مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 5

الجزء السادس و العشرون‏

 [تتمة كتاب الروضة]

 [الحديث الثالث و الأربعون و المائة] (حديث زينب العطارة)

 (1) (الحديث الثالث و الأربعون و المائة): مجهول، و يمكن عده في الحسان.

قوله صلى الله عليه و آله:" فإنه أتقى"

 (2) أي أقرب إلى التقوى و أنسب بها.

قوله صلى الله عليه و آله:" عند التي تحتها"

 (3) يظهر منه أن للأرض طبقات بعضها فوق بعض و منهم من جعل الأرضين السبع و تعددها باعتبار الأقاليم، و منهم من جعلها باعتبار ثلاث طبقات الأرض، الصرفة البسيطة، و الطينية، و الظاهرة التي هي وجه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 6

الأرض، و هي مع كرة الماء كرة واحدة، و ثلاث كرات مع كرة الهواء و كرة النار، و منهم من جعل الأرض كرتين البسيطة و غيرها، و الماء كرة، و منهم من قسم الهواء بكرتين، و منهم من قسمها بأربع كرات، و مبنى هذه الوجوه على أن المراد بالأرض غير السماوات، و لا يخفى بعد تنزيل الآيات و الأخبار عليها.

و ورد لذلك وجه آخر عن الرضا عليه السلام رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه، عن الحسين بن خالد، عن الرضا عليه السلام قال: قلت له: أخبرني عن قول الله." وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ" فقال: هي محبوكة إلى الأرض و شبك بين أصابعه، فقلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض، و الله يقول:" رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها"؟

فقال: سبحان الله أ ليس يقول:" بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها؟ قلت: بلى، فقال: فثم عمد و لكن لا ترونها، قلت: كيف ذلك جعلني الله فداك؟ قال: فبسط كفه اليسرى ثم وضع اليمنى عليها، فقال: هذه أرض الدنيا و سماء الدنيا عليها فوقها قبة و الأرض الثانية فوق السماء الدنيا و السماء الثانية فوقها قبة، و الأرض الثالثة فوق سماء الثانية و سماء الثالثة فوقها قبة، و الأرض الرابعة، فوق سماء الثالثة، و سماء الرابعة فوقها قبة، و الأرض الخامسة فوق سماء الرابعة، و سماء الخامسة فوقها قبة و الأرض السادسة فوق سماء الخامسة و سماء السادسة فوقها قبة و الأرض السابعة فوق سماء السادسة و سماء السابعة فوقها قبة و عرش الرحمن تبارك و تعالى فوق السماء السابعة، و هو قول الله" الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ" و أما صاحب الأمر فهو رسول الله صلى الله عليه و آله و الوصي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 7

بعد رسول الله قائم هو على وجه الأرض، فإنما يتنزل الأمر إليه من فوق من بين السماوات و الأرضين، قلت: فما تحتنا إلا أرض واحدة؟ فقال: ما تحتنا إلا أرض واحدة و إن الست لهن فوقنا، و يحتمل أن يكون المعنيان معا داخلين تحت الآية باعتبار البطون المختلفة التي تكون في كل آية

قوله صلى الله عليه و آله:" في فلاة قي" الفلاة:

 (1) المفازة، و القي بالكسر و التشديد: فعل من القواء و هي الأرض القفر الخالية.

قوله صلى الله عليه و آله:" ثم انقطع الخبر عند الثرى"

 (2) أي لم نؤمر بالأخبار به،

قوله صلى الله عليه و آله:" عند البحر المكفوف عن أهل الأرض"

 (3) أي لا ينزل منه ماء إليهم، أو لا يمكنهم النظر إليه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 8

قوله:" و في رواية الحسن"

 (1) لعله ابن محبوب يعني إن هذا الخبر في كتابه كان كذلك.

 (الحديث الرابع و الأربعون و المائة) [حديث الذي أضاف رسول الله ص بالطائف‏]

 (2): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 9

قوله صلى الله عليه و آله:" إلى الأرض المقدسة"

 (1) متعلق بقوله:" احمل" أو بقوله" أن تخرج" أو بهما معا على التنازع، اعلم أن هذا الخبر بظاهره ينافي ما رواه الصدوق بسند صحيح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:" ما من نبي و لا وصي نبي يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيام حتى يرفع بروحه و عظمه و لحمه إلى السماء، و إنما يؤتى مواضع آثارهم و يبلغونهم من بعيد السلام و يسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب" و يمكن الجمع بوجوه:

الأول: حمل هذا الخبر على أن المراد أكثر الأنبياء، أو الذين لم يقدر الله لهم أن ينقلوا من موضع إلى موضع.

الثاني: أن يكون المراد بنقل العظام نقل الصندوق الذي كان فيه جسده عليه السلام في تلك الثلاثة الأيام، و تشرف بمجاورة بدنه.

الثالث: أن يقال: لعل الله أنزل عظامه عليه السلام بعد رفعه لهذه المصلحة.

الرابع: أن يقال: لعل الرفع في مدة من الزمان، ثم يردون إلى قبورهم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 10

و إنما يؤتى مواضع آثارهم في تلك المدة و لا يخفى بعده.

قوله عليه السلام:" و لك ما سألتني"

 (1) هذا ينافي ظاهرا إباءه عليه السلام بعد ذلك عن تحكيمها، و لعل المراد ما سألت من الأمور الدنيوية أو من الأمور التي تناسب حالها و لا يعظم عليه ضمانها.

و روى الصدوق في العيون و العلل و الخصال عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن الرضا عليه السلام" أنه قال: احتبس القمر عن بني إسرائيل فأوحى الله عز و جل إلى موسى أن أخرج عظام يوسف من مصر و وعده طلوع القمر إذا أخرج عظامه، فسأل موسى عليه السلام عمن يعلم موضعه فقيل له: هيهنا عجوز تعلم علمه فبعث إليها فأتى بعجوز مقعدة عمياء فقال لها:

أ تعرفين موضع قبر يوسف؟ قالت: نعم، قال: فأخبريني به، قالت: لا حتى تعطيني أربع خصال، تطلق لي رجلي، و تعيد إلى شبابي، و تعيد إلى بصري، و تجعلني معك في الجنة، قال: فكبر ذلك على موسى، فأوحى الله جل جلاله إليه يا موسى أعطها ما سألت، فإنك إنما تعطى علي ففعل فدلته عليه، فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر، فلما أخرجه طلع القمر فحمله إلى الشام، فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشام".

 (الحديث الخامس و الأربعون و المائة)

 (2): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 11

قوله عليه السلام:" حتى أتت أم سلمة"

 (1) أي بعد زمان طويل أو في هذا الانصراف.

و على الثاني لا يكون قولها

" إني لقيت"

 (2) عذرا للإبطاء بل يكون استفهاما و استعلاما لما قاله عمر هل هو حق أم لا؟ و يؤيد الأول ما رواه الحميري في قرب الإسناد عن السندي بن محمد، عن صفوان، عن أبي عبد الله قال:" كانت امرأة من الأنصار تدعي حسرة تغشى آل محمد و نحن، و إن زفر و حبتر لقياها ذات يوم فقالا: أين تذهبين يا حسرة؟ فقالت: أذهب إلى آل محمد فأقضي من حقهم و أحدث بهم عهدا، فقالا:

ويلك إنه ليس لهم حق إنما كان هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله فانصرفت حسرة و لبثت أياما، ثم جاءت فقالت لها أم سلمة زوجة النبي: ما أبطأ بك عنا يا حسرة؟ فقالت:

استقبلني زفر و حبتر فقالا: أين تذهبين يا حسرة؟ فقلت: أذهب إلى آل محمد فأقضي من حقهم الواجب فقالا: إنه ليس لهم حق إنما كان هذا على عهد النبي صلى الله عليه و آله فقالت أم سلمة: كذبا لعنة الله عليهما لا يزال حقهم واجبا على المسلمين إلى يوم القيامة.

 (الحديث السادس و الأربعون و المائة)

 (3): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 12

و يمكن عده في الحسان. إذ ورد في الحارث أن له أصلا.

قوله تعالى:" وَ يَسْتَبْشِرُونَ"

 (1) تتمة لآيات وردت في فضل الشهداء حيث قال تعالى:" وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ".

قال الطبرسي- ره-: أي يسرون بإخوانهم الذين فارقوهم و هم أحياء في الدنيا على مناهجهم من الإيمان و الجهاد، لعلمهم بأنهم إذا استشهدوا لحقوا بهم، و صاروا من كرامة الله إلى مثل ما صاروا هم إليه، يقولون: إخواننا يقتلون كما قتلنا فيصيبون من النعيم مثل ما أصبنا عن ابن جريح و قتادة.

و قيل: إنه يؤتى الشهيد بكتاب فيه ذكر من يقدم عليه من إخوانه، فيسر بذلك و يستبشر كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا عن السدي.

و قيل: معناه لم يلحقوا بهم في الفضل إلا أن لهم فضلا عظيما بتصديقهم و إيمانهم عن الزجاج‏

" أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ"

 (2) أي يستبشرون بأن لا خوف عليهم، و ذلك لأنه بدل من قوله:" بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ" لأن الذين يلحقون بهم مشتملون على عدم الحزن، و الاستبشار هنا إنما يقع بعدم خوف هؤلاء اللاحقين، و معناه لا خوف عليهم فيمن خلفوه من ذريتهم لأن الله تعالى يتولاهم، و لا هم يحزنون على ما خلفوا من أموالهم، لأن الله قد أجزل لهم ما عوضهم، و قيل: معناه لا خوف عليهم فيما يقدمون عليه، لأن الله تعالى محص ذنوبهم بالشهادة" وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ" على مفارقة الدنيا فرحا بالآخرة انتهى كلامه- ره.

قوله عليه السلام:" و الله شيعتنا"

 (3) أي هم مشاركون مع الشهداء في هذه الكرامة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 13

لما مر في الأخبار الكثيرة أن من يموت من الشيعة بمنزلة الشهيد حي يرزق، و هذا الحكم مختص بشهداء الشيعة، و الأول أظهر.

قوله عليه السلام:" في الجنة"

 (1) الظاهر أن المراد الجنة التي خلقها الله في المغرب و جعلها مكان السعداء في عالم البرزخ كما مر في كتاب الجنائز.

 (الحديث السابع و الأربعون و المائة)

 (2): حسن.

قوله تعالى:" فِيهِنَّ خَيْراتٌ"

 (3) قال البيضاوي: أي خيرات حسان فخففت لأن خيرا الذي بمعنى أخير لا يجمع، و قد قرئ على الأصل‏

" حِسانٌ"

 (4) حسان الخلق و الخلق.

قوله تعالى:" حُورٌ"

 (5) قال الفيروزآبادي: الحور بالضم: جمع أحور و حوراء و بالتحريك أن يشتد بياض بياض العين، و سواد سوادها، و تستدير حدقتها، و ترق جفونها و يبيض ما حواليها، أو شدة بياضها و سوادها في شدة بياض الجسد أو اسوداد العين كلها مثل الظباء، و لا يكون في بني آدم بل يستعار لها.

قوله تعالى:" مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ"

 (6) قال الفيروزآبادي: امرأة مقصورة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 14

محبوسة في البيت لا تترك أن تخرج.

و قال البيضاوي: أي قصرن في خدورهن، يقال: امرأة قصيرة و قصورة و مقصورة أي مخدرة، أو مقصورات الطرف على أزواجهن.

قوله عليه السلام:" المضمومات"

 (1) أي اللاتي ضممن إلى خدرهن لا يفارقنه، و في بعض النسخ" المضمرات"، قال الجزري: تضمير الخيل: هو أن يظاهر عليها بالعلف حتى تسمن.

قوله عليه السلام:" سبعون كاعبا"

 (2) قال الجوهري: الكاعب: هي الجارية حين تبدو ثديها للنهود، أي الارتفاع عن الصدر.

قوله عليه السلام:" يبشر الله تعالى بهن المؤمنين"

 (3) أي ذكرهن الله في هذه السورة و في سائر القرآن لبشارة المؤمنين و في بعض النسخ" ليبشر الله" أي ذكرهن ليبشر بهن و يحتمل أن يكون علة للخلق، أي إنما خلقهن قبل دخول الناس الجنة ليبشر بهن المؤمنين في الدنيا، و يحتمل أن يكون علة لإتيان الكرامة أيضا كما لا يخفى، و الأوسط أظهر.

 (الحديث الثامن و الأربعون و المائة)

 (4): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 15

لكن فيه شوب إرسال، إذ رواية الكناني عن الأصبغ بغير واسطة بعيد.

قوله عليه السلام:" ثلاثمائة و ستين برجا"

 (1) لعل المراد بالبرج الدرجات التي تنتقل إليها بحركتها الخاصة فنزول كل يوم في برج يكون تغليبا، أو المدارات التي ينتقل إلى واحد منها كل يوم، فيكون هذا العدد مبنيا على ما هو الشائع بين الناس من تقدير السنة به، و إن لم يكن مطابقا لشي‏ء من حركتي الشمس و القمر.

قوله عليه السلام:" مثل جزيرة من جزائر العرب"

 (2) الغرض بيان عظمة تلك الدرجات و وسعتها و سرعة حركتها، و إن كانت بطيئة بالنسبة إلى الحركة اليومية.

قال الفيروزآبادي: جزيرة العرب: ما أحاط به بحر الهند و بحر الشام ثم دجلة و الفرات أو ما بين عدن أبين إلى أطراف الشام طولا و من جدة إلى أطراف ريف العراق عرضا.

قوله عليه السلام:" فإذا غابت"

 (3) أي بالحركة اليومية.

قوله عليه السلام:" إلى حد بطنان العرش"

 (4) أي وسطه، و لعل المراد وصولها إلى دائرة نصف النهار من تحت الأرض فإنها بحذاء أوساط العرش بالنسبة إلى أكثر المعمورة إذ ورد في الأخبار الكثيرة أن العرش محاذ للكعبة.

قوله عليه السلام:" فلم تزل ساجدة"

 (5) أي مطيعة خاضعة منقادة جارية بأمره تعالى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 16

حتى ترد إلى مطلعها.

قوله عليه السلام:" معنى سجودها"

 (1) يحتمل أن يكون من تتمة الخبر، و لعل الأظهر أنه من الكليني أو من أحد الرواة.

قال البيضاوي:

" أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ"

 (2) يتسخر لقدرته و لا يتأبى عن تدبيره أو يدل بذله على عظمة مدبره و" من" يجوز أن يعم أولي العقل و غيرهم على التغليب فيكون‏

قوله:" وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ"

 (3) إفرادا لها بالذكر لشهرتها و استبعاد ذلك منها

" وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ"

 (4) عطف عليها، إن جوز إعمال اللفظ الواحد في كل واحد من مفهومية، و إسناده باعتبار أحدهما إلى أمر، و باعتبار الآخر إلى آخر، فإن تخصيص الكثير يدل على خصوص المعنى المسند إليهم، أو مبتدأ خبره محذوف، يدل عليه خبر قسيمه، نحو حق له الثواب، أو فاعل فعل مضمر، أي و يسجد له كثير من الناس سجود طاعة" وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ" بكفره و إبائه عن الطاعة، و يجوز أن يجعل" وَ كَثِيرٌ" تكريرا للأول، مبالغة في تكثير المحقوقين بالعذاب، و أن يعطف به على الساجدين بالمعنى العام، موصوفا بما بعده. انتهى.

أقول: يحتمل أن يكون المراد بالسجود غاية التذلل و الخضوع و الانقياد التي تتأتى من كل شي‏ء بحسب قابليته، و يكون المراد بقوله تعالى:" مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ" الملائكة المسخرين في الأوامر التكوينية، و المطيعين‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 17

في الأوامر التكليفية و لما لم يتأت من الشمس و القمر و أمثالهما سوى الانقياد في الأوامر التكوينية فتلك أيضا في غاية الانقياد، و أما الناس فلما كانوا قابلين للأوامر التكليفية فالعاملون منهم لما لم يحصل منهم غاية ما يمكن فيهم من الانقياد في الأمرين، باعتبار عدم الانقياد في الأوامر التكليفية، أخرجهم عن ذلك.

و قال:" وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ" و الله يعلم.

 (الحديث التاسع و الأربعون و المائة)

 (1): ضعيف مرسل.

و سنده الذي يذكر بعد ذلك ضعيف، و يدل على أن لهم علوما لا يحتملها إلا خواصهم عليهم السلام و قد ورد به أخبار كثيرة.

 (الحديث الخمسون و المائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" لآخذن البري‏ء منكم"

 (3) إنما سمى عليه السلام تارك النهي عن المنكر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 18

بريئا بحسب ظنه أنه بري‏ء من الذنب، أو لبراءته عن الذنوب التي يرتكبها غيره.

قوله عليه السلام:" فيقول: هؤلاء شر من هذا"

 (1) أي هؤلاء الذين يجالسون هذا الفاسق و لا يزبرونه و لا ينهونه شر منه.

و منهم من جعل الاستفهام إنكاريا بإرجاع هؤلاء إلى العامة، و منهم من قرأ" من" اسم موصول بإرجاع هؤلاء إليهم أيضا، و لا يخفى بعدهما.

قوله عليه السلام:" زبرتموهم"

 (2) قال الجزري: فيه" فلا عليك أن تزبره" أي تنهره و تغلظه في القول.

 (الحديث الحادي و الخمسون و المائة)

 (3): ضعيف.

قوله تعالى:" فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ"

 (4) المشهور بين المفسرين أن النسيان هنا بمعنى الترك، أي تركوا ما ذكرهم به صلحاؤهم، و هذه الآية وردت في قصة أصحاب السبت، و قد صرحت الآية التي بعدها بأنهم مسخوا قردة، فيمكن الجمع بين الآية و الخبر، بأن الفرقة الثانية مسخوا ذرا، أي نملا صغارا، و الفرقة الثالثة مسخوا قردة، فالمراد بالهلاك مسخهم قردة.

و يؤيده ما ذكره السيد ابن طاوس- ره- في كتاب سعد السعود قال‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 19

رأيت في كتاب أنهم كانوا ثلاث فرق فرقة باشرت المنكر، و فرقة أنكرت عليهم، و فرقة داهنت أهل المعاصي، فلم تنكر و لم تباشر المعصية فنجى الله الذين أنكروا و جعل الفرقة المداهنة ذرا، و مسخ الفرقة المباشرة للمنكر قردة، ثم قال رحمه الله:

و لعل مسخ المداهنة ذرا لتصغيرهم عظمة الله، و تهوينهم بحرمة الله فصغرهم الله.

 (الحديث الثاني و الخمسون و المائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" ليعطفن"

 (2) من العطف بمعنى الميل و الشفقة، أي ليترحموا و يعطفوا على ذوي الجهل بأن ينهوهم عما ارتكبوه من المنكرات، و في بعض النسخ‏

 [عن ذوي الجهل‏]

 (3) فالمراد هجرانهم و إعراضهم عنهم.

 (الحديث الثالث و الخمسون و المائة)

 (4): مرسل ضعيف.

و حاصل الخبر إن الله قد يظهر في بعض الأزمنة حججه ليعبد الناس جهرا و قد يخفى حججه بأن لا يمكنهم من الاستيلاء على أهل الجور، فبذلك يستولي أهل الجور على أهل الحق، و أتباع الشيطان على أتباع آدم و الأنبياء و الأوصياء من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 20

ولده عليهم السلام، و يريد الله من الخلق عند ذلك أن يعبدوه سرا من أهل الباطل، فمن أذاع في ذلك الزمان و ترك التقية فقد أذاع ما أراد الله ستره و هو" مارق" أي خارج عن كمال الدين.

 [الحديث الرابع و الخمسون و المائة] حديث الناس يوم القيامة

 (1) (الحديث الرابع و الخمسون و المائة): ضعيف.

قوله عليه السلام:" لفصل الخطاب"

 (2) من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي الخطاب الفاصل بين الحق و الباطل، أو الخطاب الذي يفصل بين الناس في الخصام، أو الخطاب المتميز الظاهر الذي ينبه المخاطب على المقصود من غير التباس.

قوله عليه السلام:" عندها"

 (3) أي عند حالة الاكتساب.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 21

 (الحديث الخامس و الخمسون و المائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" خالطوا الناس"

 (2) أي بالتقية و المداراة.

 (الحديث السادس و الخمسون و المائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" إياكم و ذكر علي و فاطمة سلام الله عليهما"

 (4) أي عند المخالفين النواصب.

 (الحديث السابع و الخمسون و المائة)

 (5): ضعيف.

قوله عليه السلام:" أمر الفلك"

 (6) لعل المراد تسبيب أسباب زوال دولتهم على الاستعارة التمثيلية، و يحتمل أن يكون لكل دولة فلك سوى الأفلاك المعروفة الحركات، و قد قدر لدولتهم عدد من الدورات، فإذا أراد الله إطالة مدتهم أمر بإبطائه في الحركة، و إذا أراد سرعة فنائها أمر بإسراعه.

 (الحديث الثامن و الخمسون و المائة)

 (7): مجهول.

قوله:" قد عرفوا و جربوا"

 (8) يحتمل أن يكونا على صيغة المعلوم و المجهول‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 22

أي عرفوا أمر الحرب و جربوا ذلك بخروجهم مع زيد، أو صاروا معروفين مجربين عند الناس بالوفاء و ملازمة العهد، و عرفهم الناس بذلك و بالشجاعة.

قوله عليه السلام:" أن يصدونا عن علمنا"

 (1) أي يريدون أن نتبعهم على جهالتهم بما يرون من الخروج بالسيف في غير أوانه.

 (الحديث التاسع و الخمسون و المائة)

 (2): ضعيف.

 (الحديث الستون و المائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" هي المغيثة"

 (4) أي يغيث الإنسان من الأدواء.

قوله عليه السلام:" إلا السام"

 (5) أي الموت.

قوله عليه السلام:" و شبر من الحاجبين"

 (6) أي من منتهى الحاجبين من يمين الرأس و شماله حتى انتهى الشبران إلى النقرة خلف الرأس، أو من بين الحاجبين إلى حيث انتهت من مقدم الرأس.

كما رواه الصدوق بإسناده عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:" الحجامة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 23

على الرأس على شبر من طرف الأنف، و فتر من بين الحاجبين، و كان رسول الله صلى الله عليه و آله يسميها بالمنقذة" و في حديث آخر قال:" كان رسول الله صلى الله عليه و آله يحتجم على رأسه و يسميه المغيثة أو المنقذة".

و روي أيضا بإسناده عن البرقي، رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه عليه السلام قال:" احتجم النبي صلى الله عليه و آله في رأسه و بين كتفيه و في قفاه ثلاثا سمى واحدة النافعة، و الأخرى المغيثة، و الثالثة المنقذة".

 (الحديث الحادي و الستون و المائة)

 (1): كالصحيح.

قوله عليه السلام:" يؤمن على الله"

 (2) أي يشفع لمن استحق عقابه تعالى فلا يرد شفاعته، أو يضمن لأحد الجنة فينجز ضمانه.

 (الحديث الثاني و الستون و المائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" صلى أم زنى"

 (4) إذ هو معاقب بأعماله الباطلة لإخلاله بما هو من أعظم شروطها، و هو الولاية، فهو كمن صلى بغير وضوء،

قوله تعالى:" عامِلَةٌ ناصِبَةٌ"

 (5) الظاهر أنه عليه السلام فسر الناصبة بنصب العداوة لأهل البيت عليهم السلام، و يحتمل أن يكون عليه السلام فسر بالنصب بمعنى التعب، أي يتعب في مشاق الأعمال و لا ينفعه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 24

قال البيضاوي: أي تعمل ما تتعب فيه كجر السلاسل، و خوضها في النار خوض الإبل في الوحل، و الصعود و الهبوط في تلالها و وهادها، أو عملت و نصبت في أعمال لا تنفعها يومئذ،

" تَصْلى‏ ناراً"

 (1) تدخلها

" حامِيَةً"

 (2) متناهية في الحر.

 (الحديث الثالث و الستون و المائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" قد أشرف ماؤه على جنبيه"

 (4) بيان لوفور الماء و عدم احتياج الناس إليه، و عدم توهم ضرر على أحد في شربه ليظهر أن الحرمة عليه ليس إلا لعقيدته الفاسدة، و قد خلق الله تعالى نعم الدارين للمؤمنين، و هما حرامان على الكافرين.

قوله عليه السلام: و هو يزخ زخيخا"

 (5) أي يبرق بريقا لصفائه أو لوفوره، أو يدفع ماءه إلى الساحل، قال الفيروزآبادي: زخه: دفعه في وهدة و ببوله رمى، و الحادي سار سيرا عنيفا، و زخ الحمر يزخ زخا و زخيخا: برق.

 (الحديث الرابع و الستون و المائة)

 (6): مرسل.

قوله:" فلما شف الناس"

 (7) أي رقوا و نقصوا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 25

قوله:" في جرف"

 (1) قال الجوهري: الجرف و الجرف مثل عسر و عسر:

ما يجري فيه السيول أو أكلته من الأرض. و الخبر يدل على جواز ترك الدفن و التثقيل و الإلقاء في البحر عند الضرورة.

 (الحديث الخامس و الستون و المائة)

 (2): ضعيف.

و لعل هذا العمل كان من متممات أسباب نزول النقمة و العذاب عليهم، و إلا فهم فعلوا أشد و أقبح من ذلك كقتل الحسين عليه السلام.

و يدل هذا الخبر كسابقه على كون زيد مشكورا، و في جهاده مأجورا، و لم يكن مدعيا للخلافة و الإمامة، بل كان غرضه طلب ثار الحسين عليه السلام، و رد الحق إلى مستحقه، كما تدل عليه أخبار كثيرة.

 (الحديث السادس و الستون و المائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" من يحفظ صديقه"

 (4) أي يرعى حرمته، و يحفظه في غيبته، و يعينه و يدفع عنه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 26

 (الحديث السابع و الستون و المائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" إلينا إياب هذا الخلق"

 (2) أي رجوعهم في القيامة، و لا ينافي ذلك قوله تعالى:" إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ" بل هذا تفسير للآية أي إلى أوليائنا و حججنا، و قد شاع أن الملوك ينسبون إلى أنفسهم ما يفعله عبيدهم، و يؤيده الإيراد بضمير الجمع.

قوله عليه السلام:" حتمنا على الله"

 (3) أي شفعنا شفاعة حتما لازما على الله قبوله.

 (الحديث الثامن و الستون و المائة)

 (4): ضعيف.

و يدل على استحباب المؤاخاة بين المتقاربين في الكمال، و على فضل سلمان على أبي ذر سلام الله عليهما.

 (الحديث التاسع و الستون و المائة)

 (5): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 27

و يدل على وجوب النهي عن المنكر، و على وجوب الهجران عن أهل المعاصي و ترك مجالستهم إن لم يأتمروا و لم يتعظوا.

 (الحديث السبعون و المائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" بالعصبية"

 (2) أي التعصب في الباطل.

قوله عليه السلام:" الدهاقين"

 (3) هي جمع دهقان بضم الدال و كسرها، أي رئيس القرية معرب دهقان.

 (الحديث الحادي و السبعون و المائة)

 (4): حسن و قد سبق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 28

 (الحديث الثاني و السبعون و المائة)

 (1): حسن كالصحيح.

 (الحديث الثالث و السبعون و المائة)

 (2): مجهول.

قوله عليه السلام:" لا يأكل إلا الحلال"

 (3) يفهم منه أن من يأكل الحرام فهو ليس من أوليائه و شيعته عليه السلام.

قوله عليه السلام:" تحفى فيه يداه"

 (4) بفتح التاء و الفاء أي ترق فإن الحفا: رقة القدم و الخف و الحافر أو بضم التاء و فتح الفاء من الإحفاء، بمعنى الاستقصاء المبالغة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 29

في الأخذ كما ورد في حديث السواك" لزمت السواك حتى كدت أحفي فمي" أي أستقصي على أسناني فأذهبها بالتسوك.

قوله عليه السلام:" بالجلم"

 (1) أي المقراض.

 (الحديث الرابع و السبعون و المائة:)

 (2) مجهول.

قوله:" بخوان"

 (3) قال الفيروزآبادي: الخوان كغراب و كتاب، ما يوضع عليه الطعام.

قوله:" حتى أمكنت القصعة"

 (4) أي من وضع اليد عليها بأن برد ما فيها من الطعام.

قوله عليه السلام:" إنه طيب"

 (5) لعله عليه السلام دعي بشي‏ء آخر فلما لم يكن حاضرا أتوا بالتمر أيضا فمدح عليه السلام التمر بأنه طيب لا ينبغي أن يستصغر، أو أنه دعى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 30

بتمر أطيب و قال عليه السلام: إنه أطيب من التمر الأول و هو جيد.

 (الحديث الخامس و السبعون و المائة)

 (1): صحيح.

قوله عليه السلام:" و ما رأي ركبتيه"

 (2) أي إن احتاج لعلة إلى كشف ركبتيه ليراه لم يفعل ذلك عند جليسه حياء منه، و في بعض النسخ" أرى" أي لم يكشفها عند جليسه و على النسختين يحتمل أن يكون المراد أنه لم يكن يتقدمهم في الجلوس بأن تسبق ركبتاه صلى الله عليه و آله ركبهم.

قوله عليه السلام:" دبرت فيهم يداه"

 (3) أي جرحت في تحصيلهم و تملكهم يداه.

قال الجزري: الدبر بالتحريك: الجرح الذي يكون في ظهر البعير يقال‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 31

دبر يدبر دبرا، و قيل: هو أن يقرح خف البعير.

 (الحديث السادس و السبعون و المائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" كان وجنتيها"

 (2) قال الجوهري: الوجنة ما ارتفع من الخدين.

 (الحديث السابع و السبعون و المائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" إلا صاحب مرة سوداء صافية"

 (4) لعلها كناية عن شدة غضبهم فيما يسخط الله، و تنمرهم في ذات الله وحدة ذهنهم و فهمهم و توصيفها بالصفاء لبيان خلوصها عما يلزم تلك المرة غالبا من الأخلاق الذميمة و الخيالات الفاسدة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 32

 (الحديث الثامن و السبعون و المائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" لما نفروا برسول الله ناقته"

 (2) إشارة إلى ما فعله المنافقون ليلة العقبة من دحرجة الدباب كما روى علي بن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه و آله لما قال في مسجد الخيف في أمير المؤمنين عليه السلام: ما قال و نصبه يوم الغدير، قال: أصحابه الذين ارتدوا بعده: قد قال محمد في مسجد الخيف ما قال، و قال هيهنا ما قال، و إن رجع إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له، فاجتمعوا أربعة عشر نفرا و تأمروا على قتل رسول الله صلى الله عليه و آله: و قعدوا له في العقبة، و هي عقبة أرشى بين الجحفة و الأبواء فقعدوا سبعة عن يمين العقبة، و سبعة عن يسارها، لينفروا ناقة رسول الله صلى الله عليه و آله، فلما جن الليل تقدم رسول الله في تلك الليلة العسكر، فأقبل ينعس على ناقته، فلما دنى من العقبة ناداه جبرئيل عليه السلام يا محمد صلى الله عليه و آله إن فلانا و فلانا قد قعدوا لك، فنظر رسول الله صلى الله عليه و آله فقال من هذا خلفي؟ فقال: حذيفة اليماني أنا يا رسول الله، حذيفة بن اليمان قال سمعت ما سمعت؟ قال: بلى، قال: فاكتم ثم دنى رسول الله صلى الله عليه و آله منهم، فناداهم بأسمائهم فلما سمعوا نداء رسول الله صلى الله عليه و آله فروا و دخلوا في غمار الناس و قد كانوا عقلوا رواحلهم فتركوها و لحق الناس برسول الله و طلبوهم، و انتهى رسول الله صلى الله عليه و آله إلى رواحلهم فعرفهم، فلما نزل قال: ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن أمات الله محمدا أو قتله أن لا يردوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا، فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله فحلفوا أنهم لم يقولوا من ذلك شيئا، و لم يريدوه، و لم يهموا بشي‏ء من رسول الله فأنزل الله" يَحْلِفُونَ‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 33

بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا" من قتل رسول الله صلى الله عليه و آله" وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَ إِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ".

و مثله روى السيد ابن طاوس (ره) في كتاب إقبال الأعمال و في تفسير الإمام أبي محمد العسكري عليه السلام: أن الترصد عند العقبة كان في غزوة تبوك، و إنهم دحرجوا الدباب، و لم تضر النبي صلى الله عليه و آله شيئا، و لم تنفر راحلته كما يدل عليه هذا الخبر أيضا، و لا تنافي بينهما، لإمكان وقوعهما معا، و الخبر الثاني مذكور بطوله في تفسيره عليه السلام، و في كتاب الاحتجاج فمن أراد الاطلاع عليه فليرجع إليهما أو إلى كتاب بحار الأنوار.

قوله عليه السلام" إربا إربا"

 (1) بكسر الهمزة، و سكون الراء أي عضوا عضوا.

 (الحديث التاسع و السبعون و المائة)

 (2): مرسل.

قوله عليه السلام:" يا ليتنا سيارة"

 (3) أي يا ليت لنا على الحذف و الإيصال أو يا ليتنا صادفتنا سيارة أو يا ليتنا نسير في البلاد كما سير يوسف عليه السلام من بلد إلى بلد، فكان فرجه فيها، و يحتمل أن يكون تمنيا لمثل حال القائم من السير في الأرض من غير

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 34

أن يعرفه الخلق، و في ذلك يشبه يوسف عليهما السلام.

 (الحديث الثمانون و المائة)

 (1): ضعيف.

قوله تعالى:" إنما أتقبل هواه و همه"

 (2) أي ما يحبه و يعزم عليه من النيات الحسنة، و الحاصل إن الله تعالى لا يقبل كلام حكيم لا يعقد قلبه على نية صادقة في العمل بما يتكلم به، و أما مع النية الحسنة و اليقين الكامل فيكتب له ثواب التسبيح و التقديس و إن لم يأت بهما.

 (الحديث الحادي و الثمانون و المائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" خسف و مسخ و قذف"

 (4) يظهر منه أن المراد بالآيات التي تظهر في أنفسهم هي ما يصيب المخالفين عند ظهور القائم عليه السلام من العذاب بالخسف في الأرض و المسخ، و قذف الأحجار و غيرها عليهم من السماء، حتى يتبين للناس حقيته عليه السلام، و يحتمل أن يكون القذف تفسيرا للآيات التي تظهر في الآفاق، و الأول أظهر فيكون آيات الآفاق ما يظهر في السماء عند خروجه عليه السلام من النداء و نزول عيسى عليه السلام و ظهور الملائكة و غيرها.

 (الحديث الثاني و الثمانون و المائة)

 (5): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 35

قوله عليه السلام:" طاعة علي ذل"

 (1) أي سبب لفوت ما يعده الناس عزا من جمع الأموال المحرمة، و الظلم على الناس و الاستيلاء عليهم، أو تذلل و انقياد للحق.

 (الحديث الثالث و الثمانون و المائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" نحن بنو هاشم"

 (3) أي ما ورد في مدح بني هاشم فالمراد أهل البيت عليهم السلام، أو من تبعهم على الحق أيضا، لا من خرج من أولاد هاشم عن الحق و كفر بالله بادعاء الإمامة بغير حق، كبني عباس و أضرابهم، و ما ورد في مدح العرب فالمراد به جميع الشيعة و إن كانوا من العجم، لأنهم يحشرون بلسان العرب، و سائر الناس من المخالفين هم الأعراب الذين قال الله فيهم" الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً" و الأعراب سكان البادية و إنما ذمهم الله لبعدهم عن شرائع الدين، و عدم هجرتهم إلى نصرة سيد النبيين، و المخالفون مشاركون لهم في تلك الأمور.

 (الحديث الرابع و الثمانون و المائة)

 (4): ضعيف.

قوله عليه السلام:" علوج الروم"

 (5) العلج بالكسر: الرجل من كفار العجم أي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 36

المخالفون هم من كفار العجم، و يحشرون بلسانهم و إن ماتوا بلسان العرب، كما ورد به الأخبار.

 (الحديث الخامس و الثمانون و المائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" من وريان قبائه"

 (2) أي من جيبه كما ذكره المطرزي.

قوله عليه السلام:" فيجفلون"

 (3) قال الجوهري: أجفل القوم أي هربوا مسرعين، و لعل الكتاب يشتمل على لعن أئمة المخالفين أو على الأحكام التي يخالف ما عليه عامة الناس.

قوله عليه السلام:" إلا النقباء"

 (4) قال الجوهري: النقيب: العريف و هو شاهد القوم و ضمينهم، و الجمع النقباء.

 (الحديث السادس و الثمانون و المائة)

 (5): ضعيف.

قوله عليه السلام:" الحكمة ضالة المؤمن"

 (6) هذه الكلمة قد وردت في كثير من الأخبار الخاصية و العامية و اختلف في تفسيرها، فقد قيل: إن المراد أن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 37

المؤمن لا يزال يتطلب الحكمة كما يتطلب الرجل ضالته، قاله في النهاية.

و قيل: إن المراد إن المؤمن يأخذ الحكمة من كل من وجدها عنده، و إن كان كافرا أو فاسقا، كما أن صاحب الضالة يأخذها حيث وجدها، و هو الظاهر في هذا الخبر، و قيل: المراد أن من كان عنده حكمة لا يفهمها و لا يستحقها يجب أن يطلب من يأخذها بحقها كما يجب تعريف الضالة، و إذ وجد من يستحقها وجب أن لا يبخل في البذل كالضالة.

 (الحديث السابع و الثمانون و المائة)

 (1)

الأشعث بن قيس الكندي‏

 (2) كان من الخوارج، و قال الشيخ في رجاله: أشعث ابن قيس الكندي أبو محمد سكن الكوفة ارتد بعد النبي صلى الله عليه و آله في ردة أهل ياسر و زوجه أبو بكر أخته أم فروة، و كانت عوراء، فولدت له محمدا ثم صار خارجيا، و قد روي في أخبار كثيرة أن هذا الملعون بايع ضبا مع جماعة من الخوارج، خارج الكوفة و سموه أمير المؤمنين كفرا و استهزاء به صلوات الله عليه و قد أعان هذا الكافر على قتله صلوات الله عليه كما ذكره الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد و غيره، أن ابن ملجم و شبيب بن بحيرة و وردان بن مجالد كمنوا لقتله عليه السلام، و جلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين إلى الصلاة، و قد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث ابن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين و أوطأهم على ذلك، و حضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه، و كان حجر بن عدي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 38

رحمه الله في تلك الليلة بائتا في المسجد، فسمع الأشعث يقول: يا ابن ملجم النجاء النجاء لحاجتك، فقد فضحك الصبح، فأحس حجر بما أراد الأشعث، فقال له: قتلته يا أعور و خرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين عليه السلام ليخبره، و يحذره من القوم، و خالفه أمير المؤمنين عليه السلام في الطريق، فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف و أقبل حجر و الناس يقولون: قتل أمير المؤمنين عليه السلام و لعنة الله على من قتله، و من شرك في دمه، و أما ابنه محمد لعنة الله عليه و على أبيه فقد حارب مسلم بن عقيل، رضي الله عنه حتى أخذه و روي في الأمالي عن الصادق عليه السلام أن ابن زياد بعثه إلى حرب الحسين عليه السلام في ألف فارس، و أنه نادى الحسين عليه السلام في صبيحة يوم شهادته يا حسين بن فاطمة أية حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك فتلا الحسين هذه الآية" إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى‏ آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ" ثم قال: و الله إن محمدا لمن آل إبراهيم، و إن العترة الهادية لمن آل محمد من الرجل؟ فقيل: محمد بن أشعث بن قيس الكندي فرفع الحسين عليه السلام رأسه إلى السماء فقال اللهم أر محمد بن الأشعث ذلا في هذا اليوم لا تعزه بعد هذا اليوم أبدا فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز فسلط الله عليه عقربا فلدغته فمات بادي العورة انتهى.

و أما ابنه الآخر قيس بن الأشعث فإعانته على الحسين و أصحابه مشهور في التواريخ، و إنه كان أحد رؤساء العسكر و كان مع رؤوس الشهداء حين حملوها إلى ابن زياد عليهم جميعا لعائن الله، و أما قصة ابنته جعدة فهي من المشهورات عليها و على أبيها و على أخويها لعنة الله ما دامت الأرضون و السماوات.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 39

 (الحديث الثامن و الثمانون و المائة)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" أرعوا قلوبكم"

 (2) من الرعاية أي احفظوها بذكره تعالى من وساوس الشيطان، و

" النكت"

 (3) ما يلقيه الشيطان في القلب من الوساوس و الشبهات.

قوله عليه السلام:" أو العظم النخر"

 (4) قال الفيروزآبادي: النخر ككتف و الناخر:

البالي المتفتت.

قوله عليه السلام:" نكت كفرا"

 (5) أي إذا استحق بسوء أعماله منع لطفه تعالى استولى عليه الشيطان، فينكت في قلبه ما يشاء، و إسناد النكت إليه تعالى إسنادا إلى السبب مجازا لأن منع لطفه تعالى صار سببا لذلك.

 (الحديث التاسع و الثمانون و المائة)

 (6): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 40

قوله عليه السلام:" و الورع"

 (1) الكف عن المحرمات أو عن الشبهات أيضا،

" و الاجتهاد"

 (2) السعي و بذل الجهد في الطاعة.

قوله عليه السلام:" و أن تطمح نفسك"

 (3) أي ترفعها إلى حال من هو فوقك، و تتمنى حاله.

قال الفيروزآبادي: طمح بصره إليه كمنع ارتفع، و كل مرتفع طامح، و اطمح بصره رفعه‏

قوله تعالى:" فَلا تُعْجِبْكَ"

 (4) أي لا تأخذ بقلبك ما تراه من كثرة أموال هؤلاء المنافقين و كثرة أولادهم، و لا تنظر إليهم بعين الإعجاب،

قوله تعالى" وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ"

 (5) أي نظر عينيك‏

" إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ"

 (6) استحسانا له و تمنيا أن يكون لك مثله‏

" أَزْواجاً مِنْهُمْ"

 (7) أصنافا من الكفرة، و يجوز أن يكون حالا من الضمير و المفعول منهم أي إلى الذي متعنا به، و هو أصناف بعضهم أو ناسا منهم‏

" زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا"

 (8) منصوب بمحذوف دل عليه- متعنا- أو- به- أو على تضمينه معنى أعطينا أو بالبدل من محل به أو من أزواجا بتقدير مضاف، و دونه أو بالذم و هي الزينة و البهجة. كذا ذكره البيضاوي و تتمة الآية" لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ" أي لنبلوهم و نختبرهم فيه، أو لنعذبهم في الآخرة بسببه" وَ رِزْقُ رَبِّكَ" و ما ادخره لك في الآخرة، أو ما رزقك من الهدى و النبوة" خَيْرٌ" مما منحهم في الدنيا" وَ أَبْقى‏" فإنه لا ينقطع.

قوله:" شيئا من ذلك"

 (9) أي من عز الدنيا و فخرها و طلب زوائدها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 41

قوله عليه السلام:" فاذكر مصابك برسول الله"

 (1) فإن تذكر المصائب العظام يوجب الرضا بما دونها. أو إذا أصبت بموت حميم مثلا فاذكر أن الرسول صلى الله عليه و آله لم يبق في الدنيا فلا يمكن الطمع في بقاء أحد، و الأول أظهر بل هو المتعين كما لا يخفى.

 (الحديث التسعون و المائة)

 (2): ضعيف.

و قد ذكر السيد في نهج البلاغة بعض فقرات هذا الخبر، و نسبها إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قالها حين تبع جنازة فسمع رجلا يضحك ثم قال: و من الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و رواها علي بن إبراهيم أيضا عن أمير المؤمنين عليه السلام.

قوله:" و نحن في نادينا"

 (3) النادي مجتمع القوم.

قوله صلى الله عليه و آله:" و كان الحق"

 (4) أي أوامر الله و نواهيه، و يحتمل أن يكون المراد الموت أيضا.

قوله صلى الله عليه و آله:" سبيلهم سبيل قوم سفر"

 (5) السفر جمع سافر، فيحتمل إرجاع الضمير في قوله" سبيلهم" إلى الإحياء و في‏

قوله" إليهم"

 (6) إلى الأموات، أي هؤلاء

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 42

الأحياء مسافرون يقطعون منازل أعمارهم من السنين و الشهور، حتى يلحقوا بهؤلاء الأموات، و يحتمل العكس في إرجاع الضميرين، فالمراد أن سبيل هؤلاء الأموات عند هؤلاء الإحياء لعدم اتعاظهم بموتهم، و عدم مبالاتهم كانوا ذهبوا إلى سفر و عن قريب يرجعون إليهم، و يؤيده ما في النهج و التفسير" و كان الذي نرى من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون".

قوله صلى الله عليه و آله:" بيوتهم أجداثهم"

 (1) الأجداث جمع الجدث، و هو القبر أي يرون أن بيوت هؤلاء الأموات أجداثهم، و مع ذلك يأكلون تراثهم، أو يرون أن تراث هؤلاء قد زالت عنهم و بقي في أيديهم، و مع ذلك لا يتعظون و يظنون أنهم مخلدون بعدهم، و التراث ما يخلفه الرجل لورثته، و الظاهر أنه وقع في نسخ الكتاب تصحيف و الأظهر ما في النهج" نبوئهم أجداثهم، و نأكل تراثهم، و في التفسير" تنزلهم أجداثهم".

قوله صلى الله عليه و آله:" نزول فادحة"

 (2) أي بلية يثقل حملها، يقال: فدحه الدين أي أثقله، و أمر فادح: إذا غاله و بهظه ذكره الجوهري و في النهج" ثم قد نسينا كل واعظ، و واعظة، و رمينا بكل فادح و جائحة".

قوله صلى الله عليه و آله:" و بوائق حادثة"

 (3) البوائق: الدواهي.

قوله صلى الله عليه و آله:" من غير رغبة عن سيرتي"

 (4) أي من غير أن يترك ما كان يتمتع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 43

به النبي صلى الله عليه و آله من النساء و الطيب و النوم و غيرها، بل يزهد في الشبهات، و زوائد المحللات التي تمنع الطاعات.

قوله صلى الله عليه و آله:" من غير تحول عن سنتي"

 (1) بأن يحرم على نفسه المباحات، و يترك السنن، و يبتدع في الدين كما هو الشائع بين أهل البدعة من الصوفية.

قوله صلى الله عليه و آله:" و عاد به"

 (2) من العائدة بمعنى الفضل و الإحسان.

قوله صلى الله عليه و آله:" لمن أنفق القصد"

 (3) أي الوسط من غير إسراف و تقتير.

 (الحديث الحادي و التسعون و المائة)

 (4): ضعيف.

قوله:" عن بعض الحكماء"

 (5) أي الأئمة عليهم السلام إذ قد روى الصدوق في الأمالي بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام، مع أنه ليس من دأبهم الرواية عن غير

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 44

المعصوم.

 (الحديث الثاني و التسعون و المائة)

 (1): ضعيف.

و يدل على جواز ذكر الحاجة و النازلة للإخوان في الله بل رجحانه.

خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام‏

 [خطبة لأمير المؤمنين‏] (الحديث الثالث و التسعون و المائة)

 (2): مجهول.

قوله عليه السلام:" الخافض الرافع"

 (3) الخفض: ضد الرفع، أي يخفض الجبارين و الفراعنة، و يضعهم و يهينهم، و يخفض كل شي‏ء يريد خفضه، و هو الرافع يرفع أنبياءه و حججه على درجات القرب و الكمال، و كذا المؤمنين في مراتب الدين و يلحقهم بالمقربين، و يرفع من أراد رفعته في الدنيا بالعز و التمكين، و رفع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 45

السماء بغير عمد، فكل رفعة و عزة و غلبة منه تعالى.

قوله عليه السلام:" الضار النافع"

 (1) أي يضر من يشاء بتعذيبه إذا استحق العقاب، و بالبلايا و المحن في الدنيا، إما لغضبه عليهم أو لتكفير سيئاتهم أو لرفع درجاتهم، و هذان الأخيران و إن كانا عائدين إلى النفع، لكن يمكن إطلاق الضرر عليهما بحسب ظاهر الحال، و نفعه تعالى لا يحتاج إلى البيان، إذ هو منشأ كل جود و رحمة و نعمة و إحسان.

قوله عليه السلام:" الجواد"

 (2) روى الصدوق (ره) عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم، عن أحمد بن سليمان قال: سأل رجل أبا الحسن عليه السلام و هو في الطواف، فقال له: أخبرني عن الجواد؟ فقال: إن لكلامك وجهين، فإن كنت تسأل عن المخلوق فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله تعالى عليه، و البخيل من بخل بما افترض الله عليه، و إن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى، و هو الجواد إن منع، لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له، و إن منع منع ما ليس له.

قوله عليه السلام:" الواسع"

 (3) هو مشتق من السعة، و هي تستعمل حقيقة باعتبار المكان، و هي لا يمكن إطلاقها على الله تعالى بهذا المعنى، و مجازا في العلم و الإنعام و المكنة و الغنى، قال تعالى:" وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً" و قال:" لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ" و لذا فسر الواسع بالعالم المحيط بجميع المعلومات كليها و جزئيها موجودها و معدومها، و بالجواد الذي عمت نعمته، و شملت رحمته كل بر و فاجر، و مؤمن و كافر، و بالغني التام الغني المتمكن فيما يشاء، و قيل:

الواسع الذي لا نهاية لبرهانه و لا غاية لسلطانه و لا حد لإحسانه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 46

قوله عليه السلام:" الجليل ثناؤه"

 (1) أي ثناؤه و مدحه أجل من أن يحيط به الواصفون.

قوله عليه السلام:" أحكمها بعلمه تقديرا"

 (2) أي كانت الأقوات مقدرة مجددة في علمه، أو قدر الأقوات قبل خلق الخلائق و أحكمها لعلمه بمصالحهم قبل إيجادهم و

قوله عليه السلام:" تقديرا"

 (3) تميز.

قوله عليه السلام:" و أتقنها بحكمته تدبيرا"

 (4) أي أتقن تدبير الأقوات بعد خلق الأشياء المحتاجة إليها على وفق حكمته، أو لعلمه بالحكم و المصالح.

قوله عليه السلام:" إنه كان خبيرا بصيرا"

 (5) الخبير: العليم ببواطن الأشياء، من الخبرة و هي العلم بالخفايا الباطنة، و البصير: فيه تعالى معناه العالم بالمبصرات.

قوله عليه السلام:" بخالص حمده"

 (6) أي بحمده الخالص عن النقص و الشوائب الذي هو مخزون عن أكثر الخلق، لا يأتي به إلا المقربون.

قوله عليه السلام:" و لا يتقدمه أحد"

 (7) أي بالتقدم المعنوي بأن يحمد أفضل منه أو بالتقدم الزماني بأن يكون حمده أحد قبل ذلك.

قوله عليه السلام:" أستقصيه"

 (8) بالصاد المهملة من قولهم: استقصى في المسألة و تقصى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 47

إذا بلغ الغاية أو بالضاد المعجمة كما في بعض النسخ من قولهم: استقضى فلان أي طلب إليه أن يقضيه.

قوله عليه السلام:" بخير"

 (1) أي بسبب طلب الخير.

قوله عليه السلام:" و لا قرار"

 (2) أي محل قرار.

قوله عليه السلام:" كركب عرسوا"

 (3) الركب جمع راكب و التعريس: نزول القوم في السفر من آخر الليل نزلة للنوم و الاستراحة.

قوله عليه السلام:" ثم استقلوا"

 (4) قال الجوهري: استقل القوم: مضوا و ارتحلوا.

قوله عليه السلام:" دخلوا خفافا"

 (5) هو جمع خفيف أي دخلوا في الدنيا عند ولادتهم خفاقا، بلا زاد و لا مال، و راحوا عند الموت كذلك، و يحتمل أن يكون كناية عن الإسراع.

قوله عليه السلام:" نزوعا"

 (6) قال الفيروزآبادي: نزع عن الشي‏ء نزوعا: كف و أقلع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 48

عنه أي لم يقدروا على الكف عن المضي، و الظرفان متعلقان بالنزوع و الرجوع.

قوله عليه السلام:" جد بهم فجدوا"

 (1) أي حثوهم على الإسراع في السير، فأسرعوا و فيه استعارة تمثيلية شبه سرعة زوال القوي و تسبب أسباب الموت، و كثرة ورود ما يوجب الزوال من الأسباب الخارجة و الداخلة برجال يحثون المراكب و الأجساد بتلك المراكب، و العمر بالمسافة التي يقطعها المسافر، و الأجل بالمنزل الذي يحل فيه.

قوله عليه السلام:" بكظمهم"

 (2) قال الفيروزآبادي: الكظم محركة: الحلق أو الفم، أو مخرج النفس من الحلق.

قوله عليه السلام:" و خلصوا إلى دار قوم جفت أقلامهم"

 (3) يقال: خلص فلان إلى فلان، أي وصل إليه، و قوله عليه السلام:" جفت أقلامهم" أي سكنت قواهم عن الحركات كالكتابة حتى جفت أقلامهم التي كانوا يكتبون بها، أو جفت أقلام الناس عن كتابة آثارهم، لبعد عهدهم، و محو ذكرهم، أو جفت أقلام أهل السماوات عن تقدير أمورهم المتعلقة بحياتهم و الأوسط أظهر.

قوله عليه السلام:" فأصبحتم حلولا"

 (4) جمع حال.

قوله عليه السلام:" ظاعنين"

 (5) أي سائرين.

قوله عليه السلام:" ما فيه أين"

 (6) قال الجوهري: الأين: الإعياء.

قوله عليه السلام:" و لا تفتير"

 (7) أي ليست تلك الحركة موجبة لفتور تلك المطايا فتسكن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 49

عن السير زمانا. قال الفيروزآبادي: فتر يفتر و يفتر فتورا أو فتارا: سكن بعد حدة و لأن بعد شدة و فترة تفتيرا.

قوله عليه السلام:" نهاركم بأنفسكم دؤوب"

 (1) قال الفيروزآبادي: يقال فلان دؤب في العمل إذا جد و تعب، أي نهاركم يسرع و يجد و يتعب بسبب أنفسكم ليذهبها، و يحتمل أن يكون الباء للتعدية أي نهاركم يتعبكم في أعمالكم و حركاتكم و ذلك سبب لفناء أجسادكم.

قوله عليه السلام:" تحكون من حالهم حالا"

 (2) أي أحوالكم تحكي و تخبر عن أحوالهم لموافقتها لها.

قوله عليه السلام:" و تحتذون من سلكهم مثالا"

 (3) يقال: احتذى مثاله أي اقتدى به، و السلك بالفتح مصدر بمعنى السلوك، أي تقتدون بهم في سلوكهم، و في بعض النسخ [مسلكهم‏].

قوله عليه السلام:" سفر حلول"

 (4) هما جمعان أي مسافرون، حللتم بالدنيا.

قوله عليه السلام:" نزول"

 (5) بفتح النون أي نازل.

قوله عليه السلام:" تنتضل فيكم مناياه"

 (6) الانتضال. رمي السهام للسبق، و المنايا جمع المنية و هو الموت، و لعل الضمير راجع إلى الدنيا بتأويل الدهر أو بتشبيهها بالرجل الرامي، أي ترمي إليكم المنايا في الدنيا سهامها، فتهلككم، و السهام الأمراض‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 50

و البلايا الموجبة للموت، و يحتمل أن يكون فاعل تنتضل الضمير الراجع إلى الدنيا، و يكون المرمي المنايا، و الأول أظهر، و يمكن إرجاع ضمير مناياه إلى الموت، بأن يكون المراد بالمنايا البلايا التي هي أسباب الموت، أطلق عليها مجازا تسمية للسبب باسم المسبب و في نهج البلاغة في كلام له عليه السلام:" إنما أنتم في هذه الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا".

قوله عليه السلام:" و تمضي بأخباركم مطاياه"

 (1) و الأخبار الأعمال يمكن توجيهه بوجوه.

الأول: أن يكون المراد بالمطايا: الأشخاص التي ماتوا قبلهم، و مضيهم بأخبار هؤلاء، لأنهم إن أحسنوا إليهم أو أساءوا إليهم يذكرون عند محاسبة هؤلاء الموتى و مجازاتهم، إما بالخير أو بالشر.

و الثاني: أن يكون المراد بالمطايا: عين تلك الأشخاص، أي أنتم مطايا الدنيا قد حملت عليكم أعمالكم و تسيركم إلى دار الثواب.

و الثالث: أن يكون المراد بالمطايا حفظة الأعمال، و نسبتهم إلى الدنيا لكون أعمالهم فيها و حفظهم لإعمال أهلها.

الرابع: أن يكون المراد بالمطايا: الأعمار، أي تمضي بكم مطاياه مع أعمالكم،

قوله عليه السلام:" راقب ربه"

 (2) مراقبة الشي‏ء محافظته و انتظاره و حراسته، أي يكون دائما في ذكره منتظرا لرحمته، محترزا عن عذابه، متذكرا لأنه يطلع عليه دائما.

قوله عليه السلام:" و تنكب ذنبه"

 (3) أي تجنبه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 51

قوله عليه السلام" و كابر هواه"

 (1) أي غالبها و خالفها، و في بعض النسخ [كابد] بالدال المهملة، يقال: كابدت الأمر إذا قاسيت شدته، أي يقاسي الشدائد في ترك هواه.

قوله عليه السلام:" و كذب مناه"

 (2) أي لم يعتمد على ما يمنية نفسه، و الشيطان من طول الأمل و درك الآمال البعيدة و رجاء الأمور الدنيوية الباطلة و منافعها.

قوله عليه السلام:" امرءا"

 (3) بدل من قوله: امرءا أولا.

قوله عليه السلام:" و قدعها"

 (4) قال الجوهري: قدعت فرسي أقدعه قدعا: كبحته و كففته.

قوله عليه السلام:" طرفه"

 (5) أي عينه.

قوله عليه السلام:" حتفه"

 (6) أي موته.

قوله عليه السلام" عزوفا عن الدنيا"

 (7) قال الجزري: عزفت نفسي عنه: زهدت فيه، و انصرفت عنه.

قوله عليه السلام:" ساما"

 (8) أي عن الدنيا، و هو من تتمة الفقرة السابقة.

قوله عليه السلام:" كدوحا"

 (9) الكدح: السعي و الاهتمام في العمل.

قوله عليه السلام:" متحافظا"

 (10) أي عن المحارم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 52

قوله عليه السلام:" و دواء أجوائه"

 (1) قال الجوهري: الجوى: الحرقة من شدة الوجد من عشق أو حزن.

قوله عليه السلام:" فاعتبر"

 (2) أي بمن مضى‏

" و قاس"

 (3) أحواله بأحوالهم.

قوله عليه السلام:" و قد وقر قلبه ذكر المعاد"

 (4) أي حمل على قلبه ذكر المعاد فأكثر، من قولهم: أوقر على الدابة، أي حمل عليه حملا ثقيلا، و يحتمل بعيدا أن يكون من الوقار، و يكون ذكر المعاد فاعلا للتوقير أي جعل ذكر المعاد قلبه ذا وقار لا يتبع الشهوات و الأهواء.

قوله عليه السلام:" على أطرافه"

 (5) أي أقدامه.

قوله عليه السلام:" و طوى مهاده"

 (6) المهاد: الفراش، و طيه كناية عن مجانبة النوم و كذا هجر الوساد.

قوله عليه السلام:" في أعطافه"

 (7) جمع عطاف و هو الرداء.

قوله عليه السلام:" يراوح بين الوجه و الكفين"

 (8) أي يضع جبهته تارة للسجود، و يرفع يديه تارة في الدعاء، ففي إعمال كل منهما راحة للأخرى.

قوله عليه السلام:" لدمعه صبيب"

 (9) أي هو صاب كثير الصب لدمعه، و يحتمل المصدر فيكون أوفق بما بعده إن ورد بهذا الوزن في هذا الباب.

قوله عليه السلام:" و لقلبه و جيب"

 (10) أي اضطراب.

قوله عليه السلام:" شديدة أسباله"

 (11) قال الجوهري: السبل بالتحريك: المطر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 53

و أسبل المطر و الدمع إذا هطل انتهى، فيحتمل فتح الهمزة ليكون جمعا، و كسرها ليكون مصدرا، و تأنيث الخبر يؤيد الأول.

قوله عليه السلام:" أوصاله"

 (1) أي مفاصله.

قوله عليه السلام:" من أمره"

 (2) أي أمر معاشه.

قوله عليه السلام:" يظهر دون ما يكتم"

 (3) أي يظهر للناس من كمالاته و عباداته و نياته أقل مما يكتم، و يحتمل أن يكون المراد ما يطلع عليه من عيوب الناس.

قوله عليه السلام:" و يكتفي بأقل مما يعلم"

 (4) أي يكتفي من إظهار أعماله و أحواله بأقل مما يعلم، أو يكتفي في النية بأمور المبدأ و المعاد و ما يحثه على العمل بأقل مما يعلم منها، و الغرض أنه يتعظ بكل واعظ، و ينزجر بكل زاجر أو يكتفي من أمور الدنيا بأقل شي‏ء لما يعلم من مفاسدها، و فوت نعيم الآخرة بها.

قوله عليه السلام:" ودائع الله"

 (5) أي أودعهم الله خلقه ليحفظوهم، و يكرموهم و لا يضيعوهم.

قوله عليه السلام:" لأهلها"

 (6) أي لأهل التقوى.

قوله عليه السلام:" دعاؤهم فيها أحسن الدعاء"

 (7) أي إذا أرادوا طلب شي‏ء طلبوه بأحسن طلب بأن يقولوا" سبحانك اللهم".

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 54

قوله عليه السلام:" دعاهم مولاهم"

 (1) قطع عن سابقه على الاستئناف، كأنه يسأل سائل لم يطلبون هكذا؟ فأجاب بأنه لما دعاهم مولاهم إلى نعم الجنة فلا يكلفهم طلبهم أزيد من أن ينزهوه و يسبحوه، أو هذا النداء جواب لدعوة ربهم، و إجابة لها، و قد مر تفسير جزئي الآية في خبر وصف الجنة.

 [الحديث الرابع و التسعون و المائة] خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام‏

 (2) (الحديث الرابع و التسعون و المائة): مجهول.

قوله عليه السلام:" و وليه"

 (3) أي الأولى به من كل أحد، إذ هو تعالى مولى جميع النعم، و الموصوف بجميع الكمالات الحقيقية، و كل نعمة و إحسان و كمال لغيره فهو راجع إليه و مأخوذ منه تعالى: أو المتوالي للحمد، أي هو الموفق لحمد كل من يحمده.

قوله عليه السلام:" و منتهى الحمد"

 (4) أي الحامدية أو المحمودية تنتهي إليه كما أشرنا إليهما.

قوله عليه السلام:" البدي‏ء"

 (5) أي الأول كما ذكره الجوهري. و يحتمل أن يكون فعيلا بمعنى مفعل كالبديع أي مبدع الأشياء و منشؤها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 55

قوله عليه السلام:" البديع"

 (1) قال الجزري: هو الخالق المخترع لا عن مثال سابق فعيل بمعنى مفعل يقال: أبدع فهو مبدع انتهى. و قيل: هو الذي لم يعهد مثله و لا نظير له.

قوله عليه السلام:" الأجل"

 (2) أي من أن يبلغ إلى كنه ذاته‏

" الأعظم"

 (3) من أن يدرك أحد كنه صفاته‏

" الأعز"

 (4) من أن يغلبه شي‏ء

" الأكرم"

 (5) من أن تحصى نعمة و آلاؤه و يحتمل أن يكون مشتقا من الكرم بمعنى الشرف و المنزلة، أي أكرم من كل ذي كرامة.

قوله عليه السلام:" المتوحد بالكبرياء"

 (6) أي لا يشركه أحد في الكبرياء و العظمة.

قوله عليه السلام:" و المتفرد بالآلاء"

 (7) أي لم يشركه أحد في النعم، هو المنعم حقيقة.

قوله عليه السلام:" القاهر بعزة"

 (8) أي لا موجود إلا و هو مقهور تحت قدرته، مسخر لقضائه، عاجز في قبضته، أو أذل الجبابرة و قصم ظهورهم بالإهلاك و التعذيب، أو قهر العدم فأوجد الأشياء، و قهر الوجود فأخرجها إلى العدم، و الأول أولى لعمومه و شموله.

قوله عليه السلام:" الممتنع"

 (9) أي يمتنع من أن يصل إليه سوء أو يغلب عليه أحد.

قوله عليه السلام:" المهيمن"

 (10) قال الجزري: قيل: هو الرقيب، و قيل: الشاهد، و قيل المؤتمن، و قيل: القائم بأمور الخلق، و قيل: أصله مؤيمن فأبدلت الهاء من الهمزة و هو مفيعل من الأمانة.

قوله عليه السلام:" المتعالي"

 (11) مبالغة في العلو.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 56

قوله عليه السلام:" المسبغ بنعمته"

 (1) الإسباغ الإكمال، و لعل الباء زائدة، أو المراد المسبغ حجته بنعمته.

قوله عليه السلام:" و تظاهر نعمائه"

 (2) أي تتابعها.

قوله عليه السلام:" متقادما"

 (3) أي على جميع الأشياء، و ليست أوليته بأولية إضافية.

قوله عليه السلام:" متسيطرا"

 (4) قال الفيروزآبادي: المسيطر الرقيب الحافظ، و المتسلط كالمسطر. أي هو في دوامه مسلط على جميع خلقه، أو حافظ رقيب كان عالما بهم و بأفعالهم قبل خلقهم، و هو مطلع عليهم بعده.

قوله عليه السلام" و دانوا"

 (5) أي أقروا و أذعنوا بدوام أبديته، أو أطاعوا و خضعوا و ذلوا له لكونه دائم الأبدية و لا مناص لهم عن حكمه، يقال: دان أي ذل، و خضع، و عبد و أطاع، و أقر و اعتقد، و الكل مناسب كما عرفت.

قوله عليه السلام:" اختاره بعلمه"

 (6) أي بأن أعطاه علمه أو بسبب كونه عالما بأنه يستحق ذلك.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 57

قوله عليه السلام:" و انتدبه"

 (1) أي دعاه لأمره العظيم و هو الرسالة، و لأن يضي‏ء به معالم دينه، أي أحكامه التي بها يعلم شرائع الدين.

قوله عليه السلام:" و مناهج سبيله"

 (2) المنهج: السبيل الواضح أي سبله الواضحة.

قوله عليه السلام:" و مفتاح وحيه"

 (3) يمكن تقدير فعل أي جعله مثلا، و يحتمل عطفه على قوله لخلقه، و لعله سقط منه شي‏ء.

قوله عليه السلام:" على حين فترة"

 (4) الفترة ما بين الرسولين.

قوله عليه السلام:" و هدأة"

 (5) هي بفتح الهاء و سكون الدال: السكون عن الحركات.

قوله عليه السلام:" مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ"

 (6) أي لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات، أو مما فيه من الأخبار الماضية، و الأمور الآتية

" تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ"

 (7) لا يفعل إلا ما هو على وفق الحكم و المصالح،

" حَمِيدٍ"

 (8) يحمده كل مخلوق بما ظهر عليه من نعمه، أو مستحق للحمد من كل أحد.

قوله عليه السلام:" و صرف فيه الآيات"

 (9) أي تنبيها.

قوله عليه السلام:" عُذْراً أَوْ نُذْراً"

 (10) هما مصدران لعذر إذا محي الإساءة و أنذر إذا خوف أو جمعان لعذير بمعنى المعذرة و نذير بمعنى الإنذار أو بمعنى العاذر و المنذر و نصبهما على‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 58

الأولين بالعلية أي عذرا للمحقين، و نذرا للمبطلين، و على الثالث بالحالية، و يمكن قراءتهما بضم الذالين و سكونهما كما قرئ بهما في الآية.

قوله عليه السلام:" و يكون بلاغا"

 (1) أي كفاية أو سبب بلوغ إلى البغية، و هو إشارة إلى قوله تعالى:" إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ".

قوله عليه السلام:" حتى أتاه اليقين"

 (2) أي الموت فإنه متيقن لحوقه لكل حي مخلوق.

قوله عليه السلام:" بدء الأمور"

 (3) أي أولها.

قوله عليه السلام:" و تصرم أيامها"

 (4) قال الجوهري: التصرم: التقطع.

قوله عليه السلام:" عن قليل"

 (5) كلمة" عن" هنا بمعنى بعد، أي بعد زمان قليل.

قوله عليه السلام:" فتجافوا عنها"

 (6) أي اتركوها و أبعدوا عنها.

قوله عليه السلام:" لن تعدوا الدنيا"

 (7) أي لا تتجاوز إذا انتهت إليها أو بلغت النهاية فيها أمنية أهلها عن تلك الحالة و هي" أن تكون كما قال الله تعالى‏

" فقوله:" أن تكون"

 (8) مفعول لقوله" لن تعدو" و قال الجوهري: عداه يعدوه: أي جاوزه،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 59

و قد مر تفسير الآية بتمامها في الخبر التاسع و العشرين.

قوله عليه السلام:" حبرة"

 (1) الحبرة بالفتح النعمة و سعة العيش، و

العبرة

 (2) بالفتح:

الدمعة قبل أن تفيض، أو الحزن بلا بكاء، ذكرهما الفيروزآبادي.

قوله:" نزول جائحة"

 (3) قال الجوهري: الجائحة: الشدة التي تحتاج المال من سنة أو فتنة.

قوله عليه السلام:" و هول المطلع"

 (4) قال الجزري: يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت، فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال.

قوله:" لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا"

 (5) تعليل للوقوف أي يوقفهم للحساب ليجزي المسيئين بعقاب ما عملوا أو بمثله، أو بسبب ما عملوا من السوء، و يجزي المحسنين بالحسنى أي بالمثوبة الحسنى و هي الجنة، أو بأحسن من أعمالهم، أو بسبب الأعمال الحسنى، و أوسط التقادير أظهر، لدلالته على جزاء السيئة بالمثل،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 60

و الحسنة بأضعافها.

قوله عليه السلام:" أستعيذ"

 (1) هذه إحدى صور الاستعاذة المنقولة في أخبارنا، و في بعضها بإضافة إن الله هو السميع العليم، و في بعضها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو الفتاح العليم، و في بعضها أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم و في بعضها بإضافة و أعوذ بالله أن يحضرون، و في بعضها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كما هو الأشهر بين القراء، و الأظهر جواز الكل.

ثم اعلم أن ذكر الآية في هذا المقام يدل على عدم اختصاصها بقراءة الإمام، كما ورد في بعض الأخبار، فالآية بعمومها تدل على وجوب استماع كل قراءة و يؤيده أخبار أخر أيضا، و قد تقدم الكلام فيه في شرح كتاب الصلاة.

قوله عليه السلام:" و تحنن"

 (2) قال الجوهري: تحنن عليه: ترحم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 61

قوله عليه السلام:" و حباء السلام"

 (1) الحباء: بالكسر العطاء أي أعطه عطية سلامتك بأن يكون سالما عن جميع ما يوجب نقصا أو خزيا، أو أعطه تمكن أن يحبوا السلامة من أنواع البلايا و العذاب لمن أراد، أو أعطه و أمته تحية السلام من عندك بأن يسلم عليهم الملائكة في الجنان رسلا من عندك.

قوله عليه السلام:" و شفاعة الإسلام"

 (2) أي الشفاعة التي تكون لأهل الإسلام، و لا تكون لغيرهم.

قوله عليه السلام:" و لا ناكثين"

 (3) أي للعهد و البيعة و في بعض النسخ بالباء الموحدة أي عادلين متنكبين عن طريق الحق.

قوله عليه السلام:" لعظيم غنائه"

 (4) بالفتح و المد. أي نفعه.

قوله عليه السلام:" و حسن بلائه"

 (5) أي نعمته.

قوله عليه السلام:" لا يخبو"

 (6) يقال خبت النار أي سكنت، و

قوله عليه السلام:" و لا يهمد سناؤه"

 (7) و في بعض النسخ [لا يتمهد] و التمهد الانبساط، و الهمود: طفوء النار و السنا مقصورا ضوء البرق، و ممدودا الرفعة، فعلى نسخة يهمد ينبغي أن يكون مقصورا و على الأخرى أن يكون ممدودا، و الأولى أوفق بلاحقتها، كما أن الثانية أوفق بسابقتها لفظا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 62

قوله عليه السلام:" من سوء كل الريب"

 (1) أي من شر كل شك و شبهة يعتري في الدين.

قوله عليه السلام:" و الهجوم"

 (2) أي الدخول.

قوله عليه السلام:" و مشاركة أهل الريب"

 (3) أي الذين يشكون و يرتابون في الدين أو الذين يريبون الناس فيهم بالخيانة و السرقة أو مطلق الفسوق.

 (الحديث الخامس و التسعون و المائة)

 (4): ضعيف.

قوله:" قلت: و ما الحافظ"

 (5) و في بعض النسخ [و أما الحافظ] أي ظاهر أو معلوم.

قوله عليه السلام:" من الولاية"

 (6) كلمة" من" أما تعليلية أي له حافظ من البلايا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 63

بسبب ولاية أئمة الحق، أو له حافظ بسبب الولاية ليحرس ولايته لئلا تضيع و تذهب بتشكيكات أهل الباطل، أو صلة للحفظ إما بتقدير مضاف، أي يحفظه من ضياع الولاية و ذهابها، أو بأن يكون المراد ولاية غير أئمة الحق، أو بيانية أي الحافظ هي الولاية تحفظه عن البلايا و الفتن.

قوله عليه السلام:" و أما السائب"

 (1) لعله من السيب بمعنى العطاء أو بمعنى الجريان أي جارية من الدهور، أو من السائبة التي لا مالك لها بخصوصه أي سيب لجميع المؤمنين.

قوله عليه السلام:" فبشارة محمد صلى الله عليه و آله"

 (2) أي البشارة عند الموت بالسعادة الأبدية، و يحتمل على بعد أن يكون المراد القرآن أو الرؤيا الحسنة.

 (الحديث السادس و التسعون و المائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" متى تخبرهم تقلهم"

 (4) قال الجزري: في حديث أبي الدرداء" وجدت الناس أخبر تقله" القلاء: البغض، يقال: قلاه يقليه، قلى و قلى إذا أبغضه.

و قال الجوهري: إذا فتحت مددت، و يقلاه لغة طيئ، يقول: جرب الناس فإنك إذا جربتهم قليتهم و تركتهم لما يظهر لك من بواطن سرائرهم، لفظه لفظ الأمر، و معناه معنى الخبر أي من جربهم و خبرهم أبغضهم و تركهم، و الهاء في تقله للسكت و معنى نظم الحديث، وجدت الناس مقولا فيهم هذا القول انتهى.

أقول: الظاهر أن الأمر الوارد في هذا الخبر أيضا كذلك، أي متى خالطت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 64

الناس تخبرهم و متى تخبرهم تقلهم، فلا تخالطهم مخالطة شديدة تكون موجبة لقلاك لهم.

 (الحديث السابع و التسعون و المائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" الناس معادن"

 (2) روى العامة هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه و آله هكذا" الناس معادن كمعادن الذهب و الفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" و يحتمل وجهين. أحدهما: أن يكون المراد أن الناس مختلفون بحسب استعداداتهم و قابلياتهم و أخلاقهم و عقولهم كاختلاف المعادن، فإن بعضها ذهب، و بعضها فضة، فمن كان في الجاهلية خيرا حسن الخلق عاقلا فهما ففي الإسلام أيضا يسرع إلى قبول الحق، و يتصف بمعالي الأخلاق، و يجتنب مساوئ الأعمال بعد العلم بها.

و الثاني: أن يكون المراد أن الناس مختلفون في شرافة النسب و الحسب، كاختلاف المعادن، فمن كان في الجاهلية من أهل بيت شرف و رفعة، فهو في الإسلام أيضا يصير من أهل الشرف بمتابعة الدين، و انقياد الحق و الاتصاف بمكارم الأخلاق فشبههم صلى الله عليه و آله عند كونهم في الجاهلية بما يكون في المعدن قبل استخراجه، و عند دخولهم في الإسلام بما يظهر من كمال ما يخرج من المعدن، و نقصه بعد العمل فيه.

 (الحديث الثامن و التسعون و المائة)

 (3): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 65

قوله:" و روى غيره البزل"

 (1) هو جمع بازل و هو البعير الذي فطرنا به.

قوله عليه السلام:" تعرف الزوراء"

 (2) قال الفيروزآبادي: الزوراء: مال كان لاحيحة و البئر البعيدة، و القدح و إناء من فضة و القوس و دجلة، و بغداد لأن أبوابها الداخلة جعلت مزورة عن الخارجة، و موضع بالمدينة قرب المسجد، و دار كانت بالحيرة و البعيدة من الأراضي، و أرض عند ذي خيم انتهى.

أقول: يحتمل أن يكون الزوراء في الخبر اسما لموضع بالري، و أن يكون الزوراء بغداد الجديد، و إنما نفى عليه السلام بغداد القديم، و لعله كان هناك موضع يسمى بالري، و يكون إشارة إلى المقاتلة التي وقعت في زمان مأمون هناك، و قتل فيها كثير من ولد العباس، و على الأول يكون إشارة إلى واقعة تكون في زمن القائم عليه السلام أو في قريب منه، و ابن أبي عقب لعله كان سمع هذا من المعصوم فنظمه.

 (الحديث التاسع و التسعون و المائة)

 (3): ضعيف.

قوله تعالى:" لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً"

 (4) قال الزمخشري: ليس‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 66

بنفي للخرور، و إنما هو إثبات له، و نفي للصمم و العمى، كما تقول: لا يلقاني زيد مسلما هو نفي للسلام، لا للقاء، و المعنى أنهم إذا ذكروا بها أكبوا عليها حرصا على استماعها، و أقبلوا على المذكر بها، و هم في إكبابهم عليها، سامعون بأذان واعية، مبصرون بعيون راعية، لا كالذين يذكرون بها فتراهم مكبين عليها، مقبلين على من يذكر بها مظهرين الحرص الشديد على استماعها، و هم كالصم العميان، حيث لا يعونها و لا يتبصرون ما فيها كالمنافقين و أشباههم.

قوله عليه السلام:" مستبصرين"

 (1) أي أكبوا و أقبلوا مستبصرين.

 (الحديث المائتان)

 (2): في بعض النسخ عن علي، عن إسماعيل و هو الظاهر، فالخبر ضعيف، و في بعضها عن علي بن إسماعيل فهو مجهول.

قوله عليه السلام:" فلج فلم يكن له عذر"

 (3) يقال: فلج أصحابه و على أصحابه إذا غلبهم أي صار مغلوبا بالحجة فليس له عذر فالمراد أنه ليس لهم عذر حتى يؤذن لهم فيعتذروا.

قال البيضاوي: عطف يعتذرون على يؤذن ليدل على نفي الإذن، و الاعتذار عقيبه مطلقا، و لو جعله جوابا لدل على أن عدم اعتذارهم لعدم الإذن، و أوهم ذلك أن لهم عذرا لكن لم يؤذن لهم فيه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 67

 (الحديث الحادي و المائتان)

 (1): مرفوع.

قوله تعالى:" مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ"

 (2) أي من حيث لا يظن.

قوله عليه السلام:" قوم فوقهم"

 (3) أي في القدرة و المال‏

" فيعيه هؤلاء"

 (4) أي الفقراء، و الحاصل أن البدن كما يتقوى بالرزق الجسماني، و تبقى حياته به، فكذلك الروح يتقوى، و تحيي بالأغذية الروحانية من العلم و الإيمان و الهداية و الحكمة، و بدونها ميت في لباس الأحياء، فمراده عليه السلام أن الآية كما تدل على أن التقوى سبب لتيسر الرزق الجسماني و حصوله من غير احتساب، فكذلك تدل على أنها تصير سببا لتيسر الرزق الروحاني الذي هو العلم و الحكمة من غير احتساب، و هي تشملهما معا.

قوله تعالى:" حَدِيثُ الْغاشِيَةِ"

 (5) قال البيضاوي: الداهية التي تغشى الناس بشدائدها، يعني يوم القيامة، أو النار من قوله تعالى:" وَ تَغْشى‏ وُجُوهَهُمُ النَّارُ".

قوله عليه السلام:" الذين يغشون الإمام"

 (6) فسرها عليه السلام بالجماعة الغاشية الذين يغشون‏

                                                مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 68

الإمام، أي يدخلون عليه من المخالفين فلا ينفعهم الدخول عليه، و لا يغنيهم القعود لعدم إيمانهم و جحودهم، فالمراد بالطعام على هذا البطن الطعام الروحاني أي ليس غذاؤهم الروحاني إلا الشكوك و الشبهات، و الآراء الفاسدة التي هي كالضريع، في عدم النفع و الإضرار بالروح،

فقوله تعالى:" لا يُسْمِنُ"

 (1) لا يكون صفة للضريع، بل يكون الضمير راجعا إلى الغشيان و تكون الجملة مقطوعة على الاستئناف.

و يحتمل أن يكون صفة للضريع أيضا، و يكون المراد أنه لا يعلمهم الإمام، لكفرهم و جحودهم و عدم قابليتهم إلا ما هو كالضريع، مما يوافق آراءهم تقية منهم كما أنه تعالى يطعم أجسادهم الضريع في جهنم، لعدم استحقاقهم غير ذلك.

و يحتمل أن يكون المراد الذين يغشون أي يحيطون بالقائم عليه السلام من المخالفين و المنافقين، فالإمام يحكم فيهم بعلمه، و يقتلهم و يوصلهم إلى طعامهم المهيأ لهم في النار من الضريع، و لا ينفعهم الدخول في عسكر الإمام عليه السلام لعلمه بحالهم، و لا القعود في بيوتهم، لعدم تمكينه إياهم.

 (الحديث الثاني و المائتان)

 (2): موثق على الأظهر.

قوله تعالى:" مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ"

 (3) قال البيضاوي: ما يقع من تناجي ثلاثة و يجوز أن يقدر مضاف أو يأول نجوى بمتناجين، و يجعل ثلاثة صفة لها، و اشتقاقها من النجوة، و هي ما ارتفع من الأرض، فإن السر أمر مرفوع إلى الذهن، لا يتيسر لكل أحد أن يطلع عليه‏

" إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ"

 (4) إلا الله يجعلهم أربعة من حيث أنه يشاركهم في الإطلاق عليها، و الاستثناء من أعم الأحوال‏

" وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ"

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 69

 (1) و تخصيص العددين إما لخصوص الواقعة، فإن الآية نزلت في تناجي المنافقين، أو لأن الله وتر، يحب الوتر و الثلاثة أول الأوتار أو لأن التشاور لا بد له من اثنين يكونان كالمتنازعين، و ثالث يتوسط بينهما

" وَ لا أَدْنى‏ مِنْ ذلِكَ"

 (2) و لا أقل مما ذكر كالواحد و الاثنين‏

" وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ"

 (3) يعلم ما يجري بينهم‏

" أَيْنَ ما كانُوا"

 (4) فإن علمه بالأشياء ليس لقرب مكاني، حتى يتفاوت باختلاف الأمكنة

" ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ"

 (5) تفضيحا لهم و تقريرا لما يستحقونه من الجزاء

" إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ"

 (6) لأن نسبة ذاته المقتضية للعلم إلى الكل على السواء

قوله عليه السلام:" قال الفئتان"

 (7) تفسير للطائفتين.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 70

قوله عليه السلام:" لأنهم بايعوا طائعين"

 (1) هذا لبيان كفرهم و بغيهم على جميع المذاهب فإن مذهب المخالفين أن مدار وجوب الإطاعة على البيعة فهم بايعوا غير مكرهين، فإذا نكثوا فهم على مذهبهم أيضا من الباغين.

قوله تعالى:" وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى‏"

 (2) فسرها المفسرون بالقرى التي ائتفكت بأهلها، أي انقلبت، و هي قرى قوم لوط، أهواها أي أسقطها بعد أن رفعها فقلبها و فسرها عليه السلام بالبصرة، و قد ورد في أخبار العامة و الخاصة أنها إحدى المؤتفكات.

و في تفسير علي بن إبراهيم أنها ائتفكت بأهلها مرتين، و على الله تمام الثالثة و تمام الثالثة في الرجعة، و في النهاية و في حديث أنس" البصرة إحدى المؤتفكات" يعني أنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها انتهى، و لا استبعاد في حملها على الحقيقة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 71

 (الحديث الثالث و المائتان)

 (1): مجهول.

قوله صلى الله عليه و آله:" حسب الرجل دينه"

 (2) الحسب: الشرافة، و يطلق غالبا على الشرافة الحاصلة من جهة الآباء.

قوله صلى الله عليه و آله:" و مروته خلقه"

 (3) المروءة مهموزة: الإنسانية مشتقة من المرء، و قد تخفف بالقلب و الإدغام.

قوله تعالى:" إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى‏"

 (4) أي من آدم و حواء أو خلقنا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 72

كل واحد منكم من أب و أم، فالكل سواء في ذلك، فلا وجه للتفاخر بالنسب، و قيل: هو تقرير للأخوة المانعة عن الاغتياب‏

" وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ"

 (1) الشعب الجمع العظيم المنتسبون إلى أصل واحد، و هو يجمع القبائل، و القبيلة تجمع العمائر، و العمارة تجمع البطون، و البطن يجمع الأفخاذ، و الفخذ يجمع الفضائل‏

" لِتَعارَفُوا"

 (2) أي ليعرف بعضكم بعضا لا للتفاخر بالآباء، و القبائل‏

" إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ‏

 (3) فإن التقوى بها تكمل النفوس، و يتفاضل الأشخاص فمن أراد شرفا فليلتمس منها.

 (الحديث الرابع و المائتان)

 (4): حسن.

قوله عليه السلام:" لا أرزؤكم"

 (5) قال الجوهري: يقال: ما زرأته ماله، و ما رزئته ماله، أي ما نقصته انتهى، و

الفي‏ء

 (6): الغنيمة و الخراج، و اليثرب مدينة الرسول، أي ما أنقصكم من غنائمكم و خراجكم ما بقي لي عذق بالفتح، أي نخلة بالمدينة.

قوله عليه السلام:" فليصدقكم أنفسكم"

 (7) يقال: صدقه الحديث أي قال له صدقا أي ارجعوا إلى أنفسكم، و أنصفوا و ليقل أنفسكم لكم صدقا في ذلك.

قوله عليه السلام:" الله"

 (8) بالكسر أي و الله.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 73

قوله عليه السلام:" إلا بسابقة أو بتقوى"

 (1) أي و أنت عارضهما، و ليس الفضل بالنسب حتى تفتخر به، أو المراد أن الفضل لا يكون إلا بهما و هما لا يصلحان سببا لتوفير الفي‏ء.

 (الحديث الخامس و المائتان)

 (2): ضعيف.

قوله صلى الله عليه و آله:" أ فلا أعرفكم"

 (3) استفهام إنكاري أي بلى أعرفكم كذلك، و في بعض النسخ [إلا فلا أعرفكم‏] أي لا تكونوا كذلك حتى أعرفكم في ذلك اليوم هكذا.

قوله صلى الله عليه و آله:" قد أعذرت إليكم"

 (4) يقال: أعذر إليه أي أبدى عذره و أثبته.

 (الحديث السادس و المائتان)

 (5): صحيح.

قوله عليه السلام:" و جعل الناس يتساقطون عنه"

 (6) لعله إشارة إلى الفتن التي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 74

حدثت بعده، صلوات الله عليه في الشيعة فارتدوا

قوله عليه السلام:" أما إن قيس بن عبد الله ابن عجلان"

 (1) أقول: روى الكشي، عن حمدويه بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن النضر، مثله، و فيه أما إن ميسر بن عبد العزيز و عبد الله بن عجلان في تلك العصابة، فما مكث بعد ذلك إلا نحوا من سنتين حتى هلك صلوات الله عليه و قيس غير مذكور في كتب الرجال.

 (الحديث السابع و المائتان)

 (2): صحيح و ضمير

عنه‏

 (3) راجع إلى أحمد.

 (الحديث الثامن و المائتان)

 (4): مرسل.

و رواه العياشي عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، و لعلهما سقطا في هذا السند، و في بعض النسخ هكذا و هو الظاهر.

قوله تعالى:" عَلى‏ شَفا حُفْرَةٍ"

 (5) أي طرفها و مشرفا على السقوط فيها بسبب الكفر و المعاصي.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 75

 (الحديث التاسع و المائتان)

 (1): ضعيف.

قوله تعالى:" لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ"

 (2) لن تبلغوا حقيقة البر الذي هو كمال الخير أو لن تنالوا بر الله الذي هو الرحمة و الرضا و الجنة

" حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ"

 (3) كذا فيما روي من القراءات أي من بعض ما تحبون من المال أو ما يعمه و غيره، كبذل الجاه في معاونة الناس، و البدن في طاعة الله، أو المهجة في سبيله، و قيل" من" للتبيين، و في أكثر نسخ الكتاب [ما تحبون‏] أي جميع ما تحبون، و قال عليه السلام‏

هكذا فاقرأها

 (4)، و هذا يدل على جواز التلاوة على غير القراءات المشهورة، و الأحوط عدم التعدي عنها، لتواتر تقرير الأئمة عليهم السلام أصحابهم على القراءات المشهورة، و أمرهم بقراءتهم كذلك، و العمل بها حتى يظهر القائم عليه السلام.

 (الحديث العاشر و المائتان)

 (5): حسن أو موثق.

قوله تعالى:" أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ"

 (6) أي عرضوا أنفسكم للقتل بالجهاد، أو اقتلوها كما قتل بنو إسرائيل، و أن مصدرية أو مفسرة، لأن" كتبنا"، في معنى أمرنا.

قوله عليه السلام:" و سلموا"

 (7) ظاهر الخبر أنه كان داخلا في الآية في قرآنهم عليهم السلام و يحتمل أن يكون من كلامه عليه السلام إضافة للتفسير، أي المراد بالقتل القتل الذي يكون في أمر التسليم للإمام عليه السلام، و الاحتمالان جاريان فيما يذكر بعد ذلك.

قوله عليه السلام:" رضى له"

 (8) أي يكون خروجكم لرضا الإمام عليه السلام، أو على وفق رضاه عليه السلام‏

" و لو أن أهل الخلاف"

 (9) على الاحتمال الثاني بيان لمرجع ضمير" هم"

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 76

في قوله تعالى:" وَ لَوْ أَنَّهُمْ".

قوله تعالى:" وَ أَشَدَّ تَثْبِيتاً"

 (1) أي في دينهم، لأنه أشد لتحصيل العلم، و نفي الشك أو تثبيتا لثواب أعمالهم و نصبه على التميز.

قوله عليه السلام:" الطاعة"

 (2) أي لله أو للإمام عليه السلام.

 (الحديث الحادي عشر و المائتان)

 (3): مجهول.

قوله تعالى:" أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ"

 (4) أي من النفاق، فلا يغني عنهم الكتمان و الحلف الكاذب من العقاب‏

" فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ"

 (5) أي عن عقابهم، لمصلحة في استبقائهم أو عن قبول معذرتهم، كذا قيل.

قوله عليه السلام:" فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء"

 (6) ظاهر الخبر أن هاتين الفقرتين كانتا داخلتين في الآية و يحتمل أن يكون عليه السلام أو ردهما للتفسير، أي إنما أمر تعالى بالإعراض عنهم، لسبق كلمة الشقاء عليهم، أي علمه تعالى بشقائهم، و سبق تقدير العذاب لهم، لعلمه بأنهم يصيرون أشقياء بسوء اختيارهم، و لعل الأمر بالإعراض لعدم المبالغة و الاهتمام في دعوتهم، و الحزن على عدم قبولهم، أو جبرهم على الإسلام، ثم أمر تعالى بموعظتهم لإتمام الحجة عليهم فقال:" وَ عِظْهُمْ" أي بلسانك و كفهم عما هم عليه، و تركه في الخبر إما من النساخ أو لظهوره، أو لعدمه في مصحفهم عليهم السلام‏

قوله تعالى:" وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ"

 (7) أي في معنى أنفسهم أو خاليا بهم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 77

فإن النصح في السر أنجع‏

" قَوْلًا بَلِيغاً"

 (1) أي يبلغ منهم و يؤثر فيهم.

 (الحديث الثاني عشر و المائتان)

 (2): حسن.

قوله عليه السلام:" فإن خفتم تنازعا"

 (3) ظاهره أنها هكذا نزلت، و يحتمل أن يكون الغرض تفسير الآية بأنه ليس المراد تنازع الرعية و أولي الأمر، كما ذهب إليه أكثر المفسرين، بل هو خطاب للمأمورين الذين قيل لهم‏

" أَطِيعُوا اللَّهَ"

 (4) أي إن اشتبه عليكم أمر و خفتم فيه تنازعا، لعدم علمكم به، فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ و الرد إلى أولي الأمر أيضا داخل في الرد إلى الرسول، لأنهم إنما أخذوا علمهم عنه، و ظاهر كثير من الأخبار أن قوله:" وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" كان مثبتا هيهنا فأسقط.

 [الحديث الثالث عشر و المائتان‏] (حديث قوم صالح عليه السلام)

 (5) (الحديث الثالث عشر و المائتان): حسن.

قوله عليه السلام:" إلى ظهرهم"

 (6) أي إلى ظهر بلدهم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 78

قوله عليه السلام:" لكبيرهم"

 (1) أي لكبير الأصنام بناء على زعمهم، حيث يعدونها من ذوي العقول.

قوله عليه السلام:" فانتدب"

 (2) على البناء الفاعل، قال الجوهري: ندبه الأمر فانتدب له أي دعاه له فأجاب.

قوله عليه السلام:" شقراء"

 (3) أي شديدة الحمرة وبراء أي كثير الوبر عشراء

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 79

أي أتى على حملها عشرة أشهر.

قوله عليه السلام:" بين جنبيها ميل"

 (1) أي يكون عرضها قدر ميل، أي ثلث فرسخ‏

قوله عليه السلام:" ثم لم يفجأهم"

 (2) أي لم يظهر لهم فجأة شي‏ء" إلا رأسها".

قوله عليه السلام:" حتى اجترت"

 (3) الاجترار: هو ما يفعله بعض الدواب من إخراجها ما في بطنها مضغة و ابتلاعه ثانيا.

قوله عليه السلام:" فانتهوا إلى الجميع"

 (4) قال الجوهري: الجميع: ضد المتفرق‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 80

و الجميع الجيش، و الجميع الحي المجتمع.

قوله:" و جبل آخر"

 (1) و الحاصل أنه رأى جبلين بينهما قدر ميل بقدر عرض البعير، و كان في كل من الجبلين أثر جنبها.

 (الحديث الرابع عشر و المائتان)

 (2): ضعيف.

قوله تعالى:" كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ"

 (3) قال البيضاوي: بالإنذارات أو المواعظ أو الرسل‏

" فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا"

 (4) من جنسنا و جملتنا لا فضل له علينا، و انتصابه بفعل يفسره ما بعده‏

" واحِداً"

 (5) منفردا لا تبع له أو من آحادهم دون أشرافهم‏

" نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ"

 (6) جمع سعير كأنهم عكسوا عليه فرتبوا على اتباعهم إياه ما رتبه على ترك اتباعهم له و قيل: السعر الجنون، و منه ناقة مسعورة

" أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ"

 (7) الكتاب و الوحي‏

" عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا"

 (8) و فينا من هو أحق منه بذلك‏

" بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ"

 (9) حمله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 81

بطره على الترفع علينا بادعائه.

قوله عليه السلام:" شِرْبُ يَوْمٍ"

 (1) الشرب بالكسر النصيب من الماء.

قوله عليه السلام:" أشقر"

 (2) قال الفيروزآبادي: الأشقر من الناس: من تعلو بياضه حمرة.

قوله عليه السلام:" لا يعرف له أب"

 (3) و إنما كان ينسب إلى سالف لأنه كان ولد على فراشه.

قوله عليه السلام:" يقال له قدار"

 (4) قال الجوهري: قدار بضم القاف و تخفيف الدال يقال له: أحمر ثمود و عاقر ناقة صالح.

قوله عليه السلام:" فرغا"

 (5) قال الفيروزآبادي: رغا البعير صوت و ضج.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 82

قوله عليه السلام:" فلم يبق لهم ثاغية و لا راغية"

 (1) قال الجوهري: الثغاء صوت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 83

الشاة و المعز و ما شاكلهما، و الثاغية: الشاة و الراغية: البعير، و ما بالدار ثاغ و لا راغ أي أحد، و قال: قولهم ماله ثاغية و لا راغية، أي ماله شاة و لا ناقة، و في بعض النسخ [ناغية و لا راغية] و النعيق: صوت الراعي بغنمه، أي لم تبق جماعة منهم يتأتى منهم النعيق و الرعي، و الأول أظهر، و هو الموجود في روايات العامة أيضا في تلك القصة.

 (الحديث الخامس عشر و المائتان)

 (1): مجهول.

قوله:" من أمرهما"

 (2) أي أبي بكر و عمر.

قوله عليه السلام:" ثمانين سنة"

 (3) لعله كان هذا الكلام في قرب وفاته عليه السلام إذ كان من مقتل عثمان إلى وفاته صلوات الله عليه نحو من ثمانين سنة، لأنه كان وفاته عليه السلام سنة أربع عشر و مائة.

قوله عليه السلام:" إذا ذكرتم صنميهم"

 (4) أي شيخيهم الذين يطيعونهما و يعظمونهما كالأصنام.

 (الحديث السادس عشر و المائتان)

 (5): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 84

قوله عليه السلام:" و كانا من الطلقاء"

 (1) أي أطلقهما النبي صلى الله عليه و آله في غزاة بدر بعد أسرهما و أخذ الفداء منهما.

قوله عليه السلام:" بحضرتهما"

 (2) أي لو كانا حاضرين عند أبي بكر و عمر عند غصبهما الخلافة لم يتيسر لهما ذلك و لقتلاهما.

 (الحديث السابع عشر و المائتان)

 (3): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" من اشتكى الواهنة"

 (4) قال الفيروزآبادي: هي ريح تأخذ في المنكبين أو في العضد أو في الأخدعين عند الكبر و القصيراء و فقرة في القفا و العضد.

قوله عليه السلام:" أو عمرة بول"

 (5) بالراء المهملة، و في بعضها بالزاي المعجمة و في بعضها بوله و غمرة الشي‏ء شدته و مزدحمة و الغمز بالزاي العصر، و على التقادير الظاهر أن المراد به احتباس البول.

 (الحديث الثامن عشر و المائتان)

 (6): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 85

قوله عليه السلام:" الحزم في القلب"

 (1) الحزم: ضبط الأمر و الأخذ فيه بالثقة و نسبته إلى القلب إما لأن المراد بالقلب النفس، و كثيرا ما يعبر به عنها لشدة تعلقها به، و إما لأن لقوة القلب مدخلا في حسن التدبير، و الرحمة و

الغلظة

 (2) منسوبتان إلى الأخلاط المتولدة من الكبد، فلذا نسبهما إليه، و يحتمل أن يكون لبعض صفاته مدخلا فيهما كما هو المعروف بين الناس.

 (الحديث التاسع عشر و المائتان)

 (3): ضعيف.

قوله:" فقعد الدم"

 (4) أي سكن، و لعله كان طحاله من غليان الدم، فقد يكون منه نادرا أو أنهم ظنوا أنه الطحال فأخطأوا، و يحتمل أن يكون المراد أنه انفصل عنه الدم.

 (الحديث العشرون و المائتان)

 (5): مجهول.

قال الفيروزآبادي:

الحزاءة

 (6) نبت بالبادية يشبه الكرفس إلا أنه أعرض ورقا منه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 86

 (الحديث الحادي و العشرون و المائتان)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" الشابكة"

 (2) لعل المراد الريح التي تحدث في الجلد، فتشبك بين اللحم و الجلد،

" و الحام"

 (3) لم نعرف له معنى، و لعله من حام الطير على الشي‏ء أي دوم أي الريح اللازمة.

و قال الفيروزآبادي:

الإبردة

 (4): برد في الجوف، و قال الجزري: الإبردة بكسر الهمزة و الراء علة معروفة من غلبة البرد، و الرطوبة تفتر عن الجماع.

 (الحديث الثاني و العشرون و المائتان)

 (5): ضعيف.

قوله عليه السلام:" من تغير عليه ماء الظهر"

 (6) أي لم ينعقد الولد من مائه، و يحتمل أن يكون المراد قلة الباء،

" و اللبن الحليب"

 (7) هو الذي لم يغير و لم يصنع منه شي‏ء آخر، و إنما وصف به، إذ قد يطلق اللبن على الماست.

 (الحديث الثالث و العشرون و المائتان)

 (8): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 87

قوله عليه السلام:" لم يرق دمه"

 (1) أي لم يجف و لم يسكن و هو مهموز، و يحتمل أن يكون المراد عدم انقطاع الدم حتى يموت بكثرة سيلانه، و أن يكون المراد سرعة ورود الموت عليه بسبب ذلك، أي يموت في أثناء الحجامة.

قوله عليه السلام:" أو ما شاء الله"

 (2) أي من بلاء عظيم و مرض يعسر علاجه.

ثم أعلم أن الأخبار اختلفت في الحجامة يوم الثلاثاء، فهذا الخبر يدل على لزوم اجتنابه، و يؤيده ما روي في طب الأئمة عن الرضا عليه السلام أنه قال:" حجامة الاثنين لنا، و الثلاثاء لبني أمية".

لكن روى الصدوق بإسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:" يوم الثلاثاء يوم حرب و دم، و يمكن حمله على أن المراد يوم غليان الدم.

و روي في الخصال بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله:

" من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة، أو أربع عشرة أو لإحدى و عشرين من الشهر كانت له شفاء من أدواء السنة كلها، و كانت لما سوى ذلك شفاء من وجع الرأس و الأضراس و الجنون و الجذام و البرص" و يمكن حمله على التقية مع أن أكثر رجاله من العامة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 88

و في طب الأئمة روي مرسلا عن أبي عبد الله عليه السلام" أن أول ثلاث تدخل في شهر آذار بالرومية الحجامة فيه مصحة سنة بإذن الله".

و روي فيه مرسلا عنهم عليهم السلام أن الحجامة يوم الثلاثاء لسبعة عشر من الهلال مصحة سنة، و يمكن الجمع مع تكافؤ الأسانيد بتخصيص الخبر السابق بهذين الخبرين، و يظهر من أكثر الأخبار مرجوحية الاحتجام يوم الأربعاء، و يعارضها أيضا بعض الأخبار و يوم السبت، و يظهر من كثير من الأخبار رجحانه في يوم الخميس و الأحد و الاثنين.

و روى الصدوق بإسناده عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبد الله أنه مر بقوم يحتجمون، فقال:" ما عليكم لو أخرتموه لعشية الأحد فكأن يكون أنزل للداء.

و روي في طب الأئمة مثله عن أحمد بن عبد الله بن زريق عنه عليه السلام.

روى الصدوق بإسناده عن يونس بن يعقوب. قال: سمعت أبا عبد الله يقول:

" احتجم رسول الله يوم الاثنين، و أعطى الحجام برا.

و روي بإسناد آخر عنه عليه السلام قال:" كان رسول الله يحتجم يوم الاثنين بعد العصر".

و روي بسند آخر أيضا عنه عليه السلام أنه قال:" الحجامة يوم الاثنين من آخر النهار تسل الداء سلا من البدن".

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 89

و روي بإسناده عن يعقوب بن يزيد عن بعض أصحابنا. قال: دخلت على أبي الحسن العسكري يوم الأربعاء و هو يحتجم فقلت له: إن أهل الحرمين يروون عن رسول الله صلى الله عليه و آله أنه قال:" من احتجم يوم الأربعاء فأصابه بياض فلا يلومن إلا نفسه، فقال: كذبوا إنما يصيب ذلك من حملته أمه في طمث" فلا يخفى أن هذا الخبر لا ينافي مرجوحيته من جهة أخرى.

و روي بإسناده عن محمد بن أحمد الدقاق" قال: كتبت إلى أبي الحسن الثاني: أسأله عن الحجامة يوم الأربعاء لا تدور؟ فكتب عليه السلام:" من احتجم في يوم الأربعاء لا تدور خلافا على أهل الطيرة عوفي من كل آفة، و وقى من كل عاهة و لم تحضر محاجمه".

و روي أيضا بإسناده عن حذيفة بن منصور، قال: رأيت أبا عبد الله احتجم يوم الأربعاء بعد العصر، و يمكن حمله على الضرورة.

و روي بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام عن أمير- المؤمنين عليه السلام أنه قال:" توقوا الحجامة يوم الأربعاء و النورة، فإن يوم الأربعاء يوم نحس مستمر، و فيه خلقت جهنم".

و ورد أيضا في خبر مناهي مناهي النبي صلى الله عليه و آله أنه نهى عن الحجامة يوم الأربعاء.

و روي في كتاب طب الأئمة بإسناده عن المفضل بن عمر قال: سأل طلحة ابن زيد أبا عبد الله عليه السلام عن الحجامة يوم السبت و يوم الأربعاء، و حدثته بالحديث‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 90

الذي ترويه العامة عن رسول الله صلى الله عليه و آله؟ فأنكره و قال:" الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه و آله أنه قال: إذا تبيغ بأحدكم الدم فليحتجم لا يقتله، ثم قال: ما علمت أحدا من أهل بيتي يرى به بأسا".

و روى الصدوق بإسناده عن معتب بن المبارك قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام في يوم الخميس و هو يحتجم، فقلت له: يا ابن رسول الله أ تحتجم في يوم الخميس، قال نعم: من كان منكم محتجما فليحتجم يوم الخميس فإن عشية كل جمعة يبتدر الدم فرقا من القيامة و لا يرجع إلى و كره إلى غداة الخميس".

و قال أبو عبد الله عليه السلام:" من احتجم في آخر خميس من الشهر في أول النهار سل منه الداء سلا".

و روي بإسناده عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام: أنه قال:" أصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس".

و روي في طب الأئمة عليهم السلام عن طلحة بن زيد، قال:" سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحجامة يوم السبت قال:" يضعف".

 (الحديث الرابع و العشرون و المائتان)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" إنما يخاف ذلك"

 (2) أي البرص مطلقا إلا مع الحجامة في ذلك‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 91

اليوم.

 (الحديث الخامس و العشرون و المائتان)

 (1): ضعيف.

و روى الصدوق بإسناده عن محمد بن رباح قال: رأيت أبا إبراهيم عليه السلام يحتجم يوم الجمعة، فقلت جعلت: فداك تحتجم يوم الجمعة؟ قال: اقرأ آية الكرسي، فإذا هاج بك الدم ليلا كان أو نهارا فاقرأ آية الكرسي، و احتجم.

و روي عن عبد الرحمن بن عمرو بن أسلم قال: رأيت أبا الحسن موسى عليه السلام احتجم يوم الأربعاء، و هو محموم، فلم تتركه الحمى، فاحتجم يوم الجمعة فتركته الحمى".

و روي أيضا بإسناده عن مقاتل بن مقاتل، رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام في يوم جمعة في وقت الزوال على ظهر الطريق يحتجم، و هو محرم" و حمل على الضرورة.

و روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أن في يوم الجمعة ساعة لا يحتجم أحد إلا مات.

 (الحديث السادس و العشرون و المائتان)

 (2): مجهول.

قوله عليه السلام:" الدواء أربعة"

 (3) أي معظم الأدوية فكأن غيرها لقلة نفعها بالنسبة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 92

إليها ليست بدواء.

 (الحديث السابع و العشرون و المائتان)

 (1): حسن.

و الكاشم‏

 (2): الأنجدان الرومي.

 (الحديث الثامن و العشرون و المائتان)

 (3): مرسل.

و هذه الأجزاء هي العمدة في الإطريفل المشهور.

 (الحديث التاسع و العشرون و المائتان)

 (4): مجهول.

قوله:" صفدا"

 (5) أي عطاء،

قوله:" أنا نبط الجرح"

 (6) البط شق‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 93

الدمل، و الجراح و نحوهما.

قوله:" الأسمحيقون"

 (1) أقول: لم نجده في كتب الطب و اللغة و الذي وجدته في كتب الطب هو اسطمحيقون، و هو حب مسهل للسوداء و البلغم، و لعل ما في النسخ تصحيف هذا.

قوله عليه السلام:" ليس في حرام شفاء"

 (2) يدل على عدم جواز التداوي بالحرام مطلقا كما هو ظاهر أكثر الأخبار و إن كان خلاف المشهور، و حمل على ما إذا لم يضطر إليه، و لا اضطرار إليه،

قوله عليه السلام:" قد اشتكى"

 (3) لعله استشهاد للتداوي بالدواء المر.

قوله صلى الله عليه و آله:" أنا أكرم على الله"

 (4) لعله لاستلزام ذلك المرض اختلال العقل و تشويش الدماغ غالبا.

قوله عليه السلام:" فلد بصبر"

 (5) قال الفيروزآبادي: اللدود كصبور: ما يصب بالمسعط من الدواء في أحد شقي الفم، و قد لده لدا و لدودا ولده إياه و ألده ولده فهو ملدود.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 94

 (الحديث الثلاثون و المائتان)

 (1): حسن أو موثق.

و يدل على جواز التداوي بالأدوية و الأعمال الخطيرة.

 (الحديث الحادي و الثلاثون و المائتان)

 (2): مجهول.

و المذكور في كتب الرجال أن حمزة بن الطيار مات في حياة الصادق عليه السلام و ترحم عليه السلام عليه، فروايته عن أبي الحسن لعلها كانت في حياة أبيه عليه السلام.

قوله عليه السلام:" أو مزعة عسل"

 (3) بالزاء المعجمة و العين المهملة، قال الجوهري:

المزعة بالضم و الكسر قطعة لحم، يقال: ما عليه مزعة لحم، و ما في الإناء مزعة من الماء أي جرعة انتهى.

 (الحديث الثاني و الثلاثون و المائتان)

 (4): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 95

قوله عليه السلام:" فتجعل عليها قالبا من طين"

 (1) أي يطلى جميعها بالطين لئلا يفسدها النار إذا وضعت عليها، و لا تخرج منها شي‏ء إذا حصل خرق أو ثقب.

قوله عليه السلام:" خل خمر"

 (2) أي خمرا صار بالعلاج خلا.

 (الحديث الثالث و الثلاثون و المائتان)

 (3): مجهول.

قوله عليه السلام:" تحسبون على طالع القمر"

 (4) يظهر منه أنه كان مدار أحكام هؤلاء على القمر، و كانوا لا يلتفتون إلى أوضاع الكواكب الأخر.

قوله عليه السلام:" كم بين المشتري و الزهرة"

 (5) أي بحسب الدرجات و الأوضاع الحاصلة من الحركات أو بعد فلك أحدهما عن فلك الآخر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 96

قوله عليه السلام:" و بين السنبلة"

 (1) و في بعض النسخ [السكينة] فتكون اسم كوكب غير معروف، و هذا أنسب بقوله ما سمعته من منجم، و سيأتي تفصيل القول في هذا الخبر عند شرح بعض الروايات الأخر التي سيأتي من هذا القبيل.

 (الحديث الرابع و الثلاثون و المائتان)

 (2): مجهول.

قوله عليه السلام:" لا عدوى"

 (3) قال الجزري: فيه" لا عدوى و لا صفر" العدوي: اسم من الأعداء كالرعوى و البقوى من الإرعاء و الإبقاء يقال: أعداه الداء يعديه إعداء و هو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء و ذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتقى مخالطته بابل أخرى حذارا أن يتعدى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه، و قد أبطله الإسلام، لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى، فأعلمهم النبي أنه ليس الأمر كذلك، و إنما الله تعالى هو الذي يمرض، و ينزل الداء، و لهذا قال في بعض‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 97

الأحاديث:" فمن أعدى البعير الأول؟" أي من أين صار فيه الجرب؟ انتهى.

أقول: يمكن أن يكون المراد نفي استقلال العدوي بدون مدخلية مشيته تعالى، بل مع الاستعاذة بالله يصرفه عنه، فلا ينافي الأمر بالفرار من المجذوم و أمثاله لعامة الناس الذين لضعف يقينهم لا يستعيذون به تعالى، و تتأثر نفوسهم بأمثاله.

و قد روي أن علي بن الحسين عليه السلام أكل مع المجذومين، و دعاهم إلى طعامه، و و شاركهم في الأكل و قيل الجذام مستثنى من هذه الكلية.

و قال الطيبي: العدوي مجاوزة العلة، أو الخلق إلى الغير، و هو يزعم الطب في سبع، الجذام، و الجرب، و الجدري، و الحصبة، و البخر و الرمد، و الأمراض الوبائية، فأبطله الشرع، أي لا تسري علة إلى شخص، و قيل: بل نفي استقلال تأثيره، بل هو متعلق بمشية الله، و لذا منع من مقاربته كمقاربة الجدار المائل، و السفينة المعيبة، و أجاب الأولون بأن النهي عنها للشفقة، خشية أن يعتقد حقيته إن اتفق إصابة عاهة. و أرى هذا القول أولى لما فيه من التوفيق بين الأحاديث، و الأصول الطبية التي ورد الشرع باعتبارها على وجه لا يناقض أصول التوحيد.

قوله عليه السلام:" و لا طيرة"

 (1) هذه أيضا مثل السابق، و المراد أنه لا يجوز التطير و التشاؤم بالأمور، أو لا تأثير للطيرة على الاستقلال، بل مع قوة النفس و عدم التأثر بها و التوكل على الله تعالى يرتفع تأثيرها.

و يؤيده ما ورد في بعض الأخبار من الدلالة على تأثيرها في الجملة، و ما ورد في بعض الأدعية من الاستعاذة منها.

قال الجزري: فيه" لا عدوى و لا طيرة" الطيرة بكسر الطاء و فتح الياء و قد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 98

تسكن: هي التشاؤم بالشي‏ء و هو مصدر تطير طيرة، و تخير خيرة، و لم يجي‏ء من المصادر هكذا غيرهما، و أصله فيما يقال: التطير بالسوانح و البوارح من الطير و الظباء و غيرهما. و كان ذلك يصدهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرع و أبطله، و نهى عنه و أخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضر.

قوله صلى الله عليه و آله:" و لا هامة"

 (1) قال الجزري: فيه" لا عدوى و لا هامة" الهامة:

الرأس و اسم طائر. و هو المراد في الحديث، و ذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها، و هي من طير الليل و قيل هي البومة، و قيل: إن العرب كانت تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتقول: اسقوني اسقوني، فإذا أدرك بثأره طارت، و قيل:

كانوا يزعمون أن عظام الميت و قيل: روحه تصير هامة، فتطير و يسمونه الصدى فنفاه الإسلام و نهاهم عنه و ذكره الهروي في الهاء و الواو و ذكره الجوهري في الهاء و الياء، انتهى.

و قيل هي البومة إذا سقطت على دار أحدهم رآها ناعية له أو لبعض أهله، و هو بتخفيف الميم على المشهور، و قيل: بتشديدها.

قوله صلى الله عليه و آله:" و لا شؤم"

 (2) هو كالتأكيد لما مر.

قوله صلى الله عليه و آله:" و لا صفر"

 (3) قال الجزري: فيه" لا عدوى و لا هامة و لا صفر" كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال له الصفر، تصيب الإنسان إذا جاع و تؤذيه، و أنها تعدى، فأبطل الإسلام ذلك.

و قيل: أراد به النسي‏ء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، و هو تأخير المحرم إلى صفر، و يجعلون صفر هو الشهر الحرام فأبطله، انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 99

و قيل: هو الشهر المعروف زعموا أنه يكثر فيه الدواهي و الفتن، فنفاه الشارع و يحتمل أن يكون المراد هنا النهي عن الصفير بقرينة أنه عليه السلام لم يذكر الجواب عنه و هو بعيد، و الظاهر أن الراوي ترك جواب الصفير، و يظهر من بعض الأخبار كراهته.

قوله صلى الله عليه و آله:" و لا رضاع بعد فصال"

 (1) أي لا حكم للرضاع بعد الزمان الذي يجب فيه قطع اللبن عن الولد، أي بعد الحولين، فلا ينشر الحرمة.

قوله صلى الله عليه و آله:" و لا تعرب بعد هجرة"

 (2) أي لا يجوز اللحوق بالأعراب و ترك الهجرة بعدها، و عد في كثير من الأخبار من الكبائر.

قوله صلى الله عليه و آله:" و لا صمت يوما إلى الليل"

 (3) أي لا يجوز التعبد بصوم الصمت الذي كان في الأمم السابقة، فإنه منسوخ في هذا الشرع.

قوله صلى الله عليه و آله:" و لا طلاق قبل نكاح"

 (4) كان يقول: إذا تزوجت فلانة فهي طالق فلا يتحقق هذا الطلاق، و كذا قوله صلى الله عليه و آله:" لا عتق قبل ملك"

قوله صلى الله عليه و آله:" و لا يتم بعد إدراك"

 (5) أي يرفع حكم اليتم من حجره و ولاية الولي عليه، و حرمة أكل ماله بغير إذن وليه و غيرها بعد بلوغه.

 (الحديث الخامس و الثلاثون و المائتان)

 (6): حسن. و منهم من يعده مجهولا لاشتراك عمرو.

و يدل على أن تأثير الطيرة ينتفي بعدم الاعتناء بالتوكل على الله.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 100

 (الحديث السادس و الثلاثون و المائتان)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله صلى الله عليه و آله:" كفارة الطيرة"

 (2) أي التوكل على الله يرفع ذنب ما خطر بالبال من التشاؤم بالأشياء التي نهي عن التشاؤم بها، أو أنه يرفع تأثير ذلك كما ترفع الكفارة تأثير الذنب.

قال الجزري: و منه الحديث" الطيرة شرك و ما منا إلا و لكن الله يذهبه بالتوكل" هكذا جاء في الحديث مقطوعا و لم يذكر المستثنى: أي إلا و قد يعتريه التطير و تسبق إلى قلبه الكراهة، فحذف اختصارا و اعتمادا على فهم السامع، و إنما جعل الطيرة من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن التطير يجلب لهم نفعا أو يدفع عنهم ضرا إذا عملوا بموجبه، فكأنهم أشركوه مع الله في ذلك، و قوله:" و لكن الله يذهبه بالتوكل" معناه إذا خطر له عارض التطير فتوكل على الله، و سلم إليه، و لم يعمل بذلك الخاطر، غفره الله تعالى له و لم يؤاخذه به.

 (الحديث السابع و الثلاثون و المائتان)

 (3): ضعيف.

قوله تعالى:" أَ لَمْ تَرَ"

 (4) قال الشيخ الطبرسي (ره): أي أ لم تعلم يا أيها السامع أو لم ينته علمك إلى خبر هؤلاء

" الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ"

 (5) قيل: هم قوم من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 101

بني إسرائيل فروا من طاعون وقع بأرضهم عن الحسن، و قيل: فروا من الجهاد و قد كتب عليهم عن الضحاك و مقاتل، و احتجا بقوله عقيب الآية" وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ".

و قيل: هم قوم حزقيل و هو ثالث خلفاء بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام، و ذلك أن القيم بأمر بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام كان يوشع بن نون ثم كالب بن يوفنا ثم حزقيل و قد كان يقال له ابن العجوز و ذلك أن أمه كانت عجوزا فسألت الله الولد و قد كبرت و عقمت فوهبه الله سبحانه لها.

و قال الحسن: هو ذو الكفل، و إنما سمي حزقيل ذو الكفل لأنه كفل سبعين نبيا نجاهم من القتل، و قال لهم: اذهبوا فإني إن قتلت كان خيرا من أن تقتلوا جميعا فلما جاء اليهود و سألوا حزقيل عن الأنبياء السبعين، فقال: إنهم ذهبوا و لا أدري أين هم و منع الله سبحانه ذا الكفل منهم‏

" وَ هُمْ أُلُوفٌ".

 (1) أجمع أهل التفسير على أن المراد بألوف هنا كثرة العدد، إلا ابن زيد فإنه قال: معناه خرجوا مؤتلفي القلوب لم يخرجوا عن تباغض، فجعله جمع آلف مثل قاعد و قعود، و شاهد و شهود، و اختلف من قال: المراد به العدد الكثير، فقيل:

كانوا ثلاثة آلاف عن عطاء الخراساني و قيل: ثمانية آلاف عن مقاتل، و الكلبي.

و قيل: عشرة آلاف عن ابن روق، و قيل: بضعة و ثلاثين ألفا عن السدي، و قيل:

أربعين ألفا عن ابن عباس و ابن جريح، و قيل: سبعين ألفا عن عطاء بن أبي رباح، و قيل: كانوا عدا كثيرا عن الضحاك.

و الذي يقضي به الظاهر أنهم كانوا أكثر من عشرة آلاف، لأن بناء فعول للكثرة و هو ما زاد على العشرة و ما نقص عنها يقال فيه عشرة آلاف، و لا يقال فيه عشرة ألوف.

" حَذَرَ الْمَوْتِ"

 (2) أي من خوف الموت‏

" فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ"

 (3) قيل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 102

في معناه قولان:

أحدهما: أن معناه أماتهم الله كما يقال: قالت السماء. فهطلت، معناه فهطلت السماء، و قلت برأسي كذا، و قلت بيدي كذا، و معناه أشرت برأسي و بيدي، و ذلك لما كان القول في الأكثر استفتاحا للفعل، كالقول الذي هو التسميت و ما جرى مجراه مما كان يستفتح به الفعل، صار معناه قالت السماء فهطلت أي استفتحت بالهطل، كذلك معناه هيهنا فاستفتح الله بإماتتهم.

و الثاني: أن معناه أماتهم بقول سمعته الملائكة لضرب من العبرة" ثُمَّ أَحْياهُمْ" قيل: أحياهم الله بدعاء نبيهم حزقيل عن ابن عباس، و قيل: إنه شمعون نبي من أنبياء بني إسرائيل.

قوله عليه السلام:" يلوح"

 (1) أي يظهر للناس عظامهم المندرسة من غير جلد و لحم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 103

قوله:" فأحيهم"

 (1) و في بعض النسخ [فأحياهم الله‏] فيكون‏

قوله عليه السلام:" فأوحى الله"

 (2) تفصيلا و تفسيرا للأحياء، و في هذه الآية مع الخبر دلالة على مدح التوكل على الله و ذم الفرار من قضاء الله، و ذم الفرار من الطاعون، و قد ورد بعض الأخبار بجوازه و نفي البأس عنه، و قد سبق الكلام فيه في شرح كتاب الجنائز.

 (الحديث الثامن و الثلاثون و المائتان)

 (3): ضعيف.

قوله تعالى:" فَتَحَسَّسُوا"

 (4) التحسس: طلب الإحساس أي تعرفوا منهما و تفحصوا عن حالهما.

قوله عليه السلام:" تقبضها مجتمعة"

 (5) لعل السؤال عن الاجتماع و التفرق في الأخذ لأنه إذا قبضها مجتمعة يمكن أن يغفل عن خصوص كل واحد بخلاف ما إذا أخذ

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 104

روحا روحا، أو لأنه إذا قبضها مجتمعة يمكن أن تسلم إليه بعد مرور الأيام ليجتمع عدد كثير منها، و لما يصل روح يوسف عليه السلام إليه بعد لذلك، و هذا الملك إما عزرائيل و يقبض الأرواح من أعوانه و إما غيره و يقبض منه، و الأخير أظهر.

 (الحديث التاسع و الثلاثون و المائتان)

 (1): مجهول.

قوله تعالى:" وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ"

 (2) و المشهور بين المفسرين أنها لبيان حال بني إسرائيل أي حسبت بنو إسرائيل أن لا يصيبهم بلاء و عذاب بقتل الأنبياء و تكذيبهم و على تفسيره عليه السلام المراد الفتنة التي حدثت بعد النبي صلى الله عليه و آله من غصب الخلافة و عما هم عن دين الحق و صممهم عن استماعه و قبوله.

 (الحديث الأربعون و المائتان)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" الخنازير على لسان داود"

 (4) المشهور بين المفسرين و المؤرخين و ظاهر الآية الكريمة بل صريحها حيث قال في قصة أصحاب السبت:" فَقُلْنا لَهُمْ‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 105

كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ" عكس ذلك، و قد ورد في أكثر رواياتنا أيضا كذلك، أي مسخهم قردة كان في زمان داود، و مسخهم خنازير في زمان عيسى، و لعله من النساخ، لكن في تفسيري العياشي و علي بن إبراهيم في هذا المقام كما في الكتاب، و يمكن توجيهه بوجهين.

الأول: أن لا يكون هذا الخبر إشارة إلى قصة أصحاب السبت، بل يكون مسخهم في زمان داود عليه السلام مرتين.

و الثاني: أن يكونوا مسخوا في زمان النبيين معا قردة و خنازير، و يكون المراد في الآية جعل بعضهم قردة، و يؤيده ما قاله البيضاوي: قيل إن أهل إيلة لما اعتدوا في السبت. لعنهم الله على لسان داود عليه السلام فمسخهم الله تعالى قردة، و أصحاب المائدة لما كفروا دعا عليهم عيسى، و لعنهم فأصبحوا خنازير، و كانوا خمسة آلاف رجل.

و قال الشيخ الطبرسي: قيل في معناه أقوال: أحدها: لعنوا على لسان داود فصاروا خنازير عن الحسن، و مجاهد و قتادة، و قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: أما داود عليه السلام فإنه لعن أهل أيلة لما اعتدوا في سبتهم، و كان اعتداؤهم في زمانه، فقال: ألبسهم اللعنة مثل الرداء و مثل المنطقة على الحقوين فمسخهم الله قردة، و أما عيسى فإنه لعن الذين أنزلت عليهم المائدة ثم كفروا بعد ذلك.

و ثانيها: ما قاله ابن عباس أنه يريد في الزبور، و في الإنجيل و معنى هذا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 106

إن الله تعالى لعن في الزبور من يكفر من بني إسرائيل، و في الإنجيل كذلك، فلذلك قيل: على لسان داود و عيسى.

و ثالثها: أن يكون عيسى و داود علما أن محمدا نبي مبعوث، و لعنا من يكفر به، عن الزجاج و الأول أصح.

 (الحديث الحادي و الأربعون و المائتان)

 (1): صحيح.

قوله تعالى:" فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ"

 (2) قال الشيخ أمين الدين الطبرسي: قرأ نافع و الكسائي و الأعشى عن أبي بكر" لا يكذبونك" بالتخفيف، و هو قراءة علي عليه السلام، و المروي عن جعفر الصادق عليه السلام و الباقون يكذبونك بفتح الكاف و التشديد، ثم قال:

فمن ثقل فهو من فعلته إذا نسبته إلى الفعل مثل زنيته و فسقته نسبته إلى الزنا و الفسق و قد جاء في هذا المعنى أفعلته قالوا أسقيته أي قلت له: سقاك الله، فيجوز على هذا أن يكون معنى القراءتين واحدا، و يجوز أن يكون" لا يكذبونك" أي لا يصادفونك كاذبا، كما تقول أحمدته إذا أصبته محمودا.

قال أحمد بن يحيى: كان الكسائي يحكي عن العرب أكذبت الرجل إذا أخبرت أنه جاء بكذب، و كذبته إذا أخبرت أنه كذاب.

ثم قال: و اختلف في معناه على وجوه.

أحدهما: أن معناه لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا، و إن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عنادا، و هو قول أكثر المفسرين عن أبي صالح و قتادة و السدي و غيرهم، قالوا: يريد أنهم يعلمون أنك رسول الله، و لكن يجحدون بعد المعرفة، و يشهد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 107

لهذا الوجه ما روى سلام بن مسكين عن أبي يزيد المدني أن رسول الله صلى الله عليه و آله لقي أبا جهل فصافحه أبو جهل، فقيل له في ذلك فقال: و الله إني لأعلم أنه صادق، و لكنا متى كنا تبعا لعبد مناف، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

و قال السدي: التقى أخنس بن شريق و أبو جهل بن هشام، فقال له: يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أ صادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس ههنا أحد غيري و غيرك يسمع كلامنا، فقال أبو جهل: ويحك و الله إن محمدا لصادق، و ما كذب قط، و لكن إذا ذهب بنو قصي باللواء و الحجابة و السقاية و النبوة فما ذا يكون لسائر قريش.

و ثانيها: أن المعنى لا يكذبونك بحجة، و لا يتمكنون من إبطال ما جئت به ببرهان، و يدل عليه ما روي عن علي عليه السلام أنه كان يقرأ لا يكذبونك، و يقول: إن المراد بها أنهم لا يأتون بحق هو أحق من حقك.

و ثالثها: أن المراد لا يصادفونك كاذبا، تقول العرب قاتلناكم فما أجبناكم أي ما أصبناكم جبناء، و لا يختص هذا الوجه بالقراءة بالتخفيف دون التشديد، لأن أفعلت و فعلت يجوزان في هذا الموضع، و أفعلت هو الأصل فيه ثم يشدد، تأكيدا مثل أكرمت و كرمت، و أعظمت و عظمت، إلا أن التخفيف أشبه بهذا الوجه.

و رابعها: أن المراد لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به، لأنك كنت عندهم أمينا صدوقا، و إنما يدفعون ما أتيت به، و يقصدون التكذيب بآيات الله، و يقوى هذا الوجه قوله:" وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ" و قوله:" وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ الْحَقُّ" و لم يقل و كذبك قومك و ما روي أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه و آله ما نتهمك و لا نكذبك و لكنا نتهم الذي جئت به و نكذبه.

و خامسها: أن المراد أنهم لا يكذبونك بل يكذبونني، فإن تكذيبك‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 108

راجع إلى و لست مختصا به لأنك رسول، فمن رد عليك فقد رد علي، و من كذبك فقد كذبني، و ذلك تسلية منه تعالى للنبي صلى الله عليه و آله، و

قوله:" وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ"

 (1) أي بالقرآن و المعجزات، يجحدون بغير حجة سفها و جهلا و عنادا، و دخلت الباء في بآيات الله و الجحد يتعدى بغير الجار، لأن معناه هنا التكذيب، أي يكذبون بآيات الله.

و قال أبو علي: الباء تتعلق بالظالمين، و المعنى و لكن الظالمين برد آيات الله أو إنكار آيات الله يجحدون ما عرفوه من صدقك و أمانتك.

قوله عليه السلام:" يكذبون به حقك"

 (2) قال الجوهري: قد يكون أكذبه بمعنى بين كذبه، و بمعنى وجده كاذبا.

 (الحديث الثاني و الأربعون و المائتان)

 (3): صحيح.

قوله تعالى:" وَ مَنْ أَظْلَمُ"

 (4) قال الشيخ الطبرسي: اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية، فقيل: نزلت في مسيلمة حيث ادعى النبوة، إلى قوله" وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ‏ءٌ" و قوله:" سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ" في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فإنه كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه و آله: فكان إذا قال له اكتب" عَلِيماً حَكِيماً" كتب" غفورا رحيما" و إذا قال له. اكتب" غَفُوراً رَحِيماً" كتب" عليما حكيما" و ارتد و لحق بمكة و قال" إني‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 109

أنزل مثل ما أنزل الله" عن عكرمة و ابن عباس و مجاهد و السدي و إليه ذهب الفراء و الزجاج و الجبائي، و هو المروي عن أبي جعفر عليه السلام و قال قوم نزلت في ابن أبي سرح خاصة، و قال قوم: نزلت في مسيلمة خاصة، (ثم قال) هذا استفهام في معنى الإنكار، أي لا أحد أظلم ممن كذب على الله فادعى أنه نبي و ليس بنبي" أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ‏ءٌ" أي يدعي الوحي و لا يأتيه، و لا يجوز في حكمة الله سبحانه أن يبعث كذابا، و هذا و إن كان داخلا في الافتراء، فإنما أفرد بالذكر تعظيما" وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ" قال الزجاج: هذا جواب لقولهم: و لو نشاء لقلنا مثل هذا، فادعوا ثم لم يفعلوا، و بذلوا النفوس و الأموال، و استعملوا سائر الحيل في إطفاء نور الله، و أبى الله إلا أن يتم نوره، و قيل: المراد به عبد الله بن سعد ابن أبي سرح أملى عليه رسول الله ذات يوم" وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ- إلى قوله- ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ" فجرى على لسان ابن أبي سرح" فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ" فأملأه عليه، و قال: هكذا أنزل فارتد عدو الله، و قال: إن كان محمد صادقا فلقد أوحي إلى كما أوحى إليه، و لئن كان كاذبا فلقد قلت كما قال، و ارتد عن الإسلام، و هدر رسول الله صلى الله عليه و آله دمه، فلما كان يوم الفتح جاء به عثمان و قد أخذ بيده، و رسول الله صلى الله عليه و آله في المسجد، فقال: يا رسول الله اعف عنه، فسكت رسول الله صلى الله عليه و آله ثم أعاد فسكت ثم أعاد فسكت فقال: هو لك فلما مر قال رسول الله صلى الله عليه و آله لأصحابه: أ لم أقل من رآه فليقتله، فقال: عباد بن بشر كانت عيني إليك يا رسول الله أن تشير إلى فأقتله فقال صلى الله عليه و آله الأنبياء لا يقتلون بالإشارة.

قوله عليه السلام:" الذي كان استعمله عثمان على مصر"

 (1) أقول: هذا أحد مطاعنه لعنه الله حيث أعطى الولاية على المسلمين من أهدر رسول الله صلى الله عليه و آله: دمه و قد احتجوا عليه في ذلك و شنعوه به عند ما أرادوا قتله، و تفصيله مذكور في كتب السير.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 110

قوله عليه السلام:" هدر دمه"

 (1) كان ذلك قبل أن يحاميه المنافق عثمان و يجسر على الرسول في أخذ الأمان له.

قوله عليه السلام:" دعها"

 (2) أي اتركها كما نزلت، و لا تغيرها و إن ما كتبت و إن كان حقا لكن لا يجوز تغيير ما نزل من القرآن،

فقوله:" فما يغير علي"

 (3) إما افتراء منه على الرسول صلى الله عليه و آله، أو هو إشارة إلى ما جرى على لسانه و نزل الوحي مطابقا له كما مر.

 (الحديث الثالث و الأربعون و المائتان)

 (4): حسن.

قوله عز ذكره:" وَ قاتِلُوهُمْ"

 (5) قال الطبرسي (ره): هذا خطاب للنبي صلى الله عليه و آله و المؤمنين بأن يقاتلوا الكفار

" حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ"

 (6) أي شرك عن ابن عباس و الحسن و معناه حتى لا يكون كافر بغير عهد، لأن الكافر إذا كان بغير عهد كان عزيزا في قومه و يدعو الناس إلى دينه، فتكون الفتنة في الدين، و قيل حتى لا يفتن مؤمن عن دينه‏

" وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ"

 (7) أي و يجتمع أهل الحق و أهل الباطل على الدين الحق فيما يعتقدونه و يعملون به، فيكون الدين حينئذ كله لله، باجتماع الناس عليه.

و روى زرارة و غيره عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لم يجي‏ء تأويل هذه الآية

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 111

و لو قد قام قائمنا بعد، سيري من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، و ليبلغن دين محمد صلى الله عليه و آله ما بلغ الليل حتى لا يكون مشرك على ظهر الأرض.

قوله عليه السلام:" رخص لهم"

 (1) أي بقبول الجزية من أهل الكتاب و الغداء من المشركين و إظهار الإسلام عن المنافقين مع علمه بكفرهم.

 (الحديث الرابع و الأربعون و المائتان)

 (2): حسن.

قوله تعالى:" قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى‏"

 (3) قال الشيخ الطبرسي (ره):

إنما ذكر الأيدي لأن من كان في وثاقهم فهو بمنزلة من يكون في أيديهم، لاستيلائهم عليه من الأسرى يعني أسراء بدر الذين أخذ منهم الفداء

" إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً"

 (4) أي إسلاما و إخلاصا أو رغبة في الإيمان و صحة نية

" يُؤْتِكُمْ خَيْراً"

 (5) أي يعطكم خيرا

" مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ"

 (6) من الفداء، إما في الدنيا و الآخرة و إما في الآخرة

" وَ يَغْفِرْ لَكُمْ"

 (7) ذنوبكم" وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" روي عن العباس بن عبد المطلب أنه قال: نزلت هذه الآية في و في أصحابي كان معي عشرون أوقية ذهبا، فأخذت مني فأعطاني الله مكانها عشرين عبدا كل منهم يضرب بمال كثير، و أدناهم يضرب بعشرين ألف درهم، مكان العشرين أوقية، و أعطاني زمزم، و ما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة، و أنا أنتظر المغفرة من ربي. قال قتادة: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و آله لما قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفا، و قد توضأ لصلاة الظهر فما صلى يومئذ حتى فرقه، و أمر العباس أن يأخذ منه و يحثي فأخذ، و كان العباس يقول: هذا خير مما أخذ منا، و أرجو

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 112

المغفرة.

قوله عليه السلام:" و أبو البختري"

 (1) هو العاص بن هشام بن الحارث بن أسد و لم يقبل أمان النبي صلى الله عليه و آله ذلك اليوم، و قتل فالضمير في‏

قوله" فأسروا"

 (2) راجع إلى بني هاشم، و أبو البختري معطوف على أحد لأنه لم يكن من بني هاشم، و قد كان نهى النبي عن قتله أيضا.

قال ابن أبي الحديد: قال الواقدي: نهى رسول الله عن قتل أبي البختري و كان قد لبس السلاح بمكة يوما قبل الهجرة، في بعض ما كان ينال النبي صلى الله عليه و آله من الأذى و قال: لا يعرض اليوم أحد لمحمد بأذى إلا وضعت فيه السلاح، فشكر ذلك له النبي صلى الله عليه و آله.

و قال أبو داود المازني: فلحقته يوم بدر. فقلت له: إن رسول الله نهى عن قتلك إن أعطيت بيدك، قال: و ما تريد إلى إن كان قد نهى عن قتلي فقد كنت أبليته ذلك فأما إن أعطي بيدي فو اللات و العزى لقد علمت نسوة بمكة أني لا أعطي بيدي، و قد عرفت أنك لا تدعني فافعل الذي تريد، فرماه أبو داود بسهم و قال: اللهم سهمك، و أبو البختري عبدك فضعه في مقتله، و أبو البختري عبدك فضعه في مقتله، و أبو البختري دارع ففتق السهم الدرع فقلته.

قال الواقدي: و يقال: إن المجذر بن زياد قتل أبا البختري و لا يعرفه، و قال المجذر في ذلك شعرا عرف منه أنه قاتله.

و في رواية محمد بن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه و آله نهى يوم بدر عن قتل أبي البختري و اسمه الوليد بن هشام بن الحرث بن أسد بن عبد العزى، لأنه كان أكف الناس عن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 113

رسول الله صلى الله عليه و آله بمكة كان لا يؤذيه و لا يبلغه عنه شي‏ء يكرهه، و كان فيمن قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم، فلقيه المجذر بن زياد البلوى حليف الأنصار فقال له: إن رسول الله نهانا عن قتلك، و مع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة يقال له جنادة بن مليحة فقال أبو البختري: و زميلي، قال المجذر و الله ما نحن بتاركي زميلك، ما نهانا رسول الله إلا عنك وحدك، قال: إذا و الله لأموتن أنا و هو جميعا لا تتحدث عني نساء أهل مكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة، فنازله المجذر و ارتجز أبو البختري، فقال:

         لن يسلم ابن حرة زميله             حتى يموت أو يرى سبيله‏

 ثم اقتتلا فقتله المجذر، و جاء إلى رسول الله فأخبره و قال: و الذي بعثك بالحق لقد جهدت أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا القتال فقاتلته فقتلته.

 (ثم قال) قال محمد بن إسحاق: و قد كان رسول الله في أول الوقعة نهى أن يقتل أحد من بني هاشم. و روي بإسناده عن ابن عباس أنه قال: قال النبي لأصحابه:

إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم و غيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لنا بقتلهم فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله، و من لقي أبا البختري فلا يقتله، و من لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله فلا يقتله فإنه إنما خرج مستكرها.

قوله عليه السلام:" هذا أبو الفضل"

 (1) كنية العباس.

قوله عليه السلام:" فقال"

 (2) أي عقيل و قال الجوهري:

ثخنته‏

 (3): أوهنته بالجراحة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 114

و أضعفته‏

قوله عليه السلام:" و إلا فاركبوا أكتافهم"

 (1) أي اتبعوهم و شدوا خلفهم و إن أثخنتموهم فخلوهم، و قيل: القائل النبي صلى الله عليه و آله و ركوب الأكتاف كناية عن شدة وثاقهم، أي إن ضعفوا بالجراحات، فلا يقدرون على الهرب فخلوهم، و إلا فشدوهم لئلا يهربوا و تكونوا راكبين على أكتافهم، أي مسلطين عليهم.

قوله صلى الله عليه و آله:" ابن أخيك"

 (2) أي عقيلا و في بعض النسخ" ابني أخيك" أي بني أخويك نوفلا و عقيلا.

قال ابن أبي الحديد: قال محمد بن إسحاق: فلما قدم بالأسارى إلى المدينة قال رسول الله صلى الله عليه و آله: افد نفسك يا عباس و ابني أخويك عقيل بن أبي طالب، و نوفل ابن الحرث بن عبد المطلب، و حليفك عقبة بن عمرو، فإنك ذو مال، فقال العباس:

يا رسول الله إني كنت مسلما و لكن القوم استكرهوني، فقال صلى الله عليه و آله: الله أعلم بإسلامك إن يكن ما قلت حقا، فإن الله يجزيك به، و أما ظاهر أمرك فقد كنت علينا، فافتد نفسك، و قد كان رسول الله أخذ منه عشرين أوقية من ذهب أصابها معه حين أسر، فقال العباس: يا رسول الله احسبها لي من فدائي، فقال صلى الله عليه و آله:

ذلك شي‏ء أعطانا الله منك. فقال: يا رسول الله فإنه ليس لي مال، قال: فأين المال الذي وضعته بمكة حين خرجت عند أم الفضل بنت الحارث، و ليس معكما أحد ثم قلت إن أصبت في سفري هذا فللفضل كذا و كذا، و لعبد الله كذا و كذا و لقثم كذا و كذا، فقال العباس: و الذي بعثك بالحق يا رسول الله ما علم بهذا أحد غيري و غيرها، و إني لا علم أنك رسول الله صلى الله عليه و آله ثم فدى نفسه و ابني أخويه و حليفه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 115

قوله:" و محلوفه"

 (1) الظاهر أنه حلف باللات و العزى، فكره عليه السلام التكلم به فعبر عنه بمحلوفه، أي بالذي حلف به، و في الكشاف أنه حلف بالله.

قوله:" من الأسارى"

 (2) هكذا قرأ أبو جعفر و أبو عمر، و قرأ الباقون من الأسرى، و كلاهما جمع الأسير.

 (الحديث الخامس و الأربعون و المائتان)

 (3): صحيح.

قوله عز و جل:" أَ جَعَلْتُمْ"

 (4) قال الشيخ الطبرسي: قيل: إنها نزلت في علي عليه السلام و عباس بن عبد المطلب و طلحة بن شيبة و ذلك أنهم افتخروا فقال طلحة أنا صاحب البيت، و بيدي مفتاحه، و لو أشاء بت فيه، و قال العباس: أنا صاحب السقاية و القائم عليها، و قال علي عليه السلام لا أدري ما تقولان لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس، و أنا صاحب الجهاد، عن الحسن و الشعبي و محمد بن كعب القرظي، و قيل: إن عليا عليه السلام قال للعباس: يا عم أ لا تهاجر و أ لا تلحق برسول الله صلى الله عليه و آله فقال: أ لست في أفضل من الهجرة أعمر المسجد الحرام و أسقي حاج بيت الله فنزلت" أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ" عن ابن سيرين و مرة الهمداني.

روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده، عن ابن بريدة، عن أبيه قال‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 116

بينا شيبة و العباس يتفاخران إذ مر بهما علي بن أبي طالب: فقال: بما ذا تتفاخران فقال العباس لقد أتيت من الفضل ما لم يؤت أحد سقاية الحاج، و قال شيبة أوتيت عمارة المسجد الحرام، فقال علي عليه السلام استحييت لكما فقد أوتيت على صغري ما لم تؤتيا، فقالا: و ما أوتيت يا علي؟ قال: ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله و رسوله، فقام العباس مغضبا يجر ذيله، حتى دخل على رسول الله، و قال أ ما ترى إلى ما استقبلني به علي، فقال صلى الله عليه و آله: ادعوا لي عليا فدعى له، فقال: ما حملك على ما استقبلت به عمك. فقال يا رسول الله، صدمته بالحق فمن شاء فليغضب، و من شاء فليرض، فنزل جبرئيل و قال يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام و يقول أتل عليهم" أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ" الآيات انتهى.

و قال البيضاوي: السقاية و العمارة مصدر لسقي و عمر فلا يشبهان بالجثث بل لا بد من إضمار، تقديره أ جعلتم أهل سقاية الحاج كمن آمن، أو جعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن، و يؤيد الأول قراءة من قرأ سقاة الحاج و عمرة المسجد، و المعنى إنكار أن يشبه المشركون و أعمالهم المحبطة بالمؤمنين و أعمالهم المثبتة، ثم قرر ذلك‏

بقوله تعالى:" لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ"

 (1) و بين عدم تساويهم، بقوله" وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.

 (الحديث السادس و الأربعون و المائتان)

 (2): موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 117

قوله عز و جل:" وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ"

 (1) قال البيضاوي:

لزوال ما ينازع العقل في الدلالة على أن مبدأ الكل منه‏

" ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ"

 (2) أعطاه من الخول، و هو التعهد أو الخول و هو الافتخار

" نِعْمَةً مِنْهُ"

 (3) من الله‏

" نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ"

 (4) أي الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه، أو ربه الذي كان يتضرع إليه و ما مثل الذي في قوله:- و ما خلق الذكر و الأنثى-" مِنْ قَبْلُ" النعمة" وَ جَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ" و قرأ ابن كثير و أبو عمرو و رويس بفتح الياء و الضلال و الإضلال لما كانا نتيجة جعله صح تعليله بهما، و إن لم يكونا غرضين‏

" قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا"

 (5) أمر تهديد فيه إشعار بأن الكفر نوع تشهي لا سند له، و إقناط للكافر من التمتع في الآخرة، و لذلك علل‏

بقوله:" إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ"

 (6) على استئناف للمبالغة

" أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ"

 (7) قائم بوظائف الطاعات‏

" آناءَ اللَّيْلِ"

 (8) ساعاته، و أم متصلة بمحذوف، تقديره الكافر خير أم من هو قانت أو منقطعة، و المعنى بل أمن هو قانت كمن هو بضده، و قرأ الحجازيان و حمزة بتخفيف الميم بمعنى أمن هو قانت لله كمن جعل له أندادا

" ساجِداً وَ قائِماً"

 (9) حالان من ضمير قانت و قرءا بالرفع على‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 118

الخبر بعد الخبر، و الواو للجمع بين الصفتين‏

" يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ"

 (1) في موقع الحال أو الاستئناف للتعليل‏

" قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ"

 (2) نفي لاستواء الفريقين باعتبار القوة العلمية بعد نفيه باعتبار القوة العملية على وجه أبلغ لمزيد فضل العلم، و قيل تقرير للأول على سبيل التشبيه أي كما لا يستوي العالمون و الجاهلون لا يستوي القانتون و العاصون" إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ" بأمثال هذه البيانات.

قوله عليه السلام:" في أبي الفصيل"

 (3) كناية عن أبي بكر، لأن الفصيل ولد الناقة بعد ما فصل من اللبن، و البكر الفتى من الإبل، فهما متقاربان في المعنى، و هذا التعبير إما من الإمام عليه السلام أو من أحد الرواة تقية.

و قيل: إنه كان كنيته قبل إظهار الإسلام و بعده كناه النبي صلى الله عليه و آله بأبي بكر، و روي أن أبا سفيان قال: يوم غصب الخلافة لأملأنها على أبي فصيل خيلا و رجلا و ذكر السيد الشريف في بعض حواشيه و قد يعتبر في الكنى المعاني الأصلية، كما روي أن في بعض الغزوات نادى بعض المشركين أبا بكر أبا الفصيل.

قوله عليه السلام:" ثم عطف"

 (4) على البناء للمجهول و لعل- في- في قوله" في علي" بمعنى إلى.

قوله عليه السلام:" و إنه ساحر"

 (5) لعل فيه حذفا أي يقولون إنه ساحر.

 (الحديث السابع و الأربعون و المائتان)

 (6): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 119

قوله عليه السلام:" ذو عدل منكم"

 (1) هذا ورد في جزاء الصيد حيث قال تعالى:

" وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ" و المشهور بين المفسرين و ما دلت عليه أخبار أهل البيت عليهم السلام و انعقد عليه إجماع الأصحاب هو أن المماثلة معتبرة في الخلقة، ففي النعامة بدنة، و في حمار الوحش و شبهه بقرة، و في الظبي شاة.

و قال إبراهيم النخعي: يقوم الصيد قيمة عادلة، ثم يشتري بثمنه مثله من النعم" يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ" ذهب المفسرون إلى أن المراد أنه يحكم في التقويم و المماثلة في الخلقة العدلان، لأنهما يحتاجان إلى نظر و اجتهاد، هذا مبني على القراءة المشهورة من لفظ التثنية، و قد اشتهر بين المفسرين أن قراءة أهل البيت عليهم السلام بلفظ المفرد.

و قال الشيخ الطبرسي (ره): و قراءة محمد بن علي الباقر عليه السلام و جعفر بن محمد الصادق عليه السلام" يحكم به ذو عدل منكم".

و قال البيضاوي: و قرئ ذو عدل على إرادة الجنس، و المعنى على هذه القراءة أنه يحكم بالمماثلة، النبي و الإمام الموصوفان بالعدل و الاستقامة في جميع الأقوال و الأفعال، و قد حكموا بما ورد في أخبارهم من بيان المماثلة، و على قراءة التثنية أيضا يحتمل أن يكون المعنى ذلك، بأن يكون المراد النبي صلى الله عليه و آله و الإمام عليه السلام.

 (الحديث الثامن و الأربعون و المائتان)

 (2): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 120

قوله عليه السلام:" لم تبد لكم"

 (1) ظاهره أنه كانت هذه الزيادة في مصحفهم عليهم السلام، و يحتمل أن يكون ذكرها للتفسير، و اختلف في سبب نزولها فقيل: سأل الناس رسول الله حتى أحفوه بالمسألة فقام مغضبا خطيبا فقال: سلوني فو الله لا تسألوني عن شي‏ء إلا بينته لكم، فقام رجل من بني سهم يقال له عبد الله بن حذافة و كان يطعن في نسبه فقال: يا نبي الله من أبي؟ فقال: أبوك حذافة بن قيس، فقام إليه رجل آخر فقال: يا رسول الله أين أبي؟ فقال: في النار، فقام عمر بن الخطاب و قبل رجل رسول الله صلى الله عليه و آله و قال: إنا يا رسول الله حديثو عهد بجاهلية و شرك فاعف عنا عفا الله عنك، فسكن غضبه، فقال: أما و الذي نفسي بيده لقد صورت لي الجنة و النار آنفا في عرض هذا الحائط، فلم أر كاليوم في الخير و الشر عن الزهري و قتادة عن أنس.

أقول: إنما بادر عمر إلى هذا الاستعفاء لئلا يظهر نسبه على الخلق، و هو كان أحوج الخلق إلى ذلك كما لا يخفى، و قيل: كان قوم يسألون رسول الله استهزاء مرة و امتحانا مرة، فيقول له بعضهم من أبي، و يقول الآخر أين أبي، و يقول الآخر إذا ضلت ناقته أين ناقتي، فأنزل الله تعالى هذه الآية عن ابن عباس.

و قيل: خطب رسول الله صلى الله عليه و آله فقال: إن الله كتب عليكم الحج، فقام عكاشة بن محصن، و قيل سراقة بن مالك، فقال: أ في كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثا فقال رسول الله: ويحك و ما يؤمنك أن أقول: نعم. و الله لو قلت: نعم لوجبت، و لو وجبت ما استطعتم، و لو تركتم لكفرتم فاتركوني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم و اختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشي‏ء فأتوا منه ما استطعتم، و إذا نهيتكم عن شي‏ء فاجتنبوه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام و أبي أمامة الباهلي، و قيل نزلت حين سألوا رسول الله عن البحيرة و السائبة و الوصيلة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 121

و الحامي عن مجاهد.

 (الحديث التاسع و الأربعون و المائتان)

 (1): ضعيف.

و يدل على أنه كان فيها

" الحسنى"

 (2) فتركت، و الكلمة: إما المراد بها القرآن أو دين الله، أو تقدير الله، أو إمام الحق، و يدل على الأخير أخبار، و

قوله:" صِدْقاً وَ عَدْلًا"

 (3) منصوبان على التميز، أو على الحالية.

 (الحديث الخمسون و المائتان)

 (4): ضعيف.

قوله تعالى:" وَ قَضَيْنا إِلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ"

 (5) قال البيضاوي: و أوحينا إليهم، وحيا مقضيا مبتوتا

" فِي الْكِتابِ"

 (6) في التوراة

" لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ"

 (7) جواب قسم محذوف أو قضينا على إجراء القضاء المبتوت مجرى القسم‏

" مَرَّتَيْنِ"

 (8) إفسادتين أولاهما مخالفة أحكام التوراة، و قتل شعياء. و ثانيهما قتل زكريا و يحيى و قصد قتل عيسى عليه السلام‏

" وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً"

 (9) و لتستكبرن عن طاعة الله أو لتظلمن الناس‏

" فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما"

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 122

 (1) وعد عقاب أولاهما

" بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا"

 (2) بخت نصر عامل لهراسف على بابل و جنوده، و قيل: جالوت الجزري، و قيل: سنجاريب من أهل نينوى‏

" أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ"

 (3) ذوي قوة و بطش في الحرب شديد

" فَجاسُوا"

 (4) ترددوا لطلبكم، و قرئ بالحاء المهملة، و هما أخوان‏

" خِلالَ الدِّيارِ"

 (5) وسطها للقتل و الغارة، فقتلوا كبارهم و سبوا صغارهم، و حرقوا التوراة و خربوا المسجد. و المعتزلة لما منعوا تسليط الله الكافر على ذلك، أولوا البعث بالتخلية و عدم المنع‏

" وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا"

 (6) و كان وعد عقابهم لا بد أن يفعل‏

" ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ"

 (7) أي الدولة و الغلبة" عَلَيْهِمْ" على الذين بعثوا عليكم، و ذلك بأن ألقى الله في قلب بهمن بن إسفنديار لما ورث الملك من جده كشتاسف بن لهراسف شفقة عليهم، فرد أسراهم إلى الشام و ملك دانيال عليهم، فاستولوا على من كان فيها من أتباع بخت نصر، بأن سلط داود على جالوت فقتله،" وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً" مما كنتم و النفير من ينفر مع الرجل من قومه، و قيل: جمع نفر، و هم المجتمعون للذهاب إلى العدو.

قوله عليه السلام:" قتل علي بن أبي طالب ع"

 (8) اعلم أنه لما قال تعالى:" وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا" و بين الرسول أن كلما وقع في بني إسرائيل يقع مثله في هذه الأمة حذو النعل بالنعل فكلما ذكر تعالى من أحوال بني إسرائيل فظاهره فيهم، و باطنه في هذه الأمة بما سيقع من نظيره فيهم فإفساد هذه الأمة مرتين إشارة إلى قتل أمير المؤمنين عليه السلام و طعن الحسن عليه السلام بعده في ساباط المدائن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 123

قوله عليه السلام:" فإذا جاء نصر دم الحسين عليه السلام"

 (1) لعل المراد على هذا وعد أولى الطائفتين اللتين قضى الله أن تسلطا عليهم بسبب قتلهم الحسين عليه السلام.

قوله عليه السلام:" وترا"

 (2) الوتر: بالكسر الجناية أي صاحب وتر و جناية على آل محمد عليهم السلام.

قوله عليه السلام:" خروج القائم"

 (3) و في تفسير العياشي" قبل خروج القائم عليه السلام" و لعله أظهر.

قوله عليه السلام:" خروج الحسين"

 (4) على هذا التفسير لعل المخاطب هنا غير المخاطب سابقا، و يحتمل على بعد أن يكون الخطاب في صدر الآية إلى الشيعة الذين قصروا في نصرة أئمة الحق حتى قتلوا، و ظلموا فسلط الله عليهم من خرج بعد قتل الحسين كالحجاج و أبي مسلم و بني العباس، فالكرة لأئمة هؤلاء المخاطبين على المخالفين، و الظاهر أنه عليه السلام فسر الكرة هيهنا بالرجعة.

قوله عليه السلام:" لكل بيضة وجهان"

 (5) لعل المراد أنها صقلت و ذهبت في موضعين أمامها و خلفها.

قوله عليه السلام:" المؤدون"

 (6) أي هم المؤدون.

قوله عليه السلام:" الحسين بن علي عليه السلام"

 (7) إنما يغسله الحسين عليه السلام، لأنه من بين الأئمة عليهم السلام شهيد في المعركة لا يجب عليه الغسل، و إن مات بعد الرجعة أيضا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 124

 (الحديث الحادي و الخمسون و المائتان)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" إلى الربذة"

 (2) هي مدفن أبي ذر قرب المدينة.

قوله عليه السلام:" غضبت"

 (3) على البناء للفاعل، و يحتمل البناء للمفعول و الأول أظهر.

قوله عليه السلام:" عن الفناء"

 (4) قال الجوهري: فناء الدار: بالكسر ما امتد من جوانبها. و المراد إما فناء دارهم، أو دارك، أو فناء الرسول صلى الله عليه و آله.

قوله عليه السلام:" بالمنظر الأعلى"

 (5) أي مشرف على جميع الخلق، و هو كناية عن علمه بما يصدر عنهم، و أنه لا يعزب عنه شي‏ء من أمورهم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 125

قوله عليه السلام:" كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ"

 (1) أي في خلق و تقدير، و تغيير و قضاء حاجة و دفع كربة و رفع قوم و وضع آخرين، و رزق و تربية و سائر ما يتعلق بقدرته و حكمته تعالى، و الغرض تسلية أبي ذر بأنه يمكن أن يتغير الحال.

قوله عليه السلام:" إنما الطاعة مع الجماعة"

 (2) أي أكثر الناس يتبعون الجماعات و إن كانوا على الباطل على وفق الفقرة التالية.

و يحتمل أن يكون المراد أن طاعة الله إنما يكون مع جماعة أهل الحق، و الأئمة عليهم السلام و الملك و السلطنة الدنيوية لمن غلب عليه من أهل الباطل.

قوله رضي الله عنه:" شجن لأسكن"

 (3) الشجن بالتحريك: الحاجة، و السكن بالتحريك ما يسكن إليه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 126

قوله (رض):" فآلى"

 (1) أي حلف‏

قوله:" و لا أسمع بها حسيسا"

 (2) الحسيس:

الصوت الخفي.

قوله عليه السلام:" على أخيه الناس"

 (3) يعني الوليد بن عقبة أخا عثمان لأمه، و كان عثمان ولاه الكوفة، و ذكر الزمخشري و غيره أنه صلى بالناس و هو سكران صلاة الفجر أربعا ثم قال: هل أزيدكم.

 (الحديث الثاني و الخمسون و المائتان)

 (4): مجهول.

قوله عليه السلام:" من كان يؤمن بها قيل"

 (5) أي يصدق بها من علم بأخبار أهل البيت أن المنادي الأول هو الحق، و ذكر الآية لبيان أنه لا بد من تصديق أهل البيت في كل ما يخبرون به لأنهم الهادون إلى الحق، و العالمون بكل ما يحتاج إليه الخلق، و أعداؤهم الجاهلون.

و يحتمل أن يكون المراد أن بعد الظهور من ينادي باسمه أي القائم عليه السلام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 127

يعلم حقيته بعلمه الكامل، كما قال تعالى:" أَ فَمَنْ يَهْدِي" الآية أو المراد أنه يظهر من الآية أن للحق ظهورا، حيث قال في مقام الاحتجاج على الكفار" أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ" فالحق ظاهر لكن يتعامى عينه بعض الناس، و الأول أظهر.

 (الحديث الثالث و الخمسون و المائتان)

 (1): صحيح مضمر أو موقوف.

قوله عليه السلام:" من العجلية"

 (2) كأنها نسبة إلى قبيلة، و يحتمل أن يكون كناية عمن قدم عجل هذه الأمة، و سامريها على أمير المؤمنين عليه السلام.

قوله عليه السلام:" قال: و ينادي"

 (3) الظاهر أن القائل هو الإمام عليه السلام، و لعل المراد أن منادي أول النهار و منادي آخره شبيهان بحسب الصوت، أو المراد أن منادي آخر النهار ينادي أول النهار أيضا، إما موافقا للمنادي الأول أو كما ينادي آخر النهار.

و يحتمل أن يقرأ على البناء للمجهول أي يخبر منادي أول النهار عن منادي آخر النهار، و يقول إنه شيطان فلا تتبعوه كما أفيد.

قوله عليه السلام:" فقال: يصدقه"

 (4) أي قال الإمام عليه السلام أو الراوي الذي كان يناظر الرجل العجلي.

 (الحديث الرابع و الخمسون و المائتان)

 (5): حسن أو موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 128

قوله عليه السلام:" حتى يختلف بنو فلان"

 (1) أي بنو العباس و هذا أحد أسباب خروج القائم عليه السلام و إن تأخر عنه بكثير.

قال الفاضل الأسترآبادي: المراد أن بعد بني العباس لم يتفق الملوك على خليفة و هذا معنى تفرق الكلمة، ثم تمضي بعد ذلك مدة مديدة إلى خروج السفياني ثم إلى ظهور المهدي.

 (الحديث الخامس و الخمسون و المائتان)

 (2): ضعيف.

 (الحديث السادس و الخمسون و المائتان)

 (3): حسن أو موثق على الأظهر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 129

قوله عليه السلام:" فغدروه عنده"

 (1) بالتخفيف أي أظهر و أغدره، أو بالتشديد أي ذكروا في الغدر أشياء لا حقيقة لها، فإن المغدر بالتشديد هو المظهر للغدر اعتلالا من غير حقيقة له في الغدر، كما ذكره الجوهري‏

" ما بين قطريها"

 (2) أي الأرض المعلومة بقرينة المقام.

قوله عليه السلام:" إلا ملكتم مثليه"

 (3) لعل المراد أصل الكثرة و الزيادة لا الضعف الحقيقي كما يقال: في كرتين و لبيك، إذ كان ملكهم أضعاف ملك بني أمية، و في هذا الإبهام حكم كثيرة، منها عدم طغيانهم و منها عدم يأس أهل الحق.

قوله عليه السلام:" و ليتلقفها"

 (4) قال الجوهري: لقفت الشي‏ء بالكسر ألقفه لقفا و تلقفته أيضا أي تناولته بسرعة، أي يسهل لهم تناول الخلافة بحيث يتيسر لصبيانهم من غير منازع.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 130

قوله عليه السلام:" في عنفوان الملك"

 (1) بضم العين و الفاء أي أوله.

قوله عليه السلام:" ترغدون فيه"

 (2) يقال: عيش رغد: أي واسعة طيبة.

قوله عليه السلام:" ما لم تصيبوا منا دما حراما"

 (3) و المراد قتل أهل البيت عليهم السلام و إن كان بالسم مجازا، و يكون قتل الأئمة عليهم السلام سببا لسرعة زوال ملك كل واحد منهم فعل ذلك، أو قتل السادات الذين قتلوا في زمان أبي جعفر الدوانيقي، و في زمان الرشيد، على ما ذكره الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام و كذا ما قتلوا في الفخ من السادات.

و يحتمل أن يكون إشارة إلى قتل رجل من العلويين قتلوه مقارنا لانقضاء دولتهم، و

قوله عليه السلام:" و لا يزال القوم في فسحة"

 (4) يحتمل أن يكون المراد بهم بني أمية و إن كان بعيدا.

قوله عليه السلام:" و ذهب بريحكم"

 (5) قال الجوهري: قد تكون الريح بمعنى الغلبة و القوة، و منه قوله تعالى:" وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ".

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 131

قوله عليه السلام:" أعور"

 (1) أي الدني‏ء الأصل و السي‏ء الخلق، و هو إشارة إلى هلاكوخان. قال الجزري: فيه لما اعترض أبو لهب على النبي صلى الله عليه و آله عند إظهاره الدعوة قال له أبو طالب:" يا أعور ما أنت و هذا" لم يكن أبو لهب أعور و لكن العرب تقول للذي ليس له أخ من أبيه و أمه أعور، و قيل إنهم يقولون للردي‏ء من كل شي‏ء من الأمور و الأخلاق أعور. و للمؤنث عوراء.

قوله عليه السلام:" و ليس بأعور من آل أبي سفيان"

 (2) أي ليس ذلك الأعور من آل أبي سفيان بل من طائفة الترك.

 (الحديث السابع و الخمسون و المائتان)

 (3): مجهول.

قوله عليه السلام:" عبد الله بن علي"

 (4) لعل المراد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ثاني خلفاء بني العباس نسب إلى جده.

قوله عليه السلام:" من حيث بدا صلاحهم"

 (5) أي كما أنه ظهرت دولتهم على يد رجل جاء من قبل المشرق، و هو أبو مسلم المروزي. كذلك يكون انقراض دولتهم على يد رجل يخرج من هذه الناحية و هو هلاكو.

 (الحديث الثامن و الخمسون و المائتان)

 (6): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 132

قوله عليه السلام:" إني أعلم ما تقول"

 (1) أي أنت تقول إن هذا خلاف المعهود، و ما يحكم به المنجمون و لقد قلت: إنها من الآيات الغريبة التي لم يعهد وقوعها و على مثل هذا حمل الصدوق (ره) ما ورد من إدخالهما في البحر عند الانكساف و الانخساف.

 (الحديث التاسع و الخمسون و المائتان)

 (2): مختلف فيه.

قوله عليه السلام:" لأحب رياحكم و أرواحكم"

 (3) الرياح جمع الريح، و المراد هنا الريح الطيب أو الغلبة أو القوة أو النصرة أو الدولة. و الأرواح أما جمع الروح- بالضم- أو- بالفتح- بمعنى نسيم الريح أو الراحة.

قوله عليه السلام:" على ذلك"

 (4) أي على ما هو لازم الحب من الشفاعة.

قوله عليه السلام:" أنتم شيعة الله"

 (5) أي أتباع دين الله.

قوله عليه السلام:" و أنتم السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ"

 (6) أي في صدر الإسلام بعد فوت النبي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 133

صلى الله عليه و آله سبق من كان منكم من الشيعة إلى اتباع الوصي حقا أو في زمن الرسول صلى الله عليه و آله سبقوا إلى قبول ما قاله في وصيه، و يحتمل أن يكون المراد السبقة في الميثاق.

قوله عليه السلام:" بضمان الله"

 (1) أي بسبب أن الله ضمن لكم الجنة أو ضمناها لكم من قبل الله، و بأمره و يحتمل أن تكون الباء بمعنى مع.

قوله عليه السلام:" أكثر أرواحا"

 (2) لعل الأكثرية بالنسبة إلى جماعة ماتوا، أو استشهدوا في زمن الرسول صلى الله عليه و آله لا يطلق عليهم اسم الشيعة، أو بالنسبة إلى سائر الأمم أو بالنسبة إلى المستضعفين من المخالفين.

قوله عليه السلام:" حوراء عيناء"

 (3) أي في الجنة على صفة الحورية في الحسن و الجمال.

قوله عليه السلام:" أبشر"

 (4) أي خذ هذه البشارة

" و بشر"

 (5) أي غيرك‏

" و استبشر"

 (6) أي افرح و سر بذلك.

قوله عليه السلام:" دعامة"

 (7) الدعامة بالكسر: عماد البيت،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 134

قوله عليه السلام:" بتفلت"

 (1) أي يصدر عنهم فلتة من غير تفكر و روية و أخذ من صادق.

قوله عليه السلام:" لأهل الغنى"

 (2) أي غنى النفس و الاستغناء عن الخلق بتوكلهم على ربهم.

قوله عليه السلام:" لأهل دعوته"

 (3) أي دعاكم الله إلى دينه و طاعته فأجبتموه إليهما.

 (الحديث الستون و المائتان)

 (4): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و جوهر ولد آدم"

 (5) أي كما أن الجواهر ممتازة من سائر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 135

أجزاء الأرض بالحسن و البهاء و النفاسة و الندرة، فكذا هم بالنسبة إلى سائر ولد آدم عليه السلام.

قوله عليه السلام:" حبذا"

 (1) قال الجوهري: حب فعل ماض لا يتصرف، و أصله حبب على ما قال الفراء و ذا فاعله، و هو اسم مبهم من أسماء الإشارة جعلا شيئا واحدا، فصار بمنزلة اسم يرفع ما بعده، و موضعه رفع بالابتداء، و زيد خبره، و لا يجوز أن يكون بدلا من ذا لأنك تقول حبذا امرأة و لو كان بدلا لقلت حبذه المرأة.

قوله عليه السلام:" لو لا أن يتعاظم الناس ذلك"

 (2) أي لو لا أن يعدوه عظيما، و يصير سببا لغلوهم فيهم.

قوله عليه السلام:" زهو"

 (3) أي كبر و فخر،

قوله عليه السلام:" قبلا"

 (4) قال الفيروزآبادي: رأيته قبلا محركة، و بضمتين و كصرد و كعنب و قبيلا كأميرا أي عيانا و مقابلة.

قوله عليه السلام:" ممن خالفه"

 (5) أي أجرة التقديري أي لو كان له أجر مع قطع النظر عما يتفضل به على الشيعة كأنه له أجر واحد فهذا ثابت للساكت من الشيعة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 136

قوله عليه السلام:" أجر المجاهدين"

 (1) أي في سائر أحوالهم غير حالة المصافة مع العدو.

قوله عليه السلام:" فتح أبصاركم"

 (2) أي أبصار قلوبكم.

 (الحديث الحادي و الستون و المائتان)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و تقلقلي"

 (4) و في بعض النسخ [و تقلقي‏] قال الجوهري:

تقلقل أي تحرك و اضطرب، و قال: القلق: الانزعاج.

قوله عليه السلام:" حتى تقدموا"

 (5) أي من الكوفة و غيرها للحج فأراكم و آنس بكم.

 (الحديث الثاني و الستون و المائتان)

 (6): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 137

قوله:" أخلص الله لي هواي"

 (1) أي جعل الله محبتي خالصة لكم، فصار تأييده تعالى سببا لأن لا أخطئ الهدف و أصيب كلما أريده من مدحكم، و إن لم أبالغ فيه، يقال: أغرق النازع في القوس إذا استوفى مدها، ثم أستعير لمن بالغ في كل شي‏ء، و يقال: طاش السهم عن الهدف أي عدل.

قوله عليه السلام:" لا تقل هكذا"

 (2) لعله عليه السلام إنما نهاه عن ذلك، لإيهامه بتقصير أو عدم اعتناء في مدحهم عليهم السلام و هذا لا يناسب مقام المدح، أو لأن الإغراق في النزع لا مدخل له في إصابة الهدف، بل الأمر بالعكس مع أن فيما ذكره معنى لطيفا كاملا، و هو أن المداحون إذا بالغوا في مدح ممدوحهم خرجوا عن الحق و كذبوا فيما أثبتوا للممدوح، كما أن الرامي إذا أغرق نزعا أخطأ الهدف، و إني في مدحكم كلما أبالغ في المدح لا يخرج سهمي عن هدف الحق و الصدق، و يكون مطابقا للواقع، و يحتمل على بعد أن يكون غرضه عليه السلام مدحه و تحسينه بأنك لا تقصر في مدحنا، بل تبذل جهدك فيه.

 (الحديث الثالث و الستون و المائتان)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" قولوا لأم فروة"

 (4) هي كنية لأم الصادق عليه السلام بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، و لبنته عليه السلام أيضا على ما ذكره الشيخ الطبرسي (ره) في إعلام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 138

الورى. و المراد هنا الثانية، و المراد بجدها الحسين عليه السلام، و يحتمل أن يكون المراد بها الأولى و المراد بجدها محمد بن أبي بكر، و لا يخفى بعده.

قوله:" فرو جودي"

 (1) خطاب لأم فروة فاختصر من أوله و آخره ضرورة و ترخيما، و يدل على عدم حرمة سماع صوت الرجال على النساء إلا أن تعد أمثال هذه من الضرورات، و على استحباب الإنشاء للحسين عليه السلام و على استثناء مراثي الحسين عليه السلام من عموم الغناء، إذ الظاهر أنهم كانوا ينشدون بالصوت و الترجيع كما هو الشائع، لكن يشكل الاستدلال به إذ قد يكون بغير ترجيع أيضا و قد استثناه بعض الأصحاب، و المشهور عموم التحريم، و على جواز التورية عند التقية، و لعله غشي على بعض صبيانه عليه السلام في ذلك اليوم أو غيره فوري عليه السلام بذكر ذلك في هذا المقام.

 (الحديث الرابع و الستون و المائتان)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" بكدية"

 (3) قال الجزري: الكدية بالضم: قطعة غليظة صلبة لا يعمل فيه الفأس.

قوله عليه السلام:" أو من يد سلمان"

 (4) الترديد من الراوي، و يحتمل أن يكون‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 139

من الإمام عليه السلام إشارة بذلك إلى اختلاف روايات العامة و هو بعيد.

قوله عليه السلام:" فقال أحدهما"

 (1) أي أبو بكر و عمر. أقول: خبر الصخرة من المتواترات قد رواه الخاصة و العامة بأسانيد كثيرة، فقد روى الصدوق بإسناده إلى البراء بن عازب قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه و آله بحفر الخندق، عرض له صخرة عظيمة شديدة، في عرض الخندق لا تأخذ منها المعاول، فجاء رسول الله صلى الله عليه و آله فلما رآها وضع ثوبه و أخذ المعول، و قال: بسم الله و ضرب ضربة انكسر ثلثها. و قال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، و الله إني لا بصر قصورها الحمراء الساعة، ثم ضرب الثانية فقال: بسم الله، ففلق ثلاثا آخر، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، و الله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض، ثم ضرب الثالثة ففلق بقية الحجر، و قال:

الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، و الله لا بصر أبواب الصنعاء مكاني هذا.

و قال علي بن إبراهيم: فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر و فقد رسول الله في مسجد الفتح فبينا المهاجرين يحفرون إذ عرض لهم جبل لم يعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصاري إلى رسول الله يعلمه ذلك، قال جابر: فجئت إلى المسجد و رسول الله مستلق على قفاه و رداؤه تحت رأسه، و قد شد على بطنه حجرا فقلت: يا رسول الله إنه قد عرض لنا جبل لا يعمل المعاول فيه فقام مسرعا حتى جاءه ثم دعا بماء في إناء و غسل وجهه و ذراعيه و مسح على رأسه و رجليه، ثم شرب و مج ذلك الماء في فيه، ثم صبه على ذلك الحجر، ثم أخذ معولا فضرب ضربة فبرقت برقة نظرنا فيها إلى قصور الشام، ثم ضرب أخرى فبرقت برقة نظرنا فيها إلى قصور المدائن، ثم ضرب أخرى فبرقت برقة نظرنا فيها إلى قصور اليمن، فقال: رسول الله صلى الله عليه و آله أما إنه سيفتح عليكم هذه المواطن التي برقت فيها

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 140

البرق. ثم انهال علينا كما ينهال الرمل.

 (الخامس و الستون و المائتان)

 (1): مجهول:

قوله عليه السلام:" يقال لها الأزيب"

 (2) قال الفيروزآبادي: الأزيب كأحمر: الجنوب أو النكباء تجري بينها و بين الصبا.

قوله عليه السلام:" مقدار منخر"

 (3) قال الفيروزآبادي: المنخر: بفتح الميم و الخاء و بكسرهما و بضمتين و كمجلس، الأنف.

 (الحديث السادس و الستون و المائتان)

 (4): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 141

قوله عليه السلام:" أن يكف السماء"

 (1) أي يمنع المطر عنا.

قوله عليه السلام:" اللهم حوالينا"

 (2) قال الجزري: في حديث الاستسقاء" اللهم حوالينا و لا علينا" يقال: رأيت الناس حوله و حواليه أي مطيفين به من جوانبه، يريد اللهم أنزل الغيث في مواضع النبات لا في مواضع الأبنية.

و قال الجوهري: يقال: قعدوا حوله و حوالة و حواليه و حولية، و لا تقل حواليه- بكسر اللام.

قوله عليه السلام:" حيث يرعى أهل الوبر"

 (3) أي حيث يرعى سكان البادية إنعامهم فإنهم يسكنون في خيام الوبر لا بيوت المدر و لا يضرهم كثرة المطر.

 (الحديث السابع و الستون و المائتان)

 (4): مجهول.

قوله عليه السلام:" ما أبرقت"

 (5) أي السماء قال الفيروزآبادي: برقت السماء بروقا لمعت أو جاءت ببرق. و البرق بدا، و الرجل تهدد و توعد كأبرق و الحاصل أن البرق يلزمه المطر، و إن لم يمطر في كل موضع يظهر فيه البرق.

 (الحديث الثامن و الستون و المائتان)

 (6): مرفوع.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 142

قوله عليه السلام:" تكون على شجرة"

 (1) يحتمل أن يكون نوع من السحاب كذلك و أن يكون كناية عن انبعاثه عن البحر و حواليه.

قوله صلى الله عليه و آله:" بالمخاريق"

 (2) قال الجزري: في حديث علي عليه السلام" البرق مخاريق الملائكة" هي جمع مخراق، و هو في الأصل ثوب يلف و يضرب به الصبيان بعضهم بعضا أراد أنه آلة تزجر بها الملائكة السحاب، و تسوقه و يفسره حديث ابن عباس البرق سوط من نور تزجر بها الملائكة السحاب.

 (الحديث التاسع و الستون و المائتان)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" زكي عمله"

 (4) على البناء للفاعل من المجرد، أي طهر عمله من الرياء و العجب و سائر الآفات، فإن كلا منها نوع من الكذب، و يستلزمه أو مما عمله، و زيد في ثوابه. أو على البناء للمجهول على وزن التفعيل أي مدح الله عمله و قبله.

قوله عليه السلام:" و من حسنت نيته"

 (5) أي تكون أعماله خالصة لله، أو صح‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 143

عزمه على الخيرات، فإن النية قد تطلق على الغاية الباعثة على الفعل و على العزم عليه أيضا.

 (الحديث السبعون و المائتان)

 (1): ضعيف.

و الظاهر أنه زيد-

أحمد بن محمد بن عيسى‏

 (2) في آخر السند من النساخ- و يحتمل أن يكون رجلا آخرا مجهولا.

قوله عليه السلام:" فأطبق و لا تأت حراما"

 (3) لعل المراد بالطبقين هنا الفخذان، و يحتمل أن يكون المراد جفني العينين أيضا، فإنه ما لم تر العين لا تشتهي النفس، و حاصل الفقرات أن الله تعالى مكن الإنسان من ترك الحرمات بالاحتراز عما يؤدي إليها، و ليس بمجبور على فعلها حتى يكون له عذر في ذلك.

 (الحديث الحادي و السبعون و المائتان)

 (4): مجهول.

قوله عليه السلام:" بالغيب"

 (5) أي متلبسا [ملتبسا] بالغيب أي غائبا عن الخلق، أو بسبب الأمر المغيب عنه من النار و بسبب إيمانه به بأخبار الرسل، و الأول أظهر إذ أكثر الخلق يظهرون خشية الله بمحضر الناس رياء، و لا يبالون بارتكاب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 144

المحرمات في الخلوات.

قوله عليه السلام:" و يرعو عند الشيب"

 (1) قال الجزري: فيه" شر الناس رجل يقرأ كتاب الله لا يرعوى إلى شي‏ء منه" أي لا ينكف و لا ينزجر، من رعى يرعو إذا كف عن الأمور، و قد ارعوى عن القبيح يرعوى ارعواء، و قيل: الإرعواء:

الندم على الشي‏ء و الانصراف عنه و تركه.

 (الحديث الثاني و السبعون و المائتان)

 (2): صحيح.

قوله:" و ما الشريف"

 (3) أي بحسب الدنيا.

 (الحديث الثالث و السبعون و المائتان)

 (4): ضعيف على المشهور.

قوله صلى الله عليه و آله:" و أبعد فراق الموت"

 (5) أي المفارقة الواقعة بالموت بعيدة عن المواصلة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 145

 [الحديث الرابع و السبعون و المائتان‏] (حديث يأجوج و مأجوج)

 (1) (الحديث الرابع و السبعون و المائتان): ضعيف.

و يدل على أن يأجوج و مأجوج ليسوا من ولد آدم، و روى الصدوق بإسناده عن عبد العظيم الحسني، عن علي بن محمد العسكري، أن جميع الترك و الصقالبة و يأجوج و مأجوج و الصين من ولد يافث، و الحديث طويل أوردته في الكتاب الكبير و هذا الخبر عندي أقوى سندا من خبر المتن، فيمكن حمله على أن المراد أنهم ليسوا من الناس، و إن كانوا من ولد آدم عليه السلام.

 (الحديث الخامس و السبعون و المائتان)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" يتزينون بنا"

 (3) أي يجعلون حبنا و ما وصل إليهم من علومنا زينة لهم عند الناس، و وسيلة لتحصيل الجاه، و ليس توسلهم بالأئمة عليهم السلام خالصا لوجه الله.

قوله عليه السلام:" يأكل بعضهم بعضا بنا"

 (4) أي يأخذ بعضهم أموال بعضهم و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 146

يأكلونها بإظهار مودتنا و مدحنا و علومنا، أو ينازع بعضهم بعضا فيها لأن غرضهم التوسل بها إلى الدنيا، أو يسعى بعضهم في قتل بعضهم بذكر محبتهم و ولايتهم لنا عند حكام الجور، و الأول أظهر.

 (الحديث السادس و السبعون و المائتان)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فانتظر أمر الله"

 (2) أي خروج القائم عليه السلام.

قوله عليه السلام:" يأتي الرجل"

 (3) الظاهر أن الإنكار استعمل هنا مقابل المعرفة.

 (الحديث السابع و السبعون و المائتان)

 (4): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و كل الرزق بالحمق"

 (5) أي الأحمق في غالب الأحوال مرزوق موسع عليه، و العاقل محروم مقتر عليه.

 (الحديث الثامن و السبعون و المائتان)

 (6): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 147

قوله:" إلى الحفيرة"

 (1) هي موضع بالعراق.

قوله:" و وافقت"

 (2) أي صادفت، و في بعض النسخ [واقفت‏] بتقديم القاف، قال الفيروزآبادي: المواقفة أن تقف معه، و يقف معك في حرب أو خصومة.

قوله عليه السلام:" زاملتك"

 (3) الزاملة:" بعير يستظهر به الرجل يحمل متاعه و طعامه عليه"

قوله عليه السلام:" ما أعطاك الله"

 (4) أي من دين الحق و ولاية أهل البيت.

قوله عليه السلام:" ضلت ناقته"

 (5) هذه المعجزة من المعجزات المشهورة، رواها الخاصة و العامة بطرق كثيرة، و قد أوردته في كتاب بحار الأنوار في أبواب معجزات النبي صلى الله عليه و آله.

قوله صلى الله عليه و آله:" ما أعطاني الله"

 (6) أي من النبوة و القرب و الكمال.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 148

قوله عليه السلام:" دعاك الله إليه"

 (1) أي يسره الله لك عن غير طلب.

 (الحديث التاسع و السبعون و المائتان)

 (2): ضعيف.

 (الحديث الثمانون و المائتان)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" يعزيه"

 (4) أي يسليه،

قوله تعالى:" ما كانُوا يُوعَدُونَ"

 (5) فسره الأكثر بقيام الساعة، و فسر في أكثر أخبارنا بقيام القائم عليه السلام، و هو أنسب بالتسلية

قوله عليه السلام:" للقوم"

 (6) أي مدة ملك بني أمية.

اعلم أنه اختلف في معنى كونها خيرا من ألف شهر، فقيل: المزاد أن العبادة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 149

فيها خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.

و قيل: ذكر لرسول الله صلى الله عليه و آله رجل من بني إسرائيل أنه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب من ذلك رسول الله عجبا شديدا، و تمنى أن يكون ذلك في أمته، فقال: يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا و أقلها أعمالا فأعطاه الله ليلة القدر، و قال:" لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ" حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل الله لك و لأمتك من بعدك إلى يوم القيامة في كل شهر رمضان، و على ما في الخبر الكتاب يحتمل أن يكون المراد أن الله سلب فضل ليلة القدر في مدة ملكهم عن العالمين، كما هي ظاهر خبر الصحيفة، فعبادة ليلة القدر أفضل من عبادة تلك المدة لعدم كون ليلة القدر فيها.

أو أنه تعالى سلب فضلها عنهم لعنهم الله، فالمراد بالعبادة العبادة التقديرية لعدم صحة عبادتهم، أي لو كانت مقبولة لكانت عبادة ليلة القدر أفضل منها، لسلب فضيلة ليلة القدر عنهم.

أو المراد أن الثواب الذي يمنحه الله على العمل فيها، خير من سلطنة بني أمية و شوكتهم و اقتدارهم في تلك المدة.

فإن قلت: فعلى هذا لا يظهر فضل كثير لليلة القدر، إذ كل ثواب من المثوبات الأخروية و إن كانت قليلة لبقائها و أبديتها خير من جميع الدنيا و ما فيها.

قلت: المراد على هذا أن ثواب ليلة القدر بالنظر إلى سائر المثوبات الأخروية أشد امتيازا و علوا من شوكتهم و ملكهم، و بالنظر إلى ملك الدنيا و عزها. و قد بسطنا الكلام في ذلك في شرح الصحيفة فمن أراد تحقيق ذلك فليرجع إليه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 150

 (الحديث الحادي و الثمانون و المائتان)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" أو جراحة"

 (2) أما تفسير للفتنة أيضا أو للعذاب قال الطبرسي (ره):

أي فليحذر الذين يعرضون عن أمر الله، و إنما دخلت عن لهذا المعنى، و قيل: عن أمر النبي صلى الله عليه و آله‏

" أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ"

 (3) أي بلية تظهر ما في قلوبهم من النفاق، و قيل:

عقوبة في الدنيا

" أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ"

 (4) في الآخرة.

 (الحديث الثاني و الثمانون و المائتان)

 (5): ضعيف.

قوله عليه السلام:" أنى هذا و مروان و ابن ذر"

 (6) أي لا ينفع هذا في رفع منازعة مروان، و المراد به أحد أصحابه عليه السلام و ابن ذر رجل آخر من أصحابه، و لعله كان بينهما منازعة شديدة لتفاوت درجتهما، و اختلاف فهمهما، فأفاد عليه السلام أن الكتاب لا يرفع النزاع الذي منشأه سوء الفهم، و اختلاف مراتب الفضل.

و يحتمل أن يكون المراد بابن ذر عمر بن ذر القاضي العامي، و قد روي أنه دخل على الصادق عليه السلام و ناظرة، فالمراد أن هذا لا يرفع النزاع بين الأصحاب و المخالفين، بل يصير النزاع بذلك أشد و يصير سببا لتضرر الشيعة بذلك كما ورد في كثير من الأخبار ذلك لبيان سبب اختلاف الأخبار، فظن عبد الأعلى عند سماع هذا الكلام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 151

أنه عليه السلام لا يجيبه إلى كتابة هذا الكتاب، فأيس و قام و دخل على إسماعيل ابنه عليه السلام و ذكر ما جرى بينه و بين أبيه عليه السلام.

قوله:" قال فقال"

 (1) أي قال عبد الأعلى: فقال الصادق و ذكر ما جرى بين مروان و ابن ذر من المخاصمة، فصدقه الراوي على ذلك، و قال: بلى جرى بينهم ذلك، و هذا يحتمل أن يكون في وقت آخر أتاه عليه السلام أو في هذا الوقت الذي كان يكلم إسماعيل سمع عليه السلام كلامه فأجابه.

و يحتمل أن يكون فاعل- فقال- إسماعيل أي قال عبد الأعلى: قال إسماعيل عند ما ذكرت بعض كلام أبيه عليه السلام، مبادرا: ما قال أبي في جوابك قصة مروان و ابن ذر؟

قال عبد الأعلى: بلى قال أبوك ذلك، فيكون إلى آخر الخبر كلام إسماعيل حيث كان سمع من أبيه عليه السلام علة ذلك، فأفاده، و هذا أظهر لفظا، و الأول معنى.

و على الاحتمال الأخير يحتمل أن يكون- يا عبد الأعلى- من كلام الصادق عليه السلام، لكنه بعيد، و في بعض النسخ [و أبو ذر] و في بعضها [و أبي ذر] فحينئذ يحتمل أن يكون المراد أن مع غلبة أهل الجور و الكفر لا ينفع الكتاب، أ لم تسمع قصة أبي ذر حيث طرده عثمان و كان ممن يحبه الله و رسوله، و مروان حيث آواه و كان هو و أبوه طريدي رسول الله صلى الله عليه و آله، فإذا خولف الرسول في مثل ذلك، و لم ينكر فكيف يطيعوني.

و قال الفاضل الأسترآبادي: في بعض النسخ [و أبو ذر] في الموضعين، و في العبارة سهو، و كان قصده عليه السلام من ذكر ما قال مروان و أبو ذر، أن المسلمين ليسوا بسواء و أن درجات أصحابنا و مراتب أذهانهم متفاوتة، و كل مسير لما خلق له، فينبغي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 152

أن يعمل كل بما أخذه، و لا ينبغي أن يخاصم بعضهم بعضا في الفتاوى، و ربما يكون الأصلح في حق بعض أن يعمل بالتقية فأفتاه الإمام بالتقية دون بعض، فأفتاه الإمام بالحق، و ربما يصل ذهن بعضهم إلى الدقائق الكلامية المسموعة من الإمام دون بعض فلا ينبغي أن يحتمل على شي‏ء أحد لا يقدر عليه.

قوله عليه السلام:" ما على قوم"

 (1) كلمة- ما- استفهامية على الإنكار، أي أي ضرر و فساد يمكن أن يكون على قوم تولوا إماما أن لا يختلفوا عليه، و يعمل كل منهم بما بلغه و لم ينكر على الآخر ما في يده، و يسند كل منهم أمره إلى إمامه و لا يتعرض للآخر.

قوله عليه السلام:" إنه ليس ينبغي"

 (2) لعل المراد أن اختلافهم لما كان بسبب اختلاف درجاتهم- و هم يكلمون الناس على قدر عقولهم- فلا ينبغي للمؤمن الناقص الذي سبقه أخوه إلى درجة من الفضل و الكمال و قد أمره الإمام أن يعمل على قدر ما يستحقه أن يجذبه عن درجة كماله إلى ما هو فيه من النقص، و يكلفه بأن يعتقد و يعمل على قدر فهمه الناقص، فهذا التكليف بمنزلة جذب الآخر عن كماله إلى مرتبته" و لا ينبغي لهذا الآخر الذي لم يبلغ"- على البناء للمجهول- أي لم يبلغ إلى إخوة بعد التيه، أو على البناء للمعلوم أي هذا السابق الذي لم يبلغ إلى أعلى درجات الكمال، و لكن قد سبق الآخر ففيه إشعار بأنه أيضا ناقص بالنسبة إلى من سبقه، فينبغي إن لا يزاحم الناقص عن الوصول إليه ليوفق للوصول إلى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 153

من هو فوقه.

و على التقديرين المراد أنه لا ينبغي للسابق إلى درجة الكمال أن يدفع في صدر الذي لم يلحق به أي يمنعه عن الوصول إليه، إما بأن لا يهديه إلى ما يوجب وصوله إلى تلك الدرجة حسدا أو بتكليفه الصعود إلى تلك الدرجة، قبل أن يمكنه ذلك فيصير ذلك سببا لإنكاره ذلك، و الإنكار يوجب الحرمان و عدم السعي إلى تحصيله، فكأنه بذلك التكليف دفع في صدره و منعه عن الوصول إليه، و هذا أنسب بالمقام، و لكن يستلحق إليه أي يطلب لحوق الآخر إليه بلطف و حسن تدبير لا بالعنف و الخرق، و المنازعة و يستغفر الله أي لنفسه بأن لا يبرء نفسه في تلك الدرجة من الكمال عن التقصير، بل يعد نفسه مقصرا و يستغفر الله منه أو للآخر المسبوق ليصير استغفاره له سببا لرفعه إليه.

 (الحديث الثالث و الثمانون و المائتان)

 (1): حسن.

قوله تعالى:" ضَرَبَ اللَّهُ"

 (2) قال الشيخ الطبرسي (ره): ضرب سبحانه مثلا للكافر و عبادته الأصنام فقال:

" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ"

 (3) أي مختلفون سيؤو الأخلاق، و إنما ضرب هذا المثل لسائر المشركين، و لكنه ذكر رجلا واحدا وصفه بصفة موجودة في سائر المشركين فيكون المثل المضروب له مضروبا لهم جميعا و يعني بقوله" رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ" أي يعبدون آلهة مختلفة و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 154

أصناما كثيرة و هم متشاجرون متعاسرون، هذا يأمره و هذا ينهاه، و يريد كل واحد منهم أن يفرده بالخدمة، ثم يكل كل منهم أمره إلى آخر و يكل الآخر إلى الآخر فيبقى هو خاليا عن المنافع، و هذا حال من يخدم جماعة مختلفة الآراء و الأهواء هذا مثل الكافر، ثم ضرب مثل المؤمن الموحد، فقال:

" وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ"

 (1) أي خالصا يعبد مالكا واحدا لا يشوب بخدمته، خدمة غيره، و لا يأمل سواه و من كان بهذه الصفة نال ثمرة خدمته لا سيما إذا كان المخدوم حكيما قادرا كريما.

و روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالإسناد عن علي عليه السلام أنه قال:" أنا ذلك الرجل السلم لرسول الله".

و روى العياشي بإسناده عن أبي خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال:" الرجل السلم للرجل حقا علي عليه السلام و شيعته".

قوله:" فلان الأول"

 (2) أي أبو بكر فإنه لضلالته و عدم متابعته للنبي صلى الله عليه و آله اختلف المشتركون في ولايته على أهواء مختلفة، يلعن بعضهم بعضا و مع ذلك تقول العامة كلهم على الحق، و كلهم من أهل الجنة.

قوله عليه السلام:" فإنه الأول حقا"

 (3) يعني أمير المؤمنين عليه السلام، فإنه الإمام الأول حقا، و هذا يحتمل وجهين:

الأول: أن يكون المراد بالرجل الأول أمير المؤمنين عليه السلام، و بالرجل الثاني رسول الله صلى الله عليه و آله و يؤيده ما مر من رواية الحاكم، فالمقابلة بين الرجلين باعتبار أن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 155

المتشاكس بين الاتباع، إنما حصل لعدم كونهم متبوعا سلما للرسول، و لم يأخذ عنه ما يحتاج إليه أتباعه من العلم، فيكون ذكر الشيعة هنا استطراديا لبيان أن شيعته لما كانوا سلما له، فهم أيضا سلم للرسول صلى الله عليه و آله.

و الثاني: أن يكون المراد بالرجل الأول كل واحد من الشيعة، و بالرجل الثاني أمير المؤمنين، و المعنى أن الشيعة لكونهم سلما لإمامهم لا منازعة بينهم في أصل الدين، فيكون الأول حقا بيانا للرجل الثاني، و شيعته بيانا للرجل الأول، و المقابلة في الآية تكون بين رجل فيه شركاء، و بين الرجل الثاني من الرجلين المذكورين ثانيا، و الأول أظهر في الخبر، و الثاني أظهر في الآية.

قوله عليه السلام:" تنتحل ولايتنا"

 (1) قال الفيروزآبادي: انتحله ادعاه لنفسه، و هو لغيره فذكر الانتحال لبيان أن أكثرهم يدعون الولاية، و المودة بغير حقيقة و أما ما ذكر من افتراق الأمم بعد الأنبياء عليهم السلام فقد روته الخاصة و العامة بأسانيد كثيرة أوردناها في كتاب بحار الأنوار.

 (الحديث الرابع و الثمانون و المائتان)

 (2): صحيح.

 (الحديث الخامس و الثمانون و المائتان)

 (3): صحيح.

قوله عليه السلام:" و هي سلطانهم"

 (4) قال الجوهري: و هي الحائط إذا ضعف، و هم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 156

بالسقوط.

قوله عليه السلام:" و خلعت العرب أعنتها"

 (1) هي جمع العنان للفرس، و هي كناية عن طغيانهم و مخالفتهم للسلاطين.

قوله عليه السلام:" كل ذي صيصية"

 (2) أي أظهر كل ذي قدرة قدرته و قوته، قال الجزري: فيه" إنه ذكر فتنة في الأرض تكون في أقطارها، كأنها صياصي بقر" أي قرونها، واحدتها صيصية شبه الفتنة بها لشدتها و صعوبتها و كل شي‏ء امتنع و تحصن به فهو صيصية، و منه قيل للحصون الصياصي، و قيل شبه الرماح التي تشرع في الفتنة، و ما يشبهها من سائر السلاح بقرون بقر مجتمعة.

قوله عليه السلام:" و ظهر الشامي"

 (3) أي السفياني‏

" و خرج صاحب هذا الأمر"

 (4) أي مختفيا ليظهر بمكة.

قوله عليه السلام:" و درعه"

 (5) أي الحديد، أو القميص.

قوله عليه السلام:" و لأمته"

 (6) قال الجزري: اللامة: مهموزة الدرع، و قيل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 157

السلاح.

قوله عليه السلام:" فيهلكهم الله دونها"

 (1) أي قبل الوصول إلى المدينة بالبيداء يخسف الله به و بجيشه الأرض كما وردت به الأخبار المتظافرة.

قوله عليه السلام:" فيأمن أهلها"

 (2) أي يبذل القائم عليه السلام لأهل المدينة، الأمان فيرجعون إلى المدينة مستأمنين.

 (الحديث السادس و الثمانون و المائتان)

 (3): مرسل.

قوله عليه السلام:" لبيك يا جعفر بن محمد"

 (4) الظاهر إن هذا الكافر كان من أصحاب أبي الخطاب، و كان يعتقد ربوبيته عليه السلام كاعتقاد أبي الخطاب، فإنه كان أثبت ذلك له عليه السلام، و ادعى النبوة من قبله عليه السلام على أهل الكوفة، فناداه عليه السلام هذا الكافر بما ينادي به الله في الحج، و قال ذلك على هذا الوجه، فذعر من ذلك لعظيم ما نسب إليه، و سجد لربه و برأ نفسه عند الله مما قال و لعن أبا الخطاب، لأنه كان مخترع هذا المذهب الفاسد.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 158

قوله عليه السلام:" فرجعت عودي على بدئي"

 (1) قال الجوهري: رجع عودا على بدء و عوده على بدأه، أي لم ينقطع ذهابه حتى وصله برجوعه.

و قال الشيخ الرضي رحمه الله: قولهم على بدأه متعلق بعوده، أو برجع و الحال مؤكدة، و البداء مصدر بمعنى الابتداء أو جعل بمعنى المفعول، أي عائدا على ما ابتدأ، و يجوز أن يكون عوده مفعولا مطلقا لرجع أي رجع على بدأه عوده المعهود، و كأنه عهد منه أن لا يستقر على ما ينتقل إليه، بل يرجع على ما كان عليه قبل، فيكون نحو قوله تعالى:" وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ".

و قال التفتازاني في شرح تلخيص المفتاح: و إن كانت الجملة اسمية، فالمشهور جواز ترك الواو بعكس ما مر في الماضي المثبت، لدلالة الاسمية على المقارنة لكونها مستمرة لا على حصول صفة غير ثابتة نحو كلمته فوه إلى في، و رجع عوده على بدأه، فيمن رفع فوه و عوده على الابتداء.

قوله عليه السلام:" عدا"

 (2) أي جاوز ما قال الله فيه من النبوة إلى الربوبية.

قوله عليه السلام:" و قتله بالحديد"

 (3) استجيب دعاؤه عليه السلام فيه.

و ذكر الكشي أنه بعث عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن العباس و كان عامل المنصور على الكوفة إلى أبي الخطاب و أصحابه لما بلغه أنهم قد أظهروا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 159

الإباحات، و دعوا الناس إلى نبوة أبي الخطاب و أنهم يجتمعون في المسجد و لزموا الأساطين، يورون الناس أنهم قد لزموها للعبادة، و بعث إليهم رجلا فقتلهم جميعا فلم يفلت منهم إلا رجل واحد، أصابته جراحات فسقط بين القتلى يعد فيهم، فلما جنه الليل خرج من بينهم فتخلص، و هو أبو سلمة سالم بن مكرم الجمال و روي أنهم كانوا سبعين رجلا.

 (الحديث السابع و الثمانون و المائتان)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" يذكر قريشا و العرب"

 (2) أي كان يذكر فضائلهم، و يفتخر بالانتساب بهم.

قوله عليه السلام:" و شيعتنا الموالي"

 (3) المراد بالمولى هنا غير العربي الصليب الذي صار حليفا لهم، و دخل بينهم و صار في حكمهم، و ليس منهم.

قوله عليه السلام:" فهو علج"

 (4) أي فرجل من كفار العجم، و إن كان عربيا صلبيا كما مر.

قوله:" فأين أفخاذ قريش"

 (5) الفخذ دون القبيلة، و فوق البطن و قيل أقرب عشيرة الرجل.

 (الحديث الثامن و الثمانون و المائتان)

 (6): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 160

قوله عليه السلام:" أو يؤدي الجزية"

 (1) لعل هذا في أوائل زمانه عليه السلام، و إلا فالظاهر من الأخبار أنه لا يقبل منهم إلا الإيمان أو القتل كما مر.

قوله عليه السلام:" و يشد على وسطه الهميان"

 (2) الهميان بالكسر: التكة و المنطقة و كيس للنفقة، و الظاهر أن المراد به أنه يعطيهم النفقة ليخرجوا من الأمصار يكون زادهم في الطريق و قيل هو كناية عن الزنار.

 (الحديث التاسع و الثمانون و المائتان)

 (3): مجهول، و الظاهر محمد بن سالم بن أبي سلمة كما سيأتي في 314 و فيه ضعف.

و قال الشيخ: يروي عنه علي بن محمد بن أبي سعيد، لكن ذكر الشيخ في الرجال، علي بن محمد بن سعد و قال: روى عنه محمد بن الحسن بن الوليد.

قوله عليه السلام:" فكاع الناس كلهم"

 (4) قال الفيروزآبادي: كعت عنه: إذا هبته و جبنت عنه، و إنما قال ذلك ليبتليهم في مراتب إيمانهم و إطاعتهم في التكاليف‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 161

الشاقة.

قوله:" لنبلو أخباركم"

 (1) أي ما يخبر به عن أعمالكم و أيمانكم، أو ما تخبرون أنتم عن إيمانكم.

قوله عليه السلام:" آثاركم"

 (2) أي أعمالكم.

قوله عليه السلام:" مادت"

 (3) أي مالت و تحركت كناية عن اضطرابهم و شدة حالهم كان الأرض تتقلب عليهم أو كأنها تزلزل بهم.

قوله عليه السلام:" يرفض"

 (4) قال الفيروزآبادي: أرفض عرقا أي سال و جرى عرقه.

قوله عليه السلام:" كأنما أنشطوا من عقال"

 (5) أي حلت عقالهم.

 (الحديث التسعون و المائتان)

 (6): ضعيف.

و في بعض النسخ عن محمد بن سليمان، و في بعضها عن محمد بن مسلم، و لعله أظهر بالنظر إلى ما مر، و قد عرفت أن الظاهر محمد بن سالم، و على الأول الظاهر أنه مكان محمد بن مسلم في المرتبة.

قوله عليه السلام:" إلا واصفة"

 (7) أي أهل القول الذين يصفون هذا الدين، و يظهرون‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 162

التدين به من غير أن يعملوا بشرائعه، و يطيعوا إمامهم حق إطاعته.

قوله عليه السلام:" تمحصتهم"

 (1) كذا في أكثر النسخ، و الظاهر" محصتهم" و المحص التصفية و التخليص من الغش و الكدورات، و التمحيص الاختبار و الابتلاء.

قوله عليه السلام:" إلا ما كان لي"

 (2) أي من أهل البيت أو مع خواص الأصحاب.

قوله عليه السلام:" على الأرائك"

 (3) هي جمع أريكه و هي سرير في حجلة، أو كل ما يتكأ عليه، و الغرض بيان غفلتهم و فراغتهم و عدم خوفهم و اعتنائهم بالأعمال و يحتمل أن يكون الاتكاء على الأرائك كناية عن الاتكال على الأماني.

قوله عليه السلام:" من صدق قوله"

 (4) بالنصب‏

" فعله"

 (5) بالرفع، و يحتمل العكس أيضا على سبيل المبالغة، أي كان فعله أصلا و قوله فرع ذلك.

 (الحديث الحادي و التسعون و المائتان)

 (6): مجهول و يمكن أن يعد في الحسان أو الموثقات.

قوله عليه السلام:" قد افتتنت في حسنها"

 (7) أي وقعت في الزنا، و مباديها بسبب حسنها و يمكن أن تكون حالا أي تؤتى بها كائنة على حسنها التي كانت لها في الدنيا، و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 163

كذا يجري الاحتمالان في سائر الفقرات.

 (الحديث الثاني و التسعون و المائتان)

 (1): موثق، إذ الظاهر أنه إسماعيل بن الفضل الثقة.

 (الحديث الثالث و التسعون و المائتان)

 (2): موثق.

قوله عليه السلام:" لو يروون"

 (3) هذا على مذهب من لا يجزم بلو، و إن دخلت على المضارع، لغلبة دخولها على الماضي، أي لو لم يغيروا كلامنا، و لم يزيدوا فيها لكانوا بذلك أعز عند الناس، أما لأنهم كانوا يؤدون الكلام على وجه لا يترتب عليه فساد، أو لأن كلامهم لبلاغته يوجب حب الناس لهم، و علم الناس بفضلهم إذا لم يغير فيكون‏

قوله:" و ما استطاع"

 (4) بيان فائدة أخرى لعدم التغيير، يرجع إلى المعنى الأول، و على الأول يكون تفسيرا للسابق.

قوله عليه السلام:" فيحط إليها"

 (5) أي ينزل عليها و يضم بعضها معها عشرا من عند نفسه فيفسد كلامنا و يصير ذلك سببا لإضرار الناس لهم، و في بعض النسخ [لها عشرا] و على هذا يحتمل معنى آخر بأن يكون الضمير في‏

قوله:" أحدهم"

 (6) راجعا إلى الناس، أي العامة، أي يسمع أحدهم الكلمة الرديئة مما أضافه الراوي إلى كلامنا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 164

فيصير سببا لأن يحط و يطرح عشرا من كلامنا بسببها، و لا يقبلها لانضمام تلك الكلمة إليها.

 (الحديث الرابع و التسعون و المائتان)

 (1): موثق.

قوله عليه السلام:" هي شفاعتهم"

 (2) لعل المراد دعاؤهم و تضرعهم، كأنهم شفعوا لأنفسهم أو طلب الشفاعة من غيرهم فيقدر فيه مضاف، و يحتمل أن يكون المراد بالشفاعة مضاعفة أعمالهم، قال الفيروزآبادي: الشفع خلاف الوتر، و هو الزوج و قد شفعه كمنعه و قوله تعالى:" مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً" أي من يزد عملا إلى عمل و الظاهر أنه كان شفقتهم أي خوفهم فصحف، و قد روي عنه عليه السلام أن المراد أنه خائف راج.

و مضى في الثامن و التسعين برواية جعفر بن غياث عنه عليه السلام" و هم مع ذلك خائفون وجلون ودوا أنه حظهم من الدنيا، و كذلك وصفهم الله تعالى حيث يقول:

" وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ"

 (3) ما الذي آتوا به أتوا و الله بالطاعة مع المحبة و الولاية. و هم في ذلك خائفون أن لا تقبل منهم، و ليس و الله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين، و لكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا و طاعتنا".

قوله عليه السلام:" أن لم يطيعوا"

 (4) بالفتح أي لأن، و يحتمل الكسر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 165

 (الحديث الخامس و التسعون و المائتان)

 (1): موثق.

 (الحديث السادس و التسعون و المائتان)

 (2): مجهول.

و يدل على استحباب الأكل مع الخدم و الموالي و العبيد، و الجلوس معهم على المائدة، و إن الشرف بالتقوى لا بالأنساب.

 (الحديث السابع و التسعون و المائتان)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" طبائع الجسم على أربعة"

 (4) أي مبنى طبائع جسد الإنسان و صلاحها على أربعة أشياء، و يحتمل أن يكون المراد بالطبائع ما له مدخل في قوام البدن، و إن كان خارجا عنه، فالمراد أنها على أربعة أقسام.

قوله عليه السلام:" و يخرج ما في الجسم"

 (5) يدل على أن لتحرك النفس مدخلا في دفع الأدواء عن الجسد و دفع العفونات كما هو الظاهر.

قوله عليه السلام:" و الأرض"

 (6) أي الثاني منها الأرض و هي تولد اليبس بطبعها، و الحرارة بانعكاس أشعة الشمس عنها فلها مدخل في تولد المرة الصفراء و السوداء.

قوله عليه السلام:" و الطعام"

 (7) هذا هو الثالثة منها، و إنما نسب الدم فقط إليها

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 166

لأنها أدخل في قوام البدن من سائر الأخلاط مع عدم مدخلية الأشياء الخارجة كثيرا فيها.

قوله عليه السلام" و الماء"

 (1) هذا هو الرابعة مدخليتها في تولد البلغم ظاهر.

 (الحديث الثامن و التسعون و المائتان)

 (2): مجهول.

قوله عليه السلام:" إن خيرا نهر في الجنة"

 (3) يحتمل أن يكون أصل استعمال هذه الكلمة كان ممن عرف هذا المعنى و إرادة من لا يعرف غيره لا ينافيه، على أنه يحتمل أن يكون المراد أن الجزاء الخير هو هذا و ينصرف واقعا إليه و إن لم يعرف ذلك من يتكلم بهذه الكلمة.

قوله عليه السلام:" سمي"

 (4) كذا في أكثر النسخ و الظاهر سمين، و يمكن أن يقرأ على البناء للمعلوم أي سماهن الله بها في قوله خيرات، و يحتمل أن يكون المشار إليه النابت أي سمي النهر باسم ذلك النابت أي الجواري، لأن الله سماهن خيرات.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 167

 (الحديث التاسع و التسعون و المائتان)

 (1): صحيح.

 [الحديث الثلاثمائة] (حديث القباب)

 (2) (الحديث الثلاثمائة): صحيح.

قوله عليه السلام:" تسعة و ثلاثين قبة"

 (3) يحتمل أن تكون تلك القباب محيطة بعضها ببعض بأن يكون المراد بها السماوات و ما فوقها، و من الحجب و يكون المراد بسكانها الملائكة لكن الظاهر عدم الإحاطة، و الاحتمال الأول في الخبر الثاني ضعيف.

 (الحديث الحادي و الثلاثمائة)

 (4): صحيح و الظاهر أبي صالح.

قوله عليه السلام:" أرضا بيضاء"

 (5) أول بالبقاع و الآفاق، و لا يخفى بعده مع عدم الحاجة إليه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 168

قوله عليه السلام:" بنوره"

 (1) أي بنور الشمس و القمر بل بنور آخر خلق الله بينهم فإطلاق المغرب يكون على سبيل مجاز المشاكلة، أو المراد أنهم لا يستضيئون بنور تلك الكواكب، بل بكواكب أخرى على أنه يحتمل أن يكون المراد الاستضاءة بالأنوار المعنوية و الاهتداء بالأئمة عليهم السلام.

قوله عليه السلام:" من فلان و فلان"

 (2) أي من أبي بكر و عمر.

 (الحديث الثاني و الثلاثمائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و حمل سلعته"

 (4) أي متاعه و ما يشتريه لأهله.

 (الحديث الثالث و الثلاثمائة)

 (5): ضعيف.

قوله عليه السلام:" في الربوبية"

 (6) أي ربوبية الصادق عليه السلام أو جميع الأئمة عليهم السلام و لعله كان غرضهم ما نسب إليهم من أنه تعالى لما خلق أنوار الأئمة عليهم السلام فوض إليهم خلق العالم، فهم خلقوا جميع العالم، و قد نفوا عليهم السلام ذلك و تبرءوا منه، و لعنوا من قال به، و قد وضع الغلاة إخبارا في ذلك و يحتمل أن يكونوا توهموا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 169

حلولا أو اتحادا كالنصارى في عيسى عليه السلام و كأكثر الصوفية في جميع الأشياء، تعالى الله عن جميع ذلك علوا كبيرا.

 (الحديث الرابع و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" ملأ ما بين الخافقين"

 (2) لا ضلال الناس و إضرارهم، أو للوساوس في المنام كما رواه الصدوق في أماليه عن أبيه بإسناده عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان و عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان و عن محمد بن الحسين، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

سمعته يقول:" إن لإبليس شيطانا يقال له هزع يملأ المشرق و المغرب في كل ليلة يأتي الناس في المنام" و لعله هذا الخبر فسقط عنه بعض الكلمات في المتن و السند و وقع فيه بعض التصحيف.

 (الحديث الخامس و الثلاثمائة)

 (3): مجهول.

قوله عليه السلام:" فإذا قتلته"

 (4) فاغتسل المشهور بين الأصحاب استحباب ذلك الغسل و استندوا في ذلك بما ذكره الصدوق في الفقيه حيث قال: روي أن من قتل وزغا فعليه الغسل، و قال بعض مشايخنا: أن العلة في ذلك أنه يخرج عن ذنوبه، فيغتسل منها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 170

و قال المحقق في المعتبر: و عندي أن ما ذكره ابن بابويه ليس بحجة، و ما ذكره للعلل ليس طائلا أقول: لعلهم غفلوا عن هذا الخبر إذ لم يذكروه في مقام الاحتجاج.

قوله عليه السلام:" يولول"

 (1) أي يصوت‏

قوله:" بشتيمة"

 (2) هي الاسم من الشتم.

قوله عليه السلام:" إلا مسخ وزغا"

 (3) إما بمسخه قبل موته أو يتعلق روحه بجسد مثالي على صورة الوزغ، أو بتغيير جسده الأصلي إلى تلك الصورة كما هو ظاهر آخر الخبر، لكن يشكل تعلق الروح به قبل الرجعة و البعث، و يمكن أن يكون قد ذهب بجسده إلى الجحيم أو أحرق و تصور لهم جسده المثالي و الله يعلم.

قوله عليه السلام:" درع حديد"

 (4) لعلهم إنما فعلوا ذلك ليصير ثقيلا، أو لأنه إن مسه أحد فوق الكفن لا يحس بأنه خشب.

 (الحديث السادس و الثلاثمائة)

 (5): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 171

 (الحديث السابع و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

 (الحديث الثامن و الثلاثمائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" بثنية الصفا"

 (3) قال في النهاية: الثنية في الجبل كالعقبة فيه و قيل: هو الطريق العالي فيه و قيل: أعلى الميل في رأسه.

قوله عليه السلام:" دون أفق السماء"

 (4) أي عنده أو قريبا منه، و الآفاق النواحي.

اعلم إن هذا الخبر من المعضلات التي حيرت أفهام الناظرين و العويصات التي رجعت عنها بالخيبة أحلام الكاملين و القاصرين.

و الإشكال فيه من وجهين.

أحدهما: أن قصر القامة كيف يصير سببا لرفع التأذي بحر الشمس.

و الثاني: أن كونه عليه السلام سبعين ذراعا بذراعه، يستلزم عدم استواء خلقته عليه السلام و أن يعسر عليه كثير من الاستعمالات الضرورية، و هذا مما لا يناسب رتبة النبوة، و ما من الله به عليه من إتمام النعمة.

فأما الجواب عن الإشكال الأول فمن وجهين.

الأول: إنه يمكن أن يكون للشمس حرارة من غير جهة الانعكاس أيضا، و يكون قامته عليه السلام طويلة جدا بحيث يتجاوز طبقة الزمهرير، و يتأذى من تلك‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 172

الحرارة و يؤيده ما روي في بعض الأخبار العامية في قصة عوج بن عناق أنه كان يرفع السمك إلى عين الشمس ليشويه بحرارتها.

و الثاني: أنه لطول قامته كان لا يمكنه الاستظلال ببناء و لا جبل و لا شجر فكان يتأذى من حرارة الشمس لذلك، و بعد قصر قامته ارتفع ذلك و كان يمكنه الاستظلال بالأبنية و غيرها.

و أما الثاني فقد أجيب عنه بوجوه شتى.

الأول: ما ذكره بعض الأفاضل من مشايخنا أن استواء الخلقة ليس منحصرا فيما هو معهود الآن فإن الله تعالى قادر على خلق الإنسان على هيئات آخر كل منها فيه استواء الخلقة، و من المعلوم أن أعضاءنا الآن ليست بقدر أعضاء آدم عليه السلام و قامتنا ليست كقامته عليه السلام، فالقادر على خلقنا دونه في القدر على تقصير طوله عن الأول، قادر على أن يجعل بعض أعضائه مناسبا للبعض بغير المعهود، و ذراع آدم عليه السلام يمكن أن يكون قصيرا مع طول العضد، و جعله ذا مفاصل، أو لينا بحيث يحصل الارتفاق به، و الحركة كيف شاء كما يمكن بهذا الذراع و العضد.

و الثاني: ما ذكره الفاضل المذكور أيضا و هو أن يكون المراد بالسبعين سبعين قدما أو شبرا، و ترك ذكر القدم أو الشبر لما هو متعارف شائع من كون الإنسان غالبا سبعة أقدام أو أن بقرينة المقام كان يعلم ذلك كما إذا قيل طول الإنسان سبعة تبادر منه الأقدام، فيكون المراد به، أنه صار سبعين قدما، أو شبرا بالأقدام المعهودة في ذلك الزمان، كما إذا قيل غلام خماسي، فإنه يتبادر منه كونه خمسة أشبار،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 173

لتداول مثله و اشتهاره، و على هذا يكون‏

قوله:" ذراعا"

 (1) بدلا من السبعين، بمعنى أن طوله الآن و هو السبعون بقدر ذراعه قبل ذلك، و فائدة قوله حينئذ ذراعا بذراعه معرفة طوله أولا فإن من كون الذراع سبعين قدما مع كونه قدمين و القدمان سبعا القامة، يعلم منه طوله الأول، فذكره لهذه الفائدة، على أن السؤال الواقع بقول السائل: كم كان طول آدم عليه السلام حين هبط إلى الأرض؟ يقتضي جوابا يطابقه و كذا قوله كم كان طول حواء فلو لا قوله ذراعا بذراعه و ذراعا بذراعها لم يكن الجواب مطابقا، لأن قوله دون أفق السماء مجمل، فأفاد عليه السلام الجواب عن السؤال مع إفادة ما ذكره معه من كونه صار هذا القدر.

و أما ما ورد في حواء عليها السلام فالمعنى أنه جعل طول حواء خمسة و ثلاثين قدما بالأقدام المعهودة الآن، و هي ذراع بذراعها الأول فبالذراع يظهر أنها كانت على النصف من آدم، و لا بعد في ذلك، فإنه ورد في الحديث ما معناه أن يختار الرجل امرأة دونه في الحسب و المال و القامة، لئلا تفتخر المرأة على الزوج بذلك و تعلو عليه، فلا بعد في كونه أطول منها.

الثالث: ما ذكره الفاضل المذكور أيضا بأن يكون سبعين- بضم السين- تثنية سبع، و المعنى أنه صير طوله بحيث صار سبعي الطول الأول، و السبعان ذراع من حيث اعتبار الإنسان سبعة أقدام كل قدمين ذراع، فيكون الذراع بدلا أو مفعولا بتقدير- أعني- و في ذكر ذراعا بذراعه حينئذ الفائدة المتقدمة لمعرفة طوله أولا في الجملة، فإن سؤال السائل عن الطول الأول فقط، و أما حواء فالمعنى أنه جعل طولها خمسه- بضم الخاء- أي خمس ذلك الطول و ثلثين تثنية ثلث أي ثلثي الخمس فصارت خمسا و ثلثي خمس، و حينئذ التفاوت بينهما قليل، لأن السبعين في آدم عليه السلام أربعة من أربعة عشر و الخمس و ثلثا خمس من حواء خمسة من خمسة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 174

عشر، فيكون التفاوت بينهما يسيرا إن كان الطولان الأولان متساويين، و إلا فقد لا يحصل تفاوت.

و الفائدة في قوله- ذراعا بذراعها- كما تقدم، فإن السؤال وقع بقوله و كم كان طول حواء، و يحتمل بعيدا عود ضمير خمسه و ثلثيه إلى آدم، و المعنى أنها صارت خمس آدم الأول، و ثلثيه فتكون أطول منه أو خمسه و ثلثيه بعد القصر، فتكون أقصر، و الأول أربط و أنسب بما قبله مع مناسبة تقديم الخمس، و مناسبة الثلاثين له، و يقرب الثاني قلة التفاوت الفاحش على أحد الاحتمالين.

فإن قلت: ما ذكرت من السبعين من الأذرع و الأقدام ينافي ما روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال:" إن أباكم كان طوالا كالنخلة السحوق ستين ذراعا".

قلت: يمكن الجواب بأن ستين ذراعا راجع إلى النخلة لا إلى آدم عليه السلام، فإنه أقرب لفظا و معنى من حيث أن السحوق هي الطويلة، و نهاية طولها لا يتجاوز الستين غالبا، فقد شبه طوله عليه السلام بالنخلة التي هي في نهاية الطول، و لا ينافي هذا كونه أطول منها، فإن من التشبيه أن يشبه شي‏ء بشي‏ء بحيث يكون الشبه به مشهودا متعارفا في جهة من الجهات فيقال: فلان مثل النخلة، و يراد به مجرد الطول و الاستقامة، مع أنه أقصر منها، و قد يعكس و يحتمل كون المراد أن آدم صار ستين ذراعا، و هذا التفاوت قد يحصل في الأذرع، و هو ما بين الستين و السبعين أو لأن الذراع كما يطلق على المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى، قد يطلق على الساعد و لو مجازا، و على تقدير تثنية سبع يستقيم، سواء رجع إلى آدم عليه السلام أم إلى النخلة،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 175

أقول: يرد على الثالث أن الخمس و ثلثي الخمس يرجع إلى الثلث، و نسبة التعبير عن الثلث بهذه العبارة إلى أفصح الفصحاء بعيد عن العلماء.

الرابع: ما يروي عن شيخنا البهائي (قدس سره) من أن في الكلام استخداما بأن يكون المراد بآدم حين إرجاع الضمير إليه آدم ذلك الزمان من أولاده عليه السلام، و لا يخفى بعده عن استعمالات العرب، و محاوراتهم مع أنه لا يجري ذلك في حواء إلا بتكلف ركيك، نعم يمكن إرجاعهما إلى الرجل و المرأة، بقرينة المقام لكنه بعيد أيضا غاية العبد.

الخامس: ما خطر بالبال بأن يكون إضافة الذراع إليهما على التوسعة و المجاز بأن نسب ذراع جنس آدم عليه السلام إليه و جنس حواء إليها، و هو قريب مما سبق.

السادس: ما حل ببالي أيضا و هو أن يكون المراد بذراعه الذراع الذي قرره عليه السلام لمساحة الأشياء، و هذا يحتمل وجهين.

أحدهما: أن يكون الذراع الذي عمله آدم عليه السلام مخالفا للذراع الذي عملته حواء عليها السلام.

و ثانيهما: أن يكون الذراع المعمول في هذا الزمان واحدا، لكن نسب في بيان طول كل منهما إليه لقرب المرجع.

السابع: ما سمحت به قريحتي و إن أتت ببعيد عن الأفهام، و هو أن يكون المراد تعيين حد للغمز لجبرئيل عليه السلام بأن يكون المعنى اجعل طول قامته بحيث يكون بعد تناسب الأعضاء طوله الأول سبعين ذراعا بالذراع الذي حصل له بعد القصر و الغمز، فيكون المراد بطوله طوله الأول، و نسبة التصيير إليه باعتبار أن كونه سبعين ذراعا، إنما يكون بعد خلق ذلك الذراع، فيكون في الكلام شبه قلب، أي اجعل ذراعيه بحيث يكون جزء من سبعين جزء من طول قامته قبل الغمز، و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 176

مثل هذا الكلام قد يكون في المحاورات، و ليس تكلفه أكثر من بعض الوجوه التي ذكرها الأفاضل الكرام، و به يتضح النسبة بين القامتين، إذ طول قامة مستوي الخلقة ثلاثة أذرع و نصف تقريبا، فإذا كان طول قامة الأولى سبعين بذلك الذراع تكون نسبة القامة الثانية إلى الأولى نسبة واحد إلى عشرين أي نصف عشر، و ينطبق الجواب على السؤال، إذ الظاهر منه أن غرض السائل استعلام طول قامته الأولى فلعله كان يعرف طول قامة الثانية لاشتهاره بين أهل الكتاب أو المحدثين من العامة بما رووا عن الرسول صلى الله عليه و آله من ستين ذراعا، فمع صحة تلك الرواية يعلم بانضمام ما أوردنا في حل خبر الكتاب أنه عليه السلام كان طول قامته أو لا ألفا و مائتي ذراع بذراع من كان في زمن الرسول صلى الله عليه و آله، أو بذراع من كان في زمن آدم عليه السلام من أولاده.

الثامن: ما خطر ببالي أيضا لكن وجدته بعد ذلك منسوبا إلى بعض الأفاضل من مشايخنا (ره)، و هو أن الباء في قوله بذراعه للملابسة يعني صير طول آدم سبعين ذراعا بملابسة ذراعه، أي كما قصر من طوله قصر من ذراعه لتناسب أعضائه و إنما خص بذراعه لأن جميع الأعضاء داخلة في الطول، بخلاف الذراع و المراد حينئذ بالذراع في قوله:" سبعين ذراعا" إما ذراع من كان في زمن آدم، أو من كان في زمان من صدر عنه الخبر، و هذا وجه قريب.

التاسع: أن يكون الضمير في قوله:" بذراعه" راجعا إلى جبرئيل عليه السلام أي بذراعه عند تصوره بصورة رجل ليغمزه.

و لا يخفى بعده من وجهين:

أحدهما: عدم انطباقه على ما ذكر في هذا الكتاب، إذ الظاهر أن- صير- هنا بصيغة الأمر، فكأن الظاهر على هذا الحل أن يكون بذراعك، و يمكن توجيهه إذا قرئ بصيغة الماضي، بتكلف تام.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 177

و ثانيهما: عدم جريانه في أمر حواء لتأنيث الضمير إلا أن يتكلف بإرجاع الضمير إلى اليد، و لا يخفى ركاكته و تعسفه.

العاشر: أن يكون الضمير راجعا إلى الصادق أي أشار عليه السلام إلى ذراعه، فقال:- صيره سبعين ذراعا- بهذا الذراع أو إلى علي عليه السلام لما سبق أنه كان في كتابه، و هذا إنما يستقيم علي ما في بعض النسخ، فإن فيها في الثاني أيضا بذراعه، و على تقديره يندفع الإشكال الأخير في الحل السابق أيضا، لكن البعد عن العبارة باق، ثم اعلم أن الغمز يمكن أن يكون باندماج الأجزاء و تكاثفها أو بالزيادة في العرض أو بتحليل بعض الأجزاء بأمره تعالى أو بالجميع و الله يعلم.

 (الحديث التاسع و الثلاثمائة)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" أصاب أباه سبي"

 (2) أي سبى جده أهل قبيلة في الجاهلية ثم ولد منه عبد، و هكذا ثم أسلموا أو ولد عبيد في الإسلام أيضا، و ولد هذا العبد الأخير في الإسلام و أعتق، فقال عليه السلام لا ينتسب إلى آبائه العبيد في الكفر لأنه لا يصلح الانتساب إلى الكفار، و لعله على سبيل الفضل و الأولوية.

قوله عليه السلام:" ثم هو يعد من القبيلة التي كان أبوه سبي فيها"

 (3) أي قبيلته الأصلية التي سبي منها أي لا يقطع هذا السبي نسبته، بل يرثهم و يرثونه إن كان معروف النسب فيهم.

 (الحديث العاشر و الثلاثمائة)

 (4): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 178

قوله عليه السلام:" و الفلج"

 (1) أي الظفر و الفوز.

 (الحديث الحادي عشر و الثلاثمائة)

 (2): حسن.

 (الحديث الثاني عشر و الثلاثمائة)

 (3): حسن.

قوله عليه السلام:" و لا عمل إلا بالنية"

 (4) أي لا يكون العمل مقبولا إلا مع الإخلاص في النية، و ترك شوائب الرياء و الأغراض الفاسدة و قد مر تحقيقه في شرح كتاب الإيمان و الكفر و كذا سائر الفقرات.

 (الحديث الثالث عشر و الثلاثمائة)

 (5): حسن.

قوله عليه السلام:" دخل المدينة و هو يريد الحج"

 (6) هذا غريب إذا لمعروف بين أهل السير إن هذا الملعون بعد الخلافة لم يأت المدينة بل لم يخرج من الشام، حتى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 179

مات و دخل النار، و لعل هذا كان من مسلم بن عقبة، و إلى هذا الملعون حيث بعثه لقتل أهل المدينة فجرى منه في قتل الحرة ما جرى، و قد نقل أنه أجرى بينه و بين علي بن الحسين عليهما السلام قريب من ذلك، فاشتبه على بعض الرواة.

قوله لعنه الله:" أولى لك"

 (1) قال الجوهري: قولهم أولى لك تهدد و وعيد، و قال الأصمعي: معناه قاربه ما يهلكه، أي نزل به انتهى، و هذا لا يناسب المقام و إن احتمل أن يكون الملعون بعد في مقام التهديد، و لم يرض بذلك عنه عليه السلام، و يحتمل أن يكون مراده أن هذا أولى لك و أحرى مما صنع القرشي.

 (الحديث الرابع عشر و الثلاثمائة)

 (2): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 180

و في أكثر النسخ‏

علي بن محمد بن سعيد

 (1)، و الظاهر إما سعد أو علي بن محمد بن أبي سعيد كما ذكرنا في 289.

قوله:" إن هذا نصب لك"

 (2) لعل مراد الراوي بالناصب المخالف كما هو المصطلح في الأخبار، و أنهم لا يبغضون أهل البيت و لكنهم يبغضون من قال بإمامتهم بخلاف الزيدية، فإنهم كانوا يعاندون أهل البيت، و يحكمون بفسقهم لعدم خروجهم بالسيف.

 (الحديث الخامس عشر و الثلاثمائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" على الانتصاف"

 (4) أي الانتقام.

 (الحديث السادس عشر و الثلاثمائة)

 (5): مجهول.

قوله عليه السلام:" فجعل الله تعالى محياكم محيانا"

 (6) أي كمحيانا في التوفيق و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 181

الهداية و الرحمة

" و مماتكم كمماتنا"

 (1) في الوصول إلى السعادة الأبدية.

قوله عليه السلام:" و بين أن يقر الله تعالى عينه"

 (2) أي يسره برؤية مكانه في الجنة و مشاهدة النبي و الأئمة صلوات الله عليهم و سماع البشارات منهم رزقنا الله و سائر المؤمنين ذلك.

قوله:" فمد الجلدة"

 (3) أي جلدة الحلق.

قوله عليه السلام:" فاتقوا الله"

 (4) في ترك جميع الأوامر خصوصا التقية

" فإنكم في هدنة"

 (5) أي مصالحة مع المخالفين و المنافقين لا يجوز لكم الآن منازعتهم.

قوله عليه السلام:" و أدوا الأمانة"

 (6) أي إلى المخالفين أو مطلقا.

قوله عليه السلام:" ما أطعتمونا"

 (7) أي ما دمتم مطيعين لنا.

قوله عليه السلام:" و إن كان حروريا"

 (8) أي خوارج العراق،

" و إن كان شاميا"

 (9) أي نواصب الشام.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 182

 (الحديث السابع عشر و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

 (الحديث الثامن عشر و الثلاثمائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" غثاء"

 (3) قال الجزري: الغثاء بالضم و المد: ما يجي‏ء فوق السيل مما يحتمله من الزبد و الوسخ و غيره.

 (الحديث التاسع عشر و الثلاثمائة)

 (4): ضعيف.

و قد مضى بعينه سندا و متنا في الحادي و السبعين.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 183

 (الحديث العشرون و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

قولها عليها السلام:" أن توتم ابني"

 (2) المشهور في كتب اللغة أن الأيتام تنسب إلى المرأة، يقال أيتمت المرأة أي صار أولادها يتامى، و اليتيم جعله يتيما

قولها عليها السلام" و ترملني"

 (3) الأرملة: المرأة التي لا زوج لها، قولها سلام الله عليها" أن تكون سيئة" أي مكافأة السيئة بالسيئة، و ليست من دأب الكرام، فيكون إطلاق السيئة عليها مجازا أو المراد مطلق الإضرار و يحتمل أن يكون المراد المعصية أي فنهيت عن ذلك، و لا يجوز لي فعله.

قوله:" ما تريد إلى هذا"

 (4) لعل فيه تضمين معنى القصد أي قال مخاطبا لأبي بكر أو عمر ما تريد بقصدك إلى هذا الفعل، أ تريد أن تنزل عذاب الله على هذه الأمة.

 (الحديث الحادي و العشرون و الثلاثمائة)

 (5): ضعيف.

قوله عليه السلام:" ما تواطرا"

 (6) أي جميعا و هو منصوب على المصدر أو على الحال، أقول: هذه القصة من المشهورات روته الخاصة و العامة مبسوطة و إن أنكر بعض أجزائها بعض متعصبي أهل الخلاف لتقليل الفضيحة، و لن يصلح العطار ما أفسد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 184

الدهر، و ليس هذا مقام ذكر تفاصيل تلك الواقعة الشنيعة، و القصة الغريبة، و لعل الله يوفقنا أن نذكرها مفصلا في شرح كتاب الحجة و لنذكر بعض ما يناسب المقام هيهنا.

فأما ما رواه الخاصة فمنها ما رواه سليم بن قيس الهلالي فيما عندنا من كتابه و رواه الطبرسي أيضا في كتاب الاحتجاج عنه، عن سلمان في خبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة، أنه قال: لما بايع القوم أبا بكر و كان الليل حمل علي عليه السلام فاطمة عليها السلام على حمار و أخذ بيد ابنيه حسن و حسين فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين و لا من الأنصار إلا أتاه في منزله، و ذكره حقه و دعاه إلى نصرته فما استجاب له من جميعهم إلا أربعة و عشرون رجلا، فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقين رؤوسهم معهم سلاحهم قد بايعوه على الموت، فأصبح و لم يوافه منهم أحد غير أربعة، فقلت لسلمان و من الأربعة؟ قال: أنا و أبو ذر و المقداد و الزبير بن العوام ثم أتاهم من الليل فناشدهم فقالوا: نصبحك بكرة فما منهم أحد و في غيرنا، ثم الليلة الثالثة فما و في غيرنا.

فلما رأى علي عليه السلام غدرهم و قلة وفائهم لزم بيته، و أقبل على القرآن يؤلفه و يجمعه، فلم يخرج حتى جمعه كله، فكتبه على تنزيله و الناسخ و المنسوخ فبعث إليهم أبو بكر أن أخرج فبايع، فبعث إليه أني مشغول فقد آليت بيمين أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن و أجمعه فجمعه في ثوب و ختمه، ثم خرج إلى الناس و هم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله فنادى علي عليه السلام بأعلى صوته أيها الناس إني لم أزل منذ قبض النبي صلى الله عليه و آله مشغول بغسله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 185

ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب، فلم ينزل الله على نبيه آية من القرآن إلا و قد جمعتها، و ليست منه آية إلا و قد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه و آله و أعلمني تأويلها ثم دخل بيته.

فقال عمر لأبي بكر: أرسل إلى علي عليه السلام فليبايع فإنا لسنا في شي‏ء حتى يبايع، و لو قد بايع آمنا فأرسل أبو بكر رسولا أن أجب خليفة رسول الله فأتاه الرسول فأخبره بذلك فقال علي عليه السلام ما أسرع ما كذبتم على رسول الله صلى الله عليه و آله، إنه ليعلم و يعلم الذين حوله، أن الله و رسوله لم يستخلفا غيري، فذهب الرسول فأخبره بما قاله، فقال: اذهب فقل أجب أمير المؤمنين أبا بكر فأتاه فأخبره بذلك، فقال علي عليه السلام: سبحان الله ما طال العهد فينسى و أنه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي، و لقد أمر رسول الله صلى الله عليه و آله سابع سبعة فسلموا علي بإمرة المؤمنين، فاستفهمه هو و صاحبه عمر من بين السبعة، فقالا أ من الله أو من رسوله؟

فقال لهما رسول الله نعم حقا من الله و من رسوله أنه أمير المؤمنين، و سيد المسلمين، و صاحب لواء الغر المحجلين يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة، و أعداءه النار، فانطلق الرسول إلى أبي بكر و أخبره بما قال فكفوا عنه يومئذ.

فلما كان الليل حمل فاطمة سلام الله عليها على حمار ثم دعاهم إلى نصرته فما استجاب له رجل غيرنا أربعة فإنا حلقنا رؤوسنا و بذلنا له نصرتنا، و كان علي عليه السلام لما رأى خذلان الناس له و تركهم نصرته و اجتماع كلمة الناس مع أبي بكر و طاعتهم له، و تعظيمهم له، جلس في بيته.

و قال عمر لأبي بكر: ما منعك أن تبعث إليه فيبايع فإنه لم يبق أحد إلا و قد بايع غيره و غير هؤلاء الأربعة معه، و كان أبو بكر أرأف الرجلين و أرفقهما و أدهاهما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 186

و أبعدهما غورا، و الآخر أفظهما و أغلظهما و أجفاهما، فقال: من ترسل إليه؟ قال:

أرسل إليه قنفذا و كان رجلا فظا غليظا جافيا من الطلقاء أحد بني تميم [تيم‏] فأرسله و أرسل معه أعوانا فانطلق فاستأذن فأبى علي عليه السلام أن يأذن له فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر و عمر و هما في المسجد، و الناس حولهما، فقالوا: لم يأذن لنا، فقال عمر:

إن هو أذن لكم و إلا فادخلوا عليه بغير إذنه، فانطلقوا فاستأذنوا فقالت فاطمة عليها السلام أحرج عليكم أن تدخلوا بيتي بغير إذن، فرجعوا و ثبت قنفذ، فقالوا إن فاطمة قالت كذا كذا فحرجتنا أن ندخل عليها بغير إذن، فغضب عمر فقال: ما لنا و للنساء، ثم أمر أناسا حوله فحملوا حطبا، و حمل معهم عمر فجعلوه حول منزله، و فيه علي و فاطمة و ابناهما عليهم السلام، ثم نادى عمر حتى أسمع عليا عليه السلام و الله لتخرجن و لتبايعن خليفة رسول الله أو لأضرمن عليك بيتك نارا، ثم رجع فقعد إلى أبي- بكر و هو يخاف أن يخرج إليه علي عليه السلام بسيفه لما يعرف من بأسه و شدته ثم قال لقنفذ إن خرج و إلا فاقتحم عليه، فإن امتنع فأضرم عليهم بيتهم نارا، فانطلق قنفذ فاقتحم هو و أصحابه بغير إذن، و ثار علي إلى سيفه فسبقوه إليه فتناول بعض سيوفهم فكثروا فضبطوه، و ألقوا في عنقه حبلا، و حالت فاطمة عليها السلام بين زوجها و بينهم عند باب البيت، فضربها قنفذ بالسوط على عضدها، و إن بعضدها مثل الدملوج من ضرب قنفذ إياها، فأرسل أبو بكر إلى قنفذ اضربها فألجأها إلى عضادة باب بيتها فدفعتها فكسر ضلعا من جنبها، و ألقت جنينا من بطنها، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت من ذلك شهيدة صلوات الله عليها.

ثم انطلقوا بعلي عليه السلام يعتل حتى انتهوا به إلى أبي بكر و عمر قائم بالسيف على رأسه، و خالد بن الوليد و أبو عبيدة بن الجراح، و سالم، و المغيرة بن شعبة، و أسيد بن حصين، و بشير بن سعد، و سائر الناس قعود حول أبي بكر و هو عليه السلام يقول‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 187

أما و الله لو وقع سيفي بيدي لعلمتم أنكم لن تصلوا إلى هذا مني و بالله ما ألوم نفسي في جهد و لو كنت في أربعين رجلا لفرقت جماعتكم فلعن الله قوما بايعوني ثم خذلوني، فانتهره عمر، فقال: بايع، فقال: فإن لم أفعل قال إذا نقتلك ذلا و صغارا، فقال: إذا تقتلون عبد الله و أخا رسول الله، فقال أبو بكر: أما عبد الله فنعم، و أما أخا رسول الله فلا نقر لك بها، قال: أ تجحدون أن رسول الله آخى بين نفسه و بيني، فأعادوا عليه بذلك ثلاث مرات، ثم أقبل علي عليه السلام فقال:

يا معاشر المهاجرين و الأنصار أنشدكم بالله أ سمعتم رسول الله يقول يوم غدير خم كذا و كذا، و في غزوة تبوك كذا و كذا فلم يدع شيئا قال فيه عليه السلام علانية للعامة إلا ذكر، فقالوا اللهم نعم.

فلما أن خاف أبو بكر أن ينصروه و يمنعوه بادرهم، فقال: كلما قلت قد سمعناه بآذاننا و دعته قلوبنا، و لكن سمعت رسول الله يقول: بعد هذا إنا أهل بيت اصطفانا الله و أكرمنا و اختار لنا الآخرة على الدنيا و إن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة و الخلافة.

فقال علي عليه السلام: أما أحد من أصحاب رسول الله شهد هذا معك؟ قال عمر:

صدق خليفة رسول الله و قد سمعنا هذا منه كما قال و قال أبو عبيدة و سالم مولى أبي حذيفة و معاذ بن جبل صدق قد سمعنا ذلك من رسول الله، فقال لهم: لتسد ما وقيتم بصحيفتكم الملعونة، التي تعاقدتم عليها في الكعبة، إن قتل الله محمدا و أماته أن تزووا هذا الأمر منا أهل البيت، فقال أبو بكر: و ما علمك بذلك، ما أطلعناك عليها، فقال علي عليه السلام: يا زبير و يا سلمان و أنت يا مقداد أذكركم الله و بالإسلام أ سمعتم رسول الله يقول ذلك لي إن فلانا و فلانا حتى عد هؤلاء الخمس قد كتبوا بينهم كتابا و تعاهدوا و تعاقدوا على ما صنعوا؟ قالوا: اللهم نعم قد سمعنا، يقول ذلك لك، فقلت بأبي أنت يا رسول الله فما تأمرني أفعل إذا كان ذلك فقال لك إن وجدت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 188

عليهم أعوانا فجاهدهم، و نابذهم، و إن لم تجد أعوانا فبايعهم و احقن دمك.

فقال علي عليه السلام: أما و الله لو أن أولئك الأربعين رجلا الذين بايعوني وفوا لي لجاهدتك و الله، أما و الله لا ينالها أحد من عقبكم إلى يوم القيامة ثم نادى قبل أن يبايع" يا بن أم إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي" ثم تناول يد أبي بكر فبايعه كرها، فقال للزبير بايع فأبى فوثب إليه عمر، و خالد بن الوليد و ابن شعبة في أناس فانتزعوا سيفه فضربوا به الأرض حتى كسر فقال الزبير و عمر على صدره يا بن صهاك أما و الله لو أن سيفي في يدي لحدث عني، ثم بايع قال سلمان: ثم أخذوني فوجؤوا عنقي حتى تركوها مثل السلعة، ثم فتلوا يدي فبايعت مكرها ثم بايع أبو ذر و المقداد مكرهين و ما من الأمة أحد بايع مكرها غير علي و أربعتنا و لم يكن أحد منا أشد قولا من الزبير، أقول: ثم ذكر احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام و هؤلاء الأربعة عليهم.

و روي عن الصادق عليه السلام أنه قال:" لما استخرج أمير المؤمنين من منزله خرجت فاطمة عليها السلام فما بقيت امرأة هاشمية إلا خرجت معها حق انتهت قريبا من القبر فقالت خلوا عن ابن عمي فو الذي بعث محمدا بالحق إن لم تخلوا عنه لأنشرن شعري و لأضعن قميص رسول الله صلى الله عليه و آله على رأسي، و لأصرخن إلى الله تبارك و تعالى فما ناقة صالح بأكرم على الله مني و لا الفصيل بأكرم على الله من ولدي، قال سلمان:

كنت قريبا منها فرأيت و الله أساس حيطان مسجد رسول الله تقلعت من أسفلها، حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ فدنوت منها و قلت يا سيدتي و مولاتي إن الله تعالى بعث أباك رحمة، فلا تكوني نقمة فرجعت و رجعت الحيطان إلى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 189

الأرض حتى سطعت الغبرة من أسفلها قد خلت في خياشيمنا انتهى.

و قد روى أصحابنا في ذلك أخبارا كثيرة ليس هذا مقام ذكرها.

و أما روايات العامة فقد روى البلاذري في تاريخه أكثر ما نقلناه من طرقنا مبسوطا، و قد اعترف ابن أبي الحديد مجملا أن جماعة من أصحاب الحديث رووا أمثال ذلك، و روى ابن أبي الحديد عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري بإسناد ذكره عن سلمة بن عبد الرحمن، قال لما جلس أبو بكر على المنبر كان علي عليه السلام و الزبير و أناس من بني هاشم في بيت فاطمة فجاء عمر إليهم، فقال و الذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم فخرج إليه الزبير مصلتا سيفه فاعتنقه رجل من الأنصار و زياد بن لبيد فدق به السيف من يده فصاح به أبو بكر و هو على المنبر أضرب به على الحجر، قال أبو عمرو بن حماس فلقد رأيت الحجر فيه تلك الضربة، و يقال هذه ضربة سيف الزبير ثم قال أبو بكر: دعوهم فسيأتي الله بهم، قال: فخرجوا إليه بعد ذلك فبايعوه.

قال أبو بكر و قد روي في رواية أخرى أن سعد بن أبي وقاص كان معهم في بيت فاطمة عليها السلام، و المقداد بن الأسود أيضا، و إنهم اجتمعوا على أن يبايعوا عليا عليه السلام فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت، فخرج إليه الزبير بالسيف، و خرجت فاطمة سلام الله عليها تبكي و تصيح إلى ما ذكره.

و روى أيضا عن أحمد بن إسحاق عن أحمد بن سيار، عن سعيد بن كثير الأنصاري- في أثناء ذكر خبر السقيفة بطوله- و ذهب عمر و معه عصابة إلى بيت فاطمة منهم أسيد بن حضير و سلمة بن أسلم، فقال لهم: انطلقوا فبايعوا فأبوا عليه، و خرج‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 190

إليه الزبير بسيفه، فقال عمر عليكم الكلب فوثب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده، فضرب به الجدار، ثم انطلقوا به و بعلي و معهما بنو هاشم، و علي يقول: أنا عبد الله و أخو رسوله حتى انتهوا به إلى أبي بكر، فقيل له: بايع، فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم و أنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله صلى الله عليه و آله فأعطوكم و سلموا إليكم الإمارة، و أنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم و أعرفوا للناس الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم، و إلا فبوءوا بالظلم و أنتم تعلمون.

فقال عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع، فقال له علي: أحلب يا عمر حلبا لك شطره أشدت له اليوم أمره ليرد عليك غدا لا و الله لا أقبل قولك و لا أبايعه.

فقال له أبو بكر: فإن لم تبايعني فلم أكرهك.

فقال له أبو عبيدة: يا أبا الحسن إنك حديث السن و هؤلاء مشيخة قريش قومك ليس لك تجربتهم و معرفتهم بالأمور و لا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك، و أشد احتمالا له و اضطلاعا به فسلم له هذا الأمر و أرض به فإنك إن تعش و يطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق، و به حقيق في فضلك و قرابتك و سابقتك و جهادك.

فقال علي: يا معشر المهاجرين الله الله لا تخرجوا سلطان محمد عن داره و بيته إلى بيوتكم و دوركم و لا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس و حقه، فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، أما كان منا القاري لكتاب الله، الفقيه في دين الله العالم بالسنة المصطلع بأمر الرعية، و الله إنه لفينا فلا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 191

تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا.

فقال بشر بن سعد: لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار قبل بيعتهم لأبي- بكر ما اختلف عليك اثنان، و لكنهم قد بايعوا و انصرف علي إلى منزله و لم يبايع و لزم بيته حتى ماتت فاطمة فبايع.

و روي أيضا عن أحمد بن عبد العزيز قال أخبرني أبو بكر الباهلي، عن إسماعيل بن مجالد، عن الشعبي قال: قال أبو بكر: يا عمر أين خالد بن الوليد؟ قال:

هو هذا فقال: انطلقا إليهما يعني عليا و الزبير فأتياني بهما، فدخل عمر و وقف خالد على الباب، من خارج فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟ قال: أعددته لأبايع عليا قال: و كان في البيت ناس كثير منهم المقداد بن الأسود و جمهور الهاشميين فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه فأخرجه، و قال: يا خالد دونك هذا، فأمسكه خالد و كان خارج الباب مع خالد جمع كثير من الناس بعثهم أبو بكر ردأ لهما، ثم دخل عمر، فقال لعلي: قم فبايع فتلكأ و احتبس فأخذه بيده فقال قم، فأبى أن يقوم فحمله و دفعه كما دفع الزبير ثم أمسكهما خالد و ساقهما عمر و من معه سوقا عنيفا و اجتمع الناس ينظرون و امتلأت شوارع المدينة بالرجال، و رأت فاطمة ما صنع عمر فصرخت و ولولت، و اجتمع معها نساء كثير من الهاشميات و غيرهن فخرجت إلى باب حجرتها و نادت يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله، و الله لا أكلمه حتى ألقى الله قال: فلما بايع علي و الزبير و هدأت تلك الفورة أمسى إليها أبو بكر بعد ذلك فشفع لعمر و طلبه إليها فرضيت عنه،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 192

ثم قال ابن أبي الحديد- بعد ذكر بعض الأخبار في ذلك-: و الصحيح عندي أنها ماتت و هي واجدة على أبي بكر و عمر و أنها أوصت أن لا يصليا عليها، و ذلك عند أصحابنا من الأمور المغفورة لهما، و كان الأولى بهما إكرامها و احترام منزلها ثم روي بإسناده عن ابن عباس أن عمر قال له أما و الله إن صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله صلى الله عليه و آله إلا أنا خفناه على اثنين، على حداثة سنة و حبه بني عبد المطلب و قد أورد ابن قتيبة أكثر هذه الواقعة الشنيعة و ذكر أنه هدد أبو بكر عليا بالقتل إن لم يبايع، فأتى قبر النبي صلى الله عليه و آله باكيا و قال: (يا بن أم إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي).

أقول: نكتفي في هذا المقام بما أوردنا من أخبار الفريقين، و إن كان قليلا من كثير فلينظر امرؤ فيها و لينصف من نفسه هل يظهر له بغض هؤلاء لأهل البيت عليهم السلام و معاندتهم لهم مع أنهم رووا في أخبار كثيرة أن حبهم إيمان، و بغضهم كفر و نفاق و هل يتبين له منها مفارقة القوم عليا و مفارقته إياهم، و قد رووا بأسانيد جمة أن عليا مع الحق و الحق مع علي حيث ما دار و هل يخفى على ذي حجى أن مثل هذه الإهانات و أقل منها إيذاء له عليه السلام.

و قد روى أحمد بن حنبل و غيره أنه صلى الله عليه و آله قال:" من آذى عليا فقد آذاني".

و هل يخفى عليك بعد التفكر فيما نقلنا أن هذه البيعة من عظماء الصحابة كانت بعد زمان طويل جبرا و قهرا، فهل يجوز عاقل أن يكون مثل هذه البيعة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 193

سببا لحصول رئاسة الدنيا و الدين، و إمامة كافة المسلمين، و قد اعترف جلهم بل كلهم بأن فاطمة عليها السلام استشهدت ساخطة عليهما، و قد رووا جميعا أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال لفاطمة:" يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك، و يرضى لرضاك" و أنه قال:

" فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى الله" و قد قال الله تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً" و من فوض مصالح المسلمين إلى هؤلاء المنافقين الكافرين الجاهلين حتى لزمهم مثل هذه الشنائع و القبائح لرعاية مصالح المسلمين و أية مصلحة للمسلمين كانت تعارض مثل هذه المفاسد العظيمة، حتى يرعوها، و أية مفسدة كانت أشد من الدخول في حرم أهل البيت بغير إذنهم، و كشف سترهم و زجرهم و دفعهم و إبكائهم و إلجاء سيدة النساء إلى الخروج و التظلم في مجامع الكفرة، و تسليط أهل الكفر على أهل بيت الرسالة أعواما كثيرة حتى انتهى الأمر إلى أن قتلوهم و شردوهم هل كان هذا مقتضى وصية الرسول صلى الله عليه و آله بهم في المواطن على ما أثبته جميع المخالفين في كتبهم؟ أم كان لائقا بحرمة النبي الذي أعزهم و آواهم و نصرهم و أغناهم، و من شفا جرف النار أنقذهم فلبئس ما عزوا أهل بيته في مصيبته، و لساء ما جبروا وهنهم في رزيئته.

و هذا الكلام يقتضي مقاما أوسع من ذلك المقام، و ما ذكرناه كاف لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد، اللهم العن هؤلاء الظالمين الغاصبين لعنا وبيلا و عذبهم عذابا أليما لا تعذب به أحدا من العالمين، و العن أشياعهم و أتباعهم من الأولين و الآخرين إلى يوم الدين.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 194

 (الحديث الثاني و العشرون و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" إن عمل خيرا جزي به"

 (2) الظاهر أن المراد أنه لا يحكم بكفره بل يؤمر بالأعمال فإن عمل خيرا يثاب عليه، و إن عمل شرا يعاقب عليه كما هو المشهور بين الأصحاب، و هذا لا ينافي ما يظهر من بعض الأخبار أنه يفعل باختياره ما يستوجب النار، إذ هذا حكم ظاهر حاله، و ذاك بيان ما يؤول إليه أمره، و على مذهب من قال- كالسيد المرتضى (ره)- أنه بحكم الكفار و إن لم يظهر منه ما يوجب كفره، يمكن أن يحمل الجزاء على الأجر المنقطع الذي يكون للكفار أيضا لا على الثواب الدائم، و قد سبق الكلام فيه في شرح كتاب الطهارة.

 (الحديث الثالث و العشرون و الثلاثمائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" يستمعان إلى حديثه"

 (4) أي كانا يسترقان السمع ليسمعا ما يخبر به، و يحكيه النبي مع أهل بيته و أزواجه و يخبرا به المنافقين، و إنما سماها وزغا لما مر من أن بني أمية يمسخون بعد الموت وزغا، لأن الوزغ يستمع الحديث، فشبههما لذلك به، و هذا أظهر للتعليل.

قوله عليه السلام:" فمن يومئذ يرون"

 (5) أي يعلم الناس أن الوزغ يستمع الحديث لأنه صلى الله عليه و آله شبهه بهما في ذلك.

 (الحديث الرابع و العشرون و الثلاثمائة)

 (6): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 195

قوله:" و لا أعلم"

 (1) أي أظن أنه عليه السلام قال: و لعن رسول الله صلى الله عليه و آله عند ذلك مروان، و هذا هو مروان بن الحكم الذي طرده و أباه رسول الله صلى الله عليه و آله من المدينة فآواهما عثمان.

 (الحديث الخامس و العشرون و الثلاثمائة)

 (2): ضعيف.

و قد مر بعينه في السادس و السبعين.

 (الحديث السادس و العشرون و الثلاثمائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" أول ما يمطر"

 (4) أي أول كل مطر أو المطر أول السنة، و الأول أظهر،

قوله:" الكن"

 (5) بالنصب أي أدخل الكن أو اطلبه، و الكن: بالكسر ما يستتر به من بناء و نحوه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 196

قوله عليه السلام:" إن تحت العرش بحرا"

 (1) يدل على أن ماء المطر ينزل من السماء كما هو ظاهر الآية، و لا عبرة بقول الطبيعيين أنه ينزل بعد البرد ما يتصاعد من بخارات الأرض، فإنه كلام ظني لم يستدلوا عليه بدليل، و ما ادعوا من التجربة فبعد تسليم أن لهم طريقا إلى تجربة ذلك، فلا يستقيم حكمهم كليا، نعم يظهر من بعض الأخبار أن المطر نوعان منه ما يصعد من البخار، و منه ما ينزل من السماء، و الثاني أكثر نفعا و أعظم بركة، و كذلك يكون في زمن القائم عليه السلام.

قوله:" فيما أظن"

 (2) هذا كلام الراوي، أي أظن أن الصادق عليه السلام ذكر السماء الدنيا.

قوله عليه السلام:" ثم يوحي إلى الريح أن أطحنيه و أذيبيه"

 (3) ظاهره أن المراد أن ما ينزل من السماء برد، فإذا أراد أن يصيره مطرا يأمر الريح أن يطحنه و يذيبه و آخر الخبر صريح في ذلك، و الآية أيضا يحتمل ذلك بل هو أظهر فيها بأن يكون مفعول ينزل الودق، أي ينزل الودق من جبال، لكن ذكر البحر سابقا لا يلائمه إلا أن يقال المراد أن تلك الجبال في ذلك البحر، و يحتمل أن يكون الطحن و الإذابة عن تفريق الماء في السحاب، لئلا ينزل دفعة، و لا في بعض المواضع أكثر من بعض، فيكون اللام في‏

قوله- الماء

 (4) للعهد أي ماء المطر لكن ما سيأتي لا يقبل هذا الحمل و يحتمل أيضا أن يكون مرور ذلك الماء على تلك الجبال، فبذلك ينجمد أو يختلط بذلك البرد، و الله يعلم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 197

قوله عليه السلام:" ماء منهمر"

 (1) أي منصب سائل من غير تقاطر، أو كثير من غير أن يعلم وزنها، و عددها الملائكة.

قوله عليه السلام:" فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ"

 (2) إشارة إلى قوله تعالى:" أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً" قال البيضاوي: أي" يسوق ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ" بأن يكون" قزعا" فيضم بعضها إلى بغض" ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً" متراكما بعضه فوق بعض" فَتَرَى الْوَدْقَ" أي المطر" يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ" أي من فتوقه جمع خلل كجبال في جبل" وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ" أي من الغمام و كل ما علاك فهو سماء" مِنْ جِبالٍ فِيها" من قطع عظام تشبه الجبال في عظمها أو جمودها" مِنْ بَرَدٍ" بيان للجبال و المفعول محذوف أي ينزل مبتدأ من السماء، من جبال فيها من برد، و يجوز أن تكون من الثانية أو الثالثة للتبعيض واقعة موقع المفعول، و قيل المراد بالسماء المظلة، و فيها جبال من برد كما في الأرض جبال من حجر، و ليس في العقل ما يمنعه، و المشهور أن الأبخرة إذا تصاعدت و لم تحللها حرارة فبلغت الطبقة الباردة من الهواء، و قوي البرد هناك اجتمع و صار سحابا فإن لم يشتد البرد تقاطر فإن اشتد و وصل الأجزاء البخارية قبل اجتماعها نزل ثلجا و إلا نزل بردا، و قد يبرد الهواء بردا مفرطا فينقبض و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 198

ينعقد سحابا و ينزل منه المطر و الثلج" فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ" هذا الضمير للبرد انتهى.

قوله عليه السلام:" لا تشيروا إلى المطر"

 (1) لعل المراد الإشارة إليهما على سبيل المدح كان يقول ما أحسن هذا الهلال، و ما أحسن هذا المطر أو أنه ينبغي عند رؤية الهلال و نزول المطر الاشتغال بالدعاء لا الإشارة إليهما كما هو عادة السفهاء، أو أنه لا ينبغي عند رؤيتهما التوجه إليهما عند الدعاء و التوسل بهما، كما أن بعض الناس يظنون أن الهلال له مدخلية في نظام العالم فيتوسلون به، و يتوجهون إليه و هذا أظهر بالنسبة إلى الهلال.

و يؤيده ما رواه الصدوق في الفقيه عن الصادق عليه السلام أنه قال:" إذا رأيت هلال شهر رمضان، فلا تشر إليه لكن استقبل القبلة و ارفع يديك إلى الله تعالى و خاطب الهلال" الخبر.

 (الحديث السابع و العشرون و الثلاثمائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فقد يسر المرء"

 (3) إشارة إلى قوله تعالى:" ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ" و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 199

لعل المراد بالآية و الخبر نفي الأمر المانع عن التسليم لأمر الله و الفرح الموجب للبطر و الاختيال بقرينة ذكر الاختيال و الفخر في الآية، و يحتمل أن يكون المراد نفي الحزن الناشئ من توهم أنه قد حصل ذلك بكده و كان يمكنه رفع ذلك عن نفسه و الفرح الناشئ من توهم أنه حصل ذلك بكده و سعيه و تدبيره و على التقديرين يستقيم التعليل و التفريع المستفادان من الآية و الخبر.

و أما ما ذكره الشيخ الطبرسي- و الذي يوجب نفي الأسى و الفرح من هذا أن الإنسان إذا علم أن ما فات منها ضمن الله تعالى العوض عليه في الآخرة فلا ينبغي أن يحزن لذلك، و إذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر عليه و الحقوق الواجبة فيه فلا ينبغي أن يفرح به، و أيضا إذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي تدوم و لا تبيد.

- فلا مدخل لوجهيه في تصحيح التعليل إلا أن يتكلف في أولهما بأن التقدير يستلزم ضمان العوض و إيجاب الشكر و لذلك صار علة لعدم الحزن و الفرح.

قوله عليه السلام:" أو حكم"

 (1) أي حكمة أو قضاء حق قضى به على نفسه أو غيره.

قوله عليه السلام:" فلا تنعم به سرورا"

 (2) أي لا تزد في السرور و لا تبالغ فيه أو لا تكن مرفه الحال بسبب السرور به.

قال الفيروزآبادي: التنعم: الترفه و الاسم النعمة بالفتح نعم كسمع و نصر و ضرب و النعمة- بالكسر- المسرة و نعم الله بك كسمع و نعمك و أنعم بك عينا أقر بك عين من تحبه أو أقر عينك بمن تحبه و أنعم الله صباحك من النعومة انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 200

و حاصل الخبر: أنه ينبغي للإنسان أن لا يعتني بالدنيا و لا يكون همه مصروفا في حطامها و لا يبالي في ذلك بفقدها، بل يكون همه مصروفا في الآخرة و نعيمها الدائم وفقنا الله و سائر المؤمنين لذلك.

 (الحديث الثامن و العشرون و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

و قد مر مثله في التاسع و الخمسين و المائتين.

قوله عليه السلام:" و إن كان هؤلاء على دين أولئك"

 (2) لعله عليه السلام لما خصص من بين الآباء إبراهيم و إسماعيل، لبيان أن جميع الأنبياء مشاركون لنا في الدين، و كان هذا التخصيص يوهم إما الحصر أو كونهم أفضل من آبائه الأكرمين محمد و أهل بيته صلوات الله عليهم، استدرك عليه السلام ذلك بأن النبي صلى الله عليه و آله و أهل بيته عليهم السلام هم الأصل في دين الحق، و سائر الأنبياء على دينهم و من أتباعهم عليهم السلام.

فقوله عليه السلام:- هؤلاء- إشارة إلى إبراهيم و إسماعيل و غيرهم من الأنبياء الماضية، و- أولئك- إشارة إلى آبائه الأقربين من النبي و الأئمة الطاهرين.

و يحتمل أن يكون سقط العاطف من النساخ، و يكون في الأصل و إبراهيم فيستقيم من غير تكلف، و يمكن أن يكون- هؤلاء- إشارة إلى المخالفين و- أولئك- إلى أئمتهم الغاوين كما أفيد.

و يحتمل أيضا أن يكون- هؤلاء- إشارة إلى المخالفين، و- أولئك- إلى الآباء و يكون المراد أنهم و إن كانوا يدعون أنهم على دين آبائي، لكنهم براء منه، و أنتم على دينهم أو يكون الغرض أن دين آبائي دين لا ينكره أحد، و كل ذي دين‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 201

يطلب أن يكون عليه.

قوله عليه السلام:" فأعينوا على هذا"

 (1) الدين فأعينونا في شفاعتكم حالكونكم على دين الحق‏

بورع‏

 (2) عن المحارم، و

اجتهاد

 (3) في الطاعات، و يحتمل أن تكون- على- تعليلية أي لكونكم على هذا الدين أو بمعنى مع.

 (الحديث التاسع و العشرون و الثلاثمائة)

 (4): مجهول.

قوله عليه السلام:" حتى يكون بينهم و بين القائم عليه السلام بريد"

 (5) أي أربعة فراسخ و في بعض النسخ [لا يكون‏] فالمراد بالبريد الرسول أي يكلمهم في المسافات البعيدة بلا رسول و بريد.

 (الحديث الثلاثون و الثلاثمائة)

 (6): ضعيف.

قوله عليه السلام:" من استخار الله"

 (7) أي طلب في كل أمر يريده و يأخذه فيه أن ييسر الله له ما هو خير له في دنياه و أخرته، ثم يكون راضيا بما صنع الله له يأت الله بخيره البتة، و هذه الاستخارة غير الاستخارة بالرقاع و القرآن و السبحة و غيرها و إن احتمل شمولها لها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 202

 (الحديث الحادي و الثلاثون و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

قوله:" اشتددت"

 (2) الاشتداد و الشد: العدو.

قوله عليه السلام:" إلا بخفق النعال"

 (3) أي صوتها، و الغرض إن خفق النعال سبب للفخر و الكبر، فيكون الغرض تعليم الناس بترك ذلك و إن كان في شأنه عليه السلام لا تحتمل هذه المفسدة، أو أن أئمة الضلال إنما هلكوا بحبهم الفخر و العلو، و كثرة الاتباع و خفق النعال خلفهم، و أما أنا فلا أحب ذلك فلم تمشي خلفي.

قوله عليه السلام:" فمن شرفه السلطان"

 (4) أي الإمام بالحق أو الأعم منه، و من سلطان الجور، فإن شرف الدنيا لمن شرفته ملوك الدنيا، و الآخرة لمن شرفه سلطان الحق.

 (الحديث الثاني و الثلاثون و الثلاثمائة)

 (5): ضعيف.

قوله عليه السلام:" حتى إذا كانت سبعة أطباق"

 (6) يحتمل أن يكون المراد أن الطبقة السابعة فيها من نار، فيكون حرارتها لجهتين لكون طبقات النار أكثر بواحدة، لكون الطبقة العليا من النار، و يحتمل أن يكون لباس النار طبقة ثامنة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 203

فيكون الحرارة للجهة الثانية فقط، و كذا في القمر.

ثم أنه يحتمل أن يكون خلقهما من الماء و النار الحقيقيين من صفوهما و ألطفهما، و أن يكون المراد جوهرين لطيفين مشابهين لهما في الكيفية، و لم يثبت امتناع كون العنصريات في الفلكيات ببرهان، و قد دل الشرع على خلافه في مواضع كثيرة.

 (الحديث الثالث و الثلاثون و الثلاثمائة)

 (1): مرسل.

قوله عليه السلام:" و من كانت له حقيقة ثابتة"

 (2) أي حقيقة من الإيمان، و هي خالصة و محضة و ما يحق أن يقال أنه إيمان ثابت لا يتغير من الفتن و الشبهات.

قال الجزري: فيه" لا يبلغ المؤمن حقيقة الإيمان حتى لا يعيب مسلما بعيب هو فيه" يعني خالص الإيمان، و محضه و كنهه.

قوله عليه السلام:" لم يقم على شبهة هامدة"

 (3) أي على أمر مشتبه باطل ثم في دينه لم يعلم حقيقته بل يطلب اليقين، حتى يصل إلى غاية ذلك الأمر أو غاية امتداد ذلك الأمر، و الحاصل أن الشبهات تعتري الإنسان في سلوك طريق الحق فإذا وقف عندها لم ينتفع بها، و لم يصل إلى ما هو الحق الحقيق بأن يتبع، و إذا تجاوز عنها بتأييد ربه و نور عقله، وصل إلى الأمر المتيقن المعلوم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 204

قال الجزري: أرض هامدة: لا نبات بها و نبات هامد: يابس، و همدت النار إذا خمدت، و الثوب إذا بلى.

قوله عليه السلام:" و يطلب الحادث"

 (1) أي الحكم الذي حدث و ظهر من الناطق أي الراوي الذي ينطق و يخبر عن الإمام عليه السلام الذي هو وارث علم النبي صلى الله عليه و آله، و يحتمل أن يكون المراد بالناطق الإمام عليه السلام الذي ينطق و يخبر عن إمام آخر هو وارث علم النبي صلى الله عليه و آله.

قوله عليه السلام:" و بأي شي‏ء جهلتم ما أنكرتم"

 (2) يحتمل أن يكون المراد بالإنكار النفي و الإبطال، أي بهداية الأئمة عليهم السلام أنكرتم طرق الضلال و الغواية، و عرفتم سبيل الرشد و الهداية فتمسكوا بعروة اتباعهم إن أحببتم أن تكونوا من المؤمنين.

و يحتمل أن يكون المراد بالإنكار عدم المعرفة، أي فارجعوا إلى أنفسكم، و تفكروا في أن ما جهلتموه لأي شي‏ء جهلتموه، ليس جهلكم إلا من تقصيركم في الرجوع إلى أئمتكم، و في أن ما عرفتموه لأي شي‏ء عرفتموه لم تعرفوه إلا بما وصل إليكم من علومهم، إن كنتم مؤمنين بهم عرفتم ذلك.

قال الفاضل الأسترآبادي: هذا الحديث الشريف ناظر إلى ما في توقيع المهدي عليه السلام، و ما في كلام آبائه الطاهرين عليهم السلام من قوله عليه السلام" أما الوقائع الحادثة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، و أنا حجة الله عليهم" و قولهم عليهم السلام:" العلماء ورثة الأنبياء" و قولهم عليهم السلام:" نحن العلماء و شيعتنا المتعلمون".

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 205

و معنى الحديث أنه من كانت له رغبة تامة في الدين لم يقنع بالأمور الظنية و يطلب و يسعى حتى يحصل له اليقين بالجماعة المنصوبين من عنده تعالى لحفظ كل ما جاء به النبي صلى الله عليه و آله، ثم يطلب الواقعة الحادثة من الناطق عن وارث العلم أي من راوي أحاديث الأئمة عليهم السلام، و أما قوله:" و بأي شي‏ء" فمعناه بأي شي‏ء أنكرتم ما أنكرتموه أي طريقة العامة،

و بأي شي‏ء عرفتم‏

 (1) ما عرفتموه أي طريقة الخاصة، و هو أنه لا بد من اليقين في أمور الدين كلها، و لا يقين إلا في طريقة الخاصة إن كنتم مؤمنين تعرفون هذا.

 (الحديث الرابع و الثلاثون و الثلاثمائة)

 (2): مرفوع.

قوله عليه السلام:" إلا غلب الحق الباطل"

 (3) أي يكون الحق أظهر و أبين و أقوى دليلا و بذلك يتم الحجة في كل حق على الخلق.

قوله تعالى:" فَيَدْمَغُهُ"

 (4) قال البيضاوي: أي فيمحقه و إنما استعار لذلك القذف و هو الرمي البعيد المستلزم لصلابة المرمي، و الدمغ الذي هو كسر الدماغ بحيث يشق غشاءه المؤدي إلى زهوق الروح تصويرا لإبطاله به و مبالغة فيه‏

" فَإِذا هُوَ زاهِقٌ"

 (5) أي هالك و الزهوق ذهاب الروح، و ذكره لترشيح المجاز.

 (الحديث الخامس و الثلاثون و الثلاثمائة)

 (6): مرسل.

قوله عليه السلام:" من دون الله وليجة"

 (7) أي من غير من كان منصوبا من قبل الله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 206

و يكون المقصود في اتخاذه وليجة رضى الله كما قال تعالى:" أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً" أي بطانة و أولياء يوالونهم، و يفشون إليهم أسرارهم.

قال الجوهري: وليجة الرجل خاصته و بطانته.

قوله عليه السلام:" على الحجر الصلد"

 (1) أي الصلب الأملس، و الجود- بالفتح- المطر الغزير.

قوله عليه السلام:" إلا ما أثبته القرآن"

 (2) أي من متابعة الأئمة عليهم السلام في جميع الأمور بقوله" أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" و غيرها.

 (الحديث السادس و الثلاثون و الثلاثمائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" نحن أصل كل خير"

 (4) أي جميع الخيرات و الطاعات كملت فيهم، و منهم وصلت إلى الخلق، و الحاصل أن جميع الخيرات و الطاعات من فروع شجرة أهل البيت عليهم السلام فمن خلق بالفرع وصل إلى الأصل، و جميع الشرور و المعاصي من فروع شجرات أعدائهم فمن تعلق بتلك الفروع توصله لا محالة إلى الأصول، كما ورد أن المعاصي طرق إلى الكفر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 207

قوله عليه السلام:" ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ"

 (1) أي ترك فعلها في الإعلان و السر، أو ما ظهر قبحه على العامة و ما خفي عليهم و لم يظهر إلا للخواص، أو فسوق الجوارح و فسوق القلب، أو ما ظهر من مظهر القرآن أو من بطنه كما ورد في الخبر.

 (الحديث السابع و الثلاثون و الثلاثمائة)

 (2): مجهول.

قوله عليه السلام:" ما لست نائله"

 (3) أي لا تناله و لا تصل إليه كالأمور المحالة، أو ما لم يقدر لك، فإن ما لم يقدر لك لا يصل إليك، و إن طلبته أشد الطلب.

قوله عليه السلام:" سبقه الناس إلى عيب نفسه"

 (4) أي يطلع على عيب نفسه قبل أن يطلع غيره عليه.

قوله عليه السلام:" و أقل الأشياء غناءا"

 (5) بالفتح و المد أي نفعا.

قوله عليه السلام:" و أروح الروح"

 (6) أي أكثر الأشياء راحة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 208

قوله عليه السلام:" لا تكن ضجرا"

 (1) أي متبرما عند البلايا.

قوله عليه السلام:" و لا غلقا"

 (2) بكسر اللام أي سيئ الخلق.

قال الجزري: الغلق بالتحريك- ضيق الصدر و قلة الصبر، و رجل غلق: سيئ الخلق.

قوله عليه السلام:" من خالفك"

 (3) الظاهر أن المراد بمن خالفه من كان فوقه في العلم و الكمال من الأئمة عليهم السلام، و العلماء من أتباعهم و ما يأمرون به غالبا مخالف لشهوات الخلق، فالمراد بالاحتمال قبول قولهم و ترك الإنكار لهم و إن خالف عقله و هواه، و يحتمل أن يكون المراد بمن خالفه سلاطين الجور و بمن له الفضل أئمة العدل، فالمراد احتمال أذاهم و مخالفتهم.

قوله عليه السلام:" فهو المعجب برأيه"

 (4) بفتح الجيم أي عد رأيه حسنا و نفسه كاملا و هذا من أخبث الصفات الذميمة.

قال الجوهري: أعجبني هذا الشي‏ء لحسنه، و قد أعجب فلان بنفسه، فهو معجب برأيه و بنفسه، و الاسم العجب بالضم.

قوله عليه السلام:" فاعرف الآخرة بها"

 (5) أي كما أن أهل الدنيا بذلوا جهدهم في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 209

تحصيل دنياهم الفانية، فابذل أنت جهدك في تعمير النشأة الباقية، و انظر إلى نعم الدنيا و لذاتها، و اعرف بها لذات نعم الآخرة الباقية التي لا يمكن وصفها و انظر إلى فناء الدنيا و آلامها و أسقامها و تكدر لذاتها، و اعرف بها فضل نعم الآخرة التي ليس فيها شي‏ء منها.

 (الحديث الثامن و الثلاثون و الثلاثمائة)

 (1): حسن كالصحيح.

قوله عليه السلام:" و أحرى أن تستوجب الزيادة"

 (2) لأن ذلك يوجب الشكر الموجب للمزيد.

قوله عليه السلام:" على اليقين"

 (3) أي بالقضاء و القدر أو بأمور الآخرة أو بجميع ما يجب الإيمان به، و قد أطلق على جميع ذلك في الأخبار، و اليقين هو العلم الكامل الثابت في القلب الذي ظهرت آثاره على الجوارح و قد مر تحقيقه في كتاب الإيمان و الكفر.

قوله عليه السلام:" من تجنب محارم الله"

 (4) أي هذا الورع أنفع من ورع من يجتنب المكروهات و الشبهات، و لا يبالي بارتكاب المحرمات.

قوله عليه السلام:" و لا جهل أضر من العجب"

 (5) فإنه ينشأ من الجهل بعيوب النفس‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 210

و جهالاتها و نقائصها.

 (الحديث التاسع و الثلاثون و الثلاثمائة)

 (1): مجهول.

قوله:" و عن النسناس؟"

 (2) قال الجزري: النسناس قيل: هم يأجوج و مأجوج، و قيل: خلق على صورة الناس أشبهوهم في شي‏ء، و خالفوهم في شي‏ء و ليسوا من بني آدم و قيل هم من بني آدم، و منه الحديث" إن حيا من عاد عصوا رسولهم فمسخهم الله نسناسا، لكل رجل منهم يد و رجل من شق واحد ينقرون كما ينقر الطائر، و يرعون كما ترعى البهائم" و نونها مكسورة، و قد تفتح.

" فرسول الله صلى الله عليه و آله" أفاض بالناس"

 (3) الظاهر إن المراد بالناس هنا غير ما هو المراد به في الآية على هذا التفسير، و المراد أن الناس رسول الله و أهل بيته عليهم السلام، لأن الله تعالى قال في تلك الآية مخاطبا لعامة الخلق" ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ" أي من حيث يفيض منه الناس، و هم إنما أطاعوا هذا الأمر بأن أفاضوا مع الرسول، فهم الناس حقيقة.

و يحتمل على بعد أن يكون المراد بالناس هنا، و في الآية أهل البيت عليهم السلام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 211

فيكون قد أمر الرسول بالإفاضة مع أهل بيته، و أبعد منه أن يأول على نحو ما ذكره جماعة من المفسرين بأن يكون المراد بالناس إبراهيم، و سائر الأنبياء و يكون استدلاله عليه السلام بأن الرسول صلى الله عليه و آله أفاض بالناس أي معهم لا معية زمانية بل في أصل الفعل، فالمراد أن- الناس- أطلق هنا على الأنبياء و الأوصياء و نحن منهم.

قوله عليه السلام:" السواد الأعظم"

 (1) قال الفيروزآبادي: السواد من الناس:

عامتهم.

قوله تعالى:" بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا"

 (2) وجه الأضلية إن البهائم معذورة لعدم القابلية و الشعور، و كانت لهم تلك القابلية، فضيعوها و نزلوا أنفسهم منزلة البهائم أو أن الأنعام ألهمت منافعها و مضارها، و هي لا تفعل ما يضرها، و هؤلاء عرفوا طريق الهلاك، و النجاة و سعوا في هلاك أنفسهم، و أيضا تنقاد لمن يتعهدها، و تميز من يحسن إليها ممن يسي‏ء إليها و هؤلاء لا ينقادون لربهم و لا يعرفون إحسانه من إساءة الشيطان، و لا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع، و لا يتحرزون عن العقاب الذي هو أشد المضار.

أو لأنها إن لم تعتقد حقا و لم تكتسب خيرا لم تعتقد باطلا، و لم تكتسب شرا، بخلاف هؤلاء، و أيضا جهالتها لا تضر بأحد، و جهالة هؤلاء تؤدي إلى هيجان الفتن، و صد الناس عن الحق، أو لأنها تعرف ربها، و لها تسبيح و تقديس كما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 212

وردت به الأخبار و قيل: المراد إن شئت شبهتهم بالأنعام، فلك ذلك بل لك أن تشبههم بأضل منها كالسباع.

 (الحديث الأربعون و الثلاثمائة)

 (1): حسن أو موثق.

قوله عليه السلام:" و بثقا"

 (2) قال المطرزي: بثق الماء بثقا فتحه، بأن خرق الشط و السكر، و انبثق هو إذا جرى بنفسه من غير فجر، و البثق- بالفتح و الكسر- الاسم.

قوله عليه السلام:" لا يسكر"

 (3) قال الجوهري: السكر بالإسكان: مصدر سكرت النهر أسكره سكرا إذا سددته.

قوله عليه السلام:" أو يتكلم"

 (4) لعل كلمة- أو- بمعنى الواو كما يدل عليه ذكره ثانيا بالواو، و يحتمل أن يكون الترديد من الراوي، أو يكون المراد بالقائم الإمام الثاني عشر عليه السلام كما هو المتبادر، و بالمتكلم من تصدى لذلك قبله عليه السلام منهم عليهم السلام.

قوله عليه السلام:" ما كان يكتم"

 (5) على البناء للمفعول أي من فسقهما و كفرهما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 213

و بدعهما.

قوله عليه السلام:" و لكتم من أمورهما"

 (1) أي أظهر بطلان ما كان العامة من عدلهما و خلافتهما أو أن بعض المنافقين إذا اعتقدوا ذلك كتموها و لم يظهروها خوفا منه.

 (الحديث الحادي و الأربعون و الثلاثمائة)

 (2): حسن أو موثق.

قوله عليه السلام:" أهل ردة"

 (3) بالكسر- أي ارتداد، و قد روى ارتداد الصحابة جميع المخالفين في كتب أخبارهم، ثم حكموا بأن الصحابة كلهم عدول، و قد روي في المشكاة و غيره من كتبهم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال: إن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح:" وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ- إلى قوله- الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".

قوله عليه السلام:" ثم عرف أناس بعد يسير"

 (4) أن الحق مع علي فرجعوا إليه، و يمكن أن يقرأ- بعد- بالضم، و- يسير- بالرفع أي قليل من الناس.

قوله عليه السلام:" دارت عليهم الرحى"

 (5) أي رحى الإيمان و الإسلام، و نصرة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 214

الحق‏

قوله تعالى:" انْقَلَبْتُمْ"

 (1) استفهام في معنى الإخبار كما يظهر من الأخبار.

 (الحديث الثاني و الأربعون و الثلاثمائة)

 (2): حسن أو موثق.

قوله صلى الله عليه و آله:" قد أذهب عنكم"

 (3) أي رفع من بينكم و أمركم بالكف هيهنا.

قوله صلى الله عليه و آله:" و آدم من طين"

 (4) و من كان أصله من طين، خليق بالتواضع و المسكنة.

قوله صلى الله عليه و آله:" ليست باب والد"

 (5) أي ليست العربية التي هي فخر و كمال بالنسب و لكنها لسان ناطق بالشهادتين و بدين الحق، فالعرب من كان على الدين القويم و إن كان من العجم كما مر.

قوله صلى الله عليه و آله:" لم يبلغ حسبه"

 (6) أي إلى الكمال، و في بعض النسخ [لم يبلغه حسبه‏]، و لعله أظهر و المال واحد.

قوله صلى الله عليه و آله:" أو احنة"

 (7) قال الفيروزآبادي: الإحنة- بالكسر- الحقد و و الغضب.

قوله صلى الله عليه و آله:" تحت قدمي هذه"

 (8) قال الجزري: يقال للأمر يريد إبطاله:

وضعته تحت قدمي، و منه الحديث" ألا إن كل دم و مأثرة تحت قدمي هاتين"

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 215

أراد إخفاءها و إعدامها و إذلال أمر الجاهلية و نقض سنتها انتهى.

أقول يحتمل أن يكون المراد أن القتل الذي وقع في الجاهلية يبطله حكمه بعد إسلامهم، و يكون هذا مختصا بصدر الإسلام، و يحتمل اطراده، أو المراد إبطال الدماء التي كانت بين القبائل، و كانوا يقاتلون عليها أعواما كثيرة، و كانوا يقتلون لدم واحد آلافا و لا يقنعون بقتل واحد و لا بالدية.

 (الحديث الثالث و الأربعون و الثلاثمائة)

 (1): حسن أو موثق.

و فيه رد على بعض المخالفين الذين، قالوا بنبوتهم، و ما ورد في أخبارنا موافقا لهم، فمحمول على التقية.

 (الحديث الرابع و الأربعون و الثلاثمائة)

 (2): ضعيف.

و يدل على أن الحيوانات لها شعور، و هي تعرف ربها و تتضرع إليه في الحوائج، و لا استبعاد في ذلك، و قد نطقت بمثله القرآن الكريم و هي لا تدل على كونها مكلفة كالأنس و الجن، على أنه لا استبعاد في أن تكون مكلفة ببعض التكاليف يجري عقابهم على تركها في الدنيا كما ورد أن الطير لا تصاد إلا بترك‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 216

تسبيحها و كثير من المتكلمين يعدون استبعادات الوهم ما يخالف العادات برهانا و يأولون لذلك الآيات و الأخبار، بل يطرحون كثيرا من الأخبار المستفيضة، و ليس هذا إلا للاتكال على عقولهم، و عدم التسليم لأئمتهم عليهم السلام.

 (الحديث الخامس و الأربعون و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" مياسر"

 (2) جمع موسر.

قوله عليه السلام:" في أكنافهم"

 (3) قال الجوهري: كنفت الرجل أكنفه أي حطته و صنته، و أكنفته أي أعنته، و المكانفة المعاونة، و الكنف الجانب، و كنف الطائر جناحاه.

و الحاصل إن الناس مختلفون في اليمن و اليسر، و البركة و نفع الخلق و أضدادها، فمنهم نفاعون كقطر المطر يوسع الله عليهم، و يوسعون على الناس و يعيش الناس في ظل حمايتهم، و حفظهم و نفعهم، و منهم من هو بضد ذلك‏

" ملاعين"

 (4) أي مبعدون من رحمة الله‏

" مناكير"

 (5) جمع منكر أي لا يتأتى منهم المعروف.

قوله عليه السلام:" إلا أتوا عليه"

 (6) قال الجوهري: أتى عليه الدهر: أهلكه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 217

 (الحديث السادس و الأربعون و الثلاثمائة)

 (1): مجهول و منهم من يعده ضعيفا.

قوله عليه السلام:" سيد الخلق"

 (2) أي القائم فيرجعون في الرجعة لينتقم منهم المؤمنون فيقولون يا ويلنا، و قيل: المراد هو الله تعالى أو النبي في القيامة، و لا يخفى بعدهما.

قوله تعالى:" هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ"

 (3) الظاهر أن هذا من كلامهم، و قيل:

جواب من الملائكة أو المؤمنين عن سؤالهم.

 (الحديث السابع و الأربعون و الثلاثمائة)

 (4): مجهول أو ضعيف بسالم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 218

قوله عليه السلام:" عما هم عليه"

 (1) أي من دينهم الحق.

قوله عليه السلام:" من غير ترة"

 (2) أي مكروه أو جناية أصابوا منهم، قال الفيروزآبادي: وتر الرجل أفزعه و أدركه بمكروه، و وتره ماله، نقصه إياه.

و قال الجزري: التره النقص، و قيل: التبعة، و التاء فيه عوض عن الواو المحذوفة، مثل وعدته عدة.

قوله عليه السلام:" بل ما نقموا"

 (3) إما من الانتقام أي لم يكن انتقامهم لجناية و مكروه، بل لأنهم آمنوا بالله أو من الكراهة، أي ما كرهوا و عابوا و أنكروا من أطوارهم شيئا إلا الإيمان، لأنهم كانوا يكرهون الإيمان، أو لم يكن فيهم عيب غير الإيمان الذي هو كمال، فيكون على طريقة قوله:

         و لا عيب فيهم غير أن سيوفهم             بهن فلول من قراع الكتائب‏

 قال الجوهري: نقمت على الرجل أنقم- بالكسر- فأنا ناقم إذا عتبت عليه يقال: ما نقمت منه إلا الإحسان، و نقمت الأمر أيضا و نقمته إذا كرهته، و انتقم منه أي عاقبه انتهى، و هو إشارة إلى ما ذكره تعالى في قصة أصحاب الأخدود" وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ".

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 219

 (الحديث الثامن و الأربعون و الثلاثمائة)

 (1): مرسل.

قوله عليه السلام:" و الجرجس"

 (2) قال الجوهري: الجرجس: لغة في القرقس، و هو البعوض الصغار.

أقول: لعل مراده عليه السلام‏

بقوله:" أصغر من البعوض"

 (3) أي من سائر أنواعه ليستقيم.

قوله عليه السلام:" ما خلق الله خلقا أصغر من البعوض"

 (4) و يوافق كلام أهل اللغة على أنه يحتمل أن يكون الحصر في الأول إضافيا، كما إن الظاهر أنه لا بد من تخصيصه بالطيور، إذ قد يحس من الحيوانات ما هو أصغر من البعوض، إلا أن يقال: يمكن أن يكون للبعوض أنواع صغار و لا يكون شي‏ء من الحيوان أصغر منها، و- الولع- غير مذكور في كتب اللغة، و الظاهر أنه أيضا صنف من البعوض، و الغرض بيان كمال قدرته تعالى: فإن القدرة في خلق الأشياء الصغار أكثر و أظهر منها في الكبار، كما هو المعروف بين الصناع من المخلوقين، فتبارك الله أحسن الخالقين.

 (الحديث التاسع و الأربعون و الثلاثمائة)

 (5): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 220

قوله عليه السلام:" نزلت في ولاية علي عليه السلام"

 (1) إذ هي موجبة لحياة النفس و القلب و العقل بالعلم و الإيمان و المعرفة.

قوله تعالى:" وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها"

 (2) قال الطبرسي (ره): قال الزجاج: المعنى أنه يعلمها ساقطة و ثابتة و أنت تقول: ما يجيئك أحد إلا و أنا أعرفه في حال مجيئه فقط، و قيل: يعلم ما سقط من ورق الأشجار و ما بقي، و يعلم كم انقلبت ظهرا لبطن عند سقوطها

" وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ"

 (3) معناه و ما تسقط من حبة في باطن الأرض إلا يعلمها، و كنى بالظلمة عن باطن الأرض، لأنه لا يدرك كما لا يدرك ما حصل في الظلمة.

و قال ابن عباس: يعني تحت الصخرة في أسفل الأرضين السبع أو تحت حجر أو شي‏ء

" وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ"

 (4) لأن الأجسام كلها لا تخلو من أحد هذين و هو بمنزلة قولك و لا مجتمع و لا مفترق لأن الأجسام لا تخلو من أن تكون مجتمعة أو متفرقة.

و قيل أراد ما ينبت و ما لا ينبت عن ابن عباس، و عنه أيضا أن الرطب الماء و اليابس البادية، و قيل: الرطب الحي، و اليابس الميت.

و روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: الورقة السقط، و الحبة الولد، و ظلمات الأرض الأرحام، و الرطب ما يحيى، و اليابس ما يغيض‏

" إِلَّا فِي كِتابٍ"

 (5) معناه إلا و هو مكتوب في كتاب‏

" مُبِينٍ"

 (6) أي في اللوح المحفوظ.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 221

قوله عليه السلام:" ما يقبض"

 (1) كذا في أكثر النسخ و على هذا يحتمل أن لا يكون ذلك تفصيلا لأحوال السقط أي يعلم الحي من الناس، و الميت منهم و في رواية العياشي و الطبرسي و علي بن إبراهيم في تفاسيرهم [يغيض‏] بالغين المعجمة و الياء المثناة من الغيض، بمعنى النقص كما قال تعالى:" وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ".

و قال الفيروزآبادي: الغيض: السقط الذي لم يتم خلقه فيحتمل أن يكون المراد بالسقط ما يسقط قبل حلول الروح أو قبل خلق أجزاء البدن أيضا و المراد بالحبة ما يكون في علم الله أنه تحل فيه الروح، و هو ينقسم إلى قسمين، فإما أن ينزل في أوانه، و يعيش خارج الرحم، و هو الرطب، و إما أن ينزل قبل كماله فيموت إما في الرحم أو في خارجها و هو اليابس.

و روى أيضا العياشي، عن الحسين بن خالد قال:" سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله" ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها"- الآية- فقال: الورقة السقط يسقط من بطن أمه من قبل أن يهل الولد، قال: فقلت: و قوله:" وَ لا حَبَّةٍ" قال: يعني الولد في بطن أمه إذا أهل و سقط من قبل الولادة، قال: قلت: قوله:" وَ لا رَطْبٍ" قال: يعني المضغة إذا استكنت في الرحم قبل أن يتم خلقها، و قبل أن ينتقل، قال قلت:

قوله:" وَ لا يابِسٍ" قال الولد التام قال: قلت:" فِي كِتابٍ مُبِينٍ" قال: في إمام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 222

مبين.

قوله عليه السلام:" فِي إِمامٍ مُبِينٍ"

 (1) يحتمل أن يكون في مصحفهم عليهم السلام هكذا، و الظاهر أنه عليه السلام ذكر ذلك تفسيرا للكتاب المبين بأن يكون المراد بالكتاب المبين أمير المؤمنين و أولاده المعصومين عليهم السلام كما رواه العامة و الخاصة في تفسير قوله تعالى:" وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ" أن النبي صلى الله عليه و آله أشار إلى أمير- المؤمنين عليه السلام بعد نزولها، و قال: هذا هو الإمام المبين.

و يؤيده أن العياشي روى هذا الخبر عن أبي الربيع، و في آخره و كل ذلك في كتاب مبين و ظاهر خبر الحسين بن خالد أيضا أنه عليه السلام فسر الكتاب بالإمام، و إن احتمل أن يكون مراده أن الآية نزلت هكذا.

قوله عز و جل:" سِيرُوا فِي الْأَرْضِ"

 (2) أقول: ورد هذا المضمون في آيات كثيرة في سورة الأنعام و سورة النمل و في سورة الروم في موضعين، و أشبهها بما في الخبر لفظا في سورة الروم، و هي هكذا" قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ" نعم في موضع آخر في سورة الروم هكذا" أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ" و هي في غاية المخالفة

فقوله- من قبلكم‏

 (3) إما تصحيف من النساخ أو موافق لما في مصحفهم عليهم السلام و الأول أظهر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 223

ثم المشهور بين المفسرين أن الله تعالى أمرهم بالمسافرة في الأرض على وجه التدبر و التفكر لأن ديار المكذبين من الأمم السالفة كانت باقية، و أخبارهم في الخسف و الهلاك كانت شائعة فإذا ساروا في الأرض و سمعوا أخبارهم و عاينوا آثارهم دعاهم ذلك إلى الإيمان و زجرهم عن الكفر و الطغيان و أما على تأويله عليه السلام فالمراد بالسير السير المعنوي، و لعل في الكلام تقدير مضاف أي تفكروا في قصص أهل الأرض و أحوالهم و اقرءوها في الكتاب.

قال الشيخ الطبرسي (ره) روي عن ابن عباس أنه قال: من قرأ القرآن و عمله سار في الأرض لأن فيه أخبار الأمم.

قوله تعالى:" وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ"

 (1) المشهور بين المفسرين أن هذا خطاب لمشركي العرب، أي تمرون في ذهابكم و مجيئكم إلى الشام على منازل قوم لوط و قراهم بالنهار و الليل أَ فَلا تَعْقِلُونَ فتعتبرون بهم.

قوله عليه السلام:" فقرئ"

 (2) على البناء للمجهول أي إذا قرأت القرآن فكأن الله قرأ عليك ما قص في كتابه من خبرهم،

فقوله" عليكم"

 (3) متعلق بقرء و قص على التنازع، و يحتمل على بعد أن يكون المراد قراءة الإمام، و كان بعض مشايخنا يقرأ- قرأ- على المعلوم، أي قرأ القاري منكم، و ممن عاصرنا كان صحف، فقرأها- قرأ- على صيغة الأمر، و هو مع عدم استقامته لا يساعده رسم الخط أيضا و الصواب ما ذكرنا أولا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 224

 (الحديث الخمسون و الثلاثمائة)

 (1): مرسل.

قوله عليه السلام:" عليك بالتلاد"

 (2) بكسر التاء قال الجوهري: التألد المال القديم الأصلي الذي ولد عندك، و هو نقيض الطارف، و كذلك التلاد و الاتلاد، و أصل التاء فيه واو.

أقول: الأظهر أن المراد عليك بمصاحبة الصاحب القديم الذي جربته، و بينك و بينه ذمم و عهود، و احذر عن مصاحبة كل صاحب محدث جديد عهد له معك، و لم تعرف له أمانة، و لم يحصل بينك و بينه ذمة و عهد و ميثاق.

و يحتمل وجهين آخرين.

الأول: أن يكون أخذ التألد كناية عن متابعة أئمة الهدى عليهم السلام فإن حقهم و حرمتهم و إمامتهم و وجوب متابعتهم و علمهم و كمالهم كلها تالد قديم، ورثوا عن آبائهم الكرام إلى آدم عليه السلام.

و المحدث عبارة عن أئمة الجور الذين لم يعهد خلافتهم عن الرسول و إنما حدث بعده باتفاق أهل الجهل فلا عهد لهم من الرسول عهد إلى الناس فيهم، و ليس لهم أمانة يصلحون لأن يؤتمنوا على أديان المسلمين و أحكامهم" و لا ذمة" أي حرمة أو لا يفون بذمام و أمان، و لا ميثاق أخذ الله لهم على الخلق كما أخذ لأئمة الحق، أو لا يفون بميثاق.

و الثاني: أن يكون المراد بالتالد: ما وافق من الأديان الشرائع و أحكام الكتاب و السنة، و بالمحدث: كل ما ابتدع من ذلك و تطبيق سائر الفقرات عليه ظاهر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 225

بما مر من التقريب.

قوله عليه السلام:" فإن الناس أعداء النعم"

 (1) أي يريدون زوالها عن صاحبها حسدا أو يفعلون ما يوجب زوال النعمة، و كان بجهالتهم فلذلك ينبغي أن يكون الإنسان على حذر من أوثق الناس عنده إذ لعله تكون هذه السجية الغالبة فيه فيخدعك و يدلك على ما يوجب زوال نعمتك أو يغويك بجهالته عما يوجب رشدك و صلاحك.

 (الحديث الحادي و الخمسون و الثلاثمائة)

 (2): مجهول، و يمكن عده في الحسان، لأن الظاهر أن أبا المستهل هو الكميت.

قوله:" سألني أبو عبد الله"

 (3) إلى آخره، إنما سأله عليه السلام ذلك لأنه كان خرج مع زيد و لم يخرج من أصحاب أبي جعفر عليه السلام معه غيره.

و لنذكر بعض أخبار زيد ليتضح مفاد هذا الخبر:

روى السدي عن أشياخه أن زيد بن علي و محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب و داود بن علي بن عبد الله بن العباس دخلوا على خالد بن عبد الله القسري و هو وال على العراق فأكرمهم و أجازهم، و رجعوا إلى المدينة، فلما ولي يوسف بن عمرو العراق و عزل خالد كتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره بقدومهم على خالد، و أنه أحسن جوائزهم و ابتاع من زيد بن علي أرضا بعشرة آلاف دينار، ثم رد الأرض إليه، فكتب هشام إلى و إليه بالمدينة أن يسرحهم إليه، ففعل فلما دخلوا عليه سألهم عن القصة فقالوا أما الجوائز فنعم، و أما الأرض فلا فأحلفهم فحلفوا فصدقهم و ردهم مكرمين‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 226

و قال وهب بن منبه: جرت بين زيد بن علي و بين عبد الله بن الحسن بن الحسن خشونة تسابا فيها، و ذكرا أمهات الأولاد، فقدم زيد على هشام بهذا السبب، فقال له هشام: بلغني أنك تذكر الخلافة و لست هناك، فقال: و لم؟ فقال: لأنك ابن أمة فقال: قد كان إسماعيل عليه السلام ابن أمة، فضربه هشام ثمانين سوطا.

و ذكر ابن سعد عن الواقدي أن زيد بن علي قدم على هشام رفع إليه دينا كثيرا و حوائج فلم يقض منها شيئا فأسمعه هشام كلاما غليظا، فخرج من عند هشام، و قال: ما أحب أحد الحياة إلا ذل، ثم مضى إلى الكوفة و بها يوسف بن عمر عامل هشام.

قال الواقدي: و كان دينه خمسمائة آلاف درهم فلما قتل قال هشام: ليتنا قضيناها و كان أهون مما صار إليه.

قال الواقدي: و بلغ هشام بن عبد الملك مقام زيد بالكوفة فكتب إلى يوسف ابن عمر أن أشخص زيدا إلى المدينة فإني أخاف أن يخرجه أهل الكوفة، لأنه حلو الكلام لسن مع ما فيه من قرابة رسول الله، فبعث يوسف بن عمر إلى زيد يأمره بالخروج إلى المدينة و هو يتعلل عليه، و الشيعة تتردد إليه فأقام زيد بالكوفة خمسة أشهر، و يوسف بن عمر مقيم بالحيرة فبعث إليه يقول: لا بد من إشخاصك فخرج يريد المدينة و تبعه الشيعة يقولون أين تذهب، و معك منا مائة ألف يضربون دونك بسيوفهم، و لم يزالوا به حتى رجع إلى الكوفة فبايعه جماعة منهم سلمة بن كهيل، و منصور بن حزيمة في آخرين: فقال له داود بن علي: يا ابن عم لا يغرنك هؤلاء من نفسك، ففي أهل بيتك لك أتم العبرة، و في خذلانهم إياهم كفاية، و لم يزل به حتى شخص إلى القادسية فتبعه جماعة يقولون له ارجع فأنت المهدي، و داود يقول: لا تفعل فهؤلاء قتلوا أخاك و إخوتك، و فعلوا و فعلوا فبايعه منهم خمسة عشر ألفا على نصر كتاب الله و سنة رسوله و جهاد الظالمين و نصر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 227

المظلومين و إعطاء المحرومين و نصرة أهل البيت على عدوهم، فأقام مختفيا على هذا سبعة عشر شهرا، و الناس ينتابونه من الأمصار و القرى ثم أذن للناس بالخروج فتقاعد عنه جماعة ممن بايعه و قالوا إن الإمام جعفر بن محمد بن علي، فواعد من وافقه على الخروج في أول ليلة من صفر سنة اثنتين و عشرين و مائة فخرج فوفى إليه مائتا رجل و عشرين رجلا فقال سبحان الله أين القوم؟ فقالوا في المسجد محصورون، و جاء يوسف بن عمر في جموع أهل الشام فاقتتلوا فهزمهم زيد و من معه فجاء سهم في جبهته فوقع فأدخلوه بيتا، و نزعوا السهم من وجهه فمات، و جاءوا به إلى نهر، فأسكروا الماء و حفروا له و دفنوه، و أجروا عليه الماء، و تفرق الناس و توارى ولده يحيى بن زيد، فلما سكن الطلب خرج في نفر من الزيدية إلى خراسان، و جاء واحد ممن حضر دفن زيد إلى يوسف بن عمر فدله على قبره فنبشه و قطع رأسه و بعث به إلى هشام، فنصبه على باب دمشق ثم أعاده إلى المدينة فنصبه بها و نصب يوسف بن عمر بدنه بالكوفة، حتى مات هشام بن عبد الملك. و قام الوليد فأمر به فأحرق.

و قيل: إن هشاما أحرقه، فلما ظهر بنو العباس على بني أمية نبش عبد- الصمد بن علي و قيل عبد الله بن علي هشام بن عبد الملك، فوجده صحيحا فضربه ثمانين سوطا، و أحرقه بالنار كما فعل بزيد، و كان سنه يوم قتل اثنين و عشرين و مائة، و قال الواقدي: سنة ثلاث و عشرين و مائة، يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر و قيل: سنة عشرين و قيل سنة إحدى و عشرين.

قوله:" فقلة من تخلف معنا"

 (1) أي من أتباع زيد فإن بعضهم قتل، و بعضهم هرب.

قوله:" كان سبق إليه"

 (2) أي كان نزل فيه أولا أو كان سبق في علم الله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 228

أن يكون مضجعه و مدفنه أي هكذا كان قدر.

قوله:" ما طقنا"

 (1) كذا في أكثر النسخ و الظاهر [أطقنا].

قوله:" يا أيها الذين آمنوا"

 (2) أقول: هذه الآية في سورة محمد صلى الله عليه و آله و ليس فيها" يا أيها الذين آمنوا بل ابتداء الآية

" فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا"

 (3) و لعله من النساخ، و إن احتمل بعيدا كونها في مصحفهم عليهم السلام كذلك.

قوله عليه السلام:" بتخلية من أسرتم"

 (4) أي كان الحكم أن تقتلوا من أسرتم في أثناء الحرب، فخليتموهم و لم تقتلوهم، فلذا ظفروا عليكم فما استطعتم أن تسيروا بالعدل أي بالحق ساعة، و يحتمل أن يكون غرضه بيان أنهم لم يكونوا مستأهلين للخروج لجهلهم، كما ورد في أخبار أخر.

 (الحديث الثاني و الخمسون و الثلاثمائة)

 (5): صحيح.

أعفى‏

 (6): أي: وهب الله له العافية.

 (الحديث الثالث و الخمسون و الثلاثمائة)

 (7): صحيح. على ما هو الظاهر من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 229

كون ضريس هو ابن عبد الملك.

قوله عليه السلام:" حرب علي"

 (1) أي محاربوه، قال الفيروزآبادي: رجل حرب أي عدو محارب، و إن لم يكن محاربا للذكر و الأنثى و الجمع و الواحد.

قوله عليه السلام:" أقروا بالإسلام"

 (2) أي النبي صلى الله عليه و آله، و أنكروا ما قاله في وصيه و خالفوه فهم عاندوا الحق مع العلم، و هذا أشد ممن خالف، و حارب جهلا و ضلالا.

 (الحديث الرابع و الخمسون و الثلاثمائة)

 (3): صحيح.

قوله تعالى:" وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ"

 (4) قال البيضاوي: كان أيوب روميا من ولد عيص بن إسحاق استنبأه الله و أكثر أهله و ماله، و ابتلاه بهلاك أولاده بهدم بيت عليهم، و ذهاب أمواله، و المرض في بدنه ثمان عشرة سنة، أو ثلاث عشرة أو سبعا و سبعة أشهر و سبع ساعات، و روي أن امرأته ماخير بنت ميشا بن يوسف أو رحمة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 230

بنت أفراثيم بن يوسف قالت له يوما لو دعوت الله تعالى فقال: كم كانت مدة الرخاء؟

فقالت: ثمانين سنة، فقال: أستحيي من الله أن أدعوه و ما بلغت مدة بلائي مدة رخائي" فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ" بالشفاء من مرضه" وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ" بأن ولد له ضعف ما كان، أو أحيى ولده، و ولد له منهم نوافل.

و قال الشيخ الطبرسي (ره): قال ابن عباس و ابن مسعود: رد الله سبحانه عليه أهله الذين هلكوا بأعيانهم و أعطاه مثلهم معهم، و كذلك رد الله عليه أمواله و مواشيه بأعيانها و أعطاه مثلها معها، و به قال الحسن و قتادة و هو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام و قيل: إنه خير أيوب فاختار إحياء أهله في الآخرة، و مثلهم في الدنيا فأوتى على ما اختار عن عكرمة و مجاهد، قال وهب: و كان له سبع بنات و ثلاثة بنين، و قال ابن يسار سبع بنين و سبع بنات.

و روى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله ابن بحر، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن بلية أيوب عليه السلام التي ابتلي بها في الدنيا لأي علة كانت؟ قال: لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا وادي شكرها، و كان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس من دون العرش فلما صعد و رأى شكر نعمة أيوب حسده إبليس، و قال: يا رب إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا و لو حرمته من دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبدا، فقيل له قد سلطتك على ماله و ولده، قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا و لا ولدا إلا أعطبه، فازداد أيوب لله شكرا و حمدا، قال فسلطني على زرعه، قال: قد فعلت فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق، فازداد أيوب لله شكرا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 231

و حمدا، فقال: يا رب سلطني على غنمه، فسلطه على غنمه فأهلكها، فازداد أيوب لله شكرا و حمدا، فقال: يا رب سلطني على بدنه ما خلا عقله و عينيه، فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه فبقي في ذلك دهرا يحمد الله و يشكره، حتى وقع في بدنه الدود، و كانت تخرج من بدنه فيردها، و يقول لها ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه، و نتن حتى أخرجه أهل القرية منها و القوة في المزبلة خارج القرية، و كانت امرأته رحمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام و عليها تتصدق و تأتيه بما تجده.

قال: فلما طال عليه البلاء و رأى إبليس صبره أتى أصحابا له كانوا رهبانا في الجبال، و قال لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلي فنسأله عن بليته فركبوا بغالا شهبا و جاءوا، فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه، فقرنوا بعضهم إلى بعض ثم مشوا إليه و كان فيهم شاب حدث السن، فقعدوا إليه فقالوا يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله كان يهلكنا إذا سألناه و ما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد إلا من أمر كنت تستره، فقال أيوب: و عزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا و يتيم أو ضعيف يأكل معي، و ما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدهما على بدني فقال الشاب: سوءة لكم عمدتم إلى نبي الله فعيرتموه حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها.

فقال أيوب: يا رب لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي فبعث الله إليه غمامة. فقال: يا أيوب أدلني بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم، و ها أنا ذا قريب و لم أزل، فقال: يا رب إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي أ لم أحمدك؟ أ لم أشكرك؟ أ لم أسبحك، قال:

فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان يا أيوب من صيرك تعبد الله و الناس عنه غافلون، و تحمده و تسبحه. و تكبره، و الناس عنه غافلون، أ تمن على الله بما لله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 232

فيه المن عليك، قال: فأخذ التراب فوضعه في فيه، ثم قال لك العتبي، يا رب أنت فعلت ذلك بي.

قال: فأنزل الله عليه ملكا فركض برجله فخرج الماء، فغسله بذلك الماء، فعاد أحسن ما كان، و أطرء و أنبت الله عليه روضة خضراء، و رد عليه أهله و ماله و ولده و زرعه، و قعد معه الملك يحدثه و يؤنسه.

فأقبلت امرأته معها الكسر، فلما انتهت إلى الموضع إذا لموضع متغير و إذا رجلان جالسان، فبكت و صاحت، و قالت يا أيوب ما دهاك، فناداها أيوب فأقبلت فلما رأته و قد رد الله عليه بدنه و نعمته، سجدت لله شكرا فرأى ذوابتها مقطوعة، و ذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى أيوب من الطعام و كانت حسنة الذؤابة، فقالوا لها تبيعينا ذوابتك هذه حتى نعطيك؟ فقطعتها و دفعتها إليهم و أخذت منهم طعاما لأيوب، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب و حلف عليها أن يضربها مائة فأخبرته أنه كان سببه كيت و كيت فاغتم أيوب من ذلك، فأوحى الله إليه" وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ" فأخذ مائة شمراخ فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه.

ثم قال:" وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَ ذِكْرى‏ لِأُولِي الْأَلْبابِ" قال: فرد الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلية، و رد عليه أهله الذين ماتوا بعد ما أصابهم البلاء كلهم أحياهم الله له فعاشوا معه.

و سئل أيوب بعد ما عافاه الله أي شي‏ء كان أشد عليك مما مر عليك قال:

شماتة الأعداء قال: فأمطر الله عليه في داره فراش الذهب. و كان يجمعه فإذا ذهب الريح منه بشي‏ء عدا خلفه، فقال له جبرئيل عليه السلام أ ما تشبع يا أيوب؟ قال: و من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 233

يشبع من رزق ربه؟

قوله عليه السلام:" يومئذ"

 (1) أي يوم نزلت به البلية.

 (الحديث الخامس و الخمسون و الثلاثمائة)

 (2): حسن.

قوله تعالى:" كَأَنَّما أُغْشِيَتْ"

 (3) ذكره الله تعالى في وصف أصحاب السيئات و الكفار، و حالهم في الآخرة حيث قال:" وَ الَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً" و هو بيان لفرط سوادها و ظلمتها، و- مظلما- حال من الليل، و العامل فيه أغشيت لأنه العامل في- قطعا- و هو موصوف بالجار و المجرور، و العامل في الموصوف عامل في الصفة، أو معنى الفعل في- من الليل- و غرضه عليه السلام بيان فائدة إيراد هذا الحال، بأن الليل و إن كان تلزمها حرمة ظلمة لكن تكون بعض المواضع في الليل أشد ظلمة من بعض كداخل البيت بالنسبة إلى خارجه مثلا، فشبه الله تعالى سواد وجوههم بما ألبست عليه قطع من الليل الموصوفة بزيادة الظلمة.

 (الحديث السادس و الخمسون و الثلاثمائة)

 (4): ضعيف.

قوله:" فهلك الناس إذا"

 (5) كأنه جرى الكلام فيما وقع بعد الرسول صلى الله عليه و آله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 234

من ارتداد الخلق و تركهم الوصي بالحق، فقال عبد الملك، فعلى ما تقول هلك الناس جميعا، و كفروا بعد الرسول صلى الله عليه و آله، و استعظم ذلك، فأجابه عليه السلام مؤكدا باليمين بأنهم هلكوا، ثم كرر السائل السؤال على التعميم بأنه هلك من في المشرق و المغرب أيضا فقال عليه السلام إن أهل المشرق و المغرب كانوا لم يدخلوا بعد في دين الإسلام، و لم يفتح بعد بلادهم، و لما فتحت بجهاد أهل الضلال و دخلوا في دين هؤلاء، ثم أكد ذلك و استثنى منه الثلاثة يعني سلمان و أبا ذر و مقداد، و إنما لم يستثنهم أولا لكون المراد بالناس هنا هؤلاء المخالفين، و لما عمهم ثانيا في السؤال بمن في المشرق و المغرب، فكان يشمل هؤلاء أيضا فاستثناهم.

 (الحديث السابع و الخمسون و الثلاثمائة)

 (1): مجهول.

قوله:" و سقط في أيديهم"

 (2) قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى:" وَ لَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ" أي لما اشتد ندمهم و حسرتهم على عبادتهم العجل، لأن من شأن من اشتد ندمه و حسرته أن يعض يده غما فيصير يده مسقوطا فيها لأن فاه قد وقع فيها و سقط مسند إلى- في أيديهم- و هو من باب الكناية.

قوله عليه السلام:" أو يموت على ما هو عليه"

 (3) أي في الحال.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 235

 (الحديث الثامن و الخمسون و الثلاثمائة)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" ينزلون معهم"

 (2) لعل المراد عدم كونهم في درجة الأئمة عليهم السلام أو يكون المراد المخالفة في جميع الأعمال أو أكثرها أو المخالفة على وجه المعاندة و الإنكار، أو إذا لم يشملهم الشفاعة أو الرحمة.

 (الحديث التاسع و الخمسون و الثلاثمائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و لا ضل من ضل من هذه الأمة إلا بنا"

 (4) أي بمخالفتنا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 236

 (الحديث الستون و الثلاثمائة)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" من أن يستغلق عبده"

 (2) أي يكلفه و يجبره فيما لم يكن له فيه اختيار.

قال الفيروزآبادي: استغلقني في بيعته: لم يجعل لي خيارا في رده.

و في النهاية فيه" شفاعة النبي صلى الله عليه و آله لمن أوثق نفسه و أغلق ظهره" يقال:

غلق ظهر البعير إذا دبر و أغلقه صاحبه، إذا أثقل حمله حتى يدبر.

قوله: و في نسخة أبي الحسن الأول عليه السلام‏

 [يستقلق‏]

 (3) لعله كان الحديث في بعض كتب الأصول مرويا عن أبي الحسن عليه السلام و فيه كان يستقلق بالقافين من القلق بمعنى الانزعاج و الاضطراب، و يرجع إلى الأول بتكلف.

 (الحديث الحادي و الستون و الثلاثمائة)

 (4): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 237

 (الحديث الثاني و الستون و الثلاثمائة)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" ممن ينتحل هذا الأمر"

 (2) أي التشيع أي يدعيه من غير أن يتصف به واقعا، أو من يدعي الإمامة بغير حق.

قوله عليه السلام:" ليحتاج إلى كذبه"

 (3) أي هم أعوان الشيطان، بل هم أشد إضلالا منه.

 (الحديث الثالث و الستون و الثلاثمائة)

 (4): ضعيف.

قوله عليه السلام:" من باب الفيل"

 (5) كان هذا الباب مشتهرا بباب الثعبان لدخول الثعبان الذي كلم أمير المؤمنين عليه السلام منه، و حكايته مشهورة بين الخاصة و العامة مسطورة في كتب الفريقين ثم إن بني أمية لعنهم الله لإخفاء معجزته عليه السلام ربطوا هناك فيلا فاشتهر بذلك.

قوله عليه السلام:" هو ذا وجهي"

 (6) الوجه مستقبل كل شي‏ء أي أتوجه الساعة إلى المدينة و لا أقف هناك فلا تخف علي.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 238

 (الحديث الرابع و الستون و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" ما كان سرفا"

 (2) قيل: الضمير في- يسرف- راجع إلى القاتل، أي لا يقتل من لا يحق قتله، فإن العاقل لا يفعل ما يعود عليه بالهلاك، و قيل: إلى الولي أي لا يقتل غير قاتله، أو لا يمثل به، و لعل مراده عليه السلام إثبات المعنى الأول، و نفي الثاني، أي ليس في القصاص هيهنا إسراف و إن قتل جميع الناس به، بل سمي الله تعالى قتله إسرافا.

و يحتمل أن لا يكون في قراءتهم عليهم السلام" لا يسرف" مجزوما بأن تكون- لا- نافية.

 (الحديث الخامس و الستون و الثلاثمائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و أكبر من فتر"

 (4) الفتر: بالكسر ما بين طرف الإبهام و طرف السبابة إذا فتحتهما، و لا تنافي بين هذا الخبر و بين الأخبار التي وردت في أسباب أخرى للزلزلة كرفع الحوت فلسه أو جذب الملك الموكل بذلك عرق ذلك الموضع الذي وقعت فيه الزلزلة، لأن هذا أحد أسبابها و يمكن أن تقع بالأسباب الأخرى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 239

أيضا.

 (الحديث السادس و الستون و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فوحاها بيده"

 (2) بالحاء المهملة أي أشار إليها و في بعض النسخ بالجيم و الهمز أي ضربها من قولهم: وجأته بالسكين أي ضربته بها.

قوله عليه السلام:" لأجابتني"

 (3) أي لو كانت زلزلة القيامة التي ذكرها الله في سورة الزلزال لأجابتني عند ما سألت عنها مالك لقوله تعالى:" يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها".

كما رواه الصدوق في كتاب العلل بإسناده عن هارون بن خارجة رفعه عن فاطمة سلام الله عليها قالت:" أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر و فزع الناس إلى أبي بكر و عمر، فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي عليه السلام، فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى باب علي عليه السلام، فخرج إليهم علي عليه السلام غير مكترث لما هم فيه، فمضى و اتبعه الناس حتى انتهى إلى تلعة فقعد عليها، و قعدوا حوله و هم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية و ذاهبة، فقال لهم علي عليه السلام: كأنكم قد هالكم ما ترون قالوا: و كيف لا يهولنا و لم نر مثلها قط، قالت فحرك شفتيه ثم ضرب الأرض بيده ثم قال: ما لك اسكني فسكنت، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم، قال لهم: فإنكم قد عجبتم من صنيعي؟ قالوا: نعم فقال: أنا الرجل الذي قال الله" إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها" فأنا الإنسان الذي يقول لها ما لك" يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها" إياي تحدث.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 240

 (الحديث السابع و الستون و الثلاثمائة)

 (1): صحيح على الظاهر، إذ الظاهر أن أبا شبل هو عبد الله بن سعيد الثقة.

قوله:" و لا أعلم"

 (2) أي قال صفوان: أظن أني سمعت من أبي شبل أيضا بغير واسطة.

قوله عليه السلام:" و إن لم يقل كما تقولون"

 (3) يمكن حمله على المستضعفين كما هو الظاهر، و يكون موافقا لبعض الأخبار الدالة على أنه يمكن أن يدخل بعض المستضعفين الجنة، و قد مر في كتاب الإيمان و الكفر و يحتمل أن يكون المراد المستضعفين من الشيعة، بأن يكون- على- في‏

قوله" عَلى‏ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ"

 (4) تعليلية، أي من أحبكم لهذا الدين، و هذا يستلزم القول بحقيته، و حينئذ يكون المراد بقوله- و إن لم يقل كما تقولون- و إن لم يستدل كما تستدلون على مذهبكم، بل قال به على سبيل التقليد.

 (الحديث الثامن و الستون و الثلاثمائة)

 (5): مجهول.

قوله عليه السلام:" حلوة خضرة"

 (6) أي غضه ناعمة طرية.

قوله عليه السلام:" تفتن الناس"

 (7) بكسر التاء على بناء المجرد أو على بناء التفعيل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 241

أو الأفعال، قال الفيروزآبادي: فتنة يفتنه أوقعه في الفتنة، كفتنه و أفتنه.

قوله عليه السلام:" و تزين لهم بعاجلها"

 (1) على بناء التفعيل إما المعلوم، أي تزين نفسها لهم بعاجل نعيمها المنقطع الفاني و يحتمل أن يكون الباء زائدة أي تزين عاجلها للناس أو للمجهول أي تزينها النفس و الشيطان للإنسان سعيها العاجل الذي يؤدي إلى الخسران.

و يمكن أن يقرأ على بناء المجرد، و يحتمل أن يقرأ تزين من باب التفعيل بحذف أحد التائين، أو بتشديد الزاء مضارع ازينت، أو من باب الأفعال و على التقادير الثلاثة لا يحتاج إلى تكلف في الباء.

قال الفيروزآبادي: الزين ضد الشين، و زانه و أزانه و زينة فتزين هو و ازدان و أزين و ازيان و أزين.

قوله عليه السلام:" و تخلف من رجاها"

 (2) أي لا يفي بوعد من وثق بها و رجاها.

قوله عليه السلام:" و أشر و بطر"

 (3) الأشر: شدة الفرح و النشاط، و البطر: قلة احتمال النعمة و الطغيان بها، و هما يتقاربان في المعنى.

قوله عليه السلام:" في غضارة"

 (4) الغضارة: النعمة و السعة و الخصب، و الحاصل أن الله لا يغير النعم الظاهرة من الصحة و الرفاهية و الأمن و الفراغ و الخصب، و لا النعم الباطنة من الهدايات و التأييدات و العصمة عن السيئات أو الإيصال إلى أنواع السعادات إلا من بعد تحولهم عن طاعة الله و ارتكابهم معصيته و كفرانهم نعمه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 242

قوله عليه السلام:" و تحويل عن طاعة الله"

 (1) أي تحويل أنفسهم عنها و الأظهر و تحول.

قوله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ"

 (2) أي من النعمة و الحالة الجميلة

" حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ"

 (3) من الطاعة

" وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً"

 (4) أي عذابا و إنما سماه سوء لأنه يسوء

" فَلا مَرَدَّ لَهُ"

 (5) أي لا مدفع له، و قيل: أراد الله بقوم بلاء من مرض و سقم فلا مرد لبلائه‏

" وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ"

 (6) يلي أمرهم و يدفع العذاب عنهم.

قوله عليه السلام" إذا هم حذروا"

 (7) كان في الكلام تقديرا أي ثم زالت النعمة عنهم و يحتمل أن يكون تقدير الكلام حذروا بزوال النعمة، فيكون التحذير من قبل الله بسلب النعمة.

و في نهج البلاغة" و أيم الله ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب اجترحوها، لأن الله تعالى ليس بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ و لو أن الناس حين تنزل بهم النقم و تزول عنهم النعم فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم و وله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد و أصلح لهم كل فاسد".

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 243

قوله عليه السلام:" ما استفزكم الشيطان"

 (1) أي استخفكم و وجدكم مسرعين إلى ما دعاكم إليه.

 (الحديث التاسع و الستون و الثلاثمائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فخلقه من ماء بارد"

 (3) يدل على أن المنجمين قد أخطأوا في طبائع الكواكب و من ينسبونه إليها و في سعودها و نحوسها.

قوله عليه السلام:" يأمر بالخروج من الدنيا"

 (4) لعل المراد أن من ينسب إليه هكذا حاله أو أن من كان هذا الكوكب طالع ولادته، يكون كذلك أو المنسوبون إلى هذا الكوكب يأمرون بذلك.

 (الحديث السبعون و الثلاثمائة)

 (5): ضعيف.

و في أكثر النسخ‏

الحسين بن أحمد بن هلال‏

 (6)، فيكون الخبر مجهولا و الظاهر أنه تصحيف، بل الظاهر الصواب الحسين عن أحمد بن هلال كما يدل عليه سند

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 244

الخبر الذي بعده، و الحسين هو ابن محمد الأشعري و يحتمل ابن أحمد أيضا.

قوله عليه السلام:" إن صدقت رؤياك"

 (1) أي لم يكن من أضغاث الأحلام التي ليس لها تعبير، و يحتمل أن يكون المراد إن لم تكذب في نقلها، و الأول أظهر.

قوله:" فخرج محمد بن إبراهيم"

 (2) هو محمد بن إبراهيم طباطبا بايعه أولا أبو- السرايا، و خرج و لما مات بايع محمد بن زيد.

و قال النجاشي في ترجمة علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن الحسين عليه السلام: إنه كان أزهد آل أبي طالب و أعبدهم في زمانه، و اختص بموسى و الرضا عليهما السلام و اختلط بأصحابنا الإمامية، و كان لما أراده محمد بن إبراهيم طباطبا لأن يبايع له أبو السرايا بعده أبى عليه، و رد الأمر إلى محمد بن محمد بن زيد بن علي عليه السلام.

و قال الطبري في تاريخه: كان اسم‏

أبي السرايا

 (3) سري بن منصور، و كان من أولاد هاني بن قبيصة الذي عصى على كسرى أبرويز، و كان أبو السرايا من أمراء المأمون ثم عصى في الكوفة على أمير العراق، و بايع محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين، ثم أرسل إليه حسن بن سهل أمير العراق جندا فقاتلوه و أسر و قتل.

 (الحديث الحادي و السبعون و الثلاثمائة)

 (4): ضعيف.

و يدل على أنه كان يختلف أحوالهم في التقية و عدمها، بحسب ما كانوا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 245

يعملون بما يختصهم من العلوم من إمكان تسلط خلفاء الجور عليهم و عدمه.

 (الحديث الثاني و السبعون و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

قوله:" تعرض"

 (2) أي أراد الفجور معها و مراودتها.

قوله:" فقالت له"

 (3) أي للعقيلي مولاها.

قوله:" فشد عليه"

 (4) أي حمل عليه، و قد كان كمن له في الدهليز.

قوله:" فلقيته"

 (5) أي قال سماعة: ذهبت إليه عليه السلام و أخبرته بالواقعة.

قوله:" فسطر"

 (6) بالسين المهملة أي زخرف لها الكلام و خدعها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 246

قال الجزري: سطر فلان على فلان إذا زخرف له الأقاويل و نمقها و تلك الأقاويل الأساطير و السطر، و في بعض النسخ بالشين المعجمة.

قال الفيروزآبادي: يقال شطر سطره أي قصد قصده.

قوله:" على ملك الدومة"

 (1) أي دومة الجندل و هي بالضم حصن بين المدينة و بين الشام، و منهم من يفتح الدال.

قوله:" تحمل عليه ببطون قريش"

 (2) أي كلفهم الشفاعة عند الزبير ليدفع إليه الخطاب، ثم إنه لما يئس من تأثير شفاعة قريش عنده ذهب إلى عبد المطلب ليتحمل على زبير بعبد المطلب مضافا إلى بطون قريش، فقال عبد المطلب لنفيل:

ما بيني و بينه عمل، أي معاملة و ألفه، أ ما علمتم أنه يعني زبيرا ما فعل بي في ابني فلان و أشار بذلك إلى ما سيأتي من قصة العباس في آخر الخبر، و قال:

" و لكن امضوا أنتم" يعني نفيلا مع بطون قريش إلى الزبير.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 247

قوله: أن لا يتصدر"

 (1) أي لا يجلس في صدر المجلس.

قوله:" و لا يضرب معنا بسهم"

 (2) أي لا يشترك معنا في قسمة شي‏ء، لا ميراث و لا غيره.

قوله عليه السلام:" بل الولاء لي"

 (3) يدل على أنه يرث الولاء أولاد البنت، و أنهم لا يقدمون على أولاد العم، و يحتمل أن يكون لخصوص الواقعة مدخل في الحكم للولاية العامة، أو الإمامة و قد مر الكلام فيه، و ذكرنا الاختلافات الواقعة فيه في كتاب المواريث.

قوله عليه السلام:" فقد كان حظ أبيك"

 (4) أي جدك عبد الله بن العباس فيه الأوفر أي أخذ حظا وافرا من غنائم تلك الغزوة، و كان من شركائنا و أعوانه عليهم السلام عليها.

قوله عليه السلام:" ثم فر بخيانته"

 (5) إشارة إلى خيانة عبد الله في بيت مال البصرة كما رواه الكشي بإسناده عن الزهري قال: سمعت الحرث يقول: استعمل علي عليه السلام على البصرة عبد الله بن عباس، فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة، و لحق بمكة و ترك عليا عليه السلام، و كان مبلغه ألفي ألف درهم، فصعد علي عليه السلام المنبر حين بلغه، ذلك، فبكى فقال هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه و آله في علمه و قدره‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 248

يفعل مثل هذا فكيف يؤمن من كان دونه، اللهم إني قد مللتهم فأرحني منهم، و اقبضني إليك غير عاجز و لا ملول.

و قد روي رواية أخرى عن الشعبي فيها طول تشتمل على مراسلاته عليه السلام في ذلك، و ما أجاب ابن عباس عنها، و هي تشتمل على قدح عظيم فيه، و الأخبار الدالة على ذمه كثيرة.

قوله عليه السلام:" لأطوقنك غدا طوق الحمامة"

 (1) أي طوقا لازما لا يفارقك عاره و شناره كما لا يفارق عنق الحمامة طوقها.

قوله عليه السلام:" أما إنه واد ليس لك و لا لأبيك فيه حق"

 (2) أي و إلا ادعيت بعرة ذلك الوادي و أخذتها و لم تتركها، و يحتمل أن يكون اسما لواد كان بينه عليه السلام و بينه فيه أيضا منازعة، فأجاب عليه السلام عن سفهه بكلام حق مفيد في الحجاج.

قوله عليه السلام:" فأولدها فلانا"

 (3) يعني العباس.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 249

قال الحرث بن سعيد الثعلبي في قصيدته الميمية التي مدح بها أهل البيت عليهم السلام يخاطب بني العباس في جملة أبيات:

         و لا لجدكم مسعاة جدهم             و لا نثيلتكم من أمهم أمم‏

 و أم الزبير و عبد الله و أبي طالب كانت فاطمة بنت عمرو بن مخزوم، و كانت شريفة في قومها، و قيل: كانت نثيلة بنت كليب بن مالك بن حباب، و كانت تعان في الجاهلية.

قوله عليه السلام:" فأخذها عبد المطلب"

 (1) الظاهر أنه كان أخذها برضا مولاتها و كان نزاع الزبير معه على سبيل الجهل، لأن جلالة عبد المطلب تمنع أن ينسب إليه غير ذلك.

قوله:" فتحمل عليه"

 (2) أي عبد المطلب على الزبير.

 (الحديث الثالث و السبعون و الثلاثمائة)

 (3): مرسل بل ضعيف بالنهدي على المشهور.

قوله:" وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ"

 (4) أي إن كان المتوفى من أصحاب اليمين" فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ".

قال الشيخ الطبرسي (ره): أي فترى فيهم ما تحب لهم من السلامة من المكاره و الخوف و قيل معناه: فسلام لك أيها الإنسان الذي هو من أصحاب اليمين‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 250

من عذاب الله، و سلمت عليك ملائكة الله عن قتادة، قال الفراء: فسلام لك إنك من أصحاب اليمين فحذف- إنك- و قيل معناه: فسلام لك منهم في الجنة لأنهم يكونون معك، و يكون- لك- بمعنى عليك.

أقول: على تفسيره عليه السلام يحتمل أن يكون ذكر خصوص القتل على سبيل المثال، فيكون المعنى حينئذ أنه إن كان المتوفى من أصحاب اليمين فحاله ظاهر في السعادة، لأنه كان بحيث سلم أهل بيتك من يده و لسانه و كان معاونا لهم فأقيم علة الجزاء مقامه.

 (الحديث الرابع و السبعون و الثلاثمائة)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" و أخذ عليهم علي عليه السلام"

 (2) أي على الشيعة عند بيعتهم له‏

فقوله:

" فأخذتها عليهم"

 (3) كلام الصادق عليه السلام أي أنا أيضا أخذت على شيعتي هذا العهد، و لعله كان في الأصل قال: خذ عليهم أن يمنعوا فصحف إلى ما ترى، فقوله" فأخذتها" من كلام أمير المؤمنين عليه السلام.

 (الحديث الخامس و السبعون و الثلاثمائة)

 (4): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 251

قوله عليه السلام:" يغدى و يراح إليها"

 (1) أي إذا ماتوا يؤتى بأرواحهم إلى ذلك البئر كل صباح و مساء أو إن ماتوا صباحا يؤتى بهم صباحا و إن ماتوا مساء يؤتى بهم مساء ثم يكونون دائما في ذلك الوادي.

قوله عليه السلام:" من ماء الصديد"

 (2) أي من صديد أهل النار، و هو ماء الجرح الرقيق أو ماء تلك البئر الشبيه بالصديد، و الأول أظهر.

قوله عليه السلام:" يقال لهم الذريح"

 (3) قال الفيروزآبادي: ذريح: أبو حي.

قوله عليه السلام:" بصوت فصيح"

 (4) متعلق بقوله" فنادى" و يحتمل أن يكون متعلقا بفعل محذوف، أي أقول مثلا.

و روى الصدوق بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

" كانت بقرة في نخل لبني سالم من الأنصار فقالت له: يا ذريح عمل نجيح صائح يصيح بلسان عربي فصيح بأن لا إله إلا الله رب العالمين و محمد رسول الله سيد النبيين و علي وصيه سيد الوصيين.

قوله عليه السلام:" و سيبوها"

 (5) أي أجروها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 252

 (الحديث السادس و السبعون و الثلاثمائة)

 (1): موثق، و لعل في السند سقطا.

قوله صلى الله عليه و آله:" هذه عير بني فلان"

 (2) العير- بالكسر-: الإبل و تحمل الميرة، ثم غلب على كل قافلة.

قوله عليه السلام:" جمل أورق"

 (3) الأورق من الإبل الذي في لونه بياض إلى سواد و قيل هو الذي يضرب لونه إلى الخضرة.

قوله:" و بلغ"

 (4) أي ذلك الرجل العير مع طلوع الشمس حين قدموا فلم يمكنه ردهم أو العير مكة و على هذا كان الأظهر بلغته.

قوله:" يا لهفا"

 (5) أصله يا لهفي و هي كلمة تحسر على ما فات.

قوله:" أن لا أكون لك جذعا"

 (6) قال الجزري: في حديث المبعث أن ورقة بن نوفل قال: يا ليتني فيها جذعا، الضمير في قوله- فيها- للنبوة أي ليتني كنت شابا عند ظهورها، حتى أبالغ في نصرتها و حمايتها انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 253

أقول: يحتمل أن يكون كلامه لعنه الله جاريا على سبيل الاستهزاء و يكون مراده ليتني كنت شابا قويا على نصرتك حين ظهر لي أنك أتيت بيت المقدس و رجعت من ليلتك، و يحتمل أن يكون مراده يا لهفا على أن كبرت و ضعفت و لا أقدر على إضرارك حين سمعتك تقول هذا.

و روى الصدوق في أماليه عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام: قال:" لما أسري برسول الله إلى بيت المقدس حمله جبرئيل عليه السلام على البراق، فأتيا بيت المقدس و عرض عليه محاريب الأنبياء، و صلى بها و رده، فمر رسول الله صلى الله عليه و آله في رجوعه بعير لقريش و إذا لهم ماء في آنية، و قد أضلوا بعيرا لهم، و كانوا يطلبونه فشرب رسول الله من ذلك الماء و أهرق باقيه، فلما أصبح رسول الله قال لقريش: إن الله جل جلاله قد أسرى بي إلى البيت و أراني آثار الأنبياء و منازلهم و إني مررت بعير لقريش موضع كذا و كذا، و قد أضلوا بعيرا لهم فشربت من مائهم و أهرقت باقي ذلك، فقال أبو جهل قد أمكنتكم الفرصة منه فاسألوه كم الأساطين فيها و القناديل فقالوا: يا محمد إن هيهنا من قد دخل بيت المقدس فصف لنا كم أساطينه و قناديله و محاريبه فجاء جبرئيل عليه السلام فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه فجعل يخبرهم بما يسألونه، عنه، فلما أخبرهم قالوا: حتى يجي‏ء العير و نسألهم عما قلت، فقال لهم رسول الله تصديق ذلك أن العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس، يقدمها جمل أو رق فلما كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة، و يقولون: هذه الشمس تطلع الساعة فبينا هم كذلك إذ طلعت عليهم العير حين طلع القرص يقدمها جمل أو رق، فسألوهم عما قال رسول الله؟ فقالوا لقد كان هذا ضل جمل لنا في موضع كذا و كذا، و وضعنا ماء فأصبحنا و قد أهريق الماء فلم يزدهم ذلك إلا عتوا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 254

 (الحديث السابع و السبعون و الثلاثمائة)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" و قد أخذته الرعدة"

 (2) قال الجوهري: يقال: رعد يرعد و ارتعد اضطرب و الرعدة بالكسر اسم منه.

أقول: لا يخفى دلالة هذه الآية التي استدل بها المخالفون على فضل أبي بكر على ضعف إيمانه و يقينه و إضراره في مصاحبته للرسول صلى الله عليه و آله لوجوه شتى، إذ الآية ظاهرة في أنه كان خائفا وجلا، و ما ذلك إلا لضعف إيمانه، و كان إظهار هذا الخوف و الجبن لو لا ما أنزل الله على رسوله من السكينة إضرارا به صلى الله عليه و آله و تخويفا له.

و أيضا تدل دلالة ظاهرة على عدم إيمانه، لأن الله تعالى كلما ذكر إنزال السكينة على الرسول صلى الله عليه و آله ضم إليه المؤمنين، حيث ذكر في سورة التوبة في قصة حنين ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" و هم الذين ثبتوا مع أمير المؤمنين تحت الراية، و كان يومئذ ثمانون رجلا و لم ينهزموا مع المنهزمين، و قد صح عند الفريقين أن أبا بكر و عمر لم يكونا من الثابتين و كانا من المنهزمين و قال في سورة الفتح أيضا" فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" فظهر أن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 255

تخصيص الرسول صلى الله عليه و آله هنا بإنزال السكينة، إنما هو لعدم إيمانه، و لا يخفى على عاقل أنه لا يجوز إرجاع الضمير هنا إلى أبي بكر، لأن الضمائر قبل هذا و بعده تعود إلى النبي صلى الله عليه و آله بلا خلاف، و ذلك في قوله" إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ" و في قوله" إِذْ أَخْرَجَهُ" و في قوله" لِصاحِبِهِ" و في قوله فيما بعده" وَ أَيَّدَهُ" فكيف يتخللها ضمير عائد إلى غيره.

و أيضا أي فضيلة تظهر له إلا أنه ذكر فيها صحبته له و خروجه معه، و قد سمي الله تعالى الكافر صاحبا للنبي و للمؤمن في قوله تعالى:" يا صاحِبَيِ السِّجْنِ" و في قوله:" فَقالَ لِصاحِبِهِ وَ هُوَ يُحاوِرُهُ" و قد يسمى الحمار و الجماد صاحبا، و أيضا أي فضيلة لمن هرب خوفا على بدنه، و لم تنفع صحبته للرسول صلى الله عليه و آله شيئا، و لم يجاهد و لم يقاتل و لم يفد بنفسه، و هل يقابل عاقل بين هذا و بين ما صدر عن أمير المؤمنين عليه السلام في تلك الواقعة، حيث فدى بمهجته و وقاه بنفسه، و تفصيل الكلام في ذلك يقتضي مقاما آخر.

قوله عليه السلام:" فمسح رسول الله صلى الله عليه و آله بيده"

 (1) أقول: هذه من مشهورات معجزاته صلى الله عليه و آله رواها الخاصة و العامة بأسانيد.

 (الحديث الثامن و السبعون و الثلاثمائة)

 (2): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 256

قوله عليه السلام:" فساخت"

 (1) قال في النهاية: في حديث سراقة و الهجرة" فساخت يد فرسي" أي غاصت في الأرض يقال: ساخت الأرض به تسوخ و تسيخ.

أقول: هذه أيضا من المعجزات المستفيضة بين الفريقين.

 (الحديث التاسع و السبعون و الثلاثمائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" حتى تكونوا كالمعزى المواة"

 (3) المعزي: بكسر الميم: لغة في المعز من الغنم خلاف الضأن.

قوله عليه السلام:" لا يبالي الخابس"

 (4) قال الفيروزآبادي: خبس الشي‏ء بكفه أخذه و فلانا حقه ظلمه و غشمه، و المختبس الأسد كالخابس انتهى. أي تكونوا في الذلة و الصغار و استيلاء الظلمة عليكم كالمعز الميت التي لا يبالي الأسد من افتراس أي عضو من أعضائه أراد، و في بعض النسخ [الجاس‏] من جسه بيده، أي مسه، و في بعض النسخ [أن يضع‏] و في بعضها [أين يضع‏] و المعاني متقارنة.

قوله عليه السلام:" ليس لكم شرف ترقونه"

 (5) الشرف محركة العلو و المكان العالي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 257

فعلى الأول يكون المراد لا يكون لكم شرف و علو بين الناس ترتفعون بسببه، و تدفعون الأذى عنكم بارتقائه، فكأنه شبه الشرف و المنزلة بمكان عال يرتقي عليه للاحتراز عن سيول الفتن و الحوادث، و على الثاني المراد أنه يكون لكم مأوى و معقل.

قوله عليه السلام:" و لإسناد تسندون إليه"

 (1) السناد بالكسر: ما يستند إليه في أمور الدين و الدنيا أو الأعم.

 (الحديث الثمانون و الثلاثمائة)

 (2): ضعيف.

قوله:" التي قد استوت"

 (3) المعروف في كتب اللغة أن الموات كسحاب مالا روح فيه و لعل الراوي بين حاصل المعنى أي التشبيه بالميت إنما هو في أنه لا يتحرك و لا يتأثر إذا وضعت يدك على أي جزء منه، و يحتمل على تفسيره أن يكون التشبيه لمجموع الشيعة بقطيع معز ضعفاء، أو بمعز ميت فالمراد أن يكون كلهم متساوين في الضعف و العجز فيكون‏

قوله عليه السلام:" ليس لكم شرف"

 (4) كالتفسير لوجه التشبيه فلا تغفل.

 (الحديث الحادي و الثمانون و الثلاثمائة)

 (5): حسن.

قوله عليه السلام:" و انظروا لأنفسكم"

 (6) أي في أمور أنفسكم و هدايتها و عدم هلاكها

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 258

و ضلالتها، و من يجب عليكم، متابعته أو ارحموا أنفسكم و أعينوها، يقال: نظر له‏

قوله عليه السلام:" فيها الراعي"

 (1) المراد أن الإمام و الوالي بمنزلة الراعي و الرعية بمنزلة الغنم، فكما أن الإنسان لا يختار لغنمه إلا من كان أصلح لها فكذلك لا ينبغي أن يختار لنفسه من يعطيها و يهلكها في دينها و دنياها.

قوله عليه السلام:" إن أتاكم آت منا"

 (2) أي خرج أحد من الهاشميين أو العلويين.

قوله عليه السلام:" إلى الرضا من آل محمد عليهم السلام"

 (3) أي إلى أن يعمل بما يرضى به جميع آل محمد، أو إلى المرتضى و المختار منهم.

قوله عليه السلام:" إلى سلطان مجتمع"

 (4) أي فلذلك لم يظفر.

قوله عليه السلام:" إلا من اجتمعت"

 (5) أي لا تطيعوا إلا من كان كذلك، أو لا ترضى إلا بمن كان كذلك.

قوله عليه السلام:" إذا كان رجب"

 (6) ظاهره أن خروج القائم عليه السلام يكون في رجب و يحتمل أن يكون المراد أنه مبدأ ظهور علامات خروجه، فأقبلوا إلى مكة في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 259

ذلك الشهر، لتكونوا شاهدين هناك عند خروجه، و يؤيد ذلك توسعته عليه السلام، و تجويز التأخير إلى شعبان و إلى رمضان، و على الأول يدل على عدم وجوب مبادرة أهل الأمصار، و هو بعيد. و يحتمل على بعد أن يكون المراد حثهم على الإتيان إليه صلى الله عليه في كل سنة لتعلم المسائل، و للفوز بالحج و العمرة مكان الجهاد الذي كانوا يتهالكون فيه، فإن الحج جهاد الضعفاء، و لقاء الإمام أفضل من الجهاد.

 (الحديث الثاني و الثمانون و الثلاثمائة)

 (1): مرفوع.

قوله عليه السلام:" فعبثوا به"

 (2) أي لعبوا به.

 (الحديث الثالث و الثمانون و الثلاثمائة)

 (3): حسن أو موثق.

قوله عليه السلام:" و كن حلسا من أحلاسه"

 (4) قال الجوهري: أحلاس البيوت ما يبسط تحت حر الثياب، و في الحديث كن حلس بيتك أي لا تبرح.

 (الحديث الرابع و الثمانون و الثلاثمائة)

 (5): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 260

قوله عليه السلام:" ساهم الوجه"

 (1) قال الجوهري: السهام بالضم: الضمر و التغير و قد سهم وجهه و سهم أيضا بالضم.

قوله عليه السلام:" إسحاق السكر"

 (2) السكر معرب شكر و الواحدة بهاء، و رطب طيب، و الظاهر هنا الأول بقرينة السحق.

قوله عليه السلام:" ثم امخضه"

 (3) أي حركه تحريكا شديدا.

 (الحديث الخامس و الثمانون و الثلاثمائة)

 (4): مرسل.

قوله عليه السلام:" فكل سكرتين"

 (5) يدل على أنه كان لمعموله في ذلك الزمان مقدار صغير معلوم.

قوله:" و كان أفره أهل زماننا"

 (6) قال الجوهري: الفاره: الحاذق‏

 (الحديث السادس و الثمانون و الثلاثمائة)

 (7): مجهول مرسل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 261

 (الحديث السابع و الثمانون و الثلاثمائة)

 (1): الظاهر أنه صحيح إذ أحمد هو العاصمي الثقة و الأظهر أن علي بن الحسين هو الظاهري الثقة.

قوله عليه السلام:" كتموا"

 (2) استفهام على التقريع و التوبيخ، أو إخبار، و المراد بكتمانها تركها في السور، و القول بعدم جزئيتها لها.

قوله عليه السلام:" فنعم و الله الأسماء كتموها"

 (3) أي فنعم الأسماء و الله هذه الأسماء التي كتموها، و قد مر تحقيق جزئية البسملة في شرح كتاب الصلاة.

 (الحديث الثامن و الثمانون و الثلاثمائة)

 (4): ضعيف.

قوله عليه السلام:" عجب"

 (5) أي هذا أمر عجيب غريب، و هو أنهم بسبب الرسول‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 262

أنقذهم الله من النار، و هم لا يحفظون حرمته في أهل بيته، و يحتمل أن يكون المراد أن الله تعالى به صلى الله عليه و آله عرضهم لأن ينقذوا أنفسهم من النار و هم يتركون ذلك بمخالفة أهل البيت عليهم السلام.

 (الحديث التاسع و الثمانون و الثلاثمائة)

 (1): مجهول و قد يعد في الحسان.

قوله تعالى:" قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ"

 (2) أي يملك جنس الملك فيتصرف فيه تصرف الملاك فيما يملكون، و الحاصل أن قدرة الخلق في كل ما يقدرون عليه ليس إلا بإقدار الله تعالى.

قوله تعالى" تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ"

 (3) اختلف في أن الملك هنا هل هو السلطنة الحقة الواقعية كالنبوة و الإمامة، أو الأعم منها و من الرئاسات الباطلة التي تكون لملوك الجور و خلفاء الضلالة، أو الأعم منهما، و من ملك العلم و العقل و الصحة و الأخلاق الحسنة، و ملك النفاذ و ملك القدرة و ملك محبة القلوب، و ملك الأموال و الأولاد و غير ذلك، فذهب جماعة إلى الأول كما يدل عليه هذا الخبر لأنه عليه السلام بين إن الله إنما أعطى الملك أهله من أئمة العدل، و هؤلاء غاصبون انتزعوه منهم عدوانا و ظلما، و قالوا: كيف يؤتيه الملك و قد أمر بقصر يده، و إزالة ملكه، و من اختار أحدا من الأخيرين إنما ذهب إلى عموم اللفظ بحسب اللغة، أو العرف و مع قطع النظر عن الخبر لا استبعاد فيهما عقلا، إذ يحتمل أن يكون المراد بالإيتاء أقداره و تمكينه عليه، و إن كان نهاه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 263

عن ارتكابه، كما أنه تعالى أقدر الزاني على الزنا و نهاه عنه، و أعطى القاتل اليد و السيف و نهاه عن القتل بغير حق.

على أنه قد ينسب في كثير من الآيات و الأخبار الأفعال إلى الله باعتبار تخليته بين العبد و إرادته، و عدم صرفه عنها.

لكن الأول أظهر و أنسب بسياق الآية، و بما روي في سبب النزول أنها نزلت فيما وعد الله النبي صلى الله عليه و آله من الملك في يوم الخندق، أو في يوم فتح مكة.

قوله تعالى:" وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ" أي في الدنيا أو في الدين أو في الآخرة أو الأعم.

 (الحديث التسعون و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" العدل بعد الجور"

 (2) يحتمل أن يكون المراد أنها شاملة لهذا الإحياء أيضا.

 (الحديث الحادي و التسعون و الثلاثمائة)

 (3): مجهول.

و في أكثر النسخ علي بن محمد و الظاهر ابن أحمد.

قوله عليه السلام:" نزل به"

 (4) يدل هذا الخبر كغيره من الأخبار على أن ذا الفقار

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 264

نزل من السماء، و لم يكن من صنع البشر، و يدل على جواز كون حلقة السيف- على ما في بعض النسخ- أو حليته- على ما في بعضها- من فضة، و قد تقدم الكلام فيه في كتاب الزي و التجمل و كتاب الأطعمة.

 [الحديث الثاني و التسعون و الثلاثمائة] (حديث نوح عليه السلام يوم القيامة)

 (1) (الحديث الثاني و التسعون و الثلاثمائة): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و هو على كثيب المسك"

 (2) الكثيب: التل من الرمل.

قوله تعالى:" رَأَوْهُ زُلْفَةً"

 (3) ذكر المفسرون أن الضمير راجع إلى الوعد في‏

قوله تعالى:" يَقُولُونَ مَتى‏ هذَا الْوَعْدُ"

 (4) أي الموعود و يظهر من تفسيره عليه السلام أنه راجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام، و الزلفة القرب، أي ذا زلفة، ساءت رؤية تلك الزلفة وجوه المنكرين و المخالفين له عليه السلام و ظهر عليها الكآبة، و سوء الحال.

قوله عليه السلام:" هما الشاهدان"

 (5) يظهر منه أحد معاني ما ورد في الآيات و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 265

الأدعية و الأخبار أن هذه الأمة شهداء على الخلق.

 (الحديث الثالث و التسعون و الثلاثمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" يقسم لحظاته"

 (2) يظهر منه استحباب تسوية النظر للعلماء و القضاة و الأمراء، و من يرجع إليه الناس لأمور دينهم و دنياهم.

 (الحديث الرابع و التسعون و الثلاثمائة)

 (3): مرسل.

و يظهر منه أنه لا بد أن يخفى عن الناس ما لا يدركه عقولهم و لا يقبله أحلامهم.

 (الحديث الخامس و التسعون و الثلاثمائة)

 (4): صحيح.

قوله عليه السلام:" و العدد"

 (5) أي أنت من عدادهم أو في الأعوان و الاتباع.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 266

 (الحديث السادس و التسعون و الثلاثمائة)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" إن حواري عيسى عليه السلام"

 (2) قال الجزري:" فيه حواري من أمتي" أي خاصتي من أصحابي و ناصري، و منه الحواريون أصحاب عيسى أي خلصاؤه و أنصاره، و أصله من التحوير التبييض، و قيل إنهم كانوا قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها، و منه الخبز الحوارى الذي نخل مرة بعد مرة قال الأزهري: الحواريون خلصان الأنبياء، و تأويله الذين أخلصوا و نقوا من كل عيب.

 (الحديث السابع و التسعون و الثلاثمائة)

 (3): صحيح.

قوله تعالى:" الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ"

 (4) قال البيضاوي: أي أرض العرب منهم لأنها الأرض المعهودة عندهم، أو في أدنى أرضهم من العرب، و اللام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 267

بدل من الإضافة

" وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ"

 (1) من إضافة المصدر إلى المفعول‏

" سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ"

 (2) روي أن فارس غزوا الروم فوافوهم باذرعات و بصري.

و قيل بالجزيرة و هي أدنى أرض الروم من الفرس، فغلبوا عليهم فبلغ الخبر مكة ففرح المشركون و شمتوا بالمسلمين، و قالوا أنتم و النصارى أهل كتاب و نحن و فارس أميون، و قد ظهر إخواننا على إخوانكم و لنظهرن عليكم فنزلت فقال لهم أبو بكر لا يقرن الله أعينكم فو الله ليظهرن الروم على فارس بعد بضع سنين فقال له أبي بن خلف كذبت اجعل بيننا أجلا أناحبك عليه فناحبه على عشر قلائص من كل واحد منهما، و جعلا الأجل ثلاث سنين، فأخبر أبو بكر رسول الله صلى الله عليه و آله فقال البضع ما بين الثلاث إلى التسع فزائده في الخطر، و مادة في الأجل فجعلاها مائة قلوص إلى تسع سنين، و مات أبي من جرح رسول الله صلى الله عليه و آله بعد قفوله من أحد فظهرت الروم على فارس يوم الحديبية، فأخذ أبو بكر الخطر من ورثة أبي و جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه و آله فقال تصدق به، و الآية من دلائل النبوة، لأنها إخبار عن الغيب، و قرئ غلبت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 268

بالفتح، و سيغلبون بالضم، و معناه إن الروم غلبوا على ريف الشام، و المسلمون سيغلبونهم، و في السنة التاسعة من نزوله غزاهم المسلمون، و فتحوا بعض بلادهم و و على هذا يكون إضافة الغلب إلى الفاعل.

" لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ"

 (1) من قبل كونهم غالبين و هو وقت كونهم مغلوبين، و من بعد كونهم مغلوبين، و هو وقت كونهم غالبين أي له الأمر حين غلبوا و حين يغلبون، ليس شي‏ء منهما إلا بقضائه‏

" وَ يَوْمَئِذٍ"

 (2) و يوم يغلب الروم‏

" يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ"

 (3) من له كتاب على من لا كتاب له، لما فيه من انقلاب التفاؤل و ظهور صدقهم، فيما أخبروا به المشركين، و غلبتهم في رهانهم، و ازدياد يقينهم و ثباتهم في دينهم، و قيل: بنصر الله المؤمنين بإظهار صدقهم، أو بأن ولي بعض أعدائهم بعضا، فقاتلوا حتى تفانوا

" يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ"

 (4) فينصر هؤلاء تارة، و هؤلاء أخرى انتهى كلام البيضاوي.

و قال البغوي: كان سبب غلبة الروم فارس على ما قال عكرمة أن شهريراز رئيس جيش كسرى بعد ما غلبت الروم لم يزل يطأهم و يخرب مدائنهم، حتى بلغ الخليج فبينما أخوه فرخان جالس ذات يوم يشرب، فقال فرخان لأصحابه لقد رأيت كأني جالس على سرير كسرى، فبلغت كلمته كسرى فكتب إلى شهريراز إذا أتاك كتابي فابعث إلى برأس فرخان، فكتب إليه أيها الملك إنك لن تجد مثل فرخان إن له قوة و صوتا في العدو فلا تغفل، فكتب إليه إن في رجال فارس أعلى منه فعجل علي برأسه، فراجعه فغضب كسرى و لم يجبه، و بعث بريدا إلى أهل فارس إني قد نزعت عنكم شهريراز، و استعملت عليكم فرخان، ثم دفع إلى البريد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 269

صحيفة صغيرة و أمره فيها بقتل شهريراز، فقال: إذا ولي فرخان الملك، فأعطه فلما قرأ شهريراز الكتاب قال: سمعا و طاعة، و نزل عن سريره و جلس فرخان، و دفع إليه الصحيفة، فقال: ائتوني بشهريراز فقدمه ليضرب عنقه، فقال: لا تعجل و أعطاه ثلاث صحائف، و قال: كل هذا راجعت فيك كسرى و أنت تريد أن تقتلني بكتاب واحد، فرد الملك إلى أخيه، و كتب شهريراز إلى قيصر ملك الروم إن لي إليك حاجة لا تحملها البريد، و لا تبلغها الصحف، فألقني في خمسين روميا فإني ألقاك في خمسين فارسيا، فالتقيا في قبة ديباج ضربت لهما، و مع كل واحد منهما سكين، فدعيا بترجمان بينهما، فقال: شهريراز إن الذين خربوا مدائنك أنا و أخي بكيدنا و شجاعتنا، و إن كسرى حسدنا و أراد أن أقتل أخي فأبيت ثم أمر أخي أن يقتلني فقد خلعناه جميعا، فنحن نقاتله معك، قال: قد أصبتما ثم أشار أحدهما إلى صاحبه أن السر إذا جاز اثنين فشا فقتلا الترجمان معا بسكينهما فأديلت الروم على فارس عند ذلك فاتبعوهم فقتلوهم و مات كسرى، و جاء الخبر إلى رسول الله يوم الحديبية، ففرح من معه بذلك.

قوله عليه السلام:" كتب إلى ملك الروم‏

 (1) و كان اسمه هرقل" بعث النبي صلى الله عليه و آله إليه دحية الكلبي و أمره أن يأتي حاكم بصري و يسأل منه أن يبعث معه من يوصله إلى هرقل، و قال: هرقل أتى لزيارة بيت المقدس إلى الشام، فأرسل معه رجلا حتى أوصله إلى هرقل.

و قال قطب الدين الراوندي: روي أن دحية الكلبي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه و آله بكتاب إلى قيصر، فأرسل إلى الأسقف فأخبره بمحمد صلى الله عليه و آله، و كتابه فقال: هذا النبي الذي كنا ننتظره بشرنا به عيسى بن مريم، و قال الأسقف: أما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 270

أنا فمصدقه و متبعة، فقال قيصر: أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي.

ثم قال قيصر: التمسوا من قومه هيهنا أحدا أسأله عنه و كان أبو سفيان و جماعته من قريش دخلوا الشام تجارا فأحضرهم، و قال: ليدن مني أقربكم نسبا به فأتاه أبو سفيان، فقال: أنا سائل عن هذا الرجل الذي يقول إنه نبي ثم قال لأصحابه: إن كذب، فكذبوه، قال أبو سفيان: لو لا حيائي أن يأثر أصحابي عني الكذب لأخبرته بخلاف ما هو عليه.

فقال: كيف نسبه فيكم قلت: ذو نسب قال: هل قال هذا القول فيكم أحد؟

قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل؟ قلت لا، قال: فأشراف الناس اتبعوه أو ضعفاؤهم؟ قلت: ضعفاؤهم، قال: فهل يزيدون أو ينقصون؟ قلت: يزيدون قال: يرتد أحد منهم سخطا لدينه؟ قلت: لا، قال: فهل يغدر قلت: لا، قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف حربكم و حربه؟ قلت: ذو سجال مرة له، و مرة عليه، قال: هذه آية النبوة.

قال فما يأمركم؟ قلت: يأمرنا أن نعبد الله وحده و لا نشرك به شيئا، و ينهانا عما كان يعبد آباؤنا و يأمرنا بالصلاة و الصوم و العفاف و الصدق و أداء الأمانة و الوفاء بالعهد، قال هذه صفة نبي، و قد كنت أعلم أنه يخرج لم أظن أنه منكم، فإنه يوشك أن يملك ما تحت قدمي هاتين، و لو أرجو أن أخلص إليه لتجشمت لقاءه، و لو كنت عنده لقبلت قدميه، و إن النصارى اجتمعوا على الأسقف ليقتلوه، فقال:

اذهب إلى صاحبك فاقرأ عليه سلامي و أخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و أن النصارى أنكروا ذلك علي، ثم خرج إليهم فقتلوه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 271

قال: و روي أن هرقل بعث رجلا من غسان، و أمره أن يأتيه بخبر محمد، و قال له احفظ لي من أمره ثلاثة أنظر على أي شي‏ء تجده جالسا، و من على يمينه، فإن استطعت أن تنظر إلى خاتم النبوة فافعل، فخرج الغساني حتى أتى النبي صلى الله عليه و آله فوجده جالسا على الأرض، و وجد علي بن أبي طالب على يمينه، و جعل رجليه في ماء يفور، فقال: من هذا على يمينه قيل ابن عمه، فكتب ذلك، و نسي الغساني الثالثة، فقال له رسول الله صلى الله عليه و آله: تعال فانظر إلى ما أمرك به صاحبك، فنظر إلى خاتم النبوة.

فانصرف الرجل إلى هرقل ثم قال: ما صنعت؟ قال: وجدته جالسا على الأرض و الماء يفور تحت قدميه، و وجدت عليا ابن عمه عن يمينه، و أنسيت ما قلت لي في الخاتم، فدعاني فقال، هلم إلى ما أمرك به صاحبك، فنظرت إلى خاتم النبوة.

فقال: هرقل هذا الذي بشر به عيسى بن مريم أنه يركب البعير فاتبعوه و صدقوه، ثم قال للرسول اخرج إلى أخي فأعرض عليه، فإنه شريكي في الملك فقال له فما طاب نفسه عن ذهاب ملكه.

قوله عليه السلام:" و كتب إلى ملك فارس"

 (1) بعث به مع عبد الله بن حذاقة إليه.

قال ابن شهرآشوب: ذكر ابن مهدي المامطيري في مجالسه أن النبي صلى الله عليه و آله كتب إلى كسرى: من محمد رسول الله إلى كسرى بن هرمز، أما بعد فأسلم تسلم، و إلا فإذن بحرب من الله و رسوله، و السلام على من اتبع الهدى" فلما وصل إليه الكتاب مزقه و استخف به، و قال: من هذا الذي يدعوني إلى دينه، و يبدأ باسمه قبل اسمي و بعث إليه بتراب فقال صلى الله عليه و آله: مزق الله ملكه كما مزق كتابي، أما إنه ستمزقون ملكه، و بعث إلى بتراب أما إنكم ستملكون أرضه، فكان كما قال.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 272

و قال الماوردي في إعلام النبوة: أن كسرى بعث في الوقت إلى عامله باليمن بأذان و يكنى أبا مهران أن احمل إلى هذا الذي يذكر أنه نبي، و بدأ باسمه قبل اسمي و دعاني إلى غير ديني، فبعث إليه فيروز الديلمي في جماعة مع كتاب يذكر فيه ما كتب به كسرى، فأتاه فيروز بمن معه، فقال له: إن كسرى أمرني أن أحملك إليه فاستنظره ليلة، فلما كان من الغد حضر فيروز مستحثا فقال له النبي صلى الله عليه و آله أخبرني ربي أنه قتل ربك البارحة، سلط الله عليه ابنه شيرويه على سبع ساعات من الليل، فأمسك حتى يأتيك الخبر، فراع ذلك فيروز و هاله و عاد إلى بأذان فأخبره، فقال له بأذان كيف وجدت نفسك حين دخلت عليه؟ فقال: و الله ما هبت أحدا كهيبة هذا الرجل، فوصل الخبر بقتله في تلك الليلة من تلك الساعة، فأسلما جميعا و ظهر العبسي و ما افتراه من الكذب، فأرسل رسول الله إلى فيروز اقتله، قتله الله فقتله.

و روي عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عوف قال بعث الله إلى كسرى ملكا وقت الهاجرة، و قال: يا كسرى تسلم أو اكسر هذه العصا، فقال بهل بهل فانصرف عنه، فدعا حراسة و قال: من أدخل هذا الرجل علي؟ فقالوا ما رأيناه، ثم أتاه في العام المقبل و وقته، فكان كما كان أولا ثم أتاه في العام الثالث، فقال تسلم أو اكسر هذه العصا، فقال: بهل بهل فكسر العصا ثم خرج، فلم يلبث أن وثب عليه ابنه، فقتله.

قوله عليه السلام:" قرانا"

 (1) إما صفة للكتاب، أي كتابا مقروا أو بدل منه، ليظهر منه أن المراد بعض الكتاب.

قوله عليه السلام:" يعني غلبتها فارس"

 (2) الظاهر أن إضافة الغلبة إلى الضمير إضافة إلى المفعول، أي مغلوبية روم من فارس، و يمكن أن يقرأ على فعل الماضي.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 273

قوله عليه السلام:" يعني و فارس"

 (1) تفسير لضمير- هم- فالظاهر أنه كان في قراءتهم عليهم السلام غلبت و سيغلبون كلاهما على المجهول، و هي مركبة من القراءة المشهورة، و الشاذة التي رواها البيضاوي و يحتمل أن يكون قراءتهم عليهم السلام على وفق الأخيرة، بأن يكون إضافة الغلبة إلى الضمير إضافة إلى الفاعل، و إضافة غلبهم في الآية إلى المفعول أي بعد مغلوبية فارس عن الروم، سيغلبون عن المسلمين أيضا، أو إلى الفاعل ليكون في الآية إشارة إلى غلبة فارس و مغلوبيتهم عن الروم و عن المسلمين جميعا، و لكنه يحتاج إلى تكلف كما لا يخفى (تمام الغلبة على فارس في السابع عشر، أو آخر السابع عشر)

قوله:" أ ليس الله يقول فِي بِضْعِ سِنِينَ"

 (2) لما كان البضع- بكسر الباء- بحسب اللغة إنما يطلق على ما بين الثلاث إلى التسع، و كان تمام الغلبة على فارس في السابع عشر، أو أواخر السادس عشر من الهجرة، فعلى المشهور بين المفسرين من نزول الآية في مكة قبل الهجرة، لا بد من أن يكون بين نزول الآية و بين الفتح ست عشرة سنة، و على ما هو الظاهر من الخبر من كون نزول الآية بعد مراسلة قيصر و كسرى و كانت على الأشهر في السنة السادسة، فيزيد على البضع أيضا بقليل، فلذا اعترض السائل عليه بذلك، فأجاب عليه السلام بأن الآية مشعرة باحتمال وقوع البداء، حيث قال:

" لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ"

 (3) أي لله أن يقدم الأمر قبل البضع، و يؤخره بعده كما هو الظاهر من تفسيره عليه السلام.

 (الحديث الثامن و التسعون و الثلاثمائة)

 (4): ضعيف.

قوله:" ليفتن"

 (5) أي يمتحن و يضل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 274

قوله:" إنهم يفسرون على وجه آخر"

 (1) أي يقولون: إن هذا كلام على وجه الاستفهام و لا يدل على وقوع ذلك، و كان غرضه عليه السلام أنه تعالى عرض للقوم بما صدر عنهم بعده صلى الله عليه و آله بهذا الكلام، و هذا لا ينافي الاستفهام، بل ذكر التهديد و العقوبة، و بيان أن ارتدادهم لا يضره تعالى ظاهر في أنه تعالى إنما وبخهم بما علم صدوره منهم، و لما غفل السائل عن هذه الوجوه و لم يكن نصا في الاحتجاج على الخصم أعرض عليه السلام عن ذلك، و استدل بآية أخرى و هي قوله تعالى:" تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ" الآية.

و يمكن الاستدلال بها من وجوه:

الأول: إن ضمير الجمع في قوله تعالى:" مِنْ بَعْدِهِمْ" راجع إلى الرسل، فيدل بعمومه على أن جميع الرسل يقع الاختلاف بعدهم، فيكون فيهم كافر و مؤمن و نبينا صلى الله عليه و آله منهم فيلزم صدور ذلك من أمته.

و الثاني: أن الآية تدل على وقوع الاختلاف و الارتداد بعد عيسى، و كثير من الأنبياء في أممهم، و قد قال تعالى:" وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا" و قال النبي صلى الله عليه و آله:" يكون في أمتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل" فيلزم صدور ذلك من هذه الأمة أيضا.

و الثالث: أن يكون الغرض دفع الاستبعاد الذي بنى القائل كلامه عليه،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 275

بأنه إذا جاز وقوع ذلك بعد كثير من الأنبياء، فلم لم يجز وقوعه بعد نبينا صلى الله عليه و آله فيكون سندا لمنع المقدمة التي أوردها بقوله:" و ما كان الله ليفتن" و الثاني أظهر الوجوه كما لا يخفى.

 (الحديث التاسع و التسعون و الثلاثمائة)

 (1): صحيح.

قوله عليه السلام:" و لا تعرضوني للسلطان"

 (2) أي لا تجعلوني عرضة لإيذاء الخليفة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 276

و إضراره باجتماعكم علي و سؤالكم عني.

قوله عليه السلام:" فرخص لهم في أشياء"

 (1) كقصر الصلاة في السفر، و تركها لفاقد الطهورين على القول به، و للحائض و النفساء و ترك كثير من أركانها في حال الضرورة و الخوف و القتال، و كترك الصيام في السفر و المرض و الكبر، و كترك الحج و الزكاة مع عدم الاستطاعة و المال، و لم يرخص في ترك الولاية في حال من الأحوال.

 (الحديث الأربعمائة)

 (2): مجهول.

و قد مر نحوه في السابع و الخمسين و المائة.

 (الحديث الحادي و الأربعمائة)

 (3): مرسل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 277

قوله عليه السلام:" مسجونة تحت هذا الركن الشامي"

 (1) يحتمل أن يكون كناية عن قيام الملائكة الذين بهم تهب تلك الرياح فوقه عند إرادة ذلك كما مر.

قوله عليه السلام:" هذا الركن" لعل المراد حركة الثوب المعلق عليه.

 (الحديث الثاني و الأربعمائة)

 (2): حسن على الأظهر.

قوله عليه السلام:" و كذلك في كل يوم"

 (3) الظاهر عدم تكررهم في كل يوم و كل ليلة، كما يدل عليه أخبار أخر.

 (الحديث الثالث و الأربعمائة)

 (4): مجهول مرفوع.

و يدل على تجسم الملائكة كما يدل عليه الآيات المتظافرة و الأخبار المتواترة و هو إشارة إلى قوله تعالى:" أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى‏ وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ".

 (الحديث الرابع و الأربعمائة)

 (5): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 278

 (الحديث الخامس و الأربعمائة)

 (1): ضعيف.

 (الحديث السادس و الأربعمائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" سبوح قدوس"

 (3) قال الجزري: يرويان بالضم و الفتح، و الفتح أقيس و الضم أكثر استعمالا، و هو من أبنية المبالغة، و المراد بهما التنزيه و قال في أسماء الله تعالى:

" الحق"

 (4) هو الموجود حقيقة المتحقق وجوده، و إلهيته، و الحق: ضد الباطل.

قوله عليه السلام:" المبين"

 (5) أي مظهر الأشياء بخلقها، و المعارف بإفاضتها.

قوله عليه السلام:" فتضرب الديكة"

 (6) هو جمع الديك.

 (الحديث السابع و الأربعمائة)

 (7): موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 279

" أدر للعروق"

 (1) أي يمتلئ العروق و يخرج منها الدم أكثر مما إذا كان على الريق.

 (الحديث الثامن و الأربعمائة)

 (2): صحيح. و ضمير

عنه‏

 (3) راجع إلى أحمد.

و يدل على أنه تدفع نحوسة الأيام للحجامة بآية الكرسي، و للسفر بالصدقة.

 (الحديث التاسع و الأربعمائة)

 (4): مجهول.

قوله عليه السلام:" إلا و هو"

 (5) أي نفسه أو معالجته.

قوله عليه السلام:" إلا عما يحتاج إليه"

 (6) أي من الأكل بأن يحتمي عن الأشياء المضرة و لا يأكل أزيد من الشبع أو من المعالجة أو منهما.

 (الحديث العاشر و الأربعمائة)

 (7): مرفوع.

قوله عليه السلام:" في العرق"

 (8) الظاهر التحريك، و يحتمل الكسر بأن يكون المراد به الفصد أو الأعم منه، و من الحجامة.

قوله عليه السلام:" و البطن"

 (9) أي شرب المسهل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 280

 (الحديث الحادي عشر و الأربعمائة)

 (1): ضعيف. و

محمد بن علي‏

 (2) هو أبو سمينة.

قوله عليه السلام:" الغبرة على من أثارها"

 (3) الغبرة بالضم و بالتحريك-: الغبار أي يعود ضرر الغبار على من أثاره، و هذا تشبيه و تمثيل لبيان أن مثير الفتنة يعود ضررها إليه أكثر من غيره.

قوله عليه السلام:" هلك المحاضير"

 (4) أي المستعجلون في ظهور دولة الحق قبل أوانها و لعله من الحضر بمعنى العدو، يقال فرس محضير أي كثير العدو.

قوله عليه السلام:" أما إنهم لن يريدوا إلا من يعرض لهم"

 (5) أي خلفاء الجور و المخالفون لا يتعرضون للقتل، و الأذى إلا لمن عرض لهم و خرج عليهم أو ترك التقية التي أمر الله بها.

قوله عليه السلام:" بمجحفة"

 (6) بتقديم الجيم أي داهية.

قوله عليه السلام:" حبسوا أنفسهم على الله"

 (7) أي على إطاعة أمر الله و ملازمة دين الله، و ترك التعرض لمعاصي الله و هذا منه عليه السلام توجيه بأن الله تعالى سيجعل لكم بعد صبركم على ما تقاسون من هؤلاء فرجا.

 (الحديث الثاني عشر و الأربعمائة)

 (8): موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 281

قوله:" كتاب أبي مسلم"

 (1) أي المروزي.

قوله:" يسار بعضنا بعضا"

 (2) الظاهر أن مسارتهم كان اعتراضا عليه عليه السلام بأنه لم لا يقبل ذلك.

قوله:" حتى بلغ السابع من ولد فلان"

 (3) أي عد سبعة من ولد العباس و بين أن ملك هؤلاء مقدم على خروج قائمنا فكيف نخرج و لم ينقض ملك هؤلاء و هذا بدؤ ملكهم.

قوله عليه السلام:" و هو

 (4) أي خروج السفياني‏

من المحتوم‏

 (5)" الذي لا بداء فيه.

 (الحديث الثالث عشر و الأربعمائة)

 (6): ضعيف.

قوله:" عن إبليس أ كان من الملائكة؟"

 (7) اعلم أن العلماء اختلفوا في أن إبليس هل كان من الملائكة أم لا؟ فالذي ذهب إليه أكثر المتكلمين لا سيما المعتزلة، و كثير من أصحابنا كالشيخ المفيد (ره) إنه لم يكن من الملائكة بل كان من الجن قال:

و قد جاءت الأخبار به متواترة عن أئمة الهدى عليهم السلام، و هو مذهب الإمامية و ذهب طائفة من المتكلمين و كثير من فقهاء الجمهور، إلى أنه منهم، و اختاره شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي قدس سره، قال: و هو المروي عن أبي عبد الله، و الظاهر في تفاسيرنا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 282

ثم اختلف من قال إنه كان من الملائكة، فمنهم من قال: إنه كان خازنا على الجنان و منهم من قال: كان له سلطان سماء الدنيا و سلطان الأرض، و منهم من قال إنه كان يسوس ما بين السماء و الأرض، و احتج الأولون بوجوه.

أحدها: قوله تعالى في سورة الكهف:" إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" قالوا: و متى أطلق لفظ الجن لم يجز أن يعني به إلا الجنس المعروف الذي يقابل بالإنس في الكتاب الكريم.

و ثانيها: قوله تعالى:" لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ" فنفى عن الملائكة المعصية نفيا عاما، فوجب أن لا يكون إبليس منهم.

و ثالثها: أن إبليس له نسل و ذرية كما قال تعالى:" أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَ هُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ" و الملائكة لا ذرية لهم، لأنه ليس فيهم أنثى لقوله تعالى:

" وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً" و الذرية إنما تحصل من الذكر و الأنثى.

و رابعها: إن الملائكة رسل الله لقوله تعالى:" جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا" و رسل الله معصومون لقوله تعالى:" اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ" و لا يجوز على رسل الله الكفر و العصيان ملائكة كانوا أم بشرا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 283

و قد ذكر وجوه آخر و أورد على ما ذكرنا اعتراضات، و أجيب عنها بأجوبة تركنا إيرادها مخافة الإطناب.

و احتج القائلون بأنه من الملائكة بوجهين.

الأول: إن الله تعالى استثناه من الملائكة، و الاستثناء يفيد إخراج ما لولاه لدخل، و ذلك يوجب كونه من الملائكة.

و أجيب بأن الاستثناء هيهنا منقطع، و هو مشهور في كلام العرب كثير في كلامه تعالى، و أيضا فلأنه كان جنيا واحدا بين الألوف من الملائكة غلبوا عليه في‏

قوله:" فَسَجَدُوا"

 (1) ثم استثنى هو منهم استثناء واحد منهم، و قد كان مأمورا بالسجود معهم، فلما دخل معهم في الأمر جاز إخراجه باستثناء منهم.

و الثاني: إنه لو لم يكن من الملائكة لما كان قوله تعالى:" وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا" متناولا له فلا يكون تركه للسجود إباء و استكبارا و معصية، و لما استحق الذم و العقاب فعلم أن الخطاب كان متناولا له، و لا يتناوله الخطاب إلا إذا كان من الملائكة.

و أجيب: بأنه و إن لم يكن من الملائكة إلا أنه نشأ معهم، و طالت خلطته بهم، و التصق بهم فلا جرم تناوله ذلك الخطاب.

و أيضا يجوز أن يكون مأمورا بالسجود بأمر آخر، و يكون قوله تعالى:

" ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ" إشارة إلى ذلك الأمر.

أقول: هذا الخبر من الأخبار التي تدل على المذهب الأول و الأخبار الدالة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 284

عليه كثيرة.

قوله:" أ رأيت قوله تعالى"

 (1) لعله كان غرضه الاستدلال بأنه تعالى لما أمر الملائكة بالسجود و عصى إبليس بتركه فيكون من الملائكة لشموله الأمر المتوجهة إلى الملائكة له، و لو لم يكن منهم لم يشمله ذلك الخطاب له، كما أن الخطاب‏

بقوله" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا"

 (2) لا يشمل المنافقين، فأجاب عليه السلام بأن كل من اختلط بجماعة و لم يتميز منهم فالخطاب المتوجهة إليهم يشمله، فالخطاب بقوله" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا" يشمل المنافقين، و خطاب الملائكة يشمل إبليس، لأنه كان مختلطا بهم ظاهرا غير متميز عنهم.

 (الحديث الرابع عشر و الأربعمائة)

 (3): ضعيف.

قوله:" فاجعل كل صلاتي لك"

 (4) أقول: روى العامة بإسنادهم عن أبي بن كعب أنه قال: قلت يا رسول الله صلى الله عليه و آله: إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قلت: الربع قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال إذا تكفى همك و يكفر لك ذنبك.

و قال الطيبي في شرح المشكاة في قوله" كم أجعل لك من صلاتي"؟ هي هنا الدعاء و الورد، يعني لي زمان أدعو فيه لنفسي فكم أصرف من ذلك الزمان في الدعاء لك، قوله أجعل لك صلاتي كلها أي أصلي عليك بدل ما أدعو به لنفسي، و فيه إن الصلاة على النبي صلى الله عليه و آله أفضل من الدعاء لنفسه، لأن فيه ذكر الله، و تعظيم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 285

النبي صلى الله عليه و آله و من شغله ذكره عن مسألته أعطي أفضل، و يدخل فيه كفاية ما يهمه في الدارين انتهى.

أقول: قد مر تفسير ذلك في كتاب الدعاء فيما رواه عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عنه عليه السلام و ذكر نحوا مما هنا، ثم قال: فقال له رجل أصلحك الله كيف يجعل صلاته له، فقال أبو عبد الله عليه السلام لا يسأل الله تعالى إلا يبدأ بالصلاة على محمد و آله.

و روي هناك بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سأله ما معنى أجعل صلاتي كلها لك؟ فقال: يقدمه بين يدي كل حاجة فلا يسأل الله تعالى شيئا حتى يبدأ بالنبي صلى الله عليه و آله فيصلي عليه، ثم يسأل الله حوائجه، فعلى هذا يكون المراد بالصلاة أيضا الدعاء، و يجعلها له تصديرها بالصلاة عليه، لأنه لما جعل دعاءه تابعا للصلاة، و عظمه بتصدير دعائه بالصلاة عليه، فكأنه جعل دعواته كلها له.

قوله تعالى:" لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ"

 (1) قال البيضاوي: أي إلا فعل نفسك، لا يضرك مخالفتهم و تقاعدهم، فتقدم إلى الجهاد و إن لم يساعدك أحد، فإن الله ناصرك لا الجنود.

قوله عليه السلام:" أن يأخذ له ما أخذ لنفسه"

 (2) أي يأخذ العهد من الخلق في مضاعفة الأعمال له صلى الله عليه و آله مثل ما أخذ في المضاعفة لنفسه، أو يأخذ العهد بتعظيمه مثل ما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 286

أخذ لنفسه.

قوله عليه السلام:" و جعلت الصلاة"

 (1) يحتمل وجهين.

الأول: أن يكون المراد أنه جعل تعظيمه و الصلاة عليه من طاعاته التي يضاعف لها الثواب عشرة أضعافها.

و الثاني: أن يكون المراد أنه ضاعف لنفسه الصلاة، لكونها عبادة له عشرة أضعاف، ثم ضاعفها له صلى الله عليه و آله لكونها متعلقة به، لكل حسنة عشرة أضعافها، فصارت للصلاة مائة حسنة.

 (الحديث الخامس عشر و الأربعمائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" نور في ظلمات الأرض"

 (3) النور ما هو سبب لظهور الأشياء و لذا يطلق على العلم و الإيمان و السعادات و الكمالات، و لما كانت تلك الأمور إنما تظهر من الشيعة و بسببهم في الأرض، فلذا أطلق عليهم النور.

قوله عليه السلام:" إلى الكوكب الدري"

 (4) قال الجزري: فيه" كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء" أي الشديد الإنارة، كأنه نسب إلى الدر تشبيها بصفائه، و قال الفراء: الكوكب الدري عند العرب هو العظيم المقدار، و قيل:

هو أحد الكواكب الخمسة السيارة.

قوله عليه السلام:" كيف أصاب هذا الأمر"

 (5) أي المعرفة و الولاية مع أن أكثر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 287

الناس في الجهالة و الضلالة.

قوله عليه السلام:" ما أعجب ممن هلك"

 (1) لكون أكثر الخلق كذلك، و دواعي الهلاك و الضلال كثيرة.

 (الحديث السادس عشر و الأربعمائة)

 (2): مجهول.

قوله عليه السلام:" أو تزوج"

 (3) يحتمل العقد و الزفاف و الأعم منهما، و إن كان الأول أظهر.

قوله عليه السلام:" و القمر في العقرب"

 (4) أي في برجها أو محاذاة كواكبها.

قوله عليه السلام:" لم ير الحسنى"

 (5) أي العاقبة الحسنى.

أقول: هذا الخبر يدل على رجحان إيقاع هذين الأمرين في غير تلك الساعة و لا يدل على رجحان رعاية الساعات في جميع الأمور و لا غير هذه الساعة في هذين الأمرين أيضا، و قد مضى في السفر أنه مع التصدق لا بأس بالأخذ فيه أي ساعة كانت و سيأتي الكلام فيه مفصلا إن شاء الله تعالى.

 (الحديث السابع عشر و الأربعمائة)

 (6): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 288

قوله تعالى:" وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ"

 (1) أي مطيقين من أقرن الشي‏ء إذا أطاقه و أصله وجد قرينته إذ الصعب لا يكون قرينة الضعيف.

قوله تعالى" لَمُنْقَلِبُونَ"

 (2) أي راجعون و اتصاله بذلك، لأن الركوب للتنقل و النقلة العظمى هي الانقلاب إلى الله، أو لأنه محظر فينبغي للراكب أن لا يغفل عنه و يستعد للقاء الله.

قوله عليه السلام:" هذا وادي النمل"

 (3) يدل على كراهة الصلاة في الوادي التي تكون فيها قرى النمل كما ذكره الأصحاب، و كذا يدل على كراهة الصلاة في الأرض السبخة.

قوله عليه السلام:" أو تصلي سبحتك"

 (4) الترديد من الراوي و السبحة صلاة النافلة.

قوله عليه السلام:" الزوال"

 (5) أي صلاة الزوال، و يمكن أن يكون قاله استخفافا فعظمها عليه السلام و بين فضلها، أو المراد أن هذه صلاة يصليها أهل العراق قريبا من الزوال قبله، يعني صلاة الضحى فالمراد بالجواب أن من يصليها بعد الزوال كما نقول فهو شيعة علي عليه السلام.

قوله عليه السلام:" اللهم العن المرجئة"

 (6) قال الشهرستاني في كتاب الملل و النحل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 289

الإرجاء على معنيين.

أحدهما: التأخير، قال تعالى:" أَرْجِهْ" أمهله و أخاه.

و الثاني: إعطاء الرجاء.

أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول صحيح، لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية و العقد.

و أما بالمعنى الثاني فظاهر، فإنهم كانوا يقولون لا يضر مع الأيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، و قيل: الإرجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى القيامة فلا يقضي عليه بحكم ما في الدنيا من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار، فعلى هذا المرجئة و الوعيدية فرقتان متقابلتان.

و قيل الإرجاء تأخير علي عليه السلام عن الدرجة الأولى إلى الرابعة.

أقول: الأظهر أن المراد هنا المعنى الأخير.

 (الحديث الثامن عشر و الأربعمائة)

 (1): صحيح.

قوله عليه السلام:" نصطبح"

 (2) يقال اصطبح الرجل أي شرب صبوحا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 290

قوله عليه السلام:" إن امرء عمه عينه في القوم"

 (1) و المراد بالعم أما أبو لهب أو نفسه و الأول أظهر إذ الظاهر أن الغرض حمله على الحمية، و المراد بالعين السيد أو الرقيب و الحافظ، و الحاصل أن من كان عمه مثلك سيد القوم و زعيمهم لا ينبغي أن يكون ذليلا بينهم.

قوله:" على ابن أخي"

 (2) أي على إيذائه و أنتم تفرطون في ذلك، و تريدون قتله أو على محافظته و ترك إيذائه و الأول أظهر.

 (الحديث التاسع عشر و الأربعمائة)

 (3): موثق، و ضمير

عنه‏

 (4) راجع إلى ابن أبي عمير.

قوله عليه السلام:" يقلل المؤمنين"

 (5) إما بأن كان يحول بين بعضهم، أو كان يقول لهم:

إن هؤلاء شرذمة قليلون، و أما تكثير الكفار فالظاهر أنه بما أدخل بينهم من جنوده و عساكره، و يحتمل أن يكون بإلقاء الوساوس في قلوب المؤمنين أيضا.

قال الشيخ الطبرسي: اختلف في ظهور الشيطان يوم بدر كيف كان، فقيل:

إن قريشا لما أجمعت المسير ذكرت الذي بينها و بين بني بكر بن عبد مناف بن كنانة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 291

من الحرب، و كاد ذلك أن يثنيهم، فجاء إبليس في جند من الشيطان، فتبدي لهم في صورة سراقة بن مالك بن جشعم الكناني ثم المدلجي و كان من أشراف كنانة، فقال لهم: لا غالب لكم اليوم من الناس، و إني جار لكم أي مجير لكم من كنانة، فلما رأى إبليس الملائكة نزلوا من السماء، و علم أنه لا طاقة له بهم نكص على عقبيه.

عن ابن عباس و السدي و الكلبي و غيرهم، و قيل: إنهم لما التقوا كان إبليس في صف المشركين آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه، فقال له الحارث يا سراق إلى أين أ تخذلنا على هذه الحالة؟ فقال له، إني أرى ما لا ترون، فقال: و الله ما نرى إلا جعاسيس يثرب، فدفع في صدر الحارث، و انطلق و انهزم الناس فلما قدموا مكة قالوا: هزم الناس سراقة، فبلغ ذلك سراقة، فقال: و الله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم فقالوا: إنك أتيتنا يوم كذا فحلف لهم، فلما أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان عن الكلبي و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام.

و قيل: إن إبليس لا يجوز أن يقدر على خلع صورته و لبس صورة سراقة، و لكن الله تعالى جعل إبليس في صورة سراقة علما لصدق النبي، و إنما فعل ذلك لأنه علم أنه لو لم يدع المشركين إنسان إلى قتال المسلمين، فإنهم لا يخرجون من ديارهم حتى يقاتلهم المسلمون لخوفهم من بني كنانة، فصوره بصورة سراقة حتى تم المراد في إعزاز الدين عن الجبائي و جماعة، و قيل: إن إبليس لم يتصور في صورة إنسان، و إنما قال ذلك لهم على وجه الوسوسة عن الحسن، و اختاره البلخي و الأول هو المشهور في التفاسير.

و رأيت في كلام الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رضي الله عنه) أنه يجوز أن يقدر الله تعالى الجن و من جرى مجراهم على أن يجمعوا و يعتمدوا ببعض جواهرهم على بعض، حتى يتمكن الناس من رؤيتهم، و يتشبهوا بغيرهم من أنواع الحيوان‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 292

لأن أجسامهم من الرقة على ما يمكن ذلك فيها، و قد وجدنا الإنسان يجمع الهواء و يفرقه و يغير صور الأجسام الرخوة ضروبا من التغيير، و أعيانها لم تزد و لم تنقص، و قد استفاض الخبر بأن إبليس تراءى لأهل دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد، و حضر يوم بدر في صورة سراقة، و أن جبرئيل عليه السلام ظهر لأصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله في صورة دحية الكلبي، قال: و غير محال أيضا أن يغير الله تعالى صورهم، و يكشفها في بعض الأحوال فيراهم الناس لضرب من الامتحان.

 (الحديث العشرون و الأربعمائة)

 (1): مرسل.

قوله عليه السلام:" قرة"

 (2) أي باردة.

قوله عليه السلام:" فقال أبو عبد الله بيده"

 (3) أي حرك يده على وجه التعجب.

قوله:" القر و الضر"

 (4) القر- بالضم- البرد، و الضر- بالضم- سوء الحال.

قوله عليه السلام:" و حجفته"

 (5) قال الجوهري: يقال للترس إذا كان من جلود

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 293

ليس فيه خشب و لا عقب: حجفة و درقة.

قوله صلى الله عليه و آله:" يا صريخ المكروبين"

 (1) قال الجوهري: الصريخ: صوت المستصرخ، و الصريخ أيضا الصارخ و هو المغيث و المستغيث أيضا.

قوله عليه السلام:" و أرسل عينيه"

 (2) أي ماءهما بالبكاء.

قوله صلى الله عليه و آله:" فيها جندل"

 (3) أي حجارة و هي أكبر من الحصى.

قوله:" ريح فيها حصى"

 (4) إشارة إلى قوله تعالى:" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً" و قد ذكر قريبا مما ذكر في هذا الخبر جميع أهل السير.

قوله:" و إنه لن يفوتكم من أمره شي‏ء"

 (5) أي لا تيأسوا منه و لا تعجلوا في أمره‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 294

فإنه لن يفوتكم من أمر قتاله و قمعه و استئصاله شي‏ء و الوقت واسع.

قوله:" فلينظر كل رجل منكم من جليسه"

 (1) إنما قال ذلك ليعلم القوم بعد السؤال هل بينهم عين فتنبه حذيفة، و بادر إلى السؤال لكي يظنوا أنه من أهلهم و لا يسأل عنه أحد.

قال علي بن إبراهيم: فنادى رسول الله حذيفة بن اليمان و كان قريبا منه فلم يجبه، ثم ناداه ثانيا فلم يجبه، ثم ناداه ثالثا فقال: لبيك يا رسول الله، فقال:

أدعوك فلا تجيبني، قال: يا رسول الله بأبي أنت و أمي من الخوف و البرد، فقال:

أدخل في القوم و ائتني بأخبارهم و لا تحدثن حدثا حتى ترجع إلى، فإن الله قد أخبرني أنه أرسل الرياح على قريش و هزمهم، قال حذيفة، فمضيت و أنا أنتقض من البرد فو الله ما كان إلا بقدر ما جزت الخندق حتى كأني في حمام، فقصدت خباء عظيما فإذا نار تخبو و توقد، و إذا خيمة فيها أبو سفيان قد دلى خصيتيه على النار، و هو ينتقض من شدة البرد و يقول يا معشر قريش: إن كنا نقاتل أهل السماء بزعم محمد، فلا طاقة لنا بأهل السماء، و إن كنا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم، ثم قال: لينظر كل رجل منكم إلى جليسه، لا يكون لمحمد صلى الله عليه و آله عين فيما بيننا، قال حذيفة: فبادرت أنا فقلت للذي عن يميني من أنت؟ قال أنا عمرو بن العاص، ثم قلت للذي عن يساري من أنت؟ قال: أنا معاوية و إنما بادرت إلى ذلك لئلا يسألني أحد من أنت، ثم ركب أبو سفيان راحلته و هي معقولة، و لو لا أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال: لا تحدث حدثا حتى ترجع إلى لقدرت أن أقتله، ثم قال أبو سفيان لخالد بن الوليد: يا أبا سليمان لا بد من أن يكون أقيم أنا و أنت على ضعفاء الناس، ثم قال‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 295

ارتحلوا إنا مرتحلون ففروا منهزمين، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه و آله قال لأصحابه:

لا تبرحوا فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة، و بقي رسول الله صلى الله عليه و آله في نفر يسير.

قوله:" النجاء النجاء"

 (1) قال الجزري: فيه" و أنا النذير العريان فالنجاء النجاء" أي أنجوا بأنفسكم، و هو مصدر منصوب بفعل مضمر أي أنجوا النجاء، و تكراره للتأكيد و قد تكرر في الحديث، و النجاء السرعة، يقال: نجا ينجو إنجاء إذا أسرع، و نجا من الأمر إذا خلص و أنجاه غيره.

و قال الفيروزآبادي: النجاءك النجاءك، و يقصران، أي أسرع أسرع،

قوله عليه السلام:" أنه كان ليشبه يوم القيامة"

 (2) أي ليلة الكفار من هبوب الرياح بينهم، و اضطرابهم و حيرتهم و خوفهم، و يحتمل أن يكون الغرض بيان شدة حال المسلمين قبل نزول هذا الظفر من البرد و الخوف و الجوع.

 (الحديث الحادي و العشرون و الأربعمائة)

 (3): مجهول على الأظهر ضعيف على الأشهر.

قوله:" على أبي العباس"

 (4) أي السفاح أول خلفاء بني العباس.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 296

قوله:" إلى الكناسة"

 (1) هي بالضم موضع بالكوفة.

قوله:" و النعمان"

 (2) أي النعمان بن المنذر أحد ملوك العرب.

قوله:" موضع دار الداريين"

 (3) باليائين أي العطارين.

قوله:" و ذاك فرات اليوم"

 (4) أي الشعبة التي كانت تجري إلى الكوفة من الفرات.

قوله تعالى:" وَ وَحْيِنا"

 (5) الظاهر أنه عليه السلام فسر الوحي هنا بالسرعة كما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 297

ذكره الجوهري و غيره، و لكنهم ذكروا الوحاء مقصورا و ممدودا بهذا المعنى.

قال الفيروزآبادي: الوحاء العجلة و الإسراع، و يمد و وحي و توحى أسرع، و شي‏ء وحي عجل مسرع، و استوحاه حركه و دعاه ليرسله و استفهمه، و وحاه توحية عجله انتهى.

فيمكن أن يكون الوحي أيضا جاء بهذا المعنى، و لم يذكروه كما أتى بهذا المعنى سائر تصاريفه، أو يكون في قراءتهم عليهم السلام بالقصر، و يحتمل أن يكون المراد أن ما أوحاه الله تعالى و أمره به لا يناسب فيه هذا التأخير و الأول أظهر و حمله المفسرون على معناه المشهور.

قال الشيخ الطبرسي: معناه و على ما أوحينا إليك من صفتها و حالها عن أبي مسلم، و قيل: المراد بوحينا إليك أن أصنعها.

قوله تعالى:" وَ فارَ التَّنُّورُ"

 (1) قال الرازي في تفسيره: الأكثرون على أنه التنور

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 298

المعروف، روي أنه قيل لنوح عليه السلام إذا رأيت الماء يفور من التنور، فاركب و من معك السفينة، فلما فار الماء من التنور أخبرته امرأته فركب، و قيل: كان هو تنور آدم و كان من حجارة فصار إلى نوح، و اختلفوا في مكانه فعن الشعبي في مسجد الكوفة عن يمين الداخل مما يلي باب كندة، و كان نوح عليه السلام عمل السفينة في وسط المسجد، و قيل: بالشام بموضع يقال له عين وردة، و قيل: بالهند.

و القول الثاني: إن التنور وجه الأرض عن ابن عباس.

و الثالث: أنه أشرف موضع في الأرض أي أعلاه عن قتادة.

و الرابع:" وَ فارَ التَّنُّورُ" أي طلع الفجر عن علي عليه السلام، و قيل: إن فوران التنور كان عند طلوع الفجر.

و الخامس: هو مثل كقولهم: حمي الوطيس.

و السادس: أنه الموضع المنخفض من السفينة التي يسيل الماء إليه عن الحسن و القول الأول هو الصواب انتهى.

قوله عليه السلام:" و هو فرات الكوفة"

 (1) لعل المراد قريب من الفرات، و يحتمل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 299

أن يكون في الأصل قريب الكوفة فصحف، إذ قد ورد في الأخبار أنه نجف الكوفة و اختلف المفسرون فيه، فقيل: هو جبل بالموصل، و قيل: بالشام و قيل: بأمل، و قيل: الجودي اسم لكل جبل و أرض صلبة.

 (الحديث الثاني و العشرون و الأربعمائة)

 (1): مجهول.

قوله تعالى:" فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ"

 (2) قال البيضاوي: أي منصب و هو مبالغة و تمثيل لكثرة الأمطار و شدة انصبابها، و قرأ ابن عامر و يعقوب- ففتحنا- بالتشديد لكثرة الأبواب‏

" وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً"

 (3) و جعلنا الأرض كلها كأنها عيون متفجرة، و أصله و فجرنا عيون الأرض فغير للمبالغة

" فَالْتَقَى الْماءُ"

 (4) ماء السماء و ماء الأرض، و قرئ الماءان لاختلاف النوعين و الماوان بقلب الهمزة واوا

" عَلى‏ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ"

 (5) على حال قدرها الله في الأزل من غير تفاوت، أو على حال قدرت و سويت و هو أن قدر ما أنزل على قدر ما أخرج أو على أمر قدره الله و هو هلاك قوم نوح بالطوفان‏

" وَ حَمَلْناهُ عَلى‏ ذاتِ أَلْواحٍ"

 (6) ذات أخشاب عريضة

" وَ دُسُرٍ"

 (7) مسامير جمع دسار من الدسر، و هو الدفع الشديد، و هو صفة للسفينة أقيمت مقامها من حيث إنها شرح لها تؤدى مؤداها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 300

قال الجوهري: الدسار واحد الدسر و هي خيوط يشد بها ألواح السفينة، و يقال: هي المسامير.

قوله عليه السلام:" و لقد نقص عن ذرعه سبعمائة ذراع"

 (1) لعل الغرض رفع الاستبعاد عن عمل السفينة في المسجد مع ما اشتهر من عظمها، أي نقصوا المسجد عما كان عليه في زمن نوح سبعمائة ذراع، و يدل على أصل النقص أخبار آخر.

 (الحديث الثالث و العشرون و الأربعمائة)

 (2): مرسل.

قوله عليه السلام:" حتى جعل الطبق عليه"

 (3) أي شيئا ينطبق عليه، أو الطبق الذي يؤكل فيه أو الأجر.

قال الفيروزآبادي: الطبق محركة: غطاء كل شي‏ء و الطبق أيضا من كل شي‏ء ما ساواه، و الذي يؤكل عليه، و الطابق كهاجر و صاحب الآجر الكبير.

 (الحديث الرابع و العشرون و الأربعمائة)

 (4): حسن أو موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 301

قوله عليه السلام:" فَانْتَصِرْ"

 (1) أي فانتقم لي منهم.

قوله تعالى:" فَلا تَبْتَئِسْ"

 (2) أي لا تغتم و لا تحزن.

 (الحديث الخامس و العشرون و الأربعمائة)

 (3): موثق كالصحيح.

قوله عليه السلام:" قد قعد غراسا"

 (4) لعله بمعنى صار نحو قولهم: جدد شفرته حتى قعدت كأنها حربة، أي صارت.

قوله:" و كان جبارا"

 (5) الجبار من النخل ما طال و الطوال بالضم الطويل.

 (الحديث السادس و العشرون و الأربعمائة)

 (6): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 302

قوله عليه السلام:" و سعت بين الصفا و المروة"

 (1) لا ينافي عظم السفينة ذلك لما سيأتي من ارتفاع الماء عن الجبلين، و يحتمل أيضا أن يكون سعيها بحذائهما بأن لا يدخل بينهما أو بأن يدخل مؤربا من أحد جانبي أحد الجبلين، و يخرج من الجانب الآخر من الجبل الآخر.

 (الحديث السابع و العشرون و الأربعمائة)

 (2): ضعيف على المشهور، و

محمد بن أبي عبد الله‏

 (3) هو محمد بن جعفر الأسدي كما ذكرنا مرارا.

قوله:" الأزواج الثمانية"

 (4) قال الله تعالى:" قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ" و قرأ حفص- من كل- بالتنوين، و الباقون أضافوا، و فسرهما المفسرون بالذكر و الأنثى و قالوا على القراءة الثانية معناه احمل اثنين من كل زوجين أي كل صنف ذكر، و صنف أنثى، و لا يخفى أن تفسيره عليه السلام ينطبق على القراءتين من غير تكلف.

قوله عليه السلام:" داجنة"

 (5) أي مقيمة عند الناس أهلية.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 303

قال الجزري: الدجن الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم، يقال: شاة داجن و قال الجوهري: دجن بالمكان دجونا أقام به‏

قوله عليه السلام:" البخاتي"

 (1) أي الإبل الخراساني.

 (الحديث الثامن و العشرون و الأربعمائة)

 (2): مرسل.

قوله عليه السلام:" ارتفع الماء"

 (3) يحتمل وجهين.

أحدهما: أن يكون المراد أنه ارتفع الماء عن كل مرتفع و منخفض خمسة عشر ذراعا بأن يكون سطح الماء كسطح الأرض غير مستور.

ثانيهما: أن يكون المراد أن أقل ارتفاعه كان هذا المقدار أي كان ارتفاعه عن أرفع الجبال هذا المقدار، ثم بقدر انخفاض المواضع كان يزيد الارتفاع.

 (الحديث التاسع و العشرون و الأربعمائة)

 (4): مرسل.

قوله عليه السلام:" ألفي سنة و ثلاثمائة سنة"

 (5) اعلم أن أرباب السير اختلفوا في عمره عليه السلام فقيل: كان ألف سنة و قيل: كان ألفا و أربعمائة و خمسين سنة، و قيل: كان ألفا و أربعمائة و سبعين سنة. و قيل: كان ألفا و ثلاثمائة، و اختلف أخبارنا في ذلك‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 304

فأكثرها تدل على أنه عاش ألفي سنة و خمسمائة سنة.

و قد روى الصدوق في كتبه هذا الخبر أيضا هكذا، رواه عن أحمد بن زياد الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن الصادق عليه السلام قال: عاش نوح ألفي سنة و خمسمائة سنة، منها ثمانمائة سنة و خمسون سنة قبل أن يبعث، و ألف سنة إلا خمسين عاما، و هو في قومه يدعوهم و مائة سنة في عمل السفينة، و خمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة و ساق الخبر نحو ما في الكتاب، و لعله سقط تلك الزوائد من خبر الكتاب.

و رواه أيضا عن محمد بن الحسين بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم.

و روى أيضا عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا مثله.

و روي عن علي بن أحمد، عن محمد بن جعفر الأسدي، عن سهل بن زياد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: سمعت علي بن محمد العسكري عليه السلام يقول:" عاش نوح ألفين و خمسمائة سنة".

و روى عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، و محمد بن يحيى العطار جميعا عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن يوسف، عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه و آله قال: عاش نوح ألفي سنة و أربعمائة سنة و خمسين سنة، و الجمع بينه و بين ما مر لا يخلو من إشكال.

قوله:" دعني"

 (1) في رواية الصدوق [تدعني‏].

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 305

 (الحديث الثلاثون و الأربعمائة)

 (1): ضعيف على المشهور.

و رواه الصدوق في كتاب إكمال الدين، عن محمد بن علي بن ماجيلويه و محمد بن موسى بن المتوكل و أحمد بن محمد بن يحيى جميعا، عن محمد بن يحيى العطار عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل و عبد الكريم معا، عن عبد الحميد

قوله تعالى:" و يعرف به هداي"

 (2) في بعض النسخ [هواي‏] أي ما أهواه و أحبه من الطاعات.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 306

 (الحديث الحادي و الثلاثون و الأربعمائة)

 (1): ضعيف.

قوله:" يفترون"

 (2) أي عليهم و يقذفونهم بالزنا، فأجاب عليه السلام بأنه لا ينبغي لهم ترك التقية، لكن لكلامهم محمل صدق.

قوله:" كيف لي بالمخرج"

 (3) أي بم استدل و احتج على من أنكر هذا.

قوله عليه السلام:" يخمس"

 (4) قال الفيروزآبادي: خمستهم أخمسهم- بالضم- أخذت خمس أموالهم.

" فيضرب على شي‏ء منه"

 (5) يحتمل أن يكون من قولهم: ضربت عليه خراجا إذا جعلته وظيفة أي يضرب خراج على شي‏ء من هذه المأخوذات من الأرضين، سواء أخذوها على وجه الخمس أو غيره، أو من قولهم: ضرب بالقداح إذا ساهم بها و أخرجها، فيكون كناية عن القسمة، أي قسم شي‏ء من الخمس بين جماعة فهو عليهم حرام.

قوله عليه السلام:" لقد بيع الرجل"

 (6) قال الفاضل الأسترآبادي: المراد أن ما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 307

يؤخذ باسم الخراج أو المقاسمة أو الخمس أو الضريبة حرام على آخذيه، و لو قد ظهر الحق لقد باع الرجل نفسه العزيزة عليه فيمن لا يريد- بالراء بدون نقطة- و في ذكر" لا" هنا مبالغة لطيفة، و في اختيار لفظ- بيع- من باب التفعيل على باع مبالغة أخرى لطيفة انتهى.

أقول: لعله قرأ" الكريمة" بالنصب ليكون مفعولا لبيع و جعل" نفسه" عطف بيان للكريمة، أو بدلا عنها، و الأظهر أن يقرأ" بيع" على بناء المجهول، فالرجل مرفوع به و" الكريمة عليه نفسه" صفة للرجل أي يبيع الإمام- أو من يأذن له الإمام من أصحاب الخمس و الخراج و الغنائم- المخالف الذي تولد من هذه الأموال مع كونه عزيزا في نفسه كريما، و في سوق المزاد، و لا يزيد أحد على ثمنه لهوانه و حقارته عندهم، هذا إذا قرئ بالزاء المعجمة كما في أكثر النسخ، و بالمهملة أيضا يؤول إلى هذا المعنى.

قوله عليه السلام:" ليفتدي بجميع ماله"

 (1) أي ليفك من قيد الرقية، فلا يتيسر له ذلك، إذ لا يقبل الإمام منه ذلك.

قوله تعالى:" هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا"

 (2) أي تنتظرون‏

" إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ"

 (3) أي إلا إحدى العاقبتين اللتين كل منهما حسنى العواقب، و ذكر المفسرون أن المراد النصرة و الشهادة، و لعل الخبر محمول على أن ظاهر الآية متوجه إلى هؤلاء و باطنها متوجه إلى الشيعة في زمان عدم استيلاء الحق، فإنهم أيضا بين إحدى الحسنيين إما موت على دين الحق و في طاعة الله، أو إدراك ظهور إمام.

و يحتمل أن يكون المراد أن نظير مورد الآية و شبيهه جار في حال الشيعة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 308

و ما يقاسون من الشدائد من المخالفين.

قوله تعالى:" وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ"

 (1) أي نحن أيضا ننتظر فيكم إحدى السوءين‏

" أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ"

 (2) أي بقارعة و نازلة من السماء، و على تفسيره عليه السلام المسخ‏

" أو بعذاب بأيدينا"

 (3) و هو القتل في زمن استيلاء الحق‏

" فَتَرَبَّصُوا"

 (4) ما هو عاقبتنا

" إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ"

 (5) ما هو عاقبتكم.

 (الحديث الثاني و الثلاثون و الأربعمائة)

 (6): ضعيف.

قوله تعالى:" قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ"

 (7) أي على القرآن أو على تبليغ الوحي.

قوله تعالى:" وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ"

 (8) أي المتصنعين بما لست من أهله على ما عرفتم من حالي فأنتحل النبوة و أتقول القرآن، و على تفسيره عليه السلام فأقول في أمير المؤمنين عليه السلام ما لم يوح إلى‏

" إِنْ هُوَ"

 (9) أي القرآن، و على ما فسره عليه السلام أمير- المؤمنين أو ما نزل من القرآن فيه عليه السلام‏

" إِلَّا ذِكْرٌ"

 (10) أي مذكر و موعظة

" لِلْعالَمِينَ"

 (11) أي للثقلين‏

" وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ"

 (12) أي نبأ القرآن، و هو ما فيه من الوعد و الوعيد، أو صدقه، أو نبأ الرسول صلى الله عليه و آله و صدقه فيما أتى به، و على تفسيره عليه السلام نبأ أمير المؤمنين و صدقه و علو شأنه أو نبأ القرآن و صدقه فيما أخبر به من فضله عليه السلام و جلالة شأنه‏

" بَعْدَ حِينٍ"

 (13) أي بعد الموت، أو يوم القيامة، أو عند ظهور الإسلام، و على تفسيره عليه السلام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 309

عند خروج القائم عليه السلام.

قوله تعالى:" وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ"

 (1) قال البيضاوي: أي القضاء السابق بتأجيل الجزاء، أو العدة بأن الفصل يكون يوم القيامة" لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ" بين الكافرين و المؤمنين أو المشركين و شركائهم.

قوله عليه السلام:" لو لا ما تقدم فيهم"

 (2) أي بأنه سيجزيهم يوم القيامة أو يولد منهم أولاد مؤمنون لقتلهم القائم عليه السلام أجمعين.

و يحتمل أن يكون‏

" ما أبقى القائم"

 (3) بيانا لما تقدم فيهم، أي لو لا أن قدر الله أن يكون قتلهم على يد القائم عليه السلام لأهلكهم الله و عذبهم قبل ذلك، و لم يمهلهم و لكن لا يخلو من بعد.

قوله عليه السلام:" بخروج القائم عليه السلام"

 (4) اعلم أن أكثر الآيات الواردة في القيامة الكبرى دالة بباطنها على الرجعة الصغرى، و لما كان في زمن القائم عليه السلام يرد بعض المشركين و المخالفين و المنافقين و يجازون ببعض أعمالهم فلذلك سمي بيوم الدين، و قد يطلق اليوم على مقدار من الزمان، و إن كانت أياما كثيرة، و يحتمل أن يكون‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 310

المراد يوم رجعتهم.

قوله عليه السلام:" ذهبت دولة الباطل"

 (1) فعلى تفسيره عليه السلام و التعبير بصيغة الماضي لتأكيد وقوعه، و بيان أنه لا ريب فيه فكأنه قد وقع.

 (الحديث الثالث و الثلاثون و الأربعمائة)

 (2): ضعيف.

قوله تعالى:" فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ"

 (3) أي إذا أردت قراءتها.

قوله تعالى:" إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ"

 (4) لما كانت الاستعاذة الكاملة ملزومة للإيمان الكامل بالله و قدرته و علمه و كماله، و الإقرار بعجز نفسه و افتقاره في جميع الأمور إلى معونته تعالى، و توكله في جميع أحواله عليه، فلذا ذكر بعد الاستعاذة أنه ليس له سلطنة و استيلاء

" عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"

 (5) فالمستعيذ به تعالى في أمانه و حفظه، إذا راعى شرائط الاستعاذة.

قوله عليه السلام:" و لا يسلط على دينه"

 (6) أي في أصول عقائده أو الأعم منها و من الأعمال فإنه إذا كان على حقيقة الأعمال [الإيمان‏] و ارتكب بإغوائه بعض المعاصي، فالله يوفقه للتوبة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 311

و الإنابة، و يصير ذلك سببا لمزيد رفعته في الإيمان، و بعده عن وساوس الشيطان.

قوله تعالى:" عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ"

 (1) أي يطيعونه و يحبونه.

قوله تعالى:" وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ"

 (2) قيل الضمير راجع إلى الرب، و قيل إلى الشيطان أي بسببه، و الأول أظهر كما فسره عليه السلام.

 (الحديث الرابع و الثلاثون و الأربعمائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" مسخور بهم"

 (4) لعله إشارة إلى قوله تعالى:" سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ" و يحتمل أن يكون المراد استهزاء المؤمنين بهم في القيامة، أو أنهم لقبح أعمالهم و لضلالتهم مستحقون لأن يسخر منهم كل أحد.

قوله تعالى:" أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏"

 (5) قال البيضاوي:

يقال: كببته فأكب و هو من الغرائب- ثم قال- و معنى مكبا أنه يعثر كل ساعة و يخر على وجهه، لوعورة طريقه، و اختلاف أجزائه، و لذلك قابله‏

بقوله" أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا"

 (6) قائما سالما من العثار

" عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ"

 (7) مستوي الأجزاء و الجهة، و المراد تمثيل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 312

المشرك و الموحد بالسالكين، و الدينين بالمسلكين، و لعل الاكتفاء بما في الكب من الدلالة على حال المسلك للإشعار بأن ما عليه المشرك، لا يستأهل أن يسمى طريقا كمشي المتعسف في مكان غير مستو، و قيل المراد بالمكب الأعمى، فإنه يتعسف فينكب، و بالسوى البصير، و قيل: من يمشي مكبا هو الذي يحشر على وجهه إلى النار، و من يمشي سويا الذي يحشر على قدميه إلى الجنة.

قوله تعالى:" فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً"

 (1) أي ذا زلفة و قرب.

قوله تعالى:" وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ"

 (2) قال البيضاوي: أي تطلبون و تستعجلون و تفتعلون من الدعاء أو تدعون أن لا بعث فهو من الدعوى.

أقول: على تفسيره عليه السلام الضمير راجع في المواضع إلى أمير المؤمنين، أي لما رأوا أمير المؤمنين ذا قرب و منزلة عند ربه في القيامة، ظهر على وجوههم أثر الكآبة و الانكسار و الحزن، فتقول الملائكة لهم مشيرين إليه عليه السلام، هذا الذي كنتم بسببه تدعون منزلته، و تسميتم بأمير المؤمنين و قد كان مختصا به، قال علي بن إبراهيم:

إذا كان يوم القيامة و نظر أعداء أمير المؤمنين عليه السلام إلى ما أعطاه الله من المنزلة الشريفة العظيمة، و بيده لواء الحمد و هو على الحوض يسقي و يمنع، تسوء وجوه أعدائه فيقال لهم:" هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ" منزلته و موضعه و اسمه.

قوله عليه السلام:" لم يتسم"

 (3) يدل على عدم جواز إطلاق هذا الاسم على غيره عليه السلام من الأئمة، و قد دلت عليه أخبار كثيرة أوردناها في كتاب بحار الأنوار في أبواب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 313

فضائله.

قوله عليه السلام:" إلى يوم الباس هذا"

 (1) أي يوم القيامة أو زمان التكلم بهذا الحديث.

قوله عليه السلام:" أنتم و الله أهل هذه الآية"

 (2) أي أنتم عملتم بمضمونها.

 (الحديث الخامس و الثلاثون و الأربعمائة)

 (3): ضعيف.

قوله عليه السلام:" بظلمه و سوء سيرته"

 (4) يحتمل أن يكون داخلا في قراءتهم، و أن يكون عليه السلام أورده تعريضا على خلفاء الجور بأن الآية نزلت فيهم.

قال علي بن إبراهيم: نزلت في الثاني، و يقال: في معاوية. و قال البيضاوي:

في هذه الآية و ما قبلها و هي قوله تعالى:" وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يُشْهِدُ اللَّهَ عَلى‏ ما فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ" نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، و كان حسن المنظر، حلو المنطق، يوالي رسول الله صلى الله عليه و آله و يدعي الإسلام و قيل: في المنافقين كلهم‏

" وَ إِذا تَوَلَّى"

 (5) أدبر و انصرف عنك، و قيل إذا غلب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 314

و صار واليا

" سَعى‏ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ"

 (1) كما فعله الأخنس ابن شريق بثقيف إذ بيتهم و أحرق زرعهم و أهلك مواشيهم، أو كما يفعله ولاة السوء بالقتل و الإتلاف أو بالظلم حتى يمنع الله بشؤمه القطر فيهلك الحرث و النسل‏

" وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ"

 (2) لا يرتضيه فاحذروا غضبه عليه.

 (الحديث السادس و الثلاثون و الأربعمائة)

 (3): ضعيف.

و يدل على عدم موافقة هذا القرآن لما عندهم كالأخبار الآتية.

 (الحديث السابع و الثلاثون و الأربعمائة)

 (4): ضعيف على المشهور.

قوله:" و في نسخة عبد الله"

 (5) كأنه كلام رواه الكافي أي لما كان في بعض نسخ الكافي عبد الله، و هذا الخبر يدل على أنه قد أسقط من آية الكرسي كلمات و قد ورد في بعض الأدعية المأثورة فليكتب آية الكرسي على التنزيل، و هو إشارة إلى هذا.

و قال علي بن إبراهيم في التفسير: و أما آية الكرسي فإنه حدثني أبي، عن الحسين بن خالد أنه قرأ أبو الحسن الرضا عليه السلام" اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ" أي نعاس" لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 315

تَحْتَ الثَّرى‏- عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ- مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ" قال: أما ما بين أيديهم فأمور الأنبياء و ما كان، و ما خلفهم أي ما لم يكن بعد، قوله" إِلَّا بِما شاءَ" أي بما يوحي إليهم" وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما" أي لا يثقل عليه حفظ ما في السماوات و ما في الأرض قوله:" لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ" أي لا يكره أحد على دينه إلا بعد أن يبين له" قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ" و هم الذين غصبوا آل محمد حقهم قوله:" فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏" يعني الولاية" لَا انْفِصامَ لَها" أي حبل لا انقطاع لها" اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" يعني أمير المؤمنين و الأئمة عليهم السلام" يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا" و هم الظالمون آل محمد صلى الله عليه و آله" أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ" و هم الذين اتبعوا من غصبهم" يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ و الحمد لله رب العالمين" كذا نزلت.

 (الحديث الثامن و الثلاثون و الأربعمائة)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" و آيتين بعدها"

 (2) أي ذكر آيتين بعدها و عدهما من آية الكرسي فإطلاق آية الكرسي عليها على إرادة الجنس، و تكون ثلاث آيات، كما يدل عليه بعض الأخبار، و تظهر الفائدة فيما إذا أوردت مطلقة في الأخبار و قيل المراد أنه عليه السلام ذكر آيتين بعد

" الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"

 (3) من سورة الحمد، و قيل: المراد أن العامة غيروا آيتين بعد آية الكرسي أيضا، و لا يخفى بعدهما.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 316

أقول: قد مر الكلام في تحقيق كيفية جمع القرآن و تغييره في كتاب القرآن.

 (الحديث التاسع و الثلاثون و الأربعمائة)

 (1): مجهول. و الظاهر أنه كان عن‏

بكر بن محمد

 (2) فزيد فيه- أبي- من النساخ و يدل على أنه سقط عن الآية قوله- ثم زلزلوا.

 (الحديث الأربعون و الأربعمائة)

 (3): حسن أو موثق على الأظهر.

قوله تعالى:" وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ"

 (4). قال البيضاوي: أي اتبعوا كتب السحر التي يقرءونها أي يتبعها الشياطين من الجن أو الإنس أو منهما

" عَلى‏ مُلْكِ سُلَيْمانَ"

 (5) أي عهدة و- تتلوا- حكاية حال ماضيه، قيل: كانوا يسترقون السمع، و يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب و يلقونها إلى الكهنة، و هم يدونونها و يعلمون الناس و فشا ذلك في عهد سليمان عليه السلام حتى قيل: إن الجن تعلم الغيب و أن ملك سليمان تم بهذا العلم، و إنه تسخر به الإنس و الجن و الريح له.

قوله عليه السلام:" بولاية الشياطين"

 (6) الظاهر أن هذه الفقرة كانت في الآية فالمراد بالشياطين أولا شياطين الإنس، أي الكهنة أي اتبعوا ما كانت الكهنة تتلوه عليهم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 317

بسبب استيلاء الشياطين على عهد سليمان، و استراقهم السمع، أو بسبب استيلائهم على ملكه بعده، و افترائهم عليه، كما رواه علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال:" لما هلك سليمان وضع إبليس السحر و كتبه في كتاب ثم طواه و كتب على ظهره هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم، من أراد كذا فليفعل كذا و كذا ثم دفنه تحت السرير ثم استثاره لهم فقرأه فقال الكافرون: ما كان سليمان يعمل إلا بهذا و قال المؤمنون: بل هو عبد الله و نبيه، فقال الله جل ذكره:" وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ" الآية.

فعلى هذا يحتمل أن يكون- على- الظرف في قوله:" عَلى‏ مُلْكِ" متعلقا بقوله:" تتلوا" و بقوله" بولاية"، و يحتمل أيضا أن يكون- بولاية- بيانا لما كانوا يتلونه أي اتبعوا و اعتقدوا ما كان يقوله الشياطين من أن الجن و الشياطين كانوا مسلطين على ملك سليمان، و إنما كان يستقيم ملكه بسحرهم.

ثم إن الخبر يدل على سقوط بعض الفقرات من الآية الثانية.

 (الحديث الحادي و الأربعون و الأربعمائة)

 (1): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 318

 (الحديث الثاني و الأربعون و الأربعمائة)

 (1): صحيح.

 (الحديث الثالث و الأربعون و الأربعمائة)

 (2): ضعيف.

و يدل على أن الحمية النافعة قلة الأكل لا تركه، فالخبر السابق محمول على الترك.

 (الحديث الرابع و الأربعون و الأربعمائة)

 (3): مرسل.

قوله عليه السلام:" نكس"

 (4) أي موجب له، قال الفيروزآبادي: النكس:- بالضم- عود المرض بعد النقه.

 (الحديث الخامس و الأربعون و الأربعمائة)

 (5): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 319

قوله تعالى:" بازِغَةً"

 (1) أي طالعة لعل استشهاده عليه السلام بأن إبراهيم عليه السلام بعد رؤية الشمس و اختلاف أحوالها اهتدى أو أظهر الاهتداء، و هدى قومه إلى التوحيد فطلوع الشمس على رأسك علامة لاهتدائك إلى الدين القويم، أو بأن الشمس لما كان في عالم المحسوسات أضوء الأنوار حتى إن إبراهيم قال لموافقة قومه و إتمام الحجة عليهم: هذا ربي، لغلبة نورها و ظهورها و وصفها بالكبر، ثم تبرأ منها لظهور فنائها و تبدل أحوالها، و في الرؤيا يتمثل الأمور المعنوية بالأمور المحسوسة المناسبة لها فينبغي أن يكون هذا النور أضوء الأنوار المعنوية، فليس إلا الدين الحق، و الأول أظهر لفظا و الثاني معنى و الله يعلم.

قوله عليه السلام:" و لم يكن في آبائك"

 (2) يظهر منه أن تعبير الرؤيا يختلف باختلاف الأشخاص، و يحتمل أن يكون الغرض بيان خطإ أصل تعبيرهم، بأن ذلك غير محتمل، لا أن هذا غير مستقيم في خصوص تلك المادة.

 (الحديث السادس و الأربعون و الأربعمائة)

 (3): حسن، و ضمير

عنه‏

 (4) راجع إلى ابن أذينة و يحتمل الإرسال.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 320

 (الحديث السابع و الأربعون و الأربعمائة)

 (1): مجهول.

قوله:" و جاء موسى الزوار"

 (2) الظاهر أنه أيضا من كلام محمد بن مسلم و كان‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 321

الزوار كان لقب موسى.

 (الحديث الثامن و الأربعون و الأربعمائة)

 (1): مرسل.

قوله:" أو رجلا"

 (2) كان الترديد من الراوي.

قوله:" يلوح بسيفه"

 (3) يقال: لوح بسيفه- على بناء التفعيل- أي لمع به.

قوله عليه السلام:" اغتيال رجل"

 (4) أي إهلاكه خدعة بسبب سلب معيشته، قال الفيروزآبادي: غاله أهلكه كاغتاله و أخذه من حيث لم يدر.

 (الحديث التاسع و الأربعون و الأربعمائة)

 (5): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 322

قوله عليه السلام:" كزبر الحديد"

 (1) قال الجوهري: الزبرة: القطعة من الحديد و الجمع زبر.

قوله عليه السلام:" لو قذف بها الجبال لقلعتها"

 (2) الظاهر إرجاع الضمير إلى القلوب، و يحتمل أن يكون المقذوف القلوب و المقذوف إليه الجبال، و يكون الغرض بيان شدتها و قوتها و صلابتها بأنها لو ألقيت على الجبال لقلعتها عن مكانها، أو يكون الغرض بيان شدة عزمها، و يكون قذفها على الجبال كناية عن تعلق عزمها بقلعها.

و يحتمل أن يكون المقذوف الجبال، و تكون الباء بمعنى- في- أي لو قذف في تلك القلوب قلع الجبال لقلعتها، و قيل الضمير راجع إلى القوة و لا يخفى بعده.

قوله عليه السلام:" و كنتم قوام الأرض"

 (3) أي القائمين بأمور الخلق و الحكام عليهم في الأرض.

قوله عليه السلام:" و جيرانها"

 (4) أي تجيرون الناس من الظلم و تنصرونهم، قال الفيروزآبادي: الجار و المجاور و الذي أجرته من أن يظلم، و المجير و المستجير، و المقاسم و الحليف، و الناصر، و الجمع جيران و أجوار و جيرة انتهى. و في بعض النسخ [خزانها] أي يجعل الإمام ضبط أموال المسلمين إليكم ليقسمها بينهم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 323

 (الحديث الخمسون و الأربعمائة)

 (1): ضعيف.

قوله:" و شبك بين أصابعه"

 (2) بأن أدخل أصابع إحدى اليدين في الأخرى و كان يدخلها إلى أصول الأصابع، ثم يخرجها إلى رؤوسها تشبيها لتضيق الدنيا، و تفرجها بهاتين الحالتين.

قوله عليه السلام:" تضيقي تفرجي"

 (3) يمكن قراءتهما على المصدر أي تضيق الأمر علي في الدنيا يستلزم تفرجه، و الشدة تستعقب الراحة كما قال تعالى:" إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً" و كذا العكس، أو المراد أن الشدة لي راحة لما أعلم من رضا ربي فيها و لا أحب الراحة في الدنيا لما يستلزمها غالبا من الغفلة، أو البعد عن الله تعالى.

و الأظهر قراءتهما على صيغة الأمر و يكون المخاطب بهما الدنيا، فيكون إخبارا في صورة الإنشاء، و الغرض بيان اختلاف أحوال الدنيا، و إن كان في بلائها و ضرائها يرجى نعيمها و رخاؤها و في عيشها و نعيمها يحذر بلاؤها و شدتها، و المقصود تسلية الشيعة و ترجيتهم للفرج، لئلا ييأسوا من رحمة ربهم، و لا يفتتنوا [يغيظوا] بطول دولة الباطل فيرجعوا عن دينهم.

قوله عليه السلام:" هلكت المحاضير"

 (4) أي المستعجلون للفرج قبل أوانه، و قد مر تفسيره.

قوله عليه السلام:" و نجا المقربون"

 (5) بفتح الراء- فإنهم لا يستعجلون لرضاهم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 324

بقضاء ربهم، و علمهم بأنه تعالى لا يفعل بهم إلا الحسن الجميل،- أو بكسرها- أي الذين يرجون الفرج، و يقولون الفرج قريب.

قوله عليه السلام:" و ثبت الحصى على أوتادهم"

 (1) لعل المراد بيان استحكام أمرهم و شدة سلطانهم، و تيسر أسباب ملكهم لهم، فلا ينبغي التعرض لهم، فإن ثبوت الحصى و استقرارها على الوتد أمر نادر أي تهيأت نوادر الأمور و صعابها لهم، فلا ينفع السعي في إزالة ملكهم.

و يحتمل أن يكون المراد بثبوت الحصى على أوتادهم دوام دقها بالحصى ليثبت كناية عن تزايد استحكام ملكهم يوما فيوما، و تضاعف أسباب سلطنتهم ساعة فساعة كالوتد الذي لا ترفع الحصاة عن دقها.

و قيل: الأوتاد مجاز عن أشرافهم و عظمائهم، أي ثبت و قدر في علمه تعالى تعذيبهم برجم أوتادهم و رؤسائهم بالحصى حقيقة أو مجازا.

 (الحديث الحادي و الخمسون و الأربعمائة)

 (2): حسن على الأظهر.

قوله عليه السلام:" و بين قرقيسيا"

 (3) كذا في أكثر النسخ، و الظاهر قرقيسا بياء واحدة، قال الفيروزآبادي: قرقيسا- بالكسر- و يقصر: بلد على الفرات، سمي بقرقيسا بن طهمورث.

قوله عليه السلام:" مأدبة الطير"

 (4) المأدبة- بضم الدال و كسرها-: الطعام الذي يدعى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 325

إليه القوم أي تكون هذه البلد لكثرة لحوم القتلى فيها مأدبة للطيور.

قوله عليه السلام:" يهلك فيها قيس"

 (1) أي قبيلة بني قيس و هي بطن من أسد.

قوله عليه السلام:" و لا تدعى لها داعية"

 (2) على بناء المجهول أي من لا يدعو أحد لنصر تلك القبيلة نفسا أو فئة تدعو الناس إلى نصرهم، أو تشفع عند القاتلين، و تدعوهم إلى رفع القتل عنهم، و يمكن أن يقرأ بتشديد الدال على بناء المعلوم، أي لا تدعي بعد قتلهم فئة تقوم و تطلب ثارهم، و تدعو الناس إلى ذلك.

قوله عليه السلام:" هلموا"

 (3) نداء للطيور و السباع.

 (الحديث الثاني و الخمسون و الأربعمائة)

 (4): موثق.

قوله عليه السلام:" طاغوت"

 (5) قال الجوهري: الطاغوت: الكاهن و الشيطان و كل رأس في الضلال، قد يكون واحدا كقوله تعالى:" يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ" و قد يكون جميعا قال الله تعالى" أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ" و طاغوت إن جاء على وزن لاهوت فهو مقلوب، لأنه من طغى و لاهوت غير مقلوب، لأنه من لاه بمنزلة الرغبوت، و الرهبوت و الجمع الطواغيت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 326

 (الحديث الثالث و الخمسون و الأربعمائة)

 (1): صحيح.

قوله عليه السلام:" بني عمي"

 (2) أي بني الحسن أو بني العباس، و ما حمل شهاب كلامه عليه من التقية يؤيد الثاني، لكن ما ذكره عليه السلام من كثرة القتل كان في بني الحسن أظهر، و إن كان وقع في بني العباس أيضا في أواخر دولتهم.

 (الحديث الرابع و الخمسون و الأربعمائة)

 (3): كالموثق.

قوله عليه السلام:" إلا نظرا للناس"

 (4) اعلم أنه قد دلت الأدلة العقلية و وردت الأخبار المتواترة في أن الأنبياء و الأئمة صلوات الله عليهم لا يفعلون شيئا من الأمور لا سيما أمور الدين إلا بما أمرهم الله به، و لا يتكلمون في شي‏ء من أمورهم على الرأي و الهوى" إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏" و قد مضت الأخبار في كتاب الحجة أن الله أنزل صحيفة من السماء مختومة بخواتيم، و كان كل إمام يفض الخاتم المتعلق به، و يعمل بما تحته.

و قد ورد في الأخبار المستفيضة مما روته العامة و الخاصة أن النبي صلى الله عليه و آله أمره بالكف عنهم حين أخبره بظلمهم، فالاعتراض عليهم فيما يصدر عنهم ليس إلا من ضعف اليقين، و قلة المعرفة بشأن أئمة الدين.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 327

و قد روى الشيخ أبو طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج أن أمير المؤمنين كان جالسا في بعض مجالسه بعد رجوعه من النهروان، فجرى الكلام حتى قيل له:

لم لا حاربت أبا بكر و عمر، كما حاربت طلحة و الزبير و معاوية، فقال عليه السلام: إني كنت لم أزل مظلوما مستأثرا على حقي، فقام إليه أشعث بن قيس فقال: يا أمير- المؤمنين لم لم تضرب بسيفك و تطلب بحقك؟

فقال: يا أشعث قد قلت قولا فاسمع الجواب و عه و استشعر الحجة، إن لي أسوة بستة من الأنبياء عليهم السلام.

أولهم نوح عليه السلام حيث قال:" أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ" فإن قال قائل: إنه قال لغير خوف فقد كفر، و إلا فالوصي أعذر.

و ثانيهم لوط عليه السلام حيث قال:" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ" فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، و إلا فالوصي أعذر.

و ثالثهم إبراهيم خليل الله حيث قال:" وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ" فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، و إلا فالوصي أعذر.

و رابعهم موسى عليه السلام حيث قال:" فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ" فإن قال قائل:

إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، و إلا فالوصي أعذر.

و خامسهم أخوه هارون حيث قال:" يا بن أم إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي" فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، و إلا فالوصي أعذر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 328

و سادسهم أخي محمد سيد البشر صلى الله عليه و آله حيث ذهب إلى الغار و نومني على فراشه فإن قال قائل: إنه ذهب إلى الغار لغير خوف فقد كفر، و إلا فالوصي أعذر.

فقام إليه الناس بأجمعهم، فقالوا يا أمير المؤمنين: قد علمنا أن القول قولك و نحن المذنبون التائبون و قد عذرك الله.

و روي أيضا عن إسحاق بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: خطب أمير المؤمنين خطبة بالكوفة، فلما كان في آخر كلامه قال: إني لأولى الناس بالناس، و ما زلت مظلوما منذ قبض رسول الله صلى الله عليه و آله فقام الأشعث بن قيس لعنه الله فقال: يا أمير المؤمنين لم تخطبنا خطبة منذ قدمت العراق إلا و قلت و الله إني لأولى الناس بالناس، و ما زلت مظلوما منذ قبض رسول الله، و لما ولي تيم و عدي ألا ضربت بسيفك دون ظلامتك، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:

يا بن الخمارة قد قلت قولا فاسمع، و الله ما منعني الجبن، و لا كراهية الموت، و لا منعني ذلك إلا عهد أخي رسول الله صلى الله عليه و آله خبرني و قال: يا أبا الحسن إن الأمة ستغدر بك و تنقض عهدي، و إنك مني بمنزلة هارون من موسى فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه و آله فما تعهد إلى إذا كان كذلك؟ فقال: إن وجدت أعوانا فبادر إليهم و جاهدهم، و إن لم تجد أعوانا فكف يدك و احقن دمك حتى تلحق بي مظلوما، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه و آله اشتغلت بدفنه و الفراغ من شأنه، ثم آليت يمينا أني لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمع القرآن ففعلت، ثم أخذت بيد فاطمة و ابني الحسن و الحسين ثم بادرت على أهل بدر و أهل السابقة فناشدتهم حقي و دعوتهم إلى نصري فما أجابني منهم إلا أربعة رهط، سلمان و عمار و المقداد و أبو ذر، و ذهب من كنت أعتضد بهم على دين الله من أهل بيتي و بقيت بين خفيرتين قريبي العهد بجاهلية،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 329

عقيل و العباس، فقال له الأشعث: يا أمير المؤمنين كذلك كان عثمان لما لم يجد أعوانا كف يده حتى قتل مظلوما، فقال أمير المؤمنين: يا بن الخمارة ليس كما قست، إن عثمان لما جلس في غير مجلسه، و ارتدى بغير ردائه، و صارع الحق، فصرعه الحق و الذي بعث محمدا بالحق لو وجدت يوم بويع أخو تيم أربعين رهطا لجاهدتهم في الله إلى أن أبلى عذري، ثم قال: أيها الناس إن الأشعث لا يوزن عند الله جناح بعوضة و إنه أقل في دين الله من عفطة عنز.

و روي أيضا عن أم سلمة زوجة رسول الله صلى الله عليه و آله أنها قالت: كنا عند رسول الله تسع نسوة، و كانت ليلتي و يومي من رسول الله صلى الله عليه و آله فأتيت الباب فقلت: أدخل يا رسول الله صلى الله عليه و آله فقال: لا قالت فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردني من سخطه أو نزل في شي‏ء من السماء ثم لم البث أن أتيت الباب ثانية فقلت: أدخل يا رسول الله؟ فقال: لا، قالت: فكبوت كبوة أشد من الأولى ثم لم ألبث أن أتيت الباب ثالثة فقلت: أدخل يا رسول الله صلى الله عليه و آله فقال: ادخلي يا أم سلمة، فدخلت و علي عليه السلام جاث بين يديه، و هو يقول: فداك أبي و أمي يا رسول الله إذا كان كذا و كذا فما تأمرني، قال: آمرك بالصبر، ثم أعاد عليه القول ثانية فأمره بالصبر، ثم أعاد عليه القول ثالثة فقال له: يا علي يا أخي إذا كان ذلك منهم فسل سيفك و ضعه على عاتقك، و اضرب قدما قدما حتى تلقاني، و سيفك شاهر يقطر من دمائهم، ثم التفت إلى و قال: و ما هذه الكآبة يا أم سلمة، قلت للذي كان من ردك إياي يا رسول الله صلى الله عليه و آله فقال لي: و الله ما رددتك لشي‏ء، من الله و رسوله صلى الله عليه و آله و لكن آتيتني و جبرئيل عليه السلام يخبرني بالأحداث تكون بعدي، و أمرني أن أوصي بذلك عليا يا أم سلمة، اسمعي و اشهدي هذا علي بن أبي طالب وزيري في الدنيا، و وزيري في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 330

الآخرة، يا أم سلمة اسمعي و اشهدي هذا علي بن أبي طالب وصيي و خليفتي من بعدي، و قاضي عداتي و الرائد عن حوضي، يا أم سلمة اسمعي و اشهدي هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين و إمام المتقين و قائد الغر المحجلين و قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين، قلت: يا رسول الله من الناكثون؟ قال: الذين يبايعونه بالمدينة و ينكثون و يقاتلونه بالبصرة، قلت: من القاسطون؟ قال: معاوية و أصحابه من أهل الشام. قلت: من المارقون؟ قال أصحاب النهروان.

و روى الصدوق في كتاب عيون أخبار الرضا و كتاب علل الشرائع عن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن الحسن بن علي العدوي، عن الهيثم بن عبد الله الرماني قال: سألت الرضا عليه السلام فقلت له: يا بن رسول الله أخبرني عن علي عليه السلام لم لم يجاهد أعداءه خمسا و عشرين سنة بعد رسول الله ثم جاهد في أيام ولايته، فقال: لأنه اقتدى برسول الله في تركه جهاد المشركين بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة، و بالمدينة تسعة عشر شهرا، و ذلك لقلة أعوانه عليهم، و كذلك علي عليه السلام ترك مجاهدة أعدائه لقلة أعوانه عليهم، فلما لم تبطل نبوة رسول الله مع تركه الجهاد ثلاث عشر سنة و تسعة عشر شهرا كذلك لم تبطل إمامة علي عليه السلام مع تركه الجهاد خمسا و عشرين سنة إذا كانت العلة المانعة لهما من الجهاد واحدة.

و روي في إكمال الدين و العلل، عن المظفر بن جعفر العلوي، عن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 331

جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أو قال له رجل: أصلحك الله أ لم يكن علي عليه السلام قويا على دين الله؟ قال: بلى قال: فكيف ظهر عليه القوم و كيف لم يدفعهم و ما منعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله منعته، قال: قلت: و أي آية؟ قال:

قوله:" لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً" إنه كان لله تعالى ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين و منافقين، فلم يكن علي عليه السلام ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع فلما خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله و كذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتى تظهر ودائع الله، فإذا ظهرت ظهر على من ظهر فقتله.

و روي بهذا الإسناد عن العياشي، عن جبرئيل بن أحمد، عن محمد بن عيسى عن يونس، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال في قول الله:" لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً" لو أخرج الله ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين و ما في أصلاب الكافرين من المؤمنين لعذب الذين كفروا.

و روي في العلل عن أحمد بن زياد الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا أنه سئل أبو عبد الله ما بال أمير المؤمنين لم يقاتلهم قال: للذي سبق في علم الله أن يكون، و ما كان له أن يقاتلهم و ليس معه إلا ثلاثة رهط من المؤمنين.

و روى شيخ الطائفة في كتاب الغيبة بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي، عن جابر بن عبد الله و عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله في وصيته لأمير- المؤمنين عليه السلام:" يا علي إن قريشا ستظاهر عليك، و تجتمع كلمتهم على ظلمك و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 332

قهرك، فإن وجدت أعوانا فجاهدهم، و إن لم تجد أعوانا فكف يدك و احقن دمك فإن الشهادة من ورائك لعن الله قاتلك".

و روي أيضا بإسناده عن علي بن الحسن الميثمي، عن ربعي، عن زرارة قال: قلت: ما منع أمير المؤمنين أن يدعو الناس إلى نفسه؟ قال: خوفا أن يرتدوا- قال علي بن حاتم: و أحسب في الحديث- و لا يشهدوا أن محمدا صلى الله عليه و آله رسول الله.

و روي بإسناده عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:

لم كف علي عليه السلام عن القوم؟ قال: مخافة أن يرجعوا كفارا.

و روي عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف عن حماد، عن حريز، عن بريد، عن أبي جعفر عليه السلام قال:" إن عليا عليه السلام لم بمنعه من أن يدعو إلى نفسه إلا أنهم إن يكونوا ضلالا لا يرجعون عن الإسلام أحب إليه من أن يدعوهم فيأبوا عليه فيصيروا كفارا كلهم".

و روى ابن شهرآشوب في المناقب أن أبا حنيفة سأل مؤمن الطاق فقال:

لم لم يطلب علي عليه السلام بحقه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و آله إن كان له حق؟ قال: خاف أن يقتله الجن كما قتلوا سعد بن عبادة بسهم المغيرة بن شعبة.

و قيل لعلي بن ميثم: لم قعد عن قتالهم، قال: كما قعد هارون عن السامري، و قد عبدوا العجل، قيل: فكان ضعيفا، قال: كان كهارون، حيث يقول:" يا بن أم إِنَّ الْقَوْمَ‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 333

اسْتَضْعَفُونِي" و كنوح إذ قال:" أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ" و كلوط إذ قال:" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ" و كموسى عليه السلام و هارون إذ قال موسى:" رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي".

و قال أمير المؤمنين عليه السلام- كما رواه عنه في نهج البلاغة-:" فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت و أغضيت على القذى، و شربت على الشجا، و صبرت على أخذ الكظم، و على أمر من طعم العلقم".

و قيل لعلي بن ميثم لم صلى علي عليه السلام خلف القوم؟ قال: جعلهم بمنزلة السواري، قيل: فلم ضرب الوليد بن عقبة بين يدي عثمان، قال: لأن الحد له و إليه، فإذا أمكنه إقامة بكل حيلة، قيل: فلم أشار على أبي بكر و عمر قال:

طلبا منه أن يحيى أحكام الله، و أن يكون دينه القيم كما أشار يوسف على ملك مصر نظرا منه للخلق، و لأن الأرض و الحكم فيها إليه، فإذا أمكنه أن يظهر مصالح الخلق فعل، و إن لم يمكنه ذلك بنفسه توصل إليه على يدي من يمكنه طلبا منه لإحياء أمر الله.

أقول: الكلام في ذلك طويل الذيل لا يمكننا قضاء الوطر منه في هذا المقام و قد بسطناه بعض البسط في كتاب بحار الأنوار و عسى الله أن يوفقنا لإتمام هذا الكلام في شرح كتاب الحجة و الله الموفق.

قوله عليه السلام:" من أن يرتدوا عن الإسلام"

 (1) أي عن ظاهر الإسلام و التكلم بالشهادتين فإبقاؤهم على ظاهر الإسلام كان صلاحا للأمة، ليكون لهم طريق إلى قبول الحق‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 334

و إلى الدخول في الإيمان، و هذا لا ينافي ما ورد من الأخبار الكثيرة و قد مضى بعضها و سيأتي أيضا إن الناس ارتدوا بعد رسول الله إلا ثلاثة، لأن المراد فيها ارتدادهم عن الدين واقعا، و هذا الخبر محمول على بقائهم على صورة الإسلام و ظاهره، و إن كانوا في كثير من الأحكام مشاركين مع الكفار، و خص عليه السلام هذا بمن لم يسمع النص على أمير المؤمنين و لم يبغضه، و لم يعاده فإن من فعل شيئا من ذلك فقد أنكر قول النبي صلى الله عليه و آله و كفر ظاهرا أيضا، و لم يبق له شي‏ء من أحكام الإسلام، و وجب قتله.

و قد مضى تحقيق الإسلام و الإيمان و معانيهما في شرح كتاب الإيمان و الكفر فلا نطيل الكلام بإعادته.

 (الحديث الخامس و الخمسون و الأربعمائة)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" فلم تعتزل بخير"

 (2) إن لم يكن اعتزالهم لاختيار الحق أو لترك الباطل، بل اختاروا باطلا مكان باطل آخر للحمية و العصبية.

قوله عليه السلام:" و هم يرتجزون"

 (3) قال الفيروزآبادي: الرجز- بالتحريك- ضرب من الشعر وزنه مستفعلن ست مرات، سمي به لتقارب أجزائه، و قلة حروفه، و زعم الخليل أنه ليس بشعر، و إنما هو إنصاف أبيات و أثلاث.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 335

قوله:" أنت المرجئ"

 (1) بالتشديد من الرجاء.

قوله:" و فحلك المرجم"

 (2) أي خصمك مرجوم مطرود.

و لنذكر بعض أخبار السقيفة من كتب الفريقين، ليظهر لك سخافة ما احتج به المخالفون المعاندون من بيعة السقيفة من كتب الفريقين على حقيقة خلفائهم الجائرين، و يتبين لك أنهم لم يكونوا إلا غاصبين جابرين مرتدين عن الدين، لعنة الله عليهم و على من اتبعهم في ظلم أهل البيت عليهم السلام من الأولين و الآخرين.

فقد روى الشيخ أبو طالب الطبرسي (ره) بإسناده عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، و قال: إنه روي بإسناده الصحيح عن رجاله ثقة عن ثقة أن النبي صلى الله عليه و آله خرج في مرضه الذي توفي فيه إلى الصلاة متوكئا على الفضل بن عباس و غلام له يقال له ثوبان، و هي الصلاة التي أراد التخلف عنها لثقله، ثم حمل على نفسه صلى الله عليه و آله و خرج، فلما صلى عاد إلى منزله فقال لغلامه اجلس على الباب، و لا تحجب أحدا من الأنصار، و تجلاه الغشي و جاءت الأنصار فأحدقوا بالباب، و قالوا ائذن لنا على رسول الله، فقال: هو مغشي عليه، و عنده نساؤه فجعلوا يبكون فسمع رسول الله صلى الله عليه و آله البكاء، فقال: من هؤلاء قالوا الأنصار، فقال صلى الله عليه و آله من ههنا من أهل بيتي قالوا علي و العباس. فدعاهما و خرج متوكئا عليهما، فاستند إلى جذع من أساطين مسجده، و كان الجذع جريد نخل، فاجتمع الناس و خطب، و قال في كلام أنه لم يمت نبي قط إلا خلف تركة، و قد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله و أهل بيتي، فمن ضيعهم ضيعه الله، ألا و إن كان الأنصار كرشي التي أوصى إليها و إني أوصيكم بتقوى الله، و الإحسان إليهم، فاقبلوا من محسنهم، و تجاوزوا عن مسيئهم، ثم دعا أسامة بن زيد. فقال: سر على بركة الله و النصر و العافية حيث أمرتك بمن أمرتك عليه، و كان عليه السلام قد أمره على جماعة من المهاجرين و الأنصار فيهم أبو بكر و عمر و جماعة من المهاجرين الأولين، و أمره أن يعبر على مؤتة واد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 336

في فلسطين، فقال له أسامة: بأبي أنت و أمي يا رسول الله صلى الله عليه و آله أ تأذن لي في المقام أياما حتى يشفيك الله، فإني متى خرجت و أنت على هذه الحالة خرجت و في قلبي منك قرحة، فقال صلى الله عليه و آله: أنفذ يا أسامة، فإن القعود عن الجهاد لا يجب في حال من الأحوال، فبلغ رسول الله أن الناس طعنوا في عمله فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: بلغني أنكم طعنتم في عمل أسامة و في عمل أبيه من قبل، و أيم الله إنه لخليق للأمارة، و إن أباه كان خليقا لها و إنه لمن أحب الناس إلى فأوصيكم به، فلان قلتم في إمارته فقد قال قائلكم في إمارة أبيه، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه و آله إلى بيته و خرج أسامة من يومه حتى عسكر على رأس فرسخ من المدينة، و نادى منادي رسول الله صلى الله عليه و آله أن لا يتخلف عن أسامة أحد ممن أمرته عليه، فلحق الناس به، و كان من سارع إليه أبو بكر و عمر و أبو عبيدة بن الجراح فنزلوا في زقاق واحد مع جملة أهل العسكر.

قال: و ثقل رسول صلى الله عليه و آله فجعل الناس ممن لم يكن في بعث أسامة يدخلون عليه إرسالا، و سعد بن عبادة شاك فكان لا يدخل أحد من الأنصار على النبي إلا انصرف إلى سعد يعوده، قال: و قبض صلى الله عليه و آله وقت الضحى من يوم الاثنين بعد خروج أسامة إلى معسكره بيومين، فرجع أهل العسكر و المدينة قد رجفت بأهلها فأقبل أبو- بكر على ناقة له حتى وقف على باب المسجد، فقال أيها الناس ما لكم تموجون إن كان محمد قد مات فرب محمد لم يمت" وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى‏ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً".

ثم اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة و جاءوا به إلى سقيفة بني ساعدة، فلما سمع بذلك عمر أخبر به أبا بكر و مضيا مسرعين إلى السقيفة معهما أبو عبيدة ابن جراح، و في السقيفة خلق كثير من الأنصار و سعد بن عبادة بينهم مريض،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 337

فتنازعوا الأمر بينهم، فآل الأمر إلى أن قال: أبو بكر في آخر كلامه للأنصار:

إنما أدعوكم إلى عبيدة بن الجراح أو عمر، و كلاهما قد رضيت لهذا الأمر، و كلاهما أراه له أهلا.

فقال عمر و أبو عبيدة: ما ينبغي لنا أن نتقدمك يا أبا بكر أنت أقدمنا إسلاما و أنت صاحب الغار، و ثاني الاثنين، و أنت أحق بهذا الأمر و أولانا به، فقالت الأنصار نحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا و لا منكم، فنجعل منا أميرا و منكم أميرا، و نرضى به على أنه إن هلك اخترنا آخر من الأنصار.

فقال أبو بكر، بعد أن مدح المهاجرين، و أنتم يا معشر الأنصار ممن لا ينكر فضلهم و لا نعتهم العظيمة في الإسلام، رضيكم الله أنصارا لدينه و لرسوله، و جعل إليكم مهاجرته، و فيكم محل أزواجه، فليس أحد من الناس بعد المهاجرين الأولين بمنزلتكم، فهم الأمراء، و أنتم الوزراء.

فقام الحباب بن المنذر الأنصاري فقال: يا معاشر الأنصار أملكوا على أيديكم فإنما الناس في فيئكم و ظلالكم، و لن يجترئ مجترئ على خلافكم، و لن يصدر الناس إلا عن رأيكم، و أثنى على الأنصار، ثم قال: فإن أبى هؤلاء تأميركم عليهم، فلسنا نرضى تأميرهم علينا و لا نقنع بدون أن يكون منا أمير، و منهم أمير.

فقام عمر بن الخطاب فقال: هيهات لا يجتمع سيفان في غمد إنه لا ترضى العرب أن تأمركم و نبيها من غيركم، و لكن لا تمنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، و أولوا الأمر منهم، و لنا بذلك على من خالفنا الحجة الظاهرة، و السلطان البين فما تنازعنا في سلطان محمد، و نحن أولياؤه و عشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في الهلكة، محب للفتنة.

فقام الحباب بن المنذر ثانية فقال: يا معشر الأنصار أمسكوا على أيديكم و لا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 338

تسمعوا مقالة هذا الجاهل و أصحابه، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر و إن أبوا أن يكون أمير و أمير فأجلوهم عن بلادكم، و تولوا هذا الأمر عليهم، فأنتم و الله أحق به منهم، فقد دان بأسيافكم قبل هذا الوقت من لم يكن يدين بغيرها و أنا جذيلها المحكك و عذيقها المرجب و الله لا يرد أحد قولي إلا حطمت أنفه بالسيف.

قال عمر بن الخطاب: فلما كان الحباب هو الذي يجيبني لم يكن لي معه كلام، فإنه جرت بيني و بينه منازعة في حياة رسول الله فنهاني رسول الله عن علي مهابرته، فحلفت أن لا أكلمه أبدا.

ثم قال عمر لأبي عبيدة: يا أبا عبيدة تكلم، فقام أبو عبيدة بن الجراح فتكلم بكلام كثير ذكر فيه فضائل الأنصار، فكان بشير بن سعد سيدا من سادات الأنصار لما رأى اجتماع الأنصار على سعد بن عبادة لتأميره، حسده و سعى في إفساد الأمر عليه، و تكلم في ذلك و رضي بتأمير قريش، و حث الناس كلهم لا سيما الأنصار على الرضا بما يفعله المهاجرون.

فقال أبو بكر: هذا عمر و أبو عبيدة شيخا قريش، فبايعوا أيهما شئتم فقال عمر و أبو عبيدة: ما نتولى هذا الأمر عليك امدد يدك نبايعك، فقال بشير بن سعد:

و أنا ثالثكما، و كان سيد الأوس و سعد بن عبادة سيد الخزرج، فلما رأت الأوس‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 339

صنع بشير و ما دعت إليه الخزرج من تأمير سعد أكبوا على أبي بكر بالبيعة و تكاثروا على ذلك، و تزاحموا فجعلوا يطأون سعدا من شدة الزحمة، و هو بينهم على فراشه مريض، فقال: قتلتموني.

فقال عمر: اقتلوا سعدا قتله الله، فوثب قيس بن سعيد، فأخذ بلحية عمر و قال: و الله يا بن صهاك الجبان في الحروب الفرار، الليث في الملإ و الأمن، لو حركت منه شعرة ما رجعت و في وجهك واضحة، فقال أبو بكر مهلا يا عمر: فإن الرفق أبلغ و أفضل.

فقال سعد: يا بن صهاك- و كانت جدة عمر حبشية- أما و الله لو أن لي قوة على النهوض لسمعتها مني في سككها زئيرا أزعجك و أصحابك منها، و لا لحقتكما بقوم كنتما فيهم أذنابا أذلاء تابعين غير متبوعين، لقد اجترأتما، يا آل الخزرج احملوني من مكان الفتنة فحملوه، فأدخلوه منزله، فلما كان بعد ذلك بعث إليه أبو بكر أن قد بايع الناس فقال: لا و الله حتى أرميكم بجل سهم في كنانتي و أخضب بدمائكم سنان رمحي و أضربكم بسيفي ما أقلت يدي، فأقاتلكم بمن يتبعني من أهل بيتي و عشيرتي، ثم قال: و الله لو اجتمعت الإنس و الجن ما بايعتكما أيهما العاصيان حتى أعرض على ربي، و أعلم ما حسابي فلما جاءهم كلامه قال عمر: لا بد فيه من بيعته، فقال بشير بن سعد: إنه قد أبى و لج و ليس بمبايع أو يقتل و ليس بمقتول حتى يقتل معه الخزرج و الأوس فاتركوه فليس تركه بضائر فقبلوا قوله و تركوا سعدا فكان سعد لا يصلي بصلاتهم و لا يقضي بقضائهم و لو وجد أعوانا لصال بهم و لقاتلهم، فلم يزل كذلك في ولاية أبي بكر حتى هلك أبو بكر ثم ولي عمر فكان كذلك فخشي سعد غائلة عمر فخرج إلى الشام فمات بحوران في ولاية عمر لم يبايع أحدا و كان سبب موته أن رمي بسهم في الليل، فقتله و زعم أن الجن رمونه [رمته‏].

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 340

و قيل أيضا إن محمد بن سلمة الأنصاري تولى ذلك، بجعل جعلت له عليه، و روي أنه تولى ذلك المغيرة بن شعبة. قال: و بائع جملة الأنصار و من حولهم و من حضر من غيرهم، و علي بن أبي طالب عليه السلام مشغول بجهاز رسول الله صلى الله عليه و آله فلما فرغ من ذلك، و صلى على النبي و الناس يصلون عليه من بائع أبا بكر و من لم يبايع، جلس في المسجد فاجتمع إليه بنو هاشم و معهم الزبير بن العوام، و اجتمعت بنو أمية إلى عثمان بن عفان و بنو زهرة إلى عبد الرحمن بن عوف، فكانوا في المسجد مجتمعين إذ أقبل أبو بكر و عمر و أبو عبيدة بن الجراح فقالوا: ما لنا نراكم حلقا شتى، قوموا فبايعوا أبا بكر، فقد بايعه الأنصار و الناس، فقام عثمان و عبد الرحمن بن عوف و من معهما فبايعوا، فانصرف علي و بنو هاشم إلى منزل علي عليه السلام و معهم الزبير.

قال: فذهب إليهم عمر في جماعة ممن بايع فيهم أسيد بن حصين و سليمة بن سلامة فألقوهم مجتمعين، فقالوا لهم: بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس، فوثب الزبير إلى سيفه، فقال عمر: عليكم الكلب فاكفوني شره، فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده، فأخذه عمر فضرب به الأرض فكسره و أحدقوا بمن كان هناك من بني هاشم و مضوا بجماعتهم إلى أبي بكر فلما حضروا قالوا: بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس، و أيم الله لأن أبيتم ذلك لنحاكمنكم بالسيف.

فلما رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل رجل فجعلوا يبايعوا حتى لم يبق إلا علي بن أبي طالب، فقالوا له: بايع أبا بكر، فقال: أنا أحق بهذا الأمر و أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله صلى الله عليه و آله و أخذتموها منا أهل البيت غصبا، أ لستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم بمكانهم من رسول الله، فأعطوكم المقادة، و سلموا لكم الإمارة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 341

و أنا احتججت عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار أنا أولى برسول الله حيا و ميتا، و أنا وصيه و وزيره، و مستودع سره و علمه، و أنا الصديق الأكبر، أول من آمن به، و صدقه، و أحسنكم بلاء في جهاد المشركين، و أعرفكم بالكتاب و السنة، و أفقهكم في الدين، و أعلمكم بعواقب الأمور، و أزربكم لسانا، و أثبتكم جنانا، فعلى ما تنازعون هذا الأمر أنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم، و أعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفتم الأنصار لكم، و إلا فبوءوا بالظلم، و أنتم تعلمون فقال عمر: أما لك بأهل بيتك أسوة، فقال علي عليه السلام سلوهم عن ذلك، فابتدر القوم الذين بايعوا من بني هاشم فقالوا: ما بايعتنا بحجة على علي عليه السلام، و معاذ الله أن نقول إنا لا نوازيه في الهجرة، و حسن الجهاد، و المحل من رسول الله، فقال عمر:

إنك لست متروكا حتى تبايع طوعا أو كرها، فقال علي عليه السلام أحلب حلبا لك، اشدد له اليوم ليرد عليك غدا، إذا و الله لا أقبل قولك و لا أحفل بمقالتك، و لا أبايع.

فقال أبو بكر: مهلا يا أبا الحسن ما نشد فيك و لا نشدد عليك، و لا نكرهك.

فقام أبو عبيدة إلى علي عليه السلام: فقال: يا بن عم لسنا ندفع قرابتك و لا سابقتك و لا علمك و لا نصرتك، و لكنك حدث السن و كان لعلي عليه السلام يومئذ ثلاث و ثلاثون سنة و أبو بكر شيخ من مشايخ قومك، و هو أحمل لثقل هذا الأمر، و قد مضى بما فيه، فسلم له فإن عمرك الله يسلمون هذا الأمر إليك، و لا يختلف عليك فيه اثنان بعد هذا، ألا و أنت به خليق و له حقيق، و لا تبعث الفتنة في أوان الفتنة، فقد عرفت ما في قلوب العرب و غيرهم عليك.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا معاشر المهاجرين و الأنصار الله الله لا تنسوا عهد نبيكم إليكم في أمري، و لا تخرجوا سلطان محمد من داره و قعر بيته إلى دوركم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 342

و قعر بيوتكم فتخرجوا و تدفعوا أهله عن حقه و مقامه في الناس، فو الله يا معاشر الجمع إن الله قضى و حكم و نبيه أعلم، و أنتم تعلمون أن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، ما كان القاري لكتاب الله الفقيه في دين الله المصطلح بأمر الرعية، و الله إنه لفينا لا فيكم، و لا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا و تفسدوا قديمكم بشر من حديثكم.

فقال بشر بن سعد الأنصاري: الذي وطئ هذا الأمر لأبي بكر و قالت جماعة الأنصار يا أبا الحسن لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار قبل إتمام البيعة لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان.

فقال علي عليه السلام: يا هؤلاء أ كنت أدع رسول الله مسجى مستورا بالثياب لا أواريه و أخرج أنازع في سلطانه، و الله ما خفت أحدا يسموا له و ينازعنا أهل البيت فيه، و يستحل ما استحللتموه، و لا علمت، أن رسول الله ترك يوم غدير خم لأحد حجة، و لا لقائل مقالا فأنشد الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه و آله يوم غدير خم يقول:" من كنت مولاه فعلي عليه السلام مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و أخذل من خذله" أن يشهد بما سمع.

قال زيد بن أرقم: فشهد اثنا عشر رجلا بدريا بذلك، و كنت ممن سمع القوم من رسول الله صلى الله عليه و آله، فكتمت الشهادة يومئذ، فذهب بصري، فقال و كثر الكلام في هذا المعنى، و ارتفع الصوت، و خشي عمر أن يصغي إلى قول علي عليه السلام ففسخ المجلس، و قال إن الله تعالى يقلب القلوب، و لا تراك يا أبا الحسن ترغب عن الجماعة، فانصرفوا يومهم ذلك.

و أما ما روته العامة في ذلك فقد روى ابن أبي الحديد في شرح نهج‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 343

البلاغة، عن محمد بن جرير الطبري أن رسول الله لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة، و أخرجوا سعد بن عبادة ليولوه الخلافة، و كان مريضا فخطبهم و دعاهم إلى إعطائه الرئاسة و الخلافة، فأجابوه ثم ترادوا الكلام فقالوا: فإن أبى المهاجرون و قالوا: نحن أولياؤه و عترته؟ فقال قوم من الأنصار: نقول منا أمير و منكم أمير، فقال سعد: فهذا أول الوهن، و سمع عمر الخبر فأتى منزل رسول الله، و فيه أبو بكر فأرسل إليه أن اخرج إلى فأرسل إني مشغول، فأرسل عمر إليه أن اخرج فقد حدث أمر لا بد أن تحضره، فخرج فأعلمه الخبر فمضيا مسرعين نحوهم، و معهما أبو عبيدة فتكلم أبو بكر فذكر قرب المهاجرين من رسول الله و أنهم أولياؤه و عترته، ثم قال نحن الأمراء و أنتم الوزراء، لا نقتات عليكم بمشورة، و لا نقضي دونكم الأمور.

فقام الحباب بن المنذر الجموح، فقال: يا معاشر الأنصار أملكوا عليكم أمركم فإن الناس في ظلكم، و لن يجترئ مجترئ على خلافكم و لا يصدر أحد إلا عن رأيكم أنتم أهل العزة و المنعة و أولو العدد و الكثرة، و ذوو البأس و النجدة، و إنما ينظر الناس ما تصنعون، فلا تختلفوا فتفسد عليكم أموركم فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير و منهم أمير.

فقال عمر: هيهات لا يجتمع سيفان في غمد، و الله لا ترضى العرب أن تؤمركم و نبيها من غيركم، و لا تمنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة منهم من ينازعنا سلطان محمد، و نحن أولياؤه و عشيرته.

فقال الحباب بن المنذر: يا معشر الأنصار أملكوا أيديكم و لا تسمعوا مقاله هذا و أصحابه، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا عليكم فأجلوهم من هذه البلاد فأنتم أحق بهذا الأمر منهم، فإنه بأسيافكم دان الناس بهذا الدين، أنا جذيلها المحكك، و عذيقها المرجب أنا أبو شبل في عريسة الأسد و الله إن شئتم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 344

لنعيدها جذعة.

فقال عمر: أذن يقتلك الله، فقال: بل إياك يقتل، فقال أبو عبيدة يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر فلا تكونوا أول من بدل أو غير.

فقام بشر بن سعد والد النعمان فقال: يا معشر الأنصار ألا أن محمدا من قريش و قومه أولى به، و أيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر.

فقال أبو بكر: هذا عمر و أبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم فقالا: و الله لا نتولى هذا الأمر عليك، و أنت أفضل المهاجرين و خليفة رسول الله في الصلاة، و هي أفضل الدين أبسط يدك فلما بسط يده ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه فناداه الحباب بن المنذر يا بشير عققت عاق! أ نفست على ابن عمك الإمارة، فقال أسيد بن حضير رئيس الأوس لأصحابه: و الله لئن لم تبايعوا ليكونن للخزرج عليكم الفضيلة أبدا، فقاموا فبايعوا أبا بكر، فانكسر على سعد بن عبادة و الخزرج ما اجتمعوا عليه، و أقبل الناس يبايعون أبا بكر من كل جانب.

ثم حمل سعد بن عبادة إلى داره فبقي أياما، فأرسل إليه أبو بكر ليبايع فقال: لا و الله حتى أرميكم بما في كنانتي، و أخضب سنان رمحي و أضرب بسيفي ما أطاعني و أقاتلكم بأهل بيتي و من تبعني، و لو اجتمع معكم الجن و الإنس ما بايعتكم، حتى أعرض على ربي فقال عمر: لا تدعه حتى يبايع، فقال بشير بن سعد إنه قد لج و ليس بمبايع لكم حتى يقتل، و ليس بمقتول حتى يقتل معه أهله و طائفة من عشيرته، و لا يضركم تركه إنما هو رجل واحد، فتركوه و جاءت أسلم فبايعت فقويت بهم جانب أبي بكر و بايعه الناس.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 345

ثم قال: و روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز، عن أحمد بن إسحاق بن صالح، عن عبد الله بن عمر، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال:

لما توفي النبي اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة، فأتاهم أبو بكر و عمر و أبو عبيدة، فقال الحباب بن المنذر: منا أمير و منكم أمير، إنا و الله لا ننفس هذا الأمر عليكم أيها الرهط، و لكنا نخاف أن يليه بعدكم من قتلنا أبناءهم و آباءهم و و إخوانهم، فقال عمر بن الخطاب: إذا كان ذلك قمت إن استطعت، فتكلم أبو بكر:

فقال نحن الأمراء و أنتم الوزراء و الأمر بيننا نصفان كشق الأبلمة فبويع و كان أول من بايعه بشير بن سعد والد النعمان بن بشير، فلما اجتمع الناس على أبي بكر قسم قسما بين نساء المهاجرين و الأنصار، فبعث إلى امرأة من بني عدي بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت، فقالت، ما هذا قال: قسم قسمه أبو بكر للنساء قالت: أ تراشونني عن ديني، و الله لا أقبل منه شيئا فردته عليه.

ثم قال ابن أبي الحديد: قرأت هذا الخبر على أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي قال لقد صدقت فرسة الحباب، فإن الذي خافه وقع يوم الحرة و أخذ من الأنصار ثار المشركين يوم بدر، ثم قال لي رحمه الله. و من هذا خاف أيضا رسول الله، على ذريته و أهله، فإنه كان عليه السلام قد وتر الناس و علم أنه إن مات و ترك ابنته و ولدها سوقة و رعية تحت أيدي الولاة، كانوا بعرض خطر عظيم، فما زال يقرر لابن عمه قاعدة الأمر بعده، حفظا لدمه و دماء أهل بيته، فإنهم إذا كانوا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 346

ولاة الأمر كانت دماؤهم أقرب إلى الصيانة و العصمة، مما إذا كانوا سوقة تحت يد وال من غيرهم، فلم يساعده القضاء و القدر، و كان من الأمر ما كان، ثم أفضى أمر ذريته فيما بعد إلى ما قد علمت.

قال: و روى أحمد بن عمر بن عبد العزيز، عن عمر بن شيبة، عن محمد بن منصور عن جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار قال: كان النبي صلى الله عليه و آله قد بعث أبا سفيان ساعيا فرجع من سعايته، و قد مات رسول الله فلقيه قوم فسألهم، فقالوا مات رسول الله فقال: من ولي بعده، قيل أبو بكر قال: أبو الفصيل؟ قالوا: نعم قال:

فما فعل المستضعفان علي و العباس، أما و الذي نفسي بيده لأرفعن لهما من أعضادهما.

قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز: و ذكر جعفر بن سليمان أن أبا سفيان قال شيئا آخر لم يحفظه الرواة، فلما قدم المدينة قال: إني لأرى عجاجة لا يطيفها إلا الدم، قال: فكلم عمر أبا بكر، فقال: إن أبا سفيان قد قدم، و إنا لا نأمن شره، فدع له ما في يده فتركه فرضي.

أقول: قد أوردنا سابقا ما رواه الفريقان من ظلمهم أهل البيت و جبرهم على البيعة و فيما أوردنا في المقامين كفاية لمن له أدنى فهم و دراية، و تفصيل الكلام في ذلك موكول إلى شرحنا على كتاب الحجة، و الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

 (الحديث السادس و الخمسون و الأربعمائة)

 (1): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 347

قوله عليه السلام:" و إن أبا بكر دعا"

 (1) أي عليا عليه السلام إلى موافقته أو جميع الناس إلى بيعته و متابعته و موافقته، فلم يعمل أمير المؤمنين في زمانه إلا بالقرآن، و لم يوافقه في بدعة.

 [الحديث السابع و الخمسون و الأربعمائة] (حديث أبي ذر رضي الله عنه)

 (2) (الحديث السابع و الخمسون و الأربعمائة): مرسل مجهول.

قوله:" و أخطأ"

 (3) أي ذلك الرجل في إظهار علمه بكيفية إسلام سلمان لسوء الأدب، و قد حرم عن معرفة كيفية إسلامه بسبب ذلك كما سيأتي في آخر الخبر.

قوله عليه السلام:" في بطن مر"

 (4) هو بفتح الميم و تشديد الراء موضع على مرحلة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 348

من مكة.

قوله:" هلمي مزودي"

 (1) قال الجوهري: هلم يا رجل- بفتح الميم- بمعنى تعال يستوي في الواحد و الجمع و المذكر و المؤنث و أهل نجد يصرفونها فيقولون: هلما و هلموا و هلمي و قال: المزود: ما يجعل فيه الزاد.

و أما كيفية إسلام سلمان: فقد روى الصدوق في كتاب كمال الدين، عن محمد بن يحيى العطار و أحمد بن إدريس جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد ابن علي بن مهزيار، عن أبيه، عمن ذكره، عن موسى بن جعفر عليه السلام، قال:

قلت: يا بن رسول الله أ لا تخبرنا كيف كان سبب إسلام سلمان الفارسي؟ قال: نعم حدثني أبي صلوات الله عليه أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه و سلمان الفارسي و أبا ذر و جماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبي صلى الله عليه و آله، فقال أمير المؤمنين عليه السلام لسلمان: يا أبا عبد الله أ لا تخبرنا بمبدإ أمرك؟.

فقال سلمان: و الله يا أمير المؤمنين لو أن غيرك سألني ما أخبرته، أنا كنت رجلا من أهل شيراز من أبناء الدهاقين، و كنت عزيزا على والدي، فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا أنا بصومعة، و إذا فيها رجل ينادي أشهد أن لا إله إلا الله و أن عيسى روح الله، و أن محمدا حبيب الله، فرصف حب محمد في لحمي و دمي فلم يهنئني طعام و لا شراب، فقالت لي أمي يا بني ما لك اليوم لم تسجد لمطلع الشمس؟، قال:

فكابرتها حتى سكتت، فلما انصرفت إلى منزلي إذا أنا بكتاب معلق من السقف فقلت لأمي: ما هذا الكتاب؟ فقالت: يا روزبه إن هذا الكتاب لما رجعنا من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 349

عيدنا رأيناه معلقا فلا تقرب ذلك المكان، فإنك إن قربته قتلك أبوك.

قال: فجاهدتها حتى جن الليل و نام أبي و أمي فقمت و أخذت الكتاب، فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من الله إلى آدم أنه خالق من صلبه نبيا يقال له محمد يأمر بمكارم الأخلاق و ينهى عن عبادة الأوثان، يا روزبه ائت وصي عيسى و آمن و اترك المجوسية، قال: فصعقت صعقة و زادني شدة، قال: فعلم أبي و أمي بذلك فأخذوني و جعلوني في بئر عميقة، و قالوا لي: إن رجعت و إلا قتلناك فقلت لهم: افعلوا بي ما شئتم، حب محمد لا يذهب من صدري.

قال سلمان: و الله ما كنت أعرف العربية قبل قراءتي الكتاب، و لقد فهمني الله العربية من ذلك اليوم، قال: فبقيت في البئر فجعلوا ينزلون إلى قرصا صغارا فلما طال أمري رفعت يدي إلى السماء و قلت يا رب إنك حببت محمدا و وصيه إلى فبحق وسيلته عجل فرجي و أرحني مما أنا فيه، فأتاني آت عليه ثياب بياض قال قم يا روزبه، فأخذ بيدي و أتى بي الصومعة، فأنشأت أقول أشهد أن لا إله إلا الله و أن عيسى روح الله، و أن محمدا حبيب الله، فأشرف على الديراني فقال لي:

أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد فصعدت إليه و خدمته حولين كاملين.

فلما حضرته الوفاة، قال: إني ميت فقلت له: فعلى من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحدا يقول بمقالتي إلا راهبا بالأنطاكية، فإذا لقيته فأقرئه مني السلام و ادفع إليه هذا اللوح، و ناولني لوحا فلما مات غسلته و كفنته و دفنته، و أخذت اللوح و صرت به إلى أنطاكية، و أتيت الصومعة و أنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلا الله و أن عيسى روح الله و أن محمدا حبيب الله، فأشرف على الديراني فقال لي: أنت روزبه؟

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 350

فقلت: نعم، فقال: اصعد فصعدت إليه فخدمته حولين كاملين.

فلما حضرته الوفاة قال لي: إني ميت، فقلت: على من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحدا يقول بمقالتي إلا راهبا بالإسكندرية، فإذا أتيته، فأقرئه مني السلام و ادفع إليه هذا اللوح، فلما توفي غسلته و كفنته و دفنته و أخذت اللوح و أتيت الصومعة و أنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلا الله و أن عيسى روح الله و أن محمدا حبيب الله صلى الله عليه و آله فأشرف على الديراني، فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد فصعدت إليه و خدمته حولين كاملين.

فلما حضرته الوفاة قال لي: إني ميت فقلت: على من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحدا يقول بمقالتي في الدنيا، و أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد حانت ولادته فإذا أتيته فأقرئه مني السلام، و ادفع إليه هذا اللوح.

فلما توفي غسلته و كفنته و دفنته و أخذت اللوح و خرجت، فصحبت قوما فقلت: لهم يا قوم اكفوني الطعام و الشراب أكفكم الخدمة، قالوا: نعم، قال فلما أرادوا أن يأكلوا شدوا على شاة فقتلوها بالضرب، ثم جعلوا بعضها كبابا و بعضها شواء فامتنعت من الأكل فقالوا: كل فقلت: إني غلام ديراني و إن الديرانيين لا يأكلون اللحم، فضربوني و كادوا يقتلونني، فقال بعضهم: أمسكوا عنه حتى يأتيكم شرابكم فإنه لا يشرب، فلما أتوا بالشراب قالوا: أشرب فقلت: إني غلام ديراني و إن الديرانيين لا يشربون الخمر فشدوا علي و أرادوا قتلي.

فقلت لهم: يا قوم لا تضربوني و لا تقتلوني، فإني أقر لكم بالعبودية فأقررت لواحد منهم و أخرجني و باعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي، قال: فسألني‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 351

عن قصتي فأخبرته و قلت: ليس لي ذنب إلا أني أحببت محمدا و وصيه، فقال اليهودي و إني لأبغضك و أبغض محمدا ثم أخرجني إلى خارج داره، و إذا رمل كثير على بابه فقال: و الله يا روزبه لئن أصبحت و لم تنقل هذا الرمل كله من هذا الموضع لأقتلنك قال: فجعلت أحمل طول ليلتي فلما أجهدني التعب رفعت يدي إلى السماء فقلت: يا رب إنك حببت محمدا و وصيه إلى فبحق وسيلته عجل فرجي و أرحني مما أنا فيه، فبعث الله ريحا فقلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال اليهودي، فلما أصبح نظر إلى الرمل قد نقل كله، فقال: يا روزبه أنت ساحر و أنا لا أعلم فلأخرجنك من هذه القرية لئلا تهلكها.

قال: فأخرجني و باعني من امرأة سليمية فأحبتني حبا شديدا، و كان لها حائط فقالت: هذا الحائط لك كل منه ما شئت و هب و تصدق، قال: فبقيت في ذلك الحائط ما شاء الله.

فبينما أنا ذات يوم في الحائط إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا حتى دخلوا الحائط و الغمامة تسير معهم، فلما دخلوا إذا فيهم رسول الله صلى الله عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام و أبو ذر و المقداد و عقيل بن أبي طالب و حمزة بن عبد المطلب و زيد بن حارثة، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل و رسول الله صلى الله عليه و آله يقول لهم: كلوا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 352

الحشف و لا تفسدوا على القوم شيئا، فدخلت على مولاتي فقلت لها: يا مولاتي هبي لي طبقا من رطب فقالت لك ستة أطباق.

قال: فجئت فحملت طبقا من رطب فقلت في نفسي: إن كان فيهم نبي فإنه لا يأكل الصدقة و يأكل الهدية فوضعته بين يديه، فقلت: هذه صدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله كلوا و أمسك رسول الله و أمير المؤمنين و عقيل بن أبي طالب و حمزة بن عبد المطلب، و قال لزيد مد يدك و كل فقلت في نفسي هذه علامة فدخلت إلى مولاتي فقلت لها: هبي لي طبقا آخر فقالت: لك ستة أطباق، قال جئت فحملت طبقا من رطب فوضعته بين يديه و قلت: هذه هدية فمد يده، و قال: بسم الله كلوا فمد القوم جميعا أيديهم، و أكلوا فقلت في نفسي هذه أيضا علامة.

قال: فبينا أنا أدور خلفه إذ حانت من النبي صلى الله عليه و آله التفاتة، فقال: يا روزبه تطلب خاتم النبوة؟ فقلت: نعم فكشف عن كتفيه، فإذا أنا بخاتم النبوة معجون بين كتفيه، عليه شعرات قال: فسقطت على قدم رسول الله أقبلها.

فقال لي: يا روزبه ادخل على هذه المرأة و قل لها يقول لك محمد بن عبد الله تبيعينا هذا الغلام؟ فدخلت فقلت لها: يا مولاتي إن محمد بن عبد الله يقول لك تبيعينا هذا الغلام؟ فقالت قل له لا أبيعكه إلا بأربعمائة نخلة مائتي نخلة منها صفراء، و مائتي نخلة منها حمراء. قال: فجئت إلى النبي فأخبرته، فقال: ما أهون ما سألت، ثم قال قم يا علي فاجمع هذا النوى كله، فأخذه و غرسه، و قال: اسقه فسقاه أمير المؤمنين فما بلغ آخره حتى خرج النخل و لحق بعضه بعضا فقال لي ادخل إليها و قل لها يقول لك محمد بن عبد الله خذي شيئتك، و ادفعي إلينا شيئنا، قال: فدخلت عليها و قلت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 353

ذلك، فخرجت و نظرت إلى النخل فقالت: و الله لا أبيعكه إلا بأربعمائة نخلة كلها صفراء قال فهبط جبرئيل عليه السلام فمسح جناحه على النخل فصار كله أصفر، قال ثم قال لي: قل لها إن محمدا يقول لك خذي شيئك و ادفعي إلينا شيئنا، فقلت لها فقالت: و الله لنخلة من هذه أحب إلى من محمد و منك، فقلت لها: و الله ليوم مع محمد أحب إلى منك و من كل شي‏ء أنت فيه، فأعتقني رسول الله و سماني سلمانا.

قال الصدوق (رحمه الله): كان اسم سلمان روزبه بن خشبوذان، و ما سجد قط لمطلع الشمس، و إنما كان يسجد لله و كانت القبلة التي أمر بالصلاة إليها شرقية، و كان أبواه يظنان أنه إنما يسجد لمطلع الشمس كهيئاتهم، و كان سلمان وصي وصي عيسى عليه السلام في أداء ما حمل إلى من انتهت إليه الوصية من المعصومين، و هو" آبي عليه السلام" و قد ذكر قوم، هو أبو طالب، و إنما اشتبه الأمر به لأن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 354

آخر أوصياء عيسى عليه السلام فقال: آبي فصحفه الناس فقالوا أبي و يقال له" بردة" أيضا.

أقول: روى ابن شهرآشوب و غيره نحوا من ذلك مع زيادة و تغيير عن ابن عباس، و غيره أوردناها في كتاب بحار الأنوار.

 (الحديث الثامن و الخمسون و الأربعمائة)

 (1): حسن أو موثق.

قوله عليه السلام:" إن ثمامة"

 (2) ذكرت العامة في كتب رجالهم أن ثمامة بن أثال بن النعمان الحنفي سيد أهل اليمامة كان أسر فأطلقه النبي فمضى و غسل ثيابه و اغتسل، ثم أتى النبي و حسن إسلامه.

و في بعض السير أنه خرج معتمرا فأسر بنجد فجاءوا به فأصبح مربوطا بأسطوانة عند باب رسول الله فرآه فعرفه، فقال له: إني مخيرك واحدة من ثلاث.

قوله:" تجدني غاليا"

 (3) أي أعطيك فداء عظيما.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 355

قوله:" و أنا في الوثاق"

 (1) الوثاق بالفتح و يكسر ما يشد به.

 (الحديث التاسع و الخمسون و الأربعمائة)

 (2): حسن أو موثق.

قوله:" فولد إذا بفلسطين"

 (3) قال في القاموس: فلسطين كورة بالشام و قرية بالعراق.

أقول: لعله كان قرأ في الكتب أو ظهر عليه بالعلامات أمر ينطبق على مولود بتهامة، و مولود بفلسطين.

قال الفاضل الأسترآبادي: مذكور في الكتب المنزلة على الأنبياء المتقدمين أنه يولد في مكة رجل معصوم اسمه أحمد، و كنيته أبو القاسم، و كذلك في قرية من قرى العراق أحدهما نبي و الآخر إمام، و مذكور فيها الليلة التي يولد فيها أحدهما انتهى.

أقول: لو كان فلسطين اسما للسامراء كان هذا موجها.

قوله عليه السلام:" به شامة"

 (4) أي خال و علامة، و المراد خاتم النبوة.

قوله عليه السلام:" كلون الخز الأدكن"

 (5) قال الجوهري: الدكنة لون يضرب إلى السواد، و الشي‏ء أدكن.

قوله عليه السلام:" قد أخطأكم"

 (6) الظاهر" أخطأتم" كما في تفسير علي بن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 356

إبراهيم و على ما في أكثر نسخ الكتاب يمكن أن يقرأ بالهمزة و غيره، و على التقديرين يكون المراد جاوزكم خبره، و لم يصل بعد إليكم أو جاوزكم أمره و لا محيص لكم عنه.

و يمكن أن يقرأ بالحاء المهملة و الظاء المعجمة أي جعلكم ذا خطرة و منزلة عند الناس.

قوله:" ليسطون"

 (1) قال الجوهري: السطو القهر بالبطش يقال: سطا به و السطوة المرة الواحدة.

قوله:" يسطو بمصره"

 (2) الظاهر أنه قاله على الهزء و الإنكار أي كيف يقدر على أن يسطو بمصره، أو كيف يسطو بقومه و عشيرته، و يحتمل أن يكون قال ذلك‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 357

على سبيل الإذعان في ذلك الوقت، أو كان يقول ذلك بعد خبر الراهب.

و فيما رواه قطب الدين الراوندي في الخرائج فكان أبو سفيان يقول:

إنما يسطو بمضر أي بقبيلة مضر، أو بها و بأضرابها من القبائل الخارجة عن مكة.

و لنذكر بعض الأخبار الواردة في كيفية ولادته صلى الله عليه و آله، و ما وقع فيها من البشائر و ظهر فيها من المعجزات.

روى الصدوق في كمال الدين و أماليه عن محمد بن أحمد بن عمران الدقاق، عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن خالد بن إلياس، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم، عن أبيه، عن جده قال: سمعت أبا طالب حدث عن عبد المطلب قال: بينا أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني فأتيت كاهنة قريش، و على مطرف خز و جمتي تضرب منكبي، فلما نظرت إلى عرفت في وجهي التغير فاستوت و أنا يومئذ سيد قومي، فقالت: ما شأن سيد العرب متغير اللون هل رابه من حدثان الدهر ريب فقلت لها: بلى إني رأيت الليلة و أنا نائم في الحجر كان شجرة قد نبتت على ظهري قد نال رأسها السماء و ضربت بأغصانها الشرق و الغرب، و رأيت نورا يزهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا، و رأيت العرب و العجم ساجدة لها، و هي كل يوم تزداد عظما و نورا، و رأيت رهطا من قريش يريدون قطعها، فإذا دنوا منها أخذهم شاب من أحسن الناس وجها و أنظفهم ثيابا فيأخذهم و يكسر ظهورهم، و يقلع أعينهم فرفعت يدي لا تناول غصنا من أغصانها فصاح بي الشاب، و قال مهلا ليس لك منها نصيب، فقلت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 358

لمن النصيب و الشجرة مني؟ فقال: النصيب لهؤلاء الذين قد تعلقوا بها، و؟؟؟؟

إليها فانتبهت مذعورا فزعا متغير اللون فرأيت لون الكاهنة قد تغير، ثم قالت:

لئن صدقت ليخرجن من صلبك ولد يملك الشرق و الغرب، و ينبأ في الناس فتسري عني غمي فانظر يا أبا طالب لعلك تكون أنت و كان أبو طالب يحدث بهذا الحديث و النبي صلى الله عليه و آله قد خرج، و يقول: كانت الشجرة و الله أبا القاسم الأمين.

و روى أيضا في الكتابين عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن يحيى ابن زكريا، عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن سعيد بن مسلم مولى لبني مخزوم، عن سعيد بن أبي صالح، عن أبيه، عن ابن عباس قال: سمعت أبي العباس يحدث قال: ولد لأبي عبد المطلب عبد الله فرأينا في وجهه نورا يزهر كنور الشمس، فقال أبي: إن لهذا الغلام شأنا عظيما قال: فرأيت في منامي أنه خرج من منخره طائر أبيض فطار فبلغ المشرق و المغرب، ثم رجع راجعا حتى سقط على بيت الكعبة، فسجدت له قريش كلها، فبينما الناس يتأملونه إذا صار نورا بين السماء و الأرض، و امتد حتى بلغ المشرق و المغرب فلما انتبهت سألت كاهنة بني مخزوم فقالت: يا عباس لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبه ولد يصير أهل المشرق و المغرب تبعا له، قال أبي: فهمني أمر عبد الله إلى أن تزوج بأمة و كانت من أجمل نساء قريش و أتمها خلقا فلما مات عبد الله و ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه و آله أتيته فرأيت النور بين عينيه يزهر، فحملته و تفرست في وجهه فوجدت منه ريح المسك، و صرت كأني قطعة مسك من شدة ريحي، فحدثتني أمنه و قالت لي: إنه لما أخذني الطلق، و اشتد بي الأمر سمعت جلبة و كلاما لا يشبه كلام الآدميين‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 359

و رأيت علما من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب بين السماء و الأرض، و رأيت نورا يسطع من رأسه حتى بلغ السماء، و رأيت قصور الشامات كأنها شعلة نار نورا، و رأيت حولي من القطاة أمرا عظيما، و قد نشرت أجنحتها حولي و رأيت شعيرة الأسدية قد مرت، و هي تقول آمنة ما لقيت الكهان و الأصنام من ولدك، و رأيت رجلا شابا من أتم الناس طولا، و أشدهم بياضا و أحسنهم ثيابا ما ظننته إلا عبد المطلب قد دنا مني، فأخذ المولود فتفل في فيه و معه طست من ذهب مضروب بالزمرد، و مشط من ذهب فشق بطنه شقا، ثم أخرج صرة من حريرة خضراء ففتحها فإذا فيها كالذريرة البيضاء، فحشاه ثم رده إلى ما كان و مسح على بطنه و استنطقه فنطق فلم أفهم ما قال، إلا أنه قال: في أمان الله و حفظه و كلاءته قد حشوت قلبك إيمانا و علما و حلما و يقينا و عقلا و شجاعة، أنت خير البشر، طوبى لمن اتبعك، و ويل لمن تخلف عنك، ثم أخرج صرة أخرى من حريرة بيضاء ففتحها فإذا فيها خاتم، فضرب على كتفيه، ثم قال أمرني ربي أن أنفخ فيك من روح القدس فنفخ فيه و ألبسه قميصا، و قال: هذا أمانك من آفات الدنيا، فهذا ما رأيت يا عباس بعيني، قال العباس: و أنا يومئذ أقرء فكشفت عن ثوبه، فإذا خاتم النبوة بين كتفيه فلم أزل أكتم شأنه و نسيت الحديث فلم أذكره إلى يوم إسلامي حتى ذكرني رسول الله صلى الله عليه و آله.

و روى أيضا في أماليه عن علي بن أحمد البرقي عن أبيه، عن جده أحمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: كان إبليس لعنه الله يخترق السماوات السبع، فلما ولد عيسى عليه السلام حجب عن ثلاث سماوات. و كان يخترق أربع سماوات فلما ولد رسول الله صلى الله عليه و آله حجب عن السبع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 360

كلها. و رميت الشياطين بالنجوم. و قالت قريش هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه. و قال عمرو بن أمية- و كان من أزجر أهل الجاهلية-: انظروا هذه النجوم التي يهتدي بها و يعرف بها أزمان الشتاء و الصيف. فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شي‏ء. و إن كانت ثبتت و رمي بغيرها فهو أمر حدث. و أصبحت الأصنام كلها صبيحة ولد النبي صلى الله عليه و آله ليس منها صنم إلا و هو منكب على وجهه. و ارتجس في تلك الليلة إيوان كسرى و سقطت منه أربعة عشر شرفة، و غاضت بحيرة ساوة، و فاض وادي السماوة، و خمدت نيران فارس، و لم تخمد قبل ذلك بألف عام، و رأي المؤبدان في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة و انسربت في بلادهم و انقصم طاق الملك كسرى من وسطه، و انخرقت عليه دجلة العوراء، و انتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق، و لم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا، و الملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك و انتزع علم الكهنة و بطل سحر السحرة، و لم تبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها، و عظمت قريش في العرب، و سموا آل الله تعالى، قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام إنما سموا آل الله لأنهم في بيت الله الحرام، و قالت آمنة إن ابني و الله سقط فاتقى الأرض بيده، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثم خرج مني نور أضاء له كل شي‏ء، و سمعت في الضوء قائلا يقول إنك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا، و أتى به عبد المطلب، لينظر إليه و قد بلغه ما قالت أمه، فأخذه فوضعه في حجره ثم قال:

         الحمد لله الذي أعطاني             هذا الغلام الطيب الأردان‏

             قد ساد في المهد على الغلمان‏

 

 ثم عوذة بأركان الكعبة، و قال فيه أشعارا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 361

قال: و صاح إبليس لعنه الله في أبالسته فاجتمعوا إليه فقالوا ما الذي أفزعك يا سيدنا، فقال لهم: ويلكم لقد أنكرت السماء و الأرض منذ الليلة لقد حدث في الأرض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع عيسى بن مريم، فأخرجوا و انظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث فافترقوا، ثم اجتمعوا إليه فقالوا ما وجدنا شيئا فقال:

إبليس لعنه الله أنا لهذا الأمر ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم فوجد الحرم محفوظا بالملائكة، فذهب ليدخل فصاحوا به فرجع ثم صار مثل الصرد، و هو العصفور فدخل من قبل حرى فقال له جبرئيل: وراك لعنك الله فقال له: حرف أسألك عنه يا جبرئيل ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الأرض؟

فقال له: ولد محمد صلى الله عليه و آله فقال له: هل لي فيه نصيب، قال: لا، قال ففي أمته قال:

نعم قال: رضيت.

و روى أيضا في أماليه عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زياد بن المنذر، عن ليث بن سعد قال: قلت لكعب و هو عند معاوية: كيف تجدون صفة مولد النبي و هل تجدون لعترته فضلا فالتفت كعب إلى معاوية لينظر كيف هواه فأجرى الله على لسانه فقال: هات يا أبا إسحاق رحمك الله ما عندك، فقال كعب: إني قد قرأت اثنين و سبعين كتابا كلها أنزلت من السماء، و قرأت صحف دانيال كلها، و وجدت في كلها ذكر مولده و مولد عترته، و إن اسمه لمعروف، و أنه لم يولد نبي قط فنزلت عليه الملائكة ما خلا عيسى عليه السلام و أحمد صلى الله عليه و آله، و ما ضرب على آدمية حجب الجنة غير مريم، و أم أحمد عليه السلام، و ما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 362

وكلت الملائكة بأنثى حملت غير مريم أم المسيح، و آمنة أم أحمد.

و كان من علامة حمله أنه لما كانت الليلة التي حملت آمنة به عليه السلام نادى مناد في السماوات السبع أبشروا فقد حمل الليلة بأحمد، و في الأرضين كذلك، حتى في البحور و ما بقي يومئذ في الأرض دابة تدب، و لا طائر يطير إلا علم بمولده، و لقد بني في الجنة ليلة مولده سبعون ألف قصر من ياقوت أحمر و سبعون ألف قصر من لؤلؤ رطب فقيل هذه قصور الولادة، و نجدت الجنان و قيل لها اهتزي و تزيني فإن نبي أوليائك قد ولد فضحكت الجنة يومئذ، فهي ضاحكة إلى يوم القيامة، و بلغني أن حوتا من حيتان البحور يقال له: طموسا و هو سيد الحيتان له سبعمائة ألف ذنب، يمشي على ظهره سبعمائة ألف ثورا الواحد منها أكبر من الدنيا لكل ثور سبعمائة ألف قرن، من زمرد أخضر لا يشعر بهن، اضطرب فرحا بمولده، و لو لا أن الله تعالى ثبته لجعل عاليها سافلها، و لقد بلغني أن يومئذ ما بقي جبل إلا نادى صاحبه بالبشارة و يقول:

لا إله إلا الله، و لقد خضعت الجبال كلها لأبي قبيس كرامة لمحمد صلى الله عليه و آله، و لقد قدست الأشجار أربعين يوما بأنواع أفنانها و ثمارها فرحا بمولده صلى الله عليه و آله، و لقد ضرب بين السماء و الأرض سبعون عمودا من أنواع الأنوار، لا يشبه كل واحد صاحبه و قد بشر آدم عليه السلام بمولده فزيد في حسنه سبعين ضعفا و كان قد وجد مرارة الموت و كان قد مسه ذلك فسري عنه ذلك، و لقد بلغني أن الكوثر اضطرب في الجنة و اهتز فرمى بسبعمائة ألف قصر من قصور الدر و الياقوت نثارا لمولد محمد صلى الله عليه و آله.

و لقد زم إبليس و كبل و ألقى في الحصن أربعين يوما، و غرق عرشه أربعين‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 363

يوما، و لقد تنكبت الأصنام كلها، و صاحت و ولولت، و لقد سمعوا صوتا من الكعبة يا آل قريش قد جاءكم البشير قد جاءكم النذير، معه عز الأبد و الربح الأكبر و هو خاتم الأنبياء.

و نجد في الكتب أن عترته خير الناس بعده، و أنه لا يزال الناس في أمان من العذاب ما دام من عترته في دار الدنيا خلق يمشي فقال معاوية: يا أبا إسحاق و من عترته؟ قال كعب: ولد فاطمة فعبس وجهه و عض على شفتيه و أخذ يعبث بلحيته، فقال كعب: و إنا نجد صفة الفرخين المستشهدين، و هما فرخا فاطمة يقتلهما شر البرية قال: فمن يقتلهما؟ قال: رجل من قريش، فقام معاوية و قال: قوموا، إن شئتم فقمنا.

و روى ابن شهرآشوب في المناقب عن أبان بن عثمان رفعه بإسناده، قال:

قالت آمنة (رضي الله عنها): لما قربت ولادة رسول الله رأيت جناح طائر أبيض قد مسح على فؤادي، فذهب الرعب عني و أتيت بشربة بيضاء، و كنت عطشى فشربتها فأصابني نور عال ثم رأيت نسوة كالنخل طوالا تحدثني و سمعت كلاما لا يشبه كلام الآدميين حتى رأيت كالديباج الأبيض قد ملأ بين السماء و الأرض، و قائل يقول خذوه من أعز الناس و رأيت رجالا وقوفا في الهواء بأيديهم أباريق، و رأيت مشارق الأرض و مغاربها، و رأيت علما من سندس على قضيب من ياقوتة قد ضرب بين السماء في ظهر الكعبة فخرج رسول الله رافعا إصبعه إلى السماء، و رأيت سحابة بيضاء ينزل من السماء حتى غشيته فسمعت نداء طوفوا بمحمد صلى الله عليه و آله شرق الأرض و غربها، و البحار ليعرفوه باسمه و نعته و صورته، ثم انجلت عنه الغمامة، فإذا أنا به في ثوب أبيض من اللبن، و تحته حريرة خضراء، و قد قبض على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الرطب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 364

و قائل يقول قبض محمد على مفاتيح النصرة و الريح و النبوة، ثم أقبلت سحابة أخرى فغيبته عن وجهي أطول من المرة الأولى، و سمعت نداء طوفوا بمحمد الشرق و الغرب، و أعرضوه على روحاني الجن و الإنس و الطير و السباع و أعطوه صفا آدم ورقة نوح، و خلة إبراهيم، و لسان إسماعيل، و كمال يوسف، و بشرى يعقوب، و صوت داود و زهد يحيى، و كرم عيسى، ثم انكشف عنه فإذا أنا به و بيده حريرة بيضاء، قد طويت طيا شديدا، و قد قبض عليها، و قائل يقول: قد قبض محمد على الدنيا كلها فلم يبق شي‏ء إلا دخل في قبضته، ثم إن ثلاثة نفر كان الشمس تطلع من وجوههم في يد أحدهم إبريق فضة، و نافحة مسك، و في يد الثاني طست من زمردة خضراء، لها أربع جوانب من كل جانب لؤلؤة بيضاء و قائل يقول: هذه الدنيا فاقبض عليها يا حبيب الله فقبض على وسطها، و قائل يقول: اقبض الكعبة، و في يد الثالث حريرة بيضاء مطوية فنشرها، فأخرج منها خاتما تحار أبصار الناظرين فيه، فغسله بذلك الماء من الإبريق سبع مرات ثم ضرب الخاتم على كتفيه، و تفل في فيه فاستنطقه، فنطق فلم أفهم ما قال إلا أنه قال: في أمان الله و حفظه و كلاءته، قد حشوت قلبك إيمانا و علما و يقينا و عقلا و شجاعة أنت خير البشر، طوبى لمن اتبعك، و ويل لمن تخلف عنك، ثم أدخله بين أجنحتهم ساعة، و كان الفاعل به هذا رضوان، ثم انصرف و جعل يلتفت إليه و يقول أبشر يا عز بعز الدنيا و الآخرة و رأيت نورا يسطع من رأسه حتى بلغ السماء و رأيت قصور الشامات كأنها شعلة نار نورا، و رأيت حولي من القطا أمرا عظيما قد نشرت أجنحتها.

و قد أوردنا سائر الأخبار الواردة في ذلك في كتابنا الكبير.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 365

 (الحديث الستون و الأربعمائة)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" طلقت"

 (2) بكسر اللام- أي أخذها الطلق و هو وجع الولادة و كذا المخاض- بفتح الميم- بمعناه.

قوله عليه السلام:" أما إنك ستلدين غلاما"

 (3) روى الصدوق بإسناده، عن عبد الله ابن مسكان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب تبشره بمولد النبي صلى الله عليه و آله فقال لها أبو طالب: اصبري لي سبتا آتيك بمثله إلا النبوة و قال: السبت ثلاثون سنة، و كان بين رسول الله صلى الله عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام ثلاثون سنة.

أقول: هذان الخبران يدلان على أن أبا طالب كان مؤمنا قبل البعثة، و انعقد على إسلامه إجماع الشيعة، و تواترت الأخبار الدالة عليه من طرق الخاصة و العامة و قد ألف كثير من أعاظم محدثينا كتابا مفردا في ذلك، منهم السيد الجليل فخار ابن معد الموسوي (رضي الله عنه).

و روى الصدوق، عن أحمد بن محمد بن العطار، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 366

عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن جعفر، عن محمد بن عمر الجرجاني، قال:

قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام:" أول جماعة كانت أن رسول الله كان يصلي و أمير- المؤمنين علي بن أبي طالب معه إذ مر أبو طالب به و جعفر معه قال: يا بني صل جناح ابن عمك، فلما أحسه رسول الله تقدمهما، و انصرف أبو طالب مسرورا و هو يقول:

         إن عليا و جعفرا ثقتي             عند ملم الزمان و الكرب‏

             و الله لا أخذل النبي و لا             يخذله من بني ذو حسب‏

             لا تخذلا و انصرا ابن عمكما             أخي لأمي من بينهم و أبي‏

 قال: فكانت أول جماعة جمعت ذلك اليوم.

و روي عن أبيه، قال: قال أبو طالب لرسول الله: يا ابن أخ الله أرسلك؟

قال: نعم، قال: فأرني آية قال ادع لي تلك الشجرة فدعاها فأقبلت حتى سجدت بين يديه ثم انصرفت، فقال أبو طالب: أشهد أنك صادق يا علي صل على جناح ابن عمك.

و روي عن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن أحمد بن زياد الهمداني، عن المنذر بن محمد، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، أنه قال: مثل أبي طالب مثل أهل الكهف حين أسروا الإيمان و أظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين.

و روي عن محمد بن الحسن بن صيقل، عن الحسن بن علي بن فضال، عن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 367

مروان بن مسلم، عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس أنه سأله رجل فقال له: يا بن عم رسول الله أخبرني عن أبي طالب هل كان مسلما فقال: و كيف لم يكن مسلما و هو القائل.

         و قد علموا أن ابننا لا يكذب             لدينا و لا ينبأ بقول الأباطل‏

 إن أبا طالب كان مثله مثل أصحاب الكهف، حين أسروا الإيمان و أظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين.

و روى شيخ الطائفة في أماليه عن الحسين بن عبيد الله، عن هارون بن موسى، عن محمد بن همام، عن علي بن الحسين الهمداني، عن محمد بن خالد البرقي عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام أن أمير المؤمنين كان ذات يوم جالسا في الرحبة و الناس حوله مجتمعون فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أنت بالمكان الذي أنزلك الله به، و أبوك معذب في النار فقال له علي عليه السلام: مه فض الله فاك، و الذي بعث محمدا بالحق نبيا لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعة الله فيهم، أبي يعذب في النار و ابنه قسيم الجنة و النار؟ ثم قال: و الذي بعث محمدا بالحق نبيا إن نور أبي يوم القيامة يطفئ أنوار الخلائق إلا خمسة أنوار نور محمد و نوري و نور فاطمة و نور الحسن و الحسين و نور تسعة من ولد الحسين، فإن نوره من نورنا الذي خلقه الله قبل أن يخلق آدم بألفي عام، و الأخبار في ذلك من طرقنا كثيرة، أوردناها في كتاب بحار الأنوار.

و قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: اختلف الناس في إسلام أبي-

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 368

طالب فقالت الإمامية و أكثر الزيدية ما مات إلا مسلما، و قال بعض شيوخنا المعتزلة بذلك، منهم الشيخ أبو القاسم البلخي، و أبو جعفر الإسكافي و غيرهما، و قال أكثر الناس من أهل الحديث و العامة و من شيوخنا البصريين و غيرهم مات على دين قومه، و يروون في ذلك حديثا مشهورا أن رسول الله قال له عند موته قل يا عم كلمة أشهد لك بها غدا عند الله، فقال: لو لا أن تقول العرب أن أبا طالب خرج عند الموت لأقررت بها عينك.

و روي أنه قال: أنا على دين الأشياخ، و قيل: إنه قال: أنا على دين عبد المطلب، و قيل: غير ذلك.

و روى كثير من المحدثين أن قوله تعالى:" ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى‏ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ" الآية أنزل في أبي طالب لأن رسول الله استغفر له بعد موته و رووا أن قوله تعالى:" إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ" نزلت في أبي طالب، و رووا إن عليا جاء إلى رسول الله بعد موت أبي طالب فقال له إن عمك الضال قد قضى فما الذي تأمرني فيه.

و احتجوا بأنه لم ينقل أحد عنه أنه رآه يصلي و الصلاة هي المفرقة بين المسلم و الكافر، و أن عليا و جعفرا لم يأخذا من تركته شيئا.

و رووا عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال:" إن الله قد وعدني بتخفيف عذابه لما صنع في حقي و أنه في ضحضاح من نار".

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 369

و رووا عنه أيضا" أنه قيل له: لو استغفرت لأبيك و أمك، فقال: لو استغفرت لهما لاستغفرت لأبي طالب، فإنه صنع إلى ما لم يصنعا، و أن عبد الله و آمنة و أبا طالب في حجرة من حجرات جهنم.

فأما الذين زعموا أنه كان مسلما فقد رووا خلاف ذلك، فأسندوا خبرا إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه و آله: قال لي جبرئيل: إن الله مشفعك في ستة بطن حملتك آمنة بنت وهب، و صلب أنزلك عبد الله بن عبد المطلب، و حجر كفاك أبي طالب، و بيت آواك عبد المطلب، و أخ كان لك في الجاهلية- قيل: يا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ما كان فعله قال: كان سخيا يطعم الطعام، و يجوز بالنوال- و ثدي أرضعك حليمة بنت أبي ذؤيب.

قالوا: و قد نقل الناس كافة عن رسول الله أنه قال:" نقلنا من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزكية" فوجب بهذا أن يكون آباؤه كلهم منزهين عن الشرك، لأنهم لو كانوا عبدة أصنام لما كانوا طاهرين.

قالوا: و أما ما ذكر في القرآن من إبراهيم و أبيه آزر و كونه ضالا مشركا فلا يقدح في مذهبنا، لأن آزر كان عم إبراهيم، فأما أبوه فتارخ بن ناحور و و سمي العم أبا كما قال:" أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ" ثم عد فيهم إسماعيل و ليس من آبائه، و لكنه عمه.

ثم قال: و احتجوا في إسلام الآباء بما روي عن جعفر بن محمد أنه قال: يبعث الله عبد المطلب يوم القيامة و عليه سيماء الأنبياء و بهاء الملوك.

و روي أن العباس بن عبد المطلب قال لرسول الله بالمدينة: يا رسول الله صلى الله عليه و آله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 370

ما ترجو لأبي طالب؟ فقال: أرجو له كل خير من الله.

و روي أن رجلا من رجال الشيعة و هو أبان بن أبي محمود كتب إلى علي ابن موسى الرضا جعلت فداك إني قد شككت في إسلام أبي طالب عليه السلام فكتب إليه" وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى‏ وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ." الآية- و بعدها- إنك إن لم تقر بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار.

و قد روي عن محمد بن علي الباقر عليه السلام" أنه سئل عما يقوله الناس إن أبا طالب في ضحضاح من نار؟ فقال: لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان و إيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه، ثم قال أ لم تعلموا أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام كان يأمر أن يحج عن عبد الله و آمنة و أبي طالب في حياته، ثم أوصى بوصيته بالحج عنهم.

و قد روي أن أبا بكر جاء بأبي قحافة إلى النبي صلى الله عليه و آله عام الفتح يقوده و هو شيخ كبير أعمى، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله ألا تركت الشيخ حتى نأتيه، فقال: أردت يا رسول الله أن يأجره الله، أما و الذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحا بإسلام عمك أبي طالب مني بإسلام أبي التمس بذلك قرة عين عينك، فقال صدقت.

و روي أن علي بن الحسين عليه السلام سئل، عن هذا؟ فقال:" وا عجبا إن الله نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر، و قد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام و لم تزل تحت أبي طالب حتى مات".

و يروي قوم من الزيدية أن أبا طالب أسند المحدثون عنه حديثا ينتهي إلى أبي رافع مولى رسول الله، قال: سمعت أبا طالب يقول بمكة:" حدثني محمد ابن أخي أن ربه بعثه بصلة الرحم، و أن يعبده وحده لا يعبد معه غيره، و محمد عندي الصادق الأمين" و قال قوم: إن قول النبي صلى الله عليه و آله:" أنا و كافل اليتيم كهاتين في الجنة، إنما عنى به أبا طالب".

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 371

و قالت الإمامية: إن ما يرويه العامة- من أن عليا و جعفرا لم يأخذا من تركة أبي طالب شيئا- حديث موضوع، و مذهب أهل البيت بخلاف ذلك، فإن المسلم عندهم يرث الكافر، و لا يرث الكافر المسلم، و لو كان أعلى درجة منه في النسب، قالوا: و قوله صلى الله عليه و آله:" لا توارث بين أهل ملتين" نقول بموجبه لأن التوارث تفاعل، و لا تفاعل عندنا في ميراثهما، و اللفظ يستدعي الطرفين كالتضارب و لا يكون إلا من اثنين، قالوا: و حب رسول الله لأبي طالب معلوم مشهور، و لو كان كافرا ما جاز له حبه، لقوله تعالى" لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ" الآية.

قالوا: و قد اشتهر و استفاض الحديث، و هو قوله صلى الله عليه و آله لعقيل:" أنا أحبك حبين حبا لك و حبا لحب أبي طالب عليه السلام لك، فإنه كان يحبك".

قالوا: و خطبة النكاح مشهورة خطبها أبو طالب عند نكاح محمد صلى الله عليه و آله خديجة و هي قوله:" الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، و زرع إسماعيل، و جعل لنا بلدا حراما، و بيتا محجوبا، و روي محجوبا، و جعلنا الحكام على الناس، ثم إن محمد بن عبد الله ابن أخي من لا يوازن به، فتى من قريش إلا رجح عليه برا و فضلا و حرما و عقلا و رأيا و نبلا، و إن كان في المال قل فإنما المال ظل زائل، و عارية مسترجعة، و له في خديجة بنت خويلد رغبة، و لها فيه مثل ذلك، و ما أحببتم من الصداق فعلي. و له و الله بعد بناء شائع، و خطب جليل" قالوا: أ فتراه يعلم بناءه الشائع، و خطبه الجليل، ثم يعانده و يكذبه، و هو من أولي الألباب هذا غير سائغ في المعقول.

قالوا: و قد روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 372

إن أصحاب الكهف أسروا الإيمان، و أظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين و إن أبا طالب أسر الإيمان و أظهر الشرك، فآتاه الله أجره مرتين" و في الحديث الصحيح المشهور إن جبرئيل قال له ليلة مات أبو طالب: اخرج منها فقد مات ناصرك.

" و أما حديث الضحضاح من النار فإنما يرويه الناس كلهم عن رجل واحد و هو المغيرة بن شعبة، و بغضه لبني هاشم و على الخصوص لعلي عليه السلام مشهور معلوم و قصة و فسقه غير خاف.

قالوا: و قد روي بأسانيد كثيرة بعضها عن العباس بن عبد المطلب، و بعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة أن أبا طالب ما مات حتى قال:" لا إله إلا الله محمد رسول الله" و الخبر مشهور أن أبا طالب عند الموت قال كلاما خفيا فأصغى إليه أخوه العباس ثم رفع رأسه إلى رسول الله فقال: يا بن أخي و الله لقد قالها عمك، و لكنه ضعف عن أن يبلغك صوته.

و روي عن علي عليه السلام أنه قال: ما مات أبو طالب حتى أعطى رسول الله من نفسه الرضا.

قالوا: و أشعار أبي طالب تدل على أنه كان مسلما، و لا فرق بين الكلام المنظوم و المنثور، إذا نظمتا إقرارا بالإسلام، أ لا ترى أن يهوديا لو توسط جماعة من المسلمين و أنشد شعرا قد ارتجله، و نظمه يتضمن الإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه و آله لكنا نحكم بإسلامه، كما لو قال أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله فمن تلك الأشعار قوله:

         يرجون منا خطة دون نيلها             ضراب و طعن بالوشيج المقوم‏

             يرجون أن نسخى بقتل محمد             و لم تختضب سم العوالي من الدم‏

             كذبتم و بيت الله حتى تقلقوا             جماجم يلقى بالحطيم و زمزم‏

 

 

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 373

         و يقطع أرحام و تنسى حليلة حليلا             و يغشى محرم بعد محرم‏

             على ما مضى من مقتكم و عقوقكم             و غشيانكم في أمركم كل مأثم‏

             و ظلم نبي جاء يدعو إلى الهدي             و امرأتي من عند ذي العرش قيم‏

             فلا تحسبونا مسلمية فمثله             إذا كان في قوم فليس بمسلم‏

 و من شعر أبي طالب في أمر الصحيفة التي كتبها قريش في قطيعة بني هاشم:

         ألا أبلغا عني على ذات بينها             لؤيا و خصا من لؤي بني كعب‏

             أ لم تعلموا إنا وجدنا محمدا رسولا             كموسى خط في أول الكتب‏

             و أن عليه في العباد محبة             و لا حيف فيمن خصه الله بالحب‏

             و إن الذي رقشتم في كتابكم             يكون لكم يوما كراخية السقب‏

             أفيقوا أفيقوا قبل أن تحفر الزبا             و يصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب‏

             و لا تتبعوا أمر الغواة و تقطعوا             أواصرنا بعد المودة و الغرب‏

             و تستجلبوا حربا عوانا و ربما             أمر عن من ذاقه حلب الحرب‏

             فلسنا و بيت الله نسلم أحمد             الغراء من غض الزمان و لا كرب‏

             و لما يبن منا و منكم سوالف             و أيد أترت المهندة الشهب‏

             بمعترك ضنك ترى قصد القتابة             و الضياع العرج تعكف كالشرب‏

             كان مجال الخيل في حجراته             و غمغمة الأبطال معركة الحرب‏

             أ ليس أبونا هاشم شد أزره             و أوصى بنيه بالطعان و بالضرب‏

             و لسنا نمل الحرب حتى تملنا             و لا نشتكي مما ينوب من النكب‏

             و لكننا أهل الحفائظ و النهي             إذا طار أرواح الكمأة من الرعب‏

 و من ذلك قوله:

         فلا تسفهوا أحلامكم في محمد             و لا تتبعوا أمر الغواة الأشائم‏

 

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 374

         تمنيتم أن تقتلوه و إنما             أمانيكم هذى كأحلام نائم‏

             و إنكم و الله لا تقتلونه             و لما تروا قطف اللحى و الجماجم‏

             زعمتم بأنا مسلمون محمدا             و لما نقاذف دونه و نزاحم‏

             من القوم مفضال أبي على العدي             تمكن في الفرعين من آل هاشم‏

             أمين حبيب في العباد مسوم             بخاتم رب قاهر في الخواتم‏

             يرى الناس برهانا عليه و هيبة             و ما جاهل في قومه مثل عالم‏

             نبي أتاه الوحي من عند ربه             و من قال لا يقرع بها سن نادم‏

 و من ذلك قوله:

و قد غضب لعثمان بن مظعون الجمحي حين عذبته قريش و نالت منه.

         أمن تذكر دهر غير مأمون             أصبحت مكتئبا تبكي كمحزون‏

             أم من تذكر أقوام ذوي سفه             يغشون بالظلم من يدعو إلى الدين‏

             أ لا ترون أذل الله جمعكم             إنا غضبنا لعثمان بن مظعون‏

             و نمنع الضيم من يبغي مضامتنا             بكل مطرد في الكف مسنون‏

             و مرهفات كان الملح خالطها             يشفي بها الداء من هام المجانين‏

             حتى تقر رجال لا حلوم لها             بعد الصعوبة بالاسماح و اللين‏

             أو تؤمنوا بكتاب منزل عجب             على نبي كموسى أو كذي النون‏

 قالوا: و قد جاء في الخبر أن أبا جهل بن هشام جاء مرة إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و هو ساجد، و بيده حجر يريد أن يرضخ به رأسه فلصق الحجر بكفه فلم يستطع ما أراد فقال أبو طالب في ذلك من جملة أبيات:

         أفيقوا بني عمنا و انتهوا             عن الغي من بعض ذا المنطق‏

             و إلا فإني إذا خائف             بوائق في داركم تلتقي‏

 

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 375

         كما ذاق من كان من قبلكم             ثمود و عاد و من ذا بقي‏

 و منها:

         و أعجب من ذاك في أمركم             عجائب في الحجر الملصق‏

             بكف الذي قام من حينه             إلى الصابر الصادق المتقي‏

             فأثبته الله في كفه             على رغمه الخائن الأحمق‏

 قالوا: و قد اشتهر عن عبد الله المأمون أنه كان يقول: أسلم أبو طالب و الله بقوله:

         نصرت الرسول رسول المليك             ببيض تلألأ كلمع البروق‏

             أذب و أحمي رسول الإله             حماية حام عليه شفيق‏

             و ما إن أدب لأعدائه             دبيب البكار حذار الفنيق‏

             و لكن أزير لهم ساميا             كما زار ليث بغيل مضيق‏

 قالوا: و جاء في السيرة و ذكره أكثر المؤرخين أن عمرو بن العاص لما خرج إلى بلاد الحبشة ليكيد جعفر بن أبي طالب و أصحابه عند النجاشي، قال:

         تقول ابنتي أين الرحيل؟             و ما البين مني بمستنكر

             فقلت دعيني فإني امرؤ             أريد النجاشي في جعفر

             لأكويه عنده كية             أقيم بها نخوة الأصعر

             و لن أنثني عن بني هاشم             بما أسطعت في الغيب و المحضر

             و عن عائب اللات في قوله             و لو لا رضا اللات لم تمطر

             و إني لأشني قريش له             و إن كان كالذهب الأحمر

 قالوا فكان عمرو يسمى الشانئ ابن الشانئ لأن أباه كان إذا مر عليه رسول‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 376

الله صلى الله عليه و آله بمكة يقول له: و الله إني لأشنؤك و فيه أنزل" إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ".

قالوا: فكتب أبو طالب إلى النجاشي شعرا يحرضه فيه على إكرام جعفر و أصحابه و الإعراض عما يقوله عمرو فيه و فيهم من جملته:

         ألا ليت شعري كيف في الناس جعفر             و عمرو و أعداء النبي الأقارب‏

             و هل نال إحسان النجاشي جعفرا             و أصحابه أم عاق عن ذاك شاغب‏

 في أبيات كثيرة.

قالوا: و روي عن علي عليه السلام أنه قال: قال لي أبي: يا بني ألزم ابن عمك، فإنك تسلم به من كل بأس عاجل و آجل ثم قال لي:

         إن الوثيقة في لزوم محمد             فاشدد بصحبته على أيديكا

 و من شعره المناسب لهذا المعنى قوله:

         إن عليا و جعفرا ثقتي             عند ملم الزمان و النوب‏

             لا تخذلا و انصرا ابن عمكما             أخي لأمي من بينهم و أبي‏

             و الله لا أخذل النبي و لا             يخذله من بني ذو حسب‏

 قالوا: و قد جاءت الرواية أن أبا طالب لما مات جاء علي عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه و آله فإذنه بموته، فتوجع عظيما و حزن شديدا، ثم قال له: امض فتول غسله فإذا رفعته على سريره فأعلمني، ففعل، فاعترضه رسول الله صلى الله عليه و آله و هو محمول على رؤوس الرجال فقال له: وصلتك رحم يا عم و جزيت خيرا، فلقد ربيت و كفلت صغيرا، و نصرت و آزرت كبيرا، ثم تبعه إلى حفرته فوقف عليه، و قال أما و الله لاستغفرن لك، و لأشفعن فيك شفاعة يعجب لها الثقلان.

قالوا: و المسلم لا يجوز أن يتولى غسل الكافر، و لا يجوز للنبي إن يرق‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 377

لكافر، و لا أن يدعو له بخير، و لا أن يعده بالاستغفار و الشفاعة، و إنما تولى علي عليه السلام غسله لأن طالبا و عقيلا لم يكونا أسلما بعد، و كان جعفر بالحبشة، و لم تكن صلاة الجنائز شرعت بعد، و لا صلى رسول الله صلى الله عليه و آله على خديجة، و إنما كان تشييع ورقة و دعاء.

قالوا: و من شعر أبي طالب يخاطب أخاه حمزة و كان يكنى أبا يعلى.

         فصبرا أبا يعلى على دين أحمد             و كن مظهرا للدين وفقت صابرا

             و حط من أتى بالحق من عند ربه             بصدق و عزم لا تكن حمز كافرا

             فقد سرني إذ قلت إنك مؤمن             فكن لرسول الله في الله ناصرا

             و باد قريشا بالذي قد أتيته             جهارا و قل ما كان أحمد ساحرا

 قالوا: و من شعره المشهور.

         أنت النبي محمد             قرم أعز مسود

             لمسودين أكارم             طابوا و طاب المولد

             نعم الأرومة أصلها             عمر و الخضم الأوحد

             هشم الربيكة في الجفان             و عيش مكة أنكد

             فجرت بذلك سنة             فيها الخبيزة تثرد

             و لنا السقاية للحجيج             بها يماث العنجد

             و المأزمان و ما حوت             عرفاتها و المسجد

             أنى تضام و لم أمت             و أنا الشجاع العربد

 

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 378

         و بطاح مكة لا يرى             فيها نجيع أسود

             و بنو أبيك كأنهم             أسد العرين توقد

             و لقد عهدتك صادقا             في القول لا تتزيد

             ما زلت تنطق بالصواب             و أنت طفل أمرد

 قالوا: و من شعره المشهور أيضا قوله يخاطب محمدا صلى الله عليه و آله، و يسكن جأشه و يأمره بإظهار الدعوة.

         لا يمنعنك من حق تقوم به             أيد تصول و لا سلق بأصوات‏

             فإن كفك كفى إن بليت بهم             و دون نفسك نفسي في الملمات‏

 و من ذلك قوله: (و يقال إنها لطالب بن أبي طالب)

          إذا قيل من خير هذا الورى             قبيلا و أكرمهم أسره‏

             أناف لعبد مناف أب             و فضله هاشم العزة

             لقد حل مجد بني هاشم             مكان النعائم و النثرة

             و خير بني هاشم أحمد             رسول الإله على فترة

 و من ذلك قوله:

         لقد أكرم الله النبي محمدا             فأكرم خلق الله في الناس أحمد

             و شق له من اسمه ليجله             فذو العرش محمود و هذا محمد

 و قوله أيضا: (و قد يروى لعلي عليه السلام)

          يا شاهد الله علي فاشهد             أني على دين النبي أحمد

             من ضل في الدين فإني مهتد

 

 قالوا: فكل هذه الأشعار قد جاءت مجي‏ء التواتر، لأنه إن لم تكن آحادها متواترة فمجموعها يدل على أمر واحد مشترك، و هو تصديق محمد صلى الله عليه و آله و مجموعها

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 379

متواتر، كما أن كل واحدة من قتلات علي عليه السلام الفرسان منقولة آحادا، و مجموعها متواتر، يفيدنا العلم الضروري بشجاعته، و كذلك القول فيما روي من سخاء حاتم، و حلم الأحنف و معاوية، و ذكاء إياس و خلاعة أبي نواس و غير ذلك.

قالوا: و اتركوا هذا كله جانبا ما قولكم في القصيدة اللامية التي شهرتها كشهرة- قفا نبك- و إن جاز الشك فيها أو في شي‏ء من أبياتها جاز الشك في- قفا نبك- و في بعض أبياتها و نحن نذكر منها هنا قطعة، و هي قوله:

         أعوذ برب البيت من كل طاعن             علينا بسوء أو ملح بباطل‏

             و من فاجر يغتابنا بمغيبة             و من ملحق في الدين ما لم نحاول‏

             كذبتم و بيت الله يبزى محمد             و لما نطاعن دونه و نناضل‏

             و ننصره حتى نصرع دونه             و نذهل عن أبنائنا و الحلائل‏

             و حتى نرى ذا الردع يركب ردعه             من الطعن فعل الأنكب المتحامل‏

             و ينهض قوم في الحديد إليكم             نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل‏

             و إنا و بيت الله من جد جدنا             لتلتبسن أسيافنا بالأماثل‏

             بكل فتى مثل الشهاب سميدع             أخي ثقة عند الحفيظة باسل‏

             و ما ترك قوم لا أبا لك سيدا             يحوط الذمار غير نكس مؤاكل‏

             و أبيض يستسقي الغمام بوجهه             ثمال اليتامى عصمة للأرامل‏

             يلوذ به الهلاك من آل هاشم             فهم عنده في نعمة و فواضل‏

 

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 380

         و ميزان صدق لا يخيس شعيرة             و وزان صدق وزنه غير عائل‏

             أ لم تعلموا أن ابننا لا مكذب             لدينا و لا يعبأ بقول الأباطل‏

             لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد             و أحببته حب الحبيب المواصل‏

             وجدت بنفسي دونه فحميته             و دافعت عنه بالذرى و الكواهل‏

             فلا زال للدنيا جمالا لأهلها             و شينا لمن عادى و زين المحافل‏

             و أيده رب العباد بنصره             و أظهر دينا حقه غير باطل‏

 و ورد في السيرة و المغازي أن عتبة بن ربيعة أو شيبة لما قطع رجل عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب يوم بدر أشبل عليه علي و حمزة فاستنقذاه منه، و خبطا عتبة بسيفيهما حتى قتلاه، و احتملا صاحبهما من المعركة إلى العريش، فألقياه بين يدي رسول الله صلى الله عليه و آله و إن مخ ساقه ليسيل، فقال: يا رسول الله لو كان أبو طالب حيا لعلم أنه قد صدق في قوله:

         كذبتم و بيت الله نخلي محمدا             و لما نطاعن دونه و نناضل‏

             و ننصره حتى نصرع حوله             و نذهل عن أبنائنا و الحلائل‏

 فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه و آله: استغفر له و لأبي طالب يومئذ، و بلغ عبيدة مع النبي صلى الله عليه و آله إلى الصفراء و مات فدفن بها.

قالوا: و قد روي أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و آله في عام جدب فقال:

أتيناك يا رسول الله صلى الله عليه و آله و لم يبق لنا صبي يرتضع و لا شارف يجتر، ثم أنشده:

         أتيناك و العذراء تدمى لبانها             و قد شغلت أم الرضيع عن الطفل‏

             و ألقى بكفيه الفتى لاستكانة             من الجوع حتى ما يمر و لا يحلي‏

 

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 381

         و لا شي‏ء مما يأكل الناس عندنا             سوى الحنظل العامي العلهز الفسل‏

             و ليس لنا إلا إليك فرارنا             و أين فرار الناس إلا إلى الرسل‏

 فقام النبي صلى الله عليه و آله يجر رداءه حتى صعد المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، و قال:

" اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريعا سجالا غدقا طبقا دائما درا تحيي به الأرض و تنبت به الزرع، و تدر به الضرع، و اجعله سقيا نافعا عاجلا غير رائث" فو الله ما رد رسول الله صلى الله عليه و آله يده إلى نحره حتى ألقت السماء أرواقها و جاء الناس يضجون الغرق الغرق يا رسول الله صلى الله عليه و آله فقال: اللهم حوالينا، و لا علينا فانجاب السحاب عن المدينة حتى استدار حولها كالإكليل، فضحك رسول الله صلى الله عليه و آله حتى بدت نواجذه ثم قال: لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عينه من ينشدنا قوله؟ فقام علي فقال:

يا رسول الله صلى الله عليه و آله لعلك أردت: و أبيض يستسقي الغمام بوجهه؟ قال: أجل فأنشده أبياتا من هذه القصيدة، و رسول الله يستغفر لأبي طالب على المنبر.

ثم قام رجل من كنانة فأنشده:

         لك الحمد و الحمد ممن شكر             سقينا بوجه النبي المطر

             دعا الله خالقه دعوة             إليه و أشخص منه البصر

             فما كان إلا كما ساعة             أو أقصر حتى رأينا الدرر

             دفاق العزالي و جم البعاق             أغاث به الله عليا مضر

             فكان كما قاله عمه             أبو طالب ذو رواء غرر

             به يسر الله صوب الغمام             فهذا العيان و ذاك الخبر

 

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 382

         فمن يشكر الله يلق المزيد             و من يكفر الله يلقى الغير

 فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: إن يكن شاعر أحسن فقد أحسنت.

قالوا: و إنما لم يظهر أبو طالب الإسلام و يجاهر به، لأنه لو أظهره لم يتهيأ له من نصرة النبي ما تهيأ له، و كان كواحد من المسلمين الذين اتبعوه نحو أبي بكر و عبد الرحمن بن عوف و غيرهما ممن أسلم، و لم يتمكن من نصرته و القيام دونه حينئذ، و إنما تمكن أبو طالب من المحاماة عنه بالثبات في الظاهر على دين قريش و إن أبطن الإسلام كما لو أن إنسانا كان يبطن التشيع مثلا، و هو في بلد من بلاد الكرامية، و له في ذلك البلد وجاهة و قدم، و هو يظهر مذهب الكرامية و يحفظ ناموسه بينهم بذلك، و كان في ذلك البلد نفر يسير من الشيعة، لا يزالون ينالون بالأذى و الضرر من أهل ذلك البلد، و رؤسائه، فإنه ما دام قادرا على إظهار مذهب أهل البلد يكون أشد تمكنا من المدافعة و المحاماة عن أولئك النفر، فلو أظهر ما يجوز من التشيع و كاشف أهل البلد بذلك صار حكمه حكم واحد من أولئك النفر، و لحقه من الأذى و الضرر ما يلحقهم، و لم يتمكن من الدفاع أحيانا عنهم، كما كان أولا انتهى كلامه.

و قد أشبعنا الكلام في ذلك في كتاب بحار الأنوار و سنورد تمام هذا الكلام في شرح كتاب الحجة، و فيما ذكرنا هيهنا كفاية لمن له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 383

 (الحديث الحادي و الستون و الأربعمائة)

 (1): مرسل.

و محمد بن أحمد

 (2) في أول السند، مجهول.

و لا يبعد أن يكون محمد بن أحمد بن علي بن الصلت القمي الذي ذكره الصدوق في إكمال الدين أن أباه كان يروي عنه، و أثنى عليه، و قد روى عنه في عرض هذا الكتاب كثيرا.

قوله عليه السلام:" صلة الإمام"

 (3) أي هي أفضل أفراده، و يحتمل اختصاصه بها.

 (الحديث الثاني و الستون و الأربعمائة)

 (4): حسن.

قوله عليه السلام:" إن خيرا فخيرا"

 (5) قال الفاضل الأسترآبادي: إن قلت: هذا مناف لما تقدم من تساوي الخوف و الرجاء، قلت: غير مناف، لأن المراد أنه ينبغي أن يكون اجتناب المؤمن عن المحرمات اجتناب من أشرف على النار، و أن يكون اشتغاله بالعبادات اشتغال من علم أنه من أهل الجنة، و بالجملة ما تقدم ناظر إلى العمل و ما تأخر ناظر إلى الاعتقاد و الاعتماد على أن كرمه تعالى و رحمته أزيد من تقصيرات العباد بمراتب لا تحصى، و على أن رحمته سبقت غضبه.

أقول: قد حققنا في موضعه أن الخوف إنما هو من نفسه و قبائح أعماله و رذائل أخلاقه، و عجزه و شرور نفسه، و نقصه و معائبه، و الرجاء إنما هو من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 384

جوده تعالى و لطفه و كرمه و إحسانه، و كماله و استغنائه و فيضه و فضله، فلذا لا ينافي كمال الخوف هنا من كمال الرجاء، فحسن الظن بالرب تعالى لا ينافي الخوف بسوء الظن بالنفس الأمارة بالسوء، و قد سبق تحقيقه في كتاب الإيمان و الكفر و قد أومأنا هيهنا إلى ما يمكن أن يهتدى به الفطن اللبيب.

 (الحديث الثالث و الستون و الأربعمائة)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" أما لو كنت تقدمت إليك"

 (2) أي لو كنت أدركتك عند خروجك من المدينة، لعلمتك أن لا تفعل ما فعلت، أو المراد لو كنت نصحتك و أوصيت إليك قبل هذا و علمت أنه لا ينبغي ذلك، ثم فعلت ما فعلت لضربتك و أدبتك.

قال الفيروزآبادي: تقدم إليه في كذا أمره و أوصاه به.

قوله عليه السلام:" واحد شيطان"

 (3) قال الجزري: فيه" الراكب شيطان، و الراكبان شيطانان، و الثلاثة ركب" يعني الانفراد و الذهاب في الأرض على سبيل الوحدة من فعل الشيطان أو يحمله على الشيطان، و كذلك الراكبان و هو حث على اجتماع الرفقة في السفر انتهى.

و يحتمل أن يكون المراد أن الشيطان يستولي عليه، و يعبث به و يلقى عليه الوساوس و المخاوف كما يومئ إليه ما سيأتي.

قوله عليه السلام:" و ثلاثة صحب"

 (4) جمع صاحب، كركب و راكب، و يفهم منه أن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 385

بالثلاثة يخرج، عن الكراهة، لكن لا يحصل العمل بالمستحب من الرفقة إلا بالأربعة.

 (الحديث الرابع و الستون و الأربعمائة)

 (1): مجهول.

قوله صلى الله عليه و آله:" إلا كثر لغطهم"

 (2) قال الجزري: اللغط- و يحرك- صوت و ضجة لا يفهم معناه.

 (الحديث الخامس و الستون و الأربعمائة)

 (3): مرسل.

قوله عليه السلام:" فهو غاو"

 (4) أي ضال عن طريق الحق أو يضل في سفره، و الأول أظهر.

قوله عليه السلام:" و الثلاثة نفر"

 (5) أي جماعة يصح أن يجتزئ بهم في السفر، قال الجوهري: النفر- بالتحريك- عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة.

ثم اعلم أن ظاهر بعض الأخبار أن المراد رفيق الزاد، و ظاهر بعضها رفيق السير فلا تغفل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 386

 (الحديث السادس و الستون و الأربعمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و خبائك"

 (2) هي- ككتاب- الخيمة، و

المخرز

 (3): ما يخرز به الخف و نحوه.

 (الحديث السابع و الستون و الأربعمائة)

 (4): ضعيف على المشهور.

 (الحديث الثامن و الستون و الأربعمائة)

 (5): حسن.

يدل كسابقه على استحباب تطييب الزاد في السفر لا سيما سفر الحج و العمرة.

 (الحديث التاسع و الستون و الأربعمائة)

 (6): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 387

قوله:" و أشار بيده إلى الأرض"

 (1) أي القبر أو جنة الدنيا و نارها اللتان تكون فيهما أرواح المؤمنين، و الكفار في البرزخ، أو الأرض في زمن القائم أو أرض القيامة و لا يخفى بعد الأولين.

 (الحديث السبعون و الأربعمائة)

 (2): مرسل.

قوله عليه السلام:" يسقطون"

 (3) أي بالاستغفار لهم كما يشهد به استشهاده بالآية.

 (الحديث الحادي و السبعون و الأربعمائة)

 (4): ضعيف. و يمكن عده في الحسان، لأنه روى عن أبي الخطاب في حال استقامته، و هذا الإشكال يرجع إلى الإشكال في مسألة كلامية كما لا يخفى.

قوله عليه السلام:" بطاعة"

 (5) على هذا التأويل لما كان ترك طاعة من أمر الله تعالى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 388

بطاعته بمنزلة الشرك بالله، حيث لم يطع الله في ذلك، و أطاع شياطين الجن و الإنس، فلذا عبر عن طاعة ولي الأمر بذكر الله وحده، أو لأن توحيده تعالى لما لم يعلم إلا بالأخذ عنهم، سمي ولايتهم توحيدا، و

الاشمئزاز

 (1): الانقباض و الإنكار.

 (الحديث الثاني و السبعون و الأربعمائة)

 (2): مجهول.

قوله تعالى:" فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ"

 (3) أي استقبلها بالأخذ و القبول و العمل بها حين علمها.

قوله:- و في رواية أخرى‏

 (4) أقول: وردت الروايات الكثيرة بذلك، و قد أوردناها في كتاب بحار الأنوار و سبق بعضها في كتاب الحجة و لا تنافي بينها و بين الخبر الأول لإمكان الجمع بينهما بجمعه عليه السلام بينهما.

 (الحديث الثالث و السبعون و الأربعمائة)

 (5): صحيح.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 389

قوله عليه السلام:" لما رأى إبراهيم عليه السلام مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ"

 (1) أقول: هذا إشارة إلى قوله تعالى:" وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ" و الملكوت هو الملك، و التاء للمبالغة كالرغبوت من الرغبة و الرهبوت من الرهبة، و اختلف المفسرون في تفسير هذه الإراءة على قولين.

الأول: إن الله أراه الملكوت بالعين، قالوا: إن الله تعالى شق له السماوات حتى رأى العرش و الكرسي و إلى حيث ينتهي إليه العالم الجسماني من جهة الفوق، و شق له الأرض إلى حيث ينتهي إلى السطح الآخر من العالم الجسماني، و رأى ما في السماوات من العجائب و البدائع، و رأى ما في باطن الأرض من العجائب و البدائع، و رووا عن ابن عباس نحوا مما في الكتاب.

و الثاني: أن هذه الإراءة كانت بعين البصيرة و العقل، لا بالبصر الظاهر و الحس الظاهر، و كل منهما محتمل.

و الثاني أظهر بحسب العقل، و الأول ألصق بما روي في ذلك من النقل، كما روي في تفسير الإمام أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: إن إبراهيم الخليل لما رفع في الملكوت، و ذلك قول ربي:" وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ" قوي الله بصره لما رفعه دون‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 390

السماء حتى أبصر الأرض و من عليها ظاهرين و مستترين. ثم ذكر نحوا مما في هذا الخبر.

و روى الصفار في البصائر بعدة طرق عن الصادق و الباقر عليهما السلام في تفسير هذه الآية أنهما قالا: كشط لإبراهيم عن السماوات السبع حتى نظر إلى ما فوق العرش، و كشط له عن الأرض حتى رأى ما في الهواء، و فعل بمحمد صلى الله عليه و آله مثل ذلك، و إني لأرى صاحبكم و الأئمة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك.

و روي أيضا بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله" وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ" الآية قال: فكنت مطرقا إلى الأرض فرفع يده إلى فوق ثم قال لي: ارفع رأسك فرفعت رأسي فنظرت إلى السقف قد انفجر حتى خلص بصري إلى نور ساطع حار بصري دونه، قال: ثم قال لي: رأى إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض هكذا إلى آخر ما أوردناه في كتابنا الكبير و لا استبعاد في ذلك لجواز أن يرفع الله تعالى عنه موانع الرؤية في تلك الحالة.

قوله عليه السلام:" قال: كيف تخرج"

 (1) هذا تفسير

لقوله تعالى" كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى‏"

 (2) أي إذا أكل بعض تلك الحيوانات بعضا، و تولد من تلك الأجزاء الغذائية مني و صار مادة لحيوان آخر، فتلك الأجزاء مع أي البدنين تعود؟ و أراد عليه السلام بهذا السؤال‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 391

أن يظهر للناس جواب تلك الشبهة التي تمسكت بها الملاحدة المنكرون للمعاد، حيث قالوا: لو أكل إنسان إنسانا و صار غذاء له و جزء من بدنه، فالأجزاء المأكولة إما أن تعاد في بدن الأكل أو في بدن المأكول و أياما كان لا يكون أحدهما بعينه معادا بتمامه على أنه لا أولوية لجعلها جزء من أحدهما دون الآخر، و لا سبيل إلى جعلها جزء من كل منهما، و أيضا إذا كان الآكل كافرا و المأكول مؤمنا يلزم تنعيم الأجزاء العاصية أو تعذيب الأجزاء المطيعة.

و أجيب بأنا نعني بالحشر إعادة الأجزاء الأصلية الباقية من أول العمر إلى آخره، لا الحاصلة بالتعذية فالمعاد من كل من الأكل و المأكول الأجزاء الأصلية الحاصلة في أول الفطرة من غير لزوم فساد.

ثم أوردوا على ذلك بأنه يجوز أن يصير تلك الأجزاء الأصلية في المأكول الفضلية في الأكل نطفة و أجزاء أصلية لبدن آخر و يعود المحذور.

و أجيب: بأنه لعل الله تعالى يحفظها من أن تصير جزء لبدن آخر، فضلا عن أن تصير جزء أصليا و ظاهر الآية على التنزيل الوارد في هذا الخبر أنه إشارة إلى هذا الكلام، أي أنه تعالى يحفظ أجزاء المأكول في بدن الأكل و يعود في الحشر إلى بدن المأكول كما أخرج تلك الأجزاء المختلطة، و الأجزاء و الأعضاء الممتزجة من تلك الطيور و ميز بينها.

و تفصيل القول في ذلك يقتضي مقاما آخر يسع التطويل و الإطناب، و فيما ذكرنا غنية لأولي الألباب.

قوله تعالى:" وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي"

 (1) قال الرازي في تفسيره، ذكر في سبب سؤال إبراهيم عليه السلام وجوه.

الأول: قال الحسن و الضحاك و قتادة و عطاء و ابن جريح: إنه رأى جيفة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 392

مطروحة في شط البحر فإذا مد البحر أكل منها دواب البحر و إذا جزر البحر جاءت السباع و أكلت، و إذا ذهبت السباع جاءت الطيور و أكلت و طارت فقال إبراهيم" رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى‏" تجمع أجزاء الحيوان من بطون السباع و الطيور و دواب البحر فقيل:" أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى‏" و لكن المطلوب من السؤال أن يصير العلم الاستدلالي ضروريا.

الوجه الثاني: قال محمد بن إسحاق و القاضي: سبب السؤال أنه مع مناظرته مع نمرود لما قال:" رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ" فأطلق محبوسا و قتل رجلا، فقال إبراهيم: ليس هذا بإحياء و إماتة و عند ذلك قال:

" رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى‏" لتنكشف هذه المسألة عند نمرود و أتباعه، و روي عن نمرود أنه قال: قل لربك حتى يحيي و إلا قتلتك، فسأل الله ذلك و قوله" لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" أي بنجاتي من القتل أو ليطمئن قلبي بقوة حجتي و برهاني، و أن عدولي منها إلى غيرها ما كان بسبب ضعف تلك الحجة، بل كان بسبب جهل المستمع.

و الوجه الثالث: قال ابن عباس و سعيد بن جبير و السدي أن الله تعالى أوحى إليه إني متخذ بشرا خليلا، فاستعلم ذلك إبراهيم و قال: إلهي ما علامة ذلك قال: علامته أنه يحيي الموتى بدعائه، فلما عظم مقام إبراهيم في درجات العبودية و أداء الرسالة خطر بباله إني لعلى أكون ذلك الخليل، فسأل إحياء الميت فقال:

أو لم تؤمن قال: بلى و لكن ليطمئن قلبي على أنني خليل لك.

الوجه الرابع: أنه عليه السلام إنما سأل ذلك لقومه، و ذلك أن الأنبياء كان أممهم يطالبونهم بأشياء تارة باطلة، و تارة حقة كقولهم لموسى:" اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ" فسأل ذلك إبراهيم، و المقصود أن يشاهده قومه، فيزول الإنكار عن قلوبهم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 393

الوجه الخامس: ما خطر ببالي فقلت: لا شك أن الأمة كما يحتاجون في العلم بأن الرسول صادق في ادعاء الرسالة إلى معجز يظهر عليه، فكذلك الرسول عند وصول الملك إليه و إخباره إياه بأن الله بعثه رسولا يحتاج إلى معجز يظهر مع ذلك الملك، ليعلم الرسول أن ذلك الملك الواصل ملك كريم، لا شيطان رجيم و كذا إذا سمع الملك كلام الله يحتاج إلى معجز يدل على أن ذلك الكلام كلام الله تعالى، لا كلام غيره، و إذا كان كذلك فلا يبعد أن يقال: إنه لما جاء الملك إلى إبراهيم و أخبره بأن الله تعالى بعثك رسولا إلى الخلق طلب المعجز. فقال:

" رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى‏ قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى‏ وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" على أن الآتي ملك كريم لا شيطان رجيم.

الوجه السادس: و هو على لسان أهل التصوف أن المراد من الموتى القلوب المحجوبة عن أنوار المكاشفات و التجلي، و الإحياء عبارة عن حصول ذلك التجلي و الأنوار الإلهية، فقوله:" أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى‏" طلب ذلك التجلي و المكاشفة فقال: أو لم تؤمن فقال: بلى أو من به و لكن أطلب حصولها ليطمئن قلبي بسبب حصول ذلك التجلي.

أقول: ثم ذكر وجوها أخر لا طائل في ذكرها.

و يؤيد الوجه الثالث: ما رواه الصدوق بإسناده، عن علي بن محمد بن الجهم أنه سأل المأمون الرضا عليه السلام عن هذه الآية فقال عليه السلام: إن الله كان أوحى إلى إبراهيم عليه السلام إني متخذ من عبادي خليلا إن سألني إحياء الموتى أجبته، فوقع في نفس إبراهيم أنه ذلك الخليل فقال:" رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى‏ قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى‏ وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" على الخلة قال:" فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَ‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 394

إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى‏ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" فأخذ إبراهيم عليه السلام نسرا و بطأ و طاووسا و ديكا، فقطعهن و خلطهن ثم جعل على كل جبل من الجبال التي حوله و كانت عشرة منهن جزء، و جعل مناقيرهن بين أصابعه، ثم دعاهن بأسمائهن و وضع عنده حبا و ماء، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الأبدان، و جاء كل بدن حتى انضم إلى رقبته و رأسه، فخلى إبراهيم عن مناقيرهن، فطرن ثم وقعن فشربن من ذلك الماء و التقطن من ذلك الحب، و قلن يا نبي الله أحييتنا أحياك الله، فقال إبراهيم بل الله يحيي الموتى و هو على كل شي‏ء قدير.

قوله تعالى:" فَصُرْهُنَّ"

 (1) قيل: هو مأخوذ من صاره يصوره إذا أماله، ففي الكلام تقدير أي أملهن و ضمهن إليك، و قطعهن ثم اجعل، و قال ابن عباس و ابن جبير و الحسن و مجاهد:" صرهن إليك" معناه قطعهن يقال صار الشي‏ء يصوره صورا إذا قطعته، و ظاهر قوله:" فقطعهن" أنه تفسير لقوله تعالى" فَصُرْهُنَّ" و يحتمل أن يكون بيانا لحاصل المعنى، فلا ينافي الأول.

قوله عليه السلام:" و كانت الجبال عشرة"

 (2) و أخبار أهل البيت عليه السلام في ذلك مستفيضة و عليه فرعوا أن لو أوصى رجل بجزء من ماله أنه ينصرف إلى عشر و قال بعض مفسري العامة إن المراد جميع جبال الدنيا بحسب الإمكان، و قال بعضهم: إنها كانت أربعة، و قال بعضهم: إنها كانت سبعة.

تذنيب:

اعلم إن القول بالمعاد الجسماني مما اتفقت عليه جميع أصحاب الشرائع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 395

و الأديان، و هو من ضروريات الدين، و إنكاره خروج عن الإسلام و الإيمان و الآيات الكريمة في ذلك مصرحة بحيث لا تقبل التأويل، و الأخبار متواترة لا يمكن ردها و الطعن فيها، و نفاه أكثر ملاحدة الفلاسفة تمسكا بامتناع إعادة المعدوم و لم يقيموا دليلا عليه، بل تمسكوا تارة بادعاء البداهة، و تارة بشبهات واهية لا يخفى ضعفها على من تأمل فيها بعين البصيرة.

و أما المتكلمون القائلون بالمعاد الجسماني فقد اختلفوا في كيفيته، فمنهم من قال بإعادة البدن المعدوم بعينه، و منهم من قال يجمع الله أجزاءه المتفرقة كما كانت أولا و هم الذين ينكرون جواز إعادة المعدوم موافقة للفلاسفة.

قال المحقق الدواني: لا يقال لو ثبت استحالة إعادة المعدوم لزم بطلان الوجه الثاني أيضا لأن أجزاء بدن الشخص كبدن زيد مثلا و إن لم يكن لها جزء صوري لا يكون بدن زيد إلا بشرط اجتماع خاص و شكل معين، فإذا تفرق أجزاؤه و انتفى الاجتماع و الشكل المعينان لم يبق بدن زيد، ثم إذا أعيد فإما أن يعاد ذلك الاجتماع و الشكل بعينها، أو لا؟ و على الأول يلزم إعادة المعدوم و على الثاني لا يكون المعاد بعينه هو البدن الأول بل مثله، و حينئذ يكون تناسخا و من ثمة قيل: ما من مذهب إلا و للتناسخ فيه قدم راسخ، لأنا نقول: إنما يلزم التناسخ لو لم يكن البدن المحشور مؤلفا من الأجزاء الأصلية للبدن الأول، و أما إذا كان كذلك فلا تستحيل إعادة الروح إليه، و ليس ذلك من التناسخ، و إن سمي ذلك تناسخا كان مجرد اصطلاح، فإن الذي دل على استحالته الدليل هو تعلق نفس زيد ببدن آخر، لا يكون مخلوقا من أجزاء بدنه، و أما تعلقه بالبدن المؤلف من أجزائه الأصلية بعينها مع تشكلها بشكل مثل الشكل السابق، فهو الذي نعنيه بالحشر الجسماني، و كون الشكل و الاجتماع بالشخص غير الشكل الأول و الاجتماع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 396

السابق لا يقدح في المقصود، و هو حشر الأشخاص الإنسانية بأعيانها فإن زيدا مثلا شخص واحد محفوظ وحدته الشخصية من أول عمره إلى آخره بحسب العرف و الشرع، و لذلك يؤاخذ شرعا بعد التبدل بما لزمه قبل، فكما لا يتوهم أن في ذلك تناسخا لا ينبغي أن يتوهم في هذه الصورة أيضا و إن كان الشكل الثاني مخالفا للشكل الأول كما ورد في الحديث أنه يحشر المتكبرون كأمثال الذر، و إن ضرس الكافر مثل أحد، و أن أهل الجنة جرد مرد مكحلون.

و الحاصل أن المعاد الجسماني عبارة عن عود النفس إلى بدن هو ذلك البدن بحسب العرف و الشرع، و مثل ذلك التبدلات و المغايرات التي لا تقدح في الوحدة بحسب العرف و الشرع لا يقدح في كون المحشر [المحشور] هو المبدأ فافهم. انتهى كلامه.

و خلاصة القول في ذلك أن للناس في تفرق الجسم و اتصاله مذاهب، فالقائلون بالهيولى يقولون بانعدام الصورة الجسمية و النوعية عند تفرق الجسم و النافون للهيولى كالمحقق الطوسي يقولون ببقاء الصورة الجسمية في الحالين، لكن لا ينفعهم ذلك في التفصي عن القول بإعادة المعدوم، إذ ظاهر أنه إذا أحرق جسد زيد و ذرت الرياح رماده في المشرق و المغرب لا يبقى تشخص زيد، بل لا بد من عود تشخصه بعد انعدامه، و القائلون بالجزء أيضا ظنوا أنهم قد فروا من ذلك لأنهم يقولون بتفرق الأجزاء و اتصالها من غير أن يعدم شي‏ء من الأجزاء، و يلزمهم ما يلزم الآخرين بعينه كما ذكره المحقق الدواني.

نعم ذكر بعض المتكلمين أن تشخص الشخص إنما هو بالأجزاء الأصلية المخلوقة من المني، و تلك الأجزاء باقية في مدة حياة الشخص و بعد موته، و تفرق أجزائه فلا يعدم الشخص أصلا، و ربما يستدل عليه ببعض النصوص، و على هذا لو عدم بعض العوارض الغير المشخصة و أعيد بدلها لا يقدح في كون الشخص باقيا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 397

بعينه.

فإذا عرفت هذا فاعلم أن القول بالمعاد على تقدير عدم القول بامتناع إعادة المعدوم حيث لم يتم الدليل عليه بين لا إشكال فيه، و على القول به يمكن أن يقال:

يكفي في المعاد كونه مأخوذا من تلك المادة بعينها أو من تلك الأجزاء بعينها مع كونه شبيها بذلك الشخص في الصفات و العوارض بحيث لو رأيته لقلت فلان، إذ مدار اللذات و الآلام على الروح، و لو بواسطة الآلات، و هو باق بعينه، و لا يدل النصوص إلا على إعادة ذلك الشخص، بمعنى أنه يحكم عليه عرفا أنه ذلك الشخص.

و ربما يعضد ذلك قوله تعالى:" أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ، و قوله تعالى:" كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ".

و سأل ابن أبي العوجاء الصادق عليه السلام عن الآية الأخيرة و قال: ما ذنب الغير؟ فقال عليه السلام: ويحك هي هي و هي غيرها، قال: فمثل لي ذلك [لذلك‏] شيئا من أمر الدنيا قال: نعم أ رأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها ثم ردها في ملبنها فهي هي و هي غيرها.

على أنا لم نكلف إلا بالتصديق بالحشر الجسماني مجملا و لم نكلف بالعلم بكيفيتها و ربما يؤدي التفكر في ذلك إلى القول بشي‏ء مخالف للواقع، و لم نكن معذورين في ذلك، و بعد ما علم أصل الحشر بالنصوص القطعية و ضرورة الدين فلا يجوز للعاقل أن يصغي إلى شبه الملحدين و عسى أن نبسط القول في ذلك في كتاب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 398

بحار الأنوار.

 (الحديث الرابع و السبعون و الأربعمائة)

 (1): حسن.

قوله عليه السلام:" إن المريخ كوكب حار"

 (2) يمكن تأثير الكوكبين بالخاصية لا بالكيفية، من قبيل التأثيرات التي تنسب إلى المقارنات، و يكون لكل منهما تدوير، و يكون ارتفاع المريخ في تدويره إما مؤثرا ناقصا أو علامة لزيادة الحرارة و تكون ارتفاعه عند انحطاط زحل بحركة تدويره و انحطاطه مؤثرا ناقصا أو علامة لضعف البرودة، فلذا يصير الهواء في الصيف حارا و في الشتاء بعكس ذلك، و لم يدل دليل على امتناع ذلك كما أن في القمر يقولون أن قوته و ارتفاعه مؤثر و علامة لزيادة البرد و الرطوبات و قد أثبتوا أفلاكا جزئية كثيرة لكل من تلك الكواكب عند احتياجهم إليها، فلا ضير في أن نثبت فلكا آخر لتصحيح الخبر المنسوب إلى الإمام عليه السلام و سيأتي الكلام في تعلم علم النجوم و القول بتأثيرها فيما بعد إن شاء الله تعالى.

قوله:" فيعلو زحل"

 (3) في بعض النسخ [فيجلو] و هو إما من الجلاء بمعنى الخروج و المفارقة عن المكان، أي يأخذ في الارتفاع، أو من الجلاء بمعنى الوضوح و الانكشاف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 399

قوله عليه السلام:" و أنا عبد رب العالمين"

 (1) لعله كان في المجلس من يذهب مذهب الغلاة، أو علم عليه السلام أن في قلب الراوي شيئا من ذلك، فنفاه و إذ عن بعبودية نفسه و أن الله هو رب العالمين.

 (الحديث الخامس و السبعون و الأربعمائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فقد قضى نحبه"

 (3) إشارة إلى قوله تعالى:" مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا".

قال الشيخ الطبرسي: أي بايعوا أن لا يفروا فصدقوا في لقائهم العدو" فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ" أي مات أو قتل في سبيل الله فأدرك ما تمنى فذلك قضاء النحب، و قيل: قضى نحبه معناه فرغ من عمله و رجع إلى ربه يعني من استشهد يوم أحد، عن محمد بن إسحاق، و قيل: معناه قضى أجله على الوفاء و الصدق عن الحسن، و قال ابن قتيبة: أصل النحب النذر، و كان قوم نذروا إن يلقوا العدو أن يقاتلوا حتى يقتلوا أو يفتح الله فقتلوا، فقيل: فلان قضى نحبه إذا قتل، و قال ابن إسحاق" فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ" من استشهد يوم بدر و أحد" وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ" ما وعد الله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 400

من نصره أو شهادة على ما مضى عليه أصحابه" وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" أي ما غيروا العهد الذي عاهدوا ربهم كما غير المنافقون.

قال ابن عباس: فمن قضى نحبه حمزة بن عبد المطلب و من قتل معه، و أنس ابن النضر و أصحابه و قال الكلبي: ما بدلوا العهد بالصبر و لا نكثوه بالفرار، و روى أبو القاسم الحسكاني بالإسناد، عن عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق، عن علي عليه السلام قال: فينا نزلت" رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ" فأنا و الله المنتظر و ما بدلت تبديلا.

أقول غرضه صلى الله عليه و آله: أن شيعة أمير المؤمنين ممدوحون بهذه الآية حيث صدقوا ما عاهدوا الله عليه من ولاية أئمة الحق، و نصرتهم فمن مات منهم وفى بنذره و عهده حيث كان ثابتا على نصرة الحق. متهيئا لمعاونة إمام المسلمين، موفيا لعهده غير ناكث و لا مبدل، و مات على ذلك، و من لم يمت فهو ينتظر دولة الحق و غلبة إمامه أو قيام القائم عليه السلام، و يأتي الله برزقه في كل صباح و مساء، و يزيد في إيمانه و يقينه كل حين.

قوله: و في نسخة [نور]

 (1) أي بدل- إيمان- أي يفيض الله عليه في كل صباح و مساء نورا من الإيمان، و العلم و الهداية و التوفيق.

 (الحديث السادس و السبعون و الأربعمائة)

 (2): ضعيف على المشهور.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 401

قوله صلى الله عليه و آله:" يعمهم الله منه بعقاب"

 (1) كاستيلاء الظلمة و أهل البدع، و غيبة الإمام المهدي عليه السلام و غير ذلك، مما ابتلي به الناس في تلك الأزمنة.

 [الحديث السابع و السبعون و الأربعمائة] حديث الفقهاء و العلماء

 (2) (الحديث السابع و السبعون و الأربعمائة): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" و من أصلح سريرته"

 (3) أي قلبه و نياته و بواطن أموره،

 (الحديث الثامن و السبعون و الأربعمائة)

 (4): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 402

قوله صلى الله عليه و آله:" أنا و أنتم على ترعة"

 (1) أي قال ذلك مخاطبا لقوم كان أبو ذر فيهم و إنما ذكر ذلك لتأييد كلام الرجل.

قال الجزري: الترعة: في الأصل الروضة على المكان المرتفع خاصة، فإذا كانت في المطمئن فهي روضة، و قيل: الترعة: الدرجة، و قيل: الباب.

أقول: الأول هنا أظهر، و يحتمل الثاني.

قوله:" فقد نهى السلطان"

 (2) أي عثمان عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين.

 (الحديث التاسع و السبعون و الأربعمائة)

 (3): ضعيف على المشهور.

قوله صلى الله عليه و آله:" يسمون به"

 (4) أي بالإسلام.

قوله صلى الله عليه و آله:" و إليهم تعود"

 (5) أي تعود ضرر الفتنة عليهم أكثر من غيرهم، لأنهم ضالون مضلون، أو تنسب فتن الناس إليهم، أو إليهم تأوي و تسكن الفتنة، و هم مرجعها و مآبها و بهم بقاؤها.

 (الحديث الثمانون و الأربعمائة)

 (6): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 403

قوله:" إن أمير المؤمنين"

 (1) يريد نفسه لعنه الله.

قوله:" أن يعضد شجر المدينة"

 (2) أي يقطعها.

قوله:" و أن يعور عيونها"

 (3) يقال: عورت الركية: أي طممتها و سددت أعينها التي ينبع منها الماء.

قوله عليه السلام:" فإنك من نسل أولئك"

 (4) أي من نسل أضرابهم و أشباههم من الأنبياء، أي هكذا كان فعال الأنبياء، و أنت من نسل الأنبياء، فينبغي أن يكون فعالك كفعالهم، إذ لم يكن من نسل هؤلاء الأنبياء،- أو هكذا كان فعال الأنبياء بإيمانهم [بأعيانهم‏]- لأنه كان من ولد إسماعيل.

 (الحديث الحادي و الثمانون و الأربعمائة)

 (5): موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 404

قوله تعالى:" وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا"

 (1) قال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان: قال ابن عباس: كانت اليهود يستفتحون أي يستنصرون على الأوس و الخزرج برسول الله صلى الله عليه و آله قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب و لم يكن من بني إسرائيل كفروا به و جحدوا ما كانوا يقولونه فيه فقال لهم معاذ بن جبل و بشر بن البراء بن معرور: يا معشر اليهود اتقوا الله و أسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد و نحن أهل الشرك و تصفونه و تذكرون أنه مبعوث، فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشي‏ء نعرفه، و ما هو بالذي كنا نذكر لكم فأنزل الله هذه الآية ثم ذكر هذا الخبر عن العياشي.

ثم قال في تفسير الاستفتاح: فيه وجوه.

أحدها: إن معناه يستنصرون أي يقولون في الحرب: اللهم افتح علينا و انصرنا بحق النبي الأمي، اللهم انصرنا بحق النبي المبعوث إلينا، فهم يسألون الفتح الذي هو النصر.

و ثانيها: إنهم كانوا يقولون لمن ينابذهم هذا نبي قد أطل زمانه ينصرنا عليكم.

و ثالثها: معنى يستفتحون يتعلمون من علمائهم صفة نبي يبعث من العرب فكانوا يصفونه لهم فلما بعث أنكروه.

و رابعها: أن معنى يستفتحون يستحكمون ربهم على كفار العرب، كما قال:

         ألا أبلغ بني عصم رسولا             فإني عن فتاحتكم غني‏

 

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 405

انتهى.

قوله عليه السلام:" ما بين عير"

 (1) قال الجوهري: عير جبل بالمدينة.

و قال الفيروزآبادي:

حدد

 (2) محركة جبل بتيماء و قال‏

تيماء

 (3) اسم موضع.

أقول: لعله زيد ألف حداد من النساخ أو كان الجبل يسمى بكل منهما.

قوله:" ليس ذلك لأحد"

 (4) أي السلطنة في المدينة، لأن نزوله فيها كان على جهة السلطنة.

ثم اعلم أن نزول الأوس و الخزرج في المدينة منتظرين لبعثة النبي صلى الله عليه و آله لا ينافي كفرهم لأنهم كانوا على دين الكفر في ذلك الوقت، على أنه يمكن أن يكون‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 406

أولاد تلك الجماعة نسوا ذلك العهد.

 (الحديث الثاني و الثمانون و الأربعمائة)

 (1): حسن أو موثق.

 (الحديث الثالث و الثمانون و الأربعمائة)

 (2): حسن كالصحيح، و الشهيد الثاني عده صحيحا.

قوله:" الصيحة"

 (3) أي النداء الذي يأتي ذكره في الخبر الآتي" و الخسفة" هي خسف جيش السفياني بالبيداء.

قوله:" فقلت له: أ هي الصيحة؟"

 (4) الظاهر أنه عليه السلام قرره على أن المراد بها

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 407

الصيحة و بين أن الصيحة تصير سببا لخضوع أعناق أعداء الله.

أقول: قد أوردنا الأخبار الكثيرة في تفصيل كل من تلك العلامات في كتاب الغيبة من بحار الأنوار.

 (الحديث الرابع و الثمانون و الأربعمائة)

 (1): ضعيف و قد مر مثله.

 (الحديث الخامس و الثمانون و الأربعمائة)

 (2): ضعيف على المشهور.

قوله:" دخل قتادة بن دعامة"

 (3) من مشاهير محدثي العامة و مفسريهم، روي عن أنس بن مالك و أبي الطفيل و سعيد بن المسيب و الحسن البصري.

قوله:" فأنت أنت"

 (4) أي فأنت العالم المتوحد الذي لا يحتاج إلى المدح و الوصف، و ينبغي أن يرجع إليك في العلوم.

قوله تعالى:" وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ"

 (5). اعلم أن المشهور بين المفسرين أن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 408

هذه الآية لبيان حال تلك القرى في زمان قوم سبأ أي قدرنا سيرهم في القرى على قدر مقيلهم و مبيتهم لا يحتاجون إلى ماء و لا زاد لقرب المنازل، و للأمر في‏

قوله تعالى:" سِيرُوا"

 (1) متوجه إليهم على إرادة القول بلسان الحال أو المقال، و يظهر من كثير من أخبارنا أن الأمر متوجه إلى هذه الأمة، أو خطاب عام يشملهم أيضا.

قوله:" إن كنت إنما فسرت القرآن"

 (2) يدل كأخبار كثيرة على عدم جواز تفسير القرآن بالرأي و حملها الأكثر على المتشابهات، و لتفصيل الكلام في ذلك مقام آخر.

قوله عليه السلام:" و لم يعن البيت"

 (3) أي لا يتوهم أن المراد ميل القلوب إلى البيت و إلا لقال إليه، بل كان مراد إبراهيم أن يجعل الله ذريته الذين أسكنهم عند البيت أنبياء و خلفاء يهوي إليهم قلوب الناس، فالحج وسيلة للوصول إليهم، و قد استجاب الله هذا الدعاء في النبي و أهل بيته فهم دعوة إبراهيم.

قال الجزري: و منه الحديث" و سأخبركم بأول أمري دعوة أبي إبراهيم، و بشارة عيسى" دعوة إبراهيم هي قوله تعالى:" وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 409

آياتِكَ" و بشارة عيسى قوله:" وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ".

أقول: قد روى الصدوق في كتاب العلل لهذه الآية تأويلا آخر في خبر طويل" أنه دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أخبرني عن قول الله:" سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ" أين ذلك من الأرض؟ قال: أحسبه ما بين مكة و المدينة، فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلى أصحابه فقال تعلمون أن الناس يقطع عليهم بين المدينة و مكة فتؤخذ أموالهم و لا يؤمنون على أنفسهم و يقتلون، قالوا نعم، فسكت أبو حنيفة فلما خرج سأله أبو بكر الحضرمي عن ذلك؟ فقال: يا با بكر" سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ" فقال: مع قائمنا أهل البيت عليهم السلام.

و لا تنافي بينهما إذ كل منهما بطن من بطون الآية.

قوله عليه السلام:" لا جرم"

 (1) قال الجوهري: قال الفراء: هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد و لا محالة، فجرت على ذلك و كثرت حتى تحولت إلى معنى القسم، و صارت بمنزلة حقا، فلذلك يجاب عنه باللام كما يجاب بها عن القسم، أ لا تراهم يقولون لا جرم لأتينك، قال: و ليس قول من قال جرمت حققت بشي‏ء.

و قال الجزري: هي كلمة ترد بمعنى لا بد ثم استعملت في معنى حقا، و قيل: جرم بمعنى كسب، و قيل: بمعنى وجب و حق، و" لا" رد لما قبلها من الكلام ثم يبتدأ بها كقوله تعالى:" لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ" أي ليس الأمر كما قالوا، ثم ابتدأ فقال: وجب لهم النار.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 410

قوله عليه السلام:" لا فسرتها"

 (1) أي لا أفسرها بعد ذلك.

 (الحديث السادس و الثمانون و الأربعمائة)

 (2): ضعيف.

و روى علي بن إبراهيم في الحسن كالصحيح عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن جابر و روى الصدوق في أماليه، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن المفضل بن صالح.

قوله عليه السلام:" و لها هدة"

 (3) الهدة: صوت وقع الحائط و نحوه، و

الحطم‏

 (4): الكسر و التكسر، و يقال: تحطم غيظا أي تلظى، و يقال:

شهق يشهق‏

 (5): أي ارتفع، و شهيق الحمار آخر صوته، و زفيره أوله، و يقال الشهيق رد النفس، و الزفير إخراجه و يقال:

زفر يزفر زفرا و زفيرا

 (6) إذا أخرج نفسه بعد مده إياه، و زفر النار إذا سمع لتوقدها صوت.

قوله عليه السلام:" عنق"

 (7) قال الجزري: فيه" يخرج عنق من النار" أي طائفة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 411

منها.

قوله عليه السلام:" الأمانة و الرحمة"

 (1) الأمانة: أداء الحقوق إلى الله، و إلى الخلق و عدم الخيانة فيها، و الرحمة: الترحم على العباد و ترك ظلمهم و إعانتهم، و في روايتي الصدوق و علي بن إبراهيم [الرحم‏] بدون التاء فيمكن أن يقرأ بكسر الحاء بمعنى صلة الرحم.

قوله عليه السلام:" عليها رب العالمين"

 (2) كذا في رواية علي بن إبراهيم أيضا و في رواية الصدوق [عليها عدل رب العالمين‏] فعلى الأول لعل المراد أنه تعالى يسأله هناك عن سائر أعماله أو يقضي عليه هناك بعلمه فيما كان بينه و بين الله، و لم يطلع عليه غيره تعالى، أو يسأل عنه فيما كان من حقوقه تعالى دون حقوق الناس، و على الثاني فالظاهر المعنى الوسط.

قوله تعالى:" إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ"

 (3). قال الفيروزآبادي: المرصاد الطريق و المكان يرصد فيه العدو.

قوله عليه السلام:" يتهافتون فيها"

 (4) قال الجوهري: تهافت الفراش في النار أي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 412

تساقط.

 (الحديث السابع و الثمانون و الأربعمائة)

 (1): حسن أو موثق.

قوله تعالى:" فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ"

 (2) قال الشيخ الطبرسي (ره) معناه سارعوا إلى الخيرات عن الربيع و الخيرات هي الطاعات لله تعالى، و قيل: معناه بادروا إلى القبول من الله فيما يأمركم به، مبادرة من يطلب السبق إليه عن الزجاج، و قيل:

معناه تنافسوا فيما رغبتم فيه من الخير، فلكل عندي ثوابه عن ابن عباس، و

قوله:

" أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ"

 (3) أي حيثما متم من بلاد الله سبحانه يأت بكم الله إلى المحشر يوم القيامة، و روي في أخبار أهل البيت عليهم السلام أن المراد به أصحاب المهدي في آخر الزمان، قال الرضا عليه السلام، و ذلك و الله أن لو قام قائمنا يجمع الله إليه جميع شيعتنا من جميع البلدان انتهى.

أقول: لا يبعد إرادتهما معا من الآية، أي" أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ" إذا أراد ذلك في أي وقت أراد في زمان القائم، و في القيامة و غيرهما.

قوله عليه السلام:" و هم و الله الأمة المعدودة"

 (4) أي الذين ذكرهم الله في قوله:" وَ

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 413

لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى‏ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ".

و قال الشيخ الطبرسي (ره): معناه و لئن أخرنا عن هؤلاء الكفار عذاب الاستئصال إلى أجل مسمى و وقت معلوم، و الأمة: الحين، و قيل: إلى أمة أي إلى جماعة يتعاقبون فيصرون على الكفر، و لا يكون فيهم من يؤمن كما فعلنا بقوم نوح، و قيل: معناه إلى أمة بعد هؤلاء نكلفهم فيعصون فتقتضي الحكمة إهلاكهم، و إقامة القيامة.

و قيل: إن الأمة المعدودة هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا كعدة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف، و هو المروي، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام، انتهى.

قوله عليه السلام:" كقزع الخريف"

 (1) قال الجزري: في حديث علي عليه السلام" فيجتمعون إليه كما تجتمع قزع الخريف" أي قطع السحاب المتفرقة و إنما خص الخريف لأنه أول الشتاء و السحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم، و لا مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك.

 (الحديث الثامن و الثمانون و الأربعمائة)

 (2): مجهول.

قوله عليه السلام:" سيروا البردين"

 (3) البردان الغداة و العشي.

قوله:" إنا نتخوف الهوام"

 (4) هي جمع هامة، و هي الدابة، أو كل ذات سم يقتل، و الأول أظهر، و يمكن أن يقرأ بتشديد الواو و تخفيف الميم قال-

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 414

الفيروزآبادي: الهوام- كشداد-: الأسد.

قوله عليه السلام:" مع أنكم مضمونون"

 (1) أي أنتم معشر الشيعة ضمن الله لكم حفظكم أي غالبا أو مع التوكل و التفويض التام.

 (الحديث التاسع و الثمانون و الأربعمائة)

 (2): ضعيف على المشهور.

قوله:" فإن الأرض تطوى بالليل"

 (3) حمل على أنه كناية عن سهولة السير، و لا يبعد حمله على الحقيقة كما هو المصرح به في الخبر الآتي.

قال الجزري: في حديث السفر" اطو لنا الأرض" أي قربها و سهل السير فيها، حتى لا تطول علينا فكأنها قد طويت، و منه الحديث" إن الأرض لتطوي بالليل ما لا تطوي بالنهار" أي يقطع مسافتها لأن الإنسان فيه أنشط من النهار، و أقدر على المشي و السير لعدم الحر و غيره.

 (الحديث التسعون و الأربعمائة)

 (4): حسن.

 (الحديث الحادي و التسعون و الأربعمائة)

 (5): حسن.

و رواه الصدوق عن حماد بسند صحيح و يدل على أن السير في آخر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 415

الليل أسهل من سائره.

 (الحديث الثاني و التسعون و الأربعمائة)

 (1): موثق.

و رواه الصدوق في الفقيه بسند صحيح، عن أبي أيوب و روى في الخصال أيضا بسند صحيح، عن علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام، و كذا الحميري في قرب الإسناد و يدل كالأخبار الكثيرة على شؤم يوم الاثنين و على أن يوم الثلاثاء مختار للسفر.

 (الحديث الثالث و التسعون و الأربعمائة)

 (2): ضعيف.

و رواه الصدوق في الفقيه بسند صحيح و الظاهر رجوع ضمير عنه إلى أحمد كما يدل عليه رواية الصدوق في الخصال عن محمد بن الوليد، عن الصفار، عن أحمد ابن محمد، عن بكر بن صالح لكن المذكور في النجاشي رواية أبيه عنه، و يحتمل إرجاعه إلى إبراهيم بن هاشم فإنه ذكر الشيخ روايته عنه لكنه بعيد لفظا.

قوله عليه السلام:" الشؤم للمسافر"

 (3) أي ما يتشأم به الناس، و ربما تؤثر بتأثر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 416

النفس بها، و يرتفع تأثيرها بالتوكل، و بالدعاء المذكور في هذا الخبر و غيره، و قد بينا ذلك في الطيرة.

قوله عليه السلام:" خمسة"

 (1) كذا في الخصال و محاسن البرقي و أكثر نسخ الفقيه و في بعضها [سبعة] و في بعضها [ستة] و في الفقيه" و الكلب الناشر" و في نسخ الكتاب و في الخصال" و الناشر" بدون ذكر الكلب، فيكون نوعا آخر لشؤم الغراب، و في المحاسن بدون الواو أيضا، فيكون صفة أخرى للغراب.

فقد ظهر أن الظاهر على بعض النسخ" ستة" و على بعضها" سبعة" فالخمسة إما من تصحيف النساخ أو مبني على عد الثلاثة المنصوصة واحدا أو عد الكلب و الذئب واحدا لأنهما من السباع، و الغراب و البوم واحدا لأنهما من الطير، و يمكن عطف المرأة على بعض النسخ، و الأتان على بعضها على الخمسة لشهرتها بينهم، أو لزيادة شؤمها.

قوله عليه السلام:" و هو مقع"

 (2) يقال: أقعى الكلب إذا جلس على استه مفترشا رجليه و ناصبا يديه، و الظاهر رجوع ضميري‏

يرتفع‏

 (3) و

ينخفض‏

 (4) إلى الذئب، و يقال إن هذا دأبه غالبا يفعل ذلك لإثارة الغبار في وجه الإنسان، و قيل: هما يرجعان إلى صوته أو إلى ذنبه و لا يخفى بعدهما.

قوله عليه السلام:" و الظبي السانح من يمين"

 (5) قال الجزري: البارح: ضد السائح فالسائح ما مر من الطير و الوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك، و العرب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 417

يتيمن به لأنه أمكن للرمي و الصيد البارح ما مر من يمينك إلى يسارك، و العرب يتطير به لأنه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف و نحوه قال الجوهري و غيره فالمراد بالسانح هنا المعنى اللغوي من قولهم. سنح له أي عرض له و ظهر.

و قال الكفعمي (ره): منهم من يتيمن بالبارح و يتشأم بالسانح كأهل الحجاز و أما النجديون فهم على العكس من ذلك.

قوله عليه السلام:" و المرأة الشمطاء"

 (1) قال الجوهري: الشمط: بياض شعر الرأس يخالط سواده، و الرجل أشمط، و المرأة شمطاء.

قوله عليه السلام:" تلقى فرجها"

 (2) الظاهر أنه كناية عن استقبالها إياك و مجيئها من قبل وجهك فإن فرجها من قدامها.

و قال الفاضل الأسترآبادي: الظاهر أن المراد من قوله:" تلقاء فرجها" أن تستقبلك بفرج خمارها فتعرف أنها شمطاء.

و قال غيره: يحتمل أن يكون المراد افتراشها على الأرض من الإلقاء و يحتمل أن يكون كناية عن كونها زانية، و يحتمل أن يكون [تتلقى‏] بحذف تاء واحدة فالمراد مواجهتها لفرجها، بأن تكون جالسة بحيث يواجه الشخص فرجها، و لا يخفى بعد تلك الوجوه و ركاكتها.

قوله عليه السلام:" و الأتان العضباء"

 (3) أي المقطوعة الأذن و لذلك فسره بالجدعاء لئلا يتوهم أن المراد المشقوقة الأذن.

قال الجوهري:" ناقة عضباء" أي مشقوقة الأذن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 418

و قال الفيروزآبادي: العضباء: الناقة المشقوقة الأذن، و من أذان الخيل التي جاوز القطع ربعها.

 (الحديث الرابع و التسعون و الأربعمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" لعلمه بهم"

 (2) أي بأنهم يصيرون من شيعة الأئمة عليهم السلام و مواليهم.

و

قوله عليه السلام:" قبل أن يخلق"

 (3) إما متعلق بالتزيين، أو به، و بالعلم على سبيل التنازع.

 (الحديث الخامس و التسعون و الأربعمائة)

 (4): مجهول.

قوله عليه السلام:" و ما يدري ما تقولون"

 (5) أي بالاستدلال، بل قال به على سبيل التقليد لحسن ظنه بكم و حبه لكم، و يمكن حمله على المستضعفين من المخالفين.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 419

 (الحديث السادس و التسعون و الأربعمائة)

 (1): مجهول و قيل ضعيف.

قوله:" و على الظهر"

 (2) أي طريق البر.

قوله عليه السلام:" تزاوروا"

 (3) يدل على استحباب تزاور المؤمنين من بلد إلى بلد لإحياء أمور الدين.

قوله عليه السلام:" إذا ذكر الله"

 (4) أي ذلك المسلم أو الأخ، و يمكن أن يقرأ على المجهول فيشملهما.

 (الحديث السابع و التسعون و الأربعمائة)

 (5): حسن.

قوله عليه السلام:" إلا أهل البيوتات"

 (6) أي ذوي الأحساب و الأنساب الشريفة، و البيت يكون بمعنى الشرف.

قوله عليه السلام:" و المعدن"

 (7) قال الجوهري: المعدن: مركز كل شي‏ء، و منه الحديث" فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا نعم" أي أصولها التي ينسبون إليها و يتفاخرون بها.

قوله عليه السلام:" من هؤلاء و هؤلاء"

 (8) أي العرب و العجم، و

الدنس‏

 (9):- محركة-

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 420

الوسخ، و ينسب إلى الثوب و العرض و النسب و الخلق، أي ذي النسب أو الأخلاق‏

" و الملصق"

 (1) بتشديد الصاد و يخفف- الدعي المتهم في نسبه، و الرجل المقيم في الحي و ليس منهم بنسب، و قد وردت الأخبار المتواترة على أن حب أهل البيت علامة طيب الولادة، و بغضهم علامة خبثها، و قد أوردناها في باب مفرد في كتاب بحار الأنوار.

 (الحديث الثامن و التسعون و الأربعمائة)

 (2): صحيح.

قوله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً"

 (3) قال ابن الأثير في الكامل و غيره من المؤرخين و المفسرين إن بني إسرائيل لما طال عليهم البلاء و طمع فيهم الأعداء و أخذ التابوت عنهم، فصاروا بعده لا يلقون ملكا إلا خائفين، فقصدهم جالوت و كان ملكه ما بين مصر و فلسطين، فظفر بهم، و ضرب عليهم الجزية و أخذ منهم التوراة، فدعوا الله أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه، فبعث الله إليهم إشمويل، فدعاهم فكذبوه، ثم أطاعوه فأقام يدبر أمرهم عشر سنين، و قيل أربعين سنة، و كانت العمالقة مع ملكهم جالوت قد عظمت نكايتهم في بني إسرائيل حتى كادوا يهلكونهم فلما رأى بنو إسرائيل ذلك، قالوا ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال" هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا، قالُوا وَ ما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ قَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَ أَبْنائِنا" فدعا الله فأرسل إليه عصا و قرنا فيه دهن و قيل له: إن صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا، فإن أدخل عليكم رجل فنشر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 421

الدهن الذي في القرن فهو ملك بني إسرائيل، فأدهن رأسه به و ملكه عليهم فقاسوا أنفسهم بالعصا فلم يكونوا مثلها، و قيل: كان طالوت دباغا، و قيل: كان سقاء يسقي الماء و يبيعه فضل حماره فانطلق يطلبه، فلما اجتاز بالمكان الذي فيه إشمويل دخل يسأله أن يدعو له ليرد الله حماره، فلما دخل نشر الدهن فقاسوه بالعصا فكان مثلها،" ف قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً" و هو طالوت، و بالسريانية شاول بن قيس بن أيمال ابن ضرار بن يحرف بن أفتح بن أيش بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق، فقالوا له ما كنت قط أكذب منك الساعة، و نحن في سبط المملكة و لم يؤت طالوت سعة من المال، فنتبعه فقال إشمويل:" إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ" فقالوا: إن كنت صادقا فأت بآية فقال:

" إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى‏ وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ"

 (1) و السكينة: رأس هروقيل طست من ذهب يغسل فيها قلوب الأنبياء، و قيل غير ذلك، و فيه الألواح و هي من در و ياقوت و زبرجد، و أما البقية فهي عصا موسى و رضاضة الألواح، فحملته الملائكة، و أتت به إلى طالوت نهارا بين السماء و الأرض، و الناس ينظرون، فأخرجه طالوت إليهم، فأقروا بملكه ساخطين، و خرجوا معه كارهين و هم ثمانون ألفا فلما خرجوا قال لهم طالوت‏

" إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي"

 (2) و هو نهر فلسطين و قيل هو الأردن" فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا" و هم أربعة ألف، فمن شرب منه عطش، و من لم يشرب منه إلا غرفة روى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 422

فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ" لقيهم جالوت و كان ذا بأس شديد فلما رأوه رجع أكثرهم" و قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ" و لم يبق معه غير ثلاثمائة و بضعة عشر، عدة أهل بدر فلما رجع من رجع‏

" قالوا كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ"

 (1) و كان فيهم أيشا أبو داود و معه من أولاده ثلاثة عشر ابنا، و كان داود أصغر بنيه و قد خلفه يرعى لهم، و يحمل إليهم الطعام، و كان قد قال، لأبيه ذات يوم يا أبتاه ما أرمي بقذافتي شيئا إلا صرعته و قال له: لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسدا رابضا فركبت عليه فأخذت بأذنيه فلم أخفه، ثم أتاه يوما آخر، فقال له: إني لأمشي بين الجبال فأسبح فما يبقى جبل إلا سبح معي، قال: أبشر فإن هذا خير أعطاكه الله، فأرسل الله تعالى إلى النبي الذي مع الطالوت، قرنا فيه دهن و تنور من حديد، فبعث الله إلى طالوت، و قال: إن صاحبكم الذي يقتل جالوت يوضع هذا الدهن على رأسه، ليغلي حتى يسيل من القرن، و لا يجاوز رأسه إلى وجهه و يبقى على رأسه كهيأة الإكليل، و يدخل في هذا التنور فيملأه، فدعا طالوت بني إسرائيل فخبرهم فلم يوافقه منهم أحد، فأحضر داود من رعيه فمر في طريقه بثلاثة أحجار، فكلمته و قلن، خذنا يا داود فأقتل جالوت، فأخذهن و جعلهن في مخلاة، و كان طالوت قد قال: من قتل جالوت زوجته ابنتي، و أجريت خاتمة في مملكتي، فلما جاء داود وضعوا القرن على رأسه فغلى حتى ادهن منه، و لبس التنور فملأه، و كان داود مسقاما أزرق مصغارا، فلما دخل في التنور تضايق عليه حتى ملأه، و فرح إشمويل، و طالوت و بنو إسرائيل بذلك، و تقدموا إلى جالوت و صفوا للقتال و خرج داود نحو جالوت و أخذ الأحجار و وضعها في قذافته، و رمي بها جالوت، فوقع الحجر بين عينيه، فنقبت رأسه و قتله و لم يزل الحجر يقتل كل من أصابته ينقذ منه إلى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 423

غيره، فانهزم عسكر جالوت بإذن الله، و رجع طالوت فأنكح ابنته داود و أجرى خاتمه في ملكه إلى آخر ما ذكروه.

و روى علي بن إبراهيم في تفسيره، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام أن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي و غيروا دين الله، و عتوا عن أمر ربهم و كان فيهم نبي يأمرهم و ينهاهم فلم يطيعوه. و روي أنه إرميا النبي- فسلط الله عليهم جالوت و هو من القبط فأذلهم، و قتل رجالهم و أخرجهم من ديارهم و أموالهم و استعبد نساءهم ففزعوا إلى نبيهم و قالوا سل الله أن يبعث لنا ملكا، نقاتل في سبيل الله و كانت النبوة في بني إسرائيل في بيت، و الملك و السلطان في بيت آخر لم يجمع الله لهم النبوة و الملك في بيت، فمن ذلك قالوا ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" فقال لهم نبيهم هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا، قالُوا وَ ما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ قَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَ أَبْنائِنا" و كان كما قال الله تعالى" فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ف قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً" فغضبوا من ذلك و قالوا" أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ" و كانت النبوة في ولد لاوي، و الملك في ولد يوسف، و كان طالوت من ولد ابن يامين أخي يوسف لأمه، لم يكن من بيت النبوة و لا من بيت المملكة فقال لهم نبيهم" إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ" و كان أعظمهم جسما و كان شجاعا قويا و كان أعلمهم إلا أنه كان فقيرا، فعابوه بالفقر فقالوا لم يؤت سعة من المال" وَ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 424

مُوسى‏ وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ" و كان التابوت الذي أنزله الله لأم موسى على موسى، فوضعته فيه أمه و ألقته في أليم فكان في بني إسرائيل معظما يتبركون به، فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح و درعه، و ما كان عنده من آيات النبوة و أودعه يوشع وصيه، فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به، و كان الصبيان يلعبون به في الطرقات، فلم يزل بنو إسرائيل في عز و شرف ما دام التابوت عندهم، فلما عملوا بالمعاصي و استخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم فلما سألوا النبي و بعث الله تعالى إليهم طالوت ملكا يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت كما قال الله:" إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى‏ وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قال: البقية ميراث ذرية الأنبياء. قوله:" فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ" فإن التابوت كان يوضع بين المسلمين فيخرج منه ريح طيبة لها وجه كوجه الإنسان.

حدثني أبي، عن الحسن بن خالد عن الرضا عليه السلام أنه قال السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الإنسان، و كان إذا وضع التابوت بين يدي المسلمين و الكفار فإن تقدم التابوت لا يرجع رجل حتى يقتل أو يغلب، و من رجع عن التابوت كفر و قتله الإمام، فأوحى الله إلى نبيهم أن جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى، و هو رجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه داود بن آسي و كان آسي راعيا و كان له عشرة بنين أصغرهم داود، فلما بعث طالوت إلى بني- إسرائيل و جمعهم لحرب جالوت بعث إلى آسي إن أحضر و أحضر ولدك فلما حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه الدرع درع موسى، منهم من طالت عليه، و منهم من قصرت عنه، فقال لآسي: هل خلفت من ولدك أحدا قال نعم أصغرهم تركته في الغنم راعيا فبعث إليه فجاء به، فلما دعي أقبل و معه مقلاع قال فنادته‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 425

ثلاث صخرات في طريقه، فقالت يا داود خذنا فأخذها في مخلاته، و كان شديد البطش قويا في بدنه شجاعا فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى فاستوى عليه، ففصل طالوت بالجنود، و قال لهم نبيهم يا بني إسرائيل" إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ" في هذه المفازة فمن شرب منه فليس مني من الله" و من لم يشرب فهو من الله إلا من اغترف غرفة بيده" فلما وردوا النهر أطلق الله لهم أن يغرف كل واحد منهم غرفة" فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ" فالذين شربوا كانوا ستين ألفا، و هذا امتحان امتحنوا به كما قال الله.

و روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: القليل الذين لم يشربوا و لم يغترفوا ثلاث مائة و ثلاث عشر رجلا فلما جاوزوا النهر و نظروا إلى جنود جالوت قال الذين شربوا منه لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ" و قال الذين لم يشربوا" رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً" وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ" فجاء داود عليه السلام فوقف بحذاء جالوت و كان جالوت على الفيل، و على رأسه التاج، و في جبهته ياقوتة يلمع نورها و جنوده بين يديه فأخذ داود عليه السلام من تلك الأحجار حجرا فرمى به في ميمنة جالوت فمر في الهواء، و وقع عليهم فانهزموا و أخذ حجرا آخر فرمى به مسيرة جالوت، فانهرموا و رمى جالوت بحجر فصك الياقوتة في جبهته و وصلا إلى دماغه و وقع إلى الأرض ميتا و هو قوله:" فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ".

قوله تعالى" إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ"

 (1) قال الشيخ الطبرسي (ره): أي مختبركم و ممتحنكم، و اختلف في النهر الذي ابتلوا به، فقيل: هو نهر بين الأردن و فلسطين عن قتادة و الربيع، و قيل: هو نهر فلسطين عن ابن عباس و السدي،

قوله تعالى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 426

" وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ"

 (1) أي و من لم طعم من ذلك الماء" فَإِنَّهُ مِنِّي" أي من أهل ولايتي و أوليائي، و هو من الطعم الذي هو ما يؤديه الذوق، أي لم يجد طعمه لا من الطعام و الطعم يوجد في الماء و في الطعام جميعا.

قوله عليه السلام:" إلا ثلاثمائة"

 (2) أقول: هذا موافق لقول جماعة من المفسرين كالحسن و قتادة و غيرهما و قيل: أكثر من ذلك و لا طائل في ذكره.

 (الحديث التاسع و التسعون و الأربعمائة)

 (3): مجهول.

قوله تعالى:" يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ"

 (4) قال الشيخ الطبرسي (ره): قيل كان هو الذي أنزل الله على أم موسى، و قيل: كان التابوت الذي أنزله الله على آدم فيه صور الأنبياء فتوارثته من آدم عليه السلام، و كان في بني إسرائيل يستفتحون به، و قال قتادة كان في برية التيه خلفه هناك يوشع بن نون، تحمله الملائكة إلى بني إسرائيل، و قيل:

كان قدر التابوت ثلاثة أذرع في ذراعين عليه صفائح الذهب، و كان من شمشاد، و كانوا يقدمونه في الحروب، و يجعلونه أمام جندهم، فإذا سمع من جوفه أنين، زف التابوت أي سار و كان الناس يسيرون خلفه، فإذا سكن الأنين وقف فوقفوا بوقوفه" فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ" قيل في التابوت نفسه، و قيل: فيما في التابوت، و اختلف في السكينة، فقيل إن السكينة التي كانت فيه ريح هفافة من الجنة لها وجه كوجه الإنسان، عن علي عليه السلام، و قيل: كان لها جناحان و رأس كرأس الهرة من الزبرجد و الزمرد عن مجاهد، و روي ذلك في أخبارنا، و قيل: كان فيه آية يسكنون إليها عن عطاء، و قيل: روح من الله يكلمهم بالبيان عند وقوع الاختلاف عن وهب‏

" وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى‏ وَ آلُ هارُونَ"

 (5) قيل إنها عصا موسى و رضاض الألواح عن ابن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 427

عباس و قتادة و السدي، و هو المروي عن أبي جعفر عليه السلام و قيل هو التوراة و شي‏ء من ثياب موسى عن الحسن، و قيل: و كان فيه لوحان أيضا من التوراة و قفيز من المن الذي كان ينزل عليهم، و نعلا موسى و عمامة هارون و عصاه هذه أقوال أهل التفسير في السكينة و البقية، و الظاهر إن السكينة أمنه و طمأنينة جعلها الله سبحانه فيه ليسكن إليه بنو إسرائيل" وَ بَقِيَّةٌ" جائز أن يكون بقية من العلم أو شيئا من علامات الأنبياء، و جاز أن يتضمنها جميعا على ما قاله الزجاج‏

" تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ"

 (1) قيل: حملته الملائكة بين السماء و الأرض حتى رآه بنو إسرائيل عيانا عن ابن عباس و الحسن، و قيل: لما غلب الأعداء على التابوت أدخلوه بيت الأصنام فأصبحت أصنامهم منكبه فأخرجوه و وضعوه ناحية من المدينة فأخذهم وجع في أعناقهم، و كل موضع وضعوه فيه ظهر فيه بلاء و موت و وباء فأشير عليهم بأن يخرجوا التابوت، فأجمع رأيهم على أن يأتوا به و يحملوه على عجلة و يشدوها إلى ثورين ففعلوا ذلك، و أرسلوا الثورين فجاءت الملائكة و ساقوا الثورين إلى بني إسرائيل فعلى هذا يكون معنى تحمله الملائكة تسوقه، كما تقول حملت متاعي إلى مكة، و معناه كنت سببا لحمله إلى مكة انتهى كلامه.

أقول: هذا الخبر يدل على أن الملائكة الحاملين لها كانوا على صورة البقرة ليشبه على الناس أمرهم أو لحكمة أخرى.

و روى الحميري في كتاب قرب الإسناد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي ابن أسباط، عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: السكينة ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الإنسان و رائحة طيبة، و هي التي أنزلت على إبراهيم، فأقبلت تدور حول أركان البيت، و هو يضع الأساطين، قلنا: هي من التي قال:" فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى‏ وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ" قال: تلك السكينة كانت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 428

في التابوت، و كانت فيها طست تغسل فيها قلوب الأنبياء، و كان التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء.

و روى الصدوق في كتاب معاني الأخبار، عن محمد بن الحسن، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته فقلت: جعلت فداك ما كان تابوت موسى و كم كان سعته؟ قال: ثلاث أذرع في ذراعين قلت: ما كان فيه؟ قال: عصا موسى و السكينة؟ قلت: و ما السكينة؟ قال: روح الله يتكلم، كانوا إذا اختلفوا في شي‏ء كلمهم و أخبرهم ببيان ما يريدون.

 (الحديث الخمسمائة)

 (1): مرسل.

قوله عليه السلام:" رضاض الألواح" و في بعض النسخ‏

 [رضراض الألواح‏]

 (2) و الرضراض: ما دق من الحصى، و رضاض الشي‏ء- بالضم- فتاته و المراد أجزاؤها المنكسرة بعد أن ألقاها موسى عليه السلام و ضمير

فيها

 (3) راجع إلى الألواح.

 (الحديث الحادي و الخمسمائة)

 (4): ضعيف.

قوله:" فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح"

 (5) اعلم أن الأصحاب اختلفوا في أن ولد البنت هل هو ولد حقيقة أم لا، و فرعوا عليه استحقاق الخمس و حرمة الزكاة على من كانت أمه هاشمية دون أبيه، و من أوصى بمال لولد فاطمة هل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 429

يدخل فيهم أولاد بناتها أم لا، و كذا لو وقف على ولده، هل يدخل فيهم ولد البنت فذهب الأكثر إلى عدم كونه ولدا حقيقة، و استدلوا عليه بأنه إنما تصدق الانتساب حقيقة إذا كان من جهة الأب عرفا فلا يقال تميمي إلا لمن انتسب إلى تميم بالأب، و لا حارثي إلا لمن انتسب إلى حارث بالأب، و يؤيده قول الشاعر.

         بنونا بنو أبنائنا و بناتنا             بنوهن أبناء الرجال الأباعد

 و ما رواه حماد بن عيسى مرسلا عن أبي الحسن الأول عليه السلام أنه قال: من كانت أمه من بني هاشم و أبوه من سائر قريش فإن الصدقة تحل له و ليس له من الخمس شي‏ء لأن الله يقول" ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ".

و خالفهم السيد المرتضى و ذهب إلى أن ابن البنت ولد، و ابن حقيقة، لقول النبي صلى الله عليه و آله للحسنين عليهما السلام:" هذان ابناي إمامان، قاما أو قعدا" و الأصل في الإطلاق الحقيقة.

و مال إلى ذلك شيخنا الطوسي (ره) حيث قال: و إذا جعل الله سبحانه عيسى من ذرية إبراهيم أو نوح ففي ذلك دلالة واضحة و حجة قاطعة على أن أولاد الحسن و الحسين ذرية رسول الله صلى الله عليه و آله على الإطلاق و أنهما ابنا رسول الله صلى الله عليه و آله و قد صح في الحديث أنه قال لهما عليهما السلام:" ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا" و قال للحسن عليه السلام:

" إن ابني هذا سيد" و أن الصحابة كانت تقول لكل منهما و من أولادهما: يا ابن رسول‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 430

الله صلى الله عليه و آله انتهى.

أقول: لا يخفى قوة هذا المذهب، و قد دلت عليه الأخبار الكثيرة، و قد استدل أئمتنا عليهم السلام على المخالفين في مقامات كثيرة كما ورد في الأخبار المتعددة و قد أوردناها في كتاب بحار الأنوار.

ثم اعلم أن الآية الأولى إنما تدل على أن ولد البنت يطلق عليه الذرية حقيقة، لكونها الأصل في الإطلاق، و هذا إنما ينفع فيما إذا أورد أو صدر بلفظ الذرية و بانضمام عدم القول بالفصل- أو ادعاء أن من كان ذرية حقيقة ولد حقيقة لشهادة العرف و اللغة- يتم المطلوب.

قوله:" و لا يكون من الصلب"

 (1) أقول: يحتمل أن يكون مراد القائل نفي الحقيقة، و حمل الآية على المجاز، و أنه إنما يكون حقيقة إذا كان من الصلب، و أن يكون غرضه تسليم كونه ولدا على الإطلاق، و منع كونه ولدا للصلب، و الثاني أظهر، لكن الاستدلال بالآية الثانية في مقابلة هذا المنع لا وجه له، و لذلك ذكر عليه السلام الآية الثالثة لإثبات ما منعه.

قوله:" و آخر يقول و أبناؤنا"

 (2) أي مجازا، فحمل الآية على المجاز، و لا يخفى ضعف هذا الجواب، إذ مدار الاستدلال على أن الأصل في الإطلاق الحقيقة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 431

فالحمل على التجوز يحتاج إلى دليل، و هذا الاستدلال أنفع للسيد كما عرفت.

قوله عليه السلام:" و هل كان يحل"

 (1) أقول: هذا الاستدلال مبني على تسليم الخصم بل اتفاق العلماء على دخول أولاد الأولاد مطلقا تحت هذه الآية، كما صرح به أكثر المفسرين.

قال الرازي: اتفقوا على أن هذه الآية تقتضي تحريم حليلة ولد الولد على الجد، و هذا يدل على أن ولد الولد يطلق عليه أنه من صلب الجد، و فيه دلالة على أن ولد الولد منسوب إلى الجد بالولادة.

و قال البيضاوي:

" مِنْ أَصْلابِكُمْ"

 (2) احتراز عن المتبنين لا عن أبناء الولد.

 (الحديث الثاني و الخمسمائة)

 (3): حسن و ربما قيل صحيح.

قوله عليه السلام:" فلان و فلان"

 (4) أي أبو بكر و عمر، اعلم أنه قد ثبت بالأخبار

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 432

المستفيضة من طرق أهل البيت أن أبا بكر و عمر و عثمان كانوا ممن فر يوم أحد، و ظاهر أكثر الأخبار أنه لم يثبت مع النبي صلى الله عليه و آله يومئذ إلا علي عليه السلام و أبو دجانة، و لا خلاف بين العامة أن عثمان كان من الفارين، و اختلفوا في عمر، و روى كثير منهم أنه فر و ذهب أكثرهم إلى أن أبا بكر لم يفر.

قال ابن أبي الحديد: قال الواقدي: حدثني موسى بن يعقوب عن عمته، عن أمها عن المقداد قال، لما تصاف القوم للقتال يوم أحد جلس رسول الله تحت راية مصعب بن عمير فلما قتل أصحاب اللواء هزم المشركون الهزيمة الأولى، و أغار المسلمون على معسكرهم ينهبونه، ثم كر المشركون على المسلمين، فأتوهم من خلفهم فتفرق الناس، و نادى رسول الله في أصحاب الألوية، فقتل مصعب بن عمير حامل لوائه صلى الله عليه و آله، و أخذ راية الخزرج سعد بن عبادة فقام، رسول الله تحتها و أصحابه محدقون به، و دفع لواء المهاجرين إلى الروم أحد بني عبد الدار آخر نهار ذلك اليوم، و نظرت إلى لواء الأوس مع أسيد بن حصين، فناوشوا المشركين ساعة و اقتتلوا على اختلاط من الصفوف و نادى المشركون بشعارهم- يا للعزى يا للهبل- فارجعوا و الله فينا قتلا ذريعا، و نالوا من رسول الله ما نالوا لا و الذي بعثه بالحق ما زال شبرا واحدا إنه لفي وجه العدو تتوب إليه طائفة من أصحابه مرة، و تتفرق عنه مرة، و كانت العصابة التي ثبتت مع رسول الله أربعة عشر رجلا، سبعة من المهاجرين و سبعة من الأنصار، فأما المهاجرون فعلي عليه السلام و أبو بكر و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص و طلحة بن عبيد الله و أبو عبيدة بن الجراح و الزبير بن العوام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 433

و أما الأنصار فالحباب بن المنذر و أبو دجانة و عاصم بن ثابت، و الحارث بن الصمة و سهل بن حنيف، و سعد بن معاذ، و أسيد بن حضير.

قال الواقدي: و قد روي أن سعد بن عبادة و محمد بن مسلمة ثبتا يومئذ و لم يفرا، و من روى ذلك جعلهما مكان سعد بن معاذ و أسيد بن حضير.

قال الواقدي: و بائعه يومئذ على الموت ثمانية، ثلاثة من المهاجرين، و خمسة من الأنصار أما المهاجرين فعلي و طلحة و الزبير، و أما الأنصار فأبو دجانة، و الحارث بن الصمة، و الحباب بن المنذر، و عاصم بن ثابت، و سهل بن حنيف، قال: و لم يقتل منهم ذلك اليوم أحد، و أما باقي المسلمين ففروا و رسول الله صلى الله عليه و آله يدعوهم في أخراهم حتى انتهى منهم إلى قريب من المهراس.

قال الواقدي: و حدثني عتبة بن جبير، عن يعقوب بن عمير بن قتادة قال: ثبت يومئذ بين يديه ثلاثون رجلا كلهم يقول: وجهي دون وجهك، و نفسي دون نفسك و عليك السلام غير مودع.

قلت: قد اختلف في عمر بن الخطاب هل ثبت يومئذ أم لا مع اتفاق الرواة كافة على أن عثمان لم يثبت فالواقدي ذكر أنه لم يثبت، و أما محمد بن إسحاق و البلاذري فجعلاه مع من ثبت، و لم يفر، و لم يختلف الرواة من أهل الحديث في أن أبا بكر لم يفر يومئذ، و أنه ثبت فيمن ثبت، و إن لم يكن نقل عنه قتل أو قتال و الثبوت جهاد و فيه وحده كفاية.

و أما رواة الشيعة فإنهم يروون أنه لم يثبت إلا على و طلحة و الزبير و أبو- دجانة، و سهل بن حنيف، و عاصم بن ثابت، و فيهم من يروي أنه ثبت معه أربعة عشر رجلا من المهاجرين و الأنصار، و لا يعدون أبا بكر و عمر منهم، روى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 434

كثير من أصحاب الحديث أن عثمان جاء بعد ثالثة إلى رسول الله صلى الله عليه و آله فسأله إلى أين انتهيت؟ فقال إلى الأعرض، فقال لقد ذهبت فيها عريضة إلى هنا كلام ابن أبي الحديد.

و العجب منه أنه نقل هنا اتفاق الرواة على أنه ثبت أبو بكر، و قال عند ذكر أجوبة شيخه أبي جعفر الإسكافي عما ذكره الجاحظ في فضل إسلام أبي بكر على إسلام علي عليه السلام: قال الجاحظ: و قد ثبت أبو بكر مع النبي يوم أحد كما ثبت علي عليه السلام فلا فخر لأحدهما على صاحبه في ذلك اليوم، قال شيخنا أبو جعفر: أما ثباته يوم أحد فأكثر المؤرخين و أرباب السيرة ينكرونه، و جمهورهم يروي أنه لم يبق مع النبي إلا على و طلحة و الزبير و أبو دجانة، و قد روي عن ابن عباس أنه قال: و لهم خامس و هو عبد الله بن مسعود، و منهم من أثبت سادسا، و هو المقداد بن عمر، و روى يحيى ابن سلمة بن كهيل قال: قلت لأبي: كم ثبت مع رسول الله صلى الله عليه و آله يوم أحد كل منهم يدعيه فقال: اثنان، قلت: من هما؟ قال: علي و أبو دجانة انتهى.

فقد ظهر أنه ليس ثبات أبي بكر أيضا مما أجمعت عليه رواتهم، مع اتفاق روايات الشيعة على عدمه، و هي محفوفة بالقرائن الظاهرة إذ من العلوم أنه مع ثباته لا بد أن ينقل منه إما ضرب أو طعن، و العجب منه أنه حيث لم يكن من الطاعنين كيف لم يصر من المطعونين، و لما لم يكن من الجارحين لم لم يكن من المجروحين، و إن لم يتحرك لقتال فلم لم يذكر في المقتولين، بل يمكن أن يقال:

لو كان حضر ميت تلك الواقعة لكان يذكر منه بعض ما ينسب إلى الإحياء، و أما الأخبار الدالة من طرق الشيعة على كون الثلاثة من المنهزمين، فقد أوردناها في كتاب بحار الأنوار و ذكرها هيهنا يوجب الإكثار.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 435

قوله عليه السلام:" حتى أثخنته الجراحة"

 (1) أي أوهنته و أثرت فيه.

قوله عليه السلام:" فلما أسقط"

 (2) هذا لا يدل على أنه قتل في تلك الواقعة فلا ينافي ما هو المشهور بين أرباب السير و الأخبار أنه بقي بعد النبي صلى الله عليه و آله فقيل: أنه قتل باليمامة، و قيل: شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام بعض غزواته، كما ذكره ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب و الأشهر أنه قتل باليمامة.

قوله:" فلم يزل كذلك حتى تقطع سيفه"

 (3) أقول: هذه الأمور من المشهورات بين المؤرخين و المحدثين من الفريقين.

قال ابن الأثير في كامل التواريخ: و كان الذي قتل أصحاب اللواء يومئذ عليا عليه السلام، قاله أبو رافع قال: فلما قتلهم أبصر رسول الله جماعة من المشركين، فقال لعلي عليه السلام احمل عليهم فحمل عليهم ففرقهم، و قتل منهم، ثم أبصر جماعة أخرى فقال له فاحمل عليهم، فحمل و فرقهم، و قتل منهم فقال جبرئيل يا رسول الله إن هذه المواساة فقال رسول الله إنه مني و أنا منه، فقال جبرئيل: و أنا منكما، قال:

فسمعوا صوتا لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي، انتهى.

أقول: قد ذكرنا مثله في خبر التسعين.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 436

قوله صلى الله عليه و آله:" و إن شئت لم يعيك"

 (1) أي إن أردت إن ذلك لا يصعب عليك، و لا تعجز عنه من الإعياء، يقال: عي بالأمر و عيي كرضى و تعايا و استعيا و تعيا إذا لم يهتد لوجه مراده، أو عجز عنه و لم يطق إحكامه.

قوله عليه السلام:" أقدم حيزوم"

 (2) قال الجزري: في حديث بدر:" أقدم حيزوم" جاء في التفسير أنه اسم فرس جبرئيل أراد أقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء.

قوله صلى الله عليه و آله:" قد ركبوا القلاص"

 (3) قال الجوهري: القلوص من النوق:

الشابة، و جمع القلوص قلص، و جمع القلص قلاص و قال: جنبت الدابة: إذا قدتها إلى جنبك.

قوله عليه السلام:" فإذا ارتحلوا"

 (4) قال: أي جبرئيل، و يحتمل أن يكون القائل أبا سفيان.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 437

قوله عليه السلام:" فقالوا رأينا عسكر محمد صلى الله عليه و آله"

 (1) إنما قالوا ذلك لما رأوا من عسكر الملائكة المتمثلين بصور المسلمين، و كان تعيير أهل مكة لأبي سفيان لهربه عن ذلك العسكر.

قوله عليه السلام:" على فرس أشقر"

 (2) قال الجوهري: الشقرة في الخيل حمرة صافية يحمر معها العرف و الذنب، فإن كان أسود فهو الكميت.

قوله عليه السلام:" و يثوبون إليه"

 (3) في أكثر النسخ بالثاء المثلثة أي يرجعون، و في بعضها بالتاء المثناة، أي يتوبون و يعتذرون من الهزيمة، و ترك القتال.

قوله عليه السلام:" و حز من البطون"

 (4) في أكثر النسخ بالحاء و الزاء المعجمة أي كن شددن بطونهن لئلا تبدوا عوراتهن لشق الجيوب، من قولهم حزمت الشي‏ء أي شددته، و في بعضها [حرصن‏] بالحاء و الصاد المهملتين أي شققن و خرقن، يقال:

حرص القصار الثوب أي خرقه بالدق، و في بعضها بالحاء و الضاد المعجمة على وزن التفعيل، يقال: أحرضه المرض إذا أفسد بدنه و أشفى على الهلاك.

أقول: تفصيل الكلام في هذه القصة موكول إلى كتب السير و التواريخ و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 438

التفاسير و قد بسطنا الكلام فيها في كتاب بحار الأنوار فلا نخرج عما جرينا في هذا الكتاب عليه من الاختصار.

 (الحديث الثالث و الخمسمائة)

 (1): حسن.

قوله صلى الله عليه و آله:" أبغوني"

 (2) قال الجزري: يقال: ابغني كذا بهمزة الوصل أي اطلب لي، و ابغني بهمزة القطع أي أعني على الطلب.

قوله عليه السلام:" من مزينة أو من جهينة"

 (3) الترديد من الراوي و مزينة بضم الميم قبيلة من مضر، و جهينة أيضا بالضم اسم قبيلة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 439

قوله عليه السلام:" فلما أثبتت"

 (1) يقال أثبته أي عرفه حق المعرفة.

قوله عليه السلام:" هؤلاء الصابئون"

 (2) قال الجزري: يقال: صبأ فلان إذا خرج من دين إلى غيره، و كانت العرب تسمى النبي صلى الله عليه و آله الصابئ لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام.

قوله عليه السلام" فلم تبرح حتى الساعة"

 (3) أي لم يزل الماء من تلك البئر، و قد نقل هذا الإعجاز في روايات كثيرة على وجه آخر.

منها: ما ذكره ابن الأثير في كامل التواريخ قال: لما نزلوا بالحديبية أخرج سهما من كنانته، فأعطاه رجلا من أصحابه فنزل في قليب من تلك القلب، فغزره في جوفه، فجاش الماء بالري حتى ضرب الناس فيه بعطن، و كان اسم الذي أخذ السهم ناجية بن عمر سائق بدن النبي صلى الله عليه و آله انتهى.

أقول: قد أوردنا الأخبار الكثيرة في ذلك في كتابنا الكبير في أبواب معجزاته صلى الله عليه و آله و لا تنافي بينهما كما جمع بينهما بعض أهل السير و ذكروا أن جريان الماء بين أصابعه صلى الله عليه و آله أيضا كان في تلك الغزوة.

قوله عليه السلام: أبان بن سعيد"

 (4) أقول: ذكر أكثر المؤرخين مكانه بديل بن ورقاء الخزاعي و لا عبرة بقولهم في مقابلة الخبر المعتبر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 440

قوله عليه السلام:" فكان بإزائه"

 (1) أي أتى حتى قام بحذاء النبي صلى الله عليه و آله أو المراد أنه كان قائد عسكر المشركين، كما أنه صلى الله عليه و آله كان قائد عسكر المسلمين.

قوله:" و هي تأكل بعضها أوبار بعض"

 (2) كناية عن كثرتها و ازدحامها و اجتماعها و إنما قدم صلى الله عليه و آله البدن ليعلموا أنه لا يريد القتال بل يريد النسك.

قوله:" حالفناكم"

 (3) أي عاهدنا و حلفنا على الوفاء به.

قوله:" على أن تردوا الهدى"

 (4) بدل أو عطف بيان لقوله:" على هذا حالفناكم" قال الجزري: في حديث الحديبية" إن قريشا جمعوا لك الأحابيش" هم أحياء من القارة، انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشا، و التحبش: التجمع.

و قيل حالفوا قريشا تحت جبل يسمى حبشيا فسموا بذلك.

و قال الفيروزآبادي:

حبشي‏

 (5) بالضم- جبل بأسفل مكة، و منه أحابيش قريش لأنهم تحالفوا بالله إنهم ليد على غيرهم ما سجي ليل، و وضح نهار، و ما رسى حبشي انتهى.

أي أعتزل معهم عنكم، و أمنعهم عن معاونتكم.

قوله:" ولثا"

 (6) الولث: العهد بين القوم يقع من غير قصد، أو يكون غير مؤكد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 441

كذا ذكره الجوهري.

أقول:

قوله عليه السلام:" و قد كان جاء"

 (1) كانت هذه القصة على ما ذكره الواقدي أنه ذهب مع ثلاثة عشر رجلا من بني مالك إلى مقوقس سلطان الإسكندرية، و فضل مقوقس بني مالك على المغيرة في العطاء فلما رجعوا و كانوا في الطريق شرب بنو مالك ذات ليلة خمرا و سكروا، فقتلهم المغيرة حسدا و أخذ أموالهم، و أتى النبي صلى الله عليه و آله و أسلم فقبل صلى الله عليه و آله إسلامه و لم يقبل من ماله شيئا، و لم يأخذ منه الخمس لغدره، فلما بلغ ذلك أبا سفيان أخبر عروة بذلك، فأتى عروة رئيس بني مالك و هو مسعود بن عمرة، و كلمه في أن يرضى بالدية فلم يرض بنو مالك بذلك، و طلبوا القصاص من عشائر المغيرة، و اشتعلت بينهم نائرة الحرب، فأطفأها عروة بلطائف حيله، و ضمن دية الجماعة من ماله.

و الإشارة إلى هذه القصة هيهنا لتمهيد ما سيذكر بعد ذلك من قوله:" و الله ما جئت إلا في غسل سلحتك" فقوله:" جاء إلى قريش" أي عروة و قوله:" في القوم" أي لأن يتكلم و يشفع في أمر المقتولين و قوله" كان خرج" أي المغيرة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 442

قوله:" ما رأيت مثلك رد عما جئت له"

 (1) قال: هذا على سبيل التعجب، أي- كيف يكون مثلك في الشرافة و عظم الشأن مردودا عن مثل هذا المقصد الذي لا يصلح أن يرد عنه أحد، و الحاصل أنك في جلالتك ينبغي أن لا ترد عن أي مقصد قصدته، و مقصدك في الخيرية بحيث لا ينبغي أن يمنع عنه أحد، و مع اجتماعهما يريد قومك أن يصدوك عن ذلك.

قوله:" تناول لحيته"

 (2) أي لحية الرسول، و كانت عادتهم ذلك فيما بينهم عند مكالمتهم، و لجهله بشأنه صلى الله عليه و آله و عدم إيمانه لم يعرف أن ذلك لا يليق بجنابة صلى الله عليه و آله‏

قوله:" يا غدر"

 (3) بضم الغين و فتح الدال- قال الجوهري: الغدر: ترك الوفاء و قد غدر به فهو غادر و غدر و أكثر ما يستعمل هذا في النداء بالشتم، يقال: يا غدر و في الحديث" أ لست أبتغي في غدرتك".

و قال الجزري: في حديث الحديبية" قال عروة بن مسعود للمغيرة:" يا غدر و هل غسلت غدرتك إلا بالأمس غدر: معدول عن غادر للمبالغة، يقال للذكر غدر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 443

و للأنثى غدار كقطام و هما مختصان بالنداء في الغالب.

و قال في المغرب:

السلح‏

 (1): التغوط.

أقول: الظاهر أن‏

قوله:" جئت"

 (2) بصيغة المتكلم أي جئت الآن أو قبل ذلك عند إطفاء نائرة الفتنة لإصلاح قبائح أعمالك، فلم تمنعني عن الرسول صلى الله عليه و آله و يمكن أن يقرأ بصيغة الخطاب أي لم يكن مجيئك إلى النبي صلى الله عليه و آله للإسلام بل للهرب مما صنعت من الخيانة و أتيت من الجناية.

قوله:" يناشدونك"

 (3) أي يسألونك، و يقسمون عليك بالله و بالرحم التي بينك و بينهم في أن تدخل عليهم أي في تركه.

قوله:" فتأخر عن السرج"

 (4) أي ركب عثمان على السرج، و ركب خلفه تعظيما له.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 444

قوله:" و كانت المناوشة"

 (1) المناوشة المناولة في القتال أي كان المشركون في تهيئة القتال أي عند ذلك وقع بين المسلمين و بينهم محاربة كما نقل.

قوله:" و ضرب بإحدى يديه"

 (2) ليتأكد عليه الحجة و العهد و الميثاق فيستوجب بنكثه أشد العذاب كما قال تعالى فيه و في أخويه و أضرابهم:" فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى‏ نَفْسِهِ".

قوله:" ثم ذكر القصة"

 (3) أي ما جرى بينه و بين قريش من حبسه و منعه عن الرجوع أو من طلبهم للصلح و إصرارهم على عدم دخوله في هذه السنة.

و قيل قوله:- ثم ذكر- كلام الراوي أي ثم ذكر الصادق القضية و ما جرى فيها و ترك الراوي ذكرها اختصارا.

قوله:" هذا الذي باليمامة"

 (4) كانوا يقولون لمسيلمة رحمن اليمامة.

قوله عليه السلام:" هذا ما قاضي رسول الله"

 (5) قال الجزري: في حديث الحديبية

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 445

" هذا ما قاضي عليه محمد" هو فاعل من القضاء: الفصل و الحكم، لأنه كان بينه و بين أهل مكة.

قوله:" فقال الناس"

 (1) أي كرر الصحابة و أعادوا هذا القول بعد سماعهم اسمه صلى الله عليه و آله تصديقا له، و ردا على من أنكره.

قوله عليه السلام:" و رسول الله صلى الله عليه و آله غير مستكره"

 (2) أي لا يجبره الرسول صلى الله عليه و آله على الإسلام.

قوله:" و على أن يعبد الله فيكم"

 (3) أي أخذ النبي عليهم العهد أن لا يؤذوا المسلمين في مكة زاد الله شرفها و غيرها، و يعبدوا الله بينهم من غير تقية.

قوله عليه السلام:" و إن كانوا ليتهادون الستور"

 (4) في بعض النسخ بالتاء المثناة الفوقانية و في بعضها بالياء المثناة التحتانية، فعلى الأول هو جمع الستر المعلق على الأبواب و غيرها، و على الثاني إما المراد المعروف المتخذ من الجلود أو نوع من الثياب.

و قال الفيروزآبادي: السير- بالفتح- الذي يقد من الجلود، و الجمع سيور.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 446

و قال الجوهري: المسير من الثياب الذي فيه خطوط كالسيور و على التقادير هذا كلام الصادق لبيان ثمرة هذه المصالحة، و كثرة فوائدها بأنها صارت موجبة لأمن المسلمين بحيث كانوا يبعثون الهدايا من المدينة إلى مكة من غير منع و خوف، و رغب أهل مكة في الإسلام، و أسلم جم غفير منهم من غير حرب و قتال.

قوله عليه السلام:" فضرب سهيل"

 (1) قال الشيخ أبو علي الطبرسي في مجمع البيان فقال سهيل: على أنه لا يأتيك منا رجل و إن كان على دينك إلا رددته إلينا، و من جاءنا ممن معك لم نرده عليك، فقال المسلمون: سبحان الله كيف يرد إلى المشركين و قد جاء مسلما، فقال رسول الله: من جاءهم منا فأبعده الله، و من جاءنا منهم رددناه إليهم فمن علم الله الإسلام من قلبه جعل له مخرجا، إلى أن قال: فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده، فقال النبي صلى الله عليه و آله: إنا لم نقض بالكتاب بعد، قال: و الله إذا لا أصالحك على شي‏ء فقال النبي فأجره لي، فقال: ما أنا بمجيره لك قال: بلى فافعل، قال: و ما أنا بفاعل قال مكرز: بلى قد أجرناه، قال أبو جندل بن سهيل: معاشر المسلمين أ أرد إلى المشركين و قد جئت مسلما أ لا ترون ما قد لقيت و كان قد عذب عذابا شديدا.

و قال رحمه الله في كتاب أعلام الورى: فجاء أبو جندل إلى النبي صلى الله عليه و آله حتى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 447

جلس إلى جنبه، فقال أبوه سهيل: رده علي، فقال المسلمون لا ترده فقام صلى الله عليه و آله و أخذ بيده فقال صلى الله عليه و آله: اللهم إن كنت تعلم أن أبا جندل لصادق فاجعل له فرجا و مخرجا ثم أقبل على الناس، و قال: إنه ليس عليه بأس، إنما رجع إلى أبيه و أمه و إني أريد أن أتم لقريش شرطها، و رجع رسول الله صلى الله عليه و آله إلى المدينة و أنزل الله في الطريق سورة الفتح" إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً".

قال الصادق عليه السلام فما انقضت تلك المدة حتى كاد الإسلام يستولي على أهل مكة و لما رجع رسول الله صلى الله عليه و آله إلى المدينة انفلت بصير بن أسيد بن حارثة الثقفي من المشركين و بعث الأخنس بن شريق في أثره رجلين فقتل أحدهما و أتى رسول الله صلى الله عليه و آله مسلما مهاجرا، فقال: مسعر حرب لو كان معه أحد ثم، قال شأنك بسلب صاحبك و اذهب حيث شئت فخرج أبو بصير و معه خمسة نفر كانوا قدموا معه مسلمين حتى كانوا بين العص و ذي المروة من أرض جهينة على طريق عيرات قريش مما يلي سيف البحر، و انفلت أبو جندل بن سهيل في سبعين راكبا أسلموا فلحق بأبي بصير و اجتمع إليهم ناس من غفار و أسلم و جهينة حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل و هم مسلمون لا يمر بهم عير لقريش إلا أخذوها، و قتلوا أصحابها فأرسلت قريش أبا سفيان بن حرب إلى رسول الله صلى الله عليه و آله يسألونه و يتضرعون إليه أن يبعث إلى أبي بصير و أبي جندل و من منهم فيقدموا على و قالوا من خرج منا إليك فأمسكه من غير حرج أنت فيه، فعلم الذين كانوا أشاروا على رسول الله صلى الله عليه و آله أن يمنع أبا جندل من أبيه- بعد القصة أن طاعة رسول الله صلى الله عليه و آله خير لهم فيما أحبوا و فيما كرهوا.

قوله صلى الله عليه و آله:" و هل قاضيت على شي‏ء"

 (1) أي لم يتم الصلح، و لم يكتب الكتاب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 448

بعد فليس هذا داخلا فيما نقاضي عليه كما مر فيما أورده الطبرسي.

و قال الفاضل الأسترآبادي: قصده صلى الله عليه و آله إنه ما قاضينا على شي‏ء نافع لك فإنه كان عالما بأن أبا بصير بن أسيد و أبا جندل يتقلبان من المشركين في سبعين راكبا يسلمون على يد أبي جندل و يجتمع عليهم ناس من غفار و أسلم و جهينة حتى يبلغوا ثلاثمائة مقاتل كلهم مسلمون لا يمر عليهم عير لقريش إلا أخذوها و قتلوا أصحابها و هو ما فهم قصد النبي صلى الله عليه و آله، انتهى، و لا يخفى بعده.

قوله صلى الله عليه و آله:" و لم أشترط لك"

 (1) أي ليس هذا شرطا يخصك بل هذا شرط قاضينا عليه لمصلحة عامة المسلمين، و لا بد من ذلك أو المراد لم تكن أنت داخلا في هذا الشرط لمجيئك قبل تمام الكتاب لكن هؤلاء يجبروننا عليه، أو ما كنت اشترطت لك عليهم أن تكون مستثنى من ذلك، فلا يمكننا الغدر معهم، و هذا أظهر و يحتمل على بعد أن يكون إشارة إلى ما وعده صلى الله عليه و آله بالخلاص و النجاة على سبيل الاستفهام الإنكاري، أي أ لم أشترط لك بالنجاة.

و قال ابن الأثير في الكامل: فبينا رسول الله يكتب الكتاب إذ جاء أبو جندل ابن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه و آله فلما رأى سهيل ابنه أخذه و قال: يا محمد قد تمت القضية بينك و بيني قبل أن يأتيك هذا، قال:

صدقت و أخبره ليرده إلى قريش فصاح أبو جندل أنا معشر المسلمين أرد إلى المشركين ليفتنوني عن ديني، فقال له رسول الله صلى الله عليه و آله: احتسب، فإن الله جاعل لك و لمن اتبعك من المستضعفين فرجا و مخرجا، إنا قد أعطينا القوم عهودنا على ذلك فلا نغدر بهم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 449

 (الحديث الرابع و الخمسمائة)

 (1): حسن أو موثق.

قوله عليه السلام:" نزلت في بني مدلج"

 (2) قال البيضاوي: في قوله تعالى:" إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى‏ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ" استثناء من قوله:" فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ" أي إلا الذين يصلون و ينتهون إلى قوم عاهدوكم، و يفارقون محاربتكم، و القوم هم خزاعة، و قيل: هم الأسلميون، فإنه عليه السلام و ادع وقت خروجه إلى مكة هلال ابن عويمر الأسلمي على أن لا يعينه، و لا يعين عليه، و من لجأ إليه فله من الجوار مثل ماله، و قيل بنو بكر بن زيد بن مناة" أَوْ جاؤُكُمْ" عطف على الصلة أي أو الذين جاءوكم كافين عن قتالكم و قتال قومهم، استثني عن المأمور بأخذهم و قتلهم من ترك المحاربين، فلحق بالمعاهدين، أو أتى الرسول صلى الله عليه و آله فكف عن قتال الفريقين على صفة قوم، و كأنه قيل الذين يصلون إلى قوم معاهدين أو قوم كافين عن القتال لكم و عليكم، و الأول أظهر لقوله:" فإن اعتزلوكم حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ" حال بإضمار قد، و يدل عليه أن قرئ حصرت و حصرات، أو بيان لجاءوكم و قيل صفة محذوف أي جاءوكم قوما حصرت صدورهم، و هم بنو مدلج جاءوا رسول الله صلى الله عليه و آله غير مقاتلين، و الحصر: الضيق و الانقباض انتهى.

و قال علي بن إبراهيم: أنها نزلت في أشجع حيث وادعهم رسول الله صلى الله عليه و آله و ذكر قصتهم لكن لم يسنده إلى خبر.

و ذكر الشيخ الطبرسي (رحمة الله عليه) أن المروي عن أبي جعفر أنه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 450

قال: المراد بقوله تعالى:" قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ" هو هلال بن عويمر السلمي و به قال السدي و ابن زيد، و قيل: هم بنو مدلج و كان سراقة بن مالك بن جعشم جاء إلى النبي صلى الله عليه و آله بعد أحد، فقال: أنشدك الله و النعمة و أخذ منه ميثاقا أن لا يغزو قومه، فإن أسلم قريش أسلموا، لأنهم كانوا في عقد قريش فحكم الله فيهم ما حكم في قريش ففيهم نزل هذا، ذكره عمر بن شيبة انتهى.

أقول: ما ذكره البيضاوي هو الموافق لخبر الكتاب، و الأقرب إلى الصواب.

قوله:" قد حصرت صدورنا"

 (1) ليس هذا تفسير حصرت صدورهم فلا تغفل.

 (الحديث الخامس و الخمسمائة)

 (2): مجهول.

قوله:" و كان صاحب أضياف"

 (3) أي يدعوهم كثيرا و يحبهم و يكرمهم.

قوله تعالى:" نَكِرَهُمْ"

 (4) أي أنكرهم‏

" وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً"

 (5) الإيجاس الإحساس أي أضمر منهم خوفا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 451

و اختلف في سبب الخوف.

فقيل: إنه لما رآهم شبانا أقوياء و كان ينزل طوفا من البلد و كانوا يمتنعون من تناول طعامه لم يأمن أن يكون ذلك لبلاء و ذلك أن أهل ذلك الزمان إذا أكل بعضهم طعام بعض أمن صاحب الطعام على نفسه و ماله، و لذا يقال تحرم فلان بطعامنا، أي أثبت الحرمة بيننا بأكله الطعام.

و قيل: إنه ظنهم لصوصا يريدون به سوء.

و قيل: ظن أنهم ليسوا من البشر جاءوا لأمر عظيم.

و قيل: علم أنهم ملائكة فخاف أن يكون قومه المقصودين بالعذاب حتى قالوا له لا تخف يا إبراهيم إنا أرسلنا إلى قوم لوط بالعذاب و الإهلاك لا إلى قومك.

و قيل: إنهم دعوا الله فأحيى العجل الذي كان ذبحه إبراهيم و شواه فطفر و رغا فعلم حينئذ أنهم رسل الله، و الخبر يدل على أن خوفه لعدم علمه بكونهم ملائكة.

قوله:" حسر العمامة"

 (1) أي كشفها.

قوله تعالى:" مِنَ الْغابِرِينَ"

 (2) أي من الباقين في قومه، و المتخلفين عن لوط

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 452

حتى هلكت لأنها كانت على دينهم، فلم تؤمن به و قيل: معناه كانت من الباقين في عذاب الله.

قوله:" قال الحسن العسكري"

 (1) الظاهر أن العسكري من طغيان قلم الناسخين، و في تفسير العياشي و قد مضى في كتاب الطلاق من هذا الكتاب أيضا الحسن بن علي بدون أبي محمد أيضا، فالظاهر حينئذ أن المراد الحسن بن علي بن فضال، بأن يكون ذكر هذا في أثناء رواية الحديث على وجه التفسير و التبيين، و كنيته أيضا أبو محمد فلا ينافيه إن كان في الخبر.

و يحتمل أيضا أن يكون من كلام الصادق عليه السلام راويا عن الحسن بن علي عليه السلام و هو بعيد و على نسخة العسكري، و يحتمل أن يكون كلام محمد بن يحيى روى هذا عن أبي محمد العسكري، ذكره في أثناء تلك الرواية لتوضيحها.

و على التقادير المراد أن غرض إبراهيم من هذا الكلام لم يكن محض الشفقة على لوط، بل كان غرضه عليه السلام استبقاء قوم لوط و دفع العذاب عنهم و الشفاعة لهم، كما قال تعالى:

" يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ"

 (2) أي يجادل رسلنا و يسائلهم في قوم لوط، و لما سألهم سؤال مستقصى سمي ذلك السؤال و الشفاعة جدالا.

قوله عليه السلام:" فقال لهم: المنزل"

 (3) أي عرض عليهم المنزل و التمس منهم النزول فيه.

قوله عليه السلام:" و قد قال جبرئيل لا تعجل"

 (4) و فيما مضى في هذا الكتاب فقال‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 453

جبرئيل: لا تعجل عليهم حتى تشهد، أي قال ذلك في هذا الوقت سرا و في نفسه أو جهرا.

قوله:" و صعقت"

 (1) الصعق شدة الصوت، و في بعض النسخ [صفقت‏] الصفق:

الضرب الذي يسمع له صوت كالتصفيق أي ضربت إحدى يديها على الأخرى.

قوله:" يُهْرَعُونَ"

 (2) أي يسرعون في المشي.

قوله تعالى:" وَ لا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي"

 (3) أي لا تلزموني عارا و لا تلحقوني فضيحة و لا تخجلوني بالهجوم على أضيافي، فإن الضيف إذا لحق به معرة لحق عارها المضيف" أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ" أي في جملتكم رجل قد أصاب الرشد فزجر هؤلاء عن قبيح فعلهم، و قيل: رشيد هنا بمعنى المرشد،

قوله تعالى:" قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ"

 (4) اختلف المفسرون في ذلك فقيل: أراد بناته لصلبه عن قتادة، و قيل: أراد النساء من أمته لأنهن كالبنات له فإن كل نبي أبو أمته و أزواجه أمهاتهم عن مجاهد و سعيد بن جبير، و اختلف أيضا في كيفية عرضهن، فقيل: بالتزويج، و كان يجوز في شرعه تزويج المؤمنة من الكافر، و كذا كان يجوز أيضا في مبتدإ الإسلام، و قد زوج النبي صلى الله عليه و آله بنته عن أبي العاص بن الربيع قبل أن يسلم، ثم نسخ ذلك، و قيل: أراد التزويج بشرط الإيمان عن الزجاج، و كانوا يخطبون بناته فلا يزوجهن منهم لكفرهم، و قيل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 454

إنه كان لهم سيدان مطاعان فيهم فأراد أن يزوجهما بنتيه ذعوراء و ريثاء.

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن محمد بن هارون أنه قال: عنى به أزواجهم، و ذلك أن كل نبي هو أبو أمته فدعاهم إلى الحلال، و لم يكن يدعوهم إلى الحرام، فقال أزواجكم هن أطهر لكم.

و روى الصدوق في العلل بإسناده عن أبي بصير و غيره، عن أحدهما عليهما السلام ثم عرض عليهم بناته نكاحا" قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ".

قوله عليه السلام:" فدعاهم إلى الحلال"

 (1) يحتمل تلك الوجوه، أي لم يدعهم إلى الحرام و الزنا.

ثم اعلم أن في القرآن هكذا" يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي" فالتعيين في الخبر إما على النقل بالمعنى لاتصال جوابهم بالسؤال، أو لبيان أن ما هو المقدم في الآية كان مؤخرا في كلام لوط، أو لأنه كان في مصحفهم هكذا.

قوله تعالى:" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً"

 (2) قال الزمخشري: المعنى لو قويت عليكم بنفسي أو آويت إلى قوي استند إليه و أتمنع به، فيحميني منكم فشبه القوي العزيز بالركن من الجبل في شدته و منعته.

قوله تعالى:" فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ"

 (3) أي فمسحناها و سويناها بسائر الوجه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 455

قوله تعالى:" حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ"

 (1) قال الزمخشري: قيل هي كلمة معربة عن (سنگ و گل) بدليل.

قوله:" حِجارَةً مِنْ طِينٍ" و قيل: هي من أسجله إذا أرسله لأنها ترسل على الظالمين و يدل عليه. قوله:" لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً" و قيل مما كتب الله أن يعذب به من السجل و سجل لفلان.

 (الحديث السادس و الخمسمائة)

 (2): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" و الله الذي صنعه الحسن بن علي"

 (3) أي من الصلح مع معاوية و كان خيرا و صلاحا للأمة و إن لم يرض به أكثر أصحابه.

قوله تعالى:" أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ"

 (4) أي عن القتال في زمن الهدنة و التقية.

قوله عليه السلام:" إنما هي طاعة الإمام"

 (5) أي الغرض و المقصود في الآية طاعة الإمام الذي ينهى عن القتال لعدم كونه مأمورا به و يأمر بالصلاة و الزكاة و سائر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 456

أبواب البر.

و الحاصل أن أصحاب الحسن عليه السلام كانوا بهذه الآية مأمورين بإطاعة إمامهم في ترك القتال فلم يرضوا به و طلبوا القتال:" فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ" مع الحسين عليه السلام" قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ" أي قيام القائم عليه السلام.

و ذهب أكثر المفسرين أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا يلقون من المشركين أذى شديدا و هم بمكة قبل أن يهاجروا إلى المدينة، فيشكون إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و يقولون يا رسول الله ائذن لنا في قتال هؤلاء، فإنهم قد آذونا فلما أمروا بالقتال و بالمسير إلى بدر، شق على بعضهم فنزلت الآية، و فسروا الأجل القريب بالموت بآجالهم.

ثم اعلم أن هذه الآية كما أورد في هذا الخبر ليست في القرآن ففي سورة النساء" أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً، وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ" الآية و في سورة إبراهيم" فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ فلعله عليه السلام وصل آخر هذه الآية بالآية السابقة، لكونهما لبيان حال هذه الطائفة، أو أضاف‏

قوله:" نُجِبْ دَعْوَتَكَ‏

 (1) بتلك، الآية على وجه التفسير و البيان أي كان غرضهم أنه إن أخرتنا إلى ذلك الأجل نجب دعوتك، و يحتمل أن يكون في مصحفهم هكذا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 457

أقول: قد أوردنا العلل التي من أجلها صالح الحسن بن علي عليه السلام معاوية في كتاب بحار الأنوار و بسطنا الكلام فيه مستوفى فمن أراد الاطلاع عليه فليرجع إليه.

 (الحديث السابع و الخمسمائة)

 (1): ضعيف.

قوله:" أ حق هي؟ فقال: نعم"

 (2) يدل على أن النجوم علامات للكائنات يعرفها أهله و لا يدل على أنه يجوز تعليمه و تعلمه، و استخراج الأحكام منه لسائر الخلق.

قوله عليه السلام:" صورة رجل"

 (3) يمكن أن يكون المراد على تقدير صحة الخبر أن الله تعالى جعله في هذا الوقت ذا روح و حياة و علم، و بعثه إلى الأرض إذ ليس للسماويات حياة و شعور، و قد نقل على ذلك السيد المرتضى (رضي الله عنه) الإجماع.

 (الحديث الثامن و الخمسمائة)

 (4): مرسل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 458

قوله عليه السلام:" أهل بيت من العرب،

 (1) أي أهل بيت النبي صلى الله عليه و آله.

أقول: قد حان أن نفي لك بما وعدناك سابقا عن تحقيق علم النجوم و تعلمه و تعليمه، و الإخبار بأحكامه و لنذكر أولا كلام بعض الأصحاب ثم لنورد الأخبار الدالة على الطرفين.

فأما ما ذكره الأصحاب فقال الشيخ المفيد (ره) في كتاب المقالات- على ما نقل عنه السيد ابن طاوس- أقول: إن الشمس و القمر و سائر النجوم أجسام نارية لا حياة لها و لا موت و لا تمييز خلقها الله تعالى لينتفع بها عباده و جعلها زينة لسماواته و آيات من آياته كما قال سبحانه:" هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" و قال تعالى:" وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" و قال تعالى:" وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ" و قال تعالى:" لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ" فأما الأحكام على الكائنات بدلائلها، و الكلام على مدلول حركاتها، فإن العقل لا يمتنع منه و لسنا ندفع أن يكون الله أعلمه بعض أنبيائه و جعله علما له على صدقه غير أنا لا نقطع عليه، و لا نعقد استمراره في الناس إلى هذه الغاية، و أما ما نجده من كلام المنجمين في هذا الوقت و إصابة بعضهم فيه، فإنه لا ينكر أن يكون ذلك بضرب من التجربة و بدليل عادة و قد يختلف أحيانا و يخطئ المعتمد عليه كثيرا، و لا يصح إصابته فيه أبدا، لأنه ليس بجار مجرى دلائل العقول و لا براهين الكتاب، و إخبار الرسول‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 459

و هذا مذهب جمهور متكلمي أهل العدل و إليه ذهب بنو نوبخت (ره) من الإمامية و أبو القاسم و أبو علي من المعتزلة انتهى.

أقول: كلامه (ره) لا يدل إلا على تجويز حقية علم النجوم، و لا يدل على جواز تعليمه و تعلمه و الإخبار بالكائنات به لغير المعصومين عليهم السلام، بل ربما يومئ بعض كلامه إلى المنع كما لا يخفى.

و ذكر السيد المرتضى (رضي الله عنه) في جواب المسائل السلاوية- بعد ما أبطل كونها مؤثرة بدلائل و براهين- و أما الوجه الآخر و هو أن يكون الله تعالى أجرى العادة بأن يفعل أفعالا مخصوصة عند طلوع كوكب أو غروبه أو اتصاله أو مفارقته، فقد بينا أن ذلك ليس بمذهب المنجمين البتة و إنما يتحملون الآن بالظاهر و أنه قد كان جائزا أن يجري الله العادة بذلك، لكن لا طريق إلى العلم بأن ذلك قد وقع و ثبت و من أين لنا طريق أن الله أجرى العادة بأن يكون زحل أو المريخ إذا كان في درجة الطالع كان نحسا، و أن المشتري إذا كان كذلك كان سعدا، و أي سعد مقطوع به جاء بذلك و أي شي‏ء خبر به و استفيد من جهته فإن عولوا في ذلك على التجربة، و أنا جربنا ذلك و من كان قبلنا فوجدناه على هذه الصفة، و إذا لم يكن موجبا فيجب أن يكون معتادا قلنا و من سلم لكم صحة هذه التجربة و انتظامها و اطرادها، و قد رأينا خطأكم فيها أكثر من صوابكم و صدقكم أقل من كذبكم فإلا نسبتم الصحة إذا اتفقت منكم إلى الاتفاق الذي يقع من التخمين و الرجم، فقد رأينا من يصيب من هؤلاء أكثر مما يخطئ، و هو على غير أصل معتمد و لا قاعدة صحيحة.

فإن قلتم: سبب خطإ المنجم زلل دخل عليه في أخذ الطالع أو في سير الكواكب.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 460

قلنا: و لم لا كانت إصابته سببها الاتفاق و التخمين. و إنما كان يصح لكم هذا التأويل و التخريج لو كان على صحة أحكام النجوم دليل قاطع هو غير إصابة المنجم.

فأما إذا كان دليل صحة الأحكام الإصابة فإلا كان دليل فسادها الخطأ.

و مما أفحم به القائلون بصحة الأحكام و لم يحصل عنه منهم جواب أن قيل لهم في شي‏ء بعينه، خذوا الطالع و احكموا هل يؤخذ أو يترك، فإن حكموا إما بالأخذ أو الترك خولفوا و فعل خلاف ما خبروا به" و قد أعضلتهم هذه المسألة و التعريف.

ثم قال (ره) ما معناه: إن من معجزات الأنبياء عليهم السلام إخبارهم بالغيوب، فكيف يقدر عليها غيرهم، فيصير ذلك مانعا من أن يكون ذلك معجزا لهم، ثم قال (رضي الله عنه): و الفرق بين ذلك و بين سائر ما يخبرون به من تأثيرات الكواكب في أجسامنا، فالفرق بين الأمرين أن الكسوفات و اقترافات الكواكب و انفصالها طريقة الحساب، و سير الكواكب و له أصول صحيحة و قواعد سديدة، و ليس كذلك ما يدعونه من تأثيرات الكواكب الخير و الشر، و النفع و الضر، و لو لم يكن من الفرق بين الأمرين إلا الإصابة الدائمة المتصلة في الكسوفات. و ما يجري مجراها، و لا يكاد يتفق خطأ البتة، فإن الخطأ المعهود الدائم إنما هو في الأحكام الباقية، حتى إن الصواب هو العزيز فيها، و ما يتفق لعله فيها من إصابة فقد يتفق من المخمن أكثر منه فحمل أحد الأمرين علي الآخر قلة دين و حياء انتهى.

و قال (رضي الله عنه) في الغرر و الدرر نحوا من ذلك و أشبع القول فيه، و قال في تضاعيف ما استدل به على عدم كون الكواكب مؤثرة: و أقوى من ذلك كله- في نفي كون الفلك و ما فيه من شمس و قمر و كواكب أحياء- السمع و الإجماع، و أنه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 461

لا خلاف بين المسلمين في ارتفاع الحياة عن الفلك، و ما يشتمل عليه من الكواكب و أنها مسخرة مدبرة مصرفة و ذلك معلوم من دين رسول الله صلى الله عليه و آله ضرورة.

و قال في آخر كلامه: قد أجمع المسلمون قديما و حديثا علي تكذيب المنجمين و الشهادة بفساد مذاهبهم، و بطلان أحكامهم، و معلوم من دين الرسول ضرورة التكذيب بما يدعيه المنجمون، و الإزراء عليهم و التعجيز لهم، و في الروايات عنه صلى الله عليه و آله من ذلك ما لا يحصى كثرة، و كذا عن علماء أهل بيته و خيار أصحابه فما زالوا يبرءون من مذاهب المنجمين و يعدونها ضلالا و محالا، و ما اشتهر هذه الشهرة في دين الإسلام كيف يصر بخلافه منتسب إلى الملة، و مصل إلى القبلة انتهى.

و أما السيد ابن طاوس (قدس سره) فقد عمل في ذلك رسالة و بالغ فيها في الإنكار على كون النجوم ذوات إرادة أو فاعلة أو مؤثرة، و استدل عليه بدلائل و نقل كلام جماعة من الأفاضل تأييدا لما ذهب إليه لكن أثبت كونها علامات و دلالات على ما يحدث من الحوادث و الكائنات أكثر، لكن بحيث يجوز للقادر الحكيم أن يغيرها و يبدلها لأسباب و دواعي على وفق إرادته و حكمته، و جوز تعليمها و تعلمها و النظر فيها.

و قال العلامة (ره) في كتاب منتهى المطلب: التنجيم حرام و كذا تعلم النجوم مع اعتقاد أنها مؤثرة أو أن لها مدخلا في التأثير بالنفع و الضرر، و بالجملة كل من يعتقد ربط الحركات النفسانية و الطبيعية بالحركات الفلكية و الاتصالات الكوكبية كافر، و أخذ الأجرة على ذلك حرام، و أما من يتعلم النجوم ليعرف قدر سير الكوكب و بعده و أحواله من التربيع و الكسف و غيرهما فإنه لا بأس به‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 462

و نحوه قال في التحرير و القواعد.

و قال الشهيد (نور الله ضريحه) في قواعده: كل من اعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم و موجدة ما فيه فلا ريب أنه كافر، و إن اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها و الله سبحانه هو المؤثر الأعظم كما يقوله أهل العدل فهو مخطئ إذ لا حياة لهذه الكواكب ثابتة بدليل عقلي و لا نقلي، و بعض الأشعرية يكفرون هذا كما يكفرون الأول، و أوردوا على أنفسهم عدم إكفار المعتزلة، و كل من قال بفعل العبد، و فرقوا بأن الإنسان و غيره من الحيوان يوجد فعله، من أن التذلل ظاهر عليه، فلا يحصل منه اهتضام لجانب الربوبية، بخلاف الكواكب، فإنها غائبة عنه، فربما أدى ذلك إلى اعتقاد استقلالها و فتح باب الكفر، و أما ما يقال:

من أن استناد الأفعال إليها كاستناد الاحتراق إلى النار و غيرها من العاديات- بمعنى أن الله تعالى أجرى عادته أنها إذا كانت على شكل مخصوص أو وضع مخصوص يفعل ما ينسب إليها و يكون ربط المسببات بها كربط مسببات الأدوية و الأغذية بها مجازا باعتبار الربط العادي لا الفعلي الحقيقي- فهذا لا يكفر معتقده، و لكنه مخطئ أيضا و إن كان أقل خطأ من الأول، لأن وقوع هذه الآثار عندها ليس بدائم و لا أكثري.

و قال في الدروس: و يحرم اعتقاد تأثير النجوم مستقلة أو بالشركة، و الإخبار عن الكائنات بسببها أما لو أخبر بجريان العادة إن الله تعالى يفعل كذا عند كذا لم يحرم و إن كره، على أن العادة فيها لا تطرد إلا فيما قل، و أما علم النجوم فقد حرمه بعض الأصحاب و لعله لما فيه من التعرض للمحظور من اعتقاد التأثير أو لأن أحكامه تخمينية و أما علم هيئة الأفلاك فليست حراما بل ربما كان مستحبا لما فيه من الاطلاع على حكم الله و عظم قدرته.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 463

و قال المحقق الشيخ علي (قدس سره) التنجيم: الإخبار عن أحكام النجوم باعتبار الحركات الفلكية و الاتصالات الكوكبية التي مرجعها إلى القياس و التخمين- إلى أن قال- و قد ورد عن صاحب الشرع النهي عن تعلم النجوم بأبلغ وجوهه، حتى قال أمير المؤمنين عليه السلام:" إياكم و تعلم النجوم إلا ما يهتدى به في بر أو بحر فإنها تدعو إلى الكهانة و المنجم كالكاهن، و الكاهن كالساحر، و الساحر كالكافر، و الكافر في النار".

إذا تقرر ذلك فاعلم أن التنجيم مع اعتقاد أن للنجوم تأثيرا في الموجودات السفلية و لو على جهة المدخلية حرام، و كذا تعلم النجوم على هذا الوجه بل هذا الاعتقاد كفر في نفسه نعوذ بالله منه. أما التنجيم لا على هذا الوجه مع التحرز عن الكذب، فإنه جائز فقد ثبت كراهية التزويج و سفر الحج في العقرب، و ذلك من هذا القبيل، نعم هو مكروه و لا ينجر إلى الاعتقاد الفاسد، و قد ورد النهي عنه مطلقا حسما للمادة.

و قال الشيخ البهائي (ره): ما يدعيه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفلية بالأجرام العلوية إن زعموا أن تلك الأجرام هي العلة المؤثرة في تلك الحوادث بالاستقلال، أو أنها شريكة في التأثير فهذا لا يحل للمسلم اعتقاده، و علم النجوم المبتني على هذا كفر و العياذ بالله، و على هذا حمل ما ورد في الحديث من التحذير عن علم النجوم و النهي عن اعتقاده صحته، و إن قالوا أن اتصالات تلك الأجرام و ما يعرض لها من الأوضاع علامات على بعض حوادث هذا العالم مما يوجده الله بقدرته و إرادته، كما أن حركات النبض و اختلافات أوضاعه علامات يستدل به الطبيب على ما يعرض للبدن من قرب الصحة أو اشتداد المرض، و نحو ذلك و كما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 464

يستدل باختلاج بعض الأعضاء على بعض الأحوال المستقبلة فهذا لا مانع منه، و لا حرج في اعتقاده، و ما روي من صحة علم النجوم و جواز تعلمه محمول على هذا المعنى، انتهى. و كلام غيرهم من الأصحاب يؤول إلى ما ذكرناه و لا نطيل الكلام بذكرها و لنورد بعض الأخبار التي يمكن أن يستدل بها علي الجواز و عدمه.

الأول: ما رواه الصدوق في الخصال بسند فيه ضعف عن عبد الله بن عوف، قال:

لما أراد أمير المؤمنين عليه السلام المسير إلى النهروان أتاه منجم فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة، و سر في ثلاث ساعات يمضين من النهار، فقال أمير المؤمنين:

و لم ذاك قال: لأنك إن سرت في هذه الساعة أصابك و أصاب أصحابك أذى و ضر شديد، و إن سرت في الساعة التي أمرتك ظفرت و ظهرت و أصبت كلما طلبت، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: تدري ما في بطن هذه الدابة أ ذكر أم أنثى؟ قال: إن حسبت علمت قال له أمير المؤمنين عليه السلام: من صدقك على هذا القول كذب بالقرآن" إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" ما كان محمد صلى الله عليه و آله يدعي ما ادعيت، أ تزعم أنك تهتدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء. و الساعة التي من سار فيها حاق به النصر، من صدقك بهذا استغنى بقولك عن الاستعانة بالله في ذلك الوجه، و أحوج إلى الرغبة إليك في دفع المكروه عنه، و ينبغي له أن يوليك الحمد دون ربه، فمن آمن لك بهذا فقد اتخذك من دون الله ندا و ضدا ثم قال عليه السلام: اللهم لا طير إلا طيرك، و لا ضير إلا ضيرك، و لا خير إلا خيرك، و لا إله غيرك، بل نكذبك و نخالفك و نسير في الساعة التي نهيت عنها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 465

أقول: هذا الخبر يدل بظاهره على عدم جواز الاعتقاد بسعود الساعات و نحوسها و لزوم مخالفة قول المنجمين في ذلك، و إن أمكن أن يكون هذا للرد على من ظن أنه لا يمكن التحرز عن نحوستها بالاستعانة بالله، أو ظاهره أن تأثير هذه السعود و النحوس من قبيل الطيرة، حيث قال عليه السلام: اللهم لا طير إلا طيرك.

الثاني: ما رواه السيد الرضي (رضي الله عنه) في نهج البلاغة قال: و من كلام له عليه السلام قاله لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى الخوارج، و قد قال له يا أمير المؤمنين إن سرت في هذا الوقت خشيت أن لا تظفر بمرادك من طريق النجوم، فقال عليه السلام:

أ تزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء، و تخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضر: فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن، و استغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب، و دفع المكروه، و تبتغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربه لأنك بزعمك أنت هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع و أمن الضر.

ثم أقبل عليه السلام على الناس فقال أيها الناس إياكم و تعلم النجوم إلا ما يهتدى به في بر أو بحر فإنها تدعو إلى الكهانة، و المنجم كالكاهن، و الكاهن كالساحر، و و الساحر كالكافر و الكافر في النار سيروا على اسم الله و عونه.

و روى الطبرسي في الاحتجاج عنه عليه السلام مثله.

أقول هذا أيضا مثل الخبر السابق، و فيه تحذير عن تعلم علم النجوم، و ظاهره الحرمة.

الثالث: ما رواه السيد ابن طاوس بإسناده إلى الشيخ محمد بن رستم بن جرير

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 466

الطبري الإمامي، عن الحسين بن عبد الله الجرمي، و محمد بن هارون التلعكبري، عن محمد بن أحمد بن محروم، عن أحمد بن القاسم، عن يحيى بن عبد الرحمن، عن علي بن صالح بن حي الكوفي، عن زياد بن المنذر، عن قيس بن سعد قال: كنت كثيرا أساير أمير المؤمنين عليه السلام إذا سار إلى وجه من الوجوه، فلما قصد أهل النهروان و صرنا بالمدائن، و كنت يومئذ مسايرا له إذ خرج إليه قوم من أهل المدائن من دهاقينهم معهم برازين قد جاءوا بها هدية إليه، فقبلها و كان فيمن تلقاه دهقان من دهاقين المدائن يدعى سرسفيل، و كانت الفرس تحكم برأيه فيما مضى و ترجع إلى قوله فيما سلف فلما بصر بأمير المؤمنين عليه السلام قال: يا أمير المؤمنين لترجع عما قصدت قال:

و لم يا دهقان؟ قال: يا أمير المؤمنين تناحست النجوم الطوالع فنحس أصحاب السعود و سعد أصحاب النحوس و لزم الحكيم في مثل هذا اليوم الاستخفاء و الجلوس، و إن يومك هذا يوم مميت قد اقترن فيه كوكبان قتالان و شرف فيه بهرام في برج الميزان، و أنفذت من برجك النيران، و ليس الحرب لك بمكان، فتبسم أمير- المؤمنين عليه السلام ثم قال: أيها الدهقان المنبئ بالأخبار و المحذر من الأقدار ما نزل البارحة في آخر الميزان، و أي نجم حل في السرطان قال: سأنظر ذلك و استخرج من كمه أصطرلابا و تقويما قال له أمير المؤمنين عليه السلام:

أنت مسير الجاريات؟ قال: لا، قال: فأنت تقضي على الثابتات؟ قال لا، قال:

فأخبرني عن طول الأسد و تباعده من المطالع و المراجع؟ و ما الزهرة من التوابع و الجوامع؟ قال: لا علم لي بذلك، قال: فما بين السواري إلى الدراري و ما بين الساعات إلى المعجزات و كم قدر شعاع المبدرات و كم تحصل الفجر في الغدوات؟ قال:

لا علم لي بذلك، قال: فهل علمت يا دهقان إن الملك اليوم انتقل من بيت إلى بيت بالصين و انقلب برج ماجين، و احترقت دور بالزنج، و طفح جب سرنديب، و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 467

تهدم حصن الأندلس، و هاج نمل الشيخ، و انهزم مراق الهندي، و فقد ذيان اليهود بإيلة، و هدم بطريق الروم برومية و عمي راهب عمودية و انهدمت شراقات القسطنطنية أ فعالم أنت بهذه الحوادث و ما الذي أحدثها شرقيها أو غربيها من الفلك قال: لا علم لي بذلك، قال: و بأي الكواكب تقضى في أعلى القطب و بأيها تنحس من تنحس؟

قال: لا علم لي بذلك، قال فهل علمت أنه سعد اليوم اثنان و سبعون عالما في كل عالم سبعون عالما منهم في البر، و منهم في البحر و بعض في الجبال، و بعض في الغياض، و بعض في العمران، و ما الذي أسعدهم؟ قال: لا علم لي بذلك.

قال: يا دهقان أظنك حكمت على اقتران المشتري و زحل لما استنارا لك في الغسق، و ظهر تلألؤ شعاع المريخ، و تشريقه في السحر، و قد سار فاتصل جرمه بجرم تربيع القمر، و ذلك دليل على استحقاق ألف ألف من البشر كلهم يولدون اليوم و الليلة، و يموت مثلهم، و أشار بيده إلى جاسوس في عسكره لمعاوية فقال: و يموت هذا، فإنه منهم، فلما قال ذلك ظن الرجل أنه قال: خذوه فأخذه شي‏ء بقلبه و تكسرت نفسه في صدره، فمات لوقته، فقال عليه السلام: يا دهقان أ لم أزل غير التقدير في غاية التصوير، قال: بلى يا أمير المؤمنين، قال: يا دهقان. أنا مخبرك أني و صحبي هؤلاء لا شرقيون و لا غربيون، إنما نحن ناشئة القطب، و ما زعمت أنه البارحة انقدح من برج النيران، فقد كان يجب أن تحكم معه لي، لأن نوره و ضياءه عندي فلهبه ذاهب عني يا دهقان هذه قضيته عيص فاحبسها و ولدها إن كنت عالما بالأكرار و الأدوار. قال: لو علمت ذلك لعلمت أنك تحصي عقود القصب في هذه الأجمة، و مضى أمير المؤمنين عليه السلام فهزم أهل النهروان و قتلهم و عاد بالغنيمة و الظفر. فقال الدهقان: ليس هذا العلم بما في أيدي أهل زماننا هذا علم مادته من السماء.

و روي نحوه مرسلا عن الأصبغ بن نباتة عنه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 468

و روى الشيخ أبو طالب الطبرسي في الاحتجاج عن سعيد بن جبير عنه عليه السلام مثله.

أقول: هذا يدل على أن هذه الأوضاع علامات للكائنات و لكن لا يحيط بها علم البشر غير الأنبياء و الأئمة عليهم السلام: و لا يدل على أنه يجوز لغيرهم عليهم السلام النظر فيها و التكلم بها بل يومئ بخلافها، الرابع: ما رواه أبو طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن أبان بن تغلب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أهل اليمن فسلم عليه، فرد أبو عبد الله عليه السلام فقال له: مرحبا يا سعد فقال له الرجل: بهذا الاسم سمتني أمي و ما أقل من يعرفني به. فقال له أبو عبد الله عليه السلام صدقت يا سعد المولى. فقال الرجل:

جعلت فداك بهذا كنت ألقب. فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا خير في اللقب إن الله يقول في كتابه" وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ" ما صناعتك يا سعد؟

فقال: جعلت فداك أنا من أهل بيت ننظر في النجوم لا يقال إن باليمن أحدا أعلم بالنجوم منا فقال أبو عبد الله عليه السلام: كم ضوء المشتري على ضوء القمر درجة؟ فقال اليماني: لا أدري. فقال أبو عبد الله عليه السلام: صدقت، فكم ضوء المشتري على ضوء عطارد درجة؟ فقال اليماني: لا أدري، فقال له أبو عبد الله: صدقت، فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت البقر؟ فقال اليماني: لا أدري، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: صدقت، فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت الكلاب؟ فقال اليماني لا أدري، فقال أبو عبد الله عليه السلام: صدقت قولك لا أدري فما زحل عندكم في النجوم؟ فقال اليماني نجم نحس. فقال أبو عبد الله لا تقل هذا فإنه نجم أمير المؤمنين عليه السلام و هو نجم الأوصياء

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 469

و هو النجم الثاقب الذي قال الله في كتابه، فقال اليماني: فما معنى الثاقب، فقال:

إن مطلعة في السماء السابعة، فإنه ثقب بضوئه حتى أضاء في السماء الدنيا، فمن ثم سماه الله النجم الثاقب. ثم قال: يا أخا العرب عندكم عالم؟ قال اليماني: نعم جعلت فداك إن باليمن قوما ليسوا كأحد من الناس في علمهم، فقال أبو عبد الله و ما يبلغ عن علم عالمهم، قال اليماني: إن عالمهم ليزجر الطير، و يقفو الأثر في ساعة واحدة مسيرة شهر للراكب المحث، فقال أبو عبد الله، فإن عالم المدينة أعلم من عالم اليمن، قال اليماني: و ما يبلغ عن علم عالم المدينة؟ قال عليه السلام: إن علم عالم المدينة ينتهي إلى أن لا يقفو الأثر و لا يزجر الطير و يعلم ما في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس تقطع اثني عشر برجا، و اثني عشر برا، و اثني عشر بحرا و اثني عشر عالما، فقال له اليماني ما ظننت أن أحدا يعلم هذا. و ما يدري كنهه قال: ثم قام اليماني.

و رواه الصدوق في الخصال بسند فيه جهالة عن أبان بن تغلب و يدل على كون النجوم علامات، و على خطإهم في بيان سعادة الكواكب و نحوستها.

الخامس ما رواه في الاحتجاج أيضا عن هشام بن الحكم في خبر الزنديق الذي سأل أبا عبد الله عن مسائل فكان فيما سأله ما تقول فيمن زعم أن هذا التدبير الذي يظهر في هذا العالم تدبير النجوم السبعة؟ قال عليه السلام: يحتاجون إلى دليل أن هذا العالم الأكبر و العالم الأصغر من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك و تدور حيث دارت متعبة لا تفتر و سائرة لا تقف، ثم قال: و إن لكل نجم منها موكل مدبر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 470

فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين، فلو كانت قديمة أزلية لم تتغير من حال إلى حال، ثم قال: فما تقول في علم النجوم؟ قال: هو علم قلت منافعه، و كثرت مضراته، لأنه لا يدفع به المقدور، و لا يتقى به المحذور، إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، و إن أخبر هو بخير لم يستطع تعجيله و إن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، و المنجم يضاد الله في علمه بزعمه أنه يرد قضاء الله عن خلقه.

أقول: هذا الخبر و إن كان فيه إشعار بكونها علامات لكن يدل على نفي تأثيرها، و عدم جواز الاعتماد عليها حتى في اختيار الساعات.

السادس: ما رواه السيد ابن طاوس قال وجدت في أصل من أصول أصحابنا اسمه كتاب التجمل بإسناده عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان قد علم نبوة نوح عليه السلام بالنجوم.

أقول: هذا الخبر مرسل، و يدل على أنه يمكن أن يعرف بعض الأشياء بالنجوم، و لا يدل على جواز النظر في علمها و استخراج الأحكام منها، و كذا الأخبار التي أوردها بأن ولادة إبراهيم عليه السلام عرفت بالنجوم، و كذا بعثة النبي صلى الله عليه و آله و غيرها من الحوادث، إذ شي‏ء منها لا يعارض الأخبار الدالة عن المنع، و لا ينافيها السابع: ما رواه الصدوق في الخصال بسند فيه جهالة، عن أبي الحصين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: سئل رسول الله صلى الله عليه و آله عن الساعة، فقال: عند إيمان بالنجوم و تكذيب بالقدر.

الثامن: ما رواه في الكتاب المذكور بإسناد فيه جهالة عن الصادق عليه السلام، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: أربعة لا تزال في أمتي إلى يوم القيامة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 471

الفخر بالأحساب، و الطعن في الأنساب و الاستسقاء بالنجوم و النياحة".

أقول: هذان الخبران يدلان على عدم جواز الاعتقاد بأحكام النجوم، و يحتمل أن يكون المراد اعتقاد تأثيرها.

التاسع: ما رواه أيضا بإسناد فيه ضعف عن الباقر عليه السلام عن آبائه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه و آله عن خصال، و ساق الحديث (إلى أن قال) و عن النظر في النجوم و هذا أيضا يدل ظاهرا على عدم جواز النظر في علم النجوم.

العاشر: ما رواه بسند فيه جهالة، عن نصر بن قابوس قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: المنجم ملعون، و الكاهن ملعون، و الساحر ملعون، و المغنية ملعونة و من آواها و أكل كسبها ملعون.

و قال عليه السلام: المنجم كالكاهن، و الكاهن كالساحر، و الساحر كافر، و الكافر في النار أقول: هذا الخبر كسابقه في الدلالة.

و قال الصدوق (ره) بعد ذكر هذا الخبر: المنجم الملعون هو الذي يقول بقدم الفلك، و لا يقول بفلكه و خالقه تعالى.

أقول: يحتمل أن يكون مراده أن المنجم الكافر هو هذا ليستحق اللعن حقيقة أو أن المنجم المذموم مطلقا هو من كان كذلك.

الحادي عشر: ما رواه السيد ابن طاوس في كتاب فتح الأبواب، قال: ذكر الفاضل محمد بن علي بن محمد في كتاب له في العمل ما هذا لفظه دعاء الاستخارة عن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 472

الصادق تقوله بعد فراغك من صلاة الاستخارة، تقول: اللهم إنك خلقت أقواما يلجأون إلى مطالع النجوم لأوقات حركاتهم و سكونهم، و تصرفهم و عقدهم، و خلقتني أبرأ إليك من اللجإ إليها، و من طلب الاختيارات بها و أتيقن أنك لم تطلع أحدا على غيبك في مواقعها، و لم تسهل له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، و أنك قادر على نقلها في مداراتها في سيرها عن السعود العامة و الخاصة إلى النحوس، و من النحوس الشاملة و المفردة إلى السعود لأنك تمحو ما تشاء و تثبت و عندك أم الكتاب و لأنها خلق من خلقك، و صنعة من صنيعك، و ما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله، و استمد الاختيار لنفسه و هم أولئك و لا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، و أسألك بما تملكه و تقدر عليه و أنت به ملي، و عنه غني، و إليه غير محتاج، و به غير مكترث من الخيرة الجامعة للسلامة و العافية و الغنيمة لعبدك. إلى آخر الدعاء.

أقول: هذا الدعاء فقراته الكاملة مصرحة بكون سعود الكواكب و نحوسها إنما يظهر لمن لم يصح توكله على ربه، و لم يفوض جميع أموره إليه، و من كان كذلك و استعان بربه تعالى هيأ الله له الخيرة في جميع أموره، و لم يتضرر بشي‏ء من ذلك كما مر في الطيرة، و في بعض فقراتها يدل على أن العلم بأحوالها من الغيوب التي لم يطلع عليها الخلق.

الثاني عشر: ما رواه في رسالة النجوم قال: وجدت في كتاب عتيق من عطاء قال: قيل لعلي عليه السلام: هل كان للنجوم أصل؟ قال: نعم نبي من الأنبياء قال له قومه، إنا لا نؤمن لك حتى تعلمنا بدء الخلق و آجاله فأوحى الله إلى غمامة فأمطرتهم و استنقع حول الجبل ماء صافيا ثم أوحى الله إلى الشمس و القمر و النجوم أن تجري في ذلك الماء ثم أوحى الله إلى ذلك النبي أن يرتقي هو و قومه على الجبل فارتقوا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 473

الجبل فقاموا على الماء حتى عرفوا بدؤ الخلق و آجاله بمجاري الشمس و القمر و النجوم و ساعات الليل و النهار، و كان أحدهم يعلم من يموت و متى يمرض و من ذا الذي يولد له، و من ذا الذي لا يولد له، فبقوا كذلك برهة من دهرهم ثم إن داود عليه السلام قاتلهم على الكفر فأخرجوا إلى داود في القتال من لم يحضر أجله و من حضر أجله خلفوه في بيوتهم فكان يقتل من أصحاب داود و لا يقتل من هؤلاء أحد، فقال داود: رب أقاتل على طاعتك و يقاتل هؤلاء على معصيتك، يقتل أصحابي و لا يقتل من هؤلاء أحد فأوحى الله إني كنت علمتهم بدؤ الخلق و آجاله إنما أخرجوا إليك من لم يحضر أجله و من حضر أجله خلفوه في بيوتهم، فمن ثم يقتل من أصحابك و لا يقتل منهم أحد، قال داود: يا رب على ما ذا علمتهم؟ قال: على مجاري الشمس" و القمر، و النجوم و ساعات الليل و النهار، قال: فدعا الله تعالى فحبس الشمس عليهم فزاد في النهار و اختلطت الزيادة بالليل و النهار فلم يعرفوا قدر الزيادة، فاختلط حسابهم، و قال علي عليه السلام: فمن ثم كره النظر في علم النجوم.

أقول: هذا الخبر مع إرساله و ضعفه يدل على أن لهذا العلم كانت حقيقة فبطلت الآن و ظاهر التعليل و التفريع أن يكون الكراهة هنا بمعنى الحرمة.

الثالث عشر: ما رواه السيد في نهج البلاغة في خطبة الأشباح حيث قال عليه السلام:

و أجراها على إذلال تسخيرها من ثبات ثابتها و مسير سائرها و هبوطها و صعودها و نحوسها و سعودها.

أقول: لا يدل إلا على أن لها سعودا و نحوسا.

الرابع عشر: ما رواه السيد ابن طاوس (ره) قال: رويت بعدة طرق إلى يونس بن عبد الرحمن في جامعه الصغير بإسناده قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 474

فداك أخبرني عن علم النجوم ما هو؟ قال: هو علم من علم الأنبياء، قال: فقلت كان علي عليه السلام يعلمه؟ فقال: كان أعلم الناس به أقول: دلالته كما مر.

الخامس عشر: ما رواه السيد أيضا من كتاب تعبير الرؤيا للكليني (ره) بإسناده عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قوم يقولون النجوم أصح من الرؤيا، و ذلك كانت صحيحة حين لم يرد الشمس على يوشع بن نون، و على أمير المؤمنين، فلما رد الله تعالى الشمس عليهما ضل فيها علماء النجوم.

و هذا الخبر يدل، على عدم صحة أحكام النجوم الآن، و يلزمه عدم جواز الإخبار بها كما لا يخفى.

السادس عشر: ما رواه السيد من كتاب نوادر الحكمة تأليف محمد بن أحمد بن عبد الله القمي رواه عن الرضا عليه السلام قال: قال أبو الحسن عليه السلام للحسن بن سهل: كيف حسابك للنجوم؟ فقال: ما بقي منها شي‏ء إلا و قد تعلمته، فقال أبو الحسن عليه السلام:

كم لنور الشمس على نور القمر فضل درجة؟ و كم لنور القمر على نور المشتري فضل درجة؟ و كم لنور المشتري على نور الزهرة فضل درجة؟ فقال: لا أدري، فقال:

ليس في يدك شي‏ء هذا أيسر.

أقول: يفهم منه أن لأمثال هذه مدخلا في الأحكام النجومية، و المنجمون لا يعرفونها فلا يجوز إخبارهم بما لا يعرفون حقيقتها.

السابع عشر: قال السيد: في كتاب مسائل الصباح بن نصر الهندي رواية أبي العباس بن نوح و محمد بن أحمد الصفواني بالإسناد المتصل فيه عن الريان بن الصلت أن الصباح سأل الرضا عليه السلام عن علم النجوم؟ فقال هو علم في أصل صحيح ذكروا أن أول من تكلم في النجوم إدريس، و كان ذو القرنين بها ماهرا و أصل هذا العلم من عند الله، و يقال: إن الله بعث النجم الذي يقال له المشتري إلى الأرض‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 475

في صورة رجل، فأتى بلد العجم. فعلمهم في حديث طويل فلم يستكملوا ذلك، فأتى بلد الهند فعلم رجلا منهم فمن هناك صار علم النجوم بها و قد قال قوم هو علم من علم الأنبياء خصوا به لأسباب شتى فلم يستدرك المنجمون الدقيقة فيها فشابوا الحق بالكذب.

أقول: هذا الخبر يدل على أن لهذا العلم أصلا صحيحا و ما في يد المنجمين مخلوط بالكذب، فلا يجوز إخبارهم بها، على أن بعض كلماته عليه السلام يشعر بالتقية كما لا يخفى على اللبيب، لأن مأمون لعنه الله كان مولعا بأمثال ذلك كما هو المشهور.

الثامن عشر: ما رواه السيد عن كتاب معاوية بن حكم، عن محمد بن زياد، عن محمد بن يحيى الخثعمي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النجوم حق هي؟ قال لي: نعم فقلت له: و في الأرض من يعلمها؟ قال: نعم.

و الخبر موثق إن كان محمد بن زياد هو ابن أبي عمير، و إلا فمجهول، و دلالته كما مر مرارا، و ظاهره أنه لا يعلمها إلا أهل البيت عليهم السلام.

التاسع عشر: ما رواه السيد عن الكتاب المذكور مرسلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في السماء أربعة نجوم ما يعلمها إلا أهل بيت من العرب، و أهل بيت من الهند يعرفون منها نجما واحدا، فبذلك قام حسابهم و الكلام فيه كما مر.

العشرون: ما رواه السيد من كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري بإسناده عن بياع السابري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن لي في النظرة في النجوم لذة، و هي معيبة عند الناس فإن كان فيها إثم تركت ذلك، و إن لم يكن فيها إثم فإن لي فيها لذة، قال: فقال: تعد الطوالع؟ قلت نعم فعددتها له فقال: كم تسقي الشمس‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 476

القمر من نورها؟ قلت: هذا شي‏ء لم أسمعه قط، فقال: و كم تسقي الزهرة الشمس من نورها؟ قلت و لا هذا، قال فكم تسقى الشمس من اللوح المحفوظ من نوره؟ قلت:

و هذا شي‏ء ما أسمعه قط، قال: فقال: هذا شي‏ء إذا عرفه الرجل عرف أوسط قصبة في الأجمة ثم قال: ليس يعلم النجوم إلا أهل بيت من قريش، و أهل بيت من الهند.

و قد سبق الكلام في مثله.

الحادي و العشرون: ما رواه السيد من كتاب التجمل بإسناده عن حفص بن البختري، قال: ذكرت النجوم عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: ما يعلمها إلا أهل بيت بالهند و أهل بيت من العرب.

و قد عرفت عدم دلالته على أنه يجوز لغيرهم عليهم السلام النظر فيه.

الثاني و العشرون: ما رواه السيد من الكتاب المذكور أيضا عن محمد و هارون ابني أبي سهل أنهما كتبا إلى أبي عبد الله عليه السلام أن أبانا و جدنا كان ينظر في النجوم فهل يحل النظر فيها؟ قال: نعم.

و فيه أيضا أنهما كتبا إليه نحن ولد بنو نوبخت المنجم و قد كنا كتبنا إليك هل يحل النظر فيها فكتبت نعم، و المنجمون يختلفون في صفة الفلك فبعضهم يقول: إن الفلك فيه النجوم و الشمس و القمر معلق بالسماء و هو دون السماء و هو الذي يدور بالنجوم، و الشمس و القمر و السماء، و أنها لا تتحرك و لا تدور، و يقولون دوران الفلك تحت الأرض، و أن الشمس تدور مع الفلك تحت الأرض تغيب في المغرب تحت الأرض، و تطلع بالغداة من المشرق، فكتب نعم ما لم يخرج من التوحيد.

و الخبر مرسل مجهول، و يدل على جواز النظر في النجوم و علم الهيئة ما لم يخل بالتوحيد.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 477

الثالث و العشرون: ما أورده السيد من الكتاب المذكور أبو محمد عن الحسن بن عمر، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى:" يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ" قال: كان القمر منحوسا بزحل و يدل على نحوسة بعض الكواكب و أوضاعها.

الرابع و العشرون: ما رواه السيد من كتاب التوقيعات للحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى بإسناده قال: قال كتب معقلة بن إسحاق إلى علي بن جعفر عليه السلام رقعة يعلمه فيها أن المنجم كتب ميلاده و وقت عمره وقتا و قد قارب ذلك الوقت و خاف على نفسه، فأوصل علي بن جعفر رقعته إلى الكاظم عليه السلام فكتب عليه السلام إليه رقعة طويلة أمره فيها بالصوم و الصلة و البر و الصدقة و الاستغفار و كتب في آخرها فقد و الله ساءني أمره فوق ما أصف، على أني أرجو أن يزيد الله في عمره و يبطل قول المنجم فما أطلعه الله على الغيب و الحمد لله.

أقول: يدل الخبر على عدم اطلاع المنجمين على أمثال ذلك، و على أنه لو كان له أصل يندفع بأفعال البر و الخير.

الخامس و العشرون: ما رواه محمد بن شهرآشوب في كتاب المناقب مرسلا عن أبي بصير قال: رأيت رجلا يسأل أبا عبد الله عن النجوم؟ فلما خرج من عنده قلت له: هذا علم له أصل؟ قال: نعم، قلت حدثني عنه، قال: أحدثك عنه بالسعد و لا أحدثك بالنحس، إن الله جل اسمه فرض صلاة الفجر لأول ساعة، فهو فرض و هي سعد، و فرض الظهر لسبع ساعات و هو فرض و هي سعد، و جعل العصر لتسع ساعات فهو فرض و هي سعد، و المغرب لأول ساعة من الليل و هو فرض و هي سعد، و العتمة لثلاث ساعات و هو فرض و هي سعد.

أقول: يدل على أن أصله حق و لا ينبغي طلبه و تحصيله و النظر فيه، إلا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 478

بقدر ما يعلم به أوقات الفرائض. السادس و العشرون: ما رواه الصدوق في الفقيه بسند صحيح عن ابن أبي عمير أنه قال: كنت أنظر في النجوم و أعرفها و أعرف الطالع فيدخلني من ذلك شي‏ء فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر، فقال: إذا وقع في نفسك شي‏ء فتصدق على أول مسكين، ثم امض فإن الله يدفع عنك.

و رواه البرقي في المحاسن، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن سفيان بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام. و يدل على أن تأثيرها من حيث التطير و تأثير النفس بها، و يمكن دفعه بالصدقة. و يدل أخبار كثيرة على أن من تصدق بصدقة يدفع الله عنه نحس ذلك اليوم.

السابع و العشرون: ما رواه الصدوق أيضا في الفقيه بسند حسن عن عبد الملك ابن أعين قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني قد ابتليت بهذا العلم فأريد الحاجة فإذا نظرت إلى الطالع و رأيت الطالع الشر جلست، و لم أذهب فيها و إذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة، فقال لي تقضي؟ قلت: نعم، قال أحرق كتبك.

قوله عليه السلام:" تقضي" أي تحكم للناس بأمثال ذلك و تخبرهم بأحكام النجوم و سعودها و نحوسها، أو بالمجهول، أي إذا أذهبت في الطالع الخير تقضي حاجتك و تعتقد ذلك و على التقديرين يدل على عدم جواز النظر في النجوم، و الإخبار بأحكامها و مراعاتها، و تأويله بأن المراد الحكم بأن للنجوم تأثيرا بعيد.

الثامن و العشرون: ما رآه علي بن إبراهيم في تفسيره بسند فيه جهالة عن أبي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 479

عبد الرحمن السلمي أن عليا عليه السلام قرأ بهم الواقعة" و تجعلون شكركم أنكم تكذبون" فلما انصرف قال: إني قد عرفت أنه سيقول قائل: لم قرأ هكذا قرأتها لأني سمعت رسول الله يقرأها كذلك و كانوا إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا و كذا، فأنزل الله" و تجعلون شكركم إنكم تكذبون".

أقول: هذا الخبر يدل على عدم جواز نسبة الحوادث إلى النجوم.

التاسع و العشرون: ما رواه الصدوق في معاني الأخبار بسند معتبر عن حمران ابن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: ثلاثة من عمل الجاهلية الفخر بالأنساب و الطعن في الأحساب و الاستسقاء بالأنواء.

الثلاثون: ما رواه العياشي مرسلا، عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى:" ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ" قال: كانوا يمطرون بنوء كذا و بنوء كذا، و منها أنهم كانوا يأتون الكهان فيصدقونهم بما يقولون.

الحادي و الثلاثون: ما رواه الكليني بسند فيه إرسال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان بيني و بين رجل قسمة أرض، و كان الرجل صاحب نجوم، و كان يتوخى ساعة السعود فيخرج فيها و أخرج أنا في ساعة النحوس فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين فضرب الرجل يده اليمنى على اليسرى ثم قال ما رأيت كاليوم قط، قلت:

ويل الآخر و ما ذاك؟ قال: إني صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس، و خرجت‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 480

أنا في ساعة السعود، ثم قسمنا فخرج لك خير القسمين، فقلت: أ لا أحدثك بحديث حدثني به أبي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله من سره أن يدفع الله عنه نحس يوم القيامة فليفتتح يومه بصدقة، يذهب الله بها عنه نحس يومه و من أحب أن يذهب الله عنه نحس ليلته. فليفتتح ليلته بصدقة، يدفع الله عنه نحس ليلته، فقلت: إني افتتحت خروجي بصدقة فهذا خير لك من النجوم".

فهذا الخبر يدل على أنه لو كان لها نحوسة فهي تدفع بالصدقة و أنه لا ينبغي مراعاتها، بل ينبغي التوسل في دفع أمثال ذلك بما ورد عن المعصومين من الدعاء و الصدقة، و التوكل على الله تعالى.

الثاني و الثلاثون: الخبر المجهول الذي مر في الثالث و الثلاثين و المائتين عن ابن سيابة، و هو و إن كان أوله يدل على تجويز النظر فيها لكن آخره كان يشعر بالمنع لعدم الإحاطة بها لغيرهم عليهم السلام.

الثالث و الثلاثون: الخبر الضعيف الذي مر في التاسع و الستين و الثلاثمائة و كان يدل على كون زحل سعدا على خلاف ما يتوهمه المنجمون.

الرابع و الثلاثون: ما مر في الرابع و السبعين و الأربعمائة و قد عرفت ما فيه و قد عرفت أيضا ما ينافي هذين الخبرين الذين سبقا آنفا، و سنتكلم فيما سيأتي من الأخبار إن شاء الله تعالى.

و أنت إذا أحطت خبرا بما تلونا عليك من الأقوال و الأخبار علمت أن القول باستقلال النجوم في تأثيرها كفر و خلاف لضرورة الدين، و أن القول بالتأثير

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 481

الناقص إما كفر أو فسق، و أن تعلم النجوم و تعليمها و النظر فيها مع عدم اعتقاد تأثيرها أصلا مختلف فيه، و قد ظهر لك قوة أخبار المنع و كثرتها أو ضعف أخبار الجواز و عدم دلالة أكثرها مع تأيد الأخبار الأولة بما يدل على المنع عن القول بغير علم، و بما ورد في الحث على الدعاء و الصدقة و أنهما و سائر أبواب البر مما تدفع البلايا، و بأن الأئمة لم ينقل عنهم مراعاة الساعات و النظرات في الأعمال، و ما ورد في خصوص السفر و التزويج من رعاية خصوص العقرب و المحاق لا يدل على مراعاة جميع الساعات، و النظرات في جميع الأعمال و إنما عدلنا عن الإيجاز هنا إلى الإطناب لأن كثيرا من أهل عصرنا تقربوا إلى الأمراء و الحكام بتجويز ذلك و صار ذلك سببا لتدين أكثر الخلق و اعتقادهم صحته، و لزوم مراعاته، و في بالي إن وفقني الله تعالى أن أكتب في ذلك رسالة مفردة، أذكر فيها وجوه الاستدلال من كل خبر، و أبين ما يصلح منها للعمل، و أشرحها ليظهر المراد منها، و فيما ذكرنا كفاية لمن تفكر و نظر فيها بعين الإنصاف، و جانب التكلف و التصلف و الاعتساف.

 (الحديث التاسع و الخمسمائة)

 (1): مجهول.

و الظاهر أن عبيد الله هو عبيد الله أحمد بن نهيك الذي و ثقة النجاشي و هو المكنى بأبي العباس، و ذكر الشيخ أنه روى عنه كتبه حميد، لكنه غير مشهور بالدهقان و المشتهر به هو عبيد الله بن عبد الله.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 482

قوله عليه السلام:" حين ظهرت المسودة"

 (1) أي أصحاب أبي مسلم المروزي، لأنهم كانوا يلبسون السواد.

قوله عليه السلام:" ما أنا لهؤلاء بإمام"

 (2) أي إنهم لاستعجالهم، و عدم التسليم لإمامهم خارجون عن شيعته و المقتدين به.

قوله عليه السلام:" إنما يقتل السفياني"

 (3) أي إما يعلمون أن القائم يقتل السفياني الخارج قبله كما يظهر من كثير من الأخبار أنه عليه السلام يقتله، أو أ ما يعلمون أن من علامات ظهور دولة أهل البيت قتل السفياني قبل ذلك، و السفياني لم يخرج، و لم يقتل بعد فكيف يصح لنا الخروج و الجهاد.

 (الحديث العاشر و الخمسمائة)

 (4): موثق. إذ الظاهر أن‏

محمد بن زياد

 (5) هو ابن أبي عمير.

و يدل على أن المراد بالبيوت البيوت الصورية، و بعض الأخبار يدل على أن المراد بها البيوت المعنوية كما هو الشائع بين العرب و العجم، و لا يأباه هذا الخبر أيضا و قد بسطنا الكلام في ذلك في بحار الأنوار.

 (الحديث الحادي عشر و الخمسمائة)

 (6): مجهول.

قوله عليه السلام:" ذات الفضول"

 (7) قال الجزري: فيه" أن اسم درعه عليه الصلاة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 483

و السلام كانت ذات الفضول" و قيل ذو الفضول لفضلة كان فيها و سعة.

و الورق‏

 (1) بكسر الراء و قد تسكن-: الفضة، و يدل على جواز استعمال أمثال ذلك من الفضة في ملابس الحرب أو مطلقا.

 (الحديث الثاني عشر و الخمسمائة)

 (2): موثق.

قوله عليه السلام:" أبرق"

 (3) قال الجوهري: الأبرق: الحبل الذي فيه لونان.

 (الحديث الثالث عشر و الخمسمائة)

 (4): موثق.

قوله:" لتنتهين"

 (5) أي عما كان يقول من حقية أمير المؤمنين و خلافته، و غصب الثلاثة و كفرهم و بدعهم.

قوله:" إلى ربك الأول"

 (6) أي الرب تعالى، أو الصنم الذي كانوا يعبدونه قبل الإسلام، و في قول مقداد (رضي الله عنه) الأول متعين، و على التقديرين تهديد له بالقتل.

 (الحديث الرابع عشر و الخمسمائة)

 (7): موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 484

 (الحديث الخامس عشر و الخمسمائة)

 (1): موثق.

" له القصواء"

 (2) قال الجزري: في الحديث" أنه خطب على ناقته القصواء" و هو لقب ناقة رسول الله صلى الله عليه و آله و القصواء: الناقة التي قطع طرف أذنها، و كل ما قطع من الأذن فهو جدع فإذا بلغ الربع فهو قصو، و إذا جاوزه فهو عضب، و لم تكن ناقة النبي صلى الله عليه و آله قصواء و إنما كان هذا لقبا لها، و قيل: كانت مقطوعة الأذن.

و

قوله عليه السلام:" فشكته"

 (3) إما باللسان، أو بالإشارات، و على التقديرين فهو من معجزاته.

 (الحديث السادس عشر و الخمسمائة)

 (4): مجهول.

قوله عليه السلام:" تسع ساعات"

 (5) أقول: هذا أحد الأقوال فيه، و قيل: تسعة أشهر و هو قول النصارى، و قيل: ثمانية أشهر، و قيل: ستة أشهر، و قيل: ثلاث ساعات و قيل: ساعة واحدة و ظاهر الآية ينفي القولين الأوسطين، حيث قال تعالى:" فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا" إذ الفاء تدل على التعقيب بلا تراخ.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 485

 (الحديث السابع عشر و الخمسمائة)

 (1): موثق.

قوله:" إن المغيرية"

 (2) أي أتباع مغيرة بن سعيد البجلي.

قوله عليه السلام:" إن أهل بطن نخلة"

 (3) إشارة إلى ما ذكره المفسرون و المؤرخون إن النبي صلى الله عليه و آله بعث عبد الله بن جحش معه ثمانية رهط من المهاجرين، و قيل اثني عشر و أمره أن ينزل نخلة بين مكة و الطائف فيرصد قريشا و يعلم أخبارهم فانطلقوا حتى هبطوا نخلة، فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي عير تجارة قريش في آخر يوم جمادى الآخرة و كانوا يرون أنه من جمادى، و هو رجب، فاختصم المسلمون، فقال: قائل منهم هذه غرة من غدر و غنم رزقتموه، فلا ندري أ من الشهر الحرام هذا اليوم أم لا؟

فقال قائل منهم: لا نعلم هذا اليوم إلا من الشهر الحرام، و لا نرى أن تستحلوه لطمع أشفيتم عليه فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه و غنموا عيره، فبلغ ذلك كفار قريش فركب وفدهم حتى قدموا على النبي فقالوا: أ يحل القتال في الشهر الحرام فأنزل الله تعالى" يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ" الآية و يظهر من هذا الخبر كما يظهر من بعض السير أنهم إنما فعلوا ذلك بعد علمهم بكونه من شهر رجب بأن رأوا الهلال و استشهاده عليه السلام بأن الصحابة حكموا بعد رؤية الهلال بدخول رجب، فالليل سابق على النهار، و يحسب معه يوما.

 (الحديث الثامن عشر و الخمسمائة)

 (4): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 486

قوله عليه السلام:" إن الشيعة الخاصة"

 (1) أي من يتابعني في جميع أقوالي و أفعالي ليس إلا من أهل بيتي أو شيعتنا أهل البيت إذا كانوا خالصين لنا و من خواصنا فهم لشدة ارتباطهم بنا كأنهم منا، و الأخير أظهر، و الأول أوفق بالتفسير الذي ذكره.

قوله:" و منارة أهل البيت"

 (2) المنارة: علم الطريق، و ما يوضع فوقها السراج أي هو العلم الذي يقتدي أهل البيت به، و يهتدون بأنوار علمه، و أهل البيت هم الذين يستضي‏ء بهم سائر الخلق.

قوله عليه السلام:" إلا ليوافق"

 (3) أي ليعلم به الموافق و المخالف.

 (الحديث التاسع عشر و الخمسمائة)

 (4): صحيح.

قوله عليه السلام:" إن أحوج ما تكونون"

 (5) أي إلى ولايتنا.

 (الحديث العشرون و الخمسمائة)

 (6): موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 487

 (الحديث الحادي و العشرون و الخمسمائة)

 (1): مجهول.

 (الحديث الثاني و العشرون و الخمسمائة)

 (2): حسن كالصحيح، و قد يعد صحيحا.

قوله عليه السلام:" لا تحملوا على شيعتنا"

 (3) أي لا تكلفوا أوساط الشيعة بالتكاليف الشاقة في العلم و العمل، بل علموهم و ادعوهم إلى العمل برفق ليكملوا، فإنهم لا يحتملون من العلوم و الأسرار و تحمل المشاق في الطاعات ما تحتملون.

و قيل: المراد التحريض على التقية، أي لا تحملوا الناس بترك التقية على رقاب شيعتنا و ارفقوا بهم، أي بالمخالفين، فإنهم لا يصبرون على أذاكم كما تصبرون عنهم، و لا يخفى بعده، و في بعض النسخ [ما يحملون‏] بصيغة الغيبة، فيحتمل أن يكون المراد على ما ذكرنا أولا، أن الناس أي المخالفين لا يحملون من العلوم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 488

ما يحمله هؤلاء الضعفاء من الشيعة، فكذلك هؤلاء الضعفاء لا يحملون ما تحملون أنتم.

 (الحديث الثالث و العشرون و الخمسمائة)

 (1): مجهول، و يحتمل أن يكون‏

الجمال‏

 (2)، حسين بن أبي سعيد المكاري، فالخبر حسن، أو موثق.

قوله عليه السلام:" هما"

 (3) أي أبو بكر و عمر و المراد ب

" فلان"

 (4) عمر أي الجن المذكور في الآية عمر، و إنما سمي به لأنه كان شيطانا، إما لأنه كان شرك شيطان لكونه ولد زناء أو لأنه كان في المكر و الخديعة كالشيطان، و على الأخير يحتمل العكس بأن يكون المراد بفلان أبا بكر.

 (الحديث الرابع و العشرون و الخمسمائة)

 (5): مجهول، و يمكن أن يعد حسنا لأن الظاهر أن سورة هو الأسدي.

قوله عليه السلام:" إنا لخزان علم الله في السماء"

 (6) أي بين أهل السماء و الأرض أو العلوم السماوية و الأرضية.

 (الحديث الخامس و العشرون و الخمسمائة)

 (7): صحيح.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 489

قوله تعالى:" إِذْ يُبَيِّتُونَ"

 (1) يقال: بيت أمرا، أي دبره ليلا، و فلان أبو بكر و عمر.

و روى العياشي عن عمر بن صالح، الأول و الثاني و أبو عبيدة بن الجراح و هو إشارة إلى ما دبر هؤلاء في أن لا تكون الخلافة لعلي عليه السلام، و كتبوا بذلك صحيفة عند الكعبة، و تعاقدوا على ذلك، فأنزل الله تعالى تلك الآيات و أخبر نبيه بذلك و قد أوردناه مشروحا في كتاب بحار الأنوار.

 (الحديث السادس و العشرون و الخمسمائة)

 (2): ضعيف.

قوله تعالى:" فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ"

 (3) أي عن عقابهم لمصلحة في استبقائهم أو عن قبول معذرتهم و في بعض النسخ‏

 [و ما أرسلناك رسولا إلا لتطاع‏]

 (4) و كأنها كانت هكذا في مصحفهم عليهم السلام و في بعضها كما في القرآن.

قوله عليه السلام:" يعني و الله النبي و عليا"

 (5) أي المراد بالرسول صلى الله عليه و آله في‏

قوله تعالى" وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ"

 (6) النبي صلى الله عليه و آله، و المخاطب في‏

قوله" جاؤُكَ"

 (7) علي عليه السلام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 490

و لو كان المخاطب الرسول لكان الظاهر أن يقول" و استغفرت لهم" و في بعض نسخ تفسير العياشي يعني و الله عليا عليه السلام و هو أظهر.

قوله عليه السلام:" هو و الله على"

 (1) أي المخاطب، أو المراد بما شجر بينهم ما شجر بينهم في أمر علي عليه السلام و خلافته، و الأول أظهر، و روى علي بن إبراهيم في تفسيره، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:" وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ" يا علي" فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً" هكذا نزلت ثم قال" فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ" يا علي‏

" فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ"

 (2) يعني فيما تعاهدوا و تعاقدوا عليه بينهم من خلافك و غصبك" ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ" عليهم يا محمد على لسانك من ولايته، و يسلموا تسليما لعلي عليه السلام.

قوله:" مما قضيت على لسانك"

 (3) ظاهره أنه كان في مصحفهم عليهم السلام على صيغة المتكلم، و يحتمل أن يكون بيانا لحاصل المعنى، أي المراد بقضاء الرسول ما يقضي الله على لسانه.

 (الحديث السابع و العشرون و الخمسمائة)

 (4): صحيح.

قوله:" ما تعبر عنه"

 (5) أي تقع مطابقة لما عبرت به.

 (الحديث الثامن و العشرون و الخمسمائة)

 (6): موثق.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 491

قوله:" كانت أضغاث أحلام"

 (1) أي لم تكن لها حقيقة، و إنما وقعت كذلك لتعبير يوسف عليه السلام، و إنما أورد الراوي تلك الرواية تأييدا لما ذكره عليه السلام.

قوله صلى الله عليه و آله:" يقدم زوجك"

 (2) لعله صلى الله عليه و آله عبر انكسار أسطوانة بيتها بفوات ما كان لها من التمكن، و الاستقلال و التصرف في غيبته.

قوله عليه السلام:" رجلا أعسر"

 (3) قال الفيروزآبادي: يوم عسر و عسير و أعسر شديد أو شؤم و أعسر يسر يعمل بيديه جميعا فإن عمل بالشمال فهو أعسر انتهى.

و المراد هنا الشؤم أو من يعمل باليسار فإنه أيضا مشوم، و يظهر من روايات المخالفين إن هذا الأعسر كان أبا بكر و لعله عليه السلام لم يصرح باسمه تقية.

قال في النهاية: فيه امرأة أتت النبي صلى الله عليه و آله فقالت رأيت كان جائز بيتي انكسر فقال: يرد الله غائبك فرجع زوجها ثم غاب فرأت مثل ذلك فأتت النبي صلى الله عليه و آله فلم تجده و وجدت أبا بكر فأخبرته، فقال: يموت زوجك، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و آله فقال هل قصصتها على أحد؟ قالت: نعم، قال: هو كما قيل لك الجائز: الخشبة التي توضع عليها أطراف العوارض في سقف البيت.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 492

 (الحديث التاسع و العشرون و الخمسمائة)

 (1): حسن. و لا يقصر عن الصحيح.

قوله:" ترفرف"

 (2) رف الطائر أي بسط جناحيه كرفرف و الرفرفة تحريك الظليم جناحيه حول الشي‏ء يريد أن يقع عليه، و في تشبيه الرؤيا بالطير و إثبات الرفرفة له و ترشيحه بالقص، الذي هو قطع الجناح و بلزوم الأرض، لطائف لا تخفى.

 (الحديث الثلاثون و الخمسمائة)

 (3): مجهول.

قوله صلى الله عليه و آله:" خلا من الحسد و البغي"

 (4) أي ليعبرها بخير.

 (الحديث الحادي و الثلاثون و الخمسمائة)

 (5): مرسل.

قوله عليه السلام:" سمي ذو النمرة من قبحه"

 (6) النمرة النكتة من أي لون كان، و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 493

كأنه كان قبحه لعلامات في وجهه.

 (الحديث الثاني و الثلاثون و الخمسمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" أن تريه"

 (2) بفتح الراء، حذفت النون من الواحدة المخاطبة للناصب و في المشهور لا يشبع الضمير كإليه و عليه، و الإشباع طريق ابن كثير.

قوله:" أم بغير أكل"

 (3) أي مدة قليلة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 494

 (الحديث الثالث و الثلاثون و الخمسمائة)

 (1): صحيح.

قوله عليه السلام:" من عبد فيه غير الله"

 (2) أي تلك الأشياء أشد أفرادها، فلا ينافي ما ورد في بعض الأخبار أن ضرب الخادم من ذلك.

 (الحديث الرابع و الثلاثون و الخمسمائة)

 (3): مجهول.

قوله تعالى:" مِنْ دِيارِهِمْ"

 (4) قال البيضاوي: يعني مكة

" بِغَيْرِ حَقٍّ"

 (5) بغير موجب استحقوا به‏

" إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ"

 (6) على طريقة قول النابغة:

         و لا عيب فيهم غير أن سيوفهم             بهن فلول من قراع الكتائب‏

 و قيل: منقطع.

 (الحديث الخامس و الثلاثون و الخمسمائة)

 (7): مجهول على المشهور.

و كان الوالد (قدس سره) يعده صحيحا لظنه اتحاد يزيد الكناسي و أبي خالد القماط.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 495

قوله تعالى:" فَيَقُولُ ما ذا"

 (1) قال الطبرسي: أي ما الذي أجابكم قومكم فيما دعوتموهم إليه و هذا تقرير في صورة الاستفهام‏

" قالُوا لا عِلْمَ لَنا"

 (2) قيل:

فيه أقوال:

أحدها: أن للقيامة أهوالا حتى تزول القلوب من مواضعها، فإذا رجعت القلوب إلى مواضعها شهدوا لمن صدقهم، و على من كذبهم، يريد أنهم غربت عنهم إفهامهم من هول يوم القيامة فقالوا" لا عِلْمَ لَنا" عن عطاء عن ابن عباس و الحسن و مجاهد و السدي و الكلبي و هو اختيار الفراء.

و ثانيها: إن المراد" لا عِلْمَ لَنا" كعلمك لأنك تعلم غيبهم و باطنهم و لسنا نعلم غيبهم و باطنهم و ذلك هو الذي يقع عليه الجزاء عن الحسن في رواية أخرى و اختاره الجبائي و أنكر القول الأول، و قال: كيف يجوز ذهولهم من هول يوم القيامة مع قوله سبحانه:" إنه لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ" و قوله:" فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ".

و ثالثها: إن معناه لا حقيقة لعلمنا إذ كنا نعلم جوابهم، و ما كان من أفعالهم وقت حياتنا و لا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا، و إنما الثواب و الجزاء يستحقان بما تقع به الخاتمة مما يموتون عن ابن الأنباري.

و رابعها: إن المراد لا علم لنا إلا ما علمتنا" حذف لدلالة الكلام عليه، عن ابن عباس في رواية أخرى.

و خامسها: إن المراد به تحقيق فضيحتهم أي أنت أعلم بحالهم منا، و لا يحتاج في ذلك إلى شهادتنا" إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ". انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 496

أقول: لا يخفى أن ما ذكره عليه السلام مع قطع النظر عن صدوره عن منبع الوحي و التنزيل أظهر الوجوه و هو قريب من الوجه الثالث.

 (الحديث السادس و الثلاثون و الخمسمائة) [حديث إسلام على عليه السلام‏]

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" و سبق الناس كلهم إلى الإيمان"

 (2) أقول: أجمعت علماء الشيعة على سبق إسلامه عليه السلام على جميع الصحابة، و به قال جماعة كثيرة من المخالفين، و قد تواترت الروايات الدالة عليه من طرق العامة و الخاصة، و قد أوردنا في كتاب بحار الأنوار الأخبار المستفيضة من كتبهم المعتبرة كتاريخ الطبري، و أنساب الصحابة عنه، و المعارف عن القتيبي، و تاريخ يعقوب النسوي، و عثمانية الجاحظ، و تفسير الثعلبي و كتاب أبي زرعة الدمشقي، و خصائص النطنزي، و كتاب المعرفة لأبي يوسف النسوي و أربعين الخطيب، و فردوس الديلمي، و شرف النبي للخرگوشى، و جامع الترمذي و إبانة العكبري، و تاريخ الخطيب، و مسند أحمد بن حنبل، و كتاب الطبقات لمحمد ابن سعد، و فضائل الصحابة للعكبري، و أحمد بن حنبل، و كتاب ابن مردويه الأصفهاني، و كتاب المظفر السمعاني، و أمالي سهل بن عبد الله المروزي، و تاريخ بغداد، و الرسالة القوامية، و سند الموصلي، و تفسير قتادة، و كتاب الشيرازي و غيرها مما يطول ذكرها، رووا سبق إسلامه عليه السلام بطرق متعددة عن سلمان و أبي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 497

ذر، و المقداد، و عمار، و زيد بن صوحان، و حذيفة، و أبي الهيثم، و خزيمة و أبي أيوب و الخدري و أبي رافع و أم سلمة، و سعد بن أبي وقاص، و أبي موسى الأشعري و أنس بن مالك، و أبي الطفيل، و جبير بن مطعم، و عمرو بن الحمق، و حبة العرني و جابر الحضرمي، و الحارث الأعور، و عباية الأسدي، و مالك بن الحويرث، و قثم ابن العباس، و سعيد بن قيس، و مالك الأشتر، و هاشم بن عتبة، و محمد بن كعب، و ابن مجاز، و الشعبي، و الحسن البصري، و أبي البختري، و الواقدي، و عبد الرزاق و معمر، و السدي، و غيرهم، و نسبوا القول بذلك إلى ابن عباس، و جابر بن عبد الله و أنس و زيد بن أرقم، و مجاهد و قتادة و ابن إسحاق و غيرهم.

و قيل: إن أول من أسلم خديجة، و قال بعض المعاندين من المخالفين: أول من أسلم أبو بكر، و قال بعضهم: زيد بن حارثة.

و اختلف في سنه عند ذلك قال الكلبي: كان عليه السلام ابن تسع سنين، و قال مجاهد و محمد بن إسحاق: كان ابن عشر سنين، و قيل: كان ابن أربع عشر سنة، و قيل: إحدى عشر، و قيل: اثنتي عشر، و قال ابن الأثير في الكامل: اختلف العلماء في أول من أسلم مع الاتفاق على أن خديجة أول خلق الله إسلاما، فقال قوم: أول ذكر آمن علي، روي عن علي عليه السلام أنا عبد الله و أخو رسوله، و أنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب مفتر صليت مع رسول الله صلى الله عليه و آله قبل الناس بسبع سنين و قال ابن عباس‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 498

أول من صلى علي عليه السلام و قال جابر بن عبد الله بعث: النبي يوم الاثنين، و صلى علي عليه السلام يوم الثلاثاء و قال زيد بن أرقم: أول من أسلم مع رسول الله صلى الله عليه و آله علي عليه السلام و قال عفيف الكندي: كنت امرءا تاجرا فقدمت مكة أيام الحج، فأتيت العباس فبينا نحن إذ خرج رجل فقام تجاه الكعبة يصلي، ثم خرجت امرأة فقامت تصلي معه، ثم خرج غلام، فقام يصلي معه، فقلت يا عباس ما هذا الدين؟ قال: هذا محمد بن عبد الله ابن أخي زعم أن الله أرسله، و أن كنوز قيصر و كسرى تفتح عليه، و هذه امرأته خديجة آمنت به، و هذا علي ابن أخي أبي طالب آمن به و أيم الله ما أعلم على ظهر الأرض على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة، قال عفيف: ليتني كنت رابعا.

و قال محمد بن المنذر و ربيعة بن أبي عبد الرحمن، و أبو حازم المدني، و الكلبي:

أول من أسلم علي عليه السلام قال الكلبي: كان عمره تسع سنين، و قيل إحدى عشرة سنة و قال ابن إسحاق: أول من أسلم علي عليه السلام و عمره إحدى عشرة سنة، و قيل أول من أسلم أبو بكر، و قال: إبراهيم النخعي أول من أسلم زيد بن حارثة، و قال ابن إسحاق أول ذكر أسلم بعد علي زيد بن حارثة، ثم أسلم أبو بكر و أظهر إسلامه انتهى، و من أراد الاطلاع على تفصيل القول في ذلك فليرجع إلى كتابنا الكبير.

قوله:" بضعة عشر يوما"

 (1) البضع ما بين الثلاث إلى العشرة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 499

قوله:" و وضعت جرانها"

 (1) جران البعير- بالكسر- مقدم عنقه من مذبحه إلى منحره.

قوله عليه السلام:" و هم يستريثون"

 (2) يستبطئون.

قوله صلى الله عليه و آله:" و لست أريم"

 (3) أي لا أبرح و لا أزول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 500

قوله عليه السلام:" على فطرة الإسلام"

 (1) أي بعد بعثته صلى الله عليه و آله.

قوله عليه السلام:" لتعجيل عروج ملائكة الليل"

 (2) أقول: تعليل قصر الصلاة بتعجيل عروج ملائكة الليل، ظاهر و أما تعليله بتعجيل نزول ملائكة النهار، فيمكن أن يوجه بوجوه:

الأول: أن يقال: إن صلاة الصبح إذا كانت قصيرة يعجلون في النزول ليدركوه بخلاف ما إذا كانت طويلة، لإمكان تأخيرهم النزول إلى الركعة الثالثة أو الرابعة.

و فيه: إن هذا إنما يستقيم لو لم يكن شهودهم واجبا من أول الصلاة، و هو ظاهر الخبر.

الثاني: أن يقال: اقتضت الحكمة عدم اجتماع ملائكة الليل و النهار كثيرا في الأرض فيكون تعجيل عروج ملائكة الليل أمرا مطلوبا في نفسه، و معللا أيضا بتعجيل نزول ملائكة النهار.

الثالث: أن يكون شهود ملائكة النهار لصلاة الفجر في الهواء، و يكون المراد

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 501

بنزولهم نزولهم إلى الأرض فلا ينزلون إلا مع عروج ملائكة الليل.

الرابع: ما ذكره بعض مشايخنا دام ظله من أن معناه أنه لما كانت ملائكة النهار تنزل بالتعجيل لأجل فعل ما هي مأمورة به في الأرض من كتابة الأعمال و غيرها و كان مما يتعلق بها أول النهار ناسب ذلك تخفيف الصلاة ليشتغلوا بما أمروا به، كما أن ملائكة الليل تتعجل العروج، أما لمثل ما ذكر من كونها تتعلق بها أمور بحيث يكون من أول الليل كعبادة و نحوها بل لو لم يكن إلا أمرها بالعروج إذا انقضت مدة عملها لكفى فتعجيل النزول للغرض المذكور علة له، مع تحصيلهم جميعا الصلاة معه و لا يضر كون التعجيل في الأول علة العلة. انتهى.

ثم اعلم أنه ورد في الفقيه و العلل هكذا" و اقرء الفجر على ما فرضت بمكة لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء، و لتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض فكانت ملائكة الليل و ملائكة النهار يشهدون".

فعلى هذا يزيد احتمال خامس، و هو أن يكون قصر الصلاة معللا بتعجيل العروج فقط، و أما تعجيل النزول فيكون علة لما بعده، أعني شهود ملائكة الليل و النهار جميعا.

فإن قلت: مدخول الفاء لا يعمل فيما قبله.

قلت: قد ورد في القرآن كثيرا كقوله تعالى:" وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ.

 (الحديث السابع و الثلاثون و الخمسمائة)

 (1): حسن.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 502

قوله عليه السلام:" ما رضي به الناس عنكم"

 (1) يفسره ما ذكره بعده.

 (الحديث الثامن و الثلاثون و الخمسمائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" إن أصحابهم"

 (3) أي من يستأصلهم و يقتلهم أولاد الزنا يعني بني العباس و أتباعهم.

قوله عليه السلام:" من سنينهم"

 (4) أي بني أمية، و يحتمل بني العباس، و أما أمر الفلك فقد سبق الكلام في مثله.

 (الحديث التاسع و الثلاثون و الخمسمائة)

 (5): حسن.

قوله عليه السلام:" ولد المرداس"

 (6) كناية عن ولد العباس، و لعل الوجه فيه أن عباس بن مرداس السلمي صحابي شاعر، فالمراد ولد سمي ابن المرداس.

 (الحديث الأربعون و الخمسمائة)

 (7): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 503

قوله عليه السلام:" خالد بن سنان"

 (1) ذكروا أنه كان في الفترة، و اختلفوا في ثبوته و هذا الخبر يدل على أنه كان نبيا، و ذكر ابن الأثير و غيره هذه القصة نحوا مما في الخبر.

قوله عليه السلام:" نار الحدثان"

 (2) قال السيوطي في شرح شواهد المغني ناقلا عن العسكري في ذكر أقسام النار: نار الحرتين كانت في بلاد عبس تخرج من الأرض فتؤذى من مر بها، و هي التي دفنها خالد بن سنان النبي عليه السلام، قال خليد:

         كنار الحرتين لها زفير             تصم مسامع الرجل السميع‏

 انتهى.

أقول: لعل الحدثان تصحيف الحرتين.

قوله:" هذا"

 (3) شأني و إعجازي‏

" و كل هذا من ذا"

 (4) أي من الله تعالى، و

عبس‏

 (5) بالفتح و سكون الباء أبو قبيلة من قيس.

قوله:" و جبيني يندي"

 (6) كيرضي أي يبتل من العرق.

قوله:" عانة"

 (7) العانة القطيع من حمر الوحش‏

" و العير"

 (8) بالفتح الحمار الوحشي‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 504

و قد يطلق على الأهلي أيضا

" و الأبتر"

 (1) المقطوع الذنب.

و قال الجوهري: يقال: هذا الأمر صار

سبة عليه‏

 (2) بالضم- أي عارا يسب به انتهى.

أي هذا عار عليكم أن تحبوه، و لا تؤمنوا به، أو هو يسبكم بترك الإيمان و الكفر، أو يكون هذا النبش عارا لكم عند العرب، فيقولون نبشوا قبر بينهم.

و يؤيده ما ذكره ابن الأثير قال: فأرادوا نبشه فكره ذلك بعضهم، قالوا:

نخاف إن نبشناه أن يسبنا العرب، بأنا نبشنا نبيا لنا فتركوه.

 (الحديث الحادي و الأربعون و الخمسمائة)

 (3): مختلف فيه.

قوله:" فخصموهم بحجة علي عليه السلام"

 (4) أي غلب هؤلاء الثلاثة على الأنصار في المخاصمة بحجة هي تدل على كون الأمر لعلي عليه السلام دونهم، لأنهم احتجوا عليهم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 505

بقرابة الرسول، و أمير المؤمنين كان أقرب منهم أجمعين، و قد احتج عليه السلام عليهم بذلك في مواطن.

منها ما ذكره الطبرسي في الاحتجاج أن أمير المؤمنين لما أحضر لبيعة أبي بكر قالوا له: بايع أبا بكر، فقال علي عليه السلام: أنا أحق بهذا الأمر منه، و أنتم أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله و أخذتموها منا أهل البيت غصبا، أ لستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم بمكانكم من رسول الله، فأعطوكم المقادة، و سلموا لكم الإمارة، و أنا احتججت عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، أنا أولى برسول الله حيا و ميتا، و أنا وصيه و وزيره، و مستودع سره و علمه، و أنا الصديق الأكبر و أنا أول من آمن به و صدقه و أحسنكم بلاء في جهاد المشركين، و أعرفكم بالكتاب و السنة، و أفقهكم في الدين و أعلمكم بعواقب الأمور، و أذربكم و أثبتكم جنانا، فعلى ما تنازعونا هذا الأمر أنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم، و أعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفته الأنصار لكم، و إلا فبوءوا بالظلم و أنتم تعلمون الخبر.

قوله:" ما يرضى أن يبايعوه"

 (1) في الاحتجاج" ما يرضى الناس أن يبايعوه"

قوله" سجادة"

 (2) قال المطرزي: السجادة: أثر السجود في الجبهة، انتهى،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 506

و التشمير

 (1): الجد و الاجتهاد في العبادة.

قوله صلى الله عليه و آله:" فينخر و يكسع"

 (2) النخير: صوت الأنف، و كسعه- كمنعه-:

ضرب دبره بيده، أو بصدر قدمه، و إنما كان يفعل ذلك نشاطا و فرجا و مخرجا [و فرحا و فخرا] و طربا.

 (الحديث الثاني و الأربعون و الخمسمائة)

 (3): مجهول.

قوله:" فقالوا يا سيدهم"

 (4) أي قالوا: يا سيدنا و يا مولانا، و إنما غيره لئلا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 507

يوهم انصرافه إليه عليه السلام، و هذا شائع في كلام البلغاء في نقل أمر لا يرضى القائل لنفسه كما في قوله تعالى:" أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ".

قوله:" ما ذا دهاك"

 (1) يقال: دهاه إذا أصابته داهية.

قوله:" و قال أحدهما لصاحبه"

 (2) يعني أبا بكر و عمر.

قوله:" و قعد في الوثبة"

 (3) أي الوسادة و في بعض النسخ [الزينة].

 (الحديث الثالث و الأربعون و الخمسمائة)

 (4): ضعيف، و

بنو تيم‏

 (5) قبيلة أبي بكر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 508

و

بني عدي‏

 (1) قبيلة عمر، و عثمان من بني أمية.

 (الحديث الرابع و الأربعون و الخمسمائة)

 (2): ضعيف.

قوله صلى الله عليه و آله:" أعناق قوم كثير"

 (3) أي المنافقين الذين تقدم ذكرهم.

 (الحديث الخامس و الأربعون و الخمسمائة)

 (4): ضعيف.

قوله عليه السلام:" لإشفائه"

 (5) شفاء و الشفاه بمعنى.

قوله عليه السلام:" اضطرارا"

 (6) أي البتة أو بديهة.

قوله عليه السلام:" فتجهلوا"

 (7) على بناء المجهول من التفعيل أي تنسبوا إلى الجهل أو على المعلوم من المجرد أي فتكونوا أو تصيروا جاهلين، و فيه دلالة على جواز معالجة المرضى بل وجوبها كفاية، و على وجوب هداية الضال، و على جواز كتمان العلم عن غير أهله.

 (الحديث السادس و الأربعون و الخمسمائة)

 (8): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 509

قوله:" و غضارة"

 (1) غضارة العيش: طيبه.

و طاهر و هرثمة

 (2) كانا من أمراء المأمون.

قوله عليه السلام:" فليشكر الله"

 (3) في بعض النسخ بصيغة الغيبة فهو خبر للموصول و في بعضها بصيغة الخطاب، ف

قوله عليه السلام:" فمن أيسر منكم؟"

 (4) استفهام إنكار، أي ليس أحد أيسر و أغنى منكم من جهة الدين الذي أعطاكم الله، ثم أمره بالشكر عليه.

قوله عليه السلام:" كان الله عند ظنه به"

 (5) أي يعامل معه بحسب ظنه.

قوله عليه السلام:" ما فعل ابن قياما"

 (6) هو الحسين بن قياما و كان واقفيا خبيثا.

قوله عليه السلام:" و أي شي‏ء يمنعه من ذلك"

 (7) أي يفعل هذا لينتفع منكم و لا يتضرر بكم ثم استشهد عليه السلام لحاله بما ذكره الله في شأن المنافقين.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 510

قال الشيخ الطبرسي (ره) أي لا يزال بناء المبنى الذي بنوه شكا في قلوبهم فيما كان من إظهار إسلامهم و ثباتا على النفاق، و قيل: إن معناه حزازة في قلوبهم، و قيل: حسرة في قلوبهم يترددون فيها" إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ" معناه إلا أن يموتوا، و المراد بالآية أنهم لا ينزعون عن الخطيئات و لا يتوبون حتى يموتوا على نفاقهم و كفرهم فإذا ماتوا عرفوا بالموت ما كانوا تركوه من الإيمان و أخذوا به من الكفر.

و قيل: معناه إلا أن يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندما و أسفا على تفريطهم.

قوله عليه السلام:" إنه تبع أبا الحسن"

 (1) أي الكاظم عليه السلام و إنما دعى عليه بالحيرة و أعرض عنه لما علم في قلبه من الشك و النفاق، فاستجيب فيه دعاؤه عليه السلام.

قوله عليه السلام:" و رجع إليهم موسى"

 (2) شبه عليه السلام قصة الواقفية بقصة من عبد العجل حيث ترك موسى عليه السلام هارون بينهم، فلم يطيعوه و عبدوا العجل، و لم يرجعوا بقوله عن ذلك و قالوا

" لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى‏"

 (3) و كذا موسى بن جعفر عليه السلام خلف الرضا عليه السلام بينهم، عند ذهابه إلى العراق، و نص عليه فلما توفي عليه السلام تركوا وصيه و لم يطيعوه، و اختاروا الوقف عليه، و قالوا" لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى‏" فإنه غاب و لم يمت، و يحتمل أن يكون المراد بموسى الكاظم عليه السلام اقتباسا من الآية لكنه بعيد.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 511

قوله عليه السلام:" من هيهنا أتى"

 (1) على بناء المجهول أي هلك.

قوله:" ثم ذكر ابن السراج"

 (2) هو أحمد بن أبي بشر من الواقفة.

قوله عليه السلام:" و هذا إقرار"

 (3) أي بموت موسى بن جعفر عليه السلام حيث لم يقل أن المال له بل قال: لورثته.

قوله عليه السلام:" و أي شي‏ء ينفعه"

 (4) إما لعدم إقراره بإمامة الرضا عليه السلام أو لإضلاله كثيرا من الناس.

 (الحديث السابع و الأربعون و الخمسمائة)

 (5): ضعيف.

قوله عليه السلام:" و أمورهم"

 (6) أي إذا استشارك أحد منهم أو عرض له أمر و أنت تعلم فاستشر في أمره غيرك، ثم أعلمه ذلك.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 512

و قال الوالد العلامة: يحملهم على المشاورة أو بالفكر لو استشارك، أو المراد الاستخارة، فإنها استشارة من الله، و قد وردت بهذا اللفظ في الأخبار.

قوله عليه السلام:" و إذا تحيرتم في طريقكم"

 (1) أي لم يظهر لكم الطريق، و المراد بالثاني ما إذا عرض لهم طريقان لم يعلموا أيهما المقصود.

قوله عليه السلام:" و لو على رأس زج"

 (2) الزج- بالضم- الحديدة في أسفل الرمح و نصل السهم، و

الدبر

 (3): قرحة الدابة في ظهرها.

قوله عليه السلام:" فأبعد المذهب"

 (4) مصدر ميمي بمعنى الذهاب.

قوله عليه السلام:" و عليك بالتعريس و الدلجة"

 (5) قال الجوهري: التعريس نزول القوم في السفر من آخر الليل، يقعون فيه وقعة للاستراحة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 513

و قال الجزري: فيه" عليكم بالدلجة" و هو سير الليل يقال: أدلج- بالتخفيف- إذا سار من أول الليل و أدلج بالتشديد إذا سار من آخره و الاسم منهما الدلجة و الدلجة بالضم و الفتح.

أقول لا يبعد أن يكون المراد بالتعريس هنا النزول أول الليل.

 (الحديث الثامن و الأربعون و الخمسمائة)

 (1): مجهول.

قوله:" أن بين قطريها"

 (2) أي قطري الأرض.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 514

قوله:" في صناديد أصحابه"

 (1) الصنديد: السيد الشجاع.

قوله:" في ثوبين ممغرين"

 (2) قال الفيروزآبادي: المغرة- و يحرك-: طين أحمر و الممغر- كمعظم- المصبوغ بها.

قوله:" كأنه فلقة قمر"

 (3) قال الجوهري: الفلقة: الكسرة يقال: أعطني فلقة الحفنة أي نصفها.

قوله عليه السلام:" محيث الحيث"

 (4) أي جاعل المكان مكانا بإيجاده، و على مجعولية الماهيات ظاهر.

قوله عليه السلام:" مؤين الأين"

 (5) أي موجد الدهر و الزمان، فإن الأين يكون بمعنى الزمان، يقال: آن أينك: أي حان حينك، ذكره الجوهري و يحتمل أن يكون بمعنى المكان إما تأكيدا للأول، أو بأن يكون حيث للزمان.

قال ابن هشام قال الأخفش: و قد ترد حيث للزمان، و يحتمل أن يكون حيث تعليلية، أي هو علة العلل، و جاعل العلل عللا.

قوله عليه السلام:" و اختصنا بولايته"

 (6) أي بأن نتولاه أو بأن جعل ولايتنا ولايته‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 515

أو بأن جعلنا ولي من كان وليه.

قوله:" فسردوا"

 (1) قال الجوهري: فلان يسرد الحديث سردا إذا كان جيد السياق.

قوله عليه السلام:" على أن يعمل بطاعته"

 (2) أي لأن يعمل، و الحاصل إن الله إنما يحب من يعمل بطاعته، لأنه كذلك، فكيف يحب من يعلم أنه- على زعمك الفاسد- يكفر و يحبط جميع أعماله.

 (الحديث التاسع و الأربعون و الخمسمائة)

 (3): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 516

قوله عليه السلام:" فأدرتها"

 (1) كأنه زعم أن حركة الفلك في جميع المواضع دحوية.

قوله عليه السلام:" ما بال العسكرين"

 (2) هذا بيان لخطأ المنجمين، فإن كل منجم يحكم لمن يريد ظفره بالظفر و يزعم أن السعد الذي رآه يتعلق به، و هذا لعدم إحاطتهم بارتباط النجوم بالأشخاص.

قوله عليه السلام:" إلا من علم مواليد الخلق كلهم"

 (3) أي من أحاط بذلك العلم يعلم به مواليد جميع الخلق، و لما لم يعلم المنجمون المواليد جميعا ظهر أنهم لا يحيطون به علما، أو يشترط في الإحاطة به العلم بجميع المواليد و ارتباط النجوم بها، و لا يتيسر ذلك إلا للأنبياء و الأئمة عليهم السلام و على التقديرين يدل على حقية هذا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 517

العلم، و عدم جواز النظر لغيرهم عليهم السلام فيه بما مر من التقريب.

 [الحديث الخمسون و الخمسمائة] خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام‏

 (1) (الحديث الخمسون و الخمسمائة): ضعيف بعبد الله بن الحارث، و

أحمد بن محمد

 (2) معطوف على علي بن الحسن و هو العاصمي، و

التيمي‏

 (3) هو ابن فضال، و قل من تفطن لذلك.

قوله عليه السلام:" بولاية أمركم"

 (4) أي لي عليكم حق الطاعة، لأن الله جعلني واليا عليكم متوليا لأموركم، و لأنه أنزلني منكم منزلة عظيمة، هي منزلة الإمامة و السلطنة و الطاعة.

قوله عليه السلام:" و الحق أجمل الأشياء في التواصف"

 (5) أي وصفه جميل، و ذكره‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 518

حسن، يقال: تواصفوا الشي‏ء أي وصف بعضهم لبعض، و في بعض النسخ [التراصف‏] بالراء المهملة و التراصف تنضيد الحجارة بعضها ببعض أي أحسن الأشياء في أحكام الأمور و إتقانها

" و أوسعها في التناصف"

 (1) أي إذا أنصف الناس بعضهم لبعض فالحق يسعه و يحتمله، و لا يقع للناس في العمل بالحق ضيق.

و في نهج البلاغة" فالحق أوسع الأشياء في التواصف، و أضيقها في التناصف" أي إذا أخذ الناس في وصف الحق و بيانه كان لهم في ذلك بحال واسع لسهولته على ألسنتهم، و إذا حضر التناصف بينهم فطلب منهم ضاق عليهم المجال لشدة العمل بالحق و صعوبة الإنصاف.

قوله عليه السلام:" صروف قضائه"

 (2) أي أنواعه المتغيرة المتوالية، و في بعض النسخ [ضروب قضائه‏] بمعناه.

قوله عليه السلام:" و جعل كفارتهم عليه حسن الثواب"

 (3) لعل المراد بالكفارة الجزاء العظيم لستره عملهم حيث لم يكن له في جنبه قدر، فكأنه قد محاه و ستره، و في كثير النسخ [بحسن الثواب‏] فيحتمل أيضا أن يكون المراد بها ما يقع منهم لتدارك سيئاتهم، كالتوبة و سائر الكفارات، أي أوجب قبول كفارتهم و توبتهم على نفسه مع حسن الثواب، بأن يثيبهم على ذلك أيضا.

و في النهج: و جعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب، تفضلا منه و توسعا بما هو من المزيد أهله.

قوله عليه السلام:" ثم جعل من حقوقه"

 (4) هذا كالمقدمة لما يريد أن يبينه من كون‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 519

حقه عليهم واجبا من قبل الله تعالى، و هو حق من حقوقه، ليكون ادعى لهم على أدائه و بين أن حقوق الخلق بعضهم على بعض هي من حق الله تعالى، من حيث أن حقه على عباده و هو الطاعة، و أداء تلك الحقوق طاعات لله، كحق الوالد على ولده و بالعكس، و حق الزوج على الزوجة و بالعكس، و حق الوالي على الرعية و بالعكس‏

قوله عليه السلام:" فجعلها تتكافأ في وجوهها"

 (1) أي جعل كل وجه من تلك الحقوق مقابلا بمثله، فحق الوالي و هو الطاعة من الرعية مقابل بمثله، و هو العدل فيهم و حسن السيرة.

قوله عليه السلام:" و لا يستوجب بعضها إلا ببعض"

 (2) كما أن الوالي إذا لم يعدل لم يستحق الطاعة.

قوله عليه السلام:" فريضة فرضها الله"

 (3) بالنصب على الحالية له بإضمار فعل، أو بالرفع ليكون خبر مبتدإ محذوف.

قوله عليه السلام:" نظاما لألفتهم"

 (4) فإنها سبب اجتماعهم به، و يقهرون أعداءهم و يعز دينهم.

قوله عليه السلام:" و قواما"

 (5) أي به يقوم جريان الحق فيهم و بينهم.

قوله عليه السلام:" عز الحق"

 (6) أي غلب.

قوله عليه السلام:" و اعتدلت معالم العدل"

 (7) أي مظانه أو العلامات التي نصبت في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 520

طريق العدل لسلوكه أو الأحكام التي يعلم بها العدل.

قوله عليه السلام:" على أذلالها"

 (1) قال الفيروزآبادي: ذل الطريق- بالكسر- محجتها و أمور الله جارية على أذلالها أي مجاريها جمع ذل بالكسر.

قوله عليه السلام:" و كثر الإدغال"

 (2) بكسر الهمزة- و الإدغال أن يدخل في الشي‏ء ما ليس منه و هو الإبداع و التلبيس أو- بفتحها- جمع الدغل بالتحريك- الفساد.

قوله عليه السلام:" علل النفوس"

 (3) أي أمراضها بملكات السوء، كالغل و الحسد و العداوة و نحوها و قيل: وجوه ارتكاباتها للمنكرات، فتأتي في كل منكر بوجه و علة و رأي فاسد.

قوله عليه السلام:" أثل"

 (4) يقال: مال مؤثل و مجد مؤثل أي مجموع ذو أصل، و أثلة الشي‏ء: أصله و زكاه ذكره الجزري و في النهج" فعل".

قوله عليه السلام:" تبعات الله"

 (5) قال في العين التبعة: اسم الشي‏ء الذي لك فيه بغية شبه ظلامة و نحوها.

قوله عليه السلام:" فهلم أيها الناس"

 (6) قال الجوهري: هلم يا رجل- بفتح الميم-

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 521

بمعنى تعال، قال الخليل: أصله لم من قولهم: لم الله شعثه، أي جمعه، كأنه أراد لم نفسك إلينا، أي أقرب و ها، للتنبيه و إنما حذفت ألفها لكثرة الاستعمال، و جعل اسما واحدا يستوي فيه الواحد و الجمع و التأنيث في لغة أهل الحجاز.

قوله عليه السلام:" حقيقة ما أعطى الله من الحق أهله"

 (1) أي جزاء ما أعطى الله فيه أهل الحق من الدين المبين، و سائر ما هداهم الله إليه بأن يكون المراد بالحقيقة الجزاء مجازا، أو يكون في الكلام تقدير مضاف أي حقيقة جزاء ما أعطى الله، أو يكون المراد بالبلوغ إليها كونه بإزائها و مكافأة لها، و في النهج" حقيقة ما الله أهله من الطاعة له، و في بعض النسخ القديمة من الكتاب [حقيقة ما الحق من الله أهله‏].

قوله عليه السلام:" النصيحة له"

 (2) أي لله أو للإمام، أو نصيحة بعضهم لبعض لله تعالى بأن لا يكون الظرف صلة، و في النهج النصيحة بمبلغ بدون الصلة، و هو يؤيد الأخير.

قال الجزري: النصيحة في اللغة الخلوص، يقال: نصحته و نصحت له، و معنى نصيحة الله صحة الاعتقاد في وحدانيته و إخلاص النية في عبادته، و النصيحة لكتاب الله هو التصديق به، و العمل بما فيه و نصيحة رسول الله التصديق بنبوته و رسالته و الانقياد لما أمر به و نهى عنه، و نصيحة الأئمة: أن يطيعهم في الحق، و نصيحة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 522

عامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم.

قوله عليه السلام:" و لا لامرئ مع ذلك"

 (1) كأنه راجع إلى ما حمل الله على الوالي أو إلى الوالي الذي أشير إليه سابقا، أي لا يجوز أو لا بد لامرئ مع الوالي أو مع كون و إليه مكلفا بالجهاد و غيره من أمور الدين و إن كان ذلك المرء ضعيفا محقرا بدون أن يعين على إقامة الدين و يعينه الناس، أو الوالي عليه.

و في النهج" و لا امرؤ و إن صغرته النفوس، و اقتحمته العيون بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه" و هو الظاهر.

قوله عليه السلام:" خسأت به الأمور"

 (2) يقال: خسأت الكلب خسأ طردته، و خسأ الكلب بنفسه يتعدى و لا يتعدى ذكره الجوهري فيجوز أن يكون هنا استعمل غير متعد بنفسه، قد عدي بالباء أي طردته الأمور، أو يكون الباء للسببية، أي بعدت بسببه الأمور.

و في بعض النسخ [حبست به الأمور] و على التقادير المراد أنه يكون بحيث لا يتمشى أمر من أموره و لا ينفع سعيه في تحصيل شي‏ء من الأمور

" و اقتحمته العيون"

 (3) أي أحقرته و كلمة- ما- في‏

قوله" ما أن يعين"

 (4) زائدة،

قوله عليه السلام:" و أهل الفضيلة في الحال"

 (5) المراد بهم الأئمة و الولاة و الأمراء و العلماء و كذا أهل النعم العظام، فإنهم لكونهم مكلفين بعظائم الأمور كالجهاد في سبيل الله و إقامة الحدود، و الشرائع و الأحكام، و الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، فهم إلى إعانة الخلق أحوج.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 523

و يحتمل أن يكون المراد بأهل الفضيلة العلماء، فإنهم محتاجون فيما حمل عليهم من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلى أعوان، و لا أقل إلى من يؤمر و ينهى، و بأهل النعم أصحاب الأموال، لأن ما حمل عليهم من الحقوق أكثر كأداء الأخماس و الصدقات، و هم محتاجون إلى الفقير القابل لها، و إلى الشهود و إلى غيرهم و الأول أظهر.

قوله عليه السلام:" و كل في الحاجة إلى الله تعالى شرع سواء"

 (1) بيان لقوله:" شرع" و تأكيد، و إنما ذكر عليه السلام ذلك لئلا يتوهم أنهم يستغنون بإعانة بعضهم بعضا عن ربهم تعالى، بل هو الموفق و المعين لهم في جميع أمورهم، و لا يستغنون بشي‏ء عن الله تعالى، و إنما كلفهم بذلك ليختبر طاعتهم، و يثيبهم على ذلك، و اقتضت حكمته البالغة أن يجري الأشياء بأسبابها، و هو المسبب لها و القادر على إمضائها بلا سبب.

قوله عليه السلام:" فأجابه، رجل"

 (2) الظاهر أنه كان الخضر عليه السلام، و قد جاء في مواطن كثيرة، و كلمه عليه السلام لإتمام الحجة على الحاضرين، و قد أتى بعد وفاته عليه السلام و قام على باب داره و بكى و أبكى و خاطبه عليه السلام بأمثال تلك الكلمات، و خرج و غاب عن الناس.

قوله:" و الإقرار"

 (3) الظاهر أنه معطوف على الثناء، أي أقر إقرارا حسنا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 524

بأشياء ذكرها ذلك الرجل، و لم يذكره عليه السلام اختصارا أو تقية من تغير حالاته عليه السلام من استيلاء أئمة الجور عليه و مظلوميته، و تغير أحوال رعيته من تقصيرهم في حقه و عدم قيامهم بما يحق من طاعته، و القيام بخدمته، و يحتمل عطفه على واجب حقه.

قوله:" من الغل"

 (1) أي أغلال الشرك و المعاصي، و في بعض النسخ القديمة [أطلق عنا رهائن الغل‏] أي ما يوجب أغلال القيامة.

قوله:" و ائتمر"

 (2) أي أقبل ما أمرك الله به فأمضه علينا.

قوله:" و الملك المخول"

 (3) أي الملك الذي أعطاك الله للإمرة علينا و جعلنا خدمك و تبعك،

قوله:" لا نستحل في شي‏ء من معصيتك"

 (4) لعله عدي بفي لتضمين معنى الدخول، و في بعض النسخ القديمة [لا نستحل في شي‏ء معصيتك‏] و هو أظهر.

قوله:" في ذلك"

 (5) أي في العلم بأن تكون كلمة- في- تعليلية، و يحتمل أن تكون إشارة إلى ما دل عليه الكلام من إطاعته عليه السلام، و

الخطر

 (6): القدر و المنزلة.

قوله:" و يجل عنه"

 (7) يحتمل إرجاع الضمير إلى القياس أي فضلك أجل في أنفسنا من أن يقاس بفضل أحد و يمكن إرجاعه إلى حد العلم، فيكون كلمة" عن" تعليلية كما في قوله تعالى:" وَ ما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ" أي يجل و يعظم بسبب ذلك العلم في أنفسنا فضلك.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 525

قوله عليه السلام:" من عظم جلال الله"

 (1) إما على التفعيل بنصب جلال الله، أو بالتخفيف برفعه، يعني من حق من عظم جلال الله في نفسه، و جل موضعه في قلبه أن يصغر عنده كل ما سوى الله لما ظهر له من جلال الله، و إن أحق من كان كذلك أئمة الحق عليه السلام لعظم نعم الله عليهم، و كمال معرفتهم بجلال ربهم، فحق الله عليهم أعظم منه على غيرهم، فينبغي أن يصغر عندهم أنفسهم فلا يحبوا الفخر و الإطراء في المدح أو يجب أن يضمحل في جنب جلال الله عندهم غيره تعالى، فلا يكون غيره منظورا لهم في أعمالهم ليطلبوا رضى الناس و مدحهم.

قوله عليه السلام:" من أسخف"

 (2) السخف: رقة العيش ورقه العقل، و السخافة:

رقة كل شي‏ء أي أضعف أحوال الولاة عند الرعية أن يكونوا متهمين عندهم بهذه الخصلة المذمومة.

قوله عليه السلام:" إني أحب الإطراء"

 (3) أي مجاوزة الحد في المدح و المبالغة فيه.

قوله عليه السلام:" انحطاطا لله سبحانه"

 (4) أي تواضعا له تعالى، و في بعض النسخ القديمة [و لو كنت أحب أن يقال ذلك لتناهيت له أغنانا الله، و إياكم عن تناول ما ما هو أحق به من التعاظم، و حسن الثناء] و التناهي: قبول النهي، و الضمير في" له" راجع إلى الله تعالى و في النهج كما في النسخ المشهورة.

                                                مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 526

قوله عليه السلام:" و ربما أستحلي الناس"

 (1) يقال: استحلاه: أي وجده حلوا.

قال ابن ميثم (ره): هذا يجري مجرى تمهيد العذر لمن أثنى عليه، فكأنه يقول: و أنت معذور في ذلك حيث رأيتني أجاهد في الله، و أحث الناس على ذلك، و من عادة الناس أن يستحلوا الثناء عند أن يبلوا بلاء حسنا في جهاد أو غيره من سائر الطاعات، ثم أجاب عن هذا العذر في نفسه. ب

قوله عليه السلام:" و لا تثنوا علي بجميل ثناء"

 (2) أي لا تثنوا علي لأجل ما ترونه مني من طاعة الله، فإن ذلك إنما هو إخراج لنفسي إلى الله من حقوقه الباقية علي لم أفرغ بعد من أدائها و هي حقوق نعمه و فرائضه التي لا بد من المضي فيها، و كذلك إليكم من الحقوق التي أوجبها الله علي من النصيحة في الدين، و الإرشاد إلى الطريق الأفضل، و التعليم لكيفية سلوكه، و في خط الرضي (ره)" من التقية" بالتاء و المعنى فإن الذي أفعله من طاعة الله إنما هو إخراج لنفسي إلى الله و إليكم من تقية الحق فيما يجب علي من الحقوق، إذ كان عليه السلام إنما يعبد الله لله من غير ملتفت في شي‏ء من عبادته و أداء واجب حقه إلى أحد سواه، خوفا منه أو رغبة إليه، و كأنه قال: لم أفعل شيئا إلا و هو أداء حق واجب على، و إذا كان كذلك فكيف أستحق أن يثني علي لأجل إتيان الواجب بثناء جميل، و أقابل بهذا التعظيم، و هذا من باب التواضع لله و تعليم كيفيته، و كسر النفس عن محبة الباطل و الميل إليه انتهى.

و قال ابن أبي الحديد: معنى‏

قوله عليه السلام:" لإخراجي نفسي إلى الله و إليكم"

 (3) أي لاعترافي بين يدي الله و بمحضر منكم أن علي حقوقا في إيالتكم و رئاستي عليكم لم أقم بها بعد، و أرجو من الله القيام بها انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 527

فكأنه جعل قوله عليه السلام:" لإخراجي" تعليلا لترك الثناء لا مثنيا عليه، و لا يخفى بعده.

ثم اعلم أنه يحتمل أن يكون المراد

بالبقية

 (1) الإبقاء و الترحم، كما قال الله تعالى" أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ" أي إخراجي نفسي من أن أبقى و أ ترحم مداهنة في حقوق لم أفرغ من أدائها.

قال الفيروزآبادي: و أبقيت ما بيننا: لم أبالغ في إفساده و الاسم البقية" أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ" أي إبقاء أو فهم.

قوله عليه السلام:" و لا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة"

 (2) البادرة: الحدة و الكلام الذي يسبق من الإنسان في الغضب أي لا تثنوا علي كما يثني على أهل الحدة من الملوك خوفا من سطوتهم.

أو لا تحتشموا مني كما يحتشم من السلاطين و الأمراء كترك المسارة و الحديث إجلالا و خوفا منهم، و ترك مشاورتهم أو إعلامهم ببعض الأمور و القيام بين أيديهم.

قوله عليه السلام:" بالمصانعة"

 (3) أي الرشوة أو المداراة.

قوله عليه السلام:" كان العمل بهما أثقل عليه"

 (4) و شأن الولاة العمل بالعدل و الحق أو أنتم تعلمون أنه لا يثقل على العمل بهما.

قوله عليه السلام:" بفوق"

 (5) أي أخطأ هذا من الانقطاع إلى الله، و التواضع الباعث‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 528

لهم على الانبساط معه بقول الحق، و عد نفسه من المقصرين في مقام العبودية، و الإقرار بأن عصمته من نعمه تعالى عليه، و ليس أنه اعترافا بعدم العصمة كما توهم بل ليست العصمة إلا ذلك، فإنها هي أن يعصم الله العبد عن ارتكاب المعاصي، و قد أشار عليه السلام إليه‏

بقوله:" إلا أن يكفي الله"

 (1) و هذا مثل قول يوسف عليه السلام:" وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي".

قوله عليه السلام:" ما هو أملك به مني"

 (2) أي العصمة عن الخطإ، فإنه تعالى أقدر على ذلك للعبد من العبد لنفسه.

قوله عليه السلام:" مما كنا فيه"

 (3) أي من الجهالة و عدم العلم و المعرفة و الكمالات التي يسرها الله لنا ببعثه الرسول صلى الله عليه و آله.

قال ابن أبي الحديد: ليس هذا إشارة إلى خاص نفسه عليه السلام، لأنه لم يكن كافرا فأسلم، و لكنه كلام يقوله و يشير به إلى القوم الذين يخاطبهم من أفناء الناس فيأتي بصيغة الجمع الداخلة فيها نفسه توسعا، و يجوز أن يكون معناه: لو لا ألطاف الله تعالى ببعثة محمد صلى الله عليه و آله لكنت أنا و غيري على مذهب الأسلاف انتهى.

قوله:" فبلاؤه عندنا لا يكفر"

 (4) أي نعمته عندنا وافرة، بحيث لا نستطيع كفرها و سترها، أو لا يجوز كفرانها و ترك شكرها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 529

قوله:" سياسة أمورنا"

 (1) سست الرعية سياسة أمرتها و نهيتها، و

العلم‏

 (2) بالتحريك- ما ينصب في الطريق ليهتدي به السائرون.

قوله:" من بارع الفضل"

 (3) قال الفيروزآبادي: برع- و يثلث- براعة، فاق أصحابه في العلم و غيره، أو تم في كل جمال و فضيلة فهو بارع و هي بارعة.

قوله:" و لم يكن"

 (4) على المجهول من كننت الشي‏ء سترته، أو- بفتح الياء و كسر الكاف- من و كن الطائر بيضه يكنه، إذا حضنه، و في بعض النسخ [لم يكن‏] و في النسخة القديمة [لن يكون‏].

قوله:" و توسعا"

 (5) أي في الفضل و الثواب.

قوله:" مع ذلك"

 (6) أي مع طاعتنا لك أي نفس الطاعة أمر مرغوب فيه، و مع ذلك موجب لحصول ما ينفعنا. و ما هو خير لنا في دنيانا و آخرتنا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 530

قوله عليه السلام:" إلا مناصحة الصدور"

 (1) أي خلوصنا عن غش النفاق، بأن يطوي فيه ما يظهر خلافه أو نصح الإخوان نصحا يكون في الصدر لا بمحض اللسان.

قوله:" و قد عال الذي في صدره"

 (2) يقال: عالني الشي‏ء أي غلبني، و عال أمرهم اشتد.

قوله:" و غصص الشجا"

 (3) الغصة- بالضم- ما اعترض في الحلق، و كذا الشجا و الشجو: الهم و الحزن.

قوله:" لخطر مرزءته"

 (4) الخطر- بالتحريك-: القدر و المنزلة و الإشراف على الهلاك، و المرزءة: المصيبة، و كذا الفجيعة و- كونها- أي وقوعها و حصولها، و الضميران راجعان إلى أمير المؤمنين عليه السلام و القائل كان عالما بقرب أو أن شهادته عليه السلام فلذا كان يندب و يتفجع، و إرجاعها إلى القائل بعيد.

قوله:" أشفى"

 (5) أي أشرف عليه، و الضمير في‏

قوله" إليه"

 (6) راجع إلى الله تعالى.

قوله:" و انقلاب جده"

 (7) الجد: البحث، و

التفجع‏

 (8) و التوجع في المصيبة أي أسأل الله دفع هذا البلاء، الذي قد ظن وقوعها عنه مع التفجع و التضرع.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 531

قوله:" يا رباني العباد"

 (1) قال الجزري: الرباني منسوب إلى الرب بزيادة الألف و النون، و قيل: هو من الرب بمعنى التربية، لأنهم كانوا يربون المتعلمين بصغار العلوم قبل كبارها، و الرباني: العالم الراسخ في العلم و الدين، أو الذي يطلب بعلمه وجه الله، و قيل العالم العامل المعلم.

قوله:" و يا سكن البلاد"

 (2) السكن- بالتحريك- كلما يسكن إليه.

قوله:" و بك جرت نعم الله علينا"

 (3) أي بجهادك و مساعيك الجميلة لترويج، الدين و تشييد الإسلام في زمن الرسول صلى الله عليه و آله و بعده.

قوله:" و الحصاة الكفار إخوانا"

 (4) أي كنت تعاشر من يعصيك و يكفر نعمتك معاشرة الإخوان شفقة منك عليهم، أو المراد الشفقة على الكفار، و العصاة و الاهتمام في هدايتهم، و يحتمل أن يكون المراد المنافقين الذين كانوا في عسكره و كان يلزمه رعايتهم بظاهر الشرع، و قيل: المراد بالإخوان، الخوان الذي يؤكل عليه الطعام، فإنه لغة فيه، كما ذكره الجزري و لا يخفى بعده، و في النسخة القديمة [أ لم نكن‏] بصيغة المتكلم، و حينئذ فالمراد بالفقرة الأولى أنه كان ينزل بنا ذل كل ذليل، أي كنا نذل بكل ذلة و هوان و هو أظهر و ألصق بقوله:- فيمن.

قوله:" من فظاعة تلك الخطرات"

 (5) أي شناعتها و شدتها.

قوله:" بعد الحور"

 (6) قال الجوهري: نعوذ بالله من الحور بعد الكور، أي من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 532

النقصان بعد الزيادة و في بعض النسخ بالجيم.

قوله عليه السلام:" و ثمال فقرائنا"

 (1) قال الجزري: الثمال- بالكسر-: الملجإ و الغياث و قيل: هو المطعم في الشدة.

قوله:" يجمعنا من الأمور عدلك"

 (2) أي هو سبب لاجتماعنا و عدم تفرقنا في جميع الأمور أو من بين سائر الأمور، أو هو سبب لانتظام جميع أمورنا، أو عدلك يحيط بجميعنا في جميع الأمور.

قوله:" و يتسع لنا في الحق تأنيك"

 (3) أي صار مداراتك و تأنيك و عدم مبادرتك في الحكم علينا بما نستحقه سببا لوسعة الحق علينا و عدم تضيق الأمور بنا.

قوله:" يبلغ تحريكه"

 (4) أي تغييره و صرفه، و في النسخة القديمة [تحويله‏].

قوله:" و لا خطرناها"

 (5) أي جعلناها في معرض المخاطرة و الهلاك أو صيرناها خطرا و رهنا و عوضا لك.

قال الجزري: فيه" فإن الجنة لا خطر لها" أي لا عوض لها و لا مثل، و الخطر- بالتحريك- في الأصل: الرهن و ما يخاطر عليه، و مثل الشي‏ء و عدله، و لا يقال إلا في الشي‏ء الذي له قدر و مزية، و منه الحديث" ألا رجل يخاطر بنفسه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 533

و ماله" أي يلقيهما في الهلكة بالجهاد، و منه حديث النعمان" إن هؤلاء- يعني المجوس- قد أخطروا لكم رثة و متاعا و أخطرتم لهم الإسلام" المعنى أنهم قد شرطوا لكم ذلك، و جعلوه رهنا من جانبهم و جعلتم رهنكم دينكم.

قوله:" حاولك"

 (1) أي قصدك.

قوله:" من ناواك"

 (2) أي عاداك.

قوله:" و لكنه"

 (3) أي الرب تعالى.

قوله:" و عز"

 (4) أي ذو عز و غلبة

" و زاوله"

 (5) أي حاوله و طالبه، و هذا إشارة إلى أن تلك الأمور بقضاء الله و تقديره، و المبالغة في دفعها في حكم مغالبة الله في تقديراته، و قد سبق تحقيق القضاء و القدر في كتاب الإيمان و الكفر و حققناهما في كتابنا الكبير.

قوله:" نعظمه"

 (6) الضمير في قوله- نعظمه- و- نديمه- راجعان إلى الشكر و الذكر.

قوله:" بلاؤه"

 (7) يحتمل النعمة أيضا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 534

قوله:" بأن اختياره لك" قوله:" ما عنده"

 (1) خبر أن، و يحتمل أن يكون الخبر محذوفا أي خير لك، و المعنى أنه لا تختلف قلوبنا بل تتفق على أن الله اختار لك بإمضائك النعيم و الراحة الدائمة على ما كنت فيه من المشقة و الجهد و العناء.

قوله:" من غير إثم"

 (2) أي لا نأثم على البكاء عليك، فإنه من أفضل الطاعات أو لا نقول ما يوجب الإثم.

قوله:" لعز"

 (3) متعلق بالبكاء و

" أن يعود"

 (4) بدل اشتمال له أي نبكي لتبدل عز هذا السلطان ذلا.

قوله:" أكيلا"

 (5) الأكيل يكون بمعنى المأكول، و بمعنى الأكل و المراد هنا الثاني أي نبكي لتبدل هذا السلطان الحق بسلطنة الجور، فيكون أكلا للدين و الدنيا، و في بعض النسخ [لعن الله هذا السلطان‏] فلا يكون مرجع الإشارة سلطنته عليه السلام، بل جنسها الشامل للباطل أيضا، أي لعن الله السلطنة التي لا تكون صاحبها، و يحتمل أن يكون اللعن مستعملا في أصل معناه لغة، و هو الإبعاد أي أبعد الله هذا السلطان عن أن يعود ذليلا و لا يخفى بعده.

قوله:" و لا نرى لك خلفا"

 (6) أي من بين السلاطين لخروج السلطنة عن أهل البيت عليهم السلام.

 [الحديث الحادي و الخمسون و الخمسمائة] خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام‏

 (7) (الحديث الحادي و الخمسون و الخمسمائة): مجهول لكنها معروفة.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 535

قوله: و ولد أبي بكر

 (1) هو عبد الرحمن لعنة الله على أبيه.

قوله عليه السلام:" ولي الحمد"

 (2) أي الأولى به، أو المتولي لحمد نفسه كما ينبغي له بإيجاد ما يدل على كماله و اتصافه لجميع المحامد، و بتلقين ما يستحقه من الحمد أنبياءه و حججه عليه السلام، و إلهام محبيه و توفيقهم للحمد.

قوله عليه السلام:" و منتهى الكرم"

 (3) أي ينتهي إليه كل جود و كرم، لأنه موجد النعم و الموفق لبذلها، أو هو المتصف بأعلى مراتب الكرم، و المولى بجلائل النعم، و يحتمل أن يكون الكرم بمعنى الكرامة و الجلالة على الوجهين السابقين.

قوله عليه السلام:" لا تدركه الصفات"

 (4) أي توصيفات الواصفين، أو صفات المخلوقين‏

قوله عليه السلام:" و لا يعرف بالغايات"

 (5) أي بالنهايات و الحدود الجسمانية أو بالحدود العقلية، إذ حقيقة كل شي‏ء و كنهه حده و نهايته، أو ليس له نهاية لا في وجوده و لا في علمه و لا في قدرته، و كذا سائر صفاته أو لا يعرف بما هو غاية إنكار المتفكرين.

قوله عليه السلام:" فصدع بالكتاب المبين"

 (6) قال الفيروزآبادي: قوله تعالى:" فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ" أي شق جماعاتهم بالتوحيد، أو أجهر بالقرآن، أو أظهر أو احكم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 536

بالحق و افصل بالأمر، أو اقصد بما تؤمر، أو أفرق به بين الحق و الباطل.

قوله عليه السلام:" فلا تقولن رجال"

 (1) الظاهر أن قوله- رجال- فاعل لا- تقولن- و ما ذكر بعده،

إلى قوله- و يقولون‏

 (2) صفات تلك الرجال‏

و قوله- ظلمنا ابن أبي طالب‏

 (3) مقول القول، و قوله- يقولون- تأكيد للقول المذكور في أول الكلام إنما أتى به لكثرة الفاصلة بين العامل و المعمول.

و يحتمل أن يكون مقول القول محذوفا، يدل عليه. قوله:" ظلمنا ابن أبي طالب".

و قال الفاضل الأسترآبادي: مفعوله محذوف تقدير الكلام فلا تقولن ما قلتم من طلب التفضيل و غيره، رجال كانت الدنيا غمرتهم في زمن الخلفاء الثلاثة، إذا منعتهم ما كانوا يأخذون و أعطيتهم ما يستوجبون، فيصرفون ما أعطيتهم و يسألون الزيادة عليه، و يقولون ظلمنا ابن أبي طالب انتهى.

أقول: لا يخفى أن ما ذكرناه أظهر و في بعض النسخ [رجالا]- بالنصب- و لعل فيه حينئذ حذفا أي لا تقولن أنتم نعتقد أو نتولى رجالا صفتهم كذا كذا.

قوله: عليه السلام" أفره الدواب"

 (4) يقال: دابة فارهة أي نشيطة قوية نفيسة، و

الشنار:

 (5) العيب و العار.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 537

قوله عليه السلام:" ألا و إن للمتقين"

 (1) أي ليس الكرم عند الله إلا بالتقوى و جزاء التقوى ليس إلا في العقبى، و لم يجعل الله جزاء عملهم التفضيل في عطايا الدنيا.

قوله عليه السلام:" فانظروا أهل دين الله"

 (2) أي يا أهل دين الله كذا في النسخ المصححة و في بعضها [إلى أهل‏] و المراد

بقوله:" فيما أصبتم في كتاب الله"

 (3) نعوت الأنبياء و الأولياء الذين ذكرهم الله في القرآن، أو مواعيده الصادقة على الأعمال الصالحة و بقوله:

" تركتم عند رسول الله صلى الله عليه و آله صفاته الحسنة و صفات أصحابه و ما كان يرتضيه صلى الله عليه و آله من ذلك له ضمان الرسول صلى الله عليه و آله لهم المثوبات على الصالحات كأنه وديعة لهم عنده صلى الله عليه و آله.

قوله عليه السلام:" و جاهدتم به"

 (4) أي بسببه و هو ما رأيتم من فضله و كماله صلى الله عليه و آله أو ما سمعتم من المثوبات عليه.

قوله عليه السلام:" أ بحسب أم بنسب"

 (5) أم لم تكن تلك الأمور بالحسب و النسب، بل بالعمل و الطاعة و الزهادة.

قوله عليه السلام:" و فيما أصبحتم"

 (6) أي انظروا فيما أصبحتم راغبين فيه، هل يشبه ما رأيتم و عهدتم مما تقدم ذكره، و انظروا أيهما أصلح لأن يرغب فيه.

قوله عليه السلام:" و جعل الثواب عنده عنها"

 (7) كلمة- عن- لعلها بمعنى من- للتبعيض أو قوله- التي- بدل اشتمال للمنازل، و المراد بها الأعمال التي توصل إليها، و لا

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 538

يبعد أن يكون في الأصل- و التي- أو- بالتي- فصحف.

قوله عليه السلام:" و لا خشية عليه من ذلك"

 (1) أي لا يخشى على الحاكم العدل أي الإمام أن يترك حكم الله، و لا يجوز أن يظن ذلك به، أو لا يخشى الحاكم بسبب العمل بحكم الله من أحد، أو أن يكون معاقبا بذلك عند الله.

و على نسخة [و لا وحشة] المعنى أنه إذا عمل الحاكم بحكم الله لا يستوحش من مفارقة رعيته عنه بسبب ذلك.

قوله عليه السلام:" بدرتي"

 (2) الدرة- بالكسر-: التي يضرب بها، و يظهر من الخبر أن السوط أكبر و أشد منها، و

الإرعواء

 (3): الانزجار عن القبيح، و قيل: الندم على الشي‏ء و الانصراف عنه، و تركه، و

الأود

 (4) بالتحريك-: العوج.

قوله عليه السلام:" بفساد نفسي"

 (5) أي لا أطلب صلاحكم بالظلم، و بما لم يأمرني به ربي، فأكون قد أصلحتكم بإفساد نفسي.

قوله عليه السلام:" و سحقا"

 (6) أي بعدا.

 (الحديث الثاني و الخمسون و الخمسمائة)

 (7): ضعيف.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 539

قوله عليه السلام:" إن لك أصدقاء و إخوانا"

 (1) لعل المقصود من إيراد تلك الحكاية إن هذا الزمان ليس زمان الوفاء بالعهود، فإذا عرفت زمان ظهور الأمر، فلك معارف و إخوان فتحدثهم به، فيشيع الخبر بين الناس و ينتهي إلى الفساد العظيم، و العهد بالكتمان لا ينفع، لأنك لا تفي به إذ لم يأت بعد زمان الميزان، أو المراد إن لك معارف و إخوانا فانظر إليهم هل يوافقونك في أمر أو يفون بعهدك في شي‏ء فكيف يظهر الإمام في مثل هذا الزمان، أو المراد أنه يمكنك استعلام ذلك، فإن لك معارف و إخوانا فانظر في حالهم فمهما رأيت منهم العزم على الانقياد و الإطاعة و التسليم التام لإمامهم، فاعلم أنه زمان ظهور القائم عليه السلام فإن قيامه عليه السلام مشروط بذلك، و أهل كل زمان يكون عامتهم على حالة واحدة، كما يظهر من الحكاية فيمكنك استعلام أحوال جميع أهل الزمان بأحوال معارفك، و الأول أظهر.

قوله:" و لكني أدري"

 (2) لعل علمه كان بإخبار ذلك العالم، و كان العالم أخذه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 540

من الأنبياء حيث أخبروا بوحي السماء أن هذا الملك سيري تلك الأحلام، و هذا تعبيرها، أو بأن أخذ من العالم نوعا من العلم يمكنه استنباط أمثال تلك الأمور

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 541

به و كان ذلك من علوم الأنبياء، على أنه يحتمل أن يكون من الأنبياء.

 (الحديث الثالث و الخمسون و الخمسمائة)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" فهو الذي يأخذ الشي‏ء من جهته"

 (2) أي لست أنت كذلك بل تأخذ أموال الإمام و تصرفه في تحصيل خلافة الجور لولدك محمد.

قوله:" إنك رجل صحفي"

 (3) أي لم تأخذ العلم من الرجال، بل أخذت من الكتب و هذا الخبر يدل على ذم عبد الله بن الحسن، و فيه ذموم كثيرة مضى بعضها في كتاب الحجة و قد أوردت أكثر ما يدل على حاله و حال أمثاله في كتاب بحار الأنوار

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 542

و الأولى عدم التعرض لهم لما مر.

 (الحديث الرابع و الخمسون و الخمسمائة)

 (1): مرسل.

قوله تعالى:" أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ"

 (2) قال الطبرسي (ره) قال الأزهري:

القدم: الشي‏ء تقدمه قدامك، ليكون عدة لك حتى تقدم عليه، و قيل: القدم المقدم و قال ابن الأعرابي: القدم المتقدم في الشرف، و قال أبو عبيدة و الكسائي: كل سابق في خير أو شر فهو عند العرب قدم، ثم قال (ره) أي عرفهم ما فيه الشرف و الخلود في نعيم الجنة على وجه الإكرام و الإجلال لصالح الأعمال، و قيل: إن لهم قدم صدق أي أجرا حسنا، و منزلة رفيعة بما قدموا من أعمالهم عن ابن عباس، و روي عنه أيضا إن المعنى سبقت لهم السعادة في الذكر الأول و يؤيده قوله:" إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى‏" الآية و قيل: هو تقويم الله تعالى إياهم في البعث يوم القيامة بيانه. قوله صلى الله عليه و آله: نحن الآخرون السابقون يوم القيامة و قيل:" القدم" اسم للحسنى من العبد و اليد اسم للحسنى من السيد، للفرق بين السيد و العبد. و قيل إن معنى قدم صدق شفاعة محمد صلى الله عليه و آله يوم القيامة، عن أبي سعيد الخدري، و هو المروي عن أبي عبد الله انتهى.

و قال الجوهري: القدم: السابقة في الأمر يقال لفلان قدم صدق أي أثره حسنة قال الأخفش: هو التقديم، كأنه قدم خيرا فكان له فيه تقديم انتهى.

قوله عليه السلام:" هو رسول الله صلى الله عليه و آله"

 (3) الضمير إما راجع إلى القدم بأن يكون المراد به المتقدم في الشرف أي لهم متقدم في الشرف يشفع لهم عند ربهم، أو بتقدير

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 543

مضاف أي شفاعة رسول الله صلى الله عليه و آله كما رواه الطبرسي (ره) أو ولايته و ولاية أهل بيته عليهم السلام كما مر في كتاب الحجة حيث روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في تفسير هذه الآية: هو ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فيكون القدم بالمعنى الذي نقله عن الأزهري، أو راجع إلى الموصول إما بانضمام الأئمة معه صلى الله عليه و آله، أو للتعظيم.

و يؤيد الأول أن علي بن إبراهيم رواه في تفسيره بهذا السند، و زاد في آخره و الأئمة عليهم السلام، أو راجع إلى الرب أي الذي رباهم بالعلم و الكمال، أو يكون الإسناد إلى الرب من قبيل ما يسند إلى الملوك مما يفعله بأمره مقربو جنابه، و الأول أظهر.

 (الحديث الخامس و الخمسون و الخمسمائة)

 (1): حسن.

قوله تعالى:" وَ ما تُغْنِي الْآياتُ"

 (2) قال الطبرسي: معناه و لا تغني هذه الدلالات و البراهين الواضحة مع كثرتها و ظهورها و الرسل المخوفة عن قوم لا ينظرون في الأدلة تفكرا و تدبرا و ما يريدون الإيمان، و قيل: ما تغني معناه أي شي‏ء تغني‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 544

عنهم من اجتلاب نفع أو دفع ضرر إذا لم يستدلوا بها فيكون ما للاستفهام، انتهى.

قوله صلى الله عليه و آله:" مررت بعير"

 (1) العير- بالكسر-: القافلة.

قوله:" إنما جاء الشام"

 (2) أي أتاه أو منه بأن يكون منصوبا بنزع الخافض و في النسخة القديمة

 [إنما جاءه راكب سريع‏]

 (3) أي جبرئيل، و فيما رواه الشيخ الطبرسي- رحمه الله-" إنما جاء راكب سريع" و كذا في العياشي و هو أظهر و على التقادير إنما قالوا ذلك استهزاء، و يحتمل على النسخة القديمة أن يكونوا أرادوا به أنه اطلع على ذلك من جهة راكب متسرع أتاه فأخبره.

قوله عليه السلام:" شق عليه"

 (4) أي كان يصعب عليه مخافة من تكذيب قومه إذا أبطأ في الإخبار.

قوله عليه السلام:" هذه الشام"

 (5) أي أصلها بالإعجاز أو مثالها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 545

 (الحديث السادس و الخمسون و الخمسمائة)

 (1): مجهول.

قوله عليه السلام:" خرج من ولايته"

 (2) أي انقطع بينهما الولاية التي جعلها الله بينهما بقوله تعالى:" الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ" و فيه إشعار بأنه خرج عن الإيمان و يحتمل إرجاع الضمير إلى الله أي عن ولاية الله حيث قال" اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ" و الأول أظهر.

قوله عليه السلام:" كفر أحدهما"

 (3) أي إن كان صادقا فقد كفر أخوه بعداوته، و إن كان كاذبا فقد كفر بالافتراء على أخيه بذلك، و هذا هو الكفر الذي يتصف به أصحاب الكبائر، و قد مر تحقيقه في كتاب الإيمان و الكفر.

قوله عليه السلام:" في تثريب"

 (4) التثريب: التعيير و الاستقصاء في اللوم، و

قوله:

" نصيحة"

 (5) إما بدل أو بيان لقوله" عملا" أي لا يقبل من أحد نصيحة لمؤمن يشتمل على تعيير أو مفعول لأجله للتثريب أي لا يقبل عملا من أعماله إذا عيره على وجه النصيحة فكيف بدونها، و يحتمل أن يكون المراد أن يعيره لكون ذلك المؤمن نصح لله، و هو بعيد.

قوله عليه السلام:" إلى وصل ما بين الله"

 (6) أي الروابط المعنوية من القرب و المحبة و الرحمات و الهدايات و غيرها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 546

قوله عليه السلام:" و تسهلت لهم أمورهم"

 (1) أي على الناس أمور المؤمنين من إعانتهم و قضاء حوائجهم و خدمتهم.

قوله عليه السلام:" حوراء عيناء"

 (2) أي في الجنة.

قوله عليه السلام:" صديق"

 (3) أي ينزلون في الجنة منازل الصديقين، و يكونون في درجاتهم أو هم عند الله منهم.

قوله عليه السلام:" عدد من خالفه"

 (4) أي من فرق المسلمين أو كل من يخالفه في الدين من أي الفرق كان.

قوله عليه السلام:" يصلون عليه"

 (5) أي يدعون و يستغفرون له‏

" جماعة"

 (6) أي مجتمعين أو يأتمون به في الصلاة، و له ثواب إمام الجماعة كما ورد إن المؤمن وحده جماعة، و يحتمل أن يكون" جماعة" فاعل اكتنفه.

قوله عليه السلام:" ليرتع في رياض الجنة"

 (7) أي يستوجب بذلك دخولها حتى كأنه فيها أو المراد رياض القرب و الوصال.

قوله عليه السلام:" بسلامه"

 (8) أي يسلم الملائكة عليكم في الجنة تحية من الله كما

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 547

ورد به الخبر.

قوله عليه السلام:" و أهل أثره الله"

 (1) أي مكرمته أو اختاركم و آثركم على غيركم قال الفيروزآبادي: الأثرة- بالضم-: المكرمة المتوارثة، و آثره أكرمه و آثر اختار.

قوله عليه السلام:" و أهل دعوة الله بطاعته"

 (2) أي دعاكم إلى الجنة بسبب أنكم أطعتموه في موالاة أئمة الهدى، فقبل أعمالكم، أو أنكم المقصودون في الدعاء إلى الطاعة لعدم قبولها من غيركم.

قوله عليه السلام:" برضاه عنكم"

 (3) أي إنما رضيتم عن الله لعلمكم بأنه رضي عنكم أو لرضاه عنكم جعلكم راضين عنه، أو الباء للملابسة.

قوله عليه السلام:" إذا جهدتم"

 (4) أي وقعتم في الجهد و المشقة ادعوا الله لكشفها، و في بعض النسخ [اجتهدتم‏] أي إذا بالغتم في طاعة ربكم فاسألوه التوفيق للمزيد.

قوله عليه السلام:" دياركم لكم جنة"

 (5) أي أنتم في دوركم تكسبون الجنة فكأنكم فيها، و يحتمل أن يكون المراد الجنة المعنوية كما مر، و يحتمل أيضا أن يراد أن داركم التي خلقتم لها هي الجنة لا الدنيا و لا يخلو من بعد.

 (الحديث السابع و الخمسون و الخمسمائة)

 (6): ضعيف على الأشهر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 548

قوله:" مكتل"

 (1) قال الفيروزآبادي: المكتل- كمنبر-: زنبيل يسع خمسة عشر صاعا.

قوله:" فتعجب رسول الله"

 (2) لعل تعجبه صلى الله عليه و آله كان من صدور مثل هذا الكلام الدال على الإيمان التام بيوم الجزاء من حبشية في بلاد الشرك،

 (الحديث الثامن و الخمسون و الخمسمائة)

 (3): حسن.

قوله عليه السلام:" إن آزر أبا إبراهيم عليه السلام"

 (4) اعلم أن العامة اختلفوا في أبي إبراهيم، قال الرازي في تفسير قوله تعالى:" وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ" ظاهر هذه الآية تدل على أن اسم والد إبراهيم هو آزر، و منهم من قال اسمه تارخ، قال الزجاج:

لا خلاف بين النسابين أن اسمه تارخ، و من الملحدة من جعل هذا طعنا في القرآن.

أقول: ثم ذكر لتوجيه ذلك وجوها (إلى أن قال): و الوجه الرابع: إن والد إبراهيم عليه السلام كان تارخ، و آزر كان عما له، و العم قد يطلق عليه لفظ الأب كما حكى الله عن أولاد يعقوب أنهم" قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ" و معلوم أن إسماعيل كان عما ليعقوب، و قد أطلقوا عليه لفظ الأب‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 549

فكذا هيهنا.

أقول: ثم قال بعد كلام: قالت الشيعة إن أحدا من آباء الرسول و أجداده ما كان كافرا، و أنكروا أن والد إبراهيم كان كافرا، و ذكروا أن آزر كان عم إبراهيم و ما كان والدا له و احتجوا على قولهم بوجوه.

الحجة الأولى: إن آباء نبينا ما كانوا كفارا، و يدل عليه وجوه (منها) قوله تعالى:" الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ" قيل: معناه أنه كان ينقل روحه عن ساجد إلى ساجد، و بهذا التقدير فالآية دالة على أن جميع آباء محمد صلى الله عليه و آله كانوا مسلمين، و حينئذ يجب القطع بأن والد إبراهيم كان مسلما.

ثم قال: و مما يدل أيضا على أن أحدا من آباء محمد صلى الله عليه و آله ما كانوا مشركين قوله صلى الله عليه و آله: لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات، و قال تعالى:

" إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ" و ذلك يوجب أن يقال إن أحدا من أجداده ما كان من المشركين انتهى.

و قال الشيخ الطبرسي- رحمه الله- بعد نقل ما مر من كلام الزجاج: و هذا الذي قاله الزجاج يقوى ما قاله أصحابنا أن آزر كان جد إبراهيم لأمه، أو كان عمه من حيث صح عندهم أن آباء النبي صلى الله عليه و آله إلى آدم كلهم كانوا موحدين، و أجمعت الطائفة على ذلك انتهى.

أقول: الأخبار الدالة على إسلام آباء النبي صلى الله عليه و آله من طرق الشيعة مستفيضة بل متواترة، و كذا في خصوص والد إبراهيم قد وردت بعض الأخبار، و قد عرفت إجماع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 550

الفرقة المحقة على ذلك بنقل المخالف و المؤالف، و هذا الخبر صريح في كون والده عليه السلام آزر فلعله ورد تقية و بسط القول فيه و في سائر خصوصيات قصصه عليه السلام موكول إلى كتابنا الكبير.

قوله عليه السلام:" لقد رأيت عجبا"

 (1) لقد علمت أنه يدل على كون النجوم علامات للكائنات، و لا يدل على جواز النظر فيها و الحكم بها لغير من أحاط بها علما.

قوله عليه السلام:" لا يخلص إليها"

 (2) على بناء المجهول يقال خلص إليه أي وصل.

قوله عليه السلام:" فعلقت"

 (3) بكسر اللام أي حبلت.

قوله عليه السلام:" بعض الغيران"

 (4) هي جمع الغار.

قوله عليه السلام:" فيشخب"

 (5) بضم الخاء و فتحها أي يسيل.

قوله عليه السلام:" يشب في اليوم"

 (6) بكسر الشين- أي ينمو لعل المراد أن في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 551

الأسبوع الأول يشب كل يوم كما يشب غيره في الجمعة، أي الأسبوع تسمية للكل باسم الجزء، ثم في بقية الشهر يشب في كل أسبوع كما يشب غيره في شهر، ثم في في بقية السنة يشب في كل شهر كما يشب غيره في السنة، و يحتمل أن لا تكون هذه التشبيهات مبنية على المساواة الحقيقية، بل على محض الإسراع في النمو، و هذا شائع في المحاورات.

قوله عليه السلام:" تزهران"

 (1) أي تضيئان، و

" القدوم"

 (2) بفتح القاف و ضم الدال المخففة و قد تشد- آلة ينحت بها.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 552

 (الحديث التاسع و الخمسون و الخمسمائة)

 (1): حسن أو موثق.

قوله تعالى:" أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ"

 (2) قال الشيخ الطبرسي (رحمه الله): أي فقال نمرود أنا أحيي بالتخلية من الحبس من وجب عليه القتل، و أميت بالقتل من شئت أي ممن هو حي، و هذا جهل من الكافر، لأنه اعتمد في المعارضة على العبارة فقط دون المعنى، عادلا عن وجه الحجة بفعل الحياة للميت، أو الموت للحي على سبيل الاختراع الذي ينفرد سبحانه به، و لا يقدر عليه سواه قال إبراهيم:" فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ".

قيل: في انتقاله من حجة إلى حجة أخرى وجهان:

أحدهما: أن ذلك لم يكن انتقالا و انقطاعا عن إبراهيم، فإنه يجوز من كل حكيم إيراد حجة أخرى على سبيل التأكيد بعد تمام ما ابتدأ به من الحجاج، و علامة تمامه ظهوره من غير اعتراض عليه، بشبهة لها تأثير عند التأمل و التدبر لموقعها من الحجة المعتمد عليها.

و الثاني: إن إبراهيم إنما قال ذلك ليبين أن من شأن من يقدر على إحياء الأموات و إماتة الأحياء، أن يقدر على إتيان الشمس من المشرق، فإن كنت قادرا على ذلك، فأت بها من المغرب، و إنما فعل ذلك لأنه لو تشاغل معه بأني أردت اختراع الحياة و الموت من غير سبب و لا علاج لاشتبه على كثير ممن حضر، فعدل إلى ما هو أوضح، لأن الأنبياء عليهم السلام إنما بعثوا للبيان و الإيضاح، و ليست أمورهم مبنية

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 553

على تحاج الخصمين، و طلب كل واحد منهما غلبة خصمه، و قد روي عن الصادق عليه السلام أن إبراهيم قال له أحي من قتلته إن كنت صادقا ثم استظهر عليه بما قاله ثانيا" فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ" أي تحير عند الانقطاع بما بأن له من ظهور الحجة" وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" بالمعونة على بلوغ البغية من الفساد، و قيل: معناه لا يهديهم إلى المحاجة كما يهدي أنبياءه و قيل: معناه لا يهديهم بألطافه و تأييده إذا علم أنه لا لطف لهم، و قيل لا يهديهم إلى الجنة انتهى كلامه- رحمه الله.

قوله تعالى:" فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ"

 (1) قال الشيخ الطبرسي- رحمه الله-: اختلف في معناه على أقوال:

أحدها: أنه عليه السلام: نظر في النجوم فاستدل بها على وقت حمى كانت تعتوره فقال إني سقيم أراد أنه قد حضر وقت علته و زمان نوبتها، فكأنه قال: إني سأسقم لا محالة، و حان الوقت الذي يعتريني فيه الحمى و قد يسمى المشارف للشي‏ء باسم الداخل فيه قال الله تعالى:" إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" و ليس نظره في النجوم على حسب ما ينظره المنجمون طلبا للأحكام.

و ثانيها: أنه نظر في النجوم كنظرهم لأنهم كانوا يتعاطون علم النجوم فأوهمهم أنه يقول بمثل قولهم، فقال عند ذلك" إِنِّي سَقِيمٌ" فتركوه ظنا منهم‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 554

أن نجمة يدل على سقمه، و يجوز أن يكون الله أعلمه بالوحي أنه سيسقمه في وقت مستقبل، و جعل العلامة على ذلك إما طلوع نجم على وجه مخصوص، أو اتصاله بآخر على وجه مخصوص، فلما رأى إبراهيم تلك الأمارة قال إني سقيم تصديقا لما أخبره الله تعالى.

و ثالثهما: إن معناه نظر في النجوم نظرا فاستدل بها كما قصه الله في سورة الأنعام على كونها محدثة غير قديمة و لا آلهة و أشار بقوله- إني سقيم- إلى أنه في حال مهلة النظر، و ليس على يقين من الأمر، و لا شفاء من العلم، و قد يسمى الشك بأنه سقم كما يسمى العلم بأنه شفاء، عن أبي مسلم و هو ضعيف.

و رابعها: أن معنى قوله" إِنِّي سَقِيمٌ" إني سقيم القلب، أو الرأي خوفا من إصرار القوم على عبادة الأصنام، و هي لا تسمع و لا تبصر، و يكون على هذا معنى نظره في النجوم فكرته في أنها محدثة مخلوقة مدبرة، و تعجبه كيف ذهب على العقلاء ذلك من حالها حتى عبدوها، و ما رواه العياشي بإسناده، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: و الله ما كان سقيما و ما كذب، فيمكن أن يحمل على أحد الوجوه التي ذكرناها، و يمكن أن يكون على وجه التعريض بمعنى أن كل من كتب عليه الموت فهو سقيم، و إن لم يكن به سقم في الحال انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 555

أقول: قد أوردنا الأخبار الواردة في تأويل الآية في كتاب بحار الأنوار و شرحناها هناك فلا نذكرها هيهنا حذرا من التطويل.

قوله:" فذكرا أبان"

 (1) هذا كلام البزنطي، و الخبر بهذا السند مرسل.

قوله عليه السلام:" فأخذ عنق"

 (2) أي طائفة.

 (الحديث الستون و الخمسمائة)

 (3): مجهول.

قوله عليه السلام:" بكوثى"

 (4) قال الفيروزآبادي: كوثى- كطوبى- قرية بالعراق و قال:

الربى‏

 (5) كهدي- موضع.

و قال الجزري:" كوثى" سرة السواد و بها ولد إبراهيم الخليل عليه الصلاة و السلام.

و في بعض كتب القصص كوثى ربي من أرض العراق، و هي أرض ذات أشجار و أنهار.

و قال صاحب الكامل: اختلف في الموضع الذي ولد فيه، فقيل: ولد بالسوس من أرض الأهواز، و قيل ولد ببابل، و قيل: بكوثى و قيل: نجران و لكن أباه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 556

نقله.

قوله عليه السلام:" فكانت أم إبراهيم"

 (1) ذكر صاحب الكامل أن لوطا كان ابن أخي إبراهيم عليه السلام و هو و إن لم يكن منافيا لما في الخبر، لكن لو كانت هذه القرابة لكانت أولى بالذكر فعدمه يدل على عدمها، و في بعض النسخ [امرأة إبراهيم و امرأة لوط] و هو أظهر.

قوله عليه السلام" و لم يكن رسولا"

 (2) أي لم يكن ممن يأتيه الملك فيعاينه، كما يظهر من الأخبار، أو لم يكن صاحب شريعة مبتدأة كما قيل، و قد سبق تحقيقه في كتاب الحجة

" في شبيبته"

 (3) أي في حداثته على الفطرة، أو التوحيد أي كان موحدا بما آتاه الله من العقل، و ألهمه حتى جعله الله نبيا و بعث إليه الملك.

قوله عليه السلام:" ابنة لاحج"

 (4) الظاهر أنه كان ابنة ابنة لاحج، فتوهم النساخ التكرار فأسقطوا إحداهما، و على ما في النسخ المراد ابنة الابنة مجازا، و على نسخة" الامرأة" لا يحتاج إلى تكلف.

قوله عليه السلام:" و عمل له حيرا"

 (5) قال الجوهري: الحير- بالفتح- شبه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 557

الحظيرة.

قوله عليه السلام:" ليعشر ما معه"

 (1) قال الجوهري: عشرت القوم، أعشرهم- بالضم-

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 558

عشرا- مضمومة- إذا أخذت عشر أموالهم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 559

قوله عليه السلام:" و غصب"

 (1) أي العاشر إبراهيم على فتحه، قال الفيروزآبادي:

غصب فلانا على الشي‏ء قهره.

قوله تعالى:" أو فاجرة"

 (2) أي لا بد في النظام من أحدهما فإذا رفع الفاجر يد سلطان الحق عنها يحصل النظام في الجملة بالفاجر، و إن كان معاقبا بعدم تمكين الحق.

 (الحديث الحادي و الستون و الخمسمائة)

 (3): ضعيف.

قوله:" حجر بن زائدة"

 (4) ذكر النجاشي أنه ثقة صحيح المذهب صالح من‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 560

هذه الطائفة و روى الكشي بطريق ضعيف فيه و في عامر بن عبد الله بن جذاعة أنهما من حواري الباقر و الصادق عليهما السلام، و روي مثل خبر الكتاب فيه، و في عامر بن جذاعة و الظاهر اتحادهما، كما يظهر من فهرست مشيخة الفقيه، و الحاصل أن هذا الخبر يدل على جلاله المفضل، و ذمهما لكنه على مصطلح القوم ضعيف.

قوله عليه السلام:" لكثير عزة"

 (1) بضم الكاف و فتح الثاء و تشديد الياء المكسورة- اسم شاعر و عزة- بفتح العين المهملة و الراء المعجمة المشددة- اسم معشوقته.

قوله:" ألا زعمت"

 (2) أي قالت أو علمت بالغيب أي غائبة عني أي أنها تعلم أني إذا لم أكن محبا لمن يحبها لم أكن محبا لها.

 (الحديث الثاني و الستون و الخمسمائة)

 (3): حسن لكون القاسم ممدوحا بهذا الخبر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 561

 (الحديث الثالث و الستون و الخمسمائة)

 (1): صحيح.

         قوله:" يا رب أ ما تعززن بطالب             في مقنب من هذه المقانب"

 

 

 (2) المقنب- بالكسر- جماعة الخيل و الفرسان، و في بعض ما ظفرنا عليه من السير هكذا:

         يا رب إما خرجوا بطالب             في مقنب من هذه المقانب‏

             فاجعلهم المغلوب غير الغالب             و ارددهم المسلوب غير السالب‏

 و قال صاحب الكامل في ذكر قصته: و كان بين الطالب بن أبي طالب- و هو في القوم- و بين بعض قريش محاورة، فقالوا: و الله لقد عرفنا أن هواكم مع محمد صلى الله عليه و آله فرجع طالب فيمن رجع إلى مكة، و قيل إنه خرج كرها فلم يوجد في الأسرى و لا في القتلى، و لا فيمن رجع إلى مكة و هو الذي يقول:

         يا رب إما يعززن طالب             في مقنب من هذه المقانب‏

             فليكن المسلوب غير السالب             و ليكن المغلوب غير الغالب.

 أقول: على ما نقلناه من الكتابين ظهر أنه لم يكن راضيا بهذه المقاتلة و كان يريد ظفر النبي صلى الله عليه و آله إما لأنه كان قد أسلم كما تدل عليه المرسلة أو لمحبة القرابة فالذي يخطر بالبال في توجيه ما في الخبر أن يكون‏

قوله- بجعله‏

 (3) بدل اشتمال لقوله- بطالب- أي إما تجعل الرسول صلى الله عليه و آله غالبا بمغلوبية طالب حال كونه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 562

         في مقنب المغالب المحارب             بجعله المسلوب غير السالب‏

 و جعله المغلوب غير الغالب فقالت قريش: إن هذا ليغلبنا فردوه.

و في رواية أخرى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان أسلم.

في مقانب عسكر مخالفيه الذين يطلبون الغلبة عليه، بأن تجعل طالبا مسلوب.

الثياب و السلاح غير سالب لأحد من عسكر النبي صلى الله عليه و آله و يجعله مغلوبا منهم غير غالب عليهم.

و قيل: المراد إما تقوين قريشا بطالب حال كونه في طائفة من هذه الطوائف تكون غالبة و تكون غلبة الطالب بأن يجعل المسلوب بحيث لا يرجع و يصير سالبا و كذلك المغلوب، و لا يخفى بعده كما عرفت، و في النسخة القديمة التي عندنا هكذا:

         يا رب أ ما يعززن بطالب             في مقنب من هذه المقانب‏

             في مقنب المغالب المحارب             فاجعله المسلوب غير السالب‏

             و اجعله المغلوب غير الغالب‏

 

 و هو أظهر و يوافق ما نقلنا من السير، و يؤيد ما ذكرنا من البيان و التفسير كما لا يخفى.

قوله:" ليغلبنا"

 (1) على ما ذكرنا أي يريد غلبة الخصوم علينا أو يصير تخاذله سببا لغلبتهم علينا، و على ما ذكره القائل أي يفتخر علينا [أي يفخر علينا، و يظن أنه إنما تغلب عليهم بإعانته و لا يخفى أنه أبعد مما ذكره في صدر الخبر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 563

 (الحديث الرابع و الستون و الخمسمائة)

 (1): موثق.

قوله:" إلى سارية"

 (2) أي أسطوانة، و كانت هذه المطالبة و الشكاية عند إخراج أمير المؤمنين عليه السلام للبيعة كما مر، أو عند غصب فدك، و

" الهنبثة"

 (3) الأمر المختلف الشديد، و الاختلاط من القول، و الاختلاف فيه و

" الخطب"

 (4) الأمر الذي تقع فيه المخاطبة، و الشأن و الحال و يمكن أن يقرأ الخطب بضم الخاء و فتح الطاء جمع خطبة و

" الوابل"

 (5) المطر الشديد الضخم القطر، و في كشف الغمة" و اختل قومك لما غبت، و انقلبوا" و في الكتب زوائد أوردناها في البحار.

 (الحديث الخامس و الستون و الخمسمائة)

 (6): موثق.

قوله عليه السلام" و أخذه المغص"

 (7) المغص- بالتسكين و يحرك- وجع في البطن الظاهر أن الضمير في‏

قوله" أخذه و في قوله" في بطنه"

 (8) راجعان إلى النبي صلى الله عليه و آله أي أخذه صلى الله عليه و آله هذا الداء لشدة اغتمامه و حزنه عليه.

 (الحديث السادس و الستون و الخمسمائة)

 (9): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 564

قوله عليه السلام:" أربعين"

 (1) كذا ذكره الشيخ المفيد (قدس سره) في إرشاده و بعض أهل السير.

 (الحديث السابع و الستون و الخمسمائة)

 (2): مجهول.

قوله:" أهدب العرف"

 (3) أي طويله و كان مرسلا في جانب الأيمن.

 (الحديث الثامن و الستون و الخمسمائة)

 (4): مجهول.

قوله تعالى:" وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا

 (5). قال الشيخ أمين الدين الطبرسي (رحمه الله) القراءة المشهورة" الَّذِينَ خُلِّفُوا" و قرأ علي بن الحسين و أبو جعفر الباقر و جعفر الصادق عليهم السلام و أبو عبد الرحمن السلمي" خالفوا" و قرأ عكرمة و زر بن حبيش و عمرو بن عبيد" خلفوا" بفتح الخاء و اللام الخفيفة (ثم قال) نزلت في كعب بن مالك و مرارة بن الربيع، و هلال بن أمية، و ذلك أنهم تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه و آله، و لم يخرجوا معه لا عن نفاق، لكن عن توان، ثم ندموا فلما قدم النبي صلى الله عليه و آله المدينة جاءوا إليه و اعتذروا، فلم يكلمهم النبي صلى الله عليه و آله، و تقدم إلى المسلمين أن لا يكلمهم أحد منهم، فهجرهم الناس حتى الصبيان، و جاءت نساؤهم إلى رسول الله صلى الله عليه و آله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 565

فقلن له يا رسول الله نعتزلهم؟ فقال: لا و لكن لا يقربوكن، فضاقت عليهم المدينة، و خرجوا إلى رؤوس الجبال، و كان أهاليهم يجيئون لهم بالطعام، و لا يكلمونهم، فقال بعضهم لبعض: قد هجرنا الناس و لا يكلمنا أحد فهلا نتهاجر نحن أيضا فتفرقوا و لم يجتمع منهم اثنان، و بقوا على ذلك خمسين يوما يتضرعون إلى الله و يتوبون إليه، فقبل الله توبتهم، و أنزل فيهم هذه الآية (ثم قال)" وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا" قال مجاهد: معناه خلفوا عن قبول التوبة بعد قبول التوبة من قبل توبتهم من المنافقين، و قال الحسن و قتادة: معناه خلفوا عن غزوة تبوك لما تخلفوا هم، و أما قراءة أهل البيت عليهم السلام خالفوا فإنهم قالوا لو كانوا خلفوا لما توجه عليهم العتب و لكنهم خالفوا انتهى.

أقول: يدل هذا الخبر على أن أبا بكر و عمر و عثمان كان وقع منهم أيضا تخلف عند خروج النبي صلى الله عليه و آله إلى تبوك، فسلط الله عليهم الخوف في تلك الليلة حتى ضاقت عليهم الأرض برحبها و سعتها و ضاقت عليهم أنفسهم. لكثرة خوفهم، و حزنهم حتى أصبحوا و لحقوا بالنبي صلى الله عليه و آله و اعتذروا إليه.

 (الحديث التاسع و الستون و الخمسمائة)

 (1): ضعيف على المشهور.

قوله عليه السلام:" قرأ التائبين"

 (2) قال الشيخ الطبرسي (رحمه الله) في قراءة أبي و عبد الله بن مسعود و الأعمش التائبين العابدين بالياء إلى آخرها، و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام (ثم قال) أما الرفع في‏

قوله" التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ"

 (3) فعلى القطع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 566

و الاستئناف، أي هم التائبون و يكون على المدح، و قيل: إنه رفع على الابتداء و خبره محذوف بعد قوله:" وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ" أي لهم الجنة أيضا عن الزجاج و قيل: إنه رفع على البدل من الضمير في يقاتلون، أي يقابل التائبون و أما التائبين العابدين فيحتمل أن يكون جرا و أن يكون نصبا أما الجر فعلى أن يكون وصفا للمؤمنين أي من المؤمنين التائبين، و أما النصب فعلى إضمار فعل بمعنى المدح، كأنه قال: أعني أو امدح التائبين انتهى.

أقول: الخبر يدل على أنها أوصاف لقوله:" المؤمنين".

 (الحديث السبعون و الخمسمائة)

 (1): ضعيف.

و يدل على أن مصحفهم عليهم السلام كان مخالفا لما في أيدي الناس في بعض الأشياء.

 (الحديث الحادي و السبعون و الخمسمائة)

 (2): موثق.

قوله عليه السلام:" هكذا نقرؤها"

 (3) هذه تتمة آية الغار، حيث قال تعالى:" ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 567

وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها" و قد ذكرنا سابقا أن الضمير لا بد من إرجاعه إلى الرسول صلى الله عليه و آله و أنه يدل على عدم إيمان أبي بكر لأن الله تعالى قال في تلك السورة" ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ و قال في سورة الفتح" فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" فتخصيص الرسول صلى الله عليه و آله هنا بالسكينة، يدل على أنه لم يكن معه صلى الله عليه و آله مؤمن، و على قراءتهم عليهم السلام كما يدل عليها هذه الخبر تخصيص السكينة به صلى الله عليه و آله مصرح لا يحتاج إلى استدلال.

 (الحديث الثاني و السبعون و الخمسمائة)

 (1): مجهول و قيل حسن.

قوله تعالى:" فَلَعَلَّكَ تارِكٌ"

 (2) روى المفسرون عن ابن عباس أن رؤساء مكة من قريش أتوا رسول الله صلى الله عليه و آله فقالوا: يا محمد إن كنت رسولا فحول لنا جبال مكة ذهبا أو ائتنا بملائكة يشهدون لك بالنبوة، فأنزل الله‏

" فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى‏ إِلَيْكَ"

 (3) أي بعض القرآن و هو ما فيه سب آلهتهم، فلا تبلغهم إياه دفعا لشرهم و خوفا منهم، أو ما نزل في علي عليه السلام خوفا من تكذيبهم على تفسيره عليه السلام‏

" وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ"

 (4) أي لضيق صدرك‏

" أَنْ يَقُولُوا"

 (5) أي كراهة أن يقولوا، أو مخافة أن يقولوا.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 568

قوله عليه السلام:" لما نزل قديد"

 (1) هو- كزبير- اسم واد و موضع، و

الشن:

 (2) بالفتح- القربة البالية.

قوله عليه السلام:" و الله ما دعاه"

 (3) أي إنما سأل هذه المنازل لعلي عليه السلام لوفور محبته له، و سبب ذلك كثرة انقياده له في كل ما دعاه إليه، فلذا يفتري فيه هذه الأشياء.

 (الحديث الثالث و السبعون و الخمسمائة)

 (4): حسن.

و رواه الصدوق في العلل بسند صحيح‏

قوله عليه السلام:" كانوا أمة واحدة"

 (5) ذكر المفسرون أن المراد بجعلهم أمة واحدة، جبرهم على الإسلام ليكونوا جميعا مسلمين، و ظاهر الخبر أن المراد أنهم كانوا جميعا على الشرك و الضلالة و لو شاء لتركهم كذلك و لكن بعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة، فأسلم بعضهم فلذا صاروا مختلفين، و يحتمل أن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 569

يكون المراد أنهم كانوا في زمن آدم عليه السلام في بدو التكليف كلهم مؤمنين.

 (الحديث الرابع و السبعون و الخمسمائة)

 (1): ضعيف.

قوله تعالى:" وَ مَنْ يَقْتَرِفْ"

 (2) هذه تتمة آية المودة أعني قوله تعالى:" قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَ مَنْ يَقْتَرِفْ" الآية. و الروايات مستفيضة من طرق الخاصة و العامة أن صدر الآية نزلت في أهل البيت عليهم السلام.

و قال الشيخ الطبرسي (رحمه الله): أي من فعل طاعة نزد له في تلك الطاعة حسنا بأن نوجب له الثواب، و ذكر أبو حمزة الثمالي عن السدي أنه قال: اقتراف الحسنة المودة لآل محمد صلى الله عليه و آله، و صح عن الحسن بن علي عليه السلام أنه خطب الناس فقال في خطبته: أنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال:

" قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً" و اقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت، و روى إسماعيل بن عبد الخالق، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إنها نزلت فينا أهل البيت أصحاب الكساء.

قوله عليه السلام:" فذاك يزيده"

 (3) أي مودتهم مستلزمة لمودة هؤلاء، أو لا تقبل مودة هؤلاء إلا بمودتهم.

قوله عليه السلام:" و هو قول الله"

 (4) أي المراد بالحسنة فيها أيضا مودة الأوصياء عليهم السلام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 570

أي نزلت فيها، أو هي الفرد الكامل من الحسنة التي يشترط قبول سائر الحسنات بها فكأنها منحصرة فيها.

و قد روى محمد بن العياش في تفسيره بإسناده، عن أبي عبد الله الجدلي، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال هل تدري ما الحسنة التي من جاء بها هم من فزع يومئذ آمنون و من جاء بالسيئة كبت وجوههم في النار؟ قلت: لا، قال: الحسنة مودتنا أهل البيت، و السيئة عداوتنا أهل البيت.

و روي بإسناده عن عمار الساباطي في قوله تعالى:" مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها" قال إنما الحسنة معرفة الإمام و طاعته و طاعته طاعة الله.

و بإسناده عنه عليه السلام قال: الحسنة ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.

و بإسناده عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام أنه سأله، عن هذه الآية فقال:

الحسنة ولاية علي عليه السلام و السيئة بغضه و عداوته.

قوله عليه السلام:" أجر المودة"

 (1) الإضافة بيانية، و ما ذكره عليه السلام وجه حسن تام في الجمع بين تلك الآيات التي وردت في أجر الرسالة لأن الله تعالى قال في موضع:

" قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏" فدلت على أن المودة أجر الرسالة.

و قال في موضع آخر:" قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ" أي الأجر الذي سألتكم يعود نفعه إليكم به تهتدون و به تنجون من عذاب الله.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 571

و قال في موضع آخر:" قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى‏ رَبِّهِ سَبِيلًا" فيظهر من تفسيره عليه السلام هنا أن المراد أن أجر الرسالة إنما أطلبه ممن قبل قولي و أطاعني و اتخذ إلى ربه سبيلا.

و قال في موضع آخر

" قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ"

 (1) فهذا خطاب للكافرين و الجاحدين و المنافقين، حيث لم يطلب منهم الأجر لعدم قبولهم رسالته صلى الله عليه و آله.

و قال البيضاوي في الثانية: أي أي شي‏ء سألتكم من أجر على الرسالة فهو لكم، و المراد نفي السؤال عنه كأنه جعل التنبي مستلزما لأحد أمرين إما الجنون و إما توقع نفع لأنه إما أن يكون لغرض أو لغيره، و أيا ما كان يلزم أحدهما ثم نفى كلا منهما، و قيل: ما موصولة يراد بها ما سألهم بقوله:" ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى‏ رَبِّهِ سَبِيلًا" و قوله:" لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏" و اتخاذ السبيل ينفعهم، و قرباه قرباهم.

و قال في الثالثة:" إِلَّا مَنْ شاءَ" أي فعل من شاء" أَنْ يَتَّخِذَ إِلى‏ رَبِّهِ سَبِيلًا" أي يتقرب إليه، و يطلب الزلفى بالإيمان و الطاعة، فصور ذلك بصورة الأجر من حيث أنه مقصود فعله، و استثناء منه قلعا لشبهة الطمع و إظهارا لغاية الشفقة، حيث اعتد بإنفاعك نفسك بالتعرض للثواب و التخلص عن العقاب أجرا وافيا مرضيا به مقصورا عليه، و إشعارا بأن طاعاتهم تعود عليه بالثواب من حيث أنها بدلالته، و قيل الاستثناء منقطع، معناه لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا فليفعل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 572

و قال الشيخ الطبرسي (رحمه الله) في الرابعة:" ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ" أي على تبليغ الوحي و القرآن و الدعاء إلى الله سبحانه" مِنْ أَجْرٍ" أي مال تعطونيه" وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ" لهذا القرآن من تلقاء نفسي، و قيل: معناه إني ما آتيتكم رسولا من قبل نفسي، و لم أتكلف هذا الإتيان بل أمرت به، و قيل: معناه لست ممن يتعسف في طلب الأمر الذي لا يقتضيه العقل انتهى.

أقول: يظهر لك بعد التأمل أن ما ذكره عليه السلام أظهر الوجوه لفظا و معنى قوله تعالى:" أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى‏" هذه الآية بعد آية المودة" وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ أَمْ يَقُولُونَ".

قال البيضاوي: بل أ يقولون" افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً" افترى محمد بدعوى النبوة أو القرآن" فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى‏ قَلْبِكَ" استبعادا للافتراء عن مثله، بالإشعار على أنه إنما يجترئ عليه من كان مختوما على قلبه، جاهلا بربه فأما من كان ذا بصيرة و معرفة فلا و كأنه قال: إن يشأ الله خذلانك يختم على قلبك لتجترئ بالافتراء عليه و قيل: يختم على قلبك يمسك القرآن و الوحي عنه، أو يربط عليه بالصبر فلا يشق عليك أذاهم" وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ" و استئناف لنفي الافتراء عما يقوله، بأنه لو كان مفترى لمحقه إذ من عادته تعالى محق الباطل، و إثبات الحق بوحيه أو بقضائه أو بوعده بمحق باطلهم، و إثبات حقه بالقرآن أو بقضائه الذي لا مرد له انتهى.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 573

قوله عليه السلام" حبست"

 (1) أي الختم على القلب كناية عن حبس الوحي الدالة على الولاية.

قوله عليه السلام:" يقول الحق"

 (2) أي يعني الله بالحق الولاية.

قوله عليه السلام:" يقول بما القوة"

 (3) تفسير لقوله:" بِذاتِ الصُّدُورِ".

قوله عليه السلام:" و هو قول الله وَ أَسَرُّوا النَّجْوى‏"

 (4) أي نزلت في شأن هؤلاء المنافقين المنكرين، لكون إمامة أمير المؤمنين من عند رب العالمين" الذين عاهدوا و تعاقدوا" أن لا يرد الأمر إلى علي عليه السلام و هذه كانت نجواهم و ظلمهم، و قالوا:

ليس علي عليه السلام إلا بشر مثلكم، و ما أتى به محمد صلى الله عليه و آله في أمره سحر، فتقبلون السحر و أنتم تعلمون أنه سحر.

قوله عليه السلام:" أقسم بقبر محمد صلى الله عليه و آله"

 (5) أي المراد بالنجم: الرسول صلى الله عليه و آله كما ورد أخبار كثيرة في تفسير قوله تعالى:" وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ" أن المراد بالعلامات الأئمة و النجم رسول الله صلى الله عليه و آله، و المراد

بهوايته.

 (6) أي سقوطه و هبوطه و غروبه، أو صعوده موته صلى الله عليه و آله و غيبته في التراب، أو صعود روحه المقدسة إلى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 574

رب الأرباب.

قوله عليه السلام:" لو أني أمرت"

 (1) لعله على تأويله عليه السلام في الكلام تقدير، أي لو أن عندي الإخبار بما يستعجلون به، و لم يفسره عليه السلام الجزاء لظهوره، أي لقضي الأمر بيني و بينكم لظهور كفركم و نفاقكم، و وجوب قتلكم. و

قوله عليه السلام:

" فكان مثلكم"

 (2) لبيان ما يترتب على ذهابه صلى الله عليه و آله من بينهم من ضلالتهم، و غوايتهم و به أشار عليه السلام إلى تأويل حسن لآية أخرى، و تشبيه كامل فيها، و هي ما ذكره الله تعالى في وصف المنافقين حيث قال:

" فمثلهم كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ"

 (3) فالمراد استضاءة الأرض بنور محمد صلى الله عليه و آله، من العلم و الهداية.

و استدل عليه السلام على أن المراد بالضوء هيهنا نور محمد صلى الله عليه و آله بأن الله تعالى:

مثل في جميع القرآن الرسول صلى الله عليه و آله بالشمس و نسب إليها الضياء، و الوصي بالقمر و نسب إليه النور، فالضوء للرسالة و النور للإمامة، و هو

قوله تعالى:

" جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً"

 (4) و ربما يستأنس لذلك بما ذكره من أن الضياء يطلق على المضي‏ء بالذات، و النور على المضي‏ء بالغير، و لذا ينسب النور إلى القمر لأنه يستفيد النور من الشمس، و لما كان نور الأوصياء مقتبسا من نور الرسول، و علمهم عليهم السلام من علمه عبر عن علمهم و كما لهم بالنور و عن علم الرسول و كماله بالضياء و أشار عليه السلام إلى تأويل آية أخرى و هي‏

قوله تعالى‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 575

" وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ"

 (1) فهي إشارة إلى ذهاب النبي صلى الله عليه و آله و غروب شمس الرسالة، فالناس مظلمون إلا أن يستضيئوا بنور القمر، و هو الوصي ثم ذكر عليه السلام الآية السابقة بعد بيان أن المراد بالإضاءة إضاءة شمس الرسالة، فقال:

المراد

بإذهاب الله نورهم‏

 (2) قبض النبي صلى الله عليه و آله، فظهرت الظلمة، فلم يبصروا فضل أهل بيته و قوله عليه السلام بعد ذلك، و هو

قوله عز و جل" وَ إِنْ تَدْعُهُمْ"

 (3) يحتمل أن يكون المراد أن هذه الآية نزلت في شأن الأمة بعد موت النبي صلى الله عليه و آله و ذهاب نورهم فصاروا كمن كان في ظلمات ينظر و لا يبصر شيئا.

و يحتمل أن يكون على سبيل التنظير، أي كما أن في زمان الرسول صلى الله عليه و آله أخبر الله عن حال جماعة تركوا الحق، و اختاروا الضلالة فأذهب الله نور الهدى عن إسماعهم و أبصارهم، فصاروا بحيث مع سماعهم الهدى كأنهم لا يسمعون، و مع‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 576

رؤيتهم الحق فكأنهم لا يبصرون، فكذا هؤلاء لذهاب نور الرسالة من بينهم، لا يبصرون الحق و إن كانوا ينظرون إليه.

قوله عليه السلام:" النور الذي فيه العلم"

 (1) هو بيان للنور.

قوله عليه السلام:" يكادون أن يتكلموا"

 (2) تفسير لقوله تعالى:" يَكادُ زَيْتُها يُضِي‏ءُ".

قوله عليه السلام:" بالنبوة"

 (3) أي بعلومها و إسرارها.

قال الشيخ أمين الدين الطبرسي (قدس سره):" نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ" اختلف في معناه على وجوه:

أحدها: الله هادي أهل السماوات و الأرض إلى ما فيه مصالحهم عن ابن عباس.

و الثاني: الله منور السماوات و الأرض بالشمس و القمر و النجوم عن الحسن و أبي العالية و الضحاك.

و الثالث: مزين السماوات بالملائكة و مزين الأرض بالأنبياء و العلماء عن أبي ابن كعب، و إنما ورد النور في صفة الله تعالى لأن كل نفع و إحسان و إنعام منه، و هذا كما يقال: فلان رحمة و فلان عذاب إذا أكثر فعل ذلك منه، و على هذا قول الشاعر:

         أ لم تر أنا نور قوم و إنما             يبين في الظلماء للناس نورها

 

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 577

و المعنى إنا إنما نسعى لهم فيما ينفعهم و منا خيرهم، و كذا قول أبي طالب في مدح النبي صلى الله عليه و آله‏

          و أبيض يستسقي الغمام بوجهه             ثمال اليتامى عصمة للأرامل‏

 لم يعن بقوله و أبيض بياض لونه، و إنما أراد كثرة إفضاله و إحسانه و نفعه و الاهتداء به، و لهذا المعنى سماه الله تعالى سراجا منيرا.

" مَثَلُ نُورِهِ" فيه وجوه:

أحدها: إن معناه مثل نور الله الذي هدى به المؤمنين، و هو الإيمان في قلوبهم عن أبي بن كعب، و الضحاك و كان أبي يقرأ مثل نور من آمن به.

و الثاني: مثل نوره الذي هو القرآن في القلب عن ابن عباس و الحسن و زيد ابن أسلم.

و الثالث: أنه عنى بالنور محمدا صلى الله عليه و آله و أضافه إلى نفسه تشريفا عن كعب و سعيد بن جبير، فالمعنى مثل محمد رسول الله.

و الرابع: أن نوره سبحانه الأدلة الدالة على توحيده و عدله التي هي في الظهور و الوضوح مثل النور عن أبي مسلم.

و الخامس: أن النور هنا الطاعة أي مثل طاعة الله في قلب المؤمن عن ابن عباس في رواية أخرى.

" كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ" المشكاة: هي الكوة في الحائط يوضع عليها زجاجة ثم يكون المصباح خلف تلك الزجاجة و يكون للكوة باب آخر يوضع المصباح فيه، و قيل: المشكاة عمود القنديل بل الذي فيه الفتيلة، و هو مثل الكوة و المصباح السراج و قيل المشكاة القنديل، و المصباح الفتيلة عن مجاهد.

" الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ" أي ذلك السراج في زجاجة و فائدة اختصاص الزجاج بالذكر أنه أصفى الجواهر، فالمصباح فيه أضوء.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 578

الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ" أي تلك الزجاجة مثل الكوكب العظيم المضي‏ء الذي يشبه الدر في صفائه و نوره و نقائه، و إذا جعلته من الدرء و هو الدفع فمعناه المندفع السريع الوقع في الانقضاض و يكون ذلك أقوى لضوئه.

" يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ" أي يشتعل ذلك السراج من دهن شجرة مباركة" زَيْتُونَةٍ" أراد بالشجرة المباركة شجرة الزيتون لأن فيها أنواع المنافع، فإن الزيت يسرج به و هو إدام و دهان و دباغ، و يوقد بحطب الزيتون و ثقله، و يغسل برماده الإبريسم، و لا يحتاج في استخراج دهنه إلى عصار، و قيل: إنه خص الزيتونة، لأن دهنها أصفى و أضوء.

و قيل: لأنها أول شجرة نبتت في الدنيا بعد الطوفان، و منبتها منزل الأنبياء و قيل: لأنه بارك فيها سبعون نبيا منهم إبراهيم، فلذلك سميت مباركة" لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ" أي لا يضي‏ء عليها ظل شرق و لا غرب، فهي ضاحية للشمس لا يظلها جبل، و لا شجر و لا كهف، فزيتها يكون أصفى عن ابن عباس و الكلبي و عكرمة و قتادة فعلى هذا يكون المعنى أنها ليست بشرقية لا تصيبها الشمس إذا غربت و لا هي غربية لا تصيبها الشمس إذا طلعت، بل هي شرقية غربية أخذت لحظيها من الأمرين.

و قيل: معناه أنها ليست من شجر الدنيا فتكون شرقية أو غربية عن الحسن.

و قيل: معناه أنها ليست في مقنوءة لا تصيبها الشمس، و لا هي بارزة للشمس لا تصيبها الظل، بل يصيبها الشمس و الظل عن السدي.

و قيل: ليست من شجر الشرق، و لا من شجر الغرب، لأن ما اختص بأحد الجهتين كان أقل زيتا و أضعف ضوء لكنها من شجر الشام و هي ما بين المشرق و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 579

المغرب عن ابن زيد.

" يَكادُ زَيْتُها يُضِي‏ءُ"

 (1) من صفائه و فرط ضيائه" وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ" أي قبل أن تصيبه النار، و تشتعل فيه. و اختلف في هذه التشبيه و المشبه به على أقوال:

أحدها: أنه مثل ضربه الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه و آله فالمشكاة: صدره و الزجاجة:

قلبه و المصباح: فيه النبوة، لا شرقية و لا غربية أي لا يهودية و لا نصرانية" يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ" يعني شجرة النبوة و هي إبراهيم عليه السلام، يكاد نور محمد يتبين للناس و لو لم يتكلم به، كما أن ذلك الزيت يكاد يضي‏ء" وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ" أي لا تصيبه النار عن كعب و جماعة من المفسرين.

و قد قيل: أيضا أن المشكاة إبراهيم، و الزجاجة إسماعيل، و المصباح محمد صلى الله عليه و آله كما سمي سراجا في موضع آخر، من شجرة مباركة يعني إبراهيم لأن أكثر الأنبياء من صلبه، لا شرقية و لا غربية لا نصرانية و لا يهودية، لأن النصارى تصلي إلى الشرق و اليهود إلى الغرب" يَكادُ زَيْتُها يُضِي‏ءُ" أي يكاد محاسن محمد تظهر قبل أن يوصى إليه‏

" نُورٌ عَلى‏ نُورٍ"

 (2) أي نبي من نسل نبي عن محمد بن كعب.

و قيل: إن" المشكاة" عبد المطلب و" الزجاجة" عبد الله" و المصباح" هو النبي صلى الله عليه و آله لا شرقية و لا غربية، بل مكية لأن مكة وسط الدنيا عن الضحاك.

و روي عن الرضا عليه السلام" إنه قال: نحن المشكاة، و المصباح محمد صلى الله عليه و آله يهدي الله لولايتنا من أحب.

و في كتاب التوحيد لأبي جعفر ابن بابويه و بالإسناد عن عيسى بن راشد، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله:" كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ" قال: نور العلم في صدر النبي صلى الله عليه و آله" الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ" الزجاجة صدر علي عليه السلام صار علم النبي إلى صدر علي" الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ" نور العلم" لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ" لا يهودية و لا نصرانية" يَكادُ زَيْتُها يُضِي‏ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 580

نارٌ" قال: يكاد العالم من آل محمد يتكلم بالعلم قبل أن يسأل" نُورٌ عَلى‏ نُورٍ" أي إمام مؤيد بنور العلم و الحكمة في أثر إمام من آل محمد و ذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة، فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم الله خلفاءه في أرضه، و حججه على خلقه لا تخلو الأرض في كل عصر من واحد منهم، و يدل عليه قول أبي طالب عليه السلام في رسول الله صلى الله عليه و آله.

          أنت الأمين محمد             قرم أغر مسود

             لمسودين أطايب             كرموا و طاب المولد

             أنت السعيد من السعود             تكنفتك الأسعد

             من لدن آدم لم يزل             فينا وصي مرشد

             و لقد عرفتك صادقا             بالقول لا تتفند

             ما زلت تنطق بالصواب             و أنت طفل أمرد

 و تحقيق هذه الجملة يقتضي أن الشجرة المباركة المذكورة في هذه الآية هي دوحة التقى و الرضوان، و عترة الهدى و الإيمان، شجرة أصلها النبوة و فرعها الإمامة و أغصانها التنزيل، و أوراقها التأويل، و خدمها جبرئيل و ميكائيل.

و ثانيها: أنها مثل ضربه الله للمؤمن، المشكاة نفسه، و الزجاجة صدره، و المصباح الإيمان و القرآن في قلبه يوقد من شجرة مباركة هي الإخلاص لله وحده لا شريك له، فهي خضراء ناعمة كشجرة التف بها الشجرة، فلا يصيبها الشمس على أي حال، و كانت لا إذا طلعت و لا إذا غربت، و كذلك المؤمن قد احترز من أن يصيبه شي‏ء من الفتن، فهو بين أربع خلال إن أعطي شكر، و إن ابتلي صبر، و إن حكم عدل، و إن قال صدق، فهو في سائر الناس كالرجل الحي يمشي بين قبور الأموات" نُورٌ عَلى‏ نُورٍ" كلامه نور، و علمه نور، و مدخله نور، و مخرجه نور، و مصيره نور إلى يوم القيامة عن أبي بن كعب.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 581

و ثالثها: أن مثل القرآن في قلب المؤمن، كما أن هذا المصباح يستضاء به، و هو كما هو لا ينقص، فكذلك القرآن يهتدى به و يعمل به كالمصباح، فالمصباح هو القرآن و الزجاجة قلب المؤمن، و المشكاة لسانه و فمه، و الشجرة المباركة شجرة الوحي" يَكادُ زَيْتُها يُضِي‏ءُ" يكاد حجج القرآن تتضح و إن لم تقرأ، و قيل:

يكاد حجج الله على خلقه تضي‏ء لمن تفكر فيها و تدبرها و لو لم ينزل القرآن" نُورٌ عَلى‏ نُورٍ" يعني إن القرآن نور مع سائر الأدلة قبله، فازدادوا به نورا على نور عن الحسن و ابن زيد، و على هذا فيجوز أن يكون المراد ترتب الدلائل، لأن الدلائل تترتب بعضها على بعض، و لا يكاد العاقل يستفيد منها إلا بمراعاة الترتيب فمن ذهب عن الترتيب فقد ذهب عن طريق الاستفادة، و قال مجاهد: ضوء نور السراج على ضوء الزيت على ضوء الزجاجة" يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ" أي يهدي الله لدينه و إيمانه من يشاء، بأن يفعل له لطفا يختار عنده الإيمان إذا علم إن له لطفا، و قيل: معناه يهدي الله لنبوته و ولايته من يشاء ممن يعلم أنه يصلح لذلك" وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ" تقريبا إلى الأفهام، و تسهيلا لدرك المرام" وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ فيضع الأشياء مواضعها انتهى كلامه رفع مقامه.

و قد مضى بعض الأخبار الواردة في تفسير تلك الآية في كتاب الحجة و قد أوردنا جميعها مشروحا في كتاب بحار الأنوار في باب مفرد و الله الموفق.

 (الحديث الخامس و السبعون و الخمسمائة)

 (1): ضعيف على الأشهر، موثق على الأظهر،

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 582

قوله عليه السلام:" يريهم في أنفسهم المسخ"

 (1) الظاهر أنه إشارة إلى ما يبتلي به المخالفون في زمان القائم عليه السلام من أنهم يمسخون في أنفسهم، و يبتلون بتضييق الآفاق عليهم، بكثرة المصائب التي ترد عليهم، و انسداد طريق النجاة عنهم.

و قال الفاضل الأسترآبادي: كأنه ناظر إلى ما نطقت به الأخبار عنهم عليهم السلام من أن كل من مات من بني أمية لعنهم الله يمسخ وزغا عند موته، و إلى غلبة بني العباس عليهم.

 (الحديث السادس و السبعون و الخمسمائة)

 (2): ضعيف.

بأبي عبد الله الجعفي‏

 (3) الذي هو عمرو بن شمر بل بعباد أيضا.

قوله عليه السلام:" لكن رباطنا رباط الدهر"

 (4) أي يجب على الشيعة أن يربطوا أنفسهم على إطاعة إمام الحق، و انتظار فرجه و يتهيأوا دائما لنصرته.

قوله عليه السلام:" كان له وزنها و وزن وزنها"

 (5) أن كان له ثواب التصدق بضعفي وزنها ذهبا أو فضة، كل يوم و يحتمل أن يكون من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أي له من الثواب كمثلي وزن الدابة.

قوله عليه السلام:" لا تجزعوا من مرة"

 (6) أي لا تجزعوا من عدم نصرنا و غلبة العدو

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 583

علينا مرة أو مرتين كما في أمر الحسين عليه السلام و زيد بن علي، و كانصراف الأمر عند انقراض بني أمية عنهم، إلى بني العباس، بل اصبروا فإن الله يأتي بالفرج و لو بعد حين، أو لا تجزعوا من تخلف ما أخبرناكم به من الغايات التي يقع فيها الفرج للبداء.

 (الحديث السابع و السبعون و الخمسمائة)

 (1): ضعيف.

و يدل على كراهية معالجة الزكام.

 (الحديث الثامن و السبعون و الخمسمائة)

 (2): صحيح.

 (الحديث التاسع و السبعون و الخمسمائة)

 (3): مرفوع.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 584

 (الحديث الثمانون و الخمسمائة)

 (1): مرسل.

و فيه تعليم كحل نافع مجرب.

 (الحديث الحادي و الثمانون و الخمسمائة)

 (2): صحيح.

قوله عليه السلام:" و تراه مثل الحب"

 (3) أي بعد ذلك إن لم تعالج، أو أنها ترى في الحال مثل الحب.

 (الحديث الثاني و الثمانون و الخمسمائة)

 (4): مجهول.

                                                مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 585

قوله:" خلف إفريقية"

 (1). قال الفيروزآبادي هي بلاد واسعة قبالة الأندلس و قال:

طنجة

 (2): بلد بساحل بحر المغرب و قال:

الطينة

 (3): بلد قرب دمياط.

أقول: لعلها هي المعروفة بدهنة فرنك.

 (الحديث الثالث و الثمانون و الخمسمائة)

 (4): مجهول. أو حسن إن كان الضمير في- قال- راجعا إلى ابن عمير.

قوله عليه السلام:" كافور رباحي"

 (5) قال الفيروزآبادي: الرباحي: جنس من الكافور و قول الجوهري الرباح دويبة يجلب منها الكافور خلف، و أصلح في بعض النسخ و كتب- بلد- بدل دويبة و كلاهما غلط، لأن الكافور صمغ شجر يكون داخل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 586

الخشب، و يتخشخش فيه إذا حرك فينشر و يستخرج و قال: اسقطرى: جزيرة ببحر الهند على يسار الجائي من بلاد الزنج و العامة تقول سقوطرة يجلب منها الصبر و دم الأخوين و قال:

الإثمد

 (1):- بالكسر- حجر الكحل.

 (الحديث الرابع و الثمانون و الخمسمائة)

 (2): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فنخر إبليس"

 (3) أي مد الصوت في خياشيمه.

قوله عليه السلام:" و قد تقاصرت إليه نفسه"

 (4) أي ظهر له التقصير من نفسه يقال:

تقاصر أي أظهر القصر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 587

قوله عليه السلام:" بجلابيبه"

 (1) قال الفيروزآبادي: الجلباب:- كسرداب و سنمار- القميص و ثوب واسع للمرأة، دون الملحفة أو ما تغطي به ثيابها من فوق كالملحفة، أو هو الخمار.

قوله:" لا أعلمه"

 (2) الشك من الراوي.

 (الحديث الخامس و الثمانون و الخمسمائة)

 (3): مجهول.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 588

قوله عليه السلام:" و كان محارفا"

 (1) قال الجوهري رجل محارف- بفتح الراء- أي محدود محروم، و هو خلاف قولك مبارك.

قوله:" نصلا من غزل"

 (2) النصل الغزل قد خرج من المغزل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 589

 [الحديث السادس و الثمانون و الخمسمائة] خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام‏

 (1) (الحديث السادس و الثمانون و الخمسمائة): مجهول.

قوله:" بذي قار"

 (2) موضع بين الكوفة و واسط.

قوله عليه السلام:" من عبادة عباده"

 (3) كعيسى و عزير و الملائكة أو الأصنام أيضا تغليبا أو إطاعة الشياطين، و الطواغيت كما قال تعالى:" أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ" و قد أورد في النهج بعض تلك الخطبة مختصرا و فيه" من عبادة الأوثان إلى عبادته و من طاعة الشيطان إلى طاعته".

قوله عليه السلام:" و من عهود عباده"

 (4) كالأمراء و السلاطين و الشياطين و المضلين أيضا.

قوله عليه السلام:" و من ولاية عباده"

 (5) أي محبتهم أو نصرتهم أو طاعتهم.

قوله عليه السلام:" عودا و بدءا"

 (6) منصوبان بالظرفية أو بالحالية أو بالتميز، و على‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 590

التقادير يحتمل تعلقهما ب

قوله عليه السلام:" سِراجاً مُنِيراً" و بقوله عليه السلام:" داعِياً"

 (1) أي كان سراجا منيرا أو داعيا أولا و آخرا و قيل: الهجرة عن مكة و بعد الرجوع إليها، أو في جميع الأحوال، أو باديا و عاديا.

قوله عليه السلام:" عُذْراً أَوْ نُذْراً"

 (2) كل منهما مفعول له لقوله- بعث- أي عذرا للمحقين و نذرا للمبطلين، أو حال أي عاذرا و منذرا.

قوله عليه السلام:" بحكم"

 (3) المراد به الجنس، أي بعثه مع أحكام مفصلة مبنية و تفصيل في الأحكام قد أحكمه و أتقنه.

قوله عليه السلام:" و فرقان"

 (4) هو بالضم القرآن، و كل ما فرق بين الحق و الباطل و المراد بتفريقه إنزاله متفرقا أو تعلقه بالأحكام المتفرقة.

قوله عليه السلام:" فتجلى سبحانه"

 (5) قال ابن ميثم: أشار بتجليه سبحانه في كتابه إلى ظهوره لهم في تذكيرهم فيه ما أراهم من عجائب مصنوعاته، و بما خوفهم به من وعيده، و بتذكيرهم أنه كيف محق من القرون الماضية بالعقوبات، و احتصد من احتصد منهم بالنقمات، كل ذلك الظهور و الجلاء من غير رؤية له تعالى عن إدراك الحواس. و قال بعض الفضلاء: يحتمل أن يريد بتجليه في كتابه ظهوره في عجائب مصنوعاته و مكوناته، و يكون لفظ الكتاب استعارة في العالم انتهى.

قوله عليه السلام:" بالمثلات"

 (6) بفتح الميم و ضم الثاء أي العقوبات.

قوله عليه السلام:" و احتصد"

 (7) الاحتصاد قطع الزرع و النبات بالمنجد أي أهلكهم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 591

قوله عليه السلام:" حكمه كيف حكم"

 (1) و في النسخة القديمة [حلمه كيف حلم‏] و في الأول حكمه كيف حكم و هو أظهر.

قوله عليه السلام:" من بعدي زمان"

 (2) أي زمن بني أمية و بني العباس لعنهم الله.

قوله عليه السلام:" أبور"

 (3) البوار الكساد.

قوله عليه السلام:" أنكى"

 (4) قال الجزري: يقال نكيت في العدو، أنكى نكاية إذا كثرت فيهم الجراح و القتل فوهنوا لذلك.

قوله:" و تناساه"

 (5) قال الجوهري تناساه آوى من نفسه أنه نسيه.

قوله عليه السلام:" حتى تمالت بهم الأهواء"

 (6) كذا في أكثر النسخ فيحتمل أن يكون بتشديد اللام تفاعلا من الملال، أي بالغوا في متابعة الأهواء حتى كأنها ملت بهم أو بتخفيف اللام من قولهم تمالؤوا عليه أي تعاونوا أو اجتمعوا فخفف الهمزة و يكون الباء بمعنى على، و الأظهر ما في النسخة المصححة القديمة و هو [تمايلت‏] أي أمالتهم الأهواء و الشهوات عن الحق إلى الباطل، و في بعض النسخ [غالت‏] بالغين المعجمة من قولهم غاله أي أهلكه.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 592

قوله عليه السلام:" و أهل الكتاب"

 (1) أي الأئمة عليهم السلام.

قوله عليه السلام:" لا يؤويهما مؤو"

 (2) كناية عن عدم الرجوع إليهما و الأخذ بما يأمران به.

قوله عليه السلام:" واها لهما"

 (3) قال الجزري: فيه" من ابتلي فصبر فواها واها" قيل: معنى هذه الكلمة التلهف، و قد توضع موضع الإعجاب بالشي‏ء يقال:

واها له.

قوله عليه السلام:" و لما يعمدان"

 (4) أي يقصدان، و في بعض النسخ [يعملان‏].

قوله عليه السلام:" عن الجماعة"

 (5) أهل الحق و هم أهل البيت عليهم السلام كما وردت به الأخبار الكثيرة، و قد أوردناها في البحار.

قوله عليه السلام:" و زبره"

 (6) بسكون الباء أي كتابته.

قوله عليه السلام:" يدخل الداخل"

 (7) أي في الدين، و خروجه لما يرى من عدم عمل أهله به، و بدعهم و جورهم.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 593

قوله عليه السلام:" بالأمل و الرجاء"

 (1) متعلق بقوله فاستدرجهم، أي استدرجهم بأن أعطاهم ما يأملون و يرجون، إذ وكلهم إلى أملهم و رجائهم، و لم يعذبهم و لم يبتلهم لينصرفوا عنهما، و يحتمل أن يكون حالا عن ضمير المفعول أو خبرا لمبتدء محذوف أي هم مشغولون بهما،

قوله عليه السلام:" و الكتاب لم يضرب عن شي‏ء منه"

 (2) أي من الجور و الواو للحال أي لم يعرض الكتاب عن بيان شي‏ء من الجور، و

قوله" صفحا"

 (3) مفعول مطلق من غير اللفظ أو مفعول له أو حال يقال صفحت عن الأمر أي أعرضت منه و تركته، و يمكن أن يقرأ يضرب على بناء المجرد أي لم يدفع البيان عن شي‏ء منه كما قال تعالى:" أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً" و أن يقرأ على بناء الأفعال قال الجوهري أضرب عنه أعرض.

قوله عليه السلام:" و دانوا لغير الله"

 (4) أي أمروا بطاعة غيره تعالى، و لم يرد هذا البناء فيما عندنا من كتب اللغة، و في النسخة القديمة [و كانوا لغير الله‏].

قوله" على ذلك"

 (5) أي على تلك العقائد الباطلة، و الأعمال القبيحة من عدم قسمة الفي‏ء و عدم الوفاء بالذمة و غيرها

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 594

قوله عليه السلام:" و من قبل ما مثلوا"

 (1) هذا من قبيل قوله تعالى" وَ مِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ" و يحتمل وجهين.

الأول: أن تكون ما زائدة، أي، من قبل ذلك مثلوا بالصالحين.

و الثاني: أن تكون مصدرية على أن محل المصدر الرفع بالابتداء و خبره الظرف، أي وقع من قبيل تمثيلهم بالصالحين.

قال الجزري: مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه و شوهت به، و مثلت بالقتيل، إذا جدعت أنفه أو أذنه و مذاكيره، أو شيئا من أطرافه، و الاسم المثلة، فأما مثل بالتشديد فهو للمبالغة انتهى.

و الحاصل: أن المراد أن هؤلاء الأشقياء الذين يفعلون بعدي تلك الأفعال الشنيعة قد فعل آباؤهم و أسلافهم مثل ذلك بالصالحين في زمن الرسول، كمحاربة أبي سفيان و أضرابه لعنهم الله، و تمثيلهم بحمزة و غيره، و إنما نسب إليهم لرضاهم بفعال هؤلاء و كونهم على دينهم و على طريقتهم كما نسب الله إلى اليهود فعال آبائهم في مواضع من القرآن.

و يحتمل أن يكون المراد فعال هؤلاء في بدو أمرهم حتى غلبوا بذلك على الناس و استقر أمرهم.

و قال ابن ميثم و قوله:" و من قبل ما مثل" إشارة إلى زمن بني أمية الكائن قبل زمن من يخبر عنهم و لا يخفى أن ما ذكرنا من الوجهين أظهر.

قوله عليه السلام:" و سموا صدقهم"

 (2) أي الصالحين قال ابن أبي الحديد

قوله‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 595

" على الله"

 (1) متعلق بفرية، و لا بصدقهم، أي سموا صدقهم فرية على الله، فإن امتنع أن يتعلق حرف الجر به لتقدمه عليه، و هو مصدر فليتعلق بفعل مقدر دل عليه هذا المصدر انتهى.

أقول: لعل الذي دعاه إلى هذا التكلف عدم تعدي الصدق بعلى، و سبيل التضمين واسع كما لا يخفى.

قوله:" مِنْ أَنْفُسِكُمْ"

 (2) أي من جنسه [جنسكم‏] و نسبكم و قرئ من أنفسكم بفتح الفاء أي من أشرفكم و أفضلكم‏

" عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ"

 (3) أي شديد عليه، شاق عنتكم و لقاؤكم المكروه فهو يخاف عليكم سوء العاقبة، و الوقوع في العذاب‏

" حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ"

 (4) حتى لا يخرج أحد منكم عن أتباعه‏

" بِالْمُؤْمِنِينَ"

 (5) منكم و من غيركم.

قوله عليه السلام:" كتابا عزيزا"

 (6) أي كثير النفع، عديم النظير أو منيع لا يتأتى إبطاله و تحريفه‏

" لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ"

 (7) أي لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات، أو مما فيه من الأمور الماضية و الأمور الآتية

" تَنْزِيلٌ"

 (8) رفع على المدح‏

" مِنْ حَكِيمٍ"

 (9) ذي حكمة

" حَمِيدٍ"

 (10) يحمده كل مخلوق بما ظهر عليه من نعمه.

قوله عليه السلام:" غَيْرَ ذِي عِوَجٍ"

 (11) أي لا اختلال فيه بوجه. و قيل: بالشك‏

" لِيُنْذِرَ"

 (12) أي القرآن و يحتمل الرسول صلى الله عليه و آله‏

" مَنْ كانَ حَيًّا"

 (13) أي عاقلا فهما، فإن الغافل‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 596

كالميت أو مؤمنا في علم الله، فإن الحياة الأبدية بالإيمان، و تخصيص الإنذار به لأنه المنتفع.

" وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ"

 (1) أي و تجب كلمة العذاب‏

" عَلَى الْكافِرِينَ"

 (2) المصرين على الكفر، و جعلهم في مقابلة من كان حيا إشعار بأنهم لكفرهم و سقوط حجتهم و عدم تأملهم أموات في الحقيقة.

قوله عليه السلام:" أمد أملهم"

 (3) الأمد: الغاية، و المنتهى، أي إنما أهلك من كان قبلكم غايات آمالهم، حيث جعلوها بعيدة لتغطية الآجال عنهم، أي أملوا أمورا طويلة المدى تقصر عنها آجالهم.

قوله عليه السلام:" ترد عنه المعذرة"

 (4) أي لا تقبل فيه معذرة معتذر.

قوله:" و ترفع عنه التوبة"

 (5) أي تنسد بابها عند نزوله كما قال تعالى:" وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ".

قوله عليه السلام:" و تحل معه القارعة"

 (6) أي المصيبة التي تقرع أي تلقى بشدة و قوة.

قوله عليه السلام:" ليزيح العلة"

 (7) أي ليزيل الغدر.

قوله عليه السلام:" و حث على الذكر"

 (8) أي على ذكر الله كثيرا عند الطاعة و

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 597

المعصية و النعمة و البلية: و بالقلب و اللسان بقوله اذكروا الله ذكرا كثيرا.

قوله عليه السلام:" و إنه من انتصح الله"

 (1) أي قبل نصحه تعالى له فيما أمره و نهاه عنه و اتخذه ناصحا، و علم أنه تعالى لا يأمره إلا بما ينجيه و لا ينهاه إلا عما يرديه.

قال الفيروزآبادي: انتصح: قبل النصح.

قوله عليه السلام:" هي أقوم"

 (2) أي للحالة و الطريقة التي اتباعها و سلوكها أقوم.

قوله عليه السلام:" للحسنى"

 (3) أي للطريقة أو العاقبة الحسنى.

قوله عليه السلام:" فإن جار الله"

 (4) أي القريب إلى الله بالطاعة أو من آجره الله من عذابه، أو من الشدائد مطلقا.

قال الفيروزآبادي الجار و المجاور: الذي أجرته من أن يظلم.

قوله عليه السلام:" فليستجيبوا الله"

 (5) أي فيما أمركم به من الدعاء أو مطلقا و آمنوا به أي بوعده الاستجابة أو مطلقا.

قوله عليه السلام:" أن يتعظم"

 (6) أي يدعي العظمة، و الحاصل أن من عرف عظمة

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 598

الله و جلاله فينبغي له أن يعد نفسه حقيرا فيما ظهر له من عظمته تعالى أو يعلم أن العظمة مختصة به تعالى و أما غيره فإنما يعد عظيما بما أعاره الله من العظمة فلا يجوز تعظيم أحد عليه، أو يقال: إن غيره إنما يكتسب العظمة بالتذلل له، و التواضع عنده، و التقرب إليه، فغاية العظمة و العزة في المخلوقين منوطة بنهاية التواضع و التذلل منهم، و من عرف قدرة الله علم أنه لا تكون السلامة في الدنيا و الآخرة إلا بالاستسلام و الانقياد، له في جميع الأمور.

قوله عليه السلام:" فلا ينكرون أنفسهم"

 (1) الإنكار ضد المعرفة، أي لا يجهلون أنفسهم و معائبها و عجزها بعد ما عرفوها أو بعد ما عرفوا الله تعالى بالجلال و العظمة و القدرة.

قوله عليه السلام:" الذي نقضه"

 (2) ميثاق الكتاب.

قوله عليه السلام:" و لن تمسكوا به"

 (3) أي بالكتاب.

قوله عليه السلام:" و التكلف"

 (4) هو التعرض لما لا يعني، و ادعاء ما لا ينبغي، و الحاصل أنه لا يعرف الكتاب و لا يمكن العمل به و حفظه إلا بمعرفة حملته، و أعدائهم المضيعين له و لا تعرف الهداية إلا بمعرفة أهلها و الضلالة و أهلها، فإن‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 599

الأشياء إنما تعرف بأضدادها، و علامة معرفتها التميز بينها و بين معارضتها و مخالفاتها.

قوله عليه السلام:" فلا يجهلنكم الذين لا يعلمون"

 (1) على بناء الأفعال أي لا يوقعنكم في الجهل و الضلالة بادعاء علم الكتاب و السنة، لأن علم القرآن ليس يعلم ما هو إلا من عمل به، و اتصف بصفاته و ذاق طعمه.

قوله عليه السلام:" فعلم بالعلم جهله"

 (2) أي ما جهله مما يحتاج إليه في جميع الأمور، أو كونه جاهلا قبل ذلك، أو كمل علمه حتى أقر بأنه جاهل، فإن غاية كل كمال في المخلوق الإقرار بالعجز عن استكماله، و الاعتراف بثبوته كما ينبغي للرب تعالى، أو يقال: إن الجاهل لتساوي نسبة الأشياء إليه لجهله بجميعها يدعي علم كل شي‏ء، و أما العالم فهو يميز بين ما يعلمه و ما لا يعلمه، فبالعلم عرف جهله، و لا يخفى جريان الاحتمالات في الفقرتين التاليتين، و أن الأول أظهر في الجميع، بأن يكون المراد. ب

قوله عليه السلام:" و بصر به عماه"

 (3) أبصر به ما عمي عنه، أو تبدلت عماه بصيرة.

قوله عليه السلام:" و سمع به"

 (4) يمكن أن يقرأ بالتخفيف أي سمع ما كان صم عنه أو بالتشديد أي بدل بالعلم صممه بكونه سميعا.

قوله عليه السلام:" و أثبت"

 (5) أي بعلم القرآن‏

قوله" نور"

 (6) إنما لم يجمع عليه السلام‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 600

للإشعار بأنهم نور واحد، كما وردت به الأخبار و المراد به الجنس.

قوله عليه السلام:" و صممتم عن منطقهم"

 (1) فإن لصمتهم وقتا و هيئة و حاله تكون قرائن دالة على حسن منطقهم لو نطقوا، و على أن سكوتهم ليس إلا لحكمة و مصلحة دعتهم إليه.

قوله عليه السلام:" فهو بينهم"

 (2) أي القرآن أو الدين.

قوله عليه السلام:" فهم من شأنهم شهداء بالحق"

 (3) أي إنهم شهداء أو هم بسبب أطوارهم الحسنة و أخلاقهم الجميلة شهداء بالحق، أي على الحق أو على الدين الذي يدعون إليه.

و الحاصل إن شؤونهم و أعمالهم و أخلاقهم تشهد بحقية أقوالهم.

قوله عليه السلام:" و يخبر

 (4) عطف على قوله بالحق" كقوله مخبر كما في بعض النسخ و المراد به حينئذ الرسول صلى الله عليه و آله.

قوله عليه السلام:" قد خلت"

 (5) أي مضت‏

" لهم من الله سابقه"

 (6) أي نعمة سابقه من عصمتهم و جعلهم خلفاء الرسول و إخباره و إخبار رسوله صلى الله عليه و آله بشرفهم و فضلهم و وجوب اتباعهم.

قوله عليه السلام:" حكم صادق"

 (7) أي من ظفرهم و نصرهم و حفظهم و رد الأمر

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 601

إليهم أو وجوب طاعتهم.

 (الحديث السابع و الثمانون و الخمسمائة)

 (1): ضعيف.

قوله عليه السلام:" فاسقا"

 (2) تميز قال الجزري: الويل: الحزن و الهلاك و المشقة من العذاب، و قد يرد بمعنى التعجب و منه الحديث‏

" و يلمه‏

 (3) مسعر حرب" تعجبا من شجاعته و جرأته.

قوله عليه السلام:" مماديا"

 (4) أي في الدين.

قوله عليه السلام:" مخاصما"

 (5) أي في الدنيا.

قوله عليه السلام:" في غير ذات الله"

 (6) أي في غير ما ينسب إلى الله مما يرضيه تعالى و في بعض النسخ [في غير ذات الله‏] أي كنهها.

 (الحديث الثامن و الثمانون و الخمسمائة)

 (7): ضعيف.

 (الحديث التاسع و الثمانون و الخمسمائة)

 (8): مجهول مرسل.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 602

قوله عليه السلام:" ماء و دهنا"

 (1) يحتمل أن يكون كناية عن صفائه و طراوته.

قال الجوهري: قال رؤبة: كغصن بان عوده سرعرع كأن وردا من دهان يمرع أي يكثر دهنه، يقول كأن لونه يعلى بالدهن، لصفائه و قوم مدهنون بتشديد الهاء عليهم آثار النعم انتهى.

قوله عليه السلام:" عبدا خليلا"

 (2) أي اصطفاه و خصصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله و الخلة من الخلال، فإنه ود تخلل النفس و خاذلها، و قيل: من الخلل فإن كل واحد من الخليلين يسد خلل الآخر، أو من الخل و هو الطريق، في‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 603

الرمل فإنهما يترافقان في لطريقة أو من الخلة بمعنى الخصلة، فإنهما يتوافقان في الخصال.

 (الحديث التسعون و الخمسمائة)

 (1): مرسل.

 (الحديث الحادي و التسعون و الخمسمائة)

 (2): حسن.

قوله عليه السلام:" نحوك"

 (3) أي طريقتك في العبادة أو مثلك‏

قوله" خلف هذه النطفة"

 (4) قال الفيروزآبادي: النطفة بالضم الماء الصافي قل أو كثر.

و قال المطرزي: النطفة البحر.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 604

قوله:" أروع"

 (1). قال الجوهري:" الأروع من الرجال" الذي يعجبك حسنه.

قوله عليه السلام:" كأنما دهنت دهنا"

 (2) يقال: دهنه أي طلاه بالدهن، و هو كناية عن سمنها أي ملأت دهنا أو صفائها، أي طليت به.

قوله عليه السلام:" كأنما دخست دخسانا"

 (3) في أكثر النسخ بالخاء المعجمة، و في بعضها بالمهملة.

قال الجوهري: الدخيس اللحم المكتنز، و كل ذي سمن دخيس.

و قال الجزري: كل شي‏ء ملأته فقد دخسته، و الدخاس الامتلاء و الزحام‏

قوله عليه السلام:" من يومه ذلك"

 (4) أي إلى القيامة كما هو الموجود فيما رواه‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 605

الصدوق في كتاب إكمال الدين.

 (الحديث الثاني و التسعون و الخمسمائة)

 (1): مرسل.

قوله عليه السلام:" قد وسع العباد"

 (2) القد: القدر.

قوله عليه السلام:" من لا مدى له"

 (3) أي لوجوده أو لعرفان ذاته و صفاته، أو لكمالاته أو لإنعامه و التعليل فيما سوى الأول أظهر.

 (الحديث الثالث و التسعون و الخمسمائة)

 (4): صحيح.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 606

أقول: قد عقدنا بابا كبيرا في بيان أحوال زيد و أضرابه في كتابنا الكبير فمن أراد الاطلاع عليه فليرجع إليه.

 (الحديث الرابع و التسعون و الخمسمائة)

 (1): مختلف فيه.

قوله:" محمد بن عبد الله"

 (2) هو ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين عليه السلام و قد مر بعض أحواله في كتاب الحجة.

قوله عليه السلام:" لأنه ينسب‏

 (3) إلى امرأة إلى الخلافة أو إلى الملك و السلطنة.

 (الحديث الخامس و التسعون و الخمسمائة)

 (4): مرفوع.

قوله عليه السلام:" الفتى المؤمن"

 (5) الفتى في اللغة الشاب و السخي الكريم، و منه الفتوة، و غرضه عليه السلام أن الفتى في كثير من المواضع التي ذكره الله تعالى و رسوله هو الذي ترك الدنيا فتوة، اختار الإيمان بالله و برسوله.

و قد ورد في الخبر أن النبي صلى الله عليه و آله قال" أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى" أي ابن إبراهيم حيث قال تعالى فَتًى يَذْكُرُهُمْ، و أخو علي عليه السلام حيث قال لا فتى إلا علي.

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 607

 (الحديث السادس و التسعون و الخمسمائة)

 (1): حسن.

قد مضى تفسير الخبر في الثاني و العشرين و أوردنا القصة في كتاب البحار قال الفيروزآبادي:

العرم‏

 (2): الجرذ الذكر، و المطر الشديد، و واد، و بكل فسر قوله تعالى:" سَيْلَ الْعَرِمِ".

و قال الرازي:

الأكل الثمرة و أكل خمط

 (3) أي مربشع، و قيل: الخمط كل شجر له شوك و قيل: الأراك، و

الأثل‏

 (4) الطرفاء، و قيل السدر لأنه أكرم ما بدلوا به، و الأثل و

السدر

 (5) معطوفان على أكل لا على خمط، لأن الأثل لا أكل له و كذا السدر.

 (الحديث السابع و التسعون و الخمسمائة)

 (6): ضعيف و مضمونه واضح.

و قد وقع الفراغ من تسويد هذه الأوراق على يد مؤلفه الخاطى الخاسر القاصر عن نيل المفاخر ابن محمد تقي محمد باقر عفا الله عنهما و حشرهما مع أئمتهما ليلة الخميس الثامن من شهر رجب الأصب من شهور سنة ست و سبعين بعد الألف‏

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 608

من الهجرة النبوية على هاجرها و آله آلاف صلاة و تحية، و لقد رقمتها على غاية الاستعجال مع صنوف الأشغال، و توزع البال بأنواع الفكر و الخيال، و لقد كنت مشتغلا بالمباحثات و غيرها من المؤلفات فالمرجو من إخوان الدين أن ينظروا فيها بعين الإنصاف و اليقين و لا يبادروا بالرد و الإنكار، كما هو دأب المتعسفين.

و الحمد لله أولا و آخرا و الصلاة على قرم الأنبياء و سيد المرسلين محمد صلى الله عليه و آله و عترته المعصومين الطيبين الطاهرين.

قد وقع الفراغ من تحقيقه و التعليق عليه في يوم الغدير 18 ذي الحجة 1410 ه و به ختام الكتاب، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين السيد جعفر الحسيني‏