخلاف، مع أنه يعسر بل يتعذر غالبا حمل الأيمن من السرير بالشق الأيمن أيضا من جهة الاعتبار رعاية يمين الميت في الابتداء أولى من رعاية يمين السرير.

بل نقول: يمكن حمل كلام الشيخ في الكتابين على ما ذكره في الخلاف لئلا يكون فيهما مخالفا لإجماع ادعاه لأنه ذكر في الكتابين عبارة هذا الخبر، و يمكن تأويله على نحو ما ذكرنا في تأويل الخبر، و يظهر من العلامة في المنتهى أنه أول الخبر و كلام الشيخ في الكتابين بما ذكرنا، لأنه لا يتعرض فيه الخلاف بل قال:

المستحب عندنا أن يبدأ الحامل بمقدم السرير الأيمن ثم يمر معه و يدور من خلفه إلى الجانب الأيسر، فيأخذ رجله اليسرى و يمر معه إلى أن يرجع إلى المقدم كذلك دور الرحى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 12

و حاصل ما ذكرناه أن يبدأ فيضع قائمة السرير التي تلي اليد اليمنى للميت فيضعها على كتفه الأيمن و هكذا انتهى، و كذا يدل على ما ذكرنا ما نقله الشهيد (ره) عن الراوندي: أنه حكى كلام النهاية و الخلاف و قال: معنا هما لا يتغير و إن جعله الشهيد مؤيدا لما اختاره و الله يعلم.

باب المشي مع الجنازة

 (1) المعروف من مذهب الأصحاب أن مشي المشيع وراء الجنازة أو أحد جانبيها أفضل من المشي أمامها، قال في المنتهى: يكره المشي أمام الجنائز للماشي و الراكب بل المستحب أن يمشي خلفها أو من أحد جانبيها و هو مذهب علمائنا أجمع و به قال:

الأوزاعي و أصحاب الرأي و إسحاق و قال: الثوري الراكب خلفها و الماشي حيث شاء، و قال الأصحاب الظاهر: الراكب خلفها أو بين جنبيها، و الماشي أمامها و قال الشافعي و ابن أبي ليلى و مالك: المشي أمامها أفضل للراكب و الراجل و به قال:

عمر و عثمان و أبو هريرة و القاسم ابن محمد و ابن الزبير و أبو قتادة و شريح و سالم و الزهري انتهى، و نص في المعتبر على أن تقدمها ليس بمكروه، بل هو مباح و حكى الشهيد في الذكرى: عن كثير الأصحاب أنه يرى كراهة المشي أمامها و قال ابن أبي عقيل: يجب التأخر خلف جنازة المعادي لذي القربى لما ورد من استقبال ملائكة العذاب إياه، و قال: ابن الجنيد يمشي صاحب الجنازة بين يديها و الباقون وراؤها لما روي من أن الصادق عليه السلام تقدم سرير ابنه إسماعيل بلا حذاء و لا رداء.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 13

 (الحديث الأول)

 (1): موثق بإسحاق.

و يظهر من الرجال أن إسحاق بن عمار اثنان، أحدهما إسحاق بن عمار بن حيان و هو كوفي ثقة صحيح المذهب، و الأخر ابن عمار بن موسى الساباطي و هو ثقة فطحي، و على أي حال: فالخبر موثق للاشتراك.

قوله عليه السلام" المشي"

 (2) إلخ يدل على ما هو المشهور بين الأصحاب‏

 (الحديث الثاني)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام" امش"

 (4) إلخ يدل على اختصاص النهي عن المشي أمام الجنازة بجنازة المخالف، و به يمكن الجمع بين الأخبار.

 (الحديث الثالث)

 (5): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و نحن تبع لهم"

 (6) في القاموس التبع محركة التابع، يكون واحدا و جمعا، و الجمع أتباع.

أقول يمكن أن يكون هذا الحكم مخصوصا بهذه الجنازة. بأن يكون تقدم الملائكة و كثرتهم لفضل هذا الميت، فلذا عليه السلام تأخر، أو يكون هذا الحكم مخصوصا به صلى الله عليه و آله لرؤية الملائكة، لكن الظاهر أنه يدل على المشهور لعموم التأسي، و عدم صراحة تلك الاحتمالات في اختصاص الحكم به صلى الله عليه و آله، مع أن الظاهر جريان‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 14

التعليل في غير تلك الجنازة بمعونة الخبر المتقدم‏

 (الحديث الرابع)

 (1): صحيح.

و يدل على التخيير و حمل على الجواز. للجمع فلا ينافي مرجوحية التقدم.

 (الحديث الخامس)

 (2): مرسل. إلا أنه كالموثق كما مر، و الكلام فيه كالكلام فيما سبق.

 (الحديث السادس)

 (3): مجهول.

قوله عليه السلام:" كرام الكاتبين"

 (4) أي ملائكة اليمين و الشمال الكاتبين للأعمال، فإنهم في هذا الحال أيضا ملازمون لجنبي الميت كما كانوا كذلك في حياته، كما يفهم من هذا الخبر، و يدل على رجحان المشي جنبي السرير.

 (الحديث السابع)

 (5): ضعيف على المشهور.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 15

قوله عليه السلام:" إن كان مخالفا"

 (1) إلخ يدل بمنطوقه على المنع من المشي أمام الجنازة المخالف، و بمفهومه على التخيير في جنازة المؤمن.

" تذنيب" اعلم أن الظاهر: في الجمع بين أخبار هذا الباب حمل أخبار النهي و المرجوحية على جنازة المخالف، لكن الأولى عدم المشي أمامها مطلقا، لدعوى الإجماع، و شهرة خلافه بين العامة حتى إنهم نسبوا القول بذلك إلى أهل البيت عليهم السلام، قال: بعض شراح صحيح مسلم كون المشي وراء الجنازة أفضل من أمامها، هو قول علي بن أبي طالب عليه السلام و مذهب الأوزاعي و أبي حنيفة و قال جمهور الصحابة و التابعين و مالك و الشافعي و جماهير العلماء: المشي قد أمها أفضل، و قال الثوري و طائفة: هما سواء،

باب كراهة الركوب مع الجنازة

 (2) قال في المنتهى يستحب المشي مع الجنازة و يكره الركوب و هو قول العلماء كافة.

 (الحديث الأول)

 (3): حسن.

بناء على أن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد،

قوله عليه السلام:" و قد أسلموه"

 (4) قال الجوهري: أسلمه أي خذله.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 16

أقول: الخذلان إما باعتبار أن هذا الفعل يدل على عدم الاعتبار بشأنه و الإعراض عنه، فهو استحقاق بشأن الميت و إما لأن مشيهم موجب لمزيد ثوابهم، و ثواب الميت بسبب ثوابهم فإذا تركوا الفعل الذي يوجب مزيد ثواب الميت فقد خذلوه و تركوا نصرته في أحوج ما يكون إلى النصر.

 (الحديث الثاني)

 (1): حسن لكنه مقطوع.

و الظاهر أن الانقطاع هنا من النساخ، فإن الشيخ رواه في التهذيب عن حماد عن حريز عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام.

قوله عليه السلام:" و الملائكة يمشون"

 (2) الظاهر عدم اختصاص الحكم به صلى الله عليه و آله، و بجنازة المخصوصة، بل يعم التعليل كما مر، و يؤيده ما رواه العامة عن ثوبان قال:

خرجنا مع النبي صلى الله عليه و آله في جنازة فرأى ناسا ركبانا، فقال أ لا تستحيون: إن ملائكة الله على أقدامهم و أنتم على ظهور الدواب.

باب من يتبع بجنازة ثم يرجع‏

 (3) قال ابن الجنيد: من صلى على جنازة لم يبرح حتى يدفن، أو يأذن أهله في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 17

الانصراف. إلا من ضرورة.

أقول كلامه يحتمل الوجوب، و الاستحباب، و المشهور الاستحباب كأصله.

 (الحديث الأول)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و لا تعني"

 (2) بحذف تاء الخطاب نفي في معنى النهي.

قال الجوهري: عني بالكسر عناء: أي تعب و نصب، و عنيته أنا تعنية، و تعنيته إنا أيضا فتعنى، أقول هذا الخبر يدل على فضل تشييع الجنازة و على كثرة الثواب بزيادته، و على عدم اشتراط الإذن في حضور الجنازة، و لا لزوم الانصراف مع الإذن فيه، بل عدم رجحانه و إن التمس صاحب الجنازة.

 (الحديث الثاني)

 (3): مرفوع.

قوله عليه السلام:" أميران"

 (4) إلخ أي يلزم إطاعة أمرهما و ليسا بأميرين منصوبين على الخصوص من قبل الإمام، أو أميرين عامين يلزم إطاعتهما في أكثر الأمور.

أقول: لا ينافي هذا الخبر ما سبق و ما سيأتي، إذ هذا الخبر يدل على جواز

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 18

الرجوع أو زوال الكراهة بعد الإذن، و لا ينافي أفضلية عدم الرجوع كما يدل عليه الخبران.

 (الحديث الثالث)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" و كان فيها عطاء"

 (2) هو عطاء بن أبي رباح، و كان بنو أمية يعظمونه جدا، حتى أمروا المنادي أن ينادي لا يفتي الناس إلا عطاء، و إن لم يكن فعبد الله بن أبي نجيح، و كان عطاء أعود، أفطس، أعرج، شديد السواد، ذكره ابن الجوزي في تاريخه.

قوله عليه السلام:" و صرخت صارخة"

 (3) في القاموس (الصرخة) الصيحة الشديدة و كغراب الصوت، أو شديدة و (الصارخ) المغيث و المستغيث ضد. انتهى، أي صاحت بالنياح و الجزع امرأة.

قوله عليه السلام:" لتسكن"

 (4) بكسر التاء الثانية، و تشديد النون، و في بعض النسخ: لتسكتين بالياء بين التاء و النون المخففة.

قوله عليه السلام:" امض بنا"

 (5) إلخ قال شيخنا البهائي: (رحمه الله) يستفاد من هذا الحديث أمور.

الأول تأكد كراهة الصراخ على الميت حيث جعله عليه السلام من الباطل، و لعل ذلك بالنسبة إلى المرأة إذا سمع صوتها الأجانب، إذ لم نجعل مطلق إسماع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 19

المرأة صوتها الأجانب محرما، بل مع خوف الفتنة، لا بدونه كما ذكره بعض علمائنا.

الثاني أن رؤية الأمور الباطلة، و سماعها، لا ينهض عذرا، في التقاعد من قضاء حقوق الإخوان.

الثالث أن موافقتهم بامتثال ما يستدعونه من الاقتصار على اليسير من الإكرام، و تأدية الحقوق ليس أفضل من مخالفتهم في ذلك، بل الأمر بالعكس.

الرابع أن تعجيل قضاء حاجة المؤمن ليس أهم من تشييع الجنازة، بل الأمر بالعكس، و لعل عدم سؤال زرارة (رضي الله عنه) حاجته من الإمام عليه السلام في ذلك، المجمع و إرادته أن يرجع. ليسأله عنها، لأنها كانت مسألة دينية، لا يمكنه إظهارها في ذلك الوقت، لحضور جماعة من المخالفين، فأراد أن يرجع عليه السلام ليخلو به و يسأله عنها. انتهى كلامه رفع الله مقامه، و قال العلامة (رحمه الله) في المنتهى: لو رأى منكرا مع الجنازة أو سمعه فإن قدر على إنكاره و إزالته فعل و أزاله، و إن لم يقدر على إزالته استحب له التشييع، و لا يرجع لذلك خلافا لأحمد قوله فإنك لا تقوى على المشي لأنه عليه السلام كان بادنا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 20

باب ثواب من مشى مع جنازة

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): في هذا السند سيف بن عميرة، و قد وثقه النجاشي، و الشيخ، و قال ابن شهرآشوب: إنه واقفي و لم يذكر الشيخان المتقدمان ذلك، مع كونهما أعرف بأحوال الرجال، فالظاهر أن الخبر حسن.

قوله عليه السلام:" إلا أن أول حبائك"

 (3) إلخ قال في القاموس حبا فلانا، أعطاه بلا جزاء و لا من، أو عام، و الاسم: الحياء ككتاب، قال شيخنا البهائي (رحمه الله).

قوله عليه السلام:" أول حباء من تبعك"

 (4) ربما يومئ إلى ترجيح اتباع الجنازة على تقدمها. و المشي إلى أحد جانبيها.

 (الحديث الثاني)

 (5): مرسل.

قوله عليه السلام:" من شيع"

 (6) يدل على استحباب التشييع إلى الدفن. قال في المنتهى: أدنى مراتب التشييع. أن يتبعها إلى المصلى فيصلي عليها ثم ينصرف، و أوسطه. أن يتبع الجنازة إلى القبر. ثم يقف حتى يدفن، و أكمله الوقوف بعد الدفن ليستغفر له، و يسأل الله له الثبات على الاعتقاد عند سؤال الملكين انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 21

أقول لعل ثواب التشييع يحصل في الجملة، و إن لم يمض إلى المصلى، بل بمجرد التشييع لعموم كثير من الأخبار.

 (الحديث الثالث)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" أول ما يتحف"

 (2) إلخ قال: في ق التحفة بالضم، و كهمزة البرد و اللطف و الطرفة، و الجمع تحف و قد أتحفته تحفة.

أقول لا يتوهم التنافي بين هذا و بين ما ذكر في الخبر الأول، إن أول حبائه الجنة، إذ يمكن أن يكون المراد هناك أول حبائه الذي يصل إليه بلا توسط غيره، أو يكون الأولية في أحدهما إضافية، و إنما عد مغفرة المشيعين تحفة للميت، لأنها إكرام للميت فيصير سببا لسروره.

 (الحديث الرابع)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" قيراط"

 (4) القيراط نصف عشر الدينار و المراد هنا قدر من الثواب و لعل الفرض بيان أن التشيع بعد الصلاة إلى الدفن يساوي في الثواب، التشييع إلى الصلاة و التشبيه‏

" بجبل أحد"

 (5) من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس، أي كان ذلك الثواب عظيما ممتازا بالنسبة إلى سائر المثوبات الأخروية، كما أن جبل أحد مشهور ممتاز في العظمة بين الأجسام المحسوسة في الدنيا و يحتمل أن يكون المراد، أن هذا العمل له هذا الثقل في ميزان عمله، إما بناء على تجسم الأعمال كما ذهب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 22

إليه بعض، أو تثقيل الدفتر المكتوب فيه العمل بقدر ما يستحقه ذلك العمل من الفضل و الثواب كما ذهب إليه آخرون، و الله يعلم.

 (الحديث الخامس)

 (1): مثل ما سبق سندا و متنا.

 (الحديث السادس)

 (2): موثق. على الظاهر و إن احتمل أن يكون مجهولا.

قوله عليه السلام:" أربع شفاعات"

 (3) أي تقبل شفاعته في أربعة من المذنبين، أو في أربع حوائج من حوائجه.

قوله عليه السلام:" و لم يقل شيئا"

 (4) أي من الدعاء للميت بالمغفرة و غيرها، إلا دعا له الملك بمثله، و دعاء الملك مستجاب.

 (الحديث السابع)

 (5): الخبر مختلف فيه بابن ظريف. فإن عد ممدوحا فالخبر إما حسن، أو موثق، و إلا فالخبر ضعيف.

قوله عليه السلام:" من تبع جنازة"

 (6) إلخ يمكن رفع التنافي بينه و بين الرابع بأن القيراطين هناك للمشي إلى الصلاة و إلى الدفن، و زيد ههنا قيراط للصلاة و آخر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 23

للتعزية.

و يمكن أن يكون القيراط الأول من القيراطين هناك مساويا لقيراطين مما ذكر ههنا.

و يحتمل أن يكون الاختلاف بحسب الأشخاص و النيات كذا أفاده الوالد العلامة (طاب ثراه).

 (الحديث الثامن)

 (1): ضعيف و مفاده ظاهر.

باب ثواب من حمل الجنازة

 (2) قال في النهاية: الجنازة بالفتح و الكسر، الميت بسريره و قيل: بالكسر (السرير) و بالفتح (الميت).

 (الحديث الأول)

 (3): حسن على الظاهر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 24

 (الحديث الثاني)

 (1): مرسل، مجهول.

 (الحديث الثالث)

 (2): مرسل.

أقول: الخبر الأول و الثالث متحدان في المضمون، و التوفيق بينهما و بين الثاني: إما بحملها على غير الهيئة المسنونة و حمله عليها، أو بالحمل على اختلاف الموتى في مراتب الإيمان و الفضل، و اختلاف المشيعين في إخلاصهم و نياتهم.

و

قوله عليه السلام:" بقائمة السرير"

 (3) أي بقائمة واحدة.

باب جنائز الرجال و النساء و الصبيان و الأحرار و العبيد

 (4) أقول: يظهر من المنتهى أنه لا خلاف في جواز إيقاع الصلاة الواحدة على ما زاد على الواحدة من الجنائز، و يجوز التفريق أيضا و قال: لو اجتمعت جنازة الرجل و المرأة، جعل الرجل مما يلي الإمام، و المرأة مما يلي القبلة، قاله علماؤنا، ثم قال: هذه الكيفية و الترتيب ليس واجبا بلا خلاف.

قال: الشهيد في الذكرى: و التفريق أفضل و لو كان على كل طائفة لما فيه من تكرار ذكر الله و تخصيص الدعاء الذي هو أبلغ من التعميم، إلا أن يخاف‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 25

حدوث أمر على الميت. فالصلاة الواحدة أولى، فيستحب إذا اجتمع الرجل و المرأة محاذات صدرها لوسطه، ليقف الإمام موقف الفضيلة، و إن يلي الرجل الإمام، ثم الصبي لست، ثم العبد، ثم الخنثى، ثم المرأة، ثم الطفل لدون ست ثم الطفلة.

و جعل ابن الجنيد الخصي بين الرجل و الخنثى، و نقل في الخلاف الإجماع على تقديم الصبي الذي يجب عليه الصلاة إلى الإمام، ثم المرأة، ثم قال: و أطلق الصدوقان تقديم الصبي إلى الإمام، و في النهاية أطلق تقديم الصبي إلى القبلة على المرأة انتهى:

أقول: استشكل جمع من الأصحاب: الاجتزاء بالصلاة الواحدة على الصبي الذي لم يجب الصلاة عليه مع غيره ممن تجب عليه الاختلاف الوجه، و صرح العلامة في التذكرة: بعدم جواز جمع الجميع بنية واحدة متحدة الوجه، ثم قال: و لو قيل بإجزاء الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط: أمكن.

أقول: مع وجوب نية الوجه، هذا هو الوجه.

 (الحديث الأول)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" مما يلي الرجال"

 (2) أي المصلين: و المراد" بالرجال" أخير الموتى، و هذا الخبر ظاهر الدلالة على المشهور، و لا يتوهم إمكان الاستدلال به على تقديم الصبيان على النساء لأن إطلاق الرجل على غير البالغ مجاز.

 (الحديث الثاني)

 (3): موثق. و هو يشتمل على أحكام.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 26

الأول جواز صلاة واحدة على الجنائز الكثيرة، و قد مر الكلام فيه.

الثاني: كيفية الصلاة على الجنائز المتعددة. و قد عمل. بها من تعرض لها و لم أر رادا لها، و الظاهر من الخبر: أنه يقف وسط الصف المدرج للرجال، و كذا ذكره الأصحاب أيضا، و لم يتعرضوا أنه يقف قريبا من الجنازة التي أمامه، فيقع بعض الجنائز الكائنة على يمينه خلفه أو يقف بحيث يكون جميع الجنائز أمامه، و إن بعد كثيرا عن الجنازة التي تحاذيه، و الخبر أيضا. مجمل، و على تقدير العمل بالخبر القول: بالتخيير لا يخلو من قوة، لكن قال: في التذكرة ذهب علماؤنا أجمع إلى أن الإمام يقف خلف الجنازة وجوبا، و لا يجوز أن يتقدمها، و يصلي و الجنازة خلف ظهره انتهى، و الظاهر شموله لما نحن فيه فالأولى اختيار الثاني و الله يعلم.

الثالث: الترتيب بين جنازة الرجال و النساء و قد مر أيضا.

الرابع: اشتراط كون رأس الميت في حال الصلاة على يمين المصلي، فلو كان معكوسا بأن كان رأسه على يساره يلزم إعادة الصلاة و إن كان ساهيا، قال المحقق:

في المعتبر قال: الأصحاب يجب أن يكون رأس الجنازة إلى يمين الإمام و هو السنة المتبعة، قالوا: و لو تبين أنها مقلوبة أعيدت الصلاة ما لم يدفن، و احتجوا في ذلك‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 27

برواية عمار، و قال في الذكرى: و يجب الاستقبال بالميت بأن يوضع رأسه عن يمين المصلي مستلقيا، و رجلاه إلى يسار المصلى، قال ابن حمزة: بحيث لو اضطجع على يمينه لكان بإزاء القبلة تأسيا بالنبي و الأئمة صلوات الله عليهم، و لخبر عمار و الأصحاب عاملون بهذه الأحكام كلها.

قوله عليه السلام:" رجلاه"

 (1) ظاهره أنه تفسير للمقلوب، و يحتمل أن يكون المراد" بالمقلوب" أن يكون مكبوبا على وجهه لكنه بعيد.

الخامس أنه لا يصلي على الميت بعد الدفن، و اختلف الأصحاب في هذه المسألة اختلافا كثيرا، فذهب الأكثر، و منهم الشيخان، و ابن إدريس، و المحقق، إلى إن لم يدرك الصلاة على الميت، يجوز له أن يصلي علي قبره يوما و ليلة، فإن زاد على ذلك لم يجز الصلاة عليه، و إطلاق كلامهم يقتضي جواز الصلاة عليه، كذلك و إن كان الميت قد صلى عليه قبل الدفن، و قال: سلار يصلي عليه إلى ثلاثة أيام و قال: ابن الجنيد يصلي عليه ما لم يتغير صورته، و اعترف المحقق في المعتبر و العلامة في المنتهى، بعدم الوقوف في هذه التقديرات على مستند، و قال: ابن بابويه من لم يدرك الصلاة على الميت صلى على القبر، و لم يقدر لها وقتا، و أوجب العلامة في المختلف: الصلاة على من دفن بغير صلاة و منع من الصلاة على غيره، و جزم المحقق في المعتبر بعدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقا، قال: و لا أمنع الجواز و ظاهر هذا الخبر: عدم جواز الصلاة بعد الدفن، و حمله على الميت الذي صلى عليه هكذا، لرجوع الضمير في عليه إليه بعيد.

السادس: أنه تضمن كلام السائل التسليم في هذه الصلاة، و لم ينكره الإمام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 28

عليه السلام، و قد حمل على التقية للإجماع، و لما سيأتي من الأخبار، و يحتمل أن يكون كناية عن الإتمام، لأن التسليم غالبا في الصلوات يستلزمه، أو يحمل على ما إذا صلى خلف المخالف فإنه يسلم عند التمام، لكنهما بعيدان، قال في الذكرى: أجمع الأصحاب على سقوط التسليم فيها، و ظاهرهم. عدم المشروعية فضلا عن استحبابه قال: في الخلاف ليس فيها تسليم، و احتج عليه بإجماع الفرقة، و نقل عن العامة: التسليم على اختلافهم في كونه فرضا أو سنة، و هو يفهم، كونه غير سنة عنده، و قال ابن الجنيد: و لا استحب التسليم فيها، فإن سلم الإمام فواحدة عن يمينه، و هذا يدل على شرعيته للإمام، و عدم استحبابه لغيره، أو على جوازه للإمام من غير استحباب، بخلاف غيره انتهى.

 (الحديث الثالث)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" كان إذا صلى"

 (2) إلخ رواه في التهذيب عن سهل بهذا الإسناد كما هنا، و في الفقيه مرسلا كان علي عليه السلام: (إذا صلى) لعل و ما في الفقيه أظهر و على ما في الكتابين فالمراد. الرسول، أو أمير المؤمنين صلوات الله عليهما، أو الصادق عليه السلام بأن يكون القائل طلحة: و يمكن أن يقرأ الأفعال على البناء للمجهول.

و

قوله عليه السلام:" قدم المرأة"

 (3) أي إلى القبلة و كذا البواقي، و يدل على بعض التفصيل الذي نقلنا عن القوم. و ظاهر العبد و الحر، و الصغير، و الكبير، كونهما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 29

في الموضعين ذكرين، و كذا الرجل ظاهره البالغ، فلا يستفاد منه حكم اجتماع الطفل و البالغة و العبد و الحرة،

 (الحديث الرابع)

 (1): صحيح.

و يدل على تقديم الرجال على النساء.

 (الحديث الخامس)

 (2): مرسل.

لكنه معتبر لإجماع العصابة على تصحيح ما صح عن ابن بكير، و يدل على تقديم الصبيان على النساء، و بإطلاقه بل بعمومه يشمل ما إذا لم يجب عليهم الصلاة فيدل على جواز إيقاع الصلاة الواحدة على من لم يجب عليه الصلاة و من وجب عليه معا: و التمسك في نفيه بما ذكروه من اختلاف الوجه لا وجه له، في مقابلة النص.

مع أن أمر النية هين و لا دليل أيضا على عدم جواز اتصاف فعل واحد بالوجوب و الندب عن جهتين سوى الاستبعاد و الله يعلم.

 (الحديث السادس)

 (3): مرسل كالموثق و دلالته ظاهرة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 30

باب نادر

 (1) أي مشتمل على أخبار متفرقة لا يصلح كل منهما لعقد باب مفرد له.

 (الحديث الأول)

 (2): مجهول بعدة مجاهيل.

قوله عليه السلام" عن الرجل يصلي"

 (3) إلخ" هو يدل على حكمين.

الأول: جواز صلاة الرجل الواحد على الجنازة و عدم اشتراط التعدد في المصلي، و ظاهر بعض الأصحاب: الاتفاق على الاجتزاء بصلاة الواحد، و لو كان امرأة قال في التذكرة: ذهب إليه علماؤنا: و قال في المنتهى! أقل من يجزى صلاته على الميت، شخص واحد، و للشافعي قولان.

أحدهما: مثل ما قلنا.

و الثاني: أن أقل المجزي ثلاثة رجال انتهى. و العمدة في الاستدلال، الأصل و العمومات: و هذا الخبر مؤيد على أصول الأصحاب.

الثاني: إنه يقف المأموم الواحد في هذه الصلاة خلف الإمام، بخلاف سائر الصلوات، فإن المأموم الواحد يقوم بجنب الإمام فيها و لا خلاف ظاهرا في هذا الحكم بينهم، و المشهور الاستحباب و الأولى أن لا يترك.

 (الحديث الثاني)

 (4): ضعيف.

قوله عليه السلام" بحذاء".

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 31

 (1) قال الشهيد في الذكرى: يستحب نزع الحذاء لا الخف، لخبر سيف بن عميرة: قال في المقنع: روي أنه لا يجوز للرجل أن يصلي على جنازة بنعل حذو و كان محمد بن الحسن يقول: كيف تجوز صلاة الفريضة و لا تجوز صلاة الجنازة؟

و كان يقول: لا نعرف النهي في ذلك إلا من رواية محمد بن موسى الهمداني، و كان كذابا قال الصدوق: و صدق في ذلك، إلا إني لا أعرف عن غيره رخصة، و أعرف النهي و إن كان عن غير ثقة، و لا يرد الخبر بغير خبر معارض قلت: قد روى الكليني عن عدة عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مرار، عن سيف بن عميرة، ما قلناه: و هذا طريق غير طريق الهمداني، إلا أن يفرق بين الحذاء و نعل الحذو، و احتج في المعتبر على استحباب الحفا، و هو عبارة ابن البراج، بما روى عن بعض الصحابة، أن النبي صلى الله عليه و آله قال:" من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار) و لأنه موضع اتعاظ يناسب التذلل بالحفاء، قلت: استحباب الحفا يعطي استحباب نزع الخف، و الشيخ و ابن جنيد و يحيى بن سعيد، استثنوه، و الخبر ناطق به، و في التذكرة: اختار عدم نزع الخف، و احتج بحجة المعتبر و هو تمام، لو ذكر الدليل المخرج للخف عن مدلول الحديث انتهى. و الظاهر أنه يثبت استحباب ترك الحذاء بهذا الخبر، لمساهلتهم في مستند المستحبات، و استدلالهم عليها بالأخبار الضعيفة، بل العامية.

و الظاهر أن الحكم موضع وفاق أيضا بينهم و يحتمل أن يكون مرادهم بنعل الحذو و الحذاء غير النعال العربية، بل النعال العجمية و الهندية الساترة لظهر القدم، أو أكثر بغير الساق و حينئذ فإن قيل بكون هذه الصلاة صلاة حقيقة، و يشملها عموم ما ورد من الأحكام في مطلق الصلاة كما ذهب إليه جماعة، يكون القول بالمنع من الصلاة فيها جاريا ههنا إن قال: المانعون بتلك المقدمة، لكن الظاهر من كلام أكثرهم و بعض اللغويين أن الحذاء شامل لجميع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 32

النعال سوى الخف قال في النهاية: الحذاء بالمد النعل و قال: المحقق و غيره و ينزع نعليه، و قال: في المنتهى و يستحب التحفي، و استدل بهذا الخبر و ما يفهم من كلام بعضهم من عدم استثناء الخف غير جيد لمخالفة الخبر الذي هو مستند الحكم و الله يعلم.

 (الحديث الثالث)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله صلى الله عليه و آله" خير الصفوف"

 (2) إلخ حمل من رأيت من الأصحاب كلامهم هذا الخبر على أن المراد أن خير صفوف المصلين في سائر الصلوات: الصف المقدم و خير صفوف المصلين في الصلاة على الجنازة الصف المؤخر قال: في المنتهى الصف الأخير في الصلاة على الجنائز أفضل من الصف الأول، و استدل بهذه الرواية، و نحوها.

قال: في التذكرة و قال في الذكرى: أفضل الصفوف المؤخر لخبر السكوني ثم قال: و جعل الصدوق: سبب الخبر ترغب النساء في التأخر منعا لهن عن الاختلاط بالرجال في الصلاة كما كن يصلين على عهد النبي صلى الله عليه و آله، و يتقدمن و إن كان الحكم بالأفضلية عاما لهن و للرجال.

و قال: الصدوق في الفقيه و أفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير و العلة في ذلك أن النساء كن يختلطن بالرجال في الصلاة على الجنائز، فقال:

النبي صلى الله عليه و آله أفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير فتأخرن إلى الصف الأخير فبقي فضله على ما ذكره عليه السلام انتهى.

أقول: لا يخفى بعد ما فهموه من الخبر لفظا و معنى بوجوه.

الأول: التعبير بالصلاة عن سائر الصلوات مطلقا من غير تقييد.

الثاني: ارتكاب الحذف و المجاز.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 33

ثانيا بأن يكون المراد بالجنائز صلاة الجنائز.

الثالث: تخصيص التعليل بالشق الأخير، مع جريانه في الأول إلا أن يقال النساء كن لا يرغبن في سائر الصلوات إلى الصف الأول، و هو أيضا تكلف لابتناء الحمل على احتمال لا يعلم تحققه بل الظاهر خلافه.

الرابع: عدم استقامة التعليل في الأخير أيضا، إذ لو بني على أنه عليه السلام قال ذلك تورية لرغبة النساء إلى الأخير، فلا يخفى ركاكته و بعده عن منصب النبوة لاشتماله على الحيلة في الأحكام.

و لو قيل أن ذلك صار سببا لتقرر هذا الحكم و جريانه، فهذا أيضا تكلف إذ كان يكفي لتأخر النساء بيان إن ذلك خير لهن، مع أن" الأفضل" متعلق بالرجال في جميع الموارد، بل الظاهر من الخبر أن المراد بالصفوف في الصلاة صفوف جميع الصلوات الشاملة لصلاة الجنازة و غيرها، و المراد. بصفوف الجنائز نفس الجنائز إذا وضعت للصلاة عليها، و المراد أن خير الصفوف في الصلاة المقدم أي ما كان أقرب إلى القبلة و خير الصفوف في الجنائز المؤخر أي ما كان أبعد عن القبلة و أقرب من الإمام كما مر مفصلا، و لما كان الأشرف في جميع المواضع متعلقا بالرجال صار الحكمان معا سببين لسترة النساء لأن تأخرهن في الصفوف سترة لهن، و تقدم جنائزهن لكونه سببا لبعدهن عن الرجال المصلين سترة لهن فاستقام التعليل و سلم الكلام عن ارتكاب الحذف و المجاز و صار الحكم مطابقا لما دلت عليه الأخبار الكثيرة.

و العجب من الأصحاب (رحمهم الله) كيف ذهلوا عن هذا الاحتمال الظاهر و ذهبوا إلى ما يحتاج إلى تلك التكلفات البعيدة فخذ ما آتيتك و كن من الشاكرين.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 34

باب الموضع الذي يقوم الإمام إذا صلى على الجنازة

 (1) قال الشيخ: في المبسوط: و المفيد و أبو الصلاح: يقف الإمام في الجنازة عند وسط الرجل و صدر المرأة و عليه معظم الأصحاب لا سيما المتأخرين منهم، و قال الشيخ في الخلاف: يقف عند رأس الرجل و صدر المرأة و به قال علي ابن بابويه، و قال: ابنه في المقنع إذا صليت على الميت فقف عند صدره و كبر ثم قال: و إذا صليت على المرأة فقف عند صدرها و للشيخ في الاستبصار قول ثالث: إنه يقف عند رأس المرأة و صدر الرجل، قال في المنتهى: بعد ما اختار القول المشهور و استدل عليه، هذه الكيفية مستحبة بلا خلاف عندنا، ثم نقل رواية موسى بن بكر فقال و الكل جائز.

 (الحديث الأول)

 (2): مرسل.

لكنه معتبر لكون المرسل: ابن المغيرة و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه و هو حجة المشهور مع رواية عمرو بن شمر عن جابر.

 (الحديث الثاني)

 (3): ضعيف.

و هو حجة الشيخ في الاستبصار. و أول خبر ابن المغيرة بأن‏

قوله" مما يلي صدرها"

 (4) المعنى فيه إذا كان قريبا من الرأس، و قد يعبر عنه بأنه يلي الصدر لقربه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 35

منه، و أول في التهذيب هذا الخبر بأن‏

قوله" عند صدره"

 (1) يعني الوسط استعمالا لاسم الشي‏ء فيما يجاوره، و كذلك الرأس يعبر به عن الصدر للقرب.

أقول: أخبار العامة و أقوالهم أيضا في ذلك مختلفة لا يتأتى حمل البعض على التقية، فالقول بالتخيير لا يخلو من قوة و إن كان العمل بالمشهور أولى.

باب من أولى بالصلاة على الميت‏

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): حسن.

و لا يضر إرساله لكون المرسل ابن أبي عمير.

قوله عليه السلام" أولى الناس بها"

 (4) فسر الأصحاب أولى الناس بالوارث و قطعوا بأن الوارث أحق بالصلاة عليه من غيره بل ظاهرهم أنه مجمع عليه و استدلوا باية" أُولُوا الْأَرْحامِ" و بهذا الخبر و بخبر ابن أبي نصر الاتي.

و قال بعض المتأخرين: لو قيل: إن المراد" بالأولى" هنا أمس الناس بالميت رحما، و أشدهم به علاقة من غير اعتبار لجانب الميراث لم يكن بعيدا.

و قال الشهيد الثاني (رحمه الله) اعلم: أن ظاهر الأصحاب (إن أذن الولي) إنما يتوقف عليه الجماعة لا أصل الصلاة لوجوبها على الكفاية فلا يناط برأي أحد من المكلفين فلو صلوا فرادى بغير إذن أجزأ.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 36

أقول: الظاهر أن المراد إمامة هذه الصلاة إذ الظاهر أن ليس المراد بكون الإمام أحق أو الوارث أحق أن لا يصلي عليها غيرهم، مع هذا الحث و الترغيب العظيم الوارد في الأخبار من غير تقيد بأحد، فما ذكره (رحمه الله) متين و إن اعترض عليه بعض من تأخر عنه.

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف.

و يدل على أن الزوج أولى في الصلاة و الغسل من الأب و الولد و الأخ.

 (الحديث الثالث)

 (2): مجهول موافق لما سبق في الدلالة.

و اعلم أن كون الزوج أولى من سائر الأقارب، هو المعروف من مذهب الأصحاب، و ورد صحيحة حفص بن البختري و رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله بأن الأخ أولى من الزوج، و حملهما الشيخ و غيره على التقية.

أقول: و إن وافقنا على كون الزوج أولى من العصبات الشعبي، و عطاء، و عمر ابن عبد العزيز، و إسحاق، و أحمد في رواية، لكن حكم بأولوية العصبات جماعة منهم سعيد بن المسيب، و الزهري، و أبو حنيفة، و مالك. و الشافعي، و أحمد في رواية و هؤلاء أكثر، و أقوالهم بين العامة أشهر و رعاية التقية في آرائهم أظهر.

ثم اعلم أن المشهور أن هذا الحكم مخصوص بالزوج، و لا يتعدى إلى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 37

الزوجة، و ربما قيل بالمساواة لشمول اسم الزوج لهما لغة و عرفا، و لا يخفى ضعفه فإن ذلك إنما يتم مع إطلاق لفظ الزوج، لا مع التصريح بأنه أحق بامرأته كما في الرواية.

 (الحديث الرابع)

 (1): ضعيف إلا أنه كالموثق لأنهم ذكروا في طلحة أن كتابه معتمد.

و يدل على أن إمام الأصل عليه السلام أولى من كل أحد حتى الوارث في الصلاة على الميت كما هو المشهور، و قال العلامة: إمام الأصل أحق بالصلاة على الميت إذا قدمه الولي و يجب عليه تقديمه لقوله تعالى" النَّبِيُّ أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ" و الإمام يثبت له ما يثبت للنبي من الولاية، و قال الشيخ: فإن لم يقل الولي لم يجز له أن يتقدم.

و استدل لخبر السكوني عن الصادق عليه السلام أنه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا حضر سلطان من سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة عليها إن قدمه ولي الميت، و إلا فهو غاصب، و لا يخفى ضعف هذا القول، إذ عموم الخبر الأول مؤيد بعمومات الايات و الأخبار الدالة على أولوية الإمام في كل أمر من أمور الدين و الدنيا و ولايته على كل أحد، و الخبر الثاني مخالف لهما فالعمل بالأول متعين مع أن الخبر الثاني غير صريح في الاستئذان، بل يمكن أن يكون الضمير في قوله" و إلا فهو غاصب" راجعا إلى الولي، و أيضا يحتمل أن يكون المراد بالسلطان غير إمام الأصل بقرينة التنكير كما ذكره الشهيد (ره) و كيف يتوهم ذلك مع أنه يلزم مع عدم إذن الولي له عليه السلام إما تركه للصلاة أو اقتداؤه عليه السلام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 38

بغيره و المحذور فيهما ظاهر و الأولى عدم التعرض لأمثال هذه المسائل المتعلقة بالإمام عليه السلام لسوء الأدب و قلة الجدوى و لأنه مع حضوره عليه السلام لا يحتاج إلى فتوى غيره و مع غيبته لا فائدة في البحث عنه و الله يعلم.

 (الحديث الخامس)

 (1): ضعيف مرسل: و قد مر الكلام فيه.

باب من يصلي على الجنازة و هو على غير وضوء

 (2) أجمع علماؤنا على عدم اشتراط هذه الصلاة بالطهارة، قال في المنتهى: و يستحب أن يصلي بطهارة و ليست شرطا، ذهب إليه علماؤنا أجمع، و به قال الشعبي و محمد بن جرير الطبري، و قال الشافعي هي شرط و إليه ذهب أكثر الجمهور. و قال في التذكرة: و ليست الطهارة شرطا، بل يجوز للمحدث و الحائض و الجنب أن يصلوا على الجنائز مع وجود الماء و التراب و التمكن منهما، ذهب إليه علماؤنا أجمع، ثم قال الطهارة و إن لم تكن واجبة إلا أنها مستحبة عند علمائنا.

 (الحديث الأول)

 (3): موثق.

قوله عليه السلام:" نعم إنما هو تكبير"

 (4) إلى آخره.

تذكير الضمير: إما باعتبار الخبر، أو بتأويل الفعل و نحوه، و يدل على ما مر من عدم اشتراط الطهارة، ثم اعلم أن الأصحاب اختلفوا في أن إطلاق الصلاة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 39

على هذه حقيقة أم مجاز، و يتفرع عليه إجراء الأحكام و الشرائط الواردة في الصلاة مطلقا فيها و لذا اختلفوا في أنه هل تجب فيها إزالة الخبث و ترك ما يجب تركه في سائر الصلوات أم لا؟ و في أنه هل يبطلها ما يبطل غيرها أم لا؟ فإذا عرفت هذا.

فاعلم أن التعليل الوارد في الخبر يحتمل وجهين.

الأول أن يكون المراد أنها ليست بصلاة حقيقة حتى تكون مشروطة بالطهارة، بل الصلاة تطلق عليها بالمعنى اللغوي و هو الدعاء، و هي تكبير و تسبيح و تحميد و تهليل كسائر الأذكار و الدعوات.

الثاني أن يكون المراد أنها ليست بصلاة مشتملة على الركوع و السجود حتى يشترط فيها الطهارة، بل هي نوع خاص من الصلاة، و في هذا النوع ليست الطهارة بشرط كما ورد في مرسلة حريز عن الصادق عليه السلام أنه قال: الطامث تصلى على الجنازة، لأن ليس فيها ركوع و سجود و كذا في غيرها من الأخبار، و إن احتمل هذه الأخبار أيضا المعنى الأول، و لعل الظاهر هو المعنى الأول، و حينئذ يدل على عدم جريان أحكام مطلق الصلاة فيها كليا.

تفريع: اعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب ظاهرا في وجوب الاستقبال و القيام مع القدرة، اتباعا للهيئة المنقولة و في وجوب الستر مع الإمكان قولان: و جزم العلامة بعدمه، و كذا اختلفوا في أنه هل يعتبر فيها الطهارة من الخبث؟ و ذهب أكثر المتأخرين إلى العدم، تمسكا بمقتضى الأصل، و إطلاق الإذن في صلاة الحائض مع عدم انفكاكها من النجاسة غالبا و لا يخلو من قوة، و كذا في ترك سائر ما يجب تركه في اليومية، قال في الذكرى: و في وجوب إزالة الخبث عنه و عن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 40

ثوبه نظر؟ من الأصل، و أنها دعاء و أحقية الخبث بالنسبة إلى الحدث، و من ثم صحت الصلاة مع الخبث لا مع بقاء حكم الحدث، و من إطلاق التسمية بالصلاة التي يشترط فيها ذلك، و للاحتياط، و لم أقف في هذا على نص و لا فتوى، ثم قال: و الأجود ترك ما يترك في ذات الركوع و الإبطال بما يبطل خلا ما يتعلق بالحدث و الخبث انتهى.

أقول: يمكن أن يفرع على الخلاف المذكور، اشتراط العدالة في إمامة تلك الصلاة، و يؤيد العدم عدم فوت فعل من الأفعال عن المأموم بسبب الائتمام و الله يعلم.

 (الحديث الثاني)

 (1): حسن.

و ظاهره لزوم الطهارة و أن التيمم لضيق الوقت و حمل على الاستحباب جمعا.

 (الحديث الثالث)

 (2): مجهول.

بعبد الحميد، و في بعض النسخ ابن سعيد، و في بعضها ابن سعد، و ذكره الشيخ في الرجال مرة هكذا و مرة هكذا، و الظاهر أنهما واحد و الخبر معتبر لإجماع العصابة على صفوان.

قوله عليه السلام:" أحب إلى"

 (3) ظاهره الاستحباب، و يمكن أن يكون مراده‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 41

عليه السلام التيمم لأن السائل ذكر أنه لا يتسع الوقت للوضوء فيكون موافقا للخبر السابق، و يحتمل أن يكون المراد بيان استحباب الطهارة. ليفهم السائل أنه لا حرج في تركه حينئذ، أو أن يكون. المراد لا تترك مع الإمكان فإنه أحب إلى، و لعل الأول أظهر.

 (الحديث الرابع)

 (1): صحيح.

قوله عليه السلام:" تفجأ الجنازة"

 (2) في القاموس: فجأه كسمعه و منعه فجأة و فجاءة هجم عليه.

أقول: يدل على سقوط الطهارة مع ضيق الوقت عنها لا مطلقا.

 (الحديث الخامس)

 (3): موثق.

قوله عليه السلام:" يضرب بيديه"

 (4) إلخ ظاهر الخبر جواز التيمم لهذه الصلاة مع وجود الماء و عدم ضيق الوقت عن الوضوء، و عليه أكثر الأصحاب، بل ظاهر العلامة أنه إجماعي، قال في التذكرة: يجوز التيمم مع وجود الماء هنا عند علمائنا و هو أقل فضلا من الطهارة به، و به قال أبو حنيفة لقول سماعة سألته إلخ، و لأن الطهارة ليست شرطا عندنا فساغ ما هو بدل عنها، و منعه الشافعي و لا يجوز أن يدخل بهذا التيمم في شي‏ء من الصلوات فرضها و نفلها فقد الماء أولا انتهى.

لكن قال الشيخ في التهذيب و يجوز أن يتيمم الإنسان بدلا من الطهارة إذا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 42

خاف أن تفوته الصلاة، ثم استدل بهذا الخبر.

و قال شيخنا البهائي: (رحمه الله) يمكن أن يستفاد من هذا الحديث أمور.

الأول: أن الضرب باليدين خارج عن التيمم كما هو مذهب العلامة.

الثاني: عدم اشتراط اتصال المضروب عليه فلو كان فيه بعض الفرج جاز إذ حائط اللبن لا يخلو من الفرج.

الثالث: أن التيمم على الخزف غير جائز، لأن تخصيصه عليه السلام بحائط اللبن مع أن الوقت وقت استعجال يعطى ذلك، ثم لا يخفى أن حمل الشيخ هذا الحديث على ما إذا خيف فوت الصلاة على الجنازة غير ظاهر، بل الظاهر جواز التيمم عند الاستعجال و إن لم يخف الفوت، ثم إطلاقه عليه السلام الحائط على ما يعم حائطه و حائط غيره يدل على جواز التيمم بحائط الغير كالصلاة في المكان بشاهد الحال.

باب صلاة النساء على الجنازة

 (1) لا خلاف ظاهرا بين الأصحاب في جواز إمامة المرأة للنساء في صلاة الجنائز.

و المشهور كراهة بروزها عن الصف بل تقف بينهن.

 (الحديث الأول)

 (2): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 43

قوله عليه السلام:" و لا تقدمهن".

 (1) ظاهر النهي عدم الجواز و المشهور الكراهة، و الأولى الترك، للنهي في الأخبار الكثيرة، و عدم المعارض، و لا يخفى أنه ليس فيه دلالة صريحة على إمامة بعضهن لبعض.

 (الحديث الثاني)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" تقدمت المرأة"

 (3) إلخ يمكن أن يكون التقدم بحسب الأفعال أو الرتبة، و المراد إمامتها و أن يكون المراد تقدمها قليلا بحيث لا تتقدم بجميع بدنها، و لا تبرز من بينهن و الله يعلم.

 (الحديث الثالث)

 (4): موثق.

و يدل على عدم اشتراطها بالطهارة، و على جواز صلاة الحائض على الجنازة و على لزوم انفرادها عن الصف، و يحتمل أن يكون المراد تأخرها عن صف الرجال فلا اختصاص له بالحائض، بل هذا حكم مطلق النساء، و يؤيده تذكير الضمير و أن يكون المراد تأخرها عمن لم يتصف بصفتها من النساء أيضا، و هذا هو ظاهر الأكثر و يشعر به.

قوله عليه السلام:" تقوم منفردة"

 (5). قال في التذكرة، و إذا صلوا جماعة ينبغي أن يتقدم الإمام و المؤتمون خلفه صفوفا، و إن كان بينهم نساء. وقفن آخر الصفوف‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 44

و إن كان فيهن حائض انفردت بارزة عنهم و عنهن، و يدل عليه ظاهر كلامه في المنتهى أيضا.

و قال الشهيد في الذكرى: عند ذكر كيفية صلاة النساء على الجنازة، و في انفراد الحائض هنا نظر، من خبر محمد بن مسلم فإن الضمير يدل على الرجال و إطلاق الانفراد يشمل النساء، و به قطع في المبسوط و تبعه ابن إدريس و المحقق انتهى.

أقول: الاستدلال بتلك الأخبار على تأخرها عن النساء لا يخلو من إشكال.

 (الحديث الرابع)

 (1): حسن.

و الكلام فيه كالكلام فيما تقدم، و الاستدلال بتأخرها عن النساء هنا أخفى كما لا يخفى.

 (الحديث الخامس)

 (2): مرسل.

و يدل على جواز صلاة الحائض على الجنازة، و التعليل بأنه ليس فيها ركوع و سجود يمكن أن يكون المراد به أنه ليس بصلاة حقيقة فيجوز للحائض الإتيان بها، لأن الصلاة الحقيقية تلزمها الركوع و السجود، و أن يكون المراد أن هذا النوع من الصلاة لا تشترط فيها الطهارة، و يدل على رجحان تيمم الجنب لها و بإطلاقه أو بعمومه يشمل ما إذا وجد الماء أيضا و أمكنه الغسل، و في موثقة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 45

سماعة في التهذيب، يتيمم الحائض أيضا.

و المشهور: استحباب التيمم لهما بل لا خلاف فيه ظاهرا، قال في المنتهى.

يستحب للحائض و الجنب أن يتيمما.

باب وقت الصلاة على الجنائز

 (1) لا خلاف بين أصحابنا في جواز إيقاع هذه الصلاة في جميع الأوقات ما لم تزاحم صلاة حاضرة، و لا كراهة لها أيضا و إن كانت في الأوقات الخمسة المكروهة قال في المعتبر يصلي على الجنازة في الأوقات الخمسة المكروهة ما لم يتضيق فريضة حاضرة، و به قال: الشافعي و أحمد، و قال: الأوزاعي يكره في الأوقات الخمسة، و قال: أبو حنيفة و مالك لا يجوز و عند طلوع الشمس و غروبها و قيامها، و قال في التذكرة: و يصلي على الجنازة في الأوقات الخمسة المكروهة، ذهب إليه علماؤنا أجمع.

 (الحديث الأول)

 (2): مرسل. كالموثق.

لكون الإرسال عن غير واحد، و يدل على جواز إيقاعها في جميع الساعات.

 (الحديث الثاني)

 (3): صحيح.

و في التعميم صريح و معلل بأنها ليست بذات ركوع و سجود حتى يجري‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 46

فيها التعليل الوارد في خبر النهي عن الصلاة في تلك الساعات، و يدل على كراهة الصلاة ذات الركوع و السجود فيها، و سيأتي الكلام فيها في كتاب الصلاة.

قوله عليه السلام" بين قرني الشيطان"

 (1) قال في النهاية: فيه أن الشمس تطلع بين قرني الشيطان، أي ناحيتي رأسه و جانبيه، و قيل القرن: القوة أي حين تطلع يتحرك الشيطان و يتسلط فيكون كالمعين لها، و قيل بين قرنيه أي أمتيه الأولين و الآخرين، و كل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها فكأن الشيطان سول له ذلك، فإذا سجد لها كان الشيطان مقترنا بها انتهى، و قال: النووي في شرح مسلم أي حزبيه الذين يبعثهما للإغواء، و قيل جانبي رأسه فإنه يدني رأسه إلى الشمس في هذين الوقتين ليكون الساجدون لها كالساجدين له، و يخيل لنفسه و لأعوانه إنهم يسجدون له و حينئذ يكون له و لشيعته تسلط في تلبيس المصلين انتهى.

باب علة تكبير الخمس على الجنازة

 (2) لعله اكتفى في العنوان بأحد الفردين، و الغرض تعليل الخمس و الأربع معا كما يظهر من إيراده الأخبار.

ثم اعلم: أن وجوب خمس تكبيرات على الجنازة مما أجمع، عليه علماؤنا و أخبارنا به مستفيضة بل متواترة و قال في التذكرة، إذا نوى المصلي كبر خمسا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 47

واجبا بينها أربعة أدعية ذهب إليه علماؤنا أجمع، و به قال زيد بن أرقم و حذيفة، و قال: الفقهاء الأربعة و الثوري و الأوزاعي و داود و أبو ثور التكبير أربع.

 (الحديث الأول)

 (1): مرفوع.

قوله عليه السلام:" ورد من كل صلاة"

 (2) أي ورد على هذه الصلاة و دخل فيها بسبب كل صلاة أو مأخوذا من كل صلاة من الصلوات الخمس اليومية تكبيرة.

تفريع: اعلم أن الظاهر من كلام المتأخرين أن التكبيرات فيها ركن تبطل الصلاة بتركها عمدا و سهوا، و ربما يستدل عليه بهذا الخبر و أمثاله فإنها تدل على كونها مأخوذة من التكبيرات الإحرامية و هي ركن.

و فيه نظر أما أولا فلعدم صراحة الخبر في كون المأخوذة منها هي التكبيرات الإحرامية، إذ لعل المراد أنه جعل بإزاء كل صلاة هنا تكبيرة.

و أما ثانيا فلأنه لا يلزم من كونها في المأخوذة منها ركنا كونها في هذه الصلاة أيضا ركنا، فالأولى التمسك بأنه لو أخل بواحد منها لم يأت بالهيئة المطلوبة من الشارع فلا يعلم البراءة و لا يظن و لم يتحقق الامتثال المقتضي للإجزاء.

 (الحديث الثاني)

 (3): حسن.

و يدل على وجوب الخمس على المؤمنين و الأربع على غيرهم، و الظاهر من الأخبار و كلام الأصحاب: أن المراد بالمنافق غير الاثني عشري لإطلاقه في مقابل المؤمن.

أقول الكلام ههنا في مقامين (الأول) في أنه هل تجب الصلاة على غير المؤمن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 48

من فرق المسلمين؟ فذهب الشيخ في جملة من كتبه و ابن الجنيد و المحقق إلى الوجوب، و قال المفيد في المقنعة: و لا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية، و لا يصلي عليه، إلا أن يدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية و إليه ذهب أبو الصلاح و ابن إدريس و لا يخلو من قوة، و يشكل الاستدلال على الوجوب بهذا الخبر لأن فعله صلى الله عليه و آله أعم من الوجوب، و أيضا يمكن أن يكون صلاته صلى الله عليه و آله عليهم لإظهارهم الإسلام و كونهم ظاهرا من المسلمين، و التكبير عليهم أربعا بأمر الله تعالى لتبين نفاقهم لا ينافي لزوم الصلاة عليهم ظاهرا، بل يتعين أن يكون كذلك لأن الله تعالى نهاه عن الصلاة على الكافرين، و لم يكن في ذلك الزمان واسطة بين الإيمان و الكفر إلا بالنفاق، و ليعرفوا أنهم مع إضمارهم الكفر كان يلزمه الصلاة عليهم بظاهر الإسلام.

الثاني: في كون الصلاة على غير المؤمن أربعا، و هو المقطوع به في كلامهم و يدل عليه هذا الخبر و غيره من الأخبار. ثم أقول: يظهر لك من أمثال هذا الخبر أن منشأ اشتباه العامة (لعنهم الله) في روايتهم أربع تكبيرات و عمل أكثرهم بها، هو فعل النبي صلى الله عليه و آله ذلك في بعض المواضع، و لم يفهموا جهة فعله صلى الله عليه و آله بل أعماهم الله تعالى عن ذلك ليتيسر للشيعة العمل. بهذا في حد الصلاة عليهم لكونهم من أخبث المنافقين: لعنة الله عليهم أجمعين.

 (الحديث الثالث)

 (1): مجهول بأم سلمة.

و أقول: تحقيق الأمر فيما تضمنه هذا الخبر يتوقف على بيان أمور.

الأول: أنه اختلف الأصحاب في أن الدعاء بين التكبيرات هل هو واجب أو مستحب، و المشهور بين الأصحاب الوجوب، و ذهب بعضهم كالمحقق إلى الاستحباب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 49

و ربما يستدل بهذا الخبر على الوجوب للتأسي، مع أن ظاهر قوله عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا صلى على ميت كبر المواظبة عليه و هذا يؤكد التأسي، و فيه كلام ليس هنا موضع تحقيقه.

الثاني: أن القائلين بوجوب الدعاء اختلفوا في أنه هل يجب فيه لفظ على التعيين أم لا؟ و الأشهر عدم الوجوب، و ربما يستدل به على الأول بنحو ما مر من التقريب.

الثالث: المشهور بين القائلين بالتعيين العمل بهذا الخبر، و بين القائلين بعدمه أفضليته، لكن الأكثر لم يتعرضوا للصلاة علي الأنبياء مع دلالة الخبر عليه، قال الشهيد في الذكرى: تضمن خبر أم سلمة الصلاة على الأنبياء من فعل النبي صلى الله عليه و آله فتحمل على الاستحباب، ثم قال: نعم تجب الصلاة على آل محمد إذا صلى عليه كما تضمنه الأخبار انتهى، و مقتضى كلام ابن أبي عقيل، أن الأفضل جميع الأذكار الأربعة عقيب كل تكبيرة و لا يعلم مستنده.

الرابع: أنه على تقدير وجوب الصلاة على المنافق إذا قيل بوجوب الأدعية هل يجب الدعاء عقيب الرابعة على الميت أم لا؟ ظاهر هذا الخبر سقوط الدعاء حيث قال: ثم كبر الرابعة و انصرف، و إن احتمل أن يكون المراد بالانصراف الانصراف عن التكبير، و

قوله عليه السلام لم يدع للميت‏

 (1)، لا ينافي الدعاء عليه لكنه بعيد، قال: السيد صاحب المدارك قال في الذكرى: و الظاهر أن الدعاء على هذا القسم غير واجب لأن التكبير عليه أربع، و بها تخرج عن الصلاة، و هو غير جيد فإن الدعاء للميت أو عليه لا يتعين وقوعه بعد الرابعة كما بيناه، و قد ورد بالأمر بالدعاء على المنافق روايات انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 50

أقول يرد عليه أيضا إن الخروج بالتكبيرة الرابعة غير مسلم، بل لعله يكون الخروج بإتمام الدعاء الرابع.

الخامس:

قوله عليه السلام:" ثم صلى على الأنبياء و دعا"

 (1) يحتمل أن يكون المراد الدعاء للأنبياء، و أن يكون المراد الدعاء للميت، و تركه في الصلاة على المنافق ربما يؤيد الثاني.

السادس:

قوله عليه السلام:" فلما نهاه الله عن الصلاة على المنافقين"

 (2) أي الدعاء لهم لأنه عليه السلام ذكر بعد ذلك الصلاة و قال و لم يدع للميت و إن احتمل أن يكون المراد: النهي عن الصلاة الكاملة المعهودة التي كان صلى الله عليه و آله يأتي بها للمؤمنين، بل أمره بنقصها و الأول أظهر.

 (الحديث الرابع)

 (3): مرسل، و قد مر تفسيره.

 (الحديث الخامس)

 (4): مجهول. و قد مضى تفسيره أيضا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 51

باب الصلاة على الجنائز في المساجد

 (1) لا خلاف ظاهرا بين الأصحاب في جواز الصلاة على الجنازة في المساجد، و المشهور كراهة الإتيان بها فيها إلا بمكة، و الأخبار في ذلك متعارضة، قال في المنتهى: و تكره الصلاة على الجنائز في المساجد، و الأفضل الإتيان بها في المواضع المختصة بذلك المعتادة لها إلا بمكة، و به قال: مالك و أبو حنيفة، و قال:

الشافعي و أحمد لا يكره في المساجد، ثم قال: مكة كلها مسجد فلو كرهت الصلاة في بعض، مساجدها لزم التعميم فيها أجمع و هو خلاف الإجماع انتهى، و لا يخفى ضعف التعليل و الاستثناء المبتني عليه، و ذهب بعض المتأخرين إلى نفي الكراهة أيضا لصحيحة الفضل بن عبد الملك و غيرها و لا يخلو عن قوة.

 (الحديث الأول)

 (2): مجهول.

و ظاهره عدم الجواز، و حمل على الكراهة لجهالة السند و صحة المعارض‏

باب الصلاة على المؤمن و التكبير و الدعاء

 (3)

 (الحديث الأول)

 (4): ضعيف. و رواه الشيخ في الموثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 52

قوله عليه السلام:" غلا- الغل"

 (1) بالكسر و الفتح الحقد و هنا بالكسر.

قوله عليه السلام:" و ألف قلوبنا على قلوب أخيارنا"

 (2) أي اجعل قلوبنا في العقائد الحقة، و النيات الصحيحة موافقة لقلوب أخيارنا و هم الأئمة عليهم السلام، و في التهذيب خيارنا.

قوله عليه السلام:" من الحق‏

 (3) بيان لما" أي اهدنا إلى الحق الذي اختلف الناس فيه،

" بإذنك"

 (4) أي بتوفيقك و تيسيرك أو تقديرك.

قوله: عليه السلام" فإن قطع عليك".

 (5) أقول: هذا يحتمل الوجهين.

أحدهما: أن يكون المراد أنه إن قطعت التكبيرة الثانية للإمام عليك دعاءك و لم يمهلك لإتمامه فاكتف بما مضى، و أقرء الدعاء للميت في التكبيرات الأخر، و إلا فضم إلى ما مضى الدعاء الأخير أيضا أي قوله عليه السلام اللهم عبدك.

و ثانيهما: أن يكون المراد أن قطع عليك فلا تقطع الدعاء، و لا يضرك تأخير التكبير عن تكبير الإمام، بل اقرأ الدعاء للميت في التكبيرة الأولى أيضا، ثم كبر الثانية.

و الإشارة في‏

قوله عليه السلام تقول هذا

 (6): على التقديرين إما راجعة إلى الجميع أو إلى الدعاء الأخير.

قوله عليه السلام:" و نور له في قبره"

 (7) أي نور له الأشياء في قبره، أو أعطه نورا في قبره، و المراد بالقبر عالم البرزخ، و النور، إما المراد به الحقيقة، أو كناية

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 53

عن فرحه و سروره و ظهور الأشياء له، و الأول أولى إذ لا ضرورة إلى التأويل، فإن الأرواح في أجسادهم المثالية متنعمون في جناتهم مستضيئون بما جعل الله لهم من الأنوار الصورية و المعنوية.

قوله عليه السلام:" و لقنه حجته"

 (1) أي عند سؤال منكر و نكير.

قوله عليه السلام:" و لا تحرمنا أجره"

 (2) أي أجر ما أصابنا من مصيبة.

قوله عليه السلام:" و لا تفتنا بعده"

 (3) في القاموس الفتنة بالكسر الخبرة كالمفتون منه (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) و إعجابك بالشي‏ء فتنة يفتنه فتنا و فتونا و أفتنه و الضلال و الإثم و الكفر و الفضيحة و العذاب، و إذابة الذهب و الفضة، و الإضلال و الجنون و المحنة، و المال و الأولاد، و اختلاف الناس في الآراء انتهى، أي لا تجعلنا مفتونين بالدنيا بعد ما رأينا من مصيبة بل نبهنا بما أصابنا و اجعلنا زاهدين في الدنيا تاركين لشهواتها، لتذكر الموت و أهوالها، و لا تمتحنا بعده بشدة مصيبة فنجزع فيها، و نستحق بذلك سخطك، بل أعطنا صبرا عليها، و لعل الأول أظهر، و يحتمل معاني أخرى يظهر مما نقلنا من معاني الفتنة لا نطيل الكلام بذكرها.

قوله عليه السلام:" تقول هذا حتى تفرغ‏

 (4) إلخ" ظاهره يوهم أنه يلزم الدعاء بعد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 54

الخامسة أيضا، و يمكن أن يقال جعل عليه السلام نهاية القراءة الفراغ من الخمس فإذا كبر الخامسة فقد فرغ منها فلا يقرأ بعدها.

 (الحديث الثاني)

 (1): حسن.

قال في المنتقى: رواية الحلبي في طريق هذا الخبر عن زرارة من سهو الناسخين بغير شك، و سيأتي إسناد مثله. و فيه عن الحلبي و زرارة و هو الصواب انتهى.

قوله عليه السلام:" لا أعلم منه إلا خيرا".

 (2) أقول: ربما يستشكل ههنا بأن هذه كيفية للصلاة على المؤمن برا كان أو فاجرا، فكيف يجوز لنا هذا القول فيمن نعلم منه الشرور و الفسوق؟ و يمكن أن يجاب عنه بوجوه.

الأول: أن يقال يجوز أن يكون هذا أيضا مما استثني من الكذب سوغه الله لنا رحمة منه على الموتى ليصير سببا لغفرانهم كما سوغه الله في الإصلاح بين الناس بل نقول هذا أيضا كذب في الصلاح، و قد ورد في الخبر أن الله يحب الكذب في الصلاح و يبغض الصدق في الفساد.

الثاني: أن يخصص الخير و الشر بالعقائد لكن الترديد المذكور بعده لا يلائمه كما لا يخفى.

الثالث: أن يقال أن شرهم غير معلوم لاحتمال توبتهم أو شمول عفو الله، أو الشفاعة لهم مع معلومية إيمانهم.

فإن قيل كما أن شرهم غير معلوم بناء على هذه الاحتمالات فكذلك خيرهم أيضا غير معلوم، فما الفرق بينهما.

قلت: يمكن أن يقال بالفرق بينهما في العلم الشرعي فإنا مأمورون بالحكم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 55

بالإيمان الظاهري و باستصحابه بخلاف الشرور و المعاصي فإنا أمرنا بالإغضاء عن عيوب الناس، و حمل أعمالهم و أفعالهم عن المحامل الحسنة و إن كانت بعيدة، فليس لنا الحكم فيها بالاستصحاب، و قيل المراد بالخير: الخير الظاهري و بالشر: الشر الواقعي، و لا يخفى بعده.

الرابع: أن يخصص هذا الدعاء بالمستورين كما هو ظاهر بعض الأصحاب و هو بعيد جدا.

قوله عليه السلام:" في إحسانه‏

 (1) بالإضافة إلى المفعول" أي في إحسانك إليه، و يحتمل أن يكون بالإضافة إلى الفاعل أي ضاعف حسناته، و في بعض النسخ حسناته.

قوله عليه السلام:" و افسح له"

 (2) في القاموس، فسح له كمنع وسع و في النهاية، و منه حديث علي عليه السلام اللهم افسح له مفسحا في عدلك: أي أوسع له سعة في دار عدلك و الكلام في الفسحة كما تقدم في النوادر أو المراد عدم الضغطة.

قوله عليه السلام:" إن كان زاكيا فزكه"

 (3) قال: في النهاية أصل الزكاة في اللغة الطهارة و النماء و البركة و المدح، و كل ذلك قد استعمل في القرآن و الحديث، ثم قال: زكي الرجل نفسه: إذا وصفها و أثنى عليها انتهى، و قال في الغريين: يزكون أنفسهم يزعمون أنهم أزكياء، و نفسا زكيا: أي طاهرة لم تجن ما توجب قتلها، و ما زكي أي ما ظهر، و أوصاني بالصلاة و الزكاة أي:

الطهارة، و ذلكم أزكى لكم: أي أنمى و أعظم بركة، قد أفلح من زكيها

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 56

أي قربها إلى الله، و ما عليك إلا يزكي أي أن لا يسلم فيتطهر من الشرك انتهى. أقول: فالمعنى أنه إن كان طاهرا من الشرك و الذنب، أو ناميا في الكمالات و السعادات فزكه أي أثن عليه، كناية عن قبول أعماله، أو قربة إليك، أو طهره أكثر مما اتصف به أو بارك و زد عليه في ثوابه، و اجعل عمله ناميا مضاعفا و الله يعلم.

قوله عليه السلام:" اللهم اكتبه عندك في عليين"

 (1) إشارة إلى قوله تعالى" كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ" قال في النهاية: فيه أن أهل الجنة ليتراؤون أهل عليين، (عليون) اسم للسماء السابعة، و قيل: اسم لديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد و قيل أرادا على الأمكنة و أشرف المراتب، و أقربها من الله تعالى في الدار الآخرة انتهى.

أقول: لعل المراد اكتب و قدر عندك أنه من أهل عليين، أو اكتب اسمه في عليين فإنه ديوان يكتب أسماء الأبرار و المقربين و أعمالهم فيه.

قوله عليه السلام:" و اخلف على عقبه في الغابرين"

 (2) اخلف بضم اللام و كسرها كما في الصحاح، قال في النهاية: يقال خلف الله لك خلفا بخير، و أخلف عليك خيرا، أي أبدلك بما ذهب منك و عوضك عنه.

و قيل: إذا ذهب للرجل ما يخلفه مثل المال و الولد، قيل: أخلف الله لك و عليك و إذا ذهب له ما لا يخلفه غالبا كالأب و الأم، قيل: خلف الله عليك، و قيل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 57

يقال: خلف الله عليك إذا مات لك ميت أي كان الله خليفته عليك، و أخلف الله عليك أي أبدلك، و منه حديث أبي الدرداء في الدعاء للميت" أخلف في عقبه" أي كن لهم بعده و قال في- غير- قال الأزهري يحتمل الغابر الماضي و الباقي فإنه من الأضداد، قال: و المعروف الكثير أن الغابر الباقي، و قال غير واحد من الأئمة:

إنه يكون بمعنى الماضي انتهى، و قال في القاموس، العقب الولد و ولد الولد كالعقب ككتف.

أقول: يحتمل أن يكون قوله عليه السلام:" في الغابرين" بدلا من قوله عليه السلام:

" على عقبه" أي كن خليفته في الباقين من عقبه فاحفظ أمورهم و مصالحهم و لا تكلهم إلى غيرك، و أن يكون حالا من قوله (عقبه) أي كن خليفته فيهم كائنين في جملة الباقين من الناس و أن يكون صفة للمصدر المحذوف، أي أخلف عليهم خلافة كائنة في أمر الباقين من الناس، بأن تميل قلوب الناس إليهم و تجعلهم مقبولين بينهم يراعون أحوالهم و ينفعونهم و لا يضرونهم، و على الاحتمال الثاني أيضا يمكن أن يكون المراد هذا لا يخفى، و يحتمل أن يكون حالا عن الفاعل في (اخلف) أي كن أنت الخليفة على عقبه بين سائر من بقي بعده، و أن يكون حالا عن الضمير المجرور و يكون الغابر بمعنى الماضي أي حال كونه في جملة الماضين من الموتى فيكون الكلام مشتملا على نوع استعطاف.

قال: شيخنا البهائي (ره) لعل (في) للسببية، و المراد الدعاء بجعل الباقين من أقارب عقبه عوضا لهم عن الميت انتهى.

أقول: لعل، بعض ما ذكرنا من الاحتمالات أظهر مما ذكره (ره) و الله يعلم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 58

 (الحديث الثالث)

 (1): حسن. كالصحيح لمشاركة السند الضعيف مع الحسن و تأييده له و رواه الشيخ في الصحيح.

قوله عليه السلام:" إن هذا المسجى"

 (2) قال في القاموس تسجية الميت تغطيته.

قوله عليه السلام:" في كل تكبيرة"

 (3) ظاهره شمول الخامسة إلا أن يخصص بالأخبار الأخرى.

 (الحديث الرابع)

 (4): حسن.

قوله عليه السلام:" ثم تشهد"

 (5) ظاهره الشهادتين.

قوله عليه السلام:" إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ"

 (6) هذه كلمة أثنى الله تعالى على قائلها عند المصائب لدلالتها على الرضا بقضائه و التسليم لأمره، فمعنى إنا لله إقرار له بالعبودية أي: نحن عبيد الله و ملكه فله التصرف فينا بالموت و الحياة و المرض و الصحة و المالك على الإطلاق أعلم بصلاح مملوكه و اعتراض المملوك عليه من سفاهته و إنا إليه راجعون إقرار بالبعث و النشور و تسلية للنفس بأن الله تعالى عند رجوعنا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 59

إليه يثيبنا على ما يصيبنا من المكاره و الآلام أحسن الثواب كما وعدنا و ينتقم لنا ممن ظلم علينا، و فيه تسلية من جهة أخرى و هي أنه إذا كان رجوعنا جميعا إلى الله و إلى ثوابه فلا بأس بافتراقنا بالموت و لا ضرر على الميت أيضا، فإنه انتقل من دار إلى دار أحسن من الأولى و رجع إلى رب كريم هو رب الآخرة و الأولى.

و روي عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أنه قال إن قولنا إنا لله إقرار على أنفسنا بالملك و إنا إليه راجعون إقرار على أنفسنا بالهلاك.

قوله عليه السلام:" خلا من الدنيا

 (1) أي مضى منها، و الأيام الخالية: أي الماضية أو صار خاليا عاريا مما كان له من الدنيا و انقطعت حيلته عنها.

قوله عليه السلام:" و ثبته بالقول الثابت‏

 (2) إلخ" إشارة إلى قوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ: قال البيضاوي" بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ" أي الذي ثبت بالحجة عندهم و تمكن في قلوبهم في الحياة الدنيا فلا يزالون إذا افتتنوا في دينهم كزكريا و يحيى و جرجيس و شمعون و الذين فتنهم أصحاب الأخدود و في الآخرة فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم في الموقف و لا يدهشهم أهوال القيامة و روي أنه صلى الله عليه و آله ذكر قبض روح المؤمن فقال: ثم يعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له من ربك؟ و ما دينك؟ و من نبيك؟

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 60

فيقول: ربي الله، و ديني الإسلام، و محمد نبي، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فذلك قوله تعالى" يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا".

أقول يشكل ما ورد في هذا الدعاء بأن حياته الدنيوية قد انقضت فما معنى الدعاء له بالثبات في الحياة الدنيا.

و يمكن أن يوجه بوجهين الأول: أن يكون الظرف متعلقا بالثابت، أي:

القول الثابت الذي لا يتبدل بتبدل النشأتين فإن العقائد الباطلة التابعة للأغراض الدنيوية و الشهوات النفسانية تتبدل و تتغير في النشأة الآخرة لزوال دواعيها، و في الآية أيضا يحتمل ذلك و إن لم يذكره المفسرون.

الثاني: أن يكون المراد بالحياة الدنيا ما يقع قبل القيامة فيكون حياة القبر للسؤال داخلا في الحياة الدنيا، على أنه يحتمل أن يكون ذكره على سبيل التبعية استطرادا لذكره في الآية و لعل ثاني الوجهين أظهر.

قوله عليه السلام:" اللهم أسألك بنا و به سبيل الهدي"

 (1) أي اجعلنا سالكين سبيلا يهدينا إلى ما يوجب لنا درجات الجنان و اسلك به سبيلا يهديه و يوصله إلى الجنة في المحشر، فسلوك سبيل الهدى في الدنيا موجب لسلوك سبيل الهدى في الآخرة كما ورد في الخبر في قوله تعالى" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ" الآية إن المراد الهداية في الآخرة إلى الجنة، رواه عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادق عليه السلام، و يحتمل على بعد أن يكون المراد سبيل الهدى بالنسبة إليه سبيل أهل الهدى الذين يسلكونه إلى الجنة، بأن يقدر المضاف على أحد التقديرين، و كذا لكلام في الفقرة الثانية أي اهدنا إلى الصراط المستقيم في العقائد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 61

و الأعمال، و اهده إلى صراط الآخرة الموصل إلى الجنة، و يحتمل في الفقرتين أن يكون المراد سبيل الهدى و الصراط المستقيم في الآخرة بالنسبة إلينا و إليه معا فإن طلب هدايتنا في الآخرة إلى ذلك السبيل، و الصراط يستلزم طلب، يوصل إليهما و يوجبهما في الدنيا و الله يعلم،

قوله عليه السلام:" عفوك عفوك‏

 (1) بالنصب" أي اطلبه، و يحتمل الرفع بتقدير الخبر.

 (الحديث الخامس)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام" إن الناس"

 (3) أي العامة.

أقول أجمع العلماء كافة على استحباب رفع اليدين في التكبيرة الأولى، و اختلفوا في البواقي فذهب الأكثر و منهم الشيخ في النهاية و المبسوط، و المفيد و المرتضى و ابن إدريس إلى أنه غير مستحب، و به قال مالك و الثوري و أبو حنيفة من علماء العامة، و قال: الشيخ في كتابي الأخبار يستحب رفع اليدين في كل تكبيرة، و مال إليه جماعة من المتأخرين كالعلامة و المحقق، و ذهب إليه جماعة من العامة، و اختلف أخبارنا في ذلك، و يظهر من هذا الخبر أن أخبار النفي مجمولة على التقية كما فعله الشيخ و الله يعلم.

 (الحديث السادس)

 (4): مجهول. و لا يبعد أن يكون بن عبد ربه فصحف بعن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 62

قوله عليه السلام:" فشفعنا"

 (1) كذا في بعض النسخ و هو الظاهر، و في بعضها (شفعنا) و في بعضها (شفعاء) على صيغة الجمع فيكون تأكيدا، و على الأولين أمر من باب التفعيل، أي أقبل شفاعتنا فيه.

قال في القاموس: شفعته فيه تشفيعا حتى شفع كمنع شفاعة قبلت شفاعته.

قوله عليه السلام:" و لها من تولت"

 (2) أي اجعل ولى أمر هذه النفس من كانت تتولاه في الدنيا، و من اتخذته وليها و إمامها، أو أحبته من الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) إن كان مؤمنا، و أعدائهم إن كان منافقا، قال: في النهاية (لنولينك ما توليت) أي نكل إليك ما قلت و نرد إليك ما وليته نفسك و رضيت لها به انتهى، و في بعض النسخ (ما تولت) فيمكن أن تكون ما استعملت في موضع من و كثيرا ما تقع و أن يكون المراد العقائد و المذاهب فيرجع إلى الأول.

و أما الأعمال فلا يناسب مقام الدعاء و الشفاعة كما لا يخفى.

قوله عليه السلام:" و احشرها"

 (3) أي أجمعها كما هو أصل معنى الحشر، أو ابعثها في القيمة معهم ليصيروا سببا لنجاته من أهوالها.

تذنيب قال: العلامة في المنتهى لو لم يعرف الميت، لم يقل اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا لأنه يكون كذبا، بل يقول: ما رواه الشيخ عن ثابت أبي المقدام، و ذكر قريبا من الدعاء الذي ذكر في هذا الخبر.

أقول الظاهر أن مراده من لا يعرفه بالإيمان كما يدل عليه كلامه بعد ذلك.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 63

باب أنه ليس في الصلاة دعاء موقت و أنه ليس فيها تسليم‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): حسنة الفضلاء.

قوله عليه السلام: ليس في الصلاة على الميت قراءة و لا دعاء موقت"

 (3) إلخ. يدل على عدم القراءة فيها، و لا خلاف فيه بين علمائنا، و وافقنا على ذلك من العامة الثوري و الأوزاعي و مالك و أبو حنيفة، و قال: الشافعي و أحمد و إسحاق و داود تجب فاتحة الكتاب، و ظاهره لزوم الدعاء و عدم تعين دعاء مخصوص كما هو مختار الأكثر، و قد مر الكلام فيه.

و ربما يقال هذا لا ينافي كون أحد الأدعية المنقولة واجبا و لا يخفى ما فيه.

قوله عليه السلام:" و أحق الموتى أن يدعى له المؤمن"

 (4) أي الدعاء للمؤمن الخالص أو كل مؤمن أهم من الدعاء للمستضعف و لمن لا يعرف حاله أو للفاسق على الأول، و التعميم أولى لأن احتياج الفاسق إلى الشفاعة أكثر.

و قوله (عليه السلام): و أن يبدأ

 (5) يمكن عطفه على قوله إن يدعى أي: و أحق الموتى أن يبدأ في الصلاة عليه بالصلاة على رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤمن، و يمكن أن يقدر فيه فعل، أي يلزم أن يبدأ أو مبتدأ، أي: أحق ما يبدأ به و أن يكون معطوفا على المعنى فإن الجملة السابقة في قوة ينبغي أن يدعى فتدبر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 64

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" ليس في الصلاة"

 (2) إلخ يدل بعمومه على عدم شرعية السلم فيها لا وجوبا و لا استحبابا، و قد مر الكلام فيه في باب جنائز الرجال و النساء.

 (الحديث الثالث)

 (3): حسن و الكلام فيه كما تقدم.

باب من زاد على خمس تكبيرات‏

 (4) اختلف الأصحاب في تكرار الصلاة على الجنازة الواحدة مرتين، فقال:

العلامة في المختلف المشهور كراهة تكرار الصلاة على الميت، و قيد ابن إدريس بالصلاة جماعة لتكرار الصحابة الصلاة على النبي صلى الله عليه و آله و سلم فرادى، و قال: الشيخ في الخلاف من صلى على جنازة يكره له أن يصلي عليها.

ثانيا: و هو يشعر باختصاص الكراهة بالمصلي المتحد و ربما ظهر من كلامه في الاستبصار، استحباب التكرار من المصلي الواحد و غيره، و ظاهرهم الاتفاق على الجواز و الأخبار في ذلك مختلفة، ثم اعلم أنه ينبغي حمل كلام المصنف في العنوان على تكرار الصلاة لا على الزيادة على الخمس في الصلاة الواحدة كما يوهمه ظاهر عبارته، فإنه لا خلاف في عدم شرعيتها، قال: في التذكرة (لا ينبغي الزيادة على الخمس) لأنها منوطة بقانون الشرع، و لم ينقل الزيادة و ما روي عن النبي صلى الله عليه و آله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 65

من أنه كبر على حمزة سبعين تكبيرة، و عن علي عليه السلام أنه كبر على سهل بن حنيف خمسا و عشرين تكبيرة إنما كان في صلوات متعددة انتهى.

 (الحديث الأول)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" سبعين صلاة"

 (2) لعل المراد بالصلاة التكبير مجازا تسمية للجزء باسم الكل، أو المراد بالصلاة الدعاء و أطلق على التكبير مجازا تسمية للملزوم باسم ما يلزمه غالبا، أو المراد بها الدعاء بأن يكون صلى الله عليه و آله دعى له عقيب الخامسة أيضا، كما يظهر من بعض الأخبار، و إنما حملنا على تلك الوجوه لما سيأتي من خبر أبي بصير، و روى الشيخ في الحسن عن إسماعيل بن جابر و زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال صلى عليه سبعين صلاة و كبر علية سبعين تكبيرة.

و استدل القائلون بعدم كراهة التكرار بهذا الخبر.

و أجيب بأنه يمكن أن يكون لفضل حمزة و مناقبه، و بأنه يمكن أن يكون بعد الصلاة عليه أو في أثنائها يؤتى بالشهداء فيوضع معه فيصلي عليهم و يشركه معهم في الدعاء إلى أن انتهت إلى سبعين، و بأن هذا ورد في تكرار الإمام فلا يمكن الاستدلال به على العموم.

 (الحديث الثاني)

 (3): حسن.

قوله عليه السلام:" على سهل بن حنيف"

 (4) إلخ.

الكلام فيه كالكلام فيما تقدم استدلالا و جوابا، و يؤيد الاختصاص هنا ما رواه الشيخ بسند فيه جهالة عن عقبة عن الصادق عليه السلام أنه قال: أ ما بلغكم إن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 66

رجلا صلى عليه علي عليه السلام فكبر عليه خمسا حتى صلى عليه خمس صلوات يكبر في كل صلاة خمس تكبيرات؟ قال: ثم قال: إنه بدري، عقبي، إحدى و كان من النقباء الذين اختارهم رسول الله صلى الله عليه و آله من الاثني عشر، فكانت له خمس مناقب فصلى عليه لكل منقبة صلاة.

أقول يمكن أن يكون الخمس بضم الإيمان إلى الأربع لأن الإيمان يكفي لصلاة واحدة كما في سائر المؤمنين فأضيفت الأربع الأخر لأربع مناقب، و يمكن أن يكون عليه السلام عد كونه عقيبا خصلتين لحضوره في العقبة الأولى و في الثانية معا فكانت له بيعتان فكل منها منقبة، و يحتمل ترك ذكر خصلة واحدة و هو بعيد، و في هذا الخبر المذكور في المتن أيضا إشعار بالاختصاص‏

لقوله عليه السلام و إن كان بدريا

 (1) و قال:

العلامة في المختلف إن حديث سهل بن حنيف مختص بذلك الشخص إظهارا لفضله كما خص النبي صلى الله عليه و آله عمه حمزة بسبعين تكبيرة.

و في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة ما يدل على ذلك قال: بعض أفاضل المتأخرين و كيف كان، فينبغي القطع بكراهة التكرار من المصلي الواحد لغير الإمام بل يمكن القول بعدم مشروعيته لعدم ثبوت التعبد به، أما الإمام فلا يبعد الحكم بأنه يستحب له الإعادة بمن لم يصل للتأسي و انتفاء ما ينهض حجة على اختصاص الحكم بذلك الشخص انتهى، و المسألة قوية الإشكال و إن كان القول بالاستحباب مطلقا لا يخلو من قوة لاحتمال أن يكون النهي عن التكرار محمولا على التقية لاشتهاره بين العامة.

قال في المنتهى: و لو صلى على جنازة قال: الشيخ كره له أن يصلي عليها ثانيا و به قال علي (عليه السلام) و ابن عمر، و عائشة و أبو موسى، و ذهب إليه الأوزاعي و أحمد و الشافعي و مالك و أبو حنيفة انتهى، فظهر أن المشهور بينهم الكراهة و إن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 67

نسبوه إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه أيضا و الله يعلم.

 (الحديث الثالث)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" كلما أدركه الناس".

 (2) أقول: هذا الخبر يدل على أنه يجوز للإمام تكرار الصلاة لا مطلقا، إذ ليس في الخبر أن المأمومين الذين صلوا أولا، كرروا الصلاة معه صلى الله عليه و آله‏

باب الصلاة على المستضعف و على من لا يعرف‏

 (3)

 (الحديث الأول)

 (4): حسن.

قوله عليه السلام:" الصلاة على المستضعف"

 (5) أقول فسر ابن إدريس المستضعف بمن لا يعرف اختلاف الناس في المذاهب، و لا يبغض أهل الحق على اعتقادهم و عرفه في الذكرى: بأنه الذي لا يعرف الحق و لا يعاند فيه و لا يوالي أحدا بعينه، و حكي عن المفيد في الغرية أنه عرفه بأنه الذي يعرف بالولاء و يتوقف عن البراءة، و يظهر من بعض الأخبار أن المراد بهم ضعفاء العقول، و أشباه الصبيان ممن لهم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 68

حيرة في الدين و لا يعاندون أهل الحق، ثم إن هذا الخبر يخالف ما ذكر الأكثر بوجوه.

الأول: أنهم ذكروا الآية للمستضعف عقيب الرابعة و ظاهر الخبر أنه يقرأ في كل تكبيرة.

الثاني: أنهم ذكروا الآية فقط، و هذا الخبر يدل على الصلاة و الدعاء للمؤمنين معها.

الثالث: أنهم ذكروا للمستضعف الآية و لمن لا يعرف أن يسأل الله أن يحشره مع من كان يتولاه، لكن يدل على الأخير أخبار آخر و الأجود القول بالتخيير بين ما ورد فيهما في الأخبار، و يمكن توجيه الأول بأن القوم حملوا هذا الخبر على القراءة في الرابعة لعموم الخبر الدال على ما يقرأ في سائر التكبيرات و يضعف بما قد عرفت من أن ظاهر أكثر الأخبار المعتبرة عدم الاختلاف في أدعية التكبيرات و توجيه الثاني بأنهم حملوا الصلاة على الثانية و الدعاء للمؤمنين على الثالثة و الآية على الرابعة و ترك الشهادتان للظهور و لا يخفى وهنه ثم اعلم: أن الظاهر أن المراد بمن لا يعرف مذهبه و لو كان من أهل بلد يعلم إيمان أهلها أجمع فهذا كاف في إلحاقه بهم بل لو كان الأغلب فيهم الإيمان لا يبعد الإلحاق و الله يعلم.

قوله عليه السلام:" إلى آخر الآيتين"

 (1) بعد ذلك قوله تعالى" رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" فيحتمل أن يكون المراد آيتين بعد هذه الآية أي إلى قوله" العظيم" أو آية أخرى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 69

ليكون مع ما ذكره آيتين فيكون إلى قوله" الحكيم" و الأحوط الأول، و لعله أظهر أيضا لمناسبتهما لذلك و الكون ما أورد عليه السلام آية ناقصة من أولها.

 (الحديث الثاني)

 (1): حسن، و يدل على الاجتهاد و السعي و الاهتمام للدعاء للمؤمن و يدل على جواز الاكتفاء ببعض الآية كما ذهب إليه الأصحاب فيكون الزيادة التي اشتمل عليها الخبر الأول سابقا و لا حقا محمولة على الاستحباب و الفضل.

 (الحديث الثالث)

 (2): حسن. و يدل على التفصيل و الفرق بين المستضعف و من لا يعرف في الدعاء.

قوله عليه السلام" و إن كان المستضعف منك بسبيل"

 (3) السبيل في الأصل الطريق ثم يستعار لكل ما يصير سببا لاختصاص و ارتباط بين الأمرين أو شخصين من قرابة أو مودة أو خلطة أو نحو ذلك.

و قوله عليه السلام" بسبيل" خبر كان:

و قوله (عليه السلام) منك حال عن السبيل و من فيه ابتدائية أي كان المستضعف بسبيل حال كون ذلك السبيل مبتدأ منك من قرابة أو مودة أو يد أو منة له عليك أو جوار فاستغفر له على وجه الشفاعة لا على وجه الولاية: أي تشفع له على أنه أحد من آحاد الناس و تترحم عليه لا على وجه المودة و المحبة فإنه لا يجوز مودة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 70

غير المؤمنين و إظهارها عند الله و عند الخلق، كما قال تعالى" لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ" فيدل على جواز الدعاء لهم على وجه الشفاعة، و على أنه يمكن نجاتهم بفضل الله تعالى كما يدل عليه أخبار كثيرة و يحتمل أن يكون المراد بقوله (على وجه الشفاعة) عدم الاهتمام في الدعاء و الختم فيه، بل على سبيل الترديد كما هو ظاهر الأدعية لا على وجه الولاية و المودة فإن المودة موجبة للاهتمام و العزم و الحتم في الدعاء كما ورد في الأدعية المقررة للمؤمنين، أو المراد بقوله على وجه الولاية، على أنه من أهل الولاية للأئمة عليهم السلام و من المؤمنين بأن يشهد بإيمانه بل يقول على الترديد و التفصيل أو يدعو للمؤمنين على الإجمال و الله يعلم.

 (الحديث الرابع)

 (1): مرسل و قد مر تفسيره.

 (الحديث الخامس)

 (2): مرسل.

قوله عليه السلام:" و بيض وجهه"

 (3) أي نور وجهه الظاهر أنه كناية عن سروره‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 71

و ظهور علو قدره في القيمة و قبول شفاعته (صلى الله عليه و آله).

قوله عليه السلام" و أكثر تبعه"

 (1) بفتحتين. أي أتباعه، قال الجوهري: التبع يكون واحدا و جمعا.

قوله عليه السلام" فإن كان مؤمنا"

 (2) يدل على أن هذا الدعاء لمن لا يعرف حاله و ظاهره كالأخبار السالفة قراءة الدعاء في كل تكبير.

 (الحديث السادس)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و مستقرها و مستودعها"

 (4) بالجر فيهما على‏

قوله بسرائرها

 (5) أي أنت أعلم بمستقرها و مستودعها منا، أو بالرفع بتقدير الخبر أي مستقرها و مستودعها في علمك أو بيدك أو بتقديرك، و الأول أظهر و هو مأخوذ من قوله تعالى" وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها" قال في مجمع البيان: أي يعلم موضع قرارها و الموضع الذي أودعها فيه، و هو أصلاب الإباء و أرحام الأمهات، و قيل مستقرها حيث تأوي إليه من الأرض و مستودعها حيث تموت و تبعث منه عن ابن عباس و الربيع، و قيل مستقرها: ما تستقر عليه و مستودعها ما تصير إليه انتهى.

أقول: يحتمل أن يكون المراد بالمستقر الجنة أو النار و بالمستودع ما يكون‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 72

فيه في عالم البرزخ، أو يكون المراد بالمستقر الأجساد الأصلية و بالمستودع الأجساد المثالية، و يمكن أن يكون المراد بالمستقر الذي استقر فيه الإيمان، و بالمستودع الذي أعير الإيمان ثم سلب منه كما ورد في تفسير قوله تعالى" فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ" أي تعلم من الأرواح ما هو مستقر و ما هو مستودع و لا نعلم أن هذه النفس من المستقرين فيكون قد مات على الإيمان أو من المستودعين فيكون قد مات على الكفر و سلب الإيمان، ثم أقول: ذكر الأصحاب هذا الدعاء لمن لا يعرف حاله و هو الظاهر منه لكن يبعد منه عليه السلام أن لا يعرف حال الناس خصوصا من كان من جيرانه، إلا أن يقال قرأه (عليه السلام) ذلك لتعليم الأصحاب، و يحتمل أن يكون الميت مستضعفا، و يمكن القول بعموم هذا الدعاء للصلاة على جميع الأموات و يؤيد ما ذكرنا من أخير الاحتمالات لكن ما فهمه القوم العمل به أولى و أحوط.

باب الصلاة على الناصب‏

 (1) قد ذكرنا سابقا حكم الصلاة على غير المؤمن.

فاعلم: أنه قد يطلق الناصب على مطلق المخالف غير المستضعف كما هو الظاهر من كثير الأخبار، و قد يطلق و يراد به من نصب العداوة لأهل البيت عليهم السلام، و هذا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 73

كافر لا يجوز الصلاة عليه لأنه منكر لما علم من دين الإسلام ضرورة، و ظاهر الأصحاب أنه لا خلاف بينهم فيه، و إنما الخلاف في المخالف الذي لم ينكر ضروريا من ضروريات دين الإسلام.

قال الشهيد: (ره) في الذكرى: و احترزنا بالمسلم عن الكافر فلا يصلي عليه لقوله تعالى" وَ لا تُصَلِّ عَلى‏ أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً" و لا فرق بين الأصلي و المرتد و الذمي و الحربي للعموم، ثم قال: و لو وجد ميت لا يعلم إسلامه، الحق بالدار إلا أن يغلب الظن على إسلامه في دار الكفر لقوة العلامة فيصلي عليه، و أما القرعة فاستعمالها فيه ضعيف، ثم قال: و المراد بالمسلم من أظهر الشهادتين و لم يجحد ما علم ثبوته من الدين ضرورة، فيصلي على غير الناصب و الغالي لعموم السالف، و لخبر طلحة بن زيد عن الصادق عن أبيه عليهما السلام صل على من مات من أهل القبلة و حسابه على الله.

و قال ابن الجنيد: يصلي على سائر أهل القبلة ممن لم يخرج منها لقول و فعل.

و قال أبو الصلاح: لا يجوز الصلاة على المخالف لجبر أو تشبيه أو اعتزال أو خارجية أو إنكار إمامة إلا لتقية، فإن فعل لعنه بعد الرابعة.

و قال المفيد: و لا يجوز أن يغسل مخالف للحق في الولاء و لا يصلي عليه إلا أن يدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية فلعنه في صلاته مع أنه جوز الصلاة على المستضعف.

و شرط سلار في الغسل اعتقاد الميت للحق، و يلزمه ذلك في الصلاة، و ابن إدريس قال: لا تجب الصلاة إلا على المعتقد للحق و من بحكمه كابن ست أو المستضعف‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 74

محتجا بكفر غير الحق، و الشيخ و ابن البراج لم يصرحا بغير لعنة الناصب لكن قال:

في باب الصلاة من المبسوط لا يصلي على الباغي لكفره، و كذا قال: في أهل البغي من المبسوط لا يصلى على الباغي لكفره، و أما في هذا الباب من الخلاف فأوجب الصلاة على الباغي محتجا بالعمومات، و نقل ابن إدريس عن الشيخ إيجاب الصلاة على أهل القبلة انتهى.

أقول: الظاهر إن مراد المصنف بالناصب المعنى الأعم، و يحتمل الأخص.

 (الحديث الأول)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" إن تقوم على قبره"

 (2) أي للدعاء إشارة إلى قوله تعالى" وَ لا تُصَلِّ عَلى‏ أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى‏ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ ماتُوا وَ هُمْ فاسِقُونَ" و ظاهرها يدل على عدم جواز الصلاة في وقت من الأوقات على أحد من الكفار الذين ماتوا على كفرهم، و كذا الوقوف على قبورهم للدعاء لهم، و إن علة ذلك هو الكفر.

قوله صلى الله عليه و آله" ويلك"

 (3) قال الجوهري:" ويل" كلمة مثل ويح إلا أنها كلمة عذاب يقال: ويله و ويلك و ويلي، قال عطاء بن يسار: الويل واد في جهنم لو أرسلت فيه الجبال لماعت من حره.

قوله صلى الله عليه و آله" و ما يدريك"

 (4) أي ما يعلمك و كيف علمت ما قلت أي لا تدري‏

قوله صلى الله عليه و آله" اللهم احش"

 (5) بضم الشين أي املأ.

قوله صلى الله عليه و آله" و أصله نارا"

 (6) قال الجوهري: صليت اللحم و غيره أصلية صليا مثال رميته رميا أي إذا شويته.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 75

و يقال أيضا صليت الرجل نارا إذا أدخلته النار و جعلته يصلاها فإن ألقيته فيها إلقاء كأنك تريد الإحراق، قلت: أصليته بالألف و صليته تصلية و قرئ و يصلي سعيرا و من خفف فهو من قولهم صلى فلان النار بالكسر يصلي صليا احترق قال الله تعالى هُمْ أَوْلى‏ بِها صِلِيًّا انتهى.

أقول: ظهر مما نقلنا أنه يجوز إن يقرأ بالوصل و القطع، و على التقديرين اللام مكسور.

قوله عليه السلام:" فأبدى"

 (1) قال الجوهري:" أبديت الأمر" أظهرته.

أقول يدل على كفر هذا الزنديق لأنه بإبرامه و جسارته و كفره و عناده صار سببا لظهور أمر منه (صلى الله عليه و آله) كان الصلاح في إخفائه لو لم يكن هذا الإبرام، ثم أقول: قد مر الكلام منا في سبب الصلاة عليهم فلا نعيده.

 (الحديث الثاني)

 (2): مجهول بعامر.

قوله عليه السلام:" مولى له"

 (3) أي معتقه، أو شيعته و محبة.

قوله عليه السلام:" انظر"

 (4) كناية عن التأمل و التدبير في ذلك.

قوله عليه السلام:" قال الحسين عليه السلام الله أكبر"

 (5) ظاهره أنه لم يكتف باللعن عليه بل أوقع صورة الصلاة عليه إما تقية كما هو الظاهر، أو للزوم الصلاة عليه كما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 76

مر، و ظاهره قراءة هذا الدعاء في كل تكبيرة لا في الأخير فقط.

و الظاهر التخير بين ما ورد في هذا الأخبار المعتبرة، و إن كان العمل بأحد خبري الحلبي أو خبر محمد بن مسلم أولى لكونها أقوى سندا.

قوله عليه السلام:" مؤتلفة غير مختلفة"

 (1) لعل المراد مؤتلفة في الشدة و الكثرة غير مختلفة بأن يكون بعضها أخف، أو المراد الائتلاف في الورود أي ترد جميعها عليه معا لا على التعاقب.

قال في النهاية:

اللعن‏

 (2) الطرف و الإبعاد من الله تعالى، و من الخلق السب و الدعاء.

قوله عليه السلام:" اللهم أخز عبدك في عبادك و بلادك"

 (3) قال الجوهري: خزي بالكسر يخزي خزيا: أي ذل و هان.

و قال: ابن السكيت وقع في بلية و أخزاه الله، و أقول يمكن أن يكون المراد إذ لا له و خزيه و عذابه بين من مات من العباد، و لا محالة يقع عذابه في البرزخ في بلد من البلاد، أو يقدر مضاف أي و أهل بلادك.

و يحتمل أن يراد به الخزي في الدنيا بعد موته بظهور معائبه على الخلق و اشتهاره بينهم بالكفر و العصيان.

قوله عليه السلام:" فإنه كان يتولى"

 (4) أي كان يتخذ أعداءك أولياءه و أحباءه و يعتقد إنهم أئمته و أولى بأمره.

 (الحديث الثالث)

 (5): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 77

قوله عليه السلام:" من المنافقين"

 (1) أي من أهل الخلاف و الضلال، فإن جميعهم منافقون يظهرون الإسلام و لترك ولاية الأئمة باطنا أخبث المشركين و الكفار.

و يمكن أن يكون المراد بعض بني أمية و أشباههم من الذين كانوا لم يؤمنون بالله و الرسول أصلا و كانوا يظهرون اسم الإسلام للمصالح الدنيوية.

قوله عليه السلام:" فرفع يده"

 (2) يمكن أن يكون صلوات الله عليه اكتفى بالرفع تقية و لم يكبر.

 (الحديث الرابع)

 (3): حسن.

قوله عليه السلام:" فإذا رفع"

 (4) أي إذا رفعوا جنازته بعد الصلاة.

قوله عليه السلام:" اللهم لا ترفعه"

 (5) المراد الرفعة المعنوية و قد مر تفسير التزكية.

 (الحديث الخامس)

 (6): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 78

قوله عليه السلام:" و ذلك قاله"

 (1) الظاهر أنه من كلام الصادق (عليه السلام)

و قوله عليه السلام (صلى عليها أبي)

 (2) من قبيل وضع المظهر موضع المضمر أي قال: أبي هذا القول في جنازة هذه المرأة الملعونة و زاد على ما قلت.

قوله عليه السلام:" و اجعل الشيطان"

 (3) لكن هذا مناف لما يظهر من أول الخبر من شك محمد بن مسلم في المعصوم الذي روى عنه إلا أن يكون ذكره على أحد الاحتمالين، و يحتمل أن يكون كلام محمد بن مسلم و يكون قوله" أبي" قد زيد من النساخ، أو يكون المراد أبا محمد بن مسلم و إن كان بعيدا.

قوله عليه السلام:" لامرأة سوء"

 (4) بفتح السين قال الجوهري: تقول هذا رجل سوء بالإضافة، ثم تدخل عليه الألف و اللام فتقول هذا رجل السوء.

قال الأخفش: و لا يقال: الرجل السوء و يقال: الحق اليقين، و حق اليقين جميعا لأن السوء ليس بالرجل و اليقين هو الحق، قال: و لا يقال: رجل السوء بالضم‏

قوله عليه السلام:" يعضضنها"

 (5) قال الفيروزآبادي عضضته و عليه كسمع و منع عضا و عضيضا مسكته بأسناني أو بلساني.

و قال: لسعت‏

 (6) العقرب و الحية كمنع لدغت.

أقول: يمكن إن يكون المراد

بالقبر

 (7) عالم البرزخ فإنه قد يعبر عنه به كثيرا و يكون العض و اللسع للأجساد المثالية، و إن احتمل أن يتأثر الروح و يتألم بلسع الجسد الأصلي أيضا، و يمكن أن يكون العض و اللسع عند عود الروح إلى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 79

الجسد الأصلي للسؤال و الله يعلم.

 (الحديث السادس)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" قال"

 (2) أي الرضا (عليه السلام): و هذا الإضمار شائع في التصانيف لسبق ذكر المعصوم (عليهم السلام).

 (الحديث السابع)

 (3): مرسل.

قوله عليه السلام:" قال ماتت"

 (4) القائل هو الراوي.

قوله عليه السلام:" قال اللهم"

 (5) القائل هو الصادق عليه السلام‏

قوله:" و لا أعلمه"

 (6) أي أظنه، و هذا كلام الراوي أي أظن أنه (عليه السلام) قال: و كانت عدوة لله و لنا.

باب الجنازة توضع و قد كبر على الأولة

 (7)

 (الحديث الأول)

 (8): صحيح.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 80

قوله عليه السلام" إن شاءوا تركوا"

 (1) قال: الشهيد (ره) في الذكرى لو حضرت جنازة أخرى في أثناء الصلاة على الأولى، قال الصدوقان و الشيخ: يتخير في الإتمام على الأولى، ثم يستأنف أخرى على الثانية، و في إبطال الأولى و استئناف الصلاة عليهما لأن في كل من الطريقين تحصل الصلاة، و لرواية علي بن جعفر و هي قاصرة عن إفادة المدعى، إذ ظاهرها أن ما بقي من تكبيرة الأولى محسوب للجنازتين فإذا فرغ من تكبيرة الأولى تخيروا بين تركها بحالها حتى يكملوا التكبير على الأخيرة، و بين رفعها من مكانها و الإتمام على الأخيرة و ليس في هذا دلالة على إبطال الصلاة على الأولى بوجه، هذا مع تحريم قطع العبادة الواجبة.

نعم لو خيف على الجنائز قطعت الصلاة ثم استؤنف عليهما لأنه قطع لضرورة، إلا أن مضمون الرواية يشكل بعدم تناول النية أولا للثانية فكيف يصرف باقي التكبير إليها؟ مع توقف العمل على النية، فأجاب بإمكان حمله على إحداث نية من الان لتشريك باقي التكبيرات على الجنازتين، ثم قال: قال ابن الجنيد: يجوز للإمام جمعهما إلى أن يتم على الثانية خمسا، فإن شاء أومأ إلى أهل الأولى ليأخذوها و يتم على الثانية خمسا و هو أشد طباقا للرواية، و قد تأول رواية جابر عن الباقر عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كبر عشرا، و سبعا، و ستا، بالحمل على حضور جنازة ثانية و هكذا انتهى.

أقول: ما ذكره (ره) هو الظاهر من الخبر، و يحتمل أن يكون المراد إتمام الصلاة على الأولى و استئناف الصلاة على الأخيرة مع التخيير في رفع الجنازة الأولى حال الصلاة على الأخيرة و وضعها بأن يكون المراد بقوله عليه السلام و أتموا إيقاع الصلاة تماما.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 81

و

قوله عليه السلام:" ما بقي"

 (1) أي الصلاة الباقية لا التكبيرات الباقية كما ذكره بعض المتأخرين، و لا يخفى بعده.

و اختار الشهيد في اللمعة: الاستئناف على الثانية بعد الإتمام على الأولى ثم نسب التشريك إلى الرواية.

باب في وضع الجنازة دون القبر

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" لا تفدح"

 (4) قال في القاموس: فدحه الدين كمنعه أثقله.

أقول: لعل المراد لا تجعل القبر و دخوله ثقيلا على ميتك بإدخاله مفاجاة.

قوله عليه السلام:" أسفل منه"

 (5) قال: الشيخ البهائي (ره) لعل المراد بوضعه أسفل القبر من قبل رجليه و هو باب القبر.

قوله عليه السلام:" يأخذ أهبته"

 (6) قال الجوهري: تأهب استعد و أهبت الحرب عدتها.

أقول: يدل على اطلاع الروح على تلك الأحوال و على سؤال القبر و على استحباب الوضع قبل الوصول إلى القبر بذراعين أو ثلاثة، و بمضمونها أفتى ابن الجنيد و المحقق في المعتبر.

و ذكر الصدوق (ره) في الفقيه أنه يوضع قريبا من القبر و يصبر عليه هنيئة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 82

ليأخذ أهبته، ثم يقرب قليلا و يصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته ثم يقدم إلى شفير القبر و يدخل فيه، و إليه ذهب أكثر الأصحاب و لا يدل الأخبار المنقولة في الكتب المشهورة إلا على الوضع مرة.

نعم روى الصدوق في العلل خبرا مرسلا أنه ينقل ثلاث مرات، و عبارة الفقه الرضوي صلوات الله عليه موافق لعبارة الصدوق في الفقيه، و لعله أخذه منه و تبعه الأصحاب و لا بأس بالعمل به للمساهلة في المستحبات.

 (الحديث الثاني)

 (1): مجهول، بعلي بن محمد و هو ابن أذينة.

قوله عليه السلام:" إلا ضاق علي"

 (2) كناية عن حصول كمال الترهب و الخوف له من مضمون ذلك الحديث حتى كان فضاء البيت يضيق عليه عند تذكره.

قوله عليه السلام،" شفير قبره"

 (3) أي جانبه. و المراد

بالساعة

 (4) الساعة العرفية أي قدرا من الزمان له امتداد و لا حد له و ليس المراد الساعات النجومية لا المستوية و لا المعوجة كما لا يخفى.

باب نادر

 (5) أقول: لم يظهر لي علة ترك عنوان الباب و وصفه بالندرة إلا أن يكون ذلك لغرابة مضمونه أو لنفاسة الحكم الذي يدل عليه و المراد بالنادر أحدهما هنا.

 (الحديث الأول)

 (6): صحيح.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 83

قوله عليه السلام:" و لأقام لها أحد منا أهل البيت"

 (1) أهل منصوب على الاختصاص.

و اعلم: أن هذا الخبر يدل على عدم استحباب القيام عند مرور الجنازة مطلقا كما هو المشهور بين الأصحاب، و هو المشهور بين العامة أيضا، و ذهب بعضهم إلى الوجوب، و بعضهم إلى الاستحباب، و اختلف أخبارهم أيضا في ذلك، قال الآبي: في كتاب إكمال الإكمال قال النبي صلى الله عليه و آله إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى يخلفكم أو يوضع، و في رواية إذا رأى أحدكم الجنازة فليقم حين يراها حتى يخلفه، و في رواية إذا تبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى يوضع، و في رواية إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يجلس حتى يوضع، و في رواية أنه صلى الله عليه و آله و سلم و أصحابه قاموا لجنازة فقالوا يا رسول الله إنها يهودية فقال: إن الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا، و في رواية قام النبي صلى الله عليه و آله و أصحابه لجنازة يهودي حتى توارت، و في رواية قيل:

إنه يهودي فقال: أ ليست نفسا؟ و في رواية علي عليه السلام قام رسول الله صلى الله عليه و آله ثم قعد، و في رواية رأينا رسول الله صلى الله عليه و آله قام فقمنا و قعد فقعدنا.

قال: القاضي اختلف الناس في هذه المسألة، فقال: مالك و أبو حنيفة و الشافعي القيام منسوخ.

و قال: أحمد و إسحاق و ابن حبيب و ابن الماجشون المالكيان. هو مخير، ثم قال: و المشهور من مذهبنا أن القيام ليس مستحبا، و قالوا: هو منسوخ بحديث على، و اختار المتولي من أصحابنا أنه مستحب و هذا هو المختار، فيكون الأمر به للندب و القعود بيانا للجواز، و لا يصح دعوى النسخ في مثل هذا لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث و لم يتعذر انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 84

و قال: العلامة (ره) في المنتهى إذا مرت به جنازة لم يستحب تشييعها و به قال: الفقهاء، و ذهب جماعة من أصحابهم كأبي مسعود السدري و غيره إلى وجوب القيام لها، و عن أحمد رواية بالاستحباب، لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه و آله أنه كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه و آله ترك القيام لها و في الحديث: أن يهوديا رأى النبي صلى الله عليه و آله قام للجنازة فقال يا محمد هكذا نصنع؟ فترك النبي صلى الله عليه و آله القيام لها، و من طريق الخاصة رواية زرارة انتهى.

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام" مرت"

 (2) إلخ.

أقول: يظهر من هذا الخبر منشأ توهم العامة فيما رواه عن النبي صلى الله عليه و آله و يدل على استحباب القيام إذا كانت الجنازة ليهودي لا للتعظيم كما يظهر من أخبارهم، بل لتعظيم الإسلام و تحقير الكافر، و ربما يستفاد من التعليل اطراد الحكم في مطلق الكافر كما فهمه الشهيد (ره) في الذكرى حيث قال: لا يستحب القيام لمن مرت عليه الجنازة لقول علي عليه السلام قام رسول الله صلى الله عليه و آله ثم قعد و لخبر زرارة.

نعم لو كان الميت كافرا جاز القيام لخبر مثنى الحناط، و قول النبي صلى الله عليه و آله إذا رأيتم الجنازة فقوموا منسوخ انتهى.

أقول: لا يخفى ما في القول بالجواز مستدلا بهذا الخبر إلا أن يكون مراده‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 85

الشرعية و الاستحباب.

باب دخول القبر و الخروج منه‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" لا ينبغي"

 (3) ظاهره كراهة استصحاب هذه الأشياء قال: المحقق في المعتبر يستحب لمن دخل قبر الميت أن يحل أزراره و أن يتحفى و يكشف رأسه هذا مذهب الأصحاب.

و قال: الشهيد (ره) في الذكرى يستحب لملحده حل أزراره و كشف رأسه و حفاؤه إلا لضرورة، ثم قال: و ليس ذلك واجبا إجماعا.

أقول: لم يتعرض الأصحاب لاستحباب وضع الرداء عند النزول في القبر مع دلالة الأخبار التي استدلوا بها على سائر الأحكام عليه.

 (الحديث الثاني)

 (4): حسن.

قوله عليه السلام:" و لا الطيلسان"

 (5) بفتح الطاء و اللام على الأشبه الأفصح، و حكي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 86

كسر اللام و ضمها حكاهما القاضي عياض و النووي.

و قال: صاحب كتاب مطالع الأنوار الطيلسان شبه الأردية يوضع على الرأس و الكتفين و الظهر، و قال: ابن دريد في الجمهرة وزنه فيعلان، و ربما يسمى طيلسا و قال: ابن الأثير في شرح مسند الشافعي:

الرداء

 (1) الثوب الذي يطرح على الأكتاف يلقى فوق الثياب، و هو مثل الطيلسان يكون على الرأس و الأكتاف، و ربما ترك في بعض الأوقات على الرأس و سمي رداء كما يسمى الرداء طيلسانا.

أقول: لم يذكروا أيضا ترك الطيلسان و لعلهم اكتفوا بكشف الرأس عنه فإن الطيلسان على ما يظهر مما نقلنا يستر الرأس أيضا.

قوله عليه السلام:" و المعوذتين"

 (2) بكسر الواو و الفتح خطأ.

قوله عليه السلام:" و إن قدر"

 (3) فيه التفات. و سيأتي باقي الأحكام التي تستنبط من هذا الخبر في باب سل الميت.

 (الحديث الثالث)

 (4): مجهول.

قوله عليه السلام:" لا بأس بالخف"

 (5) يدل على أن العامة ينكرون نزع الخف و على أنه لا بأس بعدم نزعه في التقية و على كراهته عند عدم التقية.

قال: العلامة (ره) في التذكرة يستحب لمن ينزل إلى القبر حل أزراره‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 87

و التحفي و كشف رأسه.

و قال الشيخ: و يجوز أن ينزل بالخفين عند الضرورة و التقية.

 (الحديث الرابع)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" فلا يخرج"

 (2) يدل على أن الخروج من غير جانب الرجلين منهي عنه، و حمل على الكراهة.

قال: الشهيد في الذكرى يستحب الخروج من قبل الرجلين لخبر عمار عن الصادق عليه السلام لكل شي‏ء باب و باب القبر مما يلي الرجلين، و لرواية السكوني، و الظاهر أن هذا النهي و النفي للكراهية، و وافق ابن الجنيد (ره) في الرجل و قال: في المرأة يخرج من عند رأسها لإنزالها عرضا، أو للبعد عن العورة، و الأحاديث مطلقة انتهى.

 (الحديث الخامس)

 (3): ضعيف مرفوع مضمر.

قوله عليه السلام:" يدخل الرجل"

 (4) يدل على عدم تعين الدخول من مكان معين و تعين الخروج من قبل الرجلين.

قوله عليه السلام: في رواية: أخرى‏

 (5) رواه الشيخ بسند فيه جهالة عن جبير بن نقير الحضرمي عن النبي صلى الله عليه و آله.

قوله عليه السلام:" إن لكل بيت بابا"

 (6) أقول يمكن أن يستدل به على استحباب الدخول و الخروج و إدخال الميت من قبل الرجلين لأن الباب محل جميع ذلك و لعل العلامة لذلك قال: في المنتهى باستحباب الدخول من قبل الرجلين أيضا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 88

حيث قال: يستحب له أن يخرج من قبل الرجلين لأنه قد استحب الدخول منه فكذا الخروج، و ل

قوله عليه السلام باب القبر من قبل الرجلين.

 (1) أقول: لم أر غيره تعرض لاستحباب ذلك عند الدخول و لعله لضعف دلالة هذا الخبر و صراحة الخبر السابق في نفيه، بل يمكن أن يقال ظاهر هذا الخبر بيان إدخال الميت منه لأن القبر بيت له و المقصود إدخاله، و يؤيده ما رواه الشيخ بسند موثق عن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لكل شي‏ء باب و باب القبر مما يلي الرجلين، إذا وضعت الجنازة فضعها مما يلي الرجلين يخرج الميت مما يلي الرجلين و يدعى له حتى يوضع في حفرته و يسوي عليه التراب.

و الحاصل أن عموم الخبر غير معلوم إذ يكفي ذلك في إطلاق الباب عليه و الله يعلم.

باب من يدخل القبر و من لا يدخل‏

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): مجهول، بصالح و عبد الله.

قوله عليه السلام" الرجل ينزل في قبر والده".

 (4) أقول: ظاهر الأخبار اختصاص الكراهة بنزول الوالد في قبر ولده و المشهور بين الأصحاب عموم الكراهة بجميع ذوي الأرحام و الأقارب إذا كان الميت رجلا و حملوا مثل هذا الخبر على نفي الكراهة المؤكدة، و هو إنما يستقيم مع وجود

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 89

المعارض، و سيأتي خبر وفاة إبراهيم أنه أمر النبي صلى الله عليه و آله أمير المؤمنين عليه السلام بالنزول في قبره، و يدل على عدم الكراهة أيضا ما رووه من إدخال أمير المؤمنين صلوات الله عليه و العباس، و في رواية الفضل بن العباس: النبي صلى الله عليه و آله قبره و كلهم كانوا ذوي رحم، و لو اعتذر في أمير المؤمنين عليه السلام بأنه كان يلزمه ذلك للزوم دفن المعصوم للمعصوم فلا يجري ذلك في صاحبيه مع تقريره عليه السلام إياهما على ذلك، و العجب أن العلامة (ره) قال في المنتهى: و يستحب أن ينزل إلى القبر الولي، أو من يأمره الولي إن كان رجلا، و إن كان امرأة لا ينزل إلى قبرها إلا زوجها، أو ذو رحم لها و هو وفاق العلماء، روى الجمهور عن علي عليه السلام أنه قال، إنما يلي الرجل أهله، و لما توفي النبي صلى الله عليه و آله و سلم الحدة العباس و علي و أسامة، رواه أبو داود، و من طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن عجلان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سله سلا رفيقا فإذا وضعته في لحده فليكن أولى الناس به مما يلي رأسه الحديث، و لرواية السكوني و لأنها حالة يطلب فيها الحفظ للميت و الرفق به فكان ذو الرحم أولى ثم قال: الرجل أولى بدفن الرجال بلا خلاف بين العلماء في ذلك، و الرجال أولى بدفن النساء أيضا.

ثم قال في كراهة إهالة الأب على ولده و بالعكس، و كذا ذو الرحم لرحمه معللا بأنه يورث القساوة، يكره لمن ذكرنا أن ينزل إلى القبر أيضا للعلة، و قد ورد جواز نزول الولد إلى قبر والده انتهى، و كذا فعل في التذكرة.

أقول: لا يخفى ما بين كلاميه من التنافي.

فإن قيل: مراده بالأولية التي أثبتها أولا أن له ولاية ذلك أعم من أن يتولاه بنفسه أو يأمر غيره بذلك فلا ينافي كراهة أن يتولاه بنفسه.

قلت: ما ذكره من الدلائل كلها تدل على استحباب أن يتولاه بنفسه فلا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 90

يجديه هذا التوجيه، و التعليل بالقساوة ضعيف و معارض بأنه أرفق للميت و أشفق عليه و كراهة الإهالة لعدم الضرورة الداعية إليها، بخلاف ارتكاب الدفن فإن فيه مصلحة للميت و إرفاقا له فقياسه عليها مع بطلانه رأسا قياس مع الفارق، فالأظهر عدم كراهة إنزال غير الولد من الأقارب القبر و الله يعلم.

 (الحديث الثاني)

 (1): حسن. و قد مر الكلام فيه.

 (الحديث الثالث)

 (2): مرسل.

قوله عليه السلام:" فأرخى نفسه فقعد"

 (3) قال الجوهري: أرخيت الستر و غيره إذا أرسلته.

أقول: يدل على كراهة إدخال الوالد ولده في القبر و على عدم كراهة القعود قبل دفن الميت بل على استحبابه، و سيأتي الكلام فيه في باب من حثا على الميت و على جواز إطلاق لفظ الصلاة في الدعاء على غير المعصوم و على علو منزلة إسماعيل.

 (الحديث الرابع)

 (4): صحيح.

قوله عليه السلام:" إن شاء أدخل"

 (5) إلخ. يدل على عدم تعين عدد مخصوص لذلك،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 91

و على جواز إدخال الشفع و الوتر و على أن الاختيار في ذلك إلى الولي و ربما يستفاد منه عدم دخول الولي نفسه و فيه نظر.

قال العلامة في المنتهى: لا توقيف في عدد من ينزل القبر و به قال: أحمد و قال: الشافعي يستحب أن يكون العدد وترا لنا أن الاستحباب حكم شرعي فيقف عليه و لم يثبت، بل المعتبر ما يحتاج الميت إليه باعتبار ثقله و خفته و قوة الحامل و ضعفه و يؤيده صحيحة زرارة انتهى.

 (الحديث الخامس)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" إن المرأة"

 (2) المشهور بين الأصحاب استحباب ذلك، و الأولى رعاية ذلك مع الإمكان و السنة في الخبر لا يدل على الاستحباب كما مر مرارا.

 (الحديث السادس)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" الزوج"

 (4) إلخ. لا خلاف في أولوية الزوج في هذا الأمر و سائر أمورها من كل أحدكما يظهر من المعتبر.

قال في الذكرى: الزوج أولى من المحرم بالمرأة و لو تعذر فامرأة صالحة ثم أجنبي صالح و إن كان شيخا فهو أولى قاله في التذكرة.

 (الحديث السابع)

 (5): مجهول و يدل دلالة ضعيفة زائدا على ما تقدم على‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 92

استحباب الجلوس جانب القبلة.

 (الحديث الثامن)

 (1): ضعيف، و كان عبد الله سمع هذا الخبر بواسطة، ثم بعد ملاقاته عليه السلام سمع منه مشافهة أيضا، و يحتمل سقوط الواسطة في الخبر السابع من الرواة.

باب سل الميت و ما يقال عند دخول القبر

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): حسن.

قوله عليه السلام:" فسله"

 (4) إلخ. أي أجذبه من قبل الرجلين إلى القبر برفق و تأن قال في القاموس: السل انتزاعك الشي‏ء و إخراجه في رفق كالإسلال.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 93

قوله عليه السلام:" بسم الله"

 (1) إلخ. في التهذيب بعده و بالله كما سيأتي أي: أضعه في اللحد متبركا أو مستعينا أو مستعيذا من عذاب الله باسمه و ذاته الأقدس و لو كان الاسم مقحما كما قيل: يكون بالله على ما في التهذيب للتأكيد

و في سبيل الله‏

 (2) أي سبيل رضاه و طاعته و قربه فإن تلك الأعمال لكونها بأمره تعالى من سبيل قربه و رضوانه أي: كائنا في سبيله و كائنا على ملة رسوله مطابقا لما أمرنا به صلى الله عليه و آله.

قوله عليه السلام:" و قل كما قلت"

 (3) يحتمل صيغة الخطاب و التكلم و هذا إشارة إلى ما مر سابقا من رواية الحلبي في كيفية الصلاة بهذا السند بعينه فيظهر منه أنه عليه السلام كان قد علمه الصلاة أولا و في تعليم كيفية الدفن أحاله على ما بين له في الصلاة من الدعاء و أمره بقراءة بعضه في تلك الحال و ابتداء هذا البعض.

قوله عليه السلام:" اللهم إن كان محسنا و أخره.

قوله عليه السلام:" و تجاوز عنه".

 (4) و يحتمل أن يكون المراد القراءة إلى آخر ما مر في الصلاة و يكون الغرض من ذكر تلك الفقرات بيان الابتداء لكنه بعيد، ثم اعلم: أنه سقط هنا قوله" و تقبل منه" و يمكن أن يكون سهوا من الرواة أو اختصارا منه عليه السلام.

قوله عليه السلام:" جاف الأرض"

 (5) إلخ. أي أبعد الأرض عن جنبيه و لا تضيق القبر عليه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 94

قال: في النهاية الجفاء البعد عن الشي‏ء يقال: جفاه إذا بعد عنه و أجفاه إذا أبعده، و فيه أنه كان يجافي عضديه عن جنبيه للسجود أي يباعدهما انتهى.

أقول: يمكن أن يكون دعاء له برفع ضغطة القبر، و أن يكون المراد وسعة مكانه في عالم البرزخ أو كناية عن سروره فيه.

قوله عليه السلام:" و صاعد عمله"

 (1) أي صعده و اجعله صاعدا إلى ديوان المقربين و الأبرار، و لم أر فيما عندي من كتب اللغة تعديته بهذا الباب، و في الفقيه و صعد إليك روحه.

قوله عليه السلام" و لقه منك"

 (2) إلخ. أي ابعث بشارة رضوانك أو ما يوجبه رضوانك من المثوبات تلقاء وجهه و

الرضوان‏

 (3) بالكسر و يضم الرضا.

و ما قيل من أن المراد خازن الجنان فهو بعيد و التنوين ظاهره أنه للتفخيم و يحتمل التحقير أيضا إيذانا بأن القليل من رضوانك كثير.

 (الحديث الثاني)

 (4): صحيح.

قوله عليه السلام" إلى رحمتك"

 (5) أي صائرا أو صيره و أذهب به أو أكله و أمثالها.

قوله عليه السلام:" فضع يدك"

 (6) الظاهر أن هذا تصحيف النساخ و الصواب (فمك) كما في التهذيب.

و الظاهر أن أمرهم عليه السلام بوضع الفم على الإذن و إدناء الفم كان للتقية لئلا يطلع المخالفون الحاضرون، أو لا يصل إلى الغائبين ما يلقن الميت من العقائد الحقة و الأولى اتباع المنقول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 95

ثم اعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في استحباب هذا التلقين و الأخبار به متضافرة، و الأولى عدم الترك لورود الأمر به في الأخبار المعتبرة الكثيرة.

 (الحديث الثالث)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" تسله"

 (2) يدل على استحباب الوضع عند الرجلين.

ثم اعلم أنه ذكر الأصحاب استحباب وضع الرجل مما يلي الرجلين و المرأة مما يلي القبلة، و أن يؤخذ الرجل من قبل الرجلين سابقا برأسه و المرأة عرضا و الأخبار غير مصرحة بتلك الأمور.

نعم ورد مرفوعة عبد الصمد بن هارون أنه قال: قال: أبو عبد الله عليه السلام إذا دخلت الميت القبر إن كان رجلا سل سلا و المرأة تؤخذ عرضا و فهم من السل الوارد فيها و في غيرها السبق بالرأس، و من أخذ المرأة عرضا: كون الأفضل وضعها بأحد جنبي القبر لأنه أسهل للأخذ كذلك و تعيين جهة القبلة لأفضلية تلك الجهة.

و لا يخفى أنه يمكن المناقشة في أكثرها مع أنه قد ورد في الأخبار الكثيرة وضع الميت مطلقا فيما يلي الرجلين و سله منها من غير تقييد بالرجل.

لكن روى الصدوق في الخصال بإسناده عن الأعمش عن الصادق عليه السلام قال للميت يسل من قبل رجليه سلا و المرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد.

قوله عليه السلام:" و تلزق القبر بالأرض"

 (3) الإلزاق الإلصاق و المراد عدم الرفع كثيرا و في التهذيب نقلا عن الكافي إلا قدر أربع أصابع فيكون استثناء عما يدل عليه الإلزاق كناية عن عدم الرفع، و في نسخ الكتاب إلى قدر فيكون نهاية للرفع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 96

و يدل على التخيير بينه و بين ما كان أقل منه، و المشهور بين الأصحاب استحباب رفع القبر مقدار أربع أصابع مفرجات لا أكثر من ذلك، و ابن زهرة خير بينها و بين شبر و في خبر سماعة يرفع من الأرض قدر أربع أصابع مضمومة و عليها ابن ابن أبي عقيل.

قال في الذكرى: قلت اختلاف الرواية دليل التخيير، و ما رووه عن جابر أن قبر النبي صلى الله عليه و آله رفع قدر شبر و رويناه عن إبراهيم بن علي عن الصادق عليه السلام أيضا يقارب التفريج، و لما كان المقصود من رفع القبر أن يعرف ليزار و يحترم كان مسمى الرفع كافيا.

و قال ابن البراج: شبرا أو أربع أصابع انتهى.

و قال في المنتهى: يستحب أن يرفع من الأرض مقدار أربع أصابع مفرجات و هو قول العلماء، ثم قال و قد روي استحباب ارتفاعه أربع أصابع مفرجات و روي أربع أصابع مضمومات و الكل جائز، ثم قال يكره أن يرفع أكثر من ذلك و هو فتوى العلماء انتهى.

 (الحديث الرابع)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" أولى الناس"

 (2) أي الوارث القريب، أو أولى الناس به من جهة المذهب و الولاية و المحبة.

قوله عليه السلام:" و إن قدر"

 (3) إلخ يدل على إبراز وجه الميت و وضعه على التراب و قد ذكر الشيخ في النهاية و العلامة في المنتهى و الشهيد في الدروس و لم يتعرض له بعض المتأخرين إلا أنه لم يرده أحد و وردت به الأخبار.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 97

قال الشيخ البهائي (ره) ما تضمنه الحديث من الكشف عن خد الميت و إلصاقه بالأرض فلا ريب في استحبابه، و المراد من قوله عليه السلام" و إن قدر" إلخ إذا لم يكن هناك من يتقيه و من‏

قوله عليه السلام" و يتشهد و ليذكر"

 (1) ما يعلم تلقينه الشهادتين و الإقرار بالأئمة عليهم السلام إلى أن ينتهي إلى إمام الزمان (سلام الله عليهم) انتهى.

أقول: الجزم بالاستحباب في تلك الأحكام الواردة في الأخبار بلفظ الأمر أو ما في حكمه من غير معارض لا يخلو من إشكال.

قوله عليه السلام:" إن يحسر"

 (2) قال في القاموس: حسرة يحسره و يحسره حسرا كشفه انتهى.

أقول: تعديته بعن إما لتضمين معنى الكشف، أو يكون مفعوله الأول مقدرا أي يحسر الكفن عن خده، و الإلزاق الإلصاق.

 (الحديث الخامس)

 (3): ضعيف، و الإسكاف الخفاف.

قوله عليه السلام:" فليكن أعقل"

 (4) إلخ.

أقول: هذا الشرط لأن يكون عالما بتلك الأحكام و عارفا بتلك العقائد و متمكنا من إيقاع تلك الأمور على وجه لا يطلع عليه المخالفون و

قوله (هذا التلقين)

 (5) بيان للضمير في قوله (أعدها) و يدل على رجحان تكرار التلقين ثلاث مرات.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 98

 (الحديث السادس)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" في لحده"

 (2) هذا الخبر و ما سبق من الأخبار يدل على شرعية اللحد و لا خلاف في استحبابه بين الأصحاب.

قال في المنتهى: اللحد أفضل من الشق و هو قول العلماء.

و قال في الذكرى: اللحد أفضل من الشق عندنا في غير الأرض الرخوة و ليكن اللحد مما يلي القبلة واسعا مقدار ما يجلس فيه، أما الرخوة فالشق أفضل خوفا من انهدامه و لو عمل شبه اللحد من بناء في قبره كان أفضل قاله في المعتبر و يظهر من كلام ابن الجنيد انتهى.

قوله عليه السلام:" و أنت خير منزول به".

 (3) أقول الضمير في قوله به يحتمل إرجاعه إلى اسم المفعول نفسه كما جوز الرضي (ره) في بحث الصفة المشبهة (في قولهم حسن وجهه) إرجاع الضمير إلى الصفة، و يحتمل إرجاعه إلى موصوف مقدر له أي أنت خير شخص منزول به كما قال: المازني في قولهم: الممرور به زيد، إن الضمير راجع إلى الموصوف المقدر و إن ذهب الأكثر في هذا المقام إلى إرجاعه إلى لام الموصول، و يحتمل إرجاعه إلى الذات المبهمة المأخوذة في الصفات فإن قولنا منزول به في قوة ذات ما نزل به، و يحتمل إرجاعه إلى الضمير الذي وقع مبتدأ، و لعله أظهر لأنك إذا قلت زيد مضروب ففيه ضمير عائد إلى زيد، و إذا قلت ممرور به فهذا الضمير البارز ينوب مناب هذا الضمير المستتر و لذا يجري عليه التذكير و التأنيث و التثنية و الجمع فتدبر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 99

قوله عليه السلام:" فإذا وضعت عليه اللبن".

 (1) لا خلاف بين الأصحاب في استحباب تشريح اللبن على الميت و تنضيده و يدل عليه تلك الأخبار.

قال في المنتهى: إذا وضعه في اللحد شرح عليه اللبن لئلا يصل التراب إليه و لا نعلم فيه خلافا، و يقوم مقام اللبن مساوية في المنع من تعدي التراب إليه كالحجر و القصب و الخشب، إلا أن اللبن أولى من ذلك كله لأنه المنقول من السلف و المعروف في الاستعمال، و ينبغي أن يسد بالطين لأنه أبلغ في المنع و لرواية إسحاق انتهى.

قوله عليه السلام:" صل وحدته"

 (2) الوصل خلاف القطع و الإسناد مجازي، أي صله برحمتك في وحدته و كذا ما بعده أي كن إنسية في وحشته.

قوله عليه السلام:" و أسكن إليه"

 (3) من باب الأفعال و ضمن معنى الضم لتعديته بإلى، و في التهذيب تعنيه بها و قد مضى تفسير سائر الفقرات.

 (الحديث السابع)

 (4): حسن، و موقوف و لا يضر للعلم بأن زرارة لا يروي عن غيرهم عليهم السلام.

قوله عليه السلام:" و اضرب يدك"

 (5) إلخ.

قال: الشيخ البهائي (ره) فيه ما لا يخفى فإن الضرب على منكبه الأيمن يقتضي بظاهره عدم إضجاعه على الجانب الأيمن و النسخ التي رأيناها غير متخالفة في لفظ

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 100

الأيمن و قد ذهب ابن حمزة إلى استحباب الاستقبال بالميت في القبر و هذا الحديث يساعده، و قال: في موضع آخر قد يقال أن المراد به وضعها تحت منكبه كما عبر به الصدوق لأن المنكب الأيمن حينئذ مما يلي الأرض إذ هو مجمع العضد و الكتف و في رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام تضع يدك اليسرى على عضده الأيسر و تحركه تحريكا شديدا ثم تقول إلخ انتهى.

 (الحديث الثامن)

 (1): موثق. و

محمد بن يحيى‏

 (2) معطوف على العدة و قد مضى تفسير فقراته.

 (الحديث التاسع)

 (3): حسن.

قوله عليه السلام:" يشق الكفن".

 (4) قال العلامة في المنتهى: الشق مكروه لما فيه من إضاعة المال من غير نفع و قد أمر بتحسين الأكفان، و بتخريقها يزول جمالها و حسنها، و الأحاديث الدالة على‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 101

الشق مثل ما رواه الشيخ عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يشق الكفن من عند رأس الميت إذا أدخل قبره، فإنها مع ضعف سندها محمولة على الحل، لما اشتركا فيه من إبانة أحد القسمين عن صاحبه أو على تعذر الحل انتهى.

و قال: الشيخ البهائي (ره) ما تضمنه هذا الحديث من شق الكفن من عند الرأس.

جعله المحقق في المعتبر مخالفا لما عليه الأصحاب قال: و لأن ذلك إفساد المال على وجه غير مشروع، و هو كما ترى فإن الكل آئل إلى الفساد، و الحكم بكونه غير مشروع بعد ورود النص لا يخلو من شي‏ء.

و قال شيخنا في الذكرى: يمكن أن يراد بالشق الفتح ليبدو وجهه و لأن الكفن كان منضما فلا مخالفة و لا فساد انتهى و لا بأس به.

 (الحديث العاشر)

 (1): مرسل. و عبد الرحمن مجهول على المشهور و فيه مدح.

قوله عليه السلام: سل الميت سلا"

 (2) أي خذه و جره عن السرير برفق و قد مضى الكلام فيه.

 (الحديث الحادي عشر)

 (3): موثق.

قوله عليه السلام:" إذا وضعت الميت على القبر"

 (4) ظاهره أن المراد الوضع قريبا من القبر لا الإدخال فيه. بقرينة

قوله عليه السلام" فإذا سللته"

 (5) يدل على استحباب الوضع من قبل الرجلين.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 102

قوله عليه السلام:" و دليته"

 (1) من باب التفعيل قال: في النهاية، يقال: أدليت الدلو و دليتها إذا أرسلتها في البرء انتهى، و لعله يفهم منه إرساله سابقا برأسه كما فهمه الأصحاب.

قوله عليه السلام:" و لقنه حجته"

 (2) أي ألهمه و يسر له جواب منكر و نكير في القبر أو عند الحساب أيضا، و ثبته بالقول الثابت بأن لا يتلجلج و يضطرب عند السؤال و القول الثابت: العقائد الحقة التي لا تتبدل بتبدل النشأتين، و لا يرتفع برفع الخيالات الفاسدة و الشهوات الداعية إلى المذاهب الباطلة.

باب ما يبسط في اللحد و وضع اللبن و الأجر و الساج‏

 (3)

 (الحديث الأول)

 (4): ضعيف على المشهور.

و عندي أنه يمكن أن يعد من الحسان لأن علي بن محمد وثقه الشيخ و إن ضعفه أيضا و مدحه النجاشي و

أبو الحسن‏

 (5) هو الهادي عليه السلام.

قوله عليه السلام:" ندية"

 (6) من الندى بمعنى البلل، و

الساج‏

 (7) شجر معروف، و

الطابق‏

 (8) كهاجر و صاحب الأجر الكبير، و لعل قوله عليه السلام أو نطبق عليه: مأخوذ منه.

و اعلم: أن المشهور بين الأصحاب كراهة الفرش بالساج و الخشب و الأجر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 103

و علل بأنه إتلاف للمال غير مأذون فيه شرعا و قطعوا بانتفاء الكراهة مع الضرورة قال في الذكرى: يكره فرش القبر بالساج أو غيره، إلا لضرورة كنداوة الأرض. لمكاتبة علي بن بلال، ثم قال: قال ابن الجنيد: لا بأس بالوطاء في القبر و أطباق اللحد بالساج انتهى.

أقول إثبات الكراهة لا يخلو من إشكال.

 (الحديث الثاني)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" ألقى شقران".

 (2) قال في القاموس: شقران كعثمان مولى للنبي صلى الله عليه و آله اسمه صالح.

أقول: يدل على استحباب إلقاء شي‏ء في القبر ليوضع عليه الميت و المشهور عدمه.

قال الشهيد في الذكرى: أما وضع الفرش عليه و المخدة فلا نص فيه، نعم روى ابن عباس من طريقهم أنه جعل في قبر النبي صلى الله عليه و آله قطيفة حمراء، و الترك أولى. لأنه إتلاف للمال فيتوقف على إذن و لم يثبت.

و قال ابن الجنيد: لا بأس بالوطاء في القبر و أطباق اللحد بالساج انتهى.

أقول: كأنه (ره) غفل عن هذه الرواية و هي و إن كانت مجهولة لكن على ما هو دأبهم في إثبات المستحبات لا يبعد القول باستحبابه، و يؤيده ما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح عن عبد الله بن سنان و أبان جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: البرد لا يلف به و لكن يطرح عليه طرحا فإذا أدخل القبر وضع تحت جنبه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 104

 (الحديث الثالث)

 (1): صحيح.

قوله عليه السلام:" جعل علي عليه السلام"

 (2) إلخ.

أقول: يدل على استحباب اللبن و عدم كراهة الأجر و إن أمكن أن يكون المراد أنه لا يضر الميت و إن كره لمن يفعل ذلك، لكن إثبات الكراهة يحتاج إلى دليل، و ما ذكروه لا يصلح لذلك.

قال في المنتهى: و يكره إدخال ما مسه النار من الأجر لأنه من بناء المترفين، و لأن فيه تفألا انتهى، و لا يخفى ما فيه.

باب من حثى على الميت و كيف يحثي‏

 (3)

 (الحديث الأول)

 (4): حسن.

قوله عليه السلام" رأيت"

 (5) أي عند المشي مع الجنازة بقرينة الغاية.

قوله عليه السلام:" ما شاء الله"

 (6) أي يكون، أو كائن، إقرارا بأنه تعالى مالك الأمر و رضي بقضائه.

قوله عليه السلام:" تنحى فجلس"

 (7) أي صار إلى ناحية و هذا الخبر يدل على عدم كراهة جلوس المشيع قبل الدفن كما ذهب إليه الشيخ في الخلاف و ابن الجنيد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 105

و ذهب المحقق و العلامة و ابن أبي عقيل و ابن حمزة إلى كراهته.

قال في الذكرى: اختلف الأصحاب في كراهة جلوس المشيع قبل الوضع في اللحد فجوزه في الخلاف و نفى عنه البأس ابن الجنيد للأصل. و لرواية عبادة ابن الصامت أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا كان في جنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد فقال: يهودي إنا لنفعل ذلك فجلس، و قال: خالفوهم و كرهه ابن أبي عقيل و ابن حمزة و الفاضلان، و هو الأقرب لصحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام ينبغي لمن شيع جنازة أن لا يجلس حتى يوضع في لحده و الحديث حجة لنا لأن كان يدل على الدوام و الجلوس لمجرد إظهار المخالفة، و لأن الفعل لا عموم له فجاز وقوع الجلوس تلك المرة خاصة: و لأن القول أقوى من الفعل عند التعارض، و الأصل يخالف الدليل انتهى.

و يرد عليه: أن لابن الجنيد أن يقول: إن احتجاجي ليس لمجرد الفعل بل لقوله عليه السلام" خالفوهم".

و أقول: لا يبعد أن يكون خبر النهي محمولا على التقية للأخبار الكثيرة الدالة على أن الأئمة عليهم السلام كانوا يجلسون قبل ذلك و قد مضى، بعضها و يكون المنع الشهر بين العامة.

قوله عليه السلام:" فحثا عليه التراب"

 (1) لا ريب في استحباب حثو التراب ثلاث مرات، لكن الأصحاب ذكروا استحباب الإهالة بظهور الأكف لما رواه الشيخ عن محمد بن أصبغ عن بعض أصحابنا قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام و هو في جنازة فحثا التراب على القبر بظهر كفيه، و هي مرسلة و سائر الأخبار مطلقة. بل ظاهرة في خلافها. و الأظهر عدم تعين كونها بظهر الكف بل الأولى ملأ الكفين و الحشو بعد الدعاء كما سيأتي و ذكروا أيضا الترجيع عند ذلك و اعترفوا بعدم النص ظاهرا و الأولى قراءة الدعاء المنقول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 106

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام" إيمانا بك و تصديقا ببعثك"

 (2) و في التهذيب و تصديقا بنبيك و نصبهما إما بالمفعولية المطلقة، أي أومن بك إيمانا و أصدق ببعثك تصديقا، أو بأن يكون كل منهما مفعولا لأجله، أي أفعل تلك الأفعال لإيماني بك. و بما أتى به نبيك و لتصديقي بأنه يبعث و ينفعه تلك الأفعال، أو بأن يكون كل منهما مفعولا به أي زاد ما رأينا إيمانا و تصديقا أو أوقعنا إيمانا و تصديقا، و لعل الثاني أظهر من الجميع.

 (الحديث الثالث)

 (3): مرسل.

قوله عليه السلام:" فلما أن دفنوه قام إلى قبره"

 (4) ظاهره أنه عليه السلام كان قبل الدفن جالسا. فيؤيد ما ذكرنا و (ضمن) في قام معنى الانتهاء أو الصيرورة لتعديته بإلى و يدل على أن الأفضل أن يكون الحشو مما يلي الرأس.

قوله عليه السلام:" ثم بسط كفه على القبر"

 (5) لا خلاف ظاهرا في استحباب ذلك و قد مضى تفسير الدعاء

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 107

 (الحديث الرابع)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" فيمسكه"

 (2) هذا الخبر كالصريح في أخذ التراب ببطن الكف، و الأولى العمل بهذا الخبر لكونه أقوى سندا و أوضح متنا و أشمل من غيره.

قوله عليه السلام:" تسليما"

 (3) يعني يقول هذا ما وعدنا الله و رسوله و صدق الله و رسوله و ما زادنا إلا إيمانا و تسليما.

 (الحديث الخامس)

 (4): موثق.

قوله عليه السلام: أو ذو رحم.

 (5) يدل على المنع من إهالة ذي الرحم و المشهور الكراهة. قال في المعتبر: و عليه فتوى الأصحاب.

قوله عليه السلام" أ تنهانا عن هذا وحده"

 (6) أي خصوص الابن أو خصوص هذا الميت، و لا يخفى ما في هذا السؤال بعد حكمه عليه السلام بالتعميم، و نقل الرواية العامة من الركاكة. و يحتمل أن يكون المراد أ تنهانا عن طرح التراب وحده أو عن سائر أعمال الميت كإدخال القبر و الحضور عنده.

قال: الشيخ البهائي (ره) قول الراوي أ تنهانا عن هذا وحده أي حال كون النهي عنه مفردا عن العلة في ذلك النهي مجردا عما يترتب عليه من الأثر، و حاصله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 108

طلب العلة في ذلك فبينها عليه السلام‏

بقوله: فإن ذلك يورث القسوة في القلب‏

 (1) انتهى أقول ليس في التهذيب قوله: فإن رسول الله صلى الله عليه و آله إلى قوله التراب فيتوجه سؤال السائل في الجملة على الوجه الثاني.

باب تربيع القبر و رشه بالماء و ما يقال عند ذلك و قدر ما يرفع من الأرض‏

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): مجهول. و في بعض النسخ‏

قدامة بن زائدة

 (4) و هو مجهول من أصحاب الصادق عليه السلام و في بعضها عن قدامة (عن زائدة) قرايدة هو ابن قدامة و هو أيضا مجهول من أصحاب الباقر عليه السلام فظهر أن عن أظهر.

قوله عليه السلام:" و رفع قبره"

 (5) و في بعض النسخ (و ربع) و هو الصواب لأنه لم يذكر في الباب ما يدل على التربيع سوى هذا الخبر، مع ذكره في العنوان.

و قد مضى الكلام في الرفع، و أما التربيع فالظاهر أن المراد به خلاف التسليم.

قال في التذكرة: يربع القبر مسطحا، و يكره التسنيم ذهب إليه علماؤنا أجمع، و به قال: الشافعي لأن رسول الله صلى الله عليه و آله سطح قبر ابنه إبراهيم، و قال أبو حنيفة و مالك و الثوري و أحمد: السنة التسنيم انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 109

 (الحديث الثاني)

 (1): موثق.

قوله عليه السلام:" في قبره جريدة"

 (2) ظاهره أنه يكفي في العمل بسنة الجريدة وضعها في القبر. كيفما تيسر، و إن كانت الهيئات المنقولة أفضل و أولى، و قد مر الكلام فيها في بابها، و يدل على استحباب رفع القبر أربع أصابع مضمومة و قد مضى الكلام فيه.

قوله عليه السلام،" و ينضح عليه الماء"

 (3) يدل على استحباب الرش و لا خلاف.

فيه.

قال في المنتهى: و عليه فتوى العلماء و المشهور في كيفيته: أنه يستحب أن يستقبل الصاب القبلة و يبدأ بالرش من قبل رأسه ثم يدور عليه إلى أن ينتهي إلى الرأس، فإن فضل من الماء شي‏ء صبه على وسط القبر لرواية موسى بن أكيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: السنة في رش الماء على القبر: أن يستقبل القبلة و يبدأ من عند الرأس إلى عند الرجل. ثم تدور على القبر من الجانب الأخر، ثم ترش على وسط القبر فذلك السنة.

أقول: مقتضى غيرها من الروايات، أجزاء النضح كيف اتفق، و الظاهر تأدي أصل السنة بذلك و إن كان إيقاعها بالهيئة الواردة في هذا الخبر أفضل و أحوط.

ثم قولهم (فإن فضل من الماء شي‏ء) فلا يخفى ما فيه فإن ظاهر الخبر الذي هو مستندهم لزوم الإتيان به على كل حال لكن في الفقه الرضوي كما ذكره القوم.

ثم اعلم: أنه لا يظهر من كلامهم و لا من الخبر تعين الابتداء من جانبه الذي يليه أو الجانب الذي يلي القبلة، فالظاهر التخيير بينهما.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 110

و قال في الفقيه من غير أن تقطع الماء و في دلالة الخبر عليه خفاء لكنه مذكور في الفقه الرضوي.

قوله عليه السلام:" و يخلي عنه"

 (1) أي لا يعمل عليه شي‏ء آخر من جص و آجر و بناء، أو لا يتوقف عنده بل ينصرف عنه و على كل واحد منهما يكون مؤيدا لما ورد من الأخبار في كل منهما.

 (الحديث الثالث)

 (2): مرسل. كالموثق لكون الإرسال عن غير واحد.

قوله عليه السلام:" و لم صنع"

 (3) على المجهول اعلم: أن ما يدل عليه هذا الخبر من رجحان وضع اليد على القبر بعد النضح هو المقطوع به في كلامهم، قال في المنتهى:

يستحب وضع اليد عليه مفرجة الأصابع بعد رش الماء و الترحم عليه.

قوله عليه السلام:" كيف أضع يدي؟

 (4)" الظاهر أنه عليه السلام أشعر بأنه يستحب أن يكون مقابل القبلة، و إلا فمحض كونه عليه السلام عند ذلك مقابلا للقبلة لا يدل على استحباب ذلك، و يحتمل أن يكون المراد بعد الدفن، أو الأعم منه و من الأوقات الأخر التي يزار فيها الميت و يدعى له، و لعل فيه إشعارا بالتعميم كما صرح به في الذكرى حيث قال: بعد نقل هذا الخبر و هذا يشمل حالة الدفن و غيره، و في إثبات أصل الحكم و تعميمه إشكال.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 111

 (الحديث الرابع)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" كفه على القبر"

 (2) يدل على استحباب وضع جميع الكف، أي الراحة مع الأصابع فلا يكتفي بالراحة فقط و لا بالأصابع فقط. لأن اللغويين فسروا الكف باليد إلى الكوع، و يدل أيضا على استحباب الغمر بحيث يبقى في الطين أثر الكف، و الأصابع و أما تخصيص بني هاشم بذلك فلعله من خصائصه صلى الله عليه و آله تشريفا لهم و تكريما و بيانا لفضلهم كما نبه عليه في الذكرى حيث قال:

و فعل النبي صلى الله عليه و آله حجة فليتأس به و تخصيص بني هاشم لكرامتهم عليه.

 (الحديث الخامس)

 (3): حسن.

قوله عليه السلام:" أربع أصابع"

 (4) ظاهره منضمات، و إن حمله الأكثر على المفرجات إذ الظاهر قدر عرض الأربع لا قدر الفرج أيضا، و يدل على تأكد الرش.

قوله عليه السلام:" و لم ترد"

 (5) معطوف على جزاء الشرط أي قوله صنعة أي لم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 112

تحتج إلى تلك الإرادة.

قوله عليه السلام:" أردت أن لا تنازع"

 (1) على البناء للمجهول، أي أردت أن لا ينازعك فيما أوصيتك به أحد ممن يحضر جنازتي من المخالفين لأن لك حينئذ عذرا حيث تقول هو أوصاني بذلك، أو المراد أردت أن لا ينازعك أحد في الإمامة لأن الوصية من علاماتها كما ورد في الأخبار الكثيرة و يحتمل الأعم منهما.

 (الحديث السادس)

 (2): حسن، و لا يضر الإرسال كما مر مرارا.

قوله عليه السلام:" الندى"

 (3) أي البلل و الرطوبة و هي مقصورة.

 (الحديث السابع)

 (4): ضعيف، و يدل على كون الرش سنة جارية في زمن الرسول صلى الله عليه و آله و بعده.

 (الحديث الثامن)

 (5): حسن.

قوله عليه السلام:" عند رأسه"

 (6) يدل على استحباب كون وضع اليد عند الرأس و أنه أفضل و لا يلزم تخصيص الأخبار العامة كما مر.

 (الحديث التاسع)

 (7): فيه إرسال. و

عبد الله‏

 (8) ممدوح و الباقون موثقون فالخبر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 113

إما مرسل كالحسن أو كالموثق.

قوله عليه السلام:" على قبر"

 (1) أي عنده و يدل على استحباب هذا الدعاء قائما و إن كان الجلوس و وضع اليد أفضل كما يظهر من أخبار آخر، و يمكن أن يكون تركه عليه السلام للتقية، أو لعذر آخر و قد مضى الكلام في الدعاء و تفسيره.

 (الحديث العاشر)

 (2): مرسل: كالموثق إذ السند السابق إلى أبان مأخوذ فيه و هذا دأب الكليني (ره) إنه إذا اشترك سندان متواليان في بعض الرواية يبتدئ من آخر الرجال المشتركين، و يدل على استحباب مطلق الدعاء للميت عند إدخاله القبر لمن يدخله و غيره من الحاضرين و استحباب رفع أربع أصابع كما مر،

 (الحديث الحادي عشر)

 (3): مرسل مشتمل على عدة مجاهيل.

قوله عليه السلام:" إن يدرؤوا"

 (4) أي يدفعوا.

قوله عليه السلام:" إذا أفرد الميت"

 (5) يمكن أن يكون اشتراط إفراد الميت و وضع الفم عند الرأس للتقية و الأولى مراعاة ذلك لاحتمال أن يكون لانصراف الناس مدخلا في ذلك إما لاشتراطه في حضور الملكين أو لغير ذلك و لوضع الفم و رفع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 114

الصوت مدخلا في إسماع الميت في القبر.

قوله عليه السلام:" عبده و رسوله"

 (1) الظاهر نصبهما بالوصفية. و الخبر سيد النبيين، و يحتمل رفعهما بالخبرية فيكون‏

قوله سيد النبيين‏

 (2) إما خبرا بعد خبر أو خبرا لمبتدء محذوف و كذا قوله أمير المؤمنين سيد الوصيين.

قوله عليه السلام:" انصرف بنا عن هذا"

 (3) على صيغة الأمر أي انصرف معنا أو على صيغة المجهول أي صرفونا و أرجعونا عنه.

تذنيب: اعلم أن هذا الخبر يدل على أمور.

الأول: تأكد استحباب التلقين بعد الدفن و هذا هو التلقين الثالث من التلقينات المستحبة و لا خلاف بين الأصحاب في استحبابه، و ادعى العلامة في المنتهى و غيره في غيره على ذلك إجماع علمائنا، و أنكره أكثر الجمهور مع أنهم رووا مثل هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه و آله رووه عن أبي أمامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه و آله قال: إذا مات أحدكم و سويتم عليه التراب فليقم أحدكم عند قبره، ثم ليقل يا فلان بن فلان فإنه يسمع و لا يجيب، ثم يقول يا فلان بن فلانة. الثانية: فيستوي قاعدا ثم ليقل يا فلان بن فلانة فإنه يقول أرشدنا رحمك الله فيقول اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله، و أنك رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد نبيا و بالقرآن كتابا فإن منكرا و نكيرا يتأخر كل واحد منهما، فيقول: انطلق فما يقعدنا عند هذا و قد لقن حجته فقال: يا رسول الله فإن لم يعرف أمه قال: فلينسبه إلى حواء انتهى.

و نقل الشهيد (ره) عن بعض العامة: كالرافعي و جماعة منهم القول:

فاستحبابه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 115

الثاني: يدل على سؤال منكر و نكير في القبر و هو من ضروريات المذهب و سيأتي بيانه.

الثالث: يدل على سقوط سؤال القبر بهذا التلقين و ذكره جماعة من أصحابنا.

الرابع: كون الملقن أولى الناس به، و المراد إما الأولوية في النسب و الميراث أو بحسب التوافق في المذهب و المحبة و المعاشرة أيضا، و ذهب الأكثر إلى الأول.

قال: في الذكرى: أجمع الأصحاب على تلقين الولي أو من يأمره الميت بعد انصراف الناس عنه انتهى، و على ما حملوا عليه الخبر إلحاق من يأمره الولي به مشكل.

الخامس: هل يلقن الطفل؟ قال في الذكرى: و أما الطفل فظاهر التعليل يشعر بعدم تلقينه، و يمكن أن يقال: يلقن إقامة للشعائر و خصوص المميز كما في الجريدتين.

أقول: يمكن الاستدلال بشرعيته بعموم الأخبار أو إطلاقها و التعليل لا يصلح للتخصيص و الله يعلم.

السادس: في كيفية جلوس الملقن و لا يدل هذا الخبر على أزيد من أنه يجلس عند رأسه، و خبر جابر لا يدل على ذلك أيضا، و قال ابن إدريس إنه يستقبل القبلة و القبر أيضا، و قال أبو الصلاح و ابن البراج و الشيخ يحيى بن سعيد يستقبل القبلة و القبر أمامه و الكل حسن لإطلاق الروايات المتناولة لذلك و لغيره كما ذكره بعض المتأخرين.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 116

باب تطيين القبر و تجصيصه‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" لا تطينوا"

 (3) إلخ ظاهر هذا الخبر كراهة التطيين بغير طين القبر لا مطلقا، لكن روى الشيخ في الموثق عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن البناء على القبر و الجلوس عليه هل يصلح؟ قال: لا يصلح البناء عليه و لا الجلوس و لا تجصيصه و لا تطيينه، و هي تدل على كراهة التطيين مطلقا كما يظهر من بعض الأصحاب.

و قال الشيخ في النهاية: على ما رأيت فيه و يكره تجصيص القبور و التظليل عليها و المقام عندها و تجديدها بعد اندراسها و لا بأس بتطيينها ابتداء.

و قال العلامة: في المنتهى لا بأس بتطيينها ابتداء لأن في تخصيص النهي بالتجصيص إشعارا في الرخصة في التطيين، و حديث السكوني. إشعار بالجواز من طينه، و عليه يحمل حديث علي بن جعفر، و يحمل التجصيص الذي أمر به أبو الحسن عليه السلام لما ماتت ابنته على التطيين انتهى:

أقول: كلامهما في التطيين لا يخلو من قوة لكن الأظهر حمل خبر السكوني على أن التطيين بغير طين القبر أشد كراهة، لأن خبر علي بن جعفر أقوى سندا و هو يدل على عموم الكراهة، و يمكن حمل التطيين الواقع في خبر السكوني على إدخال الطين أي التراب في القبر موافقا لما سيأتي من كراهة طرح تراب غير القبر فيه، لكنه بعيد و إن كان الظاهر من المحقق و العلامة و الشهيد رحمهم الله أنهم فهموا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 117

منه هذا المعنى لأنهم أوردوه حجة على هذا المدعى.

 (الحديث الثاني)

 (1): مرسل.

قوله عليه السلام:" محصب"

 (2) بالتشديد على البناء للمفعول أي بسطت فيه حصباء حمراء.

قال في القاموس:

الحصباء

 (3) الحصى واحدتها حصبة كقصبة و حصبه رماه بها و المكان بسطها فيه كحصبه انتهى.

أقول: يدل الخبر على استحباب بسط الحصباء الحمراء على القبر كما ذكره العلامة في المنتهى حيث قال: يستحب أن يجعل عليه الحصباء الحمراء و رواه الجمهور في حديث القاسم بن محمد: أن قبر رسول الله صلى الله عليه و آله و صاحبيه مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء و من طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أبان انتهى.

و قال: الشهيد في الذكرى يستحب وضع الحصباء عليه لما روي أن النبي صلى الله عليه و آله فعله لقبر إبراهيم ولده، و لخبر أبان، و ظاهره استحباب مطلق الحصباء و إن لم تكن حمراء، و لعله حمل الوصف على الفضيلة لخلو بعض الأخبار العامية عن الوصف، و قد صرح بذلك في الدروس حيث قال: في سياق ذكر المستحبات و وضع علامة عليه و وضع الحصباء عليه و الحمراء أفضل تأسيا بقبر النبي صلى الله عليه و آله.

أقول الأولى التخصيص بالحمراء كما اختاره في المنتهى.

 (الحديث الثالث)

 (4): ضعيف.

قوله عليه السلام:" بفيد"

 (5) قال في القاموس: الفيد قلعة بطريق مكة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 118

قوله عليه السلام:" إن يجصص قبرها"

 (1) أقول: المشهور بين الأصحاب كراهة تجصيص القبر مطلقا، و ظاهرهم أن الكراهة تشمل تجصيص داخله و خارجه، قال في المنتهى:

و يكره تجصيص القبر و هو فتوى علمائنا، و قال في المعتبر و مذهب الشيخ إنه لا بأس بذلك ابتداء و إن الكراهية إنما هي إعادتها بعد اندراسها، ثم نقل هذه الرواية، ثم قال: و الوجه حمل هذه على الجواز و الأولى على الكراهية مطلقا.

أقول: ما ذكره في النهاية هو تجويز التطيين في الابتداء لا التجصيص، و لعلهم غفلوا عن ذلك، و يمكن أن يكون ما نسبوا إليه ذكره في كتاب آخر، و يؤيد التوهم عدم تعرض العلامة (ره) لذلك في كتبه، ثم اعلم: أنه يمكن حمل التجصيص المنهي عنه على تجصيص داخل القبر و هذا الخبر على تجصيص خارجه.

و يمكن أن يقال: هذا من خصائص الأئمة و أولادهم عليهم السلام لئلا يندرس قبورهم و لا يحرم الناس من زيارتهم كما قال: السيد المحقق صاحب المدارك، و كيف كان فيستثنى من ذلك قبور الأنبياء و الأئمة عليهم السلام لإطباق الناس على البناء على قبورهم من غير نكير و استفاضة الروايات بالترغيب في ذلك، بل لا يبعد استثناء قبور العلماء و الصلحاء أيضا استضعافا لسند المنع و التفاتا إلى أن في ذلك تعظيما لشعائر الإسلام و تحصيلا لكثير من المصالح الدينية كما لا يخفى انتهى.

أقول: هذا الحمل أولى مما حمله العلامة، و قد نقلنا سابقا عنه من أن المراد بالتجصيص التطيين كما لا يخفى.

قوله عليه السلام" و يكتب على لوح اسمها"

 (2) يدل على استحباب وضع لوح في القبر و كتابة الاسم عليه، قال المحقق في المعتبر: لا بأس بتعليم القبر بلوح يكتب لما روي أن النبي صلى الله عليه و آله حمل حجرا فجعله عند رأس قبر عثمان بن مظعون، و قال:

اعلم به قبر أخي، و من طريق الأصحاب ما رواه يونس بن يعقوب إلخ.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 119

و قال: في التذكرة ينبغي تعليم القبر بحجر أو خشبة يعرفه أهله فيترحمون عليه و نحوه.

قال في المنتهى: و كذا ذكر استحبابه الشهيد في الذكرى، ثم قال: بعد نقل هذا الخبر، و فيه دلالة على إباحة الكتابة على القبر و قد روي فيه نهي عن النبي صلى الله عليه و آله من طريق العامة و لو صح حمل على الكراهية انتهى.

قوله عليه السلام:" و يجعله في القبر"

 (1) لعل المراد جعل بعضه في القبر، أو يقال أخفى عليه السلام ذلك في قبرها تقية ليظهر يوما ما و يزورها الناس و الأول أظهر.

 (الحديث الرابع)

 (2): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" نهى أن يزاد"

 (3) يدل على كراهة طرح غير تراب القبر فيه.

قال في المعتبر: و عليه فتوى الأصحاب، و كذا نقل في التذكرة عليه الإجماع.

و قال في الذكرى: قال: ابن الجنيد لا يزاد من غير ترابه وقت الدفن و لا بأس بذلك بعد الدفن.

ثم اعلم أن هذا الخبر لا ينافي استحباب طرح الحصباء عليه لأنه نهى في هذا الخبر عن طرح تراب لم يخرج منه لا مطلق ما لم يخرج منه، لكن روي في الفقيه خبر آخر ظاهره العموم، و يمكن تخصيصه بغير الحصباء و اللوح.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 120

باب التربة التي يدفن فيها الميت‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): صحيح. يفسره الخبر الذي بعده.

 (الحديث الثاني)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فماثها"

 (4) أي خلطها قال في القاموس: ماث موثا و موثانا محركة خلطه و دافه. و

قوله عليه السلام:" يحن"

 (5) أي يشتاق و يميل أقول: يظهر من هذه الأخبار تفسير قوله تعالى مِنْها خَلَقْناكُمْ بدون التكلفات التي ارتكبها المفسرون كما لا يخفى.

باب التعزية و ما يجب على صاحب المصيبة

 (6)

 (الحديث الأول)

 (7): ضعيف.

قوله عليه السلام:" ليس التعزية"

 (8) قال في الذكرى: التعزية هي تفعلة من العزاء

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 121

أي الصبر، يقال (عزيته) أي صبرته و المراد بها طلب التسلي عن المصاب و التصبر عن الحزن و الانكسار بإسناد الأمر إلى الله، و نسبته إلى عدله و حكمته و ذكر ما وعد الله على الصبر مع الدعاء للميت و المصاب لتسليته عن مصيبته، و هي مستحبة إجماعا و لا كراهة فيها بعد الدفن عندنا انتهى.

و قال: في النهاية التعزية مستحبة قبل الدفن و بعده بلا خلاف بين العلماء في ذلك إلا الثوري فإنه قال: لا يستحب التعزية بعد الدفن.

و قال في التذكرة: قال: الشيخ التعزية بعد الدفن أفضل و هو جيد.

و قال: المحقق في المعتبر: التعزية مستحبة و أقلها أن يراه صاحب التعزية و باستحبابها قال: أهل العلم مطلقا، خلافا للثوري فإنه كرهها بعد الدفن ثم قال فأما رواية إسحاق بن عمار فليس بمناف لما ذكرنا لاحتمال أنه يريد عند القبر.

بعد الدفن أو قبله. و قال: الشيخ بعد الدفن أفضل و هو حق انتهى.

و قال في المنتهى: قال الشيخ في المبسوط يكره الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة و خالف فيه ابن إدريس و هو الحق انتهى، و لنرجع إلى بيان ما يستفاد من الخبر بعد ما نبهناك على ما ذهب إليه الأصحاب.

فاعلم: أن الظاهر من‏

قوله عليه السلام:" ليس التعزية إلا عند القبر"

 (1) عند انحصار التعزية فيما يقع عند القبر بعد الدفن كما هو الظاهر أو مطلقا كما نقلنا عن المحقق، و لعله على ما ذكره الشيخ في المبسوط، لكن فيه أنه لا يدل إلا على عدم استحباب التعزية بعد ذلك لا كراهتها، مع أن مقتضى الجمع بين الأخبار انحصار السنة المؤكدة في ذلك.

و

قوله عليه السلام:" ثم ينصرفون"

 (2) يدل على كراهة المقام عند القبر بعد الدفن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 122

إلا بقدر التعزية.

و

قوله عليه السلام:" فيسمعون الصوت"

 (1) يدل على إمكان سماع ما يحدث في القبر و لا استبعاد في ذلك و إن كان نادرا لمخالفته للحكمة غالبا.

 (الحديث الثاني)

 (2): حسن.

قوله عليه السلام:" بعد ما يدفن"

 (3) حمل على أن المراد أن تأخيرها عنه أفضل من تقديمها عليه كما قال به الشيخ و الفاضلان، فإن تعريف المبتدأ باللام يدل على الحصر، فالمراد حصر التعزية الكاملة و السنة الأكيدة منها فيه.

 (الحديث الثالث)

 (4): موثق. و هو الخبر الأول مع اختلاف في السند إلى إسحاق.

 (الحديث الرابع)

 (5): مرسل.

قوله عليه السلام:" التعزية الواجبة"

 (6) حمل على تأكد الاستحباب و هو مؤيد لما ذكرنا من الجمع و الحمل.

 (الحديث الخامس)

 (7): ضعيف. إن كان القاسم الجوهري أو كان مسئولا و إلا فمجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 123

قوله عليه السلام:" بلا حذاء و لا رداء"

 (1) يدل على استحباب كون صاحب التعزية كذلك مطلقا أو في خصوص جنازة الابن و أيد الأولى بأنه وضع النبي صلى الله عليه و آله رداءه في جنازة سعد، و يدل على خصوص وضع الرداء ما سيأتي من الأخبار، و قد ورد النهي عنه في رواية السكوني عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله: صلى الله عليه و آله ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما؟ الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء، و الذي يقول قفوا، و الذي يقول: استغفروا له غفر الله لكم؟

قال في الذكرى: بعد إيراد هذه الرواية و منه يعلم كراهية مشي غير صاحب الجنازة بغير رداء، و يظهر من ابن حمزة تحريمه، أما صاحب الجنازة فخلعه ليتميز عن غيره، لخبر ابن أبي عمير و خبر أبي بصير ذكره الجعفي و ابن حمزة و الفاضلان و ذكر ابن الجنيد أيضا التميز بطرح بعض زيه بإرسال طرف العمامة أو أخذ مئزر من فوقها على الأب و الأخ، و لا يجوز على غيرهما و ابن حمزة منع هنا مع تجويزه الامتياز، فكأنه خص التميز في غير الأب و الأخ بهذا النوع من الامتياز، و أنكر ابن إدريس الامتياز بهذين لعدم الدليل عليهما و زعم أنه من خصوصيات الشيخ، و رده الفاضلان بأحاديث الامتياز، و لعله إنما أنكر هذا النوع من الامتياز، و الظاهر أن الأخبار لا تتناوله، ثم لم نقف على دليل الشيخ عليه و لا على اختصاص الأب و الأخ.

و قال: أبو الصلاح يتحفى و يحل أزراره في جنازة أبيه و جده لأبيه خاصة و يرده ما تقدم انتهى.

و قال: العلامة في المختلف قال أبو الصلاح: يستحب للرجل أن يتحفى و يحل أزراره في جنازة أبيه و جده لأبيه دون من عداهم، فإن قصد بالاستثناء التحريم منعناه عملا بالأصل، و إن قصد انتفاء الاستحباب منعناه أيضا لأن المقتضي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 124

للاستحباب هناك ليس إلا تميزه عن غيره و هو متحقق هنا، و يؤيده رواية الحسين ابن عثمان انتهى.

أقول: إذا سمعت ما تلونا عليك فاعلم: أن الظاهر من الأخبار استحباب وضع الرداء لصاحب الجنازة أي الجماعة الذين يعدون من أصحاب تلك المصيبة لعموم الأخبار و كراهة ذلك أو حرمته لغيرهم، و إثبات الحرمة مشكل، و كذا إثبات مرجوحية سائر أنواع الامتياز، و القول باستحبابها أيضا لا يخلو من إشكال. و إن كان التعليل الوارد في بعض الأخبار يشهد بذلك كما لا يخفى، و أما التحفي فظاهر هذا الخبر، استحبابه إما في مطلق المصيبة أو في مصيبة الابن، و الأولى الاقتصار على الابن و إن كان العموم لا يخلو من قوة و الله يعلم.

 (الحديث السادس)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" ينبغي"

 (2) ظاهره استحباب وضع الرداء لصاحب المصيبة، و الظاهر الرجوع في ذلك إلى العرف كما ذكرناه و لا يبعد أن يكون المراد بالرداء الثوب المتعارف الذي يلبسه الناس فوق الثياب ليكون وضعه علة للامتياز، و من هذا التعليل فهموا غير ذلك من أنواع الامتياز خصوصا في الأزمنة التي لا يصلح وضع الرداء للامتياز و الله يعلم.

 (الحديث السابع)

 (3): مرسل.

قوله عليه السلام:" رجلا بابن له"

 (4) أي بسبب فقد ابنه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 125

قوله عليه السلام:" الله خير لابنك منك"

 (1) لما كان الغالب أن الحزن على الأولاد يكون لتوهم أمرين باطلين. أحدهما: أنه على تقدير وجود الولد يصل نفع الوالد إليه، أو أن هذه النشأة خير له من النشأة الأخرى، و الحياة خير له من الممات فأزال عليه السلام و همه: بأن الله تعالى و رحمته خير لابنك منك و مما تتصور من نفع توصله إليه على تقدير الحياة، و الموت مع رحمة الله خير من الحياة.

و ثانيهما: توقع النفع منه مع حياته أو الاستئناس به فأزال عليه السلام ذلك الوهم أيضا بأن ما عوضك الله من الثواب على فقده خير لك من كل نفع تتوهمه أو تقدره في حياته.

قوله عليه السلام:" فعاد إليه"

 (2) يفهم منه استحباب تكرار التعزية مع بقاء الجزع.

قوله عليه السلام." فما لك به أسوة".

 (3) قال: في القاموس:" الأسوة" و يضم القدوة و ما يأتسي به الحزين، و الجمع إسى و يضم و أساه تأسيه فتأسى عزاه فتعزى.

و قال في النهاية: الأسوة بكسر الهمزة و ضمها القدوة. أقول: يحتمل هذا الكلام: وجهين.

الأول: أن يكون المراد بالأسوة القدوة: و المعنى أنك تتأسى به و يلزمك التأسي به في الموت فلأي شي‏ء تجزع مع أنك بعد الموت تجتمع مع ابنك، و الغرض أنه لو كان لأحد بقاء في الدنيا كان ذلك لأشرف الخلائق، فإذا لم يبق هو في الدنيا فكيف تطمع أنت في البقاء، و يحتمل أن يكون الغرض أنه ينبغي لك مع علمك بالموت أن تصلح أحوال نفسك و لا تحزن على فقد غيرك كما ورد في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 126

خبر آخر أنهم قالوا: لصاحب مصيبة غفلت عن المصيبة الكبرى و جزعت للمصيبة الصغرى.

الثاني: أن يكون المراد بالأسوة ما يتأسى به الحزين أي ينبغي أن يحصل لك به و بسبب مصيبته و تذكرها تأسي و تعز عن كل مصيبة لأنه من أعظم المصائب، و تذكر المصائب العظيمة يهون صغارها لما سيأتي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:

إن أصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول الله صلى الله عليه و آله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط، و قيل المراد أنك من أهل التأسي برسول الله صلى الله عليه و آله و من أمته فينبغي أن يكون مصيبتك بفقده أعظم و ما ذكرنا أظهر.

قوله عليه السلام:" إنه كان مرهقا"

 (1) بالتشديد على صيغة المفعول.

قال في النهاية: الرهق السفه و غشيان المحارم و فيه فلان مرهق: أي متهم بسوء و سفه، و يروي مرهق أي ذو رهق.

و قال في القاموس:" الرهق" محركة السفه و النوك و الخفة و ركوب الشر و الظلم و غشيان المحارم" و المرهق" كمكرم من أدرك و كمعظم الموصوف بالرهق و من يظن به السوء.

أقول: المراد" إن حزني" ليس بسبب فقده بل بسبب أنه كان يغشى المحارم و أخاف أن يكون معاقبا معذبا فعزاه عليه السلام بذكر وسائل النجاة و أسباب الرجاء.

 (الحديث الثامن)

 (2): مجهول. بسعدان، و يمكن أن يعد حسنا لأنهم ذكروا في سعدان أن له أصلا و يكون كتابه من الأصول مدح له.

قوله عليه السلام:" و أن يكون في قميص حتى يعرف فيه"

 (3) إيماء إلى أن المراد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 127

بالرداء الثوب الأعلى الذي يلبسه أصناف الناس غالبا ليصير نزعه سببا للامتياز، و الكلام في الاستدلال بالتعليل على سائر أفراد الامتياز ما مر.

 (الحديث التاسع)

 (1): حسن. كالصحيح بل لا يقصر عن الصحيح.

قوله عليه السلام:" قبل الدفن و بعده"

 (2) أي يجمعهما في كل جنازة أو كان يفعل تارة هكذا و تارة هكذا، و يدل على جواز التعزية قبل الدفن و استحبابه على التقديرين و على حصول التعزية بها قبل الدفن خاصة على الثاني فيدل على ما ذكرنا من التأويل في الأخبار السابقة.

 (الحديث العاشر)

 (3): ضعيف. و الظاهر أن مهزيار مكان ابن مهران كما سيجي‏ء في آخر الكتاب هذا المضمون و فيه علي بن مهزيار، لكن سيأتي رواية سهل عن علي بن مهران في باب غسل الأطفال.

قوله عليه السلام:" ذكرت"

 (4) يدل على أنه شكا فيما كتب إليه عليه السلام فقد ابنه.

قوله عليه السلام:" أزكى"

 (5) أي أطهر و أحسن ما عند أهله أي أهل هذا المأخوذ.

قوله صلى الله عليه و آله:

" و أحسن عزاك‏

 (6) مقصورا أو ممدودا" أي صبرك. في القاموس العزي الصبر أو حسنه كالتعزوة، عزي كرضى عزاء فهو عز و عزاه تعزية.

قوله عليه السلام:" و ربط على قلبك"

 (7) أي ألقى الله على قلبك صبرا. قال في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 128

القاموس: ربط جأشه رباطة اشتد قلبه و الله على قلبه. ألهمه الصبر و قواه انتهى.

أقول. منه قوله تعالى وَ رَبَطْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ.

قوله عليه السلام:" و أرجو أن يكون الله قد فعل"

 (1) بشارة له بأنه عليه السلام قد دعا له بالخلف و استجيب دعاؤه.

باب ثواب من عزى حزينا

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" حلة يحبر بها"

 (4) قال في القاموس: الحلة بالضم إزار و رداء بردا و غيره و لا يكون حلة الا من ثوبين أو ثوب له بطانة.

و قال: فيه الحبر بالكسر الأثر أو أثر النعمة و الحسن و بالفتح السرور كالحبور و الحبرة و الحبر محركة و أحبره سره و النعمة كالحبرة و قال: تحبير الخط و الشعر و غيرهما تحسينه.

و قال في النهاية: الحبر بالكسر و قد يفتح الجمال و الهيئة الحسنة يقال حبرت الشي‏ء تحبيرا إذا حسنته.

أقول: قد ظهر أنه يمكن أن يقرأ على المجهول مشددا أي يحسن و يزين‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 129

بها، و مخففا أي يسر بها، و روي في الذكرى: يحبى بها من الحبوة و العطاء ثم قال و روي تحبر بها أي يسر بها.

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف. و روى العامة مثله عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم.

باب المرأة تموت و في بطنها ولد يتحرك‏

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): حسن.

قوله عليه السلام" نعم و يخاط بطنها"

 (4) المشهور بين الأصحاب أنه يجب الشق حينئذ و إخراج الولد توصلا إلى بقاء الحي، قالوا: و لا عبرة بكونه مما يعيش عادة كما ذكره المحقق و غيره تمسكا بإطلاق الروايات.

و قال بعض المتأخرين: لو علم موته حال القطع انتهى وجوبه، و إطلاق الروايات تقتضي عدم الفرق في الجانب بين الأيمن و الأيسر، بل لا يعلم خصوص شق الجانب أيضا، و قيده الشيخان في المقنعة و النهاية و ابن بابويه بالجانب الأيسر، و أما خياطة المحل بعد القطع فقد نص عليه المفيد في المقنعة و الشيخ في المبسوط و أتباعهما كما ورد في هذه الرواية و إن خلا عنه غيرها، و ردها المحقق في المعتبر بالقطع و بأنه لا ضرورة إلى ذلك فإن المصير إلى البلاء: و لا يخفى أن القطع لا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 130

يضر لأن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد و ضعف التعليل ظاهر.

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف. و الظاهر أنه سقط عن أبيه بعد ابن خالد كما يشهد به ما مر آنفا في الباب السابق.

قوله عليه السلام:" ولد يتحرك"

 (2) ظاهره أن مناط الوجوب الحركة، و يمكن أن يكون المناط العلم بالحياة، و عبر بها عنها لأنها لا يعلم غالبا إلا بها لكن العلم بغير ذلك نادر.

قوله عليه السلام:" لا بأس"

 (3) لا خلاف بين الأصحاب في وجوب التقطيع و الإخراج مع الخوف على الأم و نقل فيه الشيخ في الخلاف الإجماع و استدل بهذه الرواية.

قال في المعتبر:

 (وهب‏

 (4) هذا) عامي لا يعمل بما يتفرد به، و الوجه أنه إن مكن التوصل إلى إسقاطه صحيحا بشي‏ء من العلاجات. و إلا توصل إلى إخراجه بالأرفق و يتولى ذلك النساء فإن تعذر النساء فالرجال المحارم فإن تعذر جاز أن يتولاه غيرهم دفعا عن نفس الحي.

أقول: ضعفه منجبر بعمل الأصحاب على ما هو دأبهم و ما ذكره من التفصيل لا يأبى عنه الخبر و اعلم أن ظاهر

قوله عليه السلام لا بأس‏

 (5): الجواز و يمكن أن يكون هذا النوع من التعبير لرفع توهم الحذر عن مباشرة الرجل ذلك على كل حال كما في قوله تعالى فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما و قوله تعالى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا و يحتمل أن يكون المراد عدم البأس مع عدم رفق النساء و إن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 131

أمكنهن الإخراج بغير رفق فلا ينافي الوجوب مع عدمهن أو عدم قدرتهن أصلا و الله يعلم.

باب غسل الأطفال و الصبيان و الصلاة عليهم‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" السقط"

 (3) إلخ ظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب تغسيل السقط إذا تمت له أربعة أشهر كما يدل عليه هذا الخبر.

قال في المعتبر لا يغسل السقط إلا إذا استكمل شهورا أربعة و هو مذهب علمائنا، ثم استدل عليه بهذا الخبر و خبر سماعة الاتي و قال: لا مطعن على الروايتين بانقطاع سند الأولى و ضعف سماعة عن سند الثانية لأنه لا معارض لهما مع قبول الأصحاب لهما، و أما الصلاة عليه فلا و هو اتفاق علمائنا، ثم قال: و لو كان السقط أقل من أربعة أشهر لم يغسل و لم يكفن و لم يصل عليه بل يلف في خرقة و يدفن، ذكر ذلك الشيخان و هو مذهب العلماء.

 (الحديث الثاني)

 (4): حسن.

قوله عليه السلام:" إذا عقل الصلاة"

 (5) اعلم أن الأصحاب اختلفوا في حكم الصلاة على الطفل فذهب الأكثر و منهم الشيخ و المرتضى و ابن إدريس إلى أنه يشترط في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 132

وجوب الصلاة عليه بلوغ الحد الذي يمرن فيه على الصلاة و هو ست سنين.

و قال: المفيد في المقنعة لا يصل على الصبي حتى يعقل الصلاة و قال ابن الجنيد: يجب على المستهل. و قال ابن أبي عقيل: لا تجب الصلاة على الصبي حتى تبلغ.

أقول: في هذا الخبر إجمال و اقتصر المفيد (ره) على القول به بذكر لفظه و لم يبين المراد و يحتمل أن يكون الراوي علم أن عقل الصلاة حد التمرين و مراده بالوجوب هنا مطلق الثبوت، أو وجوب التمرين على الولي فالمعنى أنه متى يعقل الصلاة بحيث يؤمر بها تمرينا.

فقال: إذا كان ابن ست سنين، و يؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام في الصبي متى يصلي فقال: إذا عقل الصلاة قلت: متى يعقل الصلاة و يجب عليه قال: لست سنين و لو لم يكن مراد السائل ذلك يظهر من أخبار أخر أن هذا هو حد عقل الصلاة كما هو الغالب في الأطفال أيضا و سيأتي حكم تمرين الصلاة و الصيام في أبوابها إن شاء الله.

 (الحديث الثالث)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" قد درج"

 (2) أي كان ابتداء مشيه قال: في القاموس درج دروجا و درجانا مشى.

قوله عليه السلام:" ذاك شر لك"

 (3) أي كونك مولى لي شرف لك و فخر فإنكار ذلك شر لك و الملعون كأنه غضب من ذلك.

قوله عليه السلام:" في جنازة الغلام"

 (4) و في التهذيب في جنان الغلام و ما هنا هو

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 133

الظاهر، و هو كناية عن الموت.

قال في النهاية: في حديث علي عليه السلام و الله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم إلا طعن في نيطه، يقال: طعن في نيطه أي في جنازته و من ابتدأ في شي‏ء أو دخله فقد طعن فيه و يروي طعن على ما لم يسم فاعله،" و النيط نياط القلب" و هو علاقته، و قال: في خبر، تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان رمى في جنازته لأن الجنازة تصير مرميا فيها، و المراد بالرمي الحمل و الوضع انتهى، و يحتمل أن يكون الطعن بمعناه المعروف و الجنازة كناية عن الشخص و بعض المعاصرين قرأ احتار بالحاء المهملة و التاء المثناة من فوق و الراء المهملة.

قال في القاموس: الحتار من كل شي‏ء كفافه و ما استدار به و حلقة الدبر أو ما بينه و بين القبل، أو الخط بين الخصيتين، و ريق الجفن و شي‏ء في أقصى فم البعير انتهى.

قال: بعض أفاضل المعاصرين أظن الجميع تحريفا من النساخ و أنه طعن في حياته الغلام أي في حياة أبي جعفر عليه السلام أي أصابه الطاعون في حياته و على تقدير جنان و حتارا أيضا يكون المعنى إصابة الطاعون في ذلك المكان، و أما كون طعن مبنيا للفاعل و عود ضميره إلى المولى أو مبنيا للمفعول و نائب فاعله المولى ففي غاية البعد لفظا و معنى و تركيبا فإن استعمال الطعن المتعارف بمثل الرمح و نحوه في معنى الوكز و نحوه غير معروف، و لو سلم فالمعهود المتعارف أن يقال طعنه في جنانه و حمله على الطعن بالرمح و نحوه لا يليق و المقام و الذوق لا يقبلان كون المولى ضربه ضربة في ذلك المكان فمات منها أو طعنة بالرمح كذلك انتهى و لا يخفى غرابته.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 134

قوله عليه السلام:" في سقط"

 (1) و هو معرب معروف.

قوله عليه السلام:" و مطرف خز"

 (2) قال في القاموس: المطرف كمكرم رداء من خز مربع ذو أعلام.

و قال الجوهري: المطرف و المطرف واحد المطارف و هي أردية من خز مربعة لها أعلام. أقول: يدل الخبر على استحباب التزين و لبس الثياب الصفر.

قوله عليه السلام:" فكبر عليه أربعا"

 (3) محمول على التقية كما مر.

قوله عليه السلام:" إنه لم يكن يصلي"

 (4) على البناء للمجهول أي في زمن النبي و أمير المؤمنين (صلى الله عليهما).

قوله عليه السلام:" فيدفنون من وراء"

 (5) في التهذيب و الاستبصار من وراء وراء مكررا.

قال في النهاية في حديث الشفاعة: يقول: إبراهيم إني كنت خليلا من وراء وراء هكذا يقال مبينا على الفتح أي من خلف حجاب، و منه حديث معقل أنه حدث ابن زياد بحديث فقال: شي‏ء سمعته من رسول الله صلى الله عليه و آله أو من وراء وراء، أي ممن جاء خلفه و بعده، و يقال: لولد الولد وراء انتهى.

أقول: الظاهر أنه على التقديرين، كناية إما عن عدم الإحضار في محضر الجماعة للصلاة، أو عدم إحضار الناس في إعلامهم للصلاة، و يحتمل بعيدا أن يكون من وراء وراء بيانا للضمير في يدفنون أي كان يأمر في أولاد أولاده بذلك، أو

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 135

يكون المراد أنه كان يفعل ذلك بعد الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و بعد الأزمنة المتصلة بعصره صلى الله عليه و آله فيكون الغرض بيان استمرار هذا الحكم من زمان النبي صلى الله عليه و آله إلى الأعصار بعده ليظهر كون فعلهم على خلافه بدعة، غاية الظهور كل ذلك خطر بالبال و الأول عندي أظهر و الله يعلم.

قوله عليه السلام:" كراهية أن يقولوا".

 (1) أقول: المشهور بين الأصحاب استحباب الصلاة على من لم يبلغ ست سنين إذا ولد حيا و الظاهر من هذا الخبر و كثير من الأخبار و سيأتي بعضها و عدم استحبابها قبل الست، و يظهر منها إن ما ورد من الأمر بالصلاة قبل ذلك محمول على التقية.

فإن قيل: ظاهر هذا الخبر عدم شرعية الصلاة على غير البالغ مطلقا و لم يقل به أحد.

قلت مقتضى الجمع بين الأخبار الحمل على ما قبل الست بأن يكون اللام للعهد، أي مثل هذه الأطفال مع أنه يمكن أن يقال إطلاق الطفل على غير البالغ مطلقا غير معلوم في اللغة و العرف القديم كما لا يخفى على من راجع كلام اللغويين و استعمالات القدماء. و بالجملة الأحوط بالنظر إلى الأخبار ترك الصلاة عليهم قبل ذلك و الله يعلم.

 (الحديث الرابع)

 (2): صحيح.

قوله عليه السلام:" خمرة"

 (3) قال في القاموس: الخمرة حصيرة صغيرة من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 136

السعف.

أقول: لعلهم طرحوا ليجلس عليها فلم يجلس، و ظاهر هذا الخبر استحباب القيام حتى يدفن، و لعله محمول على التقية كما أن الصلاة أيضا كانت لها.

قوله عليه السلام:" متى تجب عليه الصلاة"

 (1) يحتمل صلاة الجنازة و صلاة التمرين‏

قوله عليه السلام:" الله علم بما كانوا عاملين"

 (2) أقول سيأتي شرح هذا الكلام و تفصيل القول فيه في باب الأطفال إن شاء الله تعالى.

 (الحديث الخامس)

 (3): موثق. إن اعتبرنا توثيق نصر بن الصباح لعلي بن إسماعيل كما حكم الشهيد الثاني بصحة خبره، و حسن موثق إن لم نعتبره.

قوله عليه السلام:" إذا استوى خلقه"

 (4) استدل بهذا الخبر على ما عليه الفتوى كما ذكرنا، و لا يخفى أن الحكم فيه وقع معلقا على استواء الخلقة لا على بلوغ الأربعة إلا أن يدعى التلازم بين الأمرين و إثباته مشكل.

ثم اعلم أن ظاهر بعض الأصحاب أنه يلف في خرقة و يدفن بعد الغسل.

و أوجب الشهيد (ره) و من تأخر عنه تكفينه بالقطع الثلاث، و تحنيطه أيضا، و الظاهر من الخبر وجوب التكفين على ما هو المعهود لأنه المتبادر من الكفن عند الإطلاق و الأحوط التحنيط أيضا لعموم الأخبار.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 137

قوله عليه السلام:" و اللحد"

 (1) قال الجوهري: اللحد بالتسكين الشق في جانب القبر، و اللحد بالضم لغة: فيه تقول ألحدت القبر لحدا و ألحدت أيضا فهو ملحد، أقول: يمكن أن يكون هنا اسما مصدرا و ظاهره وجوب اللحد للميت، و المشهور بينهم استحبابه بل لا خلاف بينهم في ذلك.

قال في التذكرة: و يستحب أن يجعل له لحد و معناه أنه إذا بلغ الحافر أرض القبر حفر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت، و هو أفضل من الشق و معناه أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه و يسقف عليه بشي‏ء ذهب إليه علماؤنا و به قال: الشافعي و أكثر أهل العلم.

و قال أبو حنيفة: الشق أفضل لكل حال، ثم قال: يستحب أن يكون اللحد واسعا بقدر ما يتمكن فيه الجالس من الجلوس انتهى.

أقول: يمكن حمل الخبر على الاستحباب المؤكد مع أن الوجوب في عرف الأخبار أعم من المعنى المصطلح و الأولى عدم الترك.

 (الحديث السادس)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" يدفن بدمه"

 (3) الظاهر أن المراد أنه لا يغسل بل يدفن ملطخا بالدم، و قيل المراد أنه يدفن معه ما فضل من الدم عن المرأة عند الولادة و لا يخفى بعده.

و حمل القوم هذا الخبر على ما إذا لم يتم له أربعة أشهر كما مر و قالوا يلف في خرقة و يدفن، و استدلوا على حكم هذا النوع من السقط بهذا الخبر مع أنه خال عن ذكر اللف و بعضهم عبروا عن هذا النوع بمن لم يلجه الروح.

و قال: الشهيد الثاني (ره) المراد به من نقص سنه عن أربعة أشهر و قد صرح‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 138

في المعتبر أن مدار وجوب الغسل و عدمه على بلوغ أربعة أشهر و عدمه كما نقلنا عنه سابقا و هو الأظهر كما عرفت من الأخبار.

قوله عليه السلام:" في موضعه"

 (1) لعل المراد أنه لا يلزم نقله إلى المقابر لأن ذلك حكم من ولجته الروح و مات، بل يدفن في الدار التي وقع فيها السقط لا خصوص موضع السقط و الله يعلم.

 (الحديث السابع)

 (2): مجهول.

قوله عليه السلام:" آيتان من آيات الله"

 (3) أي علامتان من علاماته تدلان على وجوب القادر الحكيم و قدرته و علمه.

قوله عليه السلام:" مطيعان"

 (4) و في بعض النسخ مطيعان له و هو المراد.

قوله عليه السلام:" لا ينكسفان لموت أحد"

 (5) أي بمحض الموت، بل إذا كان ذلك بسبب فعل الأمة و استحقوا العذاب و التخويف يمكن أن ينكسفا لذلك، فلا ينافي ما روي في الأخبار من انكسافهما لشهادة الحسين (صلوات الله عليه) و لعنة الله على قاتله فإنها كانت بفعل الأمة الملعونة، و استحقوا بذلك التخويف و العذاب بخلاف فوت إبراهيم عليه السلام فإنه لم يكن بفعل الأمة.

قوله عليه السلام:" يا علي قم فجهز ابني"

 (6) لعل تقديم صلاة الكسوف هنا لتضييق‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 139

وقته، و توسعة وقت التجهيز على ما هو المشهور بين الأصحاب في مثله.

قال في القاموس: جهاز الميت و العروس و المسافر:" بالكسر و الفتح" و ما يحتاجون إليه و قد جهزه تجهيزا.

قوله عليه السلام:" زعمتم"

 (1) أي قلتم و يطلق غالبا على القول الباطل أو الذي يشك فيه.

قال في القاموس: الزعم مثلثة، القول الحق و الباطل و الكذب و أكثر ما يقال فيما يشك فيه انتهى.

قوله عليه السلام:" من كل صلاة"

 (2) يدل على وجوب التكبيرات الخمس مع التعليل كما مر.

قوله عليه السلام:" إلا على من صلى"

 (3) أي لزم تمرينه بالصلاة كما سيأتي تفسيره و يدل على عدم مشروعية الصلاة على من يبلغ الست بتوسط الأخبار الأخرى.

قوله عليه السلام:" فألحد ابني"

 (4) بفتح الحاء أو بكسره من باب الأفعال في القاموس لحد القبر كمنع، و الحدة عمل له لحدا: و الميت دفنه.

أقول: يدل على شرعية اللحد و عمومه للأطفال أيضا، و يدل على عدم كراهة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 140

نزول مطلق ذي الرحم كما ذكره الأكثر، و قد مر الكلام فيه و لم أر من الأصحاب من تعرض لهذا الخبر، و يدل على كراهة نزول الوالد في قبر الولد و عدم حرمته و يدل على مطلوبية حل عقد الكفن و على أن الجزع الشديد يحبط الأجر و على الإحباط في الجملة.

 (الحديث الثامن)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" على من وجبت عليه الصلاة"

 (2) أي لزم تمرينه و يلزم عليه بسبب التمرين، و حاصل الجواب أن مناط وجوب الصلاة كون الميت بحيث تلزمه الصلاة و لا مدخل للفعل في ذلك، و هذا الخبر يدل على أن ما ورد من الصلاة على الطفل الذي لم يبلغ الست محمول على التقية. و أن الصلاة عليه غير مطلوب فإنه الظاهر من قوله لا يصلي.

و يمكن أن يأول بأن المراد: عدم وجوب الصلاة عليه قبل ذلك، بأن يكون المخالف الذي عورض في ذلك قائلا بالوجوب، و يؤيده قوله و إنما يجب أن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 141

يصلي لكنه بعيد.

و اعلم أن ظاهر هذا الخبر عدم وجوب الصلاة على غير البالغ مطلقا كما ذهب إليه ابن أبي عقيل، و يحتاج حمله على مذهب غيره إلى تكلف في الوجوب كما ذكرنا و في الحدود بحمله على الحدود الناقصة، أي التعزيرات التي تكون للصبي المميز و الله يعلم.

باب الغريق و المصعوق‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): حسن.

قوله عليه السلام:" في المصعوق"

 (3) هو من أصابته الصاعقة.

قال في الذكرى: يستحب تعجيل تجهيزه إذا علم موته إجماعا، ثم قال: و إن اشتبه تربص به ثلاثا وجوبا إلا أن يعلم حاله لئلا يعان على قتل المسلم.

و قال في المنتهى: و ينتظر بصاحب الذرب و الغريق و المصعوق و المهدوم عليه إلى أن يتيقن موته و يصبر عليه يومين و ثلاثة، و لا ينتظر به أكثر من ذلك للعلم بأنه إذا لم يحصل منه فعال الحياة من الحس و الحركة في هذه المدة فإنه يكون ميتا.

أقول: يدل هذا الخبر المعتبر على لزوم التربص بهما ثلاثة أيام إلا أن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 142

يتغير و الظاهر أن المراد التغيير بالريح المنتن و يحتمل الأعم منه و من التغيير بالعلامات الأخر و هو بعيد مع أن الخبر الاتي يدل على الأول.

 (الحديث الثاني)

 (1): موثق.

قوله عليه السلام:" سألته عن الغريق"

 (2) لعل منشأ السؤال السائل توهم أنه لما كان في الماء و مات فيه فلعله لا يحتاج إلى إعادة صب الماء عليه للغسل، أو لتوهم أنه ورد في بعض الأخبار أنه شهيد فيكون في حكم الشهيد في المعركة، أو كان بين العامة في ذلك خلاف و على أي حال لا خلاف بين الأصحاب في وجوب غسله، و يدل على التربص ثلاثة أيام.

قال الشهيد في الذكرى: الغريق يعاد غسله بعد تيقن موته بالاستبراء لخبر إسحاق بن عمار و لأن السدر و الكافور مفقودان فيه، و لو قال: سلار بعدم وجوب النية أمكن الإجزاء عنده إذا علم موته قبل خروجه من الماء، لحصول الغرض من تنظيفه، كالثوب النجس يلقيه الريح في الماء، نعم لو نوى عليه في الماء أجزأ عنده انتهى أقول: هذا إثبات قول تقديري و لا عبرة به.

 (الحديث الثالث)

 (3): ضعيف. على المشهور و قد تكلمنا فيه.

 (الحديث الرابع)

 (4): موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 143

قوله عليه السلام:" حبس يومين"

 (1) كان العلامة (ره) في المنتهى جمع بين هذا الخبر و الأخبار الأخر حيث خير بين اليومين و الثلاثة، و الأظهر العمل بالأخبار الأخر لأنها أصح و أكثر سندا كما هو الأشهر و يمكن حمل هذا على ما إذا علم في اليومين كما هو الغالب و الله يعلم.

 (الحديث الخامس)

 (2): صحيح. على الأظهر.

قوله عليه السلام" خمس"

 (3) صرح الصدوق بلزوم الانتظار لهذا الخمس و كذا الشهيد (ره) في الدروس و في المبطون لا يخلو من إشكال، إلا أن يكون المراد بعض أفراده المشتبهة، و يمكن حمله على صاحب الهيضة و الله يعلم.

 (الحديث السادس)

 (4): ضعيف. و الكلام فيه قد سبق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 144

باب القتلى‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): صحيح.

قوله عليه السلام:" عن الذي يقتل في سبيل الله"

 (3) ههنا مسائل.

الأولى: لا خلاف بين الأصحاب في أن الشهيد لا يغسل و لا يكفن. قال في المعتبر: هو إجماع أهل العلم خلا سعيد بن المسيب و الحسن و لا عبرة بخلافهما.

الثانية: ذكر الشيخان و العلامة و الأكثر: أن الشهيد الذي لا يغسل و لا يكفن:

هو من يقتل بين يدي إمام عادل في نصرته أو من نصبه.

و قال المحقق: في المعتبر الأقرب اشتراط الجهاد السائغ حسب، فقد يجب الجهاد و إن لم يكن الإمام موجودا، و اختاره الشهيد و جماعة من المتأخرين.

أقول: لا يخفى أن هذا الخبر يدل على عموم الذي ذكره المحقق (ره) في المعتبر لكن لا خلاف في أنه لا يشمل غير هؤلاء ممن أطلقت الشهادة عليهم كالمقتول.

دون أهله و ماله و المطعون و الغريق و غيرهم.

الثالثة المشهور بين الأصحاب: أنه يشترط موته في المعركة فلو حمل من المعركة و به رمق ثم مات نزع عنه ثيابه و غسل و كفن.

و

قوله عليه السلام:" إلا أن يكون به رمق"

 (4) في هذا الخبر يحتمل أن يكون المراد به أن يكون به رمق عند إدراك المسلمين إياه فمناط وجوب التغسيل إدراك المسلمين إياه و به رمق، و إن لم يدرك كذلك لم يجب تغسيله كما فهمه الشهيد و المحقق شيخ علي و غيرهما من المتأخرين من هذا الخبر و إن لم يحكموا. بموجبه و أن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 145

يكون المراد. أن يكون بعد الإخراج به رمق أو وجدوه و به رمق ثم مات بعد الإخراج و على هذا ينطبق على ما ذكره الأصحاب من إناطة الفرق بالموت في المعركة و عدمه.

الرابعة: لا خلاف بين الأصحاب في وجوب دفنه بثيابه كما دل عليه الخبر.

قال في المعتبر: و يدفن الشهيد بجميع ثيابه أصابها الدم أو لم يصبها و هو إجماع المسلمين.

الخامسة: يدل الخبر على لزوم الكفن مع تجريد و عليه الفتوى.

السادسة: لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الصلاة عليه قال في التذكرة:

الشهيد يصلي عليه عند علمائنا أجمع، و به قال: الحسن و سعيد بن المسيب و الثوري و أبو حنيفة و المزني و أحمد في رواية.

و قال الشافعي و مالك و إسحاق و أحمد: في رواية لا يصلي عليه انتهى.

أقول: هذا الخبر مما استدل به الأصحاب على الوجوب، و لا يخفى أنه يدل، ظاهرا على أن الصلاة تابعه للكفن لأنه لم يذكر الصلاة في الأول، و ذكرها فيما إذا أخرج و به رمق و علل صلاة حمزة و تكفينه بأنه كان قد جرد، و يمكن أن يأول بأن التعليل للتكفين فقط و عدم ذكر الصلاة أولا لا يدل على النفي، و ما ذكره آخرا إذا قطعنا عنه التعليل يدل على لزوم الصلاة مطلقا.

قوله عليه السلام: و كفنه"

 (1) و زاد في الفقيه بعد ذلك و حنطه و في التهذيب كما هنا.

 (الحديث الثاني)

 (2): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 146

قوله عليه السلام:" في ثيابه"

 (1) ربما يتوهم المنافاة بين هذا و بين ما مر في الخبر السابق من تجريده. و أقول: يمكن، التوفيق بوجهين.

الأول: أن يكون ضمير ثيابه راجعا إلى الرسول صلى الله عليه و آله و ضمير دمائه إلى حمزة.

الثاني: أن يكون المراد" بالتجريد" التجريد عن بعض ثيابه فرداه النبي صلى الله عليه و آله ليستتر جميع بدنه.

قوله عليه السلام:" سبعين صلاة"

 (2) أي سبعين دعاء خارجا عن الصلاة، أو قرأ مع كل تكبير دعاء بناء على ما يظهر من بعض الأخبار من أن تعدد الصلاة عليه كان باعتبار التشريك، و يحتمل أن يكون" السبعون" في الدعاء على التغليب بناء على أن أكثر التكبيرات مع الدعاء، و يحتمل على بعد أن يكون المراد بالصلاة الصلاة التامة و بالتكبير تكبير الافتتاح و الثاني أظهر، و استدل بهذا الخبر أيضا على وجوب الصلاة على الشهيد.

 (الحديث الثالث)

 (3): كالموثق. و

أبو مريم‏

 (4) هو الأنصاري و قد صرح الصدوق بذلك في هذا الخبر.

قوله عليه السلام:" دفن في أثوابه"

 (5) لا يخفى أن ظاهر هذا الخبر أيضا سقوط الصلاة مع سقوط الغسل و الكفن، و الكلام في قوله صلى الله عليه و آله إذا كان به رمق كما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 147

ذكرنا في الخبر الأول.

 (الحديث الرابع)

 (1): موثق. أو كالموثق.

قوله عليه السلام:" و القلنسوة"

 (2) بفتح القاف و ضم السين‏

" و العمامة"

 (3) بكسر العين،

" و المنطقة"

 (4) بكسر الميم و فتح الطاء ما يشد في الوسط.

قوله عليه السلام:" إلا أن يكون أصابه"

 (5) الضمير إما راجع إلى السراويل أو إلى كل واحد من المذكورات و يدل على نزع هذه الأشياء بالشرط المذكور و حل العقد و اختلف الأصحاب فيما ينزع منه اختلافا كثيرا.

قال في الذكرى بعد نقل هذا الخبر. قال: ابن بابويه ينزع هذه الأشياء إلا أن يصيب شيئا منها دم، و ابن الجنيد: ينزع عنه الجلود و الحديد و الفرو و المنسوج مع غيره و السراويل إلا أن يكون فيه دم و هذا يمكن عود الاستثناء فيه إلى الأخير و كذلك الرواية في عود الاستثناء، و يمكن فيهما العود إلى الجميع.

و في النهاية يدفن جميع ما عليه مما أصابه الدم إلا الخفين، و قد روي أنه إذا أصابهما الدم دفنا معه.

و في الخلاف: يدفن بثيابه و لا ينزع منه إلا الجلود.

و المفيد: ينزع عنه السراويل إلا أن يصيبه دم و ينزع عنه الفرو و القلنسوة إن أصابهما دم دفنا معه، و ينزع الخف عنه على كل حال.

و ابن إدريس: يدفن بثيابه و إن لم يصبها الدم و بالخف و الفرو و القلنسوة إن أصابها دم و إن لم يصبها دم نزعت.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 148

و في المعتبر: دفنه بثيابه و إن لم يصبها دم أجمع عليه المسلمون.

و قال: الأوجه وجوب دفن السروال لأنه من الثياب، و ظاهره أنه ينزع عنه الخف و الفرو و الجلود و إن أصابها الدم، لأن دفنها تضييع انتهى.

و قال السيد صاحب المدارك: المعتمد وجوب نزع ما لم يصدق عليه اسم الثوب لأن دفن ما عدا الثياب تضييع لم يعتبره الشرع و إنما يحصل الإشكال في الثوب المعمول من الجلد من صدق التسمية، و من أن المعهود في العرف من الثياب المنسوجة فينصرف إليها الإطلاق انتهى.

أقول: الكلام في هذه المسألة في هذا الزمان قليل الجدوى.

 (الحديث الخامس)

 (1) حسن. لأن الغالب أن ابن محبوب يروي عن عبد الله.

قوله عليه السلام:" إلا أن يدركه المسلمون"

 (2) هذا صريح في أن المدار على إدراك المسلمين مع الرمق، و حمل على ما لو كان الموت بعد الإخراج عن المعركة، و يمكن أن يكون المراد إدراكه بعد انقضاء الحرب. فإن ظاهر بعض الأصحاب حينئذ أنه و إن مات في المعركة يغسل و يكفن و قد مر الكلام في مثله فلا نعيده.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 149

باب أكيل السبع و الطير و القتيل يوضع بعض جسده و الحريق‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): صحيح.

قوله عليه السلام:" فتبقى عظامه"

 (3) أقول هذا الخبر يدل على وجوب الصلاة و الغسل و الكفن على من وجد جميع عظامه، لأن الجمع المضاف يفيد العموم:

و على وجوب الصلاة على النصف الذي فيه القلب و هذا يحتمل معنيين" أحدهما" اشتراط كون القلب فيه" و ثانيهما" أن يكون المراد: النصف الذي يكون فيه القلب. و إن لم يكن عند الوجدان فيه و لعل أظهر.

و يحتمل على بعد: أن يكون المراد أن مع وجود النصفين يقف في الصلاة النصف الذي فيه القلب محاذيا له.

تنقيح اعلم: أنه اختلف كلام الأصحاب في ذلك اختلافا كثيرا قال: العلامة في المنتهى لو وجد بعض الميت إما بأن أكله سبع أو احترق بالنار أو غير ذلك، فإن كان فيه عظم وجب غسله بغير خلاف بين علمائنا و يكفن، و إن كان صدره صلى عليه و إلا فلا، ثم قال: أما لو لم يكن فيها عظم فإنه لا يجب غسلها و كان حكمها حكم السقط قبل أربعة أشهر، و كذا البحث لو أبينت القطعة من حي.

و قال: المحقق في المعتبر و إذا وجد بعض الميت و فيه الصدر فهو كما لو وجده كله، و هو مذهب المفيد.

و قال الشيخ: إن كان صدره و ما فيه قلبه صلى عليه ثم قال: و الذي يظهر لي أنه لا تجب الصلاة إلا أن يوجد ما فيه القلب أو الصدر و اليدان أو عظام الميت،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 150

لنا ما رواه علي بن جعفر.

و قال: أبو جعفر بن بابويه و إن لم يوجد منه إلا الرأس لم يصل عليه و روى البزنطي في جامعه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن بعض أصحابنا رفعه، قال: المقتول إذا قطع أعضاؤه يصلي على العضو الذي فيه القلب و روى الفضيل بن عثمان الأعور عن الصادق عن أبيه عليهما السلام عن الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة و وسطه و صدره و يداه في قبيلة و الباقي منه في قبيلة، قال: ديته على من وجد في قبيلة صدره و يداه، و الصلاة عليه، و روي عن ابن المغيرة قال: بلغني عن أبي جعفر عليه السلام أنه يصلي على كل عضو رجلا كان أو يدا أو الرأس. جزءا فما زاد فإذا نقص عن رأس أو يد أو رجل ثم يصل عليه، ثم ذكر مرسلة البرقي الاتية و قال: و ذكر ذلك ابن بابويه في كتابه و الروايتان مقطوعتا السند و أكثر الأصحاب يطرحهما فيسقط اعتبارهما انتهى.

و قال: الشهيد في الذكرى و ما فيه الصدر يغسل، و كذا عظام الميت يغسل، و كذا تغسل قطعة فيها عظم و ذكر الشيخان: و احتج عليه في الخلاف بإجماعنا و يلوح ما ذكره الشيخان من خبر علي بن جعفر لصدق العظام على التامة و الناقصة و لو كان لحم بغير عظم فلا غسل.

قال ابن إدريس: و لا كفن و لا صلاة. و أوجب: سلار لفها في خرقة و دفنها و لم يذكره الشيخان انتهى.

أقول: إذا أحطت خبرا بما ذكرنا و راجعت الأخبار الواردة في هذا الباب علمت أن الأقوى ما اختاره المحقق (ره)، و يمكن حمل الروايتين المرسلتين على الاستحباب، و استدل بهذا الخبر على ما هو المشهور من كون الصدر كالميت في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 151

جميع أحكامه و لا يخفى ضعفه إذ الظاهر من الخبر وجوب الصلاة على النصف الذي فيه القلب بأن يكون مشتملا على محل القلب، أو القلب أيضا كما عرفت و على الرأس و اليدين.

قال بعض المتأخرين: و الأجود إلحاق عظام الميت به في جميع الأحكام إلا الحنوط لعدم ذكره في الخبر.

أقول: يمكن إدخالها في عموم أخبار الحنوط إن وجدت الأعضاء التي يتعلق بها الحنوط و الله أعلم.

 (الحديث الثاني)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" لم يصل عليه"

 (2) لا خلاف في عدم الصلاة عليه و الغسل، و قد ذكر الأكثر: اللف في خرقة و دفنه، و هذا الخبر لا يدل على شي‏ء من ذلك و سيأتي ما يدل على الدفن و لا خلاف فيه و لم تجد ما يدل على اللف، و قد صرح في المعتبر بالاقتصار على الدفن من غير لف و قد مضى الكلام فيه.

قوله عليه السلام:" و إن وجد عظما بلا لحم"

 (3) ظاهره وجوب الصلاة على مطلق العظم و يمكن حمله على جميع العظام أو على الاستحباب.

قوله عليه السلام:" قال و روي"

 (4) القائل بزنطي أو علي، و يحتمل غيرهما من الرواة، و يدل على عدم وجوب الصلاة على مطلق العضو التام.

 (الحديث الثالث)

 (5): مرسل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 152

قوله عليه السلام: فإن وجد له عضو تام.

 (1) أقول: يحتمل أن يكون المراد بالعضو التام: تمام عضو له اسم مخصوص فيشمل بعض الأعضاء التي لا عظم فيها كالأذن و العين و الذكر و الأنثيين و اللسان و غيرها و أن يراد به العضو الذي لا يكون جزءا من عضو آخر كالرأس فإنه ليس جزءا من عضو آخر له اسم مخصوص و أن يكون المراد بالعضو التام العضو ذات العظم و إن كان جزء الأخر.

و حمل ابن الجنيد على الأخير و قال بمدلوله و مدلول الخبر السابق حيث قال و لا يصلي على عضو الميت و لا يغسل إلا أن يكون عضوا تاما بعظامه، أو يكون عظما مفردا و يغسل ما كان من ذلك لغير الشهيد كما يغسل بدنه، و لم يفصل الصدر و غيره.

أقول: و يحتمل كلامه الاحتمال الثاني أيضا و على التقادير يمكن حمله على الاستحباب، ثم اعلم أن هذا الخبر لا يدل على الغسل و الكفن و الحنوط، و لا الخبران السابقان إلا أن يدعى استلزام الصلاة للمذكورات و هو في محل المنع و المشهور في العضو ذات العظم سوى ما ذكرنا وجوب الغسل و اللف في خرقة.

و الدفن. و قد مر أن الشيخ ادعى عليه الإجماع و لم أظفر له على حجة. سواه على ما مر سوى الدفن نعم قد ذكرنا سابقا في أبواب الوضوء احتمالا في خبر الذي قطع منه اليد و الرجل فلا تغفل؟

ثم إن المشهور: أن الحكم مقصور على المبانة من الميت خاصة و به صرح في المعتبر، و قطع بدفن المبانة من الحي بغير غسل، و استقرب الشهيد في الذكرى مساواتها للمبانة من الميت.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 153

 (الحديث الرابع)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فقد وجب على من مسه الغسل"

 (2). أقول: هذا الخبر مع ضعف سنده يستفاد منه أمور.

الأول: وجوب غسل المس و هو المشهور، و قال: المرتضى باستحبابه.

الثاني: وجوب الغسل لمس العضو الذي فيه عظم و لا خلاف في وجوبه في الجملة بين القائلين بوجوب غسل المس.

الثالث: ظاهر الخبر شمول الحكم للقطة المذكورة إذا أبينت من حي، بل الظاهر أن السؤال عن خصوص ذلك و هذا التعميم هو المشهور بين الأصحاب اختاره الشيخ في المبسوط و الخلاف و النهاية، و نقل عليه في الخلاف الإجماع، و ذهب إليه جماعة من المتأخرين منهم المحقق في المنافع و الشهيد في الذكرى و غيرهما، و استدل عليه في المعتبر بهذا الخبر ثم قال: و الذي أراه التوقف في ذلك فإن الرواية مقطوعة و العمل بها قليل، و دعوى الشيخ في الخلاف الإجماع لم يثبت، فإذا الأصل عدم الوجوب و إن قلنا بالاستحباب كان تفصيا من اطراح قول الشيخ و الرواية انتهى، و لا يخفى أن كلامه متين لكن لكون ضعف الخبر منجبرا بالشهرة الأولى العمل بالمشهور.

الرابع: ظاهر سياق الخبر عدم وجوب الغسل بمس العظم المجرد كما هو المشهور إذ الظاهر من‏

قوله ما كان فيه عظم‏

 (3): كونه مشتملا على غير العظم و اختاره الشهيد في الذكرى الوجوب، نعم لو مس من العضو المشتمل على العظم عظمه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 154

هل يدخل في عموم الخبر؟ أم لا فيه إشكال، و الأظهر فيه أيضا عدم الوجوب و الاحتياط ظاهر.

فإن قيل: يصدق على العضو المركب من العظمين أن فيه عظما بل العظم الواحد أيضا، لأن جزء العظم عظم، قلنا لم يتبين دلالة الألفاظ بحسب اللغة و العرف على هذه التدقيقات، بل مبنى الدلالات المعتبرة في الشرع على متفاهم العرف و الاستعمالات الشائعة الغالبة التي يفهمها كل من عرف اللسان.

الخامس: يدل بعمومه على أحد الاحتمالين على عدم وجوب الغسل بمس القطعة غير ذات العظم و إن أبينت من ميت و هو ظاهر كلام القوم و ظاهر الأخبار الواردة في غسل المس وجوبه بمس الجزء المتصل بالكل، و دعوى عدم الفرق بين الاتصال و الانفصال غير مسموع، قال في التذكرة: و يجب الغسل بمس قطعة فيها عظم أبينت من آدمي حي أو ميت خلافا للجمهور، ثم قال: بعد الاحتجاج بهذه الرواية و لو كانت القطعة خالية من عظم أو كانت من غير الناس وجب غسل اليد خاصة و لا يجب الغسل و الأقرب عدم وجوب الغسل بمس نفس العظم.

السادس:

قوله عليه السلام" فهي ميتة"

 (1) يدل على أن القطعة المبانة من الحي أو مطلقا في حكم الميتة قال: المحقق الشيخ حسن في كتاب المعالم حكم أبعاض الميتة في النجاسة حكم جملتها عند الأصحاب لا يعرف فيه خلاف، و كذا ما أبين من أجزاء الحي التي فيها الحياة كالأليات و كان الحجة في هذا أيضا الإجماع، فإنهم لم يحتجوا له بحديث بل ذكره جماعة منهم مجردا عن الحجة، و اقتصر آخرون على توجيهه بمساواة الجزء للكل، أو بوجود معنى الموت فيها و كلاهما منظور فيه، و قد روى الكليني في كتابه عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت: جعلت فداك إن أهل الجبل يثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 155

فقال: حرام هي قلت: جعلت فداك فنصطبح بها فقال: أ ما تعلم أنه يصيب اليد و الثوب و هو حرام؟ و في هذه الرواية إشعار بالنجاسة لكن في طريقها ضعف، و روي بطريق ضعيف أيضا عن الكاهلي قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام و أنا عنده عن قطع أليات الغنم فقال: لا بأس بقطعها إذا كنت تصلح بها مالك ثم قال إن في كتاب علي عليه السلام أن ما قطع منها ميت لا ينتفع به و بطريق آخر مثله عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في أليات الضأن تقطع و هي أحياء إنها ميتة، و هذان الخبران لو تم سنداهما لاحتاجا في الدلالة على النجاسة إلى وجود دليل عام في نجاسة الميتة ليكون إثبات كون المنقطع ميتة مقتضيا لدخلوه في عموم الدليل على نجاسة الميتة و قد علم أن العمدة في التعميم الإجماع المدعى بين الأصحاب و حينئذ فالتمسك به موقوف على كونه متنا و لا لهذا المنقطع و معه لا حاجة إلى توسط الاحتجاج بما دل على أنه ميتة و على كل حال فالحكم هنا ليس موضع خلاف.

السابع: هل يشمل" القطعة" الأجزاء الصغار المنفصلة عن بدن الإنسان مثل الثبور و الثالول و غيرهما؟ الظاهر العدم لعدم صدق القطعة عليهما عرفا قال المحقق:

المذكور في المعالم، قال العلامة في المنتهى: الأقرب طهارة ما ينفصل من بدن الإنسان من الأجزاء الصغيرة مثل الثبور و الثالول و غيرهما لعدم إمكان التحرز عنها فكان عفوا دفعا للمشقة، و يظهر من تمسكه بعدم إمكان التحرز أنه يرى تناول دليل نجاسة المبان من الحي لها و أن المقتضي لاستثنائها من الحكم بالتنجيس و القول بطهارتها هو لزوم الحرج و المشقة من التكليف بالتحرز عنها و هذا عجيب، فإن الدليل على نجاسة المبان من الحي كما علمت إما الإجماع و الأخبار التي ذكرناها أو الاعتباران اللذان حكينا هما عن بعض الأصحاب أعني مساواة الجزء للكل و وجود معنى الموت فيه و الإجماع لو كان متناولا لما نحن فيه لم يعقل الاستثناء منه و الأخبار على تقدير صحتها و دلالتها و عمومها إنما يقتضي نجاسة ما انفصل في حال‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 156

وجود الحياة فيه لا ما زالت عنه الحياة قبل الانفصال كما في موضع البحث و النظر إلى ذينك الاعتبارين يقتضي ثبوت التنجيس و إن لم ينفصل تلك الأجزاء لتحقق معنى الموت فيها قبله و لا ريب في بطلانه.

و التحقيق أنه ليس لما يعتمد عليه من أدلة نجاسة الميتة و أبعاضها و ما في معناها من الأجزاء المبائنة من الحي دلالة على نجاسة نحو هذه الأجزاء التي يزول عنها أثر الحياة في حال اتصالها بالبدن فهي على أصل الطهارة و إذا كان للتمسك بالأصل مجال فلا حاجة إلى تكلف دعوى لزوم الحرج و تحمل المشقة في إثباته في جميع الأحوال ليتم الحكم بالطهارة مطلقا و قد ذكر العلامة: في النهاية أيضا حكم هذه الأجزاء و استقرب الطهارة كما قال في المنتهى، و عللها بعدم إمكان التحرز و بالرواية و لم يبينها و لعله أراد بها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون به الثالول أو الجرح هل يصلح له أن يقطع الثالول و هو في صلاته؟ أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح و يطرحه؟ قال: إن لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس و إن تخوف أن يسيل الدم فلا تفعله و هذه الرواية ظاهرة في الطهارة عاضدة لما يقتضيه الأصل من حيث إطلاق نفي البأس عن مس هذه الأجزاء في حال الصلاة فإنه يدل على عدم الفرق بين كون المس برطوبة و يبوسة إذا المقام مقام تفصيل كما يدل عليه اشتراط نفي البأس بانتفاء تخوف سيلان الدم فلو كان مس تلك الأجزاء مقتضيا للتنجيس و لو على بعض الوجوه لم يحسن الإطلاق بل كان اللائق البيان كما وقع في خوف السيلان، هذا إذا اشترطنا في تعدي النجاسة من القطع المبانة من الحي الرطوبة و أما على القول بالتعدي مطلقا فدلالة الرواية على انتفاء التنجيس فيما نحن فيه واضحة جلية انتهى كلامه رفع الله مقامه و هو في غاية المتانة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 157

تذنيب: قال الشهيد في الذكرى: هل يجب الغسل بمس العظم المجرد متصلا أو منفصلا، الأقرب نعم لدوران الغسل معه وجودا و عدما و يمكن الالتفات إلى طهارته فلا يفيد غيره نجاسة و نحن نمنع طهارته قبل الغسل الشرعي لأنه ينجس بالاتصال، نعم لو أوضح العظم في حال الحياة و طهر ثم مات فمسه فالإشكال أقوى لأنه لا يحكم بنجاسة هذا العظم حينئذ و لو غلبنا جانب الحكم توجه وجوب الغسل و هو أقرب، إما على هذا فظاهر و إما على النجاسة العينية فيمكن القول بنجاسته تبعا للميت عينا و يطهر بالغسل و أما السن و الضرس فالأولى القطع بعدم وجوب الغسل بمسهما لأنهما في حكم الشعر و الظفر هذا مع الانفصال و مع الاتصال و يمكن المساواة لعدم نجاستهما بالموت و الوجوب لأنهما من جملة يجب الغسل منها بمسهما.

أقول إثبات وجوب الغسل في جميع ما ذكره (رحمه الله) في غاية الإشكال و ما ذكره من الأدلة كلهما مدخولة و إنما أطنبنا الكلام في هذا المقام مع ما التزمناه من الاختصار التام لكثرة الجدوى في الفحص عن هذا المقاصد و عموم البلوى فيها.

 (الحديث الخامس)

 (1): ضعيف.

قوله" إذا وسط"

 (2) على المجهول قال في القاموس: وسطه توسيطا إذا قطعه نصفين، أقول قد مر الكلام فيه مستقصى.

 (الحديث السادس)

 (3): موثق‏

قوله عليه السلام:" إن يصبوا عليه الماء"

 (4) أي لا يمس جسده و لا يدلك، بل يكتفي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 158

بالصب لخوف تناثر جلده عند الدلك، قال في المنتهى: و يصب الماء على المحترق و المجدور و صاحب القروح و من يخاف تناثر جلده من المس لأجل الضرورة، و لو خيف من ذلك أيضا يمم بالتراب لأنه في محل الضرورة.

أقول: ربما يلوح من كلامه وجوب الدلك عند عدم الضرورة و لا دلالة في الخبر على ذلك و يحتمل أن يكون مراده عدم وجوب إزالة النجاسة عند التعذر، بل ظاهر الأخبار ذلك. لكن لم يصرحوا بذلك و يبعد منهم على أصولهم القول به و الظاهر أن مراده سقوط استحباب إمرار اليد كما صرح به في التذكرة حيث قال يستحب إمرار يد الغاسل على جسد الميت فإن خيف من ذلك لكونه مجدورا أو محترقا اكتفى بصب الماء عليه لأن الإمرار مستحب و تقطيع الجلد حرام فيعدل إلى تركه، فإن خيف من الصب يمم بالتراب و هو إجماع العلماء انتهى.

فائدة: قال الشهيد: في الذكرى يلوح من الاقتصار على الصب الإجزاء بالقراح لأن المائين الآخرين لا يتم فائدتهما بدون الدلك غالبا و حينئذ فالظاهر الإجزاء بالمرة لأن الأمر لا يدل على التكرار انتهى.

أقول: يظهر من سياق الخبر ما ذكره. لكن التمسك بعدم الفائدة غير تام.

 (الحديث السابع)

 (1): ضعيف. و سعيد تصحيف و الصواب علي بن سعيد.

قوله عليه السلام:" و أكيل السبع"

 (2) فيه دلالة على وجوب تغسيل جميع العظام كما لا يخفى.

قوله عليه السلام:" و كل شي‏ء"

 (3) يدل على تغسيل كل ميت إلا ما أخرجه الدليل‏

قوله عليه السلام:" إلا ما قتل بين الصفين"

 (4) يشمل بعمومه الجهاد السائغ في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 159

زمن الغيبة و قد قدمنا الكلام فيه.

قوله عليه السلام:" فإن كان به رمق"

 (1) يجري فيه ما مر من الكلام.

باب من يموت في السفينة و لا يقدر على الشط أو يصاب و هو عريان‏

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): صحيح.

قوله عليه السلام:" يوضع في خابية"

 (4) قال الجوهري: الخابية الحب و أصلها الهمز لأنه من خبأت إلا أن العرب تركت همزها.

أقول: قد قطع الشيخ و أكثر الأصحاب بأن من مات في سفينة في البحر يغسل و يحنط و يكفن و يصلي عليه و ينقل إلى البر مع المكنة فإن تعذر لم يتربص به بل يوضع في خابية أو نحوها و يسد رأسها و يلقى في البحر أو يثقل ليرسب في الماء ثم يلقى فيه، و ظاهر المفيد في المقنعة و المحقق في المعتبر جواز ذلك ابتداء و إن لم يتعذر البر و بالتخيير جمعوا بين هذا الخبر و الأخبار الأخر كما سيأتي، و أوجب ابن الجنيد و الشهيدان الاستقبال به حالة الإلقاء و هو أحوط، و أوجب بعض العامة جعله بين لوحين رجاء لوصوله البر فيدفنه المسلمون و نصوصنا تدفعه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 160

قوله عليه السلام:" و يوكى رأسها"

 (1) بضم الياء و فتح الكاف بدون الهمز قال الجوهري الوكاء الذي يشد به رأس القربة يقال أو كي على ما سقاية إذا شده بالوكاء:

 (الحديث الثاني)

 (2): مرسل.

قوله عليه السلام:" و يثقل‏

 (3) حمل على التخيير" و يمكن القول بالجمع بينهما بأن يكون فائدة التثقيل الرسوب و فائدة الخابية الحفظ من حيوانات البحر، و يمكن حمل هذا على ما إذا تعذر الخابية كما هو الغالب، فالأولى العمل بالأول لصحة خبره و الجمع أحوط، و ظاهر هذه الأخبار مع المفيد لعدم التقييد بالتعذر لكن الأصحاب لعموم أخبار الدفن و كون ذلك متنة التعذر غالبا حملوه على ذلك.

 (الحديث الثالث)

 (4): ضعيف.

قوله عليه السلام:" على الشط"

 (5) قال الجوهري: الشط جانب البحر.

أقول: هذا الخبر مقيد بالتعذر في كلام السائل، و حمل على ما مر من أحد الأمرين.

 (الحديث الرابع)

 (6): موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 161

قوله عليه السلام:" قد لفظه البحر"

 (1) اللفظ الرمي أقول: يمكن أن يستدل بهذا الخبر على أحكام.

الأول: شرعية اللحد.

الثاني: وجوب ستر عورة الميت عند الصلاة عليه و هذا مقطوع به في كلامهم.

الثالث: تقديم الكفن على الصلاة و لا خلاف بين العلماء في ذلك، و في دلالة الخبر عليه إشكال قال في المعتبر: لا يصلي عليه إلا بعد تغسيله و تكفينه.

الرابع: أنه لو لم يكن له كفن جعل في القبر و سترت عورته و صلى عليه بعد ذلك و هذا مقطوع في كلامهم.

قال في الذكرى: إن أمكن ستره بثوب صلى عليه قبل الوضع في اللحد و يمكن المناقشة في وجوب ذلك.

الخامس: تقديم الصلاة على الدفن و لا خلاف في وجوبه أيضا.

السادس: عدم جواز الصلاة بعد الدفن و قد مر الكلام فيه.

السابع: عدم تحقق الدفن بمجرد الوضع في اللحد، بل إما يستره باللبن و غيره، أو يطم القبر و لم يتعرض له الأصحاب و يظهر الفائدة في مواضع.

الثامن: عدم استحباب الإيثار فيما يحتاج إليه المالك لأمر واجب و فيه كلام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 162

باب الصلاة على المصلوب و المرجوم و المقتص منه‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" يغسلان"

 (3) المشهور بين الأصحاب أنه يجب أن يؤمر من وجب عليه القتل بأن يغتسل، و ظاهرهم غسل الأموات ثلاثا، بخليطين و بأن يحنط كما صرح به الشيخ و أتباعه و زاد ابنا بابويه و المفيد تقديم التكفين أيضا و المستند هذا الخبر، و قال في المعتبر: إن الخمسة و أتباعهم أفتوا بذلك و لا نعلم للأصحاب فيه خلافا و لا يجب تغسيله بعد ذلك و في وجوب الغسل بمسه بعد الموت إشكال و ذهب أكثر المتأخرين إلى العدم لأن الغسل إنما يجب بمس الميت قبل غسله و هذا قد غسل.

الحديث الثاني:

 (4) صحيح على ما في أكثر النسخ من عدم زيادة.

قوله عليه السلام:" عن أبيه"

 (5) و هو الموافق لما في التهذيب و على النسخة الأخرى يكون حسنا.

و

قوله عليه السلام:" أ ما علمت أن جدي"

 (6) يعني الصادق عليه السلام.

قوله عليه السلام:" على عمه"

 (7) يعني زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام.

قال: الشهيد (ره) في الذكرى و إنما يجب الاستقبال مع الإمكان فيسقط لو تعذر من المصلي و الجنازة كالمصلوب الذي يتعذر إنزاله كما روى أبو هاشم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 163

الجعفري و هذه الرواية و إن كانت غريبة نادرة كما قال: الصدوق و أكثر الأصحاب لم يذكروا مضمونها في كتبهم إلا أنه ليس لها معارض و لا راد، و قد قال: أبو الصلاح و ابن زهرة يصلي على المصلوب و لا يستقبل وجهه الإمام في التوجه فكأنهما عاملان بها، و كذا صاحب الجامع الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، و الفاضل في المختلف قال: إن عمل بها فلا بأس، و ابن إدريس نقل عن بعض الأصحاب إن صلى عليه و هو على خشبة استقبل وجهه المصلي و يكون هو مستدبر القبلة، ثم حكم بأن الأظهر إنزاله بعد الثلاثة و الصلاة عليه قلت هذا النقل لم نظفر به، و إنزاله قد يتعذر كما في قضية زيد انتهى كلامه رفع الله مقامه.

أقول إن المتعرضين لهذا الخبر لم يتكلموا في معناه و لم يتفكروا في معناه و لم ينظروا إلى ما يستنبط من فحواه فأقول و بالله التوفيق إن مبنى هذا الخبر على أنه يلزم المصلي أن يكون مستقبلا للقبلة، و أن يكون محاذيا لجانبه الأيسر فإن لم يتيسر ذلك فيلزمه مراعاة الجانب في الجملة مع رعاية القبلة الاضطرارية و هو ما بين المشرق و المغرب فبين عليه السلام محتملات ذلك في قبلة أهل العراق المائلة عن خط نصف النهار إلى جانب اليمين فأوضح ذلك أبين إيضاح و أفصح أظهر إفصاح ففرض عليه السلام أولا كون وجه المصلوب إلى القبلة فقال: قم على منكبه الأيمن لأنه لا يمكن محاذاة الجانب الأيسر مع رعاية القبلة فيلزم مراعاة الجانب في الجملة، فإذا قام محاذيا لمنكبه الأيمن يكون جهته داخلة فيما بين المشرق و المغرب من جانب القبلة لميل قبلة أهل العراق إلى اليمين عن نقطة الجنوب إذ لو كان المصلوب محاذيا لنقطة الجنوب كان الواقف على منكبه واقفا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 164

على خط مقاطع لخط نصف النار على زوايا قوائم فيكون مواجها لنقطة المشرق الاعتدالي فلما انحرف المصلوب عن تلك النقطة بقدر انحراف قبلة البلد الذي هو فيه ينحرف الواقف على منكبه بقدر ذلك عن المشرق إلى الجنوب و ما بين المشرق و المغرب قبلة، أما للمضطر كما هو المشهور، و هذا المصلي مضطرا و مطلقا كما هو ظاهر بعض الأخبار و ظهر لك أن هذا المصلي لو وقف على منكبه الأيسر لكان خارجا عما بين المشرق و المغرب محاذيا لنقطة من الأفق منحرفة عن نقطة المغرب الاعتدالي إلى جانب الشمال بقدر انحراف القبلة، ثم فرض عليه السلام كون المصلوب مستديرا للقبلة فأمره حينئذ لينام على منكبه الأيسر ليكون مواجها لما بين المشرق و المغرب واقفا على منكبه الأيسر كما هو اللازم في حال الاختيار، ثم بين علة الأمر في كل من الشقين بقوله" فإن ما بين المشرق و المغرب قبلة" ثم فرض كون منكبه الأيسر إلى القبلة فأمره بالقيام على منكبه الأيمن ليكون مراعيا لمطلق الجانب لتعذر رعاية خصوص المنكب الأيسر و العكس ظاهر، ثم لما أوضح عليه السلام بعض الصور بين القاعدة الكلية في ذلك ليستنبط منه باقي الصور المحتملة و هي رعاية أحد الجانبين مع رعاية ما بين المشرق و المغرب و قد فهم مما قرره عليه السلام سابقا تقديم الجانب الأيسر مع الإمكان و نهاه عن استقبال الميت و استدباره في حال من الأحوال فإذا حققت ذلك فاعلم أن الأصحاب اتفقوا على وجوب كون الميت في حال الصلاة مستلقيا على قفاه و كون رأسه إلى يمين المصلي و لم يذكروا لذلك مستندا إلا عمل السلف في كل عصر و زمان حتى إن بعض مبتدعي المتأخرين أنكر ذلك في عصرنا، و قال: يلزم أن يكون الميت في حال الصلاة على جانبه الأيمن مواجها للقبلة على هيئته في اللحد و تمسك بأن هذا الوضع ليس من الاستقبال في شي‏ء.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 165

أقول: هذا الجز على ما فسرناه و أوضحناه ظاهر الدلالة على رعاية محاذاة أحد الجانبين على كل حال و بانضمام الخبر الوارد بلزوم كون رأس الميت إلى يمين المصلي يتعين القيام على يساره إذ لا يقول هذا القائل أيضا فضلا عن أحد من أهل العلم بجواز كون الميت منبطحا على وجهه حال الصلاة مع أن عمل الأصحاب في مثل هذه الأمور التي تتكرر في كل يوم و ليلة في أعصار الأئمة عليهم السلام و بعدها من أقوى المتواترات و أوضح الحجج و أظهر البينات.

 (الحديث الثالث)

 (1): ضعيف. على المشهور و عليه الفتوى قال في المعتبر: المصلوب لا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام، هذا مذهب الأصحاب و رواه السكوني انتهى.

باب ما يجب على الجيران لأهل المصيبة و اتخاذ المأتم‏

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): حسن.

قوله عليه السلام:" أن تتخذ طعاما"

 (4) يدل على استحباب بعث الطعام إلى صاحب المصيبة ثلاثة أيام و لا خلاف بين الأصحاب في ذلك و ظاهره استحباب تعاهدهم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 166

و تعزيتهم ثلاثة أيضا و على استحباب بعث النساء لتعزية الأقارب.

قال الشهيد (ره) في الذكرى: بعد ذكر بعض أحكام التعزية، و لا حد لزمانها عملا بالعموم، نعم لو أدت التعزية إلى تجديد حزن قد نسي كان تركها أولى، و يمكن القول بثلاثة أيام لنقل الصدوق عن أبي جعفر عليه السلام يصنع للميت مأتم ثلاثة أيام من يوم مات، و نقل الصدوق عن الصادق عليه السلام أن النبي صلى الله عليه و آله أمر فاطمة عليها السلام أن تأتي أسماء بنت عميس و نساءها و أن تصنع لهم طعاما ثلاثة أيام فجرت بذلك السنة، و قال الصادق عليه السلام ليس لأحد أن يحد أكثر من ثلاثة أيام إلا المرأة على زوجها حتى تنقضي عدتها قال و أوصى أبو جعفر عليه السلام بثمانمائة درهم لمأتمه و كان يرى ذلك من السنة لأن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أمر باتخاذ طعام لآل جعفر و في كل هذه إيماء إلى ذلك و الشيخ أبو الصلاح، قال: من السنة تعزية أهله ثلاثة أيام و حمل الطعام إليهم و الشيخ في المبسوط نقل الإجماع على كراهية الجلوس للتعزية يوما أو يومين أو ثلاثة، و رده ابن إدريس بأنه اجتماع و تزاور، و نصره المحقق بأنه لم ينقل عن أحد من الصحابة و الأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالف لسنة السلف و لا يبلغ التحريم.

قلت الأخبار المذكورة مشعرة به و شهادة الإثبات مقدمة إلا أن يقال لا يلزم من عمل المأتم الجلوس للتعزية بل هو مقصور على الاهتمام بأمور أهل البيت لاشتغالهم بحزنهم لكن اللغة و العرف يشهدان بخلافه، قال الجوهري: المأتم النساء يجتمعن قال: و عند العامة المصيبة و قال غيره المأتم المناحة و هما مشعران بالاجتماع انتهى كلامه رحمه الله.

 (الحديث الثاني)

 (1): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 167

قوله عليه السلام" مأتما"

 (1) كذا في أكثر النسخ فيكون‏

قوله يصنع‏

 (2) على صيغة المعلوم و الفاعل محذوفا أي الشخص أو الرجل مثلا، و في بعضها مأتم و هو أظهر أو لعله كناية عن إطعام أهل الميت و من ورد عليهم فإن الإطعام سبب لاجتماع النساء عندهم، و المأتم في أصل النساء المجتمعات في الخير و الشر، و روي في الفقيه مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام يصنع للميت مأتم و لعله أظهر، و في المحاسن رواه عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يصنع للميت الطعام للمأتم ثلاثة أيام بيوم مات فيه، و يحتمل أن يكون المراد بقوله عليه السلام يصنع لأهل الميت مأتم بعث النساء إليهن و طلب النائحات لهن أو هذه مع بعث الطعام إليهن أيضا و الله يعلم.

 (الحديث الثالث)

 (3): مجهول. بسعدان، أو حسن لأنه موصوف بأن له أصلا.

قوله عليه السلام:" لجيران صاحب المصيبة"

 (4) يدل على استحباب إطعام الثلاثة للجيران و يمكن أن يكون الحكم مختصا بهم، و إن يكون عليهم أكد و الأخير أظهر لعموم الأخبار و ضعف مفهوم هذا الخبر.

 (الحديث الرابع)

 (5): مرسل.

قوله عليه السلام:" أوصى أبو جعفر عليه السلام"

 (6) يدل على استحباب اتخاذ المأتم و استحباب الوصية له.

قوله عليه السلام:" و كان يرى ذلك"

 (7) أي المأتم و اتخاذه سنة لأمر النبي صلى الله عليه و آله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 168

باتخاذ المأتم بجعفر عليه السلام و لا يبعد حينئذ زوال كراهة الأكل عندهم و الله يعلم‏

 (الحديث الخامس)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" عن الحقوق تسألني"

 (2) أي قضاء حقوق الناس في المأتم و الأعراس، و يدل الخبر على استحباب بعث النساء المأتم فما ورد من النهي محمول على أن لا يكون الغرض قضاء الحقوق بل يكون لأجل التنزه.

قوله عليه السلام:" و أم فروة"

 (3) هي كنية لأم الصادق عليه السلام بنت القاسم بن محمد و لا بنته عليه السلام بنت فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين و هذه تحتملها.

 (الحديث السادس)

 (4): ضعيف. و

أحمد

 (5) هو العاصمي، و

ابن جمهور

 (6) هو الحسن بن محمد ابن جمهور و

الأصم‏

 (7) هو عبد الله بن عبد الرحمن، و قائل حدثنا لعله ابن جمهور، و يحتمل أن يكون أباه‏

" قوله مروا أهاليكم بالقول الحسن"

 (8) أي بأن لا يقولوا فيما يعدونه من مدائح الميت كذبا، أو المراد الدعاء و الاستغفار و ترك المدائح مطلقا إلا فيما يتعلق به غرض شرعي، و المراد بالتعداد تعداد الفضائل و كأنها عليه السلام إنما أمرت بالترك ليتأسى بها في سائر الموتى و إلا فذكر فضائله صلى الله عليه و آله من أعظم العبادات.

تذييل. قال العلامة في المنتهى: النياحة بالباطل محرمة إجماعا أما بالحق‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 169

فجائز إجماعا.

و قال الشهيد (ره) في الذكرى: يجوز النوح بالكلام الحسن و تعداد فضائله باعتماد الصدق، و الشيخ في المبسوط، و ابن حمزة حرما النوح، و ادعى الشيخ الإجماع و الظاهر أنهما أرادا النوح بالباطل و المشتمل على المحرم كما قيده في النهاية ثم قال: و المراثي المنظومة جائزة عندنا لما مر، و لأنها نوع من النوح و قد دللنا على جوازه و قد سمع الأئمة عليهم السلام المراثي و لم ينكروها انتهى.

باب المصيبة بالولد

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): مجهول. على المشهور و يحتمل الصحة كما حققه الوالد العلامة (ره) لأن أبا إسماعيل يظهر من الكليني في باب البئر بجنب البالوعة و باب صلاة الحوائج أن اسمه عبد الله بن عثمان و الراوي عن الصادق عليه السلام هو الثقة أخو حماد لكن في البابين روى أبو إسماعيل عن الصادق عليه السلام بواسطتين.

قوله" ولد يقدمه الرجل"

 (3) أي يموت قبله.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 170

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" حيث مات القاسم ابنها"

 (2) المشهور أنه ولد للنبي صلى الله عليه و آله من خديجة من النبيين عبد الله و القاسم و اختلف في أنه أيهما أكبر.

قوله عليه السلام:" درت دريرة"

 (3) أي جرت جريرة و دفعة من اللبن.

قال الجوهري: الدر و الدرة كثرة اللبن و سيلانه و در الضرع باللبن يدر درورا.

قوله عليه السلام:" و ذلك لكل مؤمن"

 (4) يحتمل أن يكون هذا إلى آخر الخبر من كلام أبي جعفر عليه السلام أو الرسول صلى الله عليه و آله.

قوله عليه السلام:" ثمرة فؤاده"

 (5) قال في النهاية: فيه إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم، قيل للولد ثمرة لأن الثمرة ما ينتجه الشجر و الولد نتيجة الأب.

أقول إضافة الثمرة إلى الفؤاد أي القلب لأنه أشرف الأعضاء و لأنه محل الحب فلما كان حبه لازقا بالقلب لا ينفك عنه فكأنه ثمرته و قال الطيبي ثمرة فؤاده أي نقاوة خلاصته فإن خلاصة الإنسان الفؤاد، و الفؤاد إنما يعتد به لما هو مكان اللطيفة التي خلق لها و بها شرفه و كرامته.

 (الحديث الثالث)

 (6): صحيح. إذ الظاهر أنه إسماعيل بن مهران و قد مضى بتغيير

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 171

برواية سهل فقط في باب التعزية.

 (الحديث الرابع)

 (1): ضعيف. على المشهور قوله و الله أعلم هذا لرفع توهم أن سؤاله تعالى لعدم علمه بل هو أعلم من ملائكته بما قاله و لكن يسأل ذلك لكثير من المصالح، منها إظهار جوده و فضله على ملائكته و على غيرهم بأخبار الأنبياء و الحجج عليهم السلام و الأمر بإعطاء الثواب و استعمال الملائكة فيما يستحقون به القرب و غير ذلك مما لا يحيط به عقولنا.

قوله عليه السلام:" و استرجع"

 (2) قال في القاموس: أرجع في المصيبة قال: إنا لله و إنا إليه راجعون كرجع و استرجع.

قوله عليه السلام" و قرة عينه"

 (3) أي ما يقر به عينه و يسر به، قال الجوهري:

 (قرت عينه) تقر و تقره نقيض سخنت و أقر الله عينه: أي أعطاه حتى تقر فلا تطمح إلى ما هو فوقه و يقال: حتى تبرد و لا تسخن فللسرور دمعة باردة و للحزن دمعة حارة انتهى.

أقول: روى العلامة مثله عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه و آله.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 172

 (الحديث الخامس)

 (1): مجهول، بأبي عبد الرحمن.

 (الحديث السادس)

 (2): ضعيف، و الضمير في‏

قوله عنه‏

 (3) راجع إلى أحمد فأسقط العدة اختصارا.

قوله عليه السلام:" يحتسبهما عند الله"

 (4) قال في النهاية: فيه من صام رمضان إيمانا و احتسابا أي طلبا لوجه الله و ثوابه و الاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد و إنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لأن له حينئذ أن يعتد عمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به، و الحسبة اسم من الاحتساب كالعدة من الاعتداد و الاحتساب في الأعمال الصالحات و عند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر و تحصيله بالتسليم و الصبر أو باستعمال أنواع البر و القيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها، و منه الحديث" من مات له ولد فاحتسبه" أي احتسب الأجر بصبره على مصيبة، يقال فلان احتسب ابنا له إذا مات كبيرا و افترطه إذا مات صغيرا و معناه اعتد مصيبته به في جملة بلايا الله التي يثاب على الصبر عليها.

 (الحديث السابع)

 (5): ضعيف.

قوله عليه السلام:" لما توفي طاهر ابن رسول الله صلى الله عليه و آله.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 173

 (1) أقول: ذهب بعض الناس إلى أن أبناء رسول الله صلى الله عليه و آله من خديجة أربعة عبد الله، و القاسم، و الطيب، و الطاهر، و المشهور أن الطيب و الطاهر لقبان، و الأبناء إنما هم اثنان، فذكر الطبرسي (رحمه الله عليه) أنهما لقبان لعبد الله، و ذكر ابن شهرآشوب أن الطيب لقب عبد الله و الطاهر لقب للقاسم، فعلى ما ذكره ابن شهرآشوب يكون هذه القضية هي التي مضت في الخبر السالف و على ما ذكره الطبرسي (ره) يكونان قضيتين و هذا مما يؤيد قول ابن شهرآشوب إذ الظاهر اتحاد القضيتين.

قوله عليه السلام:" نهى"

 (2) يدل على ذم البكاء على الموتى و سيأتي الكلام فيه.

 (الحديث الثامن)

 (3): حسن. أو موثق و يدل على أن الجزع لا يحبط أجر المصيبة و يمكن حمله على ما إذا لم يقل و لم يفعل ما يسخط الرب أو على عدم الاختيار.

 (الحديث التاسع)

 (4): معطوف على السند السابق فهو حسن.

قوله عليه السلام:" ليعجب من رجل"

 (5) أي يرضاه و يحمده، قال في النهاية: فيه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 174

عجب ربك من قوم يساقون إلى الجنة في السلاسل أي عظم ذلك عنده و كبر لديه اعلم: أن الله تعالى إنما يتعجب الآدمي من الشي‏ء إذا عظم موقعه عنده و خفي عليه سببه فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع هذه الأشياء، و قيل: معنى عجب ربك أي رضي فأثاب. سماه عجبا مجازا و ليس بعجب في الحقيقة، و الأول أوجه.

 (الحديث العاشر)

 (1): ضعيف. و قد مر الكلام في مثله، و روي مثله بأسانيد من طرق العامة.

باب التعزي أي حمل النفس على الصبر و ترك الجزع‏

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فليذكر مصابه"

 (4) المصاب هنا مصدر قال الجوهري: أصابته مصيبة فهو مصاب، و المصاب الإصابة انتهى.

 (الحديث الثاني)

 (5): ضعيف على المشهور.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 175

قوله عليه السلام: فاذكر"

 (1) فإن تذكر عظام المصائب يهون صغارها كما هو المجرب.

 (الحديث الثالث)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" نعى"

 (3) النعي خبر الموت كما قاله الجوهري: و ضمن هنا معنى الكناية لتعديته بإلى يقال نعاه له، و يظهر من بعض اللغويين أنه يتعدى بإلى أيضا بدون التضمين، و يدل على أن الحسين عليه السلام لم يكن حاضرا في الكوفة عند قضية أبيه صلوات الله عليه.

 (الحديث الرابع)

 (4): حسن.

قوله عليه السلام:" يقول"

 (5) قال: الشيخ البهائي (ره) الضمير في قوله يقول يعود إلى المصوت المدلول عليه بالصوت و عوده إلى الشخص لا يخلو من حزازة.

قوله عليه السلام:" كل نفس"

 (6) قال الشيخ الطبرسي (ره) في مجمع البيان كل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 176

نفس ذائقة الموت أي ينزل بها الموت لا محالة فكأنها ذاقته، و قيل معناه كل نفس ذائقة مقدمات الموت و شدائده و سكراته، و إنما توفون أجوركم معناه و إنما تجزون جزاء أعمالكم وافيا يوم القيمة، إن خيرا فخيرا و ثوابا، و إن شرا فشرا و عقابا، فإن الدنيا ليست بدار جزاء و إنما هي دار عمل و الآخرة دار جزاء و ليست بدار عمل‏

" فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ"

 (1) أي بوعد من نار جهنم و نجا عنها

" وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ"

 (2) أي نال المنية و ظفر بالبغية و نجا من الهلكة" وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ" و معناه و ما لذات الدنيا و زينتها و شهواتها إلا متعة متعكموها للغرور و الخداع المضمحل الذي لا حقيقة له عند الاختيار، و قيل" مَتاعُ الْغُرُورِ" القوارير و هي في الأصل ما لا بقاء له عن عكرمة، انتهى كلامه رفع الله مقامه، و قال البيضاوي: شبهها بالمتاع الذي يدلس به على المتتام و يغريه حتى يشتريه و هذا لمن أثرها على الآخرة، فأما من طلب بها الآخرة فهي له متاع بلاغ و الغرور مصدر أو جمع غار.

قوله عليه السلام:" فبالله فثقوا"

 (3) هذا مما قدر فيه أما و الفاء دليل عليه، قال الرضي:" رضي الله عنه" و قد يحذف إما لكثرة الاستعمال نحو قوله تعالى وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ و (هذا فَلْيَذُوقُوهُ) و (فَبِذلِكَ‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 177

فَلْيَفْرَحُوا) و إنما يطرد ذلك إذا كان ما بعد الفاء أمرا أو نهيا و ما قبلها منصوبا به، أو يفسر به فلا يقال زيد فضربت و لا زيدا فضربته بتقدير أما، و أما قولك زيد فوجد فالفاء فيه زائدة و قال ابن هشام: الفاء في نحو" بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ" جواب لا مقدرة عند بعضهم و فيه إجحاف و زائدة عند الفارسي، و فيه بعد و عاطفة عند غيره و الأصل تنبه فأعبد الله ثم حذف تنبه و قدم المنصوب على الفاء إصلاحا للفظ كيلا يقع الفاء صدرا كما قال الجميع في الفاء في نحو أما زيدا فاضرب إذ الأصل مهما يكن من شي‏ء فاضرب زيدا و قال الزمخشري: في قوله تعالى" قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا" فحذف أحد الفعلين لدلالة المذكور عليه و الفاء داخلة لمعنى الشرط كأنه قيل إن فرحوا بشي‏ء فليحصوهما بالفرح فإنه لا مفروح به أحق منهما، و يجوز أن يراد بفضل الله و برحمته فليعتنوا فبذلك فليفرحوا انتهى.

قوله عليه السلام:" و إياه فارجوا"

 (1) الكلام فيه كما تقدم.

قوله عليه السلام:" و إنما المحروم من حرم الثواب"

 (2) أي ليس المحروم من حرم من أمر من أمور الدنيا الفانية كذهاب مال أو فراق محبوب أو غيرهما مع كون الثواب الأبدي خلفا له بل المحروم من حرم ثواب الله و إن كان جميع الدنيا له بلا معارض فإنه يحرم بعد فنائها و ليس له بعد ذلك إلا العقاب الذي لا ينقطع.

 (الحديث الخامس)

 (3): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 178

قوله عليه السلام:" جاءهم جبرئيل"

 (1) يدل على أن الاتي كان جبرئيل عليه السلام و يدل خبر آخر رواه الصدوق في كتاب إكمال الدين أنه كان الخضر عليه السلام و لا منافاة بينهما إذ يمكن أن يكون جبرئيل أتى من قبل الله بالتعزية كما يدل عليه خبر يعقوب بن سالم في باب تاريخ النبي صلى الله عليه و آله و أتى الخضر أيضا لذلك.

قوله عليه السلام:" و النبي مسجى"

 (2) أي مغطى بالثوب بعد وفاته صلى الله عليه و آله.

قوله عليه السلام:" و أهل بيت الرحمة"

 (3) أي أهل بيت ينزل فيه رحمات الله الخاصة على أهله، أو أهل بيت منسوبون إلى الرحمة فإنهم رحمة الله على العالمين و أفيضت الرحمة على جميع الأولين و الآخرين ببركتهم.

قوله عليه السلام:" إن في الله عزاء"

 (4) قد مر أن العزاء بمعنى الصبر و المراد هنا ما يوجب التعزية و التسلية أي في ذات الله تعالى، فإن الله باق لكل أحد بعد فوت كل شي‏ء أو في ثواب الله تعالى و ما أعد الله للصابرين و وعدهم أو في التفكر فيها أو في التفكر في أن الله حكيم لا يفعل إلا الأصلح بعباده ما يوجب التصبر و التسلي و الرضا بالمصيبة، و يحتمل أن يكون الكلام مبنيا على التجريد، كما قال: صاحب الكشاف في قوله تعالى" رِيحٍ فِيها صِرٌّ" بعد ذكر وجهين الثالث: أن يكون من قوله تعالى لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ و من قولك إن ضيعني فلان ففي الله كاف و كافل، قال: و في الرحمن للضعفاء كاف انتهى، و قال في تلخيص‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 179

المفتاح و شرحه: في عد أقسام التجريد و منها ما يكون بدخول في في المنتزع منه نحو قوله تعالى" لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ" أي في جهنم و هي دار الخلد لكنه انتزع منها دارا أخرى و جعلها معدة في جهنم لأجل الكفار تهويلا لأمرها مبالغة في اتصافها بالشدة انتهى.

قوله عليه السلام" و دركا"

 (1) الدرك محركة اللحاق و الوصول أي يحصل به تعالى أو بثوابه الخلف و العوض من كل هالك و تدارك ما قد فات، أو الوصول إلى ما يتوهم، فوته عن الإنسان من المنافع بفوات من مات.

قوله عليه السلام: هذا آخر وطئي من الدنيا"

 (2) أي آخر نزولي في الأرض و مشى عليها.

أقول يعارضه أخبار كثيرة و يمكن حمله على أن المراد آخر نزولي لإنزال الوحي، أو المراد قلة النزول بعد ذلك فكان القليل في حكم العدم و الله يعلم.

 (الحديث السادس)

 (3): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 180

قوله عليه السلام:" يسمعون حسه"

 (1) قال الجوهري: الحس و الحسيس الصوت الخفي.

 (الحديث السابع)

 (2): ضعيف.

 (الحديث الثامن)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فقال بعض من في البيت"

 (4) فيه إشكال إذ ظاهر الأخبار السابقة أنه لم يكن في البيت غير المعصومين و كيف يتأتى الاختلاف بينهم: أقول يمكن أن يكون هذا مرة أخرى غير الأولى عند حضور غير المعصومين أيضا، و يكون القائل الأول غير المعصوم كما أومأنا إليه في الخبر الخامس، و يحتمل أن يكون قول السائل الأول إن كان معصوما على سبيل الاستفهام و الاستعلام لا الحكم مع أنه لم يكن الأخبار السابقة مصرحة بعدم كون غير المعصوم في البيت و الله يعلم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 181

باب الصبر و الجزع و الاسترجاع‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" الصراخ"

 (3) قال الفيروزآبادي: الصرخة الصيحة الشديدة و كغراب الصوت أو شديدة و قال في النهاية:

الويل‏

 (4) الحزن و الهلاك و المشقة من العذاب و كل من وقع في هلكة دعا بالويل، و معنى النداء منه يا ويلي و يا حزني و يا عذابي احضر فهذا وقتك و أوانك، و قال:

العويل‏

 (5) صوت الصدر بالبكاء، و في القاموس: أعول رفع صوته بالبكاء و الصياح كعول و الاسم العول و العولة و العويل و فيه اللطم و ضرب الخد و صفحة الجسد بالكف مفتوحة، قال: الشهيد (ره) في الذكرى تحرم اللطم و الخدش و جز الشعر إجماعا قاله في المبسوط: و لما فيه من السخط بقضاء الله ثم قال: و استثنى الأصحاب إلا ابن إدريس شق الثوب على موت الأب و الأخ لفعل العسكري علي الهادي عليهما السلام و فعل الفاطميات على الحسين صلوات الله عليه، و في نهاية الفاضل: يجوز شق النساء الثوب مطلقا و في الخبر إيماء إليه، و في المبسوط روي جواز تخريق الثوب على الأب و الأخ و لا يجوز على غيرهما، و يجوز النوح بالكلام الحسن و تعداد فضائله باعتماد الصدق انتهى، و قال في المنتهى: البكاء على الميت جائز غير مكروه إجماعا قبل خروج الروح و بعده إلا للشافعي فإنه كرهه بعد الخروج ثم قال فروع.

الأول: الندب لا بأس به و هو عبارة عن تعديد محاسن الميت و ما يلقون بفقده‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 182

بلفظ النداء بوا، مثل قولهم وا رجلاه، وا كريماه، وا انقطاع ظهراه، وا مصيبتاه، غير أنه مكروه.

الثاني: النياحة بالباطل محرمة إجماعا أما بالحق فجائز إجماعا.

الثالث: يحرم ضرب الخدود و نتف الشعور و شق الثوب إلا في موت الأب و الأخ فقد سوغ فيهما شق الثوب للرجل، و كذا يكره الدعاء بالويل و الثبور.

الرابع: ينبغي لصاحب المصيبة الصبر و الاسترجاع قال الله تعالى وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ انتهى كلامه رفع الله مقامه.

أقول: يدل هذا الخبر على أن هذه الأمور خلاف طريقة الصابرين و على كراهتها و لا يدل على الحرمة و ما ورد من ذم إقامة النواحة إما محمول على ما إذا كانت مشتملة على هذه الأمور المرجوحة، أو يقال أنه ينافي الصبر الكامل فلا ينافي ما يدل على الجواز.

قوله عليه السلام" و استرجع"

 (1) أي قال إنا لله و إنا إليه راجعون و قد مضى تفسيرها

قوله عليه السلام" و وقع أجره على الله"

 (2) قال: البيضاوي في قوله تعالى وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ الوقوع و الوجوب متقاربان و المعنى ثبت أجره عند الله ثبوت الأمر الواجب.

قوله عليه السلام" و هو ذميم"

 (3) أي مذموم، قال في القاموس: ذمه ذما و مذمة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 183

فهو مذموم و ذميم.

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف أيضا.

 (الحديث الثالث)

 (2): حسن كالصحيح.

قوله عليه السلام:" يستبقان"

 (3) أي يأتيانه كالمتراهنين يريد كل منهما أن يسبق الأخر حتى إن البلاء لا يسبق الصبر بل إنما يرد مع ورود الصبر أو بعده، و كذا الجزع و البلاء بالنسبة إلى الكافر.

 (الحديث الرابع)

 (4): ضعيف على المشهور. و يدل على كراهة ضرب اليد على الفخذ عند المصيبة و أنه موجب لإحباط أجر المصيبة و يدل على ثبوت الإحباط في الجملة.

 (الحديث الخامس)

 (5): حسن.

قوله عليه السلام:" و كلما ذكر"

 (6) تأكيد لأول الكلام أو المراد بالأول عند قرب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 184

المصيبة و بالاخر التعميم و في بعض النسخ حتى تفجأه مكان حين، و حينئذ يحتمل أن يكون المراد الذكور قبل وقوعها و حين أظهر.

 (الحديث السادس)

 (1): حسن. زربي بكسر الزاء المعجمة و سكون الراء المهملة كما صححه الشهيد (ره).

قوله عليه السلام" عند أول صدمة"

 (2) قال في النهاية: فيه أن الصبر عند الصدمة الأولى أي عند فورة المصيبة و شدتها و الصدم ضرب الشي‏ء الصلب بمثله و الصدمة المرة منه.

 (الحديث السابع)

 (3): موثق. و يدل على أن ترك الصبر موجب لحرمان الثواب.

 (الحديث الثامن)

 (4): ضعيف. و يدل على كراهة الصياح على الميت و شق‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 185

الثوب مطلقا.

 (الحديث التاسع)

 (1): ضعيف، و قد مر.

 (الحديث العاشر)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام" و أنت مأزور"

 (3) كذا في النسخ و القياس موزور بالواو لا بالهمز قال في النهاية: الوزر الحمل و الثقل و أكثر ما يطلق في الحديث على الذنب و و الإثم، و منه الحديث ارجعن مأجورات غير مأزورات أي غير آثمات و قياسه موزورات، يقال وزر فهو موزور و إنما قال: مأزورات للازدواج بمأجورات.

 (الحديث الحادي عشر)

 (4): مجهول.

قوله عليه السلام" لما به"

 (5) أي ملكه الأمر الذي هو متلبس به و إيراد ما هنا للتفخيم و التبهيم نحو قوله تعالى فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ و إيراد اللام لعله لبيان أنه قد أخذه المرض الذي معه فلا يمكن أخذه منه فكأنه صار ملكه فيكون كناية عن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 186

احتضاره و إشرافه على الموت و الله يعلم.

قوله عليه السلام:" و قد أسفر وجهه".

 (1) قال في القاموس: سفر الصبح يسفر أضاء و أشرق كأسفر.

قوله عليه السلام:" مضى لسبيله"

 (2) اللام بمعنى في، قال ابن هشام: في عد معاني اللام العاشر موافقة في نحو و نضع الموازين القسط ليوم القيمة لا يجليها لوقتها إلا هو و قولهم مضى لسبيله انتهى أي مضى في السبيل الذي لا بد له و لكل حي سلوكه و هو الموت.

قوله عليه السلام: إنما نجزع قبل المصيبة

 (3) أي للدعاء بأمره تعالى.

 (الحديث الثاني عشر)

 (4): مجهول.

قوله عليه السلام" لا يصلح"

 (5) يدل على كراهة رفع الصوت و الصياح على الميت.

 (الحديث الثالث عشر)

 (6): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 187

قوله عليه السلام:" فقام"

 (1) لعل قيامه عليه السلام لرفع ما حدث في نفسه عليه السلام من سماع الصياح من الوجد و الحزن لأن الانتقال من حال إلى حال كالانتقال من القيام إلى القعود و بالعكس يورث تسكين ما حدث في النفس من تغير الحال كما ورد في معالجة شدة الغضب في الخبر أو لتعليمنا ذلك‏

 (الحديث الرابع عشر)

 (2): مرسل.

قوله عليه السلام:" ما نكره"

 (3) أي المرض أو الموت.

قوله عليه السلام" فيمن نحب"

 (4) يحتمل أن يكون في بمعنى مع أي نكون نحن و من نحبه معافين، و أن يكون للتعليل أو الظرفية المجازية أي لا يصيبنا بسبب من نحبه مكروه و ألم بفقده أو ابتلائه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 188

باب ثواب التعزية

 (1) لعل جعل هذا الباب و باب ثواب من عزى حزينا بابين من غفلة المؤلف (رحمة الله عليه).

 (الحديث الأول)

 (2): ضعيف‏

قوله عليه السلام:"" فيما ناجى".

 (3) قال في القاموس: ناجاه مناجاة و نجاء سارة.

قوله عليه السلام:" ما لمن عزى الثكلى"

 (4) أي المرأة التي مات ولدها أو حبيبها أو الطائفة، الثكلى أعم من الرجال و النساء و الأول أظهر و لعل التخصيص لكون المرأة أشد جزعا و حزنا في المصائب من الرجل.

قال في القاموس: الثكل بالضم الموت و الهلاك و فقدان الحبيب، أو الولد و يحرك و قد ثكله كفرح فهو ثاكل و ثكلان و هي ثاكل و ثكلانة قليل و ثكول و ثكلى.

قوله عليه السلام:" أظله".

 (5) قال في النهاية: و في الحديث سبعة يظلهم الله بظله، و في حديث آخر سبعة في ظل العرش أي في ظل رحمته.

و قال الكرماني في شرح صحيح البخاري: سبعة في ظله إضافة إليه للتشريف أي ظل عرشه أو ظل طوبى أو الجنة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 189

و قال النووي في شرح صحيح مسلم، و قيل: الظل عبارة عن الراحة و النعيم نحو هو في عيش ظليل و المراد ظل الكرامة لا ظل الشمس لأنها و سائر العالم تحت العرش، و قيل: أي كنه من المكاره و وهج الموقف و ظاهره أنه في ظله من الحر و الوهج و أنفاس الخلق و هو قول الأكثر

" و يوم لا ظل إلا ظله"

 (1) أي حين دنت منهم الشمس و اشتد الحر و أخذهم العرق، و قيل أي لا يكون من له ظل كما في الدنيا.

 (الحديث الثاني)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" يحبى بها"

 (3) من الحياة بمعنى العطاء و قد مر برواية السكوني يحبر.

 (الحديث الثالث)

 (4): ضعيف، أو مجهول إذ يحتمل أن يكون‏

محمد بن علي‏

 (5): ابن محبوب، و أن يكون أبا سمينة، لأنهم ذكروا أن أحمد ابن إدريس يروي عن ابن محبوب و أن عيسى بن عبد الله يروي عنه أبو سمينة و لا يبعد أن يكون علي زائدا من النساخ و يكون عن عيسى بن عبد الله.

قوله عليه السلام:" في ظل عرشه"

 (6) يؤيد أن المراد بالظل في الخبر السابق ظل العرش و يدل الايات و الأخبار على أنه يؤتى بالعرش في القيمة إلى الموقف و يكون جماعة في ظله و لا استبعاد في ذلك و لا ينافي عظمته كما لا يخفى، مع أنه يمكن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 190

أن يكون العرش الذي يؤتى به في القيمة غير العرش المحيط و الله يعلم.

 (الحديث الرابع)

 (1): ضعيف، قد مضى بعينه متنا و سندا في باب ثواب من عزى حزينا.

باب في السلوة

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): مجهول. و قال: الفيروزآبادي‏

اللوعة

 (4) حرقة في القلب و ألم من حب أو هم أو مرض انتهى و يدل على تجسم الملائكة و لا داعي إلى التأويل فيه و إن احتمله.

 (الحديث الثاني)

 (5): حسن،

ألقي عليهم الريح‏

 (6) أي النتن بعد خروج الروح‏

و السلوة

 (7) التسلي و الصبر و نسيان المصيبة.

قال في القاموس: سلاه عنه كدعاه و رضيه و سلوا و سلوا نسبه و أملاه عنه فتسلى و الاسم السلوة و يضم انتهى و انقطاع النسل لعدم اشتغالهم بالتزويج و مقاربة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 191

النساء لما يلحقهم من الحزن بعدها و حذرا من وقوع مثل ذلك قبلها و الحبة الحنطة و الشعير و أمثالهما أو الحنطة لأنها العمدة، و يعرف الباقي بالمقايسة و الدابة الدودة التي تقع فيها فتضيعها.

 (الحديث الثالث)

 (1): مجهول و قد مر و إنما أعاده للاختلاف في أول السند و لعله كان ذكر ما به الاختلاف فقط.

باب زيارة القبور

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): حسن، و يدل على استحباب زيارة القبور و اطلاع الموتى عليها و إنهم يأنسون بالزائر و أما الوحشة عند الغيبة فلعله محمول على وحشة لا تصير سببا لحزنهم جميعا، و يدل على بقاء النفس بعد خراب البدن قال الشهيد:

 (قدس الله روحه) في الذكرى زيارة القبور مستحبة للرجال إجماعا ثم قال:

بعد إيراد روايات دالة على استحبابها و عن يونس عن الصادق عليه السلام أن فاطمة كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة فتترحم عليه و تستغفر له، و فيه دليل على جوازه للنساء لقول النبي صلى الله عليه و آله فاطمة بضعة مني و كرهه في المعتبر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 192

لهن لمنافاة الستر و الصيانة و هو حسن إلا مع الأمن و الصون لفعل فاطمة عليها السلام و لو كانت زيارتهن مؤدية إلى الجزع و التسخط لقضاء الله لضعفهن علي الصبر منعن منها و عليه يحمل ما روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لعن الله زوارات القبور.

 (الحديث الثاني)

 (1): موثق، يدل على استحباب الزيارة و كراهة بناء المساجد على القبور و قال في الذكرى المشهور كراهة البناء على القبر و اتخاذه مسجدا و في المبسوط نقل الإجماع على كراهة البناء عليه، و في النهاية يكره تجصيص القبور و تظليلها و كذا يكره المقام عندها لما فيه من إظهار السخط لقضاء الله، أو الاشتغال عن مصالح المعاد و المعاش، أو لسقوط الاتعاظ بها، و في خبر علي بن جعفر لا يصلح البناء عليه و لا الجلوس و ظاهره الكراهة فيحمل النهي عليها.

و قال الصدوق: قال النبي صلى الله عليه و آله لا تتخذوا قبري قبلة و لا مسجدا فإن الله تعالى لعن اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قلت هذه الأخبار رواها الصدوق و الشيخان و لم يستثنوا قبرا و لا ريب أن الإمامية مطبقة على مخالفة قضيتين من هذه إحداهما البناء و الأخرى الصلاة في المشاهد المقدسة فيمكن القدح في هذه الأخبار لأنها آحاد و بعضها ضعيف الإسناد و قد عارضها أخبار أشهر منها و قال ابن الجنيد: و لا بأس بالبناء عليه و ضرب الفسطاط يصونه و من يزوره، أو تخصيص هذه العمومات بإجماعهم في عهود كانت الأئمة ظاهرة فيها و بعدهم من غير نكير و الأخبار الدالة على تعظيم قبورهم و عمارتها و أفضلية الصلاة عندها و هي كثيرة انتهى، و لا يخفى حسن ما أفاده حشره الله مع أئمة الهدى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 193

 (الحديث الثالث)

 (1): حسن." و

الكشر

 (2) التبسم" ذكره الجوهري و يدل على استحباب الزيارة في اليومين و للنساء قولها عليهما السلام ههنا كان أي كانت ترى نساءها موضع الرسول صلى الله عليه و آله و موضع المشركين عند القتال في غزوة أحد فإن تذكر تلك الأمور يصير سببا لمزيد الحزن و الاهتمام في الزيارة.

 (الحديث الرابع)

 (3): ضعيف على المشهور.

 (الحديث الخامس)

 (4): حسن. و المراد

" بالديار"

 (5) القبور، أو ديارهم في حال الحياة أي السلم على الذين كانوا من عمار الديار فصاروا من مكان القبور، و المراد

بالمؤمنين‏

 (6) صلحاء الشيعة و بالمسلمين فساقهم. أو الأعم أو بالعكس، أو المراد

بالمسلمين‏

 (7): المستضعفين من المخالفين فإنهم قابلون للرحمة و الأول أظهر معنى و الثاني لفظا و قد مر معنى الفرط.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 194

 (الحديث السادس)

 (1): ضعيف. و يدل على استحباب هذا الدعاء و جواز الاكتفاء به بدون سورة القدر و غيرها و لو قائما و إن كان الجلوس أفضل، و لعله فعله عليه السلام لبيان الجواز، أو لعذر في بعض الكتب في تتمة هذا الخبر أنه عليه السلام بعد الدعاء قرأ القدر سبعا كما في الذكرى‏

 (الحديث السابع)

 (2): صحيح.

قوله عليه السلام:" من ديار"

 (3) أي أهل ديار. و من لبيان ضمير الخطاب، أو للابتداء أي أبلغ إليكم سلام أهل الديار من المؤمنين.

 (الحديث الثامن)

 (4): مجهول.

 (الحديث التاسع)

 (5): صحيح، و يدل على استحباب‏

وضع اليد على القبر

 (6) من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 195

أي جهة كانت، و المشهور أن استقبال القبلة أفضل كما يومئ إليه ما مر في باب تربيع القبر و قراءة سورة القدر سبع مرات، و الظاهر أن الثواب للقارئ و يحتمل الميت على بعد، أو رد في غيره مغفرتهما معا.

 (الحديث العاشر)

 (1): ضعيف، بسنديه و يدل على استحبابه الدعاء للحاجة عند قبر الوالدين و استحبابه.

قوله عليه السلام:" بما يدعو لهما"

 (2) أي مع ما يدعو لهما و الحاصل أنه ينبغي أن يدعو لها و لنفسه.

باب أن الميت يزور أهله‏

 (3)

 (الحديث الأول)

 (4): حسن، و يدل على تجسم الروح أو تعلقها في البرزخ بالأجساد المثالية و أنها تتحرك في تلك العالم و ترجع إلى البيوت و تطلع على أحوال‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 196

أهاليها، و لا ينكر شيئا من ذلك من يعترف بكمال قدرة باريها، و قد بسطنا القول في ذلك في كتاب بحار الأنوار في المجلد الثالث.

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" فإذا رأى أهله"

 (2) أي المؤمن و إنما يرى الصالحات فقط ليصير سببا لسروره و الكافر لعله يرى الصالحات و السيئات ليصير الأولى سببا لحسرته، و إنه لم لم يعمل مثل عملهم فيفوز و يصير الثانية سببا لهمه لعلمه بأنهم يعذبون عليها في الآخرة، و في بعض النسخ في الثانية بالطالحات فيكون الحسرة عليهم و هو بعيد.

 (الحديث الثالث)

 (3): ضعيف، على المشهور و المراد

باللطيف‏

 (4) الصغير أو غير المرئي‏

و قوله إن رآهم‏

 (5) في الموضعين راجع إلى القسمين لئلا ينافي الخبر الأول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 197

 (الحديث الرابع)

 (1): ضعيف. و ربما يتوهم التنافي بين تلك الأخبار و بين ما سيأتي أن المؤمن أكرم من أن يجعل روحه في حوصلة طائر، و يمكن الجواب بحمل تلك على كونهم أبدا كذلك فلا ينافي أن يصيروا أحيانا في صورة الطير لئلا يعرفهم أهلهم.

 (الحديث الخامس)

 (2): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" أدناهم"

 (3) أي غالبا أو لا يكون المؤمن أقل من ذلك فيحمل ما مر من الشهر و السنة على غير المؤمن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 198

باب أن الميت يمثل له ماله و ولده و عمله قبل موته‏

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): ضعيف. بسنده الأول مجهول بسنده الثاني.

قوله عليه السلام:" مثل له"

 (3) أي صور له كل من الثلاثة كصورة مثالية يخاطبها و تخاطبه أو شبه حاله بحال من كان كذلك في تحسره و تألمه و تفكره في أحواله السالفة فيكون استعارة تمثيلية، أو يراد بالتمثيل خطور هذه الثلاثة بالبال و حضور صورها في الخيال فالمخاطبة بلسان الحال لا بالمقال، و الشح: البخل فالحرص في الجمع و الشح في الضبط و عدم البذل و الزهد في الشي‏ء عند الرغبة فيه، و الرياش اللباس الفاخر.

قوله عليه السلام:" فيقال أبشر بروح"

 (4) إشارة إلى قوله سبحانه فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ و المشهور في قراءة الروح الفتح، و قرأ بالضم أيضا، و رواه في الكشاف عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و في مجمع البيان عن الباقر عليه السلام و فسر الروح بالفتح بالراحة من تكاليف الدنيا و مشاقها، و قيل هو الهواء الذي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 199

يستلذه النفس و يزيل عنها الهم، و بالضم بالرحمة أو الحياة الدائمة و

الريحان‏

 (1) بالرزق في الجنة، و قيل هو الريحان المشموم من ريحان الجنة يؤتى به عند الموت فيشمه، و قيل: الروح الرحمة و الريحان كل نباهة و شرف، و قيل: الروح النجاة من النار و الريحان الدخول في دار القرار، و قيل: روح في القبر و ريحان في الجنة، و قيل روح في القبر و ريحان في القيمة، و الظاهر هنا أن الروح و الريحان عند الموت أو في القبر و الجنة، تحتمل جنة الدنيا و جنة الآخرة و الأول أظهر، و يحتمل كون الريحان أيضا في الآخرة و

المقدم‏

 (2) مصدر ميمي في الموضعين، و يحتمل اسم المكان لكنه بعيد، و

قوله ارتحل‏

 (3) بصيغة الأمر، و في‏

قوله و إنه ليعرف غاسله‏

 (4)، فعل مقدر و يدل عليه السياق، و الواو حالية و التقدير فيرتحل و الحال أنه ليعرف غاسله، و يحتمل أن تكون عاطفة على أتاه فلا تقدير، و

يناشد حامله‏

 (5) في الصحاح: نشدت فلانا أنشده نشدا إذا قلت له نشدتك الله أي سألتك بالله،

و ملكا القبر

 (6) مبشر و بشير، و

يخدان الأرض‏

 (7) بضم الخاء المعجمة أي يشقانها و ترك السؤال عن الإمام لعله للتقية، و الأخبار المستفيضة تدل على السؤال عن الإمام أيضا و قد مر و سيأتي بعضها، و

قولهما ثبتك الله‏

 (8): دعاء، و يحتمل الخبر.

قوله عليه السلام: و هو" قول الله"

 (9) الضمير عائد إلى قول الملكين ثبتك الله و المضاف محذوف و التقدير هو مدلول قول الله و قد مر تفسير الآية في باب الصلاة على المؤمن، و يظهر من هذا الخبر وجه آخر غير ما مر، و هو أن يكون (بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) صلة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 200

للإيمان أي يثبت الله الذين آمنوا بقول و اعتقاد ثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة لا يتبدل النشأتين و هي العقائد الحقة فإن العقائد الباطلة تتبع شهوات الدنيا و أهواءها فإذا زالت ارتفعت، و المثبت فيه محذوف أي النعيم و الكرامة كما يدل عليه قولهما فيما تحب و ترضى، و لو فسرت الآية على بعض الوجوه السابقة يمكن أن يكون المراد بما يحب و يرضى العقائد الحقة، أو يكون فيما يحب حالا أي ثبتك الله في العقائد حال كونك في نعيم تحبه و ترضاه و هو بعيد.

قال: الطبرسي (ره) أي يثبتهم في كرامته و ثوابه بقولهم الثابت الذي وجد منهم و هو كلمة الإيمان لأنه ثابت بالحجج و الأدلة.

و قيل: معناه يثبت الله المؤمنين بسبب كلمة التوحيد و حرمتها في الحياة الدنيا حتى لا يزالوا و لا يضلوا عن طريق الحق و يثبتهم بها في الآخرة حتى لا يزلوا و لا يضلوا عن طريق الجنة.

و قيل: معناه يثبتهم بالتمكين في الأرض و النصرة و الفتح في الدنيا و بإسكانهم الجنة في الآخرة و قال: أكثر المفسرين إن المراد بقوله في الآخرة في القبر، و الآية وردت في سؤال القبر و هو قول ابن عباس و ابن مسعود و هو المروي عن أئمتنا عليهم السلام.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 201

قوله عليه السلام:" في قبره"

 (1) لعل المراد بالقبر عالم البرزخ كما مر، و يقال‏

فسح‏

 (2) له يفسح بالفتح فيهما أي وسع له، و الفسحة بالضم السعة: و المراد بمد البصر مداه و غايته التي ينتهي إليها.

قوله عليه السلام:" إلى الجنة"

 (3) أي جنة الدنيا كما سيأتي و يحتمل الآخرة.

قوله عليه السلام:" نم قرير العين"

 (4) قرة العين برودتها و انقطاع بكائها و رؤيتها ما كانت مشتاقة إليه، و القر بالضم ضد الحر و العرب تزعم أن دمع الباكي من شدة السرور بارد و دمع الباكي من الحزن حار فقرة العين كناية عن الفرح و السرور و الظفر بالمطلوب يقال: قرت عينه تقر بالفتح و الكسر قرة بالفتح، و الضم نوم الشاب الناعم من النعمة بالكسر و هي ما يتنعم به من المال و نحوه أو بالفتح و هي نفس التنعم، و لعل الثاني أولى فقد قيل كم من ذي نعمة لا نعمة له كذا ذكره الشيخ البهائي (قدس الله سره) و قال:

قوله فإن الله يقول‏

 (5) يحتمل أن يكون من كلام الإمام عليه السلام و يكون كالمؤيد لما تضمنه الكلام السابق من الفسحة و فتح الباب إلى الجنة و نومه قرير العين و أن يكون من مقول قول الملكين أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا و أحسن مقيلا المراد اليوم المذكور في قوله سبحانه قبل هذه الآية يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى‏ يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً و هذا الخبر يدل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 202

على أن المراد بذلك اليوم: يوم الموت، و بالملائكة ملائكة الموت و هو قول كثير من من المفسرين، و فسر بعضهم ذلك اليوم، بيوم القيمة و الملائكة بملائكة النار و المراد

بالمستقر

 (1): المكان الذي يستقر فيه، و

بالمقيل‏

 (2) مكان الاستراحة مأخوذ من مكان القيلولة، و يحتمل أن يراد بأحدهما الزمان. أي أن مكانهم و زمانهم أطيب مما يتخيل من الأمكنة و الأزمنة، و يحتمل المصدرية فيهما أو في أحدهما، و لا يبعد أن يكون المراد بالمستقر الجنة و بالمقيل القبر تشبيها بالمسافر الذي يقيل في وسط الطريق ثم يروح إلى منزله و مستقره و إذا كان لربه عدوا لعله عليه السلام إنما خص الحكمين بالعدو و الولي لأن المستضعفين ملهو عنهم كما سيأتي، و الفساق من الشيعة يحتمل دخولهم في الولي و في الملهو عنهم، و

الزي‏

 (3) بكسر الزاي و تشديد الياء الهيئة

" أبشر بنزل من حميم"

 (4) البشارة هنا على التهكم كقوله تعالى" فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ" و النزل بضمتين ما يعد للضيف النازل على الإنسان من الطعام و الشراب، و فيه أيضا تهكم" و الحميم" الماء الشديد الحرارة يسقى منه أهل النار، أو يصب على أبدانهم، و الأول أنسب بالنزل و بسائر الايات‏

" و التصلية"

 (5) التلويح على النار

" أتاه ممتحنا القبر"

 (6) إضافة اسم الفاعل إما إلى معموله على حذف المضاف أي ممتحنا صاحب القبر، أو إلى غير معموله كمصارع مصر و هذا أولى و تخصيص إلقاء الأكفان بعيد و الله ظاهر لما فيه من الشفاعة المناسبة لحاله و

اليافوخ‏

 (7) هو الموضع الذي يتحرك من رأس الطفل إذا كان قريب عهد بالولادة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 203

و قال الجوهري:

الأرزبة

 (1) التي يكسر بها المدر فإن قلتها بالميم خففت قلت المرزبة، و قال البيضاوي: في شرح المصابيح أن المحدثين يشددون الباء من المرزبة و الصواب تخفيفه و إنما يشدد الباء إذا أبدلت الميم همزة انتهى، و لكن كلام صاحب القاموس صريح في مجي‏ء التشديد في مرزبة أيضا و

تذعر

 (2): أي تفزع و إنما سمي الإنس و الجن‏

بالثقلين‏

 (3) لعظم شأنهما بالنسبة إلى ما في الأرض من الحيوانات، و العرب تطلق على ما له نفاسة و شأن اسم الثقل و لعل الحكمة في عدم سماع الثقلين ذلك إنهم لو سمعوه لصار الإيمان ضروريا فيرتفع التكليف، و

القنا

 (4) جمع قناة و هي الرمح‏

و الزج‏

 (5) الحديدة التي في أسفل الرمح، و في تفسير علي بن إبراهيم فهو من الضيق و هو أصوب، و

الحيات‏

 (6) و

العقارب‏

 (7) إما مثالية تلذع الأجساد المثالية أو هي المتولدة من القبر تلذع الجسد الأصلي، و تتألم الروح بذلك و سيأتي بسط القول فيه إن شاء الله.

قوله عليه السلام:" في المكينة"

 (8) أي في مكان تمكنت فيها، قال في القاموس: مضيت مكانتي و مكينتي أي: طيني و لا يبعد أن يكون في الأصل المكنة بدون الياء.

قال في النهاية: فيه أقروا الطير على مكناتها، المكناة في الأصل بيض الضباب، واحدها مكنة بكسر الكاف، و قد تفتح يقال: مكنت الضبة و أمكنت قال‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 204

أبو عبيد: جائز في الكلام أن يستعار مكن الضباب فيجعل للطير، و قيل: المكناة بمعنى الأمكنة يقال الناس على مكناتهم و سكناتهم أي: على أمكنتهم و مساكنهم، و قيل: المكنة التمكن كالطلبة من التطلب، و إن فلانا لذو مكنة من السلطان أي: ذو تمكن انتهى.

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" نادى"

 (2) أي في جسده المثالي بلسان الحال أو بالمقال بحيث لا يسمعه الحاضرون و خبر حمزة يؤيد الثاني.

 (إن عدو الله)

 (3) أي: الشيطان فأوردني أي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 205

المهالك ثم لم يصدرني أي لم يرجعني عنها، و إخلاء الهوى. هم الذين خلتهم كانت لمحض هوى النفس لا لله.

و قال الجوهري:

حريبة الرجل‏

 (1) ماله الذي يعيش به على ما فرطت في جنب الله أي في طاعة الله، و فسر في الأخبار بالأئمة عليهم السلام و ولايتهم كما مر،

" و العولة و العويل"

 (2) رفع الصوت بالبكاء

" و الكرة

 (3) الرجوع" إلى الدنيا.

 (الحديث الثالث)

 (4): صحيح.

 (الحديث الرابع)

 (5): ضعيف، و قال في النهاية: فيه موت الفجأة:

أخذه أسف‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 206

 (1) للكافر، أي أخذه غضب، أو غضبان انتهى، و ظهور بعض هذه الأمور نادرا للإعجاز لا ينافي مصلحة التكليف و لا يوجب الإلجاء.

باب المسألة في القبر و من يسأل و من لا يسأل‏

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): حسن.

قوله عليه السلام:" من محض الإيمان"

 (4) كلمة" من" بالفتح اسم موصول و (محض) على صيغة الفعل أي لا يسأل في القبر إلا المؤمن الخالص و الكافر الخالص، و أما المستضعفون المتوسطون بينهما فلا ثواب لهم في البرزخ و لا عقاب إلى أن يحشروا، و ربما يقرأ من: بالكسر و محض: بصيغة المصدر، أي لا يسأل في القبر إلا عن العقائد و أما الأعمال فلا سؤال عنها فيه، و الأول أظهر و كذا فهمه الأصحاب كالمفيد (قدس سره) و غيره و سيأتي ما يؤيده بل يعينه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 207

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف على المشهور.

 (الحديث الثالث)

 (2): موثق.

و اللهو

 (3) ليس على المعنى الحقيقي بل هو كناية عن عدم التعرض لهم بثواب أو عقاب أو سؤال و ما سوى ذلك لعله يشمل المستضعفين من المؤمنين أيضا.

 (الحديث الرابع)

 (4): صحيح.

 (الحديث الخامس)

 (5): صحيح. و لعل المعنى أن‏

الضغطة

 (6) و السؤال متلازمان فكل من لا يضغط لا يسأل و بالعكس، أو يسأل في حال الضغطة، و يحتمل أن يكون الغرض إثبات الحالتين فقط من غير بيان تلازم أو مقارنة.

 (الحديث السادس)

 (7): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" و ما لقيت"

 (8) أي من روحها اللعين كما سيأتي في باب النوادر،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 208

و الإفلات الخلاص يكون لازما و متعديا و الزعارة بتشديد الراء شكاسة الخلق كذا ذكره الجوهري و نسب التخفيف إلى العامة و قال حتمت عليه الشي‏ء أوجبت.

 (الحديث السابع)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" يخطان الأرض"

 (2) أقول لا ينافي ما مر أنهما يشقان الأرض بأقدامها إذ يمكن أن يكون بعد الشق بالأقدام لطول أنيابها تحدث خطوط في الأرض لها، و قال في النهاية: فيه فأقاموا

بين ظهرانيهم‏

 (3) و بين أظهرهم، أي بينهم على سبيل الاستظهار و الاستناد إليهم و زيدت فيه ألف و نون مفتوحة تأكيد، أو معناه أن ظهرا منهم قدامه و ظهرا وراءه فهو مكتوف من جانبيه و من جوانبه إذا قيل: بين أظهرهم ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا، و قال: فيه الرؤيا من الله و الحلم من الشيطان، الحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء لكن غلبت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 209

الرؤيا على ما يراه من الخير و الشي‏ء الحسن، و الحلم على ما يراه من الشر و الشي‏ء القبيح.

قوله عليه السلام:" تسعة و تسعين".

 (1) قال الشيخ البهائي: (قدس سره) قال بعض أصحاب الحال: و لا ينبغي أن يتعجب من التخصيص بهذا العدد فلعل عدد هذه الحيات بقدر عدد الصفات المذمومة من الكبر و الرياء و الحسد و الحقد و سائر الأخلاق و الملكات الرديئة فإنها تتشعب و تتنوع أنواعا كثيرة و هي بعينها تنقلب حيات في تلك النشأة انتهى كلامه، و لبعض أصحاب الحديث في نكتة التخصيص بهذا العدد وجه ظاهري إقناعي محصلة أنه قد ورد أن لله تسعة و تسعين اسما من أحصاها دخل الجنة، و معنى إحصائها الإذعان باتصافه عز و علا بكل منها و روى الصادق عليه السلام: عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن و الإنس و البهائم و آخر تسعة و تسعين رحمة يرحم بها عباده، فتبين من الحديث الأول أنه سبحانه بين لعباده معالم معرفته بهذه الأسماء التسعة و التسعين، و من الحديث الثاني أن لهم عنده في النشأة الأخروية تسعة و تسعين رحمة، و حيث أن الكافر لم يعرف الله سبحانه بشي‏ء من تلك الأسماء جعل له في مقابل كل اسم رحمة تنين ينهشه في قبره، هذا حاصل كلامه و هو كما ترى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 210

 (الحديث الثامن)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" لأدريت"

 (2) الظاهر أنه دعاء عليه، و يحتمل أن يكون استفهاما على الإنكار، أي علمت و تمت عليك الحجة في الدنيا و إنما جحدت لشقاوتك، أو كان عدم العلم لتقصيرك و ألا تخاف في الأخير على التهكم.

 (الحديث التاسع)

 (3): ضعيف. و الاختلاف في الفسحة باختلاف مراتب الإيمان، و قال الجوهري:

العروس‏

 (4). نعت يستوي فيه الرجل و المرأة ما داما في إعراسهما، يقال: رجل عروس في رجال عرس، و امرأة عروس في نساء عرائس.

 (الحديث العاشر)

 (5): ضعيف على المشهور.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 211

 (الحديث الحادي عشر)

 (1): مرسل.

قوله عليه السلام:" من أين علمت ذلك"

 (2) أي أن الإسلام مما أنت عليه مع خلوه عن الاعتقاد بأئمة المؤمنين، و ربما يستدل به على عدم جواز التقليد في الأصول، و يمكن أن يقال: هو مبني على أن إسلام المخالفين لعدم توسلهم بأئمة الهدى (عليهم السلام) ظني تقليدي لم يهدهم الله للرسوخ فيه و إنما الهداية و اليقين مع متابعتهم و ولايتهم عليهم السلام.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 212

 (الحديث الثاني عشر)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" قالت له الأرض"

 (2) أي أهلها من الملائكة أو هي بلسان الحال كما سيأتي.

و قال في النهاية:

القعيد

 (3) الذي يصاحبك في قعودك فعيل بمعنى الفاعل و قال:

الجوانح‏

 (4) الأضلاع مما يلي الصدر الواحدة جانحة، و في القاموس:

اللجلجة

 (5)، و التلجلج‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 213

التردد في الكلام و إلقاء الروح إلى حقويه لئلا يقوم، و لعدم الحاجة إلى أكثر من ذلك، و ربما يقال: إنه كناية عن إن تعلقها به تعلق ضعيف، و

الخفق‏

 (1) صوت النعل‏

 (الحديث الثالث عشر)

 (2): مجهول و يقال:

أطل عليه‏

 (3) أي أشرف. و في بعض النسخ بالظاء المعجمة، و ربما يستدل بأمثاله على تجسم الأعمال في النشأة الآخرة، و يمكن أن يخلق الله تعالى بإزاء كل منها صورة تناسبه، و يمكن حمله عن الاستعارة التمثيلية أيضا. لكن عدم التصرف في الظواهر مع عدم الضرورة أحوط و أولى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 214

 (الحديث الرابع عشر)

 (1): مجهول.

 (الحديث الخامس عشر)

 (2): مرفوع. و يدل على السؤال في القبر عن بعض الأعمال أيضا، و يمكن حمله على السؤال عن الاعتقاد بها لكونها من ضروريات الدين فالاعتقاد بها من أجزاء الإيمان لا من عملها.

 (الحديث السادس عشر)

 (3): صحيح. مضمر و آخره مرسل و يدل على أن المصلوب تصيبه الضغطة و كونه أشر من ضغطة الأرض، إما لكونه من أصحاب الكبائر إن كان الصلب شرعيا، أو المراد أنه إن أراد الله تعالى. أن يضغطه في الهواء أشد من ضغطة الأرض لقدر عليه.

 (الحديث السابع عشر)

 (4): مرسل. كالموثق و يدل على إصابة الضغطة لبعض‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 215

السعداء و الكمل من المؤمنين أيضا.

فذلكة اعلم: أن الذي ظهر من الايات الكثيرة و الأخبار المستفيضة و البراهين القاطعة هو أن النفس باقية بعد الموت، إما معذبة إن كان ممن محض الكفر أو منعمة إن كان ممن محض الإيمان، أو ملهي عنه إن كان من المستضعفين و أشباههم من الصبيان و البله و المجانين و يرد إلى الميت المسؤول الحياة في القبر، إما كاملا أو إلى بعض بدنه كما مر، و يسأل عن بعض العقائد و بعض الأعمال و يثاب و يعاقب بحسب ذلك و تضغط أجساد بعضهم و إنما السؤال و الضغطة في الأجساد الأصلية و قد يدفعان عن بعض المؤمنين كمن لقن كما مر، أو مات في ليلة الجمعة، أو يومها أو غير ذلك مما مر و سيأتي في الأخبار ثم تتعلق الروح بالأجساد المثالية اللطيفة الشبيهة بأجسام الجن و الملائكة المضاهية في الصورة للأبدان الأصلية فينعم و يعذب فيها، و لا يبعد أن يصل إليه الآلام بعض ما يقع على الأجساد الأصلية لسبق تعلق الروح بها كبيت كان لرجل و خرج منه و خرب فإن له تعلقا ما بذلك البيت و يتألم بما يقع عليه و بذلك يستقيم جميع ما ورد في ثواب القبر و عذابه و اتساع القبر و ضيقه و حركة الروح و طيرانه في الهواء و زيارته لأهله و رؤية الأئمة عليهم السلام بأشكالهم و صورهم و مشاهدة أعدائهم معذبين و سائر ما ورد في أمثال ذلك، و هذا يتم على تجسم الروح و تجرده و إن كان يمكن تصحيح بعض الأخبار بالقول بتجسم الروح‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 216

أيضا بدون الأجساد المثالية كما ستعرف.

ثم اعلم أن عذاب البرزخ و ثوابه مما اتفقت عليه الأمة سلفا و خلفا، و قال به: أكثر أهل الملل و لم ينكره من المسلمين إلا شرذمة قليلة لا عبرة بهم، و قد انعقد الإجماع على خلافهم سابقا و لا حقا، و الأخبار الواردة فيه من طرق الخاص و العام متواترة المضمون و كذا بقاء النفوس بعد خراب الأبدان مذهب أكثر العقلاء من المليين و الفلاسفة و لم ينكره إلا فرقة قليلة كالقائلين بأن النفس هي المزاج و أمثاله ممن لا يعبأ بهم و لا بكلامهم، و قد عرفت ما يدل عليه من الأخبار الجلية و قد أقيمت عليه البراهين العقلية و قد بسطنا القول في تلك المقامات في كتاب بحار الأنوار و نقلنا عنه عبارات علمائنا الأخيار و المخالفين في ذلك فمن أراد غاية التحقيق فليرجع إليه و الله الموفق و المعين.

باب ما ينطق به موضع القبر

 (1)

 (الحديث الأول)

 (2): مختلف فيه.

قوله عليه السلام:" إلا و هو ينطق"

 (3) أي بلسان الحال و الحاصل أنه استعارة تمثيلية أو ينطق أهله أو يخلق الله فيه صوتا لا يسمعه الثقلان إلا بسمع الإيمان، و

" البلى"

 (4) بكسر الباء الخلق، و البالي خلاف الجديد أي تبلى فيه الأجساد.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 217

قوله عليه السلام:" فتوضع في الجنة"

 (1) أي جنة الدنيا كما سيأتي و كذا النار، ثم إنه يستفاد من بعض الأخبار أن الضغطة لا تكون للمؤمن و هو ينافي في بعض الأخبار و حملها على المؤمن الكامل أيضا لا ينفع، إذ معلوم أن فاطمة بنت أسد و سعد بن معاذ كانا من كمل المؤمنين و كذا رقية رضي الله عنهم، فيمكن أن يقال:

كان ذلك في صدر الإسلام ثم رفع الله الضغطة عن المؤمنين ببركة النبي و أهل بيته الكرام عليهم الصلاة و السلم.

 (الحديث الثاني)

 (2): ضعيف على المشهور.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 218

 (الحديث الثالث)

 (1): مجهول. و يدل على أن الشيعة لا تدخل النار في الآخرة أصلا و أن التشيع أمر لا ينافيه ارتكاب الكبائر و أن عذاب البرزخ يمكن أن يلحق الشيعة.

باب في أرواح المؤمنين‏

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): مجهول.

قوله عليه السلام:" إلى الظهر"

 (4) أي ظهر الكوفة و وادي السلام النجف‏

 (فراحة ساعة)

 (5) منصوب بفعل مقدر أي أطلب أو أطلب راحة ساعة، أو مرفوع و الخبر مقدر أي أولى و أخرى فقال: أرواح. أي ليسوا في أجسادهم الأصلية الكثيفة بل هم في أجسادهم المثالية اللطيفة و مع تجسم الروح يمكن حمله على الحقيقة لكن يخالف سائر الأخبار

و أنها لبقعة من جنة عدن‏

 (6) أي تصير في القيمة كذلك فينقلونها إلى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 219

الجنة، أو أنه لما كانت الأعمال الواقعة فيها من العبادات و الزيارات موجبة لدخول الجنة فكأنها قطعة منها، أو أنها جنة معنوية للمقربين لما يحصل لهم فيها من اللذات الروحانية و القربات الربانية، و يخطر بالبال على سبيل الاحتمال أنه يمكن أن تكون جنات البرزخ و شجراته و ثماره كأجسادهم المثالية أجساما لطيفة لا تدركها حواسنا فلا ينافي كون الجنة في تلك الوادي و لا نراه بأعيننا، فلا ينافي الأخبار الواردة بأن الأرواح تنتقل إلى جنة الدنيا، و على الاحتمالات الأخرى يمكن الجمع بينها بأنها قد تكون في الجنة الدنيا و قد تكون في وادي السلام و قد تكون عند قبورها، و يؤيد ما حققنا ما ورد في بعض الأخبار أنهم عليهم السلام أظهروا لبعض خواص شيعتهم في مكانهم الذي كانوا فيه جنانا و أنهارا و قصورا و غلمانا كما إراءة الهادي عليه السلام لبعض شيعته عند ما أنزله المتوكل لعنه الله في خان الصعاليك كما مر في باب تاريخه عليه السلام و يؤيده ما رواه: الصفار في كتاب بصائر الدرجات بإسناده عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحوض. فقال: لي هو حوض ما بين بصري إلى صنعاء أ تحب أن تراه؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: فأخذ بيدي و أخرجني إلى ظهر المدينة ثم ضرب برجله فنظرت إلى نهر يجري لا أدرك حافتيه إلا الموضع الذي أنا فيه قائم فإنه شبيهة بالجزيرة فكنت أنا و هو وقوفا فنظرت إلى نهر يجري من جانبه هذا ماء أبيض من الثلج و من جانبه هذا لبن أبيض من الثلج و في وسطه خمر أحمر من الياقوت فما رأيت شيئا أحسن من تلك الخمرين اللبن و الماء، فقلت له جعلت فداك من أين يخرج هذا و من أين مجراه؟ فقال: هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه إنها في الجنة عين من ماء و عين من لبن و عين من خمر تجري في هذا النهر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 220

و رأيت حافاته عليها شجر فيهن جوار معلقات برءوسهن ما رأيت أحسن منهن و بأيديهن آنية ما رأيت آنية أحسن منها ليست من آنية الدنيا، فدنا من إحداهن فأومأ إليها بيده لتسقيه فنظرت إليها و قد مالت لتغرف من النهر فمالت الشجرة معها فاغترفت ثم ناولته فشرب، ثم ناولها ثم أومأ إليها فمالت لتغرف فمالت الشجرة معها فاغترفت، ثم ناولته فناولني فشربت فما رأيت شرابا كان ألين منه و لا ألذ منه و كانت رائحته رائحة المسك، فنظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب فقلت: له جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط و لا كنت أرى الأمر هكذا فقال: لي هذا أقل ما أعده الله لشيعتنا إن المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر و رعت في رياضة و شربت من شرابه، و إن عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت فأخلدت في عذابه و أطعمت من زقومه و سقيت من حميمه فاستعيذوا بالله من ذلك الوادي.

أقول: فيحتمل أن يكون عليه السلام أراه ذلك خارج المدينة على الإعجاز بأن جعل الله في عينه نورا يشاهد تلك الأمور و إن لم يشاهده غيره إلا بعد الانتقال إلى الأجساد المثالية، و يحتمل أن يكون عليه السلام نقله بطي الأرض إلى جنة الدنيا فأراه ذلك فيها.

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف على المشهور.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 221

باب آخر في أرواح المؤمنين‏

 (1) ليس عنوان الباب مذكورا في بعض النسخ.

 (الحديث الأول)

 (2): حسن. و يدل على انتقال الأرواح بعد الموت إلى الأجساد المثالية و به يستقيم كثير من الايات و الأخبار الواردة في أحوال الروح بعد البدن و قد وردت به أخبار مستفيضة لا محيص عن القول به، و ليس هذا من التناسخ الباطل في شي‏ء إذ التناسخ لم يتم دليل عقلي على امتناعه و أكثرها عليلة مدخولة و لو تمت لا تجري أكثرها فيما نحن فيه كما لا يخفى على من تدبر فيها، و العمدة في نفيه إجماع المسلمين و ضرورة الدين، و معلوم أن هذا غير داخل فيما انعقده الإجماع و الضرورة على نفيه، كيف و قد قال: به كثير من المسلمين كشيخنا المفيد (قدس الله روحه) و غيره من علمائنا المتكلمين و المحدثين بل لا يبعد القول بتعلق الروح بالأجساد المثالية عند النوم أيضا كما يشهد به ما يرى في المنام و قد وقع في الأخبار تشبيه حالة البرزخ و ما يجري فيها بحالة الرؤيا و ما يشاهد فيها.

قال: الشيخ المفيد (قدس الله روحه) في أجوبة المسائل السروية حيث سئل ما قوله أدام الله تأييده في عذاب القبر، و كيفيته و متى يكون و هل ترد الأرواح‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 222

إلى الأجساد عند التعذيب؟ أم لا و هل يكون العذاب في القبر أو بين النفختين؟

فأجاب (رحمه الله) بأن الكلام في عذاب القبر طريقه السمع دون العقل، و قد ورد عن أئمة الهدى عليهم السلام أنهم قالوا: ليس يعذب في القبر كل ميت و إنما يعذب من جملتهم من محض الكفر محضا، و لا ينعم كل ماض لسبيله، و إنما ينعم منهم من محض الإيمان محضا، فأما ما سوى هذين الصنفين فإنه يلهى عنهم، و كذلك روي أنه لا يسأل في قبره إلا هذان الصنفان خاصة و على ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم ما ذكرناه، فأما عذاب الكافر في القبر و نعيم المؤمنين فيه فإن الخبر أيضا قد ورد بأن الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا في جنة من جناته ينعمه فيها إلى يوم الساعة فإذا نفخ في الصور أنشئ جسده الذي بلى في التراب و تمزق، ثم أعاده إليه و حشره إلى الموقف و أمر به إلى جنة الخلد فلا يزال منعما ببقاء الله عز و جل غير أن جسده الذي يعاد فيه لا يكون على تركيبه في الدنيا بل تعدل طباعه و تحسن صورة فلا يهرم مع تعديل الطباع و لا يمسه نصب في الجنة و لا لغوب و الكافر يجعل في قالب كقالبه في الدنيا في محل عذاب يعاقب به و نار يعذب بها حتى الساعة ثم أنشئ جسده الذي فارقه في القبر و يعاد إليه ثم يعذب به في الآخرة عذاب الأبد و يركب أيضا جسده تركيبا لا يفنى معه. و قد قال الله عز و جل اسمه" النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ" و قال في قصة الشهداء" وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" فدل على أن العذاب و الثواب يكونان قبل يوم القيمة و بعدها و الخبر وارد بأنه يكون مع فراق الروح الجسد من الدنيا، و الروح هيهنا عبارة عن الفعال الجوهر البسيط و ليس بعبارة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 223

عن الحياة التي يصح معها العلم و القدرة لأن هذه الحياة عرض لا يبقى و لا تصح الإعادة فيه فهذا ما عول عليه بالنقل و جاء به الخبر على ما بيناه.

و قال: الشيخ البهائي (قدس الله روحه) لطيفة قد يتوهم أن القول بتعلق الأرواح بعد مفارقة أبدانها العنصرية بأشباح أخر كما دلت عليه الأحاديث، قول بالتناسخ و هذا توهم سخيف لأن التناسخ الذي أطبق المسلمون على بطلانه هو تعلق الأرواح بعد خراب أجسادها بأجسام آخر في هذا العالم إما عنصرية كما يزعم بعضهم و يقسمه إلى النسخ و المسخ و الفسخ و الرسخ، أو فلكية ابتداء أو بعد ترددها في الأبدان العنصرية على اختلاف آرائهم الواهية المفصلة في محلها، و أما القول بتعلقها في عالم آخر بأبدان المثالية مدة البرزخ إلى أن تقوم قيامتها الكبرى فتعود إلى أبدانها الأولية بإذن مبدعها إما بجميع أجزائها المتشتتة أو بإيجادها من كتم العدم كما أنشأها أول مرة فليس من التناسخ في شي‏ء و إن سميته تناسخا فلا مشاحة في التسمية إذا اختلف المسمى و ليس إنكارنا على التناسخية، و حكمنا بتكفيرهم بمجرد قولهم بانتقال الروح من بدن إلى آخر فإن المعاد الجسماني كذلك عند كثير من أهل الإسلام بل بقولهم بقدم النفوس و ترددها في أجسام هذا العالم و إنكارهم المعاد الجسماني في النشأة الأخروية، قال الفخر الرازي: في نهاية العقول إن المسلمين يقولون بحدوث الأرواح و ردها إلى الأبدان لا في هذا العالم، و التناسخية يقولون بقدمها و ردها إليها في هذا العالم و ينكرون الآخرة و الجنة و النار و إنما كفروا من أجل هذا الإنكار، ثم قال (قدس سره) ما ورد في بعض أحاديث أصحابنا (رضي الله عنهم) من أن الأشباح التي تتعلق بها النفوس ما دامت في عالم البرزخ ليست بأجسامهم و إنهم يجلسون حلقا حلقا على صور أجسادهم العنصرية يتحدثون و يتنعمون بالأكل و الشرب، و إنهم ربما يكونون في الهواء بين الأرض‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 224

و السماء يتعارفون في الجو و يتلاقون و أمثال ذلك مما يدل على نفي الجسمية و إثبات بعض لوازمها على ما هو منقول في الكافي و غيره يعطي أن تلك الأشباح ليست في كثافة الماديات و لا في لطافة المجردات بل هي ذوات جهتين و واسطة بين العالمين و هذا يؤيد ما قاله: طائفة من أساطين الحكماء، من أن في الوجود عالما مقداريا غير العالم الحسي هو واسطة بين عالم المجردات و عالم الماديات ليس في تلك اللطافة و لا في هذه الكثافة فيه للأجسام و الأعراض من الحركات و السكنات و الأصوات و الطعوم و الروائح و غيرها مثل قائمة بذواتها لا في مادة، و هو عالم عظيمة الفسحة و سكانه على طبقات متفاوتة في اللطافة و الكثافة و قبح الصورة و حسنها و لأبدانهم المثالية جميع الحواس الظاهرة و الباطنة فيتنعمون و يتألمون باللذات و الآلام النفسانية و الجسمانية، و قد نسب العلامة في شرح حكمة الإشراق: القول بوجود هذا العالم إلى الأنبياء و الأولياء المتألهين من الحكماء و هو و إن لم يقم على وجوده شي‏ء من البراهين العقلية لكنه قد تأيد بالظواهر النقلية و عرفه المتألهون بمجاهداتهم الذوقية.

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و ألحق آخرنا بأولنا"

 (2) أي ألحقنا بمن مضى منا من الأنبياء و الأوصياء و الصالحين، أو الحق بنا من بقي في الدنيا و من سيولد إلى يوم القيمة أو الأعم.

 (الحديث الثالث)

 (3): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 225

يقال:

 (هوى يهوي هويا)

 (1) أي هبط و المعنى سقط إلى دركات الجحيم إذ لو كان من السعداء لكان يلحق بنا.

 (الحديث الرابع)

 (2): حسن.

 (الحديث الخامس)

 (3): مجهول.

 (الحديث السادس)

 (4): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 226

و في القاموس:

" الحوصلة"

 (1) و تشدد لامها من الطير: كالمعدة للإنسان.

 (الحديث السابع)

 (2): موثق.

باب في أرواح الكفار

 (3)

 (الحديث الأول)

 (4): حسن.

 (الحديث الثاني)

 (5): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 227

 (الحديث الثالث)

 (1): مرسل.

 (الحديث الرابع)

 (2): حسن أو موثق.

قوله عليه السلام:" ترده هام الكفار"

 (3) أي أرواح الكفار التي يعبرون الناس عنها بإلهام و إن كان باطلا، أو هي تكون في صورة الهام في أجسادهم المثالية.

قال في النهاية: في الحديث لا عدوى و لا هامة" الهامة" الرأس و اسم طائر و هو المراد في الحديث و ذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها و هي من طير الليل و قيل:

هي البومة، و قيل: إن العرب كانت تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتقول اسقوني اسقوني فإذا أدرك بثأره طارت، و قيل: كانوا يزعمون أن عظام الميت، و قيل: روحه تصير هامة فتطير و يسمونه الصدى فنفاه الإسلام و نهاهم عنه انتهى.

و في الصحاح: كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتزفو عند قبره يقول اسقوني اسقوني فإذا أدرك بثأره طارت، يقال: قتل قاتله فنفرت الطير من قبره.

و في القاموس: الهامة طائر من طير الليل و هو الصدى.

و قال الجوهري:

الصدى‏

 (4): ذكر البوم و قال:

حضر موت‏

 (5) اسم بلد و قبيلة أيضا و هما اسمان جعلا واحدا إن شئت بنيت الأول على الفتح و أعربت الثاني بإعراب ما لا ينصرف فقلت هذا حضرموت و إن شئت أضفت الأول إلى الثاني فقلت هذا حضرموت أعربت حضرا و خفضت موتا، و قال: برهوت بفتح الراء كرهبوت بئر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 228

بحضر موت، يقال فيها أرواح الكفار و يقال برهوت مثال سبروت.

 (الحديث الخامس)

 (1): ضعيف على المشهور.

و قال الفيروزآبادي:

بيسان‏

 (2) قرية بالشام، و قرية بمرور، و موضع باليمامة و قال‏

نجران‏

 (3) موضع باليمن.

باب جنة الدنيا

 (4)

 (الحديث الأول)

 (5): صحيح.

قوله عليه السلام:" يخرج منها"

 (6) أي من تحت الأرض فلا ينافي بنوعه ظاهرا من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 229

موضع لا ترى فيه جنة، و ربما يستشكل بأنه كيف يكون في الدنيا جنة و لم يطلع عليها أحد، و الجواب أن ذلك من استبعادات الأوهام الضعيفة إذ لم يطلع أحد على جميع أجزاء الأرض و كثيرا ما يطلع في إلا زمان المتأخرة على جزائر وسيعة و بلدان عظيمة لم يطلع عليها المتقدمون كالبلاد المسماة بينكي دنيا ظهر قبل ذلك بستين سنة أو نحو ذلك، و قصة جنة شداد معروف و أنه دخلها أعرابي في زمن معاوية و لم يعثر عليها إلى الان أحد و لا تضيق قدرة الله سبحانه على إخفاء شي‏ء عن الناس إذا تعلقت المصلحة به مع أنه قد مر احتمال آخر لا نحتاج معه إلى شي‏ء من ذلك‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 230

 (الحديث الثاني)

 (1): مجهول. و اختلف في أن جنة آدم عليه السلام هل كانت في الأرض أم في السماء؟ و على تقدير كونها في السماء هل هي الجنة التي هي دار الثواب و جنة الخلد؟ أم غيرها، فذهب أكثر المفسرين و أكثر المعتزلة إلى أنها جنة الخلد، و قال أبو هاشم: هي جنة من جنان السماء غير جنة الخلد، و قال: أبو مسلم الأصبهاني و أبو القاسم البلخي، و طائفة هي بستان من بساتين الدنيا في الأرض كما يدل عليه هذا الخبر، و استدل أكثرهم بالوجه المذكور في الخبر و أورد عليه بأن عدم الخروج إنما يكون بعد دخولهم بجزاء العمل لا مطلقا و الخبر يدل على أنه لا يخرج من يدخله مطلقا، و يشكل بدخول الملائكة و دخول الرسول صلى الله عليه و آله ليلة المعراج. إلا أن يأول بالدخول على وجه الإسكان و النزول، لا على وجه المرور و العبور، و الحق أن الجمع بين الايات في ذلك مشكل، إذ ظاهر أكثر الايات و الأخبار كونها في السماء و كونها جنة الخلد و هذا الخبر و بعض الأخبار النادرة صريحة في كونها في الأرض، و للتوقف فيه مجال، و ظاهر الشيخ في التبيان و الطبرسي في مجمع البيان اختيار أنها دار الخلد و الله يعلم.

باب الأطفال‏

 (2)

 (الحديث الأول)

 (3): حسن. و لا خلاف بين أصحابنا في أن أطفال المؤمنين‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 231

يدخلون الجنة، و ذهب المتكلمون منا إلى أن أطفال الكفار لا يدخلون النار فهم إما يدخلون الجنة أو يسكنون الأعراف، و ذهب أكثر المحدثين منا إلى ما دلت عليه الأخبار الصحيحة من تكليفهم في القيمة بدخول النار المؤججة لهم.

قال المحقق: الطوسي (قدس الله سره) في التجريد و تعذيب غير المكلف قبيح، و كلام نوح عليه السلام مجاز و الخدمة ليست عقوبة له و التبعية في بعض الأحكام جائزة.

و قال العلامة: رفع الله مقامه في شرحه ذهب بعض الحشوية إلى أن الله تعالى يعذب أطفال المشركين، و يلزم الأشاعرة تجويزه، و العدلية كافة على منعه.

و الدليل عليه أنه قبيح عقلا فلا يصدر منه تعالى.

احتجوا بوجوه الأول: قول نوح عليه السلام و لا يلدوا إلا فاجرا كفارا.

و الجواب أنه مجاز و التقدير أنهم يصيرون كذلك لا حال طفوليتهم.

الثاني: قالوا إنا نستخدمه لأجل كفر أبيه فقد فعلنا فيه ألما و عقوبة فلا يكون قبيحا.

و الجواب أن الخدمة ليست عقوبة للطفل و ليس كل ألم عقوبة، فإن الفصد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 232

و الحجامة ألمان و ليسا عقوبة، نعم استخدامه عقوبة لأبيه و امتحان له يعوض عليه كما يعوض على أمراضه.

الثالث: قالوا إن حكم الطفل يتبع حكم أبيه في الدفن و منع التوارث و الصلاة عليه و منع التزويج.

و الجواب أن المنكر عقابه لأجل جرم أبيه، و ليس بمنكر أن يتبع حكم أبيه في بعض الأشياء إذا لم يحصل له بها ألم و عقوبة، و لا ألم له في منعه من الدفن و التوارث و ترك الصلاة عليه انتهى.

 (الحديث الثاني)

 (1): ضعيف. و أخره مرسل و روى الصدوق في الفقيه بإسناده عن وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: قال علي عليه السلام: أولاد المشركين مع آبائهم في النار، و أولاد المسلمين مع آبائهم في الجنة، و في الصحيح عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أولاد المشركين يموتون قبل أن يبلغوا الحنث قال:

كفار و الله أعلم بما كانوا عاملين يدخلون مداخل آبائهم، و قال: عليه السلام يؤجج لهم نار فيقال: لهم ادخلوها فإن دخلوها كانت عليهم بردا و سلاما و إن أبوا قال: لهم الله عز و جل هو ذا أنا قد أمرتكم فعصيتموني فيأمر الله عز و جل بهم إلى النار، ثم: قال الصدوق: (رضي الله عنه) بعد إيراد تلك الروايات هذه الأخبار

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 233

متفقة و ليست بمختلفة و أطفال المشركين و الكفار مع آبائهم في النار لا تصيبهم من حرها لتكون الحجة أوكد عليهم متى أمروا بدخول نار تؤجج لهم مع ضمان السلامة متى لم يثقوا به و لم يصدقوا وعده في شي‏ء قد شاهدوا مثله انتهى.

أقول جمع رحمه الله بينها بحمل ما دل على إطلاق دخولهم النار على نار البرزخ، و قال: لا تصيبهم حرها حينئذ و رأى أن فائدة ذلك توكيد الحجة عليهم في التكليف بدخول نار تؤجج لهم في القيمة، و يمكن أن يقال: لعل الله تعالى يعلم أن كل أولاد الكفار الذين يموتون قبل الحلم لا يدخلون النار يوم القيمة بعد التكليف فلذا قال الله: اعلم بما كانوا عاملين أي في القيمة بعد التكليف و لذا جعلهم من أولادهم، و يمكن أيضا أن يحمل قوله عليه السلام كفار على أنه يجري عليهم في الدنيا أحكام الكفار بالتبعية في النجاسة، و عدم التغسيل و التكفين و الصلاة و التوارث و غير ذلك، و يخص دخول النار و دخول مداخل آبائهم بمن يدخل منهم نار التكليف، و الأظهر حملها على التقية لموافقتها لروايات المخالفين و أقوال أكثرهم، قال النووي: في شرح صحيح مسلم اختلف العلماء فيمن مات من أطفال المشركين فمنهم من يقول: هم تبع لابائهم في النار، و منهم من يتوقف فيهم، و الثالث و هو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون إنهم من أهل الجنة و روى البغوي في شرح السنة بإسناده عن أبي هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه و آله عن أطفال المشركين قال الله أعلم بما كانوا عاملين، و قال: هذا حديث متفق على صحته، و روي بإسناد آخر عن صحيح مسلم و غيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله من يولد، يولد على الفطرة و أبواه يهودانه و ينصرانه كما تنتجون البهيمة هل تجدون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها، قالوا يا رسول الله أ فرأيت من يموت و هو صغير؟

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 234

قال الله أعلم بما كانوا عاملين، ثم- قال: هذا حديث متفق على صحته، ثم قال:

في شرح الخبر قلت: أطفال المشركين لا يحكم لهم بجنة و لا نار بل أمرهم موكول إلى علم الله فيهم كما أفتى به الرسول صلى الله عليه و آله و جملة الأمر أن مرجع العباد في المعاد إلى ما سبق لهم في علم الله من السعادة و الشقاوة.

و قيل حكم أطفال المشركين و المؤمنين حكم آبائهم و هو المراد بقوله الله أعلم بما كانوا عاملين، يدل عليه ما روي مفسرا عن عائشة أنها قالت قلت يا رسول الله ذراري المؤمنين؟ قال من آبائهم فقلت يا رسول الله بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين قلت فذراري المشركين قال من آبائهم قلت بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين! و قال: معمر عن قتادة عن الحسن إن سلمان قال: أولاد المسلمين خدم أهل الجنة قال الحسن: أ تعجبون أكرمهم الله و أكرمهم به؟ انتهى، أقول: فظهر أن تلك الروايات موافقة لما رواه المخالفون في طرقهم و قد أولها أئمتنا عليهم السلام بما في تلك الأخبار.

 (الحديث الثالث)

 (1): صحيح.

 (الحديث الرابع)

 (2): حسن. و اختلاف التفسير أيضا من شواهد التقية.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 235

 (الحديث الخامس)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله تعالى‏

وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ‏

 (2). قال الطبرسي (ره) يعني بالذرية أولادهم الصغار و الكبار و لأن الكبار يتبعون الإباء بإيمان منهم، و الصغار يتبعون الإباء بإيمان من الإباء، فالولد يحكم له بالإسلام تبعا لوالده، و المعنى‏

إنا نلحق الأولاد بالإباء

 (3) في الجنة و الدرجة من أجل الإباء لتقر عين الإباء باجتماعهم معهم في الجنة كما كانت تقربهم في الدنيا، عن ابن عباس و الضحاك و ابن زيد، و في رواية أخرى عن ابن عباس أنهم البالغون ألحقوا بدرجة آبائهم و إن قصرت أعمالهم تكرمة لابائهم، و إذا قيل كيف يلحقون بهم في الثواب و لم يستحقوه؟ الجواب إنهم يلحقون بهم في الجمع لا في الثواب و المرتبة، و روى زاذان عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله إن المؤمنين و أولادهم في الجنة، ثم قرأ هذه الآية، و روي عن الصادق عليه السلام قال: أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم القيمة.

 (الحديث السادس)

 (4): حسن. و

الفترة

 (5) الزمان بين الرسولين و في (القاموس)

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 236

الحنث‏

 (1) الإثم و الذنب يقال: بلغ الغلام الحنث: أي المعصية و الطاعة، و

المعتوه‏

 (2) المغلوب على عقله.

 (الحديث السابع)

 (3): حسن. و المراد

بالأبكم‏

 (4) هو الأصم الأبكم الذي لم يتم عليه الحجة في الدنيا.

باب النوادر

 (5)

 (الحديث الأول)

 (6): حسن. و يدل على استحباب الوضوء للجنب إذا أراد غسل الميت و كذا لمن وجب عليه غسل المس إذا أراد الجماع، و على جواز تغسيل الجنب الميت، و قال في الدروس: منع الجعفي من مباشرة الجنب و الحائض الغسل و هو نادر.

 (الحديث الثاني)

 (7): ضعيف. على المشهور و الإيثاق إما على الحقيقة و إن لم نر الوثاق، أو هو كناية عن إن بعد رؤيته لا تبقى له قوة تقدر على الحركة، و قال الوالد (ره) يوثقه بالبشارة بما أعد الله له أو بإراءة الجنة و مراتبها المعدة له أو

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 237

بمشاهدته كما ترى أنه إذا رأى الشخص أسدا كأنه يتوثق و لا يمكنه الحركة أو بأنياب المنية أو بغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى و حججه عليهم السلام.

 (الحديث الثالث)

 (1): مجهول. و يدل على استحباب البكاء مع شدة المصيبة و أنه موجب لتسكين الوجد و الحزن.

 (الحديث الرابع)

 (2): مرفوع.

قوله عليه السلام:" إن كنت"

 (3) كلمة إن مخففة من المثقلة.

قوله عليه السلام:" ما بي فقدك"

 (4) أي ليس علي بأس و حزن من فقدك و ما أوقع بي فقدك مكروها، و الحاصل ليس بي حزن فقدك، و ربما يقال الباء للسببية أي لم يكن فقدك و موتك بفعلي بل كان بقضاء الله تعالى، و لا يخفى عدم مناسبته للمقام و الغضاضة الذلة و المنقصة، و قال في النهاية: في الحديث لو أن لي ما في الأرض جميعا لافتديت به من هول المطلع يريد به الموقف يوم القيمة، أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت، فشبه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 238

قوله عليه السلام: و لقد شغلني الحزن لك‏

 (1) أي في أمر الآخرة عن الحزن عليك أي على مفارقتك،

و الله ما بكيت لك‏

 (2) أي لفراقك‏

و لكن بكيت عليك‏

 (3) أي للإشفاق عليك أو على ضعفك و عجزك عن الأهوال التي إمامك‏

فليت شعري‏

 (4) أي علمي، قال الجوهري: شعرت بالشي‏ء بالفتح أشعر به أي فطنت له.

 (الحديث الخامس)

 (5): ضعيف. على المشهور و يدل على استحباب الإسراج في في بيوت وفاة الأئمة عليهم السلام بل مشاهدهم بالطريق الأولى، و أما بيوت وفاة غيرهم ففيه إشكال لظهور الاختصاص، و قال المحقق في المعتبر: و يسرج عنده إن مات ليلا ذكر ذلك الشيخان و روى سهل بن زياد إلى آخر الخبر، و سهل ضعيف، و عثمان واقفي، و الرواية حكاية حال فهي ساقطة لكنه فعل حسن، و قال الشيخان يسرج عنده إلى الصباح و هو حسن أيضا، لأن علة الإسراج غايتها الصباح و قال السيد في المدارك: اعترض المحقق الشيخ علي (ره) بأن ما دل عليه الحديث غير المدعى و قال: إلا أن اشتهار الحكم بينهم كاف في ثبوته للتسامح في أدلة السنن و قد يقال: إن ما تضمنه الحديث يندرج فيه المدعى، أو يقال: إن استحباب ذلك يقتضي استحباب الإسراج عند الميت بطريق أولى، و الدلالة واضحة لكن السند ضعيف جدا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 239

 (الحديث السادس)

 (1): حسن. و الأخبار في ذلك كثيرة أوردتها في كتاب بحار الأنوار، و قد ورد في بعضها أن الملائكة علمتها ذلك و صورته لها، و روى الصدوق في علل الشرائع عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما نعي إلى فاطمة عليها السلام نفسها أرسلت إلى أم أيمن و كانت أوثق نسائها عندها و في نفسها فقالت: يا أم أيمن إن نفسي نعيت إلى فادعي لي عليا فدعته لها فلما دخل عليها قالت له يا ابن العم أريد أن أوصيك بأشياء فاحفظها علي فقال: لها قولي ما أحببته قالت: له تزوج فلانة تكون لولدي من بعدي مثلي، و اعمل نعشي رأيت الملائكة قد صورته لي فقال: لها علي عليه السلام أريني كيف صورته، فأرته ذلك كما وصف لها و كما أمرت به ثم قالت فإذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك، أي ساعة كانت من ليل أو نهار و لا يحضرن أحد من أعداء الله و أعداء رسوله للصلاة على، الخبر.

 (الحديث السابع)

 (2): موثق. و اعلم أن المسلمين القائلين بالمعاد و الجسماني لهم في دفع شبهة الملاحدة المنكرين المتشبثين بامتناع إعادة المعدوم طرق.

الأول: منع امتناعها و هو الحق إذ لم يقم دليل تام على امتناعها، و ما ذكروه في ذلك شبهة ضعيفة، و ادعاؤهم البداهة طريف مع اختلاف أكثر المسلمين فيه، بل يمكن ادعاء البداهة على خلافه إذ إيجاده بعد العدم الصرف لو كان جائزا فبعد طريان الوجود عليه مرة. لم صار وجوده ممتنعا؟ و قد أشار سبحانه إليه بقوله قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ و ما ذكره بعضهم من أنه من قبيل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 240

الطفرة في الزمان فهو باطل لأنا لو قلنا إن وجوده باق مستمر- و لا يمر عليه جزء من الزمان يكون شبيها بالطفرة و ليس كذلك بل هو شبيه بإعدام الله تعالى المتحرك في جزء من المسافة و إيجاده في جزء آخر منه، و استحالته عين المتنازع فيه، و لتفصيل هذا الكلام مقام آخر.

الثاني: القول بعدم انعدام جزء منه بأن يقال ليس الجسم إلا الصورة الجسمية و هو باق عند الاتصال و الانفصال، فعلى القول بعوده لا يلزم القول بإعادة المعدوم كما اختاره نصير الملة و الدين (ره).

الثالث: القول بعدم انعدام جزء منه بناء على القول بأن الجسم مركب من الأجزاء التي لا يتجزى و أن الأجسام كلها متفقة الحقيقة، و إنما تجتمع تلك الأجزاء في الحشر و لا ينعدم شي‏ء منه في القبر، و يرد على هذين القولين أنه لا ريب في انعدام التشخص الذي به يمتاز زيد عن عمرو، فإن عاد هذا التشخص بعينه يلزم إعادة المعدوم و إن لم يعد يلزم عدم عود الشخص بعينه، فاضطروا إلى القول بأن تشخص الإنسان بالأجزاء الأصلية التي لا تبلى في القبر و لا تصير جزء لحيوان آخر إذا أكله، و التغييرات التي تعتري الإنسان من أول العمر إلى آخره من الصغر و الكبر و النمو و الذبول و السمن و الهزال لا ينافي بقاء تشخصه فكذا الحالات التي تعتريه في القبر لا ينافي بقاء تشخصه مع بقاء الأجزاء الأصلية، و ربما أيدوا ذلك بأخبار رووه في ذلك.

قال في النهاية: فيه كل ابن آدم يبلى إلا العجب، و في رواية: الأعجب الذنب، العجب بالسكون العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز، و هو العسيب من الدواب.

الرابع: القول بالهيولى و الصورة كما هو المشهور بين الحكماء و التزام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 241

انعدام الصورة الجسمية و عود مثلها مع بقاء الهيولى بعينها و هم يقولون بأن مدرك اللذات و الآلام إنما هو الروح، و البدن آلة لذلك و إنما نقول بعود الجسد بعينه للنصوص و هي لا تدل على أكثر من حفظ مادة البدن و عود الصورة الشبيهة بالصورة الأولى بحيث لو رآه أحد لقال هو فلان، و ربما يؤيد ذلك ببعض الايات و الأخبار كما قال تعالى أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ و قال سبحانه كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها و ما روي أن أهل الجنة جرد مرد و غير ذلك، فإذا عرفت ذلك فصاحب كل مسلك يحمل هذا الحديث على ما يوافق مسلكه في ذلك، فالقائلون بالجزء يحملون الطينة عليه و كونها مستدبرة على عدم كونها قابلة للقسمة، و القائلون بالأجزاء الأصلية عليها و القائلون باجتماعها في عجب الذنب يقولون إنه عظم مستدير و هو لا يبلى في القبر، و عليه يتركب البدن في الحشر، و القائلون بالهيولى أو الصورة الجسمية فقط يحملون الاستدارة على تنقل الأحوال و أنواع الاستحالات و التغييرات الواردة على الهيولى أو على الصورة من قولهم دار يدور دورانا و يؤيد بأن في بعض نسخ الفقيه مستديمة، فالطينة مستديمة في جميع مراتب التغيير دائرة منتقلة. من حال إلى حال مع بقائها في ذاتها حتى يخلق منها كالخلق أول مرة فكل يحمل الخبر على شاكلته، و ربك أعلم بمن هو أهدى سبيلا.

قال: بعض المتأخرين ممن يسلك مسالك الفلاسفة الأقدمين لعله عليه السلام عني بطينته التي خلق منها و هي تبقى و لا تبلى مادته التي هي هيولاه الشخصية الباقية بشخصها و عينها مع تبدلات الصور المتفاسدة المتواردة عليها و بقاؤها في القبر مستديرة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 242

إما عند فساد التركيب و الانحلال إلى البسائط إذ شكل البسيط الاستدارة، أو كناية عن سعة استعدادها و سذاجة خلقها في حد وحدتها الشخصية المبهمة عن جميع الصور التي هي مستعدة لها و حاملة لإمكانها الاستعدادي لأن المستدير أوسع الأشكال و خال عن المفاصل و المقاطع و النهايات و عري عن الحدود و الزوايا و الأضلاع بالفعل ثم ذكر رواية عجب الذنب. و قال: هو كناية عن الهيولى الباقية في أطوار زوال الصورة الجسدية و تبدل الصور المتفاسدة المتواردة عليها و بقاء تعلق النفس ببدنها الشخصي من حيث هيولاه الشخصية الباقية عند الموت، و في زمان البرزخ مع انقطاع تعلقها به و انصرام علاقتها بتدبيره من حيث صورته الزائلة و مزاجه الفاني و قوامه المنصرم، و ذلك التعلق المستمر الانحفاظ من حيث المادة مرجح عودها إليه و إرجاعها إلى تدبيره بصورة أخرى مستأنفة مثل الصورة الأولى الفاسدة عند الحشر الجسماني بإذن بارئها الفعال الحكيم انتهى.

و ربما يأول عجب الذنب بالطينة التي وردت في رواية الكتاب بناء على أنه كناية عن أصل الشي‏ء و آخره و منتهاه، فإن الطينة أيضا أصل خلقة الشي‏ء و منتهاه أولا و آخرا.

 (الحديث الثامن)

 (1): مجهول. و المراد

بالفاسق‏

 (2) عثمان (لعنه الله).

قوله عليه السلام:" و كان ممن نذر رسول الله‏

 (3) كأنه على بناء التفعيل.

يقال: نذر الشي‏ء أسقط و أنذره أسقطه و في بعض النسخ ممن هدر و هو أظهر، و في النهاية

المشجب‏

 (4) بكسر الميم عيدان تضم رءوسهما و تفرج بين قوائمها و تضع عليها

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 243

الثياب، و قد تعلق عليه الإداوة لتبريد الماء و هو من تشاجب إذا اختلط.

و في الصحاح‏

لحفت‏

 (1) الرجل، طرحت عليه اللحاف، أو غطيته بثوب.

قوله عليه السلام" أكب"

 (2) أي نكس رأسه و لم يرفعه لئلا يقع نظره عليه، و إنما فعل ذلك لأنه كان حييا كريما و لا يريد أن يشافهه بالرد.

قوله عليه السلام:" آمنته"

 (3) على صيغة الخطاب أو التكلم أي آمنته في الحرب قبل أن يأتي بالمدينة فدخل بأماني، و على التقديرين كان كذبا لأن النبي صلى الله عليه و آله لم يكن آمنه بل كان هدر دمه و عثمان أيضا لم يكن لقيه قبل دخول المدينة و روى الراوندي في الخرائج الخبر عن محمد بن عبد الحميد، عن عاصم بن حميد، عن يزيد بن خليفة، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام قاعدا فسأله رجل من القميين أ تصلي النساء على الجنائز؟ فقال: إن المغيرة بن أبي العاص ادعى أنه رمى رسول الله صلى الله عليه و آله فكسرت رباعيته و شق شفتيه و كذب، و ادعى أنه قتل حمزة و كذب فلما كان يوم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 244

الخندق ضرب على أذنيه فنام فلم يستيقظ حتى أصبح فخشي أن يؤخذ فتنكر و تقنع بثوبه. و جاء إلى منزل عثمان يطلبه و تسمى باسم رجل من بني سليم كان يجلب إلى عثمان الخيل و الغنم و السمن فجاء عثمان فأدخله منزله، و قال: ويحك ما صنعت ادعيت أنك رميت رسول الله صلى الله عليه و آله، و ادعيت إنك شققت شفتيه، و كسرت رباعيته، و ادعيت أنك قتلت حمزة، فأخبره بما لقي و أنه ضرب على أذنه، فلما سمعت ابنة النبي صلى الله عليه و آله و سلم بما صنع بأبيها و عمها صاحت فأسكتها عثمان، ثم خرج عثمان إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و هو جالس في المسجد فاستقبله بوجهه و قال يا رسول الله: إنك آمنت عمي المغيرة و كذب، فصرف عنه رسول الله صلى الله عليه و آله وجهه، ثم استقبله من الجانب الأخر فقال: يا رسول الله إنك آمنت عمي المغيرة و كذب فصرف رسول الله وجهه عنه ثم قال: آمناه و أجلناه ثلاثا و ساق الحديث نحوا مما في المتن فظهر أن الخطاب أظهر و أنه لا وجه له لمن قرأ أمنته على بناء التفعيل بصيغة المتكلم أي جعلته مؤمنا لكن في خبر الكتاب. التكلم أظهر لما ستعرف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 245

قوله عليه السلام:" فأعادها ثلاثا"

 (1) هذا من كلام الإمام عليه السلام و الضمير راجع إلى كلام عثمان بتأويل الكلمة، أو الجملة أي أعاد قوله و الذي بعثك بالحق إني آمنته و

قوله و أعادها أبو عبد الله عليه السلام ثلاثا

 (2) كلام الراوي أي أنه عليه السلام كلما أعاد كلام عثمان أتبعه بقوله و الذي بعثه بالحق نبيا ما آمنه، و قوله إني آمنته بيان لمرجع الضمير في قوله أعادها أولا و أحال المرجع في الثاني على الظهور، و يحتمل أن يكون قوله إني آمنته بدلا عن الضمير المؤنث في الموضعين معا بأن يكون مراد الراوي أنه عليه السلام لم يقل فأعادها ثلاثا بل كرر القول بعينه ثلاثا، فيحتمل أن يكون عليه السلام كرر و الذي بعثه أيضا و أحال الراوي على الظهور، أو يكون المراد إلى آخره، و أن يكون عليه السلام قال ذلك مرة بعد الأولى أو بعد الثالثة، و على التقادير

قوله إلا

 (3) أنه استثناء من‏

قوله ما آمنه‏

 (4) أي لم يكن آمنه إلا أنه أي عثمان يأتي النبي صلى الله عليه و آله عن يمينه و عن شماله و يلح و يبالغ ليأخذ منه عليه السلام الأمان و في بعض النسخ‏

إني آمنه‏

 (5) على صيغة الماضي الغائب فأنى بالفتح و التشديد للاستفهام الإنكاري و الاستثناء متعلق به لكن في أكثر النسخ بصيغة المتكلم.

قوله عليه السلام:" قد جعلت لك ثلاثا"

 (6) أي ثلاث ليال و الرشاء ككساء الحبل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 246

قوله عليه السلام:" و هو يعدهن"

 (1) أي الإمام عليه السلام، أو النبي صلى الله عليه و آله و نقب على المعلوم و الضمير راجع إلى الله أو على المجهول.

قوله عليه السلام:" حتى وجس به"

 (2) الوجس الفزع أي خاف الموت على نفسه أو خيف عليه، و في بعض النسخ حسر به أي (أعيا) و في بعضها و جربه.

قال الجوهري: و جرت منه بالكسر: خفت، و في بعضها بالخاء المعجمة و الزاء، أي طعن بالجهاز و أثر في بدنه، و السمرة بضم الميم من شجر الطلح.

قوله عليه السلام:" ما أبهره"

 (3) كلمة ما نافية، و البهرة تتابع النفس للإعياء، أي لم يمش مكانا بعيدا مع هذه المشقة التي تحملها بل ذهب إلى مكان لو أتاه بعضكم من المدينة ماشيا لم يحصل له إعياء و تعب فأعجزه الله في هذه المسافة القليلة مع العدة التي أعدها له عثمان بإعجاز النبي صلى الله عليه و آله.

قال الجوهري: البهرة بالضم تتابع النفس، و بالفتح المصدر يقال: (بهره) الحمل يبهره بهرا أي أوقع عليه البهر فانبهر أي تتابع نفسه، و ربما يقرأ على صيغة التعجب أي تنحى بعيدا عن الطريق و لم ينفعه ذلك و هو بعيد، و قال الجوهري:

قنيت‏

 (4) الحياء بالكسر قنيانا أي لزمته قال: عنترة أقنى حياءك لا أبا لك و اعلمي أني امرؤ سأموت إن لم أقتل، و

الحطم‏

 (5) الكسر و في بعض النسخ بالخاء المعجمة يقال: خطمه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 247

يخطمه ضرب أنفه و

التحف‏

 (1) بالشي‏ء تغطى به، و اللحاف ككتاب ما يلتحف به و زوجة الرجل، ثم إن الخبر يدل على استحباب اتباع النساء الجنائز، و المشهور الكراهة للمنع الوارد في بعض الأخبار و أكثرها ضعيفة السند، و يمكن حملها على النساء الأجانب و الاستحباب على الأقارب، أو المنع على ما إذا كان للتنزه لا للسنة، كما هو الشائع.

 (الحديث التاسع)

 (2): ضعيف على المشهور و يدل على استحباب إعداد الكفن قبل الموت و النظر إليه.

 (الحديث العاشر)

 (3): مثله.

قوله عليه السلام:" أ جزعا"

 (4) هو مفعول له لفعل محذوف أي التصيح جزعا، أي هل هذا من الجزع و قلة الصبر، أو أن الوجع شديد بحيث لا يمكنك الصبر عليه.

و

قوله عليه السلام:" ما وجعت"

 (5) آه ليس مثل قول الناس لم يبتل به أحد ليكون شكاية و كذبا بل أخبر عليه السلام بأنه وجع شديد لم يلحقني مثله قبل ذلك و كان كذلك و في (القاموس)

السفود

 (6) بالتشديد كتنور الحديدة التي يشوي به اللحم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 248

 (الحديث الحادي عشر)

 (1): مثله.

و استراحة الأرض‏

 (2) على المجاز، أي لو كان لها شعور لكانت تتأذى بمشيه عليها، أو كناية عن أنه يظهر أثر وجوده في الأرض أيضا لمنع بركات السماء و الأرض بشؤمه، أو المراد استراحة الملائكة الذين يسكنون الأرض بحذف مضاف.

 (الحديث الثاني عشر)

 (3): مثله.

 (الحديث الثالث عشر)

 (4): حسن. كالصحيح و المراد

ببكاء البقاع و الأبواب‏

 (5) بكاء أهلها، أو البكاء التقديري كما مر، أو هو كناية عن تعطلها و ذهاب آثاره عنها و ظهور آثار موته عليها و كثيرا ما يعبر عن شدة المصيبة بذاك فيقال بكت عليه السماء و الأرض و قال: تعالى في تهوين فقد الكفار فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ‏

و الثلمة

 (6): كبرمة الخلل الواقع في الحائط و غيره، و الجمع. ثلم كبرم، و لعل المراد

بالحصن‏

 (7) أجزاؤه و بروجه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 249

 (الحديث الرابع عشر)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" فقالوا"

 (2) أي في الصلاة أو الأعم و هو أظهر، و يدل على الاستحباب ذكر الميت بخير و إن علم منه الشر إذا كان مؤمنا.

 (الحديث الخامس عشر)

 (3): ضعيف. على المشهور و

العذق‏

 (4) النخلة بحملها، أو بالكسر القنو منها و المراد هنا الأول و دورانه حيث دارت الشمس من إعجاز النبي صلى الله عليه و آله لئلا تقع الشمس على القبر و كذا دروس القبر لبعض المصالح التي لا تظهر لنا و يحتمل أن يكون ذهاب النخلة صارت لعدم علم الناس بموضع القبر فاندرس و ذهب.

 (الحديث السادس عشر)

 (5): صحيح و

البراء

 (6) بالفتح و المد من أصحاب العقبة الأولى و من البقاء.

قوله عليه السلام:" فأوصى"

 (7) لعله لم يكن في شرعهم تعيين لتوجيه الميت إلى جانب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 250

و كانوا مخيرين في الجهات فاختار هذه الجهة للاستحسان العقلي، أو لما ثبت عنده شرعا من تعظيم الرسول صلى الله عليه و آله فعلى الأول يدل على حجية تلك الاستحسانات أو على أن الإنسان يثاب على ما يفعله موافقا للواقع و إن لم يكن مستندا إلى دليل معتبر كما اختاره الفاضل الأردبيلي (ره)، و على الثاني على جواز العمل بتلك العمومات كتقبيل الأعتاب الشريفة و كتب الأخبار و تعظيم ما ينسب إليهم بما يعد تعظيما عرفا.

قوله عليه السلام:" فنزل به الكتاب"

 (1) أي بأصل الوصية، أو يظهر من بطن الكتاب و إن لم يكن نعرفه من ظاهره.

 (الحديث السابع عشر)

 (2): حسن.

قوله عليه السلام:" عش ما شئت"

 (3) شبيه بأمر التسوية، و الحاصل أنه ليس الغرض منه الأمر بل مساواة أنواع العيش في انتهائها إلى الموت و عدم بقاء اللذات و الآلام و انصرامها جميعا، و كذا

قوله" و اعمل ما شئت"

 (4) أي أعمال الخير و الشر مساوية في كونها مستعقبة للجزاء، و حملها على أمر التهديد لا يناسب رفعة شأن المأمور، إلا أن يقال: المخاطب بها حقيقة الأمة.

 (الحديث الثامن عشر)

 (5): حسن. و يدل على استحباب كثرة ذكر الموت.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 251

 (الحديث التاسع عشر)

 (1): مجهول. و

قوله مناد

 (2): مبتدأ و هو في قوة النكرة الموصوفة و اللام في المواضع للعاقبة.

 (الحديث العشرون)

 (3): ضعيف. على المشهور و المراد

بالوسواس‏

 (4) هنا فكر الدنيا و غمها و

بنات الماء

 (5) الديدان التي تتولد من الرطوبات‏

 (الحديث الحادي و العشرون)

 (6): مجهول،

قوله عليه السلام:" يعلم ملك الموت"

 (7) أي قبل حلول الأجل، و

الصك‏

 (8) بالفتح الكتاب و الجمع صكاك بالكسر.

 (الحديث الثاني و العشرون)

 (9): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 252

قوله عليه السلام:" و لا وبر"

 (1) لعل الأظهر (و لا مدر) على البدل كما في بعض النسخ، أو الاجتماع، و الخمس مرات لعلها في أوقات الصلوات ليعلم كيف مواظبتهم عليها فينزع روحهم بالعسر و اليسر بحسبها، و في القاموس: (

صفح‏

 (2) القوم و ورق المصحف) كمنع عرضها واحدا واحدا و في الأمر نظر كتصفح، و روى علي بن إبراهيم في تفسيره بهذا السند في خبر المعراج أنه صلى الله عليه و آله لقي ملك الموت فقال: يا ملك الموت أكل من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه؟ قال: نعم قلت: و تحضرهم بنفسك؟

قال: نعم ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي و مكنني منها إلا كدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء و ما من دار في الدنيا إلا و أدخلها في كل يوم خمس مرات، و أقول: إذا بكى أهل الميت على ميتهم لا تبكوا عليه فإن لي إليكم عودة و عودة حتى لا يبقى منكم أحد، قال: رسول الله صلى الله عليه و آله كفى بالموت طامة يا جبرائيل فقال: جبرئيل ما بعد الموت أطم و أعظم من الموت.

 (الحديث الرابع و العشرون)

 (3): ضعيف. و الايات و الأخبار بعضها تدل على أن قابض الأرواح هو ملك الموت و بعضها على أن جمعا من الملائكة موكلون بها، و بعضها على أن الله تعالى هو المتوفى، و روى أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج في خبر الزنديق المدعي للتناقض في القرآن قال: أمير المؤمنين‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 253

صلوات الله عليه في قوله تعالى" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها" و قوله" يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ: و" تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا"، و" تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ" و" الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ" قال: عليه السلام فهو تبارك و تعالى أجل و أعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، و فعل رسله و ملائكته فعله لأنهم بأمره يعملون فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا و سفرة بينه و بين خلقه و هم الذين قال الله فيهم:" اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ" فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة و من كان من أهل المعصية تولى قبض روحه ملائكة النقمة، و لملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة و النقمة يصدرون عن أمره و فعلهم فعله و كل ما يأتونه منسوب إليه فإذا كان فعلهم فعل ملك الموت و فعل ملك الموت فعل الله لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء و يعطي و يمنع و يثيب و يعاقب على يد من يشاء، و إن فعل أمناؤه فعله كما قال" وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ" و تفصيل القول: في ذلك موكول إلى كتابنا الكبير.

 (الحديث الخامس و العشرون)

 (1): صحيح.

قوله عليه السلام:" ثم يأخذ الأرض"

 (2) أقول هو إشارة إلى قوله سبحانه" وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ" قال الطبرسي (قدس الله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 254

روحه) القبضة في اللغة ما قبضت عليه بجميع كفك، أخبر الله سبحانه عن كمال قدرته فذكر أن الأرض كلها مع عظمتها في مقدوره كالشي‏ء الذي يقبض عليه القابض بكفه فيكون في قبضته و هذا تفهيم لنا على عادة التخاطب فيما بيننا و كذا قوله" وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ" أي يطويها بقدرته كما يطوي أحد منا الشي‏ء المقدور له طيه بيمينه، و ذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار، و التحقيق للملك كما قال" أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ" و قيل معناه أنها محفوظات مصونات بقوته و اليمين‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 255

القوة فالمراد أنه تعالى يحفظ الأرض و السماوات بقدرته الكاملة بعد ما كانت محفوظة بالملائكة و سائر الخلق و قد جعل لكل شي‏ء حفظة منها، و الله يعلم حقائق كلامه.

 (الحديث السادس و العشرون)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فتعتب عليه"

 (2) قال الجوهري: عتب عليه أي وجد عليه و التعتب مثله، و قال الفيروزآبادي:

القطب‏

 (3) العبوس و قال:

معض‏

 (4) من الأمر كفرح غضب و شق عليه. فهو ماعض و معض و معضه تمعيظا فامتعض انتهى، و في بعض النسخ انتقض و هو أظهر، و قال الطبرسي (ره) في قوله تعالى‏

" وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا"

 (5) أي عاليا رفيعا و قيل: إنه رفع إلى السماء الرابعة و قيل: إلى السادسة، و قال:

مجاهد رفع إدريس كما رفع عيسى و هو حي لم يمت، و قال: آخرون إنه قبض روحه بين السماء الرابعة و الخامسة، و روي ذلك عن أبي جعفر عليه السلام و قيل: إن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 256

معناه رفعناه محله و مرتبته بالرسالة كقوله تعالى" وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ" و لم يرد به رفعة المكان.

 (الحديث السابع و العشرون)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" الموت الموت"

 (2) بالنصب أي احذروه أو اذكروه و الباء في قوله بما فيه في الموضعين: أما للتعدية، أو للمصاحبة،

" و الكرة"

 (3) الرجعة.

قوله عليه السلام:" إذا استحقت"

 (4) على بناء المعلوم أي لزمت‏

و مجي‏ء الأجل بين العينين‏

 (5) كناية عن تذكر الموت و ذهاب الأمل،

وراء الظهر

 (6) كناية عن عدم الاعتماد على العمر و عدم الالتفات إلى مشتهيات الدنيا و ترك الرغبة فيها و كذا العكس.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 257

 (الحديث الثامن و العشرون)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" لمن أنكر الموت"

 (2). قد يطلق الإنكار على عدم العمل بمقتضى العلم بالشي‏ء فكأنه ينكره، فيحتمل أن يكون هذا هو المراد هنا أي لا يستعد للموت و لا يعمل لما بعده إذ إنكار الموت لا يكون من أحد إلا أن يكون المراد بإنكاره إنكار تعجيل وروده عليه بطول الأمل.

قوله عليه السلام:" و هو يرى النشأة الأولى"

 (3) أي إذا رأى قدرة الله على الإبداع فقدرته على الإعادة أهون كما قال تعالى" قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ" و يحتمل أن يكون المعنى أن العاقل إذا رأى النشأة الأولى و كون لذاتها مخلوطة بأنواع الكدورات و الآلام و تسلط الظالمين على المظلومين و عدم تدارك ظلمهم كما ينبغي في تلك الدار و عدم عود جزاء المحسنين إليهم فيها لا بد له أن يذعن بأن الحكيم لم يخلقهم لتلك النشأة فقط و لا بد من نشأة أخرى تكون لذاتها خالصة و يكون مثوبات المؤمنين و عقوبات المجرمين فيها كاملة و لو لا ذلك لكان خلق الدنيا عبثا كما قال تعالى" أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ" أو المراد بإنكار النشأة الآخرة: عدم العمل لتحصيلها و الرغبة إليها كما ذكرنا في الفقرة السابقة أي عجب لمن يرغب إلى أنواع نعيم تلك النشأة مع كمالها و خلوصها و هو يرى نعيم الدنيا و نقصه و كدورته و فناءه فيكون نظير قولهم عليه السلام" عجيب لمن يرى الدنيا و تقلبها بأهلها كيف يركن إليها" و الأول أظهر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 258

 (الحديث التاسع و العشرون)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" حبس أولهم عن آخرهم"

 (2) أي يمنعون من ذهب منهم أي الأموات أن يرجعوا إلى آخرهم، أي الأحياء الذين لم يلحقوا بعد بهم فيخبروهم بما جرى عليهم، أو يئسوا من عودهم إلى الدنيا ثم نودي في الأحياء بالرحيل إلى الأموات و هم لاعبون غافلون عما ينفعهم في تلك النشأة فلا شي‏ء أعجب من تلك الحال، و يحتمل أن تكون كلمة عن للتعليل أي حبس أولهم و من مضى منهم في القبور ليلحق بهم آخرهم فيحشرون معا إلى القيمة.

 (الحديث الثلاثون)

 (3): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" ما أنزل الموت"

 (4) أي ما عرف حقيقته كما هي، أو ما أدى حقه من رعايته و انتظاره.

قوله عليه السلام:" من طلب الدنيا"

 (5) من تعليلية أي لطلبها، أو تبعيضية أي الأعمال التي هي من جملة طلب الدنيا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 259

 (الحديث الحادي و الثلاثون)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فتلك لحظة ملك الموت"

 (2) أي علامتها و قال الجوهري: لحظه كمنعه و إليه لحظا و لحظانا محركة نظر بمؤخر عينيه و هو أشد التفاتا من الشرز و الملاحظة مفاعلة منه.

 (الحديث الثاني و الثلاثون)

 (3): ضعيف.

قوله تعالى" وَ قِيلَ مَنْ راقٍ"

 (4) قبله كلا قال الطبرسي (قدس سره) أي ليس يؤمن الكافر بهذا، و قيل: معناه حتى إذا بلغت أي النفس أو الروح التراقي أي العظام المكتنفة بالحلق، و كنى بذلك عن الإشفاء على الموت و قيل: من راق أي قال: من حضره هل من راق أي: من طبيب شاف يرقيه و يداويه فلا يجدونه، أو قالت: الملائكة من يرقى بروحه ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ و قال: الضحاك أهل الدنيا يجهزون البدن و أهل الآخرة يجهزون الروح‏

" وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ"

 (5) أي و علم عند ذلك أنه الفراق من الدنيا و الأهل و المال و الولد، و جاء في الحديث أن العبد ليعالج كرب الموت و سكراته و مفاصله يسلم بعضها على بعض تقول عليك السلام تفارقني و أفارقك إلى يوم القيمة

" وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ"

 (6) فيه وجوه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 260

أحدهما: التفت شدة أمر الآخرة بأمر الدنيا.

و الثاني: التفت حال الموت بحال الحياة.

و الثالث: التفت ساقاه عند الموت لأنه تذهب القوة فتصير كجلد يلتف بعضه ببعض و قيل: هو أن يضطرب فلا يزال يمد إحدى رجليه و يرسل الأخرى و يلف أحدهما بالأخرى، و قيل: التفات الساقين في الكفن.

و الرابع: التفت ساق الدنيا بساق الآخرة و هو شدة كرب الموت بشدة هول المطلع و المعنى في الجميع أنه تتابعت عليه الشدائد فلا يخرج من شدة إلا جاء أشد منها

" إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ"

 (1) أي مساق الخلائق إلى المحشر الذي لا يملك فيه الأمر و النهي إلا الله تعالى، و قيل بسوق الملك بروحه إلى حيث أمر الله به إن كان من أهل الجنة فإلى عليين و إن كان من أهل النار فإلى سجين.

 (الحديث الثالث و الثلاثون)

 (2): مجهول.

قوله تعالى" إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا"

 (3) قال: الرازي في تفسيره أي لا تعجل عليهم بأن يهلكوا و يبيدوا حتى تستريح أنت و المسلمون من شرورهم فليس بينك و بين ما تطلب من هلاكهم إلا أيام محصورة و أنفاس معدودة، و عن ابن عباس أنه إذا قرأها بكى و قال: آخر العدد خروج نفسك، آخر العدد دخول قبرك، آخر العدد فراق أهلك و ذكروا في قولهم" نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا" وجهين آخرين.

الأول: نعد أنفاسهم و أعمالهم فنجازيهم على قليلها و كثيرها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 261

و الثاني: نعد الأوقات أي وقت الأجل المعين لكل أحد الذي لا يتطرق إليه الزيادة و النقصان.

 (الحديث الرابع و الثلاثون)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" خلقان من خلق الله"

 (2) إشارة إلى قوله تعالى" الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" و استدل به على أن الموت وجودي إذ العدم لا يخلق إذ الخلق بمعنى الإيجاد و أيضا الخلق لا يكون إلا بالإرادة و هي لا تتعلق بالعدم و كلاهما ممنوعان، و القائلون بوجوده أكثرهم على أنه عرض.

و ربما يقال بجوهريته كما يتوهم من هذا الخبر، قال في المواقف و شرحه الموت عدم الحياة عما من شأنه أن يكون حيا، و الأظهر أن يقال: عدم الحياة عما اتصف بها و على التفسيرين فالتقابل بين الحياة و الموت. تقابل الملكة و العدم.

و قيل: الموت كيفية وجودية يخلقها الله في الحي فهو ضدها لقوله تعالى" خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ" و الخلق لكونه بمعنى الإيجاد لا يتصور إلا فيما له وجود.

و الجواب أن الخلق ههنا معناه التقدير دون الإيجاد و تقدير الأمور العدمية جائز كتقدير الوجوديات انتهى.

و قال الرازي في تفسيره: قالوا: الحياة هي الصفة التي يكون الموصوف بها بحيث يصح أن يعلم و يقدر، و اختلفوا في الموت فقال: قوم إنه عبارة عن عدم هذه الصفة و قال أصحابنا: إنه صفة وجودية مضادة للحيوة. و احتجوا بقوله تعالى" خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ" و العدم لا يكون مخلوقا و هذا هو التحقيق و روى الكليني‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 262

بإسناده عن ابن عباس أنه تعالى خلق الموت في صورة كبش أملح لا يمر بشي‏ء أو لا يجد رائحته شي‏ء إلا مات و خلق الحياة في صورة فرس بلقاء فوق الحمار و دون البغل لا يمر بشي‏ء و لا يجد رائحته شي‏ء إلا حي.

و اعلم: أن هذا لا بد و أن يكون مقولا على سبيل التمثيل و التصوير و إلا فالتحقيق هو الذي ذكرناه انتهى، ففي هذا الخبر أيضا يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير أو إيجاد ما يكون سببا لذهاب الحياة و خروج الروح الحيوانية و ذهاب الحرارة الغريزية من برودة و ضعف في القوي و نحوهما و الله تعالى يعلم.

 (الحديث الخامس و الثلاثون)

 (1): ضعيف. و يدل على كراهة قول" استأثر الله بفلان" كناية عن موته، قال في النهاية:

الاستئثار

 (2) الانفراد بالشي‏ء، و منه الحديث إذا استأثر الله بشي‏ء فاله عنه و في القاموس: استأثر بالشي‏ء استبد به و خص به نفسه، و استأثر الله بفلان: إذا مات و رجي له الغفران انتهى، و لا يبعد أن تكون العلة فيه إبهامه أن قدرته تعالى عليه و تصرفه فيه مخصوصان بهذا الوقت أو أنه تعالى محتاج إليه و يدل على تجويز أن يقال فلان يجود بنفسه لموت المؤمن لا مطلقا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 263

 (الحديث السادس و الثلاثون)

 (1): حسن. و يدل على أن الموت أيضا نعمة كالحياة.

قوله عليه السلام:" يوضيهم"

 (2) أي يذهب بهم إلى الخلاء و ينجيهم و يغسلهم.

 (الحديث السابع و الثلاثون)

 (3): مجهول، مرسل. و يدل على أن يحيى عليه السلام مات قبل زكريا، و ينافيه الأخبار الدالة على كون يحيى وصيا لعيسى عليهما السلام و حمله على أنه أحياه الله تعالى بعد ذلك و صار وصيا. بعيد، و أبعد منه القول: بأن يحيى بن زكريا المذكور في هذا الخبر غير الشهيد المذكور في غيره و لعل أحدهما ورد موافقا لروايات المخالفين تقية. فإن قيل إدراك حرارة الموت أي شدته بعد الإحياء كانت لا محالة واقعة فلم لم يقبل المكث في الدنيا. قلت: حرارة الموت إنما يكون بعد الائتلاف و عود العلائق المنقطعة مرة ثانية، فأما الموت قبل ذلك فليس فيه شدة، لأن العلائق القديمة قد انقطعت و زالت و لم تحدث بعد علاقة مجددة و ألفه محدثة و لذا لا يكون ذلك في إحياء القبر أيضا للمؤمنين، و ربما يقال: إن استجابة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 264

عيسى كان مشروطا برضاء يحيى و لم يعد روحه إلى جسده و إنما تمثل روحه لعيسى ليستأذنه فلم بإذن له و لا يخفى بعده.

 (الحديث الثامن و الثلاثون)

 (1): حسن.

" و الفتية"

 (2) جمع الفتى بمعنى الشاب.

قوله عليه السلام:" و كانت العبادة"

 (3) أي غالبا أو نادرا و الأول أظهر و قال الفيروزآبادي‏

" سفت الريح التراب تسفيه"

 (4) ذرته أو حملته كأسفته فهو ساف و سفي، و قال:

" البديع"

 (5) المبتدع و قال‏

" شخص بصره"

 (6) فتح عينيه و جعل لا يطرف و بصره رفعه، و قال‏

" هطع"

 (7) كمنع هطعا هطوعا أسرع مقبلا خائفا، و أقبل ببصره على الشي‏ء و لا يقلع عنه" و أهطع" مد عنقه و صوب رأسه، و يدل على جواز ظهور الكرامة و المعجزة لغير الأنبياء و الأوصياء عليه السلام و إن احتمل أن يكون بعضهم نبيا أو وصيا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 265

 (الحديث التاسع و الثلاثون)

 (1): ضعيف على المشهور.

" و الأشراط

 (2)" العلامات.

 (الحديث الأربعون)

 (3): ضعيف. و فيه حث على الصبر، و إن رعاية حق الله الذي أمر بالصبر أولى من رعاية حق الرحم بالجزع و قد مر تفسير الاسترجاع.

 (الحديث الحادي و الأربعون)

 (4): مرفوع.

و يومئ إلى أن الطاعون أقل ضررا من تسلط العدو و الموت بالجوع و في القاموس‏

" الدف"

 (5) بالفتح نسف الشي‏ء و استيصاله و أدففته أجهزت عليه كدففته، انتهى، و في بعض النسخ دقيق بالقاف أي مصبوب و الأول أظهر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 266

 (الحديث الثاني و الأربعون)

 (1): ضعيف. و يدل على استحباب قراءة هذا التحميد عند المصيبة.

 (الحديث الثالث و الأربعون)

 (2): مجهول. و يدل على استحباب التحميد عند البلاء و على استحباب دفن الضرس المنقطع في حال الحياة مع الميت.

 (الحديث الرابع و الأربعون)

 (3): حسن.

 (تَفِرُّونَ مِنْهُ)

 (4) أي تكرهونه أو تسببون الأسباب في رفعه: ظنا منكم أنها تنفعكم لتأخيره أو رفعه أو لا تتمنونه لما أمركم الله بتمنيه‏

" لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ"

 (5) أي لا يتقدمون و لا يتأخرون أقصر وقت، أو لا يطلبون التأخر عن ذلك الوقت فلا بأس عنه و لا يطلبون‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 267

التقدم عليه، و معنى جاء أجلهم قرب أجلهم كما يقال جاء الصيف إذا قارب وقته، و يمكن أن يكون ذكر التقدم استطرادا و إنما المقصود التأخر إذ لا يعهد طلب التقدم إلا نادرا فلا نحتاج إلى ارتكاب التجوز في المجي‏ء أيضا.

 (الحديث الخامس و الأربعون)

 (1): ضعيف. على الأشهر و يدل على مرجوحية التحتم و الحكم بالجزم بكون الميت من أهل الجنة و إن كان في أقصى درجة الصلاح و الزهد فإن عثمان كان من زهاد الصحابة و أكابرها و كان رسول الله صلى الله عليه و آله يحبه شديدا، قال: ابن الأثير في جامع الأصول أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا و هاجر الهجرتين و شهد بدرا و كان حرم الخمر في الجاهلية و هو أول المهاجرين موتا بالمدينة في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة، و قيل: بعد اثنين و عشرين شهرا، و قبل النبي صلى الله عليه و آله وجهه بعد موته و لما دفن بالبقيع قال: نعم السلف لنا كان عابدا من فضلاء الصحابة، و إبراهيم كان ابن رسول الله صلى الله عليه و آله من مارية القبطية و ولد عليه السلام بالمدينة في ذي الحجة سنة ثمان، و مات في ذي الحجة سنة عشر و قيل: في ربيع الأول سنة عشر. و يدل على عدم منافاة البكاء للصبر بل كونه مطلوبا إذا لم يقل شيئا يوجب سخط الرب تعالى، و يحتمل كون بكاؤه صلى الله عليه و آله للشفقة على الأمة، و يدل على استحباب تسوية القبر و سد خلاله.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏14، ص: 268

 (الحديث السادس و الأربعون)

 (1): ضعيف. على المشهور و أبو جعفر هو الجواد عليه السلام و يدل على أن المؤمن إنما يذهب من ولده و ماله ما هو أحب إليه و أرضى لديه ليكون أسبغ لأجره‏

و قد تم شرح كتاب الجنائز على يد مؤلفه ختم الله له بالحسن في شهر رجب الأصب من شهور سنة خمس و تسعين بعد الألف الهجرية، و الحمد لله أولا و آخرا و صلى الله على فخر المرسلين محمد و عترته الأقدسين الأطهرين المنتجبين.