نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين
أو
أنيس
الوحيد في شرح
التوحيد
للعلامة
المحدث
الجليل السيد
نعمة الله
الموسوي
الجزائري (1050 - 1112 ه
. ق)
الجزء
الأول
مؤسسة
النشر
الاسلامي التابعة
لجماعة
المدرسين بقم
المقدسة
v
مقدمة
المحقق ،
ترجمة المؤلف
، اسمه ونسبه|5
v
الإطراء
عليه|6
v
سير
في حياة
المؤلف بقلمه
الشريف|8
v
مشايخه
ومن روى عنهم|26
v
تلامذته
ومن روى عنه|27
v
مؤلفاته
القيمة|28
v
ولادته
ووفاته|31
v
حول
الكتاب|32
v
منهج
التحقيق|33
v
مقدمة
المؤلف|35
v
شرح
خطبة الكتاب|38
v
الجواب
عن الشبهات
الواردة حول
بعض آيات القرآن|42
v
باب
ثواب
الموحدين
والعارفين|46
v
تحقيق
لطيف حول جملة
لا إله إلا
الله|47
v
تحقيق
حول عقاب
أصحاب
الكبائر من
المسلمين وعقاب
الكفار|50
v
مراتب
التوحيد|66
v
باب
التوحيد ونفي
التشبيه|84
v
الفرق
بين الوهم
والعقل|86
v
طريقة
المليين
والصديقين|88
v
تحقيق
حول الصفة|92
v
شرح
خطبة الامام
الرضا عليه
السلام
في التوحيد|95
v
شرح
خطبة الامام
علي بن أبي
طالب عليه
السلام
في التوحيد|121
v
شرح
خطبة الرسول
الأعظم صلى
الله عليه
وآله في
التوحيد|127
v
شرح
كلام الامام
الحسن عليه
السلام
في التوحيد|129
v
شرح
خطبة الامام
علي بن أبي
طالب عليه
السلام
في صفة الرب
تعالى|134
v
شرح
كلام الامام
الرضا عليه
السلام
في التوحيد|151
v
شرح
كلام الامام
الصادق عليه
السلام
في التوحيد|156
v
شرح
كلام الامام
الصادق عليه
السلام
في صفة الرب
تعالى|165
v
شرح
كلام الامام
الرضا عليه
السلام
في صفة الرب
تعالى|169
v
شرح
كلام الامام
الباقر عليه
السلام
في التوحيد|178
v
تحقيق
حول ما ورد من
تفسير القرآن
بالرأي|181
v
شرح
خطبة الامام
علي عليه
السلام
في مسجد
الكوفة|192
v
شرح
خطبة الامام
علي عليه
السلام
خطبها بعد موت
النبي صلى
الله عليه
وآله
بسبعة أيام|198
v
شرح
أجوبة الامام
الرضا عليه
السلام
عن أسئلة
المأمون|206
v
شرح
أجوبة الامام
علي عليه
السلام
عن أسئلة
اليهود|214
v
شرح
حديث عبد
العظيم
الحسني في
عرضه عقائده على
الامام
الهادي عليه
السلام|219
v
شرح
حديث كميل بن
زياد في
الحقيقة|221
v
باب
معنى الواحد
والتوحيد
والموحد|224
v
باب
تفسير قل هو
الله أحد|231
v
تعيين
الاسم
الأعظم|233
v
باب
معنى التوحيد
والعدل|245
v
باب
أنه عز وجل
ليس بجسم ولا
صورة|247
v
تنزيه
الهشامين عن
القول
بالجسمية|248
v
تحقيق
حول حديث أن
الله عز وجل
خلق آدم على
صورته|261
v
باب
أنه تبارك
وتعالى شئ|265
v
باب
ما جاء في
الرؤية|272
v
شرح
حديث أبي جعفر
عليه
السلام
في الرؤية|275
v
شرح
حديث أبي الحسن
الرضا عليه
السلام
في الرؤية|279
v
تحقيق
حول امتناع
الرؤية|283
v
تحقيق
حول الحجب
والأنوار|291
v
تحقيق
حول تجسم
الأعمال|308
v
باب
القدرة|320
v
تحقيق
حول حديث هشام
بن الحكم في
القدرة|321
v
علة
سؤال إبراهيم عليه
السلام
عن سبب كيفية
إحياء
الموتى|336
v
باب
العلم|342
v
باب
صفات الذات
وصفات
الأفعال|351
v
معنى
كلامه وحدوثه
وقدمه|352
v
شرح
كلام الامام
الصادق عليه
السلام
في بيان
الصفات|356
v
شرح
كلام الامام
الباقر عليه
السلام
في بيان
الصفات|365
v
تحقيق
حول إرادة
الله تعالى|371
v
تحقيق
حول حديث خلق
الله المشيئة
بنفسها|374
v
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(كل شئ هالك
إلا وجهه)|379
v
تحقيق
حول حديث نحن
المثاني|380
v
تحقيق
حول التفويض|386
v
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(يا إبليس ما
منعك أن تسجد
لما خلقت
بيدي)|389
v
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(يوم يكشف عن
ساق ويدعون
إلى السجود)|392
v
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(الله نور
السماوات
والأرض)|395
v
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(نسوا الله
فنسيهم)|406
v
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(والأرض جميعا
قبضته يوم
القيامة)|407
v
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(كلا انهم عن
ربهم يومئذ
لمحجوبون)|410
v
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(وجاء ربك
والملك صفا
صفا)|411
v
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(هل ينظرون
إلا أن يأتيهم
الله في ظلل)|412
v
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(سخر الله
منهم) إلى آخر
الباب|413
v
باب
معنى جنب الله
عز وجل|414
v
باب
تفسير معنى
الحجزة|416
v
باب
معنى العين
والاذن
واللسان|418
v
باب
معنى قوله عز
وجل (وقالت
اليهود يد الله
مغلولة)|419
v
باب
معنى رضاه عز
وجل وسخطه|421
v
باب
معنى قوله عز
وجل (ونفخت
فيه من روحي)|424
v
باب
نفي المكان
والزمان و . . . .
عن الله عز
وجل|426
v
باب
أسماء الله
تعالى والفرق
بين معانيها
وبين معاني
أسماء
المخلوقين|446
v
تحقيق
حول حديث أن
الله تبارك
وتعالى خلق اسما
بالحروف الخ|456
v
تحقيق
حول قوله عليه
السلام
وسخر سبحانه
لكل اسم من
هذه أربعة
أركان|459
v
تحقيق
حول هل الاسم
هو عين المسمى
أو غيره ؟|463
v
شرح
حديث أبي جعفر
الثاني عليه
السلام
في الأسماء
والصفات|467
v
تحقيق
حول أن
الأسماء
الحسنى هل هي
منحصرة أو غير
منحصرة ؟|473
v
الفرق
بين الواحد
والأحد|477
v
تحقيق
لطيف حول عقود
الأعداد|482
v
المراد
من ظهوره
تعالى|488
v
شرح
حديث هشام بن
الحكم في
تفسير الإله|518
v
باب
القرآن ما هو
؟|523
v
تحقيق
المؤلف حول
تحريف القرآن
وعدمه|526
v
شرح
حديث الامام
الهادي عليه
السلام
في القرآن|532
v
قصة
التحكيم|533
v
المراد
من النسخ|537
v
معنى
خلق المعرفة
والجحود في
القلب
مخلوقة|539
v
تقدم
الاستطاعة
والقدرة على
الفعل|545
v
المراد
من الايمان
وما يتحقق به|546
v
الايمان
مركب من
التصديق
والأعمال|548
________________________________________________
1
نور
البراهين
أو
أنيس
الوحيد في شرح
التوحيد
للعلامة
المحدث
الجليل
السيد
نعمة الله
الموسوي
الجزائري
1050 - 1112 ه
. ق
الجزء
الأول
مؤسسة
النشر
الاسلامي
التابعة
لجماعة
المدرسين بقم
المقدسة
________________________________________________
2
نور
البراهين
في
أخبار السادة
الطاهرين
(ج 1)
تأليف
. . . . . . المحدث
السيد نعمة
الله الموسوي
الجزائري
تحقيق
. . . . . . . السيد
الرجائي
الموضوع
. . . . . . كلام
عدد
الصفحات . . . . . 552
طبع
ونشر . . . . . مؤسسة
النشر
الاسلامي
الطبعة
. . . . الأولى
المطبوع
. . . . 1000 نسخة
التاريخ
. . . . . 1417 ه . ق
مؤسسة
النشر
الاسلامي
التابعة
لجماعة
المدرسين بقم
المشرفة
________________________________________________
3
بسم
الله الرحمن
الرحيم
الحمد
لله الذي دل
على ذاته
بذاته وتنزه
عن مجانسة
مخلوقاته ،
وأرشد
العباد
إلى توحيده
بالبراهين
القاطعة والآيات
الساطعة ، وبعث
الأنبياء
وأرسل
الرسل
لتعليم الناس
وتزكيتهم ،
فبينوا طرق الهدى
من طرق الضلال
، وبشروا
بالنعيم
المقيم ،
وحذروا من
العذاب
الأليم ، والصلاة
والسلام على
من ختمت
بشريعته
الشرائع
وبنبوته
النبوات أبي
القاسم محمد
المصطفى ،
وعلى أهل بيته
أئمة
الحق
وسادة الخلق ،
واللعنة
الدائمة على
أعدائهم
أجمعين إلى قيام
يوم الدين .
وبعد
، فمن دواعي
افتخار هذه
الأمة
المرحومة أن
من الله عليها
فجعلها من
أتباع
أقرب الخلق
إليه منزلة
وأشرفهم
مرتبة وأعلاهم
قدرا وأحوطهم
علما ،
تراجمة
وحيه وخزان
علمه ، نعني
محمدا وأهل بيته
الذين أذهب الله
عنهم الرجس
وطهرهم
تطهيرا ، فجرت
ينابيع
الحكمة على
ألسنتهم ،
ونطقت بدلائل
العصمة
سيرتهم
في حياتهم ،
وانطوت على
أسرار المبدأ والمعاد
وحقائق الملك
والملكوت
كلماتهم
وبياناتهم ،
فأتموا الحجة
وأزاحوا دواعي
الظلمة ، فلله
درهم من سادة
ميامين
وهداة صادقين
، وعلى الله
جزيل أجرهم .
ومن
نعم الله أيضا
على هذه الأمة
أن هيأ لها في
كل عصر وزمان
رجالا بلغوا
في
العلم
والمعرفة
مرتبة وفي
الشرف
والفضيلة
منزلة تمكنوا
من خلالها فهم
كلام
________________________________________________
4
أهل
بيت العصمة
وكشف أسراره
ومعانيه وحل ألغازه
ومعرفة
مبانيه ،
فكتبوا
الكثير
وسطروا
الطوامير في
شرح الاخبار
وتأويلها وتفسيرها
فكانوا خير
حلقة وصل
بين
أئمتهم وبين
شيعتهم ،
جزاهما الله
عنهما خير
الجزاء .
ومن
أولئك
الاعلام
الذين اشتهر
فضلهم وعم خيرهم
وشهد لهم
بالفهم
والتدقيق
أرباب العلم
والتحقيق المحدث
الخبير
المرحوم
السيد نعمة
الله الجزائري
عمه
ربه بشآبيب
المغفرة
والرضوان
الذي وظف حياته
في خدمة تراث
أجداده
الميامين
، ألف الكثير
فأبدع وأحسن ،
وكتب في مختلف
العلوم
والفنون
فأجاد
وأتقن
، وخيره
وبركاته
وفيضه أشهر من
نار على علم .
والكتاب
الماثل بين
يديك - عزيزنا
القارئ - واحد
من المسطورات
المهمة
التي
جادت بها
أنامل هذا
الحبر الجليل
ويعد من أنفع
ما كتب في شرح
كتاب
التوحيد
للشيخ الصدوق رضوان
الله عليه .
وسماه ب (نور
البراهين في
بيان أخبار
السادة
الطاهرين) أو
(أنيس الوحيد
في شرح التوحيد)
.
وتخليدا
لجهود علمائنا
الأبرار
وتعريضا
بعطائهم الثر
تصدرت مؤسستنا
لطبع
هذا
الكتاب ونشره
شاكرين
لفضيلة حجة
الاسلام
السيد مهدي
الرجائي حفظه
الله
جهوده
ومساعيه
المبذولة في
سبيل تحقيق
هذا الكتاب ،
نفعه الله به
وأرضاه
وجعله
ذخرا له ولنا
يوم نلقاه ،
إنه خير موفق ومعين
، وآخر دعوانا
أن الحمد لله
رب
العالمين .
مؤسسة
النشر
الاسلامي
التابعة
لجماعة
المدرسين بقم
المشرفة
________________________________________________
5
بسم
الله الرحمن
الرحيم
الحمد
لله رب
العالمين ،
والصلاة على
خير خلقه
وأفضل بريته
محمد وآله
الطيبين
الطاهرين
المعصومين .
قد اتجه علماء
الشيعة
اتجاها
ملحوظا في
جميع
الميادين
العلمية منذ
أقدم عصورهم ،
وامتد نشاطهم
وحركتهم
الفكرية إلى
كل ما كان
هناك
من علوم
معروفة ، وشمل
نشاطهم إلى
جانب الفقه
وأصوله
الكلام وعلوم
القرآن
واللغة
والأدب ، ونجد
هذا النشاط
بارزا على مؤلفاتهم
الكثيرة التي
تعكس اتجاههم
العلمي
ونشاطهم
الفكري .
ومن
الواجب علينا
أن لا ننسى
لهم ما قاموا
به من الادوار
الكبيرة في
الحركة
الثقافية
في الأحقاب
الاسلامية
الماضية ، وما
نالوها من
الابتلاءات
والمصائب
الفجيعة
في حفظ هذه
الحركة
المباركة .
انه
لمن المدهش
حقا أن نجد
كثيرا من
مفكري الشيعة
وعلمائهم قد
سبقوا
عصورهم
بأجيال
بمعلوماتهم
ونظرياتهم
وآثارهم ،
وتركوا حقائق
علمية مثيرة .
ومن
علماء الشيعة
الذين برزوا
في هذه الميادين
العلمية
والعملية
والاجتماعية
هو المحدث
الجليل
والفقيه المحقق
العارف
بأساليب
الاخبار
السيد
نعمة
الله الجزائري
أسكنه الله
بحبوحات
جناته ، وجزاه
الله عن
الاسلام
وأهله خير
الجزاء
.
اسمه
ونسبه:
هو
السيد نعمة
الله الحسيني
الموسوي
الجزائري ابن
السيد عبد
الله بن السيد
محمد
ابن
السيد حسين بن
السيد أحمد بن
السيد محمود بن
السيد غياث
الدين بن
السيد مجد
________________________________________________
6
الدين
بن السيد نور
الدين بن
السيد سعد
الدين بن
السيد عيسى بن
السيد موسى بن
السيد
عبد الله بن
الإمام موسى
الكاظم عليه
السلام .
هكذا
أورد المترجم
نسبه الشريف
في كتابه الأنوار
النعمانية (1: 380) .
وقال
حفيده
العلامة
السيد عبد
الله
الجزائري في
الإجازة
الكبيرة [ص 77]
وقد
رأيت
صورة نسبه
بخطه في
موضعين هكذا ،
ثم سرد النسب
كما هنا .
وقال
المحدث
النوري في
المستدرك [3: 404]:
وكان بعض أجداده
يلقب بشمس
الدين
قال السيد في
المقامات:
وأما جدنا
صاحب الكرامات
السيد شمس
الدين قدس
الله
روحه
، فكان له ثور
يرعى بعيدا من
البيوت وأتاه
السبع
وافترسه لكنه
وقف عنده ولم
يأكل
منه شيئا ،
فأخبروا جدنا
، فأخذ الحبل
الذي كان يربط
به الثور وأتى
معه إلى الأسد
فقصده
ووضع الحبل في
رقبته وقاده
إلى منزله والناس
متحيرون ،
وربطه عنده
تلك
الليلة
وقال: أتخذه
للحرث عوضا عن
ثوري ، فقال
له الجيران:
هذا لا يصير لأنا
نخاف
منه
، فحينئذ
أرسله من يده
حتى قال بعض
الشعراء في
مدح أولاده:
سادة
حسينيين أهل
التقى والدين
أولاد
شمس الدين جاب
السبع ثوره
الثور
يا سادة السبع
ما رواه
والناس
شهادة غياب
وحضوره
الاطراء
عليه:
قال
شيخه الجليل
العلامة
المجلسي في
اجازته له:
السيد الأيد ،
الحبيب
اللبيب ،
الأديب
الأريب ،
الفاضل
الكامل ،
المحقق المدقق
، جامع فنون
العلم وأصناف
السعادات
، حائز قصبات
السبق في
مضامير الكمالات
، الأخ الوفي
، والصاحب
الرضي ،
السيد
نعمة الله
الحسيني
الجزائري ،
رزقه الله
الوصول إلى
أعلى مدارج
المتقين ،
واقتفاء
آبائه
الطاهرين ،
فاستجازني
تأسيا بسلفنا
الصالحين ،
ولينظم بذلك
في سلك رواة
أخبار
أئمة الدين سلام الله
عليهم أجمعين
، وكان ذلك
بعد أن بلغ
الغاية
القصوى في
الدراية
، ورقى العلوم
ومناكبها ،
ورمى بأرواقه
عن مراكبها ،
وعقدت
لإفادته
المجالس ،
وغصت
بمواعظه
المحافل
والمدارس ،
وصنف في أكثر
العلوم
الدينية
والمعارف
________________________________________________
7
اليقينية
مصنفات رائقة
، يسطع منها
أنوار الفضل
والعرفان .
وقال
شيخه المحدث
الحر العاملي
في أمل الآمل [2:
326]: فاضل ، عالم ،
محقق
، علامة ،
جليل القدر ،
مدرس من
المعاصرين .
وقال
المولى
الميرزا عبد
الله الأفندي
في رياض
العلماء [5: 253]:
فقيه ،
محدث
، أديب ،
متكلم ، معاصر
، ظريف ، مدرس
، والآن هو
شيخ الاسلام
من قبل
السلطان
بتستر .
وقال
الفقيه
المحدث الشيخ
يوسف
البحراني في
لؤلؤة
البحرين [ص 111]:
كان
هذا
السيد فاضلا ،
محدثا ، مدققا
، واسع الدائرة
في الاطلاع
على أخبار
الامامية
وتتبع
الآثار
المعصومية
الخ .
وقال
حفيده
العلامة
السيد عبد
الله الجزائري
في الإجازة
الكبيرة [ص 70]:
المتبحر
الجليل
النبيل ،
المشهور ذكره
في الآفاق ، المشهود
بفضله على
الاطلاق ،
وكان من
مبدأ
نشوئه إلى آخر
عمره مولعا
بطلب العلم ونشره
وترويجه ،
كدودا لا يفتر
عنه ولا يميل
،
وكان
في أسفاره
يستصحب ما
يقدر عليه من
الكتب ، فإذا
نزلت القافلة
وضعها واشتغل
بها
إلى وقت
الرحيل ،
وربما كان
يأخذ الكتاب بيده
يطالع فيه وهو
راكب في
المسير .
ثم
قال: انتقل
إلى تستر
وأقام بها
ووقع من نفوس
أهلها أعظم
موقع ، ونشر
فيها العلوم
الشرعية
، وقنن محاسن
الشرع - وكانت
مهجورة فيها
منذ زمن الشيخ
عبد اللطيف
الجامعي
- وحث الناس
على بناء
المساجد
وأداء الجماعات
والجمعات ،
وتصدى للأمور
الحسبية
على أكمل نظام
، وجميع ما
يوجد إلى الآن
من الرسوم
والآداب
الشرعية في
هذه
البلدة فإنما
هي من بقايا
آثاره ، وجميع
من نشأ بعده
من العلماء
والمشتغلين
وأئمة
المساجد
والوعاظ
والمتهذبين
فهم من تلامذته
وأتباعه ولو
بالواسطة .
وقال
المحقق الشيخ
أسد الله
التستري في مقابس
الأنوار [ص 17]:
السيد السند ،
والركن
المعتمد ،
الفقيه
الوجيه ،
المحدث النبيه
، المحقق
النحرير ،
المدقق
العزيز
النظير
، واسع العلم
والفضل ، جليل
القدر والمحل
، سلالة
الأئمة
الأبرار ،
والد الأماجد
الأعاظم
الأكارم
الأخيار
والأكابر
المنتشرين
نسلا بعد نسل
في الأقطار
والأمصار ،
العلامة
الفهامة ،
التقى الرضي
السري .
وقال
العلامة
الخوانساري
في روضات
الجنات [8: 150]: السيد
السند
المعتمد
________________________________________________
8
الجليل
الأواه نعمة
الله . . . . كان من
أعاظم علمائنا
المتأخرين ،
وأفاخم فضلائنا
المتبحرين
، واحد عصره
في العربية
والأدب والفقه
والحديث ،
وأخذ حظه من
المعارف
الربانية
بحثه الأكيد
وكده الحثيث ،
لم يعهد مثله
في كثرة
القراءة على
أساتيد
الفنون ، ولا
في
كسبه الفضائل
من أطراف
الخزون
بأصناف الشجون
. كان مع مشرب
الاخبارية
كثير
الاعتناء
والاعتداد
بأرباب
الاجتهاد ،
وناصر مذهبهم
في مقام
المقابلة
منهم بأصحاب
العناد
وأعوان
الفساد ، صاحب
قلب سليم ،
ووجه وسيم ،
وطبع مستقيم ،
ومؤلفات
مليحة
، ومستطرفات
في السير
والآداب
والنصيحة ،
ونوادر غريبة
في الغاية ،
وجواهر
من
أساطير أهل
الرواية .
إلى
غير ذلك من
اطراء أصحاب
المعاجم
وأرباب
التراجم ، ولقد
وصفوه وأثنوا
عليه
جميل
الثناء ،
واكتفينا
بهذا النزر
القليل من
الاطراء عليه
، وفيه كفاية
لمن له قلب
سليم .
سير
في حياة
المؤلف بقلمه
الشريف:
قد
كتب المترجم قدس سره
نبذة من حياته
العلمية
والاجتماعية
وعن بدو
تحصيله
، وقاصي فيه
المشقات
الشديدة
والعقبات
الهائلة حتى
حاز أعلى
مرتبة
الكمال
والسعادة في
الدارين ، وها
هو شأن علمائنا
العاملين
والذين حازوا
المكانة
العلمية
والاجتماعية
في المجتمع
الثقافي ، وما
بلغوها الا
بالمصائب
المؤلمة
والابتلاءات
الشاقة
والأهوال
الفجيعة ، وأنا
أذكر هنا نص
ما كتبه
المترجم عن
حياته ،
وقد
ترجمه المحقق
الخبير الشيخ
التنكابني في
خاتمة كتابه
قصص العلماء
باللغة
الفارسية
، واليك نص ما
كتبه المترجم
في خاتمة
كتابه أنوار
النعمانية:
إعلم
أطال الله
بقاك أن مولد
الفقير هو سنة
خمسين بعد
الألف ، وسنة
تأليف هذا
الكتاب
هي السنة
التاسعة
والثمانون
بعد الألف ،
فهذا العمر
القليل قد مضى
منه تسعة
وثلاثون
سنة ، فانظر
إلى ما أصاب
صاحبه من المصائب
والأهوال .
ومجمل
الأحوال هو
أنه لما مضى
من أيام
الولادة خمس
سنين ، وكنت
مشغوفا
باللهو
واللعب
الذي يتداوله
الأطفال ،
فكنت جالسا
يوما مع صاحب
لي ونحن في
بعض لعب
الصبيان
إذ أقبل إلي
المرحوم
والدي ، فقال
لي يا بني امض
معي إلى
المعلم وتعلم
الخط
والكتابة
حتى تبلغ درجة
الاعلام ،
فبكيت من هذا
الكلام وقلت:
هذا شئ لا
يكون ،
________________________________________________
9
فقال:
لي: ان صاحبك
هذا نأخذه
معنا ويكون
معك يقرأ عند
المعلم .
فأتى
بنا إلى
المكتب
وأجلسنا فيه ،
فقرأت أنا وصاحبي
حروف الهجاء ،
فأتيت اليوم
الآخر
إلى والدتي
وقلت لها: ما
أريد المكتب
بل أريد اللعب
مع الصبيان ،
فحدثت
والدي
فما قبل منها
، فأيست من
قبوله ، فقلت:
ينبغي أن أجعل
جدي وجهدي في
الفراغ
من
قراءة المكتب
، فما مضت
أيام قلائل
حتى ختمت
القرآن وقرأت
كثيرا من
القصائد
والاشعار
في ذلك الوقت
، وقد بلغ
العمر خمس سنين
وستة أشهر .
فلما
فرغت من قراءة
القرآن جئت
إلى والدتي وطلبت
منها اللعب مع
الصبيان ،
فأقبل
إلي
والدي - تغمده
الله برحمته -
وقال لي: يا
ولدي خذ كتاب
الأمثلة وامض
معي إلى
رجل
يدرسك فيها ،
فبكيت فأراد
إهانتي
وأخذني إلى
رجل أعمى ،
لكنه كان قد
أحكم
معرفة
الأمثلة
والبصروية
وبعض
الزنجاني ، فكان
يدرسني ، وكنت
أقوده بالعصا
وأخدمه ،
وبالغت
في خدمته لأجل
التدريس .
فلما
قرأت الأمثلة
والبصروية
واردت قراءة
الزنجاني
انتقلت إلى
رجل سيد من
أقاربنا
كان يحسن
الزنجانية
والكافية ،
فقرأت عليه
وفي مدة
قراءتي عنده
كان يأخذني
معه
كل يوم إلى
بستانه
ويعطيني
منجلا ويقول لي:
يا ولدي حش
هذا الحشيش
لبهائمنا ،
فكنت
أحش له وهو
جالس يتلو علي
صيغ الصرف
والاعلال
والادغام ،
فإذا فرغت
شددت
الحشيش
حزمة كبيرة
وحملته على
رأسي إلى بيته
، وكان يقول
لي: لا تخبر
أهلك بهذا .
فلما
مضى فصل
الحشيش وأقبل
فصل رود
الإبريسم ،
فكنت كل يوم
أحمل له
حزمة
من خشب التوت
حتى صار رأسي
أقرع ، فقال لي
والدي رحمه
الله: ما
لرأسك ؟ فقلت:
لا
أعلم ،
فداواني حتى
رجع شعر رأسي
إلى حالته .
فلما
فرغت من قراءة
الزنجاني
وأردت قراءة
الكافية قصدت
إلى قرية تسمى
كارون
، ونحن في
قرية يقال
لها: الصباغية
في شط المدك ،
فقرأت في تلك
القرية عند
رجل
فاضل وأقمت
عندهم ، فكنت
يوما في
المسجد ، فدخل
علينا رجل أبيض
الثياب
عليه
عمامة كبيرة
كأنها قبة
صغيرة ، وهو
يرى الناس أنه
رجل عالم ،
فتقدمت إليه
وسألته
بصيغة من صيغ
الصرف ، فلم
يرد الجواب وتلجلج
، فقلت له: إذا
كنت لا تعرف
هذه
الصيغة فكيف
وضعت على رأسك
هذه العمامة الكبيرة
؟ فضحك
الحاضرون
وقام
الرجل
من ساعته وهذا
هو الذي شجعني
على حفظ صيغ
الصرف
وقواعده ، وأنا
أستغفر
________________________________________________
10
الله
من سؤال ذلك
الرجل المؤمن
، لكني أحمد
الله على وقوع
ذلك قبل
البلوغ
والتكاليف ،
فبقيت
هناك كم من
شهر ومضيت إلى
شط يقال له: نهر
عنتر ، لأني
سمعت أن به
رجلا
عالما
وقد كان أخي
المرحوم
المغفور
الفاضل الصالح
الورع السيد
نجم الدين
يقرأ عنده .
فلما
وصلت إليه
لقيت أخي
راجعا من عنده
، فرجعت معه
إلى قريتنا ،
ثم قصدت
قرية
يقال لها: شط
بني أسد
للقراءة على
رجل عالم كان
فيها ، فبقيت
هناك مدة
مديدة ،
ثم
رجعت إلى قريتنا
، فمضى أخي
المرحوم وكان
أكبر مني إلى
الحويزة ،
فقلت لوالدي:
اني
أريد السفر
إلى أخي إلى
الحويزة لأجل
طلب العلم ،
فأتى بي إلى
شط سحاب
وركبنا
في
سفينة وأتينا
من طريق ضيق
قد أحاط به
القصب من
الجانبين ،
وليس فيه متسع
إلا
للسفينة
، وكان الوقت
حارا ، وهاج
علينا من ذلك
القصب بق كل
واحدة منها
مثل الزنبور ،
وأين
ما لدغ ورم
موضعه ، ذلك
الطريق اسمه
طريق الشريف .
وفي
ذلك الطريق
الضيق رأينا
جماعة من أهل
الجاموس
فقصدناهم
وكنا جياعا ،
فخرجنا
عليهم وقت
العصر وفرش
لنا صاحب
البيت فراشا ،
فصار وقت
المغرب ، فلما
صلينا
صرنا في
انتظار
العشاء وما
جاء لنا بشئ
حتى أتى وقت
النوم واشتد
جوعنا
وأخذنا
النوم ، فنمنا
جياعا ، فلما
بقي من الليل
بقية قليلة
جاء صاحب
البيت إلى
قربنا
وشرع
ينادي جاموسه
ويقول: يا
صبغا ويا
قرحاء هاي ،
فلما رفع صوته
وسمعت
الجاموس
ذلك
الصوت أقبلن
إليه من بين
القصب ، فلما
خرجن إليه
سألت واحدا
منهم ما يريد
هذا
الرجل
من هذا
الجاموس ؟
فقال: يريد أن
يحلبهن ويبرد
الحليب ويطبخ
لكم طعاما من
الحليب
والأرز ،
فقلت: انا لله
وانا إليه
راجعون ،
وأخذني النوم
، فلما قرب
الصباح أتى
بقصعة
كبيرة
وأيقظنا ، فلم
نر على وجه
تلك القصعة شيئا
من الأرز ،
فمددنا
أيدينا فيها
إلى
المرافق
فوقعنا على
حبات منه في
قعر تلك الجفنة
وشربنا من ذلك
الحليب ، ويا
لها
من
ليلة ما
أطولها وما
كان أجوعنا
فيها ، خصوصا
لما شربنا من
هذا الحليب .
فركبنا
بعد طلوع
الشمس وأتينا
إلى الحويزة ،
وقد كان أخي
قبلي ضيفا عند
رجل
من
أكابرها ،
ويقرأ في شرح
الجامي عند
رجل من أفاضلها
، فتشاركنا في
الدرس وبقينا
نقرأ
عنده في شرح
الجاربردي
على الشافية ،
وهذا الأستاذ
أيضا - رحمه
الله تعالى -
قد
استخدم
علينا كثيرا ،
واسمه الشيخ
حسن بن سبتي ،
وكان قد عين
على كل واحد
منا انا إذا
أردنا
قضاء الحاجة
أو البول
ومضينا إلى
جرف الشط أن يأتي
كل واحد منا
معه
________________________________________________
11
بصخرتين
أو آجرتين من
قرب قلعة
الترك ، فربما
ترددنا في
اليوم إلى
الشط مرارا
وهذا
حالنا
، فلما اجتمع
عنده صخر كثير
أراد أن يبني
منزله ، فطلب
وكنا نحن
العملة ،
فبنينا
له
ما أراد بناه
من البيوت .
وإذا
مضينا معه إلى
الحويزة
العتيقة
وأردنا الرجوع
قال يا أولادي
تمضون
وتمشون
من غير حمل ؟
فكان يطلب
سمكا عتيقا من
أهلها وأشياء
أخرى ويقول
لنا:
احملوه ، فكنا
نحمله وماؤه
يجري على وجوهنا
، وكنا إذا
أردنا كتابة
حاشية من
كتابه
ما يأذن لنا ،
لكن ربما
أخذنا الكتاب
منه سرقة
وكتبنا منه
بعض الحواشي ،
وهكذا
كان
حاله رحمه
الله معنا ،
وكنا راضين
بخدمته غاية
الرضا لبركات أنفاسه
الشريفة في
الدرس ،
وكان
طاب ثراه
حريصا على
الكتب وبقيت
بعده عند
أزواج بناته
لا يعرف لها
قيمة ،
وهذا
كان حالنا في
الدرس .
وأما
بالنسبة إلى
المآكل ، فقد
قلنا اننا كنا
في بيت رجل من
أكابرها ، وفي
أكثر
الأوقات
كنا نبقى في
المدرسة لأجل
المباحثة إلى
وقت الظهر ،
فإذا مضينا
إلى منزل
الرجل
وجدناهم
فرغوا من
الغذاء فنبقى
إلى الليل ،
وقد كان صاحبي
يلقط قشور البطيخ
والرقي
من الأرض
ويأكلها
بترابها ،
وكان يستتر
عني بهذا حياء
وخجلا ، وكنت
أنا
أفعل
مثل فعله ،
فأتيت يوما
وطلبته
فرأيته قد جمع
القشور وجلس
تحت الباب
يأكلها
بترابها
، فلما رأيته
ضحكت ، فقال:
وما يضحكك ؟
فقلت: لأن هذه
حالتي أنا وكل
منا
يكتم
حاله عن الآخر
، فقال: فإذا
كان هذه حالنا
فنجمع هذه
القشور كل يوم
ونغسلها
بالماء
ونأكلها .
فبقينا
على هذا مدة ،
وكنا في تلك
المدة نطالع
على نور القمر
، وكنت تعمدت
حفظ
متون
الكتب مثل
الكافية
والشافية
وألفية ابن
مالك ونحوها ،
فإذا كانت
الليالي
مقمرة
كنت
أطالع ، وإذا
جاءت الليالي
السود كنت
أكرر قراءة
تلك المتون
على ظاهر قلبي
حتى
لا
أنساها ، وكان
أهل المجلس
يجلسون وأنا
معهم ، وكنت
أظهر لهم صداع
رأسي ، فأضع
رأسي
بين ركبتي
وأقرأ تلك
المتون وهكذا
كان حالي .
فبقيت
على هذا مدة ،
فأتى والدي من
الجزائر ، وقال:
ان أمكما
تريدكما ، فأخذنا
معه
إلى الجزائر ،
وبقينا فيها
أياما قلائل ،
فرجعنا أيضا
إلى الحويزة ،
فرأينا رجلا
من
أهل
الجزائر يريد
السفر إلى
شيراز ، فأخذ
المرحوم أخي
كتبه وأسبابه
ومضى إلى
________________________________________________
12
البصرة
، وأتيت أنا
معه إلى
الجزائر ،
وكان شهر
رمضان ، فبقيت
عند أهلي
أربعة أيام ،
وركبت
أنا وذلك
الرجل في
سفينة وقصدنا
البصرة ، فلما
ركبت السفينة
من غير خبر من
أهلي
ظننت أن والدي
يطلبني ، فقلت
لأهل السفينة:
أخلع ثيابي
وأنزل الماء
وأقبض
سكان
السفينة
والسفينة
تجري ، فكنت
في الماء والسفينة
تسير حتى لا
يراني أحد ،
فلما
آيست
من الطلب ركبت
في السفينة .
وفي
أثناء الطريق
رأينا جماعة
على جرف الشط
ونحن في وسطه
، فصاح لهم
ذلك
الشيخ وقال:
أنتم من
الشيعة أم من
السنة ؟ فقالوا:
نحن من السنة
، فقال لعن
الله [
فلان
وأبا زينب
وفلان
أتعرفون أن
أبا زينب خ ل]
عمر وأبا بكر
وعثمان
أتعرفون ان
عمر
كان
مخنثا ،
فصاحوا عليه
بالشتم
واللعن ، فضجوا
أهل السفينة
عليهم ،
والسفينة
تجري
وتلك الجماعة
على جرف الشط
يمشون ويرموننا
بالحجارة ،
فبقينا على
هذا
الحال
معهم نصف نهار
، فمضينا إلى
البصرة وكان
سلطانها في
ذلك الوقت
حسين باشا ،
فبقينا
فيها نقرأ عند
رجل فاضل من
أجلاء السادة
، فبقينا مده
قليلة .
ثم
إن والدي (ره)
تبعنا ، فأتى
ليأخذنا إلى
الجزائر ،
فأظهرنا له
الرغبة إلى ما
أراد ،
فأتينا
إلى سفينة
واستأجرنا
مكانا فيها من
غير خبر والدي
، فركبنا فيها
وسافرنا إلى
شيراز
، فخرجنا من
السفينة إلى
بندر حماد ،
واستأجرت أنا
وأخي دابة
واحدة لقلة ما
عندنا
من الدراهم ،
وذلك الطريق
صعب جدا من جهة
الجبال ،
فقطعت تلك
الجبال
كلها
وأنا حافي
الاقدام ،
وكان عمري في
ذلك اليوم
يقارب الإحدى
عشرة سنة ،
فوصلنا
إلى
شيراز صلاة
الصبح ،
فمضينا إلى
بيت ذلك الشيخ
الذي كان معنا
، وكان منزله
بعيدا من
مدرسة
المنصورية ،
ونحن كنا نريد
السكنى فيها ،
لان بعض
أقاربنا كان
فيها ، فقال
لنا
ذلك
الشيخ: خذوا
الطريق
واسألوا
وقولوا مدرسة
المنصورية
(ميخواهيم)
ومعناه
بالعربية
نريدها ،
فمضينا نمشي
فحفظت أنا كلمة
وأخي كلمة
أخرى ، فكنا
إذا سألنا قال
أحدنا
مدرسة
المنصورية
قال الآخر
(ميخواهيم) فوصلنا
إلى تلك
المدرسة ،
فجلست
أنا في الباب
ودخل أخي
إليها ، فكان
كل من يخرج من
طلبة العلم
ويراني
يرق
لحالي وما
أصابني من
آثار التعب .
فلما
وجدنا صديقنا
قعدنا معه في
حجرته ، وأخذنا
في اليوم
الآخر لزيارة
رجل
فاضل
وهو الشيخ
البحراني ،
فكان يدرس في
شرح ألفية ابن
مالك ، فسلمنا
عليه وأمر لنا
________________________________________________
13
بالجلوس
، فلما فرغ
سألنا من أين
القدوم ، فحكينا
له الأحوال ،
فقام معنا
فأخذني إلى
وراء
أسطوانة
المسجد ، فلزم
اذني وعركها
عركا شديدا ،
وقال: أيها
الولد ان لم
تجعل
نفسك
شيخا للعرب
وتحب الرئاسة
فيضيع به وقتك
تصير رجلا
فاضلا ، فلزمت
كلامه
وانزويت
عن الأحباب
والأخلاء في
وقت قراءتي ،
فمضى معنا إلى
متولي
المدرسة
فعين
لنا شيئا
قليلا لا يفي
بوجه من
الوجوه ، ثم
شرعنا قراءة
الدرس عند ذلك
الشيخ
وعند
غيره .
فلما
مضت لنا أيام
قلائل قال لي
أخي وصديقي: ينبغي
أن نرجع إلى
الجزائر ، لان
المعاش
قد ضاق علينا
، فقلت لهم:
أنا أكتب بالأجرة
وأعبر أوقاتي
، فكتبت
بالأجرة
لمعاشي
وكاغذي وما
احتاج إليه ،
وكنت أيضا أكتب
أربعة دروس
للقراءة
وأحشيها
وأصححها
وحدي وكان
حالي في وقت
الصيف الحار
أن طلبة العلم
يصعدون إلى
سطح
المدرسة
وأنا أغلق باب
الحجرة وأشرع
في المطالعة
والحواشي
وتصحيح الدرس
إلى أن
يناجي
المؤذن قريب
وقت الصبح ،
ثم أضع وجهي
على الكتاب
وأنام لحظة ،
فإذا طلع
الصبح
شرعت في
التدريس إلى
وقت الظهر ،
فإذا أذن
المؤذن قمت
أسعى إلى درسي
التي
أقرأها
، فربما أخذت
قطعة خبز من
دكان الخباز في
طريقي فآكلها
وانا أمشي ،
وفي أغلب
الأوقات
ما كان يحصل
فأبقى إلى
الليل .
وكنت
في أكثر
أحوالي إذا
جاء الليل لم
أعلم أني أكلت
شيئا في
النهار أم لا
فإذا
تفكرت
تحققته أني لم
آكل شيئا ،
فأتى لي زمان
ما كان عندي
دهن سراج للمطالعة
،
فأخذت
غرفة عالية
وجلست بها
وكان لها
أبواب متعددة
، فكنت إذا
أضاء القمر
فتحت
كتابي
للمطالعة ،
وكلما دار
القمر فتحت
بابا من
الأبواب
وبقيت على هذه
الحالة مدة
سنتين
، فضعف بصري
فهو ضعيف إلى
هذا الآن .
وكان
لي درس أكتب
حواشيه بعد
صلاة الصبح في
وقت الشتاء ،
وكان الدم
يجري
من
يدي من شده
البرد وكنت لا
أشعر به ،
وهكذا كانت
الأحوال إلى
ثلاث سنوات ،
فشرعت
في تأليف
مفتاح اللبيب
على شرح
التهذيب في
علم النحو ،
ومتنه من
مصنفات
شيخنا
بهاء الدين
محمد تغمده
الله برحمته ،
وكتبت في ذلك
الوقت شرحا
على الكافية .
فقرأت
علوم العربية
عند رجل فاضل
من أهل بغداد
، والأصول عند
رجل محقق من
أهل
الأحساء ،
والمنطق
والحكمة عند
المحققين
المدققين شاه
أبي الولي
وميرزا
________________________________________________
14
إبراهيم
، وعلم
القراءة عند
رجل فاضل من
أهل البحرين ،
وكنا جماعة
نقرأ عند
الشيخ
الجليل
الشيخ جعفر
البحراني ،
وكنت أنا أسمع
ذلك الدرس
بقراءة غيري ،
فإذا أتينا
إلى
ذلك
الشيخ ، فكل
من يجلس قبل
يقول له اقرأ
حتى يجلس
القاري ، وكان
يشجعنا على
الدرس
وعلى فهم
معناه من
المطالعة ،
ويقول لنا: ان
الأستاذ إنما
هو للتيمن
والتبرك ،
وإلا
ففهم الدرس
وتحقيق معناه
إنما هو من
مطالعة
التلميذ .
وقد
اتفق أنه
جاءنا خبر فوت
جماعة من
أعمامنا وأقاربنا
، فجلسنا ذلك
اليوم
في
عزائهم
ومارحنا إلى
الدرس ، فسأل
عنا وقيل له:
انهم أهل
مصيبة ،
فمضينا إلى
الدرس
اليوم
الثاني فلم
يرض أن يدرسنا
، وقال: لعن
الله أبي وأمي
إن درستكم كيف
ما جئتم
أمس
إلى الدرس ؟
فحكينا له ،
فقال: كان
ينبغي أن
تجيئوا إلى
الدرس فإذا
أقرأتموه
انصرفتم
إلى عزائكم ،
هذا أبوكم
يأتيكم أيضا خبر
فوته فتقطعون
الدرس ،
فحلفنا له أنا
لا
نقطع الدرس
يوما واحدا ولو
أصابنا ما
أصابنا ، فقبل
أن يدرسنا بعد
مدة .
واتفق
أننا كنا نقرأ
عنده في أصول
الفقه في شرح
العميدي ،
فاتفقت فيه
مسألة لا
تخلو
من اشكال ،
فقال لنا ونحن
جماعة:
طالعوها هذه
الليلة ، فإذا
أتيتم غدا ،
فكل من
عرفها
يركب صاحبه
ويحمله من هذا
المكان إلى ذلك
المكان ، فلما
أتينا إليه
غدا وقرر
أصحابي
تلك المسألة
قال لي: تكلم
أنت ، فتكلمت
، فقال: هذا هو
الصواب وكلما
قاله
الجماعة
غلط ، فقال لي:
أمل علي ما
خطر بخاطرك حتى
أكتبه حاشية
على كتابي ،
فكنت
أنا أملي عليه
وهو يكتب ،
فلما فرغ قال
لي: اركب على
ظهر واحد واحد
من
أصحابك
إلى هناك ،
فحملوني إلى
ذلك المكان
وهذا كان حاله
، فأخذني ذلك
اليوم معه إلى
بيته
، وقال لي: هذه
ابنتي أريد أن
أزوجك بها ، فقلت:
إن شاء الله
تعالى إذا
توسعت في
طلب
العلم ، فاتفق
أنه سافر إلى
الهند ، وصار مدار
حيدر آباد
عليه ، وقد
سألته يوما عن
تفسير
شيخنا الشيخ
عبد علي
الحويزي الذي
ألفه من الاخبار
، فقال لي: ما
دام الشيخ
عبد
علي حيا
فتفسيره لا
يساوي قيمة
فلس ، فإذا
مات فأول من
يكتبه بماء
الذهب أنا
ثم
قرأ:
ترى
الفتى ينكر
فضل الفتى ***
لوما وبخلا
فإذا ما ذهب
لج
به الحصر على
نكتة *** يكتبها
عنه بماء
الذهب
ونظير
هذا أن رجلا
من فضلاء
أصفهان صنف
كتابا ، فلم
يشتهر ولم
يكتبه أحد ،
________________________________________________
15
فسأله
رجل من
العلماء لم لا
يشتهر كتابك ؟
فقال: ان له
عدوا فإذا مات
اشتهر كتابي ،
فقال
له: وما هو ؟
قال: أنا وقد
صدق في هذا
الكلام .
وبقيت
في شيراز تسع
سنوات تقريبا
، وقد أصابني فيها
من الجوع
والتعب ما لا
يعلم
به الا الله ،
وفي خاطري أني
قد بقيت يوم الأربعاء
والخميس ما
وقع في يدي
الا
الماء
، فلما أتت
ليلة الجمعة
رأيت الدنيا
تدور بي وقد
اسودت كلها في
عيني ، فمضيت
إلى
قبة السيد
أحمد بن الإمام
موسى الكاظم عليه
السلام ،
فأتيت إلى
قبره ولزمته
وقلت له:
أنا
ضيفك ، فكنت
واقفا فإذا
رجل سيد قد
أعطاني قوت
تلك الليلة من
غير طلب ،
فحمدت
الله وشكرته ،
ومع ما كنت
فيه من الجد والاجتهاد
كنت كثيرا ما
أتنزه في
البساتين
والأماكن
الحسنة مع
الأصحاب والاعلام
، وفي وقت
الورودات
نمضي إلى
البساتين
ونبقى فيها
أسبوعا وأقل
وأكثر ، ولكن
الاشتغال ما
كنت أفوته من
يدي ،
وقد
من الله علي
في شيراز
بأصحاب صلحاء
نجباء علماء
وكانوا
موافقين لي في
السن .
ومن
جملة رياضاتي
للدرس أن
صاحبا لي كان
منزله في طرف
شيراز ، وكنت
أبات
عنده لأجل دهن
السراج حتى
أطالع ، وكان
لي درس أقرأه
على ضوء
السراج
آخر
الليل في مسجد
الجامع ، وهو
في طرف آخر من البلاد
، وأقوم من
هناك وقد بقي
من
الليل بقية
كثيرة ومعي
عصا وبين ذلك
المنزل وبين
المسجد أسواق
كثيرة ، وفي
آخر
الليل وليس في
شئ منها سراج
، بل كلها مظلمة
، والداهية
العظيمة أن
عند كل
دكان
بقال كلب يقرب
من العجل
لحراسة ذلك
الدكان ، وكنت
أجئ وحدي من
ذلك
المكان
البعيد ، فإذا
وصلت إلى
السوق لزمت جداره
حتى أهتدي إلى
الطريق ، وإذا
وصلت
إلى دكان
البقال شرعت
في قراءة
الاشعار جهرا
حتى لا يظن
الكلب أني
سارق ،
بل
كان يظن أننا
جماعة عابرين
الطريق ، وكنت
عند كل دكان
احتال على
الكلب بحيلة
حتى
أخلص منه ،
وبقيت على هذا
برهة من
الزمان ، وكنت
في مدرسة
المنصورية
وحجرتي
فوق ولا كنت
أحب أحدا يجئ
إلي ولا يمشي
إلى قريب منها
، وكنت أحب
الانفراد
والوحدة ،
وبقيت على هذه
الأحوال تلك
المدة .
ثم
كاتبني والدي
ووالدتي
وألحوا علي في
الوصول إلى
الجزائر ،
فمضيت إليهم
أنا
وأخي
سنة موج
الجزائر
الأخير ، لان
الموج الأول
موج عواد ،
فلما وصلنا
إلى الأهل
فرحوا
بنا لقدومنا ،
ولان كل من
مضى من تلك البلاد
رجع من غير
علم ، فقالت
والدتي:
________________________________________________
16
ينبغي
أن تتزوجا حتى
ارضى عنكما ،
فقلت: ان علم
الحديث
والفقه قد بقي
علينا
قراءته
، فقالت: لابد
أن تتزوجا ،
وكان الحامل
لها على هذا
هو أنا إذا
تزوجنا
ألزمنا
السكنى
معها ، فقبلنا
كلامها
وتزوجنا
وبقيت بعد
التزويج
قريبا من عشرين
يوما ،
فمضيت
إلى زيارة رجل
فاضل في قرية
يقال لها نهر
صالح ، فلما
اجتمعنا
وتباحثنا في
العلوم
العقلية فقال
لي: وا أسفا
عليك كيف فاتك
علم الحديث ،
فقلت: وكيف
فاتني
علم
الحديث ؟ قال:
لقولهم ذبح
العلم في فروج
النساء ،
فرماني في
الغيرة ، فقلت
له: والله
يا شيخ
لا أرجع إلى
أهلي وها أنا
إذا قمت من
مجلسك توجهت
إلى شيراز ،
فاستبعد
قولي
فقمت منه
وركبت في
سفينة وأتيت
إلى القرنة ،
وكان فيها
سلطان البصرة
، فأخذني
معه
إلى الصحراء
للتنزه ، فلما
رجعنا أتيت إلى
البصرة
ولاحظت أن
والدي يتبعني
فركبت
في
سفينة وقصدت
شيراز ، فأتيت
إلى تلك
المدرسة ،
ولحقني أخي
فأقمنا فيها
وأتى
الينا
خبر فوت
الوالد تغمده
الله برحمته ،
فبقينا بعده
شهرا أو أقل .
ثم
إن مدرسة
المنصورية
احترقت
واحترق فيها واحد
من طلبة العلم
، واحترق لي
فيها
بعض الكتب ،
وصارت بعض
المقدمات
فسافرنا إلى
أصفهان ، وكنا
جماعات كثيرة
،
وأصابنا
في الطريق برد
تيقنا معه
الهلاك ، فمن
الله علينا
بالوصول ،
فجلسنا في
مدرسة
ليس
فيها إلا أربع
حجرات في
(سرنيم آورد)
وجلسنا في
حجرة واحدة ،
وكنا جماعة
كثيرة
، فكنا إذا
نمنا في تلك
الحجرة وأراد
واحد منا
الانتباه في
الليل لحاجة
انتبهنا
جميعا
ثم إنه قد
تضايقت علينا
أمور المعاش ،
وبعنا ما كان
عندنا من ثياب
وغيرها ، وكنا
نتعمد
أكل الأطعمة
المالحة لأجل
أن نشرب ماء كثيرا
، ونأكل
الأشياء
الثقيلة لذلك
أيضا ،
ثم
بعد هذا من
الله علي
بالمعرفة مع
أستاذنا المجلسي
أدام الله
أيام سلامته ،
فأخذ ني إلى
منزله
وبقيت عندهم
في ذلك المنزل
أربع سنين
تقريبا ، وقد
عرفت أصحابي
عنده ، فأيدهم
بأسباب
المعاش
وقرأنا عليه
الحديث .
ثم
إن رجلا اسمه
ميرزا تقي بنى
مدرسة وأرسل
إلي ، وجعلني
فيها مدرسا ،
والمدرسة
تقرب من حمام
الشيخ بهاء
الدين محمد
تغمده الله
برحمته ،
فأقمت في
أصفهان
أقرأ وأدرس
ثمان سنوات
تقريبا ، ثم
أصابني ضعف في
البصر بكثرة
المطالعة ،
وكان
في أصفهان
جماعة كحالون
فداووا عيوني
بكلما عرفوا ،
فما رأيت من
دوائهم إلا
زيادة
الألم ، فقلت
في نفسي أنا
أعرف منهم بالدواء
، فقلت لأخي
(ره): أني أريد
السفر
________________________________________________
17
إلى
المشاهد
العالية ،
فقال: أنا
أكون معك .
فسافرنا
من طريق
أصفهان ، وفي
أثناء الطريق
وصلنا إلى
كرمان شاه
وتجاوزناها
، وقمنا من
منزل ونريد
منزلا آخر وهو
الهارونية
بناها هارون
الرشيد لعنه
الله
تعالى ، فلما
صعدنا الجبل
أصابنا فوقه
مطر وهواء
بارد ، وصار
الصخر تزلق
فيه الاقدام
ولا
يقدر يستمسك
الراكب على
الدابة من
الهواء
البارد وشدته
والمطر ،
فشرعت أنا في
قراءة
آية الكرسي ،
فليس أحد من
أهل القافلة إلا
وقد سقط من
الدابة وأنا
بحمد الله
وصلت
إلى المنزل
سالما .
فلما
وصلنا المنزل
كان فيه خان
صغير وله حوش
وليس فيه حجر
، وإنما فيه
طوايل
للدواب
ومرابطها ،
فأدخلنا
أغراضنا
والكتب إلى
طويلة ،
ووضعنا فوق
صفتها ، فاتفق
أن
تلك
الطوايل كان
فيه أسماد
كثير وقد عمد
إليه بعض
المترددين
ووضع فيه
النار لأجل أن
يحترق
ذلك السماد
فما كان في
تلك الطوايل
إلا الدخان
الخانق ومطرت
السماء ،
فتحيرنا
بين المطر
والدخان ،
فكنا نقبض على
خياشمنا ،
فإذا ضاقت
أنفاسنا
خرجنا من
الطويلة
إلى الحوش
وتنفسنا
ورجعنا ، فكنا
تلك الليلة
وقوفا ليس لنا
حاجة إلا
الخروج
للتنفس
، ويا اخوان
ما كان أطول
تلك الليلة ، فلما
أصبح الصباح
وطلعت الشمس
وخرجنا
إلى الحوش ،
وجاءنا أهل
تلك القرية يبيعون
علينا الخبز
وغيره ، فأتت
الينا امرأة
منهم
وكان لها لحية
طويلة نصفها
بيضاء ونصفها
سوداء
فتعجبنا منها
.
ثم
اننا وصلنا
إلى بعقوبا ،
فأودعنا
كتبنا وأغراضنا
لأهل القافلة
، ومضينا نحن
مع
جماعة
قليلة إلى سر
من رأى ، فلما
عزلنا
القافلة
وسرنا فرسخا
تقريبا لقينا
رجل فقال لنا:
انكم
تمضون
واللصوص
أمامكم في نهر
الباشا ، فترددنا
في الرجوع
والمضي ، فصار
العزم
على
المضي ، فلما
وصلنا إلى ذلك
النهر طلعت علينا
خيولهم فعدوا
علينا ، فقرأت
آية
الكرسي
وأمرت أصحابي
بقراءتها ،
فلما وصلوا
الينا
انفردوا عنا
ناحية وكانوا
يتفكرون ،
فرأيناهم
جاؤوا الينا
وقالوا لنا:
قد ضللتم عن
الطريق وكان
الحال كما
قالوا ،
فأرسلوا معنا
رجلا
منهم وسار
معنا إلى قرب
المنزل وهو
القازاني
استقبلنا
جماعة من
سادات سر من
رأى
لأجل أن
يأخذونا ،
وكان آخر
اختيارنا من
أرواحنا
وأموالنا أول
وقوعنا
بأيديهم ،
وكانت
عندنا دواب ،
فقالوا: ينبغي
أن تركبوا دوابنا
لأجل الأجرة
فركبنا
دوابهم ،
فوصلنا
إلى
المشهد
المبارك في
الليل فنزلنا
في بيت ذلك
السيد ، فأتت
الينا امرأة
بقبضة حطب
________________________________________________
18
قيمتها
أقل من الفلس .
فلما
صلينا الصبح
قلنا له: نروح
إلى الزيارة قال:
لا حتى تأكلوا
الضيافة من
عندي ،
فقلنا
له: نحن معنا
من الخبز
واللحم ما
يكفينا ،
فقال: لا يكون
هذا ، فبعد
ساعة قدم
الينا
جفنة
من الخشب
كبيرة وفيها
ماء أسود لا
ندري ما يكون
تحته وفيها
خواشيق ،
فقلنا:
هذا
أي شئ ؟ فقال:
مدوا أيديكم ،
فمددنا أيدينا
وكان ذلك
الماء حارا ،
فمددنا
الخواشيق
، فقصرت عن
الوصول إلى
قعر الجفنة ، فمددنا
بعض أيدينا
وتناولنا
بالخواشيق
ما في قعر
الجفنة ، فكان
حبات ارزة ،
وكان قد غلاها
مع ذلك الماء
، فشربنا
كل
واحد خاشوقة وقمنا
للزيارة ،
فقال لنا ذلك
السيد
المبارك: اعلموا
يا ضيفاني ان
سادة
سامرا
ليس لهم خوف
من الله ولا
حياء ، فإذا
دخلتم قبة
الإمام عليه
السلام
اخذوا ثيابكم
ولكنكم
أكلتم ملحي ،
فأنا أنصحكم
أن تجعلوا ما
عندكم من
الثياب
الجديدة عندي
في
منزلي
وخذوا خلقان
ثيابكم حتى لو
اخذت منكم
ترجعون إلى
هذه الثياب ،
فاستعقل
كلامه
أصحابنا
ووضعوا
ثيابهم عنده ،
وأما أنا
فقلت: قد
أصابني البرد
هذه البارحة ،
فلبست
ثيابي
واحدا فوق
الآخر .
فلما
مضينا إلى
الزيارة
أخذوا منا في
الباب الأول
من كل واحد
أربع محمديات
،
فلما
وصلنا الباب
الثاني أخذوا
منا أيضا ،
فزرنا
موالينا
وأتينا إلى السرداب
، فلما نزلنا
إليه
أحاطوا
بنا تحت الأرض
، فأخذوا ما
أرادوا ، وكأني
أرى طرف ميزر
واحد من
أصحابي
في
يده ، والطرف
الآخر في يد
رجل سيد من
السادة ،
فأخذه السيد
وبقي صاحبي
مكشوف
الرأس .
فأتينا
إلى منزل
صاحبنا فقلنا
له: هات
الثياب ،
فقال: أولا
حاسبوني على
حقوقي
وادفعوها
إلي ، فقلنا:
هكذا يكون
فأحسبها أنت ،
فقال: الأول
حق الاستقبال
، فقلنا له:
هذا
حق
واضح ، فقال:
لخواطركم كل
واحد
محمديتين فأخذ
منا ، ثم قال:
حق المنزل
البارحة
فأخذ حقه .
ثم
قال: حق الحطب
، فأخذ من كل واحد
نصف محمدية ،
ثم قال: حق
المرأة التي
أتت
به فأخذ ما
أراد ، ثم قال:
والحق الأعظم
حق الضيافة
وهو من كل
واحد محمدية
فأخذ
ذلك الحق ، ثم
قال حق
الحماية وهو
أنكم في منزلي
ولولاه كان
السادة أخذوا
ما
معكم
، فأخذ ذلك
الحق ، فقال:
حق المشايعة
فأخذه ، فلما
قبض الحقوق
كلها قلنا له:
________________________________________________
19
أعطنا
الثياب ،
فقال: قولوا
مع أنفسكم
اننا أخذناها
معنا لما
دخلنا القبة
الشريفة اما
كان
السادة
يأخذونها
منكم ، فها
أنا من السادة
وأخذتها منكم
من غير إهانة
بكم ، فقلنا
له
جزاك
الله خيرا .
فرجعنا
إلى بغداد
وأتينا من
بغداد إلى
مشهد الكاظمين
عليهما
السلام ، ثم
أتينا إلى
زيارة
مولانا
أبي عبد الله
الحسين عليه
السلام وكنت
قد أخذت ترابا
من عند رأس كل
امام فأخذت من
تراب
رجلي الحسين عليه
السلام
ووضعته فوق
ذلك التراب
واكتحلت به ،
ففي ذلك اليوم
قوي
بصري
على المطالعة
، وصار أقوى
من الأول ،
وكنت قد ألفت
شرحا على
الصحيفة
الشريفة
، فشرعت في
إتمامه ذلك
اليوم ، والى
الآن كلما عرض
لي رمد أو
غيره اكتحلت
بشئ
من ذلك التراب
ويكون هو
الدواء .
ولما
قدمت إلى مشهد
مولانا أمير
المؤمنين عليه
السلام
وزرته ، مددت
يدي إلى تحت
الفراش
من عند رأسه
المبارك لاخذ
شئ من التراب
، فجاءت في
يدي درة بيضاء
من در
النجف
فأخذتها ،
ولما خرجت قلت
لاخواننا المؤمنين
فتعجبوا
وقالوا: ما
سمعنا بأن
أحدا
وجد
درة النجف في
هذا المكان ،
بل هذا ملك
أتى بها
ووضعها في هذا
المكان ، وذلك
أنه
قبل ذلك التأريخ
بأعوام كثيرة
قد وجد واحد
من الخدام درة
في صحن الحوش
،
فأخذها
منه المتولي
وأرسلها إلى
حضرة الشاه صفي
لأنها وجدت في
ذلك المكان ،
والحاصل
أن تلك الدرة
صنعناها
خاتما وهي الان
عندنا نتبرك
بميامنها ،
وقد شاهدنا
لتلك
الدرة
أحوالات
عجيبة:
منها:
أنني كنت
لابسا ذلك
الخاتم ،
فمضيت إلى
مسجد الجامع
في شوشتر ،
فصليت
المغرب
والعشاء
وأتيت إلى
المنزل ، فلما
جلست عند
السراج ونظرت
إلى فص الخاتم
لم
أره
، وكان قد وقع
في ذلك الليل
، فضاق صدري
وحزنت حزنا
عظيما ، فقال
لي بعض
تلامذتي:
نأخذ سراجا
ونروح في طلبه
، فقلت لهم:
لعله أن يكون
قد وقع مني
النهار
وأنا
اليوم مضيت
إلى أماكن
متعددة ، فقلت
لهم: توكلوا
على الله
واطلبوه ،
فأخذوا سراجا
ومضوا
فأول ما وضعوا
السراج قرب
الأرض لطلبه وجدوه
، مع أنه
بمقدار
الحمصة ،
فعجب
الناس من هذا
، فلما بشروني
تخيلت أن أموال
الدنيا وهبت
لي ، والحمد
لله هو
الآن
موجود .
ولما
فرغنا من
الزيارة
شرعنا في
زيارة الأفاضل
والمجتهدين
والمباحثة
معهم
________________________________________________
20
ومصاحبتهم
، ثم أتينا
إلى الرماحية
وكنت ضيفا عند
رجل من
المجتهدين ،
وبقيت عنده
أياما
قلائل ،
فاستأجرت
سفينة وركبت
فيها قاصدا
للجزائر ،
فسارت
السفينة
فرسخين
تقريبا
، ثم وقفت على
الطين ، فبقيت
واقفة يوما
وليلة ، ثم
سارت فرسخا أو
أكثر ، ثم
وقفت
كالأول ، ثم
سارت وهكذا ،
فتعجب أهل
السفينة
وقالوا: ما
جرى هذا قط
على
سفينتنا
، فتفكرت أنا
وقلت في نفسي
هذا الشهر جمادى
وصارت زيارة
رجب قريبة
وأنا
تركتها
وقصدت
الجزائر ولا
يكون هذا
التعويق الا
لهذا .
فقلت
لصاحب
السفينة: ان
أردت أن تسير
سفينتك فأخرجني
منها ، وقلت
له
الكلام
فتعجب ، فقلت
له: ان قدامنا
في حقروص رجلا
من إخواننا
فأنا أخرج إلى
منزله
حتى تصل
السفينة إلى
مقابل منزله
فنخرج أثاثنا
، فأخرج معي
رجلا ليدلني
على
الطريق
، فلما خرجنا
ومشينا جرت
السفينة ، وقد
تقدمتنا
فوصلنا إلى
منزل ذلك
المؤمن ،
وأرسل
غلامه وتبع
السفينة حتى
أتى بأسبابي منها
، فبقيت عند
ذلك المؤمن
أياما
قلائل
، وسافرت أنا
وهو إلى زيارة
رجب ، ثم زرنا
مولانا أمير
المؤمنين عليه
السلام
ثانيا .
فلما
فرغنا من
الزيارات
أتينا إلى
منزل ذلك الرجل
المؤمن في
حقروص وكان
على
شاطئ الفرات ،
وكان له مجلس
فوق غصن شجرة قوي
في وسط الماء
، والسفن
تجرى
من تحته ، فما
رأيت مكانا
أنزه ولا ألطف
ولا آنس منه ،
وكانوا في
النهار
يصيدون
الحجل
والدراج ونأكله
في الليل ،
وماء الفرات
ولا تسأل عن
عذوبته
ولطافته
وحلاوته
وبركته ، لأنه
ورد في الحديث
أنه يصب فيه
ميزاب من ماء
الجنة
كل يوم .
وفي
الحديث: انه
كان يبرئ
الأكمه
والأبرص وذوي
العاهة ، لكن
باشره نجاسة
أبدان
المخالفين
فأزال عظيم
بركته وبقي
القليل ، وكان
مولانا
الصادق عليه
السلام
يقصده
من
المدينة
ليشرب منه
ويغتسل به
ويرجع ، وقد ورده
يوما فقال
لرجل كان على
الماء:
ناولني بهذا
القدح ماء
فناوله ، ثم
قال: ناولني
أخرى فناوله
فشرب وأجرى
الماء
على
لحيته
الشريفة ،
فلما فرغ قال:
الحمد لله رب
العالمين ما
أعظم بركته .
ثم
اني ركبت في
السفينة وجئت
إلى الجزائر ،
فلقيت جماعة
من أهل
السفينة
الأولى
، فقالوا لي:
انه من وقت
خروجك منها ما
وقفت ساعة
واحدة إلا
بالمنزل ،
فلما
وصلت
إلى الجزائر
إلى منزلنا في
الصباغية في نهر
المدك ، فرحوا
أهلي وذلك أن
________________________________________________
21
أخي
تقدمني
بالمجئ من شط
بغداد ، ولما
رأته والدتي
خطر ببالها
الخواطر من
جانبي ،
وانه
ما تأخر إلا
لقضية حادثته
، فبقيت في
الجزائر مع
أخي في
الصباغية
ثلاثة
أشهر
، وشرعت في
شرح تهذيب
الحديث هناك ،
ثم انتقلنا
إلى نهر صالح
، فرأينا
أهلها
أخيارا
صلحاء
وعلماؤها من
أهل الايمان ،
منزهين عن النفاق
والحسد ،
فأحسن كلهم
الينا
إحسانا كاملا
، فبقينا هناك
ستة أشهر أو
أكثر ، وبنوا
لنا مسجدا
جامعا كان من
الأول
يصلى فيه
شيخنا الأجل
خاتمه
المجتهدين
الشيخ عبد
النبي
الجزائري ،
وكنا
نصلي
فيه جماعة لا
جمعة .
ثم
إن السلطان
محمد بعث
عساكره إلى
سلطان البصرة
للحرب معه ،
ويأخذ منه
الجزائر
والبصرة ،
فذهب فكر
سلطان البصرة
إلى أنه يخرب
الجزائر
والبصرة:
وينقل
أهلهما
إلى مكان اسمه
سحاب قريب
الحويزة ، فانتقلنا
كلنا إليها
ووضع عسكره في
قلعة
القرنة ، وجلس
هو مع أهل
الجزائر في سحاب
، وكان يجئ
إلى عندنا ،
فإذا جاء
وضعوا
له في الصحراء
عباءة ، وإذا
أتيت إليه قام
وأجلسني معه
على تلك
العباءة ،
وكان
يظهر
المحبة
والوداد لي
كثيرا ، فلما
قرب الينا
عساكر
السلطان محمد
وحصروا
القلعة
كانوا
يرمونها كل
يوم ألف مدفع
أو أقل ،
وكانت الأرض
ترجف من تحتنا
هذا
وأنا
مشغول في
تأليف شرح
التهذيب ،
فبعثت العيال
وأكثر الكتب
مع أخي إلى
الحويزة ،
وبقيت
أنا وكتب
التأليف .
ثم
اني طلبت
الاذن من
السلطان في
السفر إلى الحويزة
، فلم يأذن لي
، وقال: إذا
خرجت
أنت من بيننا
ما يبقى معي
أحد ، فبقينا
في الحصار
أربعة أشهر تقريبا
، فأتى شهر
الله
شهر رمضان ،
فسافرت إلى
الحويزة ،
وكنت أنتظر
الاخبار ،
فلما كان ليلة
الحادية
عشرة
من ذلك الشهر
وهي ليلة
الجمعة خاف
سلطان البصرة
من خيانة
عسكره وفر
هاربا
إلى
الدورق:
فبلغ
الخبر إلى أهل
الجزائر طلوع
فجر يوم الجمعة
، ففرت النساء
والرجال
والأطفال
والشيوخ
والعميان وكل
من كان ذلك الإقليم
طالبين
الحويزة ،
وبينهم
وبينها
مسير ثلاثة
أيام ، لكنها
مفازة لا فيها
ماء ولا كلاء
، بل ارض
يابسة ، فمات
من أهل
الجزائر
في تلك
المفازة عطشا
وجوعا وخوفا
ما لا يحصى
عددهم إلا
الله تعالى ،
وكذلك
العسكر الذي
في القرنة قتل
منه أيضا خلق
كثير .
________________________________________________
22
والحاصل
أن من شاهد
تلك الواقعة
عرف أحوال يوم
القيامة .
وأما سلطان
الحويزة
قدس
الله روحه وهو
السيد علي خان
، فأرسل عساكر
لاستقبال أهل
الجزائر
وأرسل لهم
ماء
وطعاما جزاه
الله عنهم كل
خير ، ثم اننا
أقمنا عنده في
الحويزة شهرين
تقريبا ،
وسافرنا
إلى أصفهان
لكن من طريق
شوشتر ، فلما وصلنا
شوشتر رأينا
أهلها من أهل
الصلاح
والفقر
ويودون
العلماء ،
وكان فيهم رجل
سيد من أكابر
السادة اسمه
ميرزا عبد
الله
، فأخذنا إلى
منزله وعين
لنا كلما
نحتاج إليه ،
والآن هو قد
مضى إلى رحمة
الله ، لكنه
أعقب
ولدين السيد
شاه مير
والسيد محمد
مؤمن ، وفيهما
من صفات
الكمال ما لا
يحصى
مع صغر سنهما
، ولا وجد في
العرب والعجم أكرم
منهما ولا
يقارب
أخلاقهما ،
وفقهما
الله تعالى
لجميع مراضيه
.
ثم
إن والدهما
أرسل إلى
أهلنا من الحويزة
، ولما جاؤوا
عين لهم منزلا
وكل ما
يحتاجون
إليه ، فبقينا
في شوشتر
تقريبا من ثلاثة
أشهر وسافرنا
إلى أصفهان
على
طريق
دية دشت وبقي
الأهل في
شوشتر ، فلما
قدمنا دية دشت
أخذنا حجرة في
الخان
وجلسنا بها ،
ثم بعد ساعة
قلت لواحد من الرفقاء
اذهب وانظر
لعل لنا فيها
صديقا
يأخذ لنا
منزلا إلى كم
يوم .
فلما
خرج أتى برجل
سيد كان يقرأ
عندي في أصفهان
، فلما رآني
فرح فرحا
شديدا
، وقال: ان
جماعة من
تلاميذك من
سكان هذه
البلاد
فأخبرهم
وكانوا هم
سادات
دية
دشت ، فأخذوا
لنا منزلا ،
وكان الحاكم
في تلك البلاد
محمد زمان خان
، وكان عالما
كريما
سخيا لا يقارب
في الكرم ،
فلما سمع بنا أرسل
وزيره وعين
لنا ما نحتاج
إليه
وما
لا نحتاج إليه
، فطلبنا
الحاكم في يوم
آخر ، فلما
وردنا عليه
قال لي: سمعت
أنك
شرحت
الصحيفة . قلت:
نعم ، فقال: ان
في دعاء عرفة فقرة
كيف شرحتها ؟
فقلت: ما
هذه
الفقرة ؟ قال:
هي قوله عليه
السلام
(تغمدني فيما
اطلعت عليه
مني بما يتغمد
به القادر على
البطش
لولا حلمه)
فذكرت له
وجوها ثلاثة
في حلها ،
فقال لي: أحد
هذه الوجوه
خطر
بخاطري ،
والآخر خطر
بخاطر الآقا
حسين الخوانساري
، فاستحسنها
وشرعنا في
المباحثة
، وكنت أحترمه
في الكلام ،
فجلس على
ركبتيه ورمى
حلته من فوق
ظهره ،
وقال:
تكلم كما كنت
تتكلم في
المدرسة مع
طلبة العلم
ولا تحترمني ،
فتباحثنا
وكنت
أنقله
من علم إلى
علم ، وكان
يسبقني في
الكلام إلى
ذلك العلم ،
حتى جاء وقت
صلاة
________________________________________________
23
الظهر
فقطعنا
الكلام ، ثم
عدنا إلى
المباحثة
يوما آخر وكنت
في بلاده
ثلاثة أشهر
تقريبا
على
هذا الحال ،
فما رأيت أحدا
أفهم منه ولا
أفصح منه
لسانا .
وأما
في جانب الكرم
وإمداد
العلماء
والفقراء ،
فحاله فيه
مشهور ، ولما
استأذنا منه
على
السفر إلى
أصفهان أحسن
الينا غاية الاحسان
، فلما سافرنا
إلى أصفهان ،
فانظر إلى
ما
جرى علي في
الطريق ، وهو
أننا لما
وصلنا إلى
منزل قبل منزل
كنار سقاوه
نزلنا في
منزل
وكان في غاية
النزاهة من
جهة الماء
الجاري
والأشجار
والأنهار ،
فحصل لنا
نهاية
الانتعاش ،
فقلت في
خاطري: أعوذ
بالله من فرح
هذا اليوم ،
لأني عودت
روحي
أن
أفرح اليوم
ألقى بعده
حزنا طويلا ،
فلما جاء وقت
الركوب ركبنا
فانتهينا إلى
بقعة في
كنار
سقاوة ، وكان
معنا رفقاء
يمشون وواحد
منهم أطرش ،
فلما تقدمنا
جلس في وسط
الطريق
تحت صخرة ،
فجئت أنا وأخي
ونحن ركوب ، فلما
وصلت الخيل
إليه فاجأها
بالقيام
فنفرت ونحن لا
نعلم ،
فألقتني
الدابة على صخرة
عظيمة ، فلما
أفقت رأيت أن
يدي
اليسرى قد عرض
لها الصدع
العظيم ،
فأتاني الرفقاء
وشدوها وبقيت
إلى أصفهان
كل
يوم يمر علي
في تلك الحال
يصلح أن يكون
كفارة لذنوب
مائة سنة .
فوصلنا
إلى أصفهان
وجلست في
حجرتي في
مدرسة ميرزا
تقي دولت
آبادي ،
وبقيت
أعالج يدي ،
فبقيت مدة
خمسة أشهر ،
فلما صارت
طيبة في
الجملة عرض لي
ألم
في بدني ،
فصرت لا أشعر
، وقد عاينت
الموت ، وفي
وقت معاينته
كنت مسرورا به
من
توفيقات الله
سبحانه ،
فبقيت على هذا
مدة .
ولما
شافاني الله
من ذلك الألم
عرض لأخي المرحوم
ألم الحمى ،
فبقي حتى انجر
إلى
الاسهال ،
فمضى إلى رحمة
الله تعالى
ليلة الجمعة
أول شهر شعبان
غريبا ، فبقي
ألمه
في قلبي إلى
هذا اليوم
وإلى الموت ،
والله ما
أسلوه حتى
انطوى تحت
التراب
ويحتويني
الجندل ، وقد
توفى تغمده
الله برحمته
سنة التاسعة
والسبعين بعد
الألف ، وهذه
السنة
عام التاسع
والثمانين
بعد الألف ،
وما مضت ليلة
إلا ورأيته في
المنام على
أحسن
هيئة
، وأما في
النهار فكتبه
قدامي أطالع
بها وأنظرها ،
وكلما رأيت
كتابا منها
تجددت
مصائبي
عليه ، فإنا
لله وإنا إليه
راجعون .
فبقيت
بعده في
أصفهان
حيرانا تايها
في بحار
الهموم ،
فتفكرت وقلت:
ليس لمثل
هذه
المصائب دواء
إلا الوصول
لزيارة مولاي
الرضا عليه
السلام ،
فسافرت ، فلما
وصلنا كاشان
________________________________________________
24
وخرجنا
منها وتوجهنا
إلى منزل
الرمل سرنا فيه
ليلا وضللنا
عن الطريق ،
فأضاء الصبح
وعلا
النهار ،
فبلغنا في
الرمل أن لا
نقدر على
المشي ، ولكن
نسبح به على
بطوننا ، وأما
الدواب
فكانت تمشي
والرمال
تساوي ما هبط
من السرج ،
فأشرفنا على
الهلاك ، ثم
من
الله
علينا
بالوصول إلى
الطريق حتى
وصلنا إلى
مشهد مولانا
الرضا عليه
السلام .
ولما
أقمنا أياما ورجعنا
كان رجوعنا
على طريق
اسفراين ،
فرأينا في ذلك
الطريق
منازل
عجيبة
وأحوالات
غريبة ، فلما
أتيت سبزوار
حصل لي بعض
الألم ، فأخذت
محملا
على جمل ،
فلما وصلت إلى
أصفهان بقيت
فيها مدة
قليلة ، ثم
سافرت إلى
شوشتر
، فجعلتها دار
وطن ، واتخذت
فيها مساكن ،
وكان بيني وبين
سلطان
الحويزة
ودادة
ومحبة ، وكان
يرسل لنا في
كل سنة كتابات
متعددة
بالقدوم إليه
، فإذا قدمنا
عليه
عمل
معنا من
الاحسان ما لا
نطيق شكره ،
ونحن الآن في
شوشتر .
وفي
هذا العمر
القليل قد
رأينا من
مصائب الزمان
ما لا نقدر
على بيان شرحه
،
والذي
سهله علينا
الأخبار
الواردة
بابتلاء
المؤمن ، وانه
لو كان غريقا
في البحر وهو
على
لوح
لسلط الله
عليه من يؤذيه
حتى يتم ثوابه
، وكان شيخنا
المجلسي أدام
الله أيام عزه
ومجده
لا يقارب في
العلم والعمل
، ومع هذا كان
هدفا لسهام
المصائب ،
وأشد ما مر
علينا
من الأهوال
أمور:
أولها:
فراق الأحباب
والأصحاب .
الثاني:
فراق أخي
وموته ، فإنه
جرح القلوب
جرحا لا يندمل
إلى الموت
والعدم .
الثالث:
موت الأولاد
وأصعب الأمور
أوسطها .
الرابع:
حسد العلماء
وأبناء الجنس
، فإنهم حسدوني
في كل بلاد
أتيت إليها
حتى
انتهى
حالهم معي في
شيراز إلى أن
سرقوا مني كتبا
مليحة بخط يدي
وقراءتي
وحواشي
ورموها
في البئر حتى
تلفت ، ثم ظهر
لي الذي رماها
فما كلمته
كلمة واحدة
ولا
واجهته
بشئ حتى أخلف
الله تعالى
على تلك الكتب
وغيرها ، ولم
يملك ذلك
الرجل
ورقة
واحدة وأحوجه
إلى سؤال
الكفار ، وأنا
أحمد الله
سبحانه على
أني لم أزل
محسودا
ولا
حسدت أحدا ،
وذلك أن الله
وله الفضل لم
يحوجني إلى
الاقران
والأمثال ،
ولم يحط
مرتبتي
عن مراتبهم ،
وهذا من باب
إظهار فضل الله
تعالى وكرمه ،
وإلا فالعبد
المذنب
الجاني
ليس له مرتبة
ولا درجة .
________________________________________________
25
الخامس:
معاشرة الناس
والسلوك معهم
، وذلك أن
الطبائع مختلفة
والآراء
متفرقة
، وكل واحد
يريد من
الانسان الذي
يكون على
طريقتنا
موافقته في
الطبيعة ،
وهذا
في
غاية الصعوبة
، مع أنه يودي
إلى المداهنة
والتقرير على
المنكر ، وهما
محرمان
اجماعا
، ومثل هذا ما
تيسر لاحد ،
كما روى أن
موسى عليه
السلام طلب
من الله
سبحانه أن
يرضى
عنه عامة بني
إسرائيل حتى
لا ينالوا من
عرضه ولا
يتكلموا في
غيبته ، فقال
سبحانه:
يا موسى هذه
خصلة لم توجد
لي فكيف توجد
لك . وهذا
الظاهر ، فان
من
تأمل
وراجع النظر
وتصفح أحوال
الناس يرى شكايتهم
من الله تعالى
أكثر من
شكواهم
من
السلطان
الجائر سفاك
الدماء ، ولا
ترى أحدا إلا
وهو يتهم الله
تعالى في
قضائه
وقدره
، وهذا يكون
كثيرا في
أحوال الفقر
والمرض وزوال
النعم
وانتقالات
الأحوال .
السادس:
وهو الداء
العضال والذي
نغص علينا العيش
وكدر الصافي
منه مع أنه لا
يوجد
، وهو أنه
ابتلينا
بالتوطن في
بلاد ليس فيها
مجتهد ولا مفت
حتى نحيل
الناس
عليه
، وإذا سألوا
منا ما
يحتاجون إليه
في أمور
عباداتهم
ومعاملاتهم ،
فربما أشكل
الحال
واحتاج
المقام إلى
معاونة
الآراء .
وان
قلت: ان هذه
المسألة لا
تخلو من إشكال
لا يقبل منك
ويقولون كيف
يشكل
عليك
شئ وأنت فلان
الذي عندك من
الكتب كذا
وكذا ، وقرأت
عند فلان
وفلان ، وهو
المطلع
على الاسرار
والضمائر ،
أني أنزوي عن الناس
في أكثر
الأوقات ،
وأغلق
الباب
بيني وبينهم
لهذا وأمثاله
، والهم الذي
ينالنا من هذا
أصعب من ما
تقدمه من كل
الأمور
، ونرجو من
الله سبحانه
العصمة من
الخلل والخطأ
في القول
والعمل .
السابع:
عدم الأسباب
التي نحتاج
إليها في التأليف
والتصنيف ،
والعلم لا
ينفعه إلا
الكتب
، والحمد لله
عندنا أكثر
الكتب ، لكن
الذي يقصد
التأليف في
العلوم
الكثيرة
يحتاج
إلى أسباب
كثيرة ، ونحن
في بلد لا
يوجد فيها ما
نحتاج إليه ،
والمأمول من
الله
تعالى
جل شأنه أن
يوفقنا
لتحصيلها أنه
على ما يشاء
قدير ، وقد
وفق الله
تعالى في هذه
البلاد
لتأليف كتاب
نوادر
الاخبار
المشتمل على
مجلدين ،
وتمام شرح
تهذيب
الحديث
المشتمل على
ثمان مجلدات ،
وكتاب الهدية
في علم الفقه
مجلد واحد ،
وكشف
الاسرار لشرح
الاستبصار
المشتمل على
مجلدين ، وهذا
الكتاب الذي
هو
كتاب
الأنوار
المشتمل على
مجلدين ، وقد
وفق الله
سبحانه أيضا
لشرح الصحيفة
وهو
________________________________________________
26
مجلد
واحد ، وفي
النحو ألفنا
شرحا على مغني
ابن هشام ،
وشرح تهذيب
النحو مجلد
واحد
، وشرحا على
الكافية وبعض
الرسائل .
وأما
الحواشي التي
ألفناها على
متون كتب الاخبار
الأصول
الأربعة
وغيرها ، فهي
كثيرة
جدا ، نرجو من
الله تعالى أن
يجعلها عنده
من الذخاير
لنا إذا زلت
الاقدام ،
وعميت
الافهام ،
ووضعت
الموازين ،
ونشرت الدواوين
، هذا مجمل أحوال
الفقير من
سنة
الخمسين بعد
الألف إلى
السنة
التاسعة والثمانين
بعد الألف .
مشائخه
ومن روى عنهم:
تتلمذ
المترجم على
كثير من فحول
أهل زمانه وروى
عنهم ، وهم:
1 - الميرزا
إبراهيم ابن
الملا صدرا ،
المتوفى سنة 1070
ه ق .
2 - الأمير
إسماعيل بن
الأمير محمد
باقر الخواتون
آبادي ،
المتوفى سنة 1116
ه ق .
3 - الشيخ
جعفر بن كمال
الدين
البحراني ،
المتوفى سنة 1091
ه ق .
4 - الشيخ
حسين بن سبتي .
5 - المحقق
الشيخ آقا
حسين
الخوانساري ،
المتوفى سنة 1098
ه ق .
6 - شاه أبو
الولي بن شاه
تقي الدين
الشيرازي .
7 - الشيخ
صالح بن عبد
الكريم
الكركزاني
البحراني ،
المتوفى سنة 1098
ه ق .
8 - الشيخ عبد
علي بن جمعة
العروسي
الحويزي ، المتوفى
سنة 1075 ه ق .
9 - السيد شرف
الدين علي بن
حجة الله
الطباطبائي
الشولستاني
الغروي ،
المتوفى
سنة
1063 ه ق .
10 - الشيخ علي
حفيد الشهيد
الثاني ،
المتوفى سنة 1104
ه ق .
11 - الشيخ
عماد الدين
اليزدي .
12 - العلامة
الشيخ محمد
باقر المجلسي
، المتوفى سنة
1110 ه ق .
13 - المولى
محمد باقر
السبزواري ،
المتوفى سنة 1090
ه ق .
14 - الشيخ
محمد بن سلمان
الجزائري .
15 - الميرزا
رفيعا محمد بن
حيدر
الطباطبائي ،
المتوفى سنة 1079
ه ق .
16 - ملا محسن
الفيض
الكاشاني ،
المتوفى سنة 1091
ه ق .
________________________________________________
27
17 - السيد
محمد الميرزا
الجزائري بن
شرف الدين علي
الموسوي .
18 - السيد
هاشم بن
الحسين
الأحسائي .
19 - الشيخ
يوسف بن الشيخ
محمد البنا
الجزائري ،
المتوفى سنة 1070
ه ق .
تلامذته
ومن روى عنه:
تتلمذ
عليه جماعة من
العلماء ،
وكان المترجم مدرسا
رسميا في
أصفهان وتستر
،
وتخرج
من مدرسته
جماعة من فحول
الاعلام ، كما
أنه قدس
سره أجاز
جماعة منهم ،
وهم:
1 - المولى
أبو الحسن
الشريف
الفتوني
النباطي العاملي
، المتوفى سنة
1138 ه ق .
2 - الحاج أبو
الحسن بن
الحاج زمان
الشوشتري ، المتوفى
سنة 1143 ه ق .
3 - المير أبو
القاسم بن
المير محمد
الحسيني المرعشي
الشوشتري .
4 - الملا
أحمد بن الملا
كاظم الكبابي
الشوشتري ،
المتوفى سنة 1146
ه ق .
5 - الشيخ
بهاء الدين
محمد
الجزائري .
6 - الشيخ
حسين
البحراني .
7 - الشيخ
حسين بن محي
الدين بن عبد
اللطيف الجامعي
العاملي .
8 - الشيخ شمس
الدين بن صقر
البصري
الجزائري .
9 - الحاج عبد
الحسين بن
الحاج كلب علي
الكركري ،
المتوفى سنة 1141
ه ق .
10 - الملا عبد
الغفار
الصراف
الشوشتري ،
المتوفى سنة 1147
ه ق .
11 - الخواجة
علي بن
الخواجة
إسماعيل
الصراف الشوشتري
، المتوفى سنة
1128 ه ق .
12 - الشيخ علي
بن الشيخ حسين
بن الشيخ محي
الدين الجامعي
العاملي .
13 - الحاج
عناية الله أخ
الحاج أبي
الحسن المذكور
، المتوفى سنة
1147 ه ق .
14 - القاضي
عناية الله بن
القاضي محمد
معصوم بن القاضي
عبد الرضا .
15 - الشيخ عوض
البصري
الحويزي .
16 - الملا
عيدي محمد
القاري بن
الملا صالح بن
درويش شمس ،
المتوفى
سنة
1138 ه ق .
17 - الشيخ فتح
الله بن علوان
الكعبي
الدورقي القباني
، المتوفى سنة
1130 ه ق .
18 - فتح علي
آقا بن آقا
محمد بن أسد
الله قزلباش ،
المتوفى سنة 1135
ه ق .
________________________________________________
28
19 - الملا فرج
الله بن الملا
محمد حسين
السيد محمد
شاهي ،
المتوفى سنة 1128
ه ق .
20 - القاضي
مجد الدين بن
القاضي شفيع
الدين الدزفولي
.
21 - الملا
محمد باقر بن
الملا محمد
رضا شانه تراش
الشوشتري .
22 - الملا
محمد باقر بن
محمد حسين
السيد محمد شاهي
الشوشتري ،
المتوفى
سنة
1135 ه ق .
23 - القاضي
محمد تقي بن
القاضي عناية
الله الشوشتري
.
24 - الشيخ
محمد
الجزائري ،
المتوفى سنة 1131
ه ق .
25 - الملا
محمد زمان بن
الملا محمد
رضا الصحاف
الشوشتري .
26 - السيد
محمد شاه بن
مير محمد حسين
المرعشي الشوشتري
، المتوفى
سنة
1125 ه ق .
27 - الشيخ
محمد الضبيري
النعيمي
البلادي البحراني
، المتوفى سنة
1130 ه ق .
28 - الملا
محمد طاهر بن
الملا كمال
الدين الشوشتري
، المتوفى سنة
1127 ه ق .
29 - الشيخ
محمد علم
الهدى ابن
الفيض
الكاشاني .
30 - مير محمد
هادي بن مير
السيد محمد
المرعشي الشوشتري
، المتوفى
سنة
1137 ه ق .
31 - الشيخ
محمد بن علي
بن الحسين
النجار
الشوشتري ،
المتوفى سنة 1141
ه ق .
32 - الحاج
محمود بن مير
علي الميمندي
.
33 - السيد نجم
الدين بن
السيد محمد بن
السيد عبد الرضا
الجزائري .
34 - مولانا
نظر علي
الزجاجي
الشوشتري ،
المتوفى سنة 1146
ه ق .
35 - القاضي
نعمة الله بن
محمد معصوم
الشوشتري ، المتوفى
سنة 1112 ه ق .
36 - السيد نور
الدين ابن
السيد نعمة
الله الجزائري
.
37 - الشيخ
يعقوب
البختياري
الحويزي ،
المتوفى سنة 1147
ه ق .
مؤلفاته
القيمة:
كتب
المترجم
مؤلفات
ورسائل كثيرة
، قد تجاوزت
جهود الفرد
الواحد ، على
الرغم
كما
عرفناه من
سيرة حياته ،
من عدم
استقراره وتفرغه
للعلم ،
وتوارد
الهموم
والغموم
________________________________________________
29
والغربة
عليه ، ولكن
تلك
التأليفات
الرائقة فضل
وتوفيق من
الله تعالى
لعباده
الصالحين
، وهي:
1 - الإجازات
، كتبها
لتلاميذه
ومعاصريه .
2 - الأنوار
النعمانية في
بيان معرفة
النشأة الانسانية
.
3 - أنيس
الفريد أو
أنيس الوحيد
في شرح التوحيد
، وهو عين
كتابه نور
البراهين .
4 - الأيام
النحسة
والسعيدة .
5 - تحفة
الاسرار في
الجمع بين
الاخبار .
6 - الجواهر
الغوالي في
شرح عوالي
اللآلي .
7 - حاشية
الاستبصار .
8 - حاشية أمل
الآمل .
9 - حاشية
توحيد الصدوق قدس سره .
10 - حاشية
زبدة البيان .
11 - حاشية شرح
ابن أبي
الحديد على
نهج البلاغة .
12 - حاشية شرح
الجامي .
13 - حاشية شرح
اللباب .
14 - حاشية
الصحيفة
الكاملة .
15 - حاشية
المغني
اللبيب عن كتب
الأعاريب .
16 - حاشية نقد
الرجال .
17 - حواشي
الكتب
الأربعة
وغيرها .
18 - الحواشي
الضافية
والموازين
الوافية ،
حواش على نهج
البلاغة .
19 - حل مشكلات
العلوم .
20 - رياض
الأبرار في
مناقب الأئمة
الأطهار .
21 - زهر
الربيع .
22 - شرح
الصحيفة
الكاملة .
23 - شرح عقائد
الصدوق .
24 - شرح عينية
ابن سينا .
________________________________________________
30
25 - شرح الفوائد
الضيائية .
26 - شرح
ملحقات
الصحيفة .
27 - شرح منهاج
الصواب .
28 - شرح نهج
الصواب إلى
علم الاعراب
في النحو .
29 - طريق
السالك في
توضيح
المسالك في
النحو .
30 - عقود
المرجان في
تفسير القرآن
.
31 - الغاية
القصوى في
النحو .
32 - غاية
المرام في شرح
تهذيب الأحكام
.
33 - الفوائد
في النحو .
34 - الفوائد
النعمانية في
الحديث .
35 - الفوائد
النعمية في
النحو .
36 - قاطع
اللجاج في شرح
الاحتجاج
للطبرسي .
37 - كشف
الاسرار في
شرح
الاستبصار .
38 - لوامع
الأنوار في
شرح عيون
الأخبار .
39 - مسكن
الشجون في
وجوب الفرار
من الطاعون .
40 - مشكلات
المسائل في
النحو .
41 - مفتاح
اللبيب في شرح
التهذيب في
النحو .
42 - مقامات
النجاة في شرح
الأسماء
الحسنى .
43 - مقصود
الأنام في شرح
تهذيب
الأحكام .
44 - مناهج
المطالب في
النحو .
45 - منبع
الحياة في
اعتبار قول
المجتهدين من
الأموات .
46 - منتهى
المطلب في
النحو .
47 - منهاج
الصواب إلى
علم الاعراب
في النحو .
48 - منهاج
المبتدي في
النحو .
49 - نزهة
الاخوان
وتحفة الخلان
.
50 - نوادر
الاخبار .
________________________________________________
31
51 - نهج
الصواب في علم
الاعراب .
52 - نهج
اليقين في النحو
.
53 - نور
الأنوار في
شرح كلام خير
الأخيار .
54 - نور
البراهين في
بيان أخبار
السادة
الطاهرين ،
سيأتي الكلام
حوله .
55 - النور
المبين في قصص
الأنبياء
والمرسلين .
56 - هديه
المؤمنين في
الفقه .
هذا
ما عثر عليها
أرباب
التراجم
والمعاجم من تأليفاته
وتصنيفاته
الثمينة ، ولو
تطبع
هذه
التأليفات
بصورة منقحة
ومحققة
تتجاوز مائة
مجلد ، وأسأل
الله تبارك
وتعالى أن
يقيظ
رجالا من
ذريته
وأعقابه أو
غيرهم أن يحيي
هذه الآثار
النفيسة ، فان
المرء يعرف
بآثاره
، ومن الأسف
أن جل آثاره
الممتعة لم تطبع
أصلا إلى الآن
، وبقي مغمورا
في زوايا
المكتبات
الخطية ، واني
لا تعجب من
كثرة ذريته في
هذه الاعصار ،
فقد ملأوا
البلاد
في
أقطار العالم
، وفيهم علماء
فذة وتجار وأغنياء
، ومع ذلك
يتساهلون
ويتسامحون في
نشر
هذه الآثار
القيمة ،
وأسأل الله أن
يوفقهم
وينشطهم
لاحياء هذا
العمل
المشروع ،
والله
من
وراء القصد .
ولادته
ووفاته:
ولد
السيد سنة (1050) ه
ق في قرية
الصباغية من
أرض الجزائر
قرب البصرة ،
ولا
زالت القرية
تعرف بهذا
الاسم إلى
اليوم .
وتوفي
قدس سره
ليلة (23) شوال
سنة (1112) ه ق ،
وذلك بعد
سنتين من وفاة
أستاذه
العلامة
المجلسي قدس
سره ، وكان
عمره الشريف (62)
سنة ، ودفن في
جايدرفيلي
وتسمى اليوم
پل دختر ،
ومرقده معروف
يزار هناك
ويتبرك .
وكان
مزاره الشريف
مع كثرة
المراجعين
وقضاء الحوائج
عنده متروكا
ومخروبا ، إلى
أن
وفق الله
تعالى
العلامة
السيد طيب
الجزائري
دامت
توفيقاته
بتجديد
البناء ، فشمر
الباع
لهذا المقصد
الكثير
العناء مع بعد
مقره عنه ، فبني
على الجدار
القديم
الحجري
الدائر
مداره
بناية غالية
وقبة عالية ،
وأخرجت القبة
الأولى
المخروبة من
جوفها ، فحصل
بعده
ردهة
واسعة ، فجزاه
الله عن
الاسلام
والمسلمين
والموالين
خير جزاء
المحسنين ،
وأسأل
الله
تبارك وتعالى
أن يوفقه
لاحياء آثاره
القيمة ،
والله خير ناصر
ومعين .
________________________________________________
32
حول
الكتاب:
لا
شك ولا شبهة
أن هذا الكتاب
بين يديك من
تأليفات
العلامة
الخبير
والمحدث
الجليل
نادرة الزمان
السيد نعمة
الله الموسوي
الجزائري ،
ولكن قد وقع
الاختلاف بين
أرباب
التراجم
والمعاجم في
العنوان
المحقق لهذا
الكتاب هل هو
نور البراهين
في
بيان
أخبار السادة
الطاهرين أو
أنيس الوحيد أو
انس الوحيد أو
أنيس الفريد ؟
فمآل
الاختلاف
بينهم في
الحقيقة يرجع
إلى اختلافين:
الأول:
في العنوان
الصحيح من
أنيس الوحيد وانس
الوحيد وأنيس
الفريد .
والثاني:
في اتحاد
عنوان نور
البراهين
وأنيس الوحيد
لكتاب واحد أو
تغايرهما .
أما
الأول ، فذهب
في الذريعة
إلى أن
العنوان من
الثلاثة هو
انس الوحيد ،
والظاهر
أنه
غير صحيح ، بل
هذا العنوان
هو تصحيف
عنوان أنيس
الوحيد .
وأما
عنوان أنيس الفريد
، فهو أيضا
غير صحيح عندي
، وان صرح به
المؤلف في
كتابيه
زهر الربيع
ولوا مع
الأنوار ،
ولعل كان في
باله حين
تأليف
الكتابين
المذكورين أن
كتابه
هذا عنوانه
أنيس الفريد ،
فصرح بذلك ، فيبقى
الصحيح من
العنوان هو
أنيس الوحيد .
والدليل
على صحة هذا
العنوان هو
تصريح المؤلف
بهذا العنوان
في مقدمة هذا
الكتاب
قال: وسميناه
أنيس الوحيد
في شرح كتاب التوحيد
. والنسخة
مصححة
ومستنسخة
عن نسخة
المؤلف كما
صرح بذلك .
وأما
الاختلاف
الثاني بين
اتحاد عنوان
نور البراهين
وأنيس الوحيد
وتغايرهما ،
فنقول:
ذهب الشيخ
الخبير
المتتبع
المتضلع إلى
اتحاد
العنوانين
قال: نور
البراهين في
أخبار
الطاهرين شرح
لتوحيد
________________________________________________
33
الصدوق
لنعمة الله
الجزائري
اسمه انس
الوحيد كما
ذكرته
في
المجلد
الثاني .
وذهب
العلامة
السيد طيب
الجزائري إلى
التغاير
وأنهما
عنوانان لكتابين
مستقلين
وأصر
على ذلك ، قال
في ترجمته
للمؤلف
المطبوع في
مقدمة كتاب
كشف الاسرار
في
شرح
الاستبصار [ص 117]:
أنيس الفريد
في شرح التوحيد
، وهو غير نور
البراهين
الآتي
ذكره ، وهو
أيضا شرح
للتوحيد .
وقال
أيضا في [ص 231]:
نور البراهين
في بيان أخبار
السادة
الطاهرين شرح
لتوحيد
الصدوق ، وهذا
غير أنيس
الفريد في شرح
التوحيد ، ومن
هنا اشتبه
الامر على
بعض
المترجمين
حيث حسبهما
كتابا واحدا .
ثم
نقل كلام
العلامة
الطهراني في
الذريعة [24: 393] ثم
قال: أقول: في
هذه
العبارة
اشتباهان:
الأول:
حسبان نور
البراهين
وأنيس الفريد
كتابا واحدا .
الثاني:
جعل أنيس
الفريد انس
الوحيد .
ودفع
الاشتباه
الأول: أنه
قلنا سابقا
أنهما كتابان
لاختلافهما
ابتداء ، ثم
نقل ابتداء كل
من
الكتابين ، ثم
قال: ومنشأ
الاشتباه أن
ختام
الكتابين
واحد عبارة
وتاريخا ،
والسر في
ذلك
أن رحمه
الله على
الظاهر كتب
أولا أنيس
الفريد ، ثم
تصرف فيه ما
سوى انتهائه
وسماه
بنور
البراهين .
ودفع
الاشتباه
الثاني أن
الاسم الصحيح
هو أنيس
الفريد كما
كتبه السيد
نفسه في
كتابه
زهر الربيع ،
وانس الوحيد
كتاب آخر تأليف
المير محمد
علي نائب
الصدارة في
قم .
ثم ذكر توصيف
النسخة ،
انتهى كلامه
ملخصا .
والحق
أنهما
عنوانان
لكتاب واحد ،
وليس هناك كتابان
أحدهما أنيس
الوحيد أو
الفريد
ونور
البراهين ،
وذلك أني
استنسخت الكتاب
أولا عن
النسخة
المخطوطة من
كتاب
نور البراهين
، ثم قابلت
الكتاب مع
النسخة
المخطوطة من
كتاب أنيس
الوحيد ،
فكانا
مطابقين في
جميع العناوين
والفصول
والأبواب
والألفاظ من
دون زيادة أو
نقيصة .
نعم
خطبة
الكتابين
ومقدمتهما
متغايران فقط ،
ففي مقدمة
كتاب نور
البراهين صرح
باهداء
الكتاب إلى
الشاه حسين
الصفوي ، وليست
هذه الاهداء
في الكتاب
الثاني ،
وأيضا
مقدمة
الكتاب الأول
أطول بكثير من
الكتاب الثاني
، أما بعد
اتمام
المقدمة
والشروع في
الشرح
فلا يتفاوتان
إلى نهاية
الكتابين ، واني
ذكرت مقدمة
كتاب أنيس
الوحيد في
هامش
مقدمة كتاب
نور البراهين
فراجع . فما
أفاده
العلامة
الجزائري دام
عزه في
ترجمة
المؤلف ، ففيه
مواقع للنظر
لا يخفى على الناقد
المتتبع .
منهج
التحقيق:
قوبل
هذا الكتاب
الشريف على
نسختين
مخطوطتين
وهما:
1 - نسخة
مخطوطة كاملة
من كتاب نور
البراهين ، ومصححة
بقلم المؤلف قدس سره ،
وجاء
________________________________________________
34
في
آخر النسخة
بخطه هكذا:
بسم الله
الرحمن الرحيم
، قد مر عليه
نظر مؤلفه من
بدايته
إلى نهايته
فصح ، وانتهى
أواخر أوقاته
إلى شهر رجب
المرجب من عام
ثلاث ومائة
بعد
الألف
الهجرية ،
وكتب الأحرف
مؤلف الكتاب
نعمة الله
الحسيني
الجزائري عفى
الله
تعالى
سيئاته في
محروسة تستر
والحمد لله
وصلى الله على
محمد وعترته
الطاهرين .
وكاتب
النسخة: محمد
طاهر بن كمال
الدين
الشوشتري في
سنة (1103) ه ق .
وأصل
النسخة
محفوظة في
خزانة مكتبة
المرحوم آية الله
العظمى
المرعشي
النجفي قدس
سره
برقم
(246) ورمز النسخة
(ن) .
2 - نسخة
مخطوطة كاملة
من كتاب أنيس
الوحيد ، وهي
نسخة مصححة
ومنقحة وان
لم
توجد في
نهايتها
علامة البلاغ
والتصحيح ،
وكاتب النسخة:
علي بن الحاج
نظر علي
التستري
في سنة (1110) ه ق .
وأصل النسخة
أيضا محفوظة
في خزانة
المكتبة
المذكورة
برقم (2707) ورمز
النسخة (س) .
وقد
بذلت الوسع
والطاقة في
تصحيح الكتاب
وتحقيقه
وتخريج
مصادره ،
والمرجو
من
الاخوان
الأعزة أن يمنوا
علينا بما
فيها من
الأغلاط
والسقطات لنستدركهما
إن شاء الله
في
الطبعات
القادمة .
وبالختام
أني أقدم
ثنائي العاطر
لإدارة مؤسسة
النشر
الاسلامي
التابعة
لجامعة
المدرسين
لنشرها هذا
الأثر الخالد
والقيم ، بهذه
الطباعة
الأنيقة ،
وأسأل الله
تبارك
وتعالى
أن يوفقهم ويسددهم
لنشر سائر
آثار أسلافنا
المتقدمين .
والحمد
لله الذي
هدانا لهذا ،
وما كنا
لنهتدي لولا
أن هدانا الله
، ونستغفره
مما وقع من
خلل
، وحصل من زلل
، ونعوذ بالله
من شرور أنفسنا
، وسيئات
أعمالنا ، ومن
الخيانة
بالأمانات
، وتضييع
الحقوق ،
وزلات
أقدامنا ،
وعثرات
أقلامنا ، فهو
الهادي إلى
الرشاد ،
والموفق
للصواب
والسداد ،
والسلام على
من اتبع الهدى
.
السيد
مهدي الرجائي
25 / ربيع
الثاني / 1415 ه ق
قم
المقدسة . ص - ب 753 -
37185
________________________________________________
35
بسم
الله الرحمن
الرحيم
وبه
نستعين
الحمد
لله الذي جعل
توحيده
معراجا إلى
الجنان ، وسلما
يرتقى به إلى
أرفع
مكان ، وزين
بدلائله
صحائف كتب
السالكين ،
وأوثق
ببراهينه
قلوب
العارفين
، وأوضح السبل
إلى الدخول
فيه من الأنفس
والآفاق ، حتى
عدت في
مضاميره
جياد السباق ،
وإن من شئ إلا
يسبح بحمده
ولكن لا يفقهون
، ولم يزل
الكون
مشحونا
بغرائب صنعه
ولكن لا
تعرفون .
فيا
عجبا كيف يعصى
الاله أم كيف
يجحده الجاحد
وفي
كل شئ له آية
تدل على أنه
واحد
وقد
ظهر جل شأنه
للعباد ، حتى
قيل: يا خفيا
من فرط الظهور
، لأنه لو كان
له
عز شأنه غيبة
تنحدر بها
السبع الطباق
، وتسيخ الأرض
بأهلها إلى
الاعراق ،
لتحقق
الجاهلون أنه
سبحانه هو
الذي أمسكها عن
الوقوع ،
واستيقظوا من
غفلات
الهجوع
، كالشمس الذي
يدرك بأفولها
الظلام ، وبطلوعها
النور على
الاجرام .
ومع
ذلك أنكر بعض
الجهلة نورها
، وقالوا:
انها تستخرج
الضياء من
الأعيان
بظهورها
، وقد تاهت الأوهام
في بيداء
ألوهيته ،
وقصرت عقولهم
عن حقيقة
معرفته
، حتى قال سيد
البشر
وأولاده
الأئمة الاثنا
عشر: تب علينا
فإننا بشر ما
عرفناك
حق معرفتك .
________________________________________________
36
وأما
قول سيد
الموحدين
وإمام
العارفين باب
مدينة العلم
علي بن أبي
طالب
أمير
المؤمنين
سلام من
الرحمن نحو
جنابه ، فان
سلامي لا يليق
ببابه: لو
كشف
الغطاء لما
ازددت يقينا (1) .
فالمراد به -
كما قاله
المحققون
والعلماء
العارفون
- درجات
الجنان وما
أعد فيها من
الثواب ،
ودركات
الجحيم وما
هيأ
فيها
من العذاب
والموت ، وما
يتعقبه من
القيامتين
وأهوالهما ،
وما فيهما مما
يقر
به
العين .
والشكر
له على أن
هدانا إلى
الدين القويم
، والتمسك
بعترة خاتم
المرسلين
، أخذناه
ميراثا من
الآباء
والأمهات ،
ووقعنا عليه
من الأجداد
والجدات
.
لا
عذب الله أمي
أنها شربت *** حب
الوصي
وغذتنيه من
اللبن
وكان
لي والد يهوى
أبا حسن *** فصرت
من ذي وذا
أهوى أبا حسن
والصلاة
على مدينة
علمه ، وصاحب
سره ، وآله الغر
الميامين
المفضلين على
سائر
الأنبياء
والمرسلين .
وبعد:
فيقول المذنب
الجاني قليل
البضاعة وكثير
الإضاعة نعمة
الله
الموسوي
الحسيني
الجزائري
وفقه الله
تعالى لمراضيه
، وجعل مستقبل
أحواله
خيرا
من ماضيه: إني
لما فرغت من
شرحي التهذيب والاستبصار
، وشرح عيون
الأخبار
، وكتاب
الأنوار ،
تاقت نفسي إلى
كتابة شرح على
أصول الدين
ومعارج
اليقين ، وكان
كتاب التوحيد
من مصنفات
الصدوق ابن
بابويه سقى
الله
ثراه
سجال الغفران
، وأسكنه غرف
الجنان -
مشتملا على
أخبار متضمنة
لبراهين
التوحيد
القويمة ،
وقواعده
المستقيمة ،
لأنها نبعت من
عين صافية ،
ومن حكم
شافية
، فكتبنا عليه
شرحا يكشف عن
بعض معانيه ،
ويوضح ما
يحتاج إلى
الايضاح
من مبانيه ،
وسميناه نور
البراهين في
بيان أخبار
السادة
الطاهرين
عليهم
من الله
سبحانه أكمل
الصلوات
وأفضل
التحيات .
___________________________
(1)
مناقب ابن
شهرآشوب 2: 38 .
________________________________________________
37
ثم (1)
لما وفق الله
سبحانه
لتأليفه
وترتيبه وتحريره
وتهذيبه ،
خدمنا به
خزانة
السلطان
الأعظم ،
والملك الأفخم
، فخر الملوك
والسلاطين ،
ونتيجة
مقدمتي
الزهراء
وأمير
المؤمنين
عليهما السلام
، وظلال الله
سبحانه على
أهل الأرضين ،
القائم
بنظام الدنيا
والدين ،
والملقى ظلال عنايته
على كافة
المؤمنين ،
الذي أخبر
جده
النبي صلى
الله عليه
وآله بأن
دولتهم متصلة
بدولة صاحب الزمان
عليه صلوات
الرحمن ،
أعني
بذلك السلطان
بن السلطان ،
والخاقان بن الخاقان
، سمي جده
الحسين الشاه
سلطان
حسين ، ربط
الله أطناب
دولته بأوتاد
الخلود ، وأبد
أركان سعادته
إلى
يوم
الورود من قال
آمين أبقى
الله مهجته .
فنقول (2):
___________________________
(1) كان
المتداول بين
المؤلفين في
عصر سلاطين الصفوية
اهداء
تآليفهم إلى
خزانتهم ،
رعاية
لبعض المصالح
العامة
والمجتمع ،
وجلبا
لقلوبهم لنشر
مذهب أهل
البيت عليهم
السلام و
الامامية
، فكان
العلماء رضوان
الله عليهم
يجاملونهم في
الظاهر
ويحترزون
عنهم في
الباطن
.
(2) إلى هنا
انتهى مقدمة
كتاب نور
البراهين .
وأما مقدمة
كتاب أنيس
الوحيد فهي:
بسم الله
الرحمن
الرحيم ،
الحمد لله
الذي جعل
توحيده مفتاحا
لأبواب
الجنان ،
وتوعد من حاد
عنه
العذاب
في النيران ،
والصلاة على
من بعثه لارشاد
الموحدين ،
وعلى أهل بيته
مصابيح أعلام
الدين
.
وبعد:
فان المذنب
الجاني قليل
البضاعة
وكثير الإضاعة
نعمة الله
الحسيني
الجزائر ي عفى
الله
تعالى عن
جرائمه
وسيئاته ،
وحشره مع أئمته
وساداته ،
يقول: لما وفق
الله سبحانه
وله
الشكر
اتمام كتابنا
غاية المرام
في شرح تهذيب
الأحكام في
مجلدات عدتها
ثمان ، وكشف
الاسرار
لشرح
الاستبصار في
ثلاث مجلدات
حسان ، وكتاب
الأنوار
النعمانية في
مجلدين ،
ونوادر
الاخبار في
مجلدين ، وشرح
الصحيفة السجادية
، وما ألفناه
من الشروح
والحواشي
في فنون
العربية ،
أردنا
التوحيد إلى
شرح كتاب
يشتمل على
جوامع
التوحيد ،
فلم
نر أوفق من
كتاب الصدوق
الموسوم
بالتوحيد ،
فوجهنا الخيل
والرجل إليه ،
وأتيناه
فوقفنا
عليه ، راجين
من الله تعالى
أن يجعل هذا
الشرح نورا
يسعى بين
أيدينا في
عرصات
الحساب
، وجنة يقينا
بها من أليم
العذاب ، وسميناه
أنيس الوحيد
في شرح كتاب
التوحيد .
فنقول
.
إلى
هنا انتهى
مقدمة كتاب
أنيس الوحيد ،
والباقي
للكتاب
كلاهما سيان
في الألفاظ من
دون
زيادة ونقيصة
إلى نهاية
الكتاب
وخاتمه .
________________________________________________
38
الحمد
لله الواحد
الأحد الذي لا
شريك له 1) ، الفرد
الصمد 2) ، الذي
لا
شبيه
له ، الأول
القديم الذي
لا غاية له 3) ،
الآخر الباقي
الذي لا نهاية
له ،
الموجود
الثابت 4) ،
الذي لا عدم
له ، الملك الدائم
الذي لا زوال
له ، القادر
الذي
لا يعجزه شئ ،
العليم الذي
لا يخفى عليه شئ
، الحي الذي
لا
بحياة
5) .
___________________________
(1)
نهاية ابن
الأثير 5: 159
(2) التوحيد
للشيخ الصدوق
ص 90 .
________________________________________________
39
الكائن
لا في مكان ،
السميع
البصير الذي
لا آلة له ولا
أداة ، الذي
أمر
بالعدل
، وأخذ بالفضل
1) ، وحكم
بالفصل 2) ، لا
معقب لحكمه 3) ،
ولا راد
لقضائه
4) ، ولا غالب
لإرادته ، ولا
قاهر لمشيته ،
وإنما أمره
إذا أراد شيئا
أن
يقول
له كن فيكون 5) ،
فسبحان الذي
بيده ملكوت كل
شئ ، وإليه
المرجع
والمصير .
وأشهد
أن لا إله إلا
الله رب
العالمين ،
وأشهد أن
محمدا عبده
___________________________
(1)
رواه ابن
بسطام في كتاب
طب الأئمة [ص 123]
عن رسول الله صلى الله
عليه وآله
قال: الصدقة
تدفع
البلاء
المبرم ،
فداووا
مرضاكم
بالصدقة .
وغيره من
الروايات .
________________________________________________
40
ورسوله
1) سيد النبيين
وخير خلقه
أجمعين ، وأشهد
أن علي بن أبي
طالب
سيد الوصيين
وإمام
المتقين
وقائد الغر المحجلين
2) ، وأن الأئمة
من
ولده
بعده حجج الله
إلى يوم الدين
، صلوات الله
وسلامه عليهم
أجمعين .
قال
الشيخ أبو
جعفر محمد بن
علي بن الحسين
بن موسى بن
بابويه
القمي
الفقيه 3) نزيل
الري مصنف هذا
الكتاب - أعانه
الله تعالى
على
___________________________
(1) في
" س ": ولا شئ .
(2) سورة
الإسراء: 1
(3) بحار
الأنوار 80: 237 .
________________________________________________
42
طاعته
، ووفقه
لمرضاته - إن
الذي دعاني
إلى تأليف
كتابي هذا أني
وجدت
قوما من
المخالفين
لنا ينسبون
عصابتنا إلى
القول
بالتشبيه
والجبر
لما
وجدوا في
كتبهم من
الاخبار التي
جهلوا
تفسيرها ولم
يعرفوا
معانيها
ووضعوها في
غير موضعها
ولم يقابلوا بألفاظها
ألفاظ القرآن
1)
___________________________
(1)
بحار الأنوار
2 / 185 و 229 .
(2) سورة
الفتح: 10 .
(3) سورة طه: 5 .
(4) سورة
النساء: 78 .
(5) سورة
النحل: 93 .
(6) في (س):
حقيقته .
(7) سورة آل
عمران: 7 .
________________________________________________
46
فقبحوا
بذلك عند
الجهال صورة
مذهبنا ،
ولبسوا عليهم
طريقتنا ،
وصدوا
الناس
عن دين الله ،
وحملوهم على
جحود حجج الله
فتقربت إلى
الله تعالى
ذكره
بتصنيف هذا
الكتاب في
التوحيد ونفي
التشبيه ،
والجبر ،
مستعينا به
ومتوكلا
عليه ، وهو
حسبي ونعم
الوكيل .
1 - باب ثواب
الموحدين
والعارفين
1 - قال أبو
جعفر محمد بن
علي بن الحسين
بن موسى بن
بابويه
القمي
رضي الله عنه:
حدثنا أبي رضي
رضي الله عنه 1)
قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، عن
أحمد
ابن
أبي عبد الله
البرقي ، قال:
حدثني أبو
عمران العجلي
، قال: حدثنا
محمد
ابن
سنان ، قال:
حدثنا أبو
العلاء
الخفاف ، قال:
حدثنا عطية
العوفي ، عن
أبي
سعيد الخدري ،
قال: قال رسول
الله صلى
الله عليه
وآله: ما قلت
ولا قال
القائلون
________________________________________________
47
قبلي
مثل لا إله
إلا الله 1) .
2 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، قال:
حدثنا
إبراهيم بن
هاشم ، عن
الحسين بن
يزيد
النوفلي ، عن
إسماعيل بن
مسلم السكوني
، عن أبي عبد
الله جعفر بن
محمد
، عن أبيه ، عن
آبائه ، عليهم
السلام قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله:
خير العبادة
قول
________________________________________________
48 - 49
لا
إله إلا الله 1) .
3 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد
ابن
عبد الله ، عن
أحمد بن هلال
، عن الحسن بن
علي بن فضال ،
عن أبي
حمزة
، عن أبي جعفر عليه
السلام ،
قال: سمعته
يقول: مامن شئ
أعظم ثوابا من
شهادة
أن لا إله إلا
الله لان الله
عز وجل لا يعدله
شئ ولا يشركه
في الامر
أحد
2) .
4 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل
رضي الله عنه ،
قال: حدثنا
محمد بن
جعفر
الأسدي ، قال:
حدثني موسى بن
عمران النخعي
، عن عمه
الحسين
ابن
يزيد النوفلي
، عن محمد بن
سنان ، عن
المفضل بن عمر
، قال: قال
أبو
عبد الله عليه
السلام: إن
الله تبارك
وتعالى ضمن
للمؤمن ضمانا
، قال: قلت:
وما
هو ؟ قال: ضمن
له - إن هو أقر
له بالربوبية
ولمحمد صلى
الله عليه
وآله
بالنبوة
___________________________
(1) في
(ن): ما فيه
معناه .
(2) في (س):
الكلمات .
________________________________________________
50
ولعلي
عليه
السلام
بالإمامة
وأدى ما افترض
عليه 1) - أن
يسكنه في جواره
، قال:
قلت:
فهذه والله
الكرامة التي
لا يشبهها
كرامة
الآدميين قال:
ثم قال أبو
عبد
الله عليه
السلام:
اعملوا قليلا
تتنعموا
كثيرا .
5 - حدثنا
أحمد بن زياد
بن جعفر
الهمداني رضي
الله عنه ،
قال حدثنا علي
ابن
إبراهيم بن
هاشم ، عن
أبيه ، عن
محمد بن أبي
عمير ، عن
إبراهيم بن
زياد
الكرخي عن أبي
عبد الله ، عن
أبيه ، عن جده عليهم
السلام ،
قال: قال رسول
الله
صلى الله
عليه وآله:
من مات ولا
يشرك بالله
شيئا أحسن أو
أساء دخل الجنة
2) .
___________________________
(1)
سورة الزلزلة:
7
________________________________________________
51 - 66
6 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، قال:
حدثنا محمد بن
الحسين بن أبي
الخطاب ،
عن
علي بن أسباط
، عن علي بن
أبي حمزة ، عن
أبي بصير ، عن
أبي
عبد
الله عليه
السلام ، في
قول الله عز
وجل: (هو أهل
التقوى وأهل
المغفرة) (1) 1)
قال:
قال الله
تبارك وتعالى:
أنا أهل أن
اتقى ولا يشرك
بي عبدي شيئا
،
وأنا
أهل إن لم
يشرك بي عبدي
شيئا أن ادخله
الجنة ، وقال عليه
السلام: إن
الله
تبارك
وتعالى أقسم
بعزته وجلاله
أن لا يعذب أهل
توحيده
بالنار أبدا .
7 - حدثنا
محمد بن أحمد
الشيباني رضي
الله عنه ، قال:
حدثنا محمد بن
أبي
عبد
الله الكوفي ،
قال: حدثنا
موسى بن عمران
النخعي ، عن
عمه الحسين
ابن
يزيد النوفلي
، عن علي بن
سالم ، عن أبي
بصير ، قال:
قال أبو
عبد
الله عليه
السلام: إن
الله تبارك
وتعالى حرم
أجساد
الموحدين على
النار 2) .
8 - حدثنا أبي رحمه الله
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، عن
أحمد بن محمد
___________________________
(1)
سورة المدثر: 56 .
(2) مجمع
البحرين 5: 362 .
________________________________________________
67
ابن
عيسى ، عن
الحسين بن سيف
، عن أخيه علي
، عن أبيه سيف
بن
عميرة
، قال: حدثني
الحجاج بن
أرطاة ، قال:
حدثني أبو
الزبير ، عن
جابر
ابن
عبد الله ، عن
النبي صلى
الله عليه
وآله أنه
قال:
الموجبتان من
مات يشهد 1) أن
لا إله
إلا
الله [وحده لا
شريك له] دخل
الجنة ، ومن
مات يشرك
بالله دخل
النار .
9 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، عن
أحمد بن
محمد
بن عيسى ، عن
الحسين بن سيف
، عن أخيه علي ،
عن أبيه سيف
بن
عميرة
، عن الحسن بن
الصباح ، قال:
حدثني أنس ، عن
النبي صلى
الله عليه
وآله قال:
كل
جبار عنيد من
أبى أن يقول:
لا إله إلا
الله 2) .
10 - حدثنا
جعفر بن علي
بن الحسن بن
علي بن عبد
الله بن
المغيرة
الكوفي
رضي الله عنه
، قال: حدثني
جدي الحسن بن
علي الكوفي ،
عن الحسين
___________________________
(1)
شرح نهج
البلاغة 1: 119 ط
مؤسسة النصر .
(2) في " ن ":
المروي .
(3) سورة
إبراهيم: 15 .
________________________________________________
68
ابن
سيف ، عن أخيه
علي ، عن أبيه
سيف بن عميرة
، عن عمرو ابن
شمر ،
عن
جابر بن يزيد
الجعفي ، عن
أبي جعفر عليه
السلام قال:
جاء جبرئيل
إلى
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله فقال:
يا محمد طوبى
لمن قال في
أمتك: لا إله
إلا الله وحده
وحده
وحده 1) .
11 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، عن
أحمد بن محمد
بن عيسى ، عن
الحسن بن
محبوب
، عن أبي
جميلة ، عن
جابر ، عن أبي
عبد الله جعفر
عليه
السلام قال:
قال
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله: أتاني
جبرئيل بين
الصفا
والمروة 2) ،
فقال: يا محمد
___________________________
(1)
نور الثقلين 2: 504
.
(2) بحار
الأنوار 8: 117 - 118 ح 2
و 131 ح 33 .
(3) علل
الشرائع: ص 431 - 432 .
________________________________________________
69
طوبى
لمن قال من
أمتك: لا إله
إلا الله وحده
مخلصا 1) .
12 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
علي بن الحسن
الكوفي ، عن
أبيه ،
عن
الحسين بن سيف
عن أخيه علي ،
عن أبيه سيف
بن عميرة ، عن
عمرو
ابن
شمر ، عن جابر
، عن أبي
الطفيل ، عن
علي عليه
السلام قال:
مامن عبد مسلم
يقول:
لا إله إلا
الله إلا صعدت
تخرق كل سقف 2) ،
لا تمر بشئ من
سيئاته
إلا
طلستها 3) حتى
تنتهي إلى
مثلها من
الحسنات فتقف
.
13 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، عن
أحمد بن أبي
عبد الله
البرقي ، عن
الحسين
ابن
سيف ، عن أخيه
علي ، عن
المفضل بن
صالح ، عن عبيد
بن زرارة ،
قال:
___________________________
(1)
بحار الأنوار
3: 15 ذيل ح 19 .
(2) بحار
الأنوار 85: 153 ح 14 .
________________________________________________
70
قال
أبو عبد الله عليه
السلام: قول
لا إله إلا
الله ثمن
الجنة 1) .
14 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، عن
أحمد بن
بن
عيسى ، عن
الحسين بن سيف
، عن سليمان
بن عمرو ، قال:
حدثني
عمران بن أبي
عطاء ، قال:
حدثني عطاء ،
عن ابن عباس ،
عن
النبي
صلى الله
عليه وآله ،
قال: مامن
الكلام كلمة
أحب إلى الله
عز وجل من قول
لا إ له
إلا
الله ، وما من
عبد يقول: لا
إله إلا الله
يمد بها صوته
فيفرغ 2) إلا
تناثرت
ذنوبه
تحت قدميه كما
يتناثر ورق
الشجر تحتها .
15 - حدثنا أبو
نصر محمد بن
أحمد بن تميم
السرخسي الفقيه
بسرخس
، قال: حدثنا
أبو لبيد محمد
بن إدريس الشامي
، قال: حدثنا
هارون
بن عبد الله
الجمال ، عن
أبي أيوب ،
قال: حدثني
قدامة بن محرز
الأشجعي
، قال: حدثني
مخرمة بن بكير
بن عبد الله
بن الأشج ، عن
أبيه ،
عن
أبي حرب بن
زيد بن خالد
الجهني ، قال:
أشهد على أبي
زيد بن خالد
________________________________________________
71
لسمعته
يقول: بعثني
رسول الله صلى الله
عليه وآله
فقال لي: بشر
الناس 1) أنه من
قال:
لا
إله إلا الله
وحده لا شريك
له فله الجنة .
16 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل
رضي الله عنه ،
قال: حدثنا
علي بن
الحسين
السعد آبادي ،
قال: حدثنا
أحمد بن أبي عبد
الله البرقي ،
عن أبيه ،
عن
محمد بن زياد
، عن أبان
وغيره ، عن
الصادق عليه
السلام قال:
من ختم صيامه
بقول
صالح أو عمل
صالح 2) تقبل
الله منه
صيامه ، فقيل
له: يا ابن
رسول الله
ما
القول الصالح
؟ قال: شهادة
أن لا إله إلا
الله ، والعمل
الصالح إخراج
الفطرة .
17 - حدثنا أبو
منصور أحمد بن
إبراهيم بن
بكر الخوري
بنيسابور ،
قال:
حدثنا أبو
إسحاق
إبراهيم بن
محمد بن هارون
الخوري ، قال:
حدثنا
جعفر بن محمد
بن زياد
الفقيه
الخوري ، قال:
حدثنا أحمد بن
عبد
الله
الجويباري ،
ويقال له:
الهروي والنهرواني
والشيباني ،
عن
الرضا
علي بن موسى ،
عن أبيه ، عن
آبائه ، عن علي
عليهم
السلام قال:
قال
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله: ما
جزاء من أنعم
الله عز وجل
عليه
بالتوحيد
________________________________________________
72
إلا
الجنة 1) .
18 - وبهذا
الاسناد قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله:
إن لا إله إلا
الله كلمة
عظيمة
كريمة على
الله عز وجل ،
من قالها
مخلصا استوجب
الجنة ، ومن
قالها
كاذبا عصمت
ماله ودمه 2) ،
وكان مصيره إلى
النار .
19 - وبهذا
الاسناد قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله:
من قال: لا إله
إلا الله في
ساعة
من ليل أو
نهار طلست ما
في صحيفته من
السيئات .
20 - وبهذا
الاسناد قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله:
إن لله عز وجل
عمودا
من
ياقوتة حمراء
رأسه تحت
العرش 3) ،
وأسفله على
ظهر الحوت في
الأرض
السابعة
السفلى . فإذا
قال العبد: لا
إله إلا الله
اهتز العرش
وتحرك
العمود
4) وتحرك الحوت
، فيقول الله
تبارك وتعالى:
أسكن يا عرشي
،
___________________________
(1)
سورة الرعد: 2 .
(2) مجمع
البيان 3: 274 .
(3) سورة
الأنفال: 2 .
________________________________________________
73
فيقول:
كيف أسكن وأنت
لم تغفر
لقائلها
فيقول الله
تبارك وتعالى:
اشهدوا
سكان
سماواتي أني
قد غفرت
لقائلها .
21 - حدثنا أبو
الحسين محمد
بن علي بن
الشاه الفقيه
بمرو الروذ ،
قال:
حدثنا أبو بكر
محمد بن عبد
الله
النيسابوري ،
قال: حدثنا
أبو القاسم
عبد
الله بن أحمد
بن عباس
الطائي
بالبصرة ، قال:
حدثني أبي في
سنة
ستين
ومائتين ،
قال: حدثني
علي بن موسى
الرضا عليهما
السلام سنة
أربع وتسعين
ومائة
قال: حدثني
أبي موسى بن
جعفر ، قال:
حدثني أبي
جعفر بن
محمد
، قال: حدثني
أبي محمد بن
علي ، قال:
حدثني أبي علي
بن
الحسين
، قال: حدثني
أبي الحسين بن
علي ، قال: حدثني
أبي علي بن
أبي
طالب
عليهم
السلام قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله:
يقول الله جل
جلاله: (لا إله
إلا الله)
حصني
، فمن دخله
أمن من عذابي 1) .
22 - حدثنا أبو
سعيد محمد بن
الفضل بن محمد
بن إسحاق
المذكر
النيسابوري
بنيسابور ،
قال: حدثني
أبو علي الحسن
بن علي
الخزرجي
الأنصاري
السعدي ، قال:
حدثنا عبد
السلام بن صالح
أبو الصلت
الهروي ،
قال:
كنت مع علي بن
موسى الرضا
عليهما
السلام حين
رحل من
نيسابور وهو
________________________________________________
74
راكب
بغلة شهباء 1) ،
فإذا محمد بن
رافع وأحمد بن
حرب ويحيى بن
يحيى
وإسحاق بن
راهويه وعدة
من أهل العلم
قد تعلقوا
بلجام بغلته
في
المربعة
2) فقالوا: بحق
آبائك
المطهرين
حدثنا بحديث
قد سمعته من
أبيك ،
فأخرج
رأسه من
العمارية
وعليه مطرف 3)
خز ذو وجهين
وقال: حدثني
___________________________
(1)
صحاح اللغة 3: 1212 .
(2) بحار
الأنوار 3: 6 - 7 .
(3) صحاح
اللغة 4: 1394 .
________________________________________________
75
أبي
العبد الصالح
1) موسى بن جعفر
، قال: حدثني
أبي الصادق جعفر
بن
محمد
، قال: حدثني
أبي أبو جعفر
محمد بن علي
باقر علم
الأنبياء ،
قال:
حدثني
أبي علي بن
الحسين سيد
العابدين ،
قال: حدثني
أبي سيد شباب
أهل
الجنة الحسين
، قال: حدثني
أبي علي بن
أبي طالب عليهم
السلام ،
قال:
سمعت
النبي صلى
الله عليه
وآله يقول:
قال الله جل
جلاله: إني
أنا الله لا
إله إلا أنا
___________________________
(1)
وذكر صاحب
كتاب نيشابور
أنه عد في ذلك
اليوم من
المحابر أربع
وعشرون ألفا ،
سوى
الدوى
والمستمل أبو
ذر عن الرازي
ومحمد بن مسلم
. وقال
الأستاذ أبو القاسم
القشري: ان
هذا
الحديث بهذا
السند بلغ بعض
امراء السامانية
، فكتبه
بالذهب وأوصى
أن يدفن معه ،
فلما
مات رؤى في
المنام ،
فقيل: ما فعل
الله بك ؟ قال:
غفر لي بكتابة
هذا الحديث
بالذهب
تعظيما
واحتراما .
وفي كتاب عيون
الأخبار ، قال
أحمد بن محمد
بن حنبل: ما هذا
الاسناد ؟
فقال
له أبي: هذا
اسعوط
المجانين إذا
سعط به المجنون
أفاق " منه " عن
هامش " س " .
________________________________________________
76
فاعبدوني
، من جاء منكم
بشهادة أن لا
إله إلا الله 1)
بالاخلاص دخل
في
حصني
ومن دخل في
حصني أمن من
عذابي .
23 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
أبو
الحسين
محمد بن جعفر
الأسدي ، قال:
حدثنا محمد بن
الحسين
الصوفي ،
قال:
حدثنا يوسف بن
عقيل ، عن
إسحاق بن
راهويه ، قال:
لما وافى أبو
الحسن
الرضا عليه
السلام
بنيسابور
وأراد أن يخرج
منها إلى
المأمون اجتمع
إليه
أصحاب
الحديث
فقالوا له: يا
ابن رسول الله
ترحل عنا ولا
تحدثنا بحديث
فنستفيده
منك ؟ وكان قد
قعد في
العمارية ،
فأطلع رأسه
وقال: سمعت
أبي
موسى
بن جعفر يقول:
سمعت أبي جعفر
بن محمد يقول:
سمعت أبي
محمد
بن علي يقول:
سمعت أبي علي
بن الحسين يقول:
سمعت أبي
الحسين
بن علي بن أبي
طالب يقول:
سمعت أبي أمير
المؤمنين علي
بن
أبي
طالب يقول:
سمعت رسول
الله صلى
الله عليه
وآله يقول:
سمعت جبرئيل
يقول:
سمعت
الله جل جلاله
يقول 2): لا إله
إلا الله حصني
فمن دخل حصني
أمن
من عذابي .
قال:
فلما مرت
الراحلة
نادانا:
بشروطها وأنا
من شروطها .
قال
مصنف هذا
الكتاب: من
شروطها
الاقرار للرضا
عليه
السلام بأنه
إمام من
قبل
الله عز وجل
على العباد ،
مفترض الطاعة
عليهم .
24 - حدثنا أبو
نصر محمد بن
أحمد بن تميم
السرخسي ،
قال:
________________________________________________
77
حدثنا
أبو لبيد محمد
بن إدريس
الشامي ، قال:
حدثنا إسحاق
بن إسرائيل ،
قال:
حدثنا حريز عن
عبد العزيز ،
عن زيد بن وهب ،
عن أبي ذر رحمه
الله قال:
خرجت
ليلة من
الليالي فإذا
رسول الله صلى الله
عليه وآله
يمشي وحده ليس
معه إنسان ،
فظننت
أنه يكره أن
يمشي معه أحد
، قال: فجعلت أمشي
في ظل القمر ،
فالتفت
فرآني ، فقال:
من هذا ؟ قلت:
أبو ذر جعلني
الله فداك ،
قال: يا أبا ذر
تعال
، فمشيت معه
ساعة ، فقال:
إن المكثرين
هم الأقلون
يوم القيامة
إلا
من
أعطاه الله
خيرا فنفخ منه
بيمينه
وشماله 1) وبين
يديه ووراءه
وعمل
___________________________
(1)
بحار الأنوار
57: 366 ح 2 .
(2) عيون
أخبار الرضا عليه
السلام 2: 136 ح 1
________________________________________________
78
فيه
خيرا ، قال:
فمشيت معه
ساعة ، فقال:
اجلس هاهنا ،
وأجلسني في
قاع
حوله
حجارة ، فقال
لي: إجلس حتى
أرجع إليك ،
قال: وانطلق
في الحرة
حتى
لم أره 1)
وتوارى عني ،
فأطال اللبث ،
ثم إني سمعته صلى الله
عليه وآله
وهو مقبل
وهو
يقول: وإن زنى
وإن سرق ، قال:
فلما جاء لم
أصبر حتى قلت:
يا نبي
الله
جعلني الله
فداك من تكلمه
في جانب الحرة
؟ فإني ما
سمعت أحدا يرد
عليك
من الجواب
شيئا ، قال:
ذاك جبرئيل
عرض لي في جانب
الحرة ،
فقال:
بشر أمتك أنه
من مات لا
يشرك بالله عز
وجل شيئا دخل
الجنة ،
قال:
قلت: يا
جبرئيل وإن
زنى وإن سرق ؟
قال: نعم وإن
شرب الخمر .
قال
مصنف هذا
الكتاب: يعني
بذلك أنه يوفق
للتوبة 2) حتى
يدخل
الجنة
.
25 - حدثنا أبو
الحسن أحمد بن
محمد بن أحمد
بن غالب
الأنماطي
، قال: أخبرنا
أبو عمرو أحمد
بن الحسن بن
غزوان ، قال:
حدثنا
إبراهيم
بن أحمد ، قال:
حدثنا داود بن
عمرو ، قال:
حدثنا عبد
الله بن
جعفر
، عن زيد بن
أسلم ، عن
عطاء بن يسار
، عن أبي
هريرة ، قال:
قال
________________________________________________
79
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله بينا
رجل متسلق على
ظهره ينظر إلى
السماء وإلى
النجوم
ويقول
1): والله إن لك
لربا هو خالقك
اللهم اغفر لي
، قال: فنظر
الله عز
وجل
إليه فغفر له .
قال
مصنف هذا
الكتاب: وقد
قال الله عز
وجل: (أو لم
ينظروا في
ملكوت
السماوات 2)
والأرض وما خلق
الله من شئ) (1)
يعني بذلك: أو
لم
يتفكروا في
ملكوت
السماوات
والأرض وفي عجائب
صنعها ، أولم
ينظروا
في ذلك نظر
مستدل معتبر ،
فيعرفوا بما يرون
ما أقامه الله
عز وجل
من
السماوات
والأرض مع عظم
أجسامها
وثقلها على
غير عمد
وتسكينه
إياها
بغير آلة ،
فيستدلوا
بذلك على
خالقها
ومالكها
ومقيمها أنه
لا يشبه
الأجسام
ولا ما يتخذ
الكافرون
إلها من دون
الله عز وجل ،
إذ كانت
الأجسام
لا تقدر على
إقامة الصغير
من الأجسام في
الهواء بغير
عمد وبغير
___________________________
(1)
الأعراف: 185 .
(2) بحار
الأنوار 71: 320 ح 2 .
(3) سورة طه: 14 .
________________________________________________
80
آلة
، فيعرفوا
بذلك خالق
السماوات
والأرض وسائر
الأجسام ،
ويعرفوا أنه
لا
يشبهها ولا
تشبهه في قدرة
الله وملكه
وأما ملكوت
السماوات
والأرض
فهو
ملك الله لها
واقتداره
عليها ، وأراد
بذلك ، أو لم
ينظروا ويتفكروا
في
السماوات
والأرض في خلق
الله عز وجل
إياهما على ما
يشاهدونهما
عليه
، فيعلموا أن
الله عز وجل
هو مالكها
والمقتدر
عليها لأنها
مملوكة
مخلوقة
، وهي في
قدرته
وسلطانه
وملكه ، فجعل
نظرهم في
السماوات
والأرض
وفي خلق الله
لها نظرا في
ملكوتها وفي ملك
الله لها لان
الله عز
وجل
لا يخلق إلا
ما يملكه
ويقدر عليه ،
وعنى بقوله:
وما خلق الله
من
شئ
يعني: من
أصناف خلقه ،
فيستدلون به 1)
على أن الله
خالقها وأنه
أولى
بالإلهية من
الأجسام
المحدثة
المخلوقة .
26 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، عن
يعقوب بن
يزيد
، عن محمد بن
أبي عمير ، عن
محمد بن حمران
، عن أبي عبد
الله عليه
السلام ،
قال:
من قال ، لا
إله إلا الله
مخلصا دخل
الجنة وإخلاصه
أن تحجزه لا
إله
إلا
الله عما حرم
الله عز وجل 2) .
27 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، عن
أحمد بن
محمد
بن عيسى ،
والحسن بن علي
الكوفي ،
وإبراهيم بن
هاشم كلهم ،
عن
________________________________________________
81
الحسين
بن سيف ، عن
سليمان بن
عمرو ، عن
المهاجر بن
الحسين ، عن
زيد
بن أرقم ، عن
النبي صلى
الله عليه
وآله ، قال:
من قال: لا إله
إلا الله
مخلصا دخل
الجنة
، وإخلاصه أن
تحجزه لا إله
إلا الله عما
حرم الله عز
وجل .
28 - حدثنا أبو
علي الحسن بن
علي بن محمد
بن علي بن عمرو
العطار
ببلخ ، قال:
حدثنا محمد بن
محمود ، قال: حدثنا
حمران ، عن
مالك
بن
إبراهيم بن
طهمان ، عن
[أبي] حصين ، عن
الأسود بن
هلال ، عن
معاذ
بن
جبل ، قال: كنت
رديف النبي صلى الله
عليه وآله ،
فقال: يا معاذ
هل تدري ما حق
الله
عز
وجل على
العباد ؟
يقولها -
ثلاثا - ، قال:
قلت: الله
ورسوله أعلم ،
فقال
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله: حق
الله عز وجل
على العباد أن
لا يشركوا به
شيئا ، ثم
قال صلى الله
عليه وآله:
هل تدري ماحق
العباد على
الله عز وجل
إذا فعلوا ذلك
؟ قال:
قلت:
الله ورسوله
أعلم ، قال: أن
لا يعذبهم ،
أو قال: أن لا
يدخلهم النار
.
29 - حدثنا أبو
أحمد الحسن بن
عبد الله بن
سعيد العسكري:
قال:
حدثنا
محمد بن أحمد
بن حمران
القشيري ،
قال: حدثنا
أبو الجريش
أحمد
بن عيسى
الكلابي ،
قال: حدثنا
موسى بن إسماعيل
بن موسى بن
جعفر
بن محمد بن
علي بن الحسين
بن علي بن أبي
طالب عليهم
السلام سنة
خمسين
ومائتين ،
قال: حدثني
أبي ، عن أبيه
، عن جده جعفر
بن محمد ،
عن
أبيه عن آبائه
، عن علي عليهم
السلام ، في
قول الله عز
وجل: (هل جزاء
الاحسان
إلا الاحسان)
قال علي عليه
السلام: سمعت
رسول الله صلى الله
عليه وآله
يقول: إن الله
عز
وجل قال: ما
جزاء من أنعمت
عليه
بالتوحيد إلا
الجنة .
30 - حدثنا
الحاكم عبد
الحميد بن عبد
الرحمن بن الحسين
، قال:
________________________________________________
82
حدثنا
أبو يزيد بن
محبوب المزني
، قال: حدثنا الحسين
بن عيسى
البسطامي
، قال: حدثنا
عبد الصمد بن
عبد الوارث ،
قال: حدثنا
شعبة ، عن
خالد
الحذاء ، عن
أبي بشر
العنبري ، عن
حمران ، عن
عثمان بن عفان
، قال:
قال
رسول الله صلى الله
عليه وآله:
من مات وهو
يعلم أن الله
حق دخل الجنة 1) (1)
31 - حدثنا حمزة
بن محمد بن أحمد
بن جعفر بن
محمد بن زيد
بن
علي
بن الحسين بن
علي بن أبي
طالب عليهم
السلام قال:
أخبرني علي بن
إبراهيم
ابن
هاشم ، قال:
حدثني
إبراهيم بن
إسحاق النهاوندي
، عن عبد الله
بن
حماد
الأنصاري ، عن
الحسين بن يحيى
بن الحسين ،
عن عمرو بن
طلحة ،
عن
أسباط بن نصر
، عن عكرمة ،
عن ابن عباس ،
قال: قال رسول
الله صلى
الله عليه
وآله:
والذي
بعثني بالحق
بشيرا لا يعذب
الله بالنار
موحدا أبدا ،
وإن أهل
التوحيد
ليشفعون
فيشفعون ، ثم
قال عليه
السلام: إنه
إذا كان يوم
القيامة أمر الله
تبارك
وتعالى بقوم
ساءت أعمالهم
في دار الدنيا
إلى النار ،
فيقولون يا
ربنا
كيف
تدخلنا النار
وقد كنا نوحدك
في دار الدنيا
؟ وكيف تحرق
بالنار
ألسنتنا
وقد نطقت
بتوحيدك في
دار الدنيا ؟
وكيف تحرق
قلوبنا وقد
عقدت
على
أن لا إله إلا
أنت ؟ أم كيف
تحرق وجوهنا
وقد عفرناها
لك في
التراب
؟ أم كيف تحرق
أيدينا وقد
رفعناها بالدعاء
إليك ، فيقول
الله
___________________________
(1)
أخرجه مسلم في
صحيحه 1: 41
باسناده عن
خالد الحذاء -
الخ .
________________________________________________
83
جل
جلاله: عبادي
ساءت أعمالكم
في دار الدنيا
فجزاؤكم نار
جهنم 1) ،
فيقولون:
يا ربنا عفوك
أعظم أم
خطيئتنا ؟
فيقول عز وجل:
بل عفوي ،
فيقولون:
رحمتك أوسع أم
ذنوبنا ؟
فيقول عز وجل:
بل رحمتي ،
فيقولون:
إقرارنا
بتوحيدك أعظم
أم ذنوبنا ؟
فيقول عز وجل:
بل إقراركم
بتوحيدي
أعظم
، فيقولون: يا
ربنا فليسعنا
عفوك ورحمتك
التي وسعت كل
شئ ،
فيقول
الله جل
جلاله:
ملائكتي
وعزتي وجلالي
ما خلقت خلقا
أحب إلي
من
المقرين لي
بتوحيدي وأن
لا إله غيري ،
وحق علي أن لا
أصلي بالنار
أهل
توحيدي 2)
ادخلوا عبادي
الجنة .
32 - حدثنا
أحمد بن الحسن
القطان ، قال:
حدثنا الحسن
بن علي
السكري
، قال: حدثنا
محمد بن زكريا
الجوهري
البصري ، قال:
حدثنا
جعفر
بن محمد بن
عمارة ، عن
أبيه ، عن
جعفر بن محمد
، عن أبيه
محمد
ابن
علي ، عن أبيه
علي بن الحسين
، عن أبيه الحسين
بن علي ، عن
أبيه
علي
بن أبي طالب عليهم
السلام قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله:
من مات لا
يشرك بالله
شيئا
أحسن أو أساء
دخل الجنة .
33 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، قال:
حدثنا أحمد
ابن
أبي عبد الله
البرقي ، عن
أبيه ، عن
محمد بن أبي
عمير ، عن
هشام بن
________________________________________________
84
سالم
وأبي أيوب ،
قالا: قال أبو
عبد الله عليه
السلام: من
قال: لا إله
إلا الله مائة
مرة
كان
أفضل الناس
ذلك اليوم
عملا إلا من
زاد .
34 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، قال:
حدثني
أحمد
بن هلال ، عن
أحمد بن صالح
، عن عيسى بن
عبد الله من
ولد عمر
ابن
علي ، عن
آبائه ، عن
أبي سعيد
الخدري ، عن النبي
صلى الله
عليه وآله
قال: قال الله
جل
جلاله لموسى:
يا موسى لو أن
السماوات
وعامريهن
والأرضين
السبع
في
كفة ولا إله
إلا الله في
كفة مالت بهن
لا إله إلا
الله .
35 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، عن
أحمد بن
محمد
بن عيسى ، عن
عبد الرحمن بن
أبي نجران ، عن
عبد العزيز
العبدي ،
عن
عمر بن يزيد ،
عن أبي عبد
الله عليه
السلام قال:
سمعته يقول:
من قال في يوم:
(أشهد أن لا
إله إلا الله
وحده لا شريك
له ، إلها
واحدا أحدا
صمدا لم يتخذ
صاحبة
ولا ولدا) كتب
الله عز وجل
له خمسة
وأربعين ألف
ألف حسنة ،
ومحا
عنه خمسة
وأربعين ألف
ألف سيئة ،
ورفع له في
الجنة خمسة
وأربعين
ألف ألف درجة
، وكان كمن
قرأ القرآن اثنتي
عشرة مرة ،
وبنى الله
له
بيتا في الجنة
.
2 - باب
التوحيد ونفي
التشبيه
1 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، قال:
حدثنا أحمد
ابن
أبي عبد الله
، عن أبيه
محمد بن خالد
البرقي ، عن
أحمد بن النضر
،
وغيره
، عن عمرو بن
ثابت ، عن رجل -
سماه - عن أبي إسحاق
السبيعي ،
________________________________________________
85
عن
الحارث
الأعور قال:
خطب أمير المؤمنين
علي بن أبي
طالب عليه
السلام
يوما
خطبة بعد
العصر ، فعجب
الناس من حسن
صفته وما ذكر
من تعظيم
الله
جل جلاله ،
قال أبو
إسحاق: فقلت
للحارث: أو ما
حفظتها ؟ قال:
قد
كتبتها
، فأملاها
علينا من
كتابه:
الحمد
لله الذي لا
يموت ، ولا
تنقضي عجائبه
1) ، لأنه كل يوم
في شأن
من
إحداث بديع لم
يكن الذي لم
يولد فيكون في
العز مشاركا ،
ولم يلد
___________________________
(1)
سورة المائدة:
64 .
________________________________________________
86
فيكون
موروثا هالكا
1) ، ولم يقع
عليه الأوهام فتقدره
شبحا ماثلا 2) ،
___________________________
(1) في
" س ": كون .
________________________________________________
87
ولم
تدركه
الابصار
فيكون بعد
انتقالها
حائلا 1) الذي
ليست له في
أوليته
نهاية
، ولا في
آخريته حد ولا
غاية ، الذي
لم يسبقه وقت
، ولم يتقدمه
________________________________________________
88
زمان
1) ، ولم
يتعاوره 2)
زيادة ولا
نقصان ، ولم
يوصف بأين ولا
بما 3)
ولا
بمكان ، الذي
بطن من خفيات
الأمور 4) ،
وظهر في
العقول بما
يرى في
خلقه
من علامات
التدبير 5) ،
الذي سئلت
الأنبياء عنه
فلم تصفه بحد
___________________________
(1)
وفي بعض
الآثار اطلاق
الوقت على
الزمان
القليل والزمان
على الكثير
منه ، أي: لم
يتقدمه
زمن قليل ولا
كثير (منه) عن
هامش (س) .
(2) شرح نهج
البلاغة 2: 127 ط
طهران .
(3) سورة فصلت:
53 .
________________________________________________
89 - 90
ولا
ببعض 1) بل
وصفته بأفعاله
، ودلت عليه
بآياته ولا
تستطيع عقول
المتفكرين
جحده ، لان من
كانت
السماوات
والأرض فطرته
وما فيهن وما
بينهن
وهو الصانع
لهن ، فلا
مدفع لقدرته
الذي بان من
الخلق فلا شئ
كمثله
، الذي خلق
الخلق
لعبادته
وأقدرهم على طاعته
بما جعل فيهم
،
وقطع
عذرهم بالحجج
2) ، فعن بينة
هلك من هلك
وعن بينة نجا
من
نجا
3) ، ولله الفضل
مبدئا ومعيدا
.
ثم
إن الله وله
الحمد افتتح
الكتاب
بالحمد لنفسه
، وختم أمر
الدنيا
ومجئ
الآخرة
بالحمد لنفسه
، فقال: (وقضي
بينهم بالحق
وقيل الحمد
لله
رب
العالمين) 4) .
___________________________
(1)
سورة الأنفال:
42 . قوله تعالى
(ليهلك من هلك
عن بينة ويحيى
من حي عن بينة) .
________________________________________________
91
الحمد
لله اللابس
الكبرياء بلا
تجسد 1) ، والمرتدي
بالجلال بلا
تمثل ،
والمستوي
على العرش بلا
زوال 2) ،
والمتعالي عن
الخلق بلا
تباعد منهم ،
القريب
منهم بلا
ملامسة منه
لهم ، ليس له
حد ينتهي إلى
حده 3) ، ولا له
___________________________
(1)
مجمع البيان 4: 511
.
(2) في (س): وروي .
________________________________________________
92
مثل
فيعرف بمثله ،
ذل من تجبر
غيره ، وصغر
من تكبر دونه
، وتواضعت
الأشياء
لعظمته ،
وانقادت
لسلطانه
وعزته ، وكلت
عن إدراكه
طروف
العيون
، وقصرت دون
بلوغ صفته
أوهام
الخلائق 1) ،
الأول قبل كل
شئ ،
________________________________________________
93
والآخر
بعد كل شئ ،
ولا يعدله شئ
، الظاهر على كل
شئ 1) بالقهر له
،
والمشاهد
لجميع
الأماكن بلا
انتقال إليها
، ولا تلمسه لامسة
ولا تحسه
حاسة
، وهو الذي في
السماء إله
وفي الأرض إله
، وهو الحكيم
العليم ، أتقن
ما
أراد خلقه من
الأشياء كلها
بلا مثال سبق
إليه ، ولا
لغوب دخل عليه
___________________________
(1)
سورة الصف: 14 .
________________________________________________
94
في
خلق ما خلق
لديه ، ابتدأ
ما أراد
ابتداءه ، وأنشأ
ما أراد
إنشاءه على ما
أراده
من الثقلين
الجن والإنس 1)
لتعرف بذلك ربوبيته
، وتمكن فيهم
طواعيته
2) .
نحمده
بجميع محامده
كلها على جميع
نعمائه 3) كلها
، ونستهديه
لمراشد
أمورنا 4)
ونعوذ به من
سيئات
أعمالنا ،
ونستغفره
للذنوب التي
سلفت
منا ، ونشهد
أن لا إله إلا
الله ، وأن
محمدا عبده
ورسوله ، بعثه
بالحق
دالا
عليه وهاديا
إليه ، فهدانا
به من الضلالة
، واستنقذنا
به من الجهالة
، من
يطع
الله ورسوله
فقد فاز فوزا
عظيما ، ونال
ثوابا كريما ،
ومن يعص الله
ورسوله
فقد خسر
خسرانا مبينا
، واستحق
عذابا أليما ،
فانجعوا بما
يحق
عليكم
5) من السمع
والطاعة
وإخلاص
النصيحة وحسن
المؤازرة
وأعينوا
___________________________
(1)
القاموس
المحيط 1: 294 ط
القاهرة .
________________________________________________
95
أنفسكم
بلزوم
الطريقة
المستقيمة ،
وهجر الأمور
المكروهة ،
وتعاطوا الحق
بينكم
، وتعاونوا
عليه ، وخذوا
على يد الظالم
1) السفيه ،
مروا
بالمعروف ،
وانهوا
عن المنكر ،
واعرفوا لذوي
الفضل فضلهم ،
عصمنا الله
وإياكم
بالهدى
، وثبتنا
وإياكم على
التقوى ، وأستغفر
الله لي ولكم .
2 - حدثنا
محمد بن حسن
بن أحمد بن
الوليد 2) رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
محمد
بن عمرو
الكاتب ، عن
محمد بن زياد
القلزمي ، عن
محمد بن أبي
زياد
الجدي صاحب
الصلاة بجدة ،
قال: حدثني
محمد بن يحيى
بن عمر
بن
علي بن أبي
طالب عليه
السلام قال:
سمعت أبا
الحسن الرضا عليه
السلام
يتكلم بهذا
الكلام
عند المأمون
في التوحيد ،
قال ابن أبي زياد:
ورواه لي أيضا
أحمد
___________________________
(1) في
(س): الكلام ،
والصحيح ما
أثبتناه في
المتن ، كما
في النهاية 5: 22 .
(2) في (ن):
الحريري .
والجزري هو
ابن الأثير .
(3) نهاية ابن
الأثير 1: 102 .
(4) نهج
البلاغة ص 40
الخطبة
الأولى .
(6) أمالي
الشيخ المفيد
ص 253 ح 4 .
(6) عيون
أخبار الرضا 1: 149
- 153 ح 51 .
________________________________________________
96
ابن
عبد الله
العلوي مولى
لهم وخالا
لبعضهم 1) عن
القاسم بن
أيوب العلوي
أن
المأمون لما
أراد أن
يستعمل الرضا عليه
السلام على
هذا الامر جمع
بني هاشم
فقال:
إني أريد أن
أستعمل الرضا
على هذا الامر
من بعدي ،
فحسده بنو
هاشم
، وقالوا:
أتولي رجلا
جاهلا ليس له
بصر بتدبير
الخلافة ؟ !
فابعث
إليه
رجلا يأتنا
فترى من جهله
ما يستدل به
عليه ، فبعث
إليه فأتاه ،
فقال له
بنو
هاشم: يا أبا
الحسن اصعد
المنبر وانصب
لنا 2) علما
نعبد الله
عليه ،
فصعد
عليه
السلام
المنبر ، فقعد
مليا لا يتكلم
3) مطرقا ، ثم
انتفض
انتفاضة ،
واستوى
قائما
، وحمد الله
وأثنى عليه ،
وصلى على نبيه
وأهل بيته .
ثم
قال: أول عبادة
الله معرفته 4)
، وأصل معرفة
الله
___________________________
(1)
بيان وجه نسبة
أحمد بن عبد
الله إلى علي عليه
السلام
وجعله علويا ،
فهو كونه
مولاهم وخالا
لبعضهم
وكون ذلك
البعض تزوج
بأخته فولدت
له ، فلاحظ .
________________________________________________
97 - 98
توحيده
1) ، ونظام
توحيد الله
نفي الصفات
عنه 2) بشهادة
العقول أن
كل
صفة وموصوف
مخلوق 3)
وشهادة كل
مخلوق أن له خالقا
ليس بصفة
ولا
موصوف ،
وشهادة كل صفة
وموصوف
بالاقتران ،
وشهادة
الاقتران
________________________________________________
99
بالحدث
، وشهادة
الحدث
بالامتناع من
الأزل
الممتنع من
الحدث ،
فليس
الله من عرف
بالتشبيه
ذاته 1) ، ولا
إياه وحد من
___________________________
(1)
إذا تحققت هذا
فاعلم أن
التوحيد
الحقيقي هو نفي
الصفات
والإضافات ،
وعليه نزلوا
قول
سيد
الموحدين عليه
السلام
(العلم نقطة
كثره
الجاهلون) قال
المحقق ابن
جمهور في
حواشي
كتابه:
المراد
بالنقطة
هاهنا النقطة
التمييزية
التي بها يميز
العابد من
المعبود
والرب من
المربوب
، لان الوجود
في الحقيقة
واحد ، وإنما
تكثر وتعدد
عند التقييد
والتنزل ،
وإنما
نسبت
الإضافات
بقيد الامكان
، ولهذا
يقولون: التوحيد
اسقاط
الإضافات ،
لأنه عند
اسقاط
النقطة
التمييزية لا
يبقى شئ إلا
الوجود المحض
، ويضمحل ما
عداه .
وأشار
إلى ذلك بقوله
(كثرها
الجاهلون)
لأنهم يلاحظون
تلك الإضافات
، فيعتقدون
تعدد
الواجب
وتكثره ، حتى
أنهم جعلوه من
الأمور الكلية
الصادقة على
الجزئيات المتعددة
،
حتى
اختلفوا في
كونه متواطئا
ومشككا ، وذلك
عند أهل
التحقيق
جهالة ، لأنه
ينافي
التوحيد
الذي مقتضى
الوجود
ولازمه
الذاتي ، لان
الوحدة ذاتي
من ذاتياته ،
والتعدد أمر
عارض
له ، فمن نظر
تحقيق العلم
إلى تلك
النقطة ، وعلم
أن التمييز
والتعدد إنما
هو بسببها
لم
يعتقد تكثر
الوجود البتة
، ولا خروجه
عن وحدته
الصرفة ، فبقي
عالما لم يخرج
إلى
الجهل
، فهذا معنى
قوله (العلم
نقطة) يعني: أن
معرفة تلك
النقطة
والتحقيق بها
هو
حقيقة
العلم الذي
عقل عنه أهل
الجهل .
أقول:
سيأتي لهذا
الحديث معنى
آخر أعم وأشمل
من معناه هذا .
________________________________________________
100
اكتنه
1) ولا حقيقته
أصاب من مثله 2)
، ولا به صدق من
نهاه 3) ولا صمد
صمده
من أشار إليه
ولا إياه عنى
من شبهه ، ولا له
تذلل من
___________________________
(1)
راجع شرح
النهج لابن
ميثم
البحراني 4: 152 .
(2) القاموس
المحيط 4: 49 .
(3) بحار
الأنوار 4: 232 .
________________________________________________
101
بعضه
1) ، ولا إياه
أراد من توهمه
2) ، كل معروف
بنفسه مصنوع 3)
وكل قائم
في
سواه معلول ،
بصنع الله
يستدل عليه ،
وبالعقول
يعتقد معرفته
،
___________________________
(1) في
" ن ": أبعاضها .
(2) في " س ":
حقيقة .
________________________________________________
102
وبالفطرة
تثبت حجته 1) .
خلق الله
الخلق حجاب بينه
وبينهم 2)
ومباينته
________________________________________________
103
إياهم
مفارقته
إنيتهم 1) ،
وابتداؤه
إياهم دليلهم
على أن لا
ابتداء له
لعجز
كل مبتدئ عن
ابتداء غيره ،
وأدويته إياهم
دليل على أن
لا أداة له 2)
لشهادة
الأدوات
بفاقة
المتأدين
وأسماؤه تعبير
3) ، وأفعاله
تفهيم 4) ،
وذاته
حقيقة 5) وكنهه
تفريق بينه
وبين خلقه 6) ، وغيوره
تحديد لما
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 234 .
________________________________________________
104
سواه
1) فقد جهل الله
من استوصفه 2) ،
وقد تعداه من اشتمله
3) وقد أخطأه
من
اكتنهه 4) ، ومن
قال: كيف فقد
شبهه 5) ، ومن
قال: لم فقد
علله 6) ، ومن
___________________________
(1) أو
يكون التحديد
بمعنى
التعريف ،
يعني: أن مغايرته
سبحانه لما
سواه من
الأشياء
تعريف
له ،
كقوله تعالى
(الذي ليس
كمثله شئ)
فإنه تعريف له
" منه " عن هامش
" س " .
________________________________________________
105
قال:
متى فقد وقته 1)
، ومن قال: فيم
فقد ضمنه ،
ومن قال: إلى م
فقد
نهاه
، ومن قال: حتى
م فقد غياه
ومن غياه فقد
غاياه 2) ، ومن
غاياه
فقد
جزأه ، ومن
جزأه فقد وصفه
، ومن وصفه
فقد ألحد فيه
، لا يتغير
________________________________________________
106
الله
بانغيار
المخلوق 1) ،
كما لا يتحدد
بتحديد المحدود
، واحد
لا
بتأويل عدد 2) ،
ظاهر لا
بتأويل
المباشرة 3) ، متجل
لا باستهلال
___________________________
(1)
سورة فصلت: 53 .
________________________________________________
107
رؤية
1) ، باطن لا
بمزايلة 2) ،
مبائن لا
بمسافة 3) قريب
لا بمداناة 4) ،
لطيف
لا بتجسم 5) ،
موجود لا بعد
عدم ، فاعل لا
باضطرار 6) ،
مقدر
لا بحول فكرة 7)
مدبر لا بحركة
، مريد لا بهمامة
8) ،
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 176 و 208 .
________________________________________________
108
شاء
لا بهمة 1) ،
مدرك لا بمجسة
2) 3) ، سميع لا
بالة ، بصير
لا بأداة .
لا
تصحبه
الأوقات 4) ،
تضمنه
الأماكن ، ولا
تأخذه السنات
5) ولا
تحده
الصفات 6) ، ولا
تفيده
الأدوات 7) سبق
الأوقات كونه
8) والعدم
وجوده 9)
___________________________
(1)
شرح نهج
البلاغة 13: 72 .
________________________________________________
109
والابتداء
أزله 1) ،
بتشعيره
المشاعر عرف
أن لا مشعر له 2)
وبتجهيره
___________________________
(1)
كذا في
النسختين ،
وفي الرجال:
الهواء .
(2) كذا في
النسختين ،
وفي الرجال:
الهواء .
(3) اختيار
معرفة الرجال
2: 544 برقم: 482 .
(4) بحار
الأنوار 4: 237 .
(5) هو الشيخ
المحقق الشيخ
ميثم
البحراني "
منه "
________________________________________________
110 - 111
الجواهر
عرف أن لا
جوهر له 1) ،
وبمضادته بين
الأشياء عرف
أن لا ضد 2)
له ،
وبمقارنته
بين الأمور
عرف أن لا
قرين 3) له ، ضاد
النور
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 238 - 239 ، نقله عن
بعض الأفاضل .
(2) شرح نهج
البلاغة لابن
أبي الحديد 13: 73 .
(3) شرح نهج
البلاغة لابن
ميثم 4: 156 .
________________________________________________
112
بالظلمة
1) ، والجلاية
بالبهم 2) ،
والجسو
بالبلل 3) ،
والصرد
بالحرور 4) ،
مؤلف
بين
متعادياتها 5)
، مفرق بين
متدانياتها 6)
، دالة
بتفريقها على
مفرقها
، وبتأليفها
على مؤلفها ،
ذلك قوله عز وجل:
ومن كل شئ
خلقنا
زوجين 7) لعلكم
تذكرون ففرق
بها بين قبل وبعد
ليعلم أن لا
قبل
________________________________________________
113
له
ولا بعد 1) ،
شاهدة
بغرائزها 2) أن
لا غريزة لمغرزها
، دالة
بتفاوتها
أن
لا تفاوت
لمفاوتها 3) ،
مخبرة
بتوقيتها أن لا
وقت لموقتها ،
حجب
بعضها
عن بعض 4) ليعلم
أن لا حجاب
بينه وبينها غيرها
له معنى
الربوبية
إذ لا مربوب 5)
وحقيقة
الإلهية إذ لا
مألوه 6) ومعنى
العالم ولا
________________________________________________
114
معلوم
، ومعنى
الخالق ولا
مخلوق ،
وتأويل السمع
ولا مسموع 1)
ليس
مذ خلق استحق
معنى الخالق 2)
، ولا باحداثه
البرايا
استفاد
معنى
البرائية 3)
كيف ولا تغيبه
مذ 4) ، ولا
تدنيه قد 5) ،
ولا
تحجبه
لعل 6) ، ولا
توقته متى 7) ،
ولا تشمله حين
، ولا تقارنه
________________________________________________
115
مع 1)
، إنما تحد
الأدوات
أنفسها 2) ،
وتشير الآلة إلى
نظائرها وفي
الأشياء
يوجد
فعالها
منعتها مذ
القدمة ،
وحمتها قد الأزلية
، وجنبتها
لولا التكملة
3)
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 242 .
________________________________________________
116
لافترقت
فدلت على
مفرقها ،
وتباينت
فأعربت عن
مباينها لما
تجلى
صانعها
للعقول 1) وبها
احتجب عن
الرؤية 2) ،
وإليها تحاكم
___________________________
(1)
راجع شرح نهج
البلاغة لابن
ميثم 4: 158 - 159 .
(2) نهج
البلاغة ص 273 ،
رقم الخطبة: 186 .
________________________________________________
117
الأوهام
1) ، وفيها أثبت
غيره 2) ومنها
انبط الدليل 3)
وبها عرفها
الاقرار 4) ،
وبالعقول
يعتقد التصديق
بالله
وبالاقرار
يكمل الايمان
به 5) ، ولا
___________________________
(1)
شرح نهج
البلاغة 4: 160 .
(2) نقله
الشيخ في
رجاله اختيار
معرفة الرجال
2: 549 - 551 برقم: 490 .
________________________________________________
118
ديانة
إلا بعد
المعرفة 1) ،
ولا معرفة إلا
بالاخلاص 2) ،
ولا إخلاص مع
التشبيه
3) ، ولا نفي مع
إثبات الصفات
للتشبيه 4) ،
فكل ما في
الخلق لا
يوجد
في خالقه ،
وكل ما يمكن
فيه يمتنع من
صانعه ، لا
تجري عليه
الحركة
والسكون ،
وكيف يجري
عليه ما هو
أجراه ، أو
يعود فيه ما
هو
___________________________
(1) في
" س ":
الجسمانيات .
________________________________________________
119
أبداه
1) إذا لتفاوتت
ذاته ، ولتجزأ
كنهه ، ولامتنع
من الأزل
معناه ، ولما
كان
للبارئ
معنى غير
المبروء ، ولو
حد له وراء
إذا حد له
أمام ، ولو
التمس له
التمام
إذا لزمه
النقصان ، كيف
يستحق الأزل
من لا يمتنع
من الحدث ،
وكيف
ينشئ الأشياء
من لا يمتنع
من الانشاء ،
إذا لقامت فيه
آية
المصنوع
، ولتحول
دليلا بعد ما
كان مدلولا عليه
2) ، ليس في محال
القول
________________________________________________
120
حجة
1) ولا في
المسألة عنه
جواب 2) ، ولا في
معناه لله
تعظيم 3) ، ولا
في
إبانته
عن الخلق ضيم
، إلا بامتناع
الأزلي أن يثنى
وما لابدأ له
أن يبدأ 4) ،
لا
إله إلا الله
العلي العظيم
، كذب
العادلون بالله
، وضلوا ضلالا
بعيدا ،
وخسروا
خسرانا مبينا
، وصلى الله
على محمد النبي
وآله الطيبين
الطاهرين
.
________________________________________________
121
3 - حدثنا علي
بن أحمد بن 1)
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ،
وأحمد بن يحيى
بن زكريا
القطان ،
عن
بكر بن عبد
الله بن حبيب
، عن تميم بن
بهلول ، عن
أبيه ، عن أبي
معاوية
، عن الحصين
بن عبد الرحمن
، عن أبيه ، عن
أبي عبد الله
، عن أبيه ،
عن
جده عليهم
السلام ، أن
أمير
المؤمنين عليه
السلام
استنهض الناس
في حرب معاوية
في
المرة
الثانية 2)
فلما حشد
الناس قام
خطيبا فقال:
الحمد
لله الواحد
الأحد الصمد
المتفرد ، الذي
لا من شئ كان ،
ولا من
شئ
خلق ما كان ،
قدرته بان بها
من الأشياء 3) ،
وبانت
الأشياء منه ،
فليست
له صفة تنال ،
ولا حد تضرب
له الأمثال 4) ، كل
دون صفاته
تحبير
اللغات
5) وضل هنالك
تصاريف
الصفات 6) ،
وحار في ملكوته
عميقات
___________________________
(1) في
" ن ": عنده .
________________________________________________
122
مذاهب
التفكير 1) ،
وانقطع دون
الرسوخ في
علمه 2) جوامع
التفسير ،
وحال
دون
غيبه المكنون
حجب من الغيوب
3) ، وتاهت في أدنى
أدانيها
طامحات
العقول 4) في
لطيفات
الأمور
فتبارك الله 5)
الذي لا يبلغه
بعد
___________________________
(1)
شرح نهج
البلاغة 2: 394 .
________________________________________________
123
الهمم
1) ، ولا يناله
غوص الفطن ،
وتعالى الله الذي
ليس له وقت
معدود ، ولا
أجل
ممدود ، ولا
نعت محدود 2) ،
وسبحان الذي
ليس له أول
مبتدأ ، ولا
غاية
منتهى ، ولا
آخر يفنى ،
سبحانه ، هو
كما وصف نفسه 3)
، والواصفون
لا
يبلغون
نعته ، حد
الأشياء كلها
4) عند خلقه إياها
إبانة لها من
شبهه وإبانة
له
من
شبهها ، فلم
يحلل فيها
فيقال: هو
فيها كائن ولم
ينأ عنها
فيقال: هو
منها
بائن
، ولم يخل
منها فيقال
له: أين 5) ، لكنه
سبحانه أحاط
بها علمه ،
وأتقنها
صنعه
، وأحصاها
حفظه ، لم
يعزب عنه
خفيات غيوب
الهوى ولا
غوامض
___________________________
(1)
شرح نهج
البلاغة لابن
أبي الحديد 7: 93 .
(2) في " س ":
بعيد .
________________________________________________
124 - 125
مكنون
ظلم الدجى ،
ولا ما في السماوات
العلى
والأرضين
السفلى ،
لكل
شئ منها حافظ
ورقيب 1) ، وكل
شئ منها بشئ
محيط
‹ صفحه 125 ›
___________________________
(1)
احياء علوم
الدين 4: 397 .
(1) احياء
علوم الدين
للغزالي 4: 398 - 399 .
________________________________________________
125
والمحيط
بما أحاط منها
الله الواحد
الأحد الصمد
الذي لم تغيره
صروف
الأزمان ولم
يتكاده صنع شئ
كان ، إنما قال
لما شاء أن
يكون
، كن فكان ،
ابتدع ما خلق
بلا مثال سبق
، ولا تعب ولا
نصب ،
وكل
صانع شئ فمن
شئ صنع ،
والله لا من
شئ صنع ما خلق
، وكل
عالم
فمن بعد جهل
تعلم ، والله
لم يجهل ولم
يتعلم ، أحاط
بالأشياء
علما
قبل
كونها فلم
يزدد بكونها
علما ، علمه
بها قبل أن
يكونها كعلمه
بعد
تكوينها
، لم يكونها
لشدة سلطان ،
ولا خوف من زوال
ولا نقصان ،
ولا
استعانة
على ضد مثاور 1)
، ولا ند
مكاثر 2) ، ولا
شريك مكائد
لكن خلائق
مربوبون
، وعباد
داخرون ،
فسبحان الذي
لا يؤوده خلق
ما ابتدأ ،
ولا تدبير
ما
برأ ، ولا من
عجز ولا من
فترة بما خلق
اكتفى 3) ، علم
ما خلق وخلق
ما
علم ، لا
بالتفكر ، ولا
بعلم حادث
أصاب ما خلق ،
ولا شبهة دخلت
عليه
___________________________
(1)
احياء علوم
الدين
للغزالي 4: 398 - 399 .
________________________________________________
126
فيما
لم يخلق ، لكن
قضاء مبرم ،
وعلم محكم ،
وأمر متقن ،
توحد
بالربوبية ،
وخص
نفسه
بالوحدانية ،
واستخلص
المجد والثناء
1) ، فتحمد
بالتمجيد 2) ،
وتحمد
بالتحميد ،
وعلا عن اتخاذ
الأبناء ، وتطهر
وتقدس عن
ملامسة
النساء
وعز وجل عن
مجاورة
الشركاء ،
فليس له فيما
خلق ضد ، ولا
فيما
ملك
ند ، ولم يشرك
في ملكه أحد
الواحد الأحد
الصمد المبيد
للأبد 3) ،
والوارث
للأمد 4) الذي
لم يزل ولا
يزال وحدانيا
أزليا قبل بدء
الدهور
وبعد
صرف الأمور 5) ،
الذي لا يبيد
ولا يفقد بذلك
أصف ربي ، فلا
إله إلا
الله
من عظيم ما
أعظمه ، وجليل
ما أجله ،
وعزيز ما أعزه
، وتعالى عما
يقول
الظالمون
علوا كبيرا .
___________________________
(1)
أصول الكافي 1: 136
، وفيه: وتوحد
بالتحميد ،
وتمجد
بالتمجيد .
(2) الغارات 1: 171 -
176 .
________________________________________________
127
وحدثنا
بهذه الخطبة
أحمد بن محمد
بن الصقر الصائغ
، قال: حدثنا
محمد
بن العباس بن
بسام ، قال:
حدثني أبو زيد
سعيد بن محمد
البصري ،
قال:
حدثتني عمرة
بنت أوس قالت:
حدثني جدي الحصين
بن عبد
الرحمن
، عن أبيه ، عن
أبي عبد الله
جعفر بن محمد
، عن أبيه ، عن
جده عليهم
السلام ، أن
أمير
المؤمنين عليه
السلام خطب
بهذه الخطبة
لما استنهض
الناس
في
حرب معاوية في
المرة
الثانية .
4 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، وسعد
بن عبد الله
جميعا ، عن
أحمد بن محمد
ابن
عيسى ،
والهيثم بن
أبي مسروق
النهدي ، ومحمد
بن الحسين بن
أبي
الخطاب
كلهم ، عن
الحسن بن
محبوب ، عن
عمرو بن أبي
المقدام ، عن
إسحاق
بن غالب ، عن
أبي عبد الله
، عن أبيه عليهما
السلام ، قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله في
الحمد
لله الذي كان
في أوليته
وحدانيا 1) ،
وفي أزليته
متعظما
بالإلهية
2) ، متكبرا
بكبريائه
وجبروته
ابتدأ ما
ابتدع ، وأنشأ
ما خلق على
غير
مثال كان سبق
بشئ مما خلق ،
ربنا القديم 3)
بلطف ربوبيته
________________________________________________
128
وبعلم
خبره فتق
وبإحكام قدرته
خلق جميع ما
خلق ، وبنور
الاصباح
فلق
1) ، فلا مبدل
لخلقه ، ولا
مغير لصنعه ،
ولا معقب
لحكمه 2) ، ولا
راد
لامره
، ولا مستراح
عن دعوته 3) ولا
زوال لملكه ،
ولا انقطاع
لمدته ، وهو
الكينون
أولا
والديموم
أبدا 4) ،
المحتجب بنوره
دون خلقه في
الأفق
الطامح
5) ، والعز
الشامخ
والملك
الباذخ ، فوق
كل شئ علا ،
ومن كل
شئ
دنا ، فتجلى
لخلقه من غير
أن يكون يرى .
وهو بالمنظر
الاعلى 6) ،
فأحب
الاختصاص
بالتوحيد إذ
احتجب بنوره 7)
، وسما في
علوه ، واستتر
عن
خلقه ، وبعث
إليهم الرسل
لتكون له
الحجة البالغة
على خلقه
ويكون
رسله
إليهم شهداء
عليهم ،
وابتعث فيهم
النبيين
مبشرين ومنذرين
ليهلك من
___________________________
(1)
سورة الأنعام:
96 .
________________________________________________
129
هلك
عن بينة ويحيى
من حي عن بينة
، وليعقل العباد
عن ربهم ما
جهلوه 1)
فيعرفوه
بربوبيته بعد
ما أنكروا
ويوحدوه
بالإلهية بعد
ما عندوا 2) .
5 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا
محمد
بن يحيى
العطار ،
وأحمد بن
إدريس جميعا ،
قالا: حدثنا
محمد بن
أحمد
بن يحيى ، عن
بعض أصحابنا
رفعه ، قال:
جاء رجل إلى
الحسن بن
علي
عليهما
السلام فقال
له: يا ابن
رسول الله صف
لي ربك حتى
كأني أنظر إليه
،
فأطرق
الحسن بن علي
عليهما
السلام مليا ،
ثم رفع رأسه ،
فقال: الحمد
لله الذي لم
يكن
له أول معلوم 3)
ولا آخر متناه
، ولا قبل مدرك
، ولا بعد
محدود ، ولا
أمد
بحتى ولا شخص
فيتجزأ ، ولا
اختلاف صفة
فيتناهى فلا تدرك
العقول
وأوهامها
، ولا الفكر
وخطراتها ،
ولا الألباب
وأذهانها
صفته فتقول:
متى ؟
ولا
بدئ مما 4) ، ولا
ظاهر على ما ،
ولا باطن فيما
، ولا تارك
فهلا 5) ،
________________________________________________
130
خلق
الخلق فكان
بديئا بديعا ،
ابتدأ ما
ابتدع ، وابتدع
ما ابتدأ 1) ،
وفعل
ما
أراد ، وأراد
ما استزاد ،
ذلكم الله رب
العالمين .
6 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، عن
عباد بن
سليمان ، عن
سعد بن سعد ،
قال:
سألت
أبا الحسن
الرضا عليه
السلام عن
التوحيد ،
فقال: هو الذي
أنتم عليه 2) .
7 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ، عن
إبراهيم بن هاشم
،
ويعقوب
بن يزيد جميعا
، عن ابن فضال
، عن ابن بكير
، عن زرارة ،
عن أبي
________________________________________________
131
عبد
الله عليه
السلام ،
قال: سمعته
يقول في قوله
عز وجل: (وله
أسلم من في
السماوات
والأرض طوعا
وكرها) 1) قال: هو
توحيدهم لله
عز وجل .
8 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ،
قال: حدثنا
محمد بن
الحسين
، عن محمد بن
سنان ، عن
إسحاق بن
الحارث ، عن
أبي بصير ،
قال:
أخرج أبو عبد
الله عليه
السلام ، حقا
، فأخرج منه
ورقة ، فإذا
فيها: سبحان
___________________________
(1)
سورة الزخرف: 87 .
(2) سورة غافر:
85 .
(3) في المجمع:
التخفيف .
(4) سورة
الحجرات: 14 .
________________________________________________
132
الواحد
الذي لا إله
غيره ، القديم
المبدئ الذي
لا بدئ 1) له ،
الدائم الذي
لا
نفاد
له ، الحي
الذي لا يموت
، الخالق ما
يرى وما لا
يرى ، العالم
كل شئ
بغير
تعليم ، ذلك
الله الذي لا
شريك له .
9 - حدثنا
محمد بن
القاسم
المفسر رحمه
الله ، قال:
حدثنا يوسف بن
محمد
بن زياد ،
وعلي بن محمد
بن سيار ، عن
أبويهما ، عن
الحسن بن
علي
بن محمد بن
علي الرضا ،
عن أبيه ، عن
جده عليهم
السلام ،
قال: قام رجل
إلى
الرضا عليه
السلام فقال
له: يا ابن
رسول الله صف
لنا ربك فإن
من قبلنا قد
اختلفوا
علينا ، فقال
الرضا عليه
السلام: إنه
من يصف ربه
بالقياس لا
يزال
الدهر
في الالتباس ،
مائلا عن
المنهاج
ظاعنا في
الاعوجاج ،
ضالا عن
السبيل
، قائلا غير
الجميل ،
اعرفه بما عرف
به نفسه من
غير رؤية ،
وأصفه
بما
وصف به نفسه
من غير صورة ،
لا يدرك
بالحواس ، ولا
يقاس بالناس ،
معروف
بغير تشبيه ،
ومتدان في
بعده لا بنظير
، لا يمثل
بخلقيته ، ولا
يجور
في
قضيته ، الخلق
إلى ما علم
منقادون ،
وعلى ما سطر
في المكنون من
كتابه
ماضون
، ولا يعملون
خلاف ما علم
منهم ، ولا غيره
يريدون 2) ، فهو
قريب
___________________________
(1)
مجمع البيان 1: 469
- 470 .
________________________________________________
133
غير
ملتزق وبعيد
غير متقص 1) ،
يحقق ولا يمثل
، ويوحد ولا
يبعض ،
يعرف
بالآيات ،
ويثبت
بالعلامات ،
فلا إله غيره
الكبير
المتعال .
10 - ثم قال عليه
السلام: بعد
كلام آخر تكلم
به: حدثني أبي
، عن أبيه ، عن
جده
، عن أبيه عليهم
السلام ، عن
رسول الله صلى الله
عليه وآله ،
أنه قال: ما
عرف ا لله من
شبهه
بخلقه
، ولا وصفه
بالعدل من نسب
إليه ذنوب عباده
. والحديث
طويل ،
أخذنا
منه موضع
الحاجة ، وقد
أخرجته
بتمامه في
تفسير القرآن
.
11 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل
رضي الله عنه ،
عن محمد بن
يحيى
العطار
، عن محمد بن
أحمد ، عن عبد
الله بن محمد
، عن علي بن
مهزيار ،
قال:
كتب أبو جعفر عليه
السلام إلى
رجل بخطه
وقرأته في
دعاء كتب به
أن
يقول:
(يا ذا الذي
كان قبل كل شئ
، ثم خلق كل شئ
، ثم يبقى
ويفنى
كل
شئ ، ويا ذا
الذي ليس في
السماوات
العلى ولا في
الأرضين
السفلى
ولا
فوقهن ولا
بينهن ولا
تحتهن إله
يعبد غيره) .
12 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
، عن عمه محمد
بن أبي
القاسم
، عن أحمد بن
أبي عبد الله
البرقي ، عن محمد
بن عيسى
اليقطيني ،
عن
سليمان بن
راشد ، عن
أبيه ، عن
المفضل بن عمر
، قال: سمعت
أبا
عبد
الله عليه
السلام يقول:
الحمد لله
الذي لم يلد
فيورث ، ولم
يولد فيشارك .
________________________________________________
134
13 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي قال:
حدثنا محمد بن
إسماعيل
البرمكي
، قال: حدثني
علي بن العباس
، قال: حدثني
إسماعيل بن
مهران
الكوفي
، عن إسماعيل
بن إسحاق
الجهني ، عن
فرج بن فروة ،
عن مسعدة
بن
صدقة ، قال:
سمعت أبا عبد
الله عليه
السلام يقول:
بينا أمير
المؤمنين عليه
السلام
يخطب
على المنبر
بالكوفة إذ
قام إليه رجل
فقال: يا أمير
المؤمنين صف
لنا
ربك
تبارك وتعالى
لنزداد له حبا
وبه معرفة ،
فغضب أمير
المؤمنين عليه
السلام ،
ونادى
الصلاة جامعة
1) فاجتمع
الناس حتى غص
المسجد بأهله
، ثم قام
___________________________
(1)
نهج البلاغة ص
124 رقم الخطبة ،
وفيه: صف لنا
ربنا مثلما
نراه عيانا
لنزداد له حبا
وبه
معرفة
.
(2) في " ن ": أنه
.
(3) في " ن ":
كمال .
________________________________________________
135
متغير
اللون فقال:
الحمد
لله الذي لا
يفره المنع ،
ولا يكديه الاعطاء
1) إذ كل معط
منتقص
سواه
2) ، الملئ 3)
بفوائد النعم
وعوائد 4)
المزيد ،
وبجوده ضمن
عيالة
الخلق
5) ، فأنهج سبيل
الطلب للراغبين
إليه ، فليس
بما 6) سئل أجود
منه
___________________________
(1)
سورة البقرة: 55 .
________________________________________________
136
بما
لم يسأل ، وما
اختلف عليه
زمان 1) فيختلف
منه الحال ،
ولو وهب
ما
تنفست عنه
معادن الجبال
وضحكت عنه
أصداف البحار
من فلز
اللجين
2) وسبائك
العقيان 3)
ونضائد
المرجان 4) لبعض
عبيده ، لما
أثر ذلك
في
وجوده ولا
أنفذ سعة ما
عنده ، ولكان
عنده من ذخائر
الافضال مالا
ينفذه
مطالب السؤال
ولا يخطر
لكثرته على
بال ، لأنه
الجواد الذي
لا
تنقصه
المواهب ، ولا
يبخله إلحاح
الملحين 5) (وإنما
أمره إذا أراد
شيئا أن
يقول
له كن فيكون)
الذي عجزت
الملائكة على
قربهم من كرسي
كرامته
، وطول ولههم 6)
إليه ، وتعظيم
جلال عزه ،
وقربهم من غيب
ملكوته
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 172 ح 1 .
(2) سورة
الرحمن: 22 .
________________________________________________
137
أن
يعلموا من
أمره إلا ما
أعلمهم ، وهم
من ملكوت
القدس بحيث هم
1) من
معرفته
على ما فطرهم
عليه أن
قالوا: سبحانك
2) لا علم لنا
إلا ما علمتنا
إنك
أنت العليم
الحكيم .
فما
ظنك أيها
السائل بمن هو
هكذا ، سبحانه
وبحمده ، لم
يحدث فيمكن
فيه
التغير
والانتقال ،
ولم يتصرف في
ذاته بكرور الأحوال
ولم يختلف
___________________________
(1)
سورة ص: 4 .
(2) سورة
البقرة: 30 - 32 .
________________________________________________
138
عليه
حقب الليالي
والأيام 1)
الذي ابتدع
الخلق على غير
مثال امتثله
ولا
مقدار
احتذى عليه من
معبود كان
قبله تحط به
الصفات 2)
فيكون
___________________________
(1) في
المجمع: يسمى
بأنه حكيم .
(2) مجمع
البيان 1: 78 .
________________________________________________
139
بإدراكها
إياه بالحدود
متناهيا ، وما
زال - ليس
كمثله شئ 1) - عن
صفة
المخلوقين
متعاليا
وانحسرت
الابصار عن أن
تناله فيكون
بالعيان
موصوفا
بالذات التي
لا يعلمها إلا
هو عند خلقه
معروفا ، وفات
لعلوه
على
أعلى الأشياء
مواقع رجم
المتوهمين 2)
وارتفع عن أن
تحوي كنه
عظمته
فهاهة 3) رويات
المتفكرين ،
فليس له مثل فيكون
ما يخلق مشبها
به ،
وما زال عند
أهل المعرفة
به عن الأشباه
والأضداد
منزها ، كذب
العادلون
بالله 4) إذ
شبهوه بمثل
أصنافهم وحلوه
حلية
المخلوقين
بأوهامهم ،
وجزوه
بتقدير منتج
من خواطر
هممهم 5)
وقدروه على
الخلق
المختلفة
القوى
بقرائح
عقولهم 6) وكيف
يكون من لا
يقدر قدره 7)
مقدرا في
رويات
الأوهام
، وقد ضلت في
إدراك كنهه
هواجس الأحلام
8) لأنه أجل من
___________________________
(1)
نهاية ابن
الأثير 3: 191 .
(2) سورة الحج:
74 .
________________________________________________
140
أن
يحده ألباب
البشر
بالتفكير ، أو
يحيط به الملائكة
على قربهم من
ملكوت
عزته بتقدير ،
تعالى عن أن
يكون له كفو فيشبه
به لأنه
اللطيف الذي
إذا
أرادت
الأوهام أن
تقع عليه في
عميقات غيوب
ملكه 1) ،
وحاولت الفكر
المبرأة
من خطر
الوسواس 2)
إدراك علم
ذاته وتولهت
القلوب إليه
لتحوي
منه
مكيفا في
صفاته وغمضت
مداخل العقول
3) من حيث لا
تبلغه الصفات
لتنال
علم إلهيته
ردت خاسئة 4)
وهي تجوب
مهاوي سدف
الغيوب 5)
________________________________________________
141
متخلصة
إليه سبحانه ،
رجعت إذ جبهت 1)
معترفة بأنه
لا ينال
بجور
الاعتساف 2)
كنه معرفته
ولا يخطر ببال
3) اولي
الرويات
خاطرة 4)
من
تقدير جلال
عزته لبعده من
أن يكون في
قوى المحدودين
لأنه
خلاف
خلقه ، فلا
شبه له من
المخلوقين
وإنما يشبه
الشئ بعديله ،
فأما
مالا
عديل له فكيف
يشبه بغير
مثاله ، وهو
البدء الذي لم
يكن شئ
قبله
، والآخر الذي
ليس شئ بعده ،
لا تناله الابصار
في مجد جبروته
5) إذ
حجبها
بحجب لا تنفذ
في ثخن كثافته
6) ولا تخرق إلى ذي
العرش
___________________________
(1) في
" ن ": مطابقة .
________________________________________________
142
متانة
خصائص ستراته
1) الذي صدرت
الأمور عن مشيته
، وتصاغرت
عزة
المتجبرين
دون جلال
عظمته ، وخضعت
له الرقاب ،
وعنت الوجوه
من
مخافته وظهرت
في بدائع الذي
أحدثها آثار حكمته
وصار كل
شئ
خلق حجة له
ومنتسبا إليه
فإن كان خلقا
صامتا فحجته
بالتدبير
ناطقة فيه ،
فقدر ما خلق ،
فأحكم تقديره
، ووضع كل شئ
بلطف
تدبير موضعه ،
ووجهه بجهة 2)
فلم يبلغ منه شئ
حدود
________________________________________________
143
منزلته
1) ولم يقصر دون
الانتهاء إلى
مشيته ، ولم
يستصعب 2) إذ
أمره
___________________________
(1)
سورة البقرة: 148 .
(2) كنز
العمال 1: 110 برقم:
516 .
(3) في " س ":
زعمته .
(4) نهج
البلاغة ص 127 ،
رقم الخطبة: 91 .
________________________________________________
144
بالمضي
إلى إرادته ،
بلا معاناة
للغوب مسه 1) ولا
مكائدة 2)
لمخالف
له
على أمره فتم
خلقه ، وأذعن
لطاعته ،
ووافى الوقت
الذي أخرجه
إليه
إجابة 3) لم
يعترض دونها
ريث المبطئ 4)
ولا أناة
المتلكئ 5)
فأقام
من
الأشياء
أودها 6) ونهى
معالم حدودها
7) ، ولام
بقدرته بين
متضاداتها
ووصل أسباب
قرائنها 8)
وخالف بين ألوانها
، وفرقها
________________________________________________
145
أجناسا
1) مختلفات في
الاقدار
والغرائز
والهيئات ،
بدايا 2) خلائق
أحكم
صنعها
، وفطرها على
ما أراد إذ
ابتدعها ،
انتظم علمه
صنوف ذرئها 3) ،
وأدرك
تدبيره حسن
تقديرها .
________________________________________________
146
أيها
السائل إعلم
أن من شبه
ربنا الجليل
بتباين أعضاء
خلقه وبتلاحم
أحقاق
مفاصلهم 1)
المحتجبة
بتدبير حكمته
أنه لم يعقد
غيب ضميره على
معرفته
ولم يشاهد
قلبه اليقين
بأنه لا ند له
، وكأنه لم
يسمع بتبري
التابعين
من
المتبوعين
وهم يقولون:
(تالله إن كنا
لفي ضلال مبين
إذ نسويكم
برب
العالمين) فمن
ساوى ربنا بشئ
فقد عدل به ، والعادل
به كافر بما
نزلت
به محكمات
آياته ، ونطقت
به شواهد حجج
بيناته ، لأنه
الله الذي لم
يتناه
في العقول 2)
فيكون في مهب
فكرها مكيفا ،
وفي حواصل
رويات
________________________________________________
147
همم
النفوس
محدودا مصرفا
1) المنشئ
أصناف الأشياء
بلا روية
احتاج
إليها
، ولا قريحة
غريزة أضمر
عليها ، ولا
تجربة أفادها
من مر حوادث
الدهور
ولا شريك
أعانه على
ابتداع عجائب
الأمور ، الذي
لما شبهه
العادلون
بالخلق
المبعض
المحدود في
صفاته ، ذي
الأقطار
والنواحي
المختلفة
في طبقاته ،
وكان عز وجل
الموجود بنفسه
لا بأداته ،
انتفى أن
يكون
قدروه حق قدره
فقال تنزيها
لنفسه عن مشاركة
الأنداد
وارتفاعا
عن
قياس
المقدرين له
بالحدود من
كفرة العباد: (وما
قدروا الله حق
قدره)
2) والأرض
جميعا قبضته
يوم القيمة
والسماوات
مطويات
بيمينه
___________________________
(1) في
المجمع:
مصونات .
(2) مجمع
البيان 4: 508 .
________________________________________________
148
سبحانه
وتعالى عما
يشركون (1) فما
دلك القرآن عليه
من صفته 1)
فاتبعه
ليوصل
بينك وبين
معرفته وأتم
به واستضئ
بنور هدايته ،
فإنها نعمة
وحكمة
أوتيتهما فخذ
ما أوتيت وكن
من الشاكرين ،
وما دلك
الشيطان
عليه
مما ليس في
القرآن عليك
فرضه ولا في
سنة الرسول
وأئمة الهدى
أثره
فكل علمه إلى
الله عز وجل ،
فإن ذلك منتهى
حق الله عليك .
___________________________
(1)
الزمر: 67 .
(2) في " س ":
يقصد .
________________________________________________
149 - 150
واعلم
أن الراسخين
في العلم 1) هم
الذين أغناهم
الله عن
الاقتحام في
السدد
2) المضروبة
دون الغيوب
فلزموا
الاقرار
بجملة ما
جهلوا تفسيره
من
الغيب
المحجوب
فقالوا: (آمنا
به كل من عند
ربنا) فمدح
الله عز وجل
اعترافهم
بالعجز عن
تناول ما لم
يحيطوا به علما
، وسمى تركهم
التعمق في
ما
لم يكلفهم
البحث عنه
منهم رسوخا ،
فاقتصر على
ذلك ، ولا تقدر
عظمة
الله
[سبحانه] على
قدر عقلك
فتكون من
الهالكين .
14 - حدثنا علي
بن أحمد 3) بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا محمد بن
إسماعيل
___________________________
(1)
بحار الأنوار
3: 267 .
(2) أصول
الكافي 1: 139 - 140 ح 5 .
________________________________________________
151
البرمكي
، قال: حدثني
علي بن العباس
، قال: حدثني
جعفر بن محمد
الأشعري
، عن فتح بن
يزيد
الجرجاني ،
قال: كتبت إلى
أبي الحسن
الرضا
عليه
السلام
أسأله عن شئ
من التوحيد
فكتب إلي بخطه
- قال جعفر:
وإن
فتحا أخرج إلي
الكتاب
فقرأته بخط
أبي الحسن عليه
السلام:
بسم
الله الرحمن
الرحيم الحمد
لله الملهم عباده
الحمد ،
وفاطرهم على
معرفة
ربوبيته ،
الدال على
وجوده بخلقه ،
وبحدوث خلقه
على أزله ،
وبأشباههم
على أن لا شبه
له ، المستشهد
آياته على
قدرته ،
الممتنع من
الصفات
ذاته ومن
الابصار
رؤيته ، ومن
الأوهام
الإحاطة به ،
لا أمد
لكونه
1) ، ولا غاية
لبقائه ، لا
يشمله
المشاعر ولا
يحجبه الحجاب
،
فالحجاب
بينه وبين
خلقه ،
لامتناعه مما
يمكن في
ذواتهم 2) ولا
مكان
________________________________________________
152 - 153
ذواتهم
مما يمتنع منه
ذاته ،
ولافتراق
الصانع والمصنوع
والرب
والمربوب ،
والحاد
والمحدود ،
أحد لا بتأويل
عدد 1) ، الخالق
لا بمعنى حركة
السميع
___________________________
(1)
شرح نهج
البلاغة 2: 331 - 334
لابن ميثم
البحراني .
________________________________________________
154
لا
بأداة ،
البصير لا
بتفريق آلة 1) ،
الشاهد لا بمماسة
2) ، البائن لا
ببراح
مسافة
3) الباطن لا
باجتنان 4) ،
الظاهر لا
بمحاذ ، الذي
قد حسرت دون
كنهه
نواقد
الابصار وقمع
وجوده جوائل
الأوهام 5) .
أول
الديانة
معرفته 6) ،
وكمال
المعرفة
___________________________
(1)
نهج البلاغة ص
212 ، رقم الخطبة:
152 .
________________________________________________
155
توحيده
1) ، وكمال
التوحيد نفي
الصفات عنه 2) ،
لشهادة كل صفة
أنها
غير
الموصوف ،
وشهادة
الموصوف أنه
غير الصفة ،
وشهادتهما
جميعا
على
أنفسهما
بالبينة
الممتنع منها
الأزل 3) فمن
وصف الله فقد
حده ومن
حده
فقد عده ، ومن
عده فقد أبطل
أزله 4) ، ومن
قال: كيف
___________________________
(1)
أصول الكافي 1: 140
ح 6 .
________________________________________________
156
فقد
استوصفه 1) ،
ومن قال: على م
فقد حمله ،
ومن قال: أين
فقد أخلى
منه
2) ، ومن قال: إلى
م فقد وقته ،
عالم إذ لا
معلوم 3) ،
وخالق إذ لا
مخلوق
، ورب إذ لا
مربوب ، وإله
إذ لا مألوه
وكذلك يوصف
ربنا ، وهو
فوق
ما يصفه
الواصفون .
15 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا محمد بن
إسماعيل
البرمكي
، قال: حدثنا
علي بن العباس
، قال: حدثنا
الحسن بن
محبوب ،
عن
حماد بن عمرو
النصيبي ،
قال: سألت
جعفر بن محمد
عليهما
السلام عن
التوحيد
، فقال: واحد ،
صمد ، أزلي ،
صمدي لا ظل له
يمسكه ، وهو
يمسك
الأشياء
بأظلتها 4)
عارف
بالمجهول ،
معروف عند كل
جاهل ،
________________________________________________
157 - 160
فرداني
1) لا خلقه فيه
ولا هو في
خلقه 2) ، غير
محسوس ولا
مجسوس
___________________________
(1)
سورة الفرقان:
45 .
________________________________________________
161 - 164
ولا
تدركه
الأبصار ، علا
فقرب ، ودنا
فبعد ، وعصى
فغفر ، وأطيع
فشكر ، لا
تحويه
أرضه ، ولا
تقله سماواته
، وإنه حامل
الأشياء
بقدرته ،
ديمومي ، أزلي
،
لا
ينسى ، ولا
يلهو ولا يغلط
، ولا يلعب ،
ولا لإرادته
فصل 1) وفصله
جزاء ،
وأمره
واقع ، لم يلد
فيورث ، ولم
يولد فيشارك ،
ولم يكن له كفوا
أحد .
___________________________
(1)
نهج البلاغة ص
511 ، رقم الحديث:
250 .
________________________________________________
165
16 - وبهذا
الاسناد ، عن
علي بن العباس
، قال: حدثنا
يزيد بن عبد
الله
عن
الحسين بن
سعيد الخزار ،
عن رجاله ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام ،
قال: الله
غاية
من غياه ،
والمغيا غير
الغاية 1) ،
توحد بالربوبية
، ووصف نفسه
بغير
محدودية
، فالذاكر
الله غير الله
، والله غير أسمائه
وكل شئ وقع
عليه
___________________________
(1)
سورة أحج: 17 .
________________________________________________
166
اسم
شئ سواه فهو
مخلوق ألا ترى
إلى قوله:
(العزة لله 1) ،
العظمة لله) ،
وقال:
(ولله الأسماء
الحسنى
فادعوه بها) 2) (1)
وقال: (قل
ادعوا الله أو
___________________________
(1)
الأعراف: 180 .
________________________________________________
167
ادعوا
الرحمن 1) أيا
ما تدعوا فله
الأسماء الحسنى)
(1) فالأسماء
مضافة
إليه
، وهو التوحيد
الخالص .
17 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي أبو
الحسين ، قال:
حدثني موسى بن
عمران
، عن الحسين
بن يزيد ، عن
إبراهيم بن الحكم
بن ظهير ، عن
عبد الله
ابن
جرير العبدي ،
عن جعفر بن
محمد عليهما
السلام أنه
كان يقول:
الحمد لله
الذي
___________________________
(1)
الاسراء: 110 .
(2) مجمع
البيان 2: 502 - 503 .
________________________________________________
168
لا
يحس ، ولا يجس 1)
، ولا يمس لا
يدرك بالحواس
الخمس ، ولا
يقع
عليه
الوهم ، ولا
تصفه الألسن ،
فكل شئ حسته الحواس
أو جسته
الجواس
أو لمسته
الأيدي فهو
مخلوق ، والله
هو العلي حيث
ما يبتغى
يوجد
، والحمد لله
الذي كان قبل
أن يكون كان 2) لا
يوجد لوصفه
كان 3)
بل
كان أولا
كائنا لم
يكونه مكون ،
جل ثناؤه ، بل
كون الأشياء
قبل
كونها
4) فكانت كما
كونها ، علم
ما كان وما هو
كائن ، كان إذ
لم يكن شئ
ولم
ينطق فيه ناطق
فكان إذ لا
كان .
18 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا محمد بن
إسماعيل
البرمكي
، قال: حدثنا
الحسين بن
الحسن بن بردة
، قال: حدثني
العباس
ابن
عمرو الفقيمي
، عن أبي
القاسم
إبراهيم بن محمد
العلوي ، عن
الفتح بن
___________________________
(1)
مجمع البيان 3: 446
.
(2) نهاية ابن
الأثير 1: 272 .
________________________________________________
169
يزيد
الجرجاني ،
قال: لقيته عليه
السلام على
الطريق 1) عند
منصرفي من مكة
إلى
خراسان
وهو سائر إلى
العراق
فسمعته يقول:
من اتقى الله
يتقى ، ومن
أطاع
الله يطاع .
فتلطفت
في الوصول
إليه فوصلت
فسلمت فرد علي
السلام ثم
قال:
يا
فتح من أرضى
الخالق لم
يبال بسخط
المخلوق ، ومن
أسخط الخالق
فقمن
2) أن يسلط عليه
سخط المخلوق ،
وإن الخالق لا
يوصف إلا بما
وصف
به نفسه ،
وأنى يوصف
الذي تعجز
الحواس أن تدركه
، والأوهام أن
تناله
، والخطرات أن
تحده ،
والابصار عن الإحاطة
به ؟ جل عما
وصفه
الواصفون
، وتعالى عما
ينعته
الناعتون ،
نأى في قربه ،
وقرب في نأيه 3)
،
فهو
في بعده قريب
، وفي قربه
بعيد ، كيف
الكيف 4) فلا
يقال له: كيف
وأين
الأين
فلا يقال له:
أين ، إذ هو
مبدع
الكيفوفية
والأينونية
يا فتح كل جسم
مغذي
بغذاء إلا
الخالق
الرزاق ، فإنه
جسم الأجسام ،
وهو ليس بجسم
ولا
صورة ، لم
يتجزأ ، ولم
يتناه ، ولم
يتزايد ، ولم
يتناقص ، مبرأ
من ذات
___________________________
(1)
أصول الكافي 1: 137
- 138 ح 3 .
________________________________________________
170
ما
ركب في ذات من
جسمه وهو
اللطيف
الخبير
السميع
البصير
الواحد
الأحد
الصمد ، لم
يلد ولم يولد
، ولم يكن له
كفوا أحد ،
منشئ الأشياء
ومجسم
الأجسام ،
ومصور الصور ،
لو كان كما
يقول المشبهة
لم يعرف
الخالق
من المخلوق 1) ،
ولا الرازق من
المرزوق ، ولا
المنشئ من
المنشأ
لكنه
المنشئ ، فرق
بين من جسمه
وصوره 2) وشيئه
وبينه إذ كان
لا يشبهه
شئ .
قلت:
فالله واحد
والانسان
واحد ، فليس
قد تشابهت
الوحدانية ؟
فقال:
أحلت
ثبتك الله
إنما التشبيه
في المعاني
فأما في
الأسماء فهي
واحدة وهي
دلالة
على المسمى
وذلك أن
الانسان وإن
قيل واحد فإنه
يخبر أنه جثة
واحدة
وليس باثنين ،
والانسان
نفسه ليس
بواحد ، لان
أعضاءه
مختلفة ،
وألوانه
مختلفة غير
واحدة ، وهو
أجزاء مجزأة ليس
سواء دمه غير
لحمه ،
ولحمه
غير دمه ،
وعصبه غير
عروقه ، وشعره
غير بشره .
وسواده غير
بياضه
، وكذلك سائر
جميع الخلق ،
فالانسان واحد
في الاسم ، لا
واحد في
المعنى
والله جل
جلاله واحد لا
واحد غيره ،
ولا اختلاف
فيه ، ولا
تفاوت ،
ولا
زيادة ، ولا
نقصان ، فأما
الانسان
المخلوق
المصنوع
المؤلف فمن
أجزاء
مختلفة
وجواهر شتى
غير أنه
بالاجتماع شئ
واحد .
________________________________________________
171
قلت:
فقولك: اللطيف
فسره لي ،
فإني أعلم أن
لطفه خلاف لطف
غيره
للفصل
، غير أني أحب
أن تشرح لي ،
فقال: يا فتح إنما
قلت: اللطيف
للخلق
اللطيف
ولعلمه بالشئ
اللطيف ، ألا
ترى إلى أثر
صنعه في
النبات
اللطيف
وغير
اللطيف ، وفي
الخلق اللطيف
من أجسام الحيوان
من الجرجس 1)
والبعوض
وما هو أصغر
منهما مما لا
يكاد تستبينه
العيون ، بل لا
يكاد
يستبان
لصغره الذكر
من الأنثى ،
والمولود من القديم
، فلما رأينا
صغر ذلك
في
لطفه
واهتدائه
للسفاد
والهرب من
الموت والجمع
لما يصلحه بما
في
لجج
البحار وما في
لحاء الأشجار
2) والمفاوز والقفار
وإفهام بعضها
عن بعض
منطقها
وما تفهم به
أولادها عنها
، ونقلها الغذاء
إليها ، ثم
تأليف
ألوانها حمرة
مع
صفرة وبياض مع
حمرة علمنا أن
خالق هذا الخلق
لطيف ، وأن كل
صانع
شئ
فمن شئ صنع
والله الخالق
اللطيف
الجليل خلق
وصنع لا من شئ .
قلت:
جعلت فداك
وغير الخالق
الجليل خالق ؟
قال: إن الله
تبارك
وتعالى
يقول: (تبارك
الله أحسن
الخالقين) 3) (1)
فقد أخبر أن
في عباده
___________________________
(1)
المؤمنون: 14 .
________________________________________________
172
خالقين
منهم عيسى بن
مريم ، خلق من
الطين كهيئة
الطير بإذن
الله فنفخ
فيه
فصار طائرا
بإذن الله ،
والسامري خلق
لهم عجلا جسدا
له خوار ، قلت:
إن
عيسى خلق من
الطين طيرا
دليلا على
نبوته ، والسامري
خلق عجلا
جسدا
لنقض نبوة
موسى عليه
السلام ،
وشاء الله أن
يكون ذلك كذلك
؟ إن هذا لهو
العجب
، فقال: ويحك
يا فتح إن لله
إرادتين ومشيتين
إرادة حتم
وإرادة عزم
ينهى
وهو يشاء ،
ويأمر وهو لا
يشاء ، أو ما
رأيت أنه نهى
آدم وزوجته عن
أن
يأكلا 1) من
الشجرة وهو
شاء ذلك ، ولو
لم يشأ لم
يأكلا ولو
أكلا لغلبت
___________________________
(1)
مجمع البيان 4: 101
.
________________________________________________
173
مشيتهما
مشية الله
وأمر إبراهيم
بذبح ابنه
إسماعيل
عليهما
السلام ، وشاء
أن لا
يذبحه
، ولو لم يشأ
أن لا يذبحه
لغلبت مشية إبراهيم
مشية الله عز
وجل .
قلت:
فرجت عني فرج
الله عنك ،
غير أنك قلت:
السميع
البصير ،
سميع
بالاذن وبصير
بالعين ؟
فقال: إنه
يسمع بما يبصر
، ويرى بما
يسمع ،
بصير
لا بعين مثل
عين
المخلوقين ،
وسميع لا بمثل
سمع السامعين
، لكن
لما
لم يخف عليه
خافية من أثر
الذرة
السوداء على
الصخرة
الصماء في
الليلة
الظلماء تحت
الثرى
والبحار قلنا:
بصير ، لا
بمثل عين
المخلوقين ،
ولما
لم يشتبه عليه
ضروب اللغات
ولم يشغله سمع
عن سمع قلنا:
سميع ،
لا
مثل سمع
السامعين .
___________________________
(1) هو
الأمير رفيع
الدين محمد بن
حيدر الحسني الطباطبائي
النائني ، شيخ
العلامة
المجلسي
والمحدث
الحرملي ،
وتلميذ الشيخ
البهائي
والمولى عبد
الله التستري
، توفي
عن
خمس وثمانين
سنة في سنة (1080)
وله قدس
سره حواشي
على كتاب أصول
الكافي ،
وينقل
المؤلف
عنه في مطاوي
كتابه هذا ،
والكتاب مخطوط
لم يطبع بعد .
________________________________________________
174
قلت:
جعلت فداك قد
بقيت مسألة ،
قال: هات لله
أبوك 1) . قلت:
يعلم
القديم
الشئ الذي لم
يكن أن لو كان
كيف كان يكون
؟ قال: ويحك إن
مسائلك
لصعبة ، أما
سمعت الله
يقول: (لو كان
فيهما آلهة
إلا الله
لفسدتا) 2) (1)
___________________________
(1)
الأنبياء .
(2) نهاية ابن
الأثير 1: 19 .
________________________________________________
175 - 176
وقوله:
(ولعلا بعضهم
على بعض) 1) (1)
وقال يحكي قول
أهل النار:
(أخرجنا 2)
نعمل صالحا 3)
غير الذي كنا
نعمل) (2) وقال: (ولو
ردوا لعادوا
لما
نهوا عنه) (3) فقد
علم الشئ الذي
لم يكن أن لو كان
كيف كان يكون
___________________________
(1)
المؤمنون: 91 .
(2) فاطر: 37 .
(3) الانعام: 28 .
(4) مجمع
البيان 4: 116 .
________________________________________________
177
فقمت
لاقبل يده
ورجله ، فأدنى
رأسه فقبلت
وجهه ورأسه ،
وخرجت
وبي
من السرور
والفرح ما
أعجز عن وصفه
لما تبينت من
الخير والحظ .
قال
مصنف هذا
الكتاب رضي
الله عنه: إن
الله تبارك
وتعالى نهى
آدم وزوجته
عن
أن يأكلا من
الشجرة ، وقد
علم أنهما
يأكلان منها ،
لكنه عز وجل
شاء
أن
لا يحول
بينهما وبين
الاكل منها
بالجبر والقدرة
كما منعهما من
الاكل
منها
بالنهي
والزجر ، فهذا
معنى مشيته
فيهما ، ولو
شاء عز وجل
منعهما من
الاكل
بالجبر ثم
أكلا منها
لكانت
مشيتهما قد
غلبت مشيته
كما قال
العالم
عليه
السلام ،
تعالى الله عن
العجز علوا
كبيرا .
19 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثني محمد بن
جعفر
البغدادي
، عن سهل بن
زياد ، عن أبي
الحسن علي بن
محمد عليهما
السلام ، أنه
قال:
(إلهي تاهت
أوهام
المتوهمين
وقصر طرف الطارفين
، وتلاشت
أوصاف
الواصفين ،
واضمحلت
أقاويل
المبطلين عن
الدرك لعجيب
شأنك ،
أو
الوقوع
بالبلوغ إلى
علوك فأنت في
المكان الذي
لا يتناهى ولم
تقع
عليك
عيون بإشارة
ولا عبارة
هيهات ثم هيهات
، يا أولي ، يا
وحداني ،
يا
فرداني شمخت
في العلو بعز
الكبر ،
وارتفعت من
وراء كل عورة
ونهاية
1) بجبروت
الفخر) .
________________________________________________
178
20 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثني
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، عن
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
عن
الحسين بن
الحسن ، قال:
حدثني أبو
سمينة ، عن
إسماعيل بن
أبان ،
عن
زيد بن جبير ،
عن جابر
الجعفي ، قال:
جاء رجل من
علماء أهل
الشام
إلى أبي جعفر عليه
السلام ،
فقال: جئت
أسألك عن
مسألة لم أجد
أحدا
يفسرها
لي ، وقد سألت
ثلاثة أصناف
من الناس ،
فقال كل صنف
غير ما
قال
الآخر ، فقال
أبو جعفر عليه
السلام: وما
ذلك ؟ فقال:
أسألك ، ما
أول ما خلق
الله
عز وجل من
خلقه ؟ فإن
بعض من سألته
قال: القدرة ،
وقال بعضهم:
العلم
، وقال بعضهم:
الروح ، فقال
أبو جعفر عليه
السلام: ما
قالوا شيئا ، أخبرك
أن
الله علا ذكره
كان ولا شئ
غيره ، وكان
عزيزا ولا عز
لأنه كان قبل
عزه
1) وذلك قوله:
(سبحان ربك رب
العزة عما
يصفون) (1) وكان
خالقا
ولا
مخلوق فأول شئ
خلقه من خلقه
الشئ الذي جميع
الأشياء منه ،
وهو
الماء 2) فقال
السائل: فالشئ
خلقه من شئ أو
من لا شئ ؟
___________________________
(1)
الصافات: 180 .
(2) أصول
الكافي 1: 21 ح 14 .
________________________________________________
179 - 180
فقال:
خلق الشئ لا
من شئ 1) كان
قبله ، ولو
خلق الشئ من
شئ إذا
لم
يكن له انقطاع
أبدا ، ولم
يزل الله إذا
ومعه شئ ولكن
كان الله ولا
شئ
معه
، فخلق الشئ
الذي جميع
الأشياء منه ،
وهو الماء .
21 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ،
قال: حدثنا
محمد بن
الحسين
بن أبي الخطاب
، عن محمد بن
إسماعيل بن
بزيع ، عن
إبراهيم بن
عبد
الحميد ، قال:
سمعت أبا
الحسن عليه
السلام يقول
في سجوده: (يامن
علا
___________________________
(1)
بحار الأنوار
57: 366 ح 3 .
________________________________________________
181
فلا
شئ فوقه ،
يامن دنا فلا
شئ دونه ،
اغفر لي ولأصحابي)
.
22 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا أحمد بن
إدريس ، عن
محمد بن أحمد
،
عن
سهل بن زياد ،
عن أحمد بن
بشر ، عن محمد
بن جمهور
العمي ، عن
محمد
بن الفضيل بن
يسار ، عن عبد
الله بن سنان ،
عن أبي عبد
الله عليه
السلام ،
قال:
قال في
الربوبية
العظمى
والإلهية
الكبرى: لا
يكون الشئ لا
من
شئ
إلا الله ،
ولا ينقل الشئ
من جوهريته
إلى جوهر آخر
إلا الله ،
ولا
ينقل
الشئ من
الوجود إلى
العدم إلا
الله .
23 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل
رضي الله عنه ،
قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم
بن هاشم ، قال:
حدثنا أبي ،
عن الريان بن
الصلت ، عن
علي بن
موسى
الرضا عليهما
السلام ، عن
أبيه ، عن
آبائه ، عن
أمير
المؤمنين عليهم
السلام ، قال:
قال
رسول الله صلى الله
عليه وآله:
قال الله جل
جلاله: ما آمن
بي من فسر
برأيه
كلامي
1) ، وما عرفني
من شبهني
بخلقي ، وما
على ديني من
استعمل
________________________________________________
182 - 184
. . . . . . .
___________________________
(1)
سورة البقرة: 43
و 83 و 110 وغيرها .
(2) سورة آل
عمران: 97 .
(3) سورة
الأنعام: 141 .
(4) سورة
المعارج: 24 .
(5) في
التبيان:
عنهما .
________________________________________________
185 - 189
القياس
في ديني 1) .
24 - حدثنا أبو
عبد الله
الحسين بن
محمد الأشناني
الرازي العدل
ببلخ ،
___________________________
(1)
مجمع البيان 1: 1 .
________________________________________________
190 - 191
قال:
حدثنا علي بن
مهرويه
القزويني ، عن
داود بن
سليمان
الفراء ، عن
علي
بن موسى الرضا
، عن أبيه ، عن
آبائه ، عن علي
عليهم
السلام ،
قال: قال
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله:
التوحيد نصف
الدين 1) ،
واستنزلوا
الرزق بالصدقة
.
25 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
علي بن
الحسين
السعد آبادي ،
قال: حدثنا
أحمد بن أبي عبد
الله البرقي ،
عن داود
ابن
القاسم ، قال:
سمعت علي بن
موسى الرضا
عليهما
السلام يقول:
من شبه الله
بخلقه
فهو مشرك ،
ومن وصفه
بالمكان فهو
كافر ، ومن
نسب إليه ما
نهى
عنه
فهو كاذب 2) ، ثم
تلا هذه
الآية: (إنما
يفتري الكذب
الذين لا
يؤمنون
بآيات
الله وأولئك
هم الكاذبون) (1) .
26 - حدثنا أبو
العباس محمد
بن إبراهيم بن
إسحاق الطالقاني
رضي الله عنه
،
قال:
حدثنا أبو
سعيد الحسن بن
علي العدوي ،
قال: حدثنا
الهيثم بن
عبد
الله الرماني
، قال: حدثنا
علي بن موسى
الرضا ، عن
أبيه موسى بن
___________________________
(1)
النحل: 105 .
________________________________________________
192
جعفر
، عن أبيه
جعفر بن محمد
، عن أبيه
محمد بن علي ، عن
أبيه علي بن
الحسين
، عن أبيه
الحسين بن علي
عليهم
السلام ،
قال: خطب أمير
المؤمنين عليه
السلام
الناس
في مسجد
الكوفة ،
فقال:
الحمد
لله الذي لا
من شئ كان ،
ولا من شئ كون
ما قد كان 1) ،
مستشهد
بحدوث
الأشياء على أزليته
2) وبما وسمها
به من العجز 3)
على
قدرته
، وبما اضطرها
إليه من
الفناء على
دوامه 4) ، لم
يخل منه مكان
فيدرك
بأينية 5) ، ولا
له شبح مثال
فيوصف بكيفية
6) ولم يغب عن
علمه
________________________________________________
193
شئ
فيعلم بحيثية
1) مبائن لجميع ما
أحدث في
الصفات ،
وممتنع عن
الادراك
بما ابتدع من
تصريف الذوات
2) وخارج بالكبرياء
والعظمة من
جميع
تصرف الحالات
، محرم على
بوارع ثاقبات
الفطن تحديده
3) وعلى
عوامق
ناقبات الفكر
تكييفه ، وعلى
غوائص سابحات
الفطر تصويره
لا
تحويه
الأماكن
لعظمته 4) ، ولا
تذرعه المقادير
لجلاله ، ولا
تقطعه
المقائيس
لكبريائه
5) ، ممتنع عن
الأوهام أن
تكتنهه 6) ، وعن
الافهام أن
تستعرفه 7) ،
___________________________
(1)
القاموس
المحيط 4: 292 .
________________________________________________
194
وعن
الأذهان أن
تمثله ، قد
يئست من استنباط
الإحاطة به
طوامح
العقول
1) ، ونضبت 2) عن
الإشارة إليه
بالاكتناه بحار
العلوم ،
ورجعت
بالصغر
3) عن السمو إلى
وصف قدرته
لطائف الخصوم
4) واحد من غير
عدد
5) ، ودائم لا من
أمد 6) ، وقائم
لا بعمد 7) ، ليس
بجنس فتعادله
الأجناس
، ولا بشبح
فتضارعه 8)
الأشباح ، ولا
كالأشياء
فتقع عليه
الصفات ،
قد
ضلت عليه
العقول في
أمواج تيار
إدراكه 9) ، وتحيرت
الأوهام عن
إحاطة
ذكر أزليته
وحصرت
الافهام عن
استشعار وصف
قدرته ، وغرقت
الأذهان
في لجج أفلاك
ملكوته 10)
مقتدر بالآلاء
11) وممتنع
بالكبرياء ،
________________________________________________
195
ومتملك
على الأشياء 1)
فلا دهر يخلقه
ولا وصف يحيط
به ، قد خضعت
له
ثوابت
الصعاب 2) في
محل تخوم
قرارها 3) ،
وأذعنت له
رواضن
الأسباب
4) في منتهى
شواهق
أقطارها
مستشهد بكلية
الأجناس 5) على
ربوبيته
وبعجزها على
قدرته ،
وبفطورها على
قدمته ، وبزوالها
على بقائه ،
فلا
لها محيص عن
إدراكه إياها
، ولا خروج من
إحاطته بها ،
ولا احتجاب
عن
إحصائه لها
ولا امتناع من
قدرته عليها ،
كفى بإتقان
الصنع لها آية
،
وبمركب
الطبع عليها
دلالة 6)
وبحدوث الفطر
7) عليها قدمة
وبإحكام
الصنعة
لها عبرة ،
فلا إليه حد
منسوب 8) ، ولا
له مثل مضروب
، ولا شئ
___________________________
(1) في
" س ": من حيث .
________________________________________________
196
عنه
محجوب . تعالى
عن ضرب
الأمثال
والصفات المخلوقة
علوا كبيرا .
وأشهد
أن لا إله إلا
الله إيمانا
بربوبيته ، وخلافا
على من أنكره
، وأشهد
أن
محمدا عبده
ورسوله المقر
في خير مستقر 1)
، المتناسخ 2)
من أكارم
الأصلاب
ومطهرات
الأرحام
المخرج من
أكرم المعادن
محتدا 3) ،
وأفضل
المنابت
منبتا 4) ، من
أمنع ذروة 5) ،
وأعز أرومة 6) ،
من الشجرة
التي صاغ
الله
منها أنبياءه
وانتجب منها
امناءه الطيبة
العود ،
المعتدلة
العمود ،
الباسقة 7)
الفروع
، الناضرة
الغصون ،
اليانعة 8)
الثمار الكريمة
الحشا ، في
كرم غرست ،
___________________________
(1)
سورة ق: 10 .
________________________________________________
197
وفي
حرم أنبتت ،
وفيه تشعبت ،
وأثمرت ، وعزت
، وامتنعت ،
فسمت به
وشمخت
حتى أكرمه
الله عز وجل
بالروح
الأمين والنور
المبين
والكتاب
المستبين
، وسخر له
البراق ،
وصافحته
الملائكة ،
وأرعب به
الأباليس 1) ،
وهدم
به الأصنام
والآلهة
المعبودة
دونه ، سنته
الرشد ،
وسيرته العدل
وحكمه
الحق ، صدع 2)
بما أمره ربه
، وبلغ ما
حمله ، حتى
أفصح
بالتوحيد
دعوته
3) وأظهر في
الخلق أن لا
إله إلا الله
وحده لا شريك
له ، حتى
خلصت
له الوحدانية
وصفت له
الربوبية ،
وأظهر الله
بالتوحيد
حجته ، وأعلى
بالاسلام
درجته ،
واختار الله
عز وجل لنبيه
ما عنده من
الروح
والدرجة
والوسيلة
، صلى الله
عليه عدد ما
صلى على
أنبيائه
المرسلين ،
وآله الطاهرين
.
27 - حدثنا
محمد بن محمد
بن عصام
الكليني رحمه
الله قال:
حدثنا
___________________________
(1)
كنز العمال 11: 441
برقم: 32072 .
________________________________________________
198
محمد
بن يعقوب
الكليني ،
قال: حدثنا
محمد بن علي
بن معن ، قال:
حدثنا
محمد بن علي
بن عاتكة ، عن
الحسين بن النضر
الفهري ، عن
عمرو
الأوزاعي
، عن عمرو بن
شمر ، عن جابر
بن يزيد الجعفي
، عن أبي جعفر
محمد
بن علي الباقر
، عن أبيه ، عن
جده عليهم
السلام ،
قال: قال أمير
المؤمنين عليه
السلام
في
خطبة خطبها
بعد موت النبي
صلى الله
عليه وآله
بسبعة أيام ،
وذلك حين فرغ
من
جمع
القرآن فقال:
الحمد
لله الذي أعجز
الأوهام أن
تنال إلا وجوده
1) ، وحجب
العقول
عن
أن تتخيل ذاته
في امتناعها 2)
من الشبه والشكل
، بل هو الذي
لم
يتفاوت
في ذاته ، ولم
يتبعض بتجزئة
العدد في
كماله 3) فارق
الأشياء على
________________________________________________
199
اختلاف
الأماكن 1) ،
وتمكن منها لا
على الممازجة
، وعلمها لا
بأداة - لا
يكون
العلم إلا بها
- وليس بينه
وبين معلومه علم
غيره 2) ، إن قيل
كان
فعلى
تأويل أزلية
الوجود ، وإن
قيل: لم يزل
فعلى تأويل
نفي العدم
فسبحانه
وتعالى عن قول
من عبد سواه
واتخذ إلها
غيره علوا
كبيرا .
نحمده
بالحمد الذي
ارتضاه لخلقه
، وأوجب قبوله
على نفسه ،
وأشهد
أن
لا إله إلا
الله وحده لا
شريك له ،
وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله ،
شهادتان
ترفعان القول
، وتضاعفان
العمل ، خف
ميزان ترفعان
منه ، وثقل
ميزان
توضعان فيه ،
وبهما الفوز
بالجنة والنجاة
من النار ،
والجواز على
الصراط
،
وبالشهادتين
يدخلون الجنة
، وبالصلاة
ينالون
الرحمة ،
فأكثروا
من
الصلاة على
نبيكم وآله ،
إن الله
وملائكته يصلون
على النبي يا
أيها
الذين
آمنوا صلوا
عليه وسلموا
تسليما 3) .
________________________________________________
200 - 203
أيها
الناس إنه لا
شرف أعلى من
الاسلام ، ولا
كرم أعز من
التقوى 1) ،
___________________________
(1) في
" ن ": جهة .
(2) سورة
النجم: 39 .
________________________________________________
204
ولا
معقل أحرز من
الورع 1) ، ولا
شفيع أنجح من
التوبة ، ولا
كنز أنفع من
العلم
، ولا عز أرفع
من الحلم ،
ولا حسب أبلغ
من الأدب ،
ولا نصب أوضع
___________________________
(1)
سورة الحجرات:
13 .
(2) سورة
الفتح: 26 .
(3) سورة
الحجرات: 3 .
(4) سورة الأعراف:
96 .
(5) سورة آل
عمران: 102 .
(6) بحار
الأنوار: 70: 285 .
________________________________________________
205
من
الغضب 1) ، ولا
جمال أزين من
العقل ، ولا
سوء أسوء من
الكذب 2) ،
ولا
حافظ أحفظ من
الصمت ، ولا
لباس أجمل من
العافية ، ولا
غائب
أقرب
من الموت .
أيها
الناس إنه من
مشى على وجه
الأرض فإنه
يصير إلى
بطنها ،
والليل
والنهار
مسرعان في هدم
الاعمار ، ولكل
ذي رمق قوت 3) ،
ولكل
حبة
آكل ، وأنتم
قوت الموت ،
وإن من عرف
الأيام لم
يغفل عن
الاستعداد ،
___________________________
(1)
عوالي اللآلي
1: 394 ح 40 و 3: 330 ح 214 .
(2) بحار
الأنوار 72: 263 نحو
هذا الحديث .
________________________________________________
206
لن
ينجو من الموت
غني بماله ولا
فقير لاقلاله .
أيها
الناس من خاف
ربه كف ظلمه ،
ومن لم يرع في كلامه
أظهر
هجره
1) ومن لم يعرف
الخير من الشر
فهو بمنزلة البهم
، ما أصغر
المصيبة
مع
عظم الفاقة
غدا ، هيهات
هيهات 2) ، وما
تناكرتم إلا
لما فيكم من
المعاصي
والذنوب ، فما
أقرب الراحة
من التعب 3) ،
والبؤس من
النعيم ، وما
شر
بشر بعده
الجنة ، وما
خير بخير بعده
النار ، وكل
نعيم دون
الجنة محقور ،
وكل
بلاء دون
النار عافية .
28 - حدثنا
تميم بن عبد
الله بن تميم
القرشي رضي الله
عنه ، قال:
حدثني
أبي
، عن حمدان بن
سليمان
النيسابوري ،
عن علي بن
محمد بن الجهم
،
قال:
حضرت مجلس
المأمون
وعنده علي بن
موسى الرضا
عليهما
السلام ، فقال
له
المأمون: يا
ابن رسول الله
أليس من قولك
ان الأنبياء
معصومون ،
قال:
بلى
، قال: فسأله
عن آيات من
القرآن ، فكان
فيما سأله أن
قال له:
___________________________
(1)
بحار الأنوار:
8: 346 ح 4 .
________________________________________________
207
فأخبرني
عن قول الله
عز وجل في
إبراهيم (فلما
جن عليه الليل
رأى
كوكبا
قال هذا ربي) 1)
فقال الرضا عليه
السلام: إن
إبراهيم عليه
السلام وقع
إلى ثلاثة
أصناف:
صنف يعبد
الزهرة ، وصنف
يعبد القمر ،
وصنف يعبد
الشمس ،
________________________________________________
208
وذلك
حين خرج من
السرب 1) الذي
أخفي فيه ،
فلما جن عليه
الليل
ورأي
الزهرة قال:
هذا ربي على
الانكار
والاستخبار ،
فلما أفل
الكوكب
___________________________
(1)
مجمع البيان 2: 323
- 325 .
(2) تفسير
القمي 1: 207 - 208 .
________________________________________________
209
قال:
(لا أحب
الآفلين) لان
الأفول من
صفات المحدث 1)
لا من صفات
___________________________
(1) في
" ن " و " س ":
الحق .
________________________________________________
211
القديم
، فلما رأى
القمر بازغا
قال: هذا ربي على
الانكار
والاستخبار ،
فلما
أفل قال: (لئن
لم يهدني ربي
لأكونن من القوم
الضالين) فلما
أصبح
ورأي الشمس
بازغة قال هذا
ربي هذا أكبر
من الزهرة
والقمر
على
الانكار
والاستخبار
لا على
الاخبار والاقرار
، فلما أفلت
قال
للأصناف
الثلاثة من
عبدة الزهرة
والقمر والشمس:
(يا قوم إني
برئ
مما
تشركون إني
وجهت وجهي
للذي فطر
السماوات والأرض
حنيفا 1)
وما
أنا من المشركين)
وإنما أراد
إبراهيم بما
قال أن يبين لهم
بطلان
دينهم
، ويثبت عندهم
أن العبادة لا
تحق لما كان
بصفة الزهرة
والقمر
والشمس
، وإنما تحق
العبادة
لخالقها
وخالق السماوات
والأرض ، وكان
ما
احتج
به على قومه
مما ألهمه
الله عز وجل
وآتاه كما قال
الله عز وجل: (
وتلك
حجتنا
آتيناها
إبراهيم على
قومه 2)) (1) فقال
المأمون: لله
درك
___________________________
(1)
الانعام: 83 .
والآيات قبل
هذه الآية .
(2) التفسير
الكبير للفخر
الرازي 13: 52 - 53 .
________________________________________________
212
يا
بن رسول الله .
والحديث طويل
أخذنا منه
موضع الحاجة ،
وقد أخرجته
بتمامه
في كتاب عيون
أخبار الرضا عليه
السلام .
29 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن يحيى
العطار ، عن
الحسين بن
الحسن بن أبان
، عن محمد بن
أرومة
، عن إبراهيم
بن الحكم بن
ظهير ، عن عبد
الله بن جرير
العبدي ، عن
أبي
عبد الله عليه
السلام ، أنه
كان يقول:
الحمد لله
الذي لا يحس ،
ولا يجس ، ولا
يمس
، ولا يدرك
بالحواس
الخمس ، ولا
يقع عليه الوهم
، ولا تصفه
الألسن
، وكل شئ حسته
الحواس أو
لمسته الأيدي فهو
مخلوق ، الحمد
لله
الذي كان إذ
لم يكن شئ
غيره ، وكون
الأشياء
فكانت كما
كونها
1) ، وعلم ما كان
وما هو كائن .
30 - حدثنا
أحمد بن زياد
بن جعفر
الهمداني رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
علي
بن إبراهيم بن
هاشم ، عن
أبيه ، عن
القاسم بن
يحيى ، عن جده
الحسن
بن
راشد ، عن
يعقوب بن جعفر
، قال: سمعت
أبا إبراهيم موسى
بن جعفر
عليهما
السلام وهو
يكلم راهبا من
النصارى ، فقال
له في بعض ما
ناظره: إن
الله
تبارك
وتعالى أجل
وأعظم من أن
يحد بيد أو
رجل أو حركة
أو سكون ،
أو
يوصف بطول أو
قصر ، أو
تبلغه
الأوهام ، أو
تحيط به صفة
العقول أنزل
مواعظه
ووعده ووعيده
، أمر بلا شفة
ولا لسان ،
ولكن كما شاء
أن يقول له
كن
فكان خبرا كما
أراد في اللوح
.
31 - حدثنا
أحمد بن هارون
الفامي رضي
الله عنه ، قال:
حدثنا محمد بن
عبد
الله بن جعفر
بن جامع
الحميري ، عن
أبيه ، عن
أحمد بن محمد
بن
________________________________________________
213
عيسى
، عن أبيه ، عن
محمد بن أبي
عمير ، عن غير
واحد ، عن أبي
عبد
الله عليه
السلام قال:
من شبه الله
بخلقه فهو
مشرك ، ومن
أنكر قدرته
فهو كافر .
32 - حدثنا أبي
، وعبد الواحد
بن محمد بن
عبدوس العطار
،
قالا:
حدثنا علي بن
محمد بن قتيبة
، عن الفضل بن
شاذان ، عن
محمد بن
أبي عمير
، قال: دخلت
على سيدي موسى
بن جعفر عليهما
السلام ، فقلت
له: يا بن
رسول
الله علمني
التوحيد ،
فقال: يا أبا
أحمد لا
تتجاوز في
التوحيد ما
ذكره
الله
تعالى 1) ذكره
في كتابه
فتهلك ، واعلم
أن الله تعالى
واحد ، أحد ،
صمد
، لم يلد
فيورث ، ولم
يولد فيشارك ،
ولم يتخذ
صاحبة ولا
ولدا ولا
شريكا
، وإنه الحي
الذي لا يموت
، والقادر الذي
لا يعجز ،
والقاهر الذي
لا
يغلب
، والحليم
الذي لا يعجل
، والدائم
الذي لا يبيد
، والباقي
الذي لا يفنى
،
والثابت
الذي لا يزول
، والغني الذي
لا يفتقر ،
والعزيز الذي
لا يذل ،
والعالم
الذي
لا يجهل ،
والعدل الذي
لا يجور ،
والجواد الذي
لا يبخل ،
وإنه لا
تقدره
العقول ، ولا
تقع عليه
الأوهام ، ولا
تحيط به
الأقطار ، ولا
يحويه
مكان
، ولا تدركه
الابصار وهو
يدرك الابصار
وهو اللطيف
الخبير ، وليس
كمثله
شئ وهو السميع
البصير ما
يكون من نجوى
ثلاثة إلا هو
رابعهم
2) ولا خمسة إلا
هو سادسهم ولا
أدنى من ذلك
ولا أكثر إلا
هو
معهم
أينما كانوا
وهو الأول
الذي لا شئ
قبله ، والآخر
الذي لا شئ
بعده
، وهو القديم
وما سواه
مخلوق محدث ،
تعالى عن صفات
المخلوقين
________________________________________________
214
علوا
كبيرا .
33 - حدثنا أبو
سعيد محمد بن
الفضل بن محمد
بن إسحاق
المذكر
المعروف
بأبي سعيد
المعلم
بنيسابور ،
قال: حدثنا
إبراهيم بن
محمد بن
سفيان
، قال: حدثنا
علي بن سلمة
الليفي ، قال:
حدثنا
إسماعيل بن
يحيى
ابن
عبد الله ، عن
عبد الله بن
طلحة بن هجيم
، قال: حدثنا
أبو سنان
الشيباني
سعيد بن سنان
، عن الضحاك ،
عن النزال بن
سبرة ، قال:
جاء
يهودي
إلى علي بن
أبي طالب عليه
السلام ،
فقال: يا أمير
المؤمنين متى
كان
ربنا
؟ قال: فقال له
علي عليه
السلام: إنما
يقال: متى كان
لشئ لم يكن
فكان
وربنا
تبارك وتعالى
هو كائن بلا
كينونة 1) كائن
، كان بلا كيف
يكون 2) ،
كان
لم يزل بلا لم
يزل 3) ، وبلا
كيف يكون ،
كان لم يزل
ليس له قبل ،
هو
________________________________________________
215
قبل
القبل 1) بلا
قبل وبلا غاية
2) ولا منتهى ،
غاية 3) ولا
غاية إليها ،
غاية
انقطعت
الغايات عنه ،
فهو غاية كل
غاية .
34 - أخبرني
أبو العباس
الفضل بن
الفضل بن
العباس
الكندي فيما
أجازه
لي بهمدان سنة
أربع وخمسين
وثلاثمائة ،
قال: حدثنا
محمد بن
سهل
يعني العطار
البغدادي
لفظا من كتابه
سنة خمس
وثلاثمائة ،
قال:
حدثنا
عبد الله بن
محمد البلوي
قال: حدثني
عمارة بن زيد
، قال: حدثني
عبد
الله بن العلا
قال: حدثني
صالح بن سبيع
، عن عمرو بن
محمد بن
صعصعة
بن صوحان قال:
حدثني أبي عن
أبي المعتمر
مسلم بن أوس ،
قال:
حضرت مجلس علي
عليه
السلام في
جامع الكوفة
فقام إليه رجل
مصفر
اللون
- كأنه من
متهودة اليمن
- فقال: يا أمير
المؤمنين صف
لنا خالقك
وانعته
لنا كأنا نراه
وننظر إليه ،
فسبح علي عليه
السلام ربه
وعظمه عز وجل
وقال:
الحمد
لله الذي هو
أول بلا بدئ
مما 4) ولا باطن
فيما ، ولا
يزال
________________________________________________
216
مهما
1) ولا ممازج مع
ما ، ولا خيال
وهما 2) ليس بشبح
فيرى ، ولا بجسم
فيتجزأ
، ولا بذي
غاية فيتناهى
، ولا بمحدث
فيبصر 3) ، ولا
بمستتر
فيكشف
، ولا بذي حجب
فيحوى 4) كان
ولا أماكن تحمله
أكنافها ، ولا
حملة
ترفعه بقوتها
، ولا كان بعد
أن لم يكن ، بل
حارت الأوهام
أن تكيف
المكيف
للأشياء ومن
لم يزل بلا
مكان ، ولا
يزول باختلاف
الأزمان ، ولا
ينقلب
شأنا بعد شأن
، البعيد من
حدس القلوب المتعالي
عن الأشياء
والضروب
5) ، الوتر ،
علام الغيوب ،
فمعاني الخلق
عنه منفية ،
وسرائرهم
عليه
غير خفية ،
المعروف بغير
كيفية ، لا
يدرك بالحواس
، ولا يقاس
بالناس ،
ولا
تدركه
الابصار ، ولا
تحيط به
الأفكار ، ولا
تقدره العقول
، ولا تقع
عليه
الأوهام
، فكل ما قدره
عقل أو عرف له
مثل فهو محدود
، وكيف يوصف
بالأشباح
، وينعت
بالألسن
الفصاح ؟ من
لم يحلل في
الأشياء
فيقال هو
فيها
كائن ، ولم
ينأ عنها
فيقال هو عنها
بائن ، ولم
يخل منها
فيقال أين ،
ولم
يقرب
منها
بالالتزاق ،
ولم يبعد عنها
بالافتراق ،
بل هو في
الأشياء بلا
كيفية ،
وهو
أقرب إلينا من
حبل الوريد ،
وأبعد من الشبهة
6) من كل بعيد لم
يخلق
________________________________________________
217
الأشياء
من أصول أزلية
1) ، ولا من
أوائل كانت قبله
بدية 2) بل خلق
ما
خلق ، وأتقن
خلقه ، وصور
ما صور ،
فأحسن صورته ،
فسبحان من
توحد
في
علوه ، فليس
لشئ منه
امتناع ، ولا
له بطاعة أحد
من خلقه
انتفاع ،
إجابته
للداعين
سريعة ،
والملائكة له
في السماوات
والأرض مطيعة
، كلم
موسى
تكليما بلا
جوارح وأدوات
ولا شفة ولا
لهوات سبحانه
وتعالى عن
الصفات
، فمن زعم أن
إله الخلق
محدود فقد جهل
الخالق المعبود
-
والخطبة
طويلة أخذنا
منها موضع
الحاجة - .
35 - حدثنا أبو
العباس محمد
بن إبراهيم بن
إسحاق الطالقاني
رضي الله عنه
،
قال:
حدثنا أبو
أحمد عبد
العزيز بن
يحيى الجلودي
البصري
بالبصرة ،
قال:
أخبرنا محمد
بن زكريا
الجوهري
الغلابي
البصري ، قال:
حدثنا
العباس
بن بكار الضبي
، قال: حدثنا
أبو بكر الهذلي
عن عكرمة ،
قال: بينما
ابن
عباس يحدث
الناس إذ قام
إليه نافع بن
الأزرق ،
فقال: يا بن
عباس
تفتي
في النملة
والقملة ، صف
لنا إلهك الذي
تعبده ، فأطرق
ابن عباس
إعظاما
لله عز وجل ،
وكان الحسين
بن علي عليهما
السلام جالسا
ناحية ، فقال:
إلي
يا
بن الأزرق ،
فقال: لست
إياك أسأل ،
فقال ابن العباس:
يا بن الأزرق
إنه
من
أهل بيت
النبوة ، وهم
ورثة العلم
فأقبل نافع بن
الأزرق نحو
الحسين ،
فقال
له الحسين: يا
نافع إن من
وضع دينه على
القياس 3) لم
________________________________________________
218
يزل
الدهر في
الارتماس ،
مائلا عن
المنهاج ، ظاعنا
في الاعوجاج
ضالا
عن
السبيل ،
قائلا غير
الجميل ، يا
بن الأزرق أصف
إلهي بما وصف
به نفسه
واعرفه
بما عرف به
نفسه ، لا
يدرك بالحواس
ولا يقاس
بالناس ، فهو
قريب
غير ملتصق ،
وبعيد غير
متقص ، يوحد ،
ولا يبعض ،
معروف
بالآيات
، موصوف
بالعلامات ،
لا إله إلا هو
الكبير
المتعال .
36 - حدثنا
أحمد بن هارون
الفامي رضي
الله عنه ، قال:
حدثنا محمد بن
عبد
الله بن جعفر
الحميري ، عن
أبيه ، عن
أحمد بن محمد
بن عيسى ، عن
محمد
بن خالد
البرقي ، عن
محمد بن أبي
عمير ، عن
المفضل بن عمر
، عن
أبي
عبد الله عليه
السلام ،
قال: من شبه
الله بخلقه
فهو مشرك ، إن
الله تبارك
وتعالى
لا
يشبه شيئا ولا
يشبهه شئ وكل
ما وقع في
الوهم فهو
بخلافه .
قال
مصنف هذا
الكتاب رحمه
الله: الدليل
على أن الله
سبحانه لا يشبه
شيئا
من
خلقه من جهة
من الجهات أنه
لا جهة لشئ من
أفعاله إلا
محدثة ، ولا
جهة
محدثة إلا وهي
تدل على حدوث
من هي له ، فلو كان
الله جل ثناؤه
يشبه
شيئا منها
لدلت على حدوث
من حيث دلت
على حدوث من
هي له
إذ
المتماثلان
في العقول
يقتضيان حكما
واحدا من حيث
تماثلا منها
وقد
قام
الدليل على أن
الله عز وجل
قديم ، ومحال
أن يكون قديما
من جهة
وحادثا
من أخرى ومن
الدليل على أن
الله تبارك وتعالى
قديم أنه لو
كان
حادثا
لوجب أن يكون
له محدث ، لان
الفعل لا يكون
إلا بفاعل ،
ولكان
القول
في محدثه
كالقول فيه ،
وفي هذا وجود
حادث قبل حادث
لا إلى
أول
، وهذا محال ،
فصح أنه لابد
من صانع قديم
، وإذا كان
ذلك كذلك
فالذي
يوجب قدم ذلك
الصانع ويدل
عليه يوجب قدم
صانعنا ويدل
عليه .
37 - حدثنا علي
بن أحمد بن
عمران الدقاق رحمه الله
وعلي بن عبد
الله
________________________________________________
219
الوراق
، قالا: حدثنا
محمد بن هارون
الصوفي ، قال:
حدثنا أبو
تراب
عبيد الله بن
موسى
الروياني ، عن
عبد العظيم بن
عبد الله
الحسني ،
قال:
دخلت على سيدي
علي بن محمد
بن علي بن
موسى بن جعفر
بن
محمد
بن علي بن
الحسين بن علي
بن أبي طالب عليهم
السلام فلما
بصر بي قال
لي:
مرحبا بك يا
أبا القاسم
أنت ولينا حقا
، قال: فقلت له:
يا ابن رسول
الله
إني أريد أن
أعرض عليك
ديني ، فإن
كان مرضيا
أثبت عليه حتى
ألقى
الله
عز وجل: فقال:
هات يا أبا
القاسم ،
فقلت: إني
أقول: إن الله
تبارك
وتعالى
واحد ، ليس
كمثله شئ ،
خارج عن
الحدين حد
الابطال وحد
التشبيه
1) ، وإنه ليس
بجسم ولا صورة
ولا عرض ولا
جوهر ، بل هو
مجسم
الأجسام ،
ومصور الصور ،
وخالق
الاعراض والجواهر
، ورب كل
شئ ،
ومالكه
وجاعله
ومحدثه ، وإن
محمدا عبده ورسوله
خاتم النبيين
فلا
نبي بعده إلى
يوم القيامة
وأقول: إن
الامام
والخليفة
وولي الامر من
بعده
أمير
المؤمنين علي
بن أبي طالب
ثم الحسن ، ثم
الحسين ، ثم
علي بن
الحسين
، ثم محمد بن
علي ، ثم جعفر
بن محمد ، ثم موسى
بن جعفر ، ثم
علي
بن موسى ، ثم
محمد بن علي ،
ثم أنت يا
مولاي ، فقال عليه
السلام: ومن
بعدي
الحسن ابني ،
فكيف للناس
بالخلف من
بعده ، قال:
فقلت: وكيف
ذاك
يا مولاي ؟
قال: لأنه لا
يرى شخصه ولا
يحل ذكره 2)
باسمه
حتى
يخرج فيملأ
الأرض قسطا
وعدلا كما
ملئت جورا
وظلما ، قال:
فقلت:
أقررت ، وأقول
إن وليهم ولي
الله ، وعدوهم
عدو الله ،
وطاعتهم
طاعة
الله ،
ومعصيتهم
معصية الله ،
وأقول: إن المعراج
حق ، والمسألة
في
القبر
حق ، وإن
الجنة حق ،
وإن النار حق
، والصراط حق
، والميزان حق
،
وإن
الساعة آتية
لا ريب فيها ،
وإن الله يبعث
من في القبور
، وأقول:
________________________________________________
220
إن
الفرائض
الواجبة بعد
الولاية
الصلاة ، والزكاة
، والصوم ،
والحج ،
والجهاد
، والامر
بالمعروف
والنهي عن
المنكر ، فقال
علي بن محمد
عليهما
السلام:
يا
أبا القاسم
هذا والله دين
الله الذي
ارتضاه
لعباده ،
فاثبت عليه ،
ثبتك الله
___________________________
(1)
كمال الدين ص 483
، والغيبة
للشيخ الطوسي
ص 262 ، وإعلام
الورى ص 423 .
(2) أصول
الكافي 1: 333 ح 4 .
(3) أصول
الكافي 1: 332 - 333 ح 1 ،
وكمال الدين ص
648 .
(4) كشف الغمة 2:
519 - 520 .
(5) وقد كتب
العلماء
رسائل حول
حرمة التسمية
، منهم المعلم
الثالث
الأمير السيد
محمد - باقر الداماد
المتوفي سنة (1041)
، وقد طبع
الرسالة باسم
شرعية
التسمية حول
حرمة
تسمية
صاحب الامر
باسمه الأصلي
.
________________________________________________
221
بالقول
الثابت 1) في
الحياة
الدنيا وفي
الآخرة .
___________________________
(1)
سورة إبراهيم:
27 .
(2) في " ن ":
وقولهم .
(3) مجمع
البيان 3: 314 .
________________________________________________
222 - 224
3 - باب معنى
الواحد
والتوحيد
والموحد
1 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
محمد بن يحيى
العطار ، عن
أحمد
ابن
محمد بن عيسى
، عن أبي هاشم
الجعفري ،
قال: سألت أبا
جعفر
محمد
بن علي الثاني
عليهما السلام
ما معنى
الواحد ؟
فقال: المجتمع
عليه بجميع
الألسن
1) بالوحدانية .
________________________________________________
225
2 - حدثنا
محمد بن محمد
بن عصام
الكليني ،
وعلي بن أحمد
بن
محمد
بن عمران
الدقاق رضي
الله عنهما ،
قالا: حدثنا
محمد بن يعقوب
الكليني
، عن علي بن
محمد ، ومحمد
بن الحسن
جميعا ، عن
سهل بن
زياد
، عن أبي هاشم
الجعفري ،
قال: سألت أبا
جعفر الثاني عليه
السلام ما
معنى
الواحد
؟ قال: الذي
اجتماع
الألسن عليه
بالتوحيد كما
قال الله عز
وجل:
(ولئن
سئلتهم من خلق
السماوات
والأرض
ليقولن الله) (1) .
3 - حدثنا
محمد بن
إبراهيم بن
إسحاق
الطالقاني
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
محمد
بن سعيد بن
يحيى البزوري
، قال: حدثنا
إبراهيم بن
الهيثم
البلدي ،
قال:
حدثنا أبي ،
عن المعافي بن
عمران ، عن
إسرائيل ، عن
المقدام بن
شريح
بن هانئ ، عن
أبيه ، قال: إن
أعرابيا قام يوم
الجمل إلى أمير
المؤمنين
عليه
السلام ،
فقال: يا أمير
المؤمنين
أتقول: إن
الله واحد ؟
قال: فحمل
الناس
عليه ، قالوا:
يا أعرابي أما
ترى ما فيه أمير
المؤمنين من
تقسم
القلب
، فقال أمير
المؤمنين عليه
السلام: دعوه
، فإن الذي
يريده
الاعرابي هو
الذي
نريده
من القوم ، ثم
قال: يا
أعرابي إن
القول في أن
الله واحد على
أربعة
أقسام:
فوجهان منها
لا يجوزان على
الله عز وجل ،
ووجهان
يثبتان فيه ،
فأما
اللذان لا
يجوزان عليه ،
فقول القائل:
واحد يقصد به
باب الاعداد ،
فهذا
مالا يجوز ،
لان مالا ثاني
له لا يدخل في باب
الاعداد ، أما
ترى أنه
كفر
من قال: ثالث
ثلاثة . وقول
القائل: هو
واحد من الناس
، يريد
___________________________
(1)
العنكبوت: 61 ،
لقمان: 25 ،
والزمر: 38 ،
والزخرف: 9 .
________________________________________________
226
به
النوع من
الجنس 1) ، فهذا
مالا يجوز
عليه لأنه
تشبيه ، وجل
ربنا عن
ذلك
وتعالى . وأما
الوجهان
اللذان
يثبتان فيه 2)
فقول القائل:
هو واحد ليس
له
في الأشياء
شبه ، كذلك
ربنا ، وقول
القائل: إنه
عز وجل أحدي
المعنى ،
يعني
به أنه لا
ينقسم في وجود
، ولا عقل ولا
وهم كذلك ربنا
عز وجل .
قال
مصنف هذا
الكتاب: سمعت
من أثق بدينه
ومعرفته
باللغة
والكلام
يقول:
إن قول
القائل: واحدا
واثنين
وثلاثة إلى
آخره إنما وضع
في أصل
اللغة
للإبانة عن
كمية ما يقال
عليه ، لا لان مسمى
يتسمى به
بعينه ، أو
لان
له
معنى سوى ما
يتعلمه
الانسان
بمعرفة الحساب
ويدور عليه
عقد الأصابع
عند
ضبط الآحاد
والعشرات
والمئات
والألوف ،
وكذلك متى
أراد مريد أن
يخبر
غيره عن كمية
شئ بعينه سماه
باسمه الأخص ثم
قرن لفظ
الواحد
به
وعلقه عليه
يدل به على
كميته لا على
ما عدا ذلك من
أوصافه ، ومن
أجله
يقول القائل ،
درهم واحد ،
وإنما يعني به
أنه درهم فقط
، وقد يكون
الدرهم
درهما بالوزن
، ودرهما
بالضرب ، فإذا
أراد المخبر
أن يخبر عن
________________________________________________
227
وزنه
قال: درهم
واحد بالوزن ،
وإذا أراد أن
يخبر عن عدده
وضربه قال:
درهم
واحد بالعدد
ودرهم واحد
بالضرب ، وعلى
هذا الأصل
يقول القائل:
هو
رجل واحد ،
وقد يكون
الرجل واحدا
بمعنى أنه
إنسان وليس
بإنسانين
، ورجل وليس
برجلين ، وشخص
وليس بشخصين ،
ويكون
واحدا
في الفضل
واحدا في
العلم واحدا
في السخاء
واحدا في
الشجاعة ،
فإذا
أراد القائل
أن يخبر عن
كميته قال: هو
رجل واحد ،
فدل ذلك من
قوله
على أنه رجل
وليس هو
برجلين ، وإذا
أراد أن يخبر
عن فضله قال:
هذا
واحد عصره ،
فدل ذلك على
أنه لا ثاني
له في الفضل ،
وإذا أراد أن
يدل
على علمه قال:
إنه واحد في
علمه ، فلو دل
قوله: واحد
بمجرده على
الفضل
والعلم كما دل
بمجرده على
الكمية لكان كل
من أطلق عليه
لفظ
واحد
أراد فاضلا لا
ثاني له في
فضله وعالما لا
ثاني له في
علمه وجوادا
لا
ثاني له في
جوده ، فلما
لم يكن كذلك
صح أنه بمجرده
لا يدل إلا
على
كمية
الشئ دون غيره
وإلا لم يكن
لما أضيف إليه
من قول
القائل: واحد
عصره
ودهره معنى ،
ولا كان
لتقييده
بالعلم والشجاعة
معنى ، لأنه
كان يدل
بغير
تلك الزيادة
وبغير ذلك التقييد
على غاية
الفضل وغاية
العلم
والشجاعة
، فلما احتيج
معه إلى زيادة
لفظ واحتيج
إلى التقييد
بشئ صح
ما
قلناه ، فقد
تقرر أن لفظة
القائل ، واحد
إذا قيل على
الشئ دل
بمجرده
على
كميته في اسمه
الأخص ، ويدل
بما يقترن به على
فضل المقول
عليه
وعلى
كماله وعلى
توحده بفضله
وعلمه وجوده ،
وتبين أن
الدرهم
الواحد
قد
يكون درهما
واحدا بالوزن
، ودرهما
واحدا بالعدد
، ودرهما
واحدا
بالضرب
، وقد يكون
بالوزن
درهمين
وبالضرب درهما
واحدا ، وقد
يكون
________________________________________________
228
بالدوانيق
ستة دوانيق
وبالفلوس
ستين فلسا
ويكون
بالاجزاء
كثيرا ،
وكذلك
يكون العبد
عبدا واحدا
ولا يكون
عبدين بوجه ،
ويكون شخصا
واحدا
ولا يكون
شخصين بوجه ،
ويكون أجزاء
كثيرة
وأبعاضا
كثيرة ،
وكل
بعض من أبعاضه
يكون جواهر
كثيرة متحدة
اتحد بعضها
ببعض ،
وتركب
بعضها مع بعض
، ولا يكون
العبد واحدا
وإن كان كل
واحد منا في
نفسه
إنما هو عبد
واحد ، وإنما
لم يكن العبد
واحدا لأنه
مامن عبد إلا
وله
مثل
في الوجود أو
في المقدور ،
وإنما صح أن
يكون للعبد
مثل لأنه لم
يتوحد
بأوصافه التي
من أجلها صار
عبدا مملوكا ،
ووجب لذلك أن
يكون
الله
عز وجل متوحدا
بأوصافه
العلى وأسمائه
الحسنى ،
ليكون إلها
واحدا
ولا
يكون له مثل ،
ويكون واحدا
لا شريك له
ولا إله غيره
، فالله تبارك
وتعالى
واحد لا إله
إلا هو ،
وقديم واحد لا
قديم إلا هو ،
وموجود واحد
ليس
بحال ولا محل
ولا موجود
كذلك إلا هو ،
وشئ واحد لا
يجانسه
شئ ،
ولا يشاكله شئ
، ولا يشبهه
شئ ، ولا شئ
كذلك إلا هو ،
فهو
كذلك
موجود غير
منقسم في
الوجود ولا في
الوهم ، وشئ
لا يشبهه
شئ
بوجه ، وإله
لا إله غيره
بوجه ، وصار
قولنا: يا
واحد يا أحد
في
الشريعة
اسما خاصا له
دون غيره لا
يسمى به إلا
هو عز وجل ،
كما أن
قولنا:
الله اسم لا
يسمى به غيره .
وفصل
آخر في ذلك
وهو أن الشئ
قد يعد مع ما
جانسه وشاكله
وماثله
، يقال: هذا
رجل ، وهذان
رجلان وثلاثة رجال
، وهذا عبد ،
وهذا
سواد
، وهذان عبدان
، وهذان
سوادان ، ولا
يجوز على هذا
الأصل أن
يقال:
هذان
إلهان إذ لا
إله إلا إله
واحد ، فالله
لا يعد على
هذا الوجه ،
ولا يدخل
________________________________________________
229
في
العدد من هذا
الوجه بوجه ،
وقد يعد الشئ
مع مالا
يجانسه ولا
يشاكله ،
يقال:
هذا بياض ،
وهذان بياض
وسواد ، وهذا
محدث ، وهذان
محدثان ،
وهذان
ليسا بمحدثين
ولا بمخلوقين
، بل أحدهما
قديم والآخر
محدث
وأحدهما
رب والآخر
مربوب ، فعلى
هذا الوجه يصح
دخوله في
العدد ،
وعلى
هذا النحو قال
الله تبارك
وتعالى: (ما يكون
من نجوى ثلاثة
إلا هو
رابعهم
ولا خمسة إلا
هو سادسهم ولا
أدنى من ذلك
ولا أكثر إلا
هو معهم
أينما
كانوا - الآية) (1)
وكما أن
قولنا: إنما
هو رجل واحد
لا يدل على
فضله
بمجرده فكذلك
قولنا: فلان
ثاني فلان . لا يدل
بمجرده إلا
على كونه ،
وإنما
يدل على فضله
متى قيل: إنه
ثانيه في الفضل
أو في الكمال
أو العلم .
فأما
توحيد الله
تعالى ذكره
فهو توحيده
بصفاته العلى
، وأسمائه
الحسنى
كان كذلك إلها
واحدا لا شريك
له ولا شبيه ، والموحد
هو من أقر
به
على ما هو
عليه عز وجل
من أوصافه
العلى ، وأسمائه
الحسنى على
بصيرة
منه ومعرفة
وإيقان
وإخلاص ، وإذا
كان ذلك كذلك
فمن لم يعرف
الله
عز
وجل متوحدا
بأوصافه
العلى ،
وأسمائه الحسنى
ولم يقر
بتوحيده
بأوصافه
العلى فهو غير
موحد ، وربما
قال جاهل من الناس:
إن من وحد
الله
وأقر أنه واحد
فهو موحد وإن
لم يصفه بصفاته
التي توحد بها
لان من
وحد
الشئ فهو موحد
في أصل اللغة
، فيقال له: أنكرنا
ذلك لان من
زعم
أن
ربه إله واحد
وشئ واحد ، ثم
أثبت معه
موصوفا آخر
بصفاته التي
توحد
بها فهو عند
جميع الأمة
وسائر أهل
الملل ثنوي
غير موحد
ومشرك
مشبه
غير مسلم ،
وإن زعم أن
ربه إله واحد
وشئ واحد
وموجود واحد
___________________________
(1)
المجادلة: 7 .
________________________________________________
230
وإذا
كان كذلك وجب
أن يكون الله
تبارك وتعالى متوحدا
بصفاته التي
تفرد
بالإلهية من
أجلها وتوحد
بالوحدانية
لتوحده بها
ليستحيل أن
يكون
إله
آخر ، ويكون
الله واحدا
والإله واحدا
لا شريك له
ولا شبيه لأنه
إن لم
يتوحد
بها كان له
شريك وشبيه
كما أن العبد
لما لم يتوحد
بأوصافه التي
من
أجلها كان
عبدا كان له
شبيه ، ولم
يكن العبد
واحدا وإن كان
كل واحد
منا
عبدا واحدا ،
وإذا كان كذلك
فمن عرفه متوحدا
بصفاته وأقر
بما عرفه
واعتقد
ذلك كان موحدا
وبتوحيد ربه
عارفا ، والأوصاف
التي توحد
الله
عز
وجل بها وتوحد
بربوبيته
لتفرده بها هي
الأوصاف 1)
التي يقتضي كل
واحد
منها أن لا
يكون الموصوف
به إلا واحدا
لا يشاركه فيه
غيره ولا يوصف
به
إلا هو ، وتلك
الأوصاف هي
كوصفنا له
بأنه موجود
واحد لا يصح
أن
يكون
حالا في شئ ،
ولا يجوز أن
يحله شئ ، ولا
يجوز عليه
العدم
والفناء
والزوال ،
مستحق للوصف
بذلك بأنه أول
الأولين وآخر
الآخرين ،
قادر
يفعل ما يشاء
ولا يجوز عليه
ضعف ولا عجز ،
مستحق للوصف
بذلك
بأنه أقدر
القادرين
وأقهر
القاهرين ، عالم
لا يخفى عليه
شئ ، ولا
يعزب
عنه شئ ، ولا
يجوز عليه جهل
ولا سهو ولا شك
ولا نسيان ،
مستحق
للوصف
بذلك بأنه
أعلم
العالمين ، حي
لا يجوز عليه
موت ولا نوم ،
ولا
ترجع
إليه منفعة
ولا تناله
مضرة ، مستحق
للوصف بذلك
بأنه أبقى
الباقين
وأكمل
الكاملين ،
فاعل لا يشغله
شئ عن شئ ولا يعجزه
شئ ولا يفوته
شئ ،
مستحق للوصف
بذلك بأنه إله
الأولين والآخرين
وأحسن
الخالقين
باب
تفسير قل هو
الله أحد إلى
آخرها
________________________________________________
231
وأسرع
الحاسبين ،
غني لا يكون
له قلة ،
مستغن لا يكون
له حاجة ، عدل
لا
يلحقه مذمة
ولا يرجع إليه
منقصة ، حكيم
لا تقع منه
سفاهة ، رحيم
لا
يكون
له رقة فيكون
في رحمته سعة
، حليم لا يلحقه
موجدة ، ولا
يقع منه
عجلة
، مستحق للوصف
بذلك بأنه
أعدل
العادلين وأحكم
الحاكمين
وأسرع
الحاسبين ، وذلك
لان أول
الأولين لا
يكون إلا
واحدا وكذلك أقدر
القادرين
وأعلم
العالمين
وأحكم
الحاكمين وأحسن
الخالقين ،
وكلما جاء
على
هذا الوزن ،
فصح بذلك ما
قلناه ،
وبالله التوفيق
ومنه العصمة
والتسديد .
4 - باب تفسير
قل هو الله
أحد إلى آخرها
1 - حدثنا أبو
محمد جعفر بن
علي بن أحمد
الفقيه القمي
، ثم
الايلاقي
رضي الله عنه
، قال: حدثني
أبو سعيد عبدان
بن الفضل ،
قال: حدثني
أبو
الحسن
محمد بن يعقوب
بن محمد بن
يوسف بن جعفر بن
إبراهيم بن
محمد
بن علي بن عبد
الله بن جعفر
بن أبي طالب بمدينة
خجندة ، قال:
حدثني
أبو بكر محمد
بن أحمد بن شجاع
الفرغاني ،
قال: حدثني
أبو
الحسن
محمد بن حماد
العنبري بمصر
، قال: حدثني
إسماعيل بن
عبد
الجليل
البرقي ، عن
أبي البختري
وهب بن وهب القرشي
، عن أبي عبد
الله
الصادق
جعفر بن محمد
، عن أبيه
محمد بن علي
الباقر عليهم
السلام في
قول الله
تبارك
وتعالى: قل هو
الله أحد قال:
(قل) أي أظهر ما
أوحينا إليك
ونبأناك
به بتأليف
الحروف التي
قرأناها لك ليهتدي
بها من ألقى
السمع
وهو
شهيد ، وهو
اسم مكنى مشار
إلى غائب ،
فالهاء تنبيه
على معنى
________________________________________________
232
ثابت
، والواو
إشارة إلى
الغائب 1) عن الحواس
، كما أن قولك
(هذا) إشارة
إلى
الشاهد عند
الحواس وذلك
أن الكفار
نبهوا عن
آلهتهم بحرف
إشارة
الشاهد
المدرك
فقالوا: هذه
آلهتنا
المحسوسة المدركة
بالابصار ،
فأشر أنت
يا
محمد إلى إلهك
الذي تدعو
إليه حتى نراه
وندركه ولا
نأله فيه 2) ،
فأنزل
الله
تبارك وتعالى
قل هو الله
أحد ، فالهاء
تثبيت للثابت
والواو إشارة
________________________________________________
233
إشارة
إلى الغائب عن
درك الابصار
ولمس الحواس
وأنه تعالى عن
ذلك ، بل هو
مدرك
الابصار
ومبدع الحواس
.
2 - حدثني أبي
، عن أبيه ، عن
أمير
المؤمنين عليهم
السلام ،
قال: رأيت
الخضر
عليه
السلام في
المنام قبل
بدر بليلة ،
فقلت له:
علمني شيئا
أنصر به على
الأعداء
، فقال: قل:
ياهو يا من لا
هو إلا هو ، فلما
أصبحت قصصتها
على
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله ، فقال
لي: يا علي
علمت الاسم
الأعظم 1) ،
فكان على
لساني
يوم بدر ، وإن
أمير
المؤمنين عليه
السلام قرأ
قل هو الله
أحد فلما فرغ
قال:
ياهو
، يا من لا هو
إلا هو ، اغفر
لي وانصرني على
القوم
الكافرين ،
وكان
علي عليه
السلام يقول
ذلك يوم صفين
وهو يطارد ،
فقال له عمار
بن ياسر: يا
أمير
المؤمنين ما
هذه الكنايات
؟ قال: اسم الله
الأعظم وعماد
التوحيد لله
___________________________
(1)
بحار الأنوار
93: 223 و 232 ح 4 .
________________________________________________
234
لا
إله إلا هو ثم
قرأ (شهد الله
أنه لا إله
إلا هو) (1) 1) وآخر
الحشر ثم نزل
فصلى
أربع ركعات
قبل الزوال .
قال:
وقال أمير المؤمنين
عليه
السلام: الله
معناه
المعبود الذي
يأله فيه
الخلق
2) ويؤله إليه 3) ،
والله هو
المستور عن
درك الابصار ،
المحجوب عن
الأوهام
والخطرات .
قال
الباقر عليه
السلام: الله
معناه
المعبود الذي
أله الخلق عن
إدراك ماهيته
4)
والإحاطة
بكيفيته .
ويقول العرب:
أله الرجل 5)
إذا تحير في
الشئ فلم
يحط
به علما ،
ووله إذا فزع
إلى شئ مما
يحذره ويخافه
، فالإله هو
المستور
عن حواس الخلق
.
___________________________
(1) آل
عمران: 18 .
________________________________________________
235
قال
الباقر عليه
السلام:
الأحد الفرد
المتفرد ،
والأحد
والواحد
بمعنى واحد 1) ،
وهو
المتفرد الذي
لا نظير له ،
والتوحيد
الاقرار
بالوحدة وهو
الانفراد ،
والواحد
المتبائن
الذي لا ينبعث
من شئ ولا يتحد
بشئ ، ومن ثم
قالوا:
إن
بناء العدد من
الواحد وليس
الواحد من
العدد 2) لان
العدد لا يقع
على
الواحد
بل يقع على
الاثنين
فمعنى قوله:
الله أحد:
المعبود الذي
يأله الخلق
عن
إدراكه
والإحاطة
بكيفيته فرد
بإلهيته ، متعال
عن صفات خلقه .
3 - قال
الباقر عليه
السلام:
حدثني أبي زين
العابدين ، عن
أبيه الحسين
بن
علي عليهم
السلام أنه
قال: الصمد
الذي لا جوف
له والصمد
الذي قد انتهى
سؤدده ،
والصمد
الذي لا يأكل
ولا يشرب ،
والصمد الذي لا
ينام ، والصمد
الدائم
الذي
لم يزل ولا
يزال .
قال
الباقر عليه
السلام: كان
محمد بن
الحنفية رضي
الله عنه
يقول: الصمد
القائم بنفسه
،
الغني
عن غيره ،
وقال غيره:
الصمد
المتعالي عن
الكون
والفساد ،
والصمد
___________________________
(1)
التفسير
الكبير
للرازي 32: 178 - 179 .
________________________________________________
236
الذي
لا يوصف
بالتغاير .
قال
الباقر عليه
السلام:
الصمد السيد
المطاع الذي
ليس فوقه آمر
وناه .
قال:
وسئل علي بن
الحسين زين
العابدين
عليهما السلام
عن الصمد ،
فقال:
الصمد
الذي لا شريك
له ولا يؤوده
حفظ شئ ولا يعزب
عنه شئ .
4 - قال وهب بن
وهب القرشي:
قال زيد بن
علي زين العابدين
عليه
السلام:
الصمد
هو الذي إذا
أراد شيئا قال
له: كن فيكون ،
والصمد الذي
أبدع
الأشياء
فخلقها
أضدادا
وأشكالا
وأزواجا ، وتفرد
بالوحدة بلا
ضد ولا
شكل
ولا مثل ولا
ند .
5 - قال وهب بن
وهب القرشي:
وحدثني
الصادق جعفر بن
محمد ،
عن
أبيه الباقر ،
عن أبيه عليهم
السلام أن
أهل البصرة
كتبوا إلى
الحسين بن علي
عليهما
السلام
يسألونه
عن الصمد فكتب
إليهم: بسم
الله الرحمن
الرحيم أما
بعد فلا
تخوضوا
في القرآن ،
ولا تجادلوا
فيه ، ولا
تتكلموا فيه
بغير علم ،
فقد
سمعت
جدي رسول الله
صلى الله
عليه وآله
يقول: من قال
في القرآن
بغير علم
فليتبوأ
مقعده
من النار 1) ،
وإن الله
سبحانه قد فسر
الصمد فقال:
(الله أحد .
الله
الصمد)
ثم فسره فقال:
(لم يلد ولم
يولد ولم يكن
له كفوا أحد) .
(لم
يلد)
لم يخرج منه
شئ كثيف
كالولد وسائر
الأشياء
الكثيفة التي
تخرج
________________________________________________
237
من
المخلوقين ،
ولا شئ لطيف
كالنفس ، ولا
يتشعب منه
البدوات
كالسنة
والنوم
والخطرة
والهم والحزن
والبهجة والضحك
والبكاء والخوف
والرجاء
والرغبة
والسأمة
والجوع
والشبع ،
تعالى أن يخرج
منه شئ ، وأن
يتولد
منه
شئ كثيف أو
لطيف . (ولم
يولد) لم
يتولد من شئ ولم
يخرج من
شئ
كما يخرج
الأشياء
الكثيفة من
عناصرها كالشئ
من الشئ
والدابة
من
الدابة
والنبات من
الأرض والماء
من الينابيع
والثمار من
الأشجار ، ولا
كما
يخرج الأشياء
اللطيفة من
مراكزها
كالبصر من
العين والسمع
من الاذن
والشم
من الانف
والذوق من
الفم والكلام
من اللسان
والمعرفة
والتميز من
القلب
وكالنار من
الحجر ، لا بل
هو الله الصمد
الذي لا من شئ
ولا في
شئ
ولا على شئ ،
مبدع الأشياء
وخالقها ومنشئ
الأشياء
بقدرته ،
يتلاشى
ما خلق للفناء
بمشيته ،
ويبقى ما خلق
للبقاء بعلمه
1) فذلكم الله
الصمد
الذي لم يلد
ولم يولد ،
عالم الغيب
والشهادة
الكبير
المتعال ، ولم
يكن
له كفوا أحد .
6 - قال وهب بن
وهب القرشي:
سمعت الصادق عليه
السلام يقول:
قدم وفد
من
أهل فلسطين
على الباقر عليه
السلام
فسألوه عن
مسائل
فأجابهم ، ثم
سألوه عن
___________________________
(1)
نهاية ابن
الأثير 1: 159 .
________________________________________________
238
الصمد
، فقال:
تفسيره فيه ،
الصمد خمسة
أحرف: فالألف
دليل على
إنيته 1)
وهو
قوله عز وجل:
شهد الله أنه
لا إله إلا هو (1)
وذلك تنبيه وإشارة
إلى
الغائب 2) عن
درك الحواس ،
واللام دليل
على إلهيته
بأنه هو الله
،
والألف
واللام
مدغمان لا
يظهران على
اللسان ولا
يقعان في
السمع
ويظهران
في الكتابة
دليلان على أن
إلهيته بلطفه
خافية لا تدرك
بالحواس
ولا تقع
في لسان واصف
، ولا اذن
سامع ، لان
تفسير الاله
هو الذي أله
الخلق
عن درك ماهيته
وكيفيته بحس
أو بوهم ، لا
بل هو مبدع
الأوهام
وخالق
الحواس ،
وإنما يظهر
ذلك عند
الكتابة دليل
على أن الله
سبحانه
أظهر
ربوبيته في
إبداع الخلق
وتركيب
أرواحهم
اللطيفة في
أجسادهم
الكثيفة
، فإذا نظر
عبد إلى نفسه
لم ير روحه
كما أن لام
الصمد لا
تتبين ولا
تدخل
في حاسة من
الحواس الخمس
، فإذا نظر
إلى الكتابة
ظهر له ما
خفي
ولطف ، فمتى
تفكر العبد في
ماهية البارئ
وكيفيته أله
فيه وتحير
___________________________
(1) آل
عمران: 18 .
________________________________________________
239
ولم
تحط فكرته بشئ
يتصور له لأنه
عز وجل خالق الصور
، فإذا نظر
إلى
خلقه ثبت له
أنه عز وجل
خالقهم ومركب
أرواحهم في
أجسادهم .
وأما
الصاد فدليل
على أنه عز
وجل صادق
وقوله صدق
وكلامه صدق
ودعا
عباده إلى
اتباع الصدق
بالصدق ووعد
بالصدق دار
الصدق وأما
الميم
فدليل على
ملكه وأنه
الملك الحق لم
يزل ولا يزال
ولا يزول ملكه
.
وأما
الدال فدليل
على دوام ملكه
وأنه عز وجل دائم
تعالى عن
الكون
والزوال
بل هو عز وجل
يكون
الكائنات ،
الذي كان
بتكوينه كل
كائن ، ثم
قال عليه
السلام: لو
وجدت لعلمي
الذي آتاني
الله عز وجل
حملة لنشرت
التوحيد
والاسلام
والايمان
والدين
والشرائع من
الصمد ، وكيف
لي بذلك
ولم
يجد جدي أمير
المؤمنين عليه
السلام حملة
لعلمه حتى كان
يتنفس
الصعداء
ويقول
على المنبر
(سلوني قبل أن
تفقدوني 1) فإن بين
الجوانح مني
___________________________
(1)
الاستيعاب 3: 40 ط
دار صادر .
رواه بإسناده
عن سعيد بن
المسيب قال:
ما كان أحد من
الناس
يقول: ساوني
عير علي بن
أبي طالب عليه
السلام .
(2) سورة
النمل: 18 .
________________________________________________
240
علما
جما ، هاه هاه 1)
ألا لا أجد من
يحمله ، ألا
وإني عليكم من
الله الحجة
البالغة
فلا تتولوا
قوما غضب الله
عليهم 2) قد يئسوا
من الآخرة كما
يئس
الكفار
من أصحاب
القبور) .
___________________________
(1)
الكشاف
للزمخشري 3: 141 - 142 .
(2) في (س): حملا .
(3) سورة
الممتحنة: 13 .
________________________________________________
241
ثم
قال الباقر عليه
السلام:
الحمد لله
الذي من علينا
ووفقنا
لعبادته ، الأحد
الصمد
الذي لم يلد
ولم يولد ولم
يكن له كفوا أحد
، وجنبنا
عبادة
الأوثان ،
حمدا
سرمدا وشكرا
واصبا 1) ،
وقوله عز وجل:
(لم يلد ولم
يولد) يقول
لم
عز وجل فيكون
له ولد يرثه
ولم يولد
فيكون له والد
يشركه في
ربوبيته
وملكه (ولم
يكن له كفوا
أحد) فيعاونه في
سلطانه 2) .
7 - حدثنا أبي رحمه الله
، قال: حدثني
سعد بن عبد
الله ، قال:
حدثنا محمد
ابن
عيسى بن عبيد
، عن يونس بن
عبد الرحمن ،
عن الربيع بن
مسلم ، قال:
سمعت
أبا الحسن عليه
السلام وسئل
عن الصمد
فقال: الصمد
الذي لا جوف
له .
8 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا
محمد
بن يحيى
العطار ، عن
محمد بن أحمد
بن يحيى بن
عمران
الأشعري
، عن علي بن
إسماعيل ، عن
صفوان بن يحيى
، عن أبي أيوب
،
___________________________
(1)
مجمع البيان 5: 276
.
(2) سورة ص: 23 .
________________________________________________
242
عن
محمد بن مسلم
، عن أبي عبد
الله عليه
السلام قال:
إن اليهود
سألوا رسول
الله
صلى الله
عليه وآله
فقالوا: انسب
لنا ربك 1) ،
فلبث ثلاثا لا
يجيبهم ، ثم
نزلت هذه
السورة
إلى آخرها ،
فقلت له: ما
الصمد ؟ فقال:
الذي ليس
بمجوف .
9 - أبي رحمه
الله قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ،
قال: حدثنا
محمد بن عيسى
عن
يونس بن عبد
الرحمن ، عن
الحسن بن أبي
السري ، عن
جابر بن
يزيد
، قال: سألت
أبا جعفر عليه
السلام عن شئ
من التوحيد ،
فقال: إن الله -
تباركت
أسماؤه التي
يدعى بها
وتعالى في علو
كنهه - واحد 2)
توحد
بالتوحيد
في توحده 3) ، ثم
أجراه على
خلقه فهو واحد
، صمد ، قدوس ،
يعبده
كل شئ ويصمد
إليه كل شئ ،
ووسع كل شئ
علما .
10 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن يعقوب
، عن علي بن
محمد ، عن سهل بن
زياد ، عن
محمد
بن الوليد
ولقبه شباب
الصيرفي ، عن
داود بن
القاسم
الجعفري ،
قال:
قلت
لأبي جعفر عليه
السلام: جعلت
فداك ما الصمد
؟ قال: السيد
المصمود إليه
________________________________________________
243
في
القليل
والكثير .
11 - حدثنا أبو
نصر أحمد بن
الحسين
المرواني ، قال:
حدثنا أبو
أحمد
محمد بن
سليمان بفارس
، قال: حدثنا
محمد بن يحيى
، قال: حدثنا
محمد
بن عبد الله
الرواسي قال:
حدثنا جعفر بن
سليمان ، عن
يزيد الرشك
عن
مطرف بن عبد
الله ، عن
عمران بن حصين
، أن النبي صلى الله
عليه وآله
بعث سرية
واستعمل
عليها عليا عليه
السلام ،
فلما رجعوا
سألهم فقالوا:
كل خير غير
أنه قرأ
بنا
في كل صلاة
بقل هو الله
أحد ، فقال: يا
علي لم فعلت
هذا ؟ فقال:
لحبي
لقل
هو الله أحد ،
فقال النبي صلى الله
عليه وآله ما
أحببتها حتى
أحبك الله عز
وجل .
12 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
محمد بن
يحيى
العطار ، قال:
حدثنا محمد بن
أحمد بن يحيى
بن عمران
الأشعري ،
عن
أحمد بن هلال
، عن عيسى بن
عبد الله ، عن
أبيه ، عن جده
، قال: قال
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله: من قرأ
قل هو الله
أحد مائة مرة
حين يأخذ
مضجعه غفر
الله
له عز وجل
ذنوب خمسين
سنة .
13 - حدثنا أبي رحمه الله
قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، عن
إبراهيم بن
هاشم
، عن الحسين
بن يزيد
النوفلي ، عن
إسماعيل بن
أبي زياد
السكوني ،
عن
جعفر بن محمد
، عن أبيه
عليهما
السلام أن النبي
صلى الله
عليه وآله
صلى على سعد
بن معاذ ،
فقال:
لقد وافى من
الملائكة
للصلاة عليه
سبعون ألف ملك
وفيهم جبرئيل
يصلون
عليه ، فقلت:
يا جبرئيل بم
استحق صلاتكم
عليه ؟ قال:
بقراءة قل
هو
الله أحد
قائما وقاعدا
وراكبا
وماشيا وذاهبا
وجائيا .
________________________________________________
244
14 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، عن
أحمد بن محمد
بن عيسى ، عن
علي بن
سيف
بن عميرة ، عن
محمد بن عبيد
، قال: دخلت
على الرضا عليه
السلام فقال
لي:
قل للعباسي 1):
يكف عن الكلام
في التوحيد
وغيره ، ويكلم
الناس بما
يعرفون
، ويكف عما
ينكرون ، وإذا
سألوك عن التوحيد
فقل كما قال
الله
عز
وجل: قل هو
الله أحد الله
الصمد لم يلد
ولم يولد ولم
يكن له كفوا
أحد
وإذا سألوك عن
الكيفية فقل
كما قال الله
عز وجل (ليس
كمثله
شئ)
وإذا سألوك عن
السمع فقل كما
قال الله عز
وجل: (هو
السميع
العليم)
فكلم الناس
بما يعرفون .
15 - حدثنا
الحسين بن
إبراهيم بن
أحمد بن هشام
المكتب رضي
الله عنه ،
قال:
حدثنا محمد بن
أبي عبد الله
الكوفي ، قال: حدثنا
موسى بن عمران
النخعي
، عن عمه
الحسين بن
يزيد النوفلي
، عن علي بن
سالم ، عن أبي
بصير
، عن أبي عبد
الله عليه
السلام قال:
من قرأ قل هو
الله أحد مرة
واحدة فكأنما
قرأ
ثلث القرآن 2)
وثلث التوراة
وثلث الإنجيل وثلث
الزبور .
___________________________
(1) هو
العلامة نظام
الدين الحسن
بن محمد بن
حسين القمي
النيسابوري .
________________________________________________
245
5 - باب معنى
التوحيد
والعدل
1 - حدثنا أبو
الحسن محمد بن
سعيد بن عزيز
السمرقندي -
الفقيه
بأرض
بلخ - قال:
حدثنا أبو
أحمد محمد بن
محمد الزاهد
السمرقندي
بإسناده
رفعه إلى
الصادق عليه
السلام ، أنه
سأله رجل فقال
له: إن أساس
الدين
التوحيد
والعدل ،
وعلمه كثير ،
ولابد لعاقل
منه ، فاذكر
ما يسهل
الوقوف
عليه
ويتهيأ حفظه ،
فقال عليه
السلام: أما
التوحيد فأن
لا تجوز على
ربك ما جاز
عليك
، وأما العدل
فأن لا تنسب
إلى خالقك ما
لامك عليه .
2 - حدثنا
محمد بن أحمد
الشيباني
المكتب رضي الله
عنه ، قال: حدثنا
محمد
ابن
أبي عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا سهل بن
زياد الآدمي ،
عن عبد العظيم
ابن
عبد الله
الحسني ، عن
الإمام علي بن
محمد ، عن
أبيه محمد بن
علي ،
عن
أبيه الرضا
علي بن موسى عليهم
السلام ،
قال: خرج أبو
حنيفة ذات يوم
من
عند
الصادق عليه
السلام ،
فاستقبله موسى
بن جعفر
عليهما
السلام فقال
له: يا غلام ممن
المعصية
؟ قال: لا تخلو
من ثلاث: إما
أن تكون من الله
عز وجل ،
وليست
منه
فلا ينبغي
للكريم أن
يعذب عبده بما
لا يكتسبه
وإما أن تكون
من الله
عز
وجل ومن العبد
، وليس كذلك
فلا ينبغي
للشريك القوي
أن يظلم
الشريك
الضعيف ، وإما
أن تكون من
العبد وهي منه
، فإن عاقبه الله
فبذنبه
وإن
عفا عنه
فبكرمه وجوده
.
________________________________________________
246
3 - حدثنا أبو
الحسين علي بن
أحمد بن
حرابخت الجيرفتي
النسابة
قال:
حدثنا أحمد بن
سلمان بن
الحسن ، قال:
حدثنا جعفر بن
محمد
الصائغ
، قال: حدثنا
خالد العرني ،
قال: حدثنا هشيم
، قال: حدثنا
أبو سفيان
مولى
مزينة عمن حدث
عن سلمان
الفارسي رحمه
الله أنه
أتاه رجل
فقال: يا أبا
عبد
الله إني لا
أقوى على
الصلاة
بالليل 1) ، فقال:
لا تعص الله
بالنهار ،
وجاء
رجل إلى أمير
المؤمنين عليه
السلام فقال:
يا أمير
المؤمنين إني
قد حرمت
الصلاة
بالليل ، فقال
له أمير
المؤمنين عليه
السلام: أنت
رجل قد قيدتك
ذنوبك .
___________________________
(1)
تفسير غرائب
القرآن
ورغائب
الفرقان
للنيسابوري 30: 201
المطبوع على
هامش
تفسير
الطبري .
(2) تهذيب
الأحكام 2: 120 ،
وثواب
الاعمال ص 64 ح 5 .
________________________________________________
247
6 - باب انه عز
وجل ليس بجسم
ولا صورة
1 - حدثنا
حمزة بن محمد
العلوي رحمه
الله ، قال:
أخبرنا علي بن
إبراهيم
ابن
هاشم ، عن
محمد بن عيسى
، عن يونس بن
عبد الرحمن ،
عن محمد
ابن
حكيم ، قال:
وصفت لأبي
الحسن عليه
السلام قول
هشام
الجواليقي
وما يقول
في
الشاب الموفق
1) ووصفت له قول
هشام بن الحكم
، فقال: إن
الله عز
وجل
لا يشبهه شئ .
2 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن يعقوب ،
قال: حدثنا
علي بن محمد ،
رفعه ، عن
محمد بن الفرج
الرخجي
، قال: كتبت
إلى أبي الحسن
عليه
السلام:
أسأله عما قال
هشام بن الحكم
في
___________________________
(1) في
الكافي:
والبقية .
(2) أصول
الكافي 1: 100 - 102 ح 3 .
________________________________________________
248
الجسم
، وهشام بن
سالم في
الصورة 1) ،
فكتب عليه
السلام: دع
عنك حيرة
___________________________
(1)
الزيادة من (س) .
________________________________________________
249 - 252
الحيران
، واستعذ
بالله من
الشيطان ، ليس
القول ما قال
الهشامان 1) .
3 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، عن
سهل بن زياد ،
عن حمزة بن
محمد ، قال:
كتبت
إلى أبي الحسن
عليه
السلام:
أسأله عن
الجسم
والصورة ،
فكتب عليه
السلام:
سبحان
من ليس كمثله
شئ لا جسم ولا
صورة .
4 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا أحمد بن
إدريس ، قال:
حدثنا محمد بن
عبد
الجبار
، عن صفوان بن
يحيى ، عن علي
بن أبي حمزة ،
قال: قلت لأبي
عبد
الله عليه
السلام: سمعت
هشام بن الحكم
يروي عنكم: أن
الله عز وجل جسم
،
صمدي
، نوري ،
معرفته ضرورة
، يمن بها على
من يشاء 2) من
خلقه
___________________________
(1)
كنز الفوائد
للعلامة
الكراجكي 2: 41 ط
بيروت . وراجع
بحار الأنوار
3: 290 .
________________________________________________
253
فقال
عليه
السلام:
سبحان من لا
يعلم أحد كيف
هو إلا هو ،
ليس كمثله
شئ ،
وهو السميع
البصير ، لا
يحد ، ولا يحس
، ولا يجس 1) ولا
يمس ، ولا
تدركه
الحواس ، ولا
يحيط به شئ ،
لا جسم ، ولا صورة
، ولا تخطيط ،
ولا
تحديد .
5 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا محمد
ابن
الحسن الصفار
، عن سهل بن
زياد ، عن
محمد بن
إسماعيل بن
بزيع ،
عن
محمد بن زيد ،
قال: جئت إلى
الرضا عليه
السلام
أسأله عن
التوحيد ،
فأملى
علي:
الحمد لله
فاطر الأشياء
إنشاء ،
ومبتدعها
ابتداء
بقدرته
وحكمته ، لا
من
شئ فيبطل
الاختراع 2) ،
ولا لعلة فلا
يصح الابتداع
3) خلق ما شاء
________________________________________________
254
كيف
شاء ، متوحدا
بذلك لاظهار
حكمته وحقيقة
ربوبيته ، لا
تضبطه
العقول
، ولا تبلغه
الأوهام ، ولا
تدركه الابصار
، ولا يحيط به
مقدار ،
عجزت
دونه العبارة
، وكلت دونه
الابصار ، وضل
فيه تصاريف
الصفات 1) ،
احتجب
بغير حجاب
محجوب 2) .
واستتر بغير
ستر مستور 3) ،
عرف بغير
رؤية
ووصف بغير
صورة ، ونعت
بغير جسم ، لا
إله إلا الله
الكبير
المتعال .
6 - حدثنا علي
بن أحمد بن
عبد الله بن
أحمد بن أبي عبد
الله البرقي
رضي الله عنه
___________________________
(1)
سورة الإسراء:
45 .
________________________________________________
255
عن
أبيه ، عن جده
أحمد بن أبي
عبد الله ، عن
أحمد بن محمد
بن أبي نصر ،
عن
محمد بن حكيم
، قال: وصفت
لأبي إبراهيم عليه
السلام قول
هشام
الجواليقي ،
وحكيت
له قول هشام
بن الحكم: إنه
جسم ، فقال: إن الله
لا يشبهه شئ ،
أي
فحش أو خناء
أعظم من قول
من يصف خالق
الأشياء بجسم
أو
صورة
أو بخلقة أو
بتحديد أو
أعضاء ؟ !
تعالى الله عن
ذلك علوا كبيرا
.
7 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رضي
الله عنه ،
قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا محمد بن
إسماعيل
البرمكي
، عن الحسين
بن الحسن ،
والحسين بن علي
، عن صالح بن
أبي
حماد
، عن بكر بن
صالح ، عن
الحسين بن
سعيد ، عن عبد
الله بن المغيرة
،
عن
محمد بن زياد
، قال: سمعت
يونس بن ظبيان
يقول: دخلت
على أبي
عبد
الله عليه
السلام فقلت
له: إن هشام بن
الحكم يقول
قولا عظيما إلا
أني
أختصر
لك منه أحرفا
، يزعم: أن
الله جسم لان
الأشياء
شيئان: جسم
وفعل
الجسم ، فلا
يجوز أن يكون
الصانع بمعنى
الفعل ، ويجوز
أن يكون
بمعنى
الفاعل ، فقال
أبو عبد الله عليه
السلام: ويله
، أما علم أن
الجسم محدود
متناه
، والصورة
متناهية ،
فإذا احتمل
الحد 1) احتمل
الزيادة
والنقصان ،
وإذا
احتمل
الزيادة
والنقصان كان
مخلوقا ، قال:
قلت: فما أقول
؟ قال: لا
________________________________________________
256
جسم
ولا صورة ،
وهو مجسم
الأجسام ،
ومصور الصور ،
لم يتجزأ ،
ولم
يتناه
، ولم يتزايد
، ولم يتناقص
، لو كان كما يقول
لم يكن بين
الخالق
والمخلوق
فرق ، ولا بين
المنشئ
والمنشأ ، لكن
هو المنشئ ،
فرق بين
من
جسمه وصوره
وأنشأه إذ 1)
كان لا يشبهه
شئ ولا يشبه
هو شيئا .
8 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رضي
الله عنه ،
قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، عن
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
عن
علي بن العباس
، عن الحسن بن
عبد الرحمن الحماني
، قال: قلت
لأبي
الحسن موسى بن
جعفر عليهما
السلام: إن هشام
بن الحكم زعم:
أن الله
جسم
، ليس كمثله
شئ 2) ، عالم
سميع ، بصير ،
قادر ، متكلم
، ناطق ،
والكلام
والقدرة
والعلم تجري
مجرى واحدا ليس
شئ منها
مخلوقا 3) ،
___________________________
(1)
أصول الكافي 1: 106
ح 6 ، وليست فيه
كلمة " وبينه "
.
________________________________________________
257
فقال:
قاتله الله ،
أما علم أن
الجسم محدود ،
والكلام غير
المتكلم معاذ
الله
وأبرأ
إلى الله من
هذا القول ،
لا جسم ولا
صورة ولا
تحديد ، وكل
شئ
سواه
مخلوق وإنما
تكون الأشياء
بإرادته
ومشيته من غير
كلام ولا تردد
في
نفس 1) ، ولا نطق
بلسان .
9 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، عن
محمد
ابن
يعقوب
الكليني ، عن
علي بن محمد ،
عن سهل بن
زياد ، عن
إبراهيم بن
محمد
الهمداني ،
قال: كتبت إلى
الرجل يعني
أبا الحسن عليه السلام:
أن من قبلنا
من
مواليك قد
اختلفوا في
التوحيد ،
فمنهم من يقول
جسم ، ومنهم
من
يقول
صورة ، فكتب عليه
السلام بخطه:
سبحان من لا
يحد ، ولا
يوصف ، ليس
كمثله
شئ وهو السميع
العليم - أو
قال: البصير - .
10 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا
محمد
بن يحيى
العطار ، قال:
حدثنا محمد بن
أحمد ، قال:
حدثنا محمد بن
___________________________
(1)
سورة البقرة: 117
، غيرها
________________________________________________
258
عيسى
، عن هشام بن
إبراهيم ،
قال: قال
العباسي قلت
له - يعني أبا
الحسن
عليه
السلام -:
جعلت فداك
أمرني بعض
مواليك أن
أسألك عن مسألة
قال:
ومن هو ؟ قلت:
الحسن بن سهل
قال: في أي شئ
المسألة ؟
قال:
قلت
في التوحيد ،
قال: وأي شئ من
التوحيد ؟
قال: يسألك عن
الله
جسم
أو لا جسم ؟
قال: فقال لي:
إن للناس في
التوحيد
ثلاثة مذاهب 1)
،
مذهب
إثبات بتشبيه
، ومذهب النفي
، ومذهب إثبات
بلا تشبيه .
فمذهب
الاثبات
بتشبيه لا
يجوز ، ومذهب
النفي لا يجوز
، والطريق في
المذهب
الثالث
إثبات بلا
تشبيه .
11 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
، قال: حدثنا
محمد بن
يحيى
العطار ، قال:
حدثنا محمد بن
أحمد ، عن عمران
بن موسى ، عن
الحسن
بن العباس بن
حريش الرازي ،
عن بعض أصحابنا
، عن الطيب
يعني
علي بن محمد ،
وعن أبي جعفر
الجواد عليهما
السلام أنهما
قالا: من قال
بالجسم
فلا تعطوه من
الزكاة ولا
تصلوا وراءه .
12 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
محمد بن
يحيى
العطار ، عن
سهل بن زياد ،
عن محمد بن
علي القاساني
، قال: كتبت
________________________________________________
259
إليه
عليه
السلام: أن
من قبلنا قد
اختلفوا في
التوحيد 1) ،
قال: فكتب عليه
السلام:
سبحان
من لا يحد ،
ولا يوصف ،
ليس كمثله شئ
، وهو السميع
البصير .
13 - حدثنا
الحسين بن
أحمد بن إدريس
رحمه
الله ، عن
أبيه ، عن أبي
سعيد
الآدمي
، عن بشر بن
بشار
النيسابوري ،
قال: كتبت إلى
أبي الحسن عليه
السلام بأن
يقول
صورة ، فكتب عليه
السلام:
سبحان من لا
يحد ، ولا
يوصف ، ولا
يشبهه
شئ ،
وليس كمثله شئ
وهو السميع
البصير .
14 - حدثنا
أحمد بن محمد
بن يحيى
العطار رحمه
الله ، عن
أبيه ، عن سهل
___________________________
(1)
بحار الأنوار
3: 287 ح 2 .
________________________________________________
260
ابن
زياد ، قال:
كتبت إلى أبي
محمد عليه
السلام سنة
خمس وخمسين
ومائتين:
قد
اختلف يا سيدي
أصحابنا في
التوحيد منهم
من يقول هو
جسم ، ومنهم
من
يقول هو صورة
، فإن رأيت يا
سيدي أن
تعلمني من ذلك
ما أقف عليه
ولا
أجوزه فعلت
متطولا على
عبدك ، فوقع عليه
السلام بخطه:
سألت عن
التوحيد
، وهذا عنكم
معزول 1) ، الله
تعالى واحد ،
أحد ، صمد ، لم
يلد ولم
يولد
، ولم يكن له
كفوا أحد ،
خالق وليس
بمخلوق ، يخلق
تبارك وتعالى
ما
يشاء من
الأجسام وغير
ذلك ، ويصور
ما يشاء ،
وليس بمصور ،
جل
ثناؤه
، وتقدست
أسماؤه ،
وتعالى عن أن
يكون له شبيه
، هو لا غيره
ليس
كمثله
شئ ، وهو
السميع
البصير .
15 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، قال:
حدثنا العباس
بن معروف ،
قال: حدثنا
ابن
أبي نجران ،
عن حماد بن
عثمان ، عن
عبد الرحيم
القصير ، قال:
كتبت
على يدي عبد
الملك بن أعين
إلى أبي عبد الله
عليه
السلام
بمسائل ،
فيها:
أخبرني
عن الله عز
وجل هل يوصف
بالصورة
وبالتخطيط ؟
فإن رأيت
جعلني
الله فداك أن
تكتب إلي
بالمذهب
الصحيح من
التوحيد فكتب عليه
السلام
________________________________________________
261
بيدي
عبد الملك بن
أعين: سألت
رحمك الله عن
التوحيد وما
ذهب إليه
من
قبلك ، فتعالى
الله الذي ليس
كمثله شئ وهو
السميع
البصير ،
تعالى الله
عما
يصفه
الواصفون
المشبهون
الله تبارك
وتعالى بخلقه
المفترون على
الله ،
واعلم
رحمك الله أن
المذهب
الصحيح في
التوحيد ما
نزل به القرآن
من
صفات
الله عز وجل ،
فانف عن الله
البطلان والتشبيه
، فلا نفي ولا
تشبيه ،
هو
الله الثابت
الموجود ،
تعالى الله
عما يصفه الواصفون
، ولا تعد
القرآن
فتضل
بعد البيان .
16 - حدثنا
أحمد بن محمد
بن يحيى
العطار رحمه
الله ، عن
أبيه ، عن
سهل
بن زياد ، عن
بعض أصحابنا ،
قال: كتبت إلى
أبي الحسن عليه
السلام
أسأله
عن
الجسم
والصورة ،
فكتب: سبحان من
ليس كمثله شئ
ولا جسم ولا
صورة
.
17 - حدثنا
أحمد بن محمد
بن يحيى
العطار رضي
الله عنه ، عن
أبيه ، عن
سهل
بن زياد
الآدمي ، عن
حمزة بن محمد
، قال: كتبت
إلى أبي الحسن
عليه
السلام
أسأله
عن الجسم
والصورة ،
فكتب: سبحان
من ليس كمثله
شئ .
18 - حدثنا علي
بن أحمد بن
عبد الله بن
أحمد بن أبي
عبد الله
البرقي
رحمه
الله ، عن
أبيه ، عن جده
أحمد بن أبي
عبد الله ، عن
أبيه ، عن عبد
الله
بن بحر ، عن
أبي أيوب
الخزار ، عن
محمد بن مسلم
، قال: سألت
أبا
جعفر
عليه
السلام عما
يروون أن الله
عز وجل خلق
آدم على صورته
1) فقال: هي
________________________________________________
262
.
___________________________
(1) في
التنزيه:
ومصطفيه .
________________________________________________
263 - 264
صورة
محدثة مخلوقة
، اصطفاها
الله
واختارها على
سائر الصور
المختلفة
، فأضافها إلى
نفسه كما أضاف
الكعبة إلى
نفسه والروح
إلى
نفسه
. فقال: (بيتي) (1)
وقال: (ونفخت
فيه من روحي) (2) .
19 - حدثني
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
عبد الله
ابن
جعفر الحميري
، عن أحمد بن
محمد بن عيسى
، عن الحسن بن
محبوب ،
عن
يعقوب السراج
، قال: قلت
لأبي عبد الله
عليه
السلام: إن
بعض أصحابنا
يزعم
أن لله صورة
مثل صورة
الانسان ،
وقال آخر: إنه
في صورة أمرد
___________________________
(1)
البقرة: 125 .
(2) الحجر: 29 .
________________________________________________
265
جعد
قطط 1) ، فخر أبو
عبد الله
ساجدا ، ثم
رفع رأسه ،
فقال: سبحان
الله
الذي
ليس كمثله شئ
، ولا تدركه
الابصار ، ولا
يحيط به علم ،
لم يلد
لان
الولد يشبه
أباه ، ولم
يولد فيشبه من
كان قبله ،
ولم يكن له من
خلقه
كفوا
أحد ، تعالى
عن صفة من
سواه علوا
كبيرا .
20 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم
بن هاشم ، عن
أبيه ، عن
الصقر بن [أبي]
دلف ، قال:
سألت أبا
الحسن
علي بن محمد
بن علي بن
موسى الرضا عليهم
السلام عن
التوحيد ،
وقلت
له:
إني أقول بقول
هشام بن الحكم
، فغضب عليه
السلام ثم
قال: مالكم
ولقول
هشام
، إنه ليس منا
من زعم أن
الله عز وجل جسم
ونحن منه برآء
في
الدنيا
والآخرة ، يا
ابن [أبي] دلف
إن الجسم محدث
، والله محدثه
ومجسمه
.
وأنا
أذكر الدليل
على حدوث
الأجسام في
باب الدليل
على حدوث
العالم
من هذا الكتاب
إن شاء الله .
7 - باب أنه
تبارك وتعالى
شئ
1 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله
الأشعري ،
قال: حدثنا
أحمد
بن محمد بن
خالد ، عن
محمد بن عيسى
، عمن ذكره ،
قال: سئل
أبو
جعفر عليه
السلام
أيجوز أن
يقال: إن الله
عز وجل شئ ؟
قال: نعم ، يخرجه
___________________________
(1)
نهاية ابن
الأثير 4: 81 .
________________________________________________
266
عن
الحدين حد
التعطيل وحد
التشبيه 1) .
________________________________________________
267
2 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا علي بن
إبراهيم ، عن
أبيه ، عن العباس
بن
عمرو
، عن هشام بن
الحكم ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام أنه
قال للزنديق
حين
سأله
ما هو ؟ قال: هو
شئ بخلاف
الأشياء ،
ارجع بقولي:
(شئ) إلى
إثبات
معنى وأنه شئ
بحقيقة
الشيئية 1) ،
غير أنه لا
جسم ولا صورة .
3 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، عن
أحمد بن محمد
بن خالد ، عن
النضر بن
سويد
، عن يحيى
الحلبي ، عن
ابن مسكان ،
عن زرارة ،
قال: سمعت أبا
عبد
الله عليه
السلام يقول:
إن الله تبارك
وتعالى خلو من
خلقه ، وخلقه
خلو
منه
2) وكل ما وقع
عليه اسم شئ
ما خلا الله
عز وجل فهو
مخلوق ، والله
________________________________________________
268
خالق
كل شئ 1) ، تبارك
الذي ليس
كمثله شئ 2) .
________________________________________________
269
4 - حدثنا
حمزة بن محمد
العلوي رحمه
الله ، قال:
أخبرنا علي بن
إبراهيم ،
عن
أبيه ، عن ابن
أبي عمير ، عن
علي بن عطية ،
عن خيثمة ، عن
أبي
جعفر
عليه
السلام قال:
إن الله تبارك
وتعالى خلو من
خلقه ، وخلقه
خلو منه ،
وكل
ما وقع عليه
اسم شئ ما خلا
الله عز وجل
فهو مخلوق
والله تعالى
خالق
كل شئ .
5 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم
ابن
هاشم ، عن
محمد بن عيسى
، عن يونس بن
عبد الرحمن ،
عن أبي
المغرا
، رفعه عن أبي
جعفر عليه
السلام قال:
قال: إن الله
تبارك وتعالى
خلو من
خلقه
، وخلقه خلو
منه وكل ما
وقع عليه اسم
شئ فهو مخلوق
ما خلا
الله
عز وجل .
6 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، عن
محمد بن عيسى
بن عبيد ، عن
عبد
الرحمن
بن أبي نجران
قال: سألت أبا
جعفر الثاني عليه
السلام عن
التوحيد ،
فقلت:
أتوهم شيئا ؟
فقال: نعم غير
معقول ولا محدود
1) ، فما وقع
وهمك
________________________________________________
270
عليه
من شئ فهو
خلافه ، لا
يشبهه شئ ،
ولا تدركه
الأوهام ، كيف
تدركه
الأوهام وهو
خلاف ما يعقل
وخلاف ما يتصور
في الأوهام ،
إنما
يتوهم
شئ غير معقول
ولا محدود .
7 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، عن
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
عن
الحسين بن
الحسن عن بكر
بن صالح ، عن
الحسين بن
سعيد ، قال:
سئل
أبو جعفر
الثاني عليه
السلام يجوز
أن يقال لله:
إنه شئ ؟ فقال:
نعم ،
يخرجه
من الحدين حد
التعطيل وحد
التشبيه .
8 - حدثنا
جعفر بن محمد
بن مسرور رحمه
الله ، قال:
حدثنا محمد بن
جعفر
بن بطة ، قال:
حدثني عدة من
أصحابنا ، عن
محمد بن عيسى
بن
عبيد
، قال: قال لي
أبو الحسن عليه
السلام: ما
تقول إذا قيل
لك: أخبرني عن
الله
عز
وجل شئ هو أم
لا ؟ قال: فقلت
له: قد أثبت
الله عز وجل
نفسه شيئا
حيث
يقول: (قل أي شئ
أكبر شهادة قل
الله شهيد بيني
وبينكم) 1) (1)
فأقول:
إنه شئ لا
كالأشياء ، إذ
في نفي الشيئية
عنه إبطاله
ونفيه
___________________________
(1)
الانعام: 19 .
________________________________________________
271
قال
لي: صدقت
وأصبت ، ثم
قال لي الرضا عليه
السلام:
للناس في
التوحيد
ثلاثة
مذاهب: نفي ،
وتشبيه ،
وإثبات بغير
تشبيه ، فمذهب
النفي لا يجوز
،
ومذهب
التشبيه لا
يجوز لان الله
تبارك وتعالى
لا يشبهه شئ ،
والسبيل
في
الطريقة
الثالثة
إثبات بلا
تشبيه .
___________________________
(1)
مجمع البيان 2: 281
- 282 .
________________________________________________
272
باب
ما جاء في
الرؤية
8 - باب ما جاء
في الرؤية
1 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم
بن هاشم ، عن
أبيه ، عن
النوفلي ، عن
السكوني ، عن
أبي عبد الله
،
عن
آبائه عليهم
السلام قال:
مر النبي صلى
الله عليه
وآله على رجل
وهو رافع بصره
إلى السماء
يدعو
، فقال له
رسول الله صلى الله
عليه وآله:
غض بصرك فإنك
لن تراه 1) . وقال:
ومر
النبي
صلى الله
عليه وآله
على رجل رافع
يديه إلى
السماء وهو
يدعو ، فقال
رسول
الله
صلى الله
عليه وآله:
اقصر من يديك
فإنك لن تناله
.
2 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، عن
علي بن أبي
القاسم ، عن
يعقوب
بن إسحاق قال:
كتبت إلى أبي
محمد عليه
السلام
أسأله كيف
يعبد العبد
ربه
وهو لا يراه 2) ؟ !
فوقع عليه
السلام: يا
أبا يوسف جل
سيدي ومولاي
والمنعم
________________________________________________
273
علي
وعلى آبائي أن
يرى . قال:
وسألته هل رأى
رسول الله صلى الله
عليه وآله
ربه 1) ؟
فوقع
عليه
السلام إن
الله تبارك
وتعالى أرى
رسوله بقلبه
من نور عظمته
ما أحب .
3 - حدثنا
الحسين بن
أحمد بن إدريس
رحمه
الله ، عن
أبيه ، عن
محمد بن
عبد
الجبار ، عن
صفوان بن يحيى
، عن عاصم بن
حميد ، قال:
ذاكرت أبا
عبد
الله عليه
السلام فيما
يروون من
الرؤية ،
فقال: الشمس
جزء من سبعين
جزءا
من
نور الكرسي 2) ،
والكرسي جزء
من سبعين جزءا
من نور العرش
،
والعرش
جزء من سبعين
جزءا من نور
الحجاب 3) ، والحجاب
جزء من
سبعين
جزءا من نور
الستر ، فإن
كانوا صادقين
فليملأوا
أعينهم من
الشمس
ليس دونها
سحاب .
________________________________________________
274
4 - أبي رحمه
الله قال:
حدثنا محمد بن
يحيى العطار ،
عن أحمد بن محمد
ابن
عيسى ، قال:
حدثنا ابن أبي
نصر ، عن أبي
الحسن الرضا عليه
السلام قال:
قال
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله: لما
أسري بي إلى
السماء بلغ بي
جبرئيل مكانا لم
يطأه
جبرئيل
قط 1) ، فكشف لي
فأراني الله
عز وجل من نور
عظمته ما أحب .
________________________________________________
275
5 - أبي رحمه
الله قال:
حدثنا علي بن
إبراهيم بن
هاشم ، عن
أبيه ، عن علي
ابن
معبد ، عن عبد
الله بن سنان
، عن أبيه ،
قال: حضرت أبا
جعفر عليه
السلام
فدخل
عليه رجل من
الخوارج 1)
فقال له: يا
أبا جعفر أي
شئ تعبد ؟ قال:
الله
، قال: رأيته ؟
قال: لم تره
العيون
بمشاهدة
العيان ، ولكن
رأته القلوب
بحقائق
الايمان 2) لا
يعرف بالقياس
، ولا يدرك
بالحواس ، ولا
يشبه
___________________________
(1)
بحار الأنوار
18: 313 - 315 .
(2) شرح نهج
البلاغة لابن
ميثم
البحراني 3: 374 .
________________________________________________
276
بالناس
1) ، موصوف
بالآيات 2) ،
معروف
بالعلامات 3) ،
لا يجور في
حكمه
، ذلك الله لا
إله إلا هو .
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 26 عنه .
(2) سورة
البقرة: 73 .
________________________________________________
277
قال:
فخرج الرجل
وهو يقول:
الله أعلم حيث
يجعل رسالته .
6 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ،
قال: حدثنا
أحمد بن
محمد
بن أبي نصر ،
عن أبي الحسن
الموصلي ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام قال:
جاء
حبر إلى أمير
المؤمنين عليه
السلام 1)
فقال: يا أمير
المؤمنين هل
رأيت ربك
حين
عبدته ؟ فقال:
ويلك ما كنت
أعبد ربا لم
أره ، قال:
وكيف رأيته ؟
قال:
ويلك لا تدركه
العيون في
مشاهدة
الابصار ولكن
رأته القلوب
بحقائق
الايمان .
7 - حدثنا
الحسين بن
أحمد بن إدريس
رحمه
الله ، عن
أبيه ، عن
أحمد بن
إسحاق
، قال: كتبت
إلى أبي الحسن
الثالث عليه
السلام
أسأله عن
الرؤية وما
فيه
الناس
، فكتب عليه
السلام لا
يجوز الرؤية
ما لم يكن بين
الرائي
والمرئي هواء
ينفذه
البصر 2) ، فإذا
انقطع الهواء
وعدم الضياء
بين الرائي
والمرئي لم
تصح
___________________________
(1)
سورة النساء: 153 .
________________________________________________
278
الرؤية
وكان في ذلك
الاشتباه 1)
لأن الرائي متى
ساوى المرئي
في السبب
الموجب
بينهما في
الرؤية وجب
الاشتباه
وكان في ذلك
التشبيه 2) ،
لان
الأسباب
لا بد من
اتصالها
بالمسببات 3) .
________________________________________________
279
8 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن يعقوب ،
قال: حدثنا
أحمد بن إدريس
، عن أحمد بن
محمد بن
عيسى
، عن علي بن
سيف ، عن محمد
بن عبيدة ،
قال: كتبت إلى
أبي
الحسن
الرضا عليه
السلام
أسأله عن
الرؤية وما
ترويه العامة
والخاصة 1) ،
وسألته
أن
يشرح لي ذلك 2) ،
فكتب عليه
السلام بخطه
، اتفق الجميع
لا تمانع
بينهم أن
المعرفة
من جهة الرؤية
ضرورة 3) ، فإذا
جاز أن يرى
الله عز وجل
بالعين
___________________________
(1)
ذكر هذا الوجه
العلامة
المجلسي في
البحار 4: 56 عن
والده
العلامة عن
المشايخ
الاعلام
.
________________________________________________
280
وقعت
المعرفة ضرورة
، ثم لم تخل
تلك المعرفة
من أن تكون
إيمانا أو
ليست
بإيمان ، فإن
كانت تلك
المعرفة من
جهة الرؤية
إيمانا
فالمعرفة
التي
في
دار الدنيا من
جهة الاكتساب
ليست بإيمان لأنها
ضده فلا يكون
في
الدنيا
أحد مؤمنا
لأنهم لم يروا
الله عز ذكره ،
وإن لم تكن
تلك المعرفة
التي
من
جهة الرؤية
إيمانا لم تخل
هذه المعرفة
التي هي من
جهة الاكتساب
أن
تزول
أو لا تزول في
المعاد ، فهذا
دليل على أن الله
عز ذكره لا
يرى بالعين ،
إذ
العين تؤدي
إلى ما وصفنا .
________________________________________________
281 - 283
9 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن يعقوب
الكليني ، عن
أحمد بن إدريس
، عن محمد بن
عبد
الجبار ، عن
صفوان بن يحيى
، قال: سألني
أبو قرة
المحدث أن
ادخله
على أبي الحسن
الرضا عليه
السلام
فاستأذنته في
ذلك فأذن لي ،
فدخل
عليه
فسأله عن
الحلال
والحرام والاحكام
حتى بلغ سؤاله
التوحيد ،
فقال
أبو
قرة: إنا
روينا أن الله
عز وجل قسم
الرؤية والكلام
بين اثنين ،
فقسم
لموسى
عليه
السلام
الكلام 1)
ولمحمد صلى
الله عليه
وآله الرؤية
، فقال أبو
الحسن عليه
السلام فمن
___________________________
(1)
راجع بحار
أنوار 4: 58 - 59 . ذكر
هذا الوجه عن
بعض الأفاضل .
________________________________________________
284
المبلغ
عن الله عز
وجل إلى
الثقلين الجن
والإنس (لا
تدركه
الابصار وهو
يدرك
الابصار) (1) (ولا
يحيطون به
علما) (2) (وليس
كمثله شئ) (3)
أليس
محمدا صلى
الله عليه
وآله قال: بلى
؟ قال: فكيف
يجئ رجل إلى
الخلق جميعا
فيخبرهم
أنه جاء من
عند الله وأنه
يدعوهم إلى الله
بأمر الله
ويقول: (لا
تدركه
الابصار وهو
يدرك الابصار)
(ولا يحيطون به
علما) (وليس
كمثله
شئ ثم يقول:
أنا رأيته
بعيني ، وأحطت
به علما وهو
على
صورة
البشر ، أما
تستحيون ؟ ما
قدرت
الزنادقة أن
ترميه بهذا أن
يكون
يأتي
عن الله بشئ ،
ثم يأتي
بخلافه من وجه
آخر ! ! .
___________________________
(1)
الانعام: 103 .
(2) طه: 110 .
(3) الشورى: 11 .
________________________________________________
285
قال
أبو قرة فإنه
يقول (ولقد
رآه نزلة أخرى)
(1) فقال أبو
الحسن عليه
السلام:
إن
بعد هذه الآية
ما يدل على ما
رأى ، حيث قال 1): (ما
كذب الفؤاد
ما
رأى) يقول: ما
كذب فؤاد محمد
صلى الله
عليه وآله 2)
ما رأت عيناه
، ثم أخبر بما
___________________________
(1)
النجم: 13 .
(2) راجع بحار
الأنوار 4: 59 - 61 .
(3) أي: لم يقل
الفؤاد لما
رأى صورة
جبرئيل أو الله
لم أعرفك ،
ولو قال كان
كاذبا كما
بينه .
" منه " .
(4) أنوار
التنزيل 2: 472 - 473 .
________________________________________________
286
رأى
فقال: لقد رأى
من آيات ربه
الكبرى ،
فآيات الله عز
وجل غير الله
،
وقد
قال: (ولا
يحيطون به
علما) فإذا
رأته الابصار
فقد أحاطت به
العلم
ووقعت
المعرفة ،
فقال أبو قرة
فتكذب
بالروايات
فقال أبو
الحسن عليه
السلام:
___________________________
(1)
التفسير
الكبير 28: 291 .
(2) صحيح مسلم 1:
158 .
(3) صحيح مسلم 1:
159 .
(4) بحار الأنوار
4: 37 - 38 .
________________________________________________
287
إذا
كانت
الروايات
مخالفة
للقرآن كذبت
بها وما أجمع
المسلمون
عليه 1)
أنه
لا يحاط به
علم ولا تدركه
الابصار ،
وليس كمثله شئ
.
10 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا محمد بن
يحيى العطار ،
عن أحمد بن
محمد
بن عيسى ، عن
ابن أبي نجران
، عن عبد الله بن
سنان ، عن أبي
عبد
الله عليه
السلام في
قوله عز وجل:
لا تدركه
الابصار وهو
يدرك
الابصار)
قال: إحاطة
الوهم ، ألا
ترى إلى قوله: (قد
جاءكم بصائر
من
___________________________
(1)
بحار الأنوار:
4 38 .
(2) مجمع
البيان 5: 175 .
________________________________________________
288
ربكم)
1) (1) ليس يعني بصر
العيون (فمن
أبصر فلنفسه) 2) ليس
يعني
من
البصر بعينه
(ومن عمي
فعليها) 3) لم
يعن عمى العيون
، إنما عنى
إحاطة الوهم
كما يقال:
فلان بصير
بالشعر ،
وفلان بصير
بالفقه ،
وفلان
بصير
بالدراهم ،
وفلان بصير
بالثياب ،
الله أعظم من
أن يرى
بالعيون 4) .
11 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، قال:
حدثنا أحمد بن
محمد ، عن أبي
هاشم
الجعفري
، عن أبي
الحسن الرضا عليه
السلام قال:
سألته عن الله
عز وجل هل
يوصف
؟ فقال: أما
تقرأ القرآن ؟
! قلت: بلى ، قال:
أما تقرأ قوله
عز وجل:
(لا تدركه
الابصار وهو
يدرك الابصار)
قلت: بلى ، قال:
فتعرفون
الابصار
؟ قلت: بلى ،
قال: وما هي ؟
قلت: أبصار العيون
فقال: إن
أوهام
القلوب
أكثر من أبصار
العيون فهو لا
تدركه
الأوهام وهو
يدرك الأوهام
.
___________________________
(1)
الانعام: 104
والآية بعد
آية " لا تدركه
الابصار " .
________________________________________________
289
12 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله الكوفي
، عمن ذكره ،
عن محمد بن
عيسى ،
عن
داود بن
القاسم ، عن
أبي هاشم
الجعفري ، قال:
قلت لأبي جعفر
ابن
الرضا
عليهما
السلام (لا
تدركه
الابصار وهو يدرك
الابصار) ؟
فقال: يا أبا
هاشم
أوهام
القلوب أدق من
أبصار العيون
، أنت قد تدرك
بوهمك السند
والهند
والبلدان
التي لم
تدخلها ولا
تدركها ببصرك
، فأوهام القلوب
لا تدركه
فكيف
أبصار العيون
.
13 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رضي
الله عنه ،
قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، عن
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
عن
الحسين بن
الحسن ، عن
بكر بن صالح ،
عن الحسين بن
سعيد ، عن
إبراهيم
بن محمد
الخزاز ،
ومحمد بن
الحسين ، قالا:
دخلنا على أبي
الحسن
الرضا عليه
السلام
فحكينا له ما
روي أن محمدا صلى الله
عليه وآله
رأى ربه في
هيئة
الشاب
الموفق في سن
أبناء ثلاثين
سنة رجلاه في
خضرة وقلت: إن
هشام
بن سالم وصاحب
الطاق
والميثمي يقولون:
(إنه أجوف إلى
السرة
والباقي
صمد 1) ، فخر
ساجدا 2) ، ثم
قال: سبحانك
ما عرفوك ولا
وحدوك
فمن أجل ذلك
وصفوك ،
سبحانك لو
عرفوك لوصفوك
بما
________________________________________________
290
وصفت
به نفسك ،
سبحانك كيف
طاوعتهم
أنفسهم أن شبهوك
بغيرك ، إلهي
لا
أصفك إلا بما
وصفت به نفسك
، ولا أشبهك
بخلقك ، أنت
أهل لكل
خير
فلا تجعلني من
القوم
الظالمين ، ثم
التفت إلينا ،
فقال: ما
توهمتم من
شئ
فتوهموا الله
غيره ثم قال:
نحن آل محمد
النمط الوسطى
الذي لا
يدركنا
الغالي ولا
يسبقنا
التالي 1) ، يا
محمد إن رسول
الله صلى
الله عليه
وآله حين نظر
إلى
عظمة ربه كان
في هيئة الشاب
2) الموفق وسن أبناء
ثلاثين سنة يا
محمد
___________________________
(1)
أصول الكافي 1: 102
.
(2) نهاية ابن
الأثير 5: 119 .
________________________________________________
291
عظم
ربي وجل أن
يكون في صفة
المخلوقين ،
قال: قلت: جعلت
فداك
من
كانت في خضرة
؟ قال: ذاك
محمد صلى
الله عليه
وآله كان إذا
نظر إلى ربه
بقلبه
جعله في نور
مثل نور الحجب
1) حتى يستبين له
ما في الحجب ،
إن
________________________________________________
292
نور
الله منه اخضر
ما اخضر 1) ،
ومنه احمر ما
احمر ، ومنه
ابيض ما ابيض
،
ومنه
غير ذلك يا
محمد ما شهد
به الكتاب
والسنة فنحن
القائلون به .
14 - حدثنا
محمد بن محمد
بن عصام
الكليني رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
محمد
بن يعقوب
الكليني ، عن
علي بن محمد ،
عن سهل بن
زياد وغيره ،
عن
محمد بن
سليمان ، عن
علي بن
إبراهيم
الجعفري ، عن
عبد الله بن
سنان
، عن أبي عبد
الله عليه
السلام قال:
قال: إن الله
عظيم ، رفيع ،
لا يقدر
العباد
على
صفته ، ولا
يبلغون كنه
عظمته ، لا
تدركه الابصار
وهو يدرك
الابصار
وهو
اللطيف
الخبير 2) ، ولا
يوصف بكيف ولا
أين ولا حيث
فكيف أصفه
بكيف
وهو الذي كيف
الكيف حتى صار
كيفا ، فعرفت
الكيف بما كيف
لنا
من
الكيف ، أم
كيف أصفه بأين
وهو الذي أين
الأين حتى صار
أينا ،
___________________________
(1)
راجع بحار
الأنوار 4: 42 - 43 .
(2) في " ن ":
البصر .
________________________________________________
293
فعرفت
الأين بما أين
لنا من الأين
، أم كيف أصفه
بحيث وهو الذي
حيث
الحيث
1) حتى صار حيثا
، فعرفت الحيث
بما حيث لنا
من الحيث ،
فالله
تبارك
وتعالى داخل
في كل مكان ،
وخارج من كل شئ
، لا تدركه
الابصار
، وهو يدرك
الابصار ، لا
إله إلا هو العلي
العظيم ، وهو
اللطيف
الخبير
.
15 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ، عن
إبراهيم بن هاشم
،
عن
ابن أبي نجران
، عن محمد بن
سنان ، عن
إبراهيم
والفضل ابني
محمد
الأشعريين
، عن عبيد بن
زرارة ، عن
أبيه ، قال: قلت
لأبي عبد الله
عليه
السلام:
جعلت
فداك الغشية
التي كانت
تصيب رسول
الله صلى
الله عليه
وآله إذا
انزل عليه
الوحي
؟ فقال: ذاك
إذا لم يكن
بينه وبين
الله أحد ،
ذاك إذا انجلى
الله له 2) ،
________________________________________________
295
قال:
ثم قال: تلك
النبوة يا
زرارة 1) ،
واقبل بتخشع .
16 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
إبراهيم
بن هاشم ، عن
ابن أبي عمير
، عن مرازم ،
عن أبي عبد
الله عليه
السلام
قال:
سمعته يقول:
رأى رسول الله
صلى الله
عليه وآله
ربه عز وجل .
يعني بقلبه
وتصديق
ذلك .
17 - ما حدثنا
به محمد بن
الحسن بن أحمد
بن الوليد رحمه الله
قال:
___________________________
(1)
بحار الأنوار
18: 260 ح 12 عنه .
(2) سورة
المزمل: 5 .
(3) بحار
الأنوار 18: 261 ح 13
عنه .
________________________________________________
296
حدثنا
محمد بن الحسن
الصفار ، عن
محمد بن الحسين
بن أبي الخطاب
،
عن
محمد بن الفضيل
قال: سألت أبا
الحسن عليه
السلام هل
رأى رسول الله
صلى الله
عليه وآله
ربه
عز وجل ؟ فقال:
نعم بقلبه رآه
، أما ما سمعت الله
عز وجل يقول:
(ما
كذب
الفؤاد ما
رأى) أي لم يره
بالبصر ، ولكن
رآه بالفؤاد .
18 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ، عن
القاسم بن
محمد
الاصفهاني
، عن سليمان
بن داود
المنقري ، عن
حفص بن غياث
أو غيره ،
قال:
سألت أبا عبد
الله عليه
السلام عن
قول الله عز
وجل: (لقد رأى
من آيات
ربه
الكبرى) (1) قال:
رأى جبرئيل
على ساقه الدر
مثل القطر على
البقل ،
له
ستمائة جناح
قد ملا ما بين
السماء إلى الأرض
.
19 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله قال:
حدثنا
محمد بن هارون
الصوفي ، قال:
حدثنا عبيد
الله بن موسى
الروياني
، قال: حدثنا
عبد العظيم بن
عبد الله بن
علي بن الحسن
بن زيد
ابن
الحسن بن علي
بن أبي طالب عليهم
السلام ، عن
إبراهيم بن أبي
محمود ،
قال:
قال علي بن
موسى الرضا عليه
السلام في
قول الله عز
وجل: (وجوه
يومئذ
ناضرة إلى
ربها ناظرة) (2)
يعني مشرقة
تنتظر ثواب
ربها 1) .
___________________________
(1)
النجم: 18 .
(2) القيامة: 22 - 23 .
(3) بحار
الأنوار 18: 250 عنه
.
________________________________________________
297
20 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن أبي عبد
الله الكوفي ،
قال: حدثنا
موسى بن عمران
النخعي ،
عن
الحسين بن
يزيد النوفلي
، عن علي بن
أبي حمزة ، عن
أبي بصير ،
عن
أبي عبد الله عليه السلام
، قال: قلت له:
أخبرني عن
الله عز وجل
هل يراه
المؤمنون
يوم القيامة ؟
قال: نعم ، وقد
رأوه قبل يوم
القيامة ،
___________________________
(1)
سورة النمل: 35 .
(2) التفسير
الكبير
للرازي 30: 228 .
________________________________________________
298
فقلت:
متى ؟ قال: حين
قال لهم: (ألست
بربكم قالوا
بلى) 1) ثم سكت
ساعة
، ثم قال: وإن
المؤمنين
ليرونه في
الدنيا قبل
يوم القيامة ،
ألست
تراه
في وقتك هذا ؟
قال أبو بصير:
فقلت له: جعلت فداك
فأحدث بهذا
عنك
؟ فقال: لا ،
فإنك إذا حدثت
به فأنكره
منكر جاهل
بمعنى ما
تقوله
ثم
قدر أن ذلك
تشبيه كفر
وليست الرؤية
بالقلب كالرؤية
بالعين ،
تعالى الله
___________________________
(1)
سورة الأعراف:
172 .
(2) مجمع
البيان 2: 497 .
________________________________________________
299
عما
يصفه
المشبهون
والملحدون 1) .
21 - حدثنا
أحمد بن زياد
بن جعفر
الهمداني رحمه الله
، قال: حدثنا
علي
ابن
إبراهيم ، عن
أبيه إبراهيم
بن هاشم ، عن عبد
السلام بن
صالح الهروي ،
قال:
قلت لعلي بن
موسى الرضا
عليهما
السلام: يا بن
رسول الله ما
تقول في
الحديث
الذي
يرويه أهل
الحديث أن
المؤمنين
يزورون ربهم
من منازلهم في
الجنة ؟
فقال
عليه
السلام: يا
أبا الصلت إن
الله تبارك
وتعالى فضل
نبيه محمدا صلى الله
عليه وآله
على
جميع
خلقه من
النبيين
والملائكة ،
وجعل طاعته
طاعته
ومتابعته
متابعته
وزيارته
في الدنيا
والآخرة
زيارته فقال
عز وجل: من يطع
الرسول فقد
أطاع
الله ، وقال:
(إن الذين
يبايعونك
إنما يبايعون
الله يد الله
فوق
أيديهم)
2) وقال النبي صلى الله
عليه وآله:
(من زارني في
حياتي أو بعد
موتي فقد
___________________________
(1)
سورة الأعراف:
180 .
(2) مجمع
البيان 2: 503 .
________________________________________________
300
زار
الله) درجة
النبي صلى
الله عليه
وآله في
الجنة أرفع
الدرجات ، فمن
زاره إلى
درجته
في
الجنة من
منزله فقد زار
الله تبارك
وتعالى .
قال:
فقلت له: يا
ابن رسول الله
فما معنى
الخبر الذي
رووه أن ثواب
لا
إله إلا الله
النظر إلى وجه
الله ؟ فقال عليه
السلام: يا
أبا الصلت من
وصف الله
بوجه
كالوجوه فقد
كفر ولكن وجه
الله أنبياؤه ورسله
وحججه صلوات
الله
عليهم
، هم الذين
بهم يتوجه إلى
الله وإلى دينه
ومعرفته ،
وقال الله عز
وجل:
(كل من عليها
فان ويبقى وجه
ربك) (1) وقال عز وجل:
(كل شئ هالك
إلا وجهه) (2)
فالنظر إلى
أنبياء الله ورسله
وحججه عليهم
السلام رضى ا
لله عنه
في
درجاتهم ثواب
عظيم
للمؤمنين يوم
القيامة ، وقد
قال النبي صلى الله
عليه وآله:
(من
أبغض
أهل بيتي
وعترتي لم
يرني ولم أره
يوم القيامة)
وقال عليه
السلام: (إن
فيكم
من لا يراني
بعد أن
يفارقني) يا
أبا الصلت إن
الله تبارك
وتعالى لا
يوصف
بمكان ، ولا
تدركه
الابصار
والأوهام .
فقال:
قلت له: يا ابن
رسول الله
فأخبرني عن
الجنة والنار
أهما اليوم
مخلوقتان
1) ؟ فقال: نعم ،
وإن رسول الله
صلى الله
عليه وآله قد
دخل الجنة
ورأي
___________________________
(1)
الرحمن: 26 - 27 .
(2) القصص: 88 .
(3) مجمع البيان
5: 113 .
________________________________________________
301
النار
لما عرج به
إلى السماء ،
قال: فقلت له:
إن قوما
يقولون: إنهما
اليوم
مقدرتان
غير مخلوقتين
، فقال عليه
السلام: ما
أولئك منا ولا
نحن منهم ، من
أنكر
خلق
الجنة والنار
فقد كذب النبي
صلى الله
عليه وآله
وكذبنا ، ولا
من ولايتنا
على شئ ،
ويخلد
في نار جهنم ،
قال الله عز
وجل: (هذه جهنم التي
يكذب بها
________________________________________________
302
المجرمون
1) يطوفون
بينها وبين
حميم آن) (1) وقال
النبي صلى
الله عليه
وآله: (لما
عرج
بي إلى السماء
أخذ بيدي
جبرئيل
فأدخلني
الجنة
فناولني من
رطبها
فأكلته
1) فتحول ذلك
نطفة في صلبي
، فلما أهبطت إلى
الأرض واقعت
خديجة
فحملت بفاطمة عليها
السلام ،
ففاطمة حوراء
إنسية ، وكلما
اشتقت إلى
رائحة
الجنة شممت
رائحة ابنتي
فاطمة عليها
السلام) .
22 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
قال: حدثنا
علي بن
الحسين
السعد آبادي ،
عن أحمد بن
أبي عبد الله
البرقي ، عن
أبيه محمد
ابن
خالد ، عن
أحمد بن النضر
، عن محمد بن
مروان ، عن
محمد بن
___________________________
(1)
الرحمن: 43 - 44 .
(2) شرح
المقاصد 5: 108 - 111 .
(3) مجمع
البيان 5: 206 .
________________________________________________
303
السائب
، عن أبي
الصالح ، عن
عبد الله بن
عباس في قوله
عز وجل: (فلما
أفاق
قال سبحانك
تبت إليك وأنا
أول المؤمنين)
(1) قال: يقول:
سبحانك
تبت
إليك من أن
أسألك الرؤية
وأنا أول
المؤمنين
بأنك لا ترى .
قال
محمد بن علي
بن الحسين
مصنف هذا
الكتاب رضي
الله عنه: إن
موسى عليه
السلام
علم
أن الله عز
وجل لا يجوز
عليه الرؤية ،
وإنما سأل
الله عز وجل
أن يريه
ينظر
إليه عن قومه
حين ألحوا
عليه في ذلك ،
فسأل موسى ربه
ذلك من
غير
أن يستأذنه ،
فقال: رب أرني
أنظر إليك ،
قال: لن تراني
ولكن انظر
إلى
الجبل فإن
استقر مكانه
في حال تزلزله
فسوف تراني ،
ومعناه أنك لا
تراني
أبدا لان
الجبل لا يكون
ساكنا متحركا
في حال أبدا ،
وهذا مثل
قوله
عز وجل: (ولا
يدخلون الجنة
حتى يلج الجمل
في سم
الخياط)
(2) ومعناه أنهم
لا يدخلون
الجنة أبدا كما
لا يلج الجمل
في سم
الخياط
أبدا ، فلما
تجلى ربه
للجبل أي ظهر
للجبل باية من
آياته
___________________________
(1)
الأعراف: 143 .
(2) الأعراف: 40 .
________________________________________________
304
وتلك
الآية نور 1) من
الأنوار التي
خلقها ألقى منها
على ذلك الجبل
جعله
دكا
وخر موسى صعقا
من هول تزلزل
ذلك الجبل على
عظمه وكبره
فلما
أفاق
قال: سبحانك
إني تبت إليك
أي رجعت إلى
معرفتي بك
عادلا عما
حملني
عليه قومي من
سؤالك الرؤية
، ولم تكن هذه
التوبة من ذنب
لان
الأنبياء
لا يذنبون
ذنبا صغيرا
ولا كبيرا ، ولم
يكن
الاستيذان قبل
السؤال
بواجب
عليه ، لكنه
كان أدبا
يستعمله
ويأخذ به نفسه
متى أراد أن
يسأله ،
على
أنه قد روى
قوم أنه قد
استأذن في ذلك
فأذن له ليعلم
قومه بذلك أن
الرؤية
لا تجوز على
الله عز وجل
وقوله: وأنا أول
المؤمنين
يقول: وأنا
أول
المؤمنين من
القوم الذين
كانوا معه
وسألوه أن
يسأل ربه أن
يريه ينظر
إليه
بأنك لا ترى .
___________________________
(1)
تفسير
العياشي 2: 26 - 27 ح 72 .
(2) تفسير
العياشي 2: 27 ح 73 .
________________________________________________
305
والاخبار
التي رويت في
هذا المعنى
وأخرجها مشايخنا
رضي الله
عنهم
في مصنفاتهم
عندي صحيحة ،
وإنما تركت
إيرادها في
هذا الباب
خشية
أن يقرأها
جاهل
بمعانيها
فيكذب بها فيكفر
بالله عز وجل
وهو لا
يعلم
.
والاخبار
التي ذكرها
أحمد بن محمد
بن عيسى في نوادره
والتي
أوردها
محمد بن أحمد
بن يحيى في
جامعه في معنى
الرؤية صحيحة
لا
يردها
إلا مكذب
بالحق أو جاهل
به ، وألفاظها
ألفاظ القرآن
، ولكل خبر
منها
معنى ينفي
التشبيه
والتعطيل
ويثبت التوحيد
، وقد أمرنا
الأئمة
صلوات
الله عليهم أن
لا نكلم الناس
إلا على قدر
عقولهم .
________________________________________________
306
ومعنى
الرؤية
الواردة في
الاخبار
العلم ، وذلك
أن الدنيا دار
شكوك
وارتياب
وخطرات ، فإذا
كان يوم
القيامة كشف للعباد
من آيات الله
وأموره
في ثوابه
وعقابه ما
يزول به
الشكوك ويعلم
حقيقة قدرة
الله عز
وجل
، وتصديق ذلك
في كتاب الله
عز وجل (لقد
كنت في غفلة
___________________________
(1) مجمع
البيان 2: 475 .
(2) تفسير
العياشي 2: 27 ح 74 .
________________________________________________
307
من 1)
هذا فكشفنا
عنك غطاءك
فبصرك اليوم
حديد) (1) فمعنى
ما روي
في
الحديث أنه عز
وجل يرى أي
يعلم علما
يقينا ، كقوله
عز وجل: (ألم
تر
إلى ربك كيف
مد الظل) (2)
وقوله: (ألم تر
إلى الذي حاج
إبراهيم في
ربه)
(3) وقوله: (ألم تر
إلى الذين
خرجوا من
ديارهم وهم
ألوف حذر
الموت)
(4) وقوله: (ألم تر
كيف فعل ربك
بأصحاب الفيل)
(5) وأشباه
ذلك
من رؤية القلب
وليست من رؤية
العين ، وأما
قول الله عز
وجل:
(فلما تجلى
ربه للجبل)
فمعناه لما
ظهر عز وجل
للجبل بآية من
آيات
___________________________
(1) ق: 22 .
(2) الفرقان: 45 .
(3) البقرة 258 .
(4) البقرة: 243 .
(5) الفيل: 1 .
(6) مجمع
البيان 5: 146 .
________________________________________________
308 - 317
الآخرة
التي يكون بها
الجبال سرابا
1) والتي ينسف
بها الجبال
نسفا 2)
تدكدك
الجبل فصار
ترابا لأنه لم
يطق حمل تلك الآية
، وقد قيل: إنه
بدا
له
من نور العرش .
23 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
قال: حدثنا
سعد بن عبد الله
، عن القاسم
بن
محمد
الاصفهاني ،
عن سليمان بن
داود المنقري ،
عن حفص بن غياث
النخعي
القاضي ، قال:
سألت أبا عبد
الله عليه
السلام ، عن
قول الله عز
وجل:
________________________________________________
318
فلما
تجلى ربه
للجبل جعله
دكا) قال: ساخ
الجبل في
البحر فهو
يهوي
حتى الساعة .
24 - وتصديق ما
ذكرته ما
حدثنا به تميم
بن عبد الله
بن تميم
القرشي
رضي الله عنه
، قال: حدثني
أبي ، عن حمدان
بن سليمان
النيسابوري ،
عن
علي بن محمد
بن الجهم ،
قال: حضرت
مجلس المأمون
وعنده
الرضا
علي بن موسى
عليهما
السلام فقال
له المأمون:
يا ابن رسول
الله أليس من
قولك
أن الأنبياء
معصومون ؟
قال: بلى ،
فسأله عن آيات
من القرآن ،
فكان
فيما سأله أن
قال له: فما
معنى قول الله
عز وجل: (ولما
جاء
موسى
لميقاتنا
وكلمه ربه 1)
قال رب أرني
أنظر إليك قال
لن تراني -
الآية)
كيف يجوز أن
يكون كليم
الله موسى بن
عمران عليه
السلام لا
يعلم أن الله
تعالى
ذكره لا يجوز
عليه الرؤية
حتى يسأله هذا
السؤال ؟ فقال
الرضا عليه
السلام:
___________________________
(1)
سورة طه: 105 .
(2) مجمع
البيان 4: 29 .
________________________________________________
319
إن
كليم الله
موسى بن عمران
عليه
السلام علم
أن الله تعالى
عن أن يرى
بالابصار ،
ولكنه
لما كلمه الله
عز وجل وقربه
نجيا 1) رجع إلى
قومه فأخبرهم أن
الله
عز
وجل كلمه
وقربه وناجاه
، فقالوا: لن
نؤمن لك حتى
نسمع كلامه
كما
سمعت
، وكان القوم
سبعمائة ألف
رجل ، فاختار
منهم سبعين
ألفا ، ثم
اختار
منهم سبعة
آلاف ثم اختار
منهم سبعمائة ،
ثم اختار منهم
سبعين
رجلا
لميقات ربه ،
فخرج بهم إلى
طور سيناء ،
فأقامهم في
سفح الجبل ،
وصعد
موسى عليه
السلام إلى
الطور وسأل
الله تبارك
وتعالى أن
يكلمه ويسمعهم
كلامه
، فكلمه الله
تعالى ذكره
وسمعوا كلامه من
فوق وأسفل
ويمين
وشمال
ووراء وأمام ،
لان الله عز
وجل أحدثه في
الشجرة ، ثم
جعله
منبعثا
منها حتى
سمعوه من جميع
الوجوه ،
فقالوا: لن
نؤمن لك بأن
هذا
الذي
سمعناه كلام
الله حتى نرى
الله جهرة ،
فلما قالوا
هذا القول
العظيم
واستكبروا
وعتوا ، بعث
الله عز وجل
عليهم صاعقة
فأخذتهم
بظلمهم
فماتوا
، فقال موسى:
يا رب ما أقول
لبني إسرائيل
إذا رجعت
إليهم
وقالوا:
إنك ذهبت بهم
فقتلتهم لأنك
لم تكن صادقا
فيما ادعيت من
________________________________________________
320
مناجاة
الله إياك ،
فأحياهم الله
وبعثهم معه ،
فقالوا: إنك
لو سألت الله
أن
يريك
أن تنظر إليه
لأجابك وكنت
تخبرنا كيف هو
فنعرفه حق
معرفته ،
فقال
موسى عليه
السلام: يا
قوم إن الله
لا يرى
بالابصار ولا
كيفية له ،
وإنما يعرف
بآياته
ويعلم
بأعلامه ،
فقالوا: لن
نؤمن لك حتى
تسأله ، فقال
موسى عليه
السلام:
يا
رب إنك قد
سمعت مقالة
بني إسرائيل
وأنت أعلم
بصلاحهم ،
فأوحى الله
جل
جلاله إليه:
يا موسى
اسألني ما
سألوك فلن
أؤاخذك
بجهلهم ، فعند
ذلك
قال موسى عليه
السلام: (رب
أرني أنظر
إليك قال لن
تراني ولكن
انظر إلى
الجبل
فإن استقر
مكانه (وهو
يهوي) فسوف
تراني فلما
تجلى ربه
للجبل
(بآية من
آياته) جعله
دكا وخر موسى
صعقا فلما
أفاق قال
سبحانك
تبت إليك
(يقول: رجعت
إلى معرفتي بك
عن جهل قومي)
وأنا
أول
المؤمنين)
منهم بأنك لا
ترى ، فقال
المأمون: لله
درك يا أبا
الحسن .
والحديث
طويل أخذنا
منه موضع
الحاجة ، وقد
أخرجته
بتمامه في
كتاب
عيون
أخبار الرضا عليه
السلام .
ولو
أوردت
الاخبار التي
رويت في معنى
الرؤية لطال
الكتاب
بذكرها
وشرحها
وإثبات صحتها
، ومن وفقه
الله تعالى
ذكره للرشاد آمن
بجميع ما
يرد
عن الأئمة عليهم
السلام
بالأسانيد
الصحيحة ،
وسلم لهم ورد
الامر فيما
اشتبه
عليه
إليهم إذ كان
قولهم قول
الله وأمرهم
أمره ، وهم
أقرب الخلق
إلى الله
عز
وجل وأعلمهم
به صلوات الله
عليهم أجمعين
.
9 - باب
القدرة
1 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل
رضي الله عنه ،
قال: حدثنا
علي بن
________________________________________________
321
إبراهيم
بن هاشم ، عن
محمد بن أبي
إسحاق الخفاف
، قال: حدثني
عدة
من
أصحابنا أن
عبد الله
الديصاني أتى
هشام بن الحكم
فقال له: ألك
رب ؟
فقال: بلى ،
قال: قادر ؟
قال: نعم قادر
، قاهر ، قال:
يقدر أن
يدخل
الدنيا كلها
في البيضة لا
يكبر البيضة ولا
يصغر الدنيا ؟
فقال هشام:
النظرة
، فقال له: قد
أنظرتك حولا ،
ثم خرج عنه ،
فركب هشام إلى
أبي
عبد
الله عليه
السلام
فاستأذن عليه
فأذن له فقال:
يا ابن رسول
الله أتاني
عبد الله
الديصاني
بمسألة ليس
المعول فيها
إلا على الله
وعليك ، فقال
له أبو عبد
الله
عليه
السلام:
عماذا سألك ؟
فقال: قال لي
كيت وكيت ،
فقال أبو عبد
الله عليه
السلام يا
هشام
كم حواسك ؟
قال: خمس ،
فقال: أيها
أصغر ؟ فقال:
الناظر ،
فقال:
وكم
قدر الناظر ؟
قال: مثل
العدسة أو أقل
منها ، فقال:
يا هشام فانظر
أمامك
وفوقك
وأخبرني بما
ترى ، فقال:
أرى سماء
وأرضا ودورا
وقصورا
وترابا
وجبالا
وأنهارا ،
فقال له أبو عبد
الله عليه
السلام: إن
الذي قدر أن
يدخل
الذي تراه
العدسة أو أقل
منها قادر أن
يدخل الدنيا
كلها البيضة 1)
لا
يصغر
الدنيا ولا
يكبر البيضة ،
فانكب هشام عليه
وقبل يديه
ورأسه
ورجليه
، وقال: حسبي
يا ابن رسول
الله فانصرف إلى
منزله ، وغدا
إليه
الديصاني
فقال: يا هشام
إني جئتك
مسلما ولم
أجئك متقاضيا
للجواب
، فقال له
هشام: إن كنت
جئت متقاضيا
فهاك الجواب
فخرج عنه
الديصاني
، فأخبر أن
هشاما دخل على
أبي عبد الله عليه
السلام
فعلمه الجواب
________________________________________________
322
فمضى
عبد الله
الديصاني حتى
أتى باب أبي
عبد الله عليه
السلام
فاستأذن عليه
فأذن
له ، فلما قعد
قال له: يا
جعفر بن محمد
دلني على
معبودي ، فقال
له
أبو
عبد الله عليه
السلام: ما
اسمك ؟ فخرج
عنه ولم يخبره
باسمه ، فقال
له أصحابه:
كيف
لم تخبره
باسمك ؟ ! قال:
لو كنت قلت له:
(عبد الله) كان
يقول:
من
هذا الذي أنت
له عبد ؟
فقالوا له: عد
إليه فقل له
يدلك على
معبودك ولا
يسألك
عن اسمك ،
فرجع إليه
فقال له: يا
جعفر دلني على
معبودي ولا
تسألني
عن اسمي ،
فقال له أبو
عبد الله عليه
السلام: اجلس
، وإذا غلام
له صغير
في
كفه بيضة يلعب
بها ، فقال
أبو عبد الله عليه
السلام:
ناولني يا
غلام البيضة
فناوله
إياها فقال
أبو عبد الله عليه
السلام: يا
ديصاني هذا
حصن مكنون له جلد
غليظ
وتحت الجلد
الغليظ جلد
رقيق ، وتحت
الجلد الرقيق
ذهبة مايعة
وفضة
ذائبة ، فلا
الذهبة
المايعة
تختلط بالفضة
الذائبة ولا
الفضة
الذائبة
___________________________
(1)
التعليقة على
كتاب الكافي
للسيد
الداماد ص 183 - 184 .
________________________________________________
323
على
ما ذكرت ليس
من جهة النقص
فيها ، بل
النقص إنما هو
في المادة
المفروضة
، حيث أنه
لاحظ لها من
الشيئية والكون
، ومن ثم قال
أمير
المؤمنين
عليه
السلام في
الاخبار
الآتية في هذا
الباب: والذي
سألت لا يكون
أي ليس
داخلا
تحت التكوين
ليكون متعلقا
للقدرة ، لان
من جملة شرائط
التأثير
قبول
المادة الأثر
الفاعل ، ألا
ترى أنه سبحانه
غير قادر على
إيجاد الشريك
له لا
لكونه
عاجزا عن
إيجاده بل
لأنه محال في
نفسه .
وثالثها:
أن السؤال له
ظاهر محال في
نفسه كما عرفت
، وله نحو من
الأنحاء
الممكنة ،
أعني: الادخال
الظلي
الانطباعي ،
وهذا ممكن ،
فمن ثم
تعلقت
القدرة به
ووجد في
الخارج .
ورابعها:
أنه عليه
السلام لما
علم قصور
السائل عن
الفرق بين
الادراكين وله
طرف
من
العناد ، فلو
وقع الجواب
ناصا على عدم
القدرة ،
لربما زاد في
اللجاج ، فمن
ثم
أجمل عليه
السلام في
جوابه بما هو
محتمل
للامرين علما
منه بأنه يفحم
بهذا ، ولذا
لزمه
باسمه كما
سيأتي (1) . وأما
ما سيأتي في
هذا الباب من
سؤال إبليس
لعيسى
عليه
السلام
وسؤال من سأل
أمير
المؤمنين عليه
السلام ،
فلما علما
عليهما
السلام
بعلمهما
وفهمهما
وقع
الجواب منهما
صريحا في
حقيقة السؤال
سيما الشيطان
، فإنه العالم
الدقيق ،
ولا
يرضى
بالأجوبة
الاقناعية .
وذكر
أبو إسحاق
الأسفرائيني
أن إبليس جاء
إلى إدريس عليه
السلام في
صورة
إنسان
، وهو يخيط
ويقول في كل
دخلة وخرجة:
سبحان الله
والحمد لله ،
فجاءه
بقشرة
، فقال: الله
تعالى يقدر أن
يجعل الدنيا
في هذه القشرة
، فقال: الله
قادر أن
يجعل
الدنيا في سم
هذه الإبرة ،
ونخس بالإبرة أحد
عينيه ، فصار
أعور ، قال:
___________________________
(1)
راجع بحار
الأنوار 4: 141 - 142 .
________________________________________________
324
تختلط
بالذهبة
المايعة ، هي
على حالها لم
يخرج منها
مصلح فيخبر عن
إصلاحها
1) ولا دخل فيها
مفسد فيخبر عن
فسادها ، لا
يدرى للذكر
خلقت
أم للأنثى ،
تنفلق عن مثل
ألوان
الطواويس ،
أترى لها
مدبرا ؟
قال:
فأطرق مليا ،
ثم قال: أشهد
أن لا إله إلا
الله وحده لا
شريك له ،
وأن
محمدا عبده
ورسوله ، وأنك
إمام وحجة من
الله على خلقه
، وأنا
تائب
مما كنت فيه .
___________________________
(1) في
" س ": الأشعري .
(2) في " س ": في .
________________________________________________
325
2 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله قال:
حدثنا محمد
ابن
الحسن الصفار
، قال: حدثنا
أحمد بن محمد
بن خالد ، عن
بعض
أصحابنا
، قال: مر أبو
الحسن الرضا عليه
السلام بقبر
من قبور أهل
بيته فوضع
يده
عليه ، ثم قال:
إلهي بدت
قدرتك ولم تبد
هيئة فجهلوك
وقدروك 1)
والتقدير
على غير ما به
وصفوك 2) وإني
برئ يا إلهي
من الذين
بالتشبيه
طلبوك
، ليس كمثلك
شئ ، إلهي ولن
يدركوك ،
وظاهر ما بهم
من نعمتك
دليلهم
عليك لو عرفوك
، وفي خلقك يا
إلهي مندوحة
أن يتناولوك 3)
بل
سووك
بخلقك ، فمن
ثم لم يعرفوك
، واتخذوا بعض
آياتك ربا
فبذلك
وصفوك
، تعاليت ربي
عما به
المشبهون
نعتوك .
3 - حدثنا أبي رحمه الله
قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، قال:
حدثنا محمد بن
الحسين
بن أبي الخطاب
، عن أحمد بن
محمد بن أبي
نصر ، قال: جاء
قوم
من
وراء النهر
إلى أبي الحسن
عليه
السلام ،
فقالوا له:
جئناك نسألك
عن ثلاث
________________________________________________
326
مسائل
، فان أجبتنا
فيها علمنا أنك
عالم ، فقال:
سلوا ،
فقالوا:
أخبرنا عن
الله
أين كان ،
وكيف كان ،
وعلى أي شئ
كان اعتماده ؟
فقال: إن الله
عز
وجل
كيف الكيف فهو
بلا كيف ،
وأين الأين
فهو بلا أين ،
وكان اعتماده
على
قدرته ،
فقالوا: نشهد
أنك عالم .
قال
مصنف هذا
الكتاب: يعني
بقوله: (وكان
اعتماده على
قدرته)
أي
على ذاته لان
القدرة من
صفات ذات الله
عز وجل .
4 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
، عن عمه محمد
بن أبي
القاسم
، عن أحمد بن
محمد بن خالد
، عن محمد بن علي
الكوفي ، عن
عبد
الرحمن بن
محمد بن أبي
هاشم ، عن
أحمد بن محسن
الميثمي ،
قال:
كنت
عند أبي منصور
المتطبب ،
فقال: أخبرني
رجل من أصحابي
قال:
كنت
أنا وابن أبي
العوجاء وعبد
الله بن المقفع
في المسجد
الحرام ، فقال
ابن
المقفع: ترون
هذا الخلق ؟
وأومأ بيده
إلى موضع
الطواف ما
منهم أحد
أوجب
له اسم
الانسانية
إلا ذلك الشيخ
الجالس - يعني
جعفر بن
محمد
عليهما
السلام - فأما
الباقون
فرعاع 1)
وبهائم ، فقال
له ابن أبي
العوجاء:
وكيف
أوجبت هذا
الاسم لهذا
الشيخ دون
هؤلاء ؟ قال:
لأني رأيت
عنده
ما
لم أر عندهم ،
فقال ابن أبي
العوجاء: ما
بد من اختبار
ما قلت فيه
منه ،
فقال
له ابن
المقفع: لا
تفعل ، فإني
أخاف أن يفسد
عليك ما في
يدك ،
فقال:
ليس ذا رأيك ،
ولكنك تخاف أن
يضعف رأيك عندي
في إحلالك
إياه
المحل الذي
وصفت ، فقال
ابن المقفع:
أما إذا توهمت
على
________________________________________________
327
هذا
فقم إليه ،
وتحفظ ما
استطعت من
الزلل ، ولا
تثن عنانك إلى
استرسال
يسلمك
إلى عقال 1) ،
وسمه مالك 2) أو
عليك قال:
فقام ابن أبي
العوجاء ،
وبقيت
أنا وابن
المقفع ، فرجع
إلينا ، فقال:
يا ابن المقفع
ما هذا ببشر ،
وإن
كان
في الدنيا
روحاني يتجسد
إذا شاء ظاهرا
ويتروح إذا
شاء باطنا فهو
هذا
، فقال له:
وكيف ذاك ؟
فقال: جلست
إليه ، فلما لم
يبق عنده غيري
___________________________
(1)
نهاية ابن
الأثير 2: 235 .
________________________________________________
328
ابتدأني
فقال: إن يكن
الامر على ما
يقول هؤلاء
وهو على ما
يقولون
يعني
أهل الطواف
فقد سلموا
وعطبتم وإن
يكن الامر على
ما تقولون
وليس
كما تقولون
فقد استويتم
أنتم وهم ،
فقلت له: يرحمك
الله وأي
شئ
نقول وأي شئ
يقولون ؟ ما
قولي وقولهم
إلا واحدا ،
قال: فكيف
يكون
قولك وقولهم
واحدا وهم
يقولون: إن
لهم معادا
وثوابا
وعقابا
ويدينون
بأن للسماء
إلها وأنها
عمران وأنتم تزعمون
أن السماء
خراب
ليس
فيها أحد .
قال:
فاغتنمتها
منه فقلت له:
ما منعه إن
كان الامر كما
تقول أن يظهر
لخلقه
ويدعوهم إلى
عبادته حتى لا
يختلف منهم اثنان
ولم احتجب
عنهم
وأرسل
إليهم الرسل ؟
! ولو باشرهم
بنفسه كان أقرب
إلى الايمان
به ،
فقال
لي: ويلك وكيف
احتجب عنك من
أراك قدرته في
نفسك نشوءك
ولم
تكن وكبرك بعد
صغرك ، وقوتك
بعد ضعفك وضعفك
بعد قوتك ،
وسقمك
بعد صحتك ،
وصحتك بعد
سقمك ، ورضاك
بعد غضبك ،
وغضبك
بعد
رضاك ، وحزنك
بعد فرحك ،
وفرحك بعد
حزنك ، وحبك
بعد بغضك
وبغضك
بعد حبك ،
وعزمك بعد
إبائك ،
وإبائك بعد
عزمك ، وشهوتك
بعد
كراهتك
، وكراهتك بعد
شهوتك ،
ورغبتك بعد
رهبتك ،
ورهبتك بعد
رغبتك
، ورجاءك بعد
يأسك ، ويأسك
بعد رجائك ، وخاطرك
بما لم يكن
في
وهمك ، وعزوب
ما أنت معتقده
عن ذهنك ، وما
زال يعد علي
قدرته
التي
هي في نفسي
التي لا
أدفعها حتى
ظننت أنه سيظهر
فيما بيني
وبينه .
________________________________________________
329
5 - حدثنا
أحمد بن محمد
بن يحيى
العطار رحمه
الله ، قال:
حدثني سعد بن
عبد
الله ، عن
أحمد بن أبي
عبد الله ، عن
يعقوب بن يزيد
، عن محمد بن
أبي
عمير ، عمن
ذكره ، عن أبي
عبد الله عليه
السلام قال:
إن إبليس قال
لعيسى
ابن
مريم عليه
السلام:
أيقدر ربك على
أن يدخل الأرض
بيضة لا يصغر
الأرض
ولا
يكبر البيضة ؟
فقال عيسى عليه
السلام: ويلك
، إن الله لا
يوصف بعجز ،
ومن
أقدر
ممن يلطف
الأرض 1) ويعظم
البيضة .
6 - حدثنا أبي رحمه الله
قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، قال:
حدثنا يعقوب
ابن
يزيد ، عن
حماد بن عيسى
، عن ربعي بن
عبد الله ، عن
الفضيل بن
يسار
قال: سمعت أبا
عبد الله عليه
السلام يقول:
إن الله عز
وجل لا يوصف .
قال:
وقال زرارة:
قال أبو جعفر عليه
السلام: إن
الله عز وجل
لا يوصف وكيف
يوصف
وقد قال في
كتابه: (وما
قدروا الله حق
قدره) (1) فلا
يوصف
بقدرة
إلا كان أعظم
من ذلك .
7 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله قال:
حدثنا محمد
ابن
الحسن الصفار
، عن محمد بن
الحسين بن أبي
الخطاب ، عن
جعفر بن
بشير
، عن الحسين
بن أبي حمزة ،
قال: سمعت أبا
عبد الله عليه
السلام يقول:
___________________________
(1)
الانعام: 91 ،
والحج: 74 ،
والزمر: 67 .
________________________________________________
330
قال
أبي عليه
السلام: إن
محمد بن علي
ابن الحنفية
كان رجلا رابط
الجأش -
وأشار
بيده 1) - وكان
يطوف بالبيت
فاستقبله الحجاج
، فقال: قد
هممت
أن
أضرب الذي فيه
عيناك ، قال
له محمد: كلا ،
إن لله تبارك
اسمه في
خلقه
كل يوم
ثلاثمائة
لحظة 2) أو لمحة
، فلعل إحداهن
تكفك عني .
8 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
، عن محمد بن
أبي القاسم ،
عن
محمد بن علي
الصيرفي ، عن
علي بن حماد ،
عن المفضل بن
عمر
الجعفي
، عن أبي عبد
الله عليه
السلام ،
قال: إن الله
تبارك وتعالى
لا تقدر قدرته
،
ولا
يقدر العباد
على صفته ولا
يبلغون كنه
علمه ولا مبلغ
عظمته ، وليس
شئ
غيره ، هو نور
ليس فيه ظلمة
وصدق ليس فيه
كذب ، وعدل
ليس
فيه
جور ، وحق ليس
فيه باطل ،
كذلك لم يزل
ولا يزال أبد
الآبدين ،
________________________________________________
331
وكذلك
كان إذ لم يكن
أرض ولا سماء
ولا ليل ولا نهار
ولا شمس ولا
قمر
ولا نجوم ولا
سحاب ولا مطر
ولا رياح ، ثم
إن الله تبارك
وتعالى
أحب
أن يخلق خلقا
يعظمون عظمته
ويكبرون كبرياءه
ويجلون جلاله
،
فقال:
كونا ظلين ،
فكانا كما قال
الله تبارك
وتعالى .
قال
مصنف هذا
الكتاب: معنى
قوله: هو نور ،
أي هو منير
وهاد
ومعنى
قوله: كونا
ظلين ، الروح
المقدس
والملك المقرب
1) ، والمراد به
أن
الله
كان ولا شئ
معه ، فأراد
أن يخلق
أنبياءه وحججه
وشهداءه ،
فخلق
قبلهم
الروح المقدس
وهو الذي يؤيد
الله عز وجل
به أنبياءه
وحججه
وشهداءه
صلوات الله
عليهم ، وهو
الذي يحرسهم به
من كيد
الشيطان
ووسواسه
ويسددهم
ويوفقهم
ويمدهم
بالخواطر الصادقة
ثم خلق الروح
الأمين
الذي نزل على
أنبيائه
بالوحي منه عز
وجل ، وقال
لهما: كونا
ظلين
ظليلين
لأنبيائي
ورسلي وحججي
وشهدائي ،
فكانا كما قال
الله عز
وجل
ظلين ظليلين
لأنبيائه
ورسله وحججه
وشهدائه ،
يعينهم بهما
وينصرهم
على أيديهما
ويحرسهم بهما
، وعلى هذا
المعنى قيل
للسلطان
العادل:
إنه ظل الله
في أرضه
لعباده ، يأوي
إليه المظلوم
، ويأمن به
الخائف
الوجل ، ويأمن
به السبل ،
وينتصف به الضعيف
من القوي ، وهذا
هو
سلطان الله
وحجته التي لا
تخلو الأرض
منه إلى أن
تقوم الساعة .
___________________________
(1)
بحار الأنوار
46: 132 - 133 .
________________________________________________
332
9 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
، عن عمه محمد
بن أبي
القاسم
، عن أحمد بن
أبي عبد الله
، عن أبي أيوب
المدني ، عن
محمد بن
أبي
عمير ، عن عمر
بن أذينة ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام قال:
قيل لأمير
المؤمنين
عليه
السلام: هل
يقدر ربك أن
يدخل الدنيا
في بيضة من
غير أن يصغر
الدنيا
أو يكبر
البيضة ؟ قال:
إن الله تبارك
وتعالى لا ينسب
إلى العجز ،
والذي
سألتني لا
يكون .
10 - حدثنا
جعفر بن محمد
بن مسرور رحمه
الله قال:
حدثنا الحسين
بن
محمد
بن عامر ، عن
عمه عبد الله
بن عامر ، عن
ابن أبي عمير
، عن أبان
ابن
عثمان ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام قال:
جاء رجل إلى
أمير
المؤمنين عليه
السلام فقال
البيضة
؟ فقال: ويلك ،
إن الله لا
يوصف بالعجز ومن
أقدر ممن يلطف
الأرض
ويعظم البيضة
.
________________________________________________
333
11 - حدثنا علي
بن أحمد بن
عبد الله
البرقي رحمه
الله قال:
حدثنا أبي ،
عن
جده
أحمد بن أبي
عبد الله ، عن
أحمد بن محمد
بن أبي نصر ،
قال: جاء
رجل
إلى الرضا عليه
السلام فقال:
هل يقدر ربك
أن يجعل
السماوات
والأرض
وما
بينهما في
بيضة ؟ قال:
نعم ، وفي
أصغر من البيضة
1) ، قد جعلها في
عينك
وهي أقل من
البيضة ، لأنك
إذا فتحتها
عاينت السماء
والأرض وما
بينهما
، ولو شاء
لأعماك عنها .
___________________________
(1)
بحار الأنوار
25: 21 ح 33 .
________________________________________________
334
12 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
أبو القاسم
العلوي ، عن
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
قال: حدثنا
الحسين
بن الحسن قال:
حدثنا محمد بن
عيسى ، عن
محمد بن عرفة
،
قال:
قلت للرضا عليه
السلام خلق
الله الأشياء
بالقدرة أم
بغير القدرة ؟
فقال: لا
يجوز
أن يكون خلق
الأشياء
بالقدرة 1)
لأنك إذا قلت:
خلق الأشياء
بالقدرة
فكأنك قد جعلت
القدرة شيئا
غيره ، وجعلتها
آلة له بها
خلق
الأشياء
، وهذا شرك ،
وإذا قلت: خلق
الأشياء
بقدرة فإنما تصفه
أنه
جعلها
باقتدار
عليها وقدرة ،
ولكن ليس هو
بضعيف ولا
عاجز ولا
محتاج
إلى
غيره .
قال
محمد بن علي
مؤلف هذا
الكتاب: إذا
قلنا: إن الله
لم يزل قادرا
فإنما
نريد بذلك نفي
العجز عنه ،
ولا نريد إثبات
شئ معه لأنه
عز وجل
لم
يزل واحدا لا
شئ معه ،
وسأبين الفرق
بين صفات
الذات وصفات
الافعال
في بابه إن
شاء الله .
13 - حدثنا
حمزة بن محمد
العلوي رحمه
الله ، قال:
أخبرنا علي بن
إبراهيم
، عن أبيه ، عن
محمد بن أبي
عمير ، عن عمر
بن أذينة ، عن
أبي
________________________________________________
335
عبد
الله عليه
السلام في
قوله عز وجل
(ما يكون من
نجوى ثلاثة
إلا هو رابعهم
ولا
خمسة 1) إلا هو
سادسهم ولا
أدنى من ذلك
ولا أكثر إلا
هو معهم أين
ما
كانوا) (1) فقال:
هو واحد ،
أحدي الذات ،
بائن من خلقه
، وبذاك
وصف
نفسه ، وهو
بكل شئ محيط
بالاشراف
والإحاطة
والقدرة لا
يعزب
عنه مثقال ذرة
في السماوات
ولا في الأرض ولا
أصغر من ذلك
ولا
أكبر
بالإحاطة
والعلم لا
بالذات لان
الأماكن
محدودة
تحويها حدود
أربعة
2) فإذا كان
بالذات لزمه
الحواية .
14 - حدثنا
تميم بن عبد
الله بن تميم
القرشي رحمه
الله قال:
حدثني أبي ،
عن
حمدان بن
سليمان
النيسابوري ،
عن علي بن محمد
بن الجهم ،
قال:
حضرت
مجلس المأمون
وعنده الرضا
علي بن موسى عليهما
السلام ، فقال
له
___________________________
(1)
المجادلة: 7 .
________________________________________________
336
المأمون:
يا ابن رسول
الله أليس من
قولك أن
الأنبياء
معصومون ؟
قال:
بلى
، فسأله عن
آيات من
القرآن ، فكان
فيما سأله أن
قال له:
فأخبرني
عن
قول إبراهيم:
(رب أرني كيف
تحيي الموتى
قال أولم تؤمن
قال بلى
ولكن
ليطمئن قلبي)
؟ (1) قال الرضا عليه
السلام: إن
الله تبارك
وتعالى كان
أوحى
إلى إبراهيم عليه
السلام أني
متخذ من عبادي
خليلا إن
سألني إحياء
الموتى
أجبته ، فوقع
في نفس
إبراهيم عليه
السلام أنه
ذلك الخليل ،
فقال:
رب
أرني كيف تحيي
الموتى قال:
أولم تؤمن ؟
قال: بلى ولكن
ليطمئن
قلبي على
الخلة 1) قال:
(فخذ أربعة من
الطير فصرهن
___________________________
(1)
البقرة: 260 .
(2) مجمع
البيان 1: 372 .
________________________________________________
337 - 338
إليك
1) ثم اجعل على
كل جبل منهن
جزءا ثم أدعهن
يأتينك سعيا
واعلم
أن
الله عزيز
حكيم فأخذ
إبراهيم عليه
السلام نسرا
وبطا وطاووسا
وديكا 2)
فقطعهن
قطعا صغارا ،
ثم جعل على كل
جبل من الجبال
التي كانت
حوله
- وكانت عشرة -
منهن جزءا ،
وجعل
مناقيرهن بين
أصابعه ، ثم
دعاهن
بأسمائهن ،
ووضع عنده حبا
وماء ، فتطايرت
تلك الأجزاء
بعضها
إلى
بعض حتى استوت
الأبدان ،
وجاء كل بدن
حتى انضم إلى
رقبته
ورأسه
، فخلى
إبراهيم عن
مناقيرهن
فطرن ، ثم
وقفن فشربن من
ذلك
الماء
والتقطن من
ذلك الحب ،
وقلن: يا نبي
الله أحييتنا
أحياك الله ،
فقال
إبراهيم
عليه
السلام: بل
الله يحيي
ويميت وهو على
كل شئ قدير ،
قال
المأمون:
بارك الله فيك
يا أبا الحسن .
والحديث طويل
أخذنا منه
موضع
الحاجة
.
___________________________
(1)
التفسير
الكبير 7: 38 - 39 .
(2) بحار
الأنوار 12: 65 ح 11
عنه .
(3) بحار
الأنوار 12: 63 ح 9 .
________________________________________________
339
15 - حدثنا
أحمد بن محمد
بن يحيى
العطار رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
سعد بن
عبد
الله ، عن يعقوب
بن يزيد ، عن
الحسن بن علي
الخزاز ، عن
مثنى الحناط
عن
أبي جعفر -
أظنه محمد بن
نعمان - قال:
سألت أبا عبد
الله عليه
السلام
___________________________
(1)
بحار الأنوار
12: 62 ح 7 .
________________________________________________
340
عن
قول الله عز
وجل (وهو الله
في السماوات
وفي الأرض) 1) (1)
قال:
كذلك
هو في كل مكان
، قلت: بذاته ؟
قال: ويحك إن الأماكن
___________________________
(1)
الانعام: 3 .
(2) نهج
البلاغة ص 235 ،
رقم الخطبة: 165 .
________________________________________________
341
أقدار:
فإذا قلت: في
مكان بذاته
لزمك أن تقول
في أقدار وغير
ذلك
ولكن
هو بائن من
خلقه ، محيط
بما خلق علما
وقدرة وإحاطة
وسلطانا
وملكا
، وليس علمه
بما في الأرض
بأقل مما في السماء
، لا يبعد منه
شئ ،
والأشياء له
سواء علما
وقدرة
وسلطانا وملكا
وإحاطة .
16 - حدثنا أبي رحمه الله
، قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم ، عن
أبيه ، عن ابن
أبي
عمير ، عن
هشام بن الحكم
، قال: قال أبو
شاكر
الديصاني: إن
في
القرآن
آية هي قوة
لنا ، قلت: وما
هي ؟ فقال: (وهو الذي
في السماء إله
وفي
الأرض إله) (1)
فلم أدر بما
أجيبه ، فحججت
1) فخبرت أبا
عبد الله عليه
السلام قد س
سره (
فقال:
هذا كلام
زنديق خبيث ،
إذا رجعت إليه
فقل له: ما
اسمك بالكوفة
،
فإنه
يقول فلان
فقل: ما اسمك
بالبصرة ،
فإنه يقول
فلان ، فقل:
كذلك الله
ربنا
في السماء إله
وفي الأرض إله
وفي البحار إله
وفي كل مكان
إله ،
قال:
فقدمت فأتيت
أبا شاكر
فأخبرته فقال:
هذه نقلت من
الحجاز .
17 - حدثنا
جعفر بن محمد
بن مسرور رحمه
الله قال:
حدثنا الحسين
بن محمد
___________________________
(1)
الزخرف: 84 .
(2) أنوار
التنزيل في
تفسير القرآن
للقاضي البيضاوي
1: 370 .
________________________________________________
342
ابن
عامر ، عن عمه
عبد الله بن
عامر ، عن
الحسن بن
محبوب ، عن مقاتل
ابن
سليمان ، قال:
قال أبو عبد
الله الصادق عليه
السلام: لما
صعد موسى عليه
السلام إلى
الطور
فنادى ربه عز
وجل قال: يا رب
أرني خزائنك ،
فقال: يا موسى
إنما
خزائني إذا
أردت شيئا أن
أقول له: كن
فيكون .
قال
مصنف هذا
الكتاب: من
الدليل على أن
الله عز وجل
قادر: أن
العالم
لما ثبت أنه
صنع الصانع
ولم نجد أن
يصنع الشئ من
ليس بقادر
عليه
بدلالة أن
المقعد لا يقع
منه المشي
والعاجز لا
يتأتى له
الفعل صح أن
الذي
صنعه قادر ،
ولو جاز غير
ذلك لجاز منا
الطيران مع
فقد ما يكون
به
من الآلة
، ولصح لنا
الادراك وإن
عدمنا الحاسة
. فلما كان
إجازة هذا
خروجا
عن المعقول
كان الأول
مثله .
10 - باب العلم
1 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا موسى بن
عمران ، عن
عمه
الحسين بن يزيد
النوفلي ، عن
سليمان بن
سفيان ، قال:
حدثني أبو
علي
القصاب ، قال:
كنت عند أبي
عبد الله عليه
السلام ،
فقلت: الحمد
لله منتهى
علمه
، فقال: لا تقل
ذلك ، فإنه
ليس لعلمه
منتهى .
2 - أبي ومحمد
بن الحسن بن
أحمد بن
الوليد ،
قالا: حدثنا
محمد
بن يحيى
العطار ،
وأحمد بن
إدريس جميعا ،
عن محمد بن
أحمد ،
________________________________________________
343
عن
علي بن
إسماعيل ، عن
صفوان بن يحيى
، عن الكاهلي
، قال: كتبت
إلى
أبي الحسن عليه
السلام في
دعاء:
(الحمد لله
منتهى علمه)
فكتب إلي: لا
تقولن منتهى
علمه ، ولكن
قل:
منتهى
رضاه 1) .
3 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله قال:
حدثنا
محمد
بن جعفر
الأسدي ، قال:
حدثني موسى بن
عمران ، عن
الحسين
________________________________________________
344
ابن
يزيد ، عن
محمد بن أبي
عمير ، عن
هشام بن الحكم
، عن أبي
عبد
الله عليه
السلام قال:
العلم هو من
كماله 1) .
4 أبي رحمه
الله قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ، عن
إبراهيم بن هاشم
، عن
ابن
أبي عمير ، عن
أبي الحسن
الصيرفي ، عن
بكار الواسطي
، عن أبي
حمزة
الثمالي ، عن
حمران بن أعين
، عن أبي جعفر عليه
السلام في
العلم ، قال:
هو
كيدك منك 2) .
قال
محمد بن علي
مؤلف هذا
الكتاب: يعني
أن العلم ليس
هو غيره
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 84 .
________________________________________________
345
وأنه
من صفات ذاته
لان الله عز
وجل ذات علامة
سميعة بصيرة ،
وإنما
نريد
بوصفنا إياه
بالعلم نفي
الجهل عنه ،
ولا نقول: إن
العلم غيره ،
لأنا
متى
قلنا ذلك ثم
قلنا إن الله
لم يزل عالما
أثبتنا معه
شيئا قديما لم
يزل ،
تعالى
الله عن ذلك
علوا كبيرا .
5 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ، عن
إبراهيم بن هاشم
، عن
ابن
أبي عمير ، عن
منصور بن حازم
، عن أبي عبد
الله عليه
السلام ،
قال: قلت
له:
أرأيت ما كان
وما هو كائن
إلى يوم
القيامة أليس
كان في علم
الله ؟
قال:
فقال: بلى قبل
أن يخلق
السماوات
والأرض .
6 - حدثنا
الحسين بن
أحمد بن إدريس
رحمه
الله ، عن
أبيه ، عن
محمد بن
أحمد
بن يحيى بن
عمران
الأشعري ، عن
علي بن
إسماعيل ،
وإبراهيم بن
هاشم
جميعا ، عن
صفوان بن يحيى
، عن منصور بن
حازم ، قال:
سألته
- يعني أبا عبد
الله عليه
السلام - هل
يكون اليوم شئ
لم يكن في علم
الله
عز وجل ؟ قال:
لا ، بل كان في
علمه قبل أن
ينشئ
السماوات
والأرض
.
7 - حدثنا
الحسن بن أحمد
بن إدريس رضي
الله عنه ،
قال: حدثني
أبي ، قال:
حدثنا
إبراهيم بن
هاشم ، عن
محمد بن
إسماعيل بن
بزيع ، عن
يونس ،
عن
أبي الحسن ،
عن جابر ، قال:
قال أبو جعفر عليه
السلام: إن
الله تباركت
أسماؤه
وتعالى في علو
كنهه أحد ،
توحد بالتوحيد
في توحيده 1) ،
ثم
________________________________________________
346
أجراه
على خلقه ،
فهو أحد ، صمد
ملك قدوس ،
يعبده كل شئ
ويصمد
إليه
، وفوق الذي
عسينا أن نبلغ
ربنا ، وسع ربنا
كل شئ علما .
8 - حدثنا عبد
الله بن محمد
بن عبد الوهاب
، قال: حدثنا
أحمد بن
الفضل
بن المغيرة ،
قال: حدثنا
أبو نصر منصور
بن عبد الله
بن إبراهيم
الاصفهاني
، قال: حدثنا
علي بن عبد
الله ، قال: حدثنا
الحسين بن
بشار ،
عن
أبي الحسن علي
بن موسى الرضا
عليهما السلام
قال: سألته
أيعلم الله
الشئ
الذي
لم يكن أن لو
كان كيف كان
يكون أو لا
يعلم إلا ما
يكون ؟ فقال:
إن
الله تعالى هو
العالم
بالأشياء قبل
كون الأشياء ،
قال الله عز
وجل: (إنا
كنا
نستنسخ ما
كنتم تعملون) 1) (1)
وقال لأهل
النار: (ولو
ردوا لعادوا
لما
نهوا
عنه وإنهم
لكاذبون) (2) فقد
علم الله عز
وجل أنه لو
ردهم لعادوا
لما
نهوا
عنه ، وقال
للملائكة لما
قالوا: (أتجعل
فيها من يفسد
فيها ويسفك
الدماء
ونحن نسبح
بحمدك ونقدس
لك قال إني
أعلم ما لا
تعلمون) (3)
فلم
يزل الله عز
وجل علمه
سابقا
للأشياء قديما
قبل أن يخلقها
، فتبارك
ربنا
تعالى علوا
كبيرا خلق
الأشياء
وعلمه بها
سابق لها كما
شاء ، كذلك
لم
يزل ربنا
عليما سميعا
بصيرا .
___________________________
(1)
الجاثية: 29 .
(2) الانعام: 28 .
(3) البقرة: 30 .
________________________________________________
347
9 - وبهذا
الاسناد ، عن
علي بن عبد
الله ، قال:
حدثنا صفوان
بن يحيى ،
عن
عبد الله بن
مسكان ، قال:
سألت أبا عبد
الله عليه
السلام عن
الله تبارك
وتعالى
أكان
يعلم المكان
قبل أن يخلق
المكان ، أم
علمه عندما
خلقه وبعد ما
خلقه
؟ فقال: تعالى
الله ، بل لم
يزل عالما بالمكان
قبل تكوينه
كعلمه به
بعد
ما كونه ،
وكذلك علمه
بجميع
الأشياء 1) كعلمه
بالمكان .
قال
مصنف هذا
الكتاب رضي
الله عنه: من
الدليل على أن
الله تبارك
وتعالى
عالم
أن الافعال
المختلفة
التقدير ،
المتضادة
التدبير ،
المتفاوتة
الصنعة لا
تقع
على ما ينبغي
أن يكون عليه
من الحكمة ممن
لا يعلمها ،
ولا يستمر
على
منهاج منتظم
ممن يجهلها ،
ألا ترى أنه
لا يصوغ قرطا
يحكم صنعته
ويضع
كلا من دقيقه
وجليله موضعه
من لا يعرف
الصياغة ، ولا
أن ينتظم
كتابة
يتبع كل حرف
منها ما قبله
من لا يعلم الكتابة
، والعالم
ألطف صنعة
وأبدع
تقريرا مما
وصفناه ،
فوقوعه من غير
عالم بكيفيته
قبل وجوده
أبعد
وأشد
استحالة .
وتصديق ذلك:
10 - ما حدثنا
به عبد الواحد
بن محمد بن
عبدوس العطار رحمه الله
، قال:
________________________________________________
348
حدثنا
علي بن محمد
بن قتيبة
النيسابوري ،
عن الفضل بن
شاذان ، قال:
سمعت
الرضا علي بن
موسى عليهما
السلام يقول في
دعائه: سبحان
من خلق
الخلق
بقدرته ،
وأتقن ما خلق
بحكمته ، ووضع
كل شئ منه
موضعه
بعلمه
، سبحان من
يعلم خائنة
الأعين 1) وما
تخفي الصدور ،
وليس كمثله
شئ
وهو السميع
البصير .
11 - أبي رحمه
الله قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ، عن
إبراهيم بن هاشم
، عن
ابن
أبي عمير ، عن
هشام بن الحكم
، عن منصور الصيقل
، عن أبي عبد
الله
عليه
السلام
قال: إن الله
علم لا جهل
فيه ، حياة لا
موت فيه ، نور
لا ظلمة فيه .
12 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
ابن الحسن
الصفار ، عن
محمد بن عيسى
بن عبيد ، عن
يونس بن
عبد
الرحمن ، قال:
قلت لأبي
الحسن الرضا عليه
السلام:
روينا أن الله
علم لا
جهل
فيه ، حياة لا
موت فيه ، نور
لا ظلمة فيه ،
قال: كذلك هو .
___________________________
(1)
معاني
الأخبار ص 147 .
(2) سورة غافر:
19 .
________________________________________________
349
13 - حدثنا
محمد بن أحمد
الحسن بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا محمد
ابن
الحسن الصفار
، عن محمد بن
عيسى ، عن ابن
أبي عمير ، عن هشام
ابن
الحكم ، عن
عيسى بن أبي
منصور ، عن
جابر الجعفي ،
عن أبي
جعفر
عليه
السلام قال:
سمعته يقول:
إن الله نور
لا ظلمة فيه ،
وعلم لا جهل
فيه
، وحياة لا
موت فيه .
14 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
عبد الله بن
جعفر
الحميري ، عن
أحمد بن محمد
، عن الحسن بن محبوب
، عن ابن
سنان
، عن جعفر بن
محمد ، عن
أبيه عليهما
السلام قال:
إن لله تعالى
علما خاصا ،
وعلما
عاما ، فأما
العلم الخاص
فالعلم الذي لم
يطلع عليه
ملائكته
المقربين
وأنبياءه
المرسلين ،
وأما علمه
العام ، فإنه
علمه الذي
أطلع عليه
ملائكته
المقربين
وأنبياءه
المرسلين ،
وقد وقع إلينا
من رسول الله صلى الله
عليه وآله .
15 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن جعفر
الأسدي ، عن
موسى بن عمران
، عن الحسين
بن
يزيد
، عن زيد بن
المعدل
النميري وعبد
الله بن سنان
، عن جابر ، عن
أبي
جعفر
عليه
السلام قال:
إن لله لعلما
لا يعلمه غيره
، وعلما يعلمه
ملائكته
المقربون
وأنبياؤه
المرسلون ،
ونحن نعلمه .
________________________________________________
350
16 - وبهذا
الاسناد ، عن
الحسين بن
يزيد ، عن
يحيى بن أبي
يحيى ،
عن
عبد الله بن
الصامت ، عن
عبد الاعلى ،
عن العبد
الصالح موسى
ابن
جعفر عليهما
السلام ، قال:
علم الله لا
يوصف منه بأين
1) ، ولا يوصف
العلم من
الله
بكيف 2) ، ولا
يفرد العلم من
الله ، ولا
يبان الله منه
، وليس بين
الله وبين
علمه
حد 3) .
___________________________
(1)
مجمع البيان 4: 519
.
(2) مجمع
البيان 4: 519 .
________________________________________________
351
11 - باب صفات
الذات وصفات
الافعال
1 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
، قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم
ابن
هاشم ، عن
محمد بن خالد
الطيالسي
الخزاز
الكوفي ، عن
صفوان بن
يحيى
، عن ابن
مسكان ، عن
أبي بصير ،
قال: سمعت أبا
عبد الله عليه
السلام
يقول:
لم يزل الله
عز وجل ربنا
والعلم ذاته
ولا معلوم 1) ،
والسمع ذاته
ولا
مسموع
، والبصر ذاته
ولا مبصر ،
والقدرة ذاته ولا
مقدور ، فلما أحدث
الأشياء
وكان المعلوم
وقع العلم منه
على المعلوم 2)
، والسمع على
________________________________________________
352
المسموع
، والبصر على
المبصر ،
والقدرة على المقدور
، قال: قلت: فلم
يزل
الله متكلما ؟
قال: إن
الكلام صفة
محدثة ليست
بأزلية 1) ، كان
الله عز
وجل
ولا متكلم .
________________________________________________
353
2 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن عيسى ، عن
إسماعيل بن
سهل ، عن حماد
بن عيسى ، قال:
سألت
أبا عبد الله عليه
السلام فقلت:
لم يزل الله
يعلم ؟ قال: إي
يكون يعلم ولا
معلوم
1) ، قال: قلت: فلم
يزل الله يسمع
؟ قال: إي يكون
ذلك ولا
________________________________________________
354
مسموع
، قال: قلت: فلم
يزل يبصر ؟
قال: إي يكون
ذلك ولا مبصر
،
قال:
ثم قال: لم يزل
الله عليما
سميعا بصيرا ،
ذات علامة
سميعة بصيرة .
3 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، عن
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
قال:
حدثنا الفضل
بن سليمان
الكوفي ، عن
الحسين بن
الخالد ، قال:
سمعت
الرضا علي بن
موسى عليهما
السلام يقول:
لم يزل الله تبارك
وتعالى عليما
قادرا
حيا قديما
سميعا بصيرا ،
فقلت له: يا ابن
رسول الله إن
قوما
________________________________________________
355
يقولون:
إنه عز وجل لم
يزل عالما
بعلم ، وقادرا
بقدرة ، وحيا
بحياة 1)
وقديما
بقدم ، وسميعا
بسمع ، وبصيرا
ببصر ، فقال عليه السلام:
من قال ذلك
ودان
به فقد اتخذ
مع الله آلهة
أخرى ، وليس
من ولايتنا
على شئ ، ثم
قال عليه
السلام: لم
يزل الله عز
وجل عليما
قادرا حيا
قديما سميعا
بصيرا لذاته ،
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 62 .
________________________________________________
356
تعالى
عما يقول
المشركون
والمشبهون
علوا كبيرا 1) .
4 - حدثنا
أحمد بن زياد
بن جعفر
الهمداني رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
علي
ابن
إبراهيم بن
هاشم ، عن
أبيه ، عن
محمد بن أبي
عمير ، عن
هارون بن
عبد
الملك ، قال:
سئل أبو عبد
الله عليه
السلام عن
التوحيد ، فقال:
هو عز وجل
مثبت
موجود ، لا
مبطل ولا
معدود ، ولا
في شئ من صفة
المخلوقين ،
وله
عز وجل نعوت
وصفات ،
فالصفات له ،
وأسماؤها
جارية على
المخلوقين
2) مثل السميع
والبصير
والرؤوف والرحيم
وأشباه ذلك ،
والنعوت
نعوت الذات لا
تليق إلا
بالله تبارك وتعالى
، والله نور
لا ظلام
فيه
3) ، وحي لا موت
له 4) ، وعالم لا
جهل فيه ،
وصمد لا مدخل
فيه ، ربنا
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 63 عنه .
________________________________________________
357
نوري
الذات حي
الذات ، عالم
الذات ، صمدي
الذات .
5 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
، قال: حدثني
عمي محمد بن
أبي
القاسم ، عن
أحمد بن أبي
عبد الله
البرقي ، عن
أبيه ، عن
أحمد بن
النضر
الخزاز ، عن
عمرو بن شمر ،
عن جابر ، عن أبي
جعفر عليه
السلام ،
قال:
إن
الله تبارك
وتعالى كان
ولا شئ غيره ،
نورا لا ظلام
فيه وصادقا لا
كذب
فيه وعالما لا
جهل فيه ،
وحيا لا موت
فيه ، وكذلك
هو اليوم ،
وكذلك
لا يزال أبدا .
6 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن يحيى
العطار ، قال:
حدثنا الحسين
بن الحسن بن
أبان ، عن
محمد
بن أورمة ،
قال: حدثنا
يحيى بن يحيى
، عن عبد الله
بن الصامت ،
عن
عبد الاعلى ،
عن العبد
الصالح موسى
بن جعفر
عليهما
السلام قال:
إن الله - لا
إله
إلا هو - كان
حيا بلا كيف
ولا أين ، ولا
كان في شئ ،
ولا كان على
شئ ،
ولا ابتدع
لمكانه مكانا
1) ولا قوي بعد
ما كون
الأشياء ، ولا
يشبهه
شئ
يكون ، ولا
كان خلوا من
القدرة على
الملك قبل
إنشائه ، ولا
يكون
خلوا
من القدرة بعد
ذهابه ، كان
عز وجل إلها حيا
بلا حياة
حادثة ، ملكا
قبل
أن ينشئ شيئا
ومالكا بعد
إنشائه ، وليس
لله حد ، ولا
يعرف بشئ
________________________________________________
358
يشبهه
، ولا يهرم
للبقاء ، ولا
يصعق لذعرة شئ
1) ولخوفه تصعق
الأشياء
كلها
، وكان الله
حيا بلا حياة
حادثة ، ولا
كون موصوف ،
ولا كيف
محدود
، ولا أين
موقوف 2) ولا
مكان ساكن بل
حي لنفسه ،
ومالك لم
يزل
له القدرة ،
أنشأ ما شاء
حين شاء
بمشيته وقدرته
، كان أولا
بلا كيف ،
ويكون
آخرا بلا أين
، وكل شئ هالك
إلا وجهه ، له
الخلق والامر
3)
تبارك
رب العالمين .
7 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
قال: حدثنا
محمد بن
يحيى
العطار ، عن
الحسين بن
الحسن بن أبان
، عن محمد بن
أورمة ، عن
علي
بن الحسن بن
محمد ، عن
خالد بن يزيد
، عن عبد
الاعلى ، عن
أبي
___________________________
(1)
أصول الكافي 1: 89
ح 3 .
(2) في " س ":
متوقفا .
________________________________________________
359
عبد
الله عليه
السلام قال:
اسم الله غير
الله ، وكل شئ
وقع عليه اسم
شئ فهو
مخلوق
1) ما خلا الله ،
فأما ما عبرت
الألسن عنه أو
عملت الأيدي
فيه فهو
مخلوق
والله غاية من
غاياه ،
والمغيى غير
الغاية 2) ،
والغاية
موصوفة ،
وكل
موصوف مصنوع ،
وصانع
الأشياء غير
موصوف بحد
مسمى 3) ، لم
يتكون
فتعرف
كينونته بصنع
غيره 4) ولم
يتناه إلى
غاية إلا كانت
___________________________
(1)
أصول الكافي 1: 113 ح
4 .
________________________________________________
360
غيره
1) ، لا يذل من
فهم هذا الحكم
2) أبدا وهو
التوحيد
الخالص ،
فاعتقدوه
وصدقوه
وتفهموه بإذن
الله عز وجل ، ومن
زعم أنه يعرف
الله
بحجاب
أو بصورة أو
بمثال فهو
مشرك 3) لان
الحجاب
والمثال
والصورة
غيره
وإنما هو واحد
موحد ، فكيف
يوحد من زعم
أنه عرفه
بغيره ، إنما
عرف
الله من عرفه
بالله فمن لم
يعرفه به فليس
يعرفه ، إنما
يعرف غيره ،
والله
خالق الأشياء
لا من شئ ،
يسمى بأسمائه
فهو غير
أسمائه
والأسماء
غيره
، والموصوف
غير الواصف
فمن زعم أنه
يؤمن بما لا
يعرف فهو ضال
عن
المعرفة ، لا
يدرك مخلوق
شيئا إلا
بالله ، ولا
تدرك معرفة
الله إلا
بالله ،
________________________________________________
361
والله
خلو من خلقه ،
وخلقه خلو منه
، إذا أراد الله
شيئا كان كما
أراد بأمره
من
غير نطق ، لا
ملجأ لعباده
مما قضى ، ولا
حجة لهم فيما
ارتضى ، لم
يقدروا
على عمل ولا
معالجة مما
أحدث في أبدانهم
المخلوقة إلا
بربهم ،
___________________________
(1)
شرح أصول
الكافي لصدر
المتألهين ص 288 .
(2) بحار
الأنوار 4: 163 - 165 .
________________________________________________
363
فمن
زعم أنه يقوى على
عمل لم يرده
الله عز وجل 1)
فقد زعم أن
إرادته
تغلب
إرادة الله
تبارك الله رب
العالمين .
قال
مصنف هذا
الكتاب: معنى
ذلك أن من زعم
أنه يقوى على
عمل
لم
يرده الله أن
يقويه عليه
فقد زعم أن
إرادته تغلب
إرادة الله ،
تبارك الله
رب
العالمين .
8 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رضي
الله عنه ،
قال: حدثني
عمي محمد
ابن
أبي القاسم ،
قال: حدثني
محمد بن علي
الصيرفي
الكوفي ، قال:
حدثني
محمد بن سنان
، عن أبان بن
عثمان الأحمر
، قال: قلت
للصادق
جعفر
بن محمد
عليهما
السلام:
أخبرني عن
الله تبارك
وتعالى لم يزل
سميعا بصيرا
عليما
قادرا ؟ قال:
نعم ، فقلت له:
إن رجلا ينتحل
موالاتكم أهل
البيت
يقول:
إن الله تبارك
وتعالى لم يزل
سميعا بسمع
وبصيرا ببصر
وعليما بعلم
وقادرا
بقدرة ، فغضب عليه
السلام ، ثم
قال: من قال
ذلك ودان به
فهو
___________________________
(1) في
" ن ": الجارية .
________________________________________________
364
مشرك
1) وليس من
ولايتنا على
شئ ، إن الله
تبارك وتعالى
ذات علامة
سميعة
بصرة قادرة .
9 - حدثنا
حمزة بن محمد
العلوي رحمه
الله ، قال:
أخبرنا علي بن
إبراهيم ،
عن
محمد بن عيسى
بن عبيد ، عن
حماد ، عن
حريز ، عن
محمد بن
مسلم
، عن أبي جعفر عليه
السلام أنه
قال: من صفة
القديم أنه
واحد ، أحد ،
صمد
، أحدي المعنى
، وليس بمعان
كثيرة مختلفة ،
قال: قلت: جعلت
فداك
يزعم قوم من
أهل العراق
أنه يسم بغير
الذي يبصر ،
ويبصر بغير
الذي
يسمع ، قال:
فقال: كذبوا
وألحدوا
وشبهوا ،
تعالى الله عن
ذلك ، إنه
سميع
بصير ، يسمع
بما يبصر ،
ويبصر بما
يسمع ، قال:
قلت: يزعمون
أنه
بصير
على ما
يعقلونه 2) ،
قال: فقال:
تعالى الله ، إنما
يعقل ما كان
بصفة
المخلوقين
، وليس الله
كذلك .
10 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم
، عن أبيه ، عن
العباس بن
عمرو ، عن
هشام بن الحكم
، قال في
________________________________________________
365
حديث
الزنديق الذي
سأل أبا عبد
الله عليه
السلام أنه
قال له: أتقول:
إنه سميع
بصير
؟ فقال أبو
عبد الله عليه
السلام: هو
سميع بصير ،
سميع بغير
جارحة ،
وبصير
بغير آلة ، بل
يسمع بنفسه
ويبصر بنفسه ،
وليس قولي: إنه
يسمع
بنفسه
أنه شئ والنفس
شئ آخر 1) ،
ولكني أردت
عبارة عن نفسي
إذ
كنت
مسؤولا ،
وإفهاما لك إذ
كنت سائلا ،
فأقول: يسمع
بكله ، لا أن
كله
له
بعض ، ولكني
أردت إفهامك
والتعبير عن
نفسي ، وليس
مرجعي في
ذلك
إلا إلى أنه
السميع
البصير
العالم
الخبير بلا
اختلاف الذات
ولا اختلاف
المعنى
.
11 - حدثنا
أحمد بن محمد
بن يحيى
العطار رحمه
الله ، عن
أبيه ، عن
أحمد
بن محمد ، عن
الحسين بن
سعيد ، عن
القاسم بن
محمد ، عن عبد
الصمد
بن بشير ، عن
فضيل بن سكرة
، قال: قلت لأبي
جعفر عليه
السلام:
جعلت
فداك إن رأيت
أن تعلمني هل
كان الله جل ذكره
يعلم قبل أن
يخلق
الخلق
أنه وحده ؟
فقد اختلف
مواليك ، فقال
بعضهم: قد كان
يعلم تبارك
وتعالى
أنه وحده قبل
أن يخلق شيئا
من خلقه ، وقال
بعضهم: إنما
معنى
________________________________________________
366
يعلم
يفعل 1) ، فهو
اليوم يعلم
أنه لا غيره
قبل فعل الأشياء
، وقالوا: إن
________________________________________________
367
أثبتنا
أنه لم يزل
عالما بأنه لا
غيره 1) فقد أثبتنا
معه غيره في
أزليته ، فإن
رأيت
يا سيدي أن
تعلمني مالا
أعدوه إلى
غيره ، فكتب عليه
السلام: ما
زال الله
تعالى
عالما تبارك
وتعالى ذكره .
12 - أبي رحمه
الله قال:
حدثنا محمد بن
يحيى العطار ،
عن محمد بن
الحسين
بن أبي الخطاب
، عن ابن أبي
عمير ، عن هشام
بن سالم ، عن
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 87 .
________________________________________________
368
محمد
بن مسلم ، عن
أبي جعفر عليه
السلام ،
قال: سمعته
يقول: كان
الله ولا
شئ
غيره ، ولم
يزل عالما بما
كون ، فعلمه
به قبل كونه
كعلمه به بعد
ما
كونه
.
13 - حدثنا
أحمد بن محمد
بن يحيى
العطار رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
سعد
ابن
عبد الله ، عن
أيوب بن نوح
أنه كتب إلى
أبي الحسن عليه
السلام
يسأله عن
الله
عز وجل أكان
يعلم الأشياء
قبل أن خلق
الأشياء
وكونها ، أو
لم يعلم
ذلك
حتى خلقها
وأراد خلقها
وتكوينها ،
فعلم ما خلق
عندما خلق وما
كون
عندما كون ؟
فوقع عليه
السلام بخطه:
لم يزل الله
عالما
بالأشياء قبل
أن
يخلق
الأشياء
كعلمه
بالأشياء
بعدما خلق الأشياء
.
14 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، وسعد
بن عبد الله
جميعا ، عن
أحمد بن محمد
ابن
عيسى ، عن
أبيه ،
والحسين بن
سعيد ، ومحمد بن
خالد البرقي ،
عن
ابن
أبي عمير ، عن
هشام بن سالم
، قال: دخلت
على أبي عبد
الله عليه
السلام
فقال
لي: أتنعت
الله فقلت:
نعم ، قال: هات
، فقلت: هو
السميع
البصير
قال:
هذه صفة يشترك
فيها
المخلوقون 1)
قلت: فكيف تنعته
؟ فقال: هو
نور
لا ظلمة فيه ،
وحياة لا موت
فيه ، وعلم لا
جهل فيه ، وحق
لا باطل
فيه
. فخرجت من
عنده وأنا
أعلم الناس
بالتوحيد .
________________________________________________
369
15 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا
الحسين
بن أبان ، عن
الحسين بن
سعيد ، عن
النضر بن سويد
، عن عاصم
ابن
حميد ، عن أبي
عبد الله عليه
السلام قال:
قلت له: لم يزل
الله مريدا ؟
فقال:
إن
المريد لا
يكون إلا
لمراد معه ،
بل لم يزل عالما
قادرا ثم أراد
1) .
16 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، عن
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
عن
الحسين بن
الحسن ، عن
بكر بن صالح ،
عن علي بن أسباط
، عن
الحسن
بن الجهم ، عن
بكير بن أعين
، قال: قلت لأبي
عبد الله عليه
السلام: علم
الله
ومشيته هما
مختلفان أم
متفقان ؟
فقال: العلم
ليس هو المشية
، ألا
ترى
أنك تقول:
سأفعل كذا إن
شاء الله 2) ،
ولا تقول
سأفعل كذا إن
علم الله ،
________________________________________________
370
فقولك
إن شاء الله
دليل على أنه
لم يشأ ، فإذا شاء
كان الذي شاء 1)
كما
شاء
، وعلم الله
سابق للمشية 2) .
17 - حدثنا
الحسين بن
أحمد بن إدريس
رضي الله عنه ،
عن أبيه ، عن
محمد
___________________________
(1) في
البحار:
الإرادة .
(2) بحار
الأنوار 4: 144 .
________________________________________________
371
ابن
عبد الجبار ،
عن صفوان بن
يحيى ، قال:
قلت لأبي
الحسن عليه
السلام:
أخبرني
عن الإرادة من
الله ومن
المخلوق ،
قال: فقال:
الإرادة من
المخلوق
الضمير
وما يبدو له
بعد ذلك من
الفعل 1) ، وأما
من الله عز
وجل فإرادته
إحداثه
لاغير ذلك 2)
لأنه لا يروي
، ولا يهم ، ولا
يتفكر ، وهذه
الصفات
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 137 .
________________________________________________
373
منفية
عنه ، وهي من
صفات الخلق ،
فإرادة الله
هي الفعل لا
غير ذلك يقول
له:
كن فيكون ،
بلا لفظ ولا
نطق بلسان ،
ولا همة ولا
تفكر ، ولا
كيف
لذلك
1) كما أنه بلا
كيف .
___________________________
1) أي:
لا صفة حقيقة
لقوله ذلك
وإرادته ، كما
أنه لا كيف
لذاته ، أو لا
بحار
الأنوار 4: 138 - 139 عن
الشيخ المفيد
.
________________________________________________
374
18 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ، عن
أحمد بن محمد بن
خالد
، عن أبيه ، عن
ابن أبي عمير
، عن ابن أذينة
، عن محمد بن
مسلم ،
عن
أبي عبد الله عليه
السلام قال:
المشية محدثة
.
19 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا علي بن
إبراهيم ، عن
أبيه ، عن ابن أبي
عمير
، عن عمر بن
أذينة ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام قال:
خلق الله
المشية
بنفسها
، ثم خلق
الأشياء
بالمشية 1) .
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 146 عنه .
والوافي 1: 458 عنه
.
(2) الوافي 1: 458 .
________________________________________________
375 - 377
قال
محمد بن علي
مؤلف هذا
الكتاب رضي
الله عنه: إذا
وصفنا الله
تبارك
وتعالى
1) بصفات الذات
فإنما ننفي
عنه بكل صفة منها
ضدها ، فمتى
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 145 - 146 .
________________________________________________
378
قلنا:
إنه حي نفينا
عنه ضد الحياة
وهو الموت ، ومتى
قلنا: إنه
عليم نفينا
عنه
ضد العلم وهو
الجهل ، ومتى
قلنا: إنه
سميع نفينا
عنه ضد السمع
وهو
الصمم
، ومتى قلنا:
بصير نفينا عنه
ضد البصر وهو
العمى ، ومتى
قلنا:
عزيز
نفينا عنه ضد
العزة وهو
الذلة ، ومتى
قلنا: حكيم
نفينا عنه ضد
الحكمة
وهو الخطأ ،
ومتى قلنا:
غني نفينا عنه
ضد الغنى وهو
الفقر ،
ومتى
قلنا: عدل
نفينا عنه
الجور والظلم
، ومتى قلنا:
حليم نفينا
عنه
العجلة
، ومتى قلنا:
قادر نفينا
عنه العجز ،
ولو لم نفعل
ذلك أثبتنا معه
أشياء
لم تزل معه ،
ومتى قلنا: لم
يزل حيا عليما
سميعا بصيرا
عزيزا
حكيما
غنيا ملكا
حليما عدلا
كريما ، فلما
جعلنا معنى كل
صفة من هذه
الصفات
التي هي صفات
ذاته نفي ضدها
أثبتنا أن الله
لم يزل واحدا
لا
شئ
معه وليست الإرادة
والمشية
والرضا
والغضب وما
يشبه ذلك من
صفات
الافعال
بمثابة صفات
الذات ، لأنه
لا يجوز أن
يقال: لم يزل
الله
مريدا
شائيا كما
يجوز أن يقال:
لم يزل الله
قادرا عالما .
________________________________________________
379
12 - باب تفسير
قول الله عز
وجل
(كل شئ هالك
إلا وجهه)
1 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله: قال:
حدثنا أحمد بن
محمد
بن عيسى ، عن
محمد بن
إسماعيل بن
بزيع ، عن
منصور بن
يونس
، عن جليس
لأبي حمزة ،
عن أبي حمزة ،
قال: قلت لأبي
جعفر
عليه
السلام: قول
الله عز وجل
(كل شئ هالك
إلا وجهه) ؟ (1)
قال:
فيهلك
كل شئ ويبقى
الوجه ، إن
الله عز وجل
أعظم من أن
يوصف
بالوجه
، ولكن معناه
كل شئ هالك
إلا دينه والوجه
الذي يؤتى منه
.
2 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي الله
عنه ، قال:
حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، عن
يعقوب بن يزيد
، عن صفوان بن
يحيى ،
عن
أبي سعيد
المكاري ، عن
أبي بصير ، عن
الحارث بن
المغيرة
النصري
قال:
سألت أبا عبد
الله عليه
السلام عن
قول الله عز
وجل: (كل شئ
هالك إلا
وجهه)
قال: كل شئ
هالك إلا من
أخذ طريق الحق
.
3 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
، عن محمد بن
يحيى العطار ،
عن
سهل بن زياد ،
عن أحمد بن
محمد بن أبي
نصر ، عن
صفوان
الجمال
، عن أبي عبد
الله عليه
السلام في
قول الله عز
وجل: (كل شئ
هالك إلا
وجهه)
قال: من أتى
الله بما امر
به من طاعة
محمد والأئمة
من بعده
صلوات
الله عليهم
فهو الوجه
الذي لا يهلك
، ثم قرأ: (من
يطع الرسول
___________________________
(1)
القصص: 88 .
________________________________________________
380
فقد
أطاع الله (1) .
4 - وبهذا
الاسناد قال:
قال أبو عبد
الله عليه
السلام: نحن
وجه الله الذي
لا
يهلك
.
5 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل
رضي الله عنه قال:
حدثنا علي بن
الحسين
السعد آبادي ،
عن أحمد بن
أبي عبد الله
البرقي ، عن
أبيه ، عن
ربيع
الوراق ، عن
صالح بن سهل ،
عن أبي عبد
الله عليه
السلام في
قول الله
عز
وجل: كل شئ
هالك إلا وجهه
قال: نحن 1) .
6 - حدثنا
أحمد بن محمد
بن يحيى
العطار رحمه
الله ، عن
أبيه ، عن سهل
ابن
زياد ، عن
يعقوب بن يزيد
، عن محمد بن
سنان ، عن أبي
سلام ، عن
بعض
أصحابنا ، عن
أبي جعفر عليه
السلام ،
قال: نحن
المثاني التي
أعطاها الله
___________________________
(1)
النساء: 80 .
________________________________________________
381
نبينا
صلى الله
عليه وآله 1)
___________________________
(1)
سورة الحجر: 87 .
(2) في " س ":
بعضها .
________________________________________________
382 - 383
ونحن
وجه 1) الله
نتقلب في
الأرض بين
أظهركم 2) ، عرفنا
من عرفنا ،
ومن
جهلنا فأمامه
اليقين 3) .
___________________________
(1) كذا
في النسختين ،
وفي التفسير:
سبعا من
المثاني .
(2) تفسير
العياشي 2: 250 - 251 ح 37
و 38 و 39 و 41 .
(3) بحار
الأنوار 24: 118 ح 10 .
(4) سورة
البقرة: 189 .
(5) بحار
الأنوار 100: 119 .
________________________________________________
384
قال
مصنف هذا
الكتاب رضي
الله عنه:
معنى قوله:
نحن المثاني
أي نحن الذين
قرننا
النبي صلى
الله عليه
وآله إلى
القرآن وأوصى
بالتمسك
بالقرآن وبنا
1) ، فأخبر أمته
بأن
لا نفترق حتى
نرد عليه حوضه
.
7 - أبي رحمه
الله قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ، عن
أحمد بن محمد
بن
عيسى
، عن علي بن
سيف ، عن أخيه
الحسين بن سيف
، عن أبيه سيف
بن
عميرة
النخعي ، عن
خيثمة ، قال:
سألت أبا عبد
الله عليه
السلام عن
قول الله عز
(وجل كل شئ
هالك إلا
وجهه) قال:
دينه ، وكان
رسول الله صلى الله
عليه وآله
وأمير
المؤمنين عليه
السلام دين
الله ، ووجهه
وعينه في
عباده 2) ، ولسانه
الذي
ينطق
به ، ويده على
خلقه 3) ، ونحن
وجه الله الذي
يؤتى منه ، لن
نزال في
عباده
ما دامت لله
فيهم روية 4) ،
قلت: وما
الروية ؟ قال:
الحاجة فإذا
___________________________
(1)
راجع بحار
الأنوار 23: 106 - 118 .
(2) نهاية ابن
الأثير 3: 332 .
________________________________________________
385
لم
يكن لله فيهم
حاجة رفعهم
إليه 1) وصنع ما
أحب .
8 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا محمد بن
إسماعيل
البرمكي
، قال: حدثنا
الحسين بن
الحسن ، قال:
حدثنا بكر ،
عن الحسن بن
سعيد ،
عن
الهيثم بن عبد
الله ، عن
مروان بن صباح
، قال: قال أبو
عبد الله عليه
السلام:
إن
الله عز وجل
خلقنا فأحسن
خلقنا ،
وصورنا فأحسن
صورنا ،
وجعلنا
عينه
في عباده ،
ولسانه
الناطق في
خلقه ، ويده
المبسوطة على
عباده
بالرأفة
والرحمة ، ووجهه
الذي يؤتى منه
، وبابه الذي
يدل عليه ، وخزانه
في
سمائه وأرضه 2)
بنا أثمرت
الأشجار ،
وأينعت الثمار
، وجرت
الأنهار ،
___________________________
(1)
القاموس
المحيط 1: 77 .
(2) سورة
الأنعام: 158 .
________________________________________________
386
وبنا
نزل غيث
السماء ونبت
عشب الأرض ،
بعبادتنا عبد
الله ، لولا
نحن ما
عبد
الله 1) .
9 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
عبد الله بن
جعفر
الحميري ، عن
أحمد بن محمد
بن عيسى ، عن الحسن
بن محبوب ،
عن
عبد العزيز ،
عن ابن أبي
يعفور ، قال:
قال أبو عبد
الله عليه
السلام: إن
الله
واحد
، أحد ، متوحد
بالوحدانية ،
متفرد بأمره ،
خلق خلقا ففوض
إليهم
أمر
دينه ، فنحن
هم 2) ، يا ابن
أبي يعفور نحن
حجة الله في
عباده ،
وشهداؤه
على خلقه ،
وامناؤه على
وحيه ، وخزانه
على علمه ،
ووجهه
الذي
يؤتى منه ،
وعينه في
بريته ،
ولسانه
الناطق ،
وقلبه الواعي
،
________________________________________________
387
وبابه
الذي يدل عليه
، ونحن
العاملون
بأمره ، والداعون
إلى سبيله ،
بنا
عرف
الله ، وبنا
عبد الله ،
نحن الادلاء
على الله ،
ولولانا ما
عبد الله .
10 - حدثنا
أحمد بن الحسن
القطان ، قال:
حدثنا أبو
سعيد الحسن
ابن
علي بن الحسين
السكري ، قال:
حدثنا الحكم بن
أسلم ، قال:
حدثنا
ابن
علية عن
الجريري ، عن
أبي الورد بن
ثمامة ، عن
علي عليه
السلام ،
قال:
سمع
النبي صلى
الله عليه
وآله: رجلا
يقول لرجل:
قبح الله وجهك
ووجه من
يشبهك
، فقال صلى
الله عليه
وآله: مه ، لا
تقل هذا ، فإن
الله خلق آدم
على صورته .
قال
مصنف هذا
الكتاب رحمه
الله: تركت
المشبهة من
هذا الحديث
أوله
وقالوا:
إن الله خلق
آدم على صورته
، فضلوا في معناه
وأضلوا .
___________________________
(1)
هذا التحقيق
إلى نهاية
التعليقة
مأخوذ من البحار
25: 347 - 350 .
________________________________________________
388
11 - حدثنا
أحمد بن زياد
بن جعفر
الهمداني رحمه الله
، قال: حدثنا
علي
ابن
إبراهيم هاشم
، عن أبيه ، عن
علي بن معبد ، عن
الحسين بن
خالد ،
قال:
قلت للرضا عليه
السلام: يا
ابن رسول الله
إن الناس
يروون أن
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله قال: إن
الله خلق آدم
على صورته ،
فقال: قاتلهم الله
، لقد
حذفوا
أول الحديث ،
إن رسول الله صلى الله
عليه وآله مر
برجلين
يتسابان ،
فسمع
أحدهما
يقول لصاحبه:
قبح الله وجهك
ووجه من يشبهك
، فقال صلى
الله عليه
وآله: يا
عبد
الله لا تقل
هذا لأخيك ،
فإن الله عز
وجل خلق آدم
على صورته .
___________________________
(1)
سورة النجم: 3 .
________________________________________________
389
13 - باب تفسير
قول الله عز
وجل:
(يا إبليس
ما منعك أن
تسجد لما خلقت
بيدي)
1 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله قال:
حدثنا
محمد
بن أبي عبد
الله الكوفي ،
قال: حدثنا
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
قال:
حدثنا الحسين
بن الحسن ،
قال: حدثنا
بكر ، عن أبي
عبد الله
البرقي
، عن عبد الله
بن بحر ، عن
أبي أيوب الخزاز
، عن محمد بن
مسلم ،
قال:
سألت أبا جعفر
عليه
السلام فقلت:
قوله عز وجل:
(يا إبليس ما
منعك أن
تسجد
لما خلقت
بيدي) (1) ؟ فقال:
اليد في كلام
العرب القوة
والنعمة ،
___________________________
(1)
سورة ص: 75 .
(2) بحار
الأنوار 25: 348 - 349 عن
الفقيه .
(3) سورة
الحشر: 7 .
________________________________________________
390
قال:
(واذكر عبدنا
داود ذا
الأيد) 1) (1) وقال:
(والسماء
بنيناها بأيد)
(2)
أي
بقوة وقال
(وأيدهم بروح
منه) (3) أي قواهم
ويقال:
___________________________
(1) ص: 17 .
(2) الذاريات: 47
.
(3) المجادلة: 22
.
(4) بحار
الأنوار 25: 349 .
(5) بحار
الأنوار 25: 347 - 350 .
________________________________________________
391
لفلان
عندي أيادي
كثيرة أي
فواضل وإحسان
، وله عندي يد
بيضاء أي
نعمة
.
2 - حدثنا
محمد بن محمد
بن عصام
الكليني رحمه
الله ، قال:
حدثنا محمد
ابن
يعقوب
الكليني ،
قال: حدثنا
أحمد بن إدريس
، عن أحمد بن
محمد
ابن
عيسى ، عن علي
بن سيف ، عن
محمد بن عبيدة
، قال: سألت
الرضا
عليه
السلام عن
قول الله عز
وجل لإبليس:
(ما منعك أن
تسجد لما
خلقت
بيدي استكبرت)
؟ قال: يعني
بقدرتي وقوتي
1) .
___________________________
(1)
مجمع البيان 4: 469
.
________________________________________________
392
قال
مصنف هذا
الكتاب: سمعت
بعض مشايخ
الشيعة بنيسابور
يذكر
في
هذه الآية أن
الأئمة عليهم
السلام
كانوا يقفون
على قوله: (ما
منعك أن تسجد
لما
خلقت) ثم
يبتدئون
بقوله عز وجل:
(بيدي استكبرت
أم كنت من
العالين)
وقال: هذا مثل
قول القائل:
بسيفي
تقاتلني وبرمحي
تطاعنني ،
كأنه
يقول عز وجل:
بنعمتي قويت
على
الاستكبار والعصيان
.
14 - باب تفسير
قول الله عز
وجل:
(يوم يكشف
عن ساق ويدعون
إلى السجود) (1)
1 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله قال:
حدثنا
محمد
بن أبي عبد
الله الكوفي ،
قال: حدثنا
محمد بن إسماعيل
البرمكي ،
قال:
حدثنا الحسين
بن الحسن ، عن
بكر ، عن الحسين
بن سعد ، عن
أبي
الحسن
عليه
السلام في
قوله عز وجل:
(يوم يكشف عن
ساق) قال: حجاب
من
نور يكشف ،
فيقع
المؤمنون
سجدا ، وتدمج
أصلاب
المنافقين
فلا
يستطيعون
السجود .
2 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ، عن
إبراهيم بن هاشم
، عن
ابن
فضال ، عن أبي
جميلة ، عن
محمد بن علي
الحلبي ، عن
أبي
عبد
الله عليه
السلام في
قوله عز وجل:
(يوم يكشف عن
ساق) قال:
تبارك
الجبار
1) ، ثم أشار إلى
ساقه فكشف
عنها الإزار ،
قال: ويدعون
إلى
___________________________
(1)
القلم: 42 .
________________________________________________
393
السجود
1) فلا
يستطيعون ،
قال: افحم
القوم 2) ودخلتهم
الهيبة وشخصت
الابصار
، وبلغت
القلوب
الحناجر ،
خاشعة أبصارهم
ترهقهم ذلة
وقد كانوا
يدعون
إلى السجود
وهم سالمون 3) .
___________________________
(1) في
" ن ": سوقهم .
________________________________________________
394
إلى
ساقه فكشف
عنها الإزار ،
يعني به:
تبارك الجبار
أن يوصف
بالساق
الذي
هذا صفته .
3 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله قال:
حدثنا محمد
ابن
الحسن الصفار
، عن أحمد بن
محمد بن عيسى
، عن أحمد بن
محمد
ابن
أبي نصر ، عن
الحسين بن
موسى ، عن
عبيد بن زرارة
، عن أبي
عبد
الله عليه
السلام قال:
سألته عن قول
الله عز وجل:
(يوم يكشف عن
ساق)
قال:
كشف إزاره عن
ساقه ، ويده
الأخرى على
رأسه فقال:
سبحان ربي
الأعلى .
قال
مؤلف هذا
الكتاب: معنى
قوله: سبحان
ربي الأعلى
تنزيه لله
عز
وجل أن يكون
له ساق .
___________________________
(1)
صحيح البخاري
6: 72 . مختصر من
الحديث ،
وكتاب الجمع
بين الصحيحين
لم يطبع
بعد
.
________________________________________________
395
15 باب تفسير
قول الله عز
وجب:
(الله نور
السماوات
والأرض - إلى
آخر الآية) (1)
1 - حدثنا أبي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، عن
يعقوب بن
يزيد
، عن العباس
بن هلال ، قال:
سألت الرضا عليه
السلام عن
قول الله عز
وجل:
(الله نور
السماوات والأرض)
فقال: هاد
لأهل السماء
وهاد لأهل
الأرض
1) . وفي رواية
البرقي: هدى
من في
السماوات وهدى
من في
الأرض
.
___________________________
(1)
النور: 35 .
________________________________________________
396
قال
مصنف هذا
الكتاب: إن
المشبهة تفسر
هذه الآية على
أنه ضياء
السماوات
والأرض ، ولو
كان كذلك لما
جاز أن توجد
الأرض مظلمة
في
وقت
من الأوقات لا
بالليل ولا
بالنهار ، لان
الله هو نورها
وضياؤها على
تأويلهم
وهو موجود غير
معدوم ،
فوجودنا الأرض
مظلمة بالليل
ووجودنا
داخلها
أيضا مظلما
بالنهار يدل
على أن تأويل قوله:
(الله نور
السماوات
والأرض)
هو ما قاله
الرضا عليه
السلام دون
تأويل
المشبهة ،
فإنه عز وجل
هاد
لأهل
السماوات
والأرض ،
المبين لأهل
السماوات
والأرض أمور
دينهم
ومصالحهم
، فلما كان
بالله وبهداه
يهتدي أهل السماوات
والأرض إلى
صلاحهم
وأمور دينهم
كما يهتدون
بالنور الذي خلق
الله لهم في
السماوات
والأرض
إلى صلاح
دنياهم قال:
إنه نور
السماوات
والأرض على
هذا
المعنى
، وأجرى على
نفسه هذا
الاسم توسعا
ومجازا ، لان
العقول دالة
على
أن الله عز
وجل لا يجوز
أن يكون نورا
ولا ضياء ولا
من جنس
الأنوار
والضياء ،
لأنه خالق
الأنوار
وخالق جميع أجناس
الأشياء ، وقد
دل
على
ذلك أيضا
قوله: مثل
نوره وإنما
أراد به صفة
نوره ، وهذا
النور
هو
غيره ، لأنه
شبهه
بالمصباح
وضوئه الذي
ذكره ووصفه في
هذه الآية ،
ولا
يجوز
أن يشبه نفسه
بالمصباح ،
لان الله لا
شبه له ولا
نظير ، فصح أن
نوره
الذي
شبهه
بالمصباح
إنما هو دلالته
أهل السماوات
والأرض على
مصالح
دينهم
وعلى توحيد
ربهم وحكمته
وعدله ، ثم
بين وضوح
دلالته هذه
وسماها
نورا من حيث
يهتدي بها
عباده إلى
دينهم
وصلاحهم ،
فقال: مثله
كمثل
كوة وهي
المشكاة فيها
المصباح
والمصباح هو
السراج في
زجاجة
صافية
شبيهة
بالكوكب
الدري في صفائه
، والكوكب
الدري هو
الكوكب
________________________________________________
397
المشبه
بالدر في لونه
، وهذا
المصباح الذي
في هذه
الزجاجة
الصافية
يتوقد
من زيت زيتونة
مباركة ،
وأراد به
زيتون الشام
لأنه يقال:
إنه بورك
فيه
لأهله وعنى عز
وجل بقوله: (لا
شرقية ولا
غربية) أن هذه
الزيتونة
ليست
بشرقية فلا
تسقط الشمس
عليها في وقت
الغروب ، ولا
غربية فلا
تسقط
الشمس عليها
فوقت الطلوع ،
بل هي في أعلى
شجرها
والشمس
تسقط عليها في
طول نهارها
فهو أجود لها
وأضوء لزيتها
، ثم
أكد
وصفه لصفاء
زيتها فقال:
(يكاد زيتها
يضئ ولو لم
تمسسه نار)
لما
فيها
من الصفاء
فبين أن
دلالات الله
التي بها دل
عباده في
السماوات
والأرض
على
مصالحهم وعلى
أمور دينهم هي
في الوضوح والبيان
بمنزلة هذا
المصباح
الذي في هذه
الزجاجة
الصافية
ويتوقد بها
الزيت الصافي
الذي
وصفه
، فيجتمع فيه
ضوء النار مع
ضوء الزجاجة وضوء
الزيت وهو
معنى
قوله:
(نور على نور)
وعنى بقوله عز
وجل: (يهدي الله
لنوره من يشاء
يعني)
توحيد
ربهم وسائر
أمور دينهم ،
وقد دل الله
عز وجل بهذه
الآية وبما
ذكره
من
وضوح دلالاته
وآياته التي
دل بها عباده
على دينهم أن
أحدا منهم لم
يؤت
فيما صار إليه
من الجهل ومن
تضييع الدين
لشبهة ولبس
دخلا عليه
في
ذلك من قبل
الله عز وجل ،
إذ كان الله
عز وجل قد بين
لهم دلالاته
وآياته
على سبيل ما
وصف ، وإنهم
إنما أوتوا في
ذلك من قبل
أنفسهم
بتركهم
النظر في
دلالات الله
واستدلال بها
على الله عز
وجل وعلى
صلاحهم
في
دينهم ، وبين
أنه بكل شئ من
مصالح عباده
ومن غير ذلك
عليم .
________________________________________________
398
2 - وقد روي عن
الصادق عليه
السلام أنه
سئل عن قول
الله عز وجل:
(الله
نور
السماوات
والأرض مثل
نوره كمشكاة
فيها مصباح)
فقال: هو مثل
ضربه
الله لنا ،
فالنبي صلى
الله عليه وآله
والأئمة
صلوات الله
عليهم أجمعين
من دلالات
الله
وآياته التي
يهتدى بها إلى
التوحيد ومصالح
الدين وشرائع
الاسلام
والفرائض
والسنن ، ولا
قوة إلا بالله
العلي العظيم
.
3 - وتصديق
ذلك ما حدثنا
به إبراهيم بن
هارون الهيتي
بمدينة
السلام
، قال: حدثنا
محمد بن أحمد
بن أبي الثلج
، قال: حدثنا
الحسين بن
أيوب
، عن محمد بن
غالب ، عن علي
بن الحسين ،
عن الحسن بن
أيوب
، عن الحسين
بن سليمان ،
عن محمد بن
مروان الذهلي
، عن
الفضيل
بن يسار ، قال:
قلت لأبي عبد
الله الصادق عليه
السلام:
(الله نور
السماوات
والأرض) ؟ قال:
كذلك الله عز
وجل ، قال: قلت:
(مثل
نوره)
؟ قال: محمد صلى الله
عليه وآله ،
قلت: (كمشكاة) ؟
قال: صدر
محمد
صلى الله
عليه وآله ،
قال: قلت: (فيها
مصباح) ؟ قال:
فيه نور العلم
يعني
النبوة
، قلت:
(المصباح في
زجاجة) ؟ قال:
علم رسول الله
صلى الله
عليه وآله
صدر
إلى
قلب علي عليه
السلام ،
قلت: (كأنها) ؟
قال: لأي شئ
تقرأ كأنها ،
فقلت:
فكيف
جعلت فداك ؟
قال: كأنه
كوكب دري 1) قلت:
(يوقد من شجرة
مباركة
زيتونة لا
شرقية ولا
غربية) ؟ قال:
ذلك أمير
المؤمنين علي
بن
أبي
طالب عليه
السلام لا
يهودي ولا
نصراني ، قلت:
(يكاد زيتها
يضئ ولو لم
تمسسه
نار) قال: يكاد
العلم يخرج من
فم العالم من
آل محمد من
قبل
________________________________________________
399
أن
ينطق به قلت:
(نور على نور) ؟
قال: الامام
في إثر الإمام
عليه
السلام .
___________________________
(1)
تفسير علي بن
إبراهيم
القمي 2: 103 .
________________________________________________
402
4 - حدثنا
إبراهيم بن
هارون الهيتي
، قال: حدثنا محمد
بن أحمد بن
أبي
الثلج ، قال:
حدثنا جعفر بن
محمد بن الحسين
الزهري ، قال:
حدثنا
أحمد
بن صبيح قال:
حدثنا ظريف بن
ناصح ، عن عيسى
بن راشد ، عن
محمد
بن علي بن
الحسين عليهم
السلام في
قوله عز وجل:
(كمشكاة فيها
مصباح)
، قال:
المشكاة نور
العلم في صدر
النبي صلى
الله عليه
وآله
المصباح في
زجاجة
الزجاجة صدر
علي عليه
السلام ، صار
علم النبي صلى الله
عليه وآله
إلى صدر
علي عليه
السلام
(الزجاجة
كأنها كوكب
دري يوقد من
شجرة مباركة)
قال:
نور
، (لا شرقية
ولا غربية)
قال: لا
يهودية ولا نصرانية
(يكاد زيتها
يضئ
ولو لم تمسسه
نار) قال: يكاد
العالم من آل
محمد عليهم
السلام
يتكلم
بالعلم
قبل أن يسأل ،
نور على نور
يعني: إماما مؤيدا
بنور العلم
والحكمة
في إثر إمام
من آل محمد عليهم
السلام ،
وذلك من لدن
آدم إلى أن
تقوم
الساعة
.
________________________________________________
403
فهؤلاء
الأوصياء
الذين جعلهم
الله عز وجل
خلفاءه في
أرضه وحججه
على
خلقه لا تخلو
الأرض في كل
عصر من واحد
منهم عليهم
السلام ، يدل
على
صحة
ذلك قول أبي
طالب في رسول
الله صلى
الله عليه
وآله:
أنت
الأمين محمد
قرم أغر مسود 1) ***
لمسودين أطائب
كرموا وطاب
المولد
أنت
السعيد من
السعود
تكنفتك
الأسعد *** من
لدن آدم لم
يزل فينا وصي
مرشد
فلقد
عرفتك صادقا
بالقول لا
تتفند *** ما زلت
تنطق بالصواب
وأنت طفل أمرد
___________________________
(1)
مجمع البيان 4: 143
- 144 .
________________________________________________
404
يقول:
ما زلت تتكلم
بالعلم قبل أن
يوحى إليك وأنت
طفل كما قال
إبراهيم
عليه
السلام وهو
صغير لقومه:
(إني برئ مما
تشركون) (1) وكما
تكلم
عيسى
عليه
السلام في
المهد فقال:
(إني عبد الله
آتاني الكتاب
وجعلني نبيا
وجعلني
مباركا أينما
كنت - الآية) (2) .
ولأبي
طالب في رسول
الله صلى
الله عليه
وآله مثل ذلك
في قصيدته
اللامية حين
يقول:
___________________________
(1)
الانعام: 78 .
(2) مريم: 30 - 31 .
________________________________________________
405
وما
مثله في الناس
سيد معشر *** إذا
قايسوه عند وقت
التحاصل 1)
فأيده
رب العباد
بنوره *** وأظهر
دينا حقه غير
زائل
ويقول
فيها:
وأبيض
يستسقى
الغمام بوجهه
*** ربيع
اليتامى عصمة
للأرامل
تطيف
به الهلاك من
آل هاشم *** فهم
عنده في نعمة
وفواضل
وميزان
صدق لا يخيس
شعيرة 2) ***
وميزان عدل
وزنه غير عائل
5 - حدثنا علي
بن عبد الله
الوراق ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ،
قال
: حدثنا
محمد بن
الحسين بن أبي
الخطاب ، عن
محمد بن أسلم
الجبلي ،
عن
الخطاب بن عمر
، ومصعب بن
عبد الله
الكوفيين ، عن
جابر بن يزيد
،
عن
أبي جعفر عليه
السلام في
قول الله عز
وجل: (الله نور
السماوات
والأرض
مثل
نوره كمشكاة)
فالمشكاة صدر
نبي الله صلى
الله عليه
وآله فيه
المصباح ،
___________________________
(1)
بحار الأنوار
35: 125 - 127 .
________________________________________________
406
والمصباح
هو العلم في
الزجاجة
والزجاجة
أمير
المؤمنين عليه
السلام وعلم
النبي
صلى الله
عليه وآله
عنده .
16 - باب تفسير
قول الله عز
وجل:
(نسوا الله
فنسيهم) (1)
1 - حدثنا
محمد بن محمد
بن عصام
الكليني رحمه
الله ، قال:
حدثنا محمد
ابن
يعقوب
الكليني ،
قال: حدثنا
علي بن محمد المعروف
بعلان ، قال:
حدثنا
أبو حامد
عمران بن موسى
بن إبراهيم ،
عن الحسن بن
القاسم
الرقام
، عن القاسم
بن مسلم ، عن
أخيه عبد العزيز
بن مسلم ، قال:
سألت
الرضا
علي بن موسى
عليهما
السلام عن قول
الله عز وجل:
(نسوا الله
فنسيهم) فقال:
المحدث
، ألا تسمعه
عز وجل يقول:
(وما كان ربك
نسيا) (2) وإنما
يجازي
من نسيه ونسي
لقاء يومه بأن
ينسيهم أنفسهم
، كما قال عز
وجل
(ولا
تكونوا
كالذين نسوا
الله فأنسيهم
أنفسهم أولئك
هم الفاسقون) (3)
وقوله
عز وجل
(فاليوم
ننسيهم كما
نسوا لقاء يومهم
هذا) (4) أي
نتركهم
كما تركوا
الاستعداد
للقاء يومهم
هذا .
قال
مصنف هذا
الكتاب رضي
الله عنه:
قوله: نتركهم أي
لا نجعل لهم
ثواب
من
كان يرجو 1)
لقاء يومه ،
لان الترك لا
يجوز على الله
عز وجل ، وأما
قول
الله عز وجل:
(وتركهم في
ظلمات لا
يبصرون) (5) أي لم
يعالجهم
___________________________
(1)
التوبة: 67 .
(2) مريم: 64 .
(3) الحشر: 19 .
(4) الأعراف: 51 .
(5) البقرة: 17 .
________________________________________________
407
بالعقوبة
وأمهلهم
ليتوبوا .
17 - باب تفسير
قوله عز وجل:
(والأرض
جميعا قبضته
يوم القيامة
والسماوات مطويات
بيمينه)
(1)
___________________________
(1
الزمر: 67 .
(2) صحاح
اللغة 6: 2508 .
(3) تفسير
البيضاوي
الموسوم
بأنوار
التنزيل 1: 509 .
(4) الحشر: 19 .
________________________________________________
408
1 - حدثنا
محمد بن محمد
بن عصام
الكليني رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
محمد
بن يعقوب
الكليني ،
قال: حدثنا
علي بن محمد
المعروف
بعلان
الكليني
، قال: حدثنا
محمد بن عيسى
بن عبيد ، قال:
سألت أبا
الحسن
علي
بن محمد
العسكري
عليهما
السلام عن قول
الله عز وجل:
(والأرض جميعا
قبضته
يوم القيمة
والسماوات
مطويات
بيمينه) فقال:
ذلك تعيير
الله تبارك
وتعالى
لمن شبهه
بخلقه ، ألا
ترى أنه ، قال:
(وما قدروا
الله حق قدره)
ومعناه
إذ قالوا: إن
الأرض جميعا
قبضته يوم القيامة
1) والسماوات
مطويات
بيمينه ، كما
قال عز وجل:
(وما قدروا الله
حق قدره) إذ
قالوا:
(ما أنزل
الله على بشر
من شئ) (1) ثم نزه
عز وجل نفسه
عن القبضة
واليمين
فقال: (سبحانه
وتعالى عما
يشركون) .
___________________________
(1)
الانعام: 91 .
(2) تفسير
البيضاوي 2: 512 .
________________________________________________
409
2 - حدثنا
أحمد بن محمد
بن الهيثم
العجلي رحمه
الله قال:
حدثنا أحمد بن
يحيى
بن زكريا
القطان ، قال:
حدثنا بكر بن
عبد الله بن
حبيب ، قال:
حدثنا
تميم بن بهلول
، عن أبيه ، عن
أبي الحسن العبدي
، عن سليمان
بن
مهران
، قال: سألت
أبا عبد الله عليه
السلام عن
قول الله عز
وجل: (والأرض
جميعا
قبضته يوم
القيامة)
فقال: يعني
ملكه لا يملكها
معه أحد ،
والقبض
من
الله 1) تبارك
وتعالى في
موضع آخر
المنع والبسط
، منه الاعطاء
والتوسيع
، كما قال عز
وجل: (والله
يقبض ويبسط وإليه
ترجعون) (1)
يعني
يعطي ويوسع
ويمنع ويضيق ،
والقبض منه عز
وجل في وجه
آخر
الاخذ
والاخذ في وجه
القبول منه
كما قال: (ويأخذ
___________________________
(1)
البقرة: 245 .
________________________________________________
410
الصدقات)
(1) أي يقبلها من
أهلها ويثيب
عليها ، قلت:
فقوله عز وجل:
(والسماوات
مطويات
بيمينه) ؟ قال:
اليمين اليد ،
واليد القدرة
والقوة ،
يقول
عز وجل:
والسماوات
مطويات
بقدرته وقوته ،
سبحانه
وتعالى عما
يشركون
.
18 - باب تفسير
قول الله عز
وجل:
(كلا إنهم
عن ربهم يومئذ
لمحجوبون) (2)
1 - حدثنا
محمد بن
إبراهيم بن
أحمد بن يونس
المعاذي ،
قال:
حدثنا
أحمد بن محمد
بن سعيد
الكوفي
الهمداني ،
قال: حدثنا
علي بن
الحسن
بن علي بن
فضال ، عن
أبيه ، قال:
سألت الرضا
علي بن
موسى
عليهما السلام
عن قول الله
عز وجل: (كلا
إنهم عن ربهم
يومئذ لمحجوبون)
فقال:
إن الله تبارك
وتعالى لا
يوصف بمكان
يحل فيه فيحجب
عنه فيه
عباده
، ولكنه يعني:
إنهم عن ثواب
ربهم لمحجوبون
1) .
___________________________
(1)
التوبة: 104 .
(2) المطففين: 15
.
(3) مجمع
البيان 4: 508 .
________________________________________________
411
19 - باب تفسير
قوله عز وجل:
(وجاء ربك
والملك صفا
صفا) (1)
1 - حدثنا
محمد بن
إبراهيم بن
أحمد بن يونس
المعاذي ،
قال:
حدثنا
أحمد بن محمد
بن سعيد
الكوفي
الهمداني ،
قال: حدثنا
علي بن
الحسن
بن علي بن فضال
، عن أبيه ،
قال: سألت
الرضا علي بن
موسى
عليهما
السلام عن قول
الله عز وجل:
(وجاء ربك
والملك صفا
صفا) فقال:
إن
الله عز وجل
لا يوصف
بالمجئ
والذهاب
تعالى عن
الانتقال ،
إنما
يعني
بذلك وجاء أمر
ربك والملك
صفا صفا 1) .
___________________________
(1)
الفجر: 22 .
(2) الكشاف
للزمخشري 4: 232 .
________________________________________________
412
20 - باب تفسير
قوله عز وجل:
(هل ينظرون
الا أن يأتيهم
الله في ظلل
من الغمام
والملائكة) (1)
1 - حدثنا
محمد بن
إبراهيم بن
أحمد بن يونس
المعاذي ،
قال:
حدثنا
أحمد بن محمد
بن سعيد
الكوفي
الهمداني ،
قال: حدثنا
علي بن
الحسن
بن علي بن
فضال ، عن
أبيه ، عن
الرضا علي بن
موسى عليهما
السلام قال:
سألته
عن قول الله
عز وجل: (هل
ينظرون إلا أن
يأتيهم الله
في ظلل من
الغمام
والملائكة)
قال: يقول: هل
ينظرون إلا أن
يأتيهم الله
بالملائكة 1)
في
ظلل من الغمام
، وهكذا نزلت .
___________________________
(1)
البقرة: 210 .
(2) التفسير
الكبير
للرازي 31: 173 - 174
________________________________________________
413
21 - باب تفسير
قوله عز وجل:
(سخر الله
منهم) (1) وقوله
عز وجل: (الله
يستهزئ بهم) (2)
وقوله
عز وجل:
(ومكروا ومكر
الله والله
خير الماكرين)
(3)
وقوله
عز وجل:
يخادعون الله
وهو خادعهم (4)
1 - حدثنا
محمد بن
إبراهيم بن
أحمد بن يونس
المعاذي ،
قال: حدثنا
أحمد
بن محمد بن
سعيد الكوفي
الهمداني ،
قال: حدثنا
علي بن الحسن
ابن
علي بن فضال ،
عن أبيه ، عن
الرضا علي بن
موسى عليهما
السلام قال:
سألته
عن
قول الله عز
وجل (سخر الله
منهم) وعن قول
الله عز وجل:
(الله
يستهزئ
بهم) وعن قوله:
(ومكروا ومكر
الله) وعن قوله
(يخادعون
الله
وهو خادعهم)
فقال: إن الله
تبارك وتعالى لا
يسخر ولا
يستهزئ ولا
يمكر
ولا يخادع
ولكنه عز وجل
يجازيهم جزاء
السخرية
وجزاء
الاستهزاء
، وجزاء المكر
والخديعة ،
تعالى الله
عما يقول
الظالمون
علوا
كبيرا
.
___________________________
(1)
التوبة: 79 .
(2) البقرة: 15 .
(3) آل عمران: 54 .
(4) النساء: 142 .
________________________________________________
414
22 - باب معنى
جنب الله عز
وجل
1 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله: قال:
حدثنا
محمد بن جعفر
الكوفي ، قال:
حدثنا موسى بن
عمران النخعي
الكوفي
، عن عمه
الحسين بن
يزيد ، عن علي
بن الحسين ،
عمن حدثه ،
عن
عبد الرحمن بن
كثير ، عن أبي
عبد الله عليه
السلام قال:
إن
أمير
المؤمنين عليه
السلام قال:
أنا علم الله
، وأنا قلب
الله الواعي ،
ولسان الله
الناطق
، وعين الله ،
وجنب الله ،
وأنا يد الله .
قال
مصنف هذا
الكتاب رضي
الله عنه:
معنى قوله عليه
السلام: وأنا
قلب الله
الواعي
أي
أنا القلب
الذي جعله
الله وعاء
لعلمه ، وقلبه
إلى طاعته ،
وهو قلب
مخلوق
لله عز وجل
كما هو عبد
لله عز وجل ،
ويقال: قلب
الله كما
يقال:
عبد
الله وبيت
الله وجنة
الله ونار
الله . وأما
قوله: عين
الله ، فإنه
يعني به:
الحافظ
لدين الله ،
وقد قال الله
عز وجل: (تجري بأعيننا)
(1) أي
بحفظنا
، وكذلك قوله
عز وجل:
(ولتصنع على
عيني) (2) معناه
على
حفظي
.
2 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا
___________________________
(1)
القمر: 14 .
(2) طه: 39 .
________________________________________________
415
الحسين
بن الحسن بن
أبان ، عن
الحسين بن
سعيد ، عن
النضر بن سويد
،
عن
ابن سنان ، عن
أبي بصير ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام قال:
قال: أمير
المؤمنين
عليه
السلام في
خطبته: أنا
الهادي ، وأنا
المهتدي ،
وانا أبو
اليتامى
والمساكين
وزوج الأرامل
، وأنا ملجأ
كل ضعيف ومأمن
كل خائف ،
وأنا
قائد
المؤمنين إلى
الجنة ، وأنا
حبل الله
المتين ، وأنا
عروة الله
الوثقى وكلمة
التقوى
، وأنا عين
الله ولسانه
الصادق ويده ،
وأنا جنب الله
الذي يقول:
(أن تقول
نفس يا حسرتي
على ما فرطت
في جنب الله) (1)
وأنا يد الله
المبسوطة
على عباده
بالرحمة
والمغفرة ،
وأنا باب حطة
من عرفني
وعرف
حقي فقد عرف
ربه لأني وصي
نبيه في أرضه
، وحجته على
خلقه
، لا ينكر هذا
إلا راد على
الله ورسوله .
قال
مصنف هذا
الكتاب رضي
الله عنه:
الجنب الطاعة
في لغة العرب 1)
،
___________________________
(1)
الزمر: 56 .
(2) الفرقان: 23 .
(3) راجع
تفسير
البرهان 3: 158 - 161 .
________________________________________________
416
يقال:
هذا صغير في
جنب الله أي
في طاعة الله
عز وجل ،
فمعنى قول
أمير
المؤمنين
عليه
السلام: أنا
جنب الله أي
أنا الذي
ولايتي طاعة
الله ، قال
الله عز
وجل:
(أن تقول نفس
يا حسرتي على
ما فرطت في
جنب الله) أي
في
طاعة
الله عز وجل .
23 - باب معنى
الحجزة
1 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
، عن عمه محمد
بن أبي
القاسم
، عن أحمد بن
أبي عبد الله
البرقي ، عن أبيه
، عن محمد بن
سنان ،
عن
أبي الجارود ،
عن محمد بن
بشر الهمداني
، قال: سمعت
محمد بن
الحنفية
يقول: حدثني
أمير
المؤمنين عليه
السلام أن
رسول الله صلى الله
عليه وآله
يوم القيامة
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 9 .
(2) مجمع
البيان 4: 505 .
________________________________________________
417
آخذ
بحجزة الله ،
ونحن آخذون
بحجزة نبينا 1)
، وشيعتنا
آخذون
بحجزتنا
، قلت: يا أمير
المؤمنين وما
الحجزة ؟ قال:
الله أعظم من
أن
يوصف
بالحجزة أو
غير ذلك ،
ولكن رسول
الله صلى
الله عليه
وآله آخذ
بأمر الله ،
ونحن
آل
محمد آخذون
بأمر نبينا
وشيعتنا
آخذون بأمرنا
.
2 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ،
قال: حدثنا
أحمد بن
محمد
بن عيسى ، عن
الحسن بن علي
الخزاز ، عن
أبي الحسن
الرضا عليه
السلام قال:
إن رسول الله صلى الله
عليه وآله
يوم القيامة
آخذ بحجزة
الله ، ونحن
آخذون بحجزة
نبينا
، وشيعتنا
آخذون
بحجزتنا ثم
قال: والحجزة
النور 2) .
___________________________
(1)
كذا في
النسختين ،
وفي النهاية:
والنبي .
(2) نهاية ابن
الأثير 1: 344 .
________________________________________________
418
3 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله قال:
حدثنا
محمد
بن أبي عبد
الله الكوفي ،
قال: حدثنا
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
قال:
حدثني علي بن
العباس ، قال:
حدثنا الحسن بن
يوسف ، عن عبد
السلام
، عن عمار بن
أبي اليقظان ،
عن أبي عبد الله
عليه
السلام قال:
يجئ رسول
الله
صلى الله
عليه وآله
يوم القيامة
آخذا بحجزة
ربه ، ونحن
آخذون بحجزة
نبينا ،
وشيعتنا
آخذون
بحجزتنا ،
فنحن وشيعتنا
حزب الله ،
وحزب الله هم
الغالبون
، والله ما
نزعم أنها
حجزة الإزار ولكنها
أعظم من ذلك ،
يجئ
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله آخذا
بدين الله ،
ونجئ نحن
آخذين بدين
نبينا وتجئ
شيعتنا
آخذين بديننا
.
4 - وقد روي عن
الصادق عليه
السلام أنه
قال: (الصلاة
حجزة الله)
وذلك
أنها
تحجز المصلي
عن المعاصي ما
دام في صلاته ،
قال الله عز
وجل: (إن
الصلاة
تنهى عن
الفحشاء
والمنكر) (1) .
24 - باب معنى
العين والاذن
واللسان 1)
1 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ،
قال: حدثنا
أحمد بن
محمد
بن عيسى ، عن
الحسين بن
سعيد ، عن
فضالة بن أيوب
، عن أبان
ابن
عثمان ، عن
محمد بن مسلم
، قال: سمعت
أبا عبد الله عليه
السلام يقول:
إن
___________________________
(1)
العنكبوت: 45 .
________________________________________________
419
لله
عز وجل خلقا
من رحمته
خلقهم من نوره
ورحمته من
رحمته لرحمته
فهم
عين الله
الناظرة ،
واذنه
السامعة
ولسانه الناطق
في خلقه بإذنه
، وامناؤه
على
ما أنزل من
عذر أو نذر أو
حجة ، فبهم
يمحو السيئات
، بهم يدفع
الضيم
، وبهم ينزل
الرحمة ، وبهم
يحيي ميتا ، وبهم
يميت حيا ،
وبهم يبتلي
خلقه
، وبهم يقضي
في خلقه قضيته
. قلت: جعلت فداك
من هؤلاء ؟
قال:
الأوصياء
.
25 - باب معنى
قوله عز وجل:
(وقالت
اليهود يد
الله مغلولة
غلت أيديهم
ولعنوا بما
قالوا بل يداه
مبسوطتان)
1 - أبي رحمه
الله قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ،
قال: حدثنا
أحمد بن أبي
عبد
الله البرقي ،
عن أبيه ، عن
علي بن نعمان
، عن إسحاق بن عمار
، عمن
سمعه
عن أبي عبد
الله عليه
السلام أنه
قال في قول
الله عز وجل:
(وقالت اليهود
يد
الله مغلولة):
لم يعنوا أنه
هكذا ، ولكنهم
قالوا: قد فرغ
من الامر ،
فلا
يزيد
ولا ينقص ،
فقال الله جل
جلاله تكذيبا
لقولهم: (غلت
أيديهم
ولعنوا
بما قالوا بل
يداه
مبسوطتان ينفق
كيف يشاء) (1) ألم
تسمع
___________________________
(1)
المائدة: 64 .
________________________________________________
420
الله
عز وجل يقول:
(يمحو الله ما
يشاء ويثبت وعنده
أم الكتاب) (1) 1) .
___________________________
(1)
الرعد: 39 .
(2) سورة
البقرة: 245 .
(3) في " ن "
الوجود .
________________________________________________
421
2 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا محمد
بن
الحسن الصفار
، عن محمد بن
عيسى ، عن
المشرقي ، عن
عبد الله بن
قيس
أبي
الحسن الرضا عليه
السلام قال:
سمعته يقول:
(بل يداه
مبسوطتان)
فقلت
لكان
مخلوقا .
26 - باب معنى
رضاه عز وجل
وسخطه
1 - حدثنا أبي رحمه الله
، قال: حدثني
أحمد بن إدريس
، عن أحمد بن
أبي
عبد
الله ، عن
محمد بن عيسى
اليقطيني ، عن
المشرقي ، عن
حمزة بن
الربيع
عمن ذكره ،
قال: كنت في
مجلس أبي جعفر
عليه
السلام إذ
دخل عليه
عمرو
بن عبيد فقال
له: جعلت فداك
قول الله تبارك
وتعالى: (ومن
يحلل
عليه
غضبي فقد هوى) (1)
ما ذلك الغضب
؟ فقال أبو جعفر
عليه
السلام: هو
العقاب
يا عمرو ، إنه
من زعم أن
الله عز وجل
زال من شئ إلى
شئ فقد
وصفه
صفة مخلوق ،
إن الله عز
وجل لا يستفزه
شئ ولا يغيره .
2 - وبهذا
الاسناد ، عن
أحمد بن أبي
عبد الله ، عن أبيه
رفعه إلى أبي
عبد
الله عليه
السلام في
قول الله عز
وجل: (فلما
آسفونا
انتقمنا منهم)
1) (2) قال:
___________________________
(1) طه: 81
.
(2) الزخرف: 55 .
________________________________________________
422
إن
الله تبارك
وتعالى لا
يأسف كأسفنا ،
ولكنه خلق
أولياء لنفسه
يأسفون
ويرضون
، وهم مخلوقون
مدبرون ، فجعل
رضاهم لنفسه
رضى وسخطهم
لنفسه
سخطا ، وذلك
لأنه جعلهم
الدعاة إليه
والادلاء
عليه ، فلذلك
صاروا
كذلك
، وليس ان ذلك
يصل إلى الله
كما يصل إلى
خلقه ، ولكن
هذا معنى
ما
قال من ذلك ،
وقد قال أيضا:
(من أهان لي
وليا فقد
بارزني
بالمحاربة
ودعاني
إليها) . وقال
أيضا: (من يطع
الرسول فقد أطاع
الله) (1) وقال
أيضا:
(إن الذين
يبايعونك
إنما يبايعون
الله) (2) وكل هذا
وشبهه على ما
ذكرت
لك ، وهكذا
الرضا والغضب وغيرهما
من الأشياء
مما يشاكل ذلك
ولو
كان يصل إلى
المكون الأسف
والضجر وهو
الذي أحدثهما
وأنشأهما
1) لجاز لقائل
أن يقول: إن
المكون يبيد
يوما ما ،
لأنه إذا دخله
الضجر
والغضب دخله
التغيير وإذا
دخله التغيير
لم يؤمن عليه
الإبادة ، ولو
كان
ذلك كذلك لم
يعرف المكون من
المكون ، ولا
القادر من
المقدور ، ولا
الخالق
من المخلوق ،
تعالى الله عن
هذا القول علوا
كبيرا ، هو
الخالق
___________________________
(1)
النساء: 80 .
(2) الفتح: 10 .
(3) في المجمع:
عقوبتهم .
(4) مجمع
البيان 5: 52 .
________________________________________________
423
للأشياء
لا لحاجة ،
فإذا كان لا
لحاجة استحال الحد
والكيف فيه ،
فافهم
ذلك
إن شاء الله .
3 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل
رضي الله عنه ،
قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم
بن هاشم ، عن
أبيه ، عن
العباس بن عمرو
الفقيمي ، عن
هشام بن
الحكم
أن رجلا سأل
أبا عبد الله عليه
السلام عن
الله تبارك
وتعالى له رضا
وسخط
؟ فقال: نعم ،
وليس ذلك على
ما يوجد من
المخلوقين ،
وذلك
أن
الرضا والغضب
دخال يدخل
عليه فينقله
من حال إلى
حال ، معتمل ،
مركب
1) ، للأشياء
فيه مدخل
وخالقنا لا
مدخل للأشياء
فيه ، واحد ،
أحدي
الذات ، وأحدي
المعنى ،
فرضاه ثوابه
وسخطه عقابه
من غير شئ
يتداخله
فيهيجه
وينقله من حال
إلى حال ، فإن
ذلك صفة
المخلوقين
العاجزين
المحتاجين ،
وهو تبارك
وتعالى القوي
العزيز الذي
لا حاجة به
إلى
شئ مما خلق ،
وخلقه جميعا
محتاجون إليه
، إنما خلق
الأشياء من
غير
حاجة ولا سبب
اختراعا
وابتداعا .
4 - حدثنا
أحمد بن الحسن
القطان ، قال:
حدثنا الحسن
بن علي
السكري
قال: حدثنا
محمد بن زكريا
الجوهري ، عن
جعفر بن محمد
بن
عمارة
، عن أبيه ،
قال: سألت
الصادق جعفر
بن محمد
عليهما
السلام فقلت
له ، يا بن
رسول
الله أخبرني
عن الله عز
وجل هل له رضا
وسخط ؟ فقال:
نعم ، وليس
ذلك
على ما يوجد
من المخلوقين
ولكن غضب الله
عقابه ، ورضاه
ثوابه .
___________________________
(1)
أصول الكافي 1: 110
ح 6 .
________________________________________________
424
27 - باب معنى
قوله عز وجل:
ونفخت
فيه من روحي (1)
1 - حدثنا حمزة
بن محمد
العلوي رحمه
الله ، قال:
أخبرنا علي بن
إبراهيم
ابن
هاشم ، عن
أبيه ، عن ابن
أبي عمير ، عن
عمر بن أذينة
، عن محمد بن
مسلم
، قال: سألت
أبا جعفر عليه
السلام عن
قول الله عز
وجل: (ونفخت
فيه
من
روحي) قال: روح
اختاره الله
واصطفاه 1)
وخلقه وأضافه
إلى نفسه
___________________________
(1)
الحجر: 29 ، وص: 72 .
(2) التعليقة
على أصول
الكافي للسيد
الداماد ص 250 - 251 ،
المطبوع
بتحقيقنا .
________________________________________________
425
وفضله
على جميع
الأرواح ،
فأمر فنفخ منه
في آدم .
2 - أبي رحمه
الله ، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، قال:
حدثنا أحمد بن
محمد
ابن
عيسى ، عن ابن
فضال ، عن
الحلبي ،
وزرارة ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام ،
قال:
إن
الله تبارك
وتعالى أحد ،
صمد ، ليس له
جوف ، وإنما
الروح خلق من
خلقه
، نصر وتأييد
وقوة ، يجعله
الله في قلوب الرسل
والمؤمنين .
3 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، عن
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
قال:
حدثنا الحسين
بن الحسن ،
قال: حدثنا
بكر بن صالح ،
عن القاسم
بن
عروة ، عن عبد
الحميد
الطائي ، عن
محمد بن مسلم
، قال: سألت
أبا
جعفر
عليه
السلام عن
قول الله عز
وجل: (ونفخت
فيه من روحي)
كيف هذا
النفخ
؟ فقال: إن
الروح متحرك
كالريح ،
وإنما سمي
روحا لأنه
اشتق
اسمه
من الريح ،
وإنما أخرجه
على لفظ الروح
لان الروح 1)
مجانس
للريح
، وإنما أضافه
إلى نفسه لأنه
اصطفاه على
سائر الأرواح
كما اصطفى
بيتا
من البيوت ،
فقال: بيتي ،
وقال لرسول من
الرسل: خليلي
، وأشباه
ذلك
، وكل ذلك
مخلوق مصنوع
محدث مربوب
مدبر .
4 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم ،
عن
أبيه ، عن ابن
أبي عمير ، عن
عمر بن أذينة
، عن أبي جعفر
الأصم ، قال:
________________________________________________
426
سألت
أبا جعفر عليه
السلام عن
الروح التي في
آدم عليه
السلام
والتي في عيسى
عليه
السلام ما
هما ؟
قال:
روحان
مخلوقان
اختارهما
واصطفاهما ،
روح آدم عليه
السلام وروح
عيسى عليه
السلام .
5 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن أبي عبد
الله الكوفي ،
عن محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
قال:
حدثنا
علي بن العباس
، قال: حدثنا
علي بن أسباط
، عن سيف بن
عميرة
، عن أبي بصير
، عن أبي جعفر عليه
السلام في
قوله عز وجل:
(ونفخت
فيه
من روحي) قال:
من قدرتي .
6 - حدثنا
محمد بن أحمد
السناني ،
والحسين بن إبراهيم
بن أحمد
ابن
هشام المكتب ،
وعلي بن أحمد
بن محمد بن عمران
رضي الله عنهم
قالوا:
حدثنا محمد بن
أبي عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
قال: حدثنا
علي بن العباس
، قال: حدثنا
عبيس بن
هشام
، عن عبد
الكريم بن
عمرو ، عن أبي
عبد الله عليه
السلام في
قوله عز وجل:
فإذا
سويته ونفخت
فيه من روحي
قال: إن الله
عز وجل خلق
خلقا
وخلق روحا ،
ثم أمر ملكا
فنفخ فيه ،
فليست بالتي
نقصت من قدرة
الله
شيئا هي من
قدرته .
28 - باب نفي
المكان
والزمان
والسكون والحركة
والنزول
والصعود
والانتقال عن
الله
عز وجل
1 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا سعد بن
عبد الله ، عن
أحمد بن محمد بن
عيسى
، عن الحسن بن
محبوب ، عن
أبي حمزة
الثمالي ،
قال: سأل نافع
________________________________________________
427
ابن
الأزرق أبا
جعفر عليه
السلام فقال:
أخبرني عن
الله متى كان
؟ فقال له:
ويلك
، أخبرني أنت
متى لم يكن
حتى أخبرك متى
كان ، سبحان
من لم
يزل
ولا يزال فردا
صمدا لم يتخذ
صاحبة ولا ولدا
.
2 - حدثنا
أحمد بن محمد
بن يحيى
العطار رحمه
الله ، عن
أبيه ، عن
أحمد
ابن
محمد بن عيسى
، عن الحسين
بن سعيد ، عن
القاسم بن
محمد ، عن
علي
بن أبي حمزة ،
عن أبي بصير ،
قال: جاء رجل
إلى أبي جعفر عليه
السلام فقال
لشئ
لم يكن فكان:
متى كان ، إن
ربي تبارك
وتعالى كان لم
يزل حيا بلا
كيف
1) ، ولم يكن له
كان 2) ولا كان
لكونه كيف 3) ،
ولا كان له
أين ،
________________________________________________
428
ولا
كان في شئ ،
ولا كان على
شئ ، ولا
ابتدع لكانه
مكانا 1) ، ولا
قوي
بعد
ما كون شيئا ،
ولا كان ضعيفا
قبل أن يكون شيئا
، ولا كان
مستوحشا
قبل
أن يبتدع شيئا
2) ، ولا يشبه
شيئا مكونا ،
ولا كان خلوا
من [القدرة
على]
الملك قبل إنشائه
، ولا يكون
منه خلوا بعد
ذهابه ، لم
يزل حيا بلا
حياة
، وملكا قادرا
قبل أن ينشئ
شيئا ، وملكا جبارا
بعد إنشائه
للكون ،
فليس
لكونه كيف ،
ولا له أين ،
ولا له حد ،
ولا يعرف بشئ
يشبهه ، ولا
يهرم
لطول البقاء ،
ولا يصعق 3) لشئ
، ولا يخوفه شئ
، تصعق
الأشياء
كلها
من خيفته ،
كان حيا بلا
حياة عارية
ولا كون موصوف
4) ، ولا كيف
محدود
، ولا أثر
مقفو ، ولا
مكان جاور
شيئا ، بل
________________________________________________
429
حي
يعرف 1) ، وملك
لم يزل له
القدرة
والملك ، أنشأ
ما شاء كيف
شاء
بمشيته
، لا يحد ولا
يبعض ، ولا
يفنى ، كان
أولا بلا كيف
، ويكون آخرا
بلا
أين ، وكل شئ
هالك إلا وجهه
، له الخلق
والامر تبارك
الله رب
العالمين
، ويلك أيها
السائل ، إن
ربي لا تغشاه
الأوهام ، ولا
تنزل به
الشبهات
، ولا يحار من
شئ 2) ولا
يجاوره شئ ولا
تنزل به
الاحداث ،
ولا
يسأل عن شئ
يفعله ، ولا
يقع على شئ ،
ولا تأخذه سنة
ولا نوم ،
له
ما في
السماوات وما
في الأرض وما
بينهما وما
تحت الثرى .
3 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
قال: حدثنا
علي بن
الحسين
السعد آبادي ،
عن أحمد بن
أبي عبد الله
البرقي ، عن
أحمد بن
محمد
بن أبي نصر ،
عن أبي الحسن
الموصلي ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام ،
قال:
جاء
حبر من
الأحبار إلى
أمير
المؤمنين عليه
السلام فقال
له: يا أمير
المؤمنين متى
كان
ربك ؟ فقال له:
ثكلتك أمك ،
ومتى لم يكن
حتى يقال: متى
كان ، كان
ربي
قبل القبل بلا
قبل 3) ، ويكون
بعد البعد بلا
بعد ، ولا
غاية
________________________________________________
430
ولا
منتهى لغايته
، انقطعت
الغايات عنه 1)
، فهو منتهى
كل غاية ،
فقال: يا
أمير
المؤمنين
فنبي أنت ؟
فقال: ويلك:
إنما أنا عبد
من عبيد
محمد
صلى الله
عليه وآله 2) .
قال
مصنف هذا
الكتاب رضي
الله عنه:
يعني بذلك: عبد
طاعته لا غير
ذلك .
4 - وروي أنه
سئل عليه
السلام أين
كان ربنا قبل
أن يخلق سماء
وأرضا
؟ فقال عليه
السلام: (أين)
سؤال عن مكان
، وكان الله
ولا مكان .
5 - حدثنا علي
بن الحسين بن
الصلت رضي
الله عنه ، قال:
حدثنا محمد بن
أحمد
بن علي بن
الصلت ، عن
عمه أبي طالب عبد
الله بن الصلت
، عن
يونس
بن عبد الرحمن
، قال: قلت
لأبي الحسن
موسى بن جعفر
عليهما
السلام:
لأي
علة عرج الله
بنبيه صلى
الله عليه
وآله إلى
السماء ،
ومنها إلى
سدرة المنتهى
، ومنها
إلى
حجب النور ،
وخاطبه
وناجاه هناك
والله لا يوصف
بمكان ؟ فقال عليه
السلام:
إن الله
تبارك وتعالى
لا يوصف بمكان
ولا يجري عليه
زمان ، ولكنه
عز
وجل أراد أن
يشرف به
ملائكته
وسكان سماواته
، ويكرمهم
بمشاهدته
، ويريه من
عجائب عظمته
ما يخبر به بعد
هبوطه ، وليس
ذلك
على
ما يقول
المشبهون ،
سبحان الله
وتعالى عما
يشركون .
________________________________________________
431
6 - حدثنا
محمد بن موسى
بن المتوكل رحمه الله
، قال: حدثنا
محمد بن يحيى
العطار
، عن سهل بن
زياد ، عن
عمرو بن عثمان
، عن محمد بن
يحيى
الخزاز
، عن محمد بن
سماعة ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام قال:
قال رأس
الجالوت
1) لليهود: إن
المسلمين
يزعمون أن
عليا ، من
أجدل الناس 2)
وأعلمهم
3) ، اذهبوا بنا
إليه لعلي
أسأله عن مسألة
أخطئه فيها ،
فأتاه فقال:
يا
أمير
المؤمنين إني
أريد أن أسألك
عن مسألة ،
قال: سل عما
شئت ،
قال:
يا أمير
المؤمنين متى
كان ربنا 4) ؟
قال: يا يهودي
، إنما يقال ،
متى
كان
لمن لم يكن
فكان ، هو
كائن بلا
كينونة كائن 5)
، كان بلا كيف
، يا
يهودي
، كيف يكون له
قبل وهو قبل
القبل بلا غاية
ولا منتهى ،
غاية 6) ولا
غاية
إليها ، غاية 7)
انقطعت
الغايات عنه 8)
، فهو غاية كل
غاية ،
________________________________________________
432
فقال:
أشهد أن دينك
الحق وأن ما
خالفه باطل .
7 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رضي
الله عنه ،
قال:
حدثنا
محمد بن هارون
الصوفي ، قال:
حدثنا عبيد
الله بن موسى
أبو
تراب
الروياني ، عن
عبد العظيم بن
عبد الله الحسني
، عن إبراهيم
بن أبي
محمود
، قال: قلت
للرضا عليه
السلام: يا
ابن رسول الله
ما تقول في
الحديث الذي
يرويه
الناس عن رسول
الله صلى
الله عليه
وآله أنه
قال: إن الله
تبارك وتعالى
ينزل كل
ليلة
إلى السماء
الدنيا ؟ فقال
عليه
السلام: لعن
الله
المحرفين
الكلم عن
مواضعه 1) ،
والله
ما قال رسول
الله صلى
الله عليه وآله
كذلك ، إنما
قال صلى
الله عليه
وآله: إن
الله تبارك
وتعالى ينزل
ملكا
إلى السماء
الدنيا كل
ليلة في الثلث
الأخير ،
وليلة الجمعة
في أول
الليل
فيأمره
فينادي هل من
سائل فاعطيه ؟
هل من تائب
فأتوب عليه ؟
هل
من مستغفر
فأغفر له ؟ يا
طالب الخير
أقبل ، يا
طالب الشر أقصر
، فلا
يزال
ينادي بهذا
حتى يطلع
الفجر ، فإذا
طلع الفجر عاد
إلى محله من
ملكوت
السماء ،
حدثني بذلك
أبي عن جدي ،
عن رسول الله صلى الله
عليه وآله .
8 - حدثنا
محمد بن محمد
بن عصام رحمه
الله ، قال:
حدثنا محمد بن
يعقوب
الكليني ،
قال: حدثنا
علي بن محمد ،
عن محمد بن
سليمان ، عن
إسماعيل
بن إبراهيم ،
عن جعفر بن
محمد التميمي
، عن الحسين
بن
علوان
، عن عمرو بن
خالد عن زيد
بن علي عليه
السلام قال:
سألت أبي سيد
العابدين
عليه
السلام فقلت
له: يا أبة
أخبرني عن
جدنا رسول
الله صلى
الله عليه
وآله لما عرج
به
________________________________________________
433
إلى
السماء وأمره
ربه عز وجل
بخمسين صلاة
كيف لم يسأله
التخفيف
عن
أمته حتى قال
له موسى بن
عمران عليه
السلام: ارجع
إلى ربك
فاسأله
التخفيف
فإن أمتك لا
تطيق ذلك ؟
فقال عليه
السلام: يا
بني ، إن رسول
الله صلى
الله عليه
وآله
كان لا
يقترح على ربه
عز وجل 1) ولا
يراجعه في شئ
يأمره به ،
فلما
سأله
موسى عليه
السلام ذلك
وصار شفيعا
لامته إليه لم
يجز له رد
شفاعة أخيه
موسى
عليه
السلام ،
فرجع إلى ربه
عز وجل فسأله
التخفيف إلى
أن ردها إلى
خمس
صلوات ، قال:
فقلت: يا أبة
فلم لم يرجع
إلى ربه عز وجل
ولم
يسأله
التخفيف بعد
خمس صلوات
فقال: يا بني
أراد صلى
الله عليه
وآله أن يحصل
لامته
التخفيف مع
أجر خمسين
صلاة لقول
الله عز وجل:
(من جاء
بالحسنة
فله عشر
أمثالها) (1) ألا
ترى أنه صلى
الله عليه
وآله لما هبط
إلى الأرض نزل
عليه
جبرئيل عليه
السلام فقال:
يا محمد إن
ربك يقرئك
السلام ،
ويقول: إنها
خمس
بخمسين (ما
يبدل القول
لدي 2) وما أنا
بظلام للعبيد)
(2) قال:
فقلت
له يا أبة
أليس الله
تعالى ذكره لا
يوصف بمكان ؟
فقال: بلى ،
تعالى
الله
عن ذلك ، فقلت:
فما معنى قول
موسى عليه
السلام
لرسول الله صلى الله
عليه وآله:
ارجع إلى
___________________________
(1)
الانعام: 160 .
(2) ق: 29 .
________________________________________________
434
ربك
؟ فقال: معناه
معنى قول
إبراهيم عليه
السلام: (إني
ذاهب إلى ربي 1)
سيهدين)
(1) ومعنى قول
موسى عليه
السلام:
(وعجلت إليك
رب لترضى) (2)
ومعقوله
عز وجل: (ففروا
إلى الله) (3)
يعني حجوا إلى
بيت الله ،
يا
بني إن الكعبة
بيت الله فمن
حج بيت الله
فقد قصد إلى
الله ،
والمساجد
بيوت
الله ، فمن
سعى إليها فقد
سعى إلى الله
وقصد إليه ،
والمصلي ما
دام في
صلاته
فهو واقف بين
يدي الله 2) جل
جلاله ، وأهل موقف
عرفات وقوف
بين
يدي الله عز
وجل وإن لله
تبارك وتعالى
بقاعا في
سماواته ، فمن
عرج
به
إليها فقد عرج
به إليه (4) الا
تسمع الله عز
وجل يقول:
(تعرج
الملائكة
والروح إليه) (5)
ويقول عز وجل:
(إليه يصعد
الكلم الطيب
والعمل
الصالح يرفعه)
(6) .
___________________________
(1)
الصافات: 99 .
(2) طه: 84 .
(3) الذاريات: 51
.
(4) في البحار
" فمن عرج إلى
بقعة منها فقد
عرج به إليه " .
(5) المعارج: 4 .
(6) فاطر: 10 .
________________________________________________
435
9 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رحمه
الله ، قال:
حدثنا محمد
ابن
يحيى العطار ،
قال: حدثنا
الحسين بن
الحسن بن أبان
، عن محمد بن
أورمة
، عن ابن
محبوب ، عن
صالح بن حمزة
، عن أبان ، عن
أسد ، عن
المفضل
بن عمر ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام ،
قال: من زعم أن
الله في شئ أو
من
شئ أو على شئ
فقد أشرك ، لو
كان الله عز
وجل على شئ
لكان
محمولا
، ولو كان في
شئ لكان
محصورا ، ولو
كان من شئ
لكان
محدثا
.
10 - حدثنا أبي رحمه الله
، قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم ، عن
أبيه ، عن ابن
محبوب
، عن حماد بن
عمرو ، عن أبي
عبد الله عليه
السلام قال:
كذب من زعم
أن
الله عز وجل
في شئ أو من شئ
أو على شئ .
________________________________________________
436
قال
مصنف هذا
الكتاب رضي
الله عنه:
الدليل على أن
الله عز وجل
لا في
مكان
أن الأماكن
كلها حادثة ،
وقد قام
الدليل على أن
الله عز وجل
قديم
سابق
للأماكن ،
وليس يجوز أن
يحتاج الغني
القديم إلى ما
كان غنيا عنه
،
ولا
أن يتغير عما
لم يزل موجودا
عليه ، فصح اليوم
أنه لا في
مكان كما
أنه
لم يزل كذلك
وتصديق ذلك:
11 - ما حدثنا
به أحمد بن
الحسن القطان
، قال: حدثنا
أحمد بن
يحيى
بن زكريا
القطان ، عن
بكر بن عبد
الله بن حبيب
، قال: حدثنا
تميم
ابن
بهلول ، عن
أبيه ، عن
سليمان بن حفص
المروزي ، عن
سليمان بن
مهران
، قال: قلت
لجعفر بن محمد
عليهما
السلام: هل
يجوز أن نقول:
إن الله عز
وجل
في مكان ؟
فقال: سبحان
الله وتعالى
عن ذلك ، إنه
لو كان في
مكان
لكان
محدثا ، لان
الكائن في
مكان محتاج
إلى المكان
والاحتياج من
صفات
المحدث لا من
صفات القديم .
12 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا محمد بن
إسماعيل
البرمكي
، عن علي بن
العباس ، عن
الحسن بن راشد
، عن يعقوب بن
جعفر
الجعفري ، عن
أبي إبراهيم
موسى بن جعفر
عليهما
السلام أنه
قال: إن الله
________________________________________________
437
تبارك
وتعالى كان لم
يزل بلا زمان
ولا مكان وهو
الآن كما كان
، لا يخلو
منه
مكان ، ولا
يشغل به مكان
، ولا يحل في
مكان ، ما
يكون من نجوى
ثلاثة
إلا هو رابعهم
ولا خمسة إلا
هو سادسهم ولا
أدنى من ذلك
ولا أكثر
إلا
هو معهم أينما
كانوا (1) ليس
بينه وبين
خلقه حجاب غير
خلقه ،
احتجب
بغير حجاب
محجوب 1) ،
واستتر بغير
ستر مستور ،
لا إله إلا هو
الكبير
المتعال .
13 - حدثنا أبو
طالب المظفر
بن جعفر بن
المظفر العلوي
السمرقندي
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
جعفر بن محمد
بن مسعود ، عن
أبيه محمد
ابن
مسعود
العياشي قال:
حدثنا الحسين
بن إشكيب ،
قال: أخبرني
هارون
بن عقبة
الخزاعي ، عن
أسد بن سعيد
النخعي ، قال:
أخبرني عمرو
ابن
شمر ، عن جابر
بن يزيد
الجعفي ، قال:
قال محمد بن
علي الباقر
عليهما
السلام:
يا
جابر ما أعظم
فرية أهل الشام
على الله عز
وجل ، يزعمون
أن الله تبارك
وتعالى
حيث صعد إلى
السماء وضع
قدمه على صخرة
بيت المقدس 2)
___________________________
(1)
المجادلة: 7 .
________________________________________________
438
ولقد
وضع عبد من
عباد الله
قدمه على حجرة
، فأمرنا الله
تبارك وتعالى
أن
نتخذه
مصلى ، يا
جابر إن الله
تبارك وتعالى
لا نظير له
ولا شبيه ،
تعالى عن
صفة
الواصفين ،
وجل عن أوهام
المتوهمين ،
واحتجب عن
أعين
الناظرين
لا يزول مع
الزائلين ،
ولا يأفل مع الآفلين
، ليس كمثله
شئ
وهو
السميع
العليم .
14 - حدثنا
أحمد بن زياد
بن جعفر
الهمداني رضي
الله عنه ، عن
علي بن
إبراهيم
بن هاشم ، عن
أبيه ، عن
محمد بن أبي
عمير ، قال:
رأى سفيان
الثوري
أبا الحسن
موسى بن جعفر
عليهما السلام
وهو غلام يصلي
والناس يمرون
بين
يديه ، فقال
له: إن الناس
يمرون بك وهم
في الطواف ،
فقال عليه
السلام: الذي
أصلي
له أقرب إلي
من هؤلاء .
15 - حدثنا
أحمد بن الحسن
القطان ، وعلي
بن أحمد بن
محمد بن
عمران
الدقاق رحمه
الله ، قالا:
حدثنا أحمد بن
يحيى ، قال:
حدثنا بكر بن
عبد
الله بن حبيب
، قال: حدثني
محمد بن عبيد
الله ، قال:
حدثنا علي بن
الحكم
، قال: حدثنا
عبد الرحمن بن
الأسود ، عن
جعفر بن محمد
، عن
أبيه
عليهما
السلام ، قال:
كان لرسول
الله صلى
الله عليه
وآله صديقان
يهوديان ، قد
آ منا بموسى
رسول
الله ، وأتيا
محمدا رسول
الله صلى
الله عليه
وآله وسمعا
منه ، وقد كان
قرءا التوراة
وصحف
إبراهيم
وموسى عليهما
السلام ،
وعلما علم
الكتب الأولى
، فلما قبض
الله
تبارك
وتعالى رسوله صلى الله
عليه وآله
أقبلا يسألان
عن صاحب الامر
بعده ، وقالا:
إنه
لم يمت نبي قط
إلا وله خليفة
يقوم بالامر في
أمته من بعده
قريب
________________________________________________
439
القرابة
إليه من أهل
بيته ، عظيم
الخطر ، جليل
الشأن ، فقال
أحدهما
لصاحبه:
هل تعرف صاحب
الامر من بعد
هذا النبي ؟
قال الآخر: لا
أعلمه
إلا بالصفة
التي أجدها في
التوراة ، وهو
الأصلع
المصفر ، فإنه
كان
أقرب
القوم من رسول
الله .
فلما
دخلا المدينة
وسألا عن
الخليفة
أرشدا إلى أبي
بكر ، فلما
نظرا
إليه
قالا: ليس هذا
صاحبنا ، ثم
قالا له: ما
قرابتك من رسول
الله صلى
الله عليه
وآله ؟
قال:
إني رجل من
عشيرته ، وهو
زوج ابنتي
عائشة ، قالا:
هل غير هذا ؟
قال:
لا ، قالا:
ليست هذه
بقرابة ،
قالا: فأخبرنا
أين ربك ؟ قال:
فوق
سبع
سماوات ،
قالا: هل غير
هذا ؟ قال: لا ،
قالا: دلنا
على من هو
أعلم
منك
، فإنك أنت
لست بالرجل
الذي نجد صفته
في التوراة
أنه وصي هذا
النبي
وخليفته ،
قال: فتغيظ من
قولهما وهم
بهما ، ثم
أرشدهما إلى
عمر ،
وذلك
أنه عرف من
عمر أنهما إن
استقبلاه بشئ
بطش بهما ،
فلما أتياه
قالا:
ما قرابتك من
هذا النبي ؟
قال: أنا من
عشيرته ، وهو
زوج ابنتي
حفصة
، قالا: هل غير
هذا ؟ قال: لا ،
قالا: ليست هذه
بقرابة ،
وليست
هذه
الصفة التي
نجدها في
التوراة ، ثم
قالا له: فأين
ربك ؟ قال:
___________________________
(1)
سورة البقرة: 125 .
________________________________________________
440
فوق
سبع سماوات:
قالا: هل غير
هذا ؟ قال: لا ،
قالا: دلنا
على من هو
أعلم
منك ،
فأرشدهما إلى
علي صلوات
الله عليه ،
فلما جاءاه
فنظرا إليه
قال
أحدهما
لصاحبه: إنه
الرجل الذي
نجد صفته في
التوراة أنه
وصي
هذا
النبي
وخليفته وزوج
ابنته وأبو
السبطين والقائم
بالحق من بعده
، ثم
قالا
لعلي عليه
السلام: أيها
الرجل ما
قرابتك من
رسول الله ؟
قال: هو أخي ،
وأنا
وارثه ووصيه
وأول من آمن
به ، وأنا زوج
ابنته فاطمة ،
قالا له: هذه
القرابة
الفاخرة
والمنزلة
القريبة ،
وهذه الصفة
التي نجدها في
التوراة .
ثم
قالا له: فأين
ربك عز وجل ؟ قال
لهما علي عليه
الصلاة
والسلام:
إن
شئتما
أنبأتكما
بالذي كان على
عهد نبيكما موسى
عليه
السلام ، وإن
شئتما
أنبأتكما
بالذي كان على
عهد نبينا
محمد صلى
الله عليه
وآله ، قالا:
أنبئنا بالذي
كان
على
عهد نبينا
موسى عليه
السلام ، قال
علي عليه
السلام: أقبل
أربعة أملاك:
ملك من
المشرق
وملك من
المغرب 1) ،
وملك من
السماء ، وملك
من الأرض ،
فقال
صاحب
المشرق لصاحب
المغرب: من
أين أقبلت ؟
قال: أقبلت من
عند
ربي
، وقال: صاحب
المغرب لصاحب
المشرق: من
أين أقبلت ؟
قال: أقبلت
من
عند ربي ،
وقال النازل
من السماء
للخارج من
الأرض: من أين
أقبلت ؟
قال:
أقبلت من عند
ربي ، وقال
الخارج من
الأرض للنازل
من السماء:
من
أين أقبلت ؟
قال: أقبلت من
عند ربي ،
فهذا ما كان
على عهد
نبيكما
________________________________________________
441
موسى
عليه
السلام ،
وأما ما كان
على عهد نبينا
محمد صلى
الله عليه وآله
فذلك قوله في
محكم
كتابه:
(ما يكون من
نجوى ثلاثة
إلا هو رابعهم
ولا خمسة إلا
هو
سادسهم
ولا أدنى من
ذلك ولا أكثر
إلا هو معهم أين
ما كانوا -
الآية) (1) قدس
سره (
قال
اليهوديان:
فما منع
صاحبيك أن
يكونا جعلاك
في موضعك الذي
أنت
أهله
؟ ! فوالذي
أنزل التوراة
على موسى إنك
لانت الخليفة
حقا ، نجد
صفتك
في كتبنا
ونقرأه في
كنائسنا ،
وإنك لاحق بهذا
الامر وأولى
به ممن
قد
غلبك عليه ،
فقال علي عليه
السلام: قدما
وأخرا
وحسابهما على
الله عز
وجل
، يوقفان
ويسألان .
16 - حدثنا
محمد بن
إبراهيم بن
إسحاق
الفارسي أبو
الحسين ، قال:
حدثنا
أبو سعيد أحمد
بن محمد
النسوي ، قال:
حدثنا أبو نصر
أحمد بن
محمد
بن عبد الله
الصغدي بمرو ،
قال: حدثنا محمد
بن يعقوب بن
الحكم
العسكري
وأخوه معاذ بن
يعقوب قالا:
حدثنا محمد بن
سنان الحنظلي
،
قال:
حدثنا عبد
الله بن عاصم
، قال: حدثنا
عبد الرحمن بن
قيس ، عن
أبي
هاشم الرماني
، عن زاذان ،
عن سلمان
الفارسي رحمه
الله في حديث
طويل
يذكر
فيه قدوم
الجاثليق
المدينة مع
مائة من النصارى
بعد وفاة
النبي صلى
الله عليه
وآله
وسؤاله
أبا بكر عن
مسائل لم يجبه
عنها ، ثم أرشد
إلى أمير
المؤمنين علي
ابن
أبي طالب عليه
السلام
فسأله عنها
فأجابه ، فكان
فيما سأله أن
قال له:
أخبرني
عن وجه الرب
تبارك وتعالى
، فدعا علي عليه
السلام بنار
وحطب
___________________________
(1)
المجادلة: 7 .
________________________________________________
442
فأضرمه
فلما اشتعلت
قال علي عليه
السلام: أين
وجه هذه النار
؟ ! قال
النصراني:
هي وجه من
جميع حدودها ،
قال علي عليه
السلام هذه
النار مدبرة
مصنوعة
لا يعرف وجهها
، وخالقها لا
يشبهها ، ولله
المشرق
والمغرب
فأينما
تولوا فثم وجه
الله 1) ، لا
يخفى على ربنا
خافية .
والحديث طويل
أخذنا
منه موضع
الحاجة .
17 - حدثنا أبو
عبد الله
الحسين بن
محمد
الأشناني
الرازي العدل
ببلخ
، قال: حدثنا
علي بن مهرويه
القزويني ، عن
داود بن
سليمان
الفراء
(كذا) ، عن
علي بن موسى
الرضا ، عن
أبيه ، عن
آبائه ، عن
علي عليهم
السلام ،
قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله إن
موسى بن عمران
لما ناجى ربه
قال: يا رب
أبعيد
أنت مني
فأناديك أم
قريب فأناجيك
؟ فأوحى الله
جل جلاله
إليه:
أنا
جليس من ذكرني
2) ، فقال موسى:
يا رب إني
أكون في حال
اجلك أن
أذكرك
فيها ، فقال:
يا موسى
اذكرني على كل
حال .
18 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا محمد بن
إسماعيل
البرمكي
، عن علي بن
العباس ، عن
الحسن بن راشد
، عن يعقوب بن
___________________________
(1)
بحار الأنوار
3: 309 - 310 ح 2 .
________________________________________________
443
جعفر
الجعفري ، عن
أبي إبراهيم
موسى بن جعفر
عليهما
السلام ، قال:
ذكر عنده
قوم
يزعمون أن
الله تبارك
وتعالى ينزل
إلى السماء
الدنيا ،
فقال: إن الله
تبارك
وتعالى لا
ينزل ، ولا
يحتاج إلى أن
ينزل ، إنما
منظره في
القرب
والبعد
سواء ، لم
يبعد منه قريب
، ولم يقرب منه
بعيد ، ولم
يحتج بل
يحتاج
إليه ، وهو ذو
الطول ، لا
إله إلا هو
العزيز الحكيم
أما قول
الواصفين:
إنه تبارك
وتعالى ينزل
فإنما يقول ذلك
من ينسبه إلى
نقص أو
زيادة
- وكل متحرك
محتاج إلى من
يحركه أو يتحرك
به - فظن بالله
الظنون
فهلك ،
فاحذروا في
صفاته من أن
تقفوا له على
حد تحدوه بنقص
أو زيادة
أو تحرك أو
زوال أو نهوض
أو قعود ، فإن
الله جل عن
صفة
الواصفين
، ونعت
الناعتين ،
وتوهم
المتوهمين ،
وتوكل على
العزيز
الرحيم
الذي
يراك حين تقوم
وتقلبك في
الساجدين 1) .
________________________________________________
444
19 - وبهذا
الاسناد عن
الحسن بن راشد
، عن يعقوب بن
جعفر ، عن
أبي
إبراهيم عليه
السلام أنه
قال: لا أقول:
إنه قائم
فأزيله عن
مكانه 1) ، ولا
أحده
بمكان
يكون فيه ،
ولا أحده أن
يتحرك في شئ
من الأركان
والجوارح ،
ولا
أحده بلفظ شق
فم ، ولكن كما
قال تبارك وتعالى:
(كن فيكون)
بمشيته
من غير تردد
في نفس ، فرد ،
صمد لم يحتج
إلى شريك يكون
له
في
ملكه ، ولا
يفتح له أبواب
علمه .
20 - حدثنا
محمد بن أحمد
السناني رضي
الله عنه ، قال:
حدثنا محمد بن
أبي
عبد
الله الأسدي
الكوفي ، عن
موسى بن عمران
النخعي ، عن
عمه الحسين
ابن
يزيد النوفلي
، عن علي بن
سالم ، عن أبي
بصير ، عن أبي
عبد الله
الصادق
عليه
السلام ،
قال: إن الله
تبارك وتعالى
لا يوصف بزمان
ولا مكان ولا
حركة
ولا انتقال
ولا سكون ، بل
هو خالق
الزمان
والمكان
والحركة
والسكون
، تعالى الله
عما يقولون
علوا كبيرا .
___________________________
(1)
مجمع البيان 4: 207
.
________________________________________________
445
21 - حدثنا أبو
الحسين محمد
بن إبراهيم بن
إسحاق العزائمي
، قال:
حدثنا
أبو سعيد أحمد
بن محمد بن
رميح النسوي ،
قال: أخبرنا
عبد
العزيز
بن إسحاق ،
قال: حدثني
جعفر بن محمد
الحسني ، قال:
حدثنا
محمد
بن علي بن خلف
العطار ، قال:
حدثنا بشر بن
الحسن
المرادي ،
عن
عبد القدوس
وهو ابن حبيب
، عن أبي
إسحاق السبيعي
، عن الحارث
الأعور
، عن علي بن
أبي طالب عليه
السلام أنه
دخل السوق ،
فإذا هو برجل
موليه
ظهره يقول: لا
والذي احتجب
بالسبع ، فضرب
علي عليه
السلام ظهره
، ثم
قال:
من الذي احتجب
بالسبع ؟ قال:
الله يا أمير
المؤمنين ، قال:
أخطأت
ثكلتك
أمك ، إن الله
عز وجل ليس
بينه وبين خلقه
حجاب لأنه
معهم أينما
كانوا
، قال: ما
كفارة ما قلت
يا أمير
المؤمنين ؟
قال: أن تعلم
أن الله معك
حيث
كنت ، قال:
أطعم
المساكين ؟
قال: لا إنما
حلفت بغير ربك
1) .
22 - حدثنا أبو
الحسين محمد
بن إبراهيم بن
إسحاق الفارسي
، قال:
حدثني
أبو سعيد
الرميحي ،
قال: أخبرنا
عبد العزيز بن
إسحاق ، قال:
حدثني
محمد بن عيسى
بن هارون
الواسطي ،
قال: حدثنا
محمد بن
زكريا
المكي ، قال:
أخبرني منيف
مولى جعفر بن محمد
، قال: حدثني
سيدي
جعفر بن محمد
، عن أبيه ، عن
جده عليهم
السلام قال:
كان الحسن بن
علي
بن أبي طالب
عليهما
السلام يصلي ،
فمر بين يديه
رجل فنهاه بعض
جلسائه ،
فلما
انصرف من
صلاته قال له
، لم نهيت
الرجل ؟ قال:
يا ابن رسول
الله
حظر
فيما بينك
وبين المحراب
، فقال: ويحك
إن الله عز
وجل أقرب إلي
________________________________________________
446
من
أن يحظر فيما
بيني وبينه
أحد 1) .
29 - باب أسماء
الله تعالى
والفرق
بين معانيها
وبين معاني
أسماء المخلوقين
1 - حدثنا
محمد بن علي
ماجيلويه رحمه الله
، قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم
ابن
هاشم ، عن
المختار بن
محمد بن
المختار
الهمداني ، عن
الفتح بن يزيد
الجرجاني
، عن أبي
الحسن عليه
السلام 2) قال:
سمعته يقول:
هو اللطيف
الخبير
السميع
البصير ،
الواحد الأحد
الصمد الذي لم
يلد ولم يولد
ولم يكن له
كفوا
أحد ، منشئ
الأشياء
ومجسم
الأجسام 3) ومصور
الصور ، لو
كان كما
يقولون
4) لم يعرف
الخالق من
المخلوق ، ولا
المنشئ من
المنشأ ،
___________________________
(1)
أصول الكافي 1: 118
ح 1 وليس فيه
تصريح بالرضا عليه
السلام ،
ولعله يظهر من
الصدوق
حيث
أورد الرواية
في العيون ،
راجع بحار
الأنوار 4: 173 - 174 .
________________________________________________
447
لكنه
المنشئ ، فرق
بين من جسمه
وصوره وأنشأه
إذ كان لا
يشبهه
شئ 1)
ولا يشبه هو
شيئا ، قلت:
أجل جعلني
الله فداك
لكنك قلت
الأحد
الصمد
وقلت: لا يشبه
هو شيئا ،
والله واحد
والانسان
واحد ، ليس قد
تشابهت
الوحدانية
؟ ! قال: يا فتح
أحلت ثبتك
الله 2) ، إنما
التشبيه في
المعاني ،
___________________________
(1)
كلمة (وبينه)
غير موجودة في
الكافي ،
وموجودة في
المطبوع من
التوحيد
للصدوق .
(2) بحار
الأنوار 4: 174 .
________________________________________________
448
فأما
في الأسماء
فهي واحدة 1) ،
وهي دلالة على
المسمى ، وذلك
أن
الانسان
وإن قيل واحد
فإنما يخبر
أنه جثة واحدة
وليس باثنين ،
فالانسان
نفسه
ليس بواحد ،
لان أعضاءه
مختلفة
وألوانه مختلفة
غير واحدة ،
وهو
أجزاء
مجزأة ليست
بسواء ، دمه
غير لحمه
ولحمه غير دمه
، وعصبه غير
عروقه
، وشعره غير
بشره ، وسواده
غير بياضه
وكذلك سائر
الخلق ،
فالانسان
واحد في الاسم
لا واحد في
المعنى ، والله
جل جلاله هو
واحد
في
المعنى ، لا
واحد غيره ،
لا اختلاف فيه
ولا تفاوت ولا
زيادة ولا
نقصان
فأما الانسان
المخلوق
المصنوع
المؤلف من
أجزاء مختلفة
وجواهر
شتى غير أنه
بالاجتماع شئ
واحد ، قلت:
جعلت فداك
فرجت
عني
فرج الله عنك
، فقولك:
(اللطيف
الخبير) فسره
لي كما فسرت
الواحد
، فإني أعلم
أن لطفه على
خلاف لطف خلقه
للفصل ، غير
أني أحب
أن
تشرح ذلك لي ،
فقال: يا فتح
إنما قلنا:
اللطيف ،
للخلق اللطيف
،
ولعلمه
بالشئ اللطيف
، أولا ترى
وفقك الله
وثبتك إلى أثر
صنعه في
النبات
اللطيف وغير
اللطيف وفي
الخلق اللطيف
من الحيوان
الصغار من
البعوض
والجرجس 2) وما
هو أصغر منهما
مما لا يكاد
تستبينه
العيون ،
بل
لا يكاد
يستبان لصغره
الذكر من
الأنثى والحدث
المولود من
________________________________________________
449
القديم
، فلما رأينا
صغر ذلك في
لطفه ، واهتدائه
للسفاد ،
والهرب من
الموت
، والجمع لما
يصلحه مما في
لجج البحار وما
في لحاء
الأشجار 1)
والمفاوز
والقفار ،
وفهم بعضها عن
بعض منطقها ،
وما يفهم به
أولادها
عنها
، ونقلها
الغذاء إليها
، ثم تأليف
ألوانها حمرة
مع صفرة ،
وبياض مع
حمرة
، ومالا تكاد
عيوننا
تستبينه
بتمام خلقها 2)
ولا تراه
عيوننا ولا
تلمسه
أيدينا .
علمنا أن خالق
هذا الخلق
لطيف ، لطف في
خلق ما سميناه
بلا
علاج ولا أداة
ولا آلة ، وان
صانع كل شئ فمن
شئ صنع والله
الخالق
اللطيف
الجليل خلق
وصنع لا من شئ .
2 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله قال:
حدثنا
محمد
بن يعقوب
الكليني ،
قال: حدثنا
علي بن محمد ،
عن محمد بن
عيسى
، عن الحسين
بن خالد ، عن
أبي الحسن
الرضا عليه
السلام أنه
قال: إعلم
- علمك الله
الخير - أن
الله تبارك
وتعالى قديم ،
والقدم صفة
دلت العاقل
على
أنه لا شئ
قبله ولا شئ
بعده 3) في
ديموميته ، فقد
بان لنا
___________________________
(1)
أصول الكافي 1: 120
.
________________________________________________
450
بإقرار
العامة مع
معجزة الصفة
أنه لا شئ قبل
الله 1) ولا شئ
مع الله في
بقائه
وبطل قول من
زعم أنه كان
قبله 2) أو كان
معه شئ وذلك
أنه لو كان
معه
شئ في بقائه
لم يجز أن
يكون خالقا له
لأنه لم يزل
معه: فكيف
يكون
خالقا لمن لم
يزل معه ، ولو
كان قبله شئ كان
الأول ذلك
الشئ
لا
هذا ، وكان
الأول أولى
بأن يكون
خالقا للأول
الثاني .
___________________________
(1)
سورة الزخرف: 87 .
________________________________________________
451
ثم
وصف نفسه
تبارك وتعالى
بأسماء دعا
الخلق إذ
خلقهم
وتعبدهم
وابتلاهم
إلى أن يدعوه
بها ، فسمى
نفسه سميعا بصيرا
قادرا قائما
ظاهرا
باطنا
لطيفا خبيرا
قويا عزيزا
حكيما عليما
وما أشبه هذه
الأسماء ،
فلما
رأى
ذلك من أسمائه
الغالون
المكذبون 1)
وقد سمعونا
نحدث عن الله
أنه لا
شئ
مثله ولا شئ
من الخلق في
حاله قالوا:
أخبرونا إذ
زعمتم أنه لا
مثل
لله ولا شبه
له كيف
شاركتموه في
أسمائه الحسنى
فتسميتم
بجميعها
؟ ! فإن في ذلك
دليلا على أنكم
مثله في
حالاته كلها
أو في بعضها
دون
بعض 2) ، إذ
جمعتكم
الأسماء
الطيبة ، قيل
لهم: إن الله
تبارك وتعالى
ألزم
العباد أسماء
من أسمائه 3)
على اختلاف المعاني
وذلك كما يجمع
________________________________________________
452
الاسم
الواحد
معنيين
مختلفين ،
والدليل على
ذلك قول الناس
1) الجائز
عندهم
الشائع ، وهو
الذي خاطب
الله به الخلق
2) وكلمهم بما
يعقلون
ليكون
عليهم حجة في
تضييع ما
ضيعوا ، وقد
يقال للرجل:
كلب 3)
وحمار
وثور وسكرة
وعلقمة وأسد ،
وكل ذلك على خلافه
وحالاته لم
تقع
الأسامي على
معانيها التي
كانت بنيت عليها
، لان الانسان
ليس بأسد
ولا
كلب ، فافهم
ذلك رحمك الله
.
وإنما
نسمي الله
بالعالم بغير
علم حادث علم
به الأشياء ،
واستعان به
على
حفظ ما يستقبل
من أمره
والروية فيما
يخلق من خلقه
، ويفنيه مما
________________________________________________
453
مضى
مما أفنى من
خلقه 1) مما لو
لم يحضره ذلك
العلم ويعنه
كان جاهلا
ضعيفا
كما أنا رأينا
علماء الخلق
إنما سموا بالعلم
لعلم حادث إذ
كانوا قبله
جهلة
، وربما
فارقهم العلم
بالأشياء
فصاروا إلى
الجهل وإنما
سمي الله
عالما
لأنه لا يجهل
شيئا ، فقد
جمع الخالق
والمخلوق اسم
العلم واختلف
المعنى
على ما رأيت ،
وسمي ربنا
سميعا لا بخرت
فيه يسمع 2) به
الصوت
ولا
يبصر به ، كما
أن جزءنا الذي
نسمع به لا نقوى
على النظر به
، ولكنه
أخبر
أنه لا يخفى
عليه الأصوات
، ليس على حد ما
سمينا نحن ،
فقد
جمعنا
الاسم
بالسميع
واختلف
المعنى ،
وهكذا البصر
لا بجزء به
أبصر ، كما
أنا
نبصر بجزء منا
لا ننتفع به
في غيره ،
ولكن الله
بصير لا يجهل
شخصا
منظورا
إليه ، فقد
جمعنا الاسم
واختلف المعنى
، وهو قائم
ليس على معنى
انتصاب
وقيام على ساق
في كبد 3) كما
قامت الأشياء
ولكن أخبر أنه
قائم ،
يخبر
أنه حافظ ،
كقولك: الرجل
القائم بأمرنا
فلان ، وهو
القائم على كل
نفس
بما كسبت 4) ،
والقائم أيضا
في كلام الناس
الباقي ،
والقائم
________________________________________________
454
أيضا
يخبر عن
الكفاية ،
كقولك للرجل
قم بأمر فلان
أي اكفه ،
والقائم منا
قائم
على ساق ، فقد
جمعنا الاسم
ولم يجمعنا
المعنى ، وأما
اللطيف فليس
على
قلة وقضافة 1)
وصغر ، ولكن
ذلك على
النفاذ في
الأشياء
والامتناع
من
أن يدرك ،
كقولك لطف عني
هذا الامر ،
ولطف فلان في
مذهبه وقوله
يخبرك
أنه غمض فبهر
العقل وفات 2)
الطلب وعاد متعمقا
متلطفا لا
يدركه
الوهم
، فهكذا لطف
الله ، تبارك وتعالى
عن أن يدرك
بحد أو يحد
بوصف ،
واللطافة
منا الصغر
والقلة ، فقد
جمعنا الاسم
واختلف
المعنى ، وأما
الخبير
فالذي
لا يعزب عنه
شئ ولا يفوته
شئ ، ليس للتجربة
ولا للاعتبار
بالأشياء
فيفيده
التجربة
والاعتبار
علما لولاهما
ما علم ، لان
من كان
كذلك
كان جاهلا ،
والله لم يزل
خبيرا بما
يخلق والخبير
من الناس
المستخبر
عن جهل
المتعلم ، وقد
جمعنا الاسم واختلف
المعنى ، وأما
الظاهر
فليس من أجل
أنه علا
الأشياء
بركوب فوقها ،
وقعود عليها ،
وتسنم
لذراها 3) ،
ولكن ذلك
لقهره
ولغلبته الأشياء
ولقدرته
عليها كقول
الرجل:
ظهرت على أعدائي
وأظهرني الله
على خصمي ،
يخبر عن الفلج
والغلبة
، فهكذا ظهور
الله على
الأعداء .
________________________________________________
455
ووجه
آخر أنه
الظاهر لمن
أراده ، لا
يخفى عليه شئ 1)
وأنه مدبر
لكل
ما برأ ، فأي
ظاهر أظهر
وأوضح من الله
تعالى ، وإنك
لا تعدم صنعه
حيثما
توجهت ، وفيك
من آثاره ما
يغنيك ، والظاهر
منا البارز
بنفسه
والمعلوم
بحده ، فقد
جمعنا الاسم
ولم يجمعنا المعنى
، وأما الباطن
فليس
على
معنى
الاستبطان
للأشياء بأن
يغور فيها ، ولكن
ذلك منه على
استبطانه
للأشياء علما
وحفظا
وتدبيرا ، كقول
القائل
أبطنته ، يعني
خبرته
وعلمت
مكتوم سره ،
والباطن منا
بمعنى الغائر في
الشئ ،
المستتر به ،
فقد
جمعنا
الاسم واختلف
المعنى ، وأما
القاهر فإنه
ليس على معنى
علاج
ونصب
واحتيال
ومداراة ومكر
، كما يقهر
العباد بعضهم
بعضا ،
فالمقهور
منهم
يعود قاهرا ،
والقاهر يعود
مقهورا ، ولكن
ذلك من الله
تبارك وتعالى
على
أن جميع ما
خلق ملتبس به
الذل لفاعله
وقلة
الامتناع لما
أراد به ، لم
يخرج
منه طرفة عين
غير أنه يقول
له: كن فيكون ، والقاهر
منا على
___________________________
(1)
سورة فصلت: 53 .
________________________________________________
456
ما
ذكرته ووصفت ،
فقد جمعنا
الاسم واختلف
المعنى ،
وهكذا جميع
الأسماء
وإن كنا لم
نسمها كلها ،
فقد يكتفي للاعتبار
بما ألقينا
إليك ، والله
عوننا
وعونك في
إرشادنا
وتوفيقنا .
3 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن يعقوب
، قال: حدثنا
علي بن محمد ،
عن صالح بن
أبي
حماد
، عن الحسين
بن يزيد ، عن
الحسن بن علي
بن أبي حمزة ،
عن
إبراهيم
بن عمر ، عن
أبي عبد الله عليه
السلام قال:
إن الله تبارك
وتعالى خلق
اسما
بالحروف وهو
عز وجل
بالحروف غير
منعوت 1) وباللفظ
غير
منطق
، وبالشخص غير
مجسد ،
وبالتشبيه
غير موصوف ،
وباللون غير
مصبوغ
، منفي عنه
الأقطار ،
مبعد عنه
الحدود ،
محجوب عنه حس
كل
________________________________________________
457 - 458
متوهم
، مستتر غير
مستور 1) ،
فجعله كلمة
تامة على
أربعة أجزاء
معا 2) ،
ليس
منها واحد قبل
الآخر 3) ،
فأظهر منها
ثلاثة أشياء 4)
لفاقة الخلق
إليها
___________________________
(1)
سورة الجاثية:
29 .
________________________________________________
459
وحجب
واحدا منها ،
وهو الاسم
المكنون
المخزون 1)
بهذه الأسماء
الثلاثة
التي
أظهرت ،
فالظاهر هو
الله تبارك
وتعالى 2) ،
وسخر سبحانه
لكل اسم
من
هذه أربعة
أركان فذلك
اثنا عشر ركنا
3) ، ثم خلق لكل
ركن منها
ثلاثين
اسما ، فعلا
منسوبا إليها
فهو الرحمن الرحيم
، الملك ،
القدوس ،
الخالق
، البارئ ،
المصور ، الحي
، القيوم ، لا
تأخذه سنة ولا
نوم ، العليم
___________________________
(1) في
" س ": الوصفية .
________________________________________________
460
الخبير
، السميع ،
البصير ،
الحكيم ،
العزيز ،
الجبار ،
المتكبر ،
العلي ،
العظيم ،
المقتدر
، القادر ،
السلام ،
المؤمن ،
المهيمن ،
البارئ ،
المنشئ ،
البديع ،
الرفيع
، الجليل ، الكريم
، الرزاق ،
المحيي ،
المميت ،
الباعث ، الوارث
،
فهذه
الأسماء وما
كان من
الأسماء
الحسنى حتى تتم
ثلاثمائة
وستين
اسما
فهي نسبة لهذه
الأسماء
الثلاثة ،
وهذه الأسماء
الثلاثة
أركان وحجب
________________________________________________
461
الاسم
الواحد
المكنون 1)
المخزون بهذه
الأسماء
الثلاثة ،
وذلك قوله عز
وجل:
(قل ادعوا
الله أو ادعوا
الرحمن أيا ما
تدعوا فله
الأسماء
الحسنى)
(1) 2) .
4 - أبي رحمه
الله ، قال:
حدثنا أحمد بن
إدريس ، عن
الحسين بن عبيد
الله ،
عن
محمد بن عبد
الله ، وموسى
بن عمرو ،
والحسن بن علي
بن أبي
عثمان
، عن ابن سنان
قال: سألت أبا
الحسن الرضا عليه
السلام هل
كان الله
عارفا
بنفسه قبل أن
يخلق الخلق ؟
قال:
نعم ، قلت:
يراها
ويسمعها ،
قال: ما كان
الله محتاجا
إلى ذلك ،
لأنه
لم يكن يسألها
ولا يطلب منها
، هو نفسه ونفسه
هو ، قدرته
نافذة ،
وليس
يحتاج أن يسمي
نفسه ، ولكن
اختار لنفسه
أسماء لغيره
يدعوه بها ،
___________________________
(1)
الاسراء: 110 .
(2) راجع بحار
الأنوار 4: 169 - 171 .
________________________________________________
462
لأنه
إذا لم يدع
باسمه لم يعرف
فأول ما اختار
لنفسه العلي
العظيم لأنه
أعلى
الأشياء كلها
، فمعناه الله
، واسمه العلي
العظيم 1) ، هو
أول أسمائه 2)
لأنه
علي ، علا كل
شئ .
5 - وبهذا
الاسناد ، عن
محمد بن سنان
، قال: سألته عن
الاسم ما هو ؟
قال:
صفة لموصوف 3) .
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 171 - 172 .
________________________________________________
463
6 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن أبي عبد
الله ، عن
محمد بن
إسماعيل ، عن
بعض أصحابه ،
عن
بكر
بن صالح ، عن
علي بن الحسن
بن محمد ، عن
خالد بن يزيد
، عن عبد
الاعلى
، عن أبي عبد
الله عليه
السلام قال:
اسم الله غير
الله 1) ، وكل شئ
وقع
عليه
اسم شئ فهو
مخلوق ما خلا
الله فأما ما
عبرته الألسن
أو ما عملته
________________________________________________
464 - 465
الأيدي
فهو مخلوق 1) ،
والله غاية من
غاياه 2) ، والمغيى
غير الغاية ،
والغاية
موصوفة 3) وكل
موصوف مصنوع ،
وصانع
الأشياء غير
________________________________________________
466
موصوف
بحد 1) مسمى ، لم
يتكون فتعرف
كينونته بصنع
غيره 2) ، ولم
يتناه
إلى
غاية إلا كانت
غيره 3) ، لا يذل
من فهم هذا الحكم
أبدا 4) ، وهو
التوحيد
الخالص 5) ، فارعوه
وصدقوه
وتفهموه بإذن
الله ، من زعم
أنه
يعرف
الله بحجاب أو
بصورة 6) أو
بمثال فهو
مشرك ، لان
الحجاب
والمثال
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 163 .
________________________________________________
467
والصورة
غيره ، وإنما
هو واحد موحد
فكيف يوحد من
زعم أنه عرفه
بغيره
، وإنما عرف
الله من عرفه
بالله ، ومن لم
يعرفه به فليس
يعرفه ، إنما
يعرف
غيره ، ليس
بين الخالق
والمخلوق شئ 1)
، فالله خالق
الأشياء لا
من
شئ كان ،
والله يسمى
بأسمائه وهو
غير أسمائه
والأسماء
غيره .
7 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثني محمد بن
بشر ، عن
أبي
هاشم الجعفري
، قال: كنت عند
أبي جعفر الثاني
عليه
السلام
فسأله رجل
فقال:
أخبرني عن
الرب تبارك
وتعالى له
أسماء وصفات
في كتابه ،
فأسماؤه
2) وصفاته هي هو
؟ فقال أبو
جعفر عليه
السلام: إن
لهذا الكلام
وجهين:
إن
كنت تقول: هي
هو أي انه ذو
عدد وكثرة
فتعالى الله
عن ذلك 3) ، وإن
كنت
تقول: لم تزل
هذه الصفات
والأسماء ،
فإن (لم تزل)
يحتمل
معنيين:
فإن قلت: لم
تزل عنده في
علمه وهو مستحقها
فنعم ، وإن
كنت
تقول:
لم يزل
تصويرها وهجاؤها
4) وتقطيع
حروفها فمعاذ
الله أن يكون
________________________________________________
468
معه
شئ غيره ، بل
كان الله ولا
خلق ، ثم
خلقها وسيلة
بينه وبين
خلقه
يتضرعون
بها إليه
ويعبدونه ،
وهي ذكره وكان
الله ولا ذكر
، والمذكور
بالذكر
هو الله
القديم الذي
لم يزل ،
والأسماء
والصفات
مخلوقات
المعاني
1) ، والمعني
بها هو الله
الذي لا يليق به
الاختلاف
والائتلاف 2)
وإنما
يختلف ويأتلف
المتجزئ ، فلا
يقال: الله مؤتلف
، ولا الله
كثير ولا
قليل
، ولكنه
القديم في
ذاته ، لان ما
سوى الواحد
متجزئ والله
واحد ، لا
متجزئ
، ولا متوهم
بالقلة
والكثرة ، وكل
متجزئ ومتوهم
بالقلة
والكثرة
فهو
مخلوق دال على
خالق له ،
فقولك: إن
الله قدير
خبرت أنه
________________________________________________
469
لا
يعجزه شئ 1)
فنفيت
بالكلمة
العجز ، وجعلت
العجز سواه ،
وكذلك
قولك:
عالم إنما
نفيت بالكلمة
الجهل ، وجعلت
الجهل سواه ،
فإذا أفنى
الله
الأشياء
أفنى الصور
والهجاء 2) ،
ولا ينقطع ولا
يزال من لم
يزل عالما .
قال
الرجل: كيف
سمي ربنا
سميعا ؟ قال:
لأنه لا يخفى
عليه ما
يدرك
بالاسماع ،
ولم نصفه
بالسمع
المعقول في الرأس
، وكذلك
سميناه
بصيرا
لأنه لا يخفى
عليه ما يدرك
بالابصار من
لون وشخص وغير
ذلك ،
ولم
نصفه بنظر لحظ
العين ، وكذلك
سميناه لطيفا
لعلمه بالشئ
اللطيف
مثل
البعوضة
وأحقر من ذلك
، وموضع الشق
منها والعقل
والشهوة
والسفاد
والحدب
على نسلها ،
وإفهام بعضها
عن بعض ، ونقلها
الطعام
والشراب إلى
أولادها
في الجبال والمفاوز
والأودية
والقفار ،
فعلمنا أن
خالقها لطيف
بلا
________________________________________________
470
كيف
، وإنما
الكيفية
للمخلوق
المكيف ،
وكذلك سمي
ربنا قويا لا
بقوة
البطش
المعروف من
المخلوق ولو
كان قوته قوه
البطش
المعروف من
الخلق
لوقع التشبيه
ولاحتمل
الزيادة 1) ،
وما احتمل
الزيادة
احتمل
النقصان
، وما كان
ناقصا كان غير
قديم ، وما كان
غير قديم كان
عاجزا 2) ،
________________________________________________
471
فربنا
تبارك وتعالى
لا شبه له ،
ولا ضد ولا ند ولا
كيف ولا نهاية
ولا
أقطار
، محرم على
القلوب أن تمثله
، وعلى
الأوهام أن
تحده 1) ، وعلى
الضمائر
أن تكيفه 2) ، جل
عن أداة خلقه
وسمات بريته ،
وتعالى عن ذلك
علوا
كبيرا .
8 - حدثنا
أحمد بن الحسن
القطان ، قال:
حدثنا أحمد بن
يحيى بن
زكريا
القطان ، قال:
حدثنا بكر بن
عبد الله بن حبيب
، قال: حدثنا
تميم
ابن
بهلول ، عن
أبيه ، عن أبي
الحسن العبدي
، عن سليمان بن
مهران ، عن
الصادق
جعفر بن محمد
، عن أبيه
محمد بن علي ،
عن أبيه علي
بن
الحسين
، عن أبيه
الحسين بن علي
، عن أبيه علي بن
أبي طالب عليهم
السلام
قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله:
إن لله تبارك
وتعالى تسعة
وتسعين اسما
مائة
إلا
واحدا ، من
أحصاها دخل
الجنة ، وهي:
الله ، الإله
، الواحد ،
الأحد ،
________________________________________________
472
الصمد
، الأول ،
الآخر ،
السميع ،
البصير ، القدير
، القاهر ،
العلي ،
الاعلى ،
الباقي
، البديع ،
البارئ ،
الأكرم ،
الظاهر ،
الباطن ، الحي
، الحكيم ،
العليم ،
الحليم
، الحفيظ ،
الحق ، الحسيب
، الحميد ، الحفي
، الرب ،
الرحمن ،
الرحيم
، الذارئ ،
الرزاق ،
الرقيب ،
الرؤوف ،
الرائي ،
السلام ،
المؤمن ،
المهيمن
، العزيز ،
الجبار ،
المتكبر ،
السيد ،
السبوح ،
الشهيد ،
الصادق ،
الصانع
، الطاهر ،
العدل ، العفو
، الغفور ،
الغني ، الغياث
، الفاطر ،
الفرد ،
الفتاح
، الفالق ،
القديم ،
الملك ،
القدوس ، القوي
، القريب ،
القيوم ،
القابض ،
الباسط
، قاضي
الحاجات ،
المجيد ،
المولى ، المنان
، المحيط ،
المبين ،
المقيت
، المصور ،
الكريم ،
الكبير ، الكافي
، كاشف الضر ،
الوتر ، النور
،
الوهاب
، الناصر ،
الواسع ،
الودود ،
الهادي ،
الوفي ،
الوكيل ،
الوارث ، البر
،
الباعث
، التواب ،
الجليل ،
الجواد ،
الخبير ،
الخالق ، خير
الناصرين ،
الديان
، الشكور ،
العظيم ،
اللطيف ،
الشافي .
9 - حدثنا
أحمد بن زياد
بن جعفر
الهمداني رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم
بن هاشم ، عن
أبيه ، عن أبي
الصلت عبد السلام
بن صالح
الهروي
، عن علي بن
موسى الرضا ،
عن أبيه ، عن آبائه
، عن علي عليه
السلام
قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله
لله عز وجل
تسعة وتسعون
اسما ، من دعا
الله
بها
استجاب له ،
ومن أحصاها
دخل الجنة .
قال
محمد بن علي
بن الحسين
مؤلف هذا
الكتاب: معنى
قول النبي صلى الله
عليه وآله
إن
لله تبارك
وتعالى تسعة
وتسعين اسما
من أحصاها دخل
الجنة ،
إحصاؤها
هو الإحاطة
بها والوقوف
على معانيها ،
وليس معنى
الاحصاء
________________________________________________
473
عدها
1) ، وبالله
التوفيق .
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 211 ح 6 .
________________________________________________
474
الله
، الاله الله
والاله هو
المستحق
للعبادة 1) ،
ولا يحق
العبادة إلا
له ،
___________________________
(1) في
" س ": ورابعها .
(2) سورة آل
عمران: 54 .
(3) سورة
البقرة: 15 .
(4) القواعد
والفوائد
للشهيد الأول
2: 176 - 178 .
________________________________________________
475
وتقول:
لم يزل إلها
بمعنى أنه يحق
له العبادة ،
ولهذا لما ضل
المشركون
فقدروا
أن العبادة
تجب للأصنام
سموها آلهة وأصله
الالاهة 1) وهي
العبادة
، ويقال: أصله
الاله ، يقال:
أله الرجل
يأله إليه ،
أي فزع إليه
من
أمر
نزل به ،
وألهه أي
أجاره ،
ومثاله من
الكلام
(الامام) 2)
فاجتمعت
همزتان
في كلمة كثر
استعمالهم
لها واستثقلوها
فحذفوا الأصلية
، لأنهم
وجدوا
فيما بقي
دلالة عليها ،
فاجتمعت
لأمان أولاهما
ساكنة
فأدغموها
في
الأخرى ،
فصارت لاما
مثقلة في
قولك: الله .
________________________________________________
476
(الواحد ،
الأحد) الأحد
معناه أنه
واحد في ذاته 1)
ليس بذي
أبعاض
ولا أجزاء ولا
أعضاء ، ولا
يجوز عليه
الاعداد
والاختلاف ، لان
اختلاف
الأشياء من
آيات
وحدانيته مما
دل به على
نفسه ، ويقال:
لم
يزل
الله واحدا ،
ومعنى ثان أنه
واحد لا نظير له
فلا يشاركه في
معنى
الوحدانية
غيره ، لان كل
من كان له
نظراء وأشباه
لم يكن واحدا
في
الحقيقة
، ويقال: فلان
واحد الناس أي
لا نظير له
فيما يوصف به
، والله
واحد
لا من عدد ،
لأنه عز وجل
لا يعد في
الأجناس ،
ولكنه واحد
ليس
له
نظير .
وقال
بعض الحكماء
في الواحد
والأحد: إنما
قيل: الواحد
لأنه
متوحد
والأول لا
ثاني معه ، ثم
ابتدع الخلق
كلهم محتاجا
بعضهم إلى
بعض
، والواحد من
العدد في
الحساب ليس
قبله شئ ، بل
هو قبل كل
عدد
، والواحد كيف
ما أدرته أو
جزأته لم يزد
عليه شئ ولم
ينقص منه
شئ ،
تقول: واحد في
واحد واحد ،
فلم يزد عليه
شئ ولم يتغير
اللفظ
عن
الواحد ، فدل
على أنه لا شئ
قبله ، وإذا
دل على أنه لا
شئ قبله دل
على
أنه محدث الشئ
، وإذا كان هو
محدث الشئ دل
أنه مفني الشئ
،
وإذا
كان هو مفني
الشئ دل أنه
لا شئ بعده ،
فإذا لم يكن
قبله شئ ولا
بعده
شئ فهو
المتوحد
بالأزل ،
فلذلك قيل:
واحد ، أحد ،
وفي الأحد
خصوصية
ليست في
الواحد ،
تقول: ليس في
الدار واحد ،
يجوز أن واحدا
________________________________________________
477
من
الدواب أو
الطير أو
الوحش أو
الانس 1) لا يكون
في الدار ،
وكان
الواحد
بعض الناس
وغير الناس ،
وإذا قلت: ليس في
الدار أحد فهو
مخصوص
بالآدميين
دون سائرهم ،
والأحد ممتنع من
الدخول في
الضرب
والعدد
والقسمة وفي
شئ من الحساب ،
وهو متفرد
بالأحدية ،
والواحد
منقاد
للعدد
والقسمة
وغيرهما داخل
في الحساب ،
تقول: واحد
واثنان
وثلاثة
فهذا العدد ،
والواحد علة
العدد وهو خارج
من العدد وليس
بعدد ،
وتقول:
واحد في اثنين
أو ثلاثة فما
فوقها فهذا
الضرب ،
وتقول: واحد
بين
اثنين أو
ثلاثة لكل
واحد من
الاثنين نصف
ومن الثلاثة
ثلث فهذه
القسمة
. والأحد
ممتنع في هذه
كلها لا يقال:
أحد واثنان ،
ولا أحد في
أحد
، ولا واحد في
أحد ، ولا
يقال: أحد بين
اثنين ،
والأحد
والواحد
وغيرهما
من هذه
الألفاظ كلها
مشتقة من
الوحدة .
(الصمد)
الصمد معناه
السيد ومن ذهب
إلى هذا المعنى
جاز له أن
يقول
لم يزل صمدا ،
ويقال للسيد
المطاع في قومه
الذي لا يقضون
أمرا
دونه:
صمد ، وقد قال
الشاعر:
________________________________________________
478
علوته
بحسام ثم قلت
له *** خذها حذيف 1)
فأنت السيد الصمد
وللصمد
معنى ثان وهو
أنه المصمود
إليه في
الحوائج ،
يقال: صمدت
صمد
هذا الامر أي
قصدت قصده ،
ومن ذهب إلى
هذا المعنى لم
يجز له
أن
يقول: لم يزل
صمدا ، لأنه
قد وصفه عز
وجل بصفة من
صفات فعله ،
وهو
مصيب أيضا ،
والصمد الذي
ليس بجسم ولا
جوف له . وقد
أخرجت
في
معنى (الصمد)
في تفسير قل
هو الله أحد
في هذا الكتاب
معاني
أخرى
لم أحب
إعادتها في
هذا الباب .
(الأول
والآخر) الأول
والآخر 2)
معناهما أنه
الأول بغير
ابتداء
والآخر
بغير انتهاء .
(السميع)
السميع معناه
أنه إذا وجد
المسموع كان
له سامعا 3) ،
ومعنى
ثان أنه سميع
الدعاء أي
مجيب الدعاء ،
وأما السامع
فإنه يتعدى
________________________________________________
479
إلى
مسموع ويوجب
وجوده ، ولا
يجوز فيه بهذا
المعنى لم يزل
، والبارئ
عز
اسمه سميع
لذاته .
(البصير)
البصير معناه
إذا كانت
المبصرات كان لها
مبصرا ، ولذلك
جاز
أن يقال: لم
يزل بصيرا ،
ولم يجز أن
يقال: لم يزل
مبصرا لأنه
يتعدى
إلى مبصر
ويوجب وجوده ،
والبصارة في
اللغة مصدر
البصير
وبصر
بصارة ، والله
عز وجل بصير
لذاته ، وليس وصفنا
له تبارك
وتعالى
بأنه
سميع بصير
وصفا بأنه
عالم 1) ، بل
معناه ما قدمناه
من كونه مدركا
وهذه
الصفة صفة كل
حي لا آفة به .
(القدير ،
القاهر) القدير
والقاهر
معناهما أن
الأشياء لا
تطيق
الامتناع
منه ومما يريد
الانفاذ فيها
، وقد قيل: إن
القادر من يصح
منه
الفعل
إذا لم يكن في
حكم الممنوع ،
والقهر الغلبة
، والقدرة
مصدر قولك:
قدر
قدرة أي ملك ،
فهو قدير قادر
مقتدر ، وقدرته
على ما لم
يوجد
واقتداره
على إيجاده هو
قهره وملكه له
، وقد قال عز
ذكره: (مالك
يوم
الدين)
(1) ويوم الدين
لم يوجد بعد ،
ويقال: إنه عز وجل
قاهر لم يزل ،
ومعناه
أن الأشياء لا
تطيق
الامتناع منه
ومما يريد
إنفاذه فيها ،
ولم يزل
مقتدرا
عليها ولم تكن
موجودة كما
يقال: مالك يوم
الدين ، ويوم
الدين
لم يوجد
بعد .
___________________________
(1)
الفاتحة: 4 .
(2) أي: مرجع
السميع
والبصير .
(3) القواعد
والفوائد 2: 168 .
________________________________________________
480
(العلي
الاعلى) العلي
معناه القاهر
1) فالله العلي
ذو العلى
والعلاء
والتعالي
أي ذو القدرة والقهر
والاقتدار ،
يقال: علا
الملك علوا ،
ويقال
لكل
شئ قد علا: علا
يعلو علوا
وعلي يعلى
علاء ، والمعلاة
مكتسب
الشرف
وهي من
المعالي ،
وعلو كل شئ
أعلاه - برفع
العين وخفضها
-
وفلان
من علية الناس
وهو اسم ،
ومعنى
الارتفاع
والصعود
والهبوط عن
الله
تبارك وتعالى
منفي ، ومعنى
ثان أنه علا
تعالى عن
الأشباه
والأنداد
وعما
خاضت فيه
وساوس الجهال
، وترامت إليه
فكر الضلال ،
فهو علي
متعال
عما يقول
الظالمون
علوا كبيرا ،
وأما الاعلى
فمعناه العلي
والقاهر ،
ويؤيد
ذلك قوله عز
وجل لموسى عليه
السلام: (لا
تخف إنك أنت
الاعلى) (1)
أي
القاهر ،
وقوله عز وجل
في تحريض
المؤمنين على
القتال: (ولا
تهنوا
ولا
تحزنوا وأنتم
الأعلون إن
كنتم مؤمنين) (2)
وقوله عز وجل
(إن
فرعون
علا في الأرض) (3)
أي غلبهم
واستولى
عليهم ، وقال
الشاعر في
هذا
المعنى:
___________________________
(1) طه: 68
.
(2) آل عمران: 139 .
(3) القصص: 4 .
________________________________________________
481
فلما
علونا
واستوينا
عليهم ***
تركناهم صرعى
لنسر وكاسر 1)
ومعنى
ثان أنه متعال
عن الأشباه
والأنداد أي متنزه
كما قال:
(تعالى
عما
يشركون) (1) .
الباقي
الباقي معناه
الكائن بغير
حدث ولا فناء
، والبقاء ضد
الفناء
، بقي الشئ
بقاء ، ويقال:
ما بقيت منهم باقية
ولا وقتهم من
الله
واقية
، والدائم في
صفاته هو
الباقي أيضا
الذي لا يبيد
ولا يفنى .
البديع
البديع معناه
مبدع البدائع
ومحدث الأشياء
على غير مثال
واحتذاء
، وهو فعيل
بمعنى مفعل
كقوله عز وجل: (عذاب
أليم) (2)
والمعنى
مؤلم ويقول
العرب: ضرب
وجيع والمعنى موجع
، وقال الشاعر
في
هذا المعنى:
أمن
ريحانة
الداعي
السميع 2)
يؤرقني
وأصحابي هجوع
فالمعنى
الداعي
المسمع ،
والبدع الشئ
الذي يكون
أولا في كل
أمر ،
ومنه
قوله عز وجل:
(قل ما كنت
بدعا من
الرسل) (3) أي لست
بأول
مرسل
، والبدعة اسم
ما ابتدع من
الدين وغيره ،
وقد قال
الشاعر في هذا
المعنى:
___________________________
(1)
يونس: 18 ،
والنحل: 1 و 3 ،
والمؤمنون: 92 ،
والقصص: 68 ، والروم:
40 ، والزمر: 67 .
(2) في سبعين
موضعا من
الكتاب .
(3) الأحقاف: 9 .
(4) البقرة: 104 وغيرها
.
(5) البقرة: 117 .
________________________________________________
482
وكفاك
لم تخلقا
للندى 1) *** ولم يك
بخلهما بدعة
فكف
عن الخير
مقبوضة *** كما
حط عن مائة
سبعة
وأخرى
ثلاثة آلافها
*** وتسع مائيها
لها شرعة (1)
ويقال:
لقد جئت بأمر
بديع أي مبتدع
عجيب .
البارئ
البارئ معناه
أنه بارئ
البرايا ، أي
خالق الخلائق
، برأهم
يبرأهم
أي خلقهم
يخلقهم ،
والبرية
الخليقة ، وأكثر
العرب على ترك
همزها
، وهي فعيلة
بمعنى مفعولة
، وقال بعضهم:
بل هي مأخوذة
___________________________
(1)
هذه الأبيات
شرحها
المجلسي رحمه
الله في
البحار باب
عدد أسماء
الله تعالى .
________________________________________________
483 - 487
من
بريت العود 1) ،
ومنهم من يزعم
أنه من البرى
وهو التراب أي
خلقهم
من
التراب ،
وقالوا: لذلك
لا يهمز .
________________________________________________
488
(الأكرم)
الأكرم معناه
الكريم ، وقد
يجئ أفعل في
معنى الفعيل ،
مثل
قوله عز وجل:
(وهو أهون
عليه) (1) أي هين
عليه ، ومثل
قوله عز
وجل:
(لا يصليها
إلا الأشقى)
وقوله:
(وسيجنبها الأتقى)
(2) يعني
بالأشقى
والأتقى
الشقي والتقي
، وقد قال الشاعر
في هذا
المعنى:
إن
الذي سمك السماء
بنى لنا *** بيتا 1)
دعائمه أعز
وأطول
(الظاهر)
الظاهر معناه
أنه الظاهر
بآياته التي
أظهرها 2) من
شواهد
قدرته
وآثار حكمته
وبينات حجته
التي عجز الخلق
جميعا عن
إبداع
أصغرها
وإنشاء
أيسرها
وأحقرها
عندهم كما قال
الله عز وجل:
(إن
___________________________
(1)
الروم: 27 .
(2) الليل: 15 و 17 .
(3) لم أظفر
على الرسالة .
(4) في " س ":
تقدمت
الإشارة .
(5) المؤمنون: 14
.
________________________________________________
490
الذين
تدعون من دون 1)
الله لن
يخلقوا ذبابا
ولو اجتمعوا
له) (1) فليس
شئ
من خلقه إلا
وهو شاهد له
على وحدانيته
من جميع جهاته
،
وأعرض
تبارك وتعالى
عن وصف ذاته
فهو ظاهر بآياته
وشواهد قدرته
،
محتجب
بذاته ، ومعنى
ثان أنه ظاهر
غالب قادر على
ما يشاء ،
ومنه قوله
عز
وجل: (فأصبحوا
ظاهرين) (2) أي
غالبين لهم .
الباطن
الباطن معناه
أنه قد بطن عن
الأوهام ، فهو
باطن بلا
إحاطة
، لا يحيط به
محيط لأنه قدم
الفكر فجنب عنه
2) وسبق
المعلوم فلم
يحط
به وفات
الأوهام فلم
تكتنهه ،
وحارت عنه الابصار
فلم تدركه ،
فهو
باطن
كل باطن ،
ومحتجب كل
محتجب 3) ، بطن
بالذات ، وظهر
وعلا
___________________________
(1)
الحج: 73 .
(2) الصف: 14 .
________________________________________________
491
بالآيات
، فهو الباطن
بلا حجاب
والظاهر بلا اقتراب
. ومعنى ثان
أنه باطن
كل
شئ أي خبير
بصير بما
يسرون وما
يعلنون وبكل
ما ذرأ وبرأ ،
وبطانة
الرجل
وليجته من
القوم الذين
يداخلهم
ويداخلونه في
دخيلة أمره ،
والمعنى
أنه عالم
بسرائرهم ، لا
أنه عز وجل
يبطن في شئ
يواريه .
(الحي) الحي
معناه أنه
الفعال
المدبر ، وهو
حي لنفسه لا
يجوز
عليه
الموت
والفناء ،
وليس يحتاج
إلى حياة بها
يحيى .
(الحكيم)
الحكيم معناه
أنه عالم ،
والحكمة في اللغة
العلم ، ومنه
قوله
عز وجل: (يؤتي
الحكمة من
يشاء) (1) ومعنى
ثان أنه محكم 1)
وأفعاله
محكمة متقنة
من الفساد ،
وقد حكمته وأحكمته
لغتان ، وحكمة
اللجام
سميت بذلك
لأنها تمنعه
من الجري الشديد
وهي ما أحاطت
بحنكه .
(العليم)
العليم معناه
أنه عليم
بنفسه ، عالم بالسرائر
، مطلع على
الضمائر
، لا يخفى
عليه خافية ،
ولا يعزب عنه
مثقال ذرة ،
علم الأشياء
قبل
حدوثها ، وبعد
ما أحدثها ،
سرها
وعلانيتها ،
ظاهرها
وباطنها ، وفي
علمه
عز وجل
بالأشياء على
خلاف علم
الخلق 2) دليل
على أنه تبارك
___________________________
(1)
البقرة: 269 .
________________________________________________
492
وتعالى
بخلافهم في
جميع معانيهم
1) والله عالم
لذاته ،
والعالم من
يصح منه
الفعل
المحكم
المتقن ، فلا
يقال: إنه
يعلم الأشياء
بعلم كما لا
يثبت معه
قديم
غيره ، بل
يقال: إنه ذات
عالمة ، وهكذا
يقال في جميع
صفات ذاته .
(الحليم)
الحليم معناه
أنه حليم عمن
عصاه لا يعجل
عليهم
بعقوبته .
(الحفيظ)
الحفيظ
الحافظ ، وهو
فعيل بمعنى
الفاعل ،
ومعناه أنه
يحفظ
الأشياء
ويصرف عنها
البلاء ، ولا
يوصف بالحفظ
على معنى
العلم
لأنا
نوصف بحفظ
القرآن
والعلوم على
المجاز ، والمراد
بذلك أنا إذا
علمناه
لم
يذهب عنا كما
إذا حفظنا الشئ
لم يذهب عنا .
(الحق) الحق
معناه المحق ،
ويوصف به
توسعا لأنه
مصدر وهو
كقولهم
(غياث
المستغيثين)
ومعنى ثان
يراد به أن
عبادة الله هي
الحق
وعبادة
غيره هي
الباطل ،
ويؤيد ذلك
قوله عز وجل:
(ذلك بأن الله
هو
الحق
وأن ما يدعون
من دونه هو
الباطل) (1) أي
يبطل ويذهب
ولا
يملك
لاحد ثوابا
ولا عقابا .
(الحسيب)
الحسيب معناه
أنه المحصي
لكل شئ ، العالم
به ، لا
يخفى
عليه شئ ،
ومعنى ثان أنه
المحاسب
لعباده يحاسبهم
بأعمالهم
ويجازيهم
عليها ، وهو
فعيل على معنى
مفاعل مثل
جليس ومجالس ،
ومعنى
ثالث: أنه
الكافي ،
والله حسبي
وحسبك أي كافينا
، وأحسبني
___________________________
(1)
الحج: 62 .
________________________________________________
493
هذا
الشئ أي كفاني
، وأحسبته أي
أعطيته حتى قال:
حسبي ، ومنه
قوله
عز وجل: (جزاء
من ربك عطاء
حسابا) (1) أي
كافيا .
(الحميد)
الحميد معناه
المحمود ، وهو
فعيل في معنى
المفعول ،
والحمد
نقيض الذم ،
ويقال: حمدت
فلانا إذا رضيت
فعله ونشرته
في الناس .
(الحفي)
الحفي معناه
العالم ، ومنه
قوله عز وجل:
(يسألونك
كأنك
حفي عنها) (2) أي
يسألونك عن
الساعة كأنك
عالم بوقت
مجيئها ،
ومعنى
ثان أنه
اللطيف ،
والحفاية
مصدر ، الحفي:
اللطيف
المحتفي بك
ببرك
وبلطفك .
(الرب) الرب
معناه المالك
، وكل من ملك
شيئا فهو ربه
، ومنه قوله
عز
وجل: (ارجع إلى
ربك) (3) أي إلى
سيدك ومليكك ،
وقال قائل يوم
حنين:
لان يربني رجل
من قريش أحب
إلي من أن يربني
رجل من
هوازن
. يريد يملكني
ويصير لي ربا
ومالكا ، ولا
يقال لمخلوق:
الرب
بالألف
واللام لان
الألف واللام
دالتان على العموم
، وإنما يقال
للمخلوق:
رب
كذا فيعرف
بالإضافة
لأنه لا يملك
غيره فينسب
إلى ما يملكه
،
والربانيون
نسبوا إلى
التأله
والعبادة للرب
في معنى
الربوبية له ،
والربيون
الذين
صبروا مع
الأنبياء عليهم
السلام .
(الرحمن)
الرحمن معناه
الواسع
الرحمة 1) على
عباده يعمهم
بالرزق
___________________________
(1)
النبأ: 36 .
(2) الأعراف: 187 .
(3) يوسف: 50 .
________________________________________________
494
والانعام
عليهم ،
ويقال: هو اسم
من أسماء الله
تبارك وتعالى
في الكتب لا
سمي
له فيه ويقال
للرجل: رحيم
القلب ولا
يقال: الرحمن
لان الرحمن
يقدر
على كشف
البلوى ولا
يقدر الرحيم
من خلقه على
ذلك ، وقد جوز
قوم
أن يقال
للرجل: رحمن
وأرادوا به
الغاية في
الرحمة ، وهذا
خطأ ،
والرحمن
هو لجميع
العالم
والرحيم
بالمؤمنين خاصة
.
(الرحيم)
الرحيم معناه
أنه رحيم
بالمؤمنين يخصهم
برحمته في
عاقبة
أمرهم كما قال
الله عز وجل:
وكان بالمؤمنين
رحيما
والرحمن
والرحيم
اسمان مشتقان
من الرحمة على
وزن ندمان
ونديم ، ومعنى
الرحمة
النعمة ،
والراحم
المنعم كما
قال الله عز
وجل لرسوله صلى الله
عليه وآله:
(وما
أرسلناك
إلا رحمة
للعالمين) (1)
يعني: نعمة
عليهم ويقال
للقرآن: هدى
ورحمة
، وللغيث رحمة
يعني نعمة ،
وليس معنى الرحمة
الرقة لان
الرقة
عن
الله عز وجل
منفية ، وإنما
سمي رقيق
القلب من
الناس رحيما
لكثرة
ما
توجد الرحمة
منه ، ويقال:
ما أقرب رحم
فلان إذا كان
ذا مرحمة وبر
،
والمرحمة
الرحمة ،
ويقال: رحمته
مرحمة ورحمة .
(الذارئ)
الذارئ معناه
الخالق يقال:
ذرأ الله الخلق
وبرأهم أي
خلقهم
وقد قيل: إن
الذرية منه
اشتق اسمها
كأنهم ذهبوا
إلى أنها خلق
الله
___________________________
(1)
الأنبياء: 107 .
(2) الرحمن: 35 - 36 .
________________________________________________
495
عز
وجل خلقها من
الرجل ، وأكثر
العرب على ترك
همزها وإنما
تركوا
الهمزة
في هذا المذهب
لكثرة ترددها
في أفواههم
كما تركوا
همزة البرية
وهمزة
بري وأشباه
ذلك ، ومنهم
من يزعم أنها
من ذروت أو
ذريت معا
يريد
أنه قد كثرهم
وبثهم في
الأرض بثا ،
كما قال الله
تعالى: (وبث
منهما
رجالا
كثيرا ونساء) (1) .
(الرازق)
الرازق معناه
أنه عز وجل
يرزق عباده برهم
وفاجرهم
رزقا
بفتح الراء
رواية من
العرب ، ولو
أرادوا المصدر
لقالوا: رزقا
، بكسر
الراء
ويقال: ارتزق
الجند رزقة
واحدة أي
أخذوه مرة
واحدة .
(الرقيب)
الرقيب معناه
الحافظ وهو
فعيل بمعنى فاعل
، ورقيب
القوم
حارسهم .
(الرؤوف)
الرؤوف معناه
الرحيم ،
والرأفة الرحمة
.
(الرائي)
الرائي معناه
العالم ،
والرؤية العلم
، ومعنى ثان ،
أنه المبصر
ومعنى
الرؤية
الابصار ،
ويجوز في معنى
العلم لم يزل
رائيا ، ولا
يجوز
ذلك
في معنى
الابصار .
(السلام)
السلام معناه
المسلم ، وهو
توسع لان السلام
مصدر ،
والمراد
به أن السلامة
تنال من قبله
، والسلام
والسلامة مثل
الرضاع
والرضاعة
واللذاذ
واللذاذة ،
ومعنى ثان أنه
يوصف بهذه
الصفة
لسلامته
مما
يلحق الخلق من
العيب والنقص
والزوال
والانتقال
والفناء
والموت ،
وقوله
عز وجل: (لهم
دار السلام
عند ربهم) (2)
فالسلام هو
الله عز وجل
وداره
الجنة ، ويجوز
أن يكون سماها
سلاما لان الصائر
إليها يسلم
فيها
___________________________
(1)
النساء: 1 .
(2) الانعام: 127 .
________________________________________________
496
من
كل ما يكون في
الدنيا من مرض
ووصب وموت وهرم
وأشباه ذلك ،
فهي
دار السلامة
من الآفات
والعاهات ،
وقوله عز وجل
(فسلام لك من
أصحاب
اليمين) 1) (1)
يقول: فسلامة
لك منهم أي
يخبرك عنهم
سلامة
والسلامة
في اللغة
الصواب
والسداد أيضا
، ومنه قوله
عز وجل: (وإذا
خاطبهم
الجاهلون
قالوا سلاما) 2) (2)
أي سدادا وصوابا
، ويقال: سمي
الصواب
من القول
سلاما لأنه
يسلم من العيب
والاثم .
(المؤمن)
المؤمن معناه
المصدق ،
والايمان التصديق
في اللغة ،
يدلك
على ذلك قوله
عز وجل حكاية
عن إخوة يوسف عليه
السلام: (وما
أنت
بمؤمن
لنا ولو كنا
صادقين) (3)
فالعبد مؤمن
مصدق بتوحيد
الله وبآياته
،
والله
مؤمن مصدق لما
وحده ومحققه ،
ومعنى ثان:
أنه محقق حقق
وحدانيته
بآياته عند
خلقه وعرفهم
حقيقته لما
أبدى من
علاماته
وأبان من
بيناته
وعجائب
تدبيره
ولطائف
تقديره ، ومعنى
ثالث أنه
آمنهم من
الظلم
والجور
، قال الصادق عليه
السلام: سمي
البارئ عز وجل
مؤمنا لأنه
يؤمن من
عذابه
من أطاعه ،
وسمي العبد
مؤمنا لأنه
يؤمن على الله
عز وجل فيجيز
___________________________
(1)
الواقعة: 91 .
(2) الفرقان: 63 .
(3) يوسف: 17 .
(4) مجمع
البيان 5: 228 .
________________________________________________
497
الله
أمانه وقال عليه
السلام:
(المؤمن من
أمن جاره
بوائقه) ،
وقال عليه
السلام:
(المؤمن
الذي
يأتمنه
المسلمون على
أموالهم
وأنفسهم) .
(المهيمن)
المهيمن
معناه الشاهد
، وهو كقوله عز
وجل: (ومهيمنا
عليه)
(1) أي شاهدا
عليه ، ومعنى
ثان أنه اسم
مبني من الأمين
،
والأمين
اسم من أسماء
الله عز وجل ،
ثم بني كما
بني المبيطر
من البيطر
والبيطار
، وكأن الأصل
فيه مؤيمن
فقلبت الهمزة
هاء كما قلبت
همزة أرقت
وأيهات
فقيل: هرقت
وهيهات ،
وأمين اسم من
أسماء الله عز
وجل ، ومن
طول
الألف أراد
(يا أمين)
فأخرجه مخرج
قولهم: أزيد .
على معنى
يا
زيد ، ويقال:
المهيمن اسم
من أسماء الله
عز وجل في
الكتب
السابقة .
(العزيز)
العزيز معناه
أنه لا يعجزه
شئ ولا يمتنع
عليه شئ أراده
،
فهو
قاهر للأشياء
، غالب غير
مغلوب ، وقد
يقال في
المثل: (من عز
بز) أي
من غلب
سلب وقوله عز
وجل حكاية عن
الخصمين:
(وعزني في
الخطاب)
(2) أي غلبني في
مجاوبة
الكلام ،
ومعنى ثان:
أنه الملك
ويقال
للملك:
عزيز كما قال
إخوة يوسف
ليوسف عليه
السلام: (يا
أيها العزيز) (3)
والمراد
به يا أيها
الملك .
(الجبار)
الجبار معناه
القاهر الذي
لا ينال ، وله
التجبر
والجبروت
أي
التعظم
والعظمة ،
ويقال للنخلة
التي لا تنال:
جبارة ،
والجبر أن
تجبر
إنسانا
على ما يكرهه
قهرا تقول:
جبرته على أمر
كذا وكذا ،
وقال
الصادق
عليه
السلام: (لا
جبر ولا تفويض
بل أمر بين
أمرين) عنى
بذلك: أن
___________________________
(1)
المائدة: 48 .
(2) ص: 23 .
(3) يوسف: 88 .
________________________________________________
498
الله
تبارك وتعالى
لم يجبر عباده
على المعاصي
ولم يفوض
إليهم أمر
الدين
حتى
يقولوا فيه
بآرائهم
ومقائسهم
فإنه عز وجل
قد حد ووظف
وشرع
وفرض
وسن وأكمل لهم
الدين ، فلا
تفويض مع
التحديد
والتوظيف
والشرع
والفرض
والسنة
وإكمال الدين
.
(المتكبر)
المتكبر
مأخوذ من
الكبرياء ،
وهواسم
للتكبر
والتعظم .
السيد
السيد معناه
الملك ، ويقال
لملك القوم وعظيمهم
سيدهم ،
وقد
سادهم يسودهم
. وقيل لقيس بن
عاصم: بم سدت قومك
؟ قال:
ببذل
الندى ، وكف
الأذى ، ونصر
المولى ، وقال
النبي صلى
الله عليه
وآله: (علي
سيد
العرب
، فقالت
عائشة: يا
رسول الله
ألست سيد العرب
؟ فقال: أنا
سيد
ولد
آدم ، وعلي
سيد العرب ،
فقالت: يا
رسول الله وما
السيد ؟ قال:
(من
افترضت
طاعته كما
افترضت طاعتي)
. وقد أخرجت هذا
الحديث
مسندا
في كتاب معاني
الأخبار ،
فعلى معنى هذا
الحديث السيد
هو الملك
الواجب
الطاعة .
(السبوح) هو
اسم مبني على
فعول ، وليس
في كلام العرب
فعول
إلا
سبوح قدوس ،
ومعناهما
واحد ، وسبحان
الله تنزيها
له عن كل مالا
ينبغي
أن يوصف به ،
ونصبه لأنه في
موضع فعل على
معنى تسبيحا
لله
يريد
سبحت تسبيحا
لله ، ويجوز
أن يكون نصبا
على الظرف ،
ومعناه
نسبح
لله وسبحوا
لله 1) .
___________________________
(1)
مجمع البيان 4: 179
.
________________________________________________
499
(الشهيد)
الشهيد معناه
الشاهد بكل
مكان صانعا ومدبرا
على أن
المكان
مكان لصنعه
وتدبيره ، لا
على أن المكان
مكان له ،
لأنه عز وجل
كان
ولا مكان .
(الصادق)
الصادق معناه
أنه صادق في
وعده ، ولا يبخس
ثواب من
يفي
بعهده .
(الصانع)
الصانع معناه
أنه صانع كل
مصنوع أي خالق
كل مخلوق ،
ومبدع
جميع البدائع
، وكل ذلك دال
على أنه لا يشبهه
شئ من خلقه ،
لأنا
لم نجد فيما
شاهدنا فعلا
يشبه فاعله ،
لأنهم أجسام
وأفعالهم غير
أجسام
والله تعالى
عن أن يشبه
أفعاله ،
وأفعاله لحم
وعظم وشعر ودم
وعصب
وعروق وأعضاء
وجوارح
وأجزاء ونور
وظلمة وأرض
وسماء
وحجر
وشجر وغير ذلك
من صنوف الخلق
وكل ذلك فعله
وصنعه عز
وجل
، وجميع ذلك
دليل على
وحدانيته
شاهد على
انفراده وعلى
أنه
بخلاف
خلقه وأنه لا
شريك له .
وقال
بعض الحكماء
في هذا المعنى
وهو يصف النرجس:
عيون
في جفون في
فنون *** بدت
فأجاد صنعتها
المليك
بأبصار
التغنج
طامحات *** كان
حداقها ذهب
سبيك
على
غصن الزمرد
مخبرات *** بأن
الله ليس له
شريك
(الطاهر)
الطاهر معناه
أنه متنزه عن
الأشباه والأنداد
والأضداد
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 198 .
________________________________________________
500
والأمثال
والحدود
والزوال
والانتقال
ومعاني الخلق
من الطول
والعرض
والأقطار
والثقل
والخفة ،
والرقة
والغلظة ،
والدخول والخروج
، والملازقة
والمباينة
، والرائحة
والطعم ،
واللون والمجسة
، والخشونة
واللين ،
والحرارة
والبرودة ،
والحركة
والسكون ، والاجتماع
والافتراق ،
والتمكن
في
مكان دون مكان
، لان جميع
ذلك محدث
مخلوق وعاجز
ضعيف من
جميع
الجهات ، دليل
على محدث
أحدثه وصانع
صنعه ، قادر
قوي طاهر
من
معانيها لا
يشبه شيئا
منها ، لأنها
دلت من جميع
جهاتها على
صانع
صنعها
ومحدث أحدثها
وأوجبت على
جميع ما غاب عنها
من أشباهها
وأمثالها
أن يكون دالة
على صانع
صنعها ، تعالى
الله عن ذلك
علوا كبيرا .
(العدل)
العدل معناه
الحكم بالعدل
والحق ، وسمي
به توسعا لأنه
مصدر
والمراد به
العادل ،
والعدل من
الناس المرضي
قوله وفعله
وحكمه .
(العفو)
العفو اسم
مشتق من العفو
على وزن فعول ،
والعفو: المحو
،
يقال:
عفا الشئ إذا
امتحي وذهب
ودرس ، وعفوته
أنا إذا محوته
، ومنه
قوله
عز وجل (عفا
الله عنك لم
أذنت لهم) (1) أي
محا الله عنك
إذنك لهم 1) .
(الغفور)
الغفور اسم
مشتق من
المغفر ، وهو
الغافر
الغفار ،
وأصله
في
اللغة
التغطية
والستر ،
تقول: غفرت
الشئ إذا
غطيته ،
ويقال: هذا
___________________________
(1)
التوبة: 43 .
________________________________________________
501
أغفر
من هذا أي
أستر ، وغفر
الصوف والخز
ما علا فوق
الثوب منهما
كالزئبر
سمي غفرا 1)
لأنه ستر
الثوب ، ويقال
لجنة الرأس:
مغفر لأنها
تستر
الرأس ،
والغفور:
الساتر لعبده
برحمته .
(الغني)
الغني معناه
أنه الغني
بنفسه عن غيره
وعن الاستعانة
بالآلات
والأدوات
وغيرها ،
والأشياء
كلها سوى الله
عز وجل
متشابهة في
الضعف
والحاجة ، لا
يقوم بعضها
إلا ببعض ولا
يستغني بعضها
عن بعض .
(الغياث)
الغياث معناه
المغيث سمي به
توسعا لأنه
مصدر .
(الفاطر)
الفاطر معناه
الخالق ، فطر
الخلق أي خلقهم
وابتدأ صنعة
الأشياء
وابتدعها فهو
فاطرها أي
خالقها ومبدعها
.
(الفرد)
الفرد معناه
أنه المتفرد
بالربوبية والامر
دون خلقه ،
ومعنى
ثان:
أنه موجود
وحده لا موجود
معه 2) .
(الفتاح)
الفتاح معناه
أنه الحاكم
ومنه قوله عز
وجل: (وأنت خير
الفاتحين)
(1) (وقوله عز وجل:
وهو الفتاح العليم)
(2) .
___________________________
(1)
الأعراف: 89 .
(2) سبأ: 26 .
________________________________________________
502
(الفالق)
الفالق اسم
مشتق من الفلق
، ومعناه في
أصل اللغة
الشق ،
يقال:
سمعت هذا من
فلق فيه ،
وفلقت
الفستقة فانفلقت
، وخلق الله
تبارك
وتعالى كل شئ
فانفلق عن
جميع ما خلق ،
فلق الأرحام
فانفلقت
عن
الحيوان ،
وفلق الحب
والنوى
فانفلقا عن النبات
، وفلق الأرض
فانفلقت
عن كل ما اخرج
منها ، وهو
كقوله عز وجل:
(والأرض ذات
الصدع)
(1) صدعها
فانصدعت ،
وفلق الظلام
فانفلق عن
الاصباح ،
وفلق
السماء
فانفلقت عن
القطر ، وفلق
البحر لموسى عليه
السلام
فانفلق فكان
كل فرق
منه
كالطود
العظيم .
(القديم)
القديم معناه
أنه المتقدم
للأشياء كلها
، وكل متقدم
لشئ
يسمى
قديما إذا
بولغ في الوصف
، ولكنه
سبحانه قديم
لنفسه بلا أول
ولا
نهاية
، وسائر
الأشياء لها
أول ونهاية ،
ولم يكن لها
هذا الاسم في
بدئها ،
فهي
قديمة من وجه
ومحدثة من وجه
، وقد قيل: إن القديم
معناه أنه
الموجود
لم يزل ، وإذا
قيل لغيره عز
وجل: إنه قديم
كان على
المجاز لان
غيره
محدث ليس
بقديم .
(الملك)
الملك هو مالك
الملك قد ملك
كل شئ ، والملكوت
ملك
الله
عز وجل زيدت
فيه التاء كما
زيدت في رهبوت
ورحموت ، تقول
العرب:
رهبوت خير من
رحموت أي لان
ترهب خير من أن
ترحم .
(القدوس)
القدوس معناه
الطاهر ،
والتقديس التطهير
والتنزيه ،
وقوله
عز وجل حكاية
عن الملائكة:
(ونحن نسبح بحمدك
ونقدس
___________________________
(1)
الطارق: 12 .
________________________________________________
503
لك) (1)
أي ننسبك إلى
الطهارة ،
ونسبحك ونقدس
لك بمعنى واحد
،
وحظيرة
القدس موضع
الطهارة 1) من
الأدناس التي
تكون في
الدنيا
والأوصاب
والأوجاع
وأشباه ذلك ،
وقد قيل: إن القدوس
من أسماء الله
عز
وجل في الكتب .
(القوي)
القوي معناه
معروف وهو
القوي بلا
معاناة ولا استعانة
.
(القريب)
القريب معناه
المجيب ،
ويؤيد ذلك قوله
عز وجل (فإني
قريب
أجيب دعوة
الداع إذا
دعان) (2) ومعنى
ثان: أنه عالم
بوساوس
القلوب
لا حجاب بينه
وبينها ولا
مسافة ، ويؤيد
هذا المعنى
قوله عز
وجل:
(ولقد خلقنا الانسان
ونعلم ما
توسوس به نفسه
ونحن أقرب إليه
من
حبل الوريد) (3) 2)
فهو قريب بغير
مماسة بائن من
خلقه بغير
طريق
ولا
مسافة ، بل هو
على المفارقة
لهم في المخالطة
، والمخالفة
لهم في
___________________________
(1)
البقرة: 30 .
(2) البقرة: 186 .
(3) ق: 16 .
(4) مجمع
البيان 5: 144 .
________________________________________________
504
المشابهة
1) ، وكذلك
التقرب إليه
ليس من جهة الطرق
والمسائف ،
إنما هو
من
جهة الطاعة
وحسن العبادة
، فالله تبارك
وتعالى قريب
دان دنوه من
غير
سفل ، لأنه
ليس باقتطاع
المسائف يدنو
، ولا باجتياز
الهواء يعلو ،
كيف
وقد كان قبل
السفل والعلو
وقبل أن يوصف
بالعلو
والدنو .
(القيوم)
القيوم
والقيام هما
فيعول وفيعال
من قمت بالشئ
إذا وليته
بنفسك
وتوليت حفظه
وإصلاحه
وتقديره ،
ونظيره قولهم:
ما فيها من
ديور
ولا ديار .
(القابض)
القابض اسم
مشتق من القبض
، وللقبض معان
، منها:
الملك:
يقال: فلان في
قبضي ، وهذه
الضيعة في قبضي
، ومنه قوله
عز
وجل:
(والأرض جميعا
قبضته يوم
القيمة) (1) وهذا
كقول الله عز
وجل:
(وله الملك
يوم ينفخ في
الصور) (2) وقوله
عز وجل:
(والامر
يومئذ
لله) (3) وقوله عز
وجل: (مالك يوم
الدين) (4) ومنها:
إفناء
الشئ
، ومن ذلك
قولهم للميت:
قبضه الله
إليه ، ومنه
قوله عز وجل:
(ثم
جعلنا
الشمس عليه
دليلا ثم
قبضناه إلينا
قبضا يسيرا) (5)
فالشمس لا
تقبض
بالبراجم ،
والله تبارك
وتعالى
قابضها ومطلقها
، ومن هذا
قوله عز
وجل:
(والله يقبض
ويبسط وإليه
ترجعون) (6) فهو
باسط على
عباده
فضله
، وقابض ما
يشاء من
عائدته
وأياديه ، والقبض
قبض البراجم
___________________________
(1)
الزمر: 67 .
(2) الانعام: 73 .
(3) الانفطار: 19
.
(4) الفاتحة: 4 .
(5) الفرقان: 46 .
(6) البقرة: 245 .
________________________________________________
505
أيضا
1) وهو عن الله
تعالى ذكره
منفي ، ولو
كان القبض
والبسط الذي
ذكره
الله
عز وجل من قبل
البراجم لما
جاز أن يكون في
وقت واحد
قابضا
وباسطا
لاستحالة ذلك
، والله تعالى
ذكره في كل
ساعة يقبض
الأنفس
ويبسط
الرزق ويفعل
ما يريد .
(الباسط)
الباسط معناه
المنعم المفضل
، قد بسط على
عباده فضله
وإحسانه
، وأسبغ عليهم
نعمه .
(قاضي
الحاجات)
القاضي اسم
مشتق من
القضاء ، ومعنى
القضاء
من
الله عز وجل
على ثلاثة
أوجه: فوجه
منها هو الحكم
والالزام ،
يقال:
قضى
القاضي على
فلان بكذا أي
حكم عليه به
وألزمه إياه ،
ومنه قوله عز
وجل:
(وقضى ربك ألا
تعبدوا إلا
إياه) (1) ووجه
منها هو الخبر
، ومنه
قوله
عز وجل:
(وقضينا إلى
بني إسرائيل
في الكتاب) (2) أي
أخبرناهم
بذلك
على لسان
النبي صلى
الله عليه
وآله ، ووجه
منها هو
الاتمام ،
ومنه قوله عز
وجل:
(فقضيهن سبع
سماوات في
يومين) (3) ومنه
قول الناس:
قضى
فلان
حاجتي ، يريد
أنه أتم حاجتي
على ما سألته .
(المجيد)
المجيد معناه
الكريم
العزيز ، ومنه
قوله عز وجل:
(بل
هو
قرآن مجيد) (4) أي
كريم عزيز .
والمجد في
اللغة نيل
الشرف ، ومجد
___________________________
(1)
الاسراء: 23 .
(2) الاسراء: 4 .
(3) فصلت: 12 .
(4) البروج: 21 .
________________________________________________
506
الرجل
وأمجد لغتان
وأمجده كرم
فعاله ، ومعنى
ثان: أنه مجيد
ممجد ،
مجده
خلقه أي عظموه
.
(المولى)
المولى معناه
الناصر ينصر
المؤمنين ويتولى
نصرهم على
عدوهم
ويتولى
ثوابهم
وكرامتهم ،
وولي الطفل هو
الذي يتولى
إصلاح
شأنه
، والله ولي
المؤمنين وهو
مولاهم وناصرهم
، والمولى في
وجه آخر
هو
الأولى ، ومنه
قول النبي صلى الله
عليه وآله:
(من كنت مولاه
فعلي مولاه)
وذلك
على
إثر كلام قد
تقدمه وهو أن
قال: (ألست
أولى بكم منكم
بأنفسكم ،
قالوا:
بلى يا رسول
الله ، قال: من
كنت مولاه أي
من كنت أولى
به منه
بنفسه
فعلي مولاه)
أي أولى به
منه بنفسه .
(المنان)
المنان معناه
المعطي
المنعم ، ومنه
قوله عز وجل:
(فامنن
أو
أمسك بغير
حساب) (1) وقوله
عز وجل: (ولا
تمنن تستكثر) (2) .
(المحيط)
المحيط معناه
أنه محيط
بالأشياء عالم
بها كلها ، وكل
من
أخذ
شيئا كله أو
بلغ علمه
أقصاه فقد
أحاط به ، وهذا
على التوسع
لان
الإحاطة
في الحقيقة
إحاطة الجسم
الكبير بالجسم
الصغير من
جوانبه
كإحاطة
البيت بما فيه
وإحاطة السور
بالمدن ، ولهذا
المعنى سمي
الحائط
حائطا
، ومعنى ثان
يحتمل أن يكون
نصبا على الظرف
، معناه مستوليا
مقتدرا
، كقوله عز
وجل: (وظنوا
أنهم أحيط
بهم) (3) فسماه
إحاطة لهم
لان
القوم إذا
أحاطوا
بعدوهم لم
يقدر العدو على
التخلص منهم .
(المبين)
المبين معناه
الظاهر البين
حكمته ، المظهر
لها بما أبان
من
___________________________
(1) ص: 39 .
(2) المدثر: 6 .
(3) يونس: 22 .
________________________________________________
507
بيناته
وآثار قدرته ،
ويقال: بان
الشئ وأبان واستبان
بمعنى واحد .
(المقيت)
المقيت معناه
الحافظ
الرقيب ،
ويقال: بل هو
القدير .
(المصور)
المصور هو اسم
مشتق من التصوير
، يصور الصور
في
الأرحام
كيف يشاء ،
فهو مصور كل
صورة ، وخالق
كل مصور في رحم
ومدرك
ببصر وممثل في
نفس ، وليس
الله تبارك وتعالى
بالصور
والجوارح
يوصف ، ولا
بالحدود
والابعاض
يعرف ، ولا في
سعة الهواء
بالأوهام
يطلب ، ولكن
بالآيات يعرف
، وبالعلامات
والدلالات
يحقق ،
وبها
يوقن ،
وبالقدرة
والعظمة
والجلال
والكبرياء
يوصف ، لأنه
ليس له في
خلقه
شبيه ولا في
بريته عديل .
(الكريم)
الكريم معناه
العزيز ،
يقال: فلان أكرم
علي من فلان
أي
أعز
منه ، ومنه
قوله عز وجل:
(إنه لقرآن
كريم) (1) وكذلك
قوله عز
وجل:
(ذق إنك أنت
العزيز
الكريم) (2) ،
ومعنى ثان: أنه
الجواد
المفضل
، يقال: رجل
كريم أي جواد
، وقوم كرام أي
أجواد ، وكريم
وكرم
مثل
أديم وأدم .
(الكبير)
الكبير السيد
، يقال لسيد
القوم كبيرهم
، والكبرياء
اسم
التكبر
والتعظم .
(الكافي)
الكافي اسم
مشتق من
الكفاية ، وكل
من توكل عليه
كفاه
ولا
يلجئه إلى
غيره .
(كاشف الضر) الكاشف
معناه المفرج
يجيب المضطر
إذا دعاه
ويكشف
السوء ،
والكشف في
اللغة رفعك
شيئا عما يواريه
ويغطيه .
___________________________
(1)
الواقعة: 77 .
(2) الدخان: 49 .
________________________________________________
508
(الوتر)
الوتر الفرد ،
وكل شئ كان
فردا قيل: وتر .
(النور)
النور معناه
المنير ، ومنه
قوله عز وجل:
(الله نور
السماوات
والأرض)
(1) أي منير لهم
وآمرهم
وهاديهم ، فهم
يهتدون به في
مصالحهم
كما يهتدون في
النور
والضياء وهذا
توسع إذ النور
الضياء والله
عز
وجل متعال عن
ذلك علوا
كبيرا ، لان
الأنوار
محدثة ، ومحدثها
قديم
لا
يشبهه شئ ،
وعلى سبيل
التوسع قيل:
إن القرآن نور
لان الناس
يهتدون
به في دينهم
كما يهتدون
بالضياء في مسالكهم
، ولهذا
المعنى كان
النبي
صلى الله
عليه وآله
منيرا .
(الوهاب)
الوهاب معروف
وهو من الهبة
يهب لعباده ما
يشاء ويمن
عليهم
بما يشاء ،
ومنه قوله عز
وجل: (يهب لمن
يشاء إناثا
ويهب لمن
يشاء
الذكور) (2) .
الناصر
الناصر
والنصير
بمعنى واحد ،
والنصرة حسن
المعونة .
(الواسع)
الواسع الغني
، والسعة
الغنى ، يقال: فلان
يعطي من سعة
أي
من غنى ،
والوسع جدة
الرجل وقدرة
ذات يده ، ويقال:
أنفق على
قدر
وسعك .
(الودود)
الودود فعول
بمعنى مفعول
كما يقال:
هيوب بمعنى
مهيب
، يراد به أنه
مودود ومحبوب
، ويقال: بل فعول
بمعنى فاعل
كقولك:
غفور بمعنى
غافر أي يود
عباده
الصالحين
ويحبهم ،
والود
والوداد
مصدر المودة ،
وفلان ودك
ووديدك أي حبك
وحبيبك .
___________________________
(1) النور:
35 .
(2) الشورى: 49 .
________________________________________________
509
(الهادي)
الهادي معناه
أنه عز وجل
يهديهم للحق ،
والهدى من
الله
عز
وجل على ثلاثة
أوجه: فوجه هو
الدلالة قد دلهم
جميعا على
الدين ،
والثاني
هو الايمان
والايمان هدى
من الله عز وجل
كما أنه نعمة
من الله
عز
وجل . والثالث
هو النجاة وقد
بين الله عز
وجل أنه سيهدي
المؤمنين
بعد
وفاتهم فقال:
(والذين قتلوا
في سبيل الله فلن
يضل أعمالهم
سيهديهم
ويصلح
بالهم) (1) ولا
يكون الهدى
بعد الموت
والقتل إلا
الثواب
والنجاة ،
وكذلك
قوله عز وجل:
(إن الذين آمنوا
وعملوا
الصالحات
يهديهم ربهم
بإيمانهم)
(2) وهو ضد
الضلال الذي
هو عقوبة الكافر
، وقال الله
عز
وجل:
(ويضل الله
الظالمين) (3) أي
يهلكهم
ويعاقبهم ،
وهو كقوله عز
وجل:
(أضل أعمالهم) (4)
أي أهلك
أعمالهم
وأحبطها بكفرهم
.
الوفي
الوفي معناه
أنه يفي
بعهدهم ويوفي
بعهده ، يقال:
رجل
وفي
وموف . وقد
وفيت بعهدك
وأوفيت لغتان
.
(الوكيل)
الوكيل معناه
المتولي أي
القائم بحفظنا
، وهذا هو
معنى
الوكيل
على المال منا
، ومعنى ثان
أنه المعتمد
والملجأ ،
والتوكل
الاعتماد
عليه
والالتجاء
إليه .
(الوارث)
الوارث معناه
أن كل من ملكه
الله شيئا
يموت ويبقى ما
كان
في ملكه ولا
يملكه إلا
الله تبارك
وتعالى .
(البر) البر
معناه الصادق
، يقال: صدق
فلان وبر ،
ويقال: برت
___________________________
(1)
محمد (ص): 5 .
(2) يونس: 9 .
(3) إبراهيم عليه
السلام: 27 .
(4) محمد (ص): 1 .
________________________________________________
510
يمين
فلان إذا صدقت
، وأبرها الله
أي أمضاها على
الصدق .
(الباعث)
الباعث معناه
أنه يبعث من
في القبور ويحييهم
وينشرهم
للجزاء
والبقاء .
(التواب)
التواب معناه
أنه يقبل
التوبة ويعفو عن
الحوبة إذا
تاب
منها
العبد ، يقال:
تاب العبد إلى
الله عز وجل
فهو تائب إليه
وتاب الله
عليه
أي
قبل توبته فهو
تواب عليه ،
والتوب
التوبة . ويقال:
اتأب فلان من
كذا
- مهموزا - إذا
استحيى منه ،
ويقال: ما
طعامك بطعام
تؤبة أي لا
يحتشم
منه ولا
يستحيى 1) .
(الجليل)
الجليل معناه
السيد ، يقال
لسيد القوم:
جليلهم
وعظيمهم ،
وجل
جلال الله فهو
الجليل ذو
الجلال
والاكرام ،
ويقال جل فلان
في
عيني
أي عظم ،
وأجللته أي
عظمته .
(الجواد)
الجواد معناه
المحسن
المنعم
الكثير الانعام
والاحسان ،
يقال:
جاد السخي من
الناس يجود
جودا ، ورجل
جواد ، وقوم
أجواد
وجود
أي أسخياء ،
ولا يقال لله
عز وجل: سخي
لان أصل
السخاوة
راجع
إلى اللين ،
يقال: أرض
سخاوية
وقرطاس سخاوي
إذا كان لينا .
وسمي
السخي سخيا
للينه عند
الحوائج إليه
.
(الخبير)
الخبير معناه
العالم ،
والخبر والخبير
في اللغة واحد
،
والخبر
علمك بالشئ ،
يقال: لي به
خبر أي علم .
________________________________________________
511
(الخالق)
الخالق معناه
الخلاق ، خلق
الخلائق خلقا
وخليقة ،
والخليقة:
الخلق ،
والجمع
الخلائق ،
والخلق في
اللغة تقديرك
الشئ ،
يقال
في المثل: إني
إذا خلقت فريت
1) لا كمن يخلق ولا
يفري ، وفي
قول
أئمتنا عليهم
السلام: إن
أفعال العباد مخلوقة
خلق تقدير لا
خلق تكوين .
وخلق
عيسى عليه
السلام من
الطين كهيئة
الطير 2) هو خلق
تقدير أيضا ،
ومكون
الطير
وخالقه في
الحقيقة هو
الله عز وجل .
(خير
الناصرين) خير
الناصرين
وخير
الراحمين معناه
أن فاعل
الخير
إذا كثر ذلك
منه سمي خيرا
توسعا .
(الديان)
الديان هو
الذي يدين
العباد
ويجزيهم
بأعمالهم ،
والدين
الجزاء
، ولا يجمع
لأنه مصدر ،
يقال: دان
يدين دينا ،
ويقال في
المثل:
(كما تدين
تدان) أي كما
تجزي تجزى ،
قال الشاعر:
كما
يدين الفتى
يوما يدان به ***
من يزرع الثوم
لا يقلعه
ريحانا
(الشكور)
الشكور
والشاكر
معناهما أنه
يشكر للعبد
عمله ، وهذا
توسع
لان الشكر في
اللغة عرفان
الاحسان ، وهو
المحسن إلى
عباده
________________________________________________
512
المنعم
عليهم ، لكنه
سبحانه لما
كان مجازيا للمطيعين
على طاعتهم
جعل
مجازاته
شكرا لهم على
المجاز كما
سميت مكافأة
المنعم شكرا .
(العظيم)
العظيم معناه
السيد ، وسيد
القوم عظيمهم
وجليلهم ،
ومعنى
ثان: أنه يوصف
بالعظمة
لغلبته على
الأشياء
وقدرته عليها
ولذلك
كان
الواصف بذلك
معظما ، ومعنى
ثالث: أنه
عظيم لان ما
سواه كله له
ذليل
خاضع فهو عظيم
السلطان ،
عظيم الشأن ،
ومعنى رابع:
أنه المجيد
يقال:
عظم فلان في
المجد عظامة ،
والعظامة مصدر:
الامر العظيم
،
والعظمة
من التجبر ،
وليس معنى
العظيم ضخم طويل
عريض ثقيل لأن
هذه
المعاني
معاني الخلق
وآيات الصنع
والحدث وهي عن
الله تبارك
وتعالى
منفية ، وقد
روي في الخبر
أنه سمي العظيم
لأنه خالق
الخلق
العظيم
ورب العرش
العظيم
وخالقه .
(اللطيف)
اللطيف معناه
أنه لطيف
بعباده فهو لطيف
بهم ، بار بهم
،
منعم
عليهم واللطف
البر
والتكرمة ،
يقال: فلان
لطيف بالناس
بار بهم
يبرهم
ويلطفهم
إلطافا ،
ومعنى ثان أنه
لطيف في
تدبيره وفعله
يقال: فلان
لطيف
العمل ، وقد
روي في الخبر
أن معنى
اللطيف هو أنه
الخالق للخلق
اللطيف
كما أنه سمي
العظيم لأنه
الخالق للخلق
العظيم .
الشافي
الشافي معناه
معروف وهو من
الشفاء كما
قال الله عز
وجل
حكاية عن
إبراهيم عليه
السلام:
(وإذا مرضت
فهو يشفين) (1)
فجملة
هذه
الأسماء
الحسنى تسعة
وتسعون اسما .
___________________________
(1)
الشعراء: 80 .
________________________________________________
513
وأما
(تبارك) فهو من
البركة وهو عز
وجل ذو بركة وهو
فاعل
البركة
وخالقها
وجاعلها في
خلقه ، وتبارك
وتعالى عن
الولد
والصاحبة
والشريك
وعما يقول
الظالمون
علوا كبيرا ،
وقد قيل: إن
معنى قول الله
عز
وجل:
(تبارك الذي
نزل الفرقان
على عبده
ليكون للعالمين
نذيرا) 1) (1)
إنما
عنى به أن
الله الذي
يدوم بقاؤه
وتبقى نعمه
ويصير ذكره
بركة على
عباده
واستدامة
لنعم الله
عندهم (هو
الذي نزل الفرقان
على عبده
ليكون
للعالمين
نذيرا)
والفرقان هو
القرآن وإنما
سماه فرقانا
لان الله عز
وجل
فرق
به بين الحق
والباطل ،
وعبده الذي
أنزل عليه ذلك
هو محمد صلى
الله عليه
وآله
وسماه
عبدا لئلا
يتخذ ربا
معبودا ، وهذا
رد على من
يغلو فيه ،
وبين عز
وجل
أنه نزل عليه
ذلك لينذر به
العالمين
وليخوفهم به
من معاصي الله
وأليم
عقابه ،
والعالمون:
الناس (الذي
له ملك
السماوات
والأرض ولم
يتخذ
ولدا) كما
قالت النصارى
إذ أضافوا
إليه الولد
كذبا عليه
وخروجا
___________________________
(1)
الفرقان: 1 .
(2) مجمع
البيان 4: 160 .
________________________________________________
514
من
توحيده (ولم
يكن له شريك
في الملك وخلق
كل شئ فقدره
تقديرا)
يعني: أنه خلق
الأشياء كلها
على مقدار
يعرفه وأنه لم
يخلق
شيئا
من ذلك على
سبيل سهو ولا
غفلة ولا على
تنحيب 1) ولا
على
مجازفة
، بل على
المقدار الذي
يعلم أنه صواب
من تدبيره
وأنه استصلاح
لعباده
في أمر دينهم
وأنه عدل منه
على خلقه لأنه
لو لم يخلق
ذلك على
مقدار
يعرفه على
سبيل ما
وصفناه لوجد
في ذلك التفاوت
والظلم
___________________________
(1)
تفسير القمي 1: 96 .
(2) مجمع
البيان 1: 407 .
(3) مجمع
البيان 4: 161 .
(4) الاسراء: 1 .
________________________________________________
515
والخروج
عن الحكمة
وصواب
التدبير إلى
العبث والظلم
والفساد كما
يوجد
مثل ذلك في
فعل خلقه
الذين ينحبون
في أفعالهم
ويفعلون من
ذلك
ما
لا يعرفون
مقداره ، ولم
يعن بذلك أنه
خلق لذلك
تقديرا يعرف
به مقدار
ما
يفعله ثم فعل
أفعاله بعد
ذلك ، لان ذلك
إنما يوجد من
فعل من لا
يعلم
مقدار
ما يفعله إلا
بهذا التقدير
وهذا التدبير
، والله
سبحانه لم يزل
عالما
بكل
شئ وإنما عنى
بقوله: فقدره
تقديرا أي فعل
ذلك على مقدار
يعرفه
- على ما بيناه -
وعلى أن يقدر
أفعاله لعباده
1) بأن يعرفهم
مقدارها
ووقت
كونها
ومكانها الذي
يحدث فيه
ليعرفوا ذلك ،
وهذا التقدير
من الله
عز
وجل كتاب وخبر
كتبه الله
لملائكته
وأخبرهم به
ليعرفوه ،
فلما كان
كلامه
لم يوجد إلا
على مقدار
يعرفه لئلا
يخرج عن حد
الصدق إلى
الكذب
وعن حد الصواب
إلى الخطأ ،
وعن حد البيان
إلى التلبيس ،
كان
ذلك
دلالة على أن
الله قد قدره
على ما هو به
وأحكمه
وأحدثه فلهذا
صار
محكما
لا خلل فيه
ولا تفاوت ولا
فساد .
10 - حدثنا غير
واحد: قالوا:
حدثنا محمد بن
همام ، عن علي
بن
________________________________________________
516
الحسين
قال: حدثني
جعفر بن يحيى
الخزاعي ، عن أبيه
، قال: دخلت مع
أبي عبد
الله عليه
السلام على
بعض مواليه
يعوده ، فرأيت
الرجل يكثر من
قول آه ،
فقلت
له: يا أخي
اذكر ربك
واستغث به ،
فقال أبو عبد
الله عليه
السلام: إن
آه اسم
من
أسماء الله عز
وجل فمن قال:
آه فقد استغاث
بالله 1) تبارك
وتعالى
.
11 - حدثنا أبو
الحسن علي بن
عبد الله بن
أحمد
الأصبهاني
الأسواري
قال: حدثنا
مكي بن أحمد
بن سعدويه البرذعي
، قال: أخبرنا
أبو
إسحاق
إبراهيم بن
عبد الرحمن
القرشي بدمشق
وأنا أسمع ،
قال:
حدثنا
أبو عامر موسى
بن عامر المري
قال: حدثنا
الوليد بن
مسلم ، قال:
حدثنا
زهير بن محمد
، عن موسى بن
عقبة ، عن الأعرج
، عن أبي
هريرة
أن رسول الله صلى الله
عليه وآله
قال: إن لله
تبارك وتعالى
تسعة وتسعين
اسما
مائة
إلا واحدا ،
إنه وتر يحب
الوتر ، من
أحصاها دخل
الجنة ،
فبلغنا أن
غير
واحد من أهل
العلم قال: إن
أولها يفتتح
بلا إله إلا
الله 2) وحده لا
شريك
له ، له الملك
وله الحمد ،
بيده الخير ،
وهو على كل شئ
قدير ، لا
إله
إلا الله له
الأسماء
الحسنى: الله
، الواحد ،
الصمد ، الأول
، الآخر ،
الظاهر
، الباطن ،
الخالق ،
البارئ ،
المصور ،
الملك ،
القدوس ،
السلام ،
________________________________________________
517
المؤمن
، المهيمن ،
العزيز ،
الجبار ،
المتكبر ،
الرحمن ، الرحيم
، اللطيف ،
الخبير
، السميع ،
البصير ،
العلي ،
العظيم ، البارئ
، المتعالي ،
الجليل ،
الجميل
، الحي ،
القيوم ،
القادر ،
القاهر ، الحكيم
، القريب ،
المجيب ،
الغني
، الوهاب ،
الودود ،
الشكور ،
الماجد ، الأحد
، الولي ،
الرشيد ،
الغفور
، الكريم ،
الحليم ،
التواب ، الرب
، المجيد ،
الحميد ،
الوفي ،
الشهيد
، المبين ،
البرهان ،
الرؤوف ،
المبدئ ،
المعيد ،
الباعث ،
الوارث ،
القوي
، الشديد ،
الضار ،
النافع ،
الوافي ، الحافظ
، الرافع ،
القابض ،
الباسط ،
المعز
، المذل ،
الرازق ، ذو
القوة المتين
، القائم ،
الوكيل ، العادل
، الجامع ،
المعطي
، المجتبي ،
المحيي ،
المميت ،
الكافي ،
الهادي ،
الأبد ،
الصادق ،
النور
، القديم ،
الحق ، الفرد
، الوتر ،
الواسع ،
المحصي ،
المقتدر ،
المقدم ،
المؤخر
، المنتقم ،
البديع .
12 - حدثنا
محمد بن الحسن
بن أحمد بن
الوليد رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
محمد
بن الحسن
الصفار ، عن
محمد بن عيسى
بن عبيد ، عن
الحسن بن
محبوب
، عن علي بن
رئاب ، عن غير
واحد ، عن أبي
عبد الله عليه
السلام قال:
من
عبد
الله بالتوهم
فقد كفر 1) ، ومن
عبد الاسم 2) ولم
يعبد المعنى
فقد كفر 3) ،
___________________________
(1) في
(ن): التوهم .
________________________________________________
518
ومن
عبد الاسم
والمعنى فقد
أشرك ، ومن
عبد المعنى
بإيقاع
الأسماء عليه
بصفاته
التي وصف بها
نفسه فعقد
عليه قلبه ونطق
به لسانه في
سرائره
وعلانيته
فأولئك أصحاب
أمير
المؤمنين عليه
السلام . وفي
حديث آخر:
(أولئك
هم
المؤمنون حقا)
.
13 - حدثنا
محمد بن محمد
بن عصام
الكليني ،
وعلي بن أحمد
بن
محمد
بن عمران
الدقاق ،
قالا: حدثنا
محمد بن يعقوب
الكليني ، عن
علي
بن إبراهيم ،
عن أبيه ، عن
النضر بن سويد
، عن هشام بن
الحكم أنه
سأل
أبا عبد الله عليه
السلام عن
أسماء الله عز
وجل
واشتقاقها ،
فقال: الله مشتق
من
إله
1) ، وإله يقتضي
مألوها 2) ،
والاسم غير
المسمى ، فمن
عبد الاسم دون
المعنى
فقد كفر ولم
يعبد شيئا ،
ومن عبد الاسم
والمعنى فقد
أشرك وعبد
الاثنين
، ومن عبد
المعنى دون
الاسم فذاك
التوحيد ،
أفهمت يا هشام
،
________________________________________________
519
قال:
قلت: زدني ،
قال: لله عز
وجل تسعة
وتسعون اسما ،
فلو كان الاسم
هو
المسمى لكان
كل اسم منها
هو إلها ،
ولكن الله عز
وجل معنى ،
يدل
عليه
بهذه الأسماء
وكلها غيره ،
يا هشام الخبز
اسم للمأكول
والماء اسم
للمشروب
والثوب اسم
للملبوس
والنار اسم
للمحرق ،
أفهمت يا هشام
فهما
تدفع به
وتنافر
أعداءنا
والملحدين في
الله
والمشركين مع
الله عز
وجل
غيره ؟ قلت:
نعم ، فقال:
نفعك الله به
وثبتك يا هشام
، قال هشام:
فوالله
ما
قهرني أحد في
التوحيد حينئذ
حتى قمت مقامي
هذا .
14 - حدثنا أبو
الحسن علي بن
عبد الله بن
أحمد الأسواري
، قال:
حدثنا
مكي بن أحمد
بن سعدويه
البرذعي ،
قال: أخبرنا
إسماعيل بن
محمد
بن الفضل بن
محمد بن
المسيب
البيهقي قال:
حدثني جدي ،
قال:
حدثنا
ابن أبي أويس
، قال: حدثني
أحمد بن محمد بن
داود بن قيس
الصنعاني
، قال: حدثني
أفلح بن كثير
، عن ابن جريج
، عن عمرو بن
شعيب
، عن أبيه ، عن
جده ، عن
النبي صلى
الله عليه
وآله أن
جبرئيل نزل
عليه بهذا
الدعاء
من
السماء ونزل
عليه ضاحكا
مستبشرا ،
فقال: السلام
عليك يا محمد
،
________________________________________________
520
قال:
وعليك السلام
يا جبرئيل ،
فقال: إن الله
بعث إليك
بهدية ، فقال:
وما
تلك
الهدية يا
جبرئيل ؟
فقال: كلمات
من كنوز العرش
أكرمك الله
بها ، قال:
وما
هن يا جبرئيل
؟ قال: قل: (يامن
أظهر الجميل وستر
القبيح 1) ،
يامن لم
يؤاخذ
بالجريرة 2)
ولم يهتك
الستر ، يا
عظيم العفو ،
يا حسن
التجاوز 3) ، يا
___________________________
(1)
بحار الأنوار
4: 159 .
(2) بحار
الأنوار 71: 242 - 243 .
________________________________________________
521
واسع
المغفرة ، يا
باسط اليدين
بالرحمة 1) ، يا صاحب
كل نجوى 2) ، ويا
منتهى
كل شكوى [يا
مقيل العثرات]
يا كريم الصفح
، يا عظيم
المن يا
مبتدئا
بالنعم قبل
استحقاقها يا
ربنا ويا سيدنا
ويا مولانا
ويا غاية
رغبتنا
أسألك
يا الله أن لا
تشوه خلقي
بالنار) فقال
رسول الله صلى الله
عليه وآله:
يا جبرئيل فما
ثواب
هذه الكلمات ؟
قال: هيهات هيهات
، انقطع العلم
، لو اجتمع
ملائكة
سبع
سماوات وسبع
أرضين على أن
يصفوا ثواب
ذلك إلى يوم
القيامة ما
وصفوا
من ألف جزء
جزءا واحدا ،
فإذا قال
العبد: (يا من
أظهر الجميل
وستر
القبيح) ستره
الله برحمته
في الدنيا وجمله
في الآخرة
وستر الله
عليه
ألف
ستر في الدنيا
والآخرة ،
وإذا قال: (يا
من لم يؤاخذ
بالجريرة ولم
يهتك
الستر) لم
يحاسبه الله
يوم القيامة
ولم يهتك ستره
يوم يهتك
الستور ،
وإذا
قال: (يا عظيم
العفو) غفر
الله له ذنوبه
ولو كانت
خطيئته مثل
زبد
البحر
، وإذا قال: (يا
حسن التجاوز)
تجاوز الله عنه
حتى السرقة
وشرب
الخمر
وأهاويل
الدنيا ، وغير
ذلك من
الكبائر ، وإذا
قال: (يا واسع
المغفرة) ،
فتح
الله عز وجل
له سبعين بابا
من الرحمة فهو
يخوض في رحمة
الله عز
وجل
حتى يخرج من
الدنيا ، وإذا
قال: (يا باسط
اليدين
بالرحمة) بسط
الله
يده
عليه بالرحمة
، وإذا قال: (يا
صاحب كل نجوى و
[يا] منتهى كل
________________________________________________
522
شكوى)
أعطاه الله عز
وجل من الاجر
ثواب كل مصاب
وكل سالم وكل
مريض
وكل ضرير وكل
مسكين وكل
فقير إلى يوم
القيامة ،
وإذا قال: (يا
كريم
الصفح) أكرمه
الله كرامة
الأنبياء ،
وإذا قال: (يا
عظيم المن) أعطاه
الله
يوم
القيامة
أمنيته
وأمنية
الخلائق ،
وإذا قال: (يا
مبتدئا
بالنعم قبل
استحقاقها)
أعطاه الله من
الاجر بعدد من
شكر نعماءه ،
وإذا قال: (يا
ربنا
ويا
سيدنا ويا
مولانا) قال
الله تبارك
وتعالى:
اشهدوا
ملائكتي أني
غفرت
له
وأعطيته من
الاجر بعدد من
خلقته في الجنة
والنار
والسماوات
السبع
والأرضين
السبع والشمس
والقمر
والنجوم وقطر
الأمطار
وأنواع الخلق
والجبال
والحصى
والثرى وغير
ذلك والعرش
والكرسي ،
وإذا قال: (يا
مولانا)
ملا الله قلبه
من الايمان ،
وإذا قال: (يا
غاية رغبتنا)
أعطاه الله
يوم
القيامة
رغبته ومثل
رغبة الخلائق
، وإذا قال:
(أسألك يا
الله أن لا
تشوه
خلقي
بالنار) قال
الجبار جل
جلاله:
استعتقني عبدي
من النار ،
اشهدوا
ملائكتي
أني قد أعتقته
من النار
وأعتقت أبويه
وإخوته
وأخواته
وأهله
وولده
وجيرانه ،
وشفعته في ألف
رجل ممن وجب
لهم النار ،
وآجرته
من
النار ،
فعلمهن يا محمد
المتقين ولا
تعلمهن
المنافقين
فإنها دعوة
مستجابة
لقائليهن إن
شاء الله ،
وهو دعاء أهل البيت
المعمور حوله
إذا كانوا
يطوفون
به .
قال
مصنف هذا
الكتاب:
الدليل على أن
الله تعالى عز
وجل عالم حي
قادر
لنفسه لا بعلم
وقدرة وحياة
هو غيره أنه لو
كان عالما
بعلم لم يخل
علمه
من أحد أمرين
إما أن يكون
قديما أو
حادثا ، فإن
كان حادثا فهو
جل
ثناؤه
قبل حدوث
العلم غير
عالم ، وهذا
من صفات النقص
، وكل منقوص
________________________________________________
523
محدث
بما قدمنا ،
وإن كان قديما
وجب أن يكون غير
الله عز وجل
قديما
وهذا
كفر بالاجماع
، فكذلك القول
في القادر
وقدرته والحي
وحياته ،
والدليل
على أنه تعالى
لم يزل قادرا
عالما حيا أنه
قد ثبت أنه
عالم قادر
حي
لنفسه وصح
بالدليل أنه
عز وجل قديم
وإذا كان كذلك
كان عالما لم
يزل
إذ نفسه التي
لها علم لم
تزل ، وهذا
يدل على أنه
قادر حي لم يزل
.
30 - باب
القرآن ما هو
؟
1 - حدثنا
أحمد بن زياد
بن جعفر
الهمداني رضي
الله عنه ،
قال: حدثنا
علي بن
إبراهيم
، عن أبيه
إبراهيم بن
هاشم ، عن علي
بن معبد ، عن
الحسين بن
خالد
، قال: قلت
للرضا علي بن
موسى عليهما
السلام: يا
ابن رسول الله
أخبرني
عن
القرآن أخالق
أو مخلوق ؟
فقال: ليس
بخالق ولا
مخلوق ، ولكنه
كلام
الله
عز وجل .
2 - حدثنا
جعفر بن محمد
بن مسرور رضي
الله عنه ، قال:
حدثنا محمد بن
عبد
الله بن جعفر
الحميري ، عن
أبيه ، عن
إبراهيم بن
هاشم ، عن
الريان بن
الصلت
، قال: قلت
للرضا عليه
السلام: ما
تقول في
القرآن ؟
فقال: كلام
الله لا
تتجاوزوه
، ولا تطلبوا
الهدى في غيره
فتضلوا .
3 - حدثنا
الحسين بن
إبراهيم بن
أحمد المؤدب
رضي الله عنه
، قال: حدثنا
محمد
بن أبي عبد
الله الكوفي ،
قال: حدثنا
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
قال:
حدثنا علي بن
سالم ، عن
أبيه ، قال:
سألت الصادق جعفر
بن
محمد
عليهما
السلام فقلت
له: يا ابن
رسول ما تقول
في القرآن ؟
فقال: هو كلام
الله
وقول
الله وكتاب
الله ووحي
الله وتنزيله
، وهو الكتاب
العزيز الذي
لا يأتيه
________________________________________________
524
الباطل
من بين يديه
ولا من خلفه
تنزيل من حكيم
حميد 1) 2) .
___________________________
(1)
مجمع البيان 5: 15 -
16 .
(2) الحجر: 9 .
________________________________________________
525 - 532
4 - حدثنا أبي رحمه الله
، قال: حدثنا
سعد بن عبد
الله ، قال:
حدثنا محمد بن
عيسى
بن عبيد
اليقطيني ،
قال: كتب علي بن
محمد بن علي
بن موسى
الرضا
عليهم
السلام إلى
بعض شيعته
ببغداد: بسم
الله الرحمن
الرحيم عصمنا
الله
وإياك
من الفتنة فإن
يفعل فقد أعظم
بها نعمة وإن
لا يفعل فهي
الهلكة ،
نحن
نرى أن الجدال
في القرآن
بدعة 1) ، اشترك
فيها السائل
والمجيب ،
فيتعاطى
السائل ما ليس
له ، ويتكلف
المجيب ما ليس
عليه ، وليس
الخالق
إلا الله عز
وجل ، وما
سواه مخلوق ،
والقرآن كلام
الله ، لا
تجعل له
اسما
من عندك 2)
فتكون من
الضالين ،
جعلنا الله وإياك
من الذين
يخشون
ربهم
بالغيب وهم من
الساعة
مشفقون .
________________________________________________
533
5 - حدثنا
الحسين بن
إبراهيم بن
أحمد بن هشام
المؤدب رضي
الله عنه ،
قال:
حدثنا
محمد بن أبي
عبد الله
الكوفي ، قال:
حدثنا محمد بن
إسماعيل
البرمكي
، قال: حدثنا
عبد الله بن
أحمد ، قال: حدثني
سليمان بن
جعفر
الجعفري
، قال: قلت
لأبي الحسن
موسى بن جعفر
عليهما
السلام: يا
ابن رسول الله
ما
تقول في
القرآن فقد
اختلف فيه من
قبلنا ؟ فقال
قوم: إنه
مخلوق ، وقال
قوم:
إنه غير مخلوق
، فقال عليه
السلام: أما
إني لا أقول
في ذلك ما
يقولون ،
ولكني
أقول: إنه
كلام الله .
6 - حدثنا علي
بن أحمد بن
محمد بن عمران
الدقاق رحمه
الله ، قال:
حدثنا
محمد
بن أبي عبد
الله الكوفي ،
قال: حدثنا
محمد بن
إسماعيل
البرمكي ،
قال:
حدثنا جعفر بن
سليمان
الجعفري ،
قال: حدثنا
أبي ، عن عبد
الله بن
الفضل
الهاشمي ، عن
سعد الخفاف ،
عن الأصبغ بن
نباتة ، قال:
لما وقف
أمير
المؤمنين علي
بن أبي طالب عليه
السلام على
الخوارج
ووعظهم
وذكرهم
وحذرهم
القتال قال
لهم: ما
تنقمون مني ؟
ألا إني أول
من آمن بالله
ورسوله
فقالوا: أنت
كذلك ، ولكنك
حكمت في دين الله
أبا موسى
الأشعري
، فقال عليه
السلام:
والله ما حكمت
مخلوقا وإنما
حكمت القرآن 1)
، ولولا
أني
غلبت على أمري
وخولفت في رأيي
لما رضيت أن
تضع الحرب
أوزارها
بيني وبين أهل
حرب الله حتى
أعلي كلمة
الله وأنصر
دين الله ولو
كره
الكافرون
والجاهلون .
________________________________________________
534 - 536
قال
مصنف هذا
الكتاب: قد
جاء في الكتاب
أن القرآن
كلام الله
ووحي
الله وقول
الله وكتاب
الله ، ولم
يجئ فيه أنه
مخلوق ، وإنما
امتنعنا
من
إطلاق
المخلوق عليه
لان المخلوق
في اللغة قد
يكون مكذوبا ،
ويقال:
كلام
مخلوق أي
مكذوب ، قال
الله تبارك
وتعالى: (إنما
تعبدون من دون
الله
أوثانا
وتخلقون إفكا)
(1) أي كذبا ،
وقال تعالى
حكاية عن
منكري
التوحيد:
(ما سمعنا
بهذا في الملة
الآخرة إن هذا
إلا اختلاق) (2)
أي
افتعال
وكذب ، فمن
زعم أن القرآن
مخلوق بمعنى أنه
مكذوب فقد كفر
،
ومن
قال: إنه غير
مخلوق بمعنى
أنه غير مكذوب
فقد صدق وقال
الحق
والصواب
، ومن زعم أنه
غير مخلوق
بمعنى محدث وغير
منزل وغير
محفوظ
فقد أخطأ وقال
غير الحق
والصواب ، وقد
أجمع أهل
الاسلام
على
أن القرآن
كلام الله عز
وجل على
الحقيقة دون
المجاز 1) ، وأن
من قال
غير
ذلك فقد قال
منكرا من
القول وزورا ،
ووجدنا
القرآن مفصلا
وموصلا
وبعضه
غير بعض وبعضه
قبل بعض
كالناسخ الذي
يتأخر عن
المنسوخ ،
فلو
لم يكن ما هذه
صفته حادثا
بطلت الدلالة
على حدوث
المحدثات
___________________________
(1)
العنكبوت: 17 .
(2) ص: 7 .
________________________________________________
537
وتعذر
إثبات محدثها
بتناهيها
وتفرقها واجتماعها
.
وشئ
آخر وهو أن
العقول قد
شهدت والأمة
قد اجتمعت على
أن الله
عز
وجل صادق في
إخباره ، وقد
علم أن الكذب
هو أن يخبر
بكون ما لم
يكن
، وقد أخبر
الله عز وجل
عن فرعون
وقوله: (أنا
ربكم الاعلى) (1)
وعن
نوح: أنه نادى
ابنه وهو في
معزل: (يا بني
اركب معنا ولا
تكن مع
الكافرين)
(2) . فإن كان هذا
القول وهذا
الخبر قديما
فهو قبل فرعون
وقبل
قوله ما أخبر
عنه ، وهذا هو
الكذب ، وإن لم
يوجد إلا بعد
أن قال
فرعون
ذلك فهو حادث
لأنه كان بعد
أن لم يكن .
وأمر
آخر وهو أن
الله عز وجل
قال: (ولئن
شئنا لنذهبن
بالذي
أوحينا
إليك) 1) (3) وقوله:
(ما ننسخ من
آية أو ننسها 2) نأت
بخير منها أو
مثلها)
(4) وماله مثل أو
جاز أن يعدم
بعد وجوده
فحادث لا محالة
.
___________________________
(1)
النازعات: 24 .
(2) هود: 42 .
(3) الاسراء: 86 .
(4) البقرة: 106 .
________________________________________________
538
7 - وتصديق
ذلك ما أخرجه
شيخنا محمد بن
الحسن بن أحمد
بن
الوليد
رضي الله عنه
في جامعه ،
وحدثنا به ، عن
محمد بن الحسن
الصفار ، عن
العباس
بن معروف ،
قال: حدثني
عبد الرحمن بن
أبي نجران ،
عن حماد
ابن
عثمان ، عن
عبد الرحيم
القصير ، قال:
كتبت على يدي
عبد الملك بن
أعين
إلى أبي عبد
الله عليه
السلام جعلت
فداك ، اختلف
الناس في
أشياء قد كتبت
بها
إليك ، فإن
رأيت جعلني
الله فداك أن
تشرح لي جميع
ما كتبت به
إليك ،
اختلف
الناس جعلت
فداك بالعراق
في المعرفة والجحود
، فأخبرني
جعلت
فداك أهما
مخلوقان ؟
واختلفوا في
القرآن ، فزعم
قوم: أن
القرآن
كلام
الله غير
مخلوق وقال
آخرون: كلام
الله مخلوق ،
وعن
الاستطاعة
أقبل
الفعل أو مع
الفعل ؟ فإن
أصحابنا قد
اختلفوا فيه
ورووا فيه ،
وعن الله
تبارك
وتعالى هل
يوصف بالصورة
أو بالتخطيط ؟
فإن رأيت
جعلني الله
فداك
أن تكتب إلي
بالمذهب
الصحيح من
التوحيد ، وعن
الحركات أهي
مخلوقة
أو غير مخلوقة
؟ وعن الايمان
ما هو ؟ فكتب عليه
السلام على
يدي عبد
الملك
بن أعين: سألت
عن المعرفة ما
هي ، فاعلم رحمك
الله أن
المعرفة
___________________________
(1)
الكهف: 24 .
(2) التوبة: 67 .
________________________________________________
539
من
صنع الله عز
وجل في القلب
مخلوقة ،
والجحود صنع 1)
الله في القلب
مخلوق
، وليس للعباد
فيهما من صنع
ولهم فيهما الاختيار
من الاكتساب ،
فبشهوتهم
الايمان
اختاروا
المعرفة
فكانوا بذلك
مؤمنين
عارفين ،
وبشهوتهم
الكفر
اختاروا
الجحود
فكانوا بذلك
كافرين
جاحدين ضلالا
،
وذلك
بتوفيق الله
لهم وخذلان من
خذله الله ،
فبالاختيار
والاكتساب
عاقبهم
الله وأثابهم
، وسألت رحمك
الله عن القرآن
واختلاف
الناس قبلكم ،
فإن
القرآن كلام
الله محدث غير
مخلوق وغير أزلي
مع الله تعالى
ذكره ،
وتعالى
عن ذلك علوا
كبيرا ، كان
الله عز وجل ولا
شئ غير الله
معروف
ولا
مجهول ، كان
عز وجل ولا
متكلم ولا
مريد ولا
متحرك ولا
فاعل جل
وعز
ربنا ، فجميع
هذه الصفات
محدثة عند
حدوث الفعل
منه ، عز وجل
___________________________
(1)
للعلامة
المحقق
المولى محمد
أمين
الأسترآبادي
، المتوفي سنة
(1033) بمكة
المكرمة .
(2) البلد: 10 .
(3) فصلت: 17 .
________________________________________________
540 - 545
ربنا
، والقرآن
كلام الله غير
مخلوق 1) ، فيه
خبر من كان
قبلكم وخبر ما
يكون
بعدكم انزل من
عند الله على
محمد رسول الله
صلى الله
عليه وآله .
وسألت
رحمك الله عن
الاستطاعة
للفعل 2) فإن الله
عز وجل خلق
العبد
وجعل له الآلة
والصحة وهي
القوة التي
يكون العبد بها
متحركا
مستطيعا
للفعل ، ولا
متحرك إلا وهو
يريد الفعل ،
وهي صفة مضافة
إلى
الشهوة
التي هي خلق
الله عز وجل
مركبة في الانسان
فإذا تحركت
الشهوة
في
الانسان
اشتهى الشئ
فأراده ، فمن
ثم قيل للانسان
مريد ، فإذا
أراد
الفعل
وفعل كان مع
الاستطاعة
والحركة ، فمن
ثم قيل للعبد:
مستطيع
متحرك
، فإذا كان
الانسان
ساكنا غير
مريد للفعل
وكان معه
الآلة وهي
القوة
والصحة
اللتان بهما
تكون حركات
الانسان
وفعله كان
سكونه لعلة
سكون
الشهوة فقيل:
ساكن فوصف
بالسكون ،
فإذا اشتهى
الانسان
وتحركت
شهوته التي
ركبت فيه
اشتهى الفعل
وتحركت
بالقوة المركبة
فيه
واستعمل
الآلة التي
بها يفعل
الفعل فيكون
الفعل منه
عندما تحرك
واكتسبه
فقيل:
فاعل ومتحرك
ومكتسب
ومستطيع ،
أولا ترى أن
جميع ذلك صفات
يوصف
بها الانسان .
________________________________________________
546
وسألت
رحمك الله عن
التوحيد وما
ذهب إليه من
قبلك ، فتعالى
الله
الذي
ليس كمثله شئ
وهو السميع
البصير ،
تعالى الله
عما يصفه
الواصفون
المشبهون
الله تبارك
وتعالى بخلقه
المفترون على
الله عز وجل ،
فاعلم
رحمك
الله أن
المذهب
الصحيح في
التوحيد ما نزل
به القرآن من
صفات
الله
عز وجل ، فانف
عن الله
البطلان
والتشبيه ،
فلا نفي ولا
تشبيه وهو
الله
الثابت
الموجود 1) ،
تعالى الله
عما يصفه الواصفون
، ولا تعد
القرآن فتضل
بعد
البيان .
وسألت
رحمك الله عن
الايمان ،
فالايمان هو
إقرار
باللسان 2)
وعقد
________________________________________________
547
بالقلب
وعمل
بالأركان ،
فالايمان
بعضه من بعض
وقد يكون
العبد
مسلما
قبل أن يكون
مؤمنا ، ولا
يكون مؤمنا
حتى يكون
مسلما ،
فالاسلام
قبل
الايمان وهو
يشارك
الايمان ،
فإذا أتى العبد
بكبيرة من
كبائر
___________________________
(1)
يوسف: 17 .
________________________________________________
548
المعاصي
1) أو صغيرة من
صغائر
المعاصي التي
نهى الله عز
وجل عنها كان
خارجا
من الايمان
وساقطا عنه
اسم الايمان
وثابتا عليه
اسم الاسلام
فإن
تاب
واستغفر عاد
إلى الايمان
ولم يخرجه إلى
الكفر
والجحود
والاستحلال
، وإذا قال
للحلال: هذا
حرام وللحرام:
هذا حلال ودان
بذلك
فعندها
يكون خارجا من
الايمان
والاسلام إلى الكفر
، وكان بمنزلة
رجل
دخل
الحرم ، ثم
دخل الكعبة
فأحدث في
الكعبة حدثا
فأخرج عن
الكعبة
وعن
الحرم فضربت
عنقه وصار إلى
النار .
قال
مصنف هذا
الكتاب: كان
المراد من هذا
الحديث ما كان
فيه من
ذكر
القرآن ،
ومعنى ما فيه
أنه غير مخلوق
أي غير مكذوب
، ولا يعني به
أنه
غير محدث لأنه
قال: محدث غير
مخلوق وغير أزلي
مع الله تعالى
ذكره .
___________________________
(1)
النور: 55 .
(2) أصول
الكافي 2: 285 .
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين
________________________________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
38
1) في
النهاية: في
أسماء الله
تعالى: الواحد
وهو الفرد
الذي لم يزل
وحده
ولم
يكن معه آخر .
قال الأزهري:
الفرق بين
الواحد
والأحد أن
الأحد بني لنفي
ما
يذكر معه من
العدد ، تقول:
ما جاءني أحد .
والواحد اسم
بني لمفتتح
العدد ،
تقول:
جاءني واحد من
الناس ، ولا
تقول جاءني أحد
، فالواحد هو
المتفرد
بالذات
في
عدم المثل
والنظير ،
والأحد
المتفرد بالمعنى
. وقيل: الأحد
هو الذي لا
يتجزى
ولا
يقبل
الانقسام ولا
نظير له ولا
مثل له ، ولا
يجمع هذين
الوصفين إلا
الله تعالى (1) .
وتمام
الفرق بينهما
سيأتي إن شاء
الله تعالى في
شرح الأسماء
الحسنى .
2) معنى
الصمد:
المصمود إليه
في الحاجات ،
أي: المقصود
إليه فيها ،
فهو الذي
لا
جوف له .
وقال
الباقر عليه
السلام: هو
السيد المطاع
. وقال علي بن
الحسين
عليهما
السلام: معناه
الذي
لا
شريك له ولا
يؤوده حفظ شئ
، ولا يعزب
عنه شئ (2) .
3) غاية الشئ
مداه ومنتهاه
، والمراد هنا
المعنى الأول
، أي: لا مدة له
في
جانب
الأزل يكون
ابتداء وجوده
، كما في غيره
من الممكنات .
4) أي:
المستمر
الوجود .
5) أي ليست
حياته زائدة
على ذاته ، بل
ذاته منشأ حياته
ولا بحياة
استفادها
عن
غيره .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
39
1) أي أنه أمر
العباد
بالعدل
والانصاف ،
وعاملهم
بالفضل ، كما
قيل في
الدعاء:
رب عاملنا
بفضلك ولا
تعاملنا
بعدلك .
2) أي الحكم
الفاصل بين
الحق والباطل
، بأن ميز أحدهما
عن الآخر ،
ولم
يترك
الخلق في شبهة
منهما .
3) الاعتقاب
الحبس والمنع
، أي: لا يقدر
أحد أن يمنع
ما حكم به عن
مجاري
النفاذ ، أو
من التعاقب
بمعنى
التناوب ،
لأنه لا ينوبه
أحد في الحكم
، كما
يتناوب
المتعاقبان .
4) وما ورد من
أن الصدقة ترد
القضاء
المبرم (1) ، وكذلك
الدعاء
وأضرابه ،
فهو
راجع إليه ،
لأنه الذي
جعلها رادة
للقضاء ، أو
المراد
القضاء
الحتمي الذي
كملت
شرائطه
واستجمعت
أسبابه .
5) هذا القول
إلى آخره كما
يفهم من
الاخبار عبارة
عن تعلق
الإرادة
الحتمية
، وإلا فلا
كلام ولا قول
كن ، والحمل
على ظاهره
ممكن أيضا .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
40
1) قدم الصفة
الأولى لأنها
أشرف وأجل من
الأخرى ، وذلك
أن العبودية
حالة
ورابطة نسبية
بين الله
تعالى وبين
نبيه ، ولا لشئ
(1) من طرفها
نسبة إلى
الخلق
بخلاف
الرسالة ، فإن
طرفها الآخر
حالة بينه صلى الله
عليه وآله
وبين من ارسل
إليهم ،
فمن
ثم اقتصر
عليها جل
جلاله في مقام
العز والثناء
على نبيه في
قوله (سبحان
الذي
أسرى بعبده
ليلا من
المسجد
الحرام إلى المسجد
الأقصى) (2) .
2) الغر جمع
الأغر من
الغرة ، وهو
بياض الوجه ،
مستعار من غرة
الفرس .
والمراد
من المحجلين
بيض الأيدي
والاقدام من
أنوار الوضوء
، كما ورد في
الحديث:
إن المؤمنين
يأتون إلى
عرصات القيامة
يستضيئون من
ظلماتها
بأنوار
الوضوء
الظاهرة على
وجوههم
وأيديهم
ومقاديم
رؤوسهم ، وهو عليه
السلام يكون
قائدهم
إلى طريق
الجنة (3) .
3) ليس
المراد من
الفقه هنا
العلم
بالأحكام الشرعية
الفرعية عن
أدلتها
التفصيلية
، فإنه معنى
مستحدث ، بل
المراد منه
تعلم الأحكام
الشرعية من
النصوص
والاخبار ، لا
من
الاستنباطات
الحادثة ،
فإنها أوفق
بمذاهب القوم
للاضطرار
إليها من حيث
أنه ليس لهم
من النصوص ما يفي
بالأحكام ،
فمن ثم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
41
عملوا
بالقياس
والاستحسان
وأدلة العقل .
وقال
بعض الاعلام:
المراد
بالفقه في
الاعصار السابقة
البصيرة في
أمر
الدين
، وأكثر ما
يأتي في
الحديث بهذا
المعنى ، والفقيه
هو صاحب هذه
البصيرة ،
وإليه
أشار النبي صلى الله
عليه وآله
بقوله: لا
يفقه العبد كل
الفقه حتى
يمقت الناس في
ذات الله ،
وحتى
يرى للقرآن
وجوها كثيرة ،
ثم يقبل على
نفسه ، فيكون
لها أشد مقتا (1) .
ثم
هذه البصيرة: إما
موهبية ، وهي
التي طلبها
النبي صلى
الله عليه
وآله لعلي عليه
السلام حين
أرسله
إلى اليمن
بقوله: اللهم
فقهه في الدين
. أو كسبية ،
وهي التي أشار
إليها
أمير
المؤمنين عليه
السلام حيث
قال لولده
الحسن عليه
السلام:
وتفقه يا بني
في الدين (2) .
وفي
كلام بعض
المحققين: أن
اسم الفقه في
العصر الأول
إنما كان يطلق
على
علم الآخرة ،
ومعرفة دقائق
آفات النفوس ومفسدات
الاعمال ،
وقوة
الإحاطة
بحقائق
الدنيا وشدة
التطلع إلى
نعيم الآخرة ،
واستيلاء
الخوف على
القلب
، ويدل عليه
قوله تعالى
(فلولا نفر من
كل فرقة منهم
طائفة
ليتفقهوا في
الدين
ولينذروا
قومهم إذا
رجعوا إليهم) (3)
فقد جعل العلة
الغائية من
الفقه
الانذار
والتخويف ،
ومعلوم أن ذلك
لا يترتب إلا
على هذه
المعارف ، لا
على معرفة
فروع
الطلاق
والمساقاة
والسلم
وأمثال ذلك .
أقول:
لا يخفى ما
فيه ، وذلك أن
علم الفروع
كالطلاق
ونحوه من جملة
العلوم
المأمور بها
الواجبة
معرفتها ، وقد
دخلت تحت
الانذار
والتخويف .
وقوله
صلى الله
عليه وآله في
الدعاء لعلي عليه
السلام:
اللهم فقهه في
الدين .
المراد منه
الفروع وباقي
ما
يتوقف عليه
أمور الدين ،
لأنه أرسله
للقضاء ونحوه
. وكذلك قوله عليه
السلام:
وتفقه يا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
42
بني
في الدين .
المراد منه ما
قلناه ، بل
يمكن أن يقال:
إن الثواب
المترتب على
معرفة
هذه الفروع
ونحوها مما
يقتفي آثاره
بعد العلماء
هو الذي فضل
مداد
العلماء
على دماء
الشهداء ، لان
الشهيد ما نجى
الا نفسه ،
ومداد العالم
جرى نفعه
في
حياته وموته .
1) إشارة إلى
ما روي من
قوله عليه
السلام:
حديثنا
كالقرآن فيه
عام وخاص
ومجمل
ومبين
ومحكم
ومتشابه وأمر
ونهي (1) . فلو
قابلوا ألفاظ
الاخبار
بألفاظ
القرآن
لما
طعنوا على
مذهبنا ،
ولظهر لهم أن
في القرآن من
المتشابه
الذي ظاهره
التشبيه
والجبر
كثيرا ، كقوله
عز وجل (يد
الله فوق أيديهم)
(2) وقوله
(الرحمن على
العرش
استوى) (3) ونحو
ذلك ، وقوله
(قل كل من عند
الله) (4) وقوله
(يضل
من
يشاء ويهدي من
يشاء) (5) . وغير
ذلك مما ظاهره
الجبر ، مع أن
اشتمال
القرآن
عليه لا يقدح
في حقيته (6) ،
للاجماع من
الكل على أن
المراد منها
غير
الظاهر
، فترد إلى
المحكم منه ،
كما قال: { منه آيات
محكمات هن أم
الكتاب
واخر
متشابهات } (7)
فالمحكم أصل
وأم للمتشابه
يحكم عليه بها
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 43
فان
قلت: اشتمال
القرآن على ما
ظاهره الجبر
والتشبيه وما
لا يفهم الوجه
فيه
ظاهر
، حيث أن
المخاطب به
النبي وأهل
بيته المعصومين
عليهم
السلام ، وقد
أوحى إليهم
تفاصيل
علمه من طرق
شتى . أما
الاخبار ،
فالمخاطب بها
عامة الخلق ،
فما
الوجه
في اشتمالها
على الأمور
المذكورة مع
ما يترتب عليه
من المفاسد
المذكورة
في
كلام المصنف رحمه الله
؟
قلت:
الجواب عن هذا
من وجوه:
الأول:
أن خطاب الشرع
ليس منحصرا في
الأحكام التكليفية
العملية ،
بل
هي شاملة لها
ولاحكام
الاعتقاد
والتسليم والاذعان
، فإذا جاء
الخبر متشابه
المعنى
لم يجز رده
وانكاره ، بل
ينبغي
التسليم والانقياد
، وارجاع
تفاصيل
حقائقه
إلى تراجمة
الوحي عليهم
السلام ،
لأنهم أعلم
بما قالوا ،
ويكون الراد
علمه إليهم
على
طريق التسليم
مأجورا عليه ،
كما يكون مثابا
على الاحكام
العملية ، بل
هذا
أوفر حظا
وثوابا ، حيث
أن مدارج
العقول لا تصل
إليه ، ومن ثم
نص جماعة
من
أرباب
التحقيق على
أن مناسك الحج
، كالطواف
والسعي ورمي
الجمرات إلى
غير
ذلك مما لا
تحيط العقول
بكنه حقائقها
يكون الثواب
على أدائها
أكثر مما
تصل
إليه الافهام
والعقول ،
لأنه تعبد محض
خال من معاونة
العقول
والعادات ،
وغرض
الشارع من
تكليف العباد
جزاؤهم
بالثواب .
الثاني:
أن الاخبار
التي وصلت
إلينا
متشابهة ربما
لم تكن كذلك
عند
المخاطبين
بها ، لان
قرائن الحال
والمقال مما
يكشف الإجمال
ويزيل
الاعضال
، ومن راجع
الاخبار يجد
أكثر متشابهاتها
من هذا المقال
.
الثالث:
أنهم عليهم
السلام
أوضحوا
الأصول
وبينوا
الفروع ،
ووضعوا قوانين
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
44
الشريعة
، فإذا ألقوا
إلى الناس ما
لعله لا يوافق
تلك القولين
ظاهرا ربما
كان
الغرض
منه تكليف
المجتهدين
برد هذا إلى
ذاك ، ليفوزوا
بأجر هذا
الاجتهاد ،
كما
قال عليه
السلام:
علينا أن نلقي
إليكم الأصول
وعليكم أن
تفرعوا عليها
(1) وما ذكر ناه
ضرب
من التفريع .
الرابع:
ان طوائف أهل
الخلاف لما
قال بعضهم بالجبر
وبعضهم
بالتشبيه
وتفرقت
آراؤهم ، ربما
كان الوجه
فيما كان ظاهره
الموافقة لهم
من الاخبار
رعاية
أطراف التقية:
إما تقية من
الأئمة الطاهرين
عليهم
السلام ،
وإما اتقاء
على
شيعتهم
لئلا يعرفوا
بكونهم على
طرف الخلاف من
العامة ، كما
قال الصادق
عليه السلا م:
أنا
الذي خالفت
بينهم في بيان
أوقات
الصلوات لئلا
يعرفوا
بالاتفاق على
الوقت
الواحد
فيؤخذ
برقابهم (2) .
الخامس:
أن أفصح
الكلام ما
اشتمل على
المجازات
والاستعارات
وأنواع
الكنايات ،
ومن تصفح
الاخبار
المتشابهة
وحملها على
ضروب المجاز
أمكنه
التوافق
بينها وبين
المحكمات ،
وقد ذكر مثل
هذا الشيخ طاب
ثراه في
التبيان
في الجواب عن
متشابه
القرآن ، وهذا
لفظه:
فإن
قيل: هلا كان
القرآن كله
محكما يستغني
بظاهره عن تكليف
(3) ما
يدل
على المراد
منه ، حتى دخل
على كثير من
المخالفين
للحق شبهة فيه
، وتمسكوا
بظاهره
على ما
يعتقدونه من
الباطل ؟
قيل:
الجواب عن ذلك
من وجهين:
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 45
أحدهما:
أن خطاب الله
تعالى مع ما
فيه من الفوائد
لمصلحة
معتبرة في
ألفاظه لا
يمتنع
أن تكون
المصلحة
الدينية
تعلقت بأن يستعمل
له ألفاظه
محتملة ويجعل
الطريق
إلى معرفة
المراد به
ضربا من
الاستدلال ،
ولهذه العلة
أطال في موضع
واختصر
في آخر ، وذكر قصة
في موضع
وأعادها في
موضع آخر ،
واختلفت
أيضا
مقادير
الفصاحة فيه .
والجواب
الثاني: أن
الله تعالى
إنما خلق عباده
تعريضا
لثوابه ،
وكلفهم
لينالوا
أعلى
المراتب
وأشرفها ، ولو
كان القرآن
كله محكما لا
يحتمل
التأويل ولا
يمكن
فيه
الاختلاف
لسقطت المحنة
وبطل التفاضل
وتساوت
المنازل ، ولم
تبن منزلة
العلماء
من غيرهم ،
فأنزل الله
القرآن بعضه متشابها
ليعمل أهل
العقل
أفكارهم ،
ويتوصلوا
بتكليف
المشاق
وبالنظر
والاستدلال
إلى فهم
المراد ،
فيستحقوا به
عظيم
المنزلة
وعالي الرتبة
انتهى (1) .
والجواب
الأول جار هنا
أيضا ، ومن ثم
حكي عن السيد
المرتضى
وطائفة من
القدماء
أنهم حكموا
على الأخبار
الواردة في باب
طينة المؤمن
والكافر ، من
أن
أحدهما
من عليين
والأخرى من
سجين ، ونحو
ذلك مما ظاهره
الجبر ونفي
الاختيار
، بأنها
محمولة على
طريق المجاز
والاستعارة ،
كما سيأتي
تحقيقه في
هذا
الكتاب إن شاء
الله تعالى .
السادس:
أن أكثر تلك
الأخبار من
باب إخبار الآحاد
التي لا توجب
علما ولا
ظنا
. وهذا الجواب
قاله ابن
إدريس رحمه
الله في رد
تلك الأخبار
التي ظاهرها
الجبر
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
46
والتشبيه
. وبالجملة
فالأجوبة عن
مثل هذا
متكثرة جدا
كما لا يخفى .
باب
ثواب
الموحدين
والعارفين
1) إعلم أن
أسانيد
الأخبار
المذكورة في
هذا الكتاب
وإن كان
أكثرها غير
نقي
بالاصطلاح
الجديد ، لكن
هذا لا يقدح
فيها من وجوه:
منها:
أنها صحيحة
باصطلاح
المتقدمين ،
فإن الصحيح
عندهم ما تكرر
في
كتب الأصول
الأربعمائة ،
أو الكتب ، أو
ما قامت لهم
قرينة على
صحته
وصدوره عن
الإمام عليه
السلام ، وإن
كان رواته
فاسدي
العقيدة ،
سيما
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
47
الاخبار
التي يرويها
الصدوق طاب
ثراه في
مؤلفاته ،
فإنه يتعهد
بوضوح
أسانيدها
عنده .
ومنها:
أن أكثر هذه
الروايات
الواردة في
الأصول
مأخوذة من
كلام سيد
الموحدين
عليه
السلام ،
وطبقات
فصاحتها شاهد
عدل على صحتها
، وان وصلت
الينا
على
طريق الارسال
.
ومنها:
أن الاخبار
المروية في
هذا الكتاب
أكثرها موافق
لما في الكافي
،
وهي
هناك مذكورة
بالطرق
المعتبرة ،
فلا يضرها
أنها غير
صحيحة بطريقة
المجتهدين
.
1) يعني: في
كلمات
التوحيد ، أو
مطلق الكلام
والعبارة ،
وذلك أنها أول
كلمة
وردت في
التوحيد ،
وأجل لفظة
أحاطت بطرفيه
الايجاب
والسلب .
وبيانه:
أن التوحيد
المحقق والاخلاص
المطلق لا
يتحقق إلا
بنقص كلما
عداه
تعالى عنه ،
وتنزيهه عن كل
لا حق له ، وهذا
المقام يسمى
عند أهل
العرفان
مقام
التخلي ،
أعني: غسل درن
الخاطر عما
سواه تعالى ،
وما لا يتحقق
الشئ إلا
به
يكون اعتباره
مقدما على
اعتباره ، فمن
ثم وجب تقديم
هذا الجزء
السلبي ،
وإذا
أتى بعده
الايجاب يكون
قد تخلى به
بعد أن تخلى
عن غيره .
ووجه
آخر: وهو أن
هذه الكلمة
العالية قد
دلت على إثبات
التوحيد له عز
شأنه
من حيث الذات
لا من جهة
الصفات ، لان
قولك (لا إله
إلا الخالق)
ربما
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 48
أوهم
إثباتها له من
حيث هذا الوصف
، وكذلك بقية
الصفات ، ومن
أجل أن
التوحيد
لا يتم إلا
بهذين
الجزءين ،
أعني: الايجابي
والسلبي كان
الواجب في
مقام
الاقرار
بالرسالة
مثله ، وذلك
أن تقول جازما:
أنه لا رسول
إلا محمد صلى
الله عليه
وآله ،
فتخلع
عنك نبوة من
ادعاها في
عصره وبعده ،
وكذلك الإمامة
، لان الايمان
لا يتم
إلا
بها ، وحينئذ
فالواجب أن
تعتقد اذعانا
وتلفظ قولا
بأنه لا ولي
إلا علي بن
أبي
طالب
، ولا وصي
لرسول الله صلى الله
عليه وآله
ولا خليفة له
إلا هو ،
فتتخلى من كل
من ادعى
مقامه
من أبي بكر وعمر
وفلان
وأضرابهم ،
وتتخلى
بإيجاب حبه وولايته
، فمن
زعم
أن عليا عليه
السلام إمام
ولا يبرأ (1) ممن
عانده على
مقامه ، بل
يقول: أن عليا
إمام
وأبا بكر امام
وعمر امام ،
يكون كمن قال: أن
محمدا صلى
الله عليه
وآله رسول
الله ومسيلمة
رسول
الله ، فكما
لا ينفع إيمان
هذا ، كذلك لا
يجدي تصديق
ذلك .
فظهر
لك من هذا
التحقيق أن
سائر الفرق
غير هذه
الفرقة
الناجية كلهم
مشركون
من حيث لا
يشعرون ، وأنه
لا إيمان لاحد
سوى هذه
الطائفة
المحقة
. وهذا
التحقيق مما
عثرت عليه من
كلام المصنف
تغمده الله
برحمته في
مباحثات
جرت بينه وبين
علماء
الجمهور في
مجالس بعض
الملوك لما
سأله عن
إيجاب
الشيعة لعن من
تقدم على أمير
المؤمنين عليه
السلام ، مع
أنه لا مدخل
له في
حقيقة
الايمان .
بقي
الكلام في أن
جماعة من أهل
العربية لما
أشكلت عليهم
الحال في
تقدير
الخبر أهو
موجود أو ممكن
، ولزوم المحذور
على كل من التقديرين
التجأوا
إلى القول
بأنها دالة
على التوحيد في
اصطلاح الشرع
لا في عرف
اللغة ،
وقد
أجبنا عن هذا
في حاشيتنا
على شرح عبد
الرحمن
الجامي على
الكافية بما
حاصله:
أن الخبر الذي
ينبغي تقديره
هذا هنا حق ،
يعني: لا إله
حق إلا الله ،
لان
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
49
غيره
مما ادعي له
الألوهية
كلها باطلة ،
فلا محذور
حينئذ . وذكر
شيخنا المحقق
علي
بن محمد بن
الحسن أبقاه
الله تعالى أن
(إلا) هنا
بمعنى (غير)
ولا يخفى
أن
ما قلناه أوضح
من وجوه لا
تخفى .
1) يجوز أن
يكون معناه أن
هذه الكلمة
أحسن أجزاء
العبادة ،
لاشتمال
الصلاة
وأغلب
العبادات
عليها ، ويجوز
أن يكون معناه
أنها أفضل من
سائر
العبادات
، لأنها أصل
لها والأصل
أفضل من فرعه .
2) هذا راجع
إلى ما قدمناه
(1) من أن هذه
الكلمة أعلى
كلمة (2)
التوحيد ،
لدلالتها
صريحا على نفي
الشريك ،
ولأنها ناصة
بطريق الحصر
على اثبات
الإلهية
له تعالى
ولعلي عليه
السلام
بالإمامة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
50
1) يدخل في
قوله (ما
افترض عليه)
القول بإمامة
باقي الأئمة عليهم
السلام ، أو
لان
القول الصادق
لعلي عليه
السلام
بالإمامة
يستلزم القول
بإمامة
الأئمة صلوات
الله
عليهم
، لأنه الناص
على إمامتهم
والمخبر عنها
، ولعل الأول
هو الأظهر .
2) اعلم أن
الآيات
والاخبار
وأقوال علماء
الاسلام قد
اختلفت ظاهرا
في
من
يستحق دخول
النار ، وفي
من يخلد فيها
، وفي من يدخلها
ثم يخرج منها .
وحيث
أنها من
الأصول
العامة
البلوى ، فلا
بأس باطلاق
عنان القلم في
تحقيق
نبذة منها
بنقل كلام
الفريقين ، ثم
ترجيح الراجح
منهما .
قال
العلامة طاب
ثراه في شرحه
على التجريد:
أجمع
المسلمون
كافة
على
أن عذاب
الكافر مؤبد
لا ينقطع ،
واختلفوا في
أصحاب
الكبائر من
المسلمين
، فالوعيدية
على أنه كذلك
، وذهبت الإمامية
وطائفة كثيرة
من
المعتزلة
والأشاعرة
إلى أن عذابه
منقطع .
والحق
أن عقابهم
منقطع لوجهين:
الأول: أنه
يستحق الثواب
بايمانه ،
لقوله
تعالى
فمن يعمل
مثقال ذرة
خيرا يره (1)
والايمان
أعظم أفعال
الخير ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
51
فإذا
استحق العقاب
بالمعصية:
فإما أن يقدم
الثواب على
العقاب ، وهو
باطل
بالاجماع
، لان الثواب
المستحق
بالايمان دائم
على ما تقدم ،
أو بالعكس ،
وهو
المراد
، والجمع محال
. الثاني يلزم
أن يكون من
عبد الله
تعالى مدة
عمره بأنواع
القربات
إليه ، ثم عصى
في آخر عمره
معصية واحدة
مع بقاء
ايمانه مخلدا
في النار ،
كمن
أشرك بالله
مدة عمره ،
وذلك محال
لقبحه عند
العقلاء (1) .
ثم
قال: المحارب
لعلي عليه
السلام كافر
، لقول النبي صلى الله
عليه وآله: حربك
يا علي حربي .
ولا
شك في كفر من
حارب النبي صلى الله
عليه وآله .
وأما مخالفوه
في الإمامة ،
فقد اختلف قول
علمائنا
فيهم ، فمنهم
من حكم بكفرهم
، لأنهم دفعوا
ما علم ثبوته
من الدين
ضرورة
، وهو النص
الجلي الدال
على إمامته مع
تواتره ، وذهب
آخرون إلى
أنهم
فسقة
، وهو الأقوى .
ثم اختلف
هؤلاء على
أقوال ، منها: أنهم
مخلدون في
النار
لعدم
استحقاقهم
الجنة . ومنها:
أنهم يخرجون
من النار [إلى
الجنة . ومنها:
أنهم
يخرجون
من النار] (2)
لعدم الكفر
الموجب
للخلود ، ولا
يدخلون الجنة
لعدم
الايمان
المقتضي
لاستحقاق
الثواب (3) .
وقال
أيضا في شرح
الياقوت: أما
دافعوا النص ،
فقد ذهب أكثر
أصحابنا إلى
تكفيرهم
، ومن أصحابنا
من يحكم
بفسقهم خاصة ،
ثم اختلف
أصحابنا في
حكمهم
في الآخرة ،
فالأكثرون
قالوا
بتخليدهم ،
وفيهم من قال
بعدم الخلود ،
وذلك:
إما بأن
ينقلوا إلى
الجنة ، وهو
قول شاذ عنده
، أو لا
اليهما ،
واستحسنه
المصنف
(4) . هذا كلام
الخاصة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
52
وأما
العامة ، فقال
شارح المقاصد:
اختلف أهل الاسلام
في من ارتكب
الكبيرة
من المؤمنين
ومات قبل
التوبة ، فالمذهب
عندنا عدم
القطع بالعفو
ولا
بالعقاب
، بل كلاهما
في مشيئة الله
تعالى ، لكن
على تقدير
التعذيب نقطع
بأنه
لا
يخلد في النار
، بل يخرج
البتة لا
بطريق الوجوب
على الله
تعالى ، بل
بمقتضى
ما
سبق من الوعد
ثبت بالدليل ،
كتخليد أهل
الجنة ، وعند
المعتزلة
القطع
بالعذاب
الدائم
من غير عفو
ولا اخراج من
النار .
وما
وقع في كلام
البعض من أن
صاحب الكبيرة
عند المعتزلة
ليس في الجنة
ولا
في النار ،
فغلط نشأ من
قولهم إن له
المنزلة بين
المنزلتين ،
أي: حاله غير
الايمان
والكفر .
وأما
ما ذهب إليه
مقاتل بن
سليمان وبعض
المرجئة من أن
عصاة
المؤمنين
لا
يعذبون أصلا
وإنما النار
للكفار ،
تمسكا
بالآيات الدالة
على اختصاص
العذاب
بالكفار مثل
إنا قد أوحي
الينا أن العذاب
على من كذب
وتولى (1)
ان
الخزي اليوم
والسوء على
الكافرين (2)
فجوابه تخصيص
ذلك العذاب
بما
يكون على سبيل
الخلود .
وأما
تمسكهم بمثل
قوله عليه
السلام: من قال
لا إله إلا
الله دخل
الجنة وان زنا
وان
سرق
. فضعيف ، لأنه
إنما ينفي
الخلود لا
الدخول ، لنا
وجوه:
الأول:
وهو العمدة
الآيات
والأحاديث
الدالة على أن
المؤمنين
يدخلون
الجنة
البتة ، وليس
ذلك قبل دخول
النار وفاقا ،
فتعين أن يكون
بعده ، وهو
مسألة
انقطاع
العذاب ، أو
بدونه وهو
مسألة العفو
التام ، قال
الله تعالى
فمن يعمل
مثقال
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
53
ذرة
خيرا يره (1) ومن
عمل صالحا من
ذكر أو أنثى
وهو مؤمن
فأولئك
يدخلون
الجنة (2) وقال
النبي صلى
الله عليه
وآله: من قال
لا إله إلا
الله دخل
الجنة (3) .
وقال:
من مات لا
يشرك بالله
شيئا دخل
الجنة وإن زنا
وإن سرق (4) .
الثاني:
النصوص
المشعرة
بالخروج من
النار ، كقوله
تعالى (النار
مثواكم
خالدين
فيها إلا ما
شاء الله) (5) (فمن
زحزح عن النار
وادخل الجنة
فقد
فاز)
(6) وكقول النبي صلى الله
عليه وآله:
يخرج من النار
قوم بعد ما
امتحشوا - أي:
احترقوا
وصاروا
فحما وحمما -
فينبتون كما
تنبت الحبة في
حميل السيل (7) .
وخبر
الواحد
وان لم يكن
حجة في الأصول
لكن يفيد التأييد
والتأكيد
بتعارض
النصوص
.
الثالث:
وهو على قاعدة
الاعتزال ، أن
من واظب على
الايمان
والعمل
الصالح
مائة سنة ،
وصدر عنه في
أثناء ذلك أو
بعده جريمة
واحدة ، كشرب
جرعة
من الخمر ،
فلا يحسن من
الحكمة أن
يعذبه على ذلك
أبد الآباد ،
ولو لم
يكن
هذا ظلما فلا
ظلم ، أو لم
يستحق بهذا
ذما فلا ذم .
الرابع:
أن المعصية
متناهية
زمانا ، وهو
ظاهر وقدرا
لما يوجد من
معصية .
أشد
منها ،
فجزاؤها يجب
أن تكون
متناهيا تحقيقا
لقاعدة العدل
، بخلاف الكفر
فإنه
لا يتناهى
قدرا وان
تناهى زمانا .
واحتجت
المعتزلة
بوجوه:
الأول:
الآيات
الدالة على
الخلود
المتناولة للكافر
وغيره ، كقوله
تعالى ومن
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
54
يعص
الله ورسوله
فان له نار
جهنم خالدين
فيها أبدا) (1)
وقوله تعالى
(ومن
يقتل
مؤمنا متعمدا
فجزاؤه جهنم
خالدا فيها) (2) وقوله
(وأما الذين
فسقوا
فمأواهم
النار كلما
أرادوا أن
يخرجوا منها أعيدوا
فيها) (3) ومثل
هذا مسوق
للتأييد
ونفي الخروج ،
وقوله (وإن
الفجار لفي جحيم
× يصلونها يوم
الدين ×
وما
هم عنها
بغائبين) (4)
وعدم الغيبة
عن النار خلود
فيها ، وقوله
(ومن يعص
الله
ورسوله ويتعد
حدوده يدخله
نارا خالدا فيها)
(5) وليس المراد
تعدي
جميع
الحدود
بارتكاب
الكبائر كلها
تركا واتيانا
، فإنه محال
لما بين البعض
من
التضاد
، كاليهودية
والنصرانية
والمجوسية ،
فحمل على مورد
الآية من حدود
المواريث
، وقوله (بلى
من كسب سيئة
وأحاطت به خطيئته
فأولئك أصحاب
النار
هم فيها
خالدون) (6) .
والجواب:
بعد تسليم كون
الصيغ للعموم
أن العموم غير
مراد في الآية
الأولى
، للقطع بخروج
التائب
وأصحاب
الصغائر ،
وصاحب
الكبيرة
الغير
المنصوصة
إذا أتى بعدها
بطاعات تربي
ثوابها على
عقوباتها ،
فليكن مرتكب
الكبيرة
من المؤمنين
أيضا خارجا
مما سبق من الآيات
والأدلة .
وبالجملة
فالعام
المخرج منه
البعض لا يفيد
القطع وفاقا ،
ولو سلم فلا
نسلم
تأبيد
الاستحقاق ،
بل هو مغيا
بغاية رؤية
الوعيد ،
لقوله بعده
حتى إذا رأوا
ما
يوعدون
ولو سلم
فغايته
الدلالة على
استحقاق العذاب
المؤبد لا على
الوقوع
كما
هو المتنازع
لجواز الخروج
بالعفو .
وعن
الثانية: بأن
معنى معتمدا
مستحلا فعله
على ما ذكره
ابن عباس ، إذ
التعمد
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
55
على
الحقيقة إنما
يكون من
المستحل ، أو
بأن التعليق
بالوصف يشعر
بالعلية (1) ،
فتختص
بمن قتل
المؤمن
لايمانه ، أو
بأن الخلود
وإن كان ظاهرا
في الدوام ،
فالمراد
ها هنا المكث
الطويل جمعا
بين الأدلة .
وعن
الثالثة:
بأنها في حق
الكافرين
المنكرين للحشر
، بقرينة قوله
(ذوقوا
عذاب
النار الذي
كنتم به
تكذبون) (2) مع ما
في دلالتها
على الخلود من
المناقشة
الظاهرة ،
لجواز أن
يخرجوا عند
عدم ارادتهم
الخروج
باليأس أو
الذهول
، أو نحو ذلك .
وعن
الرابعة: بعد
تسليم
إفادتها
النفي عن كل فرد
ودلالتها على
دوام عدم
الغيبة
أنها تختص
بالكفار ،
جمعا بين
الأدلة . وكذا
الخامسة
والسادسة
حملا
للحدود
على حدود
الاسلام ،
ولإحاطة
الخطيئة على
غلبتها ، بحيث
لا ينفي معها
الايمان
، هذا مع ما في
الخلود من
الاحتمال (3) .
ثم
قال في بحث
آخر: لا خلاف
في أن من آمن
بعد الكفر
والمعاصي ،
فهو
من
أهل الجنة
بمنزلة من لا
معصية له ومن
كفر - نعوذ
بالله - بعد
الايمان
والعمل
الصالح ، فهو
من أهل النار
بمنزلة من لا
حسنة له .
وإنما الكلام
في من
آمن
به وعمل صالحا
وآخر سيئا
واستمر على
الطاعات
والكبائر ،
كما يشاهد
من
الناس ،
فعندنا مآله
إلى الجنة ولو
بعد النار ،
واستحقاقه
للثواب
والعقاب
بمقتضى
الوعد
والوعيد ثابت
من غير حبوط .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
56
والمشهور
من مذهب المعتزلة
أنه من أهل
الخلود في
النار إذا مات
قبل التوبة ،
فأشكل
الامر عليهم
في إيمانه
وطاعاته وما
يثبت من
استحقاقاته
أين طارت ؟
وكيف
زالت ؟ فقالوا
بحبوط
الطاعات ،
ومالوا إلى أن
السيئات
يذهبن
الحسنات
، حتى ذهب
الجمهور منهم
إلى أن الكبيرة
الواحدة تحبط
ثواب جميع
العبادات
، وفساده ظاهر
. أما سمعا ،
فللنصوص الدالة
على أن الله
تعالى لا يضيع
أجر
من أحسن عملا
وعمل صالحا .
وأما عقلا ،
فللقطع بأنه
لا يحسن من
الحكيم
الكريم ابطال
ثواب إيمان
العبد ومواظبته
على الطاعات
طول العمر
بتناوله
لقمة من الربا
، أو جرعة من
الخمر ، ثم أطنب
في الكلام (1) .
هذا
محصل كلام
المحققين من
المتكلمين من
طرف الخاصة
والعامة .
والذي
يقتضيه الجمع
بين الآيات
والاخبار أن الكفار
مخلدون في
النار ،
والمراد
بهم
من أنكر شيئا
من ضروريات
دين الاسلام ،
كتحريم الزنا
والخمر
والربا ،
واستحلال
ترك الصلاة
والزكاة ونحو
ذلك ، لا من
أنكر مجمعا
عليه من غير
أن
يصل
إلى حد
الضرورة ، فان
بعض العلماء
وان جزم بكفره
إلا أن اتباعه
عليه لا
يخلو
من اشكال ،
لان طائفة من
المحدثين
تكلموا على
مثل ذلك
الاجماع
وعلى
حجيته ،
وقالوا: إن
منكر أصل ذلك
الاجماع غير
كافر ولا فاسق
، فكيف
يكفر
من أنكر الحكم
المجمع عليه
المدلول عليه
بذلك الاجماع
. وبالجملة
فالكافر
بما ذكرناه
مخلد في النار
لا يخفف عنه
العذاب ، بل
يضاعف عليه
ويخلد
فيه
مهانا .
وما
يحكى عن بعض
طوائف
المسلمين
وشذاذ من الصوفية
بأنه لا خلود
في
النار لاحد ،
بل الواجب في
العدل بزعمهم
أن يعذب
الكفار على
قدر
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
57
استحقاق
عذابهم ، ثم
يخرجون من
النار وتبقى خالية
، وتأولوا على
هذا حديثا
رووه
عنه عليه
السلام أنه
قال: سيأتي
على جهنم زمان
تصطفق
أبوابها من
خلوها .
وحملوا
عليه ما روي
أيضا من قوله عليه
السلام:
سيأتي على
جهنم زمان
ينبت في قعرها
الجرجير
. مصادم
للكتاب
والسنة
واجماع المسلمين
، فلا يعبأ به
، والحديث
الثاني
غير مناف
للمشهور ،
والأول لم
يثبت .
نعم
ذهب شيخنا
المعاصر (1) -
أبقاه الله
تعالى - إلى أن
المستضعفين
من
الكفار
، كنواقص
العقول ومن لم
تقم عليه
الحجة ولم يقصر
في الفحص
والنظر ،
وكأغلب
النساء منهم
ممن يرجون
لأمر الله:
إما أن يعذبهم
، وإما أن
يتوب
عليهم
. وهذا وإن كان
خلاف الاجماع
إلا أن في الروايات
اشعارا به ،
وقواعد
أهل
العدل لا
يأباه .
وأما
طوائف أهل
الخلاف على
هذه الفرقة
الامامية ،
فالنصوص
متظافرة
في
الدلالة على
أنهم مخلدون
في النار ،
وان اقرارهم
بالشهادتين
لا
يجديهم
نفعا الا في
حقن دمائهم
وأموالهم واجراء
أحكام
الاسلام
عليهم .
روى
عنه صلى
الله عليه
وآله أنه
قال: ولاية
أعداء علي
ومخالفة علي
سيئة لا ينفع
معها
شي
إلا ما ينفعهم
بطاعاتهم في
الدنيا
بالنعم
والصحة والسعة
، فيردوا
الآخرة ولا
يكون
لهم إلا دائم
العذاب . ثم
قال: ان من جحد
ولاية علي عليه
السلام لا
يرى بعينه
الجنة
أبدا إلا ما
يراه مما يعرف
به أنه لو كان
يواليه لكان
ذلك محله
ومأواه ،
فيزداد
حسرات
وندامات (1) .
وروى المحقق
الحلي في آخر
السرائر
مسندا إلى
محمد
بن عيسى قال:
كتبت إليه
أسأله عن
الناصب هل
احتاج في
امتحانه إلى
أكثر
من
تقديمه الجبت
والطاغوت
واعتقاد
امامتهما ؟
فرجع الجواب:
من كان على
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
58
هذا
فهو ناصب (1) .
وروى المصنف
طاب ثراه في
كتاب العلل:
أن الناصب من
كره
مذهب
الإمامية (2)
ولا شك أن
جلهم بل كلهم
ناصب
بالمعنيين ،
وتواترت
الاخبار
وانعقد
الاجماع على
أن الناصب
كافر في أحكام
الدنيا
والآخرة ،
وصرحت
الاخبار في
حصر المسلم في
المؤمن والناصبي
والضال ،
وفسرت الضال
بمن
لم يعرف مذهب
الإمامية ولم
ينصب العداوة له
. إلى غير ذلك
من الاخبار .
نعم
ذهب طائفة منا
إلى أن
المستضعفين
منهم ، وهم
غير
المعاندين
ومثل
البله
والنساء ومن
لم تتم عليه
الحجة يكونون ممن
يرجى لهم
النجاة ، لكن
لا
على
سبيل القطع .
بقي
الكلام في أن
أكثر الاخبار
التي نقلها المصنف
طاب ثراه في
هذا الباب
دالة
بظاهرها على
أن أهل كلمة
التوحيد ومن
لا يشرك بالله
شيئا يدخلون
الجنة
، وطوائف
المخالفين
ممن يقول هذه
الكلمة ولا
يشرك بالله
فكيف
الجواب
؟ فنقول: في
التفصي عنه
وجوها:
الأول:
أن المراد من
الموحدين
وكلمة
التوحيد وعدم
الشرك الموجب
لدخول
الجنة
التوحيد
الخالص ، كما
دلت عليه الأخبار
في هذا الباب
وغيره ،
والتوحيد
الخالص الذي
يستجمع
الشرائط لا يكون
إلا بولاية من
فرض الله
سبحانه
طاعتهم ،
وأوجب على
الخلق كافة
اعتقاد
إمامتهم ، وما
لم يكن على
هذا
المنوال
لا يثمر دخول
الجنة قطعا .
الثاني:
أنا لا نسلم
نفي الشرك عن
جماعات المخالفين
، بل ورد في
الكتاب
والسنة
اطلاقه عليهم
، وبيانه: أن
الله سبحانه
عين ونص على
خلافة أمير
المؤمنين
عليه
السلام ،
وأمر رسوله صلى الله
عليه وآله
بإقامته علما
للناس يوم
الغدير ، وغيره
من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
59
الموارد
الكثيرة ، حتى
أن النص يوم
الغدير رواه
المخالفين ،
كما نقله
السيد
الجليل
ابن طاووس (1)
عنهم مما يزيد
على خمسمائة
حديث ، وكان
متواترا
عندهم
، كما هو
عندنا الآن ، فبادروا
إلى انكاره
وتأويله ،
وأقاموا أبا بكر
مقامه تشه
منهم
، وخلافا على
الله ورسوله ،
فقد جعلوا أنفسهم
شركاء له
تعالى في
تعيين
ذلك
الامام
بزعمهم
واتباع
أوامره
ونواهيه ، ولم
يرضوا حتى
فضلوه على
أمير
المؤمنين عليه
السلام
وقالوا: أن
ترتيب الفضل
بين الخلفاء الأربعة
دائر على
ترتيب
خلافتهم ، فمن
سبق كان هو
الأفضل . واختلفوا
في تفضيل
عثمان عليه ،
فالأكثر
على الأفضلية
، والبعض على
المساواة .
وقال
القاضي ابن
خلكان في
كتابه
الموسوم بوفيات
الأعيان عند
ترجمة
علي
بن جهم
القرشي: وكونه
منحرفا عن علي
عليه
السلام أن
محبة علي لا
تجتمع مع
التسنن
(2) وكلامه هذا
صريح في بغضهم
له عليه
السلام ، ومن
بغضه كان
كافرا
بالاجماع .
قال
الصدوق تغمده
الله برحمته
في تمام ما
حكيناه عنه في
المباحثة مع
علماء
الجمهور في
مجلس بعض
الملوك - لما
قالوا له:
اننا وأنتم
على اله واحد
ونبي
واحد ،
وافترقنا في
تعيين (3)
الخليفة
الأول -: ليس
الحال على ما
تزعمون
بل
نحن وأنتم في
طرف من الخلاف
، حتى في الله
سبحانه
والنبي ، وذلك
أنكم
تزعمون
أن لكم ربا ،
وذلك الرب
أرسل رسولا
خليفته
بالاستحقاق
أبو بكر ،
ونحن
نقول: إن ذلك
الرب ليس ربا
لنا ، وذلك
النبي لا نقول
بنبوته ، بل
نقول: إن
ربنا
الذي نص على
أن خليفة
رسوله علي بن
أبي طالب عليه
السلام فأين
الاتفاق ؟
الثالث:
أنهم أخذوا
أحكام ربهم عن
أبي حنيفة ،
وهو أخذها عن
رأيه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
60
وقياسه
، فحرم لهم
الحلال وأحل
لهم الحرام ،
فعبدوه من حيث
لا يشعرون ،
قال
الله
تعالى حاكيا
عن أهل الكتاب
(اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم
أربابا من دون
الله
- إلى قوله
تعالى: - عما
يشركون) (1) وقد
أطبق المفسرون
وتظافرت
الروايات
على أنهم لم
يعبدوهم ، ولو
دعوهم إلى
العبادة ما
أطاعوهم ، لكنهم
أحلوا
لهم
وحرموا عليهم
، وأبو حنيفة
كان يقول في
مسجد الكوفة:
قال علي وأنا
أقول ،
يعني
خلافا لقوله .
وقال أيضا:
إذا جاء الحكم
من الله فعلى
الرأس ، وإن
كان من
النبي
فعلى العينين
، وان جاء من
الصحابة فهم رجال
ونحن رجال .
وكان قصده رد
ما
كان يقول به عليه السلام
، وإلا فهو لا
يرد على
الخلفاء
الثلاثة . ومن
أمعن النظر في
هذه
يجده من أظهر
افراد الشرك
الجلي .
الرابع:
أن هذه
الروايات
الدالة على أن
مطلق أهل
التوحيد
يدخلون الجنة
لو
حملت على
ظاهرها لكان
الكل ناجين ،
لان النجاة
ليس إلا دخول
الجنة ،
وهذا
ينافي ما تواتر
عنه صلى
الله عليه
وآله أنه
قال: ستفترق
أمتي بعدي
ثلاثا وسبعين
فرقة ،
واحدة
منها في الجنة
والباقون في
النار (2) . على اختلاف
قليل في نقل
ألفاظ
الخبر
، إلا أن
المعنى واحد .
وبالجملة
فالحديث ناص
على أن
الناجية من
المسلمين
ليس إلا فرقة
واحدة ، وقد
زعم كل فرقة
أنها هي
الناجية .
وأما
نحن فالنصوص
الواردة من
طريقنا عن
السادة
الأطهار عليهم
السلام في
تعيين
الناجية
وأنها
الامامية
الذين هم على
طريقة أهل
البيت عليهم
السلام
متواترة .
منها:
ما نقله
العلامة
الحلي عن
أستاذه نصير الدين
قدس الله
روحيهما ،
قال:
سألته
عن المذاهب ،
فقال: بحثنا
عنها وعن قول
رسول الله صلى الله
عليه وآله
ستفترق أمتي
على
ثلاث وسبعين
فرقة ، واحدة
منها ناجية
والباقي في
النار ، وقد
عين صلى
الله عليه
وآله ا
الفرقة
الناجية
والهالكة في
حديث آخر صحيح
متفق عليه ،
وهو قوله صلى
الله عليه
وآله: مثل
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
61
أهل
بيتي كمثل
سفينة نوح من
ركبها نجا ومن
تخلف عنها غرق
(1) . فوجدنا
الفرقة
الناجية هي
الفرقة
الامامية ،
لأنهم باينوا
جميع المذاهب
، وجميع
المذاهب
قد اشترك في
أصول العقائد
انتهى .
ويعجبني
نقل كلام في
هذا المقام ،
وهو أن رجلا
من أفضل المعاصرين
من
علماء
الشافعية جمع
علماء البصرة
يوما ، فقال
لهم: يا أهل
السنة اعلموا
أن
الحديث
إذا اشتمل على
نقص في المذهب
، فإن تفرد
الامامية
بنقله ، فلنا
أن نمنعه ،
وان
تفردنا نحن
بروايته كان
لهم أيضا منعه
، أما إذا
اتفقنا معهم
على نقله
وصحته
فكيف
الجواب عنه ؟
فقالوا: ما
هذا الحديث ؟
فقال: هو قوله صلى الله
عليه وآله:
أهل بيتي
كسفينة
نوح من ركب
فيها نجا ومن
تخلف عنها غرق
. فأجابه
بعضهم وقال:
نحن
أيضا
ممن ركب في
هذه السفينة ،
فقال: إن كان
في هذا الركوب
نجاة ، فالامامية
أشد
نجاة منا ،
فلم يحر القوم
جوابا .
وان
شئت زيادة
ايضاح للحديث
السابق ،
فاستمع لما
يتلى عليك ،
فنقول: ما
نقلناه
من
لفظ الحديث هو
المتفق عليه
من علماء
الاسلام ، لكن
الترمذي من
العامة نقله
في
صحيحه بزيادة
هي: قيل: ومن هم
؟ قال: الذين
هم على ما أنا
عليه وأصحابي
(2) .
وأما
الشيعة فزادت
في روايته
هكذا: قال:
افترقت أمة
موسى على أحد
وسبعين
فرقه كلها في
النار إلا
واحدة ، وهي
التي اتبعت
وصيه يوشع ،
وافترقت
أمة
عيسى على
اثنين وسبعين
فرقة كلها في
النار إلا
واحدة ، وهي
التي اتبعت
وصيه
يوشع ،
وافترقت أمة
عيسى على اثنين
وسبعين فرقة
كلها في النار
إلا
واحدة
، وهي التي
اتبعت وصية
شمعون ،
وستفترق أمتي
على ثلاثة
وسبعين فرقة
كلها
في النار إلا
واحدة ، وهي
التي تتبع
وصيي عليا عليه
السلام (2) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
62
وهذه
الألفاظ على
اختلافها
ترجع إلى معنى
واحد ، لان
عليا عليه
السلام من
الآل
والصحابة
، وما هو عليه
هو الذي عليه
الصحابة المشار
إليه (1) في
الحديث ،
فالمتبع
له متبع لما
عليه النبي صلى الله
عليه وآله
وأصحابه ، وهو
عليه
السلام ممن
ثبت إيمانه ،
وانه على
الحق
ما تغير عنه
ولا زلت قدمه
بالاتفاق ،
بخلاف غيره من
الصحابة ، فان
منهم من
كان
منافقا بقي
على نفاقه في
الآيات
والاخبار ،
ومنهم من تغير
عن الحق
وزلت
قدمه ،
فاتباعه عليه
السلام
يقتضي العمل
بالحديث على
الزيادتين ،
بخلاف اتباع
غيره
فان اتباعهم
إنما ينجي حيث
يكونون على ما
عليه النبي صلى الله
عليه وآله ،
والاحداث
التي
أحدثوها بعده
، والآراء
التي شعبوها ،
والمذاهب
التي أحدثوها
، والحروب
التي
أقاموها
بينهم ، غنية
عن البيان .
وقوله صلى
الله عليه
وآله فيما
رواه
الفريقان:
اللهم أدر
الحق
مع علي أين
دار (2) . مؤيد لما
قلناه .
ولا
شك لاحد أن
هذا الدين
الذي عليه
الفرقة الامامية
قد أخذوه من
أئمتهم
الطاهرين
أولاد علي عليه
السلام ، وهم
أخذوه عنه ،
كما يشهد به
كتب المسلمين
، فهم
الناجية
دون غيرهم .
إذا
عرفت هذا
فاعلم أنه قال
الفاضل
الدواني (3): لا
خلاف في عدد
الفرق
لاخباره
صلى الله
عليه وآله به
، وما يتوهم
من أنه ان حمل
على أصول
المذاهب ففي
أقل من
هذا
العدد ، وان
حمل على ما
يشمل الفروع
فهي أكثر منه .
توهم لا مستند
له ،
لجواز
كون الأصول
التي بينها
مخالفة مفيدة
لهذا العدد .
وقد يقال:
لعلهم في وقت
___________________________
شرح نور البراهين
في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 63
من
الأوقات
بلغوا هذا
العدد وإن
زادوا ونقصوا
في أكثر
الأوقات .
ثم
قال: قوله
(كلها في
النار الا
واحدة) من حيث
الاعتقاد ،
فلا يرد أنه
لو
أريد
الخلود فيها
فهو خلاف
الاجماع ، فان
المؤمنين لا
يخلدون في
النار . وان
أريد
مجرد
الدخول ، فهو
مشترك بين
الفرق ، إذ ما
من فرقة إلا
وبعضها عصاة ،
والقول
بأن
معصية الفرقة
الناجية
مطلقا ،
مغفورة بعيد
جدا . ولا يبعد
أن يكون
المراد
استقلال
مكثهم في
النار
بالنسبة إلى
سائر الفرق ،
ترغيبا في
تصحيح
الاعتقاد .
وهذا
الكلام مردود
(1) كما قيل لأنه
فسره بكونهم
في النار من
حيث
الاعتقاد
، وغرضه من
ذلك أن المراد
العذاب عليه
بها في الجملة
لا الخلود ،
معللا
بأنه
خلاف الاجماع
، لان
المؤمنين لا
يخلدون .
وفيه
أن ذلك من حيث
الاعتقاد غير
مسلم ، لجواز
أن يكون منه
ومن العمل
معا
، لقوله تعالى
(بلى من كسب
سيئة وأحاطت
به خطيئته
فأولئك أصحاب
النار
هم فيها
خالدون) (2) .
وأما
نفيه الخلود ،
فغير مسلم .
والاجماع
الذي نقله
ممنوع ، فان
جماعة من
العلماء
والامامية
ذهبوا إلى أن
غير الطائفة
المحقة كفار
مخلدون في
النار .
وقوله
(ان المؤمنين
لا يخلدون)
مسلم لكن
الخلاف في
المؤمنين ،
فالشيعة
تزعم
أن الايمان
إنما يصدق على
معتقد الحق من
الأصول
الخمسة ومنها
عندهم
إمامة
الاثني عشر .
وقوله (ان
مجرد الدخول
مشترك) فممنوع
. وقوله (إذ ما
من
فرقة إلا
وبعضها عصاة)
مسلم إلا أن
قوله والقول
بأن معصية
الفرقة
الناجية
مطلقا
مغفورة بعيد
لا يخفى ما
فيه ، لان
ظاهر الخبر
يقتضيه .
وقوله (لا
يبعد أن
يكون
المراد
استقلال
مكثهم) خلاف
المتبادر من
الحديث ،
ومعنى الحديث
أن
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
64
الفرقة
الناجية لا
تمسها النار
أبدا وغيرها في
النار: إما خلودا
، أو مكثا
طويلا .
وفي
الخبر عن
مولانا أمير
المؤمنين عليه
السلام: ما
أحد من شيعتنا
يقارف أمرا
نهيناه
عنه
فيموت حتى
يبتلي ببلية
تمحص بها
ذنوبه: إما في
مال ، أو ولد ،
وإما في
نفسه
، حتى يلقى
الله مخبتا
وما له ذنب ،
وانه ليبقى
عليه شئ من
ذنوبه ، فيشدد
عليه
عند موته
فتمحص ذنوبه (1) .
والأخبار
الواردة بهذا
المعنى
مستفيضة بل متواترة
.
وان
شئت اثباته
بطريق
الاستدلال ،
فنقول: روى فخر
المحققين عن
والده
العلامة
الحلي قدس
الله روحيهما
، قال: حكى لي
والدي عن أفضل
المتأخرين
خواجة
نصير الملة
والحق والدين
الطوسي ، قال:
الفرقة
الناجية هي
الفرقة
الامامية
، قال: لان
جميع المذاهب
وقفت على أصولها
وفروعها ،
فوجدت من عدا
الامامية
مشتركين في
الأصول
المعتبرة في
الايمان ، وان
اختلفوا في
أشياء
يساوي
إثباتها
ونفيها
بالنسبة إلى
الايمان ، ثم
وجدت أن طائفة
الامامية هم
يخالفون
الكل في أصولهم
، فلو كانت
فرقة من عداهم
ناجية لكان الكل
ناجين ،
فيدل
على أن الناجي
هو الامامية
لا غير انتهى .
وبيانه:
أن الامامية
قد تفردوا بأن
دخول الجنة
والنجاة لا
يكون الا بعد
ولاية
آل محمد عليهم
السلام
واعتقاد
إمامتهم .
وأما باقي
الفرق
الاسلامية ،
فقد أطبقوا
على
أن أصل النجاة
هو الاقرار
بالشهادتين ،
فهم مطبقون
على أصول
النجاة وان
اختلفوا
في أمور أخرى .
الخامس:
ما ورد في
الأخبار
المستفيضة من
أن الله
سبحانه يمحو
كلمة التوحيد
من
ألسنة
المخالفين
وقلوبهم يوم
القيامة ، حتى
لا يحشروا مع
الموحدين .
وفي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
65
الحديث
أنه تعالى
يرسل عليهم
ريحا ، فتمر
على أفواههم ،
فتنسيهم كلمة
التوحيد .
وحينئذ
فليس هم في
الحقيقة من
الموحدين .
وبالجملة
فالدلائل على
هذا المطلب
كثيرة
، ولو نقلنا
الأخبار
الدالة عليه
لأفضى إلى
الاطناب في
هذا المختصر .
فان
قلت: هل يكون
لتوحيدهم هذا
نفع في الأخرى
أم لا ؟
قلت:
صرحت النصوص
بأن النار
أطباق ،
فالطبق الأول
لأهل التوحيد
، ولعله
أخف
عذابا ، إلا
النواصب منهم
وأهل العناد
مع أهل البيت عليهم
السلام ، فان
عذابهم أشد
من
عذاب الكفار .
بقي
الكلام في
أرباب
الكبائر من
هذه الفرقة
الناجية ،
فبعد الاتفاق
على
أنهم
لا يخلدون في
النار ،
اختلفت
الاخبار في أنهم
هل يدخلونها
لأجل تعذيبهم
مقدار
ذنوبهم أم لا
؟ والروايات
في هذا مختلفة
جدا ، ففي
كثير منها
أنهم لا
يدخلونها
، بل تداركهم
شفاعة
ساداتهم
الطاهرين عليهم
السلام ،
وأنهم يقاصون
في الدنيا
بالأوجاع
ونقص من
الأموال
والأولاد ،
وتسلط الجائرين
عليهم ،
وايصال
الاذاء
إليهم
ولو من الجار
أو المرأة ،
كما ورد في الرواية
، فإذا خرجوا
من الدنيا لم
يبق
عليهم
ذنب يعاقبون
عليه . وفي
بعضها أنهم
يعذبون على
ذنوبهم بغير النار:
إما
في
البرزخ ، أو
بشدائد أهوال
القيامة . وفي
كثير منها
أنهم يدخلون
النار
ويعذبون
فيها
ثم يخرجون
منها ، وفي
هذا الابهام
من الحكم
والمصالح ما
لا يخفى .
ويمكن
في وجه الجمع
بين الاخبار
أنه محمول على
تفاوت مراتب
الايمان ،
واختلاف
الذنوب
والانهماك
فيها ، إلى
غير ذلك . وفي
قوله عليه
السلام في
هذا الخبر
(لا يشرك
بالله شيئا)
إشارة إلى ما
قدمناه من أن
الشرك لا
ينحصر في
إثبات
شريك
الباري .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
66
1) قال أمين
الاسلام
الطبرسي
تغمده الله
برحمته: أي هو
أهل أن يتقى
محارمه
وأهل أن يغفر
الذنوب عن
قتادة ، وروي
مرفوعا عن أنس
قال: إن
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله تلا هذه
الآية ، فقال:
قال الله
سبحانه: أنا
أهل أن أتقى
فلا
يجعل
معي إله ، فمن
اتقى أن يجعل
معي إلها ، فأنا
أهل أن أغفر
له . وقيل:
معناه
هو أهل
أن يتقى عقابه
وأهل أن يعمل
بما يؤدي إلى مغفرته
(2) .
2) اختلف
الناس في
تقسيم مراتب
التوحيد وفي
تحقيق
معانيها .
قال
العالم
الرباني كمال
الدين ميثم
البحراني في
شرحه الكبير:
اعلم أن
معرفة
الصانع
سبحانه على
مراتب:
فأولاها وأدناها:
أن يعرف العبد
أن للعالم
صانعا
. الثانية: أن
يصدق بوجوده .
الثالثة: أن
يترقى بجذب
العناية
الإلهية إلى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
67
توحيد
وتنزيهه عن
الشركاء .
الرابعة:
مرتبة الاخلاص
له . الخامسة:
نفي
الصفات
التي تعتبرها
الأذهان عنه ،
وهي غاية
العرفان
ومنتهى قوة
الانسان (1) . أقول:
فالتوحيد على
هذا مرتبة من
مراتب
المعرفة ،
وسيأتي لهذا
مزيد
تحقيق
إن شاء الله
تعالى .
1) قوله
(الموجبتان)
على البناء
للفاعل مبتدأ
، وخبره محذوف
، فكأنه
قال:
الموجبتان
خصلتان ، يعني
بهما أنهما
يوجبان دخول
الجنة والنار
.
2) إشارة إلى
أنه المراد (2)
من الآية ،
وهي قوله تعالى
(واستفتحوا
وخاب
كل
جبار عنيد) (3) أي
طلبت الرسل
الفتح والنصر
من قبل الله
تعالى ، وخسر
كل
جبار كافر
يأنف عن
التوحيد .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
68
1) ورد في
الرواية أنه
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله:
طوبى لمن أحبك
يا علي
وولاك
، قال: قلت: يا
رسول الله وما
طوبى ؟ قال: شجرة
في دارك في
الجنة ليس
دار
من دور شيعتك
في الجنة إلا
وفيها غصن من
تلك الشجرة
تهدل عليهم
بكل ما
يشتهون
(1) .
وفي
حديث آخر عن
أمير
المؤمنين عليه
السلام أنه
قال: طوبى
شجرة في الجنة
أصلها
في دار رسول
الله صلى
الله عليه
وآله ، وليس
من مؤمن الا
وفي داره غصن
من أغصانها ،
لا
ينوي شيئا في
قلبه إلا أتاه
ذلك الغصن به
، ولو أن
راكبا مجدا
سار في ظلها
مائة
عام لم يخرج
منها ، ولو أن
غرابا طار من
أصلها ما بلغ
أعلاها حتى
يبياض
هرما
الحديث (2) .
ولا
منافاة
بينهما لما
ورد في
الروايات من
أن منزلهما
واحد .
2) ورد في
الرواية أنه
سمي بالصفا
لنزول آدم صفي
الله عليه ،
والمروة
لنزول
المرأة
وهي حواء على
ذلك الجبل (3)
وذلك لما قدما
من سرنديب
الواقعة في
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
69
أقصى
بلاد الهند .
1) قالوا
للرضا عليه
السلام: يا
ابن رسول الله
وما اخلاص
الشهادة لله ؟
قال: طاعة
الله
ورسوله
وولاية أهل
بيته عليهم
السلام (1) .
وحينئذ
فلتحمل تلك
الأخبار
المطلقة
على هذه
الأحاديث
المقيدة .
2) يعني: سقوف
السماوات
والحجب ، وهو
كناية عن عدم
وقوفها في
أبواب
السماوات
، كما ورد في
حديث معاذ من
أن السماوات
لها أبواب
تصعد منها
الاعمال
، وعليها حراس
من الملائكة
يفتشون أعمال
الخلائق قبل
أن ينتهي
إلى
موقف العرض
على الله تعالى
، فإذا رأوا
ما ينافي
الاخلاص ، أو
ما يوجب
عدم
القبول أمروا
بردها وأن
يضرب بها وجه
صاحبها . وقد
ورد أن السجود
على
طين قبر
الحسين عليه
السلام يخرق
الحجب السبعة
(2) . والمراد ما
ذكرناه .
3) أي: محتها .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 70
1) لعل معناه
أن البيع وقع
على الجنة
بهذا الثمن ،
إلا أن عقد
البيع مما
يلحقه
الشروط
والخيارات ،
فتكون ولاية
أهل البيت عليهم
السلام
ونحوها من
شروط ذلك
البيع
، كما سيأتي
من قول الرضا عليه
السلام (وأنا
من شروطها)
ولا ريب أنه
إذا اختلت
شرائط
البيع بطل
وحصل الفسخ
منه .
2) يجوز أن
يراد منه رفع
الصوت ومده في
الهواء لتسمعه
الملائكة
والناس
، كما ورد في
استحباب رفع
المؤذنين أصواتهم
بفصول الاذان
، ويجوز
أن
يراد منه المد
المتعارف في
هذه الكلمة ،
فإن في لا اله
مدا قرآنيا .
وقوله
(فيفرغ) معناه
أنه ما يفرغ
إلا تناثرت
ذنوبه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
71
1) يجوز أن
يكون هذا في
أوائل
الاسلام قبل
أن يأتي
التكليف ،
ولما
كان
الاقرار بهذه
الكلمة ذلك
الوقت
مستلزما للاقرار
بالرسالة
اقتصر عليها .
وأما
أهل الكتاب ،
فقد أشركوا في
قولهم المسيح
ابن الله ،
وعزير ابن
الله ، تعالى
الله
عما
يشركون .
2) الظاهر أن
المراد منه
تمام شهر
رمضان ، وإذا ختمه
بالقول
الصالح فلا بد
من
اتباعه
بالعمل
الصالح أعني
الفطرة ، لأنها
شرط في قبول
الصيام ، كما
وردت
به
الاخبار ،
ويجوز أن يكون
(أو) هنا بمعنى
الواو .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
72
1) يجوز أن
يكون هذا في
ابتداء
الاسلام كما
تقدم ، ويجوز
أن يحمل على
التوحيد
الخالص
وشرائطه .
2) يعني: كما
يقولها
المنافقون من
غير اذعان بها
ولا عقد للقلوب
عليها .
3) إشارة إلى
ما روي في
تفسير قوله
(بغير عمد ترونها)
(1) قال: هناك
عمد
ولكن لا
ترونها ، فقد
رفع السماء
عليها (2) .
4) فرقا
وخوفا (إنما
المؤمنون
الذين إذا ذكر
الله وجلت
قلوبهم) (3)
وأما
قول العرش
وكلامه ،
فالظاهر أنه
بلسان المقال
، كما ذهب
إليه طائفة من
أرباب
الحديث ،
والأكثر على
أنه وما ورد
بمعناه راجع
إلى لسان
الحال ،
والأصوب
هو الأول ،
ومن ثم نص
جماعة من
المحققين على
أن المعجزة في
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
73
تسبيح
الحصى بكفه صلى الله
عليه وآله
إنما هو اسماع
الخلق
تسبيحها ،
والا فهي دائما
في
التسبيح
ولكن لا نفقه
نحن ما يقوله
من التسبيح .
1) يعني: من
دخل حصن
التوحيد أمن
من عذاب
الكفار الذي
كان خارج
الحصن
، نعم لو أفسد
داخل الحصن
استحق العذاب واخذ
بالجناية ،
ألا ترى
إلى
من جنى خارج
الحرم ثم دخل
إليه ، فإنه
لا يؤاخذ ولا
يقتل . وأما لو
جنى فيه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
74
قوصص
على جنايته
واخذ بذنبه
حيث لم ير
للحرم حرمة ،
بل ربما
كانت
مؤاخذته أشد
وأغلظ .
1) الشهبة في
الألوان
البياض الذي
غلب على السواد
.
2) في الصحاح:
المربع موضع
القوم في
الربيع خاصة (1) .
فيجوز أن
تكون
المربعة مكان
الربيع .
وقال
شيخنا أبقاه
الله تعالى في
بحار الأنوار:
سمعت جماعة من
أفاضل
نيشابور
يقولون: ان
المربعة اسم
للموضع الذي عليه
نيشابور الآن
، وكانت
البلدة
في زمانه عليه
السلام في
مكان آخر قريب
منها الآن ،
وآثارها الآن
موجودة ،
وكان
موضعها الآن
من قراها
وتوابعها ،
وكان يسمى
بالمربعة ،
لأنهم كانوا
يقسمونه
بالرباع
الأربعة ،
وكانوا
يقولون ربع
كذا وربع كذا
، وقالوا: ان
هذا
الاصطلاح
إلى الآن
متعارف في
دفاتر
السلطان (2) .
3) قال
الجوهري:
المطرف واحد
المطارف ، وهي
أردية من خز
مربعة لها
أعلام
(3) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
75
1) روي في
الأثر أن هذا
الحديث بهذا
السند ما قرئ
على مصروع إلا
برئ ،
ولا
على مريض إلا
شفي . وكان بعض
الملوك يأمر الناس
بكتابته
للمرضى
والاستشفاء
به ، ومن جربه
يظهر له صحة
هذا المقال ،
فإنها أسماء
مكتوبة على
ساق
العرش ، وهي
الكلمات التي
تلقاها آدم من
ربه فدعى بها
وقبل توبته ،
بعد
أن
خرج عن عينيه
من الدموع مثل
ماء دجلة
والفرات ،
فعلمه جبرئيل عليه
السلام أن
يدعو
بهذه الأسماء
، فتاب عليه
بها ، فإذا
كانت تشفي من
نيران الذنوب
، كيف لا
تبرئ
أمراض
الأبدان .
قال
علي بن
مهرويه: قال
أبو حاتم محمد
بن إدريس
الرازي ، قال
أبو الصلت
عبد
السلام بن
صالح الهروي:
لو قرئ هذا
الاسناد على
مجنون لآفاق .
قال
الشيخ أبو
إسحاق: سمعت
عبد الرحمن بن
أبي حاتم
الرازي يقول:
كنت
مع
أبي بالشام ،
فرأيت رجلا
مصروعا ،
فذكرت هذا
الاسناد ،
فقلت: اجرب
فقرأت
عليه هذا
الاسناد ،
فقام ينفض
ثيابه ومر (1)
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
76
1) يعني: من
وافى القيامة
قائلا لها ،
وقد تقدم أن
الله عز وجل
يسلبها من
غير
هذه الطائفة
المحقة .
2) في هذا
دلالة على أن
جبرئيل عليه
السلام
يتلقف الوحي
من الله تعالى
من غير
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
77
واسطة
. وفي بعض
الأخبار: أن
القلم يكتب في
اللوح ،
فتأخذه
الملائكة من
اللوح
. وفي بعض آخر:
أن القلم يكتب
في اللوح ، فيقرأه
إسرافيل
فينتقش في
جبهته
، فيقرأه
جبرئيل ويأتي
به (1) .
وفي
كتاب عيون
الأخبار
للمصنف طاب
ثراه: حدثنا
عن الرضا عليه
السلام ذكر
فيه
أسماء الأئمة عليهم
السلام إلى
أن قال: عن
النبي صلى
الله عليه
وآله عن
جبرئيل عليه
السلام ،
عن
ميكائيل عليه
السلام ، عن
إسرافيل عليه
السلام ، عن
الله جل جلاله
الحديث (2)
والكل حق
ويحمل على
تعدد تلقي
الوحي ، ولما
كان هذا النوع
من الوحي
عظيما
ألقى إليه من
غير توسط ملك
ولا قلم .
وفي
بعض الكتب روي
هذا الحديث
بسنده
المذكور إلى
النبي صلى
الله عليه
وآله عن
جبرئيل
، عن ميكائيل
، عن إسرافيل
، عن اللوح ،
عن القلم ، عن
الله تعالى
أنه
قال:
لا إله الا
الله حصني من
دخله أمن من
عذابي .
1) النفخ:
الرمي ، يعني
أنه يفرقه في
المواضع اللائقة
به .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
78
1) الحرة:
موضع بقرب
المدينة أرضه
من حجارة سوداء
، والمدينة
بين
حرتين
.
2) لا حاجة
إلى هذا
التأويل ، لما
عرفت من أن
فساق
المؤمنين
يدخلون
الجنة:
إما تفضلا من
الله وعفوا عن
جرائمهم ، وإما
بعد المقاصة
والعذاب ،
لأنهم
لا يخلدون في
النار اجماعا
، وأما من يوفق
للتوبة ، فلا
كلام في دخوله
الجنة
، فلا حاجة
إلى استثنائه صلى الله
عليه وآله
بقوله (وان
زنى وان سرق) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
79
1) وهذا من
التفكر الذي
روي عن أمير
المؤمنين عليه
السلام: تفكر
ساعة خير من
عبادة
سبعين سنة ،
قال: وهو أن
تمر على
الخربة ،
فتقول: أين
بانوك ؟ أين
ساكنوك
؟ مالك لا
تتكلمين ؟ (2) .
فهذا تفكر في
العالم
السفلي ، وذاك
تفكر في
العالم
العلوي .
وإنما
كان الفكر
أفضل ، لأنه
عمل القلب وهو
أفضل من
الجوارح ،
فعمله
أشرف
من عملها . ألا
ترى إلى قوله
تعالى (أقم الصلاة
لذكري) (1) فجعل
الصلاة
وسيلة إلى عمل
القلب أعني
الذكر ، والغاية
أشرف من
الوسيلة .
2) الملكوت
مبالغة في
الملك ، وهو
الملك الأعظم
للمالك الذي
ليس بمملك .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
80
1) وفي
الاشعار
المنسوبة
إليه عليه
السلام:
فيا
عجبا كيف يعصى
الاله *** أم كيف
يجحده الجاحد
وفي
كل شئ له آية ***
تدل على أنه
واحد
2) لعل
المراد من هذا
الاخلاص
الكامل ، فان
له درجات
متفاوتة يأتي
بيانها
أن شاء الله
تعالى .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
82
1) يأتي في
هذا الكتاب أن
الحق من
أسمائه تعالى ومعناه
المحق ، وصف
به
توسعا
لأنه مصدر .
وذكر له معنى
آخر ، وهو أن
عبادته حق
وعبادة غيره
باطل .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
83
1) وفي حديث
آخر: أن مثل
هؤلاء كانوا
يعملون أعمال
الخير كما
اعترفوا
به
وقرروا عليه ،
إلا أن نياتهم
وعزائمهم في تلك
الأعمال كانت
فاسدة ، لما
تداخلها
من الريا
والسمعة .
2) إما مصدر ،
أو فعل على
طريقة المجهول
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
85
باب
التوحيد ونفي
التشبيه
لا
ريب أن كلمات
هذه الخطبة ،
وينبوع هذه
الفصاحة ،
يصدر إلا عن
أمير
المؤمنين عليه
السلام ، فلا
حاجة لها إلى
تفاوت السند ،
بل الطريق في
أمثالها إنما
هو
للتيمن
والتبرك
ورعاية
للعنعنة .
1) لأنه كل
يوم يوجد من
الأمور
العجيبة ما لا
يدخل تحت العد
والاحصاء
، فيكون ردا
على اليهود
بقولهم: ان الله
قد فرغ من
الامر ، وانه
خلق
ما
خلق وقدر ما
قدر ، فلم يبق
له أمور ،
فصارت يده
مغلولة . فرد
عليهم عز شأنه
بقوله
(غلت أيديهم
ولعنوا بما
قالوا بل يداه
مبسوطتان
ينفق) منهما
(كيف
يشاء)
(1) .
وقيل:
المراد أن
التفكر فيما
خلق من الأمور
العجيبة لا
يفرغ منه ولا
ينقضي ،
لما
أودعه في كل
مخلوق من
مخلوقاته من
بدائع الصنع
وعجائب الخلق
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 86
1) وذلك أنه
تقرر أن (1) الأب
يشارك الابن
في العز ،
سيما إذا حصل
عز الولد من
أبيه
، كما جرت
العادة بكون
الابن يرث
أبيه .
وفي
بعض النسخ: لم
يلد في الأول
، ولم يولد في
الثاني .
والمعنى
حينئذ أنه
إذا
كان مولودا
يجوز أن يكون له
ولد ، فكما
ورث هو أباه
يكون ولده
وارثا له
لتقارب
الطبائع .
2) وذلك أن
الوهم إنما
يدرك المعاني
المتعلقة بالمادة
، ولا يترفع
ادراكه
عن
المعاني
المتعلقة
بالمحسوسات ،
وشأنه فيما
يدركه أن
يستعمل
المتخيلة
في
تقديره
بمقدار مخصوص
وكمية معينة ،
ويحكم بأنها
مبلغه
ونهايته ، فلو
أدركته
الأوهام
لقدرته
بمقدار معين
في محل معين ،
وهذا معنى
قوله (شبحا
ماثلا)
أي: قائما
فيما بين
الأشباح أو
مماثلا لها ،
وكلما هو مقدر
محدود
ومركب
، وهو تعالى
منزه عنه .
إذا
عرفت هذا
فاعلم أن
الفرق بين
الوهم والعقل
بتخصيص الأول
بادراك ما
يتعلق
بمواد
المحسوسات ،
والثاني
بادراك
المعقولات ،
اصطلاح حكمي ،
وأكثر
موارد
الاخبار إذا
أطلق فيها
الوهم دخل
تحته العقل ،
بل يراد منه
كثيرا مطلق
القوى
الباطنة .
وحينئذ
فطريق تطبيقه
على العقول أن
نقول: القوة
العقلية إذا
توجهت
في
تحصيل
المطالب
العقلية
المجردة لا بد
لها من
استتباع
الوهم
والمتخيلة ،
والاستعانة
بها في
استثباتها
بالتشبيح والتصوير
بصورة تحفظها
في الخيال ،
وكذلك
المعاني
المدركة
للنفوس في
النوم من الحوادث
، فإنها لا
تتمكن من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
87
استثباتها
عند اقتناصها
من عالم
التجريد وبقائها
إلى حال
اليقظة إلا في
صور
خيالية
مشاهدة .
فحاصل
معناه: أنه لو
أدركته
العقول لكان
ذلك بمشاركة
الوهم ، فكان
يلزم
أن
يصوره بصورة
خيالية ،
فتكون تلك
الصورة شبحا
مماثلا
لأشباح
الخيال وما
فيه
من الصور
قائمة به . ويؤيد
هذا الاحتمال
أنه لم يذكر
العقول .
وإن
أبيت إلا
الفرق الحكمي
بين الأوهام
والعقول ،
فاجعل العلة
والنكتة في
عدم
التعرض
للعقول
وادراكها هي
أن العقول وقواها
لما لم تحم
إلا حول ما
يمكن
ادراكه
، وكان هذا
الادراك
محالا ، لم
تكد تقرب إلى
حماه ، بخلاف
الأوهام
فإنها
تدرك الأمور
التي لا حقيقة
لها في الخارج
ولا ثبوت لها
في الواقع ،
كانسان
ذي
رأسين وذي
جناحين ،
وتتوهم
المحالات
وغير ذلك .
1) الابصار
هنا جمع بصر
لا جمع بصيرة
، وان أمكن ارادته
بناء على ما
حققناه
سابقا . وعلى
الأول فمعنى
الحائل المتغير
من حال إذا
تغير ، فيكون
منقلبا
عن
الحالة التي
كانت له عند
الابصار من
المقابلة
والمحاذاة
والوضع الخاص
وكونه
غير مرئي بعد
أن كان مرئيا
، وزوال صورته
من الباصرة
بعد أن كانت
مرتسمة
فيها ، وغير
ذلك من ضروب
التغيير .
وبعض
الأفاضل قرأ
بعد بضم الباء
واحد الابعاد
، على أنه اسم
يكون ،
والحائل
بمعنى الحاجز
، أي: يكون بعد
انتقال الابصار
وطول مسافتها
مانعا
عن
ابصاره . وهو
بعيد ، كما
بعد قول من
قرأ خائلا
بالخاء
المعجمة ، أي:
ذا خيال
وصورة
متمثلة في
المدرك .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
88
1) يجوز أن
يراد من الوقت
الزمان
الموهوم
المقدر حتى لا
يكون
تأكيدا
(1) .
2) أي: لم
يتناوب عليه
زيادة ونقصان
.
3) لان
السؤال بما
إنما يكون عن
الماهية ، ولا
مهية له حتى
يسأل عنها بما
.
4) أي: بطن
علمه في
الأمور
المخفية ،
يقال: بطنت الامر
أي: علمت
باطنه .
وقال
العالم
الرباني كمال
الدين ميثم
البحراني: معناه
كونه داخلا في
جملة
الأمور
الخفية ، ولما
كانت بواطن
الأمور
الخفية أخفى
من ظواهرها
كان
المفهوم
من طوية بطنها
أنه أخفى منها
عند العقول (2) .
5) أي: من
آياته وآثاره
في العالم
الدالة على وجوده
الظاهر في كل
صورة
منها
، كما قال:
وفي
كل شئ له آية ***
تدل على أنه
واحد
والى
هذا أشار
بقوله تعالى
(سنريهم
آياتنا في الآفاق
وفي أنفسهم
حتى
يتبين
لهم أنه الحق) (3)
وهذه الطريقة
من الاستدلال
هي طريقة
المليين
وسائر
فرق
المتكلمين ،
فإنهم
يستدلون أولا
على حدوث
الأجسام
والاعراض
، ثم يستدلون
بحدوثها
وتغيراتها
على وجود
الخالق ، ثم
بالنظر
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
89
في
أحوال
المخلوقات
على صفاته
واحدة واحدة ،
مثلا
باحكامها
واتقانها على
كون
فاعلها عالما
حكيما ،
وبتخصيص
بعضها بأمر
ليس للآخر على
كونه مريدا ،
ونحو
ذلك .
وكذلك
الحكماء
الطبيعيون
يستدلون أيضا
بوجود الحركة
على متحرك ،
وامتناع
اتصال
المتحركات لا
(1) إلى الأول
على وجود محرك
، أو إلى غير
متحرك
، ثم يستدلون
من ذلك على
وجود مبدأ أول
.
وأما
الإلهيون ،
فلهم في
الاستدلال
طريق آخر وهي:
انهم ينظرون
أولا في
مطلق
الوجود أهو
واجب أو ممكن
، ويستدلون من
ذلك على إثبات
موجود
واجب
، ثم بالنظر
في لزوم
الوجوب من
الوحدة الحقيقية
على نفي
الكثرة بوجه
ما
المستلزم
لعدم الجسمية
والعرضية
والجهة وغيرها
، ثم يستدلون
بصفاته
على
كيفية صدور
أفعاله (2) عنه
واحدا بعد آخر
.
وظاهر
أن هذا الطريق
أجل وأشرف من
الطريق الأول
، وذلك لان
الاستدلال
بالعلة
على المعلول
أولى
البراهين
باعطاء اليقين
، لكون العلم
بالعلة
المعينة
مستلزما
للعلم
بالمعلول
المعين من غير
عكس . ولما كان
صدور الآية
المذكورة
إشارة
إلى الطريقة
الأولى ،
فتمامها
إشارة إلى هذه
الطريقة ، وهو
قوله تعالى
(أو
لم
يكف بربك انه
على كل شئ
شهيد) .
قال
بعض العلماء:
وهذه طريقة
الصديقين
الذين يستشهدون
به لا عليه ،
أي:
يستدلون
بوجوده على
وجود كل شئ إذ
هو منه ، ولا
يستدلون عليه
بوجود
شئ
بل ، هو أظهر
وجودا من كل
شئ فان خفي مع
ظهوره ، فلشدة
ظهوره
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
90
وظهوره
سبب بطونه .
وفي
الدعاء: يا
خفيا من فرط
الظهور . إذ كل
ذرة من ذرات
مبدعاته
ومكنوناته
، فلها عده
ألسنة تشهد
بوجوده وبالحاجة
إليه .
وأما
دوران
الطريقة الأولى
في لسان الشرع
، فلأنها أسهل
للناس وأقرب
إلى
أفهامهم
وعاداتهم ،
لانسهم
بالمحسوسات والاستدلال
منها على
غيرها .
1) لان الحد
العقلي
يستلزم
التركيب
واطلاع نظر
العقل على
حقيقته ،
والحد
الحسي
يستلزم
الامكان
والمكان .
2) الباطنة
كالعقول ،
والظاهرة
كالرسل .
3) اقتباس من
الآية (1) . و (عن)
هنا: إما
للسببية ، أو
بمعنى بعد ،
أو
للمجاوزة
، أي: يهلك من
هلك معرضا
ومتجاوزا عن
البينة ، و (عن)
الثانية لا
تحتمل
إلا الأولين .
4) قال أمين
الاسلام
الطبرسي طاب
ثراه: (وقضى بينهم
بالحق) أي:
___________________________
شرح نور البراهين
في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 91
فصل
بين الخلائق
بالعدل . وقيل:
بين الأنبياء والأمم
. وقيل: بين أهل
الجنة
والنار
(وقيل الحمد
لله رب
العالمين) أهل
الجنة يقولون
ذلك شكرا لله
على
نعمه
. وقيل: إنه من
كلام الله
تعالى ، فقال
في ابتداء
الخلق: الحمد
لله الذي خلق
السماوات
والأرض . وقال
بعد افناء
الخلق: ثم بعد
بعثهم
واستقرار أهل
الجنة
في
الجنة الحمد
لله رب
العالمين .
وهذا الخبر دال
عليه ، فوجب
الاخذ بأدبه
في
ابتداء
كل أمر بالحمد
وختمه بالحمد
(1) .
أقول:
ويروى (2) أيضا
أن أول خطاب
علمه الله
سبحانه آدم هو
هذه
الكلمة
، وذلك أنه
عطس بعد تمام
خلقته ، فألهمه
الله أن قال:
الحمد لله رب
العالمين
، فقال له:
يرحمك الله يا
آدم . وهذا أحد
معاني قوله عليه
السلام: يا
من سبقت
رحمته
غضبه .
1) أي: بلا جسد
محسوس ، لان
الكبرياء وإن
كان من الأمور
المعنوية إلا
أن
مباديه
وأسبابه أكثرها
من الأعيان
المحتاجة إلى
الجسد .
2) لان
استيلاءه
عبارة عن
الاقتدار
والغلبة ، وهذا
لا زوال له .
3) قوله
(ينتهي) على
صيغة الفاعل ،
أي: ليس له حد
ينتهي إليه ،
لان
المحدودات
تنتهي إلى
حدودها ،
لإحاطة الحدود
بالمحدودات ،
ويجوز أن
يكون
على طريق
المفعول ، أي:
ينتهي
الخلائق إلى
ذلك الحد
ويعرفونه حتى
يجعلوه
حدا له .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
92
1) اعلم أن
الصفة كما
قالوا أمر
يعتبره العقل
لامر آخر ،
ولا يمكن أن
يعقل
إلا باعتباره
معه وله ، ولا
يلزم من تصور
العقل شيئا
لشئ أن يكون
ذلك
المتصور
موجودا لذلك
الشئ في نفس
الامر .
والصفة
تنقسم
باعتبار
العقل إلى
حقيقية وإضافية
وسلبية ، وذلك
أن نسبة
العقل
الصفة إلى
غيرها: إما أن
يعقل معها
نسبة من
المنسوب إليه
أو لا يعقل .
فإن كان
الأول
، فهو المضاف
الحقيقي ،
وحقيقته أنه
المعقول
بالقياس إلى
غير
يكون
بإزائه يعقل
له إليه نسبة
، ولا يكون له وجود
سوى معقوليته
بالقياس
إليه
، ككونه تعالى
خالقا ورازقا
وربا ، فإن حقيقة
هذه الصفات هي
كونها معقولة
بالقياس
إلى مخلوقية
ومرزوقية
ومربوبية .
وإن
كان الثاني ،
فالمنسوب
إليه اما أن
يكون موجودا للمضاف
، أوليس
بموجود
له ، والأول
هو الصفات
الحقيقية ،
لكونه تعالى
حيا ، فإنه
أمر يعقل
بالقياس
إلى صحة العلم
والقدرة له ،
وليس بإزاء
أمر يعقل منه
نسبة إليه ،
والثاني هو
الصفات
السلبية ،
ككونه تعالى
ليس بجسم ولا
بعرض ، فإنها
أمور تعقل له
بالقياس
إلى
أمور غير
موجودة له
تعالى ، ولا
يلزم من اتصاف
ذاته تعالى
بهذه الأنواع
الثلاثة
من الصفات
تركيب ولا
كثرة في ذاته
، لأنها
اعتبارات
عقلية تحدثها
عقولنا
عند المقايسة
إلى الغير ،
ولم يلزم من ذلك
أن يكون
موجودة في نفس
الامر .
ولما
كان دأب
العقلاء أن
يصفوا ربهم
بما هو أشرف
طرفي النقيض ،
كان ما
وصف
به تعالى من
الصفات
الثلاث كذلك .
وفي
كلام الامام
أبي جعفر محمد
بن علي الباقر
عليهما
السلام إشارة
إلى هذا
المعنى ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
93
حيث
قال: كلما
ميزتموه
بأوهامكم في أدق
معانيه مخلوق
مصنوع مثلكم
مردود
إليكم . ولعل
النمل الصغار
يتوهم أن لله
تعالى
زبانتين أي
قرنين ، فان
ذلك
كمالها
وتتوهم أن
عدمهما نقصان
لمن لا يتصف بهما
. وهكذا حال
العقلاء فيما
يصفون
الله تعالى به
انتهى .
قال
المحقق
الدواني: هذا
كلام دقيق
رشيق صدر من
مصدر التحقيق
ومورد
التدقيق
، والسر في
ذلك أن
التكليف إنما
يتوقف على
معرفة الله
تعالى بحسب
الوسع
والطاقة ،
وإنما كلفوا
أن يعرفوه
بالصفات التي
ألفوها
وشاهدوها
فيهم
مع
سلب النقائص
الناشئة عن
انتسابها
إليهم . ولما
كان الانسان
واجبا بغيره
عالما
قادرا مريدا
حيا متكلما
سميعا بصيرا ،
كلف بأن يعتقد
تلك الصفات في
حقه
تعالى مع سلب
النقائص
الناشئة عن
انتسابها إلى
الانسان ، بأن
يعتقد أنه
تعالى
واجب لذاته لا
لغيره عالم
بجميع المعلومات
قادر على جميع
الممكنات ،
وهكذا
في سائر
الصفات ، ولم
يكلف باعتقاد
صفة له تعالى
لا يوجد فيه مثالها
ومناسبها
بوجه ، ولو
كلف به لما
أمكنه تعقله بالحقيقة
، وهذا أحد
معاني
قوله
عليه
السلام: من
عرف نفسه فقد
عرف ربه .
أقول:
قوله عليه
السلام (قبل
بلوغ صفته) أي:
قبل الوصول
إليها
والاطلاع
عليها
، لعدم وجودها
لما تحققت من
أن صفاته عين
ذاته .
1) الظاهر
هنا بمعنى
الغالب ، من
باب قوله
تعالى
فأصبحوا ظاهرين
(1) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
94
1) سميا
ثقلين لأنهما
يثقلان الأرض
بالكون عليها
.
2) الطواعية
مبالغة في
الطاعة ، ولعل
معناه أنه
خلقهم على
أصناف شتى من
القوة
والضعف ،
والعلم
والجهل ،
والغنى
والفقر ، والصحة
والمرض ، وكلف
كل
صنف
بما يناسب
حاله ليطيعوه
، ولو كلف
المريض ما كلف
الصحيح مثلا
لم يقدر
المريض
عليه ، فلم
يحصل منه
الإطاعة .
3) أي: نعمائه
علينا ، أو
على كل نعمائه
، وذلك أن النعمة
على الغير
نعمة
على
الانسان بضرب
من العناية .
4) في
القاموس:
المراشد
مقاصد الطرق (1) .
5) فانجعوا
بالنون
والجيم من
قولهم (أنجع)
أي: أفلح ، أي:
أفلحوا
بما
يجب عليكم من
الاخذ سمعا
وطاعة ، أو من
النجعة بالضم
، وهي طلب
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 95
الكلأ
(1) من موضعه . وفي
بعض النسخ
بالباء الموحدة
فالخاء
المعجمة .
قال
الجزري (2): فيه
(أتاكم أهل
اليمن هم أرق
قلوبا وأبخع
طاعة) أي:
أبلغ
وأنصح في
الطاعة من
غيرهم ، كأنهم
بالغوا في بخع
أنفسهم ، أي:
قهرها
واذلالها
بالطاعة (3) .
1) يقال: أخذت
على يد فلان
إذا منعته عما
يريد أن يفعله
كأنك أمسكت
يده .
2) أقول: هذه
الخطبة من خطب
أمير
المؤمنين عليه
السلام
ذكرها السيد
الرضي
طاب ثراه في
نهج البلاغة (4)
بأدنى تغيير في
ألفاظها ،
ورواها شيخنا
المفيد
(5) ، والصدوق في
غير هذا
الكتاب (6) ،
ومراتب
فصاحتها
ومطاوي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
96
بلاغتها
شاهدا صدق على
أنها من
كلامهم عليهم
السلام ، فلا
تلتفت إلى
رواة
طريقها
، كما تقدم
القول فيه .
1) أي: مولى
لمحمد بن يحيى
وأقاربه من
العلويين ،
وخالا لبعضهم
يعني أن
له قرابة
معهم (1) .
2) أي: اذكر
لنا من صفات
المعبود ما
نعرفه بها ، حتى
يكون علما
لعبادتنا .
3) أي: قعد
زمانا طويلا:
إما لتحديث
الملك وأن يفرغ
على لسانه ما
أفرغه
الله
تعالى على
لسان أبيه
أمير
المؤمنين عليه
السلام ،
وإما انتظارا
منه لاجتماع
الناس ،
وإما
تعليما للناس
في التأني
والتفكر عند
مثل هذه
الأمور .
4) في النهج:
أول الدين
معرفته ،
ولعله أوضح
مما هنا .
قال
العالم
الرباني
تغمده الله
برحمته: المراد
أنه أول
الواجبات
بالذات ، لان
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
97
أرباب
علم الكلام
ذهب بعضهم إلى
أن أول
الواجبات هو
النظر في
المعرفة ،
وآخرون
إلى أنه القصد
إلى النظر ،
وهما وصلة إلى
المعرفة ، وهي
الواجبة
بالذات
. وقد صرح
المحققون (1)
وهو المستفاد
أيضا من
الاخبار أن
معرفة الله
سبحانه
في مراتب:
الأولى: وهي
أدناها أن
يعرف العبد أن
للعالم صانعا
.
الثانية:
أن يصدق
بوجوده .
الثالثة: أن
يترقى إلى
توحيده
وتنزيهه عن
الشركاء
. الرابعة:
مرتبة
الاخلاص له .
الخامسة: نفي
الصفات التي
تعتبرها
الأذهان
له عنه ، وهي
غاية العرفان
.
وكل
مرتبة من
المراتب
الأربع مبدأ
لما بعدها ،
والأولتان من
المراتب
مجبولتان
في الفطرة
الانسانية ،
بل في الفطرة
الحيوانية
أيضا ، ولذا
لم يدع
الأنبياء
عليهم
السلام
اليهما ، مع
أنهما لو
توقفا على
الدعوة لزم الدور
، لان صدقهم
مبني
على
معرفة أن
هاهنا صانع
للخلق أرسلهم
، بل الذي دعا
إليها
الأنبياء عليهم
السلام هي
المرتبة
الثالثة وما
بعدها ، وهي
الواردة في
كلمة الاخلاص بقوله
صلى الله
عليه وآله:
من قال
لا
إله إلا الله
دخل الجنة ،
ثم لما استعدت
أذهانهم لما
بعدها من
المراتب قال عليه
السلام:
من
قال لا إله
إلا الله
خالصا دخل
الجنة .
وحينئذ
فيجوز أن يراد
من المعرفة في
قوله عليه
السلام (أول
عبادة الله
معرفته)
المرتبتان
الأولتان ،
ويجوز أن يراد
المعرفة
الكاملة ،
لأنها العلة
الغائية ، وهي
متقدمة
في التصور (2) .
أقول:
بهذا التحقيق
يندفع
التعارض بين
الأخبار
الواردة في أن
أول
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 98
الواجبات
هو الاقرار
بالشهادتين ،
لان الله تعالى
أوجد في
العباد
معرفته ،
فلم
يحوجهم إلى
تكلفها ، وهي
مركوزة في
أذهان الناس ،
والبعض الآخر
تضمن
أن
معرفة الله
تعالى واجبة
عليهم ،
وحينئذ فتحمل
الاخبار على
المراتب
المتفاوتة
.
1) في النهج:
وكمال معرفته
التصديق به ،
وكمال
التصديق به
توحيده .
فأسقط
عليه
السلام هنا
مرتبة
التصديق ،
ولعل العلة
فيه استلزام مراتب
المعرفة له ،
لان
من صدق بوجود
الواجب ، ثم
جهل مع ذلك
كونه واحدا ،
كان تصديقه
ومعرفته
له ناقصين ،
لان الوحدة
المطلقة لازمة
لوجود الواجب
، على أنه مع
اثبات
الشريك له ،
أو القول
بتركب الذات ،
أو زيادة
الصفات ، يلزم
القول
بالامكان
، فمن أشرك به
لم يعرفه ولم
يثبته ، وكذا
من قال بزيادة
صفاته تعالى ،
فالأشاعرة
كافرون وهم لا
يعلمون ،
لاثباتهم آلهة
متعددة عددها
ثمان ،
واليهود
والنصارى
قالوا بآلهين
، فهم أقل
كفرا منهم ،
ومع ذلك فهم
الفرقة
الناجية بزعمهم
.
2) يعني:
الصفات
الزائدة ،
وأوضحه بقوله
.
3) وفي النهج:
لشهادة كل صفة
أنها غير
الموصوف ، وشهادة
كل موصوف
أنه
غير الصفة .
وعند التحقيق
يرجعان إلى
دليل واحد ،
وهو استدلال
على نفي
الصفات
، وحاصله: أن
كل صفة وموصوف
لا بد أن
يكونا
مخلوقين ، إذ
الصفة
محتاجة
إلى الموصوف
لقيامها به ،
والموصوف محتاج
إلى الصفة في
كماله ،
والصفة
غيره ، وكل
محتاج إلى
الغير ممكن ،
فلا يكون شئ
منهما واجبا ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
99
فكذا
المركب منهما
لتركيبه من
ممكنين ، فثبت
احتياجهما
إلى علة ثالثة
لا تكون
موصوفا
ولا صفة ،
وإلا لعاد
المحذور .
وتقرير
آخر: أن
الموصوف
متقدم على
الصفة العارضة
له ، ومن كان
محدث
الصفات يكون
ذاته حادثة ،
وقد قرره المحققون
من علمائنا
بتقريرات
أخرى:
وعبروا عنه بكلمات
متناسبة (1) .
1) أي: ليس من
عرف بالتشبيه
ذاته هو الله
، فيكون (الله)
خبر (ليس)
مقدما
على الاسم ،
ويجوز كونه
اسمها . وفي
بعض النسخ
(فليس الله
عرف من
عرف
بالتشبيه
ذاته) يعني: ان
من شبهه بغيره
من الممكنات
وعرفه بذلك
الشبه
لم
يعرفه كمن
عرفه بالجسم
أو الصورة ،
لان هذا
التعريف لازم
لذوات
الممكنات
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
100
1) أي: بين كنه
ذاته ، أو طلب
الوصول إليها:
إذ لو كنهه
لكان شريكا
للمكنات
في التركيب
وصفات
الامكان ، وهو
ينافي
التوحيد .
وقيل: لان
حصول
الكنه في
الذهن يستلزم
تعدد اقرار
الواجب كما لا
يخفى .
2) أي: جعل له
شخصا ومثالا ،
أو مثله في
ذهنه ، أي: جعل
الصور
الذهنية
مثالا له ، أو
المراد أثبت
له مثلا وشبهه
بغيره
وبرهانه .
كما
قال العالم
الرباني ان
المثل للشئ هو
المشارك له
إما في ذاته
أو بعض
أجزائها
، أو في صفة
خارجة عنها ،
وهو تعالى لا
شريك له في
ذاته ، وإلا
لاحتاج
إلى
مميز من خارج
لا يكون مقتضى
ذاته ، وإلا لكان
مشتركا غير
مميز له ، بل
مقتضى
علة أخرى ،
فيكون واجب
الوجود
محتاجا فيما
يميزه عن غيره
إلى غيره ،
هذا
خلف ، ولا
شريك له في
بعض الاجزاء ،
وإلا لكان
مركبا فكان
ممكنا ، هذا
خلف
، ولا في صفة
خارجة عن ذاته
إذ ثبت أنه لا
صفة له وراء
ذاته (1) .
وقال
في القاموس:
مثله له
تمثيلا صوره
له حتى كأنه
ينظر إليه ،
ومثل
فلانا
بفلان شبهه به
(2) .
3) بالتشديد
، أي: أثبت له
نهاية
كالأجسام ومن
جعله كذلك فلم
يصدق
بوجوده
، بل بممكن
غيره .
وقيل:
المعنى جعله
نهاية الفكر
وزعم أنه وصل
إلى كنهه (3) .
4) أي: لم
يقصده نحوه من
أشار إليه
بالإشارة الحسية
أو العقلية .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
101
وفي
مجالس المفيد
طاب ثراه: من أشار
إليه بشئ من
الحواس .
1) المراد من
التذلل هنا
العبادة ،
والمعنى أن من
حكم بأن له
تعالى أجزاء
وأبعاضا
(1) لم يعبده بل
عبد غيره ،
لأنه سبحانه منزه
عن الاجزاء
والابعاض .
وفي
فقرات هذه
الخطبة دلالة
على أن
الأشاعرة القائلين
بأن له صفات
زائدة
على ذاته ،
والمعتزلة
القائلين
بثبوت
الأحوال ،
والحنابلة الذين
جعلوه جسما
كالأجسام
لم يعبدوه
تعالى ولم
يقولوا بألوهيته
، لأنه تعالى
غير ما زعموه
، وفيه
دلالة
على حقية (2) ما
حكيناه عن
المصنف طاب
ثراه في
مباحثته مع
علماء
الجمهور
في مجلس بعض
الملوك .
2) أي: من تخيل
له في نفسه
صورة أو هيئة
وشكلا . أو
المعنى أن
كلما
تصل
إليه عقول
العارفين فهو
غير كنهه
تعالى ، ويجوز
أن يكون
المعنى أن من
أراده
بعبادته
ومعرفته
بمجرد التوهم
من غير جزم
وعلم بوجوده
واتصافه
بالوحدانية
فهو لم يرده
تعالى ولم
يطلبه ، لأنه
محقق الوجود
لا متوهمه .
3) معناه: أن
كلما يعلم
وجوده ضرورة
بالحواس من
غير أن يستدل
عليه
بالآثار
فهو مصنوع ،
وذلك أن
الباري
سبحانه معروف
من طريقين:
أحدهما
من
أفعاله ،
والآخر بنفسه
، وهي طريقة
الحكماء
الذين بحثوا
في الوجود من
حيث
هو وجود ،
فعلموا أنه لا
بد من موجود
واجب الوجود ،
فلم يستدلوا
عليه
بأفعاله
، بل أخرج لهم
البحث في
الوجود أنه لا
بد من ذات
يستحيل عدمها
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
102
من
حيث هي ، أو
يكون المعنى
أن كلما هو
معلوم بكنه
الحقيقة إما
بالحواس ، أو
الأوهام
، أو العقول ،
فهو مصنوع
مخلوق ، إما
لان كنه الشئ
إنما يعلم من جهة
أجزائه
، وكل ذي جزء
فهو مركب ممكن
، أو لان الصورة
العقلية تكون
فردا
لتلك
الحقيقة
فيلزم التعدد
، وهو يستلزم
التركيب .
ويحتمل
أن يكون
المعنى أن
الأشياء إنما
تعلم بصورها
الذهنية ،
والمعروف
بنفسه
هو نفس تلك
الصورة ، وهو
حال في محل
حادث ممكن
محتاج ، فكيف
يكون
كنه حقيقة
الباري تعالى
شأنه ، فيكون
قوله (وكل
قائم في سواه
معلول)
كالدليل
عليها ، وعلى
الأولين يكون
نفيا لحلوله
تعالى في
الأشياء
وقيامه بها ،
لان
القائم بغيره
محتاج إلى
الغير ، فكان
معلولا له
ولما يقيمه
فيه . ويؤيد
المعنى
الأول
قوله عليه
السلام (بصنع
الله يستدل
عليه) .
1) لأنه
فطرهم على
التوحيد ، كما
في الحديث المشهور
، أو لأنه
خلقهم على
حالة
يضطرون إلى
التصديق به ،
لتكثر الأدلة
في الآفاق وفي
النفوس .
2) قوله (خلق)
على صيغه
المصدر ، أي:
كونه خالقا لهم
ولا يكون
الخالق
بصفة
المخلوق ، بل
يكون مباينا
له في الصفات
صار سببا
للاحتجاب
عنهم .
وبالجملة
فالحجاب هو
نقصهم وما هم
عليه من صفات
الامكان التي
لا
يقدرون
معها على
الوصول إلى
حماه . نعم هذا
الحجاب
يتفاوت غلظا
ورقة
بالنسبة
إلى تفاوت
مراتب الخلق
في طريق السلوك
إليه تعالى ،
فالحد الأول
بل
ران
على قلوبهم
وختم الله على
سمعهم
وابصارهم
غشاوة . والحد
الآخر لو
كشف
الغطاء لما
ازددت يقينا ،
وبين الحدين
بعد الخافقين
ومن المراتب
ما لا
يتناهى
في البين .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
103
1) يعني: لما
باين خلقه في
جميع الصفات
فارق أمكنتهم
، فليس له
مكان
مثلهم
، لأنه لو
اتصف بالأين
لم يكن مباينا
لهم .
2) أي: جعلهم
ذوي أدوات
وأعضاء
يحتاجون
إليها دليل
على أنه ليس
فيه
شئ
منها ، وإلا
لاحتاج إليها
وهو الغني
المطلق ، أو
لأنها
مستلزمة
للتركيب .
وقيل:
معناه أن
الأدوات تشهد
بفاقة أهلها
إلى موجد لكون
المركب
محتاجا
(1) .
3) أي: يعبر
بها عنه لا
أنها عين ذاته
وصفاته كما توهمه
طائفة .
4) يعني:
ليعرفوه بها
ويستدلوا بها
عليه وعلى صفاته
من العلم
والقدرة
والحكمة
ونحوها .
5) من حق إذا
ثبت في موضعه
، ومنه الحقيقة
المقابلة
للمجاز ،
يعني: أن ذاته
تعالى
ثابتة أبدا لا
يعتريها
التغير
والزوال .
وورد في اللغة
الحقيق بمعنى
المكنون ،
أي
أنها مكنونة
عن تلوث
الخواطر .
وورد أيضا بمعنى
الكامل ، يعني
أنها
الكاملة
على الاطلاق .
وفي
بعض النسخ
(تاقة) أي:
موجدة
للحقائق ،
ويجري فيه بعض
ما
تقدم
.
6) لعل معناه
أن حقيقته
وعدم الاطلاع
عليها للعقول
والأوهام
فارق بينه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
104
وبين
خلقه ، لان
حقائقهم
معلومة بالحد
ونحوه .
1) غيور مصدر
بمعنى
المغايرة ،
أي: كونه
مغايرا لما
سواه تحديد له
،
فكل
من سواه مغاير
له بالكنه ،
ويجوز أن يكون
التحديد
بمعنى الحد
الحاجز بين
الشيئين
، يعني: أن
مغايرته لما
سواه هو الحاجز
بينه وبينها ،
فلا تشاركه
بالذات
ولا بالصفات
ولا بالافعال
(1) .
2) الفاء
للتفريع جزاء
الشرط ، أي:
إذا تحققت ما تقدم
من عدم
الاطلاع
على
ذاته وصفاته .
فمن أثبت له
صفة أو طلب
استثباتها
وكيفيتها ،
فقد جهله .
3) أي: من ظن أن
علمه محيطا به
، وأنه عرف
حقيقته ، أو
من جعله
مشتملا
على
مخلوقاته ،
كاشتمال
الجسم المحيط
على المحاط به
، أو من جعل
نفسه
مشتملة
عليه ومحلا له
تعالى ، كما
يقوله أهل
الحلول
والاتحاد من
الصوفية
وغيرهم
. حكي عن
العطار أو
غيره أنه كان
يقول: ليس في
جبتي سوى الله
.
فتكون
جبته مشتملة
على الله ،
تعالى عما
يقول الكافرون
علوا كبيرا .
وفي
بعض النسخ
(اشتمله) أي:
جعله محاطا
بمكان ونحوه .
4) أي من زعم
الوصول إلى
كنهه .
5) لان (كيف)
يسأل بها عن
كيفيات
الأجسام ،
فيقال: كيف
زيد أصحيح أم
سقيم
؟
6) لان (لم)
إنما يطلب بها
تحصيل العلل
للمعلولات ،
كأن يقول: لم
وجد ؟
أولم
صار قادرا
وعالما . وفي
بعض النسخ
(فقد عله) وهو
راجع إلى ما
قلناه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 105
1) أي: متى وجد
؟
2) قال
المحققون فيه
وجوها:
أولها:
أن من قال: حتى
م ؟ فقد جعل
لبقائه غاية ونهاية
، ومن جعل له
غاية
فقد
غاياه ، أي:
حكم باشتراكه
مع المخلوقين
في الفناء ،
فيصح أن يقال:
غايته
قبل
غاية فلان أو
قبله ، ومن قال
به فقد حكم
باشتراكه
معهم في
الماهية ،
ويترتب
عليه ما ذكر
من المفاسد .
وثانيها:
أن من جعل
لبقائه غاية ،
فقد جعل لذاته
أيضا غايات
وحدودا
جسمانية
، بناء على
عدم ثبوت مجرد
سوى الله تعالى
، ويتفرع عليه
ما ذكر .
وثالثها:
أن قوله
(غاياه) معناه
أثبت له علة
غائية أو
فاعلية تسمى
به ،
لان
المعلول
ينتهي إليها ،
وترتب ما ذكر
من باقي
الأمور ظاهر .
ورابعها:
أن من غياه
وجعل له غاية
فقد غاياه ، أي:
أثبت له غاية
تميزه عن
غيره
كالفصل أو
الخاصة ،
لاشتراكه مع
غيره في أصل
الغاية ، فلا
بد من المايز
وهو
المراد من
قوله (غاياه) .
أقول:
يجوز أن يكون
معناه من جعل
له نهاية فقد غاياه
، أي: اشترك
معه في
كون
كل منهما له
غاية ، بناء
على أن صيغة
المفاعلة
تقتضي
المشاركة في
أصل
الفعل
، وإذا اشترك
مع الممكنات
في أصل الغاية
لزم منه ما
فرع عليه من
الأمور .
ويجوز
له معنى آخر
وهو: أن من قال:
حتى م ؟ فقد
تضمن سؤاله
هذا أن له
غاية
، ومن جعل له
غاية يكون قد
غاياه أي نهاه
إلى غايته
وحصره بها .
ويؤيده
أن في مجالس
المفيد رحمه
الله: ومن
غياه فقد حواه
، ومن حواه
فقد ألحد فيه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
106
أو
يكون معناه أن
من قال: حتى م ؟
فقد جعله مغيا
، ومن جعله
مغيا يكون قد
أثبت
له غاية
ونهاية .
1) أي: ان ما
يجري على
الخلق من تغير
الحالات لا يوجب
تغيرا في ذاته
تعالى
، بل إنما
التغير يكون
في الإضافات
الاعتبارية ،
فإنه بالنسبة
إلى الانسان
الحي
محييا ، وبالإضافة
إليه إذا
أماته مميتا ،
كما أنه لما
خلق
للمحدودين
حدودا
يعرفون بها لم
يشاركهم في
جريان الحدود
عليه ، فيكون
ذا حد مثلهم .
2) يعني: له
ثان فيكون هو
واحد من تلك
الاعداد ، بل
وحدته حقيقية
بسيطة
ليس له ثان
ولا شريك معها
.
3) يعني: أن
ظهوره للعقول
لا للحواس .
وتحقيق
المقام: هو أن
معنى ظهوره
تعالى
عبارة عن
انكشاف وجوده
لابصار بصائر
عباده في
جزئيات آثاره
، كما
قال
تعالى (سنريهم
آياتنا في
الآفاق وفي
أنفسهم) (1) وان
كانت مشاهدة
الخلق
له على مراتب
متفاوتة
ودرجات
متصاعدة .
كما
أشار إليه بعض
أهل العرفان ،
حيث قال: ما
رأينا شيئا
إلا ورأينا
الله
بعده
. فلما ترقوا
عن تلك
المرتبة درجة
من المشاهدة
والحضور ،
قالوا: ما
رأينا
شيئا
إلا ورأينا
الله فيه .
فلما ترقوا ،
قالوا: ما
رأينا شيئا
إلا ورأينا
الله قبله .
فلما
ترقوا
، قالوا: ما
رأينا شيئا
سوى الله .
والأولى
مرتبة الفكر والاستدلال
عليه ،
والثانية
مرتبة الحدس ،
والثالثة
مرتبة المستدلين
به لا عليه ،
والرابعة
مرتبة
الفناء
في ساحة عزه .
واعتبار
الوحدة
المطلقة محذوفا
عنها كل لاحق
، أو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
107
يكون
بمعنى الغالب
، يعني: أن
غلبته
بالقدرة
والافناء لا بمباشرة
منه للمغلوب ،
كما
في غلبة
الخلائق
بعضهم لبعض .
1) التجلي:
الانكشاف
والظهور ،
يقال: استهل
الهلال على
المعلوم أو
المجهول
إذا تبين وظهر
، يعني: أن
ظهوره تعالى
من جهة الرؤية
.
2) يعني: أن
خفاءه عن خلقه
لم يحصل من
المزايلة أي
الانتقال ،
بأن
يكون
قد انتقل إلى
مكان خفي فخفي
على خلقه . وورد
الباطن في
أسمائه
تعالى
بمعنى العالم
بالبواطن
والسرائر ، فمعناه
هنا أنه عالم
بالبواطن لا
بانتقال
إليها
حتى يعرفها
بسبب القرب
منها .
3) يعني: أن
المباينة
بينه وبين
خلقه ليس بسبب
بعد المسافة ،
بل بسبب
المباينة
لهم بالذات
والصفات ،
فالمباينة معنوية
لا حسية .
4) يعني: أنه
قريب من حيث
العلم
والقدرة لا من
جهة المكان .
5) أي: ليس
لطفه بسبب أن
له جسما لطيفا
رقيقا ، أو أن
له حجما صغيرا
،
بل
سمي لطيفا
لعلمه بالشئ
اللطيف ، أو
لخلقه له ،
كما جاء في
الرواية (1) .
6) أي: هو فاعل
مختار لا فاعل
موجب ، كما
زعمته الفلاسفة
. وفي نهج
البلاغة:
فاعل لا
باضطراب آلة .
أي: تحريكها .
7) أي: لا
يحتاج في
تقديره وخلقه
إلى جولان
الفكر واعمال
التروي .
8) أي: عزم
واهتمام
وتردد .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 108
1) أي: صاحب
مشيئة لا بقصد
وعزم حادث .
2) أي: أنه لا
يحتاج في
ادراكه إلى
الجس بيد ونحوها
.
3) المجسة:
آلة الجس .
4) لأنه الذي
أحدثها .
5) جمع السنة
وهي النعاس .
6) أي: ليس له
صفات زائدة
على ذاته حتى
تقع حدا له ،
أو أن ما
يذكره
الخلق
من الصفات
التي يصفونه
بها ليست حدا
له ، لأنها
أمور
اعتبارية
عقلية .
7) أي: لا
ينتفع بها
لعدمها فيه .
8) الكون:
الوجود ، أي:
وجوده سابق
على الزمان الوهمي
وغيره .
9) قد قيل فيه
وجوه:
منها:
أن السبق هنا
بمعنى الغلبة
، يعني لما كان
وجوده لذاته
لم يقدر العدم
عليه .
وتفصيله
ما ذكره
الفاضل ابن
أبي الحديد
حيث قال: فان
قلت: ما معناه
؟
وهل
يسبق وجوده
العدم مع كون
عدم العالم في
الأزل لا أول
له ؟ قلت: ليس
يعني
بالعدم هاهنا
عدم العالم ،
بل عدم ذاته سبحانه
، أي: غلب وجود
ذاته عدمها
وسبقها
، فوجب له
وجود يستحيل
تطرق العدم
إليه أزلا
وابدا ، بخلاف
الممكنات
فان عدمها
سابق بالذات
على وجودها ،
وهذا دقيق (1)
انتهى .
ومنها:
أن المراد عدم
الممكنات ،
لأن عدم العالم
قبل وجوده كان
مستندا إلى
عدم
الداعي
إلى ايجاده
المستند إلى
وجوده تعالى ،
فوجوده سبق
عدم الممكنات
أيضا .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
109
ومنها:
أن المراد
إعدام
الممكنات
المقارن لابتداء
وجوداتها ،
فيكون كناية
عن
أزليته وعدم
ابتداء
لوجوده ، على
أن الوارد في
الخبر أن
العدم شئ .
روى
الكشي طاب
ثراه مسندا إلى
علي بن يونس ،
قال: قلت
للرضا عليه
السلام: إن
زرارة
وهشام بن
الحكم
اختلفوا ،
فقال زرارة: النفي
(1) ليس بشئ وليس
بمخلوق
، وقال هشام:
ان النفي (2) شئ
مخلوق ، فقال لي:
قل في هذا
بقول
هشام
ولا تقل بقول
زرارة (3) .
فإذا
صح اطلاق الشئ
عليه كان سبقه
تعالى شأنه عليه
ظاهرا .
1) أي: سبق
وجوده الأزلي
كل ابتداء ،
فليس لوجوده
ابتداء .
وقيل:
المراد أن
أزليته سبق
بالعلة كل
ابتداء (4) .
2) المشاعر:
الحواس
الباطنة ، وهي
آلات الادراك
، ومنه أخذ
الشعور ، أي:
العلم
والادراك .
وقد
قال المحققون
في توجيهه
وجوها:
أولها:
أنه سبحانه
لما خلق لنا
المشاعر
ورأينا
احتياجنا
إليها عرفنا
أنه لا
مشعر
له عز وجل
لأنه الغني
المطلق .
وثانيها:
ما تقرر من
أنه لا شبيه
له من خلقه ولا
من صفاتهم ،
فلا يكون له
مشاعر
.
وثالثها:
ما ذكره
العالم
الرباني (5) في
الشرح من أنه
لو كان له
مشاعر لكان
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
110
وجودها:
إما من غيره
وهو محال ،
أما أولا فلانه
مشعر المشاعر
. وأما ثانيا
فلانه
يكون محتاجا
في كماله إلى
غيره ، فهو ناقص
بذاته ، وهذا
محال . وإما
منه ،
وهو
أيضا محال ،
لأنها إن كانت
من الكمالات
الوهمية كان
موجدا لها من
حيث
هو
فاقد كمالا ،
فكان ناقصا
بذاته ، وهذا
محال ، وان لم
يكن كمالا كان
اثباتها له
نقصا
، لان الزيادة
على الكمال
نقصان ، فكان
ايجادها لها
مستلزما
لنقصانه ،
وهو
محال (1) .
ورابعها:
ما قاله بعض
الأفاضل ، من
أنه قد تقرر
أن الطبيعة
الواحدة لا
يمكن
أن يكون بعض
أفرادها علة
لبعض آخر
لذاته ، فإنه
لو فرض كون
نار
مثلا
علة لنار ،
فغلبة هذه
ومغلوبية تلك:
إما لنفس
كونهما نارا ،
فلا رجحان
لأحدهما
في العلية
وللأخرى في
المعلولية ، بل
يلزم أن يكون
كل نار علة
للأخرى
، بل علة
لذاتها
ومعلولا
لذاتها ، وهو
محال . وان
كانت العلية
لانضمام
شئ
آخر ، فلم يكن
ما فرضناه علة
علة ، بل
العلة حينئذ
ذلك الشئ فقط
، لعدم
الرجحان
في أحدهما
للشرطية
والجزئية
أيضا ، لاتحادهما
من جهة المعنى
المشترك
. وكذلك لو فرض
المعلولية
لأجل ضميمة .
فقد
تبين أن جاعل
الشئ يستحيل
أن يكون
مشاركا
لمجعوله ، وبه
يعرف
أن
كل كمال وكل
أمر وجودي
يتحقق في
الموجودات الامكانية
، فنوعه وجنسه
مسلوب
عنه تعالى ،
ولكن يوجد له
ما هو أعلى وأشرف
منه .
أما
الأول ،
فلتعاليه عن
النقص ، وكل
مجعول ناقص
وإلا لم يكن
مفتقرا إلى
جاعل
، وكذا ما
يساويه في
المرتبة ،
كآحاد نوعه
وأفراد جنسه .
وأما الثاني ،
فلان
معطي كل كمال
ليس بفاقد له
، بل هو منبعه ومعدنه
، وما في
المجعول رشحه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
111
وظله
(1) انتهى .
وخامسها:
ما قاله ابن
أبي الحديد
المعتزلي ، من
أن الجسم لا
يصح منه فعل
الأجسام
، وهذا هو
الدليل الذي
يعول عليه المتكلمون
في أنه تعالى
ليس بجسم (2) .
1) أي: بخلقه
الجواهر
وجعلها جواهر
عرف أن لا جوهر
له ، لأنها
ممكنة
مخلوقة
.
2) لان
المراد من
الضد هنا إن
كان معناه
الحكمي - أعني:
الامرين
الوجوديين
اللذين
يتعاقبان على
محل ويحتاجان
إلى ذلك المحل
- فلا ضد له ،
وإلا
لزم احتياجه
كضده إلى
المحل ، على
أن المصنوع لا
يكون ضد
الصانع . وان
أريد
به المعنى
العرفي - أعني:
الامرين
المتساويين
في القوة
المتقاربين
في
الصفات
- لم يكن له
أيضا ضد بهذا
المعنى ، والا
لزم أن يكون
واجبا ،
ودلائل
التوحيد
نافيه له .
3) أي يجعل
بعضها مقارنا
لبعض ،
كالجواهر
والاعراض ،
والحال
والمحل
عرف
أن لا قرين له
، وإلا لكان
محتاجا في
تحقق ذاته إلى
القرين .
وقال
العالم
الرباني طاب
ثراه: برهان
الكلام أما
أولا ، فلانه
تعالى خالق
المقترنات
ومبدأ المقارنة
بينها ، فلو
كان تعالى
مقارنا لغيره
لكان خالقا
لنفسه
ولقرينه
، وذلك محال .
وأما ثانيا ،
فلان المقارنة
من باب المضاف
، ويمتنع أن
يلحقه
(3) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
112
1) إن كان
المراد من
التضاد معناه
الاصطلاحي ،
ففيه دلالة
على أن
الظلمة
من الأمور
الوجودية ،
كما هو
المشهور .
وقيل:
إنها عبارة عن
عدم الضوء
فتكون عدمية ،
وهو باطل ،
لان كل
مفهوم
من الموجودات
يمكن التعبير
عنه بأمر عدمي
.
2) أي: الوضوح
بالخفاء .
وشراح نهج
البلاغة فسروهما
بالبياض
والسواد .
3) الجسو:
الصلب ، يقال
جسأت الأرض
أي: صلبت .
4) الصرد:
البرد معرب
سرد . والحرور
بالفتح: الرمح
الحار .
5) كتأليفه
العناصر على
تباعدها .
6) كتفريقه
بين أجزاء
المركبات عند
انحلالها ،
والأبدان بعد
موتها .
7) لعل الآية
شاهد على أنه
تعالى لا يتصف
بالمضادة
والمفارقة
ونحوهما
، لما قاله
جماعة من
المفسرين ، من
أن معنى الآية
أن الله تعالى
خلق كل جنس
من
أجناس
الموجودات
نوعين
متقابلين ،
وهما زوجان ،
لان كل واحد
منهما
مزدوج
بالآخر ،
كالذكر
بالأنثى ،
والسواد بالبياض
، والسماء
بالأرض ،
والنور
بالظلمة
، إلى غير ذلك
مما لا يحصى ،
فخلقهم كذلك
ليتذكروا أن
لهم موجدا ليس
على
هذه الصفة .
وقيل:
أنه دليل على
الصانع .
وقيل
في معنى
الزوجين: أن
كل موجود ففيه
زوجان اثنان ،
كالماهية
والوجود
، والوجوب
والامكان ،
والمادة والصورة
، والجنس
والفصل ونحو
ذلك .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 113
وقال
طائفة من
المفسرين:
المراد بالشئ
الجنس ، وأقل
ما يكون تحت
الجنس
نوعان ، فمن
كل جنس نوعان
، كالجوهر منه
المادي
والمجرد ، ومن
المادي
الجماد
والنامي ، ومن
النامي
النبات والمدرك
، ومن المدرك
الصامت
والناطق
. وهذا كله مما
يدل على أنه
واحد لا كثرة
فيه ، فقوله
لعلكم
تذكرون
معناه أنكم
تعرفون من
اتصاف كل
مخلوق بصفة
التركيب
والزوجية
أن خالقها
واحد لا يوصف
بصفاتها .
1) أي: فرق
بالأشياء بين
قبل وبعد ،
حيث خلق بعضها
قبل بعض ليعلم
أنه
تعالى
ليس زمانيا
حتى يتصف بأن
له قبلا أو
بعدا .
2) الغرائز:
الطبائع .
3) أي: من فاوت
بينها .
4) يعني: حجب
بعضها عن بعض
بالحجب
الحسية والمعنوية
ليعلم أن هذا
نقص
لا يتصف به
الباري تعالى
، نعم الحجاب
بينه وبينهم
نقصانهم
وكماله ، ألا
ترى
إلى أن الحجاب
بين الشمس
والخفاش قوة
نورها وضعف
بصره ،
فضعف
بصره هو
الحاجب له عن
الشمس .
5) معنى
الربوبية
القدرة على
التربية ، إذ
هي الكمال لا
التربية
بالفعل
فإنها
من توابعها .
6) يعني: له
استحقاق
العبادة إذ لا
أحد له اله أي: لا
عابد .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
114
1) إنما أقحم
لفظ التأويل
لان سمعه
تعالى ليس حقيقة
بل مأوله
بعلمه
بالمسموعات
.
2) لان معنى
الخالق
القادر على
الخلق
والايجاد ،
ولما لم يكن
مصلحة في
الايجاد
قبل وقته لم
يخلقه .
3) هي
بالتشديد
بمعنى
الخلاقية .
4) أي: كيف لا
يستحق هذه
الأسماء في
الأزل ، والحال
أن مذ الذي هي
لابتداء
الزمان لا تحد
وجوده ، فتغيب
عن علمه شيئا .
وبالجملة فهو
تعالى ليس
بزماني
، فالأشياء
كلها قبل
وجودها وبعد
وجودها حاضرة
عنده ، فقدرته
عليها
قبل
الايجاد
كقدرته عليها
بعده .
5) لأنها
لتقريب
الماضي من
الحال ، وهو
تعالى ليس
زمانيا .
وقيل:
المعنى أنه
ليس في علمه
تفاوت حتى
تقربه من الظن
إلى القطع ،
كما
يقال: قد صار
زيد يعلم
الفقه .
6) لأنها
لترجي الأمور
المستقبلة
الغايبة في الحال
، أو المراد
أنه ليس له شك
في
أمر حتى يقول
لعل ، ومن ثم
ورد في الخبر:
أن ما ورد في
الكتاب
العزيز من
قوله
لعل وعسى ونحوهما
معناه
التحقيق ، عبر
بها لئلا يطمع
العباد في تلك
الأمور
.
7) كأن يقال:
متى وجد ؟
والفقرة
التالية
كالتأكيد له .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
115
1) بأن يقال:
كان معه شئ في
الأزل ، أو
يكون معه في الأبد
حتى الزمان
لخروجه
عنه .
قال
الأستاذ
أبقاه الله
تعالى: يمكن
تطبيق بعض
الفقرات على
ما قيل: إنه
لخروجه
سبحانه عن
الزمان ، كأن
جميع الزمانيات
حاضرة عنده في
الأزل كل
في
وقته ، وبذلك
وجهوا نفي
التخلف مع
الحدوث (1) .
2) الأدوات
والآلات:
الأعضاء
والجوارح ،
يعني: أن هذه
الأدوات
الجسمانية
إنما تحد
وتشير إلى
جسماني مثلها من
نوعها وجنسها
. ويحتمل أن
يدخل
في الآلات
العقل والفكر
، لامتناع
انفكاكه عن
الوهم
والخيال حين
يوجهه
إلى
المعقولات ،
لما تحقق من
حاجته إليها
في التصوير
والتشبيح ،
فكان
لا
يتعلق إلا
بمماثل ولا
يحيط إلا بما
هو في صورة
جسم أو جسماني
، وكذلك
قوله
(وتشير الآلة
إلى نظائرها) .
3) هكذا في
نهج البلاغة .
قال
العالم
الرباني طاب
ثراه: روي
القدمة والأزلية
والتكملة
بالنصب ، وهو
الذي
كان في نسخة
الرضي رحمه
الله بخطه ،
فيكون
مفعولات
ثانية ،
والمفعولات
الأول
الضمائر المتصلة
بالافعال ،
ويكون (مذ) و (قد)
و
(لولا) في
موضع الرفع
بالفاعلية ،
والمعنى حينئذ
أن اطلاق لفظ
(مذ) و
(قد) و (لولا)
على الآلات
يمنعها عن
كونها أزلية قديمة
كاملة ، فلا
تكون
الآلات
محددة له
سبحانه مشيرة
إليه جل شأنه
، إذ هي
لحدوثها
ونقصها بعيدة
المناسبة
من الكامل
المطلق
القديم في
ذاته .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
116
أما
الأولى ،
فلأنها
لابتداء
الزمان ، ولا
ريب أن مذ
وجدت الآلة
ينافي
قدمها
. وأما
الثانية ،
فلأنها
لتقريب
الماضي من
الحال ، فقولك
(قد وجدت هذه
الآلة)
يحكم بقربها
من الحال وعدم
أزليتها .
وأما لولا
فلان قولك في
الأذهان
المتوقدة (ما
أحسنها لولا
أن فيها كذا)
مما يدل على
نقص فيها ،
فيبعدها
ذلك عن الكمال
المطلق .
ويروى
برفع القدمة
والأزلية
والتكملة على
الفاعلية ،
فتكون
الضمائر
المتصلة
مفعولات أول ،
وقد ومذ ولولا
مفعولات
ثانية ، ويكون
المعنى أن قدم
الباري
سبحانه
وأزليته
وكماله
المطلق منعت الآلات
والأدوات من
اطلاق لفظ
(قد) و (مذ) و
(لولا) عليه
سبحانه ، لأنه
تعالى قديم
كامل ، وقد
ومذ لا
يطلقان
إلا على محدث
، ولولا لا
تطلق إلا على ناقص
(1) .
1) في النهج:
بها تجلى
صانعها (2) . وهو
الصواب . أي:
بوجود هذه
الآلات
ظهر وجوده
تعالى للعقول
، إذ كان وجودها
مستلزما
لوجود صانعها
بالضرورة
، واحكامها
واتقانها
شاهد بعلمه ، وحكمته
شهادة تضطر
العقول إلى
الحكم
بها ، ويتفاوت
ذلك الظهور
بتفاوت جلاء النفوس
.
2) أي:
بايجادها
وخلقها بحيث
تدرك بحاسة
البصر ، علم
أنه تعالى
يمتنع أن
يكون
مرئيا مثلها .
وبيانه:
أن تلك الآلات
إنما كانت
متعلق حس البصر
باعتبار أنها
ذات
وضع وجهة ولون
وغيره من
شرائط الرؤية
، ولما كانت
هذه الأمور
ممتنعة
في حقه تعالى
لا جرم امتنع
أن يكون نظر
المحل العيون
، كذا قال
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
117
كمال
الدين ميثم .
وقال
بعض شارحي
النهج في بيان
ذلك: أنه لما
كان بالمشاعر
والحواس
التي
هي الآلات
المشار إليها
أكملت عقولنا
، وبعقولنا
استخرجنا
الدليل على
أنه لا
يصح
رؤيته ، فاذن
بخلق هذه
الأدوات
والآلات لنا
عرفنا أنه يستحيل
أن
يعرف
بغير العقل (1) .
أقول:
مبنى القولين
على أن الضمير
في (بها) راجع
إلى الآلات
والحواس
، ولا يخفى أن
الأولى
ارجاعه إلى
العقول ،
لأنها أقرب
لفظا ومعنى
ويؤيده:
1) لان تحاكم
الأوهام إنما
يكون إلى
العقول ، فهي
القاضي بينها
فيما يختلف
فيه
، لأنها أئمة
الجوارح
البدنية ، كما
ورد في حديث
هشام مع عمرو
بن
عبيد
البصري (2) .
2) أي: كلما
يرتسم في
العقل ويحده
فهو غيره تعالى
، ويجوز أن
يكون
(غيره) مصدرا
بمعنى
المغايرة ،
يعني بالعقول
يثبت مغايرته
تعالى
للممكنات
.
3) أي: من
العقول
استنبط
الدليل على
وجوده وصفاته
تعالى .
4) أي:
بالعقول عرف
الله تعالى
العقول ، أو
أهلها
الاقرار
بالصانع
تعالى
شأنه
.
5) يعني: ان
الايمان هو
التصديق
القلبي ، لكن
الاقرار
باللسان من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 118
مكملات
الايمان ،
وبهذا يجمع
بين الاخبار
والأقوال
الواردة في
حقيقة
الايمان
من أنه
التصديق وحده
، كما قاله
طائفة . أو هو
مع الاقرار ،
أو مع
الاعمال
، ومن ثم قال
بعض المحققين:
أن النزاع
لفظي ، وسيأتي
تحقيقه إن شاء
الله
تعالى
في محل آخر .
1) الديانة:
التدين بدين
الله ، أو من
دان أي: أطاع
وعبد ، أي: لا
عبادة إلا
بعد
المعرفة .
2) وهو
تنزيهه تعالى
عما لا يليق
به من عوارض
الجسمانية (1) .
3) بغيره في
الذات أو
الصفات .
4) قوله
(للتشبيه)
متعلق بالنفي
، أي: لا نفي
للتشبيه مع
اثبات الصفات
الزائدة
له تعالى . وفي
كثير من النسخ
(للتنبيه) .
ومعناه:
أنه لما نفى
التشبيه في
الفقرة الأولى
لزم منه
التعطيل ،
أعني:
النفي
المطلق ،
فقال: ولا نفي
مع اثبات
الصفات لأجل
التنبيه ، كما
يقال: عالم
لا
كالعلماء ،
وقادر لا
كالقادرين ،
للتنبيه على
أن له تعالى
صفات لا كصفات
الممكنات
، فاثبات
الصفات له
دليل على أنه
ليس نفيا محضا
، بل هو نفي عن
صفات
الممكنات .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
119
1) استدل عليه
السلام على
عدم جريان
الحركة
والسكون عليه
بوجوه:
الأول:
أن الحركة
والسكون من
آثاره
ومخلوقاته في
الأجسام ،
فكيف
يكونان
من صفاته
تعالى ، لأنه
لا يتصف بصفات
خلقه ولا
يستكمل بها ،
واستدل
عليه بعض
المحققين بأن
المؤثر واجب التقديم
على الأثر ،
فذلك الأثر
إما
أن يكون
معتبرا في
صفات الكمال ،
فيلزم أن يكون
تعالى
باعتبار ما هو
موجد
له ومؤثر فيه
ناقصا بذاته
مستكملا بذلك
الأثر ،
والنقص عليه محال
وإن
لم
يكن معتبرا في
صفات كماله ،
فله الكمال
المطلق بدون
ذلك الأثر ،
فكان
اثباته
له نقصا في
حقه ، لان
الزيادة على
الكمال
المطلق نقصان
، وهو عليه
تعالى
محال ، أو
لأنه لو جريا
عليه لم ينفك
أحدهما عنه ،
فيدل على
حدوثه ،
كما
استدل
المتكلمون
على حدوث
الأجسام بذلك
.
الثاني:
أنه يلزم أن
يكون ذاته
تعالى
متفاوتة متغيرة
، بأن يكون
تارة
متحركا
وأخرى ساكنا ،
والواجب لا
يكون محلا للحوادث
والتغيرات
لرجوعها
إلى الذات .
الثالث:
أنه يلزم تجزي
ذاته ، لان
الحركة من لوازم
الجسم ، أو
لأنه
يستلزم
مشاركة
الممكنات ،
فيكون مركبا
مما به
الاشتراك وما
به الامتياز .
2) لأنه
حينئذ يكون
مصنوعا ، وكل
مصنوع يكون دليلا
على صانعه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
120
1) يعني: أن
هذا القول
المحال ، وهو
اتصافه
بلوازم
الامكان من
الحركة
وغيرها
لا حجة فيه
ولا دلالة على
مصنوعيته جل شأنه
، لان عروضها
له
محال
، والاستدلال
بالمحال محال
. ويجوز أن يكون
(في) بمعنى (على)
ومعناه
أن هذا القول
المحال وهو
امكانه تعالى
واتصافه بما
ذكر من
الحوادث
ليس
عليه دليل ولا
حجة لبطلانه .
2) يعني: أن
السؤال عنه لا
يستحق الجواب
لكونه سؤالا
باطلا .
3) أي ليس في
اثبات معاني
تلك الصفات
الحادثة تعظيم
له تعالى بل
هو
نقصان
في حقه .
4) أي: ليس في
ابانته تعالى
عن الخلق ضيم
ونقص وعيب
عليه ، الا
بامتناع
الاثنينية
على الأزلي ،
لأنه لو اتصف
بتلك الصفات
الزائدة لكان
القديم
متعددا ،
أعني:
الذات
والصفات .
والآخر أن
الله سبحانه الذي
لا ابتداء له
يلزم أن يكون
له
ابتداء
على تلك
التقادير ،
يعني أن العيب
اللازم عليه
من نفي صفات
الامكان
عنه
هو هذا ، وهذا
ليس بعيب ،
فيكون من باب
قوله صلى
الله عليه
وآله: أنا
أفصح من نطق
بالضاد
بيد أني من
قريش
واسترضعت في
بني سعد ،
وقول الشاعر:
ولا
عيب فيهم غير
أن سيوفهم ***
بهن فلول من
قراع الكتائب
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
121
1) هذه
الخطبة أكثر
كلماتها
مأخوذ من خطب
أمير المؤمنين
عليه
السلام ، فلا
يقدح
فيها
عدم نقاوة
الطريق .
2) هذه المرة
هي التي
أرادها عليه
السلام
واستنهض
الناس لها ،
ثم استشهد قبل
الخروج
إليها .
3) جملة
استينافية
جواب لسؤال
مقدر ، وهو
أنه كيف
يستقيم أن
يخلق لا من
شئ .
4) أي: ليس له
حد جسماني أو
عقلي ، أو أن
ذاته مجهولة ،
فلا تضرب له
الأمثال
، لان المثل
يحكي حقيقة
الممثل به أو صفاته
، وكلاهما هنا
غير معلوم .
5) أي: عجز قبل
الوصول إلى
صفاته ، أو
عند (1) تزيين اللغات
، يعني: أن
الكلام
البديع
المحبر لا
يمكن صاحبه أن
يصف به صفاته
لعدمها ، أو
لرجوعها إلى
الذات
.
6) يعني: أن
وصف الواصفين
له بأنواع
الصفات قاصر
عن تعقل ذاته
، أو أن
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
122
الصفات
المتصرفة
المتغيرة قد
ضلت وعدمت في
ذاته ، فليس
له صفة متغيرة
مثل
صفات
الامكان .
1) الملكوت
من الملك مبالغة
فيه . وقيل: إنه
مخصوص بعالم
الغيب وعالم
المجردات
، والملك
بعالم
الشهادة
وعالم الماديات
، ومذاهب
التفكير طرق
الفكر
الدقيقة .
2) أي: قبل
الاطلاع على
حقيقة علمه
والرسوخ فيه .
3) إن كان
المراد من
الغيب
المكنون ذاته
تعالى ،
فالحجب عبارة
عن
الحجب
المعنوية ،
أي: حجب نور
الكمال وحجب
ظلماتنا ،
وحاصله كماله
ونقصاننا
. وإن كان
المراد منه
العرش وما
فوقه وما تحته
، فالحجب مما
تتناول
الحسية
أيضا .
4) أي: العقول
المرتفعة إلى
تحصيل الأمور
الدقيقة ،
فتكون كلمة
(في)
بمعنى
(إلى) أو
بتضمين الطمح
معنى الدخول .
5) قال العالم
الرباني كمال
الدين ميثم
البحراني:
قيل: إنه مشتق
من البروك
المستلزم
للمقام في
موضع واحد
والثبات فيه .
وقيل: من
البركة وهي
الزيادة .
وبالاعتبار
الأول يكون
إشارة إلى
عظمته باعتبار
دوام بقائه
واستحقاقه
قدم
الوجود
لذاته وبقاء
وجوده لا عن
استفتاح ولا إلى
انقطاع .
وبالاعتبار
الثاني
إشارة
إلى لطفه
وفضله
وهدايته
وجوده والثناء
عليه (1) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
123
وقال
ابن أبي
الحديد:
البركة كثرة
الخير ، ويحتمل
تبارك الله
معنيين:
أحدهما:
أن يراد تبارك
خيره وزادت
نعمته
واحسانه ،
وهذا دعاء .
وثانيهما:
أن يراد تزائد
، وتعالى في
ذاته وصفاته
عن أن يقاس به
غيره ،
وهذا
تمجيد (1) .
1) الهمة:
العزم ،
ويقال: فلان
بعيد الهمة
إذا كانت
ارادته تتعلق
بمعالي
الأمور
، والمراد بها
هنا بعد (2)
الأفكار والأنظار
عبر عنها
بالهمم لمشابهتها
إياها .
2) أي:
بالحدود
الجسمانية أو
العقلانية .
3) في كتبه
وعلى ألسنة
رسله .
4) أي: جعل لها
حدودا
ونهايات
ليعلم أنه ليس
على أوضاعها
وأوصافها ،
كما
قال: خلقت
الخلق لأعرف .
5) يعني: ليس
خلوه منها من
باب خلو الحال
عن المحل إذا
انتقل منه
إلى
غيره .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
124
1) أي: هو حافظ
ورقيب لها
كلها ، أو أنه
قرر على كل شئ
من يحفظه من
ملائكته
إلى وقت فنائه
.
هذا
واعلم أن
الرقيب صفة
يشترك بها
الخالق والمخلوق
، فان تعدت به
(على) فهي
صفة له عز
شأنه . وان
تعدت باللام ،
فهي من حالات
الخلق بالنسبة
إلى
الخالق .
والمراقبة
أحد ثمرات
الايمان ، وهي
رتبة عظيمة من
رتب
السالكين
. قال رسول
الله صلى
الله عليه
وآله: ا عبد
الله كأنك
تراه ، وان لم
تكن تراه فإنه
يراك (1) .
قال
الغزالي:
وحقيقتها
أنها حالة
للنفس تثمرها
نوعا من
المعرفة ،
وتثمر
أعمالا
في الجوارح
والقلب . أما
الحالة فهي مراعاة
القلب للرقيب
. وأما العلم
المثمر
لها ، فهو
العلم بأن
الله مطلع على
السرائر ،
فهذه المعرفة
إذا استولت
على
القلب
، فلا بد أن
تجذبه إلى
مراعاة
الرقيب ، والموقنون
بهذه المعرفة
فهم
الصديقون
، ومراقبتهم
التعظيم
والاجلال
والانكسار من
هيبته بحيث لا
يبقى
فيه
متسع
للالتفات إلى
الغير أصلا ،
وهي مراقبة
مقصورة على
القلب .
وأما
الجوارح ،
فإنها تتعطل
عن الانتقال
إلى المباحات
فضلا عن
المحظورات
، ومن هذه
المرتبة ، فقد
يغفل عن الخلق
حتى لا يبصرهم
ولا يسمع
أقوالهم
، ومثل هذا
بمن يحضر في
خدمة ملك ، فان
بعضهم قد لا
يحسن بما يجري
عليه
في حضرة الملك
من استغراقه
بهيبة . روي أن
يحيى بن زكريا
عليهما
السلام مر
بامرأة
فدفعها على
وجهها ، فقيل
له: لم فعلت بهذا
؟ فقال: ما
ظننتها إلا
جدارا .
الثانية:
مراقبة
الورعين من أصحاب
اليمين ، وهم
قوم غلب بعض
اطلاع
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
125
الله
على ظاهرهم
وباطنهم ،
ولكن لم
تدهشها ملاحظة
الجلال ، بل
بقيت
قلوبهم
على الاعتدال
متسعة للتلفت
للأقوال والاعمال
، إلا أنها مع
ممارستها
للعمل
لا تخلو من
المراقبة وقد
غلب الحياء من
الله على
قلوبهم ،
فيمتنعون عن
كل
أمر قبيح (1) . هذا
مجمل الكلام
في هذا المقام
.
1) أي: منازع .
2) الند:
المثل ،
ويقال: كاثرته
فكثرته إذا
غلبته .
3) بل لعلمه
بالأصلح ، بأن
يكون خلقه على
هذا العدد
والنظام ، وهو
المراد من
قوله
" قضاء مبرم "
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
126
1) أي: جعله
خالصا لنفسه ،
والمجد هو
العظمة والجلال
، والثناء:
المدح
الخالص
. والمراد من
الثناء هنا:
إما ثناؤه تعالى
على نفسه وبما
علمه خلقه ، أ
و
مطلق
الثناء ، لان
كل أفراد
الثناء راجع
إليه ، إذ لا
منعم في
الحقيقة إلا
هو .
2) يقال: هو
يتحمد علي أي:
يمنن ، أي:
أنعم علينا واستحق
الحمد
والثناء ،
بأن
رخص لنا في
تحميده أولا ،
بأن حمد نفسه
ولم يكل حمده
الينا .
وفي
الكافي: توحد
بالتوحيد (1) .
والتمجيد:
اظهار المجد
والعظمة .
3) أي: المغني
للزمان
والزمانيات .
4) الأمد:
امتداد
الزمان ، أي:
الباقي بعد
فنائه .
5) أي:
تغييرها
وفنائها .
أقول:
روى هذه
الخطبة أيضا
إبراهيم بن
محمد الثقفي
في كتاب
الغارات
بأدنى
تغيير في
ألفاظها (2) .
___________________________
شرح نور البراهين
في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 127
1) الياء في
وحدانيا
للمبالغة ،
كالأحمري
مبالغة في شده
الحمرة .
والمراد
هنا
الوحدة
الحقيقية
البسيطة التي
لا يشارك فيها
، والجار
والمجرور
متعلق:
إما
ب (كان) أو
بالوحدانية .
2) أي: مستحقا
للتعظيم ، أو
أنه في نهاية
العظمة ، وكذا
قوله (متكبرا)
والغرض
أن عظمته
وكبرياءه لم
يتوقف على
خلقه لما خلق .
3) ربنا
مبتدأ ، خبره
قوله (فتق)
والظرفان
متعلقان ب
(فتق) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
128
1) أي: فلق
ظلمة الليل
بنور الصبح ، إشارة
إلى قوله
تعالى (فالق
الاصباح) (1) .
2) أي لا راد
له وحقيقته
الذي يعقب
الشئ بالابطال
.
3) المستراح:
محل
الاستراحة ،
أي: لا مفر عن
دعوته .
4) الكينون
والديموم
مبالغة في
الكائن
والدائم .
5) تقدم أن
حجابه هو
نوريته
وظلمانية
خلقه . والطامح:
المرتفع
كالشامخ
والبازخ .
6) أي: محل
نظره واطلاعه
على خلقه محل
أعلى وأجل من
كل محل ، لأنه
محل
العظمة
والجلال ، أو
أن موضعه أعلى
وأجل من أن
ينظر إليه
بالحواس
والابصار
.
7) لأنه لما
احتجب بنور
عظمته لم يكن
مشاركا للممكنات
في
صفاتها
، فيكون واحدا
حقيقيا ، أو
فارقها في جميع
صفاتها ،
فوحدته
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
129
ليست
اعتبارية .
1) يعني به
تفاصيل
العظمة
والجلال
وأحكام الطاعات
والعبادات .
2) أي: عاندوه
وصاروا به
كافرين . وفي
بعض النسخ (عضدوا)
والعضد:
القطع
، أي: بعد ما قطعوا
توحيده
وأنكروا
وحدانيته
وأثبتوا له الشريك
.
3) قوله
(معلوم) وما
بعده من
الصفات
موضحات ومؤكدات
، إذ لو كان
له
أول لكان
معلوما ،
وهكذا قوله
(فيتناهى) لان
اختلاف
الصفات ينافي
الأزلية
.
4) الظاهر
أنه على
البناء
للفاعل ، أي:
ان ما ابتداء
وجوده من
مخلوقاته
ليس
من مادة سابقة
. وجوز بعضهم
أن يكون على
طريق المجهول
.
5) أي: لم يترك
خلق ما يحتاج
إليه في نظام
النوع حتى
يقال هلا خلقه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
130
تحضيضا
وتحريصا على
الفعل ، أو
توبيخا على تركه
.
1) الابتداع:
الايجاد بلا
مادة أو بلا
مثال ، وذلك
لان الصنائع
البشرية
إنما
تحصل بعد أن
يرتسم في
الخيال صورة
المصنوع ، وكل
فعل لا يصدر
إلا
عن
وضعه وكيفيته
أولا ، وتلك
التصورات
تارة تحصل عن
أمثله
للمصنوع
ومقادير
له خارجية
يشاهدها أيضا
الصانع ويحذو
حذوها ، وتارة
تحصل
بمحض
الالهام
والاختراع ،
كما يفاض على
أذهان كثير من
الأذكياء
صورة
شكل
لم يسبق إلى
تصوره ،
فيتصوره
ويبرزه إلى الخارج
.
وكيفية
صنع الله
للعالم منزه
عن الوقوع على
أحد الوجهين .
أما الأول ،
فلانه
لا قبل له فلا
قبل
لمصنوعاته .
وأما الثاني ،
فلانه وان سمي
الفاعل على
وفقه
مخترعا لكن
التحقيق يشهد
بأنه إنما فعل
على ما حصل في
ذهنه من الشكل
والهيئة
، وهما
مستفادان من
الفاعل الأول
جلت عظمته ،
فكان في
الحقيقة
فاعلا
على
مثال محتذيا
لمقدار غيره ،
وعلم الله سبحانه
ليس على النحو
المذكور من
حصول
صورة مساوية
للمعلوم في ذاته
فاذن فعله
بمحض الابداء
والاختراع .
2) يدل على ما
قدمناه من أن
طوائف الناس
غير هذه الفرقة
الامامية لا
توحيد
لهم لما
حققناه ، ولان
ولاية أهل
البيت عليهم
السلام إما
جزء لها أو
شرطا فيها .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 131
1) قال أمين
الاسلام
الطبرسي طاب
ثراه: فيه أقوال:
أحدها:
أن معناه أسلم
من في
السماوات
والأرض بحاله
الناطقة عنه
الدالة
عليه عند أخذ
الميثاق عليه
، عن ابن عباس .
وثانيها:
أسلم أي: أقر
بالعبودية
وإن كان فيهم
من أشرك في
العبادة ،
كقوله
سبحانه
(ولئن سألتهم
من خلقهم
ليقولن الله) (1)
ومعناه ما ركب
الله في
عقول
الخلائق من
الدعاء إلى
الاقرار له
بالربوبية
ليتنبهوا على
ما فيه من
الدلالة .
وثالثها:
أسلم المؤمن
طوعا والكافر
كرها عند موته
، كقوله تعالى
(فلم
يك
ينفعهم
إيمانهم لما
رأوا بأسنا) (2)
ومعناه التخويف
(3) لهم من
التأخر عما
هذه
سبيله .
ورابعها:
أن معناه
استسلم له
بالانقياد
والمذلة ،
كقوله سبحانه
(قالت
الاعراب
آمنا قل لم
تؤمنوا ولكن
قولوا أسلمنا)
(4) أي: استسلمنا .
وخامسها:
أن معناه اكره
أقوام على
الاسلام وجاء
أقوام طائعين
، وهو
المروي
عن أبي عبد
الله عليه
السلام قال:
كرها أي هربا
من السيف .
وقال الحسن
والمفضل
الطوع لأهل
السماوات
خاصة ، وأما
أهل الأرض
فمنهم من أسلم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
132
طوعا
ومنهم من أسلم
كرها (1) .
1) البدئ: إما
مصدر بمعنى
الابتداء ،
أي: لا ابتداء
لوجوده ، أو
على وزن
فعيل
بمعنى مفعل ،
أي: لا مبدئ له
، وقد أنكره جماعة
من المفسرين ،
والعذاب
الأليم
وضرب وجيع
شاهدان على
صحته ، كما
قاله المحققون
منهم .
2) هذه
الفقرة
ونحوها مما
يستدل بها
الأشاعرة على
ما ذهبوا إليه
من أن
علمه
تعالى علة للمعلومات
، ولا يقدر
العبد أن يعمل
خلاف ما علم
منه ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
133
فيكون
مجبورا على
أفعاله ،
والجواب
مستقصى عن هذا
في كتب الكلام
.
والحاصل
أن علمه تعالى
ليس علة
للمعلومات ، لأنه
تعلق بفعل العبد
باختياره ،
ومثاله
في علم الشهود
علمنا بأن
الشمس تطلع غدا
، فهذا العلم
ليس هو بعلة
في
طلوعها
.
1) التقصي:
البعد
المكاني ،
يعني: أن بعده
معنوي لا حسي .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
134
1) وفي كثير
من نسخ النهج:
صف لنا ربنا
حتى كأنا نراه
عيانا (1) . وهذا
اللفظ
وان لم يوجد
هنا إلا أنه
مراد في
المعنى ، وهو
سبب غضبه عليه
السلام كما
قاله
الشراح
.
وذلك
أن العلم
الحاصل من
معرفة الشئ
عيانا علم لا
يمكن تعلقه به
سبحانه
، لان ذاته
تعالى لا يمكن
أن يعلم من حيث
هي هي ، كما
تعلم
المحسوسات
، ألا ترى أنا (2)
إذا علمنا أنه
صانع العالم ،
وأنه قادر حي
سميع ،
وأنه
ليس بجسم ولا
جوهر ، وعلمنا
جميع الأمور السلبية
والايجابية
المتعلقة
به ، فإنما
علمنا سلوبا
وإضافات ، ولا
شك أن ماهية
الموصوف
مغايرة
لماهية
الصفات
والذوات
المحسوسات بخلاف
ذلك ، لأنا
إذا رأينا
السواد
فقد علمنا نفس
حقيقة السواد
لا صفة من صفات
السواد ،
فيستحيل أن
يعلم
الله تعالى ،
كما يعلم الشئ
المرئي عيانا
، فهو عليه
السلام أنكر
هذا السؤال
كما
(3) أنكره الله
تعالى على بني
إسرائيل لما طلبوا
الرؤية ، قال
الله تعالى
(وإذ
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
135
قلتم
يا موسى لن
نؤمن لك حتى
نرى الله جهرة
فأخذتكم
الصاعقة) (1)
ويجوز
أن يكون الوجه
في أنه ظن
امكان
الاطلاع على
حقيقته .
أقول:
يجوز أن يكون
الوجه فيه
ابهام كلامه
أنه لم يعرف
ربه معرفة
يترتب
عليها زيادة
المحبة إلى
ذلك الوقت ،
ولفظ الصلاة
منصوب بفعل
محذوف
، أي: أحضروا
الصلاة حال
كونها جامعة .
1) أي: لا يزيد
في خزائنه ،
كما أن
الاعطاء لا
يفقره ولا
يدخل على
خزائنه
نقصا .
2) منتقص على
صيغة المفعول
، أي: منقوص .
3) بالهمز
الثقة الغني .
4) جمع عائدة
المعروف .
5) أي: كونهم
عيالا له .
6) فان جوده
تعالى لا
يتوقف إلا على
الاستحقاق والاستعداد
، وهذا غير
مناف
للامر
بالسؤال
والدعاء ،
فإنهما من أسباب
الاستعداد
لذلك الجود ،
وفيه
كما
قيل تنزيه له
تعالى عن صفة
المخلوقين ،
لان السؤال
محرك لجودهم
ومغير
لحالاتهم ،
فهم بما سئلوا
أجود منهم بما
لم يسألوا ،
بخلافه
سبحانه .
قال
رجل للرضا عليه
السلام: ما
الجواد ؟
فقال: إن
لكلامك وجهين
، فان
كنت
تسأل عن
المخلوق فان
الجواد هو
الذي يؤدي ما
افترض الله
عليه ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 136
والبخيل
هو الذي يبخل
بما افترض
الله عليه . وان
كنت تعني
الخالق ، فهو
الجواد
ان أعطى ، وهو
الجواد ان منع
، لأنه ان أعطى
عبدا أعطاه ما
ليس له ، وان
منعه
منعه ما ليس
له (1) .
1) أي: ليس هو
تعالى زمانيا
حتى تختلف
عليه الأزمان
.
2) الفلز:
جواهر الأرض .
واللجين:
الفضة .
3) أي: الذهب .
4) أي:
المرجان
المنضد بعضه
فوق بعضه .
والمرجان معروف
، وهو مما
يخرج
من البحار .
وقيل: المراد
منه صغار
اللؤلؤ ، وبه
فسر قوله
تعالى (يخرج
منهما
اللؤلؤ
والمرجان) (2) .
5) على
التفعيل ، أي:
لا يصيره
بخيلا . أو على
بناء الافعال
من قولهم
(أبخله) إذا
وجده بخيلا .
6) الوله:
التحير .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
137
1) أي:
بمكانهم الذي
لا يدانون فيه
.
2) (ان) هنا: إما
للتفسير
الكاشف عن عجز
الملائكة ، أو
بمعنى (إذ)
ظرف
له ، كما في
قوله تعالى
(وعجبوا أن
جاءهم منذر منهم)
(1) أو ان
كلمة
إلى قبلها
مقدرة ،
والآية هكذا
(وإذ قال ربك
للملائكة اني
جاعل في
الأرض
خليفة قالوا
أتجعل فيها من
يفسد فيها ويسفك
الدماء ونحن
نسبح
بحمدك
ونقدس لك قال
إني أعلم ما
لا تعلمون × وعلم
آدم الأسماء
كلها ثم
عرضهم
على الملائكة
فقال أنبئوني
بأسماء هؤلاء
ان كنتم
صادقين قالوا
سبحانك
لا علم لنا)
الآية (2) .
قال
أمين الاسلام
طاب ثراه: ثم
أخبر سبحانه
عن الملائكة
بالرجوع
إليه
والتسليم
لامره ، فقال:
(قالوا
سبحانك) أي:
تنزيها لك
وتعظيما عن أن
يعلم
الغيب
أحد سواك ، عن
ابن عباس .
وقيل: تنزيها
لك عن
الاعتراض عليك
في
حكمك
. وقيل: أنهم
أرادوا أن
يخرجوا
الجواب مخرج
التعظيم ،
فقالوا:
تنزيها
لك عن فعل كل
قبيح وان كنا
لا نعلم وجه الحكمة
في أفعالك .
وقيل: إنه
على
وجه التعجب
لسؤالهم عما
لا يعلمونه .
وقوله
(لا علم لنا
الا ما علمتنا)
معناه أنا لا
نعلم الا
بتعليمك وليس
هذا فيما
علمتنا
، ولو أنهم
اقتصروا على
قولهم (لا علم لنا)
كان كافيا في
الجواب ، لكن
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
138
أرادوا
أن يضيفوا إلى
ذلك التعظيم
له والاعتراف
بانعامه
عليهم
بالتعليم ، وا
ن
جميع
ما يعلمونه
إنما هو من
جهته وإن هذا
ليس من جملة
ذلك ، وإنما
سألهم
سبحانه
عما يعلم أنهم
لا يعلمونه
ليقررهم على
أنهم لا
يعلمون إلا ما
علمهم الله ،
وليرفع
به درجة آدم عليه
السلام
عندهم بأنه
علمه ما لا
يعلمون .
وقوله
(إنك أنت العليم)
أي: العالم
بجميع
المعلومات ،
لأنه من صفات
ذاته
وهو مبالغة في
العالم . وقيل:
أنهم أثبتوا
له ما نفوا عن
أنفسهم ، أي:
أنت
العالم
من غير تعليم
ونحن
المعلمون .
وقوله
(الحكيم)
يحتمل أمرين:
أحدهما أنه
بمعنى العالم
، لان العالم
بالشئ
يسمى حكيما به
(1) ، فعلى هذا
يكون من صفات
الذات مثل
العالم
ويوصف
بها فيما لم
يزل ، لان ذلك
واجب في العالم
لنفسه .
والثاني أن
معناه
المحكم
لأفعاله ،
ويكون فعيلا
بمعنى مفعل ،
وعلى هذا يكون
من صفات
الافعال
، ومعناه أن
أفعاله كلها
حكمة وصواب ،
وليس فيها
تفاوت ولا وجه
من
وجوه
القبح ، وعلى
هذا فلا يوصف
بذلك فيما لم
يزل ، وروي عن
ابن عباس
أنه
قال: العليم
الذي كمل في
علمه ،
والحكيم الذي
كمل في حكمته .
وفي
هذه الآية
دلالة على أن
العلوم كلها
من جهته تعالى
، وإنما كان
كذلك
لان
العلوم لا
تخلو إما أن
تكون ضرورية ،
فهو الذي
فعلها ، وإما
أن تكون
استدلالية
، فهو الذي
أقام الأدلة ،
فلا علم لاحد
الا ما علمه
الله تعالى (2) .
1) الحقب:
بالضم
وبضمتين
ثمانون سنة أو
أكثر ، والدهر
والسنة أو
السنون
.
2) أي: صفات
الامكان ، أو
التجسم ، أو
وصف الواضعين
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 139
1) جملة
اعتراضية .
2) الرجم:
الظن .
3) أي: العي
والعجز .
4) في
النهاية
الأثيرية: قد
عدلنا بالله
أي: أشركنا به
وجعلنا له
مثلا ،
ومنه
قول علي عليه
السلام (كذب
العادلون بك
إذ شبهوك
بأصنامهم) (1) .
5) الهمة:
العزم ، أي:
قدروه تعالى
بتقدير هو
نتيجة
العزمات
الباطلة التي
خطرت
ببالهم ، وذلك
التقدير
والمثال الذي
قدروه ويلزم
منه كونه ذا
أجزاء .
6) القرائح
جمع قريحة ،
وهي القوة
التي يستنبط بها
المعقولات .
7) فيه إشارة
إلى قوله
تعالى (ما
قدروا الله حق
قدره) (2) أي: ما
عرفوا
الله
حق معرفته ،
أو ما عظموا
الله حق
تعظيمه .
8) الهواجس:
الخطرات .
والأحلام:
العقول .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
140
1) أي: إذا
أرادت
الأوهام أن
تقع عليه في
عميقات ملكه
المغيب ، كما
فوق
العرش أو ما
تحت الثرى ،
بأن تتصور
احاطته بها ،
أو تتصوره
تعالى بسببها
رجعت
خاسئة معترفة
بالعجز .
2) بسكون
الطاء مصدر
خطر له خاطر ،
أي: عرض في قلبه
.
3) أي: دقت
مواقع دخولها
بحيث لا تبلغه
الصفات ، أي:
انتهت العقول
إلى
حد
أنها لا تعتبر
مع ملاحظة ذات
الحق صفة بل يحذف
كل خاطر وكل
اعتبار
من
صفة وغيرها عن
ملاحظة قدسه ،
لتناوله علم
ذاته بالكنه .
4) الخاسئ:
المبعد
والصاغر .
5) أي: تقطع .
والمهاوي:
المهالك ،
الواحدة
مهواة ، وهي
ما بين جبلين
أو
حائطين
أو نحو ذلك .
والسدف جمع
سدفة ، وهي
الظلمة
والقطعة من
الليل المظلم
،
مستعار
هنا لظلمات
الجهل ، أي:
ردعها عن تلك
المطالب حال
ما هي قاطعة
لمهاوي
تلك الظلمات ،
وسبب ذلك في
كل من هذه المدركات
هو خلقها
قاصرة عن
ادراك
ما تطلبه من
هذه المطالب
العظيمة ، فالأوهام
لقصورها عن
ادراك ما ليس
بمحسوس
ولا متعلقا
بالمحسوس ردع
أن يقع عليه ،
والقلوب أن
تجري في كيفية
صفاته
، فتحدها
ويحصرها
بخلقها قاصرة
عن ادراك كنه
ما ليس بذي حد
وتركيب ،
فكان
مستند ذلك
الردع هو
قدرته ، فلذلك
قدم على
الشرطية
اعتبار كونه
قادرا .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
141
1) أي: ردت من
جبهت أي: صككت
جبهته .
2) الجور:
العدوان عن
الطريق .
والاعتساف:
قطع المسافة
على غير جادة
معلومة
.
والحاصل
أن قوله (وهي
تجوب) في موضع
النصب على الحال
، وكذلك
متخلصة
، ومعناه أنها
متوجهة
بكليتها إلى
ادراك حقيقة
الذات ،
والمعنى أن
جلاله
تعالى
يردع تلك
العقول
والأوهام في
حال قطعها
مهالك ظلم
الجهالات
والمغيبات
وتخلصها
وتوجهها
التام إلى
معرفته ،
فترجع بعد ذلك
معترفة بأنه
لا
ينال
كنه معرفته
بالعقل الذي
شأنه الجور
والاعتساف .
3) أي: لا يخطر
ببال اولي
الرويات ، أي:
أصحاب الفكر .
4) أي: صورة
مطابقة لشئ من
جلالة عزه ،
لأنه تعالى
منزه عن أن
يحل في
الأوهام
والعقول حتى
يتخيل له صورة
تطابقه (1) ،
فتلك الصورة
مخلوقة ممكنة
.
5) أي: بسببه
أو كائنا فيه
، أي: ان عظمة
جبروته تمنع
عن نفوذ
الابصار فيه .
6) يعني: أنه
سبحانه حجب
الابصار عن
الاطلاع على
حقائق أسراره
وعظيم
جبروته بحجب
لا تنفذ
الابصار في
ثخن كثافته ،
أي: الحجاب
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
142
المذكور
في ضمن الحجب
، فكيف ينفذ
في الحجب كلها
. أو أنه عليه
السلام نزل
الحجب
منزلة
حجاب واحد ،
فأرجع إليها
ضمير الافراد ،
والا
فالمناسب
كثافتها .
1) أي: لا تخرق الابصار
منتهية إلى ذي
العرش جل
جلاله ثخن
خصائص
الستارات ،
وهي نوع من
الحجب ، وهذه
الحجب معنوية
راجعة إلى
تقدسه
تعالى ونقصان
الممكنات ،
فان كل كمال من
كمالاته وكل
نقص من
نقوص
خلقه حجاب
بينهما ،
وحسية إن أريد
الاطلاع على
ما في عالم
ملكوته
، كالسماوات
وما فوقهن وما
بينهن ، فان
الحجب كما
سيأتي كثيرة
جدا .
وإضافة
خصائص إلى
السترات: إما
من باب إضافة
الصفة إلى
الموصوف ،
أي:
ستراته
المخصوصة به ،
أو أنها لامية
أي: خواص
للسترات .
والأظهر أن
خصائص
جمع خصاصة ،
وهي الثقب
الذي في الستر
، وبه سمي
الخص لكثر
ثقبه
. والمعنى: أن
الابصار لا
تخرق متانة
ثقب الاستار
منتهية إلى ذي
العرش .
ويراد
من المتانة
حينئذ مسافة
الفرج .
وفي
بعض النسخ
موضع متانة
(مباثة)
بالباء الموحدة
ثم الثاء
المثلثة
بعد الألف من
باث الشئ يبوث
بوثا أي: بحث
عنه ، فيكون
كما قيل
فاعلا
للخرق ، أي: لا
تخرق الحجب إلى
ذي العرش
البحث عن
خصائص ستراته
.
2) أي: وجه كل
نوع من خلقه
إلى الجهة
التي خلقه لها
، كالانسان
للعلم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
143
والمعارف
والعبادة ،
والخيل
للركوب ،
والفلك
للدوران ،
والنيرين
للإضاءة
ونحو
ذلك ، كما قال
سبحانه (ولكل
وجهة هو
موليها) (1) وقوله
صلى الله
عليه وآله:
كل ميسر
لما
خلق له (2) .
1) أي: أن
الأشياء التي
خلقها وحددها
بالحدود لم
تبلغ منزلة
رفعته جل
شأنه
. ويجوز كما
قيل: ارجاع
الضمير إلى
الشئ ، أي: ان
الخلق
المحدود لكل
واحد
منزلة هيأه للبلوغ
إليها ، فلم
يصل إليها
تقصيرا منه ،
فان الخلق
يقدرون على
ضروب
الطاعات
والمعارف فوق
ما يحصل منهم .
ويجوز
أن يضمن يبلغ
معنى يتجاوز ،
أي: لم يتجاوز
شئ من
مخلوقاته
حدود
منزلته التي
هيأه لها
واستعده
لأجلها ، كالنبي
للنبوة ،
والامام
للإمامة ، فلا
يبلغ
درجة النبوة ،
والعالم
للعلم ، فلا
يترفع إلى
درجة الإمامة
، وعلى هذا
القياس .
وفيه
ابطال لما زعم
(3) طائفة من
الصوفية من أن
العبد
بالرياضات
البدنية
يمكنه التوصل
إلى منزلة
النبوة ، بل ما
هو فوقها
وأعظم منها ،
ومن ثم
توصل
شيخهم العطار
إلى قوله (ليس
في جبتي سوى الله)
تعالى عما
يقول
الكافرون
علوا كبيرا .
ويؤيد
هذا المعنى
الأخير ما في
النهج وهو قوله:
قدر ما خلق
فأحكم
تقديره
، ودبره فألطف
تدبيره ،
ووجهه لوجهته فلم
يتعد حدود
منزلته ، ولم
يقصر
دون الانتهاء
إلى غايته (4) .
2) أي: لم
يمتنع .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 144
1) المعاناة:
مقاساة
الشدائد .
واللغوب:
التعب والاعياء
. يعني: أنه
تعالى
خلق
الأشياء على
ما ذكر من غير
تعب دخل عليه .
2) من الكيد:
وفي بعض النسخ
بالباء
الموحدة من قولهم
كابدت الامر
إذا
قاسيت
شدته .
3) أي: لم يتأخر
عن الوقت الذي
أراد وجوده
فيه لأجل إجابة
ارادته تعالى
.
4) أي: لم يعرض
الأشياء دون
ارادته بطوء
ولا تأخير ،
أو أنه تعالى
لم
يعترض
له عند إرادة
ايجادها ما
يوجب عليه البطوء
والتأخير ،
كما يعترض لنا
دون
إرادتنا ما
يمنعنا عن
انجازها من
ضعف الآلات
وحصول الموانع
.
5) المتأخر
والمتوقف .
6) الأود
بالتحريك
الاعوجاج .
7) أي: بين
علامات
حدودها ، كما
مر من أنه
سبحانه جعل
لكل ضرب من
صنوف
خلقه حدا
ومرتبة لا
يقدر على
تجاوزها ، فهو
تعالى قد بين
تلك الحدود .
ويجوز
أخذه من
النهاية ، أي:
ان علامات
حدودها ضرب له
نهاية ، وهو
قريب من
الأول
بل هو عينه .
8) قيل فيه
معان:
الأول:
أن المراد
بالقرائن ما
اقترن بها من
الهيئات
والاشكال
والحدود
والغرائر ،
ولكل
واحد من
الاقترانات
أسباب وهو
الذي أوجدها ،
لأنه مسبب
الأسباب .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 145
الثاني:
أن المراد من
القرائن
النفوس
المقرونة
بالأبدان ،
وسبب بقائها
في
الأبدان
اعتدال
الأمزجة ، وهو
مستند إليه سبحانه
.
الثالث:
معناه أنه
هداها لما هو
الأليق بها في
أمور داريها .
ويخطر
بالبال معنى
آخر ، وهو أنه
سبحانه هيأ أسباب
اقترانها
وائتلافها
، كالمحبة
والاخوة
والزوجية
والقرابة
والمجانسة
ونحو ذلك .
1) المراد
بالجنس هنا ما
هو أعم من
معناه المنطقي
.
2) خبر مبتدأ
محذوف ، أي: هي
بدايا
مخلوقات ، وهي
جمع بدية: إما
بمعنى
الحالة
العجيبة ، أو
الحالة
المبتدأة المبتكرة
، وكلاهما
مناسب .
3) إما أن يكون
انتظم هنا
بمعنى نظم ،
أو يكون علمه
منصوبا بنزع
الخافض
، أي: انتظم في
علمه أحوال
جميع المذروات
أي المخلوقات
، فيكون
علمه
تعالى كالسلك
لنا .
وحاصله
أنه سبحانه
عالم بكليات
الأشياء وجزئياتها
، وعليه اتفاق
جمهور
المتكلمين
والحكماء .
أما
المتكلمون ، فظاهر
. وأما
المحققون من
الحكماء
، فملخص
كلامهم مجملا
في كيفية علمه
تعالى أنه
يعلم ذاته
بذاته ،
ويتحد
هناك المدرك
والمدرك
والادراك ،
ولا يتعدد إلا
بحسب
الاعتبارات
العقلية
التي تجدها
العقول
البشرية .
وأما المعلولات
القريبة منه ،
فيكون بأعيان
ذواتها
، ويتحد هناك
المدرك
والادراك ،
ولا يتعددان
إلا
بالاعتبار العقلي
ويغايرهما
المدرك .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
146
وأما
المعلولات
البعيدة
كالماديات
والمعدومات
التي من شأنها
امكان أن
توجد
في وقت أو
تتعلق بموجود
، فيكون بارتسام
صورها
المعقولة في
المعلولات
القريبة التي
هي المدركات
لها أولا
وبالذات ،
وكذلك إلى أن
ينتهي
إلى
ادراك
المحسوسات
بارتسامها في
آلات مدركها ،
قالوا: وذلك
لان الموجود
في
الحاضر حاضر ،
والمدرك
للحاضر مدرك
لما يحضر معه
، فاذن لا
يعزب عن
علمه
مثقال ذرة .
وأما غير
المحققين
منهم ، فقد
أطلقوا القول
بأنه لا يعلم
الجزئيات
على الوجه
الجزئي ،
ولتحقيق
الكلام فيه
موضع آخر .
1) التلاحم:
الالتئام
والالتصاق .
والحقة بالضم:
رأس الورك
الذي فيها
عظم
الفخذ ورأس
العضد ،
والجمع أحقاق
وحقاق بالكسر
، أي: ان من
شبهه
بخلقه
في ربط مفاصلهم
ودخول بعضها
في بعض ، وكون
المفاصل محتجبة
بما
يسترها
، فلم يعقد ما
غاب من ضميره
، أي قلبه الغائب
عن المشاهدة
على
معرفته
تعالى ، لانة
شبهه بخلقه
وليس كمثله شئ
.
2) أي: لم تصل
العقول إلى
نهايته
وحقيقته حتى
يكيفه
بكيفيات
المخلوقين
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
147
1) أي: متغيرا
من حالة إلى
حالة .
2) قال أمين
الاسلام
الطبرسي طاب
ثراه: ما قدروا
الله حق قدره
، أي: ما
عظموه
حق عظمته إذ
عبدوا غيره .
وقيل: معناه
وما وصفوا
الله حق صفته
إذ
جحدوا
البعث ،
فوصفوه بأنه
خلق الخلق
عبثا ، وأنه
عاجز من
الإعادة
والبعث .
(والأرض
جميعا قبضته
يوم القيامة)
القبضة في اللغة:
ما قبضت عليه
بجميع
كفك ، أخبر
الله سبحانه
عن كمال قدرته
، فذكر أن
الأرض كلها مع
عظمها
في
مقدوره ،
كالشئ الواحد
يقبض عليه
القابض بكفه ،
فيكون في
قبضته ، وهذا
تفهيم
لنا على عادة
التخاطب فيما
بيننا ، لأنه يقال:
هذا في قبضة
فلان وفي يد
فلان
إذا هان عليه
التصرف فيه
وان لم يقبض
عليه .
وكذا
قوله
(والسماوات
مطويات
بيمينه) أي:
يطويها
بقدرته ، كما
يطوي
الواحد
منا الشئ
المقدور له في
طيه بيمينه ،
وذكر اليمين
للمبالغة في
الاقتدار
والتحقيق
للملك ، إذ
ليس الملك
يختص باليمين دون
الشمال . وقيل:
معناه
أنها
منصوبات (1)
بقوته ،
واليمين
القوة (2) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
148
1) وذلك أن
القرآن
والسنة قد
نطقا بصفات
الله ، من
كونه قادرا
عالما حيا
مريدا
سميعا بصيرا ،
ونطقا
بتنزيهه عن
سمات الحدوث ،
كالجسمية
والحلول
والجهة
والرؤية ، فلا
انكار على من
طلب في مدارك
العقول وجوها
يعضد
(2) ما جاء به
القرآن
والسنة ،
ويوافق من الآيات
بعضا دون بعض
،
ويحمل
أحد اللفظين
على الآخر إذا
تناقضا في الظاهر
صيانة لكلام
الحكيم
عن
التعارض .
وأما
إذا لم يأت
الكتاب
والسنة فيه
بشئ ، فهو الذي
حرم على
المكلفين
الفكر
فيه ، وهو من
خيالات
الشيطان ،
كالكلام في
المهية ،
وكإثبات صفة
زائدة
على الصفات
المعقولة
لذات الباري ،
وهو كما قيل
على قسمين:
أحدهما:
ما
لم يرد فيه نص
، كاثبات
الماتريدية
صفة سموها
التكوين زائدة
على القدرة
والإرادة
. والثاني: ما
ورد فيه لفظه
وأخطأ بعض أهل
النظر ، فأثبت
لأجل ذلك
اللفظ
صفة غير
معقولة
للباري تعالى
، نحو قول الأشعري
ان اليدين صفة
من
صفات
الله ،
والاستواء
على العرش صفة
من صفات الله
، وان وجه
الله صفة
من
صفاته أيضا .
وقد
تأول القطب
الراوندي هذا
الكلام على من
يقول: لم كان
خمس
صلوات
؟ وهلا كانت
ستا أو أربعا
؟ ولم جعل الظهر
أربع ركعات
والصبح
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
149
ركعتين
؟ . وهذا
التأويل لا
يخفى ما فيه ،
لان هذا
الكلام خارج
مخرج
الانكار
عن صفات
الباري تعالى
شأنه ، ولم
يقع السؤال عن
أعداد
الصلوات ،
وكلامه
عليه
السلام صريح
في أن البحث
إنما هو في
النظر العقلي
.
وقال
شيخنا
المعاصر سلمه
الله تعالى:
اعلم أن من
المفهومات
مفهومات
عامة
شاملة لا يخرج
منها شئ من
الأشياء لا
ذهنا ولا عينا
، كمفهوم الشئ
والموجود
والمخبر عنه ،
وهذه معان
اعتبارية يعتبرها
العقل لكل شئ .
إذا
تقرر هذا
فاعلم أن
جماعة من
المتكلمين ذهبوا
إلى مجرد
التعطيل ،
ومنعوا
من اطلاق الشئ
والموجود
وأشباههما عليه
، محتجين بأنه
لو كان شيئا
لشارك
الأشياء في
مفهوم
الشيئية ،
وكذا الموجود وغيره
، وذهب إلى
مثل هذا
بعض
معاصرينا ،
فحكم بعدم
اشتراك مفهوم
من المفهومات
بين الواجب
والممكن
، وبأنه لا
يمكن تعقل
ذاته وصفاته
تعالى بوجه من
الوجوه ،
ويكذب
جميع الأحكام
الايجابية
عليه تعالى ، ويرد
قولهم
الاخبار ،
وبناء
غلطهم
على عدم الفرق
بين مفهوم
الامر وما صدق
عليه ، وبين
الحمل الذاتي
والحمل
العرضي ، وبين
المفهومات
الاعتبارية
والحقائق
الموجودة .
ويرشد
إليه ما رواه
ابن أبي نجران
قال: سألت أبا
جعفر الثاني عليه
السلام عن
التوحيد
، فقلت: أتوهم
شيئا ، فقال:
نعم غير معقول
ولا محدود ،
فما وقع
وهمك
عليه من شئ
فهو خلافه ،
لا يشبهه شئ
ولا تدركه
الأوهام (1) .
وحاصله:
أن ذاته تعالى
وإن لم يكن
معقولا لغيره
ولا محدودا
بحد ، إلا أنه
مما
يصدق عليه
مفهوم الشئ ،
لكن كلما
يتصور من
الأشياء فهو
بخلافه ، لان
كل
ما يقع في
الأوهام
والعقول ،
فصورها
الادراكية
كيفيات
نفسانية وأعراض
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
150
قائمة
بالذهن ،
ومعانيها
مهيات كلية
قابلة للاشتراك
والانقسام
فهو بخلاف
الأشياء
انتهى (1) .
وسيأتي
تحقيقه ان شاء
تعالى في باب
اطلاق أنه شئ .
1) المراد
بهم الذين
اقتصروا في
صفات الله تعالى
وملائكته
وعالم غيبه
على
ما أوفقتهم
الشريعة عليه
على سبيل
الجملة ، كما
أوصل إلى
إفهامهم
الرسول
صلى الله
عليه وآله ،
وعقلوا في
وصفه تعالى
بصفات الكمال
ونعوت الجلال
أنه ليس
على
حد وصف البشر
بها ورسخ في
أذهانهم ما
تصوره إجمالا
لو فصل
لكان
متابعا .
2) أي:
الاغلاق ، وهي
حجب الأنوار
التي حجب بها
أهل القسم
الثالث ،
كما
سيأتي بيانه
بعيد هذا .
3) أقول: هذه
الخطبة رواها
شيخنا
الكليني (2) عطر
الله مرقده ،
فيكون الحال
فيها
كما قدمناه في
غيرها من صحة
الطريق وان لم
يصح بهذا
الاصطلاح
الطاري .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
151
1) المراد
بالأمد
الغاية
الأزلية ،
يعني: لا أول
لوجوده .
2) أي: انهم
محجوبون عنه
تعالى لأجل
تقدس جلاله عما
يمكن في
ذواتهم
من سمات
الامكان .
وعبارة الكافي
هكذا: فالحجاب
بينه وبين
خلقه
إياهم
لامتناعه إلى
آخره . فيكون
الحجاب هو كونه
تعالى خالقا .
وقد
تحقق سابقا أن
المخلوق لا
يشبه الخالق ،
فلو لم يكن
محجوبا
بتلك
الحجب ، وقعت
المشابهة ،
وهذا ظاهر .
إذا
عرفت هذا
فاعلم أن هذا
الخبر قد تضمن
ذكر الحجب ،
والحديث السابق
اشتمل
على لفظ السدد
المضروبة ،
وقد كشف العالم
الرباني كمال
الدين ميثم
عن
السدد
المضروبة
وحجب الغيوب ،
بأن في الخبر
عن سيد
المرسلين صلى الله
عليه وآله
إشارة
إليه ، وهو
قوله صلى
الله عليه
وآله: إن لله
سبعين حجابا
من نور وظلمة
، لو كشفها
لأحرقت
سبحات وجهه كل
من أدرك بصره .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
152
ولما
ثبت أن الله
تعالى متجلي
لذاته بذاته ،
فالحجاب لا بد
أن يكون
بالنسبة
إلى
محجوب ،
فأقسام
المحجوبين
ثلاثة ، منهم:
من حجب بمجرد
ظلمة ،
ومنهم:
من حجب بمجرد
نور ، ومنهم:
من حجب بنور
مقرون بظلمة .
الأول:
وهم
المحجوبون
بمجرد الظلمة
، وهؤلاء هم
الملحدون
الذين لا
يؤمنون
بالله ، فمنهم
من أحال صنع
العالم على الطبع
، وهو صفة
جسمانية
مظلمة
خالية عن
الادراك ،
ومنهم من عاش
عيش البهائم ،
وكانوا
محجوبين
بكدورات
نفوسهم وشهواتهم
المظلمة ، ولا
ظلمة أشر (1) من
الهوى ، ولذلك
قال
الله تعالى
(أفرأيت من
اتخذ إلهه
هواه) (2) .
الثاني:
وهم
المحجوبون
بنور مقارن
للظلمة ، وهم
ثلاثة أصناف ،
فصنف
منهم
منشأ ظلمته
الحس ، ومنهم
من منشأه
الخيال ، وصنف
منهم منشأها
قياسات
عقلية فاسدة .
والأولون
أيضا طوائف
منهم عبدة
الأوثان ،
فإنهم
علموا
على سبيل
الجملة أن لهم
ربا أوجبوا
إيثاره على
أنفسهم ،
واعتقدوا أنه
أعز
وأنفس من كل
شئ ، ولكنهم
حجبوا بظلمة
الحس عن أن
يتجاوزوا
عالم
المحسوس
في إثبات ربهم
، فاتخذوا من
أنفس الجواهر
كالفضة
والذهب
والياقوت
أشخاصا مصورة
بأحسن صورة ،
فجعلوها آلهة
، فهؤلاء
محجوبون
بنور العز
والجلال من
صفات الله ،
لكنهم وضعوها
في الأجسام
المحسوسة
، فصارت حجبهم
أنوارا مكدرة
بظلمة الحس ،
إذ الحس ظلمة
بالنسبة
إلى عالم
المعقولات .
وأما
المحجوب ببعض
الأنوار
المقرونة
بظلمة الخيال
، فهم الذين
جاوزوا
الحس
، وأثبتوا
وراء المحسوس
أمرا ، لكنهم
لم يهتدوا إلى
مجاوزة
الخيال ،
فعبدوا
موجودا قاعدا
على العرش
فأخسهم رتبة المجسمة
ثم الكرامية .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
153
وأما
المحجوبون
بأنوار
مقرونة بمقايسات
فاسدة مظلمة ،
فعبدوا إلها
سميعا
بصيرا متكلما
عالما قادرا
منزها عن الجهات
، لكن فهموا
هذه الصفات
على
حسب [مناسبة]
صفاتهم ،
وربما صرح
بعضهم به ،
فقال: كلامه
ككلامنا ،
وربما
ترقى بعضهم ،
فقال: لا بل هو
كحديث أنفسنا
ولا صوت ولا
حرف ،
فهؤلاء
محجوبون بجمل من
الأنوار مع
ظلمات
المقايسات
العقلية .
القسم
الثالث:
المحجوبون
بمحض الأنوار
، وهم أصناف ،
منهم من عرف
معاني
هذه الصفات ،
وفرقوا بين
إطلاقها على الله
تعالى وبين
إطلاقها على
البشر
، فتحاشوا عن
تعريفه بهذه
الصفات ، وعرفوه
بالإضافة إلى
المخلوقات ،
فقالوا:
ربنا رب
السماوات
والأرض ، لن
ندعو من دونه
إلها ، وهو
الرب المنزه
عن
هذا المفهوم
الظاهر ، وهو
محرك
السماوات ومدبرها
.
ومنهم
من تجلى لهم
أن هذا المطاع
في سماواته وأرضه
موصوف بصفة
الوحدة
المطلقة
والكمال
البالغ ،
وكشفت عنهم
حجب
المقايسات
والاعتبارات
إلى
الغير ، وهم
الواصلون (1) .
هذا ملخص ما
قاله وسيأتي
له زيادة
تحقيق إن
شاء
الله تعالى .
1) معناه: ان
واحديته
تعالى ليس
بمعنى كونه
تعالى مبدأ
لكثرة تعديه ،
ويكون
معدودا من
جملتها ، كما
يقال في أول
العدد واحد ،
لأنه كان
واحدا
بمعنى
أنه من جملة
الآحاد
المعدودة ،
لكان داخلا في
الكم المنفصل
، وكان
موصوفا
بالعرض ، وكل
موصوف مقرون ،
وكل مقرون مثنى
، بل هو تعالى
واحد
بمعنى
أنه لا ثاني
له في الوجود
، وبمعنى أنه لا
كثرة في ذاته
بوجه ، لا
ذهنا
ولا
خارجا ،
وبمعنى أنه لم
يفته من كماله
شئ ، بل كل
كمالاته
حاصلة بالفعل
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
154
1) تفريقها
كما قيل: إما
عبارة عن بعث
القوة الباصرة
وتوزيعها على
المبصرات
، وهذا المعنى
على قول من
جعل الابصار
بآلة الشعاع
الخارج من
العين
المتصل بسطح
المرئى أظهر ،
فإن توزيعه أوضح
من توزيع
الآلة على
قول
من يقول إن
الادراك يحصل
بانطباع صورة
المرئى في
العين . ومعنى
التفريق
على القول
الثاني هو
تقليب الحدقة
وتوجيهها مرة
إلى هذا
المبصر
ومرة
إلى ذاك ، كما
يقال: فلان
مفرق الهمة
والخاطر وزع
فكره على حفظ
أشياء
متباينة ،
ومراعاتها
كالعلم
وتحصيل المال
.
2) أي: الحاضر
من غير مماسة
الأشياء
بالأين ونحوه
.
3) البراح:
الزوال عن
المكان ، وفي
النهج لا بتراخي
مسافة (1) .
4) الاجتنان:
الاستتار ،
أي: العالم
بالبواطن لا
بدخوله إليها
واستتاره
فيها ، أو
الخفي
عن الخلق لامن
جهة الاستتار
عنهم بمكان
خفي ، بل من
عجز العقول عن
إدراكه .
5) القمع:
الضرب
بالمقمعة من
عصا ونحوه .
وجوائل الأوهام:
الأوهام
الجائلة
في الأفكار .
وحاصله: أن
الأوهام التي
جالت في
الوصول إلى
حقيقة
وجوده
أو ابتدائه
رجعت مضروبة
بعصا الوجود ،
إذ لم تنله ،
وجوز بعضهم
كون
الوجود
هنا بمعنى
الوجدان .
6) الديانة
مصدر دان يدين
، والمعنى: أن
أول التدين بدين
الله الذي أمر
عباده
بالتدين
والدخول في
العبودية
والتذلل له
كما يليق
بكبرياء
كماله وعز
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
155
جلاله
، معرفته
سبحانه ، فمن
لم يكن ذا معرفة
به لم يكن ذا
دين .
1) لان
المراد
بمعرفته
العلم بوجوده
وعينية صفاته
، والتقدس عما
لا
يليق
بجبروته ،
وكمال هذه
المعرفة
اعتقاد كونه
متوحدا غير
مشارك لغيره
في
الإلهية
وفي صفاته
الذاتية
الحقيقية .
2) أي: الصفات
الزائدة على
ذاته ، ونعني
بالصفة ذات
موجودة قائمة
بذاته
، فإن من أثبت
له علما قديما
أو قدرة قديمة
، لزم عليه مع
القول بتعدد
القدماء
أن يعلم بذلك
العلم
معلومات
محدودة محصورة
، وواجب أن
يقدر بتلك
القدرة
على مقدورات
محدودة .
وهذه
المقدمة
ثابتة في كتب
المتكلمين
بما يذكرونه
في تقرير أن
العلم
الواحد
لا يتعلق
بمعلومين ،
وأن القدرة
الواحدة لا
يمكن أن تتعلق
في الوقت
الواحد
من الجنس
الواحد إلا
بجزء واحد ،
فقد ثبت أن من
أثبت المعاني
القديمة
، فقد أثبت
الباري تعالى
محدودا بالعالمية
والقادرية ،
ومن قال بذلك
فقد
جعله من جملة
الجماعة
المعدودة
فيما بيننا
كسائر البشر ،
وهذا معنى قول
أمير
المؤمنين عليه
السلام: من
وصفه فقد حده
ومن حده فقد
عده ومن عده
فقد أبطل
أزله
. كما سيأتي
بعد هذا .
3) أي: مباينة
كل واحد منهما
للآخر
ومغايرته له ،
وفي الكافي:
بالتثنية
(1) . أي: التعدد .
وهو الأظهر .
4) لما كان
عده عبارة:
إما عن جعله
مبدأ لكثرة
معدودة أو عن
كونه ذا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
156
أجزاء
معدودة ، وكان
ذلك من لواحق
الممكنات والمحدثات
الغير
المستحقة
للأزلية
بالذات ، لا
جرم كان من
عده بأحد
الاعتبارين
مبطلا أزله
الذي
يستحق أزله .
1) لأنها
سؤال عن
الكيفية
والصفة ، وهو
معنى قوله: قد
استوصفه .
2) لأنه إذا
كان ذا أين
يلزمه خلوه من
الأين الآخر ،
وهو عز شأنه
في كل مكان .
3) وذلك أن
العلم عبارة
عما هو مناط
انكشاف المنكشف
على العالم ،
وكون
العالم مطلعا
عليه ، وهو
فينا كيفية
وقوة قائمة
بذواتنا
وأنفسنا ، ولا
كذلك
في حقه سبحانه
، إنما مناط
هذه الأمور ثمة
الأحدية
المقدسة عن
شوائب
الكيفيات
والقوى ، فهو
سبحانه موصوف
بها بذاته ،
ولا يسلب شئ
منها
عنه بالنسبة
إلى شي مما
يصح نسبته
إليه ، فلا
يكون عالما
بشئ غير عالم
بشئ
، فهي من صفات
الذات وهي
مناطها ، وقس
عليه باقي
الفقرات .
4) الياء في
صمدي
للمبالغة
كالأحمري ،
وقد ذكر المحققون
لهذه الفقرة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
157
ضروبا
من المعاني:
منها:
أن المراد
بالظل هنا
الشخص والبدن
، قال أرباب
الحديث: ومنه
حديث
ابن عباس:
الكافر يسجد
لغير الله
وظله يسجد لله
. قالوا: معناه
يسجد له
جسمه
الذي عنه الظل
، والمعنى:
انه سبحانه
ليس له بدن
وتشخص يحفظ به
روحه
ويوجد به فيما
بين
الموجودات ،
لكنه تعالى
يحفظ الأشياء
في ضمن
اشخاصها
إلى وقتها
المعلوم .
ومنها:
أن المراد من
الظل الكنف
والملجأ ، كما
يقال: فلان في
ظل فلان ،
والملوك
ظل الله في
الأرض ،
لالتجاء
الخلق إلى
ظلالهم
وحماهم ،
يعني: أنه
تعالى
ليس له ملجأ ،
وهو يمسك
الأشياء عن
التلف والتعب
بأسبابها .
ومنها:
أن المراد
بالظلال
المثل
الأفلاطونية
، وذلك أن
الحكيم
أفلاطون
ذهب إلى ثبوت
واسطة بين
الموجود
والمعدوم
وسماها الثابتات
،
ومثلها
بالصور
الظاهرة في
المرايا ،
فإنها غير
موجود في
الخارج ،
لكنها ثابتة
في
نفس الامر
والواقع ، وهو
تعالى وتقدس
الحافظ لها
كما هو حافظ
لأصولها
الاعيانية
الموجودة في
الخارج .
قال
صاحب
الفتوحات
المكية في الباب
الثامن منها:
إن من جملة
العوالم
عالما
على صورنا ،
إذا أبصرهم
العارف يشاهد
نفسه فيها ،
وقد أشار إلى
ذلك
عبد
الله بن عباس
فيما روي عنه
في حديث
الكعبة: أنها
بيت واحد من
أربعة
عشر
بيتا ، وأن في
الأرضين
السبع خلقا
مثلنا ، حتى
إن فيهم ابن
عباس مثلي ،
وصدقت
هذه الرواية
عند أهل الكشف
، وكل ما فيه
حي ناطق وهو
باق لا
يتبدل
، وإذا دخله
العارفون
فإنما
يدخلونه بأرواحهم
لا بأجسامهم ،
فيتركون
هياكلهم
في هذه الأرض
ويتجردون ،
وفيها مدائن
لا تحصى ،
وبعضها يسمى
مدائن
النور ، لا
يدخلها من
العارفين إلا
كل مصطفى
مختار ، وكل
حديث
وآية
وردت عنها مما
صرفها العقل
عن ظاهرها وجدناها
على ظاهرها في
هذه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
158
الأرض
، هذا كلامه .
وهذا العالم
تسميه حكماء الاشراق
الإقليم
الثامن وعالم
المثال
وعالم
الأشباح (1) .
قال
التفتازاني
في شرح
المقاصد: وعلى
هذا بنوا أمر
المعاد
الجسماني ،
فإن
البدن
المثالي الذي
تتصرف فيه
النفس ، حكمه
حكم البدن
الحسي في أن
له
جميع
الحواس
الظاهرة
والباطنة ،
فتلتذ وتتألم
بالذات
والآلام
الجسمانية .
وقال
صاحب شرح حكمة
الاشراق: إن
الصور الخيالية
لا تكون
موجودة
في
الأذهان
لامتناع
انطباع
الكبير في
الصغير ولا في
الأعيان ،
وإلا لرآها كل
سليم
الحس ، وليست
عدما محضا ،
وإلا لما كانت
متصورة ولا
متميزا بعضها
عن
بعض
، ولا محكوما
عليها بأحكام
مختلفة . وإذا هي
موجودة ،
فليست في
الأعيان
، ولا في
الأذهان ولا
في عالم
العقول ،
لكونها صورا
جسمانية لا
عقلية ،
فبالضرورة
تكون موجودة
في صقع .
وهو
عالم يسمى
العالم
المثالي
والخيالي ، متوسط
بين عالمي
العقلي والحس
،
لكونه
بالرتبة فوق
عالم الحس
ودون عالم
العقل ، لأنه
أكثر تجردا من
الحس ،
وأقل
تجردا من
العقل ، وفيه
جميع الاشكال
والصور
والمقادير
والأجسام
وما
يتعلق بها من
الحركات
والسكنات
والأوضاع
والهيئة وغير
ذلك ، قائمة
بذاتها
، متعلقه لا
في مكان ومحل
، وإليه الإشارة
بقوله: والحق
في صور
المرايا
.
والصور
الخيالية
أنها ليست
منطبقة ، أي:
في المرآة
والخيال ولا
في
غيرهما
بل هي صياصي ،
أي: أبدان
معلقة ، أي: في
عالم المثال
ليس لها محل
لقيامها
بذاتها وقد
يكون لها ، أي:
لهذه الصياصي
المعلقة لا في
مكان مظاهر
ولا
يكون
فيها لما بينا
، فصور المرآة
مظهرها المرآة
، وهي معلقة (2)
لا في مكان
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 159
ولا
في محل ،
وصورة الخيال
مظهرها
الخيال ، وهي
معلقة لا في
مكان ولا في
محل
، هذا محصل
كلام القوم في
بيان تحقيق
هذا العالم .
والذي
ورد في
الاخبار عن
السادة
الأطهار صلوات
الله عليهم
أمور:
منها:
ما ورد من أن
الله سبحانه
خلق لكل إنسان
في الأرض شبحا
في السماء
يفعل
مثل فعله ،
فإذا اشتغل
العبد
بالطاعة فعل
شبحه مثل فعله
حتى ينظر إليه
الملائكة
، وإذا اشتغل
بالمعاصي
أرخى الله تعالى
على ذلك الشبح
سترا يحجبه
عن
الملائكة (1) .
وبنى
المحدثون على
هذا ما ورد من
أنه صلى
الله عليه
وآله لما رقى
إلى
السماوات
في حكاية
المعراج رآى
عليا عليه
السلام في كل
سماء واقف يؤم
الملائكة ،
فيكون
له أشباحا
متعددة ، وكذا
ما روي من أنه عليه
السلام يحضر
عند كل من
يموت مع
أنه
يموت في
الساعة
الواحدة ألوف
من الخلق ، وبنوا
عليه أيضا ما
ورد من أنه
أضاف
عليا عليه
السلام في
ليلة واحدة
أربعون من
الصحابة في
وقت واحد .
ومنها:
ما ورد في
الأخبار
المستفيضة (2)
من أن الانسان
إذا مات تعلقت
روحه
ببدن مثالي
على هيئة هذا
البدن لو
رأيته لقلت
فلان ، وبذلك
البدن
يطير
في الهواء
ويتنعم في جنة
الدنيا ، أو
يعذب في نارها
، فيكون لتلك
الأبدان
نحوا
من الوجود في
غير هذا
العالم
المشاهد لا
يدركه إلا من
نور الله قلبه
بمشكاة
العرفان
، كأمير
المؤمنين
وأولاده
الأطهار عليهم
السلام .
ومنها:
ما روي في
الأحاديث (3)
الواردة في
عالم الذر ،
وهو أن
الأرواح
تعلقت
بأبدان لطيفة
وخوطبت بخطاب
ألست بربكم ،
وورد عليها
نوع من
التكاليف
فآمنت أو كفرت
، وذلك العالم
يسمى عالم
الضلال وعالم
الأشباح ،
وأنت
إذا
أحطت خبرا
بأطراف
الكلام أمكنك
التوفيق بين
ما حكيناه عن
القوم وما ورد
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
160
في
الأحاديث ،
والله الهادي
إلى سواء
السبيل .
ومنها:
أن المراد
بالظلال ما
يستظل به من
الحر والبرد ،
كالسقوف
والبنيان
وأفياء
الأشجار ، وهو
تعالى شأنه لا
ظل له يستظل
به من حر أو
برد .
ومنها:
أن الظلال هنا
عبارة عن
الأرواح ، وبه
سمي عالم الذر
والأرواح
عالم
الأظلة وعالم
الظلال ، والمعنى
أنه تعالى
يمسك ويحفظ
الأبدان عن
الانحلال
والعدم
بأرواحها ،
فإذا أذن
بمفارقتها
الأبدان
تداعت إلى
الاضمحلال .
ومنها:
أن المراد فئ
الأشخاص ،
فإنه يقدر
الشاخص ، وبه
يعرف
حدوده
من الطول
والعرض ،
ويحفظ كيفية
حالاته من
الحركات
والسكنات ،
وقد
تمدح سبحانه
به بقوله: (ألم
تر إلى ربك
كيف مد الظل .
ولو شاء لجعله
ساكنا
. ثم جعل الشمس
عليه دليلا) (1)
لأنها التي تزيده
وتنقصه
وتقبضه
وتبسطه
.
ومنها:
ما حكي عن
بهاء الملة
والدين طيب
الله ثراه من
أن المراد
بالظلال
أبو النوع
الذي قامت
الأشخاص به
وحصلت من
وجوده .
1) الياء فيه
للمبالغة .
2) رد على
الحلولية من
طوائف الكفار
والمسلمين
كالنصارى ،
حيث زعموا
أنه
تعالى حل
بمريم وحصل
المسيح عليه
السلام ،
والثلاثة
متعددون
اعتبارا
متحدون ذاتا .
قال
شيخنا بهاء
الملة والدين:
النصارى
مجمعون على أن
الله تعالى
واحد
بالذات
، ويريدون
بالأقانيم الصفات
مع الذات ،
ويعبرون عن
الأقانيم
بالأب
والابن
وروح القدس ،
يريدون بالأب
الذات مع الوجود
، ومع الابن
الذات مع
العلم
، ويطلقون
عليه اسم
الكلمة
ويريدون بروح
القدس الذات
مع الحياة ،
وأجمعوا
على أن المسيح
عليه
السلام ولد
من مريم وصلب
، والإنجيل
الذي بأيديهم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
161
إنما
هو سيرة
المسيح جمعه
أربعة من
أصحابه ، وهم
متى ولوقا
وماريوس
ويوحنا
، ولفظة إنجيل
معناها
البشارة ،
ولهم كتب تعرف
بالقوانين
وضعها
أكابرهم
يرجعون إليها
في الاحكام
والعبادات ،
والمشهور من
فرقهم ثلاثة:
الأولى:
الملكانية ،
يقولون: قد حل
جزء من اللاهوت
في الناسوت
واتحد
بجسم
المسيح ،
وتدرع به ،
ولا يسمون
العلم قبل
تدرعه ابنا ،
وهؤلاء قد
صرحوا
بالتثليث
، وإليهم
الإشارة
بقوله (تعالى
ولقد كفر
الذين قالوا
إن الله ثالث
ثلاثة)
(1) وهؤلاء
قالوا: إن
القتل والصلب
وقع على
الناسوت لا
اللاهوت .
الثانية:
اليعقوبية ،
قالوا: إن
الكلمة انقلبت
لحما ودما ،
فصار المسيح
هو
الاله
، وإليهم
الإشارة
بقوله (تعالى
لقد كفر الذين
قالوا إن الله
هو المسيح ابن
مريم)
(2) .
الثالثة:
النسطورية ،
قالوا: إن
اللاهوت أشرق
على الناسوت
كإشراق
الشمس
على البكورة ،
والقتل
والصلب إنما
وقع على
المسيح من جهة
ناسوته لا
من
جهة لاهوته ،
والمراد
بالناسوت
الجسد ، وباللاهوت
الروح . انتهى .
وقد
باحثت بعض
علمائهم في
تحقيق معنى
اتحاد الأب
والابن وروح
القدس
، فثنى لي طرف
ثوبه ثلاث
ثنيات ثم
أرسله من يده
فقال: هي
ثلاثة قبل
الارسال
واحدة بعده .
وأما
فرق الاسلام:
فمنهم:
النصيرية
والإسحاقية ،
قالوا: حل
الله في علي عليه
السلام فإن
فكظهور
جبرئيل عليه
بصورة البشر .
وأما في جانب
الشر ، فكظهور
الشيطان في
صورة
الانسان ،
قالوا: وما
كان علي
وأولاده أفضل
من غيرهم ،
وكانوا
مؤيدين
بتأييدات
متعلقة بباطن
الاسرار .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
162
قلنا:
ظهر الحق
تعالى
بصورتهم ونطق
بلسانهم وأخذ
بأيديهم ، ومن
هاهنا
أطلقنا
الآلهة على
الأئمة ، ألا
ترى أن النبي صلى الله
عليه وآله
قاتل
المشركين ،
وعليا
قاتل
المنافقين ،
فإن النبي صلى الله
عليه وآله
يحكم بالظاهر
والله تعالى
يتولى
السرائر ،
هكذا
نقل مذهبهم
صاحب كتاب
الملل والنحل
(1) .
وهذا
المذهب
الباطل قد حكي
عن محمد بن
فلاح الأهوازي
(2) تلميذ شيخنا
أحمد
بن فهد صاحب كتاب
عدة الداعي ،
ونقل عنه أنه
لما خرج على
الناس بهذه
المقالة
وظهر عليهم من
غرائب
الشعبذة ما
استرق به
أفئدتهم ،
وانقاد له
الجم
الغفير
من جهالهم ،
عمد إلى قبة
أمير المؤمنين
عليه
السلام
مريدا
لخرابها ،
قائلا للناس:
إن
عليا عليه
السلام لم
يمت ، وإنه
الخالق والرازق
والمحيي
والمميت ،
ولما مضى ذلك
الرجل
لسبيله وحكم
بعده بمدة
جماعة من
أحفاده
وذراريه
كانوا على
جادة
الاستقامة
وسعوا في
ترغيب الخلق
وإرشادهم إلى
طريق الحق
قتلا
واستتابة إلى
أن
درست تلك
المقالة
الباطلة ،
وجاء الحق وزهق
الباطل إن
الباطل كان
زهوقا .
وما
أبعد هذا
المذهب من
مقالة
الخوارج
والنواصب الذين
كانوا يقولون
بكفره
عليه
السلام
ويوجبون سبه
ويستحلون
قتله ، حتى
قال الله عز
شأنه (قتل
الانسان
ما أكفره) (3) فإن
المراد منه
كما ورد في الحديث
علي عليه
السلام (4) ،
يعني
أنهم
قتلوه زعما
منهم بكفره ،
فما الذي صيره
عندهم كافرا
حتى استحلوا
دمه ،
ومن
ثم قال صلى
الله عليه
وآله: يهلك
فيك يا علي
اثنان محب غال
ومبغض قال (5) .
ومنهم:
الصوفية:
فمنهم من قال:
بأنه تعالى
يحل في
المشايخ
الواصلين
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
163
بالرياضات
البدنية وقطع
العلائق
النفسانية
حتى حصلوا على
مرتبة الفناء
في
الله
، وحملوا عليه
ما ورد في
الحديث
القدسي من
قوله عز شأنه:
إذا تقرب عبدي
إلي
بالنوافل كنت
سمعه الذي به
يسمع ، ويده
التي بها يبطش
، ورجله التي
بها
يمشي
، الحديث .
ومنهم:
من قال بحلوله
في الأجسام ،
ويعبرون عن
هذا بوحدة
الوجود أو
الموجود
، وربما فرقوا
بينهما ، وسئل
بعضهم عن معنى
وحدة الوجود ،
فقال:
معناها
تحويل الأصل
الواحد إلى
أمثلة مختلفة
لمعان مقصودة
لا تحصل إلا
بها
، ومراده أن
المصدر موجود
في ضمن جميع
المشتقات
وتزيد عليه
معان
أخرى
، وبعضهم ترقى
من هذه
الحظيرة ،
فقال: معناها
أنه لا موجود
سوى الله
وباقي
الممكنات: إما
كالمثل
الأفلاطونية
وسائط بين
الوجود
والعدم ، أو
أنها
داخلة
تحت
المعدومات .
وقد
حققه العلامة
الدواني في
الزوراء حيث
قال: المعلول
ليس إلا
اعتباريا
محضا ، إن
اعتبر من حيث
نسبته إلى العلة
على النحو
الذي انتسب
إليها
، كان له تحقق
، وإن اعتبر
ذاتا مستقلا ،
كان معدوما بل
ممتنعا ، ثم
شبهه
بالسواد
إن اعتبر من
حيث هو على
النحو الذي هو
في الجسم أعني
أنه هيئة
للجسم
، كان موجودا
، وإن اعتبر
على أنه ذات مستقلة
كان معدوما بل
ممتنعا ،
والثوب
إن اعتبر صورة
في القطن كان
موجودا ، وإن
اعتبر مباينا
للقطن كان
ذاتا
على حياله كان
ممتنعا من تلك
الحيثية ، فاجعل
ذلك مقياسا
لجميع
الحقائق
، تعرف قول من
قال: الأعيان
الثابتة ما
شمت رائحة
الوجود وإنها
لم
تظهر
ولا تظهر أبدا
بل إنما يظهر
رسمها (1) . انتهى .
وهو
لا ينافي
قوانين
الشريعة ،
وبعضهم قال:
بحلوله سبحانه
في الصور
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
164
الحسان
لمكان
المناسبة بين
الجميلين ،
ومن هذا
يعرضون عن
التزويج صفحا
ويشتغلون
بتعشق
الصبيان
الحسان بل
جميع المردان
، ويقولون في
رقصهم
ووجدهم:
يا هو ، إشارة
إلى ذلك
الغلام الذي
سرقوه بزهدهم
من أبويه ،
وجعلوا
مدار الإشارة
عليه ، وهؤلاء
قد ورد لعنهم
والبراءة
منهم ، وأن من
زار
واحدا
منهم كان كمن
عبد الأوثان ،
وقد تتبعنا أحوال
هذه الفرقة
غاية الامكان
،
فوجدناهم
ما بين كافر
وملحد وزنديق
ومباحي
المذهب ودهري
الاعتقاد
ومبتدع
في الدين .
1) فيه وجوه
من المعاني:
الأول:
أن إرادته
الحتمية لا
تتأخر عن
المراد ولا
يعتريه تردد ،
ولا يظهر له
ما
لم يكن قبل
فيردعه عن
المضي عليها ،
كما في غيره ،
قال أمير
المؤمنين
عليه ا لسلام:
عرفت
الله بفسخ العزائم
(1) .
الثاني:
أنه لا يقدر
غيره أن يفصل
ويحول بينه وبين
إرادته ، كما
يفعل هو
سبحانه
بغيره .
الثالث:
أن المراد
بالفصل القطع
والانتهاء ، يعني:
أن إرادته
وأفعاله لا
تنتهي
إلى
حد بل هو كل
يوم في شأن ،
ليس كما قالت
اليهود يد
الله مغلولة ،
أو أنه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
165
فرغ
من الامر .
الرابع:
ما قيل من أن
إرادته تعالى
لا فصل فيها
بين مراد
ومراد ، تتعلق
بالأسهل
وتمنع عن
الأشق
كإرادات غيره
.
الخامس:
ما ذكره بعضهم
من أنه ليس
لإرادته فصل ،
أي: شئ يداخله
فيكون
به راضيا أو
ساخطا ، إنما
رضاه وسخطه
بالإثابة
والعقاب ،
وحينئذ
فقوله
وفصله جزاء
معناه أنه لا
يكون لإرادته في
فعل العبد قطع
بالمراد ،
فيتعين
وقوعه
، إنما قطعه
في المراد من
العبد الجزاء .
وأما
على المعاني
الأول ، فقيل:
معناه: أن معنى
فصله سبحانه
بين عباده
المشار
إليه بقوله
تعالى (يفصل
بينهم يوم القيامة)
(1) جزاؤه لهم ،
وهو غير
جائز
فيه . ويجوز أن
يكون معناه:
أن فصله وحكمه
جازم قاطع
كامل لا قصور
فيه
ولا نقصان من
قوله (جزانا
فلان) أي: فعل
معنا فعلا ظهر
أثره وقام فيه
مقاما
لم يقم به
غيره .
1) هذه
الفقرة الشريفة
مما تكررت في
خطب
المعصومين عليهم
السلام ،
ولاشكالها
احتملت
ضروبا من
المعاني:
أولها:
أن يكون
المراد من
الغاية هنا
النهاية والحد
، وحاصل
المعنى: أن من
أراد
أن يطلب له عز
شأنه حدا
ونهاية امتنع
عليه ، لأنه
نهاية كل شئ ،
وإليه ينتهي
الغايات
، وإن إلى ربك
المنتهى ، فهو
سبحانه غاية
لا مغيا ، ولا
شك أن الغاية
مغايرة
للمغيا ، وفي
قوله عليه
السلام: (وصف
نفسه بغير
محدودية)
إشعار به .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
166
وثانيها:
أن يراد من
قوله (الله)
الاسم لا الذات
، ويكون
معناه: أن هذا
الاسم
غاية من جعله
غاية لنيل
مرامه ، وهذا
الاسم دال على
الذات فهي
غيره ،
ويكون
المراد الفرق
بين الاسم
والذات ، لا
كما قال
الأشاعرة من
اتحاد أسمائه
تعالى
بذاته كما
سيأتي تحقيقه
في باب الأسماء
إن شاء الله
تعالى ، وفي
قوله عليه
السلام
(والذاكر الله
غير الله)
إيماء إليه .
وثالثها:
أن المراد كما
قيل: إنه
سبحانه غاية أفكار
المتفكرين ،
فهو غاية
فكر
من توجه بفكره
إليه ،
والمغيا - أي:
الذات المقدسة
- تغاير ما
حصله بفكره
وجعله
نهاية سعيه ،
وبالجملة فكل
ما تخيله في ميزان
عقله فهو دون
الذات
ومغاير
لها .
ورابعها:
ما قاله
الفاضل
النائيني حيث
قرأها عانه من
عاناه ،
بالعين
المهملة
والنون
الموحدة من
فوق ، أخذا من
معاناة الشئ بمعنى
مباشرته
وملابسته ،
يعني
أنه تعالى
ملابس من
لابسه ،
ومباشر من باشره
، ثم ذكر
وجوها اخر
منوطة
بالعين
المهملة ، مع
أنه طاب ثراه
قد اعترف بأن
المحفوظ في
النسخ بالغين
المعجمة
، أعرضنا عن
ذكرها حذرا من
التطويل ، من
أراد الاطلاع
عليها طلبها
من
حواشيه على
أصول الكافي .
1) دليل على
قوله (والله
غير أسمائه)
لان العظمة والعزة
المطلقتين
إنما
هو
للذات
المقدسة .
وأما الألفاظ
والأسماء والصفات
، فإن عزتها
وعظمتها
مقيدتان
بكونها من
الأسماء
المنسوبة إلى
الذات ، وأما
من حيث هي
حروف
وأصوات فلا
مزية لها على
باقي الحروف .
2) قال أمين
الاسلام
الطبرسي طاب
ثراه: أخبر سبحانه
بأن له
الأسماء
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
167
الحسنى
لحسن معانيها
، مثل الجواد
والرحيم والرزاق
والكريم ،
ويقال: إن
جميع
أسمائه داخلة
فيها ، فإنها
كلها حسنة متضمنة
لمعاني حسنة ،
فمنها: ما
يرجع
إلى صفات ذاته
، كالعالم
والقادر .
ومنها: ما هي
صفات فعله ،
كالخالق
والرزاق
. ومنها: ما
يفيد التنزيه
، كالغني
والواحد ،
وقيل: المراد
بالحسنى ما
مالت
إليه النفوس
من ذكر العفو
والرحمة دون السخط
والنقمة
(فادعوه بها)
أي:
بهذه الأسماء
الحسنى ،
ودعاؤه بها أن
يقال: يا الله
يا رحمن يا
رحيم ، ونحو
ذلك
مما يدل على
العفو
والرحمة (2) .
1) أي: قل يا
محمد لهؤلاء
المشركين
المنكرين
نبوتك ادعوا
الله (أو
ادعوا
الرحمن)
قيل: إن النبي صلى الله
عليه وآله
كان ساجدا ذات
ليلة بمكة
يدعو يا رحمان
يا
رحيم
، فقال
المشركون: هذا
يزعم أن له
إلها واحدا
ويدعو مثنى
مثنى ، وقيل:
إن
المشركين
قالوا: أما
الرحيم
فنعرفه وأما الرحمان
فلا نعرفه ،
وقيل: إن
اليهود
قالوا: إن ذكر
الرحمان في
القرآن قليل ،
وهو في
التوراة كثير
.
(أيا ما
تدعوا فله
الأسماء
الحسنى)
معناه: أي: أسمائه
تدعو ، وما
هنا
زائدة
، وقيل: هي
بمعنى أي شئ
كررت مع أي
لاختلاف
اللفظين
توكيدا ، أو
تقديره
أي شئ من
أسمائه
تدعونه به كان
جائزا ، فإن
معنى أو في
قوله
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
168
(ادعوا
الله أو ادعوا
الرحمن)
الإباحة (فله
الأسماء
الحسنى) يعني
إن
أسماءه
تنبئ عن صفات
حسنة كما تقدم
معناه (1) .
1) في
النهاية:
التجسس أن
يطلبه لغيره ،
وبالحاء أن
يطلبه لنفسه ،
وقيل:
بالجيم
البحث عن
العورات
وبالحاء
الاستماع ،
وقيل: معناهما
واحد في تطلب
معرفه
الاخبار (2) .
2) أي قبل أن
يخلق الزمان
الماضي
المدلول عليه بكان
وما بمعناها .
3) يعني لا
يقال: كان
الله تعالى
عالما أو
قادرا .
4) لعل
المراد من
التكوين الأول
التقدير في
العلم الأزلي
، ومن الثاني
الايجاد
، يعني: أنه
قدر الأشياء
علما قبل إيجادها
، فأوجدها على
وفق العلم
الأزلي
، ويجوز أن
يكون الأول
إشارة إلى
عالم الذر
والظلال ،
والثاني
عبارة عن
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 169
عالم
الايجاد .
1) يعني به
الرضا عليه
السلام . وفي
الكافي قال:
ضمني وأبا
الحسن عليه
السلام
الطريق
في
منصرفي (1) .
2) بوزن حذر
أي: حقيق .
3) أي: بعد عن
خلقه حيث لا
يحيطون به
علما في حال إحاطته
بهم علما
وقدرة
، وهذا هو
معنى قربه في
نأيه .
4) بيان
لامتناع
اتصافه
بمدركات
الأذهان ، فإن
مدركاتها لا
تخرج عن
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
170
المقولات
وهو خالقها
وجاعلها ،
والخالق لا يتصف
بالمخلوق .
1) لان
الأشياء
المتشابهة لم
يقم دليل على
أن بعضها خالق
ورازق ،
والآخر
مخلوق
ومرزوق ،
للزوم
الترجيح من
غير مرجح .
2) يجوز أن
يكون فرق على
صيغه الفعل ،
أي: فرق عز شأنه
بينه وبين
مخلوقاته
بعدم
مشابهتها له ،
ويجوز أن يكون
مرفوعا على
صيغة الاسم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
171
ويكون
خبرا مقدما
وقوله (إذ كان)
هو المبتدأ ، ومعناه:
أن عدم
المشابهة فرق
أي
فارق بين
المخلوق
والخالق .
1) هو البعوض
الصغار .
2) اللحاء
بكسر اللام
ممدودا قشر
الشجر .
3) قال شيخنا
الطبرسي طاب
ثراه: تبارك
أي: تعالى الله
ودام خيره
وثبت .
وقيل:
معناه استحق
التعظيم بأنه
قديم لم يزل
ولا يزال ،
لأنه مأخوذ من
البروك
الذي
هو الثبوت ،
وقال: (أحسن
الخالقين)
لأنه لا تفاوت
في خلقه ،
وأصل
الخلق
التقدير ،
يقال: خلقت
الأديم إذا
قسته لتقطع
منه شيئا .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 172
وقال
حذيفة في هذه
الآية: تصنعون
ويصنع الله وهو
خير الصانعين
، وفي
هذا
دليل على أن
اسم الخلق قد
يطلق على فعل
غير الله
تعالى ، إلا
أن الحقيقة في
الخلق
لله سبحانه ،
فان المراد من
الخلق ايجاد
الشئ مقدرا
تقديرا لا
تفاوت فيه ،
وهذا
إنما يكون من
الله تعالى ،
ودليله قوله
(ألا له الخلق
والامر) (1) .
أقول:
على مقتضى
ظاهر هذا
الخبر أن
الخالق هنا
بمعنى الموجد
، وسيأتي
له
في شرح
الأسماء
الحسنى معنى
آخر ، حاصله: أن
الخلق بمعنى
التقدير أول
مراتب
الايجاد ، ثم
الايجاد ، ثم
التصوير ، وهو
في صنع غيره
تعالى يتولاه
العدد
الكثير
كالبناء مثلا
، فإن المهندس
يتولى تصويره
بصورة ، ثم
يدفع ما صور
إلى
البناء
فيوجد في
الخارج ما
يوافق تلك
الصورة ، ثم
يتولاه
المصور فينقش
فيه ما
أراد
من التصوير ،
أما الله
سبحانه فهو
الخالق
والبارئ
والمصور ،
وهذا المعنى
يستفاد
أيضا من
الاخبار .
1) ذكر
المحققون
للمشيئة
الواردة في
الاخبار معان:
منها: العلم .
ومنها:
تهيئة
أسباب الفعل
بعد إرادة
العبد له ،
ومنها: أنها
إرادة بالعرض
تتعلق بفع - ل
العبد
، ومنها: أنها
عبارة عن عدم
صرفه تعالى إياه
عن تلك
الإرادة
بالألطاف
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 173
والهدايات
بل يدعه في
إرادته ،
والحق أن هذه
المعاني
موزعة على
موارد
الأحاديث
بما يناسب
المقام أما
اطراد إرادة المعنى
الواحد في
جميع مواقع
المشيئة
، فلا يخفى ما
فيه من التكلف
، وما ذكره
المصنف طاب
ثراه لمعنى
المشيئة
هنا مناسب
للمقام .
قال
المحقق رفيع
الدين محمد (1)
طاب ثراه في
بيان قوله عليه
السلام
(إرادة حتم
وإرادة
عزم): لعل
المراد
بإرادة الحتم
الإرادة
المستجمعة
لشرائط
التأثير
المنجرة
إلى الايجاب
والايجاد ،
وكذلك المشيئة
، والمراد
بإرادة العزم
الإرادة
المنتهية
إلى طلب
المراد ،
والأمر
والنهي ،
وينفك أحدهما
عن الآخر ،
كما في
حكاية
آدم وزوجته
ونهيهما عن
الاكل وإرادة
ذلك منهما .
أقول:
سيأتي مزيد
ايضاح لهذا
المقام في
بابه إن شاء
الله تعالى .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
174
1) قال في
النهاية: إذا
أضيف الشئ إلى
عظيم شريف اكتسي
عظما
وشرفا
، كما قيل: بيت
الله وناقة
الله ، فإذا وجد
من الولد ما
يحسن موقعه
ويحمد
، قيل: لله
أبوك ، في
معرض المدح
والتعجب ، أي:
أبوك لله
خالصا حيث
أنجب
بك وأتى بمثلك
(2) .
2) أي: لو كان
في السماوات والأرض
آلهة سوى الله
لفسدتا عن
نظامهما ،
وهذا
هو دليل
التمانع الذي
بنى عليه
المتكلمون
مسألة
التوحيد .
وتقرير
ذلك: أنه لو
كان مع الله
سبحانه اله آخر
لكانا قديمين
، والقدم من
أخص
الصفات ،
فالاشتراك
فيه يوجب
التماثل ، فيجب
أن يكونا
قادرين
عالمين
حيين ، ومن حق كل
قادرين أن يصح
كون أحدهما
مريدا لضد ما
يريده
الآخر من
إماتة واحياء
ونحو ذلك ،
فإذا فرضنا
ذلك فلا يخلو:
إما أن
يحصل
مرادهما وذلك
محال ، وإما
أن لا يحصل
مرادهما ،
فينتقض
كونهما
قادرين
، وإما أن يقع
مراد أحدهما
ولا يقع مراد
الآخر ،
فينتقض كون من
لم يقع
مراده
من غير وجه
منع معقول
قادرا ، فإذا
لا يجوز أن
يكون الاله
إلا واحدا .
ولو
قيل: إنهما لا
يتمانعان ،
لان ما يريده
أحدهما يكون
حكمه فيريده
الآخر
بعينه .
فالجواب:
أن كلامنا في
صحة التمانع
لا في وقوع
التمانع ،
وصحة
التمانع
تكفي في
الدلالة ،
لأنه يدل على
أنه لا بد من
أن يكون
أحدهما
متناهي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
175
المقدور
، فلا يجوز أن
يكون إلها ،
هذا أحد تقريرات
برهان
التمانع .
وثانيها:
ما قرره
العلامة
الدواني وهو:
أنه لا يخلو
أن يكون قدرة
كل واحد
منهما
وإرادته
كافية في وجود
العالم ، أو
لا شئ منهما
كافيا ، أو
أحدهما كاف
فقط
، وعلى الأول
يلزم اجتماع
المؤثرين على
معلول واحد ،
وعلى الثاني
يلزم
عجزهما
لأنهما لا
يمكن لهما
التأثير إلا
باشتراك
الآخر ، وعلى
الثالث لا
يكون
الآخر
خالقا فلا
يكون إلها
(أفمن يخلق
كمن لا يخلق) (1) .
لا
يقال: إنما
يلزم العجز
إذا انتفت
القدرة على
الايجاد
بالاستقلال ،
أما إذا
كان
كل منهما
قادرا على
الايجاد
بالاستقلال ،
ولكن اتفقا
على الايجاد
أو
بالاشتراك
، فلا يلزم
العجز ، كما
أن القادرين
على حمل خشبة
بالانفراد قد
يشتركان
في حملها ،
وذلك لا يستلزم
عجزهما ، لان
إرادتهما
تعلقت
بالاشتراك ،
وإنما
يلزم العجز لو
أراد
الاستقلال
ولم يحصل .
لأنا
نقول: تعلق
إرادة كل
منهما إن كان
كافيا لزم
المحذور
الأول ، وإن
لم
يكن
كافيا لزم
المحذور
الثاني ،
والملازمتان
بينتان لا
يقبلان المنع
، وما
أوردت
من المثال في
سند المنع لا
يصلح للسندية
، إذ في هذه
الصورة ينقص
ميل
كل واحد منهما
من الميل الذي
يستقل في الحمل
قدر ما يتم
الميل الصادر
من
الآخر حتى
تثقل الخشبة
بمجموع
الميلين ، وليس
كل واحد منهما
بهذا
القدر
من الميل
فاعلا مستقلا
، وفي مبحثنا
هذا ليس
المؤثر إلا
تعلق القدرة
والإرادة
، ولا يتصور
الزيادة
والنقصان في شئ
منهما .
وثالثها:
ما قاله بعض
المحققين من
أنه أظهر تقريراته
وهو: أن وجوب
الوجود
يستلزم
القدرة
والقوة على
جميع الممكنات
قوة كاملة ،
بحيث يقدر
على
إيجاده ودفع
ما يضاده
مطلقا ، وعدم
القدرة على
هذا الوجه نقص
، والنقص
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
176
عليه
تعالى محال
ضرورة ، بدليل
إجماع العقلاء
عليه ، ومن
المحال عادة
إجماعهم
على نظري وإن
لم يكن ضروريا
فنظري ظاهر
متسق الطريق
واضح
الدليل
، واستحالة
إجماعهم على
نظري لا يكون كذلك
أظهر .
فنقول:
حينئذ لو كان
في الوجود
واجبان لكانا
قويين ،
وقوتهما
تستلزم
عدم
قوتهما ، لان
قوة كل منهما
على هذا الوجه
تستلزم قوته
على دفع
الآخر
عن إرادة ضد
ما تريده نفسه
من الممكنات ،
والمدفوع غير
قوي بهذا
المعنى
الذي زعمنا
أنه لازم لسلب
النقص ، ثم أوردوا
عليه ما
أجابوا عنه
وهو
مذكور
في محله .
1) الآية
هكذا: (ما اتخذ
الله من ولد
وما كان معه من
إله إذا لذهب
كل إله
بما
خلق ولعلا
بعضهم على
بعض) .
والمعنى
كما قاله
المفسرون أنه
لو كان معه إله
آخر (لذهب كل
إله بما خلق)
أي:
لميز كل إله
خلقه عن خلق
غيره ، ومنعه
من الاستيلاء
على ما خلقه ،
أو
نصب
دليلا يميز به
بين خلقه وغير
خلقه ، فإنه كان
لا يرضى أن
يضاف خلقه
وإنعامه
إلى غيره
(ولعلا بعضهم
على بعض) أي: طلب
بعضهم قهر بعض
ومغالبته
، وهذا معنى
قوله: ولقاتل
بعضهم بعضا
كما يفعله
الملوك في
الدنيا ،
وقيل:
معناه لمنع
بعضهم بعضا عن
مراده ، فيكون
مثل الآية
الأولى (4) .
2) في
النسختين:
أرجعنا ،
والصحيح ما
أثبتناه .
3) أي: أرجعنا
إلى الدنيا
لنعمل
بالطاعات .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
177
1) العورة
النقص وسمات
الامكان . وفي
أكثر النسخ
بالغين
المعجمة من
الغور
وهو
القعر من كل
شئ ، أي:
ارتفعت عن
إدراك ذاتك وصفاتك
بالوصول إلى
غور
الأفكار
ونهايتها
بسبب جبروت
الفخر .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
178
1) وذلك أن
العزيز هو
الغالب ،
والعزة هي الغلبة
، ولم يكن
هناك مغلوبا
حتى
يكون سبحانه
غالبا عليه ،
نعم كان متصفا
بالقدرة على
الغلبة ، وهذا
هو
معنى
العزيز كما
سيأتي .
2) هذا الخبر
دال على أن
أول مخلوق هو
الماء .
وفي
الكافي عن
الصادق عليه
السلام: إن
الله خلق
العقل ، وهو
أول خلق من
الروحانيين
عن يمين العرش
من نوره (2) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
179
وروى
علي بن
إبراهيم عنه عليه
السلام: إن
أول ما خلق
الله القلم (1) .
وعن
النبي صلى
الله عليه
وآله: أول ما
خلق الله نوري
(2) .
وبلفظ
آخر أول ما
خلق الله روحي
(3) .
وعن
أمير
المؤمنين عليه
السلام: أول
ما خلق الله
النور (4) .
وروي:
إن أول مخلوق
هو الهوى ،
ذكره علي بن
إبراهيم في
تفسير قوله
تعالى
وكان عرشه على
الماء (5) قال:
وذلك في مبدأ الخلق
إن الرب تبارك
وتعالى
خلق الهوى ،
ثم خلق القلم
، فأمره أن يجري
، فقال: يا رب
بم أجري ؟
فقال:
بما هو كائن ،
ثم خلق الظلمة
من الهوى ، وخلق
النور من
الهوى ، وخلق
الماء
من الهوى ،
وخلق العرش من
الهوى ، وخلق العقيم
من الهوى ،
وهو الريح
الشديد
، وخلق النار
من الهوى ،
وخلق الخلق كلهم
من هذه الستة
التي خلقت
من
الهوى (6) .
فإن
قلت: فما وجه
التوفيق بين
هذه الأخبار ؟
فالجواب:
أن بعضها
محمول على
الأولية
الإضافية ،
وبعضها على
الحقيقة
، أما أولية
الماء فيمكن
أن يقال له (7) بالإضافة
إلى الأجسام
الكثيفة
التي تقع
عليها
الابصار .
وأما الهوى الذي
خلق [الماء] (8)
منه ، فهو من
الأجسام
اللطيفة ، حتى
أن بعضهم ذهب
إلى إنكاره .
وأما أولية
العقل ، فقد
صرح
فيه بأنه أول
خلق من
الروحانيين ،
أي: الأجسام
اللطيفة
المشابهة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
180
للروح
، ومنه
الملائكة
الروحانيين ،
وذهب بعض
الاعلام إلى
أن العقل
الوارد
في
الاخبار بأنه
أول
المخلوقات هو
نوره صلى
الله عليه
وآله . وأما
أولية القلم ،
فهي بالنظر
إلى
ما جانسه من
أدوات
الكتابة
كالمداد ونحوه
.
ويؤيده
ما رواه عبد
الرحيم
القصير عن أبي
عبد الله عليه
السلام ،
قال: سألته عن
(ن والقلم)
قال: إن الله
تعالى خلق
القلم من شجرة
في الجنة يقال
لها: الخلد ،
ثم
قال لنهر في
الجنة: كن
مدادا ، فجمد
النهر ، وكان
أشد بياضا من
الثلج ،
وأحلى
من الشهد ، ثم
قال للقلم:
اكتب ، قال: يا
رب وما أكتب ؟
قال: اكتب ما
كان
وما هو كائن
إلى يوم
القيامة (1) .
وأما
الأخبار
الواردة
بأولية النور
، ونوري وروحي
، فهي واحدة ،
وهي
عبارة
عن نوره صلى
الله عليه
وآله ، وهي
الأولية
الحقيقية .
وقال
الشريف في شرح
المواقف في
وجه الجمع بين
أول ما خلق
الله العقل
وأول
ما خلق الله
القلم وأول ما
خلق نوري: إن المعلول
الأول من حيث
أنه
محدود
يعقل ذاته
ومبدأه يسمى
عقلا ، ومن
حيث أنه واسطة
في صدور سائر
الموجودات
ونقوش العلوم
يسمى قلما ،
ومن حيث توسطه
في إفاضة
أنوار
النبوة
، كان نور
السيد
الأنبياء ،
وهذا أوفق بمذاهب
الحكماء .
1) لان قوله
(خلق الشئ من
لا شئ) يوهم أن
لا شئ مادة
خلق منه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 181
الأشياء
، فلذا عدل من
لا شئ إلى
قوله: لا من شي .
1) قوله
(كلامي) وإن
كان شاملا
للحديث
القدسي أيضا
إلا أن
الاختلاف
والنزاع بين
علماء
الاسلام إنما
ورد في خصوص
القرآن ، لما
ورد من
قوله
عليه
السلام: من
فسر القرآن
برأيه فقد كفر
. فذهب جمهور
الجمهور إلى
جوازه
للمجتهدين
وأهل الرأي ،
ومن ثم ترى
تفاسيرهم للقرآن
كثيرة . وأما
أصحابنا
رضوان
الله عنهم ،
فأكثر
الأخباريين
منهم على عدم
جوازه إلا
بالنص الوارد
عن
أرباب
العصمة عليهم
السلام ، حتى
أن بعضهم كان
لا يجوز تفسير
آية من محكمات
القرآن
فضلا عن
متشابهاته ،
وبعضهم يمنع
من تفسير غير
المحكم
بالرأي ،
ويجوزه
فيما يكون
ظاهر الدلالة
.
وقد
وقع للشيخ
الطوسي عطر
الله مرقده
مقالة كافية
في تفسيره
الموسوم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
182
بالتبيان
، أحببنا
نقلها لكشفها
عن مورد الاشكال
، ولتحقيقها
حقيقة المقال
،
وهذا
لفظه:
إعلم
أن الرواية
ظاهرة في
أخبار
أصحابنا بأن تفسير
القرآن لا
يجوز إلا
بالأثر
الصحيح عن
النبي صلى
الله عليه
وآله ، وأن
القول فيه
بالرأي لا
يجوز ، وروت
العامة
ذلك
أيضا عن النبي
صلى الله
عليه وآله
أنه قال: من
فسر القرآن
برأيه فأصاب
الحق فقد
أخطأه
.
وكره
جماعة من
التابعين
وفقهاء
المدينة القول
في القرآن
بالرأي ،
كسعيد بن
المسيب
، وعبيدة
السلماني ،
ونافع ، ومحمد
بن القاسم ،
وسالم بن عبد
الله
وغيرهم
، ورووا عن
عائشة أنها
قالت: لم يكن
النبي صلى
الله عليه
وآله يفسر
القرآن إلا
بعد
أن
يأتي به
جبرئيل عليه
السلام .
والذي
نقوله في ذلك
أنه لا يجوز
أن يكون في كلام
الله تعالى
وكلام نبيه صلى الله
عليه وآله
تناقض
وتضاد ، وقد
قال الله
تعالى (إنا
جعلناه قرآنا
عربيا) (1) وقال:
(بلسان
عربي مبين) (2)
وقال: (وما
أرسلنا من
رسول إلا
بلسان قومه) (3)
وقال:
(ونزلنا عليك
الكتاب
تبيانا لكل
شئ) (4) وقال: (ما
فرطنا في
الكتاب
من شئ) (5) فكيف
يجوز أن يصفه
بأنه عربي مبين
وأنه بلسان
قومه ،
وأنه
بيان للناس
ولا يفهم
بظاهره شئ ؟
وهل ذلك إلا
وصف له باللغز
والمعمى
الذي
لا يفهم
المراد به إلا
بعد تفسيره ؟
وذلك منزه عن
القرآن .
وقد
مدح الله
تعالى أقواما
على استخراج
معاني القرآن
، فقال: (لعلمه
الذين
يستنبطونه
منهم) (6) وقال
تعالى في قوم
يذمهم حيث لم
يدبروا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 183
القرآن
ولم يتفكروا
في معانيه:
(أفلا يتدبرون
القرآن أم على
قلوب
أقفالها)
(1) وقال النبي صلى الله
عليه وآله:
إني مخلف فيكم
الثقلين كتاب
الله وعترتي
أهل
بيتي
. فبين أن
الكتاب حجة ،
كما أن العترة
حجة ، وكيف
يكون حجة ما
لا
يفهم
منه شئ ؟ وروي
عنه عليه
السلام قال:
إذا جاءكم عني
حديث فاعرضوه
على
كتاب
الله ، فما
وافق كتاب
الله فأقبلوه
وما خالفه
فاضربوا به
عرض الحائط (2)
وروي مثل ذلك
عن أئمتنا عليهم
السلام ،
وكيف يكون
العرض على
كتاب الله وهو
لا
يفهم
منه شئ فكل
ذلك يدل على
أن ظاهر هذه
الأخبار
متروك .
والذي
نقول: إن
معاني القرآن
على أربعة
أقسام:
أحدها:
ما اختص الله
تعالى العلم
به ، فلا يجوز
لاحد تكلف
القول فيه ،
ولا
تعاطى
معرفته ، وذلك
مثل قوله
تعالى
(يسئلونك عن
الساعة أيان
مرساها قل
إنما
علمها عند ربي
لا يجليها
لوقتها إلا
هو) (3) ومثل قوله
(إن الله عنده
علم
الساعة)
(4) الآية ،
فتعاطي معرفة
ما اختص العلم
(5) به خطأ .
وثانيها:
ما يكون ظاهره
مطابقا
لمعناه ، فكل
من عرف اللغة
التي خوطب
بها
عرف معناها ،
مثل قوله
تعالى (ولا
تقتلوا النفس
التي حرم الله
إلا
بالحق)
(6) ومثل قوله (قل
هو الله أحد)
وغير ذلك .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
184
وثالثها:
ما هو مجمل لا
ينبئ ظاهره عن
المراد به
مفصلا ، مثل
قوله تعالى
(أقيموا
الصلاة وآتوا
الزكاة) (1)
وقوله (ولله
على الناس حج
البيت من
استطاع
إليه سبيلا) (2)
وقوله تعالى
(وآتوا حقه يوم
حصاده) (3) وقوله
(في
أموالهم
حق معلوم) (4) وما
أشبه ذلك ،
فإن تفاصيل أعداد
الصلاة وعدد
ركعاتها
وتفصيل
مناسك الحج
وشروطه
ومقادير
النصاب في
الزكاة لا
يمكن
استخراجه
إلا
ببيان النبي صلى الله
عليه وآله ،
ووحي من جهة
الله تعالى ،
فتكلف القول
في ذلك خطأ
ممنوع
منه
، ويمكن أن
تكون الاخبار
متناولة له .
ورابعها:
ما كان اللفظ
مشتركا بين
معنيين فما زاد
عليهما (5) ،
ويمكن أن
يكون
كل واحد منهما
مرادا ، فإنه
لا ينبغي أن يقدم
أحد فيقول: إن
مراد الله منه
بعض
ما يحتمله إلا
بقول نبي
وإمام معصوم ،
بل ينبغي أن
يقول: إن
الظاهر
محتمل
لأمور ، وكل
واحد يجوز أن
يكون مرادا
على التفصيل ،
والله أعلم
بما
أراد
، ومتى كان
اللفظ مشتركا
بين شيئين أو
ما زاد عليهما
، ودل الدليل
على
أنه
لا يجوز أن
يريد إلا وجها
واحدا ، جاز
أن يقال: إنه
هو المراد .
ومتى
قسمنا هذه
الاقسام نكون
قد قبلنا هذه
الأخبار ، ولم
نردها على وجه
يوحش
نقلتها
والمتمسكين
بها ، ولا
منعنا بذلك من
الكلام في
تأويل الآي
جملة .
ولا
ينبغي لاحد
ينظر في تفسير
آية لا ينبئ
ظاهرها عن
المراد مفصلا
،
أن
يقلد أحدا من
المفسرين ،
إلا أن يكون
التأويل
مجمعا عليه ،
فيجب اتباعه
لمكان
الاجماع ، لان
من المفسرين
من حمدت
طرائقه ،
ومدحت مذاهبه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
185
كابن
عباس ، والحسن
، وقتادة
وغيرهم ،
وفيهم من ذمت
مذاهبه ، كأبي
صالح
، والسدي ،
والكلبي ،
وغيرهم ، هذا
في الطبقة
الأولى .
وأما
المتأخرون ،
فكل واحد منهم
نصر مذهبه ،
وتأول على ما
يوافق أصله ،
فلا
يجوز لاحد أن
يقلد أحدا
منهم ، بل
ينبغي أن يرجع
إلى الأدلة
الصحيحة:
إما
العقلية ، أو
الشرعية ، من
إجماع عليه ،
أو نقل متواتر
به عمن يجب
اتباع
قوله
، ولا يقبل في
ذلك خبر واحد
، وخاصة إذا كان
مما طريقه
العلم .
ومتى
كان التأويل
مما يحتاج إلى
شاهد من اللغة
، فلا يقبل من
الشاهد إلا
ما
كان معلوما
بين أهل اللغة
شائعا فيما
بينهم ، فأما
ما طريقه
الآحاد من
الأبيات
النادرة (1) ،
فإنه لا يقطع
بذلك ، ولا يجعل
شاهدا على
كتاب الله ،
وينبغي
أن يتوقف فيه
، ويذكر ما يحتمله
، ولا يقطع
على المراد
منه بعينه ،
فإنه
متى
قطع على
المراد كان
مخطئا ، وإن
أصاب الحق ،
كما روي عنه صلى الله
عليه وآله ،
لأنه
قال
ذلك تخمينا
وحدسا ، ولم
يصدر ذلك عن
حجة قاطعة
وذلك باطل
بالاتفاق
(2) . إنتهى .
قيل:
ويظهر منه أن
اللفظ إذا
احتمل وجوها
ولم يذكر
المتقدمون
إلا
وجها
واحدا منها ،
لم يجز
للمتأخرين أن
يحمل الآية
على غيره .
وذهب
السيد طاب
ثراه في
الذريعة إلى
جوازه ، قال:
والذي يوضح
عما
ذكرناه
إنا إذا
تأولنا قوله
تعالى وجوه
يومئذ ناضرة
إلى ربها
ناظرة على أن
المراد
بها الانتظار
لا الرؤية ،
وفرضنا أنه لم
ينقل عن
المتقدمين
إلا هذا الوجه
دون
غيره ، جاز
للمتأخرين أن
يزيد على هذا
التأويل ،
ويذهب إلى أن
المراد أنهم
ينظرون
إلى نعم الله
، لان الغرض
في التأويل جميعا
إنما هو إبطال
أن يكون الله
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 186
تعالى
في نفسه مرئيا
، والتأويلان
معا مشتركان
في دفع ذلك ،
وقد قام كل
واحد
مقام صاحبه في
الغرض
المقصود ،
وجرى التأويلان
(1) مجرى الأدلة
في
أنه
يغني بعضها عن
بعض ، ثم قال:
وقد خالفت في
هذه المذاهب (2)
، إنتهى .
ومراده
بالمذاهب
بعضها ، فإن
المخالف في
ذلك بعض
العامة ، وأما
أكثرهم
فمعترفون
بأن استنباط
المعاني على
قوانين اللغة
العربية مما
لا قصور فيه ،
بل
يعدونه
فضلا وكمالا ،
كما يعلم من
تتبع كلامهم .
وقد
وافق الشيخ
على ما حكيناه
عنه العالم
الرباني ،
فإنه قال في
شرحه
الكبير:
إعلم أن أكثر
الناس منعوا
من فهم القرآن
لأسباب وحجب
أسدلها
الشيطان
على قلوبهم ،
فحجبت عن
عجائب أسراره ،
قال صلى
الله عليه
وآله: لولا أ
ن
الشياطين
يحومون على
قلوب بني آدم
لنظروا إلى
الملكوت ،
ومعاني
القرآن
وأسراره
من جملة
الملكوت ،
والحجب
المانعة .
أولها:
الاشتغال
بتحقيق
الحروف وإخراجها
عن مخارجها
والبعد (3) عن
ملاحظة
المعنى ،
وقيل: إن
المتولي لذلك
شيطان وكل
بالقراء
ليصرف عن
معاني
كلام
الله ، فلا
يزال يحملهم
على ترديد
الحروف ويخيل
إليهم أنه لم
يخرج من
مخرجه
، فيكون تأمله
مقصورا على
مخارج الحروف
، فمتى تنكشف
له
المعاني
؟ وأعظم مضحكة
للشيطان من
كان مطيعا
لمثل هذا
التلبيس .
وثانيها:
أن يقلد مذهبا
وتفسيرا
ظاهرا ، نقل إليه
عن ابن عباس
أو مجاهد
أو
غيرهما ،
فيحمل على
التعصب له من
غير علم ، فيصير
نظره موقوفا
على
مسموعه
، حتى لو لاح
له بعض
الاسرار حمل
عليه شيطان
التقليد جهله
، ولم
يسوغ
له مخالفة
آبائه
ومعلميه في
ترك ما هو
عليه من الاعتقاد
، وإلى مثل
هذا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
187
أشارت
أهل العرفان (1)
بقولهم (العلم
حجاب) وعنوا
بالعلم
العقائد التي
استمر عليها
أكثر الناس
بالتعليم
والتقليد ، أو
بمجرد كلمات
جدلية حررها
المتعصبون
للمذاهب
وألقوها
إليهم .
فإن
قلت: كيف يجوز
أن يتجاوز
الانسان
المسموع ، وقد
قال صلى
الله عليه
وآله: من
فسر
القرآن برأيه
فليتبوأ
مقعده من
النار ، وفي
النهي عن ذلك
آثار كثيرة ؟
قلت:
الجواب عنه من
وجوه:
الأول:
أنه معارض
بقوله صلى
الله عليه
وآله: إن
للقرآن ظهرا
وبطنا وحدا
ومطلقا ،
وبقول
علي عليه
السلام: إلا
أن يؤتى الله
عبدا فهما في
القرآن ، ولو
لم يكن سوى
الترجمة فما
فائدة
ذلك الفهم ؟
الثاني:
إنه لو لم يكن
غير المنقول
لاشترط أن يكون
مسموعا من
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله ، وذلك
مما لا يصارف
إلا في بعض
القرآن ، فأما
ما يقوله ابن
عباس
وابن
مسعود وغيرهم
من أنفسهم ،
فينبغي أن لا
يقبل ويقال:
هو تفسير
بالرأي .
الثالث:
أن الصحابة
والمفسرين
اختلفوا في تفسير
بعض الآيات ،
فقالوا فيها
أقاويل
مختلفة لا
يمكن الجمع
بينها وبين
سماع ذلك عن
رسول الله صلى الله
عليه وآله ،
فكيف
يكون الكل
مسموعا .
الرابع:
أنه عليه
السلام دعا
لابن عباس ،
فقال: اللهم
فقهه في الدين
، وعلمه
التأويل
، فإن كان
التأويل
مسموعا
كالتنزيل ومحفوظا
مثله ، فلا
معنى
لتخصيص
ابن عباس بذلك
.
الخامس:
قوله تعالى
لعلمه الذين
يستنبطونه منهم
فأثبت
للعلماء
استنباطا
، ومعلوم أنه
وراء المسموع
، فإذا الواجب
أن يحمل النهي
عن التفسير
بالرأي
على أحد
معنيين:
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
188
أحدهما:
أن يكون
للانسان في
الشئ رأي وله
إليه ميل
بطبعه ، في
تأول
القرآن
على وفق رأيه
حتى لو لم يكن
له ذلك الميل
لما خطر ذلك
التأويل له ،
سواء
كان الرأي
مقصدا صحيحا
أو غير صحيح ،
وذلك كمن يدعو
إلى مجاهدة
القلب
، فيستدل على
تصحيح غرضه من
القرآن بقوله
تعالى (اذهب
إلى
فرعون
إنه طغى)
ويشير إلى أن
قلبه هو
المراد بفرعون
، كما يستعمله
بعض
الوعاظ
تحسينا
للكلام
وترغيبا
للمستمع وهو
ممنوع .
الثاني:
أن يتسرع إلى
تفسير القرآن
بظاهر العربية
من غير
استظهار
بالسماع
والنقل ،
وفيما يتعلق
بغرائب القرآن
وما فيها من
الألفاظ
المبهمة ، وما
يتعلق
به من
الاختصار
والحذف
والاضمار
والتقديم والتأخير
والمجاز ، فمن
لم
يحكم
بظاهر
التفسير
وبادر إلى
استنباط المعاني
بمجرد فهم
العربية ، كثر
غلطه
ودخل
في زمرة من
يفسر بالرأي ،
مثاله قوله
تعالى (وآتينا
ثمود الناقة
مبصرة
فظلموا
بها) فالناظر
إلى ظاهر
العربية ،
ربما يظن أن
المراد أن
الناقة كانت
مبصرة
ولم تكن عمياء
، والمعنى آية
مبصرة ، فهذا
هو المنهي عنه
دون التفهم
لأسرار
المعاني ،
وظاهر أن
النقل لا يكفي
فيه ، وإنما
ينكشف
للراسخين في
العلم
من أسراره
بقدر صفاء
عقولهم وشدة
استعدادهم له
(1) انتهى .
وهو
أوسع دائرة
مما حكيناه عن
الشيخ كما لا
يخفى .
أقول:
ويؤيد كلامهما
أمور ، منها:
ما روي عنه صلى الله
عليه وآله
أنه قال:
القرآن
ذلول
ذو وجوه ،
فاحملوه على
أحسن الوجوه (2) .
وما
روي عن ابن
عباس أنه قسم
وجوه التفسير
على أربعة
أقسام: تفسير
لا
يعذر
بجهالته ،
وتفسير تعرفه
العرب
بكلامها ،
وتفسير تعرفه
العلماء ،
وتفسير لا
يعرفه
إلا الله عز
وجل ، فأما
الذي لا يعذر
أحد بجهالته ،
فهو ما يلزم
الكافة من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
189
الشرائع
التي في
القرآن ، وجمل
دلائل التوحيد
، وأما الذي
تعرفه العرب
بلسانها
فهو حقائق
اللغة وموضوع
كلامهم ، وأما
الذي يعلمه
العلماء فهو
تأويل
المتشابه
وفروع
الاحكام ،
وأما الذي لا
يعلمه إلا
الله فهو ما
يجري
مجرى
الغيوب وقيام
الساعة .
ومنها:
أن شيخنا
الطبرسي
وغيره عرفوا
معنى التفسير
تارة بأنه كشف
المراد
عن
اللفظ المشكل
والتأويل رد
أحد
المحتملين إلى
ما يطابق
الآخر (1) .
وأخرى
بأن التفسير
كشف المغطى ،
والتأويل انتهاء
الشئ ومصيره
وما يؤول إليه
أمره
، وحينئذ
فمعنى
الأحاديث
الواردة بالنهي
عن التفسير
بالرأي كما
قاله
المحقق
الأردبيلي:
إنه من فسر
وبين وجزم
وقطع بأن
المراد من
اللفظ المشكل
مثل
المجمل
والمتشابه
كذا ، بأن
يحمل المشترك
اللفظي مثلا
على أحد
المعاني
من غير مرجح
من حديث أو
آية أو ظاهر أو
إجماع أو دليل
عقلي ، بل
بمجرد
الرأي والميل
والاستحسان
من عقله من غير
شاهد معتبر
شرعا .
ومنها:
أن ما ذهب
إليه
المتأخرون من
الأخباريين
من أنه ليس في
القرآن
آية
أو كلمة يجوز
تفسيرها
والكشف عن
معناها إلا
بالنص الصحيح
، يلزم عليه
تعطيل
القرآن عن
الدلالة ، لان
الاخبار ما وفت
إلا بتفسير
بعض آياته ،
ولو
سددنا هذا
الباب وجعلنا
القرآن كله من
باب المتشابه
الذي لا يفهم
معناه إلا
بالنقل
عن المعصومين عليهم
السلام لما
استبان
للقرآن إعجاز
، لان الفصاحة
والبلاغة
في
الألفاظ
تابعان لفهم
المعاني ، كما
لا يخفى .
1) ظاهره نفي
مطلق القياس
حتى قياس
الأولوية ومنصوص
العلة ، وأكثر
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
190
الأصحاب
وإن نفوا قياس
المساواة
وأنواعه ، إلا
أنهم نصوا على
حجية قياس
الأولوية
ومنصوص العلة
، وجعلوهما
مناطا للأحكام
الشرعية ،
ونحن قد
أكثرنا من
الدلائل
في شرحينا على
التهذيب
والاستبصار على
نفيهما من
الحجة ، وعلى
أنهما
لا
يصلحان
للدلالة على
الاحكام .
ومن
تأمل وتتبع
الأحاديث
الواردة في
قولهم عليهم
السلام: لا
تقيسوا فإن
أول من
قاس
إبليس (1) . يظهر
له أن قياس
إبليس كان من
باب قياس
الأولوية حيث
قال:
(خلقتني من
نار وخلقته من
طين) (2) يعني: أنه
تخيل له أن
عنصر النار
أشرف
من عنصر الطين
، لأنه طالب
لجهة العلو ، فيكون
أحق بالسجود
له من
آدم عليه
السلام
وكذلك قول
الصادق عليه
السلام لأبي
حنيفة: لو كان
الدين يؤخذ
بالقياس
لكانت
المرأة أحق
بقضاء الصلاة
من الصيام (3) ، وكذلك
قوله عليه
السلام في
دية
الأصابع:
أخذتني
بالقياس ،
والسنة إذا
اخذت بالقياس
محق الدين (4) ،
فإن
هذا
الخبر كما
يظهر من
الرجوع إليه
نص في أن المنفي
فيه قياس
الأولوية .
نعم
دلالة اللفظ
لا تنحصر في
المطابقة بل
ما ورد في
الشريعة من
خطاب
الأئمة
عليهم
السلام ،
وإلقائهم
الاحكام قد
تكون الدلالة
فيه مطابقة ،
وقد تكون
تضمنا
، وقد تكون
التزاما
عرفيا أو
عقليا أو عاديا
، فتحريم
الضرب من قوله
تعالى:
(فلا تقل لهما
أف) (5) ليس من
قياس
الأولوية ، بل
من دلالة نفس
اللفظ
عليه عرفا ،
فإن كل من
يسمع هذا
اللفظ يفهم
منه تحريم
الضرب ، وإن
لم
يكن
عارفا بقياس
الأولوية ،
ولا غيره ،
وكذلك الموارد
التي استدلوا
عليها
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 191
بقياس
الأولوية أو
منصوص العلة ،
وقد تقدمنا في
نفي الاحتجاج
بهذين
القياسين
علم
الهدى
والمحقق قدس
الله روحيهما
، وبالغا في
انكاره
والاستدلال
عليه
بالأدلة
العقلية ، فلا
ينبغي
التعويل
عليهما في شئ
من الاحكام ،
وقد استقصينا
الكلام
في الكتابين المذكورين
، من أراد
الاطلاع على
حقيقة الحال فليراجعهما
.
1) إن كان
المراد دين
الاسلام يكون
النصف الآخر
الشهادة
بالرسالة ،
وإن
أريد
دين الايمان
يكون النصف
الآخر مع
الاقرار
بالرسالة
الاعتراف
بالولاية .
2)
كالأشاعرة
والمجبرة ،
فإنهم نسبوا
إليه أفعال
العباد كلها ،
مع أن الآيات
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
192
نزهت
ساحة جلاله عن
فعل القبيح
والاخلال بالواجب
.
1) ردا على من
زعم أن كل
حادث مسبوق
بالمادة .
2) يعني: أنه
طلب الشهادة
من العقول ،
أو من الأشياء
بسبب حدوثها ،
على
أنه
أزلي غير حادث
، إذ لو كان
حادثا لاحتاج
إلى موجد ،
وهكذا حتى
تنتهي
السلسلة
إلى قديم غير
حادث .
3) الوسم:
الكي ، شبه
سبحانه ما
ضربه على
الممكنات من
الذل والهوان
والانقياد
لطاعته
بالوسم الذي
تسمه الموالي
على العبيد .
4) لان
الفناء من
سمات الحدوث ،
وما ثبت قدمه
امتنع عدمه .
5) لأنه لو
كان ذا مكان
لزمه خلو بعض
الأمكنة عنه
عند انتقاله
إلى مكان
آخر
، وهذا شأن
صاحب الأين
وهو معروف به
، إذا سألت:
أين زيد ،
فيقال لك:
في
المكان
الفلاني .
6) إضافة
الشبح إلى
المثال
بيانية ، أي:
ليس له مثال
حسي ولا عقلي
، حتى
يوصف
بكيفية من
كيفيات
الأجسام ، أو
الصور العقلية
، أوليس له
شبح مماثلا له
حتى
يوصف بكيفيات
الأشباح من
الطول والعرض
وإحاطة
الخيال به
ونحو ذلك .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
193
1) أي: بمكان ،
لان حيث
للمكان غالبا
، فيكون
كالتأكيد
لقوله (مدرك
بأينية)
، وتجئ للزمان
أيضا ، فيكون
المعنى: أنه
لم يغب عن
زمان حتى يعلم
بالزمان
، كما يقال:
فلان كان
موجودا في
السنة
الفلانية ، أو
الاعصار
السابقة ،
أو
نحو ذلك .
2) لأنه لو
وقع عليه
الادراك لكان
ذاته من جملة الذوات
المتغيرة
بضروب
التغيير ، فلا
يكون مبتدعا
لتلك الذوات ،
بل يكون من
جملتها .
3) بوارع جمع
بارعة وهي
الفائقة .
وثاقبات بالثاء
المثلثة في
بعض النسخ
وفي
أكثرها
بالنون ،
والمعنى واحد
. والمراد بالتحديد
ما يشمل الحسي
والعقلي .
4) لأنه أعظم
من أن يحتاج
إلى مكان ،
وأجل من أن تذرعه
المقادير .
5) جمع مقياس
، ما يقاس به
الشئ ليعلم
حدوده ، وهو
أعم من
المقياس
الجسماني
يقطع مسافة
الممسوح
بالنصف والثلث
والطول
والعرض ،
والعقلائي
كالجنس
والفصل
والخاصة
والعرض العام
.
6) أي تبين
كنهه ، في
القاموس:
الكنه بالضم
جوهر الشئ
وغايته وقدره
ووقته
ووجهه (1) .
7) أي: تطلب
معرفة ذاته .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
194
1) أي: العقول
العالية .
2) أي: غارت
وقل ماؤها .
3) بالغين
المعجمة من
الصغار بمعنى
الذل .
4) أي:
مناظراتهم
اللطيفة
الدقيقة ، لان
الخصم يهيئ
لخصمه من
دقائق
الحيل
وعميقات
الفكر مما
يعجز عنه في
وقت آخر .
5) أي: من غير
أن يكون معه
ثان ، أو من
غير تعدد .
6) الأمد:
الغاية .
7) العمد
بالتحريك جمع
عمود ،
والمراد أن
قيامه من غير
سبب يعتمد
عليه
كقيام
الممكنات
بأسبابها .
وقيل: المراد
أنه ليس قيامه
قياما
جسمانيا يكون
بالعمد
البدنية ، أو
بالاعتماد
على الساقين .
8) الشبح
بالتحريك:
الشخص ، جمعه
أشباح .
والمضارعة:
والمشابهة .
9) التيار:
موج البحر
ولجته .
10) الملكوت:
الملك والعز
والسلطان .
11) أي: إن
قدرته على
خلقه بسبب
كونه المنعم
عليهم وهو
قادر على
المنع .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
195
1) التملك:
الملك قهرا ،
وهو مضمن معنى
التسلط والاستيلاء
.
2) قيل:
المراد بها
الجبال
الشاهقة ،
لأنه أثبتها
بعروقها إلى
منتهى الأرض .
3) التخم
منتهى الشئ ،
والجمع
التخوم بالضم .
4) الرضين:
المحكم
الثابت ، لأنه
مسبب الأسباب ،
ومذلل كل عسير
.
5) لعل الوجه
فيه أن الكلي
من حيث هو كلي
له طبيعة
واحدة وأفراد
متعددة ،
والطبيعة
الواحدة لا
يمكنها تربية
الأنواع والأشخاص
المختلفة ،
كما يقوله
أهل
الطبائع من
جهة اسناد
التربية
والتغذية إليها
، فيكون
المربي هو
تعالى شأنه .
6) أي: كفى في
الدلالة على
قدرته وحكمته
تعالى ما ركب
فيها من
الطباع
المختلفة
، فهو الذي
خلق الطبائع
وركبها ، فيكون
ردا على
الطبيعيين
حيث (1)
أنكروا
الصانع
وأسندوا
الأشياء إلى
الطبائع .
7) الفطر:
الخلق . يعني:
يكفي في
الدلالة على
قدمه إحداث
الحادثات .
8) أي: ليس له
حد ينسب إليه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
196
1) المقر على
صيغة المفعول
، أي: الذي
اختار الله
سبحانه له
الاستقرار في
خير
مكان ، أعني:
مكة والمدينة
شرفهما الله
تعالى . وقيل:
المراد به
عالم
الأرواح
، أو الأصلاب
الطاهرة ، أو
أعلى الجنان
بعد موته .
2) أي:
المنقول من
صلب كريم إلى
صلب كريم آخر
وهكذا ، لا
كما
يقوله
الجمهور من
كفر آبائه صلى الله
عليه وآله
وأجداده .
3) هو بكسر
التاء بمعنى
الأصل .
4) بكسر
الباء موضع
النبات .
5) الذروة:
رأس الجبل
وقلته ، يعني:
أن ذروة عزه
وعلوه تمنع
الأيدي
عن
الوصول إليها
والهمم عن
الوقوف عليها
.
6) بفتح
الهمزة وضم
الراء أصل
الشجرة .
7) من بسق
النخل بسوقا
طال ، ومنه
قوله تعالى والنخل
باسقات (1) .
8) من ينع
الثمر إذا نضج
وبلغ منتهاه .
والشجرة هي
الإبراهيمية
والقرشية
والهاشمية .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
197
1) كما قال صلى الله
عليه وآله:
نصرت بالرعب (1) .
لأنه كان إذا
غزا قوما أوقع
الله
رعبه
في قلوبهم على
مسيرة شهر ،
ويجوز أن يراد
من الأباليس
هنا الجن
والشياطين
، فإنه صلى
الله عليه
وآله قاتل
الجن ، وذلك
أنه أرسل ابن
عمه أمير المؤمنين
عليه
السلام
لقتال
جن وادي
الصبرة ، فقتل
منهم خلقا
كثيرا وأسلم
الباقون ،
وكذلك بعثه
لقتال
الجن في
الوادي لما
أرادوا
الاضرار بعسكره
لما سار إلى
حرب بني
المصطلق
، ومرات أخرى قاتلهم
فيها ، ثم عين
عليهم خليفة
منه ، كما ورد
في
أخبار
الثعبان الذي
اتي إليه عليه
السلام وهو
على المنبر في
مسجد الكوفة .
2) أي: قام به
جهارا .
3) الافصاح:
البيان
بفصاحة ، أي:
أظهر دعوته
متلبسا
بالتوحيد .
وضمير
حجته
ودرجته راجع
إلى الرسول صلى الله
عليه وآله .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
198
1) أي: كونه
موجودا لا
حقيقة الوجود
.
2) في هنا
للسببية ، أي:
حجب العقول عن
تخيل ذاته بسبب
امتناع الذات
من
المشابهة
والاشكال ،
وتحقيقه كما
تقدم أن القوة
العقلية عند
توجهها في
تحصيل
المطالب
العقلية
المجردة لا بد
لها من استتباع
الوهم
والمتخيلة
والاستعانة
بهما في
استثباتها
بالتشبيح والتصوير
بصورة تحطها
إلى الخيال ،
وكذلك
المعاني
المدركة
للنفوس في
النوم من الحوادث
، فإنها لا
تتمكن من
استثباتها
عند اقتناصها
من عالم
التجريد ، وبقائها
إلى حال
اليقظة إلا في
صور
خيالية
مشاهدة ،
والحاصل أن
العقول لو
أدركته لكان
ذلك بمشاركة
الوهم ،
فكان
يلزم أن يصوره
بصورة خيالية
لكنه تعالى منزه
عن الصورة ،
فكان
منزها
عن إدراكها .
3) يعني: أن
كمالاته لا
تحصى ، فلا
تدخل تحت العدد
كما يدخل تحته
كمالات
الممكنات ،
كما يقال: زيد
كماله في
العلم
والشجاعة
والكرم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
199
ونحو
ذلك مما يدخل
تحت العد ،
أما هو الله
سبحانه
فكمالاته
كلها حاصلة
بالفعل
وعلمه لا
يتناهى وكذا
قدرته وسائر
صفاته .
1) يعني: مع أن
الأشياء
مختلفة فالذي
يفارق بعضها
يكون قريبا من
البعض
الآخر ، لان
هذا من خواص
القرب
المكاني والبعد
المكاني .
وأما
مفارقته
تعالى
الأشياء ، فهي
ليست على حد
مفارقة
الأجسام
بعضها لبعض ،
بل
مفارقة
بالذات
ومباينة بعدم
المشابهات .
2) يعني: أنه
لا يعلم المعلوم
بعلم يغايره
ويزيد على
ذاته ،
كالأحوال
والصفات
الزائدة التي
يعلم بها غيره
تعالى ، كما
قاله
الأشاعرة
ونحوهم .
3) تحقيق
الكلام في
الآية يتم
ببيان أمور:
الأول:
في معنى صلاة
الله تعالى
وملائكته على النبي
صلى الله
عليه وآله ،
ذهب طائفة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
200
من
المفسرين إلى
أن المراد
منها الثناء
والتبجيل
والتعظيم له صلى الله
عليه وآله .
ويدل
عليه ما رواه
أبو بصير ،
قال: سألت أبا
عبد الله عليه
السلام عن
هذه الآية ،
فقلت:
كيف
صلاة الله على
رسوله ؟ فقال:
يا أبا محمد
تزكيته له في
السماوات
العلى (1) .
وذهب
آخرون إلى
أنها من الله
تعالى بمعنى
الرحمة ، ومن
الملائكة
طلبها ،
ورحمته
سبحانه له
عبارة عن
تضاعف درجاته
وتزائد مراتب
شفاعاته
وقربه
إليه وجواره
لديه .
ومعنى
ثالث رواه
شيخنا في
الكافي عن أبي
جعفر عليه
السلام ،
قال: لما قبض
النبي
صلى الله
عليه وآله
صلت عليه
الملائكة
والمهاجرون
والأنصار فوجا
فوجا ، قال:
وقال
أمير
المؤمنين عليه
السلام سمعت
رسول الله صلى الله
عليه وآله
يقول في صحته
وسلامته: إنما
أنزلت
علي
هذه الآية في
الصلاة علي
بعد قبض الله
لي ، إن الله
وملائكته
الآية (2) .
الثاني:
الامر الوارد
في قوله (صلوا
عليه) لا خلاف
بين الأمة في
وجوبها
عليه
في الصلاة ،
لأنها جزء من
التشهد عندنا
، وأغلب
العامة
أوجبها في
الصلاة
ولو
بغير التشهد .
أما في الصلاة
، فذهب طائفة من
علماء
الفريقين إلى
وجوبها
عليه
كلما ذكر ،
سواء كان ذكره
بالاسم أو
الكنية أو
اللقب أو
الضمير الراجع
إليه ،
لعموم
قوله صلى
الله عليه
وآله: من
ذكرت عنده فلم
يصل علي فدخل
النار فأبعده ا
لله (3) ومنهم
من
خص الذكر
بالاسم
الشريف زعما
منه أنه المتبادر
من لفظ الخبر
، وهو تحكم .
وذهب
جماعة ، منهم
الفاضل
الأردبيلي إلى
وجوبها في كل
مجلس مرة
واحدة
إن
صلى عليه
أخيرا ، وإن
وقعت التصلية
منه في الذكر
الأول وجب في
التالي له .
وفصل
آخرون
بوجوبها إن
تخلل بين
الذكرين فاصلة
عرفية ، وإلا
فلا ، وله وجه
،
ولو
ذكر لمصل وجبت
الصلاة عليه ،
وهو في الصلاة
لورود النص به
، حتى لو أهمل
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
201
التصلية
ربما قدح في
صحة الصلاة ،
بل قال قائل
ببطلانها
نظرا إلى
قواعد الأصول
.
الثالث:
في كيفيتها ،
أطبق أصحابنا رضوان
الله عليهم
على أن لفظها
(اللهم
صل
على محمد وآل
محمد) أو ما أدى
معناه ، أما
لو ترك ذكر
الآل فليس هي
صلاة
، بل يعاقب
عليه ، لما
روي عنه صلى
الله عليه
وآله أنه
قال: من صلى
علي ولم يصل
على
آلي لم يجد
ريح الجنة ،
وإن ريحها
ليوجد من
مسيرة
خمسمائة عام (1) .
وفي
الصحيح أنه
قال: إذا صلى
علي ولم يتبع
بالصلاة على
أهل بيتي كان
بينها
وبين السماء
سبعون حجابا ،
يقول الله عز
وجل: لا لبيك
ولا سعديك ،
يا
ملائكتي لا
تصعدوا دعاءه
إلا أن يلحق
بنبيي عترته ،
فلا يزال
محجوبا حتى
يلحق
بي أهل بيتي (2) .
وفي
رواية ابن
القداح أن
الصادق عليه
السلام سمع
رجلا متعلقا
بالبيت ، وهو
يقول:
اللهم صل على
محمد ، فقال:
يا عبد الله
لا تبترها ولا
تظلمنا حقنا ،
قل:
اللهم
صل على محمد
وأهل بيته (3) .
وأما
الجمهور ، فلا
يلحقون به أهل
بيته ، بل يذكرونه
في التصلية
وحده
معتذرين
عنه بأن
الصلاة عليه
مع آله صار
شعارا
للرافضة ، ولا
ينبغي
التشبيه
بهم
، وليس هذا
إلا محض
العناد
والعصبية .
الرابع:
في معنى
التسليم عليه
، ويندرج تحته
ضروب:
منها:
السلام عليه
في حياته صلى
الله عليه
وآله .
ومنها:
التسليم
والانقياد له
ولأقواله
وأحكامه في
حياته وبعدها
.
ومنها:
التسليم عليه
آخر الصلاة
وإلى تخصيص كل
واحد من
المذكورات ،
وأنه
المراد من
الآية ، ذهب
قائل وتدل
الاخبار على
معنى آخر
للسلام عليه
مطلقا .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
202
ومنها:
أن يبعث إليه
بالسلام: إما
بكتاب ، أو بتوديع
الوافدين
عليه ،
كقولك
لبعض زائريه
إذا بلغت إلى
قبره صلى
الله عليه
وآله فاقرأه
مني السلام .
ومنها:
أن تسلم عليه
من مكانك ،
فإنه كما ورد
في الخبر: أن
الله خلق
ملائكة
طوافين في
الأرض يبلغون
رسول الله صلى الله
عليه وآله
صلاة المصلين
عليه
وسلام
المسلمين ،
فعند ذلك
يقول: وعلى
فلان سلام
الله
وملائكته
وسلامي (1) .
وفي
حديث آخر: إن
الله سبحانه
وكل ريحا
بتبليغ النبي صلى الله
عليه وآله
سلام
المسلمين .
وروى
أبو سعيد في
كتاب الوفا
لشرف المصطفى
مسندا إلى علي
عليه
السلام قال:
قال
رسول الله صلى الله
عليه وآله:
أكثروا علي
الصلاة . قلت:
وهل تبلغك
الصلاة بعد أن
تفارقنا
؟ قال: نعم يا
علي ، إن الله
تبارك وتعالى
وكل بقبري
ملكا يقال له:
صلصائيل
، وهو في صورة
الديك متن
عرفه تحت العرش
ومخاليبه في
تخوم
الأرض
السابعة ، له
ثلاث أجنحة
إذا نشرها واحد
بالمشرق
والآخر
بالمغرب
والآخر
على أرض قبري
، فإذا قال
العبد: اللهم صل
على محمد وآل
محمد كما
صليت
وباركت
وترحمت على
إبراهيم وآل
إبراهيم إنك
حميد مجيد ،
لقطها كما
يلقط
الطير الحب ثم
يرفرف على
قبري ، ويقول:
يا محمد يا
محمد إن فلان
بن
فلان
صلى عليك
وأقرأك
السلام ،
فيكتب له في
رق من نور
بالمسك
الأذفر ،
ويرفع
له عشرون ألف
درجة ، ويكتب
له عشرون ألف
حسنة ويمحى
عنه
عشرون
ألف سيئة ،
وتغرس له
عشرون ألف
شجرة .
وأنا
أقول في
السلام عليه:
سلام
من الرحمان
نحو جنابه ***
فإن سلامي لا
يليق ببابه
الخامس:
في بيان فائدة
الصلاة منا
والسلام عليه
، ذهب جماعة ،
منهم
الشهيدان
قدس الله
روحيهما ، إلى
أن فائدته راجعة
إلى المصلي ،
أعني الثواب ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
203
لان
الله سبحانه
قد أعطى نبيه
من مراتب
السعادة ما لا
يزيد فيه صلاة
مصل عليه ،
وهذا
القول منهم
عجيب ، لان
درجات القرب
ومراتب
الرحمة منه
تعالى لا تقف
عند
حد لا تزيد
عليه ، وفي
الأدعية
المأثورة
والاخبار الواضحة
دلالة على أن
صلاتنا
عليه مما يزيد
في درجاته ،
على أن صلاتنا
عليه ونحوها
عمل من جملة (1)
أعماله
، ولا خلاف
عند الكل في
أنه صلى
الله عليه
وآله يثاب
على أعماله
وسعيه مع قوله
تعالى
(وأن ليس
للانسان إلا
ما سعى) (2) ومن
تتبع الاخبار
لم يبق له شك
في حقية
هذا
الكلام ،
والله الهادي
إلى تحصيل
المرام .
1) الكرم هو
انفاق المال
الكثير
بسهولة من النفس
في الأمور
الجليلة
القدر
الكثيرة
النفع ،
بمقدار ما
ينبغي على
الوجه الذي
ينبغي .
والتقى في
اللغة:
الخوف
. وفي العرف
الخاص: خوف النفس
من التدنس
بأدناس
الهيئات
البدنية
، والتكيف
بالملكات
الردية ، ورفض
المشتهيات
البدنية .
والكرم
كما يراد به
ما ذكرنا
حقيقة ، كذا
يطلق مجازا ،
أو يراد به
انفاق النفس
وسمحها
بالمشتهيات
البدنية ،
وقلة الالتفات
إلى اللذات
الحسية التي
يخاف من
الاشتغال
بها الالتفات
عن القبلة
الحقيقية .
ووجه
المشابهة: أن
الكريم كما
يسمح بالمال
الكثير
ويفارقه
بسهولة من
نفسه
في تحصيل
الأمور
الجليلة
القدر الكثيرة
النفع ، كذلك
المتقي من جهة
أنه
يسمح
باللذات
والمشتهيات
بسهولة لأجل
تحصيل
المطالب
العلية على
الوجه
الذي
لا يخالف
الرسوم الشرعية
، ولهذا الوجه
أطلق على
التقي أنه كرم
.
وأما
أنه أعز ما
يطلق عليه اسم
الكرم ، فلان
التقي يسمح
بجميع اللذات
،
فإن
تناول شيئا
منها فلا
لكونه ألذ ،
بل لكونه
مقوما للحياة
. والكريم
إنما يسمح
بالمال
وحده ، وهو
جزئي من
جزئيات اللذة
، وقد يكون
المقصود منه لذة
فانية ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
204
وشتان
ما بين
اللذتين .
إذا
ما ظمئت إلى
ربقة *** جعلت
المدامة منه
بديلا
وأين
المدامة من
ربقة ولكن
أعلل قلبا
عليلا
وقول
أعز: إما من
العزة بمعنى
الغلبة ، أو
بمعنى أنه
عزيز الوجود ،
وكلاهما
محتمل
. وأما قوله
تعالى (إن
أكرمكم عند
الله أتقاكم) (1)
فيحتمل أن
يراد
أن
الكريم
العزيز عند
الله ، أو
يراد أنه في علم
الله الأكرم .
إذا
عرفت هذا
فاعلم أنه قد
ذكر المحققون
أن للتقوى
ثلاث مراتب:
الأولى:
التوقي عن
العذاب
المخلد
بالتنزه عن
الشرك ، وعليه
قوله تعالى
(وألزمهم
كلمة التقوى) (2)
وقوله تعالى
(أولئك الذين
امتحن الله
قلوبهم
للتقوى) (3) .
الثانية:
التجنب عن كل
ما يؤثم من
فعل أو ترك حتى
الصغائر عند
قوم ، وهو
المتعارف
بالتقوى في
الشرع ،
والمعنى
بقوله تعالى
(ولو أن أهل
القرى آمنوا
واتقوا)
(4) .
الثالثة:
أن يتنزه عما
يشغل سره عن
الحق وينقطع
إليه بكليته ،
وهي التقوى
الحقيقية
المطلوبة
بقوله تعالى
(واتقوا الله
حق تقاته) (5) . ومن
هنا قال
الصادق
عليه
السلام:
التقوى أن لا
يراك الله حيث
نهاك ، ولا
يفقدك حيث
أمرك (6) .
1) المعقل:
الحصن ، وذكر المحققون
للورع درجات
أربع:
الأولى:
ورع التائبين
، وهو ما به
يخرج الانسان
عن الفسق ،
وهو
المصحح
لقبول
الشهادة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
205
الثانية:
ورع الصالحين
، وهو التوقي
عن الشبهات ،
فإن من رتع
حول الحمى
أوشك
أن يدخله قال
النبي صلى
الله عليه
وآله: دع ما
يريبك إلى ما
لا يريبك (1) .
الثالثة:
ورع المتقين
وهو ترك
الحلال الذي
يتخوف أن ينجر
إلى الحرام
كما
قال صلى
الله عليه
وآله: لا
يكون الرجل من
المتقين حتى
يدع ما لا بأس
به مخافة ما
به
بأس
، وذلك مثل
الورع عن
التحدث
بأحوال الناس
مخافة أن ينجر
إلى الغيبة .
الرابعة:
ورع الصديقين
، وهو الاعراض
عما سوى الله
تعالى خوفا من
صرف
ساعة من العمر
فيما لا يفيد
زيادة القرب عند
الله عز وجل ،
وإن كان
معلوما
أنه
لا ينجر إلى
حرام البتة .
1) النصب:
التعب ،
والوضع: الحط
، أي: لا تعب
أحط لمرتبة
الانسان من
الغضب
في غير محله ،
ففيه تعب
الأبدان
والأرواح وحط
الدرجة .
2) أي: لا قبيح
أقبح منه ،
قال الصادق عليه
السلام:
المؤمن يزني
ويسرق ويشرب
الخمر
ويأتي
المعاصي إلا
أنه لا يكذب (2) .
يعني به أنه
إذا كذب خرج
عن
درجة
من الايمان
وانحط عنها
إلى مرتبة
أدون منها .
3) الرمق:
بقية النفس
وآخر الحياة ،
والنظر الطويل
، أي: لكل ذي
حياة
قوت ، وكون
الموت ذا رمق:
إما على سبيل
المجاز
والاستعارة ،
أو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
206
باعتبار
ما يكون عليه
يوم القيامة
من التجسم ،
كما ورد في
الخبر: أنه إذا
تفرق
أهل
الجنة وأهل
النار فريقين
أمر الله
تعالى بالموت
، فيؤتى على
هيئة كبش
أملح
تنظر إليه
الخلائق
وتعرفه ،
فيأمر به فيذبح
بين الفريقين
، حتى يعلم
أهل
الجنة أن
النعيم دائم ،
ويعلم أهل
النار أن
الخلود مؤبد (1) .
1) أي: من لم
يحفظ من زلل
اللسان كثر
هذيانه وكلامه
الذي لا
يستحسنه
الناس منه .
2) أي: بعد
التقارب
والقياس بين
مصائب الدنيا
وحاجة الخلق
يوم القيامة .
3) أي: ما أقرب
راحة الآخرة
من تعب الدنيا
بالطاعات
والاعمال
والصبر عليها
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 207
1) جن عليه
الليل ، أي:
دخل عليه
وستره بظلمته
، ومنه الجن
لخفائهم عن
أعين
الناس ،
واختلف في
الكوكب فقيل:
هو الزهرة ،
وقيل: هو
المشتري .
قال
أمين الاسلام
طاب ثراه:
اختلف في
تفسير هذه
الآيات على
أقوال:
أحدها:
أن إبراهيم عليه
السلام إنما
قال ذلك في
زمان مهلة
النظر وخطور
الخاطر
الموجب
عليه النظر
بقلبه ، لأنه
لما أكمل الله
عقله وحرك
دواعيه على
الفكر
والتأمل
رأى
الكوكب
فأعجبه نوره ،
وقد كان قومه
يعبدون
الكواكب ،
فقال: هذا ربي
على
سبيل الفكر ،
فلما غاب علم
أن الأفول لا
يجوز على
الاله ،
فاستدل بذلك
على
أنه محدث
مخلوق ، وكذلك
كانت حاله في
رؤية القمر
والشمس .
ثم
قال في آخر
كلامه: يا قوم
إني برئ مما
تشركون ، إني
وجهت وجهي
للذي
فطر السماوات
والأرض ، وكان
هذا القول منه
عقيب معرفته
بالله تعالى
وعلمه
بأن
صفات
المحدثين لا
يجوز عليه ،
وهذا اختيار
أبي القاسم
وغيره ، قال:
وزمان
مهلة النظر هي
أكثر من ساعة
وأقل من شهر ،
ولا يعلم
بينهما إلا
الله تعالى .
وثانيها:
أنه عليه
السلام إنما
قال ذلك قبل
بلوغه ، لأنه
خرج من الغار
وله ثلاث
عشر
سنة ، وأنه
لما قاربه
كمال العقل
حركته الخواطر
فيما شاهده من
هذه
الحوادث
، فلما رأى
الكوكب ونوره
ظن أنه ربه ،
فلما أفل
وانتقل من حال
إلى
حال
، قال: لا أحب
الآفلين ،
فلما أكمل
الله عقله
وضبط بفكره
النظر في
حدوث
الأجسام ، قال
لقومه: إني
وجهت وجهي
للذي . . . الآية .
وثالثها:
أن إبراهيم عليه
السلام لم
يقل هذا ربي
على طريق الشك
، بل كان
عالما
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
208
موقنا
أن ربه سبحانه
لا يجوز أن
يكون بصفة الكواكب
، وإنما قال
ذلك على
سبيل
الانكار على
قومه ،
والتنبيه لهم
على أن من
يكون إلها
معبودا لا
يكون
بهذه
الصفة الدالة
على الحدوث ،
ويكون قوله
(هذا ربي)
محمولا: إما
على أنه
كذلك
في زعمكم ،
وإما على حذف
حرف
الاستفهام .
ورابعها:
أنه عليه
السلام إنما
قال ذلك
استخداعا
للقوم يريهم
قصور علمهم
وبطلان
عبادتهم
لمخلوق تجري
عليه أعراض
الحوادث ،
فإنهم كانوا
يعبدون
الكواكب
، وبعضهم
يعبدون
النيران ،
وبعضهم يعبدون
الأوثان (1) ،
إنتهى ملخصا .
ولا
يخفى ما يرد
على الأولين
من القدح في
علوم
الأنبياء
ونقصانها
سيما
علم
التوحيد ،
فإنه الفطرة
التي فطر
الناس عليها ،
ومن عرف نفسه
فقد عرف
ربه
، فكيف يحتاج
الخليل عليه
السلام إلى
النظر والتأمل
في معرفة
الخالق جل
شأنه ؟
نعم
روى علي بن
إبراهيم هذه
القصة بسند
صحيح عن
الصادق عليه
السلام ،
وفيها
أنه سئل أبو
عبد الله عليه
السلام عن
قول إبراهيم:
(هذا ربي): أشرك
في قوله
(هذا ربي) ؟
فقال: لا ، من
قال هذا اليوم
فهو مشرك ،
ولم يكن من
إبراهيم شرك ،
وإنما
كان في طلب
ربه ، وهو من
غيره شرك (2) .
أقول:
يمكن حمل هذا
على التقية ،
لموافقته تفاسير
العامة ، وإن
أمكن
أن
يقال: إن معنى
قوله (وإنما
كان في طلب
ربه) يعني:
لقومه ، أو
لأجل
الاستدلال
في مقام
المناظرة ،
وإن كان عالما
به .
1) هو
بالتحريك
الحفيرة تحت
الأرض ، وذكر
أهل التفسير
والتاريخ: أن
إبراهيم
عليه
السلام ولد
في زمان نمرود
بن كنعان ،
وقيل لنمرود:
إنه يولد في
بلده
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
209
هذه
السنة مولود
يكون هلاكه
وزوال ملكه
على يده ، ثم
اختلفوا ، فقال
بعضهم:
إنما
قالوا ذلك من
طريق التنجيم
والتكهين . وقال
آخرون: بل وجد
ذلك في
كتب
الأنبياء .
وقال
آخرون: رأى
نمرود كأن
كوكبا طلع ،
فذهب بضوء
الشمس والقمر
،
فسأل
عنه ، فعبروا
بأنه يولد
غلام يذهب
ملكه على يده
، فعند ذلك
أمر بقتل
كل
غلام يولد تلك
السنة ، وأمر
أن يعزل
الرجال عن
النساء ، وأن
يتفحص عن
أحوال
النساء ، فمن
وجدت حبلى
تحبس حتى تلد
، فإن كان
غلاما قتل ،
حتى
حبلت
أم إبراهيم ،
فلما دنت
ولادة
إبراهيم عليه
السلام خرجت
أمه هاربة ،
فذهبت به
إلى
غار ، ولفته
في خرقة ،
وجعلت على باب
الغار صخرة ،
ثم انصرفت عنه
،
فجعل
الله رزقه في
إبهامه ، فجعل
يمصها فتشخب لبنا
، فجعل يشب في
الشهر
ما
يشب غيره في
السنة ، فمكث
ما شاء الله
أن يمكث ،
ولما خرج من
السرب
نظر
إلى النجم ،
وكان آخر
الشهر ، فرأى
الكوكب قبل
القمر ، ثم
رأى القمر ،
ثم
رأى
الشمس ، فقال
ما قال ، ولما
رأى قومه يعبدون
الأصنام
خالفهم ، وكان
يعبث
بآلهتهم حتى
فشا أمره وجرت
المناظرات .
1) قال
الرازي في
التفسير:
الأفول عبارة
عن غيبوبة
الشئ بعد
ظهوره ،
وإذا
عرفت هذا
فلسائل أن
يقول: الأفول
إنما يدل على
الحدوث من حيث
أنه
حركة
، وعلى هذا
يكون الطلوع
أيضا دليلا
على الحدوث ،
فلم ترك
إبراهيم
الاستدلال
على حدوثها
بالطلوع ،
وعول في إثبات
هذا المطلوب
على الأفول ؟
والجواب:
أنه لا شك أن
الطلوع
والغروب
يشتركان في
الدلالة على
الحدوث
، إلا أن
الدليل الذي
يحتج به
الأنبياء عليهم
السلام في
معرض دعوة
الخلق (1)
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
210
إلى
الاله لا بد
وأن يكون
ظاهرا جليا
بحيث يشترك في
فهمه الذكي
والغبي
والعاقل
والجاهل ،
ودلالة
الحركة على
الحدوث وإن
كان يقينية
إلا أنها
دقيقة
لا
يعرفها إلا
الأفاضل من
الخلق ، وأما
دلالة الأفول
فكانت على هذا
المقصود أتم .
وأيضا
قال بعض
المحققين:
الهوي في
حظيرة (1) الامكان
أفول ، وأحسن
الكلام
ما يحصل فيه
حصة الخواص ،
وحصة الأوساط
، وحصة العوام
،
فالخواص
يفهمون من
الأفول
الامكان ، وكل
ممكن محتاج ،
والمحتاج لا
يكون
مقطعا للحاجة
، فلا بد من
الانتهاء إلى
ما يكون منزها
عن الامكان
حتى
تنقطع
الحاجات بسبب
وجوده ، كما
قال: (وأن إلى ربك
المنتهى) وأما
الأوساط
فإنهم
يفهمون من
الأفول مطلق
الحركة ، وكل
متحرك محدث ،
وكل محدث فهو
محتاج
إلى القديم
القادر ، فلا
يكون الآفل إلها
، بل الاله هو
الذي احتاج
إليه الآفل .
وأما
العوام ،
فإنهم يفهمون
من الأفول
الغروب ، وهم
يشاهدون أن كل
كوكب
يقرب من
الأفول ، فإنه
يزول نوره ،
وينتقض ضوؤه ،
ويذهب سلطانه
، ويصير
كالمعدوم ،
ومن كان كذلك
فإنه لا يصلح
للإلهية .
فهذه
الكلمة
الواحدة ،
أعني قوله (لا
أحب الآفلين)
كلمة مشتملة
على
نصيب
المقربين
وأصحاب
اليمين
وأصحاب
الشمال ،
فكانت أفضل
البراهين .
وفيه
دقيقة أخرى ،
وهي أنه عليه
السلام إنما
كان يناظرهم ،
وهم كانوا
منجمين ،
ومذهب
أهل النجم أن
الكوكب إذا
كان في الربع
الشرقي ويكون
صاعدا إلى
وسط
السماء ، كان
قويا عظيم
التأثير ،
وإذا كان
غربيا وقريبا
من الأفول
فإنه
يكون
ضعيف الأثر
قليل القوة ،
فنبه بهذه
الدقيقة على
أن الاله هو
الذي لا تتغير
قدرته
إلى العجز ،
وكماله إلى
النقص ،
ومذهبكم أن
الكوكب حال
كونه في الربع
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
211
الغربي
يكون ضعيف القوة
، ناقص
التأثير ،
عاجزا عن
التدبير ، وذلك
يدل
على
القدح في
إلهيته ، فظهر
أن على قول
المنجمين
للأفول مزيد
اختصاص في
كونه
موجبا للقدح
في الإلهية (2) ،
انتهى .
1) الحنيف:
المائل من
الباطل إلى
الحق .
والمسلم معناه
هنا المنقاد
لأوامر الله
ونواهيه
وهو أخص من
الايمان ،
وأعلى درجاته
، ومنه قوله
في صلاة
الأموات:
اللهم اغفر
للمؤمنين
والمؤمنات والمسلمين
والمسلمات ،
وموارده
كثيرة
في الكتاب
والسنة .
2) إشارة إلى
ما سبق في
الاحتجاج ،
أي: أخطرناها بباله
وجعلناها
حججا
على
قومه من
الكفار حتى
تمكن من
إيرادها عليهم
عند المحاجة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
212
1) أي: كما
أراد تكوينها
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
213
1) يعني ما
ذكره في سورة
الاخلاص ،
فإنه التوحيد
الكامل الذي يمكن
العقول
أن تصل إليه .
2) النجوى:
المناجاة .
والسر يقع بين
اثنين وأكثر ،
وكونه تعالى
معهم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
214
معناه:
أن علمه محيط
بهم فكأنه
معهم .
1) الكينونة:
الحدوث . قيل:
معناه أنه كان
ولم يحدث بعد
حادث ، أو لا
على
نحو
حدوث الحوادث
، ويجوز أن
يكون معناه:
أنه تعالى كان
بلا تكوين
مكون .
2) أي: كان
موجودا من غير
اتصافه
بالكيفيات
الزائدة ،
لأنها حادثة ،
وقوله
(يكون)
للتنبيه على
حدوثها لو
كانت .
3) أي: كان
قديما بلا شئ
قديم معه يتصف
بقوله لم يزل ،
أو أنه لما
كان
قوله
(لم يزل) موهمة
للزمان كشف
عنه بأن هذا
اللفظ وما
يوهمه
من
الزمان لم يكن
معه ، وإنما
المراد
التعبير بقولنا
(كان لم يزل)
لقصور
العبارة
عن
التعبير وبلا
كيف يكون
كالتأكيد لما
تقدم . واحتمل
بعضهم أن يكون
الأول
نفيا
للكيفيات
الجسمانية ،
وهذا نفيا
للكيفيات
المعنوية ،
كالصفات
الزائدة
ونحوها
، وفي بعض
النسخ: وبلا
كيف يكون كان
، أي: كان بلا
كيف يكون .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
215
1) أي: متقدم
الوجود على ما
هو قبل
المخلوقات ، وذلك
لأن عدم
وجودها
سابقا
إنما كان بسبب
عدم المصلحة
فيه ، وإن الأصلح
وجودها بعد
ذلك القبل ،
وهذا
معلول للذات
ومستند إليها
، والعلة متقدمة
على المعلول
كما تقدم
بيانه .
ويجوز
أن يكون
المراد بقبل
القبل ،
الزمان ، لأنه
قبل جميع
المخلوقات ،
وهو
تعالى قبل
الزمان الذي
هو قبل القبل .
2) أي: امتداد
وزمان موجود .
3) أي: في
الأزل .
4) بدئ على
وزن فعيل ، أي:
لم يبتدأ خلق
الأشياء من شئ
حتى يقال من
أي
شئ خلقها .
وقيل: إنه
بمعنى
المفعول ، أو
على طريق
الفعل
المجهول ،
وفيه بعد .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 216
1) قوله (مهما)
ظرف زمان جئ
به هنا
لاستغراق
أفراد
الأوقات ،
يعني:
أنه
لا يزال دائما
وفي جميع
الأوقات
المحققة والمقدرة
.
2) أي: ليس
تخيل
بالأوهام .
3) أي: لو كان
مبصرا لكان
محدثا ، فلا
يتوهم منه أن
كل محدث مبصر .
4) أي: تكون
الحجب حاوية
له .
5) جمع ضرب
بمعنى المثل .
6) أي:
المشابهة ،
يعني لا يشبه
أحدا ، فهو
بعيد من جهة
المشابهة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
217
1) فيه إبطال
قول الفلاسفة
بالعقول
والهيولي القديمة
.
2) أي: كانت
قبل خلق هذا
العالم مبتدأة
مخلوقة لغيره
تعالى حتى
يكون
خلق
العالم على
شكلها .
3) أي مقايسة
الخالق على
المخلوق ، أو
المراد المعنى
الأعم حتى
يشمل
قياسات
أبي حنيفة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
219
1) يعني: أنه
شئ لا
كالأشياء ،
فالجزء الأول
نفي للتعطيل
والثاني نفي
للتشبيه .
2) اختلف
الأصحاب - عطر
الله مرقدهم -
في جواز تسمية
صاحب الدار عليه
السلام
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
220
باسمه
، فذهب جماعة
منهم: المفيد
والطبرسي قدس
الله روحيهما
إلى عدم
جوازه
. وذهب طائفة ،
منهم: المحقق
نصير الدين الطوسي
والفاضل
الأردبيلي ،
وبهاء
الملة والدين رضوان
الله عليهم
إلى جوازه .
والأخبار
الدالة على
القول الأول
أوضح سندا وأصح
دلالة وأكثر
عددا مما دل
على
القول الثاني
، وفيها: من
سماني في مجمع
من الناس باسمي
فعليه لعنة
الله (1) وفي
حديث آخر: لا
يسميه باسمه
إلا كافر (2) وفي
رواية أخرى:
لا يحل لكم
ذكره (3) .
وما
دل على القول
الثاني طريق
التأويل فيه
واضح ، لأنه
غير دال على
المطلق .
وأما
تأويل ما
ذكرناه من
الاخبار
بالحمل على حال
الخوف
والتقية ، ففي
الاخبار
ما يأبى عنه
لتقييد
التحريم
بالانتهاء
إلى وقت ظهوره
.
قال
صاحب كشف
الغمة: من
العجب أن
الشيخ الطبرسي
والشيخ
المفيد
رحمهما
الله تعالى
قالا: لا يجوز
ذكر اسمه ولا
كنيته ، ثم
يقولان: اسمه
اسم
النبي
صلى الله
عليه وآله ،
وكنيته كنيته
، وهما يظنان
أنهما لم
يذكرا اسمه ولا
كنيته ، وهذا
عجيب
، والذي أراه
أن المنع إنما
كان في وقت الخوف
عليه والطلب
له والسؤال
عنه
، وأما الآن
فلا والله
أعلم (4) ، إنتهى .
وظني
أن قوله هذا
أحق بالتعجب ،
لان قولهما (اسمه
اسم النبي صلى الله
عليه وآله)
إنما
هو
تفهيم لاسمه
الشريف وليس
هو ذكر له لغة ولا
عرفا وشرعا (5) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
221
1) إشارة إلى
الآية ، وهي
قوله تعالى
(يثبت الله الذين
آمنوا بالقول
الثابت في
الحياة
الدنيا وفي
الآخرة ويضل
الله الظالمين)
(1) أي يثبتهم في
كرامته
وثوابه
بقولهم
(2) الثابت الذي
وجد منهم ،
وهو كلمة
الايمان ،
لأنه ثابت
بالحجج
والأدلة .
وقيل:
معناه يثبت
الله الذين
آمنوا بسبب
كلمة التوحيد
في الحياة
الدنيا حتى
لا
يزالوا ولا
يضلوا عن طريق
الحق ،
ويثبتهم بها
في الآخرة حتى
لا يزالوا عن
طريق
الجنة . وقال
أكثر
المفسرين: إن
المراد بقوله
(في الآخرة) في
القبر ،
والآية
وردت في سؤال
القبر ، وهو
المروي عن أئمتنا
عليهم
السلام (3) .
تذييل:
قد
تحققت في
تضاعيف هذه
الأخبار
وغيرها أن الحقيقة
الأحدية لا
يمكن
الاطلاع
عليها لاحد ،
فلا يكون
موردا للسؤال عنها
، وإذا سئل
عنها جاء
باللوازم
الخارجة
.
كما
وقع في حديث
كميل بن زياد
لأمير
المؤمنين عليه
السلام ، حيث
قال: يا أمير
المؤمنين
ما الحقيقة ؟
فقال: مالك
والحقيقة ؟ فقال:
أو لست صاحب
سرك يا أمير
المؤمنين
؟ فقال: بلى
ولكن أخاف أن
يطفح عليك ما
يرشح مني ،
فقال: أو
مثلك
من يخيب سائلا
؟ فقال: الحقيقة
كشف سبحات
الجلال من غير
إشارة ،
فقال:
زدني فيه
بيانا يا أمير
المؤمنين ،
فقال: نفي
الموهوم مع
صحة المعلوم ،
فقال:
زدني فيه
بيانا ، فقال:
هتك الستر
لغلبة السر ،
فقال: زدني
فيه بيانا ،
فقال:
جذب
الأحدية لصفة
التوحيد ،
فقال: زدني
فيه بيانا ،
فقال: نور يلمع
من صبح
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
222
الأزل
فيظهر على
هياكل
التوحيد
آثاره ، فقال: زدني
فيه بيانا ،
فقال: أطفء
المصباح
فقد أضاء
المصباح .
وحيث
أن هذا الحديث
من أسرار
الحقيقة صدر
من باب مدينة
العلم ،
تصدى
بعض المحققين
من المعاصرين
لشرحه وتسريح
النظر فيه ،
فلا بأس
بالإشارة
إلى نبذة منه
، فنقول:
قوله
(ما لحقيقة)
يجوز أن يراد
منها حقيقة
التوحيد ، وهو
الأليق
بالسؤال
عنه
، ويجوز أن
يراد منها
حقيقة الباري
جل شأنه ،
ولعله أوفق
بما بعده من
الفقرات .
وقوله
عليه السلام
(مالك
والحقيقة) أي:
لست مكلفا
بالاطلاع
عليها ، إذ لا
تبلغها
عقول مثلك على
التقديرين .
وقوله
(أن يطفح عليك)
أي: يأخذ
بمجامع قلبك
وتكون في بحر
الحيرة
غرقانا
، بل ربما بل
جذبك الشوق من
دار الغرور
إلى دار
السرور ، كما
اتفق لهمام
صاحب
أمير
المؤمنين عليه السلام
لما نعت له
المؤمن بخواص
أوصافه ، ولما
رأى عليه
السلام
كميلا
مقبلا على
إرادة الجواب
ذكر له عليه
السلام من
التعريفات
بالرسوم
والخواص ما
يقربه
إلى فهمه ، مع
كونه من أدق
الاسرار إلينا
.
فقوله
عليه
السلام (كشف
سبحات الجلال)
لعله إشارة
إلى صفات الجلال
السلبية
التي جل وتسبح
وتنزه من
الاتصاف بها ،
فكأنه عليه
السلام قال:
حقيقة
التوحيد
وأول درجاتها
تنزيهه تعالى
شأنه عما لا
يليق به ، كما
وصفه
الأشاعرة
والمعتزلة
بالصفات
المدونة في
كتب الكلام .
وقوله
عليه
السلام (من
غير إشارة)
معناه
الإشارة إلى
امتناع مطلق
الإشارة إليه
،
سواء
كانت حسية أو
عقلية أو
وهمية ، لان
الإشارة
تستلزم
الإحاطة
والحد .
وقال
بعض شراح
الحديث:
المراد من
قوله عليه
السلام (كشف
سبحات الجلال)
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
223
الإشارة
إلى نفي
الصفات
الزائدة التي
أثبتها
الأشعري ومن
تابعه على ذلك
، وهو
جيد
أيضا ، وأما
على ما قلناه
، فمعنى قوله عليه
السلام (نفي
الموهوم مع
صحة المعلوم)
الإشارة
إلى الصفات
الثبوتية
التي نتوهم أنها
صفات له
ونثبتها
ونحملها عليه
بالايجاب
، نظرا إلى
أنها أشرف
طرفي النقيض ،
فالمعني نفي الصفات
الثبوتية مع
تصحيح
المعلوم ،
وإثباته أعني
الذات الأحدية
.
وقوله
عليه
السلام (هتك
الستر لغلبة
السر) إشارة
إلى الحجب
والغواشي
المانعة
من
مشاهدة أنوار
الجمال ، ولا
يحصل الاتصال
بها إلا
بإزالة ستور
غواشي
النفوس
والطبائع
وحجب الامكان
، وذلك لا يكون
إلا بغلبة
أسرار الحق
على
قلوب
السالكين كما
قاله عليه
السلام: لو
كشف الغطاء ما
ازددت يقينا .
وقوله
عليه
السلام (جذب
الأحدية لصفة
التوحيد) لعل
معناه: أنه لا يكفي
في
الوصول
إلى جناب الحق
رفع الحجب
والغواشي ، بل
لا بد من جذب
الذات
الأحدية
لصفة التوحيد
، أي: لمن اتصف
بها ، لان
الأحدية من
صفات الذات
المقدسة
، والتوحيد من
نعوت البشر
وأوصافهم ،
وهذا مقام
فكان قاب
قوسين
أو أدنى .
وقوله
عليه
السلام (نور
يلمع من صبح
الأزل فيظهر
على هياكل
التوحيد
آثاره)
يجوز
أن يكون إشارة
إلى منتهى
درجات
العرفان ،
وغاية مراتب
السلوك نظما
للمراتب
في سلك واحد ،
فيكون معناه
والله العالم:
أن السالك إذا
ترقى في سلوكه
إلى
مشاهدة أنوار
الذات
الأحدية ظهرت
له صفات
الملكوت
ونعوت
الجبروت ،
وهو
النور الذي
أشرق من صبح
الأزل ، فظهرت
آثاره على
هياكل
التوحيد ، وهي
صفات
الجلال
والاكرام ،
فإن في كل صفة
أثرا من آثار
التوحيد دالا
عليه .
وحينئذ
يكون قوله
(أطفء المصباح
فقد أضاء المصباح)
معناه والله
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
224
العالم:
أن هذا ما
يمكن بيانه من
مراتب التوحيد
، وظهر لك
الوصول إلى
مقامات
الذات
الأحدية ، ولا
يمكن تخطي هذه
الدرجة إلى
فوقها ، ويجوز
أن يكون
إشارة
إلى أظهر
مراتب
المعرفة ،
فيكون معناه: أن
حقيقة
التوحيد
وجوامعه هو
أنه
نور ظاهر لمع
من صبح الأزل
وأشرف على
قلوب أرباب
القلوب ، حتى
عرفه
كل
من له أدنى
تمييز ، كما
قال عليه
السلام: من
عرف نفسه فقد
عرف ربه ، بل
من لم يكن
له
تمييز فإنه
نور إلهامي
ظهر على عالم
الامكان
وموجوداته
التي هي هياكل
التوحيد
، فإن له
سبحانه في كل
شئ آية تدل
على أنه واحد
، ولعل هذا
ألصق
بقوله
(أطفء
المصباح)
يعني: أن
الامر قد ظهر
ظهورا واضحا
على الابصار
والبصائر
، وشوهدت آثار
التوحيد على
صفحات عالم
الامكان ، فلا
يحتاج بعده
إلى
تعريف حقيقة
التوحيد .
وقال
بعض المحققين:
المراد من
النور: لفظ
الله سبحانه ،
وهياكل
التوحيد:
باقي
الأسماء
الحسنى ، لأنه
حامل لها جملة
، وألفاظ
الحديث مجملة
يمكن
حمل
كثير من
المعاني
عليها ،
والمحقق من
العلماء يمكنه
شرح هذا
الحديث
بكتاب
كبير .
باب
معنى الواحد
والتوحيد
والموحد
1) الظاهر أن
السؤال عن
معنى وحدته
تعالى ، وأن من
جملة أسمائه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
225
الواحد
، ولعل ما
ذكره عليه
السلام في
تعريفه: إما إشارة
إلى الحقيقة
الشرعية ، أو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
226
تعريف
له باللازم ،
فإن وحدته
تعالى مما وقع
الاجماع
عليها من كل
المخلوقات
، وذلك لان
للتوحيد
ثلاثة معان ،
الأول: توحيد
واجب الوجود ،
والثاني:
توحيد صانع
العالم ومدبر
النظام ،
والثالث:
توحيده من جهة
استحقاق
العبادة
، ومشركو قريش
وغيرهم إنما
خالفوا في
الثالث ،
فعبدوا
الأصنام
ونحوها
زعما
منهم أنها
تقربهم إليه
زلفى ، فهي
وسائط بينهم
وبين ربهم ،
ثم لو سئلوا
عن
خالق
السماوات
والأرض
ليقولن الله .
1) المراد من
النوع الصنف ،
ومن الجنس
النوع ، وهذا
الاطلاق شائع
.
2) حاصل
الوجهين: أن
الأول راجع
إلى نفي
الشريك ،
والثاني إلى
نفي التركيب
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
230
1) الغرض من
هذين الفصلين
بيان أنه
سبحانه واحد بالذات
، ومعنى توحده
بها
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
231
وواحد
بالصفات التي
استحق من
أجلها كونه
واحدا بالذات
، وهي الصفات
التي ذكرها .
ففي
الفصل الأول
كشف عن تحقيق
الأول ، فخرج
من التوحيد
الأول
توحيد
من قال: إنه
ثالث ثلاثة ،
ومن قال إن له
شريكا .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
232
وفي
الفصل الثاني
أعرب عن توحيد
الصفات ، وإن من
نفى عنه صفة
منها ، أو
أثبت
له صفة لم يكن
له ، كان غير
موحد ، ولا
فرق بينه وبين
من قال بالشريك
.
فقوله
(لا يجوز أن
يحله شئ) خرج
توحيد
الأشاعرة
القائلين بأن
ذاته
تعالى
محلا للصفات
الحادثة ، أو
القديمة ، واتضح
به صحة ما
حققناه سابقا
من
أننا وطوائف
أهل الخلاف لا
نجتمع على
التوحيد كما
لم نشترك معهم
في
الإمامة
، وكذا تخرج
توحيد
الصوفية
والمجسمة
وأشباههم .
وبقوله
(قادر يفعل ما
يشاء) يخرج
توحيد الفلاسفة
القائلين
بالايجاب .
وبقوله
(لا يجوز عليه
ضعف) توحيد من
قال من فرق الاسلام:
إنه لا
يقدر
على مثل مقدور
العبد .
وبقوله
(لا يخفى عليه
شئ) توحيد من
ذهب إلى أنه لا
يعلم
الجزئيات
على
الوجه الجزئي
، ونحو ذلك مما
خالف فيه فرق
المسلمين
وغيرهم .
باب
تفسير قل هو
الله أحد إلى
آخرها .
1) وذلك أن
الهاء ضمير
الغائب وكذلك
الواو ، فنبه
باجتماعهما
هنا على
أمرين:
الأول:
أن يكون
الضمير الأول
إشارة إلى
الثبوت ،
والثاني إلى
الغائب .
الثاني:
أن غيبته ليست
على حد غيبة
غيره ، لأنها
هنا عبارة عن
الغيبة عن
الحواس
والعقول
والأوهام
والخيال
والتصور والتصديق
بماهيته وغير
ذلك .
2) أي: لا
نتحير فيه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
233
1) اختلفت
الاخبار في
تعيين الاسم
الأعظم ، ففي
بعضها كما هنا
من أن
الاسم
الأعظم لفظ
(هو) لأنه
امتاز من بين
الأسماء
الحسنى دلالة
على
الذات
المقدسة من
غير ملاحظة
صفة من الصفات
، فإنها كلها
حتى الجلالة
دالة
على
الذات مع
رعاية الصفات
، ودل أيضا
على أخص صفاته
تعالى ، أعني:
الثابت
الغائب عن
العقول
والأوهام .
وفي
كثير من الاخبار
أن بسم الله
الرحمن
الرحيم أقرب
من الاسم
الأعظم
من سواد العين
إلى بياضها (1) .
وورد أيضا: أن
الاسم الأعظم
مما علمه
الله
سبحانه للنبي
وأهل بيته
صلوات الله
عليهم ، ولم
يأذن لهم في
تعليمه الخلق
،
وحينئذ
فما ورد في
الدلالة على
تعيينه يمكن حمله
على أنه من
توابعه ، ومما
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
234
يقرب
أثره من آثاره
، لان الأسماء
الحسنى كلها
اسم أعظم
لكنها تتفاوت
بالخواص
والدرجات
والقبول
والتأثيرات .
1) أي: أخبر
بما يقوم مقام
الشهادة على
وحدانيته .
وقيل: إن
الشهادة هنا
عبارة
عما خلقه مما
يدل على
وحدانيته من
عجيب صنعه
وبديع حكمته .
وقيل:
معنى شهد الله
قضى الله .
2) أي:
يتحيروا في
معرفته .
3) أي: يفزع
ويلجأ إليه .
4) أي: عجز
الخلق عن
إدراك حقيقته
.
5) هذا من
كلام الصدوق
قدس الله روحه
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
235
1) هذا
بالنظر إلى
إطلاقهما
عليه تعالى ،
وأما بالنظر
إلى
مفهوميهما .
فقال
الرازي: ذكروا
في الفرق بين
الواحد والأحد
وجوها ،
أحدها: أن
الواحد
يدخل في العدد
، والأحد لا
يدخل فيه . وثانيها:
أنك إذا قلت:
فلان لا
يقاومه
واحد ، جاز أن
يقال لكنه
يقاومه اثنان ،
بخلاف الأحد .
وثالثها: أن
الواحد
يستعمل في
الاثبات
والأحد في
النفي (1) ،
انتهى .
2) هذا هو أحد
القولين عند
أرباب الحساب
، وقالوا: هو
كالجوهر
الفرد
، فإنه غير
جسم وإن تألفت
منه الأجسام ،
والقول الآخر
أنه من
الاعداد
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
236
وهو
مبدؤها .
1) قال في
النهاية: أي
لينزل منزله
في النار ، يقال:
بوأه الله
منزلا ، أي:
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
237
أسكنه
إياه ، وتبوأت
منزلا اتخذته
، والمباءة:
المنزل (1) .
1) كالجنة
ودرجاتها
والنار
ودركاتها ،
فإنهما باقيتان
، والخلود
فيهما مما
لا
خلاف فيه بين
المسلمين ،
نعم ربما
لحقهما التغير
زيادة
ونقصانا ، فلا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 238
يشبهان
البارئ عز
شأنه ، فإنه
الباقي على
حالة واحدة لا
يعتريه زيادة
ولا
نقصان
.
1) أي: وجوده ،
ودلالة هذه
الحروف على
هذه المعاني
مما هو مستور
عن
علمنا
، ولهم عليهم
السلام طريق
إلى استعلامه
، وهو من
البطون
القرآنية الذي
ورد
فيها:
أن للقرآن
سبعة بطون إلى
سبعين بطنا
إلى سبعمائة
بطن .
2) المشار
إليه بذلك لفظ
هو في قوله: لا
إله إلا هو .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
239
1) اتفق
علماء
الاسلام - كما
قال ابن عبد
البر في كتاب
الاستيعاب (1) -
على
أن هذه الكلمة
ما قالها أحد
غير علي بن أبي
طالب عليه
السلام إلا
كان كاذبا .
وفي
الأثر: أن
قتادة لما قدم
من الشام إلى
الكوفة وقعد
في المسجد ،
قال:
إن
علي بن أبي
طالب قال في
هذا المسجد:
سلوني قبل أن
تفقدوني ،
وأنا أقول
مثل
ما قاله ،
فاتصل الخبر
بأبي حنيفة ،
فقال: اسألوه
عن النملة
التي كلمت
سليمان
عليه
السلام أذكر
أم أنثى ،
فسألوه فلم
يرد جوابا ،
فلما رجعوا
إلى أبي حنيفة
قال:
إنها كانت
أنثى لقوله
تعالى (قالت
نملة) (2) ولم يقل
قال ، وذلك أن
النملة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 240
يقع
على الذكر
والأنثى
كالحمامة
والشاة ، وإنما
يميز بينهما
بعلامة
التأنيث ،
فانظر
إلى هذا
المعجب بنفسه
كيف انقطع ،
هكذا وجه صاحب
الكشاف (1)
تحقيق
جواب أبي
حنيفة .
وقال
ابن الحاجب في
بعض تصانيفه:
إن مثل الشاة
والنملة
والحمامة من
الحيوانات
تأنيث لفظي ،
ولذلك كان قول
من زعم أن
النملة في
قوله تعالى
(قالت نملة)
أنثى ، لورود
تاء التأنيث
في قالت ،
وهما لجواز أن
يكون
مذكرا
في الحقيقة ،
وورود تاء
التأنيث
كورودها في
فعل المؤنث
اللفظي ، ولذا
قيل:
إفحام قتادة
خير من جواب
أبي حنيفة
انتهى . وقواه
السيد الرضي
رحمه
الله ، وعلى
هذا فقد افتضح
المدعي وصاحب
الجواب بالافحام
والغلط
.
1) أصلها آه
آه قلبت
الهمزة هاء
لتجانس
المخرج ، وهي
كلمة توجع ،
يعني:
أنه عليه
السلام
يتوجع للعلم
لما لم يجد له
حملة (2) .
2) إشارة إلى
قوله تعالى
(يا أيها
الذين آمنوا لا
تتولوا قوما
غضب الله
عليهم)
(3) الآية .
قال
أمين الاسلام
الطبرسي
تغمده الله
برحمته: أي لا
تتولوا
اليهود ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
241
وذلك
أن جماعة من
فقراء
المسلمين
كانوا يخبرون
اليهود أخبار
المسلمين
يتواصلون
إليهم بذلك ،
فيصيبون من
ثمارهم ، فنهى
الله تعالى عن
ذلك . وقيل:
أراد
جميع الكفار ،
أي: لا تتخذوا
كافرا من الكفار
أولياء ، ثم
وصف الكفار
فقال
(قد يئسوا
من الآخرة) ،
أي: من ثوابها
كما يئسوا من
إحياء أهل
القبور (1) 1) أي:
دائما .
2) وفي كثير
من النسخ
(فيعازه) أي:
يغالبه ، ومنه
(وعزني في
الخطاب)
(2)
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
242
1) أي: انعته
لنا ، وذلك
أنه تعالى
نفسه عندهم في
التوراة ،
فأرادوا
استعلام
الحال في
الموافقة
وعدمها ، ومن
ثم سميت هذه
السورة: نسبة
الرب .
2) تباركت
أسماؤه أي:
تطهرت عن
النقائص ، أو
كثرت صفات
عظمته
وجبروته
، أو ثبتت فلا
يعرضها
التغير ،
وقوله (في علو
كنهه) قيل: إن
(في)
بمعنى
اللام
التعليلية .
وقوله (واحد)
هو خبر إن ،
والجملتان
معترضتان .
3) أي: انفرد
بالتوحيد
والوحدة ، أو
وحد نفسه في حال
انفراده قبل
أن يخلق
شيئا
، ثم لما خلق
الخلق أجرى
عليهم طريق
توحيده بأن
علمهم كيف
يوحدونه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
244
1) العباسي
هذا اسم
إبراهيم .
2) قال
الفاضل
النيشابوري (1):
استنبط
العلماء لذلك
وجها مناسبا ،
وهو
أن
القرآن مع
غزارة فوائده
اشتمل على
ثلاثة فقط
معرفة ذات
الله تعالى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
245
وتقدسه
، ومعرفة
صفاته
وأسمائه ،
ومعرفة أفعاله
وسننه مع
عباده ، ولما
تضمنت
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
246
سورة
الاخلاص أحد
هذه الأقسام
الثلاثة وهي التقديس
وازنها رسول
الله صلى
الله عليه
وآله
بثلث
القرآن (1) .
باب
معنى التوحيد
والعدل
1) المراد من
القوة هنا قوة
القلب ، أعني:
النشاط
لفعلها
والاقبال
عليها ،
وذلك
كما قال عليه
السلام: لا
تضعف الجوارح
عما قوي عليه
القلب ، ولما
كانت
المعاصي
مما تميت
القلب وتمرضه
وتسود وجهه ، حصل
لصاحبه
التثاقل
والتناعس
عن صلاة الليل
حتى صار كأنه
لا يقدر عليها
، وترتب فعل
صلاة
الليل
والقيام لها
على ترك
المعاصي في
النهار من باب
العدل ، كترتب
رزق
النهار
على فعلها
ليلا ، كما
قال عليه
السلام: إن
الله ضمن صلاة
الليل برزق
النهار ،
وكذب
من زعم أنه
فقير وهو يصلي
صلاة الليل (2) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
247
باب
في أنه عز وجل
ليس بجسم ولا صورة
1) روي في
الكافي
بإسناده إلى
إبراهيم
الخزاز ومحمد
بن الحسين ،
قالا:
دخلنا
على أبي الحسن
الرضا عليه
السلام ،
فحكينا له أن
محمدا صلى
الله عليه
وآله رأى ربه
في
هيئة
الشاب الموفق
في سن أبناء
ثلاثين سنة ،
وقلنا: إن
هشام بن سالم
وصاحب
الطاق
الميثمي
يقولون: إنه
أجوف إلى
السرة
والباقي (1) صمد
، فخر
ساجدا
، إلى أن قال:
يا محمد ، إن
رسول الله صلى الله
عليه وآله
لما نظر إلى
عظمة ربه كان
في
هيئة
الشاب الموفق
في سن أبناء
ثلاثين سنة ،
الحديث (2) .
وحينئذ
فالجواليقي
أي بياع
الجواليق
توهم أن الذي
كان في صورة
الشاب
الموفق
- أي: مستوى
الخلقة
والأعضاء - هو
الله تعالى ،
وهو غلط ،
لأنه وصف
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
248
للنبي
صلى الله
عليه وآله .
1) لا ريب في
جلالة هذين
الرجلين ،
وأنهما من أعلم
العلماء وأهل
الكلام ،
وأنهما
من أوثق أصحاب
أبي عبد الله عليه
السلام ، وقد
بالغ السيد
طاب ثراه في
كتاب
الشافي
في رد هذا
القول ،
وأنهما
بريئان منه ،
وأكثر عليه من
الدلائل
الوافية .
واعتذر
الأصحاب رضوان
الله عليهم
عن نسبة هذا
القول اليهما:
تارة بأنه
من
جهة
المخالفين ،
كما نسبوا
الأقاويل الباطلة
إلى زرارة
تشنيعا على
أجلاء
هذه
الطائفة
وطعنا فيهم ،
وهو يرجع إلى
الطعن في
المذهب ،
وأخرى بأنهم
لم
يقفوا
على معنى
كلامهما ،
فلعلهما قصدا
قصدا صحيحا ،
كما قيل:
إنهما قالا
بجسم
لا كالأجسام
وبصورة لا
كالصور ، كأن
يكون مرادهم
من الجسم
الحقيقة
القائمة
بالذات
وبالصورة
المهية ، وإن
أخطئا في
إطلاق هذين
اللفظين عليه
تعالى
، والأظهر كما
سيأتي أن هذا
القول منهما
قبل
الاستبصار
وملازمة
[خدمة] (1)
الصادق
عليه
السلام .
قال
الفاضل
الدواني:
والمشبهة ،
منهم: من قال: إنه
جسم حقيقة ،
ثم
افترقوا
، فقال بعضهم:
إنه مركب من لحم
ودم ، وقال
بعضهم: هو نور
متلألأ
كالسبيكة
البيضاء طوله
سبعة أشبار
بشبر نفسه ،
ومنهم من قال:
إنه على صورة
إنسان
، فمنهم: من
يقول: إنه شاب
أمرد جعد قطط
، ومنهم من
قال: إنه شيخ
أشمط
الرأس
واللحية ،
ومنهم من قال:
هو في جهة الفوق
مماس للصفحة
العليا
من العرش ،
ويجوز عليه
الحركة
والانتقال
وتبدل الجهات
، وتأط العرش
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
249
تحته
أطيط الرحل
الجديد تحت
الراكب
الثقيل ، وهو
يفضل عن العرش
بقدر
أربع
أصابع .
ومنهم:
من قال: هو
محاذ للعرش
غير مماس به ،
وبعده عنه
بمسافة
متناهية
، وقيل:
بمسافة غير
متناهية ، ولم
يستنكف هذا
القائل من جعل
غير
المتناهي
محصورا بين
حاصرين ،
ومنهم من تستر
بالبلكفة ،
فقال: هو جسم
لا
كالأجسام
، وله حيز لا
كالأحياز ،
ونسبته إلى حيزه
ليس كنسبة
الأجسام إلى
أحيازها
، وهكذا ينفي
جميع خواص
الجسم عنه حتى
لا يبقى إلا
اسم الجسم ،
وهؤلاء
لا يكفرون
بخلاف
المصرحين
بالجسمية (1) .
قال
بعضهم - على ما
حكاه ابن أبي
الحديد -: سألت
معاد العنبري
، فقلت:
أله
وجه ؟ فقال:
نعم حتى عددت
جميع الأعضاء
من أنف وفم
وصدر وبطن ،
واستحييت
أن أذكر الفرج
، فأومأت بيدي
إلى فرجي ،
فقال: نعم ،
فقلت: أذكر
أم
أنثى ؟ فقال:
ذكر .
ويقال:
إن ابن خزيمة
أشكل عليه
القول في أنه
ذكر أم أنثى ،
فقال له
بعض
أصحابه: إن
هذا مذكور في
القرآن ، وهو
قوله تعالى
(وليس الذكر
كالأنثى)
(2) فقال: أفدت
وأجدت وأودعه
كتابه .
وقال
بعضهم خرجنا
يوم عيد إلى
المصلى ، فإذا
جماعة بين يدي
أمير ،
والطبول
تضرب
والاعلام
تخفق ، فقال
واحد من خلفنا:
اللهم لا طبل
إلا
طبلك
، فقيل له: لا
تقل هكذا ،
فليس لله
تعالى طبل ،
فبكى وقال:
أرأيتم
هو
يجئ وحده ولا
يضرب بين يديه
طبل ولا ينصب
على رأسه علم
، إذن هو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
250
دون
الأمير .
وروى
قوم منهم: أن
الله تعالى
نظر في المرآة
، فرأى صورة
نفسه فخلق
آدم
عليها ، ورووا
أنه يضحك حتى
تبدو نواجذه . ورووا
أن في رجليه
نعلين
من
ذهب ، وأنه في
روضة خضراء
على كرسي تحمله
الملائكة .
ورووا أنه
يضع
رجله على رجل
ويستلقي
وأنها جلسة
الرب . ورووا
أنه خلق
الملائكة
من
زغب ذراعيه ،
وأنه اشتكى
عينه فعادته
الملائكة .
ورووا
أن يوم
القيامة تجئ
فاطمة بنت
محمد ومعها
قميص الحسين عليه
السلام
ابنها
تلتمس القصاص
من يزيد بن
معاوية ، فإذا
رآها الله من
بعيد دعا يزيد
وهو
بين يديه ،
فقال له: ادخل
تحت قوائم
العرش لا تظفر
بك فاطمة ،
فيدخل
فيجتبي ،
وتحضر فاطمة
وتتكلم وتبكي
، فيقول
سبحانه: انظري
يا
فاطمة
إلى قدمي ،
ويخرجهما
إليها وبه
جراح من سهم
نمرود ،
فيقول: هذا
جرح
نمرود
في قدمي وقد
عفوت عنه .
وقال
الشهرستاني:
حكى الكعبي عن
هشام بن الحكم
أنه قال: هو
جسم
ذو
أبعاض ، له
قدر من
الاقدار ،
ولكن لا يشبه
شيئا من
المخلوقات
ولا تشبهه ،
ونقل
عنه أنه قال:
هو سبعة أشبار
بشبر نفسه ، وأنه
في مكان مخصوص
وجهة
مخصوصة ، وأنه
يتحرك ،
وحركته فعله ،
وليست من مكان
إلى مكان ،
وقال:
هو متناه
بالذات غير
متناه بالقدر
.
وحكى
عنه أبو عيسى
الوراق أنه
قال: إن الله
تعالى مماس
لعرشه ، لا
يفضل
منه شئ من
العرش ، ولا
يفضل عنه شئ ،
وقال هشام بن
سالم: إنه
تعالى
على صورة
إنسان أعلاه
مجوف ، وأسفله
مصمت ، وهو
نور ساطع
يتلألأ
، وله حواس
خمس ويد ورجل
، وأنف واذن
وعين وفم ،
وله وفرة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
251
سوداء
هو نور أسود ،
لكنه ليس بلحم
ولا دم .
ثم
قال: وغلا
هشام بن الحكم
في حق علي عليه
السلام حتى
قال: إنه إله
واجب
الطاعة
، وهذا هشام بن
الحكم صاحب
غور في الأصول
لا يجوز أن
يغفل عن
إلزاماته
على المعتزلة
، فإن الرجل
وراء ما يلزمه
على الخصم ،
ودون ما
يظهره
من التشبيه ،
وذلك أنه ألزم
العلاف ، فقال:
إنك تقول: إن
الباري تعالى
عالم
بعلم وعلمه
ذاته ، فيشارك
المحدثات في أنه
عالم بعلم
ويباينها في
أن علمه
ذاته
، فيكون عالما
لا كالعالمين
، فلم لا تقول:
هو جسم لا
كالأجسام
وصورة
لا
كالصور وله
قدر لا
كالأقدار إلى
غير ذلك (1) ، انتهى
.
ويظهر
من هذا الكلام
أن نسبة هذين
القولين إليهما:
إما للتشنيع
على علمائنا
كما
تقدم ، أو
أنهما لما
ألزموهما في
الاحتجاج بأشياء
إسكاتا لهم
نسبوها إليهم
،
والأئمة
عليهم
السلام لم
ينفوها عنهم
اتقاء عليهم
لئلا يعرفوا
بالتشيع ، كما
كانوا عليهم
السلام
يبرؤون
من زرارة
ويطعنون عليه
ويلعنونه فوق المنابر
حتى لا يعرفه
المخالفون
بالمذهب
.
وأما
ما قدمناه من
أنه كان منهما
قبل الاستبصار
، فيدل عليه
ما قيل: إن
هشام
بن الحكم كان
قبل أن يلقي
الصادق عليه
السلام على
رأي جهم بن
صفوان ، فلما
تبعه
عليه
السلام تاب
ورجع إلى الحق
.
ويؤيده
ما ذكره
الكراجكي في
كنز الفوائد
في الرد على
القائلين
بالجسم
بمعنييه
، حيث قال:
وأما
موالاتنا
هشاما رحمه
الله ، فهي
لما شاع منه
وما استفاض من
تركه
القول بالجسم
الذي كان
ينصره ،
ورجوعه عنه ،
وإقراره
بخطائه فيه
وتوبته
منه ، وذلك
حين قصد
الإمام جعفر
بن محمد
عليهما
السلام إلى
المدينة ،
فحجبه ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
252
وقيل
له: إنه أمرنا
أن لا نوصلك
إليه ما دمت
قائلا بالجسم
، فقال: وإن ما
قلت
به
إلا أني ظننت
أنه وفاق لقول
إمامي ، فأما
إذا أنكره علي
فإني تائب إلى
الله منه ،
فأوصله
الإمام عليه
السلام إليه
ودعا له بخير
وحفظ عن
الصادق عليه
السلام ، أنه
قال لهشام:
إن
الله تعالى لا
يشبه شيئا ولا
يشبهه شئ ،
وكل ما وقع في الوهم
فهو بخلافه (1) .
1) جوز جماعة
من أرباب
الحديث ، أن
يكون معناه: أن
هذا القول ليس
ما
قاله
الهشامان ، بل
قولهما مغاير
له ، فلا يصدق
من هو حيران
في المعرفة
مفتر
عليهما ، وهو
وإن كان خلاف
الظاهر المتبادر
، لان الضرورة
أحوجت إليه
تنزيها
لساحة
الهشامين عن
هذا القول
وأضرابه مما
هو من خلاف
ضروريات
الدين
، ويلحق صاحبه
بالكفر
والارتداد .
2) صمدي يعني:
مصمت لا جوف
له . ونوري
يعني: لا ظلمة
فيه ، ويعني
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 253
بكون
معرفته ضرورة
أنه تعالى
يقذفها
بالقلب من غير
اكتساب ، أو
أنها تحصل
بالرؤية
لمكان التجسم
.
وأول
جماعة هذا
الكلام بأن
المراد من
الجسم الحقيقة
العينية
القائمة
بذاتها
لا بغيرها ،
وبالصمدي ما
لا يكون خاليا
في ذاته عن شئ
، فيستعد أن
يدخل
هو فيه ، أو
مشتملا على شئ
يصح خروجه عنه
، وبالنوري ما
يكون
صافيا
عن ظلمة
المواد
وقابليتها .
1) لا يحس أي:
لا يدرك
بالحواس . ولا
يجس بالجيم هو
المس باليد ،
ومنه
الجاسوس
.
2) ناظر إلى
قوله (فاطر
الأشياء)
يعني: لا
بالاخذ من شئ
وعلى مثاله
ومشاكلته
، وهو المعني
بالاختراع ،
ولو كان
مجعولا على
مشاكلة مثال
وشبهه
مأخوذا
عنه لم يكن
مخترعا .
3) الابتداع:
الايجاد لا عن
مادة ، فالعلة
هنا هي العلة
المادية ،
لأنها من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
254
العلل
الأربع ، وهي
أولها
بالوجود
العيني .
1) أي: لم يهتد
إليه تبيينات
الصفات ، ولا
سبيل لتبيين
الصفات إلى
ذاته ،
لتنزهه
وتقدسه عما
يحصل في
الأذهان من
الصفات ،
ويجوز أن تكون
إشارة
إلى نفي
الصفات ،
يعني: ليس له
صفات زائدة
متغيرة يغير
بها عنه
وكاشفه
ومعرفة
له كصفاتنا
بالنسبة
إلينا .
2) يجوز أن
يكون مفعول
هنا بمعنى
فاعل كما قيل
في قوله تعالى
حجابا
مستورا
(1) ويجوز أن
يكون بمعناه ،
يعني: أن الحجاب
بينه وبين
خلقه غير
محجوب
وغير خفي ، بل
هو حجاب ظاهر
، وهو قوله عليه
السلام في
مثل هذا الخبر
(ليس بينه
وبين خلقه
حجاب غير
خلقه) وحاصله:
أن تقدسه عن صفات
الامكان
وتلوث البشر
بمواد العجز
والنقصان هو
الذي حجب
الخلق عن أن
يدوسوا
بساط وجوب
الوجود . وقيل:
إن محجوب خبر مبتدأ
محذوف ، أي:
هو
تعالى محجوب
بغير حجاب .
3) يجري فيه
ما جرى في
سابقه من
المعاني ،
ويجوز أن يكون
الحجاب
عبارة
عن الحجب
الحسية ، وهذا
يراد منه
الحجب
العقلية .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
255
1) استدل عليه
السلام على
نفي جسميته
تعالى بأنه لو
كان جسما لكان
محدودا
بحدود
متناهيا
إليها ،
لاستحالة لا
تناهي الابعاد
، وكل محتمل
للحد قابل
للانقسام
بأجزاء
متشاركة في
الاسم والحد ،
فله حقيقة
كلية غير
متشخصة
بذاتها
ولا
موجودة
بذاتها ، وهو
مركب من أجزاء
حال كون كل
واحد منها ما
ذكر ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
256
فيكون
مخلوقا ، أو
بأن كل قابل
للحد
والنهاية قابل
للزيادة
والنقصان لا
يتآبى
عنهما
في ذاته وإن
استقر على حد
معين ، فإنما استقر
علمه من جهة
جاعل .
1) يعني: أنه
تعالى فرق بين
المخلوقات
بالفروق المتشابهة
ليعلم أنه لم
يشابه
أحدا
منها ، حتى
يكون الفرق
بينه وبين
مشابهه بواحد
من تلك الفروق
. وفي
الكافي
بعد وأنشأه:
وبينه (1) . أي: أنه
تعالى فرق بين
مخلوقاته
وبين نفسه
حتى
صارا في طرفي
النقيض ليعلم
أنه لا يشابهه
شئ منها .
2) فيه إشارة
إلى أنه لم
يقل بالجسمية
الحقيقية ، بل
أطلق عليه لفظ
الجسم ،
ونفى
عنه صفات
الأجسام ،
وحاصل جوابه عليه
السلام: أن
إطلاق الجسم
عليه تعالى
باطل
، لان معنى
الجسم
الحقيقة التي
يلزمها التقدير
والتحدد ، فلا
يطلق عليه
تعالى .
3) إشارة إلى
عينية هذه
الصفات كلها ،
وقد أخطأ في
عينية الكلام
، لأنه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
257
محدث
مخلوق ، فلا
تكون مثل
القدرة
والعلم .
1) فيه إيماء
إلى بطلان ما
يوهمه كلام
هشام من أن
الكلام من
أسباب
وجود
الأشياء ،
كالقدرة
والعلم ،
لظاهر قوله تعالى
كن فيكون (1)
وحاصل
الرد: أن هذه
الكلمة كناية
عن تسخير الأمور
له وانقيادها
لطاعته من
غير
توقف على
التلفظ بها .
(ولا تردد
في نفس) نفي
لما أثبته
الأشاعرة من
الكلام النفسي
، وقيل:
إنه
إشارة إلى أن
إرادته تعالى
مغايرة لإرادة
غيره ، لعدم
احتياجه فيها
إلى
تصوير
المراد في
النفس ،
وتخيله بها .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
258
1) أما الأول:
فهو قولهم:
إنه شئ لا
كالأشياء في
إطلاق الجسمية
والصورة
عليه تعالى
شأنه .
وأما
الثاني: فهو
مذهب أهل
التعطيل ، وهو
توحيد من قال:
إنه لا شئ ،
لان
التحرز من
إطلاق الشئ
عليه يوجب أن
يكون عدما
محضا جل ربنا
عن
ذلك
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 259
وأما
الثالث: فهو
أنه شئ لا
كالأشياء ،
وهذا هو الحق
بالتوحيد .
1) روى
أصحابنا رضوان
الله عليهم
مسندا إلى
يونس بن ظبيان
، قال:
دخلت
على الصادق
جعفر بن محمد
عليهما
السلام ، فقلت
له: يا بن رسول
الله ، إني
دخلت
على مالك
وأصحابه ،
فسمعت بعضهم
يقول: إن لله
وجها كالوجوه
،
وبعضهم
يقول: له يدان
، واحتجوا
لذلك بقول الله
تبارك وتعالى:
(بيدي
استكبرت)
وبعضهم ،
يقول: هو
كالشاب من
أبناء ثلاثين
سنة ، فما
عندك في
هذا
يا ابن رسول
الله ؟ قال:
وكان متكئا
فاستوى جالسا
وقال: اللهم
عفوك عفوك ،
ثم
قال: يا يونس
من زعم أن لله
وجها كالوجوه
فقد أشرك ،
ومن زعم أن
لله
جوارح
كجوارح
المخلوقين
فهو كافر
بالله ، فلا
تقبلوا
شهادته ولا
تأكلوا
ذبيحته
(1) . الحديث .
وهذا
نص على أن
مالكا
وأصحابه ممن
قال بالجسم والصورة
، ومع هذا
فلم
ينسبه أحد من
علمائهم
إليهم ، ونسبوه
إلى الهشامين
تشنيعا على
المذهب .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
260
1) أي: سألت عن
تحقيق ما هو
الحق في
التوحيد ، وهو
عنكم معزول ،
أي:
تحقيقه
بعقولكم ساقط
عنكم ، لعجز
عقولكم من الإحاطة
وعن الوصول
إلى
حق
تحقيقه ، إنما
المرجع لكم في
التوحيد وصفه
سبحانه بما
وصف به نفسه
من
أن الله واحد
أحد لم يلد
ولم يولد ولم
يكن له كفوا
أحد ، وأنه
خالق كل شئ
وليس
بمخلوق .
ويخلق ما يشاء
، ليس كمثله
شئ وهو السميع
البصير .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 261
1) هذا
الحديث رواه
علماء
الاسلام من
الخاصة والعامة
، وتعرضوا
لبيان
معانيه على
وجوه كثيرة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
262
قال
السيد طاب
ثراه في كتاب
تنزيه
الأنبياء ، فإن
قيل: ما معنى الخبر
المروي
عن النبي صلى
الله عليه
وآله أنه
قال: إن الله
خلق آدم على
صورته ، أوليس
ظاهر
هذا
الخبر تقتضي
التشبيه ، وإن
له تعالى عن
ذلك صورة ؟
قلنا:
قد قيل في
تأويل هذا
الخبر: إن
الهاء في قوله
(صورته) إذا صح
هذا
الخبر ، راجعة
إلى آدم عليه
السلام دون
الله تعالى ،
فكان المعنى:
أنه تعالى
خلقه
على
الصورة التي
قبض عليها ،
فإن حاله لم
يتغير في
الصورة
بزيادة ولا
نقصان ،
كما
يتغير أحوال
البشر .
وذكر
وجه ثان ، وهو
أن يكون الهاء
راجعة إلى الله
تعالى ، ويكون
المعنى:
أنه
خلقه على
الصورة التي
اختارها
واجتباها ،
لان الشئ قد
يضاف على هذا
الوجه
إلى مختاره
ومصطفاه (1) .
وذكر
أيضا وجه
ثالث: وهو أن
هذا الكلام
خرج على سبب
معروف ، لان
الزهري
روى عن الحسن
أنه كان يقول:
مر رسول الله صلى الله
عليه وآله
برجل من
الأنصار
وهو
يضرب وجه غلام
ويقول: قبح
الله وجهك
ووجه من تشبهه
، فقال
النبي
صلى الله
عليه وآله:
بئس ما قلت ،
فإن الله خلق
آدم على صورته
، يعني: على
المضروب .
ويمكن
في الخبر وجه
رابع: وهو أن
يكون المراد أن
الله تعالى
خلق آدم
وخلق
صورته لينتفي
بذلك الشك في
أن تأليفه من فعل
غيره ، لان
التأليف من
جنس
مقدور البشر
والجواهر ،
وما شاكلها من
الأجناس
المخصوصة من
الاعراض
هي التي ينفرد
القديم تعالى
بالقدرة
عليها ، فيمكن
قبل النظر أن
يكون
الجواهر من
فعله
وتأليفها من
فعل غيره ، فكأنه
عليه
السلام أخبر
بهذه الفائدة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
263
الجليلة
، وهو أن جوهر
آدم وتأليفه
من فعل الله
تعالى .
ويمكن
وجه خامس: وهو
أن يكون
المعنى: أن
الله أنشأه
على هذه
الصورة
التي شوهد
عليها على
سبيل
الابتداء ، وأنه
لم ينتقل
إليها ويتدرج
، يعني:
كونه
علقه ومضغة
وعظاما أو نحو
ذلك ، كما جرت العادة
في البشر ،
وكل هذه
الوجوه
جائزة في معنى
الخبر ، والله
تعالى ورسوله
أعلم بالمراد
(1) انتهى .
السادس:
ما ذكره جماعة
من شراح
الحديث من أن
المراد
بالصورة
الصفة
من
كونه سميعا
بصيرا متكلما
، وجعله قابلا
للاتصاف
بصفاته
الكمالية
والجلالية
على وجه لا
يفضي إلى
التشبيه .
السابع:
ما نقله السيد
الأجل ابن
طاووس في كتاب
سعد السعود من
صحائف
إدريس عليه
السلام ، قال
في كلام طويل
وصف به ابتداء
خلق آدم
وتكوين
طينته ، إلى
أن قال: ثم قال
الله سبحانه
للملائكة بعد
عشرين ومائة
سنة
مذ خمر طينة
آدم: إني خالق
بشرا من طين ،
فإذا سويته
ونفخت فيه من
روحي
فقعوا له
ساجدين ،
فقالوا: نعم ،
فقال في الصحف
ما هذا لفظه:
فخلق
الله
آدم على صورته
التي صورها في
اللوح المحفوظ
.
يقول
علي بن طاووس:
فأسقط بعض
المسلمين بعض
هذا الكلام
وقال: إن
الله
خلق آدم على
صورته ،
فاعتقد الجسم
، فاحتاج
المسلمون إلى
تأويلات
الحديث
(2) ، انتهى .
الثامن
والتاسع: ما
ذكره الفاضل
النيشابوري حيث
قال: المراد
من الصورة
الصفة
، كما يقال:
صورة هذه
المسألة كذا ،
أي: خلقه على
صفته في كونه
خليفة
في
أرضه ، متصرفا
في جميع
الأجسام
الأرضية ، كما
أنه تعالى
نافذ القدرة
في
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 264
جميع
العالم .
ويمكن أن
يقال: الصورة
إشارة إلى وجه
المناسبة
التي ينبغي أن
يكون
بين كل علة
ومعلولها ،
فإن الظلمة لا
تصدر عن النور
وبالعكس .
أقول:
لعل الظاهر من
هذين
المعنيين: أن
المراد بآدم ،
الانسان
مطلقا ، لا
خصوص
آدم النبي عليه
السلام .
العاشر:
ما خطر لنا
وهو أنه ورد
في الاخبار أن
ملائكة
التصوير
يقتحمان
إلى
رحم المرأة من
فمها ،
فيصورون
النطفة على ما
يؤمرون ، فإن
كان ذكرا ،
قال
لهم
الله تعالى:
احضروا صور
آبائه إلى آدم
، وصوروه مثل
واحدة منها ،
وإن كان
أنثى
، أمرهم
باحضار صور
أمهاته إلى
حواء ، وأما
آدم عليه
السلام فلم
يسبق له أب
حتى
يصور على
صورته ، بل
إنما خلقه على
صورته ابتداء
من غير تقدم
صورة
سابقة
، ومع هذه
التأويلات
كلها فالذي
يخطر بالبال
أن هذا الحديث
من
موضوعات
من قال بالجسم
والصورة ،
نقلوه عن النبي
صلى الله
عليه وآله ،
ومن ثم ذكر
الأئمة
عليهم
السلام له
التأويلات
النادرة
الغير
المتبادرة من
لفظه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
265
1) في
النهاية:
القطط الشديد
الجعودة ،
وقيل: الحسن
الجعودة ،
والأول
أكثر
(1) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
266
باب
أنه تبارك
وتعالى شئ
1) أي: يجوز أن
يقال لله: إنه
شئ ، ويجب أن
يخرجه القائل
من
الحدين
، وقوله
(يخرجه عن
الحدين) إنشاء
في قالب الخبر
، والمراد بحد
التعطيل
، الخروج عن
الوجود وعن
الصفات
الكمالية
والعقلية ،
وبحد التشبيه ،
الاتصاف
بصفات الممكن
والاشتراك مع
الممكنات في
حقيقة الصفات
.
إذا
عرفت هذا
فاعلم أنه -
كما قال
الفاضل المعتزلي
ابن أبي
الحديد - لا
شبهة
في أن افتقار
المتغير إلى
المغير ضروري ،
والعلم بأن
المتغير ليس
هو المغير:
إما
ضروريا ، أو
قريبا منه ،
فإذا قد شهدت
أعلام الجحود
على أن الجاحد
لاثبات
الصانع إنما
هو جاحد
بلسانه لا
بقلبه ، لان
العقلاء لا
يجحدون
الأوليات
بقلوبهم وإن
كابروا
بألسنتهم ، ولم
يذهب أحد من
العقلاء إلى
نفي
الصانع
سبحانه .
وأما
القائلون بأن
العالم وجد عن
طبيعته وأن
الطبيعة هي
المدبرة له ،
والقائلون
بتصادم
الاجزاء في
الخلاء الذي لا
نهاية له حتى
حصل منها هذا
العالم
، والقائلون
بأن أصل
العالم وأساس
بنيته هو
النور
والظلمة ،
والقائلون
بأن
مبادي العالم
هي الاعداد
المجردة ،
والقائلون
بالهيولى
التي منها حدث
العالم
، والقائلون
بعشق النفس
الهيولي حتى
تكونت منها هذه
الأجسام ، فكل
هؤلاء
أثبتوا
الصانع ،
وإنما
اختلفوا في
ماهيته
وكيفية فعله .
وقال
قاضي القضاة:
إن أحدا من
العقلاء لم
يذهب إلى نفي
الصانع
بالكلية ،
ولكن
قوما من
الوراقين
اجتمعوا
ووضعوا بينهم
مقالة لم يذهب
أحد إليها ،
وهي
أن
العالم قديم
لم يزل على
هيئته هذه ،
ولا إله
للعالم ولا
صانع أصلا ،
وإنما هو
هكذا
ما زال ولم
يزل من غير
صانع انتهى .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
267
وهذه
الفرقة هم
المعطلة
الدهرية حيث
قالوا: ما
يهلكنا إلا
الدهر .
1) الشئ إنما
مساو للوجود
أو عينه ،
وقوله (بحقيقة
الشيئية) أي:
بالشيئية
الحقة
الثابتة له في
حد ذاته ،
لأنه تعالى هو
الذي يحق أن
يقال له:
شئ
أو موجود ،
لكون وجوده
لذاته ممتنع
الانفكاك عنه
، ووجود غيره
وشيئيته
في معرض العدم
والفناء ،
لأنها من آثار
الواجب .
وقيل:
المراد أنه
يجب معرفته
بمحض أنه شئ
لا أن يثبت له
حقيقة معلومة
مفهومة
يتوصل إلى
معرفتها
لامتناع
الاطلاع على
كنه ذاته
وحقيقة صفاته
.
وقيل:
هو إشارة إلى
أن الوجود عين
ذاته تعالى .
2) الخلو
بكسر الخاء ،
والمراد كما
قيل: إنه سبحانه
لا يتصف بالشئ
المغاير
له ولا يتقوم
به ، ولا يكون
جزء من شئ أو
صفة لشئ ، لان
كل شئ
مغاير
له مخلوق له ،
لامتناع تعدد
الموجد الأول
، وكون كل
ممكن محتاج
إلى
المبدأ
مخلوقا له ،
فكل ما يغايره
مخلوقة ، واتصافه
بمخلوقه
مستحيل ، لان
كل
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 268
ما
يمكن اتصافه
بشئ يكون فيه
استعداده ،
والمستعد
للشئ فاقد له
، والفاقد
للشئ
أو للأتم
والأكمل منه
لا يتأتى منه
إعطاؤه .
فإن
كان الأول
سبحانه
موصوفا في حد
ذاته بحقيقة
الصفة ،
فحقيقتها
موجودة
بذاته متحدة
بالواجب
تعالى ، فكيف
يخلق صفته .
وإن كان
موصوفا في
ذاته
بالأتم
والأكمل ،
فكيف يتصف
بالناقص المضاد
للكامل ، على
أن نسبة
الفاعل
إلى المفعول
نسبة بالوجوب
، ونسبة قابل
الشئ إليه
نسبة
بالامكان ،
ولا
يكون نسبة شئ
واحد إلى شئ
بالوجوب
والامكان ،
إلا إذا كان
له
جهتان
يأتلف منهما فيقع
الاختلاف من
جهتين ، وكل
ما هذا شأنه
ممكن
محتاج
في ذاته إلى
علة .
لكن
المتألف لا بد
له من موجب له
موجود ، ولا يكون
أحدهما ،
لاتحادهما
خارجا ، فيكون
الموجود
الموجب مغايرا
له ، وكل
محتاج إلى
مغاير
له
ممكن مخلوق ،
على أنه لو
اتحد تعالى
شأنه بخلقه
كما يقوله
الصوفية لزم
أن
يكون
معلوم الكنه ،
مع أنه خلاف
إجماع الناس كلهم
.
وبيانه:
أنه سبحانه
إذا اتحد بزيد
مثلا ، وحقيقة
زيد معلومة
بالحد
والتركيب
، يلزم أن
يكون ذاته
تعالى مثلها
لمكان
الاتحاد .
1) أي: ابتداء
وبلا واسطة ،
لا كما تقوله
الفلاسفة من
أن العقل
العاشر خلق
ما
في الكون من
الممكنات .
2) أي: تنزه عن
أن يكون له
شريك في الخلق
ابتداء ، لأنه
يلزم أن يكون
شريكه
في الخالقية
والايجاد
والإلهية ،
وهو منزه عن
مشاركة شئ في
الخالقية
له
تعالى ، لان
المشارك في
الخالقية يجب
أن يكون
مشاركا له في
الايجاب ،
ولا
إيجاب إلا مما
له الوجوب ،
والوجوب
بالغير صفة
للغير حقيقة ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
269
وإلا
فيتأخر عن
الوجود ،
فيكون وجوبا
لاحقا لا
سابقا مصححا
للموجودية
والايجاب
والاتحاد .
1) أي: يجوز أن
أدركه
وأتصوره شيئا
وأصفه بالشيئية
؟ فقال عليه
السلام: نعم
توهمه
وتصوره شيئا
غير مدرك
بالعقل بكنهه
إدراكا كليا ،
ولا محدودا
بحدود
عقلية
أو حسية ، وكل
مدرك بالحواس
إدراكا جزئيا
محدودا ، فهو
سبحانه
خلافه
لما سبق
البرهان عليه
غير مرة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 270
1) ذكر في
نزولها أن أهل
مكة شرفها
الله تعالى ، أتوا
رسول الله صلى الله
عليه وآله
فقالوا:
ما
وجد الله
رسولا غيرك ،
ما نرى أحدا
يصدقك فيما
تقول ، ولقد
سألنا عنك
اليهود
والنصارى ،
فزعموا أنه
ليس لك عندهم
ذكر ، فأرنا
من يشهد أنك رسول
الله
كما تزعم ،
فأنزل الله
تعالى (قل) يا
محمد لهؤلاء
الكفار . (أي شئ
أكبر)
أي:
أعظم شهادة
وأصدق حتى
أتاكم به
وأدلكم بذلك
على أني صادق .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
271
وقيل:
معناه: أي شئ
أكبر شهادة
حتى يشهد لي
بالبلاء
وعليكم
بالتكذيب ،
وقيل:
معناه: أي شي
أعظم حجة
وأصدق شهادة ،
فإن قالوا:
الله ، وإلا
فقل لهم
(الله شهيد
بيني وبينكم)
يشهد لي
بالرسالة والنبوة
، أو بالتبليغ
إليكم
وتكذيبكم
إياي (1) .
إذا
تحققت هذا كله
فاعلم أن
الظاهر من
أخبار هذا
الباب إطلاق
الشئ عليه
سبحانه
، وأنه شئ لا
كالأشياء ،
وفي باقي الأبواب
دلالة على
اتصافه
بالعلم
والقدرة
، وأنه يقال
له: عالم
وقادر إلى غير
ذلك من الصفات
المحمولة
عليه .
وبعض
المعاصرين من
الحكماء لما
لم يتصفح الاخبار
وأنعم النظر
والأفكار
في
مطالعة كتب
الفلاسفة
والانظار العقلية
، ذهب هو
ومتابعوه إلى
أنه لا يصح
حمل
شئ من القضايا
الايجابية
عليه تعالى ،
فلا يجوز أن
يقال: الله
موجود أو
عالم
أو قادر ،
ونحو ذلك ، بل
إنما يحكم
عليه بالأحكام
السلبية ، كأن
يقال: الله
ليس
بمعدوم ، وليس
بجاهل وليس
بعاجز وهكذا ،
زعما منه أن
إثبات الشئ
للشئ
فرع تصوره ،
وقد قام
البرهان على
امتناعه .
والجواب:
أن الحكماء من
الاسلام
وغيرهم صرحوا
بأن القضايا
الايجابية ،
والاحكام
التي يراد
إثباتها يكفي
في صحة حملها
تصور الموضوع
ولو بوجه ما ،
وما
ورد في لسان
الشريعة من
امتناع تصوره
تعالى فإنما
يراد به
الحقيقة أو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
272
إجراء
الامكان عليه
، وهو متعال
عن ذلك ، وقد تقدم
طرف من هذا
الكلام ،
فارجع
إليه .
باب
ما جاء في
الرؤية
1) يجوز أن
يكون نهيه صلى الله
عليه وآله
لذلك الرجل عن
تصعيد نظره
حال الدعاء ،
لأنه
كان يزعم أن
الله عز شأنه
في السماء ،
ويجوز أن يؤول
بالكراهة
مطلقا
لايهامه
أنه في جانب
الفوق ، وكذلك
القولان في
رفع اليدين
زيادة على
المعتاد ،
كما
يفعلهما عوام
الناس
وجهالهم .
2) أي: كيف
يعبده ولا
يعرفه معرفة
لا يشتبه عليه
بغيره ، وتلك
المعرفة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
273
إنما
تحصل بالرؤية
، وهو لا يراه
؟ فأجاب عليه
السلام: بأنه
أجل من أن
يدرك
بالحاسة
لأنه في أعلى
مراتب التجرد
، فلا صورة له
مادية حتى
تدركها
الحاسة
، فكمال
معرفته أن
يعرف بأنه لا يدرك
بالبصر .
1) هذه
الرؤية وإن
كانت ظاهرة في
الابصار ، لكنها
تحتمل الرؤية
القلبية ،
كما
أجاب عليه
السلام بأن
رؤيته صلى
الله عليه
وآله إنما
كانت بالقلب
بأن أراه الله
عز وجل من
سمات
كماله وصفات
جلاله وعظمة
آياته ما أحب
أن يعرفه ،
والمراد أن
رؤيته
له
معرفته بالقلب
لا بحقيقته بل
بصفاته
وأسمائه
وآياته
وآثاره .
2) الظاهر
أنه تمثيل
لكون القوى
الجسمانية
عاجزة عن
إدراكه تعالى
، لان
لها
حدا تقف عنده
، ولادراكها
شروطا لا
تتمكن من
الرؤية
بدونها ، وهي
مفقودة
فيما بينها
وبين خالقها ،
وجوز بعضهم أن
يكون تمثيلا
وتنبيها على
عجز
القوى
عن إدراكه ،
لان حاسة
البصر كما لا
تقدر على
إدراك الشمس ،
كذلك
حاسة
العقل تضعف عن
إدراك شمس
وجوده ونور
ذاته .
3) يمكن أن
يكون
المقايسة في
المذكورات
إشارة إلى
اكتساب كل
سافل
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
274
النور
ممن هو أعلى
منه ، كما
يكتسب القمر
نوره من الشمس
ومحاذاتها ،
ويجوز
أن
يكون مقصورا
على المقايسة
فقط ، وإن
الله جل جلاله
أفاض على كل
واحد
منها
نورا يليق
بحاله ، ويكون
ما ذكره من
الجزئية
إشارة إلى
الكمية
الخاصة .
1) ورد في
كيفية
المعراج من
روايات
الصدوق طاب
ثراه المسندة
إلى
سلمان
الفارسي رضي
الله عنه عن
النبي صلى
الله عليه
وآله أنه
قال: لما
انتهيت أنا
وجبرئيل
عليه
السلام إلى
السماء
السابعة لم
نزل ندفع من
نور إلى ظلمة
ومن ظلمة إ لي
نور
حتى وقفت على
سدرة المنتهى
، فإذا جبرئيل
عليه
السلام
ينصرف ، قلت:
خليلي
جبرئيل
في مثل هذا
المكان
تخلفني وتمضي
؟ فقال: حبيبي
، والذي بعثك
بالحق
نبيا إن هذا
المسلك ما
سلكه نبي مرسل
ولا ملك مقرب
، أستودعك رب
العزة
وما زلت واقفا
حتى قذفت في
بحار النور .
فلم
تزل الأمواج
تقذقني من نور
إلى ظلمة ،
ومن ظلمة إلى
نور ، حتى
أوقفني
ربي الموقف
الذي أحب أن
يقفني عنده من
ملكوت
الرحمان ،
فقال
عز
وجل: يا أحمد
قف ، فوقفت
مرعوبا ،
فنوديت من ملكوت
السماوات: يا
أحمد
، فألهمني ربي
، فقلت: لبيك
ربي وسعديك ها
أنا ذا عبدك
بين يديك ،
فنوديت:
يا أحمد ،
العزيز يقرأ
عليك السلام ،
فقلت: هو
السلام ومنه
السلام
وإليه
يعود السلام .
ثم
وصف صلى
الله عليه
وآله
مخاطباته مع
ربه
وتكليفاته
لامته إلى أن
قال في وصف
الرجوع:
ثم قذفت في
بحار النور
فلم تزل
الأمواج
تقذفني حتى
تلقاني
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
275
جبرئيل
عليه
السلام في
سدرة المنتهى
، فقال لي
خليلي: نعم
المجئ جئت ،
ونعم
المنصرف
انصرفت ، ماذا
قلت وماذا قيل
لك ؟ فقلت بعض
ما جرى ، فقال
لي:
وما
كان آخر
الكلام الذي
القى إليك ؟
فقلت له: نوديت:
يا أبا القاسم
امض
هاديا
مهديا رشيدا ،
طوباك وطوبى
لمن آمن بك وصدقك
، فقال لي
جبرئيل
عليه
السلام: أفلم
تستفهم ما
أراد بأبي
القاسم ؟ قلت:
لا يا روح
الله ،
فنوديت:
يا
أحمد إنما
كنيتك أبا
القاسم لأنك
تقسم الرحمة
مني بين عبادي
يوم القيامة ،
فقال
جبرئيل: هنيئا
مريئا يا
حبيبي (1) .
الحديث .
1) أي: دخل على
الباقر عليه
السلام رجل ممن
يعتقد
اعتقادهم
ويرى رأيهم ،
والمراد
بالخوارج ما
يشمل الأموية
ومن يرى رأيهم
.
2) المراد
بحقائق
الايمان كما
قال العالم
الرباني رحمه
الله: أركان
التصديق
موجوداته
ووحدانيته ،
وسائر صفاته
واعتبار أسماء
الحسنى (2) .
وقال
المطرزي في
الغريبين:
حقائق
الايمان أي العقائد
التي هي حقائق
،
أي
عقائد عقلية
ثابتة يقينية
لا يتطرق
إليها الزوال
والتغير ، هي
أركان
الايمان
والآثار
التي حصلت في
القلب من
الايمان ، أو
بالتصديقات
والإذعانات
التي
تحقق
أن تسمى
إيمانا ، أو
المراد
بحقائق الايمان
ما ينتمي إليه
تلك العقائد
من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
276
البراهين
العقلية ، فإن
الحقيقة ما
يصير إليه حق
الامر ووجوبه
(1) ، انتهى .
1) بيان لكون
رؤيته بالقلب
ومعرفته
بالاعتقاد اليقيني
الحاصل من
البراهين
العقلية
اليقينية
التي لا تتغير
ولا تزول ،
فإن كل معرفة
بالقياس ، أي:
بأن
يقاس على غيره
إنما تكون
معرفة بصفة
المخلوق ، إذ
كل ما يغايره
مخلوقا
له ،
والمعرفة
بصفة المخلوق
لا تكون معرفة
للخالق حيث لا
مشاركة بين
الوجوب
المحض
والامكان
الصرف ، وكل
إدراك
بالحواس إدراك
لما يصح
انطباعه في
القوى
الجسمانية
وموادها ، وكل
ما هذا شأنه
محتاج في
وجوده إلى
غيره ،
والوجوب
المحض ينافي
الاحتياج إلى
الغير في ذاته
وفيما لا يزيد
على ذاته
ينافي
الموجودية
بوجود زائد .
وقوله
(لا يشبه
بالناس) تنصيص
على رد ما ذهب
إليه بعض
الأوهام
كالمجسمة
، وإن كان
داخلا تحت
الأولين إلا
أن في التصريح
به الاهتمام
بنفيه .
2) الوصف: ذكر
الشئ بما يكون
له ، سواء كان
فيه أو منه أو
ينتهي إليه ،
والآية:
الامر العجيب
أو العظيم
الذي يتعجب من
عظمته ومن
غرابته ، ومنه
قوله
سبحانه (يريكم
آياته) (2)
والمراد أنه
إذا أريد أن
يذكر ويوصف
بشئ
منها ، يوصف
بأن له الآيات
الصادرة عنه ،
المنتهية
إليه لا بصفة زائدة
حاصلة
فيه .
3) أي: أن ذاته
وصفاته
الذاتية تعرف
بالعلامات الدالة
عليه تعرفه
العقول
والحواس
والمشاعر
بالأشياء
الدالة على
وجوده وكماله
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
277
1) الحبر:
العالم من
اليهود ،
وسؤاله لأمير
المؤمنين عليه
السلام ، لعل
الوجه فيه أن
اليهود
يجوزون
الرؤية ، كما
حكى الله
سبحانه عنهم
في قوله (أرنا
الله
جهرة)
(1) فأجابه عليه
السلام:
بأنها حق إلا
أنها
بالبصائر
الايمانية ،
لا بالابصار
الجسمانية
.
2) تقرير هذا
الاستدلال
على امتناع
الرؤية بالعين
هو استلزامها
لكون
المرئي
جسمانيا ذا
جهة وحيز .
وبيان
ذلك: أنه لا بد
أن يكون بين
الرائي والمرئي
هواه ينفذه
البصر ، سواء
كان
الابصار
بالانطباع ،
كما ذهب إليه
المشاؤون ،
وهو ظاهر بعض
الأخبار ، أو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
278
بالشعاع
كما هو مذهب
آخرين من
الحكماء ،
وهذا الخبر
ظاهر فيه .
وإذا
عدم الهواء
وفقد الضياء
فات شرط
الرؤية ،
فامتنعت
لانعدام
سببها ،
وفي
وجود الهوى
بين الرائي
والمرئي
مشابهة كل
واحد منهما
للآخر ، لوقوع
كل
واحد
منهما في طرف
من طرفي الهوى
، فكما يكون الرائي
جسمانيا ذا
حيز
ووضع
، يلزم في
المرئي أن
يكون مثله
أيضا ، وقد
قام البرهان
العقلي
والدليل
النقلي
على أنه تعالى
ليس بجسم ولا
ذي حيز ووضع ،
لأنه من سمات
الامكان .
1) أي: في وجوب
اتصال الضياء
والهوى بين الرائي
والمرئي ،
مشابهة كل
منهما
للآخر ،
لكونهما في
طرفي الهوى
والضياء .
2) أي: يكون في
الاشتباه
والمشابهة
بين الرائي والمرئي
تشبيه كل واحد
منهما
في الآخر في
صفاته
الذاتية ،
فيلزم أن يكون
المرئي
جسمانيا ذا
حيز
ومكان
.
3) يجوز أن
يكون تعليلا
لعدم جواز
الرؤية إذ
الكلام فيه ،
ولأنه
المفهوم
من
قوله (وكان في
ذلك التشبيه)
ويرشد إليه أن
هذا الحديث
روي في موضع
آخر
هكذا: فثبت
أنه لا تجوز
عليه الرؤية
بالابصار ،
لان الأسباب
لا بد من
اتصالها
بالمسببات .
فالأسباب
هي أسباب
الرؤية من
الهوى
والضياء وباقي
ا لشرائط ،
والمسببات
هي الرؤية
ولواحقها ،
ويجوز أن يكون
تعليلا لوقوع
التشبيه
المستلزم
لسمات
الامكان ، لان
سببه وقوع الرائي
والمرئي في
طرفي الهوى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
279
والضياء
، فلا بد من
وقوع ما هو
مسبب عنه ،
وبعض الناظرين
في هذا الخبر
ذكر
في
حمله ما
الاعراض عنه
أليق .
1) المراد
الرؤية في
الآخرة ، وما
ترويه العامة
من أنه سبحانه
يرى في
القيامة
، وما ترويه
الخاصة من
امتناع الرؤية
عليه مطلقا .
2) أي: يبين لي
أنها هل هي
المعرفة
القلبية والانكشاف
التام
بالآيات
والعلامات
كما تقوله
الخاصة ، أو
بالبصر
وإدراك العين
كما تقوله
العامة .
3) اختلف
المحققون في
حل هذا الخبر
وتقرير الدلالة
منه على وجوه:
أولها:
وهو المنقول
عن جماعة من
الاعلام (1) أنه اتفق
جميع أهل
العلم ،
من
قال بالرؤية
ومن أحالها لا
تنازع بينهم ،
في أن المعرفة
الحاصلة من
طريق
الرؤية
ضرورة ، يعني
أن كل ما يرى
يعرف بأنه على
ما يرى ، وأنه
متصف
بالصفات
التي يرى
عليها ضرورة ،
فحصول معرفة المرئي
بالصفات التي
يرى
عليها
ضروري .
وهذا
الكلام يحتمل
وجهين ،
أحدهما: كون
قوله (من جهة
الرؤية)
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 280
خبرا
، أي: أن
المعرفة
بالمرئي يحصل
من جهة الرؤية
ضرورة ،
وثانيهما:
تعلق
الظرف
بالمعرفة
وكون قوله
(ضرورة) خبرا ،
أي المعرفة
الناشئة من
جهة
الرؤية
ضرورة ، أي:
ضرورية ،
والضرورة على
الاحتمالين
تحتمل الوجوب
والبداهة
.
وتقرير
الدليل: أن
حصول المعرفة
من جهة الرؤية
ضروري ، فلو
جاز أن
يرى
الله سبحانه
بالعين وقعت
المعرفة من
جهة الرؤية
عند الرؤية
ضرورة ،
فتلك
المعرفة لا
تخلو من أن
تكون إيمانا ،
أو لا تكون
إيمانا ، وهما
باطلان ، لأنه
إن
كانت إيمانا
لم تكن
المعرفة
الحاصلة في الدنيا
من جهة
الاكتساب
إيمانا ،
لأنهما
متضادان ، فإن
المعرفة
الحاصلة بالاكتساب
أنه ليس بجسم
وليس في
مكان
وليس بمتكمم
ولا متكيف ،
والرؤية
بالعين لا
تكون إلا
بإدراك صورة
متحيزة
من شأنها
الانطباع في
مادة جسمانية
، والمعرفة
الحاصلة من
جهتها
معرفة
بالمرئي ،
بأنه متصف
بالصفات
المدركة في
الصورة ، فهما
متضادتان لا
يجتمعان
في المطابقة
للواقع .
فإن
كانت هذه
إيمانا لم تكن
تلك إيمانا ،
فلا يكون في
الدنيا مؤمن ،
لأنهم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
281
لم
يروا الله عز
ذكره ، وليس
لهم المعرفة
من جهة
الاكتساب ،
فلو لم تكن إيمانا
لم
يكن
في الدنيا
مؤمن ، وإن لم
تكن تلك
المعرفة التي
من جهة الرؤية
إيمانا ، أي:
اعتقادا
مطابقا
للواقع
يقينيا وكانت
المعرفة
الاكتسابية
إيمانا ، لم
تخل هذه
المعرفة
التي من جهة
الاكتساب من
أن تزول عند المعرفة
من جهة الرؤية
في
المعاد
لتضادهما ، أو
لا تزول ، إذ
لا بد من أحدهما
، وكل منهما
محال .
وأما
بيان أن
الايمان لا
يزول في
المعاد بعد الاتفاق
والاجتماع
عليه ، أن
الاعتقاد
الثابت
المطابق
للواقع
الحاصل بالبرهان
مع معارضة
الوساوس
الحاصلة
في
الدنيا يمتنع
زواله عند ارتفاع
الوساوس
والموانع ،
على أن الرؤية
عند
مجوزيها
إنما تقع
للخواص من
المؤمنين
والكمل منهم
في الجنة ،
فلو زال
إيمانهم
لزم
كون غير
المؤمن أعلى
درجة من
المؤمن ، وكون
الأحط مرتبة
أكمل من
الأعلى
درجة
، وفساده واضح
، وتقرير هذا
الدليل على هذا
المنوال ذهب
إليه
أكثر
شراح الكافي ،
ومال إليه
جماعة من
أساتيذنا
العظام .
وثانيها:
ما قاله
الفاضل محمد
أمين
الأسترآبادي
(1) طاب ثراه ،
وتابعه عليه
طائفة
من المتأخرين
، وهو: أن
المعرفة من
جهة الرؤية
غير متوقفة
على الكسب
والنظر
، والمعرفة في
دار الدنيا
متوقفة عليه
ضعيفة بالنسبة
إلى الأولى ،
فتخالفتا
مثل
الحرارة
القوية
والحرارة
الضعيفة ، فإن
كانت المعرفة
من جهة الرؤية
إيمانا
لم
تكن المعرفة
من جهة الكسب
إيمانا كاملا
، لان المعرفة
من جهة الرؤية
أكمل
منها ، وإن لم
تكن إيمانا
يلزم سلب
الايمان عن
الرائين ،
لامتناع
اجتماع
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
282
المعرفتين
في زمان واحد
في قلب واحد ،
يعني: قيام
تصديقين
أحدهما أقوى
من
الآخر
بذهن واحد ،
وأحدهما حاصل
من جهة الرؤية
، والآخر من
جهة
الدليل
، كما يمتنع
قيام حرارتين
بماء واحد في
زمان واحد .
انتهى ، وأورد
عليه
أن
كثيرا من
المعارف التي
تعرف في
الدنيا بالدليل
تصير في
الآخرة ضرورة
بالمعاينة
(1) .
وثالثها:
ما حققه بعض
الأفاضل بعد
ما مهد مقدمة
، من أن نور
العلم
والايمان
يشتد حتى
ينتهي إلى
المشاهدة
والعيان ، لكن
العلم إذا صار
عينا لم
يصر
عينا محسوسا ،
والمعرفة إذا
انقلبت
مشاهدة لم
تنقلب مشاهدة
بصرية
حسية
، لان الحس
والمحسوس نوع
مضاد للعقل
والمعقول ،
وليس نسبة
أحدهما
إلى
الآخر نسبة
النقص إلى
الكمال ،
والضعف إلى
الشدة ، بل
لكل منهما في
حدود
نوعه مراتب في
الكمال
والنقص لا
يمكن لشئ من
أفراد أحد
النوعين
المتضادين أن
ينتهي في
مراتب
استكمالاته
واشتداده إلى
شئ من
أفراد
النوع الآخر ،
فالابصار إذا
اشتد لا يصير
تخيلا مثلا ،
ولا التخيل
إذا اشتد
يصير
تعقلا ، ولا
بالعكس .
نعم
إذا اشتد
التخيل يصير
مشاهدة ورؤية
بعين الخيال
لا بعين الحس
،
وكثيرا
ما يقع الغلط
من صاحبه أنه
رأى بعين
الخيال أم
بعين الحس
الظاهر ، كما
يقع
للمبرسمين
والمجانين ،
وكذا التعقل
إذا اشتد يصير
مشاهدة قلبية
ورؤية
عقلية
لا خيالية ولا
حسية ،
وبالجملة
الاحساس
والتخيل
والتعقل
أنواع
متقابلة
من المدارك كل
منها في عالم
آخر من العوالم
الثلاثة ،
ويكون تأكد كل
منها
حجابا مانعا
عن الوصول إلى
الآخر .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
283
فإذا
تمهد هذا
فنقول: اتفق
الجميع أن
المعرفة من
جهة الرؤية
أمر ضروري ،
وأن
رؤية الشئ
متضمنة
لمعرفته
بالضرورة ، بل
الرؤية بالحس
نوع من
المعرفة
، فإن من رأى
شيئا فقد عرفه
بالضرورة ،
فإن كان
الايمان
بعينه هو هذه
المعرفة
التي مرجعها
الادراك
البصري والرؤية
الحسية ، فلم
تكن المعرفة
العلمية
التي حصلت
للانسان ، من
جهة الاكتساب
بطريق الفكر
والنظر
إيمانا ،
لأنها
ضده ، لأنك قد
علمت أن
الاحساس ضد التخيل
، وأن الصورة
الحسية ضد
الصورة
العقلية ،
فإذا لم يكن
الايمان
بالحقيقة
مشتركا
بينهما ولا
أمرا جامعا
لهما
، لثبوت
التضاد وغاية
الخلاف
بينهما ، ولا
جنسا مبهما
بينهما غير
تام
الحقيقة
المتحصلة
كجنس
المتضادين ،
مثل اللونية
بين نوعي
السواد
والبياض ،
لان
الايمان أمر
محصل وحقيقة
معينة ، فهو:
إما هذا ، وإما
ذاك ، فإذا
كان ذاك ،
لم
يكن هذا ، وإن
كان هذا ، لم
يكن ذاك ، ثم
ساق الكلام
إلى آخر ما
تقدم (1) .
ولعل
أقرب هذه
الوجوه هو
الأول .
1) اختلفت
الأمة في
امتناع
الرؤية
وإمكانها ووقوعها
على أقوال ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
284
فالامامية
والمعتزلة
على امتناعها
مطلقا ، وذهبت
المشبهة
والكرامية
إلى جواز
رؤيته
تعالى في
الجهة
والمكان
لكونه تعالى عندهم
جسما ، وذهبت
الأشاعرة
إلى
جواز رؤيته
تعالى منزها
عن المقابلة
والجهة والمكان
.
قال
صاحب كتاب
إكمال
الاكمال
ناقلا عن بعض
علمائهم: إن
رؤية تعالى
جائزة
في الدنيا
عقلا ، واختلف
. في وقوعها ، وفي
أنه هل رآه
النبي صلى
الله عليه
وآله ليلة
الاسراء
أم لا ؟
فأنكرته
عائشة وجماعة
من الصحابة
والتابعين
والمتكلمين ،
وأثبت
ذلك ابن عباس
، وقال: إن
الله اختصه
بالرؤية ،
وموسى
بالكلام ،
وإبراهيم
بالخلة ، وأخذ
به جماعة من
السلف ، والأشعري
في جماعة من
أصحابه
، وابن حنبل ،
وكان الحسن
يقسم لقد رآه
، وتوقف فيه
جماعة ، هذا
حال
رؤيته في
الدنيا وأما
رؤيته في
الآخرة ، فجائزة
عقلا ، وأجمع
على
وقوعها
أهل السنة ،
وأحالها
المعتزلة
والمرجئة
والخوارج ، والفرق
بين الدنيا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
285
والآخرة
أن القوى
والادراكات
ضعيفة في الدنيا
حتى إذا كانوا
في الآخرة
وخلقهم
للبقاء
قوي إدراكهم
فأطاقوا
رؤيته ، انتهى
. والمعلوم من
مذهب أهل
البيت عليهم
السلام
وعلمائهم
امتناع
الرؤية مطلقا
، للآيات والاخبار
والبراهين
الواضحة (2) .
1) أي: أولا
قبل هذه الآية
، وإنما ذكر عليه
السلام ذلك
لبيان أن
المرئي قبل
هذه
الآية غير
مفسر أيضا ،
بل إنما يفسره
ما سيأتي
بعدها .
2) اختلف المفسرون
في معنى هذه
الآيات ،
فذكروا أن
قوله تعالى:
(ما
كذب
الفؤاد ما
رأى) يحتمل
إرجاع ضمير
رأى إلى النبي
صلى الله
عليه وآله
وإلى الفؤاد .
قال
البيضاوي: (ما
كذب الفؤاد ما
رأى) ببصره من صورة
جبرئيل أو
الله ،
أي:
ما كذب الفؤاد
بصره بما حكاه
له ، فإن الأمور
القدسية تدرك
أولا بالقلب ،
ثم
تنتقل منه إلى
البصر ، أو ما
قال فؤاده (3)
لما رآه: لم
أعرفك ، ولو
قال ذلك كان
كاذبا
، لأنه عرفه
بقلبه كما رآه
ببصره أو ما رآه
بقلبه ،
والمعنى: لم
يكن تخيلا
كاذبا
، ويدل عليه
أنه سئل عليه
السلام: هل
رأيت ربك ؟
فقال: رأيته
بفؤادي ،
وقرئ
(ما كذب) أي:
صدقه ولم يشك
فيه ،
(أفتمارونه على
ما يرى)
أفتجادلونه
عليه ، من
المراء وهو
المجادلة (4) ،
انتهى .
وقوله:
(ولقد رآه
نزلة أخرى)
قال الرازي
يحتمل الكلام
وجوها ثلاثة ،
الأول:
الرب تعالى ،
والثاني:
جبرئيل عليه
السلام ،
والثالث:
الآيات
العجيبة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
286
الإلهية
، هذا كلامه (1) .
قال
شيخنا المحقق
أبقاه الله
تعالى: إذا
عرفت محتملات
الآية ظهر لك
سخافة
استدلالهم
بها على جواز
الرؤية ووقوعها
بوجوه:
الأول:
أنه يحتمل أن
يكون المرئى
جبرئيل عليه
السلام ، إذ
المرئي غير
مذكور
في
اللفظ ، وقد
أشار أمير
المؤمنين إلى
هذا الوجه في
موارد من
الاخبار ،
وروى
مسلم في صحيحه
عن عبد الله ،
(ما كذب الفؤاد
ما رأى) قال:
رأى
جبرئيل
عليه
السلام ، له
ستمائة جناح (2) .
وروى أيضا في
قوله (ولقد رآه
نزلة
أخرى)
قال: رأى
جبرئيل عليه
السلام
بصورته التي
في الخلقة
الأصلية (3) .
الثاني:
ما ذكره في
هذا الخبر ،
وهو قريب من
الأول ، لكنه
أعم منه .
الثالث:
أن يكون ضمير
الرؤية راجعا
إلى الفؤاد ،
وعلى تقدير
إرجاع
الضمير
إلى الله
تعالى لافساد
فيه أيضا .
الرابع:
أن يكون على
تقدير إرجاع
الضمير إليه عليه
السلام وكون
المرئى هو
الله
تعالى
، المراد
بالرؤية غاية
مرتبة
المعرفة ونهاية
الانكشاف .
وأما
استدلاله عليه
السلام
بقوله تعالى:
(ليس كمثله شئ)
فهو: إما لان
الرؤية
تستلزم
الجهة
والمكان
وكونه جسما أو
جسمانيا ، أو
لان الصورة
التي تحصل منه
في
المدركة
تشبهه (4) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
287
1) أي: اتفق
المسلمون على
حقيقة ما في
الكتاب ، لأنه
قطعي متفق
عليه
بين
جميع الفرق ،
فلا يعارضه
الاخبار
المختلفة
المتخالفة
التي تفردتم
بروايتها
.
ثم قال:
وفي هذا الخبر
إشارة إلى
دقيقة غفل
عنها الأكثر ،
وهي أن
الأشاعرة
وافقونا في أن
كنهه تعالى
يستحيل أن
يتمثل في قوة
عقلية ،
وجوزوا
مع
ذلك ارتسامه
وتمثله في قوة
جسمانية ،
وتجويز إدراك
القوة
الجسمانية
لها
دون
العقلية بعيد
عن العقل ،
وأشار عليه
السلام إلى
أن كل ما ينفي
العلم بكنهه
تعالى من
السمع
ينفي الرؤية
أيضا ، فإن
الكلام ليس في
رؤية عرض من
أعراضه
تعالى
، بل في رؤية
ذاته ، وهو
نوع من العلم
بكنهه تعالى (1) .
وأما
قوله تعالى:
(ولقد رآه
نزلة أخرى)
فقال شيخنا
الطبرسي
تغمده الله
برحمته:
ولقد رأى
جبرئيل في
صورته التي
خلق عليها
نازلا من
السماء نزلة
أخرى
، وذلك أنه
رآه مرتين في
صورته عند
سدرة المنتهى
(2) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
288
1) أي: بينات
ودلالات من
ربكم تبصرون
بها الهدى من
الضلال ،
وتميزون
بها بين الحق
والباطل .
2) أي: من تبين
هذه الحجج
ونظر فيها حتى
أوجب له العلم
، فمنفعة ذلك
يعود
إليه .
3) أي: لم ينظر
فيها وصدف
عنها حتى جهل
فوباله على
نفسه .
4) تأييد
لكون المراد
إدراك
الأوهام لا
إدراك العيون
، وتقريره:
أنه سبحانه
أعظم
من أن يشك
ويتوهم فيه
أنه مدرك
بالعين حتى
ينفى عنه
ويتعرض
لنفيه
، إنما
المتوهم
إدراكه
بالقلب فهو
حقيق بأن
يتعرض لنفيه ،
ويلزم منه نفي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
289
الادراك
بالعين
بالطريق
الأولى .
1) أي: مصمت ،
وهذا القول
عنهما لم يثبت
عندنا ، وإن
ثبت فالجواب
عنه
ما
تقدم .
2) تواضعا
لعظمة الله
سبحانه ،
وشكرا لما
أنعم الله به
عليه من
معرفته
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
290
بصفاته
التي وصف بها
ذاته .
1) في الكافي:
النمط الأوسط
(1) . وأما تأنيثه
هنا ،
فباعتبار أن
معنى
النمط
الطريقة ،
يعني: أن ما
روي عن النبي صلى الله
عليه وآله ،
أنه قال: خير
هذه الأمة
النمط
الأوسط يلحق
بهم التالي ،
ويرجع إليهم الغالي
، وارد في
حقنا .
وفي
النهاية: في
حديث علي عليه
السلام (خير
هذه الأمة
النمط
الأوسط):
الطريقة
من الطرائق
والضرب من
الضروب ،
يقال: ليس هذا
من ذلك النمط
، أي:
من
ذلك الضرب ،
والنمط:
الجماعة من
الناس أمرهم
واحد (2) . انتهى .
والغالي
بالغين
المعجمة من
الغلو: إما في
الأئمة عليهم
السلام ، بأن
يصفهم بما لا
يرضون
به مما ليس
فيهم ، أو في
كل شئ حتى في
الطاعات
والعبادات ،
والمراد
بالتالي
من يريد الخير
يتبعه ليطلع
عليه ويوجر
على العمل به
، فالغالي لا
يدركهم
ولا يلحقهم في
سلوك طريق
النجاة ما لم يرجع
إليهم ، فيجب
عليه
رجوعه
إليهم من
الغلو
ومتابعتهم
والانقياد لهم
، وكذلك
التالي لا يصل
إلى طريق
النجاة
ولا يطلع عليه
إلا بالاخذ
عنهم ، ولا
يتوصل إلى
مطلوبه إلا
بهم .
2) هذا منه عليه
السلام
تفسير
للرواية
السابقة الذي
توهم من
ألفاظها حصول
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
291
الرؤية
. وحاصله: أن
الظرف حال من
فاعل رأى ، لا من
الرب ،
ومعناه: أن
محمدا
صلى الله
عليه وآله
كان على هيئة
ابن ثلاثين
سنة عند
مشاهدته نور
العظمة ، وهذا
لا
ينافي
كون المعراج
بعد البعثة
وتجاوز سنه الشريف
الأربعين .
1) اعلم أن
الحجب
والأنوار
الواردة في
هذا الحديث
وما بمعناه لا
ضرورة بنا
إلى
تأويلها ، بل
هي أجسام
لطيفة يسكنها
الروحانيون
من الملائكة ،
كالعرش
والكرسي
، فيكون قد
أفاض سبحانه
عليه نورا كنور
الحجب ليتمكن
به من
رؤية
الحجب
والاطلاع
عليها ، كنور
الشمس بالنسبة
إلى عالمنا .
وطائفة
من علماء
الاسلام
أطالوا هنا
لسان التأويل
على ضروب شتى
،
أنسبها
ما قاله بعضهم
من أن الأنوار
عبارة عما
يناسبها في
عالم الأبدان
، فالنور
الأصفر
عبارة عن
العبادة كما
هو المجرب في
الأحلام ، فإن
من رأى الأصفر
في
النوم وفقه
الله تعالى في
اليقظة
للعبادات
والطاعات
السارة له
غالبا ، كما
هو
المشاهد
في حياة
الصالحين ،
كما ورد أنهم
خلوا بربهم
فكساهم من حلل
أنواره
. وأما نور
الأبيض ، فهو
العلم ، لأنه
منشأ لظهور
المعلومات ،
كالنور
الأبيض ،
والمنامات
شاهدة له أيضا
، وأما النور
الأحمر ، فهو
المحبة ، كما
يشاهد في
وجوه
المحبين عند
طغيانها ، وفي
النوم أيضا . وأما
النور الأخضر
، فهو المعرفة
،
كما
يناسبه
الرؤيا وهذا
الحديث ، لأنه
صلى الله
عليه وآله
كان هناك في
أقصى درجات
المعرفة
، لأنه كان
قاب قوسين أو
أدنى .
وأما
الحجب ،
فأولوها تارة
بالوجوه التي
تعرف بها ذاته
تعالى
بالأنحاء
الممكنة
للعقل ، وهي
تتفاوت بحسب
مراتب العارفين
، فهي وسائط
بين العارف
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
292
وبين
ربه في معرفته
، كما أن
الحجاب واسطة
بين الناس
يحجب من خلفه
من
الرؤية
، وأخرى بأن
المراد
العقول التي
هي وسائط في
إفاضة
الكمالات
على
الأرواح ،
وهذا إنما
يوافق أصول
الفلاسفة .
والعجب من بعض
المحققين
من
المعاصرين مع
وفور علمه
ودقة فهمه ،
كيف جنح إليه
في حواشيه على
أصول
الكافي (1) .
1) اخضر في
الموضعين على
صيغة الفعل
الماضي .
2) هذه الآية
مما استدل بها
النافون
للرؤية مطلقا
، وقرروا
الاستدلال
بها من
وجهين:
الأول:
أن معنى إدراك
البصر
الادراك
بالبصر (2) ،
والجمع
المعرف
باللام
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
293
عند
انتفاء قرينة
العهدية
والبعضية ،
للعموم ،
بإجماع أهل
العلم وتصريح
أرباب
الفصاحة
، وبأنه يجوز
الاستثناء
منه ، فقد أخبر
سبحانه بأنه
لا يراه أحد
في
المستقبل
، فلو رآه
المؤمنون في
الجنة لزم
الكذب في
إخباره تعالى
عنه .
الثاني:
أنه سبحانه
تمدح بكونه لا
تراه الابصار
، وما كان من
الصفات عدمه
مدحا
كان وجوده
نقصا يجب
تنزيهه تعالى
عنه ، وإنما
قلنا: من
الصفات ،
احترازا
عن
الافعال
كالعفو
والانتقام ،
فإن الأول تفضل
، والثاني عدل
، وكلاهما
كمال .
1) أكثر ما
يطلق الحيث
على المكان
فيكون كالتأكيد
لما قبله ،
ويطلق أيضا
على
الزمان
والجهات ،
فيكون المراد
أنه جعل الزمان
زمانا
والجهات
جهاتا .
2) روى الشيخ
في الأمالي
والبرقي في
المحاسن بسند
صحيح عن هشام
بن
سالم
، قال: قال أبو
عبد الله عليه
السلام: كان
رسول الله صلى الله
عليه وآله إذ
ا أتاه الوحي
من الله
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
294
وبينهما
جبرئيل عليه
السلام يقول:
هذا جبرئيل عليه
السلام ،
وقال لي
جبرئيل ، وإذا
أتاه
الوحي
وليس بينهما
جبرئيل ،
تصيبه تلك
السبتة
ويغشاه منه ما
يغشاه ، لثقل
الوحي
عليه من الله
عز وجل (1) .
وروى
العياشي
مسندا إلى علي
عليه
السلام ،
قال: آخر ما
نزل عليه سورة
المائدة
فنسخت
ما قبلها ولم
ينسخها شئ ،
فلقد نزلت عليه
وهو على بغلته
الشهباء وثقل
عليها
الوحي حتى
وقفت ، وتدلى
بطنها حتى
رأيت سرتها
تكاد تمس
الأرض
وأغمي
على رسول الله
صلى الله
عليه وآله
حتى وضع يده
على ذؤابة
منبه بن وهب
الجمحي ،
ثم
رفع ذلك عن
رسول الله صلى الله
عليه وآله ،
فقرأ علينا
سورة المائدة
، فعمل رسول
الله صلى
الله عليه
وآله
وعملنا
(2) .
قال
صاحب المنتقى:
وفي الحديث
المقبول أنه صلى الله
عليه وآله
أوحي إليه وهو
على
ناقته
، فبركت ووضعت
جرانها (3)
بالأرض ، فما
تستطيع أن
تتحرك ، وأن
عثمان
كان يكتب
للنبي صلى
الله عليه
وآله: (لا
يستوي
القاعدون)
الآية ، وفخذا
لنبي صلى
الله عليه
وآله على
فغشيه
الوحي فثقلت
فخذه على فخذ
عثمان ، حتى
قال: خشيت أن
ترضها ،
فأنزل
الله سبحانه
(غير اولي
الضرر) (4) .
وروى
في الاكمال أن
النبي صلى
الله عليه
وآله كان
يكون بين
أصحابه ،
فيغمى عليه
وهو
يتصاب
عرقا ، فإذا
أفاق ، قال:
قال الله عز
وجل: كذا وكذا
، وأمركم بكذا
وكذا
، ونهاكم عن
كذا وكذا .
وأكثر
مخالفينا
يقولون: إن
ذلك كان يكون
عند
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
295
نزول
جبرئيل عليه
السلام ،
فسئل الصادق عليه
السلام عن
الغشية التي
كانت تأخذ
النبي صلى
الله عليه
وآله ،
وكانت
تكون عند هبوط
جبرئيل عليه
السلام ،
فقال: لا ، إن
جبرئيل عليه
السلام إذا
أتى
النبي
صلى الله
عليه وآله لم
يدخل عليه حتى
يستأذنه ،
فإذا دخل عليه
قعد بين يديه
قعدة العبد ،
وإنما
ذلك عند
مخاطبة الله
عز وجل إياه
بغير ترجمان
وواسطة ، روي
ذلك عن
الصادق
عليه
السلام (1) .
وفي
الرواية: أنه
كان إذا نزل
عليه الوحي
حزن لذلك ،
وتغير وجهه ،
ونكس
رأسه
، ونكس أصحابه
رؤوسهم منه ،
ومنه يقال برحاء
الوحي ، وكان
إذا نزل عليه
الوحي
وجد منه ألما
شديدا ، أو
يتصدع رأسه
ويجد ثقلا ،
وذلك قوله
تعالى:
(إنا سنلقي
عليك قولا
ثقيلا) (2) وسمعت
أنه نزل جبرئيل
عليه
السلام على
رسول
الله صلى
الله عليه
وآله ستين
ألف مرة ، كذا
قال ابن
شهرآشوب في
المناقب (3) .
وقوله
عليه
السلام (إذا
انجلى الله
له) معناه: إذا
ظهرت عظمة
آيات جبروته ،
وقيل:
هو كناية عن
غاية المعرفة
.
1) يعني: أن
الوحي على هذه
الصفة من
خواصه صلى
الله عليه
وآله ، وإلا
فالذي صرح
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
296
به
شيخنا المفيد
طاب ثراه في
شرح إعتقادات
الصدوق قدس
الله روحه: إن
الله
تعالى
يسمع الحجج
بعد نبيه صلى
الله عليه
وآله كلاما
يلقيه إليهم
في التي كانت
له صلى
الله عليه
وآله (3) .
1) فيكون
الأول من
النضارة
بمعنى الحسن
والابتهاج ،
والثاني من
النظر ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
297
كقوله
تعالى (فناظرة
بم يرجع
المرسلون (1)
وهذا هو واحد
من الأجوبة
عما
استدل به
القائلون
بالرؤية من
هذه الآية ،
وعليه جماعة
من المفسرين .
وأما
الاعتراض
عليه بأن
النظر بمعنى
الانتظار لا
يتعدى بإلى ،
فجوابه ما
ذكره
الرازي في
تفسيريه ، حيث
قال: وتحقيق
الكلام فيه أن
قولهم في
الانتظار
نظرته
بغير صلة ،
فإنما ذلك في
الانتظار
المجئ
الانسان
بنفسه ، فأما
إذا كان
منتظرا
لرفده
ومعونته ، فقد
يقال فيه:
نظرت إليه (2) .
أقول:
ويحكى عن
الخليل أنه
قال: يقال:
نظرت إلى فلان
بمعنى
انتظرته .
الثاني:
أن إلى ليست
حرف جر بل هو
واحد الآلاء ومفعول
به للنظر
بمعنى
الانتظار
، ومنه قول
الشاعر:
أبيض
لا يرهب
الهزال ولا ***
يقطع رحما ولا
يخون إلى
أي:
لا يخون نعمة .
الثالث:
أن يكون فيه
حذف مضاف أي:
إلى ثواب ربها
، أي: هي ناظرة
إلى
نعيم
الجنة حالا
بعد حال ،
فيزداد بذلك
سرورها ، فذكر
الوجوه
والمراد
أصحابها ،
روي
ذلك عن جماعة
من المفسرين
والتابعين
وغيرهم .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
298
الرابع:
أن يكون إلى
بمعنى عند ،
وهو معنى معروف
عند النحاة .
الخامس:
أن النظر إلى
الرب كناية عن
حصول غاية
المعرفة بكشف
المراد
الظلمانية
، فكأنها
ناظرة إليه
تعالى ، كقوله
عليه
السلام: ا
عبد الله كأنك
ترا ه .
1) الآية
هكذا: (وإذ أخذ
ربك من بني
آدم من ظهورهم
ذريتهم
وأشهدهم
على أنفسهم
ألست بربكم
قالوا بلى شهدنا)
(1) الآية ، وهذا
هو
التكليف
الوارد في
عالم الذر ،
كما جاءت به
الاخبار أن
الله أخرج
ذرية آدم من
صلبه
كهيئة الذر ،
فعرضهم على
آدم فقال: إني
آخذ على ذريتك
ميثاقهم أن
يعبدوني
ولا يشركوا بي
شيئا ، وعلي
أرزاقهم ، ثم
قال لهم: ألست
بربكم ؟
قالوا:
بلى شهدنا أنك
ربنا ، فقال
للملائكة: اشهدوا
فقالوا: شهدنا
.
وقيل:
إن الله تعالى
جعلهم فهماء
عقلاء يسمعون
خطابه
ويفهمونه ، ثم
ردهم
إلى صلب آدم ،
والناس محبوسون
بأجمعهم حتى
يخرج كل من
أخرجه
في
ذلك الوقت ،
وكل من ثبت
على الاسلام
فهو على
الفطرة
الأولى ، ومن
كفر
وجحد
فقد تغير عن
الفطرة
الأولى (2) .
وبالجملة
فالرؤية
الحاصلة في
ذلك الوقت إنما
هي بالقلب
أيضا ، إلا
أنها
أقوى
وأعلى منها في
هذا المقام ،
لفقد الموانع
هناك .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
299
1) قال الله
تعالى: (وذروا
الذين يلحدون
في أسمائه) (1) ،
أي يعدلون
بأسماء
الله تعالى
عما عليه ،
فيسمون
أصنامهم بها
ويغيرونها
بالزيادة
والنقصان ،
اشتقوا
اللات من الله
، والعزى من
العزيز ،
والمنات من
المنان ، عن
ابن عباس
ومجاهد
. وقيل: إن معنى
يلحدون في
أسمائه يصفونه
بمالا يليق به
، ويسمونه
بما
لا يجوز
تسميته به .
قال
شيخنا
الطبرسي طاب
ثراه: وهذا
الوجه أعم فائدة
، ويدخل فيه
قول
الجبائي:
أراد تسميتهم
المسيح بأنه
ابن الله (2) .
2) المراد
بالبيعة هنا
بيعة
الحديبية ،
وهي بيعة
الرضوان ،
بايعوا رسول
الله صلى
الله عليه
وآله
على
الموت ،
ومعناه: أن
المبايعة معك
مبايعة مع
الله: لان
طاعتك طاعة
الله
وإنما
سميت بيعة
لأنها عقدت
على بيع
أنفسهم بالجنة
، للزومهم
بالنصرة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
300
(يد الله
فوق أيديهم)
أي: عقدهم في
هذه البيعة فوق
عقدهم ، لأنهم
بايعوا
الله ببيعة
نبيه ، فكأنهم
بايعوه من غير
واسطة ، وقيل:
معناه قوة
الله في
نصرة
نبيه فوق
نصرتهم إياه ،
أي: ثق بنصرة
الله لك لا بنصرتهم
، وإن بايعوك .
وقيل:
نعمة الله
عليهم بنبيه
فوق أيديهم
بالمبايعة
والطاعة ،
وقيل فيه غير
هذا (3) ذهب
جمهور المسلمين
إلى أن الجنة
والنار
مخلوقتان الآن
. وشر ذمة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
301
من
المعتزلة ،
وربما حكي عن
السيد الرضي
طاب ثراه ،
إلى أنهما
سيخلقان
في
القيامة ،
والآيات
والأخبار
المتواترة والاجماع
رادة لهذا
القول . وأما
مكانهما
، فأخبارنا
دالة على أن
الجنة فوق السماوات
السبع والنار
تحت
الأرضين
السبع ، وعليه
أكثر
المسلمين .
قال
شارح المقاصد:
جمهور
المسلمين على
أن الجنة
والنار
مخلوقتان
الآن
، خلافا لأبي
هاشم والقاضي
عبد الجبار ومن
يجري مجراهما
من المعتزلة ،
حيث
زعموا أنهما
إنما تخلقان
يوم الجزاء ،
لنا وجهان:
الأول:
قصة آدم وحواء
وإسكانهما
الجنة ، ثم إخراجهما
عنها بالاكل
من
الشجرة
، وكونهما
يخصفان عليهما
من ورق الجنة
على ما نطق به
الكتاب والسنة
،
وانعقد
عليه الاجماع
قبل ظهور
المخالفين ، وحملها
على بستان من
بساتين
الدنيا
يجري مجرى
التلاعب
بالدين ،
والمراغمة
لاجماع
المسلمين ، ثم
لا
قائل
بخلق الجنة
دون النار ،
فثبوتها
بثبوتها .
الثاني:
الآيات
الصريحة في
ذلك ، كقوله
تعالى (ولقد
رآه نزلة أخرى
× عند
سدرة
المنتهى ×
عندها جنة
المأوى)
وكقوله في حق
الجنة: (أعدت
للمتقين)
(أعدت
للذين آمنوا
بالله ورسله)
(وأزلفت الجنة
للمتقين) وفي
حق النار
(أعدت
للكافرين)
(وبرزت الجحيم
للغاوين)
وحملها على
التعبير عن
المستقبل
بلفظ الماضي
مبالغة في
تحققه خلاف
الظاهر ، فلا
يعدل إليه
بدون قرينة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
302
ثم
قال: لم يرد نص
صريح في مكان
الجنة والنار
، والأكثرون
على أن
الجنة
فوق السماوات
السبع وتحت
العرش تشبثا بقوله
تعالى: (عند
سدرة
المنتهى
× عندها جنة
المأوى) وقوله
عليه
السلام: سقف
الجنة عرش
الرحمان ،
والنار
تحت الأرضين
السبع ، والحق
تفويض ذلك إلى
علم العليم
الخبير (2) .
1) أي: يقول
الزبانية في
القيامة لأهل
النار: هذه
جهنم التي
يكذب بها
الكفار
في الدنيا .
(يطوفون
بينها وبين
حميم آن) أي:
يطوفون مرة
بين الجحيم
ومرة بين
الحميم
، فالجحيم
النار ،
والحميم
الشراب ، وقيل:
معناه أنهم
يعذبون
بالنار مرة ،
ويتجرعون
من الحميم يصب
عليهم ، ليس
لهم من العذاب
أبدا فرج ، عن
ابن
عباس
، واللآتي
الذي انتهت
حرارته ،
وقيل: الحاضر (3) .
1) وفي كثير
من الاخبار
أنه أكل من
تفاح الجنة ،
ثم واقع خديجة
، فلما
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
303
حملت
بفاطمة
وضعتها ، كان صلى الله
عليه وآله
يشم منها
رائحة تفاح
الجنة . وكان
الصادق
عليه
السلام يقول:
الحمرة التي
في وجوهنا أهل
البيت من تلك
التفاحة .
ولا
منافاة
بينهما: إما
لأنه صلى
الله عليه
وآله أكل
الرطب
والتفاح ،
وإما لما روي
من أن
الرطب
والتفاح كان
من شجرة طوبى
، وهي التي أمهرها
الله سبحانه
فاطمة عليها
السلام لما
زوجها
من علي عليه
السلام وكل
ثمرة في الجنة
تشتمل على
الطعوم
المختلفة ، بل
ورد أ ن
للثمرة
ألف طعم فما
شئت فسمه ،
وبه يجمع بين
ما روي من أن
الثمرة التي
أكل منها
آدم عليه
السلام: إما
الحنطة ، أو
التين ، أو
العنب ، أو
غير ذلك على
ما في الاخبار
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة الطاهرين
- صفحة 304
1) يأتي أن
ذلك النور كان
نور العرش فلم
يطقه الجبل
حتى تدكدك .
روى
الثقة
العياشي عن
أبي بصير عن
أبي عبد الله
وأبي جعفر
عليهما
السلام قالا:
سأل
موسى
ربه تبارك
وتعالى (قال
رب أرني أنظر
إليك قال لن
تراني ولكن
انظر إلى
الجبل
فإن استقر
مكانه فسوف
تراني) قال:
فلما صعد موسى
على الجبل ،
فتحت
أبواب
السماء ،
وأقبلت
الملائكة
أفواجا في أيديهم
العمد في
رأسها النور ،
يمرون
به
فوجا بعد فوج
، يقولون: يا
بن عمران أثبت
فقد سألت
عظيما ، قال:
فلم يزل
موسى
واقفا حتى
تجلى ربنا جل
جلاله ، فجعل
الجبل دكا وخر
موسى صعقا ،
فلما
أن
رد الله عليه
روحه أفاق ،
قال: سبحانك
تبت إليك وأنا
أول المؤمنين
(1) .
قال
ابن أبي عمير:
وحدثني عدة من
أصحابنا: أن النار
أحاطت به حتى
لا
يموت
لهول ما رأى (2) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
305
(فجعله دكا
وخر موسى
صعقا) قال
أمين الاسلام رحمه الله:
(فلما تجلى
ربه
للجبل) أي: ظهر
أمر ربه لأهل
الجبل ، فحذف
المضاف ،
والمعنى أنه
سبحانه
أظهر من
الآيات ما
استدل به من
كان عند الجبل
. على أن رؤيته
غير
جائزة
. وقيل: معناه:
ظهر ربه
بآياته التي
أحدثها في الجبل
لأهل الجبل ،
كما
يقال:
الحمد لله
الذي تجلى لنا
بقدرته ، فلما
أظهر الآية
العجيبة في
الجبل صار
كأنه
ظهر لأهله .
وقيل:
أن تجلى بمعنى
جلى ، كقولهم
حدث وتحدث ، وتقديره
جلى ربه
أمره
للجبل ، أي:
أبرز في
ملكوته للجبل
ما تدكدك به ،
ويؤيده ما جاء
في
الخبر:
أن الله تعالى
أبرز من العرش
مقدار الخنصر
، فتدكدك به
الجبل ، وقال
ابن
عباس:
معناه ظهر نور
ربه للجبل .
وقال
الحسن: لما
ظهر وحي ربه
للجبل (جعله
دكا) أي:
مستويا
بالأرض
، وقيل: ثرايا
، عن ابن عباس
، وقيل: ساخ في
الأرض حتى فنى
،
___________________________
شرح نور البراهين
في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 306
وقيل:
فقطع أربع قطع
، قطعة ذهبت
نحو المشرق ، وقطعة
ذهبت نحو
المغرب ،
وقطعة
سقطت في البحر
وقطعة صارت
رملا . وقيل: صار
الجبل ستة
أجبل ،
وقعت
ثلاثة
بالمدينة
وثلاثة بمكة ،
فالتي بالمدينة:
أحد وورقان
ورضوى ،
والتي
بمكة ثور
وثبير وحراء ،
روي ذلك عن
النبي صلى
الله عليه
وآله (1) .
وروى
العياشي عن
أبي بصير ،
قال: سمعت أبا
عبد الله عليه
السلام يقول:
إن موسى
ابن
عمران عليه
السلام لما
سأل ربه النظر
إليه ، وعده
الله أن يقعد
في موضع ، ثم
أمر
الملائكة
أن تمر عليه
موكبا موكبا
بالبرق
والرعد
والريح
والصواعق ،
فكلما
مر
به موكب من
المواكب ،
ارتعدت
فرائصه ، فيرفع
رأسه ،
فيقولون: سألت
أمرا
عظيما (2) .
إذا
عرفت هذا كله
فاعلم أن هذه
الآية قد
استدل بها من
أثبت الرؤية
ومن
نفاها
فأما
المثبتون ،
فاستدلوا بما
فيها من السؤال
، قالوا: إن
نبي الله موسى
عليه
السلام لو
لم
يجوز الرؤية
عليه تعالى لم
يسألها ، إذ
العاقل لا
يسأل إلا ما
يجوز وقوعه .
وأما
النافون ،
فاستدلوا
بالجواب
بقوله (لن تراني)
و (لن) مفيد
للدوام كما
نص
عليه صاحب
الكشاف وغيره
، وأجابوا عن
سؤال الرؤية
بما دل عليه
هذا
الخبر
من أنها كانت
لاقتراح قومه
عليه طلبها .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
307
1) أي: لقد كنت
في سهو ونسيان
من هذا اليوم
في الدنيا .
(فكشفنا
عنك غطاءك)
الذي كان في
الدنيا يغشى قلبك
وسمعك وبصرك
حتى
ظهر لك الامر
، وإنما تظهر
الأمور في
الآخرة بما
يخلق الله
تعالى من
العلوم
الضرورية
فيهم ، فيصير
بمنزلة كشف الغطاء
لما يرى ،
وإنما يريد
جميع
المكلفين
برهم وفاجرهم
، لان معارف
الجميع
ضرورية .
(فبصرك
اليوم حديد)
قال الطبرسي رحمه الله:
أي: فعينك
اليوم حادة
النظر لا
يدخل
عليها شك ولا
شبهة ، وقيل:
معناه فعلمك
بما كنت فيه
من أحوال
الدنيا
نافذ
، ولا يراد به
بصر العين ،
كما يقال:
فلان بصير
بالنحو
والفقه ،
وقيل: هو
خاص
في الكافر ،
أي: فأنت
اليوم تعلم
بما كنت تنكره
في الدنيا (6) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 308
تحقيق
عجيب:
وهو
أن الظاهر من
هذه الآية وما
ساوقها من الآيات
، وكذلك من
الأخبار
المستفيضة
بل
المتواترة
بالمعنى أن
الأمور
المعنوية والاعمال
من الطاعات
وغيرها
يكون مما تدرك
بالعين في
النشأة الأخرى
، وأن الاعمال
تتجسم
وتتصور
بالصور
المختلفة في
عالم البرزخ .
وما بعده كما
روى: أن
الصلاة تكون
مع
الانسان في
قبره مصورة
رجل مقبول
الصورة أنور
اللون يتكلم
معه ويؤنسه
ويؤمنه
من الأخاويف ،
وأن الزنا
يكون معه بصورة
رجل أسود
اللون كريه
المنظر
يجلب عليه
الأهوال ،
وكذلك ما
عداهما من
الاعمال .
ولما
كان تجسم
الاعمال على
هذا النحو
خلاف طور
العقل ، لأن
الأمور
المعنوية
كيف يظهر للحس
؟ والاعراض
كيف تنقلب
جواهر مع
امتناع قلب
الحقائق
؟ أقبلوا على
فتح باب
التأويل فيه ،
وقالوا: معنى
هذا التجسم أن
الله
سبحانه
يخلق بسبب تلك
الطاعات
الأشباح الحسان
، وكذلك الصور
المستكرهة
. وبالجملة
فهي من ضروب
التنعم
والعذاب ، كما
أنه يدخل
الجنة
والنار
بعمله ، كما
قال عز شأنه:
(ادخلوا الجنة
بما كنتم
تعملون) (1) .
وبعضهم
وقف على ظواهر
النصوص من
القول بالتجسم
، وإن كان
خلاف
طور
العقل ، لأنه
لا ميدان له
في أحوال تلك
النشأة
الأخرى ،
والأمور
تختلف
باختلاف
النشأتين كما
نشاهد من
اختلافها في
اليقظة
والمنام ، ولم
نر من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
309
كشف
الغطاء عن
بيان هذا السر
العظيم سوى
المحقق
الدواني في
رسالة
الزوراء
التي
ذكر في مفتحها
أنها من فيوض
زيارة عتبة
باب مدينة
العلم وابنه
سيد
الشهداء
عليهما أفضل
الصلوات ،
وأنه صنفها هناك
.
وحاصل
ذلك البيان
مختصرا بلفظه:
إن الحقيقة الواحدة
تظهر في البصر
بالصورة
المعينة
المكتنفة (1)
بالعوارض
المادية ،
وملازمة وضع
معين من
محاذاة
وقرب وعدم
حجاب ، إلى
غير ذلك ، وهي
بعينها تظهر
في الحس
المشترك
بصورة
تشابهها من
غير تلك
الشرائط ، وهي
في الحالتين
يقبل
التكثر
بحسب الأشخاص
، كصورة زيد
وبكر وعمرو .
ثم
تظهر تلك
الحقيقة في
العقل بحيث لا
تقبل التكثر ،
وتصير
الافراد
المتكثرة
في الصورة
المبصرة
والمتخيلة
متحدة في
الصورة
العقلية ، ثم
الصورة
العقلية
متفاوتة في
قبول التكثر ،
فإن صور الأنواع
من حيث خصوص
نوعيتها
متكثرة
، ومن حيث
خصوص جنسيتها
واحدة ، وهكذا
إلى جنس
الأجناس ،
فيتحد
في صور (2) جميع
أنواعها ، لكن
يمتاز عن جنس
آخر مقابله ،
وإذ
اعتبرت
من المفهومات
ما يشمل جميع
الحقائق والاعتبارات
اتحد الكل في
صورته
، كالشئ
والممكن
العام مثلا .
فإذا
تذكرت ذلك
فتحدس أن
الصورة ولو
عقلية غير
الحقيقة ، بل
هي
ملابسها
المختلفة
عليها
باختلاف
المشاعر والمدارك
، ثم إن تلك
الحقيقة مع
وحدتها
الذاتية قد
يظهر في صور
متكثرة متخالفة
الحكم ، كصور
الأشخاص
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
310
وقد
تظهر في صورة
واحدة
كالصورة
العقلية ، وكما
أن المختلفين
بالصورة في
موطن
قد يتحدان
فيها في موطن
آخر ، فقد
يتعاكس
الصورتان في
الموطنين ،
أعني:
أنه يظهر
أحدهما بصورة
خاصة ،
والأخرى بصورة
أخرى في ذلك
الموطن
، ثم يظهران
في موطن آخر
على عكس الصورتين
، فيظهر هذا
بالصورة
التي
كانت للأخرى ،
والأخرى
بالصورة التي
كانت لهذا ،
كالفرح
الظاهر في
الرؤيا
بصورة البكاء
، إلى غير ذلك
من الأمور المعلومة
بممارسة
التعبير (1) .
ومحصل
هذا أن
الحقيقة
مغايرة لجميع
الصور التي
تنجلي (2) فيها
على
المشاعر
الظاهرة
والباطنة ،
الجسمانية
والروحانية ،
مغايرة من حيث
ذاته لا
من
حيث الوجود ،
وأن تلك
الحقيقة من
حيث ذاتها
قابلة للظهور
بصور مختلفة
الاحكام
، وأن جميع
الصور التي
تظهر هي بها ، مساوية
الاقدام
بالنسبة
إليها ،
وليس
بعضها أولى
بها من البعض
في حد ذاتها ،
بل إنما يخصص
تلك الصور
بعينها
لها
أحكام
المواطن
والمشاعر ،
فالعلم حقيقة واحدة
تظهر في موطن
اليقظة
بصورة
عرضية ،
محتجبة عن
الحس ، مدركة
بالعقل كلية
وبالوهم
جزئية ،
وهي
بعينها تظهر
في موطن
الرؤيا بصورة
جوهرية ،
أعني: صورة
اللبن .
وكما
أن الظاهر على
المدارك
الباطنة في
اليقظة حقيقة
العلم ، كذلك
الظاهر
على
المشاعر في
الرؤيا حقيقة
العلم ، إلا
أنه يتجلى في
كل موطن بصورة
يعينها
لها
ذلك الموطن .
ثم
إن المحجوب
المنغمس في
الاحكام
الطبيعية التي
لا يعرف
الحقائق إلا
بصورها
لتعودها بالعوائد
المألوفة
الطبيعية
ينكر الحقيقة عند
تبدل الصورة ،
ولا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
311
يعرفها
لتحولها في
ملابسها ، لكن
العارف الدارك
الذي له نفس
قوية لا يصير
مغلوبا
بأحكام
خصوصيات
المواطن ، ولا
يحجبها حكم
موطن عن أحكام
المواطن
الاخر ، بل
يعرفها في
سائر ملابسها
، ولما كانت
هذه النكتة
خفية
مخالفة
لما ارتكز في
الطبائع
المألوفة
المنهمكة في
العوائد
المألوفة مع
جلالة
شأنها
وكونها مرقاة
إلى الاطلاع
على أسرار نفيسة
، أمر
بإتقانها
والمحافظة
عليها
.
ثم
قال: كأنك
فيما قرع سمعك
من هذه
المقدمات ،
اطلعت على حقيقة
الانطباق
بين العوالم ،
فإنها بأسرها
صور لحقيقة
واحدة
متخالفة من
جهة تخالف
أحكام
المواطن التي
تشترطها
النفس في
مدارج صعودها
وهبوطها ،
والمدارك
التي
هي مقتضى تلك
المواطن ، بل
على حقيقة العوالم
، فإنه صور
تظهر على
النفس
في مواطنها ،
بل انكشف عليك
أسرار غامضة
من أحوال
المبدأ
والمعاد
وظهوره
في الكثرات ،
فإن ذلك يتحصل
ويتقوم بالنفس
ومراتبها .
وأسرار
المعاد من
ظهور الاعمال
والأخلاق الظاهرة
في النشأة
الدنيوية
بالصور
الخارجية ،
وفي النشأة
الأخروية بالصور
الذي يقتضيها أحكام
تلك
النشأة
، كما فصل في
الشريعة .
وتيسر عليك
أيضا مشاهدة
الواحد
الحقيقي في
التكثرات
من غير شوب
ممازجة ولا
انفصال وتسلقت
به إلى حقائق
ما أنبأ عنه
لسان
النبوات من
ظهور الأخلاق
والاعمال في المواطن
المعادية
بصور
الأجساد
، وكيفية وزن
الاعمال وسر
حشر الافراد
بصور الأخلاق
العالية
واطلعت
على سر قوله
تعالى: (وإن
جهنم لمحيطة بالكافرين)
(1) فإن الآية
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
312
بظاهرها
تدل على إحاطة
جهنم
بالكافرين في
الزمان الحال
، ولا حاجة
إلى
الصرف
عن الظاهر
بناء على
التحقيق الذي
سبق .
وإن
الأخلاق
الرذيلة
والعقائد
الباطلة التي
هي محيطة بهم
في هذه النشأة
هي
بعينها جهنم
التي ستظهر في
الصورة
الموعودة
عليهم ، كما
أنذرهم
الشارع ،
إلا
أنهم لا
يعرفون ذلك ،
لعدم ظهورها
في هذه النشأة
عليهم في تلك
الصورة ،
وهم
لفرط جهلهم
بالحقائق لا
يعرفون
الحقائق إلا
بصورها .
وأما
النفس
المحيطة
بالحقائق
وتقلبها في الصور
بحسب المواطن
، فتعرف
حقيقة
الامر ، بل قد
ينعكس ذلك إلى
مرآة خيالية
التي هي مشكاة
مصابيح
النفس
فتشاهد تلك
الصور
بأعيانها كما
(1) جامع مشاهدته
للصور
المحسوسة ،
فإن
النفوس
الناطقة لا
يشغلها شأن من
شأن ، ولا
يلهيها موطن
عن موطن ، وإن
لم
يكن هذه الحال
قائمة لهم بل
مختلفة بحسب
خواص الأوقات
وما يتبعها من
الأحوال
كما ورد في
الحديث
المشتمل على
رؤيته عليه
السلام
للجنة والنار
وهو في
الصلاة
حذاء الحائط .
وأيضا
تعرف من ذلك
التحقيق قوله
تعالى: (الذين
يأكلون أموال
اليتامى
ظلما
إنما يأكلون
في بطونهم
نارا) (2) وقول
الخاتم
الفاتح عليه
وعلى آله
أفضل
الصلوات
والتحيات:
الذي يشرب في
آنية الذهب
والفضة إنما
يجرجر
في
بطنه نار جهنم
. فإن ظاهره
يدل على وقوع
هذه الحال في
الحال ،
والجرجرة
بمعنى
الصب ، وهو
متعد بنفسه
فيكون فاعل
قوله (يجرجر)
الضمير
الراجع إلى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
313
الذي
، ونار جهنم
مفعولا .
وقوله
عليه
السلام: إن
الجنة قيعان ،
وإن غراسها
سبحان الله
والحمد لله .
فإن هذا
الحديث
يدل على أن
هذا القول
بعينه غراسها
، إلى غير ذلك من
غوامض
الحكم
والاسرار
الإلهية ،
وعلمت أن جميع
ذلك على
الحقيقة لا
المجاز كما
توهمه
المتوهمون ،
وكذلك قوله عليه
السلام:
الدنيا مزرعة
الآخرة ، فإن
معناه: أ ن
الأخلاق
المكتسبة في
الدنيا مادة
الجنة والنار
، وهي تظهر في
تلك المواطن
بصورتهما
، وصورة ما
يظهر فيهما من
اللذائذ والمكاره
.
ثم
قال: لعلك
تقول: كيف
يكون العرض
بعينه هو الجوهر
؟ وكيف يكون
المعنى
واحدا ؟
والحال أن
الحقائق
مختلفة بذواتها
؟ فنقول: قد
لوحنا إليك (1)
الحقيقة غير
الصورة ،
فإنها في حد
ذاتها وصرافة
سذاجتها
عارية عن جميع
الصور
التي
تتجلى بها ،
لكنها تظهر في
صورة تارة وفي
غيرها أخرى ،
والصورتان
متغايرتان
قطعا ، لكن
الحقيقة
المتجلية في الصورتين
بحسب اختلاف
الموطنين
شئ واحد .
وما
أشبه ذلك بما
يقوله أهل
الحكمة
النظرية: أن
الجواهر
باعتبار
وجودها
في
الذهن أعراض
قائمة به
محتاجة إليه ،
ثم هي في
الخارج قائمة
بأنفسها
مستغنية
عن غيرها ،
فإذا اعتقدت
أن حقيقة تظهر
في موطن بصورة
عرضية
محتاجة
، وفي آخر
بصورة مستقلة
مستغنية تكون جوهرية
، فاجعل ذلك
تأنيسا
لك تكسر به
صولة نبو طبعك
عنه في بدو النظر
حتى يأتيك
اليقين ،
وتشرف
على
حقيقة قوله صلى الله
عليه وآله:
النوم أخو
الموت ، وقول
صاحب سره وباب
مدينة علمه:
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
314
الناس
نيام فإذا
ماتوا
انتبهوا .
ثم
قال: أرأيت
الحقيقة
الواحدة كيف
ظهرت على القوة
العاقلة بصورة
وحدانية
لطيفة مجردة ،
ثم ظهرت على
الحواس بصور
متخالفة
كثيفة مادية ،
فكأنها
تنزلت مع
النفس عن
صرافة تجردها
ووحدتها إلى
التكثر
والتعدد ،
فإذا
وصلت
النفس إلى
مرتبة الحواس
، وصلت هي إلى
غاية التكثر
والتعدد ،
وإذا
ترقت
إلى مرتبة
التجرد الصرف
توحدت هي ،
وللحقائق مع
النفس صعودا
وهبوطا
، فهي إذن
موجودة في
النفس في
الخارج عنها ،
وهي تصاحبها
في
مواطنها
المختلفة ،
وتتصبغ في كل
موطن من مواطنها
بأحكامها من
الوحدة
والكثرة
واللطافة
والكثافة .
ومن
ثم أقول: شأن
العلم تكثر
الواحد ، وذلك
في العلم
التفصيلي
المتحصل
بما
يلي الجهة
السافلة من
النفس ،
وكماله في
المشاعر الظاهرة
، وتوحيد
الكثير ،
وذلك
في العلم
الحقيقي
الاجمالي
المتقوم بما
يلي الجهة
العالية من
النفس وكماله
في
المدرك
الشهودي
المعبر عنه
بنور الولاية ،
وهو غاية
المراتب ،
ويليه في
الشرف
مرتبة الذوق
الفطري . هذا
كلامه (1) .
ويظهر
من تحقيقه
الأخير معنى
قوله عليه
السلام:
العلم نقطة
كثره
الجاهلون ،
وذلك
أن العلم
الحقيقي هو
المتقوم بما
يلي الجهة
العالية من
النفس ومدركه
الشهودي
. وأما العلم
التفصيلي
المتحصل بما يلي
الجهة
السافلة من
النفس ويكون
في
المشاعر
الظاهرة ، فهو
صور مختلفة
لتلك الحقيقة
الواحدة ،
فيكون العلم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
315
حينئذ
هو تلك
الحقيقة
البسيط الذي
عبر عنه بالنقطة
.
وربما
ظهر منه أيضا
ثمة من معنى
قول سيد الموحدين
عليه
السلام: إن
علم ما كان
ويكون
كله في القرآن
، وعلم القرآن
في سورة
الفاتحة ، وعلم
الفاتحة في
بسم
الله
الرحمن
الرحيم ، وذلك
أن العلم
الحقيقي هو
علم التوحيد
وسائر العلوم
شعبة
من
شعبه ، وفرع
من فروعه ،
وقد ظهر ما
برز منه بصور
مختلفة
وعبارات
متفاوتة
، وأقصر ما
يعبر به عنه
هو التسمية ، لاشتمالها
على أصوله كما
لا يخفى .
ويظهر
منه أيضا سر
الهي في شأن
أمير
المؤمنين عليه
السلام ، وهو
أن حقيقته عليه
السلام برز
أخرى
، فبالجهة
الثابتة قال صلى الله
عليه وآله:
لا يعرف عليا
إلا الله وأنا
، ولا يعرفنا
إلا
علي
، وبالجهة
الأولى قيس
بالبشر وعرف
أنه داخل تحت
عالم الامكان
،
وكذلك
سائر صفاته عليه
السلام .
أما
كلامه ، فأطبق
الفصحاء على
أنه تحت كلام
الخالق وفوق
كلام
المخلوق
. وأما قدرته ،
فقال عليه
السلام: ما
قلعت باب خيبر
بقوة جسمانية
، وإنما
قلعتها
بقوة ربانية ،
وكان في بعض
حالاته يشق عليه
كسر اليابس من
الخبز ،
وكذلك
باقي صفاته عليه
السلام .
وأما
حقيقته ، فهو
النور الذي
أشار إليه
شريكه صلى
الله عليه
وآله بقوله:
خلقت أنا وعلي
من
نور واحد .
فكانا بتلك
الحقيقة
المفاض عليها
الصورة
النورانية
قبل خلق
الخلق
آدم فمن دونه
، وكانا
يعلمان
الملائكة التسبيح
والتقديس .
وقد
اعترف الأمين
جبرئيل عليه
السلام بأنه
تلميذ علي عليه
السلام حين
سأله الباري
عز
شأنه:
من أنت ومن
أنا ؟ فلقنه عليه
السلام قل
له: أنت الرب
الجليل وأنا
الحقير
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
316
جبرئيل
. ولما وقع
الخلق على
الصفوة من
الأنبياء بعث
الله تعالى
عليا عليه
السلام
معينا
وناصرا بأن
أفيض على تلك
الحقيقة النورانية
صورة تجانسها
، فكان كما
روي
عنه عليه
السلام: هو
الذي علم موسى
التوراة ،
وعيسى
الإنجيل ، وداود
الزبور ،
وكان
مع يوسف في
الجب ، ومع
إبراهيم في
نار النمرود ،
وهو الذي
جعلها عليه
بردا
وسلاما ، وكان
مع سليمان عليه
السلام ، وهو
الذي سخر له
المتمردة من
الشياطين
لما
عتوا عليه .
ومن
أجل هذا جاء
في الروايات:
أن الله بعث
عليا مع
الأنبياء
باطنا ومعك
ظاهرا
، ثم لما جرى
عليه قلم
التقدير في
الولادة من
أصلاب
الطاهرين
أفيض
على
تلك الحقيقة
ما يجانس هذا
العالم ، غير
أنا لا نقصرها
على صورة
واحدة ،
بل
يجوز أن يظهر عليه
السلام
بالصور
المتعددة .
إما
متناسبة في كل
الأشياء ، كما
جاء في متواتر
الاخبار من
حضوره عليه
السلام عند
آلاف
من الناس ،
وكذلك لما روي
من أن أربعين
من الصحابة
أضافوه ليلة
واحدة
، وقال كل
واحد منهم: إن
عليا كان ضيفي
البارحة .
وإما
متناسبة من
بعض الوجوه ،
كما روي أن
الحسين عليه
السلام لما
استشهد
بالطف
من كربلاء ،
وارتحل عسكر
بني أمية عنه
وعن أصحابه
رأى رجل من
أهل
السواد أسدا
يخرج من غيظة
كانت هناك إلى
القتلى ، ثم
يقف على بدن
الحسين
عليه
السلام
ويلثمه ويكثر
البكاء ، فسأل
عنه الجن
الذين كانوا
ينوحون عليه ،
فقالوا
له: إن هذا
أبوه أمير
المؤمنين ، من
غير حاجة إلى
إنكار الحديث
أو
ارتكاب
التأويل فيه .
ويظهر
أيضا سر ما
روي من أن
جماعة من
الأئمة عليهم
السلام
كانوا سمر
الألوان
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
317
ومنهم
الجواد عليه
السلام ، مع
أنه يجب أن
يكون الامام
أحسن الناس
خلقا وخلقا ،
وسره
على
ما وقع في
نوادر
الاخبار أنهم عليهم
السلام ما
كانوا يظهرون
للناس إلا ما
يحتمله
عقولهم
حتى في الأصوات
، فإن الامام
لو أسمع الناس
صوته كما هو ،
لمات كل
من
سمعه أو خيف
عليه .
ويؤيده
أن الجواد عليه
السلام دخل
على زوجته أم
الفضل بنت
المأمون
ومعها أمها ،
فلما
رأته أخذها
الغشيان
وأتاها الطمث
، فخرج عنها
وهو يقرأ
(فلما رأينه
أكبرنه
وقطعن
أيديهن) فلما
أفاقت قالت
لامها: رأيته
لما دخل وعليه
نور قد أحاط
بجوانب
البيت ، فلم
أستطع النظر ،
ثم قالت: قد رأيته
على هذه
الحالة
أحيانا ،
وأما
أمها فلم تره
على تلك
الحالة مع
كونها معها .
وبقيت
أسرار كثيرة
مستورة في تحت
مطاوي ذلك التحقيق
، تركنا
إبرازها
حذرا
من التطويل .
وأما قلب
الحقائق الذي
قام البرهان
على امتناعه ،
فكانقلاب
كل من حقيقة
الوجوب
والامكان
والامتناع
إلى الأخرى .
وأما
انقلاب
الهوى ماء
وبالعكس ،
فليس هو من
انقلاب
الحقائق ، كما
لا يخفى .
1) أي:
كالسراب يظن
بأنها جبال
وليست إياها .
2) إشارة إلى
قوله تعالى
(ويسألونك عن
الجبال فقل
ينسفها ربي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
318
نسفا
(1) أي: يسألك يا
محمد منكروا
البعث عند ذكر
القيامة عن
الجبال ما
حالها
(فقل
ينسفها ربي
نسفا) أي:
يجعلها ربي
بمنزلة الرمل
يرسل عليها
الرياح ،
فيذريها
كتذرية
الطعام من
القشور
والتراب ، فلا
يبقى على وجه
الأرض منها
شئ .
وقيل: يصيرها
كالهباء ، هذا
قول المفسرين
(2) .
وفي
الروايات: أن
الله تعالى
يرسل على أهل
الأرض صيحة
إسرافيل ،
فتهلكهم
وتدكدك جبال
الأرض ولا
منافاة بين آيات
القيامة ،
وضروب أنواع
الأهاويل
فيها وقبيلها
.
1) أي: لما
انتهى موسى عليه
السلام إلى
المكان الذي
وقتناه له ،
وأمرناه
بالمصير
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
319
ليكلمه
وينزل عليه
التوراة .
ويمكن أن يكون
المراد
بالميقات
الزمان الذي
وقته
له أن يأتي
ذلك المكان
فيه ، فإن
لفظة الميقات
كما يقع على
الزمان يقع
على
المكان ،
كمواقيت
الاحرام
(وكلمه ربه) من غير
سفير أو وحي ،
كما
كان
يكلم
الأنبياء على
ألسنة
الملائكة ،
وقد أسمعه
الكلام من
الشجرة ، فجعل
الشجرة
محلا للكلام .
1) أي: قربا
سريعا كاملا .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
321
باب
القدرة
1) هذا الخبر
مما اشتهر
بالاشكال ،
وذكر المحققون
له وجوها من
المعاني:
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
322
أولها:
ما ذكره
الفاضل الداماد
طاب ثراه
وتابعه عليه
جماعة من الاعلام
،
وحاصله:
أن الديصاني
سأل عن
الادخال
مطلقا من غير
التفات إلى
إدخال عين
الكبير
أو صورته ،
فأجاب عليه
السلام بأن
لهذا النحو من
الادخال
مصداقا وهو
إدخال
الصورة
المحسوسة
المتقدرة
بالمقدار
الكبير بنحو
الوجود الظلي
في الحاسة ،
ولا
استحالة
فيه ، إذ كون
الصورة
الكبيرة فيها
بالوجود
الظلي لا يوجب
اتصافها
بالمقدار
الكبير ، ولما
كان منظور
السائل ما يشمل
هذا النحو من
الادخال لم
يقل
بعد ما سمع
الجواب: مرادي
الادخال
العيني (1) .
وثانيها:
أن الذي يقدر
على أن يدخل
ما تراه العدسة
لا يصح أن
ينسب إلى
العجز
، ولا يتوهم
فيه أنه غير
قادر على ما
دخل تحت
الامكان ،
وعدم القدرة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
324
وقد
أخذ
الأشعريين (1)
من جواب إدريس
عليه
السلام
مسائل كثيرة ،
منها جواز
تكليف
ما لا يطاق .
أقول:
جواب إدريس عليه
السلام مبني
على ما دخل
تحت عالم
الامكان: إما
من
جهة
ترقيق الدنيا
، أو من حيث
الانطباع أو
نحو ذلك .
واعلم
أن في هذا
الحديث دلالة
على ما يقوله
المشاؤون من
كون الابصار
بانطباع
صورة المبصر
على (2) الحاسة ،
ووجودها فيها
وجودا ظليا ،
لا خروج
الشعاع
واتصاله
بالمرئى ، كما
يقوله الاشراقيون
.
1) لا يخفى ما
في نسبة
الاصلاح إلى
ما يخرج منها ،
ونسبة
الافساد إلى
ما
يدخل
فيها ، من
الحسن
واللطافة ،
لأنه شأن أهل
الحصن الحافظ
له ، وشأن
الداخل
عليه بالقهر
والغلبة ،
وهذا الاستدلال
منه عليه
السلام بالمحسوسات
ليتوصل
منها
إلى إثبات
المبدأ جل
شأنه ، وذلك
أن الزنادقة
ومن أنكر
الصانع ما
كانوا
يترقون
عن الاستدلال
بالمحسوسات ،
لقصورهم عن
تعقل
البراهين
العقلية .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
325
1) وفي بعض
النسخ: وبه
قدروك ، أي:
بالجهل جعلوا
لك مقادير وصفات
،
كمقادير
الأجسام
وصفاتها .
2) أي: الحال
الذي أنت عليه
مغاير لما
وصفوك به . وقيل:
معناه أن ما
ذكروا
وأثبتوا
لك من
المقادير
يغاير ما
وصفوك به من الربوبية
، أو لان
التقدير
بمعنى
الوصف
، أي: أن وصفك
في الواقع يغاير
ما وصفوك به
من الجسم
والصورة .
3) المندوحة:
السعة ، أي:
التفكر في
خلقك والاستدلال
به على عظمتك
،
وتقدسك
عن نقائص
الامكان ،
مندوحة عن
التفكر في
ذاتك ،
والنسبة إليك
ما لا
يليق
بساحة عزك .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 326
1) في
النهاية:
الرعاع كسحاب
، أوغاد الناس
. والوغد
الرجل الذي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
327
يخدم
بطعام بطنه .
وقال
الجزري: رعاع
الناس سقاطهم
وأخلاطهم ، الواحد
رعاعة (1) .
1) أي: لا ترخ
له العنان وقت
المباحثة ، بل
تحفظ منه ،
وإلا أوثقك في
عقال
الغلبة .
2) قيل فيه
أقوال: أحدها:
ما حكي عن
شيخنا البهائي
طاب ثراه من
أنه
مأخوذ
من السوم من
سام البايع
السلعة ،
يسومها سوما
إذا عرضها على
المشتري
، بمعنى
استأمها ،
والضمير راجع
إلى الشيخ على
طريق الحذف
والايصال
، والموصول
مفعوله .
وثانيها:
ما نقل عن
التستري رحمه
الله من أنه
سمه بضم السين
وفتح الميم
المشددة
، أمر من سم
الامر يسمى
إذا سيره ونظر
إلى غوره ،
والضمير راجع
إلى
ما
يجري ما
بينهما
والموصول بدل
عنه .
وثالثها:
ما قيل: من أنه
مأخوذ من سممت
سمك أي: قصدت
قصدك ،
والهاء
للسكت ، أي:
أقصد مالك وما
عليك .
ورابعها:
أنه من وسم
يسم سمة بمعنى
الكي ، والضمير
راجع إلى ما
يريد أن
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
328
يتكلم
به ، أي: اجعل
على ما تريد
أن تتكلم به
علامة لتعلم أي
شئ
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
329
عليك
، فالموصول
بدل من الضمير
.
1) يعني: أن
الممكن هو هذا
لا ما سألت
عنه ، فإنه محال
في نفسه ، فلا
يدخل
تحت القدرة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 330
1) أي: ثابت
القلب ، وأشار
عليه
السلام بيده
إلى قلبه
وصدره ، كما
هو المتعارف
في
المحاورات
.
2) هذا مضمون
خبر روي عن
الإمام زين
العابدين عليه
السلام ، وهو
أن ملك الروم
كتب
إلى عبد الملك
بن مروان:
أكلت لحم
الجمل الذي
هرب عليه أبوك
من
المدينة
لأغزونك
بجنود مائة
ألف ومائة ألف
، فكتب عبد
الملك إلى
الحجاج أن
يبعث
إلى زين
العابدين عليه
السلام
ويتوعده
ويكتب إليه ما
يقول ، ففعل ،
فقال
علي
بن الحسين
عليهما
السلام: إن
لله لوحا محفوظا
يلحظه كل يوم
ثلاثمائة
لحظة ليس
فيها
لحظة إلا يحيى
فيها ويميت ،
ويعز ويذل ،
ويفعل ما يشاء
وإني لأرجو أن
يكفيك
منها لحظة
واحدة ، فكتب
بها الحجاج
إلى عبد الملك
، فكتب عبد
الملك
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
331
بذلك
إلى ملك الروم
، فلما قرأه
قال: ما خرج هذا
إلا من كلام النبوة
(1) .
1) يعني بهما
روح القدس
وجبرئيل
عليهما
السلام ، ولا
يخفى أن إرجاع
هذا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
332
الضمير
إليهما إن كان
قد تحققه من
أثر أو رواية
فلا كلام ،
والظاهر أنه
لو كان
كذلك
لذكره في مقام
التأويل كما
هو دأبه طاب
ثراه .
وحينئذ
نقول: الأولى
أن يكون ضمير
المثنى راجعا
إلى نور النبي
صلى الله
عليه وآله
ونور
علي بن أبي
طالب عليه
السلام:
لأنهما أول
المخلوقات
كما استفاضت
به الروايات ،
ومعنى
قوله (ظلين) أي:
نورين وشبحين
موجودين في
عالم الظلال ،
وهو
عالم
الأنوار
والأرواح ، أو
يكون المعنى
ما قاله
المصنف ،
فإنهما
عليهما
السلام ا لظل
الحقيقي
لأهل الأرض
والسماوات ،
ولولاهما لم
يخلق الكونين
، وهما اللذان
علما
الملائكة
التسبيح
والتقديس
والتهليل ،
كما اعترف به
جبرئيل عليه
السلام بأن
أمير
المؤمنين
عليه
السلام أتى
إليه في عالم
الأنوار وقال
له: إذا سألك ربك:
من أنت ومن
أنا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
333
فقل:
أنت الرب
الجليل وأنا
الحقير
جبرئيل .
ويرشد
إلى ما قلناه
ما رواه صفوان
عن الصادق عليه
السلام ،
قال: لما خلق
الله
السماوات
الأرضين
استوى على
العرش فأمر
نورين من نوره
، فطافا حول
العرش
سبعين مرة ،
فقال عز وجل:
هذان نوران لي
مطيعان ، فخلق
الله من ذلك
النور
محمدا وعليا
والأصفياء من
ولده عليهما
السلام (1) .
وجوز
جماعة من
أرباب الحديث
أن يكون
الظلان: أرواح
الثقلين ، أو
مادتي
السماء
والأرض ، ولعل
إجماله عليه
السلام في
هذا الحديث
نظرا إلى طرف
من
التقية
، وأنه فهم
السائل أن
المراد من
الظلين هما
صلوات الله
عليهما
بقرائن
المقال
.
1) هذا مبني
على ما تقدم
من أنه يجوز
أن يكون غرض السائل
مطلق
الادخال
، فيتناول
العيني
والظلي ، أو
أنه عليه
السلام لما
علم منه
العناد
والتعنت ،
أجابه
بما
يسكته وإن كان
من باب
الاقناع ،
لأنهم أمروا
بأن يكلموا
الناس على قدر
عقولهم
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
334
1) يعني:
بقدرة زائدة
على ذاته بها
يقدر على خلق
الأشياء كما
في أفعال
الخلائق
فإنها مستندة
إلى قدرتهم
الزائدة على
ذواتهم ، وفيه
إبطال لقول
الأشاعرة:
إنه قادر
بقدرة ، إذ
يلزم عليهم:
إما تعدد
القدماء ، أو
كون ذاته
تعالى
محلا
للحوادث ، أو
استنادا
لأفعال
الأعيانية
الحقيقية إلى
الأمور
الاعتبارية ،
وكل
هذا
باطل كما تقدم
، وسيأتي
تحقيقه أيضا
إن شاء الله
تعالى في باب
الصفات .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
335
1) أي: ما يقع
من تناجي
ثلاثة ، ويجوز
أن يقدر مضاف
أو يؤول نجوى
بمتناجين
ويجعل ثلاثة
صفة لها . (الا
هو رابعهم) أي:
إلا الله
يجعلهم أربعة
من
حيث أنه
يشاركهم في
الاطلاع
عليها .
(ولا خمسة)
أي: ولا نجوى
خمسة ، وتخصيص
العددين: إما
لخصوص
الواقعة
، أو لان الله
وتر يحب الوتر
والثلاثة أول
الأوتار ، أو
لان التشاور
لابد
له
من اثنين
يكونان
كالمتنازعين
وثالث يتوسط
بينهما .
2) هذا مبني
على أن اليمين
والشمال
والقدام والخلف
حدان ، لأنهما
غير
متميزة
إلا
بالاعتبار ،
والفوق
والتحت حدان ،
فيكون أربعة ،
وإلا فالجهات
ست ،
والمعنى
أنه ليس
إحاطته تعالى
بالذات ، لان
الأماكن
محدودة ، فلو
دخل سبحانه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 336
بالأمكنة
لزم كونه
محاطا
بالمكان
والمكان محيط
به كما هو شأن
الممكنات .
1) هذا هو أحد
الأسباب في
سؤاله إحياء
الموتى .
وثانيها:
ما روي أيضا
في الاخبار
وعليه جماعة من
المفسرين من
أنه أحب
أن
يعلم ذلك علم
عيان بعد ما
كان عالما به
من جهة
الاستدلال
والبرهان ، لتزول
الخواطر
والوساوس (2) .
ومن
ثم لما قيل
للصادق عليه
السلام: أيما
أفضل إبراهيم عليه
السلام أو
علي بن أبي
طالب
صلوات الله
عليه ، قال: إن
إبراهيم قال:
رب أرني كيف
تحيي الموتى ،
إلى
قوله:
ليطمئن قلبي ،
وعلي بن أبي
طالب عليه
السلام يقول:
لو كشف الغطاء
لما ازددت
يقينا
.
وثالثها:
أن سبب السؤال
منازعة نمرود
إياه في الاحياء
، فقال: أنا
أحيي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
337
وأميت
، فأطلق
محبوسا ،
وقيل: إنسانا
، فقال إبراهيم
عليه
السلام: هذا
ليس بإحياء ،
وقال:
يا رب أرني
كيف تحيي
الموتى ليعلم
نمرود ذلك ،
وروي أن نمرود
توعده
بالقتل
إن لم يحيي
الله الميت
بحيث يشاهده ،
فلذلك قال:
ليطمئن قلبي ،
أي: بأن
لا
يقتلني
الجبار (1) . ولا
منافاة بين
هذه العلل كلها
ومجموعها حق .
وذكر
الرازي وجهين
آخرين مما
خطرا بباله:
الأول:
لا شك أن
الأمة كما
يحتاجون في
العلم بأن
الرسول صادق
في ادعاء
الرسالة
، إلى معجز
يظهر عليه ،
فكذلك الرسول عند
وصول الملك
إليه وإخباره
إياه
بأن الله بعثه
رسولا ، يحتاج
إلى معجز يظهر
مع ذلك الملك
ليعلم الرسول
أن
ذلك
الواصل ملك
كريم لا شيطان
رجيم ، وكذا
إذا سمع الملك
كلام الله
احتاج
إلى
معجز يدل على
أن ذلك الكلام
كلام الله تعالى
لا كلام غيره
، وإذا كان
كذلك
فلا
يبعد أن يقال
إنه لما جاء
الملك
إبراهيم وأخبره
بأن الله
تعالى بعثك
رسولا
إلى
الخلق طلب
المعجز ،
فقال: (رب أرني
كيف تحيي
الموتى قال أو
لم تؤمن
قال:
بلى ولكن
ليطمئن قلبي)
على أن الآتي
ملك كريم لا
شيطان رجيم .
الثاني:
ما ذكره على
لسان أهل
التصوف ، وهو
أن المراد من
الموتى
القلوب
المحجوبة
عن أنوار
المكاشفات
والتجلي ، والاحياء
عبارة عن حصول
ذلك
التجلي
والأنوار
الإلهية
فقوله (أرني
كيف تحيي
الموتى) طلب
ذلك التجلي
والمكاشفة
، فقال: (أو لم
تؤمن قال بلى)
أو من به إيمان
الغيب ، ولكن
أطلب
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
338
حصولها
ليطمئن قلبي
بسبب حصول ذلك
التجلي (1) .
1) أي: قطعهن
منضمات إليك .
2) وفي تفسير
علي بن
إبراهيم
بروايته عن
الصادق عليه
السلام: أنها
الطاووس
والديك
والحمام
والغراب (2) . وفي
الخصال عنه عليه
السلام: أنها
الهدهد
والصرد
والطاووس
والغراب (3) .
وربما ورد في
الاخبار ما يغاير
هذا أيضا ،
ولعل الوجه
في
الجمع تعدد
المرات .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
339
وفي
كتاب علل
الشرائع: أن
إبراهيم عليه
السلام سأل
ربه عز وجل أن
يحيي له
الميت
، فأمره الله
تعالى عز وجل
أن يميت لأجله
الحي سواء
بسواء ، فأمره
بذبح
ابنه
إسماعيل ،
وأمر إبراهيم عليه السلام
أن يذبح أربعة
من الطير:
طاووسا ونسرا
وديكا
وبطا ،
فالطاووس
يريد به زينة
الدنيا ، والنسر
يريد به الامل
الطويل ،
والبط
يريد به الحرص
، والديك يريد
به الشهوة ،
يقول الله عز
وجل: إن أحببت
أن
تحيي قلبك
وتطمئن معي
فاخرج عن هذه
الأشياء
الأربعة ،
فإذا كانت هذه
الأشياء
في قلب فإنه
لا يطمئن معي (1) .
أقول:
أما الطاووس ،
فذكروا أن في
طبعه العفة وحب
الزهو بنفسه
والخيلاء
والاعجاب
بريشه ، وعقده
لذنبه كالطاق
، لا سيما إذا
كانت الأنثى
ناظرة إليه ،
وفي
الرواية: أن
آدم أو نوح
عليهما
السلام لما
غرس الكرمة
جاء إبليس ، فذبح
عليها
طاووسا
فشربت دمه ،
فلما طلعت
أوراقها ذبح
عليها قردا
فشربت دمه ،
فلما
طلعت
ثمرتها ذبح
عليها أسدا
فشربت دمه ،
فلما انتهت
ثمرتها ذبح
عليها خنزيرا
فشربت
دمه ، فلهذا
شارب الخمر
تعتريه هذه
الأوصاف
الأربعة ،
وذلك أنه أول
ما
يشربها وتدب
في أعضائه
يزهو لونه ،
ويحسن كما
يحسن الطاووس
، وإذا
جاء
مبادي السكر
لعب وصفق ورقص
كما يفعل القرد
، وإذا قوي
سكره جاء بصفة
الأسد
فيعبث بما لا
فائدة فيه ،
ثم ينفعص كما ينفعص
الخنزير
ويطلب النوم
وينحل
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
340
غرم
قوته . وفي
خطبة أمير
المؤمنين
الطاووسية المذكورة
في نهج
البلاغة (2) ما
يدهش
اللبيب .
وأما
النسر ،
فذكروا أنه
سيد الطيور .
وعن الحسن عليه
السلام أنه
يقول في
صياحه:
عش
ما شئت ، فإن
الموت ملاقيك
. وهو أقوى
الطير طيرانا
، لأنه يقطع
ما بين
المشرق
والمغرب في
يوم واحد ،
حتى أن أهل
مكة علموا
واقعة الجمل
ذلك
اليوم
، لان كف طلحة
أو غيره حملها
نسر من النسور
إلى مكة ،
فعرفوها
بخاتمه .
وقالوا:
إنه يعيش ألف
سنة ، وإنه
أشد الطير حزنا
على فراق الفه
.
وأما
الديك ،
فشهوته في
السفاد
معلومة ، حتى
أنه روي عن
النبي صلى
الله عليه
وآله أنه
قال:
تعلموا من
الديك خصالا:
الغيرة ،
والشجاعة ،
والسخاوة ،
وكثرة
الطروقة .
وذكروا
في عجائب
الحيوانات:
أنه إذا أخذت
المرأة التي
لا تحبل خصيته
وشوتها
في حيضها
وأكلتها قبل
الطهر بثلاثة
أيام وجامعها
زوجها حملت ،
وإن
أخذ
هذا العضو من
يريد الجماع
الكثير وصره
في قرطاس
وعلقه على
عضده
الأيسر
أنعظ إنعاظا
شديدا عجيبا ،
وإذا حله سكن
ذلك عنه .
وأما
البط - وواحدة
بطة وهو الإوز
- فحرصه على تحصيل
القوت مما لا
ينكر
.
1) قال
القاضي: وهو
الله ، الضمير
لله ، والله
خبره (في
السماوات وفي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
341
الأرض)
متعلق باسم
الله ،
والمعنى هو
المستحق للعبادة
فيهما لا غير
، كقوله:
(هو الذي في
السماء إله
وفي الأرض
إله) (2) وجوز فيه
غير هذا .
1) قيل لعل
الديصاني لما
كان قائلا
بإلهين نور وظلمة
، فالنور إله
السماء
والظلمة إله
الأرض ، أول
الآية بما يوافق
مذهبه ، بأن
جعل قوله: (وفي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
342
الأرض)
جملة أخرى
مستقلة ، أي:
وفي الأرض إله
آخر .
___________________________
شرح نور
البراهين في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 343
ويظهر
من بعض
الأخبار أنه
كان من
الدهرية ، فيكون
استدلاله بما
يوهم
ظاهر
الآية ، من
كونه بنفسه
حاصلا في
السماء والأرض
، فيوافق ما
ذهبوا إليه
من
كون المبدأ
الطبيعة ،
فإنها حاصلة
في الاجرام
السماوية ،
وفي الاجرام
الأرضية
معا ، فأجاب عليه
السلام بأن
المراد أنه
تعالى سمي
بهذا الاسم في
السماء وفي
الأرض
. والأكثرون
على أن الظرف
متعلق بالإله ،
لأنه بمعنى
المعبود ، أو
متضمن
معناه ، كقولك
هو حاتم في
البلد .
باب
العلم
1) وذلك لان
العلم هنا:
إما بمعنى
المعلوم ، أو
بمعناه
المصدري .
فعلى
الأول يكون
معناه أن هذا
الحمد الخاص
منتهى معلوماته
سبحانه ، فلا
يكون
له معلوم فوقه
، مع أن
معلوماته
تعالى من
أفراد الحمد
وغيرها لا
تتناهى .
وأما
على الثاني ،
فمعناه أن هذا
الحمد منتهى علمه
تعالى ، فيكون
لعلمه حد
ينتهى
إليه ،
والحدود في
العلوم من
سمات الممكنات
لا يتصف به
الواجب
سبحانه .
أما
منتهى رضاه ،
فيصح على
التقديرين ،
لان له سبحانه
بحمد العبد
حدا من
الرضا
، أو عددا من
أفراد الرضا
لا يتجاوزه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
344
1) لأنه من
صفات الذات
ومن صفات الافعال
حتى تكون من
كمال صنعه .
2) هذا
الكلام إلى
قوله (قال
محمد بن علي)
يوجد في بعض
النسخ .
وقال
أحمد بن محمد
الواصلي في
الجمع بين
الخبرين: أن
الإمام عليه
السلام
يخاطب
الناس على قدر
فهمهم وكنه
عقولهم ، وليس
في هذه
الرواية ما
ينافي
الرواية
التي قبلها ،
لان قوله عليه
السلام في
العلم: (هو
كيدك منك)
أراد كما أن
يد
الانسان
من كماله ،
كذلك الله
سبحانه كونه
عالما من
كماله ، ولو
لم يكن عالما
لم
يكن
كاملا ، كما
أن الانسان لو
لم يكن له يد
لم يكن كاملا
، وعلى هذا لا
تنافي
بينهما
.
وجوز
شيخنا
المعاصر
أبقاه الله
تعالى أن يكون
التشبيه
لبيان غاية
ظهور
معلوماته
تعالى عنده ،
فإن اليد أظهر
أعضاء الانسان
، أي: يعلم
جميع الأشياء
كما
تعلم يدك وهذا
المثل معروف
بين الناس (1) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
345
1) أي: انفرد
بالتوحيد في
حال تلبسه به
، لا أنه كان
معه غيره
فغلبه
فعرض
له التوحيد
والانفراد به
، فلا يكون
توحده قديما .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
346
1) هذا هو أحد
التفسيرين ،
وحاصله: أن
أعمالكم كانت
مكتوبة عندنا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
347
في
اللوح
المحفوظ ،
وملائكة
الاعمال
يكتبونها من
ذلك الديوان
ليطلع الخلق
على
صحائف
أعمالهم ،
والثاني: إنا
نستكتب الحفظة
ما كنتم
تعملون في دار
الدنيا
، والاستنساخ
الامر بالنسخ
، مثل الاستكتاب
الامر
بالكتابة .
1) يعني أنه
تعالى عالم
بكل شئ قبل أن
يخلقه ، كعلمه
به بعد خلقه
بلا اختلاف
وتفاوت
في العلم
والانكشاف
قبل الخلق
وبعده ، فلا
يحصل بالحضور
الوجودي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
348
زيادة
في الانكشاف ،
ولا يحصل به
شئ له لم يكن
قبله ، إنما
الاختلاف
للمعلول
بالوجود
العيني وعدمه
.
1) قال
الصادق عليه
السلام: ألم
تر إلى الرجل
ينظر إلى الشئ
وكأنه لا ينظر
إليه
فذلك
خائنة الأعين
(1) .
وقيل:
هو النظر
الحرام ، أو
الغمز على
الناس في
حضورهم .
قال
شيخنا
الطبرسي رحمه
الله: (يعلم
خائنة الأعين)
(2) أي: خيانتها ،
وهي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
349
مسارقة
النظر إلى ما
لا يحل النظر
إليه ، والخائنة
مصدر مثل
الخيانة كما
أن
الكاذبة
بمعنى الكذب ،
وقيل: إن
تقديره: يعلم الأعين
الخائنة ،
وقيل: هو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
350
الرمز
بالعين ، وقيل
هو قول
الانسان: ما
رأيت وقد رأى
، ورأيت وما
رأى (1) .
(وما تخفي
الصدور) أي: ما
يضمره ، وفي
الخبر: إن النظرة
الأولى لك ،
والثانية
عليك ، وفي
هذا تكون
الثانية
محرمة ، فهي
المراد بخائنة
الأعين (2) .
1) يعني: أن
علمه تعالى
ليس زائدا على
ذاته قائما
بها ، فتكون
ذاته
محلا
للعلم كما في
غيره ، حتى
يصح أن يقال:
علم الله قائم
به . وقيل:
معناه أنه
تعالى
ليس مباينا
لعلمه في
المكان حتى
يقال: إن علمه
في مكان وهو
في
آخر
. ومعنى آخر
وهو: أنه
تعالى لا يوصف
بمكان من
العلم بأن
يقال: علم
الشئ
الفلاني في
المكان
المعين ، كأن
يكون ذلك
المكان قريبا
من العلوم أو
نحو
ذلك .
2) بأن يقال:
علمه تعالى
كيفية قائمة
بذاته ، كما
يتصف بها باقي
علوم
الناس
. وقيل: المعنى
أنه لا يعلم
كنه علمه
تعالى وتعلقه
بالمعلومات .
3) يعني: ليس
بينه وبين
علمه فاصل خاص
، كالامد والزمان
، كأن يتخلل
بين
الذات والعلم
زمان من الجهل
، ثم حصل العلم
بعده كما في
غيره من
أهل
العلوم . وقيل:
إنه إشارة إلى
عدم مغايرة العلم
للذات .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
351
باب
صفات الذات
وصفات
الافعال
1) لما كان
العلم عبارة
عما هو مناط
انكشاف المنكشف
على العالم ،
وكون
العالم
مطلعا عليه ،
والسمع كذلك
بالنسبة إلى
المسموع ،
وكذا البصر
بالنسبة إلى
المبصر
، والقدرة
عبارة عما هو
مناط صحة
الصدور
واللاصدور عن
القادر ،
حتى
إن شاء فعل
وإن لم يشأ لم
يفعل ، وهي
فينا كيفيات
وقوى قائمة
بذواتنا
وأنفسنا
، ولا كذلك في
حقه سبحانه ،
وإنما مناط
الأمور
المذكورة هي
ذاته
المقدسة
عن شوب
الكيفيات
والقوى
والعوارض ، فهو
سبحانه موصوف
بها
بذاته
، ولا يسلب شئ
منها عنه
بالنسبة إلى
شئ مما يصح نسبته
إليه ، فلا
يكون
عالما بشئ غير
عالم بشئ مما
يصح عليه المعلومية
، ولا يكون
سميعا
بشئ
وغير سميع بشئ
مما يصح عليه
المسموعية ، وكذا
القول في
البصر
والقدرة
، فهي صفات
الذات ،
وللذات بذاته
المناطية
فيها ، ولا
مدخل للغير
فيه .
2) أي: وقع على
ما كان معلوما
في الأزل ،
وتحقق مصداقه
، لا أنه تعلق
به
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
352
تعلقا
لم يكن قبل
الايجاد ، أو
المراد - كما
قيل - بوقوع
العلم على
المعلوم ،
العلم
به
على أنه حاضر
موجود ، وكان
قد تعلق العلم
به قبل ذلك
على وجه
الغيبة ،
وأنه
سيوجد ،
والتغير يرجع
إلى المعلوم
لا إلى العلم .
وذلك
أن علمه تعالى
بأن شيئا وجد
هو عين العلم
الذي كان له
تعالى بأنه
سيوجد
، فإن العلم
بالقضية إنما
يتغير بتغيرها
، وهو: إما
بتغير
موضوعها ، أو
محمولها
والمعلوم
هاهنا هي
القضية
القابلة بأن
زيدا موجود في
الوقت
الفلاني ،
وزيد
لا يتغير
معناه بحضوره
وغيبته ، نعم
يمكن أن يشار
إليه إشارة
خاصة
بالموجود
حين وجوده ولا
يمكن في غيره
، وتفاوت
الإشارة إلى
الموضوع لا
يؤثر
في تفاوت
العلم
بالقضية ،
ونفس تفاوت الإشارة
راجع إلى تغير
المعلوم
لا
العلم .
وأما
الحكماء ،
فذهب محققوهم
إلى أن الزمان
والزمانيات
كلها حاضرة
عنده
تعالى ،
لخروجه عن
الزمان ،
كالخيط الممتد
من غير غيبة
لبعضها دون
بعض ،
وعلى
هذا فلا إشكال
فيه من هذه
الجهة ، لكن
الاشكالات
عليهم كثيرة ،
كما هي
مذكورة
في محالها .
2) أطبق
المليون على
كونه تعالى
متكلما ، واختلفوا
في معنى كلامه
وحدوثه
وقدمه ، فذهب
أصحابنا قدس
الله أرواحهم
إلى أنه حادث
، وأنه
مؤلف
من أصوات
وحروف قائمة
بغيره ومعنى
كونه تعالى
متكلما عندهم
أنه
يوجد
تلك الحروف
والأصوات في
الأجسام ،
كاللوح
المحفوظ ، أو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
353
جبرئيل
عليه
السلام ، أو
النبي صلى
الله عليه
وآله ، أو
الشجرة ، وبه
قالت
المعتزلة .
وذهبت
الحنابلة إلى
أن كلامه
سبحانه حروف
وأصوات لكنها
قديمة ، بل
قال
بعضهم: إن جلد
القرآن قديم ،
وكذا غلافه .
وقالت
الكرامية: أن
كلامه تعالى
صفة
له مؤلفة من
الحروف
والأصوات
الحادثة القائمة
بذاته تعالى .
واما
الأشاعرة
، فقالوا
بالكلام
النفسي ، وأن
كلامه تعالى
معنى واحد
بسيط قائم
بذاته
قديم ، وقد
قامت
البراهين
العقلية والنقلية
على بطلان ما
عدا الأول ،
وهي
مذكورة في
محالها .
1) إي بكسر
الهمزة حرف
جواب بمعنى
نعم ، هذا على ما
في بعض النسخ
،
ولا
إشكال فيه ،
وإنما
الاشكال على
ما في أكثرها
من أن لفظه
هكذا: أنى
يكون
يعلم ولا
معلوم ، وكذلك
في قوله (أنى
يكون ذلك ولا
مسموع) وكذا
(أنى
يكون
ذلك ولا مبصر) .
وحينئذ
فتوجيهه أن
يقال: لعل
السائل إنما
سأل عن العلم
على وجه
الحضور
، بأن يكون
المعلوم
حاضرا موجودا
، فنفى عليه
السلام عنه
هذا العلم ،
لأنه
يلزم
منه: إما حدوث
العلم ، أو
قدم المعلوم ،
ثم أثبت كونه
تعالى متصفا
بالعلم
الأزلي
من غير معلوم
، لان اثبات
العلم والمعلوم
يوافق مذهب
الفلاسفة من
القول
بقدم
العالم ،
فيكون بزعمهم
العلم دائما
وقع على
المعلوم ، هذا
.
واعلم
أن بعض
الأفاضل قد ظن
أن السمع
والبصر نوعان
من الادراك لا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
354
يتعلقان
إلا بالوجود
العيني من
توابع الفعل ،
فيكونان حادثين
بعد الوجود .
ولا
يخفى
ما يرد عليه
من المفاسد ،
مع أن الأخبار
المتواترة
رادة عليه ،
فيكونان: إ ما
راجعين
إلى العلم
بالمسموع
والبصر ويكون
مغايرتهما
للعلم
بالمتعلق ، أو
أنهما
كما
قيل: ممتازان
عن العلم
بأنفسهما ،
لكنهما
قديمان
يتعلقان
بالمعدوم
كسائر
العلوم
، وبعد وجود
المسموع
والمبصر
يتعلقان به من
حيث الحضور ،
ولا
تفاوت
بين حضورهما
باعتبار
الوجود وعدمه
، كما تقدم في
العلم .
نعم
لما كان هذان
النوعان من
الادراك في
الانسان
مشروطين
بشرائط لا
يتصور
في المعدوم
كالمقابلة
وتوسط الهوى
لم يمكن
تعلقهما
بالمعدوم ،
ولا
يشترط
بشئ من تلك
الشرائط في
حقه تعالى ،
فلا يستحيل
تعلقه
بالمعدوم .
وقيل:
يجوز أن يكون
معنى كون
السمع والبصر
قديمين إمكان
إبصار
المبصرات
الموجودة ،
وسماع
المسموعات
الموجودة ،
وما يساوق هذا
المعنى
قديم
، فإذا تحقق
المبصر صار
مبصرا بالفعل
بخلاف العلم ،
فإن تعلقه
بجميع
المعلومات
قديم . وأورد
عليه أن الفرق
بين العلم
والسمع
والبصر على
هذا الوجه
بعيد
عن الاخبار .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
355
1) قال بعض
الاعلام: أكثر
الاخبار إنما
تدل على نفي
زيادة الصفات
، أي
على
نفي صفات
موجودة زائدة
على ذاته
تعالى . وأما
كونها عين
ذاته تعالى
بمعنى
أنها تصدق
عليها ، أو
أنها قائمة
مقام الصفات
الحاصلة في
غيره تعالى ،
أو
أنها
أمور
اعتبارية غير
موجودة في
الخارج واجبة
الثبوت لذاته
تعالى ، فلا
نص
فيها
على شئ منها (1) .
أقول:
دلالة
الاخبار على
المعنيين
الأولين ظاهر
لا غبار عليه .
وأما
تحقيق الخلاف
، فقال الفاضل
الدواني: لا خلاف
بين
المتكلمين
كلهم
والحكماء في
كونه تعالى
عالما قديرا
مريدا متكلما
، وهكذا في
سائر
الصفات
، ولكنهم
تخالفوا في أن
الصفات عين
ذاته أو غير
ذاته ، أو لا
هو ولا
غيره
، فذهبت
المعتزلة
والفلاسفة
إلى الأول ،
وجمهور
المتكلمين
إلى الثاني ،
والأشعري
إلى إثبات
الثالث ،
والفلاسفة
حققوا عينية
الصفات ، بأن
ذاته تعالى
من
حيث أنه مبدأ
لانكشاف
الأشياء عليه
علم ، ولما
كان مبدأ
الانكشاف عين
ذاته
كان عالما
بذاته ، وكذا
الحال في
القدرة والإرادة
، وغيرهما من
الصفات .
قالوا:
وهذه المرتبة
أعلى من أن
تكون تلك الصفات
زائدة عليه ،
فإنا نحتاج
في
انكشاف
الأشياء
علينا إلى صفة
مغايرة لنا قائمة
بنا ، والله
تعالى لا
يحتاج
إليه
، بل بذاته
تنكشف
الأشياء عليه
، ولذلك قيل:
محصول كلامهم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
356
نفي
الصفات
وإثبات
نتائجها
وغاياتها .
وأما المعتزلة
، فظاهر
كلامهم أنها
عندهم
من
الاعتبارات
العقلية التي
لا وجود لها
في الخارج (1) ،
انتهى .
1) لان تلك
الصفات
الزائدة
عندهم على
الذات إن كانت
قديمة لزم
تعدد
القدماء
، وهو الشرك
بالله تعالى
وإن كانت حادثة
قائمة بذاته
كانت ذاته
تعالى
محلا
للحوادث
فيكون مشابها
للممكنات .
2) يعني: أن
صفاته تعالى
بالمعنى الذي
يطلق عليه لا
تجري على
المخلوقين ،
بل
إنما يطلق عليه
بمعنى آخر ،
وإن اشترك
المعنيان
بوجه من الوجوه
.
3) أي: واجب
الوجود لا
ممكن الوجود ،
لان الامكان
ظلمة محضة
ربما
تجلت
بأنوار
العرفان .
4) قال
الحكماء: الحي
في حقه تعالى
الدراك الفعال
، وعند
المتكلمين من
الامامية
والمعتزلة هي
كون ذاته
تعالى منشأ للعلم
والإرادة ،
وبعبارة أخرى:
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
357
هي
كونه تعالى
بحيث يصح أن
يعلم ويقدر ،
وذهبت
الأشاعرة
المثبتون
للصفات
الزائدة
إلى أنها صفة
توجب العلم
والقدرة ، وقد
عرفت بطلانه .
1) المكانة:
العظمة
والجلال ،
يعني: أنه
تعالى لم
يبتدع لعظيم
سلطانه
مكانا
يستقر عليه
كسرير الملك ،
ويجوز أن يكون
بمعنى المكان
، اي: لم يبتدع
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
358
مكانا
ليكون مكانا
مخصوصا به .
1) الذعرة:
الخوف .
والصعق: الهلاك
، وفي كثير من
النسخ (لدعوة
شي)
ومعناه
راجع إلى
الأول .
2) وفي
الكافي: موقوف
عليه (1) . يعني:
ليس له أين
يستقر عليه ،
أو أنه لو
كان
له أين لكان
وجوده موقوفا
(2) عليه محتاجا
إليه . وعلى ما
في الكتاب
يجوز
أن يكون
الموقوف
بمعنى الساكن
، كما هو الغالب
من كون المكان
المستقر
عليه يكون
ساكنا .
3) أي: خلق
الممكنات
والأمور
التكليفية .
وقيل: المراد
بالخلق عالم
الأجسام
والماديات أو
الموجودات
العينية ، وبالأمر
عالم
المجردات أو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
359
الموجودات
العلمية .
1) أي: كل مسمى
باسم كيفما
كان الاسم ،
فمدلول ذلك
الاسم مخلوق
وقيل:
المراد ما
أطلق عليه لفظ
الشئ فهو
مخلوق سواه
تعالى ، فإنه
يطلق
عليه
لفظ الشئ وهو
ليس بمخلوق .
2) لعل
المعنى أن لفظ
(الله) تعالى
غاية من توصل
إلى معرفة
الذات ، يعني
لا
يمكنه الوصول
إلا إلى معرفة
هذا اللفظ حيث
أنه محدث
مصنوع ، وأما
الذات
فهي المغياة ،
أي: صاحبة
الغاية
والعلامة ،
والمغيا غير
الغاية .
وفي
الكافي: والله
غاية من
غاياته (1) أي:
علامة من
علامات الذات
دالة
عليها
كما قلنا ،
وقد قيل في
هذه الفقرة
معان أخرى
تقدمت قبل هذا
فارجع إليها .
3) أي: أنه
تعالى غير
معلوم عندنا
بحد ، لان
الحد كاشف عن
الحقيقة ،
وحقيقته
سبحانه غير
معلومة حتى
تجري فيها الحدود
والرسوم ،
وقيل: المراد
أنه
غير موصوف بحد
من الحدود .
4) أي: ليس له
علة حتى يجري
فيه البرهان
اللمي ، أو
أنه غير مصنوع
حتى
يعرف
بالمقايسة
إلى مصنوع آخر
، كما تعرف
المصنوعات
بمقايسة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
360
بعضها
إلى بعض ،
فيكون الصنع
بمعنى
المصنوع ، وغيره
صفة له ، كذا
قيل .
والأولى
في معناه أنه
لو كان له علة
وخالق أوجده
لعرف
بالانتساب
إلى ذلك
الغير
، لأنه أوجد
هذا المخلوق
العجيب ، كما
تستند
المصنوعات
الغريبة
الصنع
إلى
صانعها ، لأنه
أعظم منها .
1) أي: لم
يتناه الخلق
في معرفته إلى
غاية إلا كانت
تلك الغاية
مغايرة له
ومباينة
لحقيقة
معرفته ،
وقوله (يتناه)
يجوز أن يكون
على بناء
المعلوم ،
ويجوز
كونه مجهولا ،
ولعله أوفق
بالمعنى .
2) أي: لا يكون
ذليلا لشبه
الضلال
والغواية ، وفي
كثير من النسخ
(لا
يزل)
بالزاء من
الزلة .
3) قال صدر
المحققين: من
زعم أنه يعرف
الله بحجاب ،
أي: بمتوسط
بينه
وبين
خلقه ، أو
بصورة عقلية ،
أو بمثال
خيالي ، فهو
مشرك غير موحد
، إذ جعل
غيره
من الوجوه
مثله ، وكل ما
عرف بشئ فلابد
بين المعرف
والمعرف من
مماثلة
وجهة اتحاد ،
وإلا فليس ذلك
الشئ معرفا
أصلا ، والله
تعالى مجرد
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
361
الذات
عن كل ما سواه
، فحجابه ومثاله
وصورته غيره
من كل وجه ، إذ
لا مشاركة
بينه
وبين غيره في
جنس أو فصل أو
مادة أو موضوع
أو عارض ،
وإنما هو واحد
موحد
فرد عما سواه
، فمن عرفه
بغيره فما
عرفه وما وحده
، إذ ليس بين
خالق
الأشياء
والأشياء شئ
مشترك ، لا
ذاتي ، لكونه بسيط
الحقيقة ، ولا
عرضي ، إذ
ليس
له أمر عارض (1) ،
انتهى .
وذهب
شيخنا
المعاصر
أبقاه الله
تعالى إلى أن المراد
بالحجاب
الأسماء التي
هي
حجب بين الله
وبين خلقه ،
ووسائل
يتوسلون بها
إليه ، بأن
زعم أنها عينه
،
أو
عرفه بالصورة
الحسية كما
قالت المشبهة
، أو بصورة
عقلية زعم
أنها كنه ذاته
وصفاته
تعالى ، أو
بمثال خيالي ،
أو زعم أن له
مماثلا ومشابها
من خلقه ، فهو
مشرك
، للزوم تركبه
تعالى وكونه
ذا حقائق مختلفة
وأجزاء
متباينة ،
وذكر بعد
هذا
احتمالات
كثيرة .
ثم
قال: الأظهر
عندي أن هذا
الخبر موافق
لما ورد من أن
المعرفة من
صنعه
تعالى
، وليس للعباد
فيها صنع ،
وأنه يهبها
لمن يطلبها ،
فالقول بأن
غيره تعالى
يقدر
على ذلك نوع
من الشرك ،
وحينئذ
فالمراد بالحجاب
من زعم أنه
يقدر
على
هذا ، كأئمة
الضلال
وعلماء السوء
(2) ، انتهى .
وذكر
الأفاضل له من
المعاني ما لو
استقصينا على
ذكرها لأفضى
إلى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
362
التطويل
، والذي يخطر
بالبال في
معناه أنه إشارة
إلى ما سيأتي
في باب:
إعرفوا
الله
بالله .
وحاصله: أنه
أشرك بالله من
عرف الله
بحجاب ، أي:
بأن له حجابا
يحجبه
عن خلقه كما
سيأتي فيمن
حلف وقال: وحق
الذي احتجب
بالسماوات
السبع
، فلما سمعه
أمير
المؤمنين عليه
السلام أحسن
أدبه .
والمراد من
الصورة ما
تقدم
من
قول بعضهم:
بالصورة ، كما
نقل من
الهشامين ،
والمثال ما
ذهب إليه
المجسمة
القائلون بأن
له مثالا (1)
وجسما كالأجسام
أو لا
كالأجسام ،
ولا
ريب
أن مثل هذا
شرك بالله حيث
أجرى عليه
صفات الامكان
، وبالجملة
فهو لم
يعرف
الله بالله بل
عرفه بغيره .
قال
الكليني
تغمده الله
برحمته: معنى
قول أمير
المؤمنين عليه
السلام:
اعرفوا الله
بالله
، أن الله خلق
الأشخاص
والأنوار
والجواهر
والأعيان
والأبدان
والأرواح ،
وهو
الله عز وجل
لا يشبه جسما
ولا روحا ،
وليس لاحد في
خلق الروح
الحساس
الدراك
أمر ولا سبب ،
هو المتفرد
بخلق الأرواح
والأجسام ،
فإذا نفي عنه
الشبهين
، شبه الأبدان
وشبه الأرواح
، فقد عرف
الله بالله ،
وإذا شبهه
بالروح
والبدن
أو النور ،
فلم يعرف الله
بالله (2) ، هذا كلامه
.
ويجوز
أن يكون
معناه: اعرفوا
الله بالله ،
أي: بما دلكم
عليه وأرشدكم
إليه
من
طرق التعريف ،
كقوله تعالى:
(ليس كمثله شئ) (3)
وما عرفته به
العقول
بالبراهين
الجلية
وأنوار
الهداية ، فإن
الكل آئل إليه
، كما سيأتي
تحقيقه إن شاء
___________________________
شرح نور
البراهين في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 363
الله
تعالى .
1) يجوز أن
يراد من
الإرادة هنا
الإرادة
الحتمية
الجازمة (1) ،
يعني: أن الله
سبحانه
لم يرده جزما
وتعلقت إرادة
العبد به ، فهذا
لا يقع ، وإلا
لغلبت إرادة
العبد ،
أما
إذا كانت
الإرادة
التكليفية
التي تكون تخييرا
لا جزم فيها ،
فقوة العبد
على
عمل
لم يرده الله
عز وجل لا
يستلزم غلبة
الإرادة ،
لأنها ليست
بالإرادة
القاطعة
وإلا
لنافي
التكليف ،
لحصول
الاضطرار
والالجاء
المنافيين
لقواعد
التكليف ،
وحينئذ
فلا حاجة إلى
تأويل المصنف
طاب ثراه .
___________________________
شرح نور البراهين
في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 364
1) فيه دلالة
على ما
أسلفناه من
إطلاق الكفر
والشرك على
طوائف
المخالفين
من طرق كثيرة
، وهذا واحد
منها .
2) يجوز أن
يكون الذي
يعقلونه هو
الابصار بآلة البصر
، فيكون نقلا
لكلام
المجسمة ،
ويجوز أن يكون
المراد أنه بصير
بصفة زائدة
على الذات
قائمة
بها ، فيكون
نقلا لكلام
الأشاعرة .
والجواب أنه
إنما يعقل
بهذا الوجه من
كان
بصفة المخلوق
. وقيل: المراد
تعالى الله أن
يتصف بما يحصل
ويرتسم في
العقول
والأذهان ،
وبالجملة فهم
يثبتون لله تعالى
ما يعقلون من
صفاتهم ، وهو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
365
تعالى
منزه عن
مشابهتهم
ومشاركتهم في
تلك الصفات
الامكانية .
1) أي: ليس
إضافة النفس
إليه سبحانه
كإضافة النفس
إلينا ، فإنها
تطلق فينا
على
ما يغاير
البدن ويضاف
إلى شخص بمعنى
البدن وبمعنى
المجموع ، وهي
غيرهما
، ولكن أردت
التعبير
بعبارة عما في
نفسي ، ولعوز
العبارة أتيت
بلفظ
النفس
على طباق ما
يورد في بدل
الكل ، إذ كنت
مسؤولا
محتاجا إلى
التعبير عن
الجواب
، وأردت
إفهامك ، إذ
كنت سائلا ،
فأقيم مقام
تلك العبارة
معناها ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 366
وأقول:
يسمع بكله لا
كما يستعمل
الكل فينا ، لان
كله لا بعض له
، ومرادي بهذه
العبارة
أيضا أنه
السميع
البصير بلا
اختلاف الذات
، ولا اختلاف
معنى ، بل
المناط
فيها كلها
ذاته الأحدية
.
1) هذا
الكلام كما
قيل يحتمل
وجهين:
أحدهما:
أن تعلق علمه
بشئ يوجب وجود
ذلك الشئ وتحققه
، فلو كان
لم
يزل عالما كأن
لم يزل فاعلا
، وكان معه شئ
في الأزل في
مرتبة علمه ،
أعني:
ذاته ، أو غير
مسبوق بعدم
زماني ، وهذا
على تقدير كون
علمه فعليا .
وثانيها:
أن تعلق العلم
بشئ يستدعى
انكشاف ذلك
الشئ ، وانكشاف
الشئ
يستدعي نحو
حصول له ، وكل
حصول ووجود
لغيره سبحانه
مستند إليه ،
فيكون
معه في الأزل
شئ من فعله .
وأجاب
عليه
السلام بأنه
لم يزل الله
عالما ولم
يلتفت إلى
بيان فساد
متمسك نافيه ،
لأنه
أظهر من أن
يحتاج إلى
البيان ، فإنه
على الأول
مبني على كون
العلم فعليا
وهو
ممنوع ، ولو
سلم فلا
يستلزم فعلية
العلم عدم
انفكاك
المعلوم عنه
عينا ،
بمعنى
عدم مسبوقيته
بعدم زماني ،
أو كون المعلوم
في مرتبة
العالم ، وعلى
الثاني
مبني على كون
الصور
العلمية
صادرة عنه
صدور الأمور
العينية ،
فيلزم
منه
كونها من
أقسام
الموجودات
ومن أفعاله
سبحانه وهو
ممنوع ، فإن
الصور
العلمية
توابع غير
عينية لذات
العالم ، ولا
يحصل لها عدا
الانكشاف لدى
العالم
ولا حط لها من
الوجود
والحصول
العيني أصلا ،
ولا مسبوقية
لها إلا بذات
العالم
، لكنها ليست
في مرتبة ذاته
، ولا يجب فيها
نحو التأخر
الذي للأفعال
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
367
الصادرة
عن المبدأ
بالايجاد (1) .
1) هذا
استدلال منهم
على امتناع
أزلية علمه سبحانه
بتوحده
ووجوده
متفردا
ليس معه غيره
، بأنه يوجب
علمه بذلك وجود
غيره معه في
أزليته ، وقد
عرفت
حاله مما سبق
، ولما كان
الاستدلال
ظاهر السخافة
اكتفى عليه
السلام في
الجواب
بأزلية
علمه سبحانه ،
ولم يتعرض
لابطال دليلهم
.
ثم
اعلم أن كونه
تعالى عالما
بالكليات
والجزئيات
على الوجه
الكلي
والجزئي
من ضروريات
دين الاسلام ،
وخالف في ذلك
جمهور
الحكماء ،
فنفوا
العلم بالجزئيات
عنه تعالى .
وأما
قدماء
الفلاسفة
فلهم في العلم
مذاهب غرائبه
، منها: أنه
تعالى لا يعلم
شيئا
أصلا . ومنها:
أنه لا يعلم
ما سواه ويعلم
ذاته ، وبعضهم
إلى العكس .
ومنها:
أنه
لا يعلم جميع
ما سواه وإن
علم بعضه .
ومنها: أنه لا
يعلم الأشياء
إلا بعد
وقوعها
، ونسب الأخير
إلى أبي
الحسين
البصري وهشام
بن الحكم ،
كما ورد
في
الاخبار أيضا
، ولعله كان
مذهبه قبل
اختيار الحق ،
وهذه المذاهب
كلها
مخالفه
لدين الاسلام
، والقائل بها
كافر .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
368
1) يعني أن
مفهوم السميع
البصير مفهوم
عام يشترك فيه
الخالق
والمخلوق ،
وإن
تباين فرداه
أعني: السماع
والابصار
بآلة في
المخلوق
وبذاته في
الخالق .
وأما
قوله: (نور لا
ظلمة فيه) فلا
يتناول إلا الخالق
جل جلاله .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 369
1) سيأتي
بعيد هذا إن
شاء الله
تعالى أن
الإرادة
المقارنة
للفعل ليس فيه
تعالى
إلا نفس
الايجاد ، فهي
حادثة والعلم
أزلي .
وقال
بعض المحققين:
أي: لا يكون
المريد بحال إلا
حال كون
المراد معه ،
فلا
يكون مفارقا
للمراد .
وحاصله: أن
ذاته تعالى
مناط لعلمه
وقدرته ، أي:
صحة
الصدور
واللاصدور ،
بأن يريد
فيفعل وأن لا
يريد فيترك ،
فهو بذاته
مناط
لصحة
الإرادة وصحة
عدمها ، فلا
يكون بذاته مناطا
للإرادة
وعدمها ، بل
المناط
فيها
الذات مع حال
المراد ،
فالإرادة أي:
المخصصة لاحد
الطرفين لم
يكن من
صفات
الذات ، فهو بذاته
عالم قادر
مناط لها ،
وليس بذاته
مريدا مناطا
لهما ، بل
بمدخلية
مغاير متأخر
عن الذات ،
وهذا معنى قوله
(لم يزل عالما
قادرا ثم
أراد)
.
2) أي: ليس
معنى المشيئة
معنى العلم
بعينه ، فإن العلم
هو مناط
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 370
الانكشاف
، والمشيئة
مخصص المنكشف
برجحان الوقوع
والصدور ، فمن
المعلوم
ما يشاء ومنه
ما لا يشاء ،
وقوله: (فقولك
إن شاء الله
دليل على أنه
لم
يشأ)
أي: على أنه لم
يكن بذاته
مناط المشيئة
التخصيص
والترجيح
المتعلق
بأحد الطرفين
، بل هو بذاته
مناط لما به
يصح أن يكون
شائيا وأن لا
يكون .
1) أي: إذا
اتصف
بالمشيئة بعد
ما لم يكن
بذاته شائيا
ومناطا
للمشيئة ،
وكان
الذي شاء ، أي:
وجد متعلق
المشيئة
وترتب وجوده
على المشيئة
بشروط
الترتب
على وفق
استدعائها
بها لوجوده
وترجيحها له .
2) أي: علم
الله هو الذي
سبق المشيئة .
وقال
شيخنا
المعاصر
أبقاه الله
تعالى في حل الحديث:
لعل المراد
المشيئة
المتأخرة
عن العلم
الحادثة عند
حدوث المعلوم
، وهي في الله
سبحانه ليس
سوى
الايجاد
، ومغايرته
للعلم ظاهر .
ويحتمل أن يكون
المقصود بيان
عدم اتحاد
مفهوميهما
، إذ ليست
المشيئة (1) مطلق
العلم ، إذ
العلم يتعلق
بكل شئ ، بل هي
العلم
بكونه خيرا
وصلاحا ، ولا
يتعلق إلا بما
هو كذلك ،
وفرق آخر
بينهما ،
وهو
أن علمه تعالى
بشئ لا يستدعي
حصوله بخلاف علمه
به على النحو
الخاص
، فالسبق على
هذا يكون
المراد منه
السبق الذاتي
الذي يكون
للعام على
الخاص
، والأول أظهر
(2) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
371
1) أي: من
أسباب الفعل .
2) اختلف
أصحابنا
المتكلمون رضوان
الله عليهم
في إرادة الله
سبحانه ،
فذهب
الأكثر إلى
أنها عبارة عن
العلم بما هو
الأصلح ، فلا
تكون الإرادة
أمرا
وراء
العلم ، بل هي
علم خاص ،
وهذا الخبر
وأكثر
الأحاديث
الواردة في
باب
الإرادة
في الكافي
وغيره دالة
على الحدوث ،
ومن ثم تصدى
جماعة من
محققي
المتأخرين
لتأويلها على
وجوه:
منها:
ما قاله
الفاضل
الأستاذ
أبقاه الله
تعالى من أنه
يكون في
الانسان قبل
حدوث
الفعل اعتقاد
النفع فيه ،
ثم التروي ،
ثم الهمة ، ثم
انبعاث الشوق
منه ، ثم
تأكده
إلى أن يصير
إجماعا باعثا
على الفعل ، وذلك
كله إرادة
فينا ، متوسطة
بين
ذواتنا وبين
الفعل ، أما
هو تعالى فليس
فيه بعد العلم
القديم
بالمصلحة من
الأمور
المقارنة
للفعل سوى
الاحداث
والايجاد في
الوقت الذي
تقتضي
المصلحة
صدور الفعل
فيه قائم مقام
ما يحدث من الأمور
في غيره تعالى
، فالمعنى
أن
ذاته تعالى
بصفاته
الذاتية
كافية في حدوث
الحادث من غير
حاجة إلى
حدوث
أمر في ذاته
عند حدوث
الفعل (1) .
ومنها:
ما قاله بعض
المحققين من
أن المراد بالإرادة
في هذا الحديث
ما
يخصص
به أحد
الطرفين وما
به يرجح
القادر أحد مقدوريه
على الآخر ،
لا
ما
يطلق في مقابل
الكراهة ، كما
يقال: يريد الصلاح
والطاعة ،
ويكره الفساد
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
372
والمعصية
.
وحاصل
الجواب: أن
الإرادة من
الخلق الضمير
، أي: أمر يدخل
خواطرهم
وأذهانهم ،
ويوجد في
نفوسهم ، ويحل
فيها بعد ما
لم يكن فيها ،
وكانت
هي خالية عنه .
وقوله:
وما يبدو لهم
بعد ذلك من
الفعل ، يحتمل
أن يكون جملة
معطوفة
على
الجملة
السابقة ،
والظرف خبر
للموصول ، ويحتمل
أن يكون الموصول
معطوفا
على قوله:
(الضمير)
ويكون قوله
(من الفعل)
بيانا
للموصول .
والمعنى
على الأول: أن
الإرادة من
الخلق الضمير
، والذي يكون
لهم بعد ذلك
من
الفعل لا من
إرادتهم .
وعلى الثاني:
أن إرادتهم
مجموع ضمير
يحصل في
قلوبهم
وما يكون لهم
من الفعل
المترتب عليه
، فالمقصود
هنا من الفعل
ما يشمل
الشوق
إلى المراد
وما يتبعه من
التحريك إليه ،
والحركة
والإرادة من
الخلق
حالة
حادثة في
ذواتهم حاصلة
بدخولها فيهم
وقيامهم بعد
خلوهم عنها ،
وأما
الإرادة
من الله
فيستحيل أن
يكون كذلك ،
فإنه يتعالى
عن أن يقبل
شيئا زائدا
على
ذاته ويدخله
ما يزيد عليه
ويغايره ، إذ
ليس في الغائب
إلا ذاته
الأحدية
، ولا يتصور
هناك كثرة
المعاني ، وإرادة
الله تعالى
سبحانه من
مراتب
الفعل
المنسوب إليه
لا غير ذلك (1) .
ومنها:
أن المراد من
الإرادة
الحادثة
متعلق الإرادة
، كما أن
المراد من
العلم
الحادث
في شأنه تعالى
ما يقارن
إيجاد
المعلومات .
وهذه الوجوه
كلها يرجع
إلى
معنى واحد عند
التحقيق .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
373
وقال
الشيخ المفيد رحمه الله:
إن الإرادة من
الله جل اسمه
نفس الفعل ،
ومن الخلق
الضمير
وأشباهه مما لا
يجوز إلا على
ذوي الحاجة
والنقص ، وذلك
لان العقول
شاهدة
بأن القصد لا
يكون إلا بقلب
، كما لا تكون
الشهوة
والمحبة إلا
لذي قلب ،
ولا
تصح النية
والضمير
والعزم إلا
على ذي خاطر
يضطر معها في
الفعل الذي
يغلب
عليه إلى
الإرادة له
والنية فيه
والعزم ، ولما
كان الله تعالى
يجل عن
الحاجات
، ويستحيل
عليه الوصف
بالجوارح والأدوات
، ولا يجوز
عليه
الدواعي
والخطرات ،
بطل أن يكون
محتاجا في الافعال
إلى القصود
والعزمات ،
وثبت
أن وصفه
بالإرادة
مخالف في
معناه لوصف العباد
، وأنها نفس
فعله
الأشياء
، وبذلك جاء
الخبر عن أئمة
الهدى ، وروى
هذا الخبر .
ثم
قال: هذا نص
على اختياري
في الإرادة ،
وفيه نص على
مذهب لي آخر ،
وهو
أن إرادة
العبد يكون
قبل فعله ،
وإلى هذا ذهب
البلخي ،
والقول في
تقدم
الإرادة
للمراد
كالقول في
تقدم القدرة
للفعل ،
وقوله: (إن
الإرادة من
الخلق
الضمير
ويبدو لهم بعد
الفعل) صريح
في وجوب
تقدمها للفعل
، إذ كان
الفعل
يبدو
من العبد
بعدها ، ولو
كان الامر
فيها على مذهب
الجبائي لكان
الفعل بادئا
في
حالها ، ولم
يتأخر بدوه
إلى الحال
التي هي بعد
حالها (1) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
374
يعرف
كيفية إرادته
على الحقيقة
كما لا يعرف
كيفية ذاته
وصفاته
بالكنه .
1) هذا
الحديث من
غوامض
الاخبار
ويروى بالطرق الواضحة
، وقد ذكر
له
المحققون
ضروبا من
المعاني:
أولها:
ما ذكره
المحقق
الداماد رحمه
الله ، حيث
قال: المراد
بالمشيئة هنا
مشيئة
العباد
لأفعالهم الاختيارية
، لتقدسه
سبحانه عن
مشية مخلوقة
زائدة على
ذاته
عز وجل ،
وبالأشياء
أفاعيلهم
المترتب وجودها
على تلك
المشيئة ،
وبذلك
تنحل
شبهة ربما
أوردت هاهنا ،
وهي أنه لو
كانت أفعال
العباد
مسبوقة
بإرادتهم
لكانت
الإرادة
مسبوقة
بإرادة أخرى
وتسلسلت الإرادات
لا إلى نهاية (1) .
وأورد
عليه أن ما
ذكره خلاف
الظاهر من
الحديث ، وكيف
لا يكون له
مشيئة
مخلوقة ؟
وحديث ابن
مسلم نص في
ذلك لا يحتمل
التأويل
بمشيئة
العبد
لظهور حدوث
مشيئة العبد ،
فلا معنى لإفادة
ذلك ، مع أن
المقام موضع
ذكر
صفات الله
سبحانه ،
والباب موضوع
لذلك (2) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
375
وثانيها:
ما قاله
الفاضل
القاشاني: من
أن للمشيئة
معنيين ،
أحدهما: متعلق
بالمشئ
(1) ، وهي صفة
كمالية قديمة
هي نفس ذاته سبحانه
، وهي كون
ذاته
سبحانه
بحيث يختار ما
هو الخير
والصلاح ، والآخر
يتعلق بالمشا
(2) ، وهو
حادث
بحدوث
المخلوقات لا
تتخلف
المخلوقات عنه
، وهو ايجاده
سبحانه
إياها
بحسب اختياره
، وليست صفة
زائدة على ذاته
عز وجل وعلى
المخلوقات
، بل هي نسبة
بينهما تحدث
بحدوث المخلوقات
، لفرعيتها
المنتسبين
معا
.
إذا
تمهد هذا
فنقول في شرح الحديث:
إنه لما كان
هاهنا مظنة
شبهة ، وهي أنه
إن
كان الله عز
وجل خلق
الأشياء
بالمشيئة ، فبم
خلق المشيئة ،
أبمشيئة أخرى
فيلزم
التسلسل ،
فأفاد عليه
السلام أن
الأشياء
مخلوقة
بالمشيئة ،
وأما المشيئة نفسها
فلا
يحتاج خلقها
إلى مشيئة
أخرى ، بل هي
مخلوقة
بنفسها ، لأنها
نسبة وإضافة
بين
المشئ
والمشاء (3)
تتحصل
بوجوديهما
العيني
والعلمي ،
ولذا أضاف
خلقها
إلى
الله تعالى ،
لان كلا
الوجودين له
وفيه ومنه ،
وفي قوله عليه
السلام
(بنفسها)
إشارة
لطيفة
إلى ذلك ،
نظير ذلك ما
يقال: أن
الأشياء إنما
توجد بالوجود
، فأما الوجود
نفسه
فلا يفتقر إلى
وجود ، بل
إنما يوجد
بنفسه (4) .
وثالثها:
ما ذهب إليه
بعض المحققين
- وأظنه صدر
الأفاضل
الشيرازي -
بعد
ما حقق أن
إرادة الله
المتجددة هي
نفس أفعاله
المتجددة
الكائنة
الفاسدة ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 376
فإرادته
لكل حادث
بالمعنى
الإضافي يرجع
إلى ايجاده
وبمعنى
المرادية
يرجع
إلى وجوده .
قال:
نحن إذا فعلنا
شيئا بقدرتنا
واختيارنا فأردناه
أولا ، ثم
فعلناه بسبب
الإرادة
، فالإرادة
نشأت من
أنفسنا
بذاتها لا
بإرادة أخرى ،
وإلا لتسلسل
الامر
لا
إلى نهاية ، فالإرادة
مرادة لذاتها
، والفعل مراد
بالإرادة ،
وكذا الشهوة
في
الحيوان
مشتهاة
لذاتها لذيذة
بنفسها وسائر الأشياء
مرغوبة
بالشهوة ،
فعلى هذا
المثال
حال مشيئة
الله
المخلوقة ،
وهي نفس وجودات
الأشياء ، فان
الوجود
خير
مؤثر لذاته
ومجعول بنفسه
، والأشياء
بالوجود موجودة
، والوجود مشئ
بالذات
، والأشياء
مشيئة
بالوجود ،
وكما أن الوجود
حقيقة واحدة
متفاوتة
بالشدة
والضعف
والكمال
والنقص ، فكذا
الخيرية
والمشيئة ،
وليس الخير
المحض
الذي لا يشوبه
شر إلا الوجود
البحت الذي لا
يمازجه عدم
ونقص ،
وهو
ذات الباري جل
مجده ، فهو
المراد الحقيقي
(1) .
ورابعها:
ما صار إليه
شيخنا
المعاصر
أبقاه الله
تعالى من أنه
لا يكون
المراد من
المشيئة
هنا الإرادة ،
بل احدى مراتب
التقديرات
التي اقتضت
الحكمة جعلها
من
أسباب وجود
الشئ ،
كالتقدير في
اللوح مثلا .
والاثبات فيه
، فان اللوح
وما
أثبت
فيه لم يحصل
بتقدير آخر في
لوح سوى ذلك
اللوح ، وإنما
وجد سائر
الأشياء
بما قدر في
ذلك اللوح ،
وربما يلوح هذا
من بعض
الأخبار ،
وعلى هذا
يحتمل
أن يكون الخلق
بمعنى
التقدير .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
377
وخامسها:
أن يكون خلق المشيئة
بنفسها كناية
عن كونها
لازمة لذاته
تعالى
غير متوقفة
على تعلق
إرادة أخرى
بها ، فيكون
نسبة الخلق
إليها مجازا
عن
تحققها
بنفسها ،
منتزعة عن
ذاته تعالى
بلا توقف على
مشيئة أخرى ،
أو أنه
كناية
عن أنه اقتضى
علمه الكامل
وحكمته الشاملة
كون جميع
الأشياء
حاصله
بالعلم
بالأصلح ،
والمعنى أنه
لما اقتضى
كمال ذاته أن
لا يصدر عنه
شئ الا
على
الوجه الأصلح
والأكمل ،
فلذا لا يصدر
شئ عنه تعالى
إلا بإرادته
المقتضية
لذلك (1) .
وسادسها:
ما سنح بالبال
من أن المراد
بالخلق المعنى
الأعم الشامل
للتقدير
والايجاد ،
فيكون خلق
المشيئة بالمعنى
الأول ، لأنها
من عالم الامر
لا
من
عالم الخلق ،
وخلق الأشياء
بالمعنى
الثاني ،
وحاصله: أنه
تعالى قدر
إرادة
خلق
الأشياء كلا
في وقته ووضعه
اللائق به ،
فهذا معنى خلق
المشيئة لما
انتهى
بها الوقت على
ما يوافق
الحكمة
أخرجها من
العدم إلى
الوجود بتلك
المشيئة
، فيكون
سبحانه قد خلق
الأشياء بتلك
المشيئة التي
قدرها ، وهذا
كله
كلام
على سبيل
الاحتمال
والتخمين ،
وإلا فالمرام
متعال عن
البحث
والتفتيش
وكيف
تطيق الشمس
أبصار
الخفافيش ؟ .
1) حاصل
كلامه رحمه
الله أن كل
ما يكون اتصاف
ذاته تعالى به
بنفي ضده عنه
مطلقا
، فهي من صفات
الذات ، ويمكن
أن يكون عين
ذاته ولا يلزم
من قدمها
تعدد
في ذاته ولا
في صفاته .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
378
وأما
الصفات التي
قد يتصف بها
بالنسبة إلى
شئ وقد يتصف
بنقيضها
بالنسبة
إلى
شئ آخر ، فلا
يمكن أن يكون
النقيضان عين
ذاته ، فلا بد
من زيادتها ،
فلا
يكون من صفات
الذات ، وأيضا
يلزم من كونها
من صفات الذات
قدمها مع
زيادتها
، فيلزم تعدد
القدماء .
وأيضا
لو كانت من
صفات الذات
يلزم زوالها
عند طروء
نقيضها ،
فيلزم
التغير
في الصفات
الذاتية ، وقد
أشار الكليني
طاب ثراه إلى
هذا الوجه
الأخير
بعد
ما ذكر في وجه
الفرق ما تقدم
ذكره .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
380
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(كل شئ هالك
الا وجهه)
1) ذكر
المفسرون فيه
وجهين:
أحدهما:
أن المراد به
الا ذاته ، كما
يقال وجه هذا
الامر أي
حقيقته .
وثانيهما:
أن المراد ما
أريد به وجه
الله من العمل
. واختلف على
الأول في
الهلاك
هل هو
الانعدام
حقيقة أو أنه
لامكانه في
معرض الفناء
والعدم . وأما
على
ما ورد في هذه
الأخبار ،
فالمراد من
الوجه الجهة ،
كما هو في
اللغة ، ولا
ريب أن
الدين جهة
يؤتي الله
سبحانه منها ،
وكذا الأئمة عليهم
السلام
وولايتهم .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
381
1) إشارة إلى
قوله تعالى
(ولقد آتيناك
سبعا من المثاني
والقرآن
العظيم)
(1) وقد ذكر
المفسرون
فيها ضروبا من
التفسير ،
أشهرها أن
المراد
منها
سورة الفاتحة
، لأنها سبع
آيات وتثنى في
كل صلاة ، أو
أنها مثناة في
النزول
، لأنها نزلت
مرة بمكة
وأخرى
بالمدينة ، أو
يكون إشارة
إلى ما جاء في
الحديث
القدسي: قسمت
الفاتحة بيني
وبين عبدي نصفها
له والنصف
الآخر لي .
وذلك
لان النصف
الأول ثناء
عليه تعالى
بما هو أهله ،
والثاني طلب
من العبد ما
يخلصه
عند ربه .
وقيل:
المراد السبع
الطوال . وقيل:
مجموع القرآن
لقسمته
أسباعا .
وقوله
(من المثاني)
بيان للسبع ،
والمثاني من التثنية
أو الثناء ،
فان كل
ذلك
مثنى تكرر
قراءته
وألفاظه أو
قصصه ومواعظه
، أو مثنى
بالبلاغة
والاعجاز
، ومثنى على
الله بما هو
أهله من صفاته
العظمى
وأسمائه
الحسنى ، هذا
ملخص
ما قالوه .
وأما
على ما ذكر في
الاخبار ،
فقيل: الوجه
في كونهم عليهم
السلام سبعا:
إما باعتبار
أسمائهم
فإنها سبعة
وان تكرر
بعضهم (2) ، أو
باعتبار ما
قاله السيد
الداماد طاب
ثراه
من أن انتشار
العلوم كان من
سبعة منهم إلى
زمان الكاظم عليه
السلام .
وأما
الثاني ،
فيجوز أن يكون
من الثناء ،
لأنهم عليهم
السلام
الذين يثنون
على الله
تعالى
حق شأنه بحسب
الطاقة
البشرية ، أو
لأنهم كما
قاله بعض
المحققين علة
ذو
جهتين: جهة
تقدس وروحانية
وارتباط
بجناب الحق ،
وجهة بشرية تربطهم
مع
الخلق .
وقال
السيد المحقق
رفيع الدين
محمد عطر الله
ضريحه: المراد
بالمثاني
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
382
كتاب
الله وكلامه
المجيد ، أو
ما ثني منه ،
فكون الأئمة عليهم
السلام
مثاني
باعتبار
استقرار
كلام الله في
أنفسهم
واشتمالهم
عليه
وإحاطتهم
العلمية به ،
كقول أمير
المؤمنين
عليه
السلام: أنا
كلام الله
الناطق . وإن
كان المقصود
ما بعد الأول
ومن جنسه .
فكونهم
عليهم
السلام
مثاني
باعتبار أن كل
واحد منهم
عالم بما انزل
عليه وما أعطي
علمه
بعده ومتخلق
بأخلاقه ،
يحصل منه
الهداية
وتعليم علوم
الشرائع
للناس ،
كما
كانت تأخذ منه
صلى الله
عليه وآله
فذلك من حيث
الإمامة لا
الرسالة ،
وكان في أهل
بيته
إلى
أواخر زمان
السابع من
الأئمة
كاظمهم عليه
السلام ، ثم
اشتدت التقية
في آخر
زمانه
وحيل بينهم
بعد ذلك وبين
الأمة بالحبس
، أو ما يقوم
مقامه من
التقية
الشديدة
، وكان بمنزلة
الغيبة حتى لا
يتمكن الطالب
من الأمة من
سؤالهم ، ولا
يتمكنوا
من بيان الحق
لهم ، ولذا
ورد في الكلام
العزيز (ولقد
آتيناهم سبعا
من
المثاني
والقرآن
العظيم) (1) .
وقيل:
يجوز أن يكون
السبع
باعتبار أنه
إذا ثني يصير
أربعة عشر ،
فيوافق
عددهم
عليهم
السلام: إما
بأخذ التغاير
الاعتباري
بين المعطي
والمعطى له ،
إذ كونه معطي
إنما
يلاحظ مع جهة
النبوة
والكمالات
التي خصه الله
بها ، وكونه
معطى له مع
قطع
النظر عنها ،
أو يكون الواو
في قوله (والقرآن)
بمعنى مع ،
فيكونون مع
القرآن
أربعة عشر .
وفيه تكلف لا
يخفى .
وروى
الثقة
العياشي رحمه
الله عن يونس
بن عبد الرحمن
رفعه ، قال:
سألت أبا
عبد
الله عليه
السلام عن
قول الله
(ولقد أتيناك
سبعا من
المثاني والقرآن
العظيم) قال:
إن
ظاهرها الحمد
، وباطنها ولد
الولد ،
والسابع منها
القائم عليه
السلام .
قال
حسان: سألت
أبا جعفر عليه
السلام عن
قول الله
تعالى ولقد
أتيناك (سبعا
من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
383
المثاني
والقرآن
العظيم) قال:
ليس هكذا
تنزيلها إنما
هي (ولقد آتيناك
سبع
مثاني)
(1) نحن هم
(والقرآن
العظيم) ولد
الولد .
وروى
أيضا باسناد
عن أبي جعفر عليه
السلام في
قول الله عز
وجل (ولقد
أتيناك
سبعا
من المثاني
والقرآن
العظيم) قال:
سبعة أئمة
والقائم .
وروى
عن سماعة أيضا
قال: قال أبو
الحسن عليه
السلام:
(ولقد أتيناك
سبعا من
المثاني
والقرآن
العظيم) قال:
لم يعط
الأنبياء إلا
محمدا صلى
الله عليه
وآله وهم
السبعة
الأئمة
الذين يدور
عليهم الفلك ،
والقرآن العظيم
محمد عليه
وعلى آله
السلام (2) .
وفي
خبر آخر عن
حسان العامري
قال: سألت أبا
جعفر عليه
السلام عن
قول الله
عز
وجل (ولقد
أتيناك سبعا
من المثاني)
قال: ليس هكذا
تنزيلها إنما هي
(ولقد
آتيناك
سبعا من
المثاني) نحن
هم ولد الولد
(والقرآن
العظيم) علي
بن أبي
طالب
عليه
السلام (3) .
وبيان
وجه الجمع
بينها يفضي
إلى التطويل .
1) أي: جهته
التي يؤتى
منها ، كما
قال: (وأتوا
البيوت من
أبوابها) (4) أو
لان
من زارنا فقد
زار الله ،
كما جاءت به
الرواية (5) .
2) الظهر كما
قيل: كناية عن
الذات ، كما
يقال للمرأة:
أنت علي كظهر
أمي ،
أي:
كذات أمي .
3) أي: الموت ،
لان به يحصل
الاطلاع على
علو درجاتهم ،
وتصير الأمور
___________________________
شرح نور
البراهين في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 384
مشاهدة
بالعيان .
1) إشارة إلى
ما رواه
الفريقان من
قوله صلى
الله عليه
وآله: إني
تارك فيكم
الثقلين ما إن
تمسكتم
بهما لن
تضلوا: كتاب
الله ، وعترتي
أهل بيتي (1) .
ووجه التسمية
أن
الاخذ
بهما ثقيل ،
أو لأنهم أهل
الخطر والشرف والرزانة
من قولهم (رجل
ثقيل)
إذا كان شريف
قومه أو غيرهم
.
2) لان الله
ينظر بهم إلى
عباده نظر
الرحمة . وفي النهاية:
فلان عين من
عيون
الله أراد
خاصة من خواص
الله ووليا من
أوليائه (2) .
3) لأنه
تعالى بسببهم
يربي الخلائق
، ويفيض عليهم
النعم
الظاهرة
والباطنة .
4) الروية
هنا كما قيل:
إما بالتشديد
بمعنى التفكر ،
فإن من له
حاجة إلى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
385
أحد
ينظر ويتفكر
إلى اصطلاح
أموره ، أو
بالتخفيف
مهموزا ، أي:
نظر رحمة .
والأظهر
أنه كان
بالباء
الموحدة . قال
الفيروزآبادي:
الروبة ويضم
الحاجة (1) وعلى
التقادير هي
كناية عن
إرادة بقائهم
وخيرهم وصلاحهم
.
1) إشارة إلى
ما ورد في
الاخبار في
تفسير قوله تعالى
(يوم يأتي بعض
آيات
ربك لا ينفع
نفسا إيمانها
لم تكن آمنت
من قبل أو
كسبت في
ايمانها
خيرا)
(2) من أن
القيامة تقوم
على شرار
الخلق ، وذلك
أن الحجة عليه
السلام إذا
مات
ارتفع
القرآن إلى
السماء ، فبقي
الناس في هرج ومرج
، ويسد باب
التوبة ، فلم
يك
الايمان ذلك
الوقت ينفع
صاحبه ما لم
يكن آمن قبل
موت الحجة ،
لان
الناس
حينئذ يضطرون
إليه ويجيرون
عليه من جهة
ما يشاهدون من
الأهوال ،
وذلك
قبل أن تقوم
القيامة
بأربعين يوما
، أو أزيد على
اختلاف
الاخبار .
2) يعني: خزان
علوم السماء
والأرض .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
386
1) يحتمل
معنيين:
الأول: أن
الخلق عبدوا
الله بتعليمنا
إياهم حتى
الملائكة
، كما قال عليه
السلام:
سبحنا فسبحت
الملائكة ،
وهللنا فهللت
، وكانوا لا
يعرفون
تسبيحا ولا
تهليلا .
وتقدم ما يدل
على أن أمير
المؤمنين عليه
السلام كان
هو
الذي
علم جبرئيل عليه
السلام .
الثاني:
أن العبادة
الحقيقية
اللائقة
بجنابه
سبحانه ما
وقعت
بشرائطها إلا
منهم
عليهم
السلام . أما
سائر الخلق ،
فلم يوقعوا
إلا صورة
العبادة ،
ويرشد إليه ما
ر وي في
زيارات
أمير
المؤمنين عليه
السلام في
مقام الثناء
عليه: أشهد يا
أمير
المؤمنين أنك
قد
أقمت
الصلاة وآتيت
الزكاة . ولو
لم يكن المراد
من العبادة ما
ذكرناه لم يكن
لمدحه
عليه
السلام بها
معنى واضح ،
كما لا يخفى .
ويجوز
أن يراد تشييد
الاسلام ، فان
العبادة متفرعة
عليه ، ولولا
سيف أمير
المؤمنين
عليه
السلام لما
قام للاسلام
عمود ، ولم
يكن يعبد الله
سبحانه .
2) اعلم أن
الصدوق طاب
ثراه نفى
التفويض
مطلقا ، ورد
عليه جماعة من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
387
المتأخرين
.
وتحقيقه
(1): أن التفويض
يطلق على معان
بعضها منفي
عنهم عليهم
السلام ،
وبعضها
مثبت لهم .
فالأول:
التفويض في
الخلق والرزق
والتربية والإماتة
والاحياء ،
فان قوما
قالوا:
ان الله تعالى
خلقهم وفوض
إليهم أمر
الخلق ، فهم
يخلقون ويرزقون
ويميتون
ويحيون .
وهذا
الكلام يحتمل
وجهين ،
أحدهما: أن
يقال: أنهم
يفعلون جميع
ذلك
بقدرتهم
وإرادتهم ،
وهم الفاعلون
حقيقة ، وهذا
كفر صريح
بالاجماع .
وثانيهما:
أن الله تعالى
يفعل ذلك
مقارنا لإرادتهم
، كشق القمر ، واحياء
الموتى
، وقلب العصا
حية ، وغير
ذلك من المعجزات
، فإن جميع
ذلك إنما يحصل
بقدرته
تعالى مقارنا
لإرادتهم ،
لظهور صدقهم
والدلالة على
علو شأنهم ،
والعقل لا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
388
يمنع
من هذا ، بل قد
وقع كثيرا ،
كما يظهر من
تتبع أحوالهم
وغرائب
أسرارهم ، وما
ورد
في خطبة
البيان عن
أمير
المؤمنين عليه
السلام لعله
منزل على هذا
، والاخبار
أيضا
لا تكذبه .
الثاني:
التفويض في
أمر الدين .
وهذا أيضا يحتمل
وجهين:
أحدهما:
أن يكون الله
تعالى فوض إلى
النبي صلى
الله عليه
وآله وأهل
بيته عليهم
السلام أن
يحلوا
ما
شاؤوا أو
يحرموا ما
شاؤوا ، عموما
من غير وحي
والهام . وهذا
باطل ، لقوله
(وما
ينطق
عن الهوى) (1)
ولأنه قول
بالرأي
والاجتهاد ،
وهم منزهون
عنه ، ومن ثم
كان
النبي صلى
الله عليه
وآله ينتظر
الوحي لجواب
ما يرد عليه
من المسائل
الأيام
الكثيرة ،
والجمهور
خالفونا في
هذا الباب
وجوزوا الاخذ
بالرأي
والاجتهاد
على الأنبياء
والأئمة
عليهم
السلام .
وثانيهما:
أنه سبحانه
لما أكمل نبية
وأدبه بآدابه
ونور قلبه
بمشكاة
عرفانه ،
فصار
بحيث لم يكن
يختار من
الأمور الا ما
وافق الحق
والصواب ، فوض
إليه
تعيين
بعض الأمور ،
كما ورد في
الزيادة على
ركعتي الصلاة
وتعيين
النوافل في
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
389
الصلاة
والصوم وطعمة
الجد ، ونحو
ذلك مما وردت
به الاخبار ،
لكنه لعلمه
بالالهام
وهو نوع من
أنواع الوحي
لم يتوسط به
ملك . ولعل
الصدوق رحمه
الله إنما
نفى
المعنى الأول
بقوله في
الفقيه: وقد
فوض الله عز
وجل إلى نبيه
أمر دينه ،
ولم
يفوض
إليه تعدي
حدوده (2) .
الثالث:
تفويض أمور
الخلق إليهم
من سياستهم وتأديبهم
وتعليمهم
وأمر
الخلق
بإطاعتهم
فيما أحبوا
وكرهوا ،
وفيما علم
الناس جهة
المصلحة فيه
وما لم
يعلموا
. وهذا المعنى
حق والاخبار
دالة عليه ،
وكذا قوله
تعالى (ما
آتاكم
الرسول
فخذوه) (3)
متناول له
أيضا .
الرابع:
تفويض بيان
العلوم
وأحكام
الشريعة إليهم
، فيحكمون
بالأحكام
بما
يوافق الصلاح
به من مراعاة
التقية والاتقاء
والوقت وحال
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
390
السائل
، إلى غير ذلك
مما فعلوه عليهم
السلام .
ويحمل على هذا
وما قبله
قولهم عليهم
السلام
(نحن
المحللون
حلاله
والمحرمون
حرامه) (4) إشارة
إلى بيان
الاحكام ، أو
إلى رعاية
الصلاح في
الفتوى ، ولعل
وجه التخصيص بالأئمة
عليهم
السلام لان
ما
تقدم
من الأنبياء
ما كان لهم
مثل هذا ، بل
كان اللازم
عليهم أو
الأولى بهم
تحمل
المشاق
الشديدة
لاظهار
الاحكام من
غير ارتكاب
للتقية ، إلا
في الموارد
الخاصة
.
الخامس:
التفويض
إليهم في
الاحكام ، بأن
يحكموا بما
يعلمونه في
الواقع
، أو بحسب
ظاهر الشريعة
، كما يظهر من قضايا
أمير
المؤمنين عليه
السلام ،
وكما
سيأتي إن شاء
الله تعالى في
أعصار صاحب الدار
عليه
السلام .
السادس:
التفويض في
العطاء ، فإنك
قد تحققت أن
الأرض وما
فيها وما
عليها
كله للإمام عليه السلام
، يعطي من
أراد ، ويمنع
من أراد ، لا
يعترض على أخذه
وتركه
، وهذه معان
حقة لا يرتاب
فيها ، والله الهادي
إلى طريق
الصواب (5) .
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(يا إبليس ما
منعك أن تسجد
لما
خلقت بيدي)
1) أي: ذا
القوة على
العبادة ،
فإنه كان يقوم
نصف الليل
ويصوم نصف
الدهر
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
391
يوما
ويوما لا ،
وذلك أشد
الصوم . قيل: ذا
القوة على
الأعداء ،
وذلك أنه رمى
بحجر
من مقلاعة صدر
رجل ، فأنفذه
من ظهره فأصاب
آخر فقتله (1) .
1) هذا أوضح
تفاسير هذه
الآية ، ونسبة
خلقه إلى
القدرة لأنه
أول مخلوق
من
الطين وقد ركب
فيه روحا
وبدنا أحدهما
من عالم الامر
، والآخر من
عالم
الخلق
، وخلقه من
غير أب وأم .
وذكر
المفسرون فيه
وجوها أخرى .
منها:
أن اليد عبارة
عن النعمة ،
والمراد باليدين
النعم
الظاهرة
والباطنة ، أو
نعم
الدين
والدنيا .
ومنها:
أن المراد
خلقته بنفسي
من غير توسط
كأب وأم .
ومنها:
أنه كناية عن
غاية
الاهتمام
بخلقه ، فان
السلطان
العظيم لا
يعمل
شيئا
بيديه ، إلا
إذا كانت
عنايته
مصروفة إلى ذلك
العمل .
باب
تفسير قوله
الله (يوم
يكشف عن ساق
ويدعون إلى
السجود)
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
392
1) ذكر
المفسرون في
تأويل هذه
الآية وجوها:
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
393
الأول:
أن المراد يوم
يشتد الامر
ويصعب الخطب في
القيامة ،
وكشف
الساق
مثل في ذلك ،
واصله تشمير
المخدرات من
سوقهن (1) في
الهرب .
الثاني:
أن المعنى يوم
يكشف عن أصل
الامر وحقيقته
بحيث يصير
عيانا ،
مستعار
من ساق الشجر
، وساق
الانسان ،
وتنكيره
للتهويل أو
التعظيم .
الثالث:
أن المعنى أنه
يكشف عن ساق
جهنم ، أو ساق
العرش ، أو
ساق
ملك
مهيب .
1) أي: يقال
لهم على وجه
التوبيخ
اسجدوا فلا
يستطيعون ،
لاندماج
ظهورهم
ويبسها . وقيل:
معناه أن شدة
الامر وصعوبة
حال ذلك اليوم
تدعوهم
إلى
السجود ، وان
كانوا لا
ينتفعون به ،
لا أنهم
يؤمرون به ،
وهذا كما يفزع
الانسان
إلى السجود
إذا أصابه هول
من أهوال
الدنيا .
2) أفحمته أي:
أسكنته في
خصومه وغيرها
.
3) أي: كانوا
يؤمرون
بالسجود في
الدنيا وهم
أصحاء فلم
يفعلوه . هذا .
واعلم
أنه قد ذكر
الحميدي من
علماء
الجمهور في
الجمع بين
الصحيحين
في
مسند أبي سعيد
الخدري من
المتفق عليه
عن النبي صلى
الله عليه
وآله ، يذكر
فيه كيف
تساقط
الكفار في
النار ، ثم
قال ما هذا
لفظه: حتى إذا
لم يبق الا من
كان يعبد الله
من
بر وفاجر
أتاهم الله في
أدنى صورة من
التي رأوه
فيها فيقول
لهم: ما
ينتظرون ؟
قالوا:
فارقنا الناس
في الدنيا
أفقر ما كنا
إليهم ولم
نصاحبهم ،
فيقول:
قال
محمد بن علي
مؤلف هذا
الكتاب: قوله عليه
السلام:
تبارك الجبار
وأشار
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
394
أنا
ربكم الاعلى ،
فيقولون: نعوذ
بالله منك لا
نشرك بالله
شيئا مرتين أو
ثلاثا ،
فيقول:
هل بينكم
وبينه علامة
فتعرفونه بها
؟ فيقولون:
نعم ، فيكشف
عن ساق ،
فلا
يبقى من كان
يسجد لله من
تلقاء نفسه
إلا اذن له
بالسجود ، ولا
يبقى من كان
يسجد
اتقاء أو رياء
إلا جعل الله
ظهره طبقة واحدة
، كلما أراد
أن يسجد خر
على
قفاه ، ثم
يرفعون
رؤوسهم وقد
تحول في الصورة
التي رأوه
فيها أول مرة
،
فيقول:
أنا ربكم ،
فيقولون: أنت
ربنا (1) .
هذا
ما نقلوه في
أخبارهم في
تفسير هذه
الآية وهم
يدعون
الاسلام .
وأعجب
منه ما قاله
طائفة منهم ،
من جملتهم الحنابلة
ورووه في
كتبهم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
395
بالطرق
الكثيرة ، وهو
أن فاطمة عليها
السلام تأتي
يوم القيامة ،
فتقف تحت
العرش تشكو
ممن
قتل ولدها
وظلمها ، فعند
ذلك ترجف
الخلائق خوفا
من غضب الله
تعالى ،
فيقول
الباري عز وجل
لها: يا فاطمة
أعفي عمن قتل
ولدك الحسين ،
كما عفوت
أنا
عن النمرود ،
فإنه صعد إلى
السماء
ورماني بسهم
وقع في ساقي
فجرحه ، والى
الآن
جراحته لم
تندمل ، ثم
يكشف عن ساقه
فتنظر إليه
فاطمة وهو
معصب
الجراحة
بعصابة ،
فتقول فاطمة
عند ذلك: إذا
عفوت يا رب عن
النمرود عفوت
أنا
عمن قتل ولدي
، فيحضر يزيد
وأعوانه
ويدخلون كلهم
إلى الجنة .
يا
ناعي الاسلام
قم فانعه *** قد
مات عرف وبدا
منكر
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(الله نور
السماوات
والأرض)
إلى
آخر الآية
1) هذا
التفسير
ينطبق على
تفسيرها
الظاهر وتأويلها
الباطن ، كما
سيأتي .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
398
1) هذه
القراءة غير
موجودة في
القراءة
الشاذة ولا
غيرها . قيل:
ولعل
التذكير
باعتبار
الخبر ، أو
بتأويل في
الزجاجة
لأنها بمعنى
القلب .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
399
أقول:
ما ذكر في هذا
الخبر هو أحد
التأويلين الواردين
في الاخبار ،
لكن
هذا
الخبر ورد
بألفاظ
مختلفة
وكلمات
متناسبة . وفي
بعضها ذكر
فاطمة عليها
السلام . وفي
البعض
الآخر أن
المراد من
الشجرة
إبراهيم عليه
السلام الا
أنها كلها
تشترك في أن
المراد
من الآية
علومهم صلوات
الله عليهم وانتقالها
من سابق إلى
لاحق .
والتأويل
الثاني رواه
الثقة الصدوق
علي بن
إبراهيم في
التفسير
مسندا إلى
الصادق
عليه
السلام عن
أبيه عليه
السلام في
هذه الآية
(الله نور
السماوات
والأرض) قال:
بدأ
بنور نفسه
(مثل نوره) مثل
هداه في قلب
المؤمن . قوله
(كمشكاة فيها
مصباح)
المشكاة: جوف
المؤمن
والقنديل
قلبه ، فالمصباح:
النور الذي
جعله
الله
فيه (يوقد من
شجرة مباركة)
قال: الشجرة
المؤمن
(زيتونة لا
شرقية ولا
غربية)
أي: لا غرب لها
إذا طلعت
الشمس طلعت
عليها ، وإذا
غربت غربت
عليها
(يكاد زيتها)
يعني: يكاد
النور الذي
جعله الله في
قلبه (يضئ) وإن
لم
يتكلم
(نور على نور)
فريضة على
فريضة ، وسنة
على سنة (يهدي
الله لنوره
من
يشاء) يهدي
الله لفرائضه
وسننه من يشاء
(ويضرب الله
الأمثال
للناس)
فهذا
مثل ضربه الله
للمؤمن
الحديث (1) .
أقول:
يمكن ارجاع
هذا إلى الأول
، بأن يراد من المؤمن
الذي وقع هذا
المثل
مضروبا
له كامل
الايمان ،
وليس هو إلا
أصحاب العصمة عليهم
السلام .
وأما
التفسير ،
فقال القاضي:
النور في
الأصل كيفية
تدركها
الباصرة أولا
وبواسطتها
سائر
المبصرات ،
كالكيفية
الفائضة من
النيرين ، ولا
يصح بهذا
المعنى
اطلاقه
على الله
تعالى إلا
بتقدير مضاف ،
أو على تجوز
اما بمعنى
منور
السماوات
والأرض
وقد قرئ به ،
فإنه تعالى
نورهما
بالكواكب
وغيرها أو بالملائكة
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
400
والأنبياء
، أو مدبرهما
من قولهم
للرئيس الفائق
في التدبير
نور القوم ،
لأنهم
يهتدون
به في الأمور
أو موجدهما ،
فان النور ظاهر
بذاته مظهر
لغيره ، وأصل
الظهور
هو الوجود ،
والله سبحانه
موجود بذاته
موجد لما عداه
.
(مثل نوره)
أي: صفه نوره
العجيبة
الشأن
(كمشكاة) أي:
كصفة
مشكاة
، وهي الكوة
الغير
النافذة (فيها
مصباح) سراج
ضخم ثاقب
(كأنها كوكب
دري)
مضئ متلألأ
منسوب إلى
الدر (توقد من
شجرة مباركة
زيتونة) أي:
ابتدأ
توقد المصباح
من شجرة
الزيتون
المتكاثر
نفعه بأن رويت
ذبالته
بزيتها .
(لا شرقية
ولا غربية)
تقع الشمس
عليها حينا بعد
حين ، بل بحيث
تقع
عليها
طول النهار ،
كالتي يكون
على قلة أو
صحراء واسعة ،
وإن ثمرتها
تكون
أنضج
وزيتها أصفى ،
أو لا نابتة في
شرق المعمورة
وغربها ، بل
في وسطها وهو
الشام
، فإن زيتونه
أجود الزيتون
(يكان زيتها يضئ
ولو لم تمسسه
نار) أي:
يكاد
يضئ بنفسه من
غير نار
لتلألؤه وفرط
بياضه .
(نور على
نور) متضاعف ،
فإن نور
المصباح زاد
في إنارة صفاء
الزيت
وضبط
المشكاة
لأشعته ، وقد
ذكر في معنى
التمثيل وجوه:
إما أنه تمثيل
للهدى
الذي
دل عليه
الآيات
البينات في
جلاء مضمونها
وظهور ما
تضمنته من
الهدى
بالمشكاة
المنعوتة ، أو
تشبيه للهدى من
حيث أنه محفوظ
من ظلمات
أوهام
الناس
وخيالاتهم
بالمصباح ،
وإنما ولي
الكاف
المشكاة
لاشتمالها
عليها ،
وتشبيهه
به أوفق من
تشبيهه
بالشمس ، أو
تمثيل لما نور
الله به قلب
المؤمن من
المعارف
والعلوم بنور
المشكاة
المثبت فيها من
مصباحها ،
ويؤيده قراءة
أبي
مثل
نور المؤمن
انتهى ملخصا (1) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
401
وقال
أمين الاسلام
الطبرسي طاب
ثراه: اختلف
في هذه التشبيه
والمشبه
به
على أقوال:
أحدها:
أنه مثل ضربه
الله لنبيه
محمد صلى
الله عليه
وآله ،
فالمشكاة
صدره ،
والزجاجة
قلبه ،
والمصباح فيه
النبوة (لا
شرقية ولا
غربية) أي: لا
يهودية ولا
نصرانية
(توقد من شجرة
مباركة) يعني:
شجرة النبوة
وهي إبراهيم عليه
السلام ،
يكاد
نور
محمد يظهر
للناس ولو لم
يتكلم به ،
كما أن ذلك
الزيت يكاد
يضئ ولو لم
تصيبه
النار ، وقيل:
أن المشكاة
إبراهيم ، والزجاجة
إسماعيل ،
والمصباح
محمد
، كما سمي
سراجا في موضع
آخر (من شجرة
مباركة) يعني:
إبراهيم
لان
أكثر الأنبياء
من صلبه (لا
شرقية ولا
غربية) لا
نصرانية ولا
يهودية ، لان
النصارى
تصلي إلى
المشرق ،
واليهود تصلي
إلى المغرب
(يكاد زيتها
يضئ)
أي:
يكاد محاسن
محمد صلى
الله عليه
وآله تظهر
قبل أن يوحي
إليه (نور على
نور) أي نبي
من
نسل نبي . وقيل:
إن المشكاة
عبد المطلب ،
والزجاجة عبد
الله ،
والمصباح
هو
النبي صلى
الله عليه
وآله (لا
شرقية ولا
غربية) بل
مكية لان مكة
وسط الدنيا .
وروي
عن
الرضا عليه
السلام أنه
قال: نحن
المشكاة
والمصباح
محمد صلى
الله عليه
وآله يهدي
الله
لولايتنا
من
أحب .
وثانيها:
أنه مثل ضربه
الله للمؤمن ،
والمشكاة
نفسه ،
والزجاجة
صدره ،
والمصباح
الايمان ،
والقرآن في
قلبه يوقد من شجرة
مباركة هي
الاخلاص لله
وحده
لا شريك ، فهي
خضراء ناعمة
كشجرة التفت بها
الشجر ، فلا
يصيبها
الشمس
على أي حال
كانت لا إذا
طلعت ولا إذا
غربت ، وكذلك
المؤمن قد
احترز
من أن يصيبه
شئ من الفتن ،
فهو بين أربع
خلال ، إن
أعطي شكر ،
وان
ابتلي
صبر ، وان حكم
عدل ، وان قال
صدق ، فهو في سائر
الناس كالرجل
الحي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
402
يمشي
بين قبور
الأموات ، نور
على نور كلامه
نور ، وعلمه
نور ، ومدخله
نور ،
ومخرجه
نور ، ومصيره
إلى نور يوم
القيامة .
وثالثها:
أنه مثل
القرآن في قلب
المؤمن ، فكما
أن هذا
المصباح
يستضاء
به ،
وهو كما هو لا
ينقص ، فكذلك
القرآن يهتدى به
ويعملونه ،
فالمصباح هو
القرآن
، والزجاجة
قلب المؤمن ،
والمشكاة فمه
ولسانه ،
والشجرة
المباركة
الوحي
يكاد زيتها
يضئ يكاد حجج
القرآن تتضح وان
لم يقرأ . وقيل:
تكاد
حجج
الله على خلقه
تضئ لمن تفكر
فيها وتدبرها ولو
لم ينزل
القرآن نور
على
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
403
نور
يعني: ان
القرآن نور مع
سائر الأدلة
قبله ،
فازدادوا به
نورا على نور (1)
انتهى
. وأصحها ما
روي في
الاخبار عن
السادة الأطهار
.
1) القرم:
الكامل في
الرجولية .
والمسود
مأخوذ من
السؤدد .
(وتكنفتك
الأسعد)
أي: أحاطت بك
الرجال
السعداء ،
يعني بني هاشم
.
وفي
هذه الأبيات
دلالة على
اسلام أبي
طالب ، وهو
مما أجمع عليه
أهل
البيت
عليهم
السلام
وشيعتهم ،
والروايات
الواردة به من
طرق الخاصة
والعامة
متواترة .
والذي
حملهم على
القول بكفر
أبي طالب مما
رووه في شأنه
مما يدل على
حسن
اسلامه الحسد
لأمير
المؤمنين عليه
السلام ،
وذلك أن آباء
الثلاثة
كانوا كفارا
بالاجماع
يعبدون
الأصنام ،
فكيف يحملهم
الانصاف على اسلام
أبي طالب .
وأما
سبب هذه
الأبيات ،
فروى عبد
الحميد باسناده
إلى الأصبغ بن
نباتة ،
قال:
سمعت أمير
المؤمنين عليه
السلام يقول:
مر رسول الله صلى الله
عليه وآله
بنفر من قريش
وقد
___________________________
شرح نور البراهين
في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 404
نحروا
جزورا ،
وكانوا
يسمونها
الفهيرة ، ويجعلونها
على النصب فلم
يسلم عليهم ،
فلما
انتهى إلى دار
الندوة قالوا:
يمر بنا يتيم
أبي طالب ولم
يسلم ، فأيكم
يأتيه
فيفسد
عليه مصلاه ؟
فقال عبد الله
بن الزبعري السهمي:
أنا أفعل ،
فأخذ الفرث
والدم
فانتهى إلى
رسول الله صلى الله
عليه وآله
وهو ساجد فملا
ثيابه .
فانصرف
النبي صلى
الله عليه
وآله حتى أتى
عمه أبا طالب
، فقال: يا عم
من أنا ؟ فقال:
ولم
يا ابن أخي ؟
فقص عليه
القصة ، فقال:
وأين تركتهم ؟
فقال: بالأبطح
،
فنادى
في قومه يا آل عبد
المطلب يا آل
هاشم يا آل
عبد مناف ،
فأقبلوا إليه
من
كل
مكان ملبين ،
فقال: كم أنتم
؟ قالوا: نحن
أربعون ، قال:
خذوا سلاحكم ،
فأخذوا
سلاحهم
وانطلق بهم
حتى انتهى
إليهم .
فلما
رأت قريش أبا
طالب أرادت أن
تتفرق ، فقال
لهم: ورب
البنية
لا
يقوم منكم أحد
الا طلبته
بالسيف ، ثم
قال: يا محمد
أيهم الفاعل
بك ؟ فأشار
النبي
صلى الله
عليه وآله
إلى عبد الله
ابن الزبعري
الشاعر ،
فدعاه أبو
طالب فوجأ
أنفه حتى
أدماها
، ثم أمر
بالفرث والدم
فأمر على رؤوس
الملا كلهم ،
ثم قال: يا ابن
أخي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 405
رضيت
؟ ثم قال: سألت
من أنت أنت
الأمين محمدا
الأبيات (1) .
1) التحاصل
يقال: حصلت
الامر حققته
وأثبته .
2) الخيس:
النقص .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
407
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(نسوا الله
فنسيهم)
1) مقصوده
طاب ثراه أن
ينبه على أن
الترك هنا ليس
بمعنى
الاهمال ، فإن
ترك
التكليف في
الدنيا أو
الجزاء في
الآخرة مما لا
يجوز على
الحكيم العدل
،
بل
المراد
بالترك ترك
الإثابة
وتشديد العذاب
.
ثم
اعلم أنه عليه
السلام أشار
إلى الوجهين
اللذين يمكن
أن يؤول بهما
أمثال تلك
الآيات
. الأول: أن
يكون قد عبر
سبحانه عن
جزاء النسيان
بلفظ النسيان
على
سبيل
المجاز .
الثاني: أن
يراد من
النسيان الترك
، كما هو أحد
معنييه لغة .
قال
الجوهري:
النسيان
الترك ، قال
الله تعالى (نسوا
الله فنسيهم)
وقال الله
تعالى
(ولا تنسوا
الفضل بينكم) (2) .
وقال
البيضاوي:
نسوا الله
أغفلوا ذكر
الله وتركوا
طاعته
(فنسيهم)
فتركهم
من لطفه وفظله
(3) . ثم قال: (ولا
تكونوا كالذين
نسوا الله) أي
نسو
الله حقه
(فأنساهم
أنفسهم) (4)
فجعلهم ناسين لها
حتى لم يسمعوا
ما ينفعها ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
408
ولم
يفعلوا ما
يخلصها ، أو
أراهم يوم
القيامة من
الأهوال ما
أنساهم
أنفسهم (2) .
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(والأرض جميعا
قبضته يوم
القيامة
والسماوات
مطويات
بيمينه)
1) ما ذكره عليه
السلام من
تفسير الآية
لم يذكره أحد
من المفسرين ،
وحاصله:
أنهم
ما عظموا الله
سبحانه ولا
عرفوا جلالة قدره
حين قالوا: إن
الأرض
مقبوضة
له ، وهو قابض
عليها قبض
الأجسام بعضها
على بعض ،
وكذا في قولهم
(إن
السماوات
مطويات
بيمينه) وعنوا
به الجارحة
اللحمية ، كما
لم يعرفوا
قدره
سبحانه في
قولهم (ما
أنزل الله على
بشر من شئ)
يعنون الوحي ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
409
والملائكة
لا ينزلون على
البشر ، ويلزم
منه تكذيب
جميع
الأنبياء في
النبوة .
1) قال الشيخ
الطبرسي نور
الله مرقده:
القبضة في اللغة
ما قبضت عليه
بجميع
كفك ، أخبر
الله عن كمال
قدرته ، فذكر
أن الأرض كلها
مع عظمتها في
مقدوره
، كالشئ الذي
يقبض عليه
القابض بكفه ،
فيكون في
قبضته ، وهذا
تفهيم
لنا
على عادة
التخاطب فيما
بيننا ، لأنه
نقول: هذا في
قبضة فلان وفي
يد فلان
إذا
هان عليه
التصرف فيه
وان لم يقبض
عليه .
وكذا
قوله
(والسماوات
مطويات
بيمينه) أي:
يطويها
بقدرته ، كما
يطوي
أحدنا
الشئ المقدور
له طيه بيمينه
، وذكر اليمين
للمبالغة في
الاقتدار
والتحقيق
للملك
، كما قالوا:
(أو ما ملكت
أيمانكم) أي:
ما كانت تحت
قدرتكم ، إذ
ليس
الملك
يختص باليمين
دون الشمال
وسائر الجسد .
وقيل: معناه
أنها محفوظات
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
410
مصونات
بقوته ،
واليمين:
القوة (3) .
باب
تفسير قوله
مصونات بقوته
، واليمين:
القوة (3) .
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(كلا إنهم عن ربهم
يومئذ
لمحجوبون)
1) قال
الزمخشري:
كونهم
محجوبين عنه
تمثيل للاستخفاف
بهم
وإهانتهم
، لأنه لا
يؤذن على
الملوك إلا
للمكرمين
لديهم ، ولا
يحجب عنهم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
411
إلا
المهانون
عندهم (2) .
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(وجاء ربك
والملك صفا صفا)
1) قال
الرازي: اعلم
أنه ثبت
بالدليل
العقلي أن الحركة
على الله محال
،
فلابد
فيه من
التأويل ، وهو
أنه من باب
حذف المضاف ،
وفيه وجوه:
أحدها:
وجاء أمر ربك
للمحاسبة
والمجازاة .
وثانيها:
وجاء قهر ربك
كما يقال:
جاءتنا بنو
أمية أي:
قهرهم .
وثالثها:
وجاء جلائل
آيات ربك ،
لان هذا يكون يوم
القيامة ، وفي
ذلك
تظهر
العظام ، فجعل
مجيئها مجيئا
له تعظيما لشأنها
.
ورابعها:
وجاء ظهوره ،
لان معرفة
الله تعالى تصير
ذلك اليوم
ضرورية ،
___________________________
شرح نور
البراهين في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 412
فصار
ذلك كظهوره
وتجليه للخلق
، فقال: (وجاء ربك)
أي: زالت
الشبه
وارتفعت
الشكوك .
وخامسها:
أن الرب هو
المربي ، فلعل
ملكا هو أعظم
الملائكة هو
مربي
للنبي
صلى الله
عليه وآله ،
فكان هو
المراد من
قوله (وجاء
ربك) (2) .
باب
تفسير قوله
الله عز وجل
(هل ينظرون
إلا أن يأتيهم
الله
في
ظلل من الغمام
والملائكة)
1) لا يحتاج
على هذا إلى
ما ذكره
المفسرون من
التأويلات ،
حيث قالوا:
أي
هل ينتظر
هؤلاء
المكذبون
بآيات الله
الا أن يأتيهم
أمر الله أو
عذاب الله ،
وما
___________________________
شرح نور البراهين
في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 413
توعدهم
به على معصيته
في قطع من
السحاب ، وهذا
كما يقال: قتل
الأمير
فلانا
وان لم يباشره
وقيل: معناه
ما ينتظرون إلا
أن يأتيهم
جلائل آيات
الله
. وقال الزجاج:
معناه يأتيهم
الله بما وعدهم
من العذاب
والحساب .
والأقوال
متقاربة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
414
باب
تفسير قول
الله عز وجل
(سخر الله
منهم) إلى آخر
الباب
روي
في تفسير قوله
تعالى (وقدمنا
إلى ما عملوا
من عمل
فجعلناه هباء
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 415
منثورا
(2) أنه يؤتى
بطائفة من
الناس في
القيامة ليس
لهم أعمال
يلجأون
إليها
، ثم ينظرون
إلى أعمال
صالحة تأتي
نحوهم
كالقباطي ،
فيقال لهم:
هذه
أعمالكم
فيفرحون بها ،
ثم إذا قربت
إليهم جاءتها
ريح عاصفة ،
ففرقتها في
الهواء
ذراري ، فيقال
لهم: هذا جزاء
أعمالكم التي
كنتم تعملونها
في دار
الدنيا
ترون الخلق
أنها لله ،
وأنتم تبغون
بها القرب من
أهل الدنيا ،
فمكرتم ومكر
الله
وهو خير
الماكرين .
والاخبار
بهذا متظافرة
(3) .
1) روي عن
الباقر عليه
السلام أنه
قال: معنى جنب
الله أنه ليس
شئ أقرب إلى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
416
باب
تفسير جنب
الله عز وجل
الله
من رسوله ،
ولا أقرب إلى
رسوله من وصيه
، فهو في
القرب كالجنب
(1) .
وقال
الطبرسي رحمه
الله: الجنب
القرب ، يقال:
فلان في جنب
فلان ، أي: في
جواره
وقربه (2) .
وأما
العين ، فهي
من المجازات
الشائعة ،
لأنه لما كان
شاهدا على
العباد
مطلعا
عليهم فكأنه
عينه . وكذا
اللسان ، وذلك
أنه يخاطب
الناس من قبل
الله
تعالى
ويعبر عنه في
خلقه فكأنه
لسانه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 417
باب
معنى الحجزة
1) قال في
النهاية: فيه
(ان الرحم
أخذت بحجزة
الرحمن) أي:
اعتصمت
به
والتجأت إليه
مستجيرة ،
وأصل الحجزة
موضع شد
الإزار ، ثم
قيل للازار
حجزة
للمجاورة ،
واحتجز الرجل
ا بالإزار إذا
شد ه على وسطه
، فاستعاره
للاعتصام
، والالتجاء التمسك
بالشئ
والتعلق به ،
ومنه الحديث
الآخر
(يا ليتني (1)
آخذ بحجزة
الله) أي: بسبب
منه (2) .
2) أما في
الدنيا ، فهو
نور معنوي
يعبر به عن
الاهتداء
بهداهم
والاقتفاء
لآثارهم
. وأما في
القيامة ،
فيتجسم
للابصار ويصير
نورا محسوسا
يقطعون به
ظلمات
القيامة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
418
باب
معنى العين
والاذن
واللسان
1) حاصل هذا
الباب المراد
منها الأئمة عليهم
السلام
تراجمة الوحي
، وحراس
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
419
الشريعة
، والمبلغين
عن الله تعالى
، وبهم يفيض
الله سبحانه
موائد نعمه
على العالمين
.
باب
معنى قول الله
عز وجل (وقالت
اليهود يد الله
مغلولة) الخ
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
420
ذكر
المفسرون في
هذه الآية
ضروبا من
التأويل:
أولها:
أن القوم إنما
قالوا ذلك على
سبيل الالزام
، فإنهم لما
سمعوا قوله
تعالى
(من ذا الذي
يقرض الله
قرضا حسنا) (2)
قالوا: لو احتاج
إلى القرض
لكان
فقيرا
عاجزا .
وثانيها:
أن القوم لما
رأوا أصحاب
الرسول صلى
الله عليه
وآله في غاية
الشدة والفقر
،
قالوا
على سبيل
الاستهزاء: إن
اله محمد فقير
.
الثالث:
أن اليهود
كانوا أكثر
الناس مالا
وثروة ، فلما
بعث الله
محمدا صلى
الله عليه
وآله و
وكذبوا
به ضيق الله
عليهم
المعيشة ،
فعند ذلك قالت
اليهود: (يد
الله مغلولة)
أي: مقبوضة عن
العطاء .
الرابع:
لعله كان فيهم
من كان على
مذهب
الفلاسفة ،
وهو أنه تعالى
موجب
لذاته
، وأن حدوث
الحوادث عنه
لا يمكن إلا
على نهج واحد
وسنن واحد ،
وأنه
تعالى غير
قادر على
إحداث
الحوادث غير الوجوه
(3) التي عليها
يقع ،
فعبروا
عن عدم
الاقتدار على
التغيير
والتبديل بغل
اليد . وفي بعض
الأخبار
إشارة
إلى هذه الوجه
.
الخامس:
المراد منه
قول اليهود إن
الله لا يعذبنا
إلا قدر
الأيام التي
عبدنا
فيها
العجل ،
فعبروا عنه
بهذه العبارة
.
1) أي: اللوح
المحفوظ الذي
لا يدخله
المحو والاثبات
، بل الأمور
مكتوبة
فيه على ما
تقع ، فلوح
المحو
والاثبات مغاير
للوح المحفوظ
، وسيأتي
تحقيقه
إن شاء الله
تعالى في باب
البداء بما لا
مزيد عليه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
421
باب
رضائه وسخطه
1) قال
الطبرسي طاب
ثراه: (فلما
آسفونا) أي:
أغضبونا ، عن
ابن عباس
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 422
ومجاهد
، وغضب الله
سبحانه على
العصاة إرادة عقابهم
(3) ، ورضاه عن
المطيعين
إرادة
ثوابهم ،
وقيل: معناه:
آسفوا رسلنا ،
لان الأسف
بمعنى الحزن
على الله
سبحانه
انتهى (4) .
1) إشارة إلى
وجه آخر
لاستحالة ذلك
، كما مر من أن
الله لا يوصف
بخلقه
، وأشار عليه
السلام آخرا
إلى أن
الاحتياج إلى
الغير ما في
الخالقية
ووجوب
الوجود
، كما هو
المشهور .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
423
1) في الكافي
هكذا: فينقله
من حال إلى
حال ، لان المخلوق
أجوف
معتمل
(1) . وهو الظاهر .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
424
وحاصله:
أن عروض تلك
الأحوال
والتغيرات
إنما يكون
لمخلوق أجوف
له
قابلية ما
يحصل فيه
ويدخله معتمل
يعمل بأعمال
صفاته ،
وآلاته مركب
من
أمور مختلفة
الأشياء من
الصفات
والجهات ،
والآلات فيه مدخل
، وخالقنا
تبارك
اسمه لا مدخل
للأشياء فيه
لاستحالة التركيب
في ذاته ،
فإنه واحدي
الذات
واحدي المعنى
، فاذن لا
كثرة فيه لا
في ذاته ولا
في صفاته
الحقيقة ،
وإنما
الاختلاف
في الفعل ،
فيثيب عند
الرضا ، ويعاقب
عند السخط .
قال
السيد
الداماد طاب
ثراه: المخلوق
أجوف لما قد
برهن واستبان
في
حكمة
ما فوق
الطبيعة أن كل
ممكن زوج
تركيبي ، وكل
مركب مزدوج
الحقيقة
، فإنه أجوف
الذات لا
محالة ، فما
لا جوف لذاته
على الحقيقة
هو
الأحد
الحق سبحانه
لا غير ، فاذن
الصمد الحق ليس
هو إلا الذات
الأحدية من
كل
جهة ، فقد
تصحح من هذا
الحديث
الشريف تأويل
الصمد بما لا
جوف له
وما
لا مدخل
لمفهوم من
المفهومات
وشئ من الأشياء
في ذاته أصلا (2) .
باب
معنى قوله عز
وجل (ونفخت
فيه من روحي)
1) لعل تذكير
الضمير
باعتبار
تأويل الروح
بالمخلوق ،
وإنما أضافها
إليه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
425
سبحانه
في قوله
(ونفخت فيه من
روحي) باعتبار
انتسابها
إليه سبحانه
بمخلوقيتها
وشرفها من بين
سائر الأرواح
المخلوقة ،
وقربها منه
سبحانه
بكمال
المعرفة
والتقدس .
1) قال بعض
المحققين: لعل
اخراجه على
لفظ الريح
عبارة عن
التعبير عن
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
426
ايجاده
في البدن
بالنفخ فيه ،
لمناسبة
الروح للريح
ومجانسته
إياه ، وذلك
أن الروح
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 427
بالضم
ما به حياة
الأنفس ، وهو
منشأ الحركات
الإرادية
والادراكات ،
ولما كان ما
هذا
شأنه
منتقلا نحوا
من الانتقال
اشتق له اسم
من الريح الذي
اعتبر في
معناه
الانتقال ،
وإنما
أضافه سبحانه
إلى نفسه لأنه
اصطفى بتقدسه
وشرفه على
سائر الأرواح
، كما
أضاف
البيت إلى
نفسه ،
والخليل إلى
نفسه للشرف
والتقدس ، وكل
ذلك مخلوق
محدث
مربوب
، فلا يتوهم
أنه سبحانه له
روح به حياته
الذاتية نفخ
منه في آدم أو
عيسى عليهما
السلام .
باب
نفي المكان
والزمان
والسكون
والحركة والنزول
والصعود
والانتقال عن
الله عز وجل
1) يعني: أن
حياته تعالى
ليست زائدة
على ذاته ، أو
أن حياته
تعالى
ليست
متكيفة
بكيفيات حياة
الممكنات .
2) دفع لما
يتوهم من
اطلاق (كان) في
الفقرة السابقة
أنه تعالى
زماني ، فنفى
بهذا
أن اطلاق لفظ
(كان) عليه لا
من جهة الزمان
، بل من حيث
التعبير ، وان
ضيق
العبارة
أحوج إليه .
وقيل: إن كان
بمعنى الكون
يعني ليس له
وجود زائد على
ذاته .
وقيل:
معناه أنه لم
يتحقق كون شئ
له من الصفات الزائدة
على ذاته .
3) يعني: إن
وجوده تعالى
لا كيفية له
كالممكنات ،
وبعض الأفاضل
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 428
فصل
قوله (ولم يكن
له) عن لفظة
(كان) فتكون
الفقرة هكذا:
(وكان ولا
كان
لكونه كيف)
فكان الأولى
تامة
والثانية ناقصة
، وهو
كالتأكيد لما
قبله .
1) أي: لم
يبتدع مكانا
لكونه ، فكان
بمعنى الكون ،
أو تأول بمعنى
اللفظ . وفي
بعض
النسخ
(لمكانه) أي: لم
يبتدع مكانا
ليكون مكانا
له ، أو أن
المكان بمعنى
المكانة
والعظمة ،
يعني: انه
تعالى لم يخلق
لعظمته مكانا
كالسرير
للملك حتى
يكون
محلا لظهور
جلال كبريائه
.
2) إشارة إلى
بهجته وسروره
بذاته ،
والتذاذه سبحانه
بادراكه نفسه
المقدسة
.
3) أي: لا يفزع
، أو لا يغشى
عليه للخوف من
شئ .
4) أي: يمكن
وصفه بكنه
الحقيقة ، أو
يوصف بالزمان
والمكان .
وقيل: المراد
بالكون
الموصوف
الوجود
المتصف
بالتغير أو عدمه
عما من شأنه
التغير
المعبر
عنهما
بالحركة
والسكون .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 429
1) أي: يعرف
بآثاره .
2) بالحاء
المهملة من
الحيرة ، أو
بالجيم كما في
أكثر النسخ
على بناء
المجهول كما
قيل ، أي: لا
يجير أحد من
شئ . والأظهر
أنه من باب
المعلوم
مهموزا
، يقال: جأر
كمنع رفع صوته
بالدعاء والتضرع
.
3) أي: قبل
كلما هو قبل ،
يعني: كلما يفرض
أنه قبل
الأشياء فهو
تعالى قبله .
وقيل:
معناه أنه
تعالى لا يتصف
بالقبلية
لأنها إضافية
وضرب من
النسبة ،
أوليس
قبليته
قبلية زمانية
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
430
1) أي: أن
غايات الزمان
انقطعت عن
وجوده ، لأنه
سابق عليها
وباق بعدها .
(واليه
منتهى كل
غاية) لأنه
موجد الغايات
، والذي غياها
وجعلها
غايات
. وقيل: معناه
أنه منتهى
مطلب الحاجات
والرغبات
منتهية إليه .
2) ذكر
المصنف طاب
ثراه في معنى
هذا الحديث
أنه عبد طاعة
لا عبد ملك .
أقول:
ويجوز أن يكون
من باب التواضع
، فلا يجوز
لغيره أن ينسب
إليه ما
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
431
نسب
إلى نفسه .
1) رأس
الجالوت مقدم
علماء اليهود
، وجالوت أعجمي
.
2) أي: أقواهم
وأقدرهم على
الخصومة
والمناظرات
والمباحثات .
3) أي:
بالمعارف الدينية
والعلوم
الحقيقية
والشرعية .
4) سؤال عن
اختصاصه
بزمان يكون
وجوده فيه .
5) أي: هو
موجود بلا
ايجاد حادث .
6) أي: ليس شئ
يكون انتهاؤه
عند ذلك الشئ
، فيكون منتهى
غايته ، بل
هو
غاية كل شئ
واليه ينتهي
كل شئ .
7) يجوز أن
يكون (إلى)
بمعنى اللام ،
أي: ان غايته
ليس لها غاية
، أو أن
غايته
تعالى لا
ينتهي إليها
غاية أبدا ،
وتكون مساوية
لها ، بل هو
غاية الغايات
.
8) يعني: ليس
له غاية ، بل
الغايات
والنهايات تقطعت
وعدمت عنده .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
432
1) يجوز أن
يكون المراد
تحريف لفظ
الخير ، ويجوز
أن يكون
المراد
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
433
تحريفهم
معناه ، بأن
يكون المراد
بنزوله تعالى
نزول ملائكته
مجازا .
1) الاقتراح:
السؤال من غير
روية وتفكر .
2) قيل لعل
معناه
المناسب هنا
هو أنه كان
مقصوده تعالى
من التكليف
بالخمسين
صلاة ايصال
ثوابها إليهم
، أو انه تعالى
لما قرر على
أمته صلى
الله عليه
وآله
الخمسين
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
434
وقبلها
من جانب أمته
، وانه لولا
شفاعة الكليم
لما راجع ربه
عنها ، فلو لم
يعطهم
عز
وجل ذلك
الثواب لكان
ظلما في جنب
عظمته وقدرته
وعجز خلقه
وافتقارهم
إليه .
1) الغرض من
هذه الشواهد
كلها بيان أن
هذا الاطلاق
كثير شائع .
2) استشهاد
بقول الرسول صلى الله
عليه وآله ،
أو بالمعروف
بين الخاص
والعام . هذا .
واعلم
أنه قال
المرتضى طاب
ثراه في جواب
بعض الاشكالات
الموردة على
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
435
هذا
الخبر: قلنا:
أما هذه
الرواية ، فهي
من طريق
الآحاد التي
لا توجب علما
،
وهي
مع ذلك مضعفة
، وليس يمتنع
لو كانت صحيحة
أن تكون
المصلحة في
الابتداء
تقتضي
العبادة
بالخمسين من
الصلوات ،
فإذا وقعت
المراجعة
تغيرت
المصلحة
واقتضت أقل من
ذلك حتى تنتهي
إلى هذا العدد
المستقر ،
ويكون
النبي
صلى الله
عليه وآله قد
أعلم بذلك ،
فراجع طلبا
للتخفيف عن
أمته والتسهيل
.
ونظير
ما ذكرناه في
تغير المصلحة
بالمراجعة
وتركها أن فعل
المنذور قبل
النذر
غير واجب ،
فإذا تقدم
النذر صار
واجبا وداخلا
في جملة
العبادات
المفترضات
، وكذلك تسليم
المبيع غير
واجب ، ولا
داخل في جملة
العبادة ،
فإذا
تقدم
عقد المبيع
وجب وصار
مصلحة ،
ونظائر ذلك في
الشرعيات أكثر
من أن
تحصى
.
وأما
قول موسى عليه
السلام له صلى الله
عليه وآله:
أن أمتك لا
تطيق ، فليس
ذلك بتنبيه له
صلى الله
عليه وآله ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
436
وليس
يمتنع أن يكون
النبي صلى
الله عليه
وآله أراد أن
يسأل مثل ذلك
لو لم يقله
موسى عليه
السلام .
ويجوز
أن يكون قوله
قوي دواعيه في
المراجعة التي
أبيحت له ،
وفي الناس من
استبعد
هذا الموضع من
حيث يقتضي أن
يكون موسى عليه
السلام في
تلك الحال حيا
كاملا
، وقد قبض منذ
زمان . وهذا
ليس ببعيد ،
لان الله
تعالى قد أخبر
أن
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
437
أنبياءه
عليهم
السلام
والصالحين من
عباده في
الجنان
يرزقون ، فما
المانع من أن
يجمع
الله
بين نبينا صلى الله
عليه وآله
وبين موسى عليه
السلام .
1) تقدم أن
قوله (محجوب)
يجوز أن يكون
بمعنى حاجب ،
أو أنه إشارة
إلى
أن
حجابه عن
الخلائق غير
محجوب ومخفي ،
بل هو حجاب
ظاهر ، وهو ما
تقدم من
أن
الحجاب بينه
وبين خلقه هو
خلقه تعالى
لهم ، عاجزين
قاصرين عن
ادراك كنهه .
2) هذا مذهب
طائفة من
الحنابلة
القائلين
بالجسم ، وأنه
تعالى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
438
من
السماء إلى
الأرض يدبر
الأرض وأهلها
، ثم يصعد إلى
محله عند طلوع
الفجر ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
439
والمراد
من العبد الذي
وضع قدمه على
الحجر
إبراهيم عليه
السلام ،
وقال عز شأنه
(واتخذوا
من مقام
إبراهيم مصلى)
(1) فلو كان قد حصل
لصخرة بيت
المقدس ما
قالوه
من الشرف لرفع
شأنها ، ونوه
بحالها ، تعالى
عما يقول
الكافرون
علوا كبيرا .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 440
1) روى
أصحابنا هذه
الرواية ، وأن
أمير المؤمنين
عليه
السلام قال
لليهودي: ان
عرفتك
به من كتابك
أتؤمن به ؟
قال: نعم ، قال:
ألستم تجدون
في بعض كتبكم
أن
موسى
بن عمران كان
ذات يوم جالسا
إذ جاءه ملك من
المشرق ، فقال
له: من أين
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
441
جئت
؟ قال: من عند
الله عز وجل ،
إلى آخر
الملائكة
الأربعة ،
فقال موسى عليه
السلام:
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
442
سبحان
من لا يخلو
منه مكان ولا
يكون إلى مكان
أقرب من مكان (1) .
1) نزلت هذه
الآية في قبلة
المتحير الذي
لم يهتد إلى
القبلة .
والوجه هنا
بمعنى
الجهة التي
يتوجه إليه
منها .
2) يعني به
حالة بين
حالتين ، لان
النداء المراد
منه الصوت
العالي ، كما
هو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 443
متعارف
بين الصوفية
في أذكارهم
المشتملة على
الرقص
والغناء
والوجد
والعنا .
والمناجاة
المراد منها
المسارة
والمشاورة . أما
الجليس
فالكلام معه
متوسط بين
الحدين
، ولعل فيه
إشارة إلى أنه
أفضل الفردين
، فان
المناجاة
والمسارة نوع
من
الذكر
، كما ورد في
كيفية
الأدعية
المأثورة .
1) أي: فوض
أمرك إلى
العزيز
المنتقم من
أعدائه الرحيم
لأوليائه ،
ليكفيك
كيد
أعدائك الذين
عصوك فيما
أمرتهم به
(الذي يراك
حين تقوم) في
صلاتك .
وقيل:
حين تقوم
بالليل ، لأنه
لا يطلع عليه
أحد غيره .
وقيل: حين
تقوم للانذار
وأداء
الرسالة
(وتقلبك في
الساجدين) أي:
ويرى تصرفك في
المصلين
بالركوع
والسجود
والقيام
والقعود ،
والمعنى: يراك
حين تقوم إلى
الصلاة مفردا
، وتقلبك في
الساجدين
إذا صليت في
جماعة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
444
وقيل:
معناه وتقلبك
في أصلاب
الموحدين من
نبي إلى نبي
حتى أخرجك
نبيا
، وهو المروي
عن أبي جعفر
وأبي عبد الله
عليهما
السلام ،
قالا: في
أصلاب
النبيين نبي
بعد
نبي حتى أخرجه
من صلب أبيه
من نكاح غير
سفاح من لدن
آدم . وروى
جابر
عن أبي جعفر عليه
السلام قال:
قال رسول الله
صلى الله
عليه وآله:
لا ترفعوا
قبلي ولا
تضعوا
قبلي
، فاني أراكم
من خلفي كما
أراكم من
أمامي ، ثم
تلا هذه الآية
(1) .
1) لأنه إذا
وصف بالقيام
كقيام
الأشخاص ، كان
قد أزاله عن
مكان القعود
إلى
مكان القيام ،
أو أن القائم
يلزمه الانتقال
من مكان إلى
مكان .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
445
1) فيه إشعار
بأن من وصفه
بغير ما هو
عليه ، كالقول
بزيادة
الصفات ، أو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
446
بالجسم
والصورة ، فهو
لم يعقل به
تعالى بل قال
بغيره .
1) ورد في
الاخبار دفع
المار على
قبلة المصلي ،
فيجوز حمل مثل
هذا
الخبر
على بيان
الجواز ودفع
التحريم .
باب
أسماء الله
تعالى والفرق
بين معانيها
وبين معاني
أسماء
المخلوقين
2) هو الرضا عليه
السلام: كما
هو المصرح به
في الكافي (1)
وغيره .
3) أي: خالقها
ومعطي
مهياتها على
القول بجعلها
.
4) وفي موضع
آخر: لو كان
كما يقول
المشبهة ، وهو
المراد هنا .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
447
1) في رواية
الجرجاني
الأخرى
موافقة لما في
الكافي:
وأنشأه وبينه
إذ كان (1) .
والمعنى:
أنه سبحانه
فرق بين
مخلوقاته
وبين نفسه ،
لعدم
الاشتراك
والمشابهة
. ويحتمل أن
تكون لفظة
(وبينه) فعلا لا
ظرفا ، فيكون
معطوفا على
الأفعال
السابقة .
والمعنى:
أنه فرق بين
من جسمه
وأوجده حقيقة
متقدرة
متكممة ، ومن
صوره
وأوجده
متصورة بصورة
خاصة ، ومن
أنشأه وأوجده
ذاتا متميزة
بمهية وأينية
،
وجعل
لكل من كل قسم
حقيقة خاصة
وصفة مخصوصة ،
وكل مخلوقاته
مقولة
بعضها
على بعض معرف
لما يقال عليه
، ولا يحمل شئ
منها عليه
سبحانه ، ولا
يعرف
هو به إذ كان
لا يشبهه شئ ،
ولو عرف بما
عرف به شئ
منها لوقعت
المشابهة
.
2) أي: أتيت
بالمحال (إنما
التشبيه في
المعاني) أي:
التشبيه
الممنوع منه
إنما
هو تشبيه معنى
حاصل فيه
تعالى بمعنى
حاصل محقق لا
مجرد اطلاق
اللفظ
الواحد
عليه تعالى
وعلى خلقه
بمعنيين
متغايرين .
وقيل:
المعنى أنه
ليس التشبيه
في كنه
الحقيقة والذات
، وإنما
التشبيه في
المفهومات
الكلية التي
هي مدلولات
الألفاظ ويصدق
عليه تعالى (2) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
448
1) أي:
الأسماء التي
تطلق عليه
تعالى وعلى
الخلق واحدة ،
لكنها لا توجب
التشابه
، الأسماء
دالة على
المسميات
وليست عينها
حتى يلزم
الاشتراك في
حقيقة
الذات
والصفات .
2) هو بكسر
الجيم البعوض
الصغار ،
فيكون من باب ذكر
الخاص بعد
العام .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
449
1) اللحاء
بالكسر والمد:
قشر الأشجار .
2) في الكافي:
لدمامة خلقها
(1) . الدمامة
بفتح الدال
المهملة يقال:
رجل
دميم
وبه دمامة إذا
كان قصير
الجسم حقير
الجثمان قبيح
الخلقة . وأما
الذمامة
باعجام
الذال بمعنى
القلة من
قولهم (بئر
ذمة) قليلة
الماء .
3) المراد
بالقدم وجوب
الوجود
بالذات ، وجوب
الوجود
بالذات يدل
على
التوحيد
بالسرمدية ،
لامتناع
التعدد في
الواجب بذاته
، واستحالة
سرمدية
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
450
غيره
، فلا شئ قبله
بسرمديته ،
ولا شئ معه في
مرتبته في
ديموميته
واستمرار
وجوده
، لكون كل شئ
مخلوقا له ،
لان كل شئ سواه
ممكن ، وكل
ممكن إنما
يوجد
بايجاب خالق
له يخرجه من
العدم إلى
الوجود
وينتهي لا
محالة إلى
الواجب
.
1) قال بعض
المحققين: هذا
بيان
لخالقيته لكل
شئ بما يناسب
أفهام العامة
من
أن إقرار
العامة ، أي:
كل الناس بأنه
سبحانه خالق
كل شئ ، وأنه
لم يسعهم
انكاره
، كما قال
سبحانه ولئن
سألتهم من
خلقهم ليقولن
الله (1) يدل على
خالقيته
لكل شئ ، وان
مقدمات
بيانها ظاهرة
، وإذا كان
خالقا لكل شئ
، فلا
شئ
قبله ولا شئ
معه .
أقول:
حاصله أن قوله
(معجزة) فاعل
(بان) وقوله (أنه
لا شئ) بدل
منه
، أي: ظهر لنا
باعتراف
العامة
والعقلاء اعجاز
صفة القدم ،
وذلك الاعجاز
هو
الحكم
بأنه لا شئ
قبله ولا شئ
معه .
2) القائلون
بأنه كان معه
غيره
كالثنوية
معروفون . أما
القائلون
بأنه كان شئ
قبل
الله فلا
يعرفون ، وكان
المراد منهم
من زعم أن له
أبا ، أو من
زعم من
الديصانية
أن معه طينة
قديمة لم
يستطع التفصي
منها إلا
بامتزاجه بها
ودخوله
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
451
فيها
، فمن تلك
الطينة خلق
الأشياء ،
وظاهرهم أن
تلك الطينة
كانت قبله ،
تعالى
عما
يقول
الكافرون
علوا كبيرا .
1) المراد من
الغالين هنا
من تجاوز في
الخلق عن
درجتهم
وشاركهم مع
الله
سبحانه
في أسمائه
وصفاته وكذب
أهل الحق النافين
هذا القول .
2) المشاركة
فيها كلها ان
كانت الحالات
كلها منحصرة
في الصفات
المذكورة
، أو المشاركة
في البعض إن
كان له حالات
غير هذه
المذكورات ،
فتكون
المشاركة
في هذه
المذكورات
دون ما لم يذكر
، وفيه دلالة
على التشارك
في
المهية
، حيث يدل
التشارك في
جميع الأحوال
، أو معظمها
على التشارك
في
المهية
، وهكذا
تكذيبهم لأهل
الحق .
3) أي: قيل لهم
في الجواب: ان
الله تبارك
وتعالى ألزم
العباد اسما
من أسمائه
وأطلقها
عليهم ،
وسماهم بها لا
بوضع واحد وبمعنى
واحد ، بل على
اختلاف
المعاني
باشتراك
الاسم بين
معنيين ، أو
بالنقل ، أو
بالحقيقة
والمجاز ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
452
وذلك
كما يجمع
الاسم الواحد
في اللغات
معنيين
مختلفين
بالاشتراك أو
النقل ،
أو
الحقيقة والمجاز
.
1) أي: المصحح
له قول الناس
في مقالاتهم .
(الجائز
عندهم) أي:
السائغ .
2) حال من
فاعل الجائز ،
ولما كان
السائغ الشائع
في لغاتهم
الاستعمال
بالاشتراك
والنقل
والحقيقة
والمجاز .
(فكلمهم
بما يعقلون
ليكون عليهم
حجة) أي: كلمهم
بما يعقلون في
أقوالهم
ولغاتهم
، ليكون عليهم
حجة في تضييع
ما ضيعوا ولم
يكن لهم
اعتذار بأنك
كلمتنا
بما لا نعقله
، ولم يكن على
طباق الشائع
من
استعمالاتنا .
3) بيان
لشيوع اطلاق
اللفظ الواحد
على معان مختلفة
.
(وإنما
نسمي الله
بالعلم) أي:
وصف به وأطلق
عليه العالم
المشتق من
العلم
.
والروية
أي: التفكر .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
453
1) هكذا في
بعض النسخ ،
فيكون معطوفا
على الخلق . وفي
بعض النسخ (
تقفية
ما مضى مما
أفنى) أي: جعل
بعض ما يفنى
في قفاء ما
مضى ، إذ يكون
مستحضرا
لما مضى مما
أعدمه سابقا حتى
يفني ما يفني
بعده على
طريقته ،
فيكون
معطوفا
على الموصول .
2) الخرت
ويضم: الثقب
في الاذن
وغيرها .
3) هذا مخصوص
بالحيوان .
والكبد
بالتحريك:
الشدة
والمشقة .
4) أي: المحصي
لها الحافظ
عليها ،
فاطلاق القائم
عليه سبحانه
من هذه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 454
الجهة
وعلى غيره من
غيرها .
1) القضافة:
السخافة
والرقة .
2) أي: غلب
العقل حتى صار
العقل لا يصل
إليه .
3) الذري بضم
الذال
المعجمة وكسر
جمع ذروة بهما
، وهي أيضا
أعلى
الشئ
.
___________________________
شرح نور البراهين
في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 455
1) أي: لا يخفى
شئ من صفاته
وآثاره على من
طلبه ، وان
رجع الضمير
إليه
تعالى يكون
ذكره
استطرادا
وتمهيدا لقوله
(وانه مدبر
لكل ما برأ) .
إذا
عرفت هذا
فاعلم أن
ظهوره سبحانه
عبارة عن انكشاف
وجوده لابصار
بصائر
عباده في جزئيات
آثاره ، كما
قال تعالى
(سنريهم
آياتنا في
الآفاق وفي
أنفسهم)
(1) وان كانت
مشاهدة الخلق
له على مراتب متفاوتة
ودرجات
متصاعدة
، كما أشار
إليه بعض
الاعلام ، ما
رأينا شيئا
إلا ورأينا
الله بعده ،
فلما
ترقوا
عن تلك
المرتبة درجة
من المشاهدة
والحضور ،
قالوا: ما
رأينا شيئا
إلا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
456
ورأينا
الله فيه ،
فلما ترقوا
قالوا: ما
رأينا شيئا
الا ورأينا
الله قبله ،
فلما تر قوا
قالوا:
ما
رأينا شيئا
سوى الله .
والأولى
مرتبة الفكر
والاستدلال
عليه ، والثانية
مرتبة الحدس ،
والثالثة
مرتبة
المستدلين
به لا عليه ،
والرابعة
مرتبة الفناء
في ساحة عزه ،
واعتبار
الوحدة
المطلقة
محذوفا عنها
كل لا حق .
1) وفى بعض
النسخ: (خلق
اسما بالحروف
غير منعوت) وفي
بعضها (
متصوت)
موضع (منعوت) .
واعلم
أن هذا الحديث
من متشابهات
الاخبار
ومشكلات
الآثار ، لا
يعلم
كنهه
الا ما خرج من
أنوار علومهم
. وقد ذكر الأفاضل
له معان
متعددة ،
وكلها
على
سبيل
الاحتمال ،
وإن كان بعضها
أقرب من البعض
الآخر ، كما
ستطلع
عليه
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
457
فنقول:
الوارد في
أكثر النسخ
(أسماء) بلفظ
الجمع ، وفي
بعضها (اسما)
بالافراد
، والجمع بين
النسختين كما
قيل: إنه اسم
واحد على
أربعة أجزاء ،
كل
جزء
منه اسم ،
فيصح التعبير
عنه بالاسم
وبالأسماء .
وقوله (غير
منعوت) معناه
غير
موصوف . وفي
الكافي (1) وبعض
نسخ هذا الكتاب
(غير متصوت) أي:
أنه
تعالى
خلق ذلك الاسم
وأوجده من غير
تنطق بصوت وحرف
، كما في غيره
من
المخلوقات
، وهو معنى
قوله (غير
منعوت) وعبارة
الكافي هكذا:
ان الله تبارك
وتعالى
خلق أسماء
بالحروف غير
متصوت وباللفظ
غير منطق الخ .
وفي بعض
نسخ
هذا الكتاب ما
يوافقه .
وجعلوا
قوله (غير
منعوت) أو (غير
متصوت) محتملا
لمعنيين:
أحدهما
أن يكون مع ما
عطف عليه صفة
للاسم ، يعني
ان ذلك الاسم
الذي
خلقه
موصوف بأنه
غير منعوت ولا
متصوت به بالحروف
، لان كلامه
تعالى
ليس
مشتملا على
الصوت
والحروف
القائمة به كغيره
.
وثانيهما:
أنه مع ما بعده
حال من فاعل
خلق ، أي: انه
تعالى خلق ذلك
الاسم
حال
كونه سبحانه
غير موصوف
بالحروف
وقيامها مع
الصوت به
تعالى . وهذا
هو
الذي
سمعته حال
قراءتي أصول
الكافي على
الشيخ الجليل
صاحب التفسير
الموسوم
بنور الثقلين
في شيراز في
داره المجاورة
للجامع (2)
ويؤيده ما في
أكثر
نسخ هذا
الكتاب من
قوله (وهو عز
وجل بالحروف غير
منعوت) فإنه
نص
فيه
. وأيضا
انطباق ما
يليه من
الفقرات عليه
سيما قوله
(وبالشخص غير
مجسد)
فإن
انطباقه على
الاسم بعيد ،
لأن هذه مما
كثر الاشتباه
فيها بالنسبة
إليه سبحانه ،
___________________________
شرح نور البراهين
في أخبار
السادة
الطاهرين -
صفحة 458
فيحتاج
إلى البيان .
(وباللفظ
غير منطق)
معناه: أنه لم
يكن الاسم ناطقا
باللفظ ، كما
ينطق
الاسم
فينا باللفظ ،
فيكون اسناد
النطق إلى الاسم
من باب التوسع
، كما في قوله
تعالى
(هذا كتابنا
ينطق عليكم
بالحق) (1) .
(وبالشخص غير
مجسد) معناه
على الأول أن
ذلك الاسم ليس
له سواد يرى
حتى
يكون مجسدا .
وقيل: إنه
إشارة إلى
تغاير الاسم
والمعنى ،
يعني ان ذلك
الاسم
غير متحد بشخص
ولا جسد له
تعالى . وأما التشبيه
واللون
والأقطار
ونحوها
، فلا تنطبق
على المعنى
الأول الا بتكلف
تام .
1) يعني بالاستتار
عدم اطلاع قوى
الادراك على
كنهه .
وقوله
(غير مستور)
معناه أنه لا
يستتر عن خلقه
بالستر
والحجب ،
كاستتار
الخلائق
بعضهم عن بعض .
وله
معنى أدق من
هذا ، وحاصله:
أن ذلك الستر
الذي استتر به
تعالى عن
خلقه
غير راجع إليه
ولا هو له ، بل
ذلك الستر والحجاب
إنما هو لغيره
من
الممكنات
، وهو عجزها
ونقصها
ووسمها بسمات
الامكان
وظلمات مواد
الأبدان .
2) أي: جعل ما
خلقه من الاسم
كلمة تامة
محيطة بجميع
الأشياء ، لا
يخرج
شئ
عنها وعن
نسبتها .
3) أي: ليس بين
تلك الأجزاء
ترتيب وضعي أو
لفظي ، فلا
واحد منها قبل
الآخر
، كما يتلفظ الناس
بالكلمات ،
فإنها تخرج
شيئا بعد شئ
من مخارج
الحروف .
4) أي: جعلها
ظاهرة على
خلقه لحاجتهم
إليها ، وانتظام
أمورهم في
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
459
التوسل
بها إليه .
1) أي: الاسم
الذي امتاز به
تعالى عن غيره
من الأنبياء
والملائكة ،
أو
المخزون
عن غير
المعصومين عليهم
السلام .
2) يعني: أن
الظاهر من
الأربعة
الألف واللام
والهاء ، لان
لام التعريف
زائد
على
ما يشهد به
مبدأ
الاشتقاق ،
واطلاق الاسم على
الحروف شائع
لاطلاقه
عليه
لغة وشرعا ،
وهذه الحروف
الثلاثة دالة
على الذات
الكاملة
الجامعة
لصفات
الكمال
، وباقي
الأسماء من
توابعها
وداخل فيها ،
لأنه من صفات
الافعال ، بل
ولو
كان
من صفات الذات
أيضا ،
لتضمنها
للمعاني الوضعية
(1) .
وبعض
المحققين لما
حمل الأسماء
على ما هو الظاهر
منها ، قال: أن
الظاهر
منها
هو الله
الرحمن الرحيم
. ولا يخفى أن
تعريف
المبتدأ
والخبر وتوسط
ضمير
الفصل
في قوله
(فالظاهر هو
الله) آب عنه ،
لان ظاهره
الانحصار في
خصوص
هذا
اللفظ الشريف
.
3) لا يخفى أن
الاطلاع على
هذه الأركان
وعلى الثلاثين
اسما مما لا
نعرف
حقيقته
، وقد ذكر
المحققون
فيها ضروبا من
التأويل ، لكنها
على سبيل
الاحتمال:
منها:
ما قاله بعض
الاعلام من أن
المراد بالأركان
الاثني عشر
البروج
الفلكية
، فإنها بهذا
العدد ، فتكون
حركات هذه
البروج
وحركات ما
فيها من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
460
الكواكب
مستندا إلى
تلك الأسماء
الثلاثة ، ثم
خلق سبحانه
لتلك البروج
الاثني
عشر
ثلاثين اسما
لكل واحد منها
، فتكون أفعال
تلك البروج
منسوبة إلى
تلك
الأسماء
، وان جهلنا
هذه النسبة
كجهلنا بالنسبة
الأولى .
ومنها:
أن المراد
بالأركان
الاثني عشر
الأئمة
المعصومين سلام الله
عليهم ،
ويكون
المراد من
تسخير هذه
الأركان لتلك
الأسماء هو
كونهم عليهم
السلام حملة
للعلم
الذي
استكن في تلك
الأسماء ،
فإنه لا
يتناهى ، وخلق
سبحانه لكل
امام ثلاثين
اسما
من أسمائه
تعالى الحسنى
، بأن يكون
أكثر أفعاله عليه
السلام
منسوبة إليها
والى
تكرارها
والاطلاع على
معانيها
والتوسل بها ،
وقد أشير إلى
هذا في بعض الأخبار
.
ومنها:
أن الأركان
الاثني عشر
عبارة عن
ساعات الليل
والنهار
بالتقريب
السابق
.
ومنها:
أن المراد بهم
حملة العرش ،
وذلك أن حملة
العرش بمعنى
الجسم
المحيط
أربعة من
الملائكة .
وأما حملة عرش
العلم ، فهم
ثمانية: أربعة
منا ،
وأربعة
ممن شاء الله .
فأما الذين
منا ، فهم محمد
وعلي
والحسنان
صلوات الله
عليهم
وعلى الأئمة
من ذريتهم .
وأما من شاء
الله ، فهم
نوح وإبراهيم
وموسى
وعيسى
، كذا جاء في
الرواية ،
ويجئ فيه
التقريب
السابق .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 461
ومنها:
ما خطر بالبال
من أنه يجوز
أن يكون المراد
أنه لما كان
الاسم الظاهر
هو
لفظ الله
سبحانه ، وكان
هذا اللفظ
دالا على
الذات
الوحدانية
الصمدانية من
غير
ملاحظة
شئ من الصفات
، سخر الله له
اثني عشر ركنا
، وهي الأسماء
الدالة على
صفات
الذات ،
كالعالم ،
والقادر ،
والسميع ، والبصير
، إلى غير ذلك
من صفات
الذات
لتكون منشأ
للاستدلال
على وجود
الذات المقدسة
وطريقا إلى
معرفتها
بالوجه
(2) .
1) يعني: أن
ذلك المكنون
محجوب في ضمن
هذه الثلاثة .
2) أي: ما ذكر
من ايجاد
الذات الأحدي
اسما على أربعة
أجزاء واظهار
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
462
ثلاثة
منها ،
والظاهر هو
الله ، وانه
سخر لكل واحد
من أجزائه
الثلاثة
أربعة أركان
من
الأسماء
الدالة على
الذات ، وخلق
لكل ركن ثلاثين
اسما تفصيل
لما أجمله
سبحانه
بقوله (قل
ادعوا الله أو
ادعوا الرحمن)
فإنه دل على
أنه يجوز
دعاؤه
بالاسم
الظاهر
المخلوق لولا
الدال على
الذات
الموجود بلا
مهية كلية ،
وباسم من
الأسماء
الدالة على
الافعال
كالرحمان ،
فان الأسماء
الحسنى كلها
مختصة بالذات
الأحدي
، ويستوي في
صحته التعبير
عنه بها .
قيل:
نزلت الآية
حين سمع
المشركون
رسول الله صلى الله
عليه وآله
يقول: يا الله
يا
رحمان
، فقالوا: إنه
ينهانا أن
نعبد إلهين
وهو يدعو إلها
آخر ، وقالت
اليهود: انك
لتقل
ذكر الرحمان
وقد أكثره
الله في
التوراة ،
فنزلت الآية
ردا لما
توهموا من
التعدد
، أو عدم الاتيان
بذكر الرحمان
(1) .
1) يعني: ان
معناه مدلول
لفظ الله ،
فيدل حينئذ على
أن الله اسم
للذات من غير
ملاحظة
صفة من الصفات
، كما سيأتي
بيانه .
2) يعني: أول
أسمائه التي
باعتبار
الصفات والنسب
إلى الغير .
3) يعني: أن
أسماءه تعالى
صفات يوصف بها
وتحمل عليه ،
ولا ريب أن
الصفة
غير الموصوف .
وبالجملة
فأسماؤه
تعالى كلها
متناسبة له
لدلالتها على
صفاته
، بخلاف أسماء
غيره ، فإنه
قد لا يكون لها
معنى كزيد
وعمرو ، وقد
يكون
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
463
لها
معنى غير
مناسب ، كالأسماء
الدالة على
صفات لا تناسب
المسميات بها
.
1) اختلف
المتكلمون في
أن الاسم هل
هو عين المسمى
أو غيره ؟
فذهب
أكثر
الأشاعرة إلى
الأول ، وذهب
الامامية رضوان
الله عليه
والمعتزلة
إلى الثاني ،
وقد
وردت الاخبار
ناعية على أهل
القول الأول ،
وإبطال ما
قالوه من الاتحاد
،
وحيث
أن كلامهم في
غاية الركاكة
وخلاف البديهة
أوله بعض
المتأخرين
بما لا
يرتضيه
القائل ، لان
كلماتهم
صريحة في
إرادة الظاهر
منه .
قال
شارح المقاصد:
المسمى هو
المعنى الذي
وضع الاسم
بإزائه ،
والتسمية
هو
وضع الاسم
للمعنى ،
والاسم هو
اللفظ المفرد
الموضوع للمعنى
، ولا خفاء
في
تغاير الأمور
الثلاثة ،
وإنما الخفاء
فيما ذهب إليه
بعض أصحابنا
من أن الاسم
نفس
المسمى ،
وفيما ذكره
الشيخ
الأشعري من أن
أسماء الله
تعالى ثلاثة
أقسام ما
هو
نفس المسمى ،
مثل الله
الدال على
الوجود أي:
الذات ، وما
هو غيره
كالخالق
والرازق
ونحو ذلك مما
يدل على فعل ،
وما لا يقال
أنه هو ولا غيره
، كالعالم
والقادر
وكل ما يدل
على الصفات .
وأما
التسمية ،
فغير الاسم
والمسمى ،
وتوضيحه: أنهم
يريدون
بالتسمية
اللفظ
وبالاسم
مدلوله ، كما
يريدون
بالوصف قول
الواصف
وبالصفة
مدلوله ، وكما
يقولون
إن القراءة
حادثة والمقرو
قديم ، الا أن
الأصحاب
اعتبروا المدلول
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
464
المطابقي
، فأطلقوا
القول بأن
الاسم نفس المسمى
للقطع بأن
مدلول الخالق
شئ
ماله
الخلق لا نفس
الخلق ،
ومدلول
العالم شئ ماله
العلم لا نفس
العلم ،
والشيخ
أخذ
المدلول أعم ،
واعتبر في
أسماء الصفات
المعاني
المقصودة ،
فزعم أن مدلول
الخالق
الخلق وهو غير
الذات ،
ومدلول
العالم العلم
وهو لا عين
ولا غير
انتهى
(1) .
وقال
القاضي
البيضاوي:
الاسم ان أريد
به اللفظ فغير
المسمى ، لأنه
يتألف
من
أصوات مقطعة
غير قارة ،
وتختلف
باختلاف
الأمم
والأعصار ،
والمسمى لا
يكون
كذلك . وإن
أريد به الصفة
، كما هو رأي
الشيخ أبي
الحسن
الأشعري ،
انقسم
عنده
انقسام الصفة
إلى ما هو عين
المسمى ، والى
ما هو غيره
والى ما ليس
هو ولا
غيره
، هذا كلامه .
وقال
الآمدي: ذهب
الشيخ أبو الحسن
الأشعري
وعامة
الأصحاب إلى
أن
من
الصفات ما هو
عين الموصوف
كالوجود ،
ومنها ما هو
غيره وهي كل
صفة
أمكن
مفارقتها عن
الموصوف ،
كصفات
الافعال من
كونه خالقا
ورازقا
ونحوهما
. ومنها ما ليس
بعين ولا غير
، وهي ما لا
يمتنع
انفكاكه بوجه
، كالعلم
والقدرة
وغير ذلك من الصفات
لله تعالى ،
بناء على أن
المتغايرين موجودان
يجوز
الانفكاك
بينهما بوجه .
وفي
شرح المواقف:
قد اشتهر
الخلاف في أن
الاسم هاهنا
هو المسمى أو
غيره
، ولا يشك
عاقل في أنه
ليس النزاع في
لفظ الفرس أنه
نفس الحيوان
المخصوص
أو غيره ، بل
في مدلول
الاسم أهو
الذات من حيث
هي هي أم
باعتبار
أمر
آخر صادق عليه
عارض له .
فلذلك قال
الشيخ: أنه قد
يكون الاسم
عين
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
465
المسمى
نحو الله ،
فإنه اسم علم
للذات من غير اعتبار
أمر فيه ، وقد
يكون غيره
نحو
الخالق
والرازق مما
يدل على نسبته
إلى غيره ،
ولا شك أنها
غيره ، وقد
يكون
لا
هو ولا غيره .
هذا كلام
القوم في
تأويل مقالة
الأشعري .
وحاصله:
أن بعضهم حمل
الاسم في
كلامه على
الصفة ، فيكون
مسألة
متفرعة
على عينية
الصفات
وزيادتها ،
كما نص عليه
بعض المحققين
، وبعضهم
حمل الاسم
في كلامه على
المسمى ،
وحاصله: أن
المسمى قد
يكون عين
الذات
كلفظة
(الله) فان
مسماها هو
الذات ، وقد
يكون المسمى
غير الذات ،
كالخالق
والرازق
ونحوهما ، فان
مسمى الخالق
ذات مع نسبة
إضافية وهي
غير الذات ،
وقد
يكون
لا عين ولا
غير كالعالم
والقادر ، وقد
مر بيانه ،
لكن المستفاد
من ظاهر
الأحاديث
الرادة على
الأشعري
وصريح كلامه هو
إرادة الظاهر
منه ، ومذاهبه
في
أكثر الموارد
سخيفة لا
يحتاج إلى
التأويل .
1) يعني: ان
لفظة (الله)
مخلوقة
كغيرها ،
لوقوع عبارة
اللسان عليها
ونقشها
بالخط
والكتابة
وعمل الأيدي
لها .
2) أي: ان لفظة
(الله) غاية من
طلب لله غاية
، لأنه يستدل به
على الذات ،
فتكون
الذات
المقدسة
مغياة بهذا
الاسم ، وهو علامة
من علاماتها
ودليلا من
الدلائل
عليها ، ولا
ريب أن المغيى
غير الغاية ،
فيبطل القول
باتحادهما ،
كما
حكيناه
عن الأشعري ،
وقد تقدم هذا
الحديث بلفظ
آخر وفيه من
غاياته ، أي:
اسم
من أسمائه
تعالى .
3) بصفات
الامكان
لكونها نهاية
لغيرها
ووقوعها تحت
الصوت
والعبارة
ونقشها
بالخطوط
الدالة عليها
، ونحو ذلك .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
466
1) أي: بنهاية
، أو حد عقلي أو
صفة من صفات
الامكان .
2) أي: لم
يكونه غيره
حتى يكون
محدثا من فعله
، فيعرف بأن
ذلك الغير
صنعه
وأحدثه . وقيل:
المراد أنه
غير مصنوع حتى
يعرف
بالمقايسة
إلى مصنوع
آخر
، كما تعرف
المصنوعات
بمقايسة
بعضها إلى بعض
، فيكون الصنع
بمعنى
المصنوع
وغيره صفة له .
وقيل: أنه لا
يعرف بحصول
صورة هي
مصنوعة لغيره
، إذ
كل
صورة ذهنية
مصنوعة
للمدرك
معلولة له (1) .
3) أي: لم
يتناه من حيث
الفعل
والايجاد إلى
نهاية الا
كانت هذه
النهاية غيره
ومباينة
له غير محمولة
عليه .
4) أي: لا يذل
ذل الجهل
والضلال من
فهم هذا الحكم
وعرف سلب جميع
ما
يغايره عنه .
5) أي: سلب
جميع ما
يغايره عنه هو
التوحيد
الخالص .
6) أي: من زعم
أنه يعرف الله
بالصفات
الممكنات كالاحتجاب
بحجاب
يستره
عن الخلق
وكونه ذا صورة
كما قاله
طائفة ، وكونه
ذا مثال وهيكل
، كما
قاله
المجسمة ، فهو
مشرك لأنه عبد
غير الله ، فلا
يكون موحدا عارفا
بالله ، إنما
عرف
الله من عرفه
بذاته
وحقيقته
المسلوبة عنه
جميع ما
يغايره ، فمن
لم يعرفه
به
ليس يعرفه
إنما يكون
يعرف غيره وكل
ما يغايره
مخلوق .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
467
1) أي: ليس
بينه تعالى
وبين خلقه
حقيقة أو مادة
مشتركة حتى
يتوصلوا إلى
معرفته
من ذلك
المشترك ،
وذلك أنه
تعالى أوجدهم
لا من شئ كان .
2) المراد من
الأسماء ما دل
على الذات من
غير ملاحظة
الصفات ،
وبالصفات
ما دل على
الذات
باعتبار
ملاحظة الصفات
، ويجوز أن
يراد من
الأسماء
ما اختص به
تعالى ، كالرحمن
والخالق
والرازق ،
وبالصفات ما
أطلق
على
غيره أيضا .
3) لأنه إذا
كان عين
الأسماء
والصفات
المتعددة
يكون متعددا .
4) يعني: ان
تلك الأصوات
والحروف
المؤلفة دائما
معه في الأزل
، فمعاذ
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 468
الله
أن يكون معه
أحد في الأزل
، وهذا صريح
في نفي تعدد
القدماء .
1) قد تقدم
معنى الأسماء
والصفات ،
والمراد بالمعاني
المخلوقة
معانيها
اللغوية
ومفهوماتها
الكلية ، فان
العالم مثلا
ذات ما ثبت له
العلم ، ونحو
ذلك من
الصفات
. وأما
مصداقها في
الخارج ، فهو
الذات
الأحدية
الصمدية ،
فيكون من
قبيل
انحصار الكلي
في شخص من
أشخاصه .
2) يراد
بالاختلاف ما
هو أعم من
تكثر الافراد
وتعددها ، أو
تكثر الصفات
والأحوال
، أو تكثر
الاجزاء
وتباينها
بحسب الحقيقة
، كما يراد من
الائتلاف
التركب
من
الاجزاء ، أو
الاجزاء
المتفقة الحقائق
، وذلك أن
الاختلاف
والائتلاف
إنما
يعرضان
للمتجزي . أما
الائتلاف
فظاهر . وأما الاختلاف
، فلان تكثر
الافراد
إنما
يكون للحقائق
الكلية
المركبة من
الأجناس
والفصول ، أو
المنحلة
أفرادها
إلى
المهية
والتشخص ، أو
لأنه إنما
يكون في الماديات
المركبة
أشخاصها من
المادة
والصورة ، فلا
يقال ذات الله
مؤتلف ، لاستحالة
تركب الواجب
من
الاجزاء
، ولا مختلف
بكثرة
الافراد
وقلتها لتشخصه
سبحانه بذاته
، ولكنه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
469
سبحانه
واجب الوجود
القديم في
ذاته ، بخلاف الأشياء
فلا تكثر فيه
بوجه من
الوجوه
، لان ما سوى
الواحد
الحقيقي
متجزئ ، وإنما
يصح التجزي
على ما سواه .
1) بيان لحال
توصيفه تعالى
بالصفات ،
وحاصله: أن
اثبات الصفات
له
تعالى
ليس على حد
اثباتها
لغيره ، وذلك
أن قولنا زيد
قدير معناه
أنه قادر على
البطش
بحالة زائدة
على ذاته لم
تكن قبل فيه
ثم وجدت بعد ،
أما هو تعالى
فمعنى
اثبات القدرة
له يرجع إلى
نفي العجز عنه
، ومناط هذا
النفي ونحوه
هو
الذات
بذاتها ،
والاعدام
لاحظ لها في
الوجود حتى
يلزم ما تقدم
من تعدد
القدماء
، أو كون
الذات
القديمة محلا
للحوادث .
2) استدلال
على مغايرته
تعالى
للأسماء
وهجاها
وتقطيعها ، والمعاني
الحاصلة
منها في
الأذهان من
جهة النهاية ،
كما أن
المذكور
سابقا كان من
جهة
البداية
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
470
وبيان
ذلك: أن علمه
تعالى ليس عين
قولنا عالم ،
وليس اتصافه
متوقفا على
التكلم
بذلك ، وكذا
الصور
الذهنية ليست
عين حقيقة
ذاته وصفاته
تعالى ، وليس
اتصافه
تعالى
بالصفات
متوقفا على
حصول تلك الصور
، إذ بعد فناء
الأشياء تفنى
تلك
الأمور مع
بقائه تعالى
متصفا بجميع
صفات الكمال ،
كما كان قبل
حدوث
تلك
الأمور متصفا
بتلك الصفات .
1) أما
التشبيه ،
فلكونه ماديا
مصورا بصورة
المخلوق .
وأما احتمال
الزيادة
، فلان
الموصوف بمثل
هذه الكيفية
لا بد له من
مادة قابلة
لها متقومة
بصورة
جسمانية
موصوفة
بالتقدير
بقدر ،
والتناهي والتحدد
بحد لا محالة
، فيكون لا
محالة
حينئذ موصوفا
بالزيادة على
ما دونه من
ذوي الاقدار ،
وكل موصوف
بالزيادة
الإضافية
موصوف
بالنقصان
الإضافي
لوجهين:
أحدهما:
أن المقادير
الممكنة لا حد
لها تقف عنده
في الزيادة ،
كما لا حد لها
في
النقصان ،
فالمتقدر
بمقدار متناه
يتصف بالنقص
الإضافي
بالنسبة إلى
بعض
الممكنات
، وان لم يكن
يدخل في
الوجود .
وثانيهما:
أنه يكون
حينئذ لا
محالة موصوفا
بالنقص
الإضافي
بالنسبة إلى
مجموع
الموصوف
بالزيادة
الإضافية
والمقيس إليه
، فيكون أنقص
من
مجموعهما
، وما كان
ناقصا
بالنسبة إلى
غيره من
الممكنات لا
يكون قديما
واجب
الوجود لذاته
، لأنه علة
ومبدأ لكل ما
يغايره .
2) لأنه
معلول لمبدأ
به ومحتاج
إليه ، فيكون
عاجزا بالنظر
إلى علته .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
471
1) لعل
المراد بقوله
(أن تمثله) أن
تصوره وتجعل له
مثالا ، كما
تتصور
للمحسوسات
صورا وأمثلة .
وأما الأوهام
فلا تقدر على
أن تقدر له
حدا من
الحدود
.
وقال
بعض المحققين:
معنى قوله (أن
تمثله) أي: أن تجعل
حقيقة موجودا
طلبا
مثاليا ويأخذ
منه حقيقة
كلية معقولة
لكونه واجب
الوجود بذاته
لا ينفك
حقيقته
عن كونه
موجودا عينيا
شخصيا . وقوله
(وحرام على
الأوهام أن
تحده)
وذلك
لعجزها عن أخذ
المعاني
الجزئية عما
لا يحصل في
القوة
والأذهان ولا
يحاط
بها ، فلا
تأخذ منه صورة
جزئية .
2) المراد من
الضمائر
الحواس
الباطنة ،
وذلك أنها لا
يكيف الا ما
أحاطت
به ،
وقد تقدمت
البراهين على
أنه لا تحيط
به الضمائر .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
473
1) ذهب بعضهم
إلى أن معنى
الاحصاء عدها
، لأنه المتبادر
منه . وقيل:
المراد
باحصائها
حفظها ، لأنه
إنما يحصل
بتكرار مجموعها
وتعدادها
مرارا . وقيل:
المراد
ضبطها
حصرا وتعدادا
وعلما
وايمانا
وقياما بحقوقها
.
بقي الكلام
هنا في أمور:
أولها:
أن الأسماء
الحسنى هل هي
منحصرة في هذه
المذكورات
المنصوص
على
عددها
وتعيينها أم
لا ؟ قيل
بالأول نظرا إلى
لفظ الرواية ،
والمشهور هو
الثاني
، لان أسماءه
عز شأنه
الواردة في
الأدعية
المأثورة
والاخبار
المورية مما
تزيد
على
الأربعمائة ،
بل ربما بلغت
الألف ان
اعتبرت
الافعال
والمركبات ،
ويؤيده
ما روي عن
النبي صلى
الله عليه
وآله أنه
قال: إن لله
أربعمائة
آلاف اسم ،
ألف لا يعلمها
إلا
الله ، وألف
لا يعلمها إلا
الله
والملائكة ،
وألف لا
يعلمها إلا
الله
والملائكة
والنبيون
، وأما الألف
الرابع ، فالمؤمنون
يعلمونه ،
ثلاثمائة
منها في
التوراة ،
وثلاثمائة
في الإنجيل ،
وثلاثمائة في
الزبور ،
ومائة في
القرآن ، تسعة
وتسعون
ظاهرة
وواحد منها
مكتوم ، من
أحصاها دخل
الجنة (1) .
وثانيها:
أنه إذا كانت
الأسماء أكثر
من هذا العدد
، فما وجه
الاقتصار
عليه ؟
فنقول:
ذكر بعض
العارفين أن
مفهوم العدد
ليس بحجة ،
وأن الاقتصار
عليها
نظرا
إلى عظيم ما
يترتب عليها
من الآثار
بالنسبة إلى
ما لم يذكر
وان اشترك
الكل
في
كونها أسماء
حسنا ، على أن
التسعة
والتسعين عدد
وتر ، والله
سبحانه وتر
ويحب
الوتر ، لكن
ينبغي أن يعلم
أن الأخبار الواردة
في تعديد هذه
الأسماء
التسعة
والتسعين
مختلفة ، كما
يظهر لمن راجع
الكتب
المشتملة على
الأسماء
الحسنى
، وحينئذ فهذا
الثواب أعني
دخول الجنة
مما يترتب على
احصاء هذا
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
474
العدد
على موافقة أي
خبر من
الأخبار
الواردة فيه .
وثالثها:
أنه هل يجوز
اطلاق اسم لم
يرد فيه اذن
من الشارع
عليه تعالى أم
لا ؟
ذهب العلماء
إلى أقوال
ثلاثة ،
ثالثها (1) التفصيل
وهو جوازه في
الصفات دون
الأسماء
، وهو لا يخلو
من قوة .
وقال
شيخنا الشهيد
نور الله
ضريحه في
أواخر قواعده:
أن ما تضمنته
الرواية
من
الأسماء
المذكور كلها
مما ورد بها
السمع ، ولا
شئ منها يوهم
نقصا ، فلذلك
جاز
اطلاقها على
الله تعالى
اجماعا ، أما
ما عداها
فتنقسم
أقساما ثلاثة:
الأول:
ما لم يرد به
السمع ويوهم
نقصا ، فيمتنع
اطلاقه
اجماعا ، نحو
العارف
والعاقل
والفطن
والذكي ، لان
المعرفة قد
تشعر بسبق
فكرة ، والعقل
هو
المنع
عما لا يليق ،
والفطنة
والذكاء
يشعران بسرعة
الادراك لما
غاب عن
المدرك
، وكذا
المتواضع
لأنه يوهم
المذلة ، والعلامة
فإنه يوهم
التأنيث ،
والداري
لأنه يوهم
تقدم الشك .
الثاني:
ما ورد به
السمع ، ولكن
اطلاقه في غير
مورده يوهم
النقص ، كما
في
قوله
تعالى (ومكروا
ومكر الله) (2)
وقوله (الله
يستهزئ بهم) (3)
فلا يجوز أن
يقال:
يا مستهزئ يا
ماكر ، أو
يحلف به .
الثالث:
ما خلا عن
الايهام الا
أنه لم يرد به
السمع ، مثل
السخي
والأريحي
ومنه
السيد عند
بعضهم ،
والأولى التوقف
عما لم يثبت
التسمية به ،
وان جاز أن
يطلق
معناه عليه
إذا لم يكن
فيه ايهام (4)
انتهى .
وما
قاله من أن
الأولى
التوقف إلى
آخر كلامه جيد
.
1) هذا مبني
على أنه مشتق
من أله آلهة
بمعنى عبد ،
فالإله بمعنى
المألوه أي:
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 475
المعبود
بالحق . وقيل
في الاشتقاق
غير هذا . والقول
الآخر أنه غير
مشتق وهو
اسم
للذات ،
لجريان
النعوت عليه .
وقيل: هو اسم للذات
مع جملة
الصفات
الإلهية
، فإذا قلنا
الله فمعناه
الذات الموصوفة
بالصفات
الخاصة ، وهي
صفات
الكمال
ونعوت الجلال
، وهذا
المفهوم هو
الذي يعبد ويوجد
وينزه عن
الشريك .
قال
الفاضل
النيشابوري:
وكأن النزاع
بين الفريقين
لفظي ، لان
القائلين
بالاشتقاق
متفقون على أن
الآله مشتق من
أله بالفتح
لاهة ، أي: عبد
عبادة وأنه
اسم
جنس كالرجل
والفرس يقع
على كل معبود
بحق أو باطل ،
ثم غلب على
المعبود
بحق انتهى .
ولا
يخفى ما فيه ،
فان من قال
باشتقاقه ذهب
فيه إلى
ملاحظة صفة
خاصة:
إما
العبادة ، أو
الولوع إليه ،
أو الحيرة في معرفته
ونحو ذلك ،
ومن قال بعدم
اشتقاقه
نص
على أنه إما
اسم للذات
الحقة ، أو
للذات المستجمعة
جميع صفات
الكمال .
1) بغير مد
(ويقال: أصله
الاله) أي:
المعبود ، أو
الذي يفزع
إليه عباده .
2) يعني: إن
إله على وزن
إمام .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
476
1) هذا مبني
على ترادف
الواحد
والأحد ، كما
هو أحد
القولين ،
وسيأتي في
أثناء
الكلام تحقيق
الفرق بينهما
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
477
1) محصل هذا
الفرق أن
الواحد يطلق
على الانسان وغيره
، بخلاف الأحد
فإنه
لا يطلق الا
على الانسان ،
يعني: إن الواحد
أعم موردا
لكونه يطلق
على من
يعقل
وغيره ، ولا
يطلق الأحد
إلا على من
يعقل .
وذكر
المحققون
وجها آخر
للفرق بينهما
إذا وقعنا في
سياق مثل هذا
النفي ،
وهو
أن قولك ليس
في الدار واحد
لا يقتضي
استغراق
النفي مطلقا ،
فيجوز أن
يكون
فيها اثنان ،
بخلاف قولك
ليس في الدار
أحد ، فإنه
يقتضي
استغراق
الآحاد
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
478
وغيرها
، وذكر الشهيد
طاب ثراه أن
الواحد يقتضي
نفي الشريك
بالنسبة إلى
الذات
، والأحد
يقتضي نفي
الشريك
بالنسبة إلى
الصفات .
1) أي: يا
حذيفة .
2) قال بعض
أهل العرفان:
هو الأول لان
الموجودات
كلها استفادت
الوجود
منه
، وإذا لاحظت
مراتب
السائرين
إليه فهو آخرهم
، إذ هو آخر ما
يرتقى إليه
درجات
العارفين ،
فكل معرفة
يتحصل قبل
معرفته ، فهي
مرقاة إلى
معرفته ،
والمنزل
الأقصى هو
معرفة الله
تعالى ، فهو
آخر بالإضافة
إلى السلوك ،
وأول
بالإضافة
إلى الوجود .
3) معناه كما
قال الطبرسي رحمه الله:
من كان على
صفة يحب
لأجلها أن
يدرك
المسموعات
إذا وجدت ،
وهي ترجع إلى
كونه تعالى
حيا لا آفة به .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
479
1) قال شيخنا
الشهيد طاب
ثراه: البصير
الذي لا يعزب
عنه ما تحت
الثرى ،
ومرجعهما
(2) إلى العلم ،
لتعاليه
سبحانه عن الحاسة
والمعاني
القديمة (3) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
480
أقول:
وحينئذ فيحمل
قول الصدوق
طاب ثراه أنه
ليس وصفا بأنه
عالم ،
على
معنى أنه ليس
السمع والبصر
مطلق العلم ،
بل هو العلم
بالجزئيات
المخصوصة
، أو نوع خاص
من العلم .
1) هذا لازم
معناه ، وإلا
فمعناه أنه
الذي لا رتبة
فوق رتبته ،
وجميع
المراتب
منحطة
عنه ، لأنه
تعالى علة
العلل ، واليه
منتهى الامر
والخلق ،
وتعالى عما
يقول
الحشوية من أن
علوه تعالى
علو حسي
بالجلوس فوق
العرش ، وذلك
أن
مراتب
عقولهم
مقصورة على
المحسوسات لا
تتعداها إلى
المعقولات ،
ومن ثم
قالوا
بالجسم
والصورة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
481
1) الكاسر:
العقاب .
2) ريحانة:
اسم معشوقة
الشاعر ،
والأرق
بالتحريك
السهر ، أي:
أيذهب عني
النوم
الداعي
المسمع من قبل
ريحانة ؟
والحال إن
أصحابي نيام ،
وقد استدل
بهذا
على
مجئ فعيل
بمعنى مفعل ،
كقوله (عذاب
اليم) (4) (وبديع
السماوات) (5)
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 482
وهذا
هو المشهور ،
وقد أنكره
صاحب الكشاف
وحمل ما ظاهره
الدلالة عليه
على
ضرب من
التأويل ،
كقوله في
(بديع
السماوات) أنه
وصف بحال
المتعلق ،
أي:
بديع سماواته
غريبة البناء
والرفعة .
1) يصف
الشاعر رجلا
بالبخل وشدته
، وتحقيق هذه البيتين
يتوقف على
بيان
العلم بعقود
الأصابع ،
وحيث أنه من
جملة العلوم
النفيسة ، ولا
يخلو من نوع
غرابة
، فلا بأس
ذكره على طريق
الاجمال
والتفصيل .
أما
الأول فهو أن
أهل الحساب
وصفوا بإزاء
عقود الاعداد
من واحد إلى
عشرة
آلاف تسع صور
مأخوذة من
أصابع اليدين
، وذلك أنهم عينوا
من أصابع
اليد
اليمنى
الخنصر
والبنصر
والوسطى
لعقود الآحاد
التسعة
والمسبحة ،
والابهام
لعقود
العشرات
التسعة ،
وعينوا من
أصابع اليد
اليسرى
والمسبحة
والابهام
لعقود
المئات
التسعة ،
والخنصر
والبنصر
والوسطى لعقود
آحاد الألوف
التسعة ،
وعينوا
من
أصابع إحدى
اليدين رأس
الابهام
والمسبحة
وحرفتيهما
المتقابلتين
لعقد
عشرة
آلاف ، فجميع
العقود سبعة
وثلاثون عقدا
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
483
وصورها
في الظاهر
كذلك ثماني
عشرة صورة في
اليمنى ،
ومثلها في
اليسرى
، وواحدة في
إحداهما ، وفي
الحقيقة صورة
تسع عشرة صورة
لا غير ،
واحدة
في احدى
اليدين
وثماني عشرة
فيهما جميعا
بلا اختلاف
وتفاوت ، إذ
صور
العقود من
واحدة حتى
تسعة في
اليمنى وصور عقود
آحاد الألوف
من ألف
حتى
تسعة آلاف في
اليسرى
مساوية
الاشكال متحدة
الصور ، وهكذا
صور عقود
العشرات
، وصور عقود
المئات في
اليسرى متحدة
متفقة أيضا ،
فان الصورة
الدالة
على خمسة مثلا
في اليد
اليمنى يدل
على خمسة آلاف
في اليد
اليسرى ،
والصورة
الدالة على
تسعة مثلا في
اليمنى يدل على
تسعمائة في
اليسرى ، كما
سيأتي
مفصلا ، فلا
فرق بين صورة
اليمين واليسار
بالكيفيات
والهيئات ،
وإنما
الفرق
بين صورها
بهما .
وأما
التفصيل ،
فذكروا له
فصولا:
الفصل
الأول: في صور
عقود الآحاد ،
منها: صور عقد
الواحد ، وهي
أن
يوضع
خنصر اليد
اليمنى على
بطن الكف
مقبوضة ، بحيث
يكون رأسها
قريبا من
أصلها
.
ومنها:
صورة عقد
الاثنين ، وهي
أن توضع
بنصرها كذلك ،
والخنصر
بحالها
معقودة
.
ومنها:
صورة عقد
الثلاثة ، وهي
أن توضع
وسطاها كذلك
والخنصر
والبنصر
بحالهما
، كما هو
معهود متعارف
بين الناس في
عد الأشياء .
ومنها:
صورة عقد
الأربعة ، وهي
أن ترفع من
عقد الثلاثة
الخنصر وتترك
البنصر
والوسطى
معقودتين بحالهما
الذي كانتا
عليه .
ومنها:
صورة عقد
الخمسة ، وهي
أن ترفع من
ذلك العقد
الخنصر
والبنصر معا ،
وتترك
الوسطى وحدها
معقودة
بحالها الذي
كانت عليه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
484
ومنها:
صورة عقد
الستة ، وهي
أن ترفع من
ذلك العقد
الخنصر
والوسطى ،
وتترك
البنصر وحدها
مقبوضة بحيث
تكون رأسها على
وسط الكف .
ومنها:
صورة عقد
السبعة ، وهي
أن ترفع من
ذلك العقد
الوسطى
والبنصر ،
وتترك
الخنصر
مقبوضة بحيث
يكون رأسها
مائلا إلى
جانب الرسغ .
ومنها:
صورة عقد
الثمانية ،
وهي أن يزاد
على عقد
السبعة وضع
البنصر
كالخنصر
فيه .
ومنها:
صورة عقد
التسعة ، وهي
أن يزاد على
الثمانية وضع
الوسطى
كالبنصر
والخنصر
فيه ، بحيث
يكون الثلاثة
الأصابع المذكورة
كلها مقبوضة
مائلة
برؤوسها
إلى
جهة الرسغ
قريبا من أصل
الكف ، ففي
هذه العقود
الثلاثة لا بد
أن يكون رأس
ما
قبض من تلك
الأصابع
قريبا من أصل
الكف حتى لا
يشتبه
بالعقود
الثلاثة
الأول .
الثاني:
في عقود
العشرات ،
منها: صورة
عقد العشرة ،
وهي أن تضع
رأس
طرف
المسبحة من
اليد اليمنى
على طرف
المفصل الأعلى
من إبهامها ،
بحيث
تكون
الفرجة بين
تينك
الإصبعين
شبيهة بحلقة مدورة
.
ومنها:
صورة عقد
العشرين ، وهي
أن تضع من
اليمنى جانب
أنملة
المسبحة
السفلى
التي تلي
الوسطى على
ظهر ابهامها ،
بحيث يتصل شئ
من ظفر
الابهام
بذلك
الجانب ،
ويظهر بعض
أنملتها
العليا بين أصل
المسبحة
والوسطى
متصلة
بالوسطى
أو غير متصلة
، لان الوسطى
لا دخل لها في
عقود العشرات
، وإنما
أوضاعها
لعقود الآحاد
كما عرفت .
ومنها:
صورة عقد
الثلاثين ،
وهي أن تمد
ابهام اليمنى
غير معوجة
وتوضع
رأس
الأنملة
العليا من
مسبحتها على
طرف الابهام ،
بحيث يكون
وضعها شبيها
بهيئة
القوس
الموترة هذا
أصل الوضع ،
لكن لو كان في
الابهام
انحناء قليل
للسهولة
تحصل الدلالة
على المقصود
أيضا من غير
التباس .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
485
ومنها:
صورة عقد
الأربعين ،
وهي أن تضع من
اليمنى باطن
أنملة
الابهام
العليا
على
ظهر أنملة
المسبحة
السفلى ، بحيث
لا يكون بين
الابهام وحرف
الكف فرجة .
ومنها:
صورة عقد
الخمسين ، وهي
أن تمد مسبحة
اليمنى وتعوج
ابهامها
تعويجا
تاما ، وتضم
إلى حرف الكف
محاذية لأسفل
المسبحة .
ومنها:
صورة عقد
الستين ، وهي
أن تعوج
ابهامه اليمنى
ويوضع باطن
أنملة
مسبحتها
الوسطى على
ظفرها ، كما
هو معقود في
شبت الرماة .
ومنها:
صورة عقد
السبعين ، وهي
أن تمد ابهام
اليمنى ويوضع
باطن أنملة
مسبحتها
السفلى
والوسطى على
حرف طرف
الابهام ،
بحيث يكون
تمام ظفرها
مكشوفا
.
ومنها:
صورة عقد
الثمانين ،
وهي أن تمد
ابهام اليمنى
، وتوضع حرف
أنملة
مسبحتها
العليا التي
تلي الوسطى
على ظهر مفصل
أنملة
الابهام .
ومنها:
صورة التسعين
، وهي أن يوضع
رأس ظفر مسبحة
اليمنى على
مفصل
ابهامها
الأسفل ، كما
كان يوضع على
مفصلها الاعلى
في عقد العشرة
.
الثالث:
في صور عقود
المئات ، في
مسبحة اليد اليسرى
وابهامها ،
صورة
عقد
المئات في
مسبحة اليسرى وابهامها
في صورة عقد
العشرات في
مسبحة
اليمنى
وابهامها ،
كما تبين في
الفصل الثاني ،
مثلا صورة عقد
المائة في
مسبحة
اليسرى
وابهامها ،
مثل صورة عقد
العشرة في مسبحة
اليمنى
وابهامها
مثلا ،
وصورة
عقد المائتين
فيهما من
اليسرى مثل
صورة عقد
العشرين
منهما من
اليمنى
بلا
تفاوت ، وقس
على ذلك باقي
صور عقود
المئات التسعة
.
الرابع:
في صور عقود
آحاد الألوف ،
وهي أيضا في
خنصر اليسرى
وبنصرها
ووسطاها
، كصورة عقود
الآحاد في تلك
الأصابع من
اليمنى ، كما
بين في الفصل
الأول
، مثلا صورة
عقد الألف في
خنصر اليسرى مثل
عقد الواحد في
خنصر
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
486
اليمنى
، وصورة عقد
الألفين في
خنصر اليسرى وبنصرها
مثل صورة عقد
الاثنين
فيهما
من اليمنى بلا
تفاوت ، وقس
على ذلك باقي
صور عقود آحاد
الألوف
التسعة .
الخامس:
في صور عقد
عشرات الألوف
، وهي أن يوصل
من اليمين أو
اليسار
حرف أنملة
الابهام
العليا بحرف
أنملة
المسبحة
العليا ، وبعض
حرف أنملة
وسطاها
بحيث يتساوى
رأسها
ظفريهما ،
ويتصل حرفا
تينك
الأنملتين
وبعض
حرف
وسطى المسبحة
.
وإذا
عرفت صور عقود
الاعداد
فاستخرج منها
صور عقود
الاعداد
المركبة
والمعطوفة
، لأنها تحصل
بجمع بعض تلك
الصور مع بعض
، فمنها الجمع
بين
صورتين
من تلك
الصورتين ،
كصورة أحد عشر
، وصورة عقد
أحد وعشرين ،
وصوره
عقد مائة
وواحد ، وصورة
عقد مائة
وعشرة ، وصورة
عقد ألف وواحد
،
وصورة
عقد ألف
وعشرين ،
وصورة عقد ألف
ومائة ، وصورة
عقد عشرة آلاف
ومائة
، وصورة عقد
عشرة وثلاثين
، وصورة عقد أحد
عشر ألفا ،
وغير ذلك .
قال
بعض أرباب
الفن: وفي هذا
يعلم أن
الصورة التي
تسميها
الفقهاء عقد
ثلاثة
وخمسين ليست
موافقة
لاصطلاح أهل
الحساب ، لان
تلك الصورة
عندهم
هي صورة عقد
تسعة وخمسين .
قال
النووي: إنما
قال الفقهاء
ثلاثة وخمسين
ولم يقولوا
تسعة وخمسين ،
اتباعا
لرواية
الحديث في
صحيح مسلم
وغيره .
وأما
الجمع بين
ثلاث صور منها
، كصورة عقد
الألف ومائة
وعشرة ، وصورة
عقد
مائة وخمسة
عشر ، وصورة
عقد مائتين
وواحد وثلاثين
، وصورة عقد
عشرة
آلاف
وخمسمائة
وعشرين ،
وصورة عقد
اثني عشر ألفا
وثلاثمائة
وغير ذلك .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
487
وقد
جمعت لك في
هذا الباب
جميع
اصطلاحات هذا
الفن ، لأنه
لا يتهيأ لك
الوقوف
عليه من محل
آخر ، وظهر لك
معنى هذين البيتين
، وهو أن غرضه
أن
كفيه
مقبوضتان عن
العطاء ، وذلك
أن قوله (فكف)
المراد بها
اليمين ، وإذا
حط
عن
مائة سبعة كان
ثلاثا وتسعين
، وعلامة الثلاثة
في العقود عقد
الخنصر
والبنصر
والوسطى
من اليمين ،
وعلامة
التسعين وضع
ظفر السبابة
على مفصل
العقدة
الثانية
من
الابهام منها
، فبهذا بين
كون جميع
أصابع كفه
اليمين
معقودة .
وقوله
(وأخرى) إشارة
إلى كفه
اليسرى وعقد
الثلاثة
المذكورة
أولا من
اليسرى
موضوعة
لثلاثة آلاف ،
وما كان
للتسعين في
اليمين فهو
بعينه
لتسعمائة
في
اليسرى ، فظهر
كون أصابع كفه
اليسرى كلها أيضا
معقودة .
وقوله
(لها شرعة) أي:
طريقة وعادة .
1) أي: عدلتها
وهذبتها
وقومتها
بإزالة
الاعوجاج ،
فمعنى البارئ
المعدل
للصور
التي أوجدها
على أوفق
تعديل .
وقال
الغزالي في
رسالته
الموضوعة
لشرح الأسماء
الحسنى: قد
يظن أن
الخالق
والبارئ
والمصور
ألفاظ
مترادفة ، وان
الكل يرجع إلى
الخلق
والاختراع
، وليس كذلك ، بل
كلما يخرج من
العدم إلى
الوجود مفتقر
إلى تقديره
أولا
، والى ايجاده
على وفق
التقدير
ثانيا ، والى
التصوير بعد
الايجاد
ثالثا ، فالله
تعالى
خالق من حيث
أنه مقدر ،
وبارئ من حيث
أنه مخترع
موجد ، ومصور
من
حيث
أنه مرتب صور
المخترعات
أحسن ترتيب .
وهذا
كالبناء مثلا
، فإنه يحتاج
إلى مقدر يقدر
ما لا بد منه
من الخشب
واللبن
ومساحة
الأرض وعدد
الأبنية
وطولها
وعرضها ، وهذا
يتولاه
المهندس
فيرسمه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
488
ويصوره
، ثم يحتاج
إلى بناء
يتولى
الاعمال التي
عندها تحدث
أصول الأبنية
،
ثم
يحتاج إلى
مزين ينقش
ظاهره ويزين
صورته فيتولاه
غير البناء ،
هذه هي
العادة
في التقدير في
البناء
والتصوير ،
وليس كذلك في
أفعاله تعالى
، بل هو
المقدر
والموجد
والصانع ، فهو
الخالق
والبارئ والمصور
(3) انتهى .
وقد
تقدم منا
إشارة (4) إليه
في هذا الكتاب
، وان هذا
المعنى وارد
في
الاخبار
، ونزل عليه
معنى قوله
تعالى أحسن الخالقين
(5) أي: المقدرين .
1) المراد من
البيت مكة
شرفها الله
تعالى ، أو بيت
المجد والشرف
.
2) لا اشكال
في ظهوره
تعالى
بالآيات وبما
أظهر من عجائب
الصنع في
البريات
.
فيا
عجبا كيف يعصى
الاله أم كيف
يجحده الجاحد
وفي
كل شئ له آية ***
تدل على أنه
واحد
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
489
إنما
الكلام في أنه
تعالى إذا كان
ظاهرا وأظهر
من كل شئ ،
فكيف اختلف
الناس
فيه ،
واحتاجوا إلى
إقامة البراهين
على اثباته
وعلى صفاته
الكمالية
والجلالية
. وبعضهم نفاه
وقال: ما
يهلكنا إلا الدهر
.
وتحقيق
هذا المقام
على ما أشار
إليه الخبر وكلام
أهل العرفان
أنه تعالى
إنما
خفي
من فرط ظهوره
، كما ورد في
الدعاء: خفيا
من فرط الظهور
.
وبيان
ذلك: أنك لو
نظرت إلى كلمة
كتبها كاتب
لاستدللت بها
على كون
الكاتب
عالما قادرا
سميعا بصيرا ،
واستفدت منها
اليقين بوجود
هذه الصفات ،
فلما
(1) شهدت هذه
الكلمة شهادة
قاطعة على
صفات الكاتب ،
فما من ذرة في
السماوات
والأرض الا
وهي شاهدة على
نفسها بالحاجة
إلى مدبرها .
ولما كثرت
الشهادات
حتى اتفقت
خفيت وغمضت
لشدة الظهور .
ومثاله:
أن أظهر ما
يدرك بحاسة
البصر نور
الشمس المشرق
على الأجسام
الذي
به يظهر كل شئ
لا يكون ظاهرا
، وقد أشكل ذلك
على خلق كثير
حتى قالوا
الأشياء
المتلونة ليس
فيها إلا
ألوانها فقط من
سواد وحمرة
وغيرهما ،
فاما أن
يكون
فيها مع اللون
ضوء مفارق
للنور فلا
وسوى هؤلاء
إنما شبهوا على
قيام
النور
بالمتلونات
بالتفرقة
التي
يدركونها بين
الظل وموضع
النور ، وبين
الليل
والنهار
، فان الشمس
لما تصور
غيبتها
بالليل واحتجابها
بالأجسام
المظلمة
بالنهار
انقطع
أثرها عن
المتلونات ،
فأدركت
التفرقة بين
النائر المضئ
بها ، وبين
المظلم
المحجوب
عنها ، فعرف
وجود النور
بعد النور إذا
أضيف حالة
الوجود إلى
حالة
العدم
، فأدركت مع
بقاء الألوان
في الحالتين ،
ولو طبق نور
الشمس كل
الألوان
الظاهرة
لشخص ولم تغب
الشمس حتى
يدرك التفرقة
، لتعذر عليه
معرفة كون
النور
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
490
شيئا
زائدا على
الألوان ، مع
أنه أظهر
الأشياء ، بل
هو الذي يظهر
جميع الأشياء
.
فلو
تصور لله
تعالى عدم أو
غيبة عن بعض
الأمور
لانهدمت
السماوات
والأرض
، ولأدركت
التفرقة بين
الحالتين حالة
وجوده وحالة
عدمه قطعا ،
لكن
لما
كانت الأشياء
كلها متفقة في
الشهادة والأحوال
كلها مطردة
على نسق واحد
،
كان
ذلك سببا
لخفائه ،
فسبحان من
احتجب عن الخلق
بنوره وخفي
عليهم لشدة
ظهوره
، فهو الظاهر
الذي لا أظهر
منه ، والباطن
الذي لا أبطن
منه .
1) يعني:
الأصنام ،
وكانت
ثلاثمائة
وستين صنما
حول الكعبة
(لن يخلقوا
ذبابا)
في صغره وقلته
(ولو اجتمعوا
له) .
2) أي: أنه
سبحانه تقدم
الفكر وسبقه ،
فبعد الفكر عن
الإحاطة به
لان الفكر لا
يتعقل
الا ما قارنه
وناسبه وأمكن
أن يحصل له صورة
يصل إلى تعقله
منها .
3) يعني: أخفى
من كل خفي ،
وأشد احتجابا
من كل محتجب ،
لعدم اطلاع
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
491
الأوهام
عليه فضلا عن
العقول .
1) ففعيل
بمعنى مفعل ،
ومعنى ثالث
وهو أن فعيلا بمعنى
فاعل ، أي:
حاكم ،
لأنه
قاضي يوم
الدين .
والحكيم الذي
يضع الأشياء
مواضعها ، وبه
سمي الطبيب
حكيما
، لأنه يداوي
كل مريض بما
يناسبه .
2) يعني: من
حيث الإحاطة
والشمول ، ومن
جهة أنه لا
يعلم بعلم
كسائر
المخلوقات
، وإنما علمه
عين ذاته .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
492
1) لان العلم
من أشمل
الصفات
وأشرفها ،
فإذا تباين
الخالق
والمخلوق
فيها
دل
على التباين
في غيرها كما
لا يخفى .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
493
1) وأما
الأمراض
والآلام
والضرورات
الموجودة في
الدنيا مع
قدرته تعالى
على
ازالتها ولم
يزلها ، فغير
قادحة في
رحمته الواسعة
، وذلك أن ما
ذكر من
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
494
الأمور
المقصود منها:
إما
التأديبات
الدنيوية ، أو
المثوبات
الأخروية ،
ويرشد إليه
قوله
تعالى بعد
(يرسل عليكما
شواظ من نار
ونحاس فلا
تنتصران ×
فبأي
آلاء
ربكما تكذبان)
(2) حيث أنه سمي
شواظ النار ونحاسها
نقمة ، وذلك
لما
يترتب
على ذكرها من
النزجار
والتأدب .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
496
1) في مجمع
البيان: أي إن
كان المتوفى
من أصحاب
اليمين ،
فسلام لك أيها
الانسان
الذي هو من
أصحاب اليمين
من عذاب الله
، أو سلمت
عليك ملائكة
الله .
وقيل:
معناه فسلام
لك منهم في
الجنة ، لأنهم
يكونون معك
ويكون لك
بمعنى
عليك
(4) .
2) يعني: أن
عباد الله
الذين يمشون
على الأرض هونا
إذا خاطبهم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
497
الجاهلون
بما يكرهونه
قالوا في
جوابه سلاما ،
أي: سدادا من
القول لا
يقابلونهم
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
498
بمثل
قولهم من
الفحش . وقيل:
سلموا عليه (1) .
1) قيل: الواو
في قوله
(وسبحوا لله)
للحال ، وهو
بيان لحاصل
معنى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
499
الظرفية
، أي: اسبح
الله عند
تسبيح كل مسبح
لله (1) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 500
1) إشارة إلى
قوله تعالى:
(عفا الله عنك
لم أذنت لهم)
يعني: عفا
الله
سبحانه
عن فعلك ما
الأولى تركه ،
وهو اذنك للمنافقين
في التأخر عن
غزوة تبوك ،
حيث
جاؤوا
معتذرين إليك
في عدم امكان
الخروج إلى
الغزو ، وقد
كانوا كاذبين
في
ذلك الاعتذار
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
501
1) الزئبر
بكسر الزاي
فالهمزة
الساكنة
فالباء الموحدة
المكسورة ،
وهو ما
يعلو
الثوب الجديد
، مثل ما يعلو
الخز .
2) يعني: انه
كان موجودا
وحده قبل
ايجاده الموجودات
، كما هو
موجود
بعد
فنائها وحده ،
ويجوز أن يكون
إشارة إلى معنى
دقيق وهو أنه
الموجود وحده
والذي
يستحق اطلاق
الوجود عليه
وغيره مستعار
الوجود ،
فوجوده ظلي
ومتوسط
بين العدمين ،
فكأنه ليس
بموجود ، وهذا
أحد معاني
وحدة الوجود ،
كما
تقدمت
الإشارة إليه
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
503
1) ورد في
الحديث أن
حظيرة القدس
الجنة .
والأصل في
الحظيرة ما
يعمل من
القصب
ونحوه لصغار
الغنم وشبهها
. والقدوس من أسمائه
تعالى في
الكتب
القديمة .
2) أي: ما يحدث
به قلبه وما
يخفى ويكن في
نفسه (ونحن
أقرب إليه من
حبل
الوريد) .
قال
في مجمع
البيان: هو
عرق يتفرق في
البدن يخالط
الانسان في
جميع
أعضائه
. وقيل: هو عرق
الحلق ، عن
ابن عباس .
وقيل: هو عرق
متعلق بالقلب
،
يعني
نحن أقرب إليه
من قلبه (4) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 504
1) يعني: أنه
تعالى
مفارقهم من
حيث المخالطة
والقرب
المكاني ، أي:
ليس بينه
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
505
وبينهم
مخالطة ، كما
تكون
المخالطة
بينهم ، وكذلك
هو سبحانه
مخالف لهم في
المشابهة
لهم ، أي: أنه
تعالى لا
يشابههم كما يتشابهون
.
1) البراجم:
مفاصل
الأصابع التي
بين الأشاجع والرواجب
، وهي رؤوس
السلاميات
من ظهر الكف
إذا قبض
القابض كفه ارتفعت
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
510
1) يعني: انه
مبذول
للآكلين لا
يستحي أحد من
أكله ولا
يحتاج إلى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
511
الدعاء
إليه .
1) أي: إذا
قدرت أمضيت .
قال الحجاج:
ما خلقت إلا
فريت ولا وعدت
إلا
وفيت .
2) ما دل عليه
من كونه خلق تقدير
باعتبار ما
روي من أن
عيسى عليه
السلام صنع
من
الطين كهيئة
الخفاش ونفخ
فيه فصار
طائرا ، وذلك
الطين ليس
بطير حتى
يكون
الخلق فيه
بمعنى
الايجاد ،
وإنما هو على صورته
، فهو تقدير
للطير .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 513
1) قال ثقة
الاسلام
الطبرسي رحمه
الله: تبارك
تفاعل من
البركة ،
معناه عظمت
بركاته
وكثرت ، عن
ابن عباس ،
والبركة
الكثرة من
الخير . وقيل:
معناه تقدس
وجل
مما لم يزل
عليه من
الصفات ولا
يزال كذلك ،
فلا يشاركه
فيها غيره ،
وأصله
من بروك الطير
، فكأنه قال
ثبت ودام فيما
لم يزل ولا
يزال ، عن
جماعة من
المفسرين
. وقيل: معناه
قام بكل بركة
وجاء بكل بركة
(الذي نزل
الفرقان) أي:
الفرقان
الذي يفرق بين
الحق والباطل
والصواب
والخطأ في
أمور الدين
بما فيه من
الحث
على أفعال
الخير والزجر
عن القبائح (2) .
وروى عبد الله
بن سنان عن
أبي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
514
عبد
الله عليه
السلام أنه
قال: الفرقان
كل آية محكمة
في الكتاب ،
وهو الذي يصدق
فيه
من
كان قبله من
الأنبياء (1) .
وقيل:
المراد
بالفرقان
الحجة
القاطعة
لمحمد صلى
الله عليه
وآله على من
حاجه في أمر
عيسى
. وقيل: المراد
به النصر
ليكون محمد صلى الله
عليه وآله
بالقرآن
لجميع
المكلفين (2) .
(نذيرا) أي:
مخوفا
بالعقاب
وداعيا لهم
إلى الثواب (3) .
وأما
وصفه صلى
الله عليه
وآله
بالعبودية ،
فلما مر من
أنها أشرف
صفاته صلى
الله عليه
وآله ، ومن
ثم
جاء
بها سبحانه في
مقام الثناء
عليه بقوله سبحان
الذي أسرى
بعبده ليلا (4)
وذلك
أن العبودية
حالة بينه
وبين مولاه .
أما الرسالة
وما في معناها
، فهي حالات
يرجع
طرف منها إلى
الأمة لأنه
رسول إليهم .
وعن الصادق عليه
السلام أن
عين العبد
مأخوذة
من العلم بالله
، والباء
مأخوذة من
البعد عن غيره
والدال من
الدنو منه ،
فالعبد
هو العالم
بالله البعيد
عن غيره الداني
منه .
1) النحيب:
السير السريع
، وهو كناية
عن عدم التدبر
والتفكر .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
515
1) هذا معنى
آخر لقوله
(فقدره
تقديرا)
وحاصله: أنه
عرف عباده
وملائكته
أوقات تكوين
أفعاله
وحدوثها ، كمكونات
الصيف فيه
ومكونات
الشتاء
فيه ونحو ذلك .
وبالجملة
الفرق بين
المعنيين أن
التقدير على
الأول عبارة
عن خلق
الأشياء
على
ما هي عليه من
المقادير
طولا وعرضا
وكيفية وحالا
إلى غير ذلك .
وأما
على
الثاني ،
فمعناه أن
المراد
بالتقدير ما كتبه
في اللوح
وبينه
لملائكته
وأخبرهم
به ، ثم خلق
الأشياء
وأوجدها في
الخارج كما
قدرها في
اللوح .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
516
1) فيه دلالة
على أن من قال:
آه ، فقد
استغاث بالله
وان لم يعلم
أنه من
أسمائه
.
2) فيه اشعار
بأن المراد من
احصاء هذه
الأسماء الحسنى
تلاوتها
وقراءتها ،
فيستحب
له إذا أراد
تلاوتها أن
يفتتح قبلها بهذين
الفصلين .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 517
1) أي: من عبد
الله من غير
أن يكون على
يقين في وجوده
تعالى ، أو
بأن
يتوهمه
محدودا مدركا
بالوهم (1) فقد
كفر ، لأن الشك
في وجوده
تعالى كفر ،
ولان
كل محدود
ومدرك بالوهم
مغاير له
تعالى .
2) أي: الحروف
، أو المفهوم
الوضعي له .
3) أي: المعبر
عنه بالاسم
(فقد كفر) لان
الحروف
والمفهوم غير
الواجب
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
518
الخالق
للكل تعالى
شأنه .
1) يجوز أن
يكون إله هنا
اسما على وزن
فعال بمعنى
مفعول ، ولما
دخلت
عليه
الألف واللام
حذفت الهمزة
تخفيفا ،
ويجوز أن يكون
فعلا إما بفتح
اللام
بمعنى
عبد لأنه
معبود ، أو
بالكسر بمعنى
سكن ، لان
القلوب تسكن
إليه ، أو من
فزع
لان العائذ
يفزع إليه في
النوائب ، أو
من أله الفصيل
إذا ولع بأمه
، لان العباد
مولعون
إليه بالتضرع
وطلب الحوائج
، والإله يقتضي
مألوها أي:
معبودا ،
والمراد
أن
هذا الاسم يدل
على معبود ،
والدال غير
المدلول
بالبديهة ،
فالمعبود
المسمى لا
الاسم
، والمراد
بالمألوه من
له الاله ،
فان مفهوم
الإلهية
يقتضي نسبته
إلى الغير ،
ولا
يتحقق بدونه ،
والمسمى لا
حاجة له إلى
الغير ، فيكون
الاسم غير
المسمى .
2) أي: من له
الاله ، كما
في بعض
الأخبار .
وقيل: معناه
أن هذا المعنى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
519
المصدري
يقتضي أن يكون
في الخارج
موجود هو ذات
المعبود
الحقيقي ،
ليدل
على
أن مفهوم
الاسم غير
المسمى ،
والحق تعالى ذاته
نفس الوجود
الصرف بلا
مهية
أخرى ، فجميع
مفهومات
الأسماء
والصفات خارجة
عنه ، فصدقها
وحملها
عليه
ليس كصدق
الذاتيات على
المهية ، إذ
لا ماهية له
كلية ، ولا
كصدق
العرضيات
، إذ لا قيام
لافرادها
بذاته تعالى ،
ولكن ذاته
تعالى بذاته
الأحدية
البسيطة
مما ينتزع منه
هذه
المفهومات
ويحمل عليه ،
فالمفهومات
كثيرة ، والجميع
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
520
غيره
، فيلزم من
عينية تلك
المفهومات
تعدد الآلهة (1) .
1) روي أن كل
شخص في الأرض
له شبح في
السماء يعمل مثله
، فإذا عمل
خيرا
اطلع الله
سبحانه عليه
الملائكة ،
وإذا عمل قبيحا
ستر الله ذلك
الشبح حتى
لا
تراه
الملائكة ،
فهذا أحد
معاني يا من
أظهر الجميل
وستر القبيح .
ووجه
آخر ، وهو أن
الميت يزور
أهله بعد
الموت ، فإذا
كانوا على حال
الطاعة
والعبادة نظر
إليهم ليسره
حالهم ، وإذا
كانوا على الحال
القبيح ستره
الله
تعالى
عنه لئلا يغتم
بما يراه .
وفي
الحديث: أن
العبد إذا عمل
الصالح سرا
أرسل الله
تعالى ملكا
بصورة
رجل
يعلم أهل
البلد حاله ،
وكذلك إذا عمل
الذنوب .
2) الجريرة
في الأصل
بمعنى
الجناية ،
ومنه ضمان
الجريرة ،
والمراد منه
هنا
الذنب
العظيم ، لأنه
جناية على
النفس .
3) أما عظيم
عفوه ، فبما
روي من أنه
يمحو الذنب حتى
من الألواح
والدفاتر
وقلوب
الملائكة
وبقاع الأرض
التي عمل
عليها الذنب .
وأما حسن
التجاوز
، فبما روي من
أنه تعالى
يمحو السيئات
ويثبت مكانها
حسنات (2) .
ويرشد
إليه قول سيد
الساجدين عليه السلام:
يا مبدل
السيئات
بأضعافها من
الحسنات .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
521
1) إما أن
يكون كناية عن
سعة الرحمة ،
كما يقال: فلان
يعمل بكلتا
يديه ،
وإما
أن يكون إشارة
إلى ما ورد من
أن له تعالى يد
رحمة ، ويد غضب
، وكلاهما
رحمة
، لان عقابه
تعالى رحمة ،
كما مر تحقيقه
.
2) النجوى:
المناجاة ،
وهو الكلام
الخفي .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
524
باب
في القرآن ما
هو ؟
1) ذكر
المفسرون فيه
أقوالا:
أحدها:
أن الباطل
الشيطان ،
ومعناه لا
يقدر الشيطان
أن ينقص منه
حقا أو
يزيد
فيه باطلا .
وثانيها:
أنه لا يأتيه
ما يبطله من
الكتب السماوية
لا قبله ولا
بعده ، أي: ما
جاء
كتاب قبله ولم
يأت بعده كتاب
يبطله أي: ينسخه
.
وثالثها:
معناه أنه ليس
في اخباره عما
مضى باطل ،
ولا في اخباره
عما يكون
في
المستقبل
باطل ، بل
اخباره كلها
موافقة لمخبراتها
، وهو المروي
عن
الباقر
عليه
السلام .
ورابعها:
لا يأتيه
الباطل من أول
تنزيله ولا من
آخره .
وخامسها:
لا يأتيه
الباطل من جهة
من الجهات ، فلا
تناقض في
ألفاظه ولا
كذب
في أخباره ولا
تعارض ولا
يزاد فيه ولا
ينقص ، بل هو
محفوظ حجة على
المكلفين
إلى يوم
القيامة ،
ويؤيده قوله
تعالى (إنا
نحن نزلنا
الذكر وإنا له
لحافظون)
(1) هذا .
واعلم
أنه قد استدل
جماعة من
العلماء بهذه
الآية على ما
ذهبوا إليه من
أن
القرآن
لم يلحقه
تحريف ولا
زيادة ولا
نقصان ، بل
هذا القرآن هو
الذي نزل من
الله
عز شأنه على
قلب سيد
المرسلين ،
وذلك أن لحوق
ما ذكر له
كلها من باب
الباطل
، ومنافية لما
تعهد سبحانه
بحفظه له في
قوله تعالى
وانا له
لحافظون (2) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
525
وحيث
أن هذا المطلب
من المطالب
الجليلة ، وقد
حررناه في
شرحنا على
تهذيب
الحديث
والاستبصار
مفصلا فيما
يقرب من
كراسين ، فلا
بأس هنا
بارخاء
عنان القلم
لبيان نبذة
منه (1) .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
526
فنقول:
روى أصحابنا
ومشايخنا في
كتب الأصول من
الحديث
وغيرها
أخبارا
كثيرة بلغت حد
التواتر في أن
القرآن قد عرض
له التحريف
وكثير من
النقصان
وبعض الزيادة
.
منها:
ما روي عن
السادة
الأطهار
عليهم أفضل الصلوات
في قوله تعالى
(كنتم خير
أمة أخرجت
للناس) (1) قالوا:
كيف تكون هذه
الأمة خير أمة
وقد
قتلوا
الحسين بن علي
عليهما
السلام ،
وإنما نزلت
كنتم خير أئمة
(2) . يعني بهم أهل
البيت
عليهم
السلام .
ومثل ما روي
بالأسانيد
الكثيرة عنهم عليهم
السلام في
قوله عز شأنه
(يا
أيها
الرسول بلغ ما
انزل إليك في
علي) الآية (3) .
ومنها:
ما روي عن
مولانا أمير
المؤمنين عليه
السلام لما
سئل عن
الارتباط بين
الكلامين
في قوله تعالى
(فان خفتم ألا
تقسطوا في
اليتامى
فانكحوا ما
طاب
لكم
من النساء
مثنى وثلاث
ورباع) (4) فقال عليه
السلام: قد
سقط ما بين
الكلامين
أكثر
من ثلث القرآن
(5) .
إلى
غير ذلك من
الاخبار التي
لو أحصيت
لكانت كتابا كبير
الحجم ، وقد
نقلها
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
527
قدماء
أصحابنا في
كتبهم من غير
تعرض لتأويلها
، بل ظاهرهم
العمل
بمضمونها .
نعم
صرح شيخنا
الصدوق رحمه
الله في كتاب
الاعتقاد (1) ،
وسيدنا الأجل
علم
الهدى
عطر الله
مرقده في جواب
المسائل
الطرابلسيات
(2) ، وأمين
الاسلام
الطبرسي
نور الله
ضريحه في
تفسيره
الكبير (3) ، والشيخ
المفيد (4)
تغمده الله
برضوانه
، بانكار
العمل بتلك
الأخبار ،
وذهبوا إلى أن
القرآن كما
انزل هو هذا
الذي
بأيدي الناس
من غير زيادة
ولا نقصان .
أما الصدوق
طاب ثراه ،
فاستدل عليه
بقول الصادق عليه
السلام:
القرآن واحد
انزل
من عند واحد
على نبي واحد
وإنما
الاختلاف من
جهة الرواة .
وأما
السيد رحمه
الله ،
فاستدل عليه
بأن القرآن
معجز النبوة
ومأخذ العلوم
الشرعية
والاحكام
الدينية
وعلماء
المسلمين قد
بلغوا في حفظه
وحمايته
الغاية ، وذكر
أيضا
أن القرآن كان
على عهد رسول
الله صلى
الله عليه
وآله مجموعا
مؤلفا على ما
هو عليه
الآن
، لأنه كان
يدرس ويحفظ
جميعه في ذلك
الزمان (5) .
والجواب
أما عن هذا ،
فسيأتي إن شاء
الله تعالى
بعيد هذا .
وأما
عن حديث
الصدوق ،
فبأنا لا نمنع
وحدة القرآن
الذي نزل على
النبي
صلى الله
عليه وآله .
وقوله عليه
السلام
(وإنما
الاختلاف من
جهة الرواة) د
ليل لنا لا علينا
، على
أنه
يمكن العذر من
طرقهم رضوان
الله عليهم
بأن يكون ما
ذهبوا إليه
تحرزا عن
طعن
أهل الكتاب
وجمهور
المخالفين بل
وعوام المذهب
، لان فيه طول
لسان
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
528
التشنيع
على اعجاز
القرآن وأخذ
الاحكام منه بسبب
ما وقع فيه من
التحريف ،
وعلماؤنا
رضوان
الله عليهم
كانوا كثيرا
ما يلاحظون
مثل هذه
الحالات في
مناظراتهم
أرباب
المذاهب ، كيف
لا ؟ والصدوق رحمه الله
روى طرفا من
الاخبار في
أن
مولانا صاحب
الدار عليه
السلام إذا
خرج أبرز
القرآن الذي
جمعه مولانا
أمير
المؤمنين
عليه
السلام وحمل
الناس على
تعلمه
وتعليمه
والاخذ بأحكامه
، وأنه هو
القرآن
كما انزل ،
وان هذا
القرآن الذي
بأيدي الناس
يرفعه الله
سبحانه إلى
السماء .
وروي
أن أمير
المؤمنين عليه
السلام لما
جمع القرآن
بعد وفاة
النبي صلى
الله عليه
وآله شده
بردائه
وأتى به إلى
المسجد إلى
أبي بكر وأصحابه
، وأخبرهم أن
هذا القرآن
كما
انزل
، وأن النبي صلى الله
عليه وآله
أمره بجمعه ،
فقال
الاعرابي: لا
حاجة بنا إليه
عندنا مثله ،
فحمله
عليه
السلام وقال:
لن يراه أحد
حتى يظهر ولدي
المهدي ، فيحمل
الناس على
تلاوته
والعمل
بأحكامه ،
ولما تخلف
الاعرابي
أرسل إلى أمير
المؤمنين عليه
السلام
حيلة
منه على
احراقه ، كما
أحرق قرآن ابن
مسعود ، فلم
يرض عليه
السلام وبقي
عندهم
عليهم
السلام إلى
الآن (1) . وكانوا
يقرأونه عليهم
السلام ،
وربما علموه
بعض خواصهم .
كما
رواه شيخنا
الكليني طيب
الله رمسه
باسناده إلى
سالم بن سلمة
، قال: قرأ
رجل
على أبي عبد
الله عليه
السلام وأنا
أستمع حروفا
من القرآن ليس
على ما يقرأها
الناس
، فقال أبو
عبد الله عليه
السلام: مه
كف عن هذه
القراءة
واقرأ كما
يقرأ الناس حتى
يقوم
القائم ، فإذا
قام القائم عليه
السلام قرأ
كتاب الله على
حده ، وأخرج
المصحف الذي
كتبه
علي عليه
السلام (2) .
وهذا الحديث
مما أبدى
عذرنا في
تلاوة هذا القرآن
والعمل
بأحكامه
.
وأما
الوقت الذي
وقع فيه
الزيادة
والنقصان ،
فهو عصران:
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
529
الأول:
عصر الخلفاء
بعده صلى
الله عليه
وآله ، وذلك
من وجوه:
أحدها:
أن كتاب الوحي
كانوا كثيرين
، منهم: أمير
المؤمنين عليه
السلام ،
ومنهم:
عثمان
، وما كانوا
يكتبون في
الأغلب الا ما
كان ينزل عليه
في المجالس
والمحافل
. وأما الذي
كان يوحى إليه
وهو صلى
الله عليه
وآله في
منازله
وخلواته ، فما
كان
يكتبه
إلا أمير
المؤمنين عليه
السلام ،
لأنه كان يدخل
عليه في كل
وقت ، كما روي
عنهم
عليهم
السلام ، فمن
ثم كان قراءته
عليه
السلام أجمع
من غيره .
وثانيها:
أن من جملة ما
نزل فيه آيات
صريحة أو قريبة
منها في لعن
بني
أمية
وجماعة من
المنافقين ،
وكذلك نزل
أيضا فيه آيات
ناصة على
مدائح أهل
البيت
عليهم
السلام .
فعمدوا إلى
رفع الكل من
القرآن الذي
جمعه عثمان
خوفا من
الفضائح
وحسدا لأهل
البيت عليهم
السلام .
وثالثها:
أن عثمان ما
كان يعرف
قواعد
الكتابة على
ما يوافق
قواعد
العربية ،
ومن
ثم وقع في هذا
القرآن
مخالفة كثيرة
لقواعد
العربية سميت
برسم القرآن ،
محافظة
على ضبط هذا
القرآن .
روى
السيد الجليل
علي بن طاووس
طاب ثراه في
كتاب سعد السعود
عن
محمد
بن بحر الرهني
، وهو من أعظم
عظماء العامة
من التفاوت في
المصاحف
التي
بعث بها عثمان
إلى أهل
الأمصار ،
قال: اتخذ
عثمان سبع نسخ
، فحبس منها
بالمدينة
مصحفا ، وبعث
إلى أهل مكة
مصحفا ، والى
أهل الشام
مصحفا ، والى
أهل
الكوفة مصحفا
، والى أهل
البصرة مصحفا
، والى أهل
اليمن مصحفا ،
والى أهل
البحرين
مصحفا (1) .
ثم
عدد ما وقع
فيها من
الاختلاف
بالكلمات والحروف
، مع أنها
كلها بخط
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
530
عثمان
، فإذا كان
هذا حال
مصاحفه في
الاختلاف كيف
يكون حال
غيرها .
ويؤيده
ما ورد في
الروايات
وكتب السير من
أن الخلفاء
جمعوا
القرآنات
كلها
وأحرقوها
، لما فيها من
كثرة
المخالفة لما
في مصحف عثمان
، ولو لم يكن
فيها
مخالفة
له لما قدموا
على احراقها
حتى صارت عليهم
من أعظم
المطاعن .
وأما
العصر الثاني
، فهو زمان
القراء ووصول
النوبة إليهم
، وذلك أن
المصاحف
التي وصلت
إليهم كانت
غير معربة ولا
منقطة ، كما
هو المتعارف
في
الاعصار
السابقة ،
والآن منها ما
هو موجود بخطوط
الأئمة عليهم
السلام
وغيرهم كذلك
أيضا
.
نعم
ذكر جلال
الدين
السيوطي في
كتابه المطالع
السعيدة أن
أبا الأسود
الدؤلي
أعرب مصحفا في
خلافة معاوية
، فلما وقعت إليهم
تلك المصاحف
تصرفوا
في
إعرابها
ونقطها على ما
يوافق
مذاهبهم في العربية
.
قال
محمد بن بحر
الرهني
المذكور: أن
كل واحد من
القراء قبل أن
يتجدد
القارئ
الذي بعده
كانوا لا
يجيزون إلا
قراءته ، ثم
لما جاء
القارئ الثاني
انتقلوا
عن
ذلك المنع إلى
جواز قراءة
الثاني ،
وكذلك في
القراءة
السبعة ،
فاشتمل كل
منهم
على انكار
قراءته ، ثم
عادوا إلى
خلاف ما
أنكروه ، ثم
اقتصروا على
هؤلاء
السبعة
، مع أنه قد
حصل في علماء
المسلمين والعالمين
بالقرآن أرجح
منهم ، ومع
أن
زمان الصحابة
ما كانوا
هؤلاء السبعة
ولا عددا
معلوما من
الصحابة للناس
يأخذون
القراءة (1)
عنهم ، ثم ذكر
قول الصحابة لنبيهم
صلى الله
عليه وآله
على الحوض إذا
سألهم
كيف خلفتموني
في الثقلين من
بعدي ، أما الأكبر
فحرقناه
وبدلناه ،
وأما
الأصغر
فقتلناه ، ثم
يذادون عن
الحوض .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
531
ويظهر
من هذا الكلام
كله القدح في
تواتر القراءات
السبع لوجوه:
أولها:
لا نسلم
تواترها عن
القراء
السبعة ، لأنه
كان لكل قارئ
راويان
يرويان
عنه
قراءته ، نعم
عرض لها
التواتر في
الطبقات اللاحقة
.
وثانيها:
سلمنا ذلك لكن
تواترها عن
القراء لا يفيدنا
علما بأنها
متواترة عن
النبي
وأهل بيته
صلوات الله
عليهم ، لأنهم
آحاد من
مخالفينا
استبدوا بها
وجعلوها
فنا
لهم ، كما جعل
سيبويه النحو
فنا له وتصرف فيه
بما يوافق
مذهبه ، وكذا
غيره
من
النحاة
وغيرهم .
وثالثها:
أن أرباب
القراءة
والتفسير
كثيرا ما
يقولون: قراءة
حفص كذا ،
وقرأ
علي
بن أبي طالب
كذا ، وفي
قراءة أهل
البيت كذا ،
بل يقولون:
وفي قراءة
رسول
الله
صلى الله
عليه وآله
كذا ، فيجعلون
قراءتهم
قسيمة
لقراءته ، فان
هذا من
التواتر الذي
يكون
حجة
علينا .
وأما
مولانا أمير
المؤمنين عليه
السلام فلم
يتمكن زمن
خلافته من رد
البدع التي
حدثت
قبله ، كما لم
يقدر على
النهي عن صلاة
الضحى وعزل
معاوية وشريح
القاضي
، لان فيه ردا
على من تقدمه
ولا يقبله الناس
منه ، لان
محبة
الأعرابيين
قد
أشربت
في قلوبهم .
ومن
جملة من
وافقنا على
القدح في
تواتر
القراءات
صاحب الكشاف
عند
تفسير
قوله تعالى
(وكذلك زين
لكثير من
المشركين قتل
أولادهم
شركاؤهم)
(1) (2) ونجم الأئمة
الرضي في
موضعين من شرحه
على الكافية ،
والسيد
ابن طاووس في
مواضع من كتاب
سعد السعود .
وأما
الجواب عن
تأويل الآية ،
فهو أنا نقول:
إن القرآن لم
يلحقه باطل ،
لان
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
532
أهل
البيت عليهم
السلام
حراسه ، وقد
أظهروا ما وقع
فيه وبينوه
للناس ،
وأزالوا
الباطل
عنه
، فلم يبق ثم
باطل يلحقه ،
ويرشد إلى
حمله ما قلناه
قوله صلى
الله عليه
وآله يجري في
هذه
الأمة
ما جرى في
الأمم
السابقة حذو
النعل بالنعل
والقذة
بالقذة ، ولا
شك أن ما
وقع
في التوراة
والإنجيل
وغيرهما من
التحريف
والتغيير
ظاهر مشهور
وفي
الكتب
مسطور ، وهذه
نبذة مما
حققناه في
الشرحين ، فمن
أراد التفصيل
فليطلبه
من
هناك .
2) أي: هو تنزيل
من عالم بوجود
الحكمة (حميد)
مستحق للحمد
على
خلقه
بالانعام
عليهم ،
والقرآن من
أعظم نعمه ،
فاستحق به
الحمد والشكر
.
1) الجدال في
القرآن واقع
بين الأمة في
قدمه وحدوثه ،
وهو متفرع على
الخلاف
في قدم الكلام
وحدوثه ، كما
تقدم الكلام
فيه .
2) وذلك أن من
قال بقدم
الكلام سموه
القديم ، ومن
قال بالحدوث سموه
المخلوق
، والأول باطل
، والثاني
يوهم الكذب ،
كما سيأتي في
كلام الصدوق رحمه الله
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
533
- 534
1) إشارة إلى
التحكيم الذي
نقمه الخوارج
على أمير
المؤمنين عليه
السلام في
وقائع
صفين بعد أن
رضوا به .
وحاصل
القصة أن
معاوية لما
أحس بالعجز
وظفر أمير
المؤمنين عليه
السلام ليلة
‹ شرح ص 534 ›
الهرير
راجع عمرو بن
العاص في
الرأي ، فقال
له: اني خبأت
لك رأيا لمثل
هذا
الوقت
، فالرأي تأمر
أصحابك برفع
المصاحف على
الرماح ،
وتدعون أصحاب
علي
إلى المحاكمة
إلى كتاب الله
، فإنهم ان فعلوا
افترقوا ، وان
لم يفعلوا
افترقوا ،
وكان
الأشتر صبيحة
تلك الليلة قد
أشرف على الظفر
.
فلما
أصبحوا رفعوا
المصاحف
والمصحف
الكبير بالجامع
الأعظم على
عشرة
أرماح ، وهم
يستغيثون
معاشر المسلمين
الله الله في
اخوانكم في
الدين ،
حاكمونا
إلى كتاب الله
، الله الله
في النساء والبنات
، فقال أصحاب
علي عليه
السلام: اذن
إخواننا
وأهل دعوتنا
استقالونا
واستراحوا إلى
كتاب الله ،
والرأي
التفتيش عنهم
،
فغضب
عليه
السلام من
هذا الرأي
وقال: انها
كلمة حق يراد
بها باطل .
فافترق
أصحابه
فرقتين ، منهم
من رأى رأيه
في الاصرار
على الحرب ،
ومنهم
من رأى ترك
الحرب
والرجوع إلى
الحكومة وكانوا
كثيرين ،
فاجتمعوا
إليه
عليه
السلام ،
وغلبوا رأيه
على الحكومة ،
وقالوا: ان لم
تفعل قتلناك
كما قتلنا
عثمان ،
فرجع
إلى قولهم
وأمر برد الأشتر
عن الحرب ، ثم
كتبوا كتاب
الصلح وطافوا
به
في
أصحابه عليه
السلام
واتفقوا على
الحكومة .
وصورة
الكتاب: هذا
ما تقاضى عليه
علي بن أبي طالب
ومعاوية بن
أبي
سفيان
، قاضى علي بن
أبي طالب على
أهل العراق ومن
كان معه من
شيعته من
المؤمنين
والمسلمين ،
وقاضي معاوية
بن أبي سفيان
على أهل الشام
ومن كان معه
من
شيعته من
المؤمنين
والمسلمين ،
اننا ننزل عند
حكم الله
وكتابه ، ولا
يجمع بيننا
إلا
إياه ، وان
كتاب الله
سبحانه من
فاتحته إلى
خاتمته ، نحيي
ما أحيا
القرآن ،
ونميت
ما أمات
القرآن ، فإذا
وجد الحكمان
ذلك في كتاب
الله ابتدءاه
، وان لم
يجداه
أخذاه بالسنة
العادلة غير
المفرقة .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
535
والحكمان
عبد الله
وعمرو بن
العاص ، وقد
أخذ الحكمان
من علي
ومعاوية
ومن
الجندين
أنهما أمينان
على أنفسهما
وأموالهما
وأهلهما ،
والأمة لهما
أنصار
وعلى
اللذين
يقضيان عليه
وعلى
المؤمنين والمسلمين
من الطائفتين
عهد الله أن
تعمل
بما يقضيان
عليه مما وافق
الكتاب والسنة
، وإن الامن
والموادعة
ووضع
السلاح
متفق عليه من
الطائفتين
إلى أن يقع الحكم
.
وعلى
كل واحد من
الحكمين عهد
الله ليحكمن
بالحق لا بما
يهوى ، وأصل
الموادعة
سنة كاملة ،
فان أحب
الحكمان أن
يعجلا الحكم
عجلاه ، وإن
توفي
أحد
فلامير شيعته
أن يختار
مكانه رجلا لا
يألوا الحق
والعدل ، وان
توفي أحد
الأميرين
كان نصب غيره
إلى أصحابه
ممن يرتضون
أمره ويحمدون
طريقته ،
اللهم
انا نستنصرك
على من ترك ما
في هذه
الصحيفة
وأراد فيها
الحادا وظلما
،
وشهد
فيه من أصحاب
علي عليه
السلام عشرة
، ومن أصحاب
معاوية عشرة ،
وأما
هو عليه
السلام فلم
يكن راضيا
بالتحكيم كما
سبق .
وبعد
أن غلب عليه
طلب أن يكون
النائب له عبد
الله بن عباس
، لأنه عالم
عارف
بوجوه الآراء
، وأبو موسى
كان جاهلا ،
وفي قلبه حقد
على
أمير
المؤمنين عليه
السلام لما
عزله قبل
التحكيم من
امارة الكوفة
، فلم يطعه
القوم على ما
أراد
، على أنه عليه
السلام شرط
عليهما الحكم
بما في الكتاب
والسنة ، وهما
ناصان على
أن
الإمامة له عليه
السلام .
أما
الكتاب ،
فقوله تعالى
(وان طائفتان
من المؤمنين) (1)
الآية ، وظاهر
كون
أولئك بعد عقد
الإمامة بغاة
عليه ، فوجب بنص
الكتاب
قتالهم ،
وكذلك الآيات
الدالة
على وجوب
الوفاء
بالعهود
والعقود ، وهو
أولى بالحق
الذي تقاتلا
عليه .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 536
وأما
السنة ، فقوله
صلى الله
عليه وآله:
يا علي حربك
حربي . وقوله:
علي مع الحق
والحق
مع
علي . ونحو ذلك .
ولما وقع
الحكم منهما
على خلاف ما
في الكتاب
والسنة
كان
باطلا .
والخوارج بعد
أن رضوا
بالتحكيم وكتب
كتاب الصلح
انقلبت
آراؤهم
إلى
قتال أهل
الشام وأصروا
عليه ،
وقالوا: انا
كفرنا لما
قلنا
بالتحكيم ،
والآن
رجعنا
إلى الدين ،
فكن أنت مثلنا
، ولو أجابهم عليه
السلام إلى
هذا لفسد عليه
أكثر أصحابه .
1) فيه رد على
الأشاعرة ،
فإنهم لما
قالوا بأن كلامه
تعالى حقيقة
هو الكلام
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
537
النفسي
نصوا على أن
القرآن ونحوه
من كلامه تعالى
مجازا
لدلالته على
الكلام
حقيقة
.
1) يعني
القرآن ،
ومعناه: أني
أقدر على أن
آخذ ما أعطيتك
كما منعته
غيرك
. وقيل: معناه
ولو شئنا
لمحونا هذا
القرآن من
صدرك وصدر
أمتك حتى لا
يوجد
له أثر .
2) المراد من
النسخ ابطال
الحكم . وأما
قوله (أو ننسها)
فمعناه على
وجهين ،
فان
لفظ نسي
المنقول منه
أنسى على
ضربين: أحدهما
النسيان الذي
هو
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
538
خلاف
الذكر ، (نحو
واذكر ربك إذا
نسيت) (1) والآخر
بمعنى الترك ،
نحو قوله
(نسوا الله
فنسيهم) (2) أي:
تركوا طاعة
الله فترك رحمتهم
. فالوجه
الأول في
الآية
محمول على
النسيان الذي
هو مقابل الذكر
، ويجوز ذلك
على الأمة بأن
يؤمروا
بترك قراءتها
، فينسونها
على طول الأيام
، ويجوز أيضا
أن ينسيهم
الله
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
539
ذلك
على الحقيقة
وان كانوا
جمعا كثيرا
وجما غفيرا ،
بأن يفعل
النسيان في
قلوب
الجمع
وإن كان خارقا
للعادة .
1) قال صاحب
الفوائد
المدنية (1):
معنى خلق
المعرفة
والجحود في
القلب
خلق
أن هذا حق
وخلافه باطل ،
مع المنبهات
على ذلك
(وهديناه
النجدين) (2)
وكما
قال تعالى
(وأما ثمود
فهديناهم
فاستحبوا
العمى على
الهدى) (3) وفيه
تصريح
بأن الاذعان
القلبي
المتعلق
بالقواعد
الايمانية من
الله تعالى ،
وليس من
أفعالنا
الاختيارية ، وفيه
وجهان: أحدهما
كونه ميلا
قلبيا طبيعيا
يترتب على
المقدمات
الفائضة على
القلب من الله
تعالى . وثانيهما:
كونه مخلوقا
لله تعالى ،
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
540
وهو
الحق وصريح
الاخبار .
وذهب
المتأخرون من
المنطقيين
كما نقله عنهم
العلامة
الرازي في شرح
الشمسية
إلى أنه من
الافعال
القلبية ،
وذكر الشريف
في حاشية شرح
الشمسية
وغيرها
قد توهموا أن
الحكم فعل من
أفعال النفس
الصادرة عنها
، بناء على أن
الألفاظ
التي يعبر بها
عن الحكم تدل
على ذلك ،
كالاسناد
والابقاع
والانتزاع
والايجاب
والسلب
وغيرها .
والحق
أنه ادراك ،
لأنا إذا
راجعنا إلى
وجداننا
علمنا أنا بعد
ادراك النسبة
الحكمية
الحملية أو
الاتصالية أو
الانفصالية
لم يحصل لنا
سوى ادراك أن
تلك
النسبة
واقعة مطابقة
لما في نفس
الامر ، أو ادراك
أنها ليست
بواقعة أي غير
مطابقة
لما في نفس
الامر (1) انتهى .
وقد
أورد اشكال في
هذا المقام ،
وهو أنه كيف يمكن
القول بأن
التصديقات
فائضة
من الله تعالى
على النفوس
الناطقة ؟ ومنها
كاذبة ومنها
كفرية ، وهذا
إنما
يتجه
على رأي
الأشاعرة
القائلين
بأنه يجوز أن
يجعل الله
تعالى كل ما
حرمه
واجبا
وبالعكس ، وان
الحسن والقبح
لنا عقليان .
وأجيب
عنه بوجوه ،
منها: ما
تواترت به
الاخبار من أن
الله يحول بين
المرء
وبين
أن يجزم جزما
باطلا ، وأما
الظن ، فهو من الميول
الطبيعية .
ومنها:
أن التصديقات
الصادقة
فائضة على
القلوب من
الله تعالى
بلا واسطة
أو
بواسطة ملك ،
وهي تكون جزما
وظنا ،
والتصديقات
الكاذبة تقع
في القلوب
بالهام
الشيطان ، وهي
لا تتعدى الظن
ولا تصل إلى
الجزم ،
وأيدوه بما
روي من
أن
على اذن القلب
اليمنى ملكا
يلقي إليه
الخير
والسعادة ،
وعلى أذنه
اليسرى
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 541
شيطان
يلقي إليه
الشر ويزينها
له .
ومنها
وهو الجواب
الحق عندي في
هذا المقام ،
وبيانه: أن
النفوس
والأفكار
إذا اقتنصت (1)
المقدمات
ورتبتها ترتيبا
، اقتنصت معه
فيضان الصورة
العلمية
والنتيجة
القياسية ،
أفيض عليها من
المبدأ
الفياض جل
شأنه ما يناسب
تلك
المقدمات
التي رتبها
الفكر ، وصارت
النفس بها
مستعدة
لفيضان صورة
توافق تلك
المقدمات
.
فإن
جاهدت
الأفكار
بتحصيل
مقدمات حقه
أفيض عليها
العلم
المطابق
للواقع
، وان جرت في
غير جادة
السياق ولم
تأت بالجهاد
المأمور به في
قوله عز
شأنه
(والذين
جاهدوا فينا
لنهدينهم
سبلنا) (2)
استعدت النفس
لان يفاض
عليها
ما يناسب
المقدمات
التي قصرت في
تحصيلها ،
مثلا لما رتب
الفلاسفة
قولهم
العالم
مستغن عن
المؤثر ، وكل
مستغن عن
المؤثر قديم ،
أفيض على
ألواح
نفوسهم
ما يوازي
المقدمات .
وكان القصور
في سعيهم
وفساد
المقدمة
الصغرى .
وأما
القوانين
المنطقية ،
فلا قصور فيها
، لأنها إنما
تضمنت العصمة
عن الخطأ
في
الصورة لا في
المادة ،
والكاشف عما
قلناه أن
الكافر لما
جحد وستر نعم
الله
تعالى
وطرح العقل
وراء ظهره ،
صير نفسه
مستعدا لان
يفاض عليه
الحرمان
والخذلان
ويحصل له
الجزم
بمعتقده ، فلا
بخل هنا في
الفياض جل
شأنه . وكذلك
الأب
إذا انغمر في
ضروب العصيان
وجانب طريق العدل
والاحسان
يكون قد
جعل
نفسه مستعدة
لان يرزق ولدا
يشابهه في أفعاله
ويحاذيه في
أقواله .
ويدخل
في هذا ما
حققناه في باب
أن طينة
المؤمن من
عليين ، وطينة
الكافر
من
سجين ، ودفعنا
به اعتراض الجبرية
.
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
542
وبيانه:
أن الأرواح
لما خلقت قبل
الأشباح وورد
عليها قلم
التكليف في
عالم
الأظلة
، وكانوا بين
مطيع وعاص ،
صارت كل روح من
الأرواح
مستعدة لان
تركب
مع قالب
يناسبها في
الاستعداد
والطاعة ،
فدخلت روح
المؤمن في
طينة من
عليين
، وروح الكافر
في سبخة من
سجين . وأنت إذا
أحطت علما بما
ألقيناه إليك
من
هذا الكلام
يسهل عليك
الجواب عن
كثير من الشبه
والاعتراضات
الواردة
فيما
يناسب هذا
المقام .
ولا
نقول أن
الشيطان لا
مدخل له هنا ،
بل هو الذي
حسن له
النتيجة
الباطلة
وزينها
عنده ، بخلاف
ما إذا كانت
المقدمات حقا
كلها ، فإنه
لا قدرة
للشيطان على
أن
يخيل له ما
يخالف العقل
الصريح ،
وبالجملة فمن
تدرب للجهل
واستعد له
وقلد
الأسلاف
، فهو ولي
الشيطان ،
يزين له
النتائج .
وفيه
دلالة على أن
معرفة الله
تعالى موهبية
لا كسبية ،
والأخبار
الواردة
بهذا
المضمون
مستفيضة ، وفي
معناها
الأحاديث
الواردة في أن
الله تعالى لا
يعرف
إلا
به ، كقوله عليه
السلام
(اعرفوا الله
بالله) (1) وكذلك
ما روي في
الاخبار من
قوله صلى
الله عليه
وآله قدس
سره (
(كل مولود
يولد على
الفطرة) (2) فان
مجموع
الروايات
الواردة في
هذه الأبواب
ظاهرها
أن المعرفة
موهبية
ومركوزة في
الطبائع
والأخلاق ،
ومن عرف نفسه
فقد عرف ربه .
وإلى هذا ذهب
جماعة من
المحدثين ،
فلم يوجبوا
كسب المعرفة ،
بل
اكتفوا منها
بما فطرهم
الله عليه من
التوحيد ،
وجعلوا أول
الواجبات
الاقرار
بالشهادتين
، وفي الاخبار
دلالة عليه .
نعم
تلك الفطرة
الإلهية تزيد
بتزايد
الطاعات
والرياضات
والترقي في
مدارج
العلوم
والكمالات ،
وذهب المعظم
من علماء الاسلام
إلى أن
المعرفة
نظرية وهي
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
543
أول
الواجبات .
ويمكن أن يقال
في تأويل هذه
الأخبار
والجمع بينها
وبين
المذهب
المشهور أمور:
الأول:
ما ذكره
العالم
الرباني كمال
الدين ميثم
البحراني ،
وذكر أن
المحققين
صرحوا
به ، وهو
المستفاد من
الاخبار ،
وحاصله: أن
لمعرفة الله
سبحانه مراتب:
الأولى
وهي أدناها:
أن يعرف العبد
أن للعالم
صانعا .
الثانية: أن
يصدق بوجوده .
الثالثة:
أن يترقى إلى
توحيده
وتنزيهه عن
الشركاء .
الرابعة:
مرتبة
الاخلاص
له .
الخامسة: نفي
الصفات التي
تعتبرها
الأذهان له
عنه ، وهي
غاية العرفان
.
وكل
مرتبة من
المراتب
الأربع مبدأ
لما بعدها ، والأولتان
من المراتب
مجبولتان
في الفطرة
الانسانية ،
بل في الفطرة
الحيوانية
أيضا ، ولذا
لم يدع
الأنبياء
عليهم
السلام
اليهما ، مع
أنهما لو
توقفا على
الدعوة لزم الدور
، لان صدقهم
مبني
على
أن هاهنا
صانعا للخلق
أرسلهم ، بل
الذي دعا
إليها
الأنبياء عليهم
السلام هي
المرتبة
الثالثة
وما بعدها ،
وهي الواردة
في كلمة الاخلاص
بقوله صلى
الله عليه
وآله (من قال
لا إله إلا
الله
دخل
الجنة) ثم لما
استعدت
أذهانهم لما
بعدها من
المراتب قال عليه
السلام: من
قال
لا
إله إلا الله
خالصا مخلصا
دخل الجنة .
وحينئذ فيجوز
أن يراد من
المعرفة في
قوله
عليه
السلام (أول
الدين معرفته)
المرتبتان
الأولتان ،
ويجوز أن يراد
المعرفة
الكاملة
، لأنها العلة
الغائية وهي
متقدمة في
التصور (1)
انتهى .
الأمر
الثاني:
المراد من
المعرفة
الموهبية مقدماتها
الموصلة
إليها التي لا
يتناهى
عددها .
وفي
كل شئ له آية ***
تدل على أنه
واحد
وكذا
أسباب الجحود
من تقليد
الآباء ووجود
الشياطين
المضلين عن
سواء
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
544
الطريق
ونحو ذلك .
الثالث:
المراد أن
المفيض
للمعارف هو
الرب تعالى ،
وإنما أمر
العباد
بالسعي
ليستعدوا
لذلك بالفكر
والنظر ، كما
دل عليه هذا
الخبر .
فائدة:
قال
المحقق
الشريف في شرح
المواقف:
اختلفوا في
أول واجب على
المكلف
أنه ماذا ؟
فالأكثر
ومنهم الشيخ
أبو الحسن
الأشعري على
أنه معرفة
الله ، إذ
هو
أصل المعارف
والعقائد
الدينية ،
وعليه يتفرع
وجوب كل واجب
من
الواجبات
الشرعية .
وقيل:
هو النظر فيها
، أي: في معرفة
الله سبحانه ،
لأنه واجب
اتفاقا فهو
قبلها ،
وهذا
مذهب جمهور
المعتزلة
والأستاذ أبي
إسحاق
الاسفرائني .
وقيل:
هو أول جزء من
النظر ، لان
وجوب الكل يستلزم
وجوب أجزائه ،
فأول
جزء من النظر
واجب ومقدم
على النظر
المتقدم على
المعرفة .
وقال
القاضي
واختاره ابن
فورك وامام
الحرمين: انه
القصد إلى
النظر ، لأنه
فعل
اختياري
مسبوق بالقصد
المتقدم على
أول أجزائه .
والنزاع لفظي
، إذ لو أريد
الواجب
بالقصد الأول
، أي: أريد أول
الواجبات المقصودة
أولا وبالذات
فهو
المعرفة
اتفاقا . وان
أريد أول
الواجبات
مطلقا فالقصد
إلى النظر ،
لأنه مقدمة
للنظر
الواجب مطلقا
، فيكون واجبا
أيضا ، لكن عرفت
أن وجوب
المقدمة إنما
يتم
في السبب
المستلزم دون
غيره انتهى .
وقال
بعض المحققين:
معنى خلق
المعرفة
والجحود أنه
خلق في قلب
العبد
معنى
المعرفة
ومعنى الجحود
، وعرفه حسن
هذا وقبح ذاك
وما يترتب له
على
متابعة
كل منهما ،
وأعطاه
القدرة
والاختيار والاستطاعة
لسلوك كل من
الطريقين
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
545
باختياره
فهو يختار ما
يريد منهما .
أقول:
ويجوز أن يكون
خلق المعرفة
والجحود في
هذا العالم
بناء على ما
وقع
من التكليف في
عالم الذر ،
فتأمل .
1) حمله
بعضهم على
التقية
مماشاة مع
العامة .
2) اختلف
علماء
الاسلام في
تقدم
الاستطاعة
والقدرة على
الفعل ، فذهب
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين -
صفحة 546
الأشاعرة
إلى أنهما لا
تكونا
سابقتين على
الفعل ، بل
هما مقارنتان
له ، الا أنها
غير
مؤثرة
فيه تأثيرا
تاما يحصل به
الفعل ، بل
الفعل من الله
تعالى .
وذهب
أصحابنا
والمعتزلة
إلى أن قدرة
العبد على
الفعل سابقة
عليه ، وهذا
التحقيق
منه عليه
السلام إشارة
إليه ،
وحاصله: أنه
سبحانه خلق
العبد وجعل له
الآلة
والصحة
، وهذا هو
القدرة
والاستطاعة
المتقدمة على
الفعل ، لكن
وجودها
وحدها
غير كاف في
ترجيح ايجاد
الفعل على
عدمه ، بل لا
بد من انضمام
الإرادة
لذلك
الفعل التي
عبر عنها
بالشهوة ،
فإذا انضمت
هذه الشهوة
إلى تلك القوة
كان
الفعل
، أي: وجد على
سبيل الجزم
والوجوب .
وذهب
طائفة من
المتكلمين
إلى أنه لا
يجب الفعل عند
حصولهما ، بل
يكون
راجح
الايجاد لا
واجبة .
1) يعني: أن
الواجب أن
يقال في
الواجب أنه شئ
لا كالأشياء
ليخرج بذلك
عن
حد التعطيل
وحد التشبيه .
2) اعلم أن
الايمان في
اللغة هو مطلق
التصديق ، قال
الله تعالى
حاكيا عن
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
547
اخوة
يوسف عليه
السلام (وما
أنت بمؤمن
لنا) (1) أي: بمصدق
فيما حدثناك
به .
وأما
في الشرع ،
ففيه أقوال:
منها أنه
تصديق النبي صلى الله
عليه وآله
فيما جاء به ،
فهو
تصديق
خاص ، وعليه
الأشاعرة .
ومنها: أنه
الاقرار
باللسان أعني
الشهادتين ،
وعليه
الكرامية .
ومنها: أنه
مركب من
التصديق والاقرار
، وعليه أبو
حنيفة . ومنها:
أنه
أعمال
الجوارح
فرضها ونفلها
، أو الفرض خاصة
على اختلاف
الرأيين .
ومنها:
أنه مجموع
الثلاثة
التصديق
بالجنان والاقرار
باللسان
والعمل
بالأركان
، وعليه أكثر
أصحابنا وبعض
الجمهور ، وقد
أكثروا من
الدلائل على
كل
واحد
من الأقوال .
وقد
نقلت عن أوثق
مشايخي أن
النزاع لفظي ،
سيما الوارد
بين علمائنا ،
وذلك
أن الوارد في
الاخبار عن
السادة
الأطهار عليهم
السلام
اطلاق
الايمان على
كل
واحد
من تلك
الأقوال ، وأن
للايمان
درجات عشرة ،
فالتصديق
وحده ايمان ،
وكذلك
الاقرار وحده
، ويطلق على
المجموع أيضا
. نعم ربما كان
للنزاع فائدة
في
موارد
خاصة ، كما
روي في ثواب
قضاء حاجة
المؤمن
واعانته
واسعافه
ومشايعته
وتعظيمه
والاحسان
إليه ، فهل
يتناول هذا من
اقتصر على
التصديق ،
أو
أتى به مع
الاقرار أم لا
بد من مزاولة
الاعمال ؟
ولعل الأخير
هو الأظهر ،
كما
يستفاد
من الروايات .
___________________________
شرح نور
البراهين في
أخبار السادة
الطاهرين - صفحة
548
1) هذا وما
قبله ظاهر في
أن الايمان
مركب من التصديق
والاعمال ،
وما
تضمنه
من أن من أتى
كبيرة واحدة
خرج عن الايمان
ينبغي أن
يحمل: إما على
الخروج
من الايمان
الكامل ، أو
على الدرجة التي
يكون فيها ،
فيخرج عنها
وينحط
إلى ما هو
أدون منها ،
ومن ثم وسم
الله سبحانه
تارك الحج
بقوله (ومن
كفر
بعد ذلك) (1) لأنه
إذا خرج عن
تلك الدرجة من
درجات
الايمان دخل
في
مقابلها
من دركات
الكفر .
ويتفرع
على هذا
التحقيق فروع
كثيرة ، منها:
قوله عليه
السلام: لا
يزني الزاني
وهو
مؤمن
(2) . ومنها قوله عليه
السلام:
المؤمن لا
يكذب . ومنها:
ما روي في
الاخبار من أن
تارك
الصلاة كافر .
وغير ذلك من
الاخبار
المنافية
لقواعد
الأصحاب
وأصولهم .