كتاب صحيفة الأبرار

 

ميرزا محمد التقي الشريف

 

 

المجلد الخامس

 

باب معجزات الأمام الهمام الولي المؤتمن بقية الله ذي المنن الحجة بن الحسن

صلوات الله عليهما

حديث أمه نرجس عليه وعليها السلام

الحادى والخمسون كمال الدين للصدوق  قال: :حدثنا محمد بن علي بن حاتم النوفلي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمي، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن بحرالشيباني، قال:(وردت كربلاء سنة ست وثمانين ومائتين قال: وزرت قبر غريب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم انكفأت إلى مدينة السلام متوجها إلى مقابر قريش قد تضرمت الهواجر وتوقدت السماء، فلما وصلت منها إلى مشهد الكاظم (عليه السلام) واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة المحفوفة بحدائق الغفران أكببت عليها بعبرات متقاطرة وزفرات متتابعة وقد حجب الدمع طرفي عن النظر، فلما رقأت العبرة وانقطع النحيب وفتحت بصري وإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه وتقوس منكباه وثفنت جبهته وراحتاه وهو يقول لآخر معه عند القبر: يا ابن أخي لقد نال عمك شرفا بما حمله السيدان من غوامض الغيوب وشرائف العلوم التي لم يحمل مثلها إلا سلمان، وقد أشرف عمك على استكمال المدة وانقضاء العمر وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسره.

قلت: يا نفس لا يزال العناء والمشقة ينالان منك بإتعابي الخف والحافر في طلب العلم وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل على علم جسيم وأمر عظيم، فقلت: أيها الشيخ ومن السيدان.

قال: النجمان المغيبان في الثرى بسر من رأى.

فقلت: إني أقسم بالموالاة وشرف محل هذين السيدين من الإمامة والوراثة إني خاطب علمهما وطالب آثارهما وباذل من نفسي الإيمان المؤكدة على حفظ أسرارهما.

قال: إن كنت صادقا فيما تقول فاحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها، قال: صدقت أنا بشر بن سليمان النخاس من ولد أبي أيوب الأنصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد (عليهم السلام) وجارهما بسر من رأى.

قلت: فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما.

قال: كان مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) فقهني في علم الرقيق فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلا بإذنه فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتى كملت معرفتي فيه فأحسنت الفرق فيما بين الحلال والحرام، فبينا أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأى وقد مضى من الليل إذ قد قرع الباب قارع فعدوت مسرعا فإذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) يدعوني إليه، فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يحدث ابنه أبا محمد (عليه السلام) وأخته حكيمة من وراء الستر، فلما جلست قال: يا بشر إنك من ولد الأنصار وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها بسر أطلعك عليه وأنفذك في ابتياع أمة، فكتب كتابا ملصقا بخط رومي ولغة رومية وطبع عليه بخاتمه وأخرج شستقة صفراء فيها مائتان وعشرون دينارا، فقال: خذها وتوجه بها إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوة كذا فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وبرزن الجواري منها فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك، إلى أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا لابسة حريرتين صفيقتين تمتنع من السفور ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها ويشغل نظره بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق، فيضربها النخاس فتصرخ صرخة رومية فاعلم أنها تقول واهتك ستراه، فيقول بعض المبتاعين علي بثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول بالعربية لو برزت في زي سليمان وعلى مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة فأشفق على مالك، فيقول النخاس فما الحيلة ولا بد من بيعك، فتقول الجارية : وما العجلة ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى أمانته وديانته، فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخاس وقل له إن معي كتابا ملصقا لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية وخط رومي ووصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك.

قال بشر بن سليمان النخاس : فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا وقالت لعمر بن يزيد النخاس : بعني من صاحب هذا الكتاب وحلفت بالمحرجة المغلظة إنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فما زلت أشاحه في ثمنها حتى استقر الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي (عليه السلام) من الدنانير في الشستقة الصفراء، فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة وانصرفت بها إلى حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولاها (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتضعه على خدها وتطبقه على جفنها وتمسحه على بدنها.

فقلت تعجبا منها : أتلثمين كتابا ولا تعرفين صاحبه.

قالت : أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء أعرني سمعك وفرغ لي قلبك أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم وأمي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون أنبئك العجب العجيب، إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل ومن ذوي الأخطار سبعمائة رجل، وجمع من أمراء الأجناد وقواد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز هو من بهو ملكه عرشا مصنوعا من أنواع الجواهر إلى صحن القصر فرفعه فوق أربعين مرقاة، فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الأساقفة عكفا ونشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض وتقوضت الأعمدة فانهارت إلى القرار وخر الصاعد من العرش مغشيا عليه، فتغيرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدي : أيها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني، فتطير جدي من ذلك تطيرا شديدا وقال للأساقفة : أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان وأحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جده لأزوج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده، فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأول، وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتما فدخل قصره وأرخيت الستور، فأريت في تلك الليلة كأن المسيح وشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبرا يباري السماء علوا وارتفاعا في الموضع الذي كان جدي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مع فتية وعدة من بنيه، فيقوم إليه المسيح فيعتنقه فيقول يا روح الله إني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا وأومأ بيده إلى أبي محمد صاحب هذا الكتاب، فنظر المسيح إلى شمعون فقال له : قد أتاك الشرف فصل رحمك برحم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: قد فعلت، فصعد ذلك المنبر وخطب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وزوجني من ابنه وشهد المسيح (عليه السلام) وشهد بنو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والحواريون، فلما استيقظت من نومي أشفقت أن أقص هذه الرؤيا على أبي وجدي مخافة القتل فكنت أسرها في نفسي ولا أبديها لهم، وضرب صدري بمحبة أبي محمد حتى امتنعت من الطعام والشراب وضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضا شديدا فما بقي من مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي، فلما برح به اليأس قال: يا قرة عيني فهل تخطر ببالك شهوة فأزودكها في هذه الدنيا، فقلت: يا جدي أرى أبواب الفرج علي مغلقة فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من أسارى المسلمين وفككت عنهم الأغلال وتصدقت عليهم ومنيتهم بالخلاص لرجوت أن يهب المسيح وأمه لي عافية وشفاء، فلما فعل ذلك جدي تجلدت في إظهار الصحة في بدني وتناولت يسيرا من الطعام، فسر بذلك جدي وأقبل على إكرام الأسارى وإعزازهم، فرأيت أيضا بعد أربع ليال كأن سيدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنان فتقول لي مريم هذه سيدة النساء أم زوجك أبي محمد (عليه السلام) فأتعلق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمد من زيارتي، فقالت : لي سيدة النساء (عليه السلام) : إن ابني أبا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله وعلى مذهب النصارى وهذه أختي مريم تبرأ إلى الله تعالى من دينك فإن ملت إلى رضا الله عز وجل ورضا المسيح ومريم عنك وزيارة أبي محمد إياك فتقولي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن أبي محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني سيدة النساء إلى صدرها وطيبت لي نفسي وقالت: الآن توقعي زيارة أبي محمد إياك فإني منفذة إليك، فانتبهت وأنا أقول : واشوقاه إلى لقاء أبي محمد (عليه السلام)، فلما كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمد (عليه السلام) في منامي فرأيته، ثم زارني بعد ذلك ورأيت كأني أقول له : جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك، قال: ما كان تأخيري عنك إلا لشركك وإذ قد أسلمت فإني زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان، فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.

قال بشر:  فقلت لها وكيف وقعت في الأسارى.

فقالت : أخبرني أبو محمد (عليه السلام) ليلة من الليالي أن جدك سيسرب جيوشا إلى قتال المسلمين يوم كذا ثم يتبعهم فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين حتى كان من أمري ما رأيت وما شاهدت وما شعر أحد بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك وذلك باطلاعي إياك عليه وقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت نرجس، فقال: اسم الجواري.

فقلت : العجب إنك رومية ولسانك عربي.

قالت: بلغ من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمان له في الاختلاف إلي فكانت تقصدني صباحا ومساء وتفيدني العربية حتى استمر عليها لساني واستقام.

قال بشر : فلما انكفأت بها إلى سر من رأى دخلت على مولاي أبي الحسن العسكري (عليه السلام) فقال لها : كيف أراك الله عز الإسلام وذل النصرانية وشرف أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) .

قالت : كيف أصف لك يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أنت أعلم به مني.

قال: فإني أحب أن أكرمك فأيما أحب إليك عشرة آلاف درهم أم بشرى لك فيها شرف الأبد.

قالت : بل البشرى.

قال (عليه السلام) : فابشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

قالت : ممن.

قال: (عليه السلام) ممن خطبك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له من ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا بالرومية.

قالت : من المسيح ووصيه.

قال: فممن زوجك المسيح ووصيه.

قالت : من ابنك أبي محمد.

قال: فهل تعرفينه.

قالت : وهل خلوت ليلة من زيارته إياي منذ الليلة التي أسلمت فيها على يد سيدة النساء أمه.

فقال أبو الحسن (عليه السلام): يا كافور ادع لي أختي حكيمة فلما دخلت عليه قال (عليه السلام) لها : ها هيه فاعتنقتها طويلا وسرت بها كثيرا، فقال لها مولانا:  يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخرجيها إلى منزلك وعلميها الفرائض والسنن فإنها زوجة أبي محمد وأم القائم عليها السلام)  .

وأقول : وفي غيبة الشيخ  عن جماعة عن أبي المفضل الشيباني عن محمد بن بحر بن سهل الشيباني عن بشير بن سليمان النخاس قال: أتاني كافور الخادم ... ) ثم ساق الحديث مثله.

هذا وليعلم أن صورة السند في نسختين عندي من كتاب كمال الدين محمد بن يحيي الشيباني وكذا في غيبة البحار والعوالم نقلا عنه وهو سهو من المستنسخين وإنما الصحيح محمد بن بحر بالباء الموحدة ثم الحاء ثم الراء المهملتان كما في غيبة الشيخ  .

ثم أن الواقع في جميع الروايات التي مضى بعضها ويأتي إن شاء الله بعض آخر من اسم بنت الجواد (عليه السلام) حكيمة بالكاف بعد الحاء والمشهور بين الناس حليمة باللام مكان الكاف وهو الواقع في بعض المواضع النادرة ولعله الأصح بقرينة ما ورد في أخبارنا عن المعصومين (عليهم السلام) من كراهية تسمية المولود بالحكيم بالكاف وتاء التأنيث لا تغير الحكم ويمكن أن يكون ما بالكاف لقبا لها لكونها مطلعة على أسرار الحكمة كما لقب فاطمة المدفونة بقم أخت الرضا (عليه السلام) بالمعصومة والله أعلم .

ولادة الإمام عليه السلام

الثاني والخمسون كتاب الحسين بن حمدان وهو غير كتاب الهداية رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا رواية هذه صورتها قال: حدثني هارون بن مسلم بن سعدان البصري ومحمد بن أحمد مشهرالبغدادي وأحمد بن إسحاق وسهل بن زياد الأدمي وعبد الله بن جعفر الحميري وأحمد بن عبد الله البرقي وصالح بن محمد الهمداني وجعفر بن إبراهيم ابن نوح وداود بن عامر وعمران الأشعري القمي وأحمد بن محمد الجنيبي وإبراهيم بن الخصيب ومحمد بن علي الميسري ومحمد بن علي اليقطيني البغدادي وأحمد بن محمد النيسابوري وأحمد بن عبد الله بن مروان الأنصاري وعلي بن محمد الظمري وعلي بن بلال ومحمد بن أبي الصهبان وإسحاق بن إسماعيل النيسابوري وعلي بن عبد الله الحسيني ومحمد بن إسماعيل الحسيني وأبو الحسين محمد بن يحيى الفاري وأحمد بن سندولا والعباس اللباق وعلي بن صالح وعبد الحميد بن محمود ومحمد بن يحيى الخرفي ومحمد علي بن عبد الله الحسني وعلي بن عاصم الكوفي وأحمد بن محمد الحجال وعقيل مولى أبي جعفر التاسع والريان وحمزة مولى أبي جعفر وأبي الحسن الرضا (عليه السلام) وعيسى بن مهر الجوهري والحسن بن إبراهيم وأحمد بن سعيد ومحمد بن ميمون الخراساني ومحمد بن خلف وحميد بن حسان وعلي بن أحمد الصائغ والحسن بن مسعود القرافي وأحمد بن حنان العجلي والحنيف بن مالك وأحمد بن محمد بن أبي قونة وجعفر بن أحمد القصير البصري وعلي بن أحمد الصابوني وأبو الحسن علي بن بشر والحسن البلخي وأحمد بن صالح والحسين بن عثمان وعبد الله بن عبد الباري وأحمد بن داود القمي وعلي بن احمد الظميراني ومحمد بن عبد الله الطلحي وطالب بن حاتم بن طالب والحسن بن محمد بن سعيد وأحمد بن مامنداد وأبو بكر الصفار وحمد بن موسى القمي وغياث بن محمد الديلمي وأحمد بن مالك القمي وأبو الجواري عبد الله بن محمد حدثوني جميعا وشتى عن عدة من المشايخ الذين كانوا مجاورين للإمامين (عليهم السلام) عن سيدينا أبي الحسن وأبي محمد (عليهم السلام) قالا : (إن الله عز وجل إذا أراد أن يخلق الإمام (عليه السلام) أنزل قطرة من ماء الجنة في ماء من المزن فتسقط في ثمار الأرض فيأكلها الحجة في الزمان (عليه السلام) فإذا استقرت في الموضع الذي تستقر فيه ومضى له أربعون يوما سمع الصوت فإذا أتت له أربعة أشهر وقد حمل كتب على عضده الأيمن ﴿وتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ فإذا ولد قام بأمر الله ورفع له عمود من نور في كل مكان ينظر فيه إلى الخلائق وأعمالهم وينزل أمر الله إليه في ذلك العمود والعمود نصب عينيه حيث تولى ونظر).

ثم قال الحسين بن حمدان : وحدثني من أثق إليه من المشايخ  عن حكيمة بنت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) قال: (كانت حكيمة تدخل على أبي محمد (عليه السلام) فتدعو له أن يرزقه الله ولدا وأنها قالت : دخلت عليه فقلت له كما كنت أقول ودعوت له كما كنت أدعو.

فقال: يا عمة أما إن الذي تدعين الله أن يرزقنيه يولد في هذه الليلة  فاجعلي إفطارك عندنا، فقلت : يا سيدي ممن يكون هذا المولود العظيم، فقال لي : من نرجس يا عمة، قالت : فقلت له يا سيدي ما في جواريك أحب إلي منها، وقمت ودخلت عليها وكنت إذا دخلت الدار تتلقاني وتقبل يدي وتنزع خفي بيدها، فلما دخلت إليها فعلت بي كما تفعل فانكببت على قدميها فقبلتها ومنعتها مما كانت تفعله فخاطبتني بالسيادة فخاطبتها بمثلها، فقالت لي فديتك، فقلت لها أنا فداك وجميع العالمين، فأنكرت ذلك مني، فقلت لها : لا تنكرين ما فعلت فإن الله سيهب لك في هذه الليلة غلاما سيدا في الدنيا والآخرة وهو فرج المؤمنين، فاستحيت فتأملتها فلم أر فيها أثر حمل، فقلت لسيدي أبي محمد (عليه السلام) : ما أرى بها حملا فتبسم (عليه السلام) ، ثم قال: إنا معاشر الأوصياء ليس نحمل في البطون وإنما نحمل في الجنوب، ولا نخرج من الأرحام إنما نخرج من الفخذ الأيمن من أمهاتنا لأننا نور الله الذي لا تناله الدناسات، فقلت له : يا سيدي لقد أخبرتني أنه يولد في هذه الليلة ففي أي وقت منها، قال: في طلوع الفجر يولد الكريم على الله إن شاء الله تعالى، قالت حكيمة: فأقمت فأفطرت ونمت بالقرب من نرجس، وبات أبو محمد (عليه السلام) في صفة في تلك الدار التي نحن فيها، فلما ورد وقت صلاة الليل قمت ونرجس نائمة ما بها أثر ولادة فأخذت في صلاتي ثم أوترت فأنا في الوتر حتى وقع في نفسي أن الفجر قد طلع ودخل قلبي شيء، فصاح أبو محمد (عليه السلام) من الصفة الثانية : لم يطلع الفجر يا عمة فأسرعت الصلاة وتحركت نرجس، فدنوت منها وضممتها إلي وسميت عليها ثم قلت لها : هل تحسين بشيء، قالت : نعم،  فوقع علي سبات لم أتمالك معه أن نمت ووقع على نرجس مثل ذلك ونامت، فلم أنتبه إلا بحس سيدي المهدي وصيحة أبي محمد (عليهم السلام) يقول : يا عمة هاتي ابني إلي فقد قبلته، فكشفت عن سيدي (عليه السلام) فإذا أنا به ساجدا يبلغ الأرض بمساجده وعلى ذراعه الأيمن مكتوب ﴿جاءَ الْحَقُّ وزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً﴾ فضممته إلي فوجدته مفروغا منه ولففته في ثوب وحملته إلى أبي محمد (عليه السلام) ، فأخذه وأقعده على راحته اليسرى وجعل راحته اليمنى على ظهره ثم أدخل (عليه السلام) لسانه في فيه وأمر بيده على ظهره وسمعه ومفاصله ثم قال له : تكلم يا بني ، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن عليا أمير المؤمنين ولي الله ثم لم يزل يعدد السادة الأئمة (عليهم السلام) إلى أن بلغ إلى نفسه، ودعا لأوليائه بالفرج على يده ثم أجحم ، قال أبو محمد (عليه السلام) : يا عمة اذهبي به إلى أمه ليسلم عليها وأتيني به، فمضيت به إلى أمه فسلم عليها ورددته إليه ثم وقع بيني وبين أبي محمد (عليه السلام) كالحجاب فلم أر سيدي فقلت له: يا سيدي أين مولانا، فقال: أخذه من هو أحق به منك فإذا كان اليوم السابع فأتينا، فلما كان في اليوم السابع جئت فسلمت ثم جلست، فقال (عليه السلام): هلمي بابني، فجئت بسيدي وهو في ثياب صفر ففعل به كفعاله الأول وجعل لسانه (عليه السلام) في فيه ثم قال له : تكلم يا بني فقال (عليه السلام): أشهد أن لا إله إلا الله وثنى بالصلاة على محمد وأمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) حتى وقف على أبيه (عليه السلام) ثم قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴿ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ونُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ونُرِيَ فِرْعَوْنَ وهامانَ وجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ﴾ ثم قال له : اقرأ يا بني مما أنزل الله على أنبيائه ورسله، فابتدأ بصحف آدم فقرأها بالسريانية وكتاب إدريس وكتاب نوح وكتاب هود وكتاب صالح وصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى وقرآن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قص قصص الأنبياء والمرسلين إلى عهده، فلما كان بعد أربعين يوما دخلت عليه إلى دار أبي محمد (عليه السلام) فإذا مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) يمشي في الدار، فلم أر وجها أحسن من وجهه (عليه السلام) ولا لغة أفصح من لغته، فقال لي أبو محمد (عليه السلام) : هذا المولود الكريم على الله عز وجل، قلت له: يا سيدي له أربعون يوما وأنا أرى من أمره ما أرى، فقال (عليه السلام): يا عمتي أ ما علمت أنا معاشر الأوصياء ننشأ في اليوم ما ينشأ غيرنا في الجمعة وننشأ في الجمعة ما ينشأ غيرنا في السنة، فقمت وقبلت رأسه وانصرفت ثم عدت وتفقدته فلم أره فقلت لسيدي أبي محمد (عليه السلام) : ما فعل مولانا ، فقال: يا عمة استودعناه الذي استودعته أم موسى عليها السلام ).

أقول وزاد في الهداية بعد سوق الحديث المذكور أنه (عليه السلام) قال: (لما وهب لي ربي مهدي هذه الأمة أرسل ملكين فحملاه إلى سرادق العرش حتى وقفا به بين يدي الله عز وجل فقال: له مرحبا بك عبدي لنصرة ديني وإظهار أمري ومهدي عبادي آليت أني بك آخذ وبك أعطي وبك أغفر وبك أعذب اردداه أيها الملكان رداه رداه على أبيه ردا رفيقا وأبلغاه إنه في ضماني وكنفي وبعيني إلى أن أحق به الحق وأزهق به الباطل ويكون الدين لي واصب).

ثم اعلم أن حديث الولادة هذا متكرر في كتب أصحابنا بعدة طرق ككتاب كمال الدين للصدوق  وغيبة الشيخ  ودلائل الطبري  وخرائج الراوندي  وغيرها من كتب الأخبار، غير أن بعض الرواة زاد على بعض في بعض المواضع فذكر ما لم يذكره الآخر، ونحن اخترنا رواية أبن حمدان على سائر الروايات من أصحابنا ترويجا لروايته لكون الكتاب عزيز النسخة جدا لا يوجد عند كثير من محدثينا، هذا مع ما اشتمل عليه من بعض الزيادات التي لم تذكر في سائر الروايات من الكتب المعروفة وإن كانت هي أيضا مشتملة على ما لم يذكر هنا أن انتشار نسخ تلك الكتب يغنينا عن ترجيحها على ما أوردنا والسلام .

ولادة الإمام عليه السلام جاثيا على ركبتيه

الثالث والخمسون غيبة الشيخ  عن علان الكليني، عن محمد ابن يحيى عن الحسين بن علي النيشابوري الدقاق، عن إبراهيم بن محمد ابن عبد الله بن موسى بن جعفر (عليه السلام)، عن السياري قال: حدثني نسيم ومارية قالتا : (لما خرج صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن أمه سقط جاثيا على ركبتيه رافعا سبابتيه نحو السماء ثم عطس فقال: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله عبدا داخرا لله غير مستنكف ولا مستكبر ثم قال: زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة ولو أذن لنا في الكلام لزال الشك).

العطاس أمان من الموت ثلاثة أيام

الرابع والخمسون وفيه عن محمد بن يعقوب رفعه، عن نسيم الخادم وخادم أبي محمد (عليه السلام) قال: (دخلت على صاحب الزمان (عليه السلام) بعد مولده بعشر ليال فعطست عنده فقال: يرحمك الله، ففرحت بذلك فقال: أ لا أبشرك في العطاس هو أمان من الموت ثلاثة أيام).

الإمام يجيب مسائل كامل بن إبراهيم

الخامس والخمسون وفيه عن جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثني محمد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري (ح) كتاب الحسين بن حمدان بالإسناد  المذكور عن أبي نعيم الأنصاري (ح)، عن الدلائل للطبري عن أبي الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه عن أبي علي محمد بن همام، عن جعفر بن محمد، عن محمد بن جعفر،  عن أبي نعيم الأنصاري، (ح) غيبة الشيخ عن أحمد ابن علي الرازي، عن محمد بن علي، عن علي بن عبد الله بن عائذ الرازي، عن الحسن ابن وجنا النصيبي قال: سمعت أبا نعيم محمد بن أحمد الأنصاري - قال: (وجه قوم من المفوضة والمقصرة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمد (عليه السلام) قال كامل: فقلت في نفسي أسأله لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي، قال: فلما دخلت على سيدي أبي محمد (عليه السلام) نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة الإخوان وينهانا عن لبس مثله، فقال متبسما: يا كامل وحسر عن ذراعيه فإذا مسح أسود خشن على جلده فقال: هذا لله وهذا لكم، فسلمت وجلست إلى باب عليه ستر مرخىً فجاءت الريح فكشفت طرفه فإذا بفتى كأنه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها فقال لي: يا كامل بن إبراهيم، فاقشعرت من ذلك وألهمت أن قلت لبيك يا سيدي، فقال: جئت إلى ولي الله وحجته وبابه تسأله هل يدخل الجنة إلا من عرف معرفتك وقال بمقالتك، فقلت: إي والله، قال: إذن والله يقل داخلها، والله إنه ليدخلها قوم يقال لهم الحقية، قلت: يا سيدي ومن هم، قال: قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه ولا يدرون ما حقه وفضله، ثم سكت (صلى الله عليه وآله وسلم) عني ساعة ثم قال: وجئت تسأله عن مقالة المفوضة كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشية الله فإذا شاء شئنا والله يقول ﴿وما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ﴾، ثم رجع الستر إلى حالته فلم أستطع كشفه، فنظر إلي أبو محمد (عليه السلام) متبسما فقال: يا كامل ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجة من بعدي، فقمت وخرجت ولم أعاينه بعد ذلك قال أبو نعيم: فلقيت كاملا فسألته عن هذا الحديث فحدثني به).

الجمل وما عليه يرتفع إلى السماء بإيماء الإمام عليه السلام

السادس والخمسون وفيه وأخبرني أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن أبي الحسن محمد بن علي الشجاعي الكاتب، عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم النعماني، عن يوسف بن أحمد الجعفري، قال: (حججت سنة ست وثلاثمائة وجاورت بمكة تلك السنة وما بعدها إلى سنة تسع وثلاثمائة ثم خرجت عنها منصرفا إلى الشام فبينا أنا في بعض الطريق وقد فاتتني صلاة الفجر فنزلت من المحمل وتهيأت للصلاة فرأيت أربعة نفر في محمل فوقفت أعجب منهم فقال: أحدهم مم تعجب تركت صلاتك وخالفت مذهبك، فقلت للذي يخاطبني: وما علمك بمذهبي، فقال: تحب أن ترى صاحب زمانك، قلت: نعم، فأومأ إلى أحد الأربعة، فقلت له: إن له دلائل وعلامات، فقال: أيما أحب إليك أن ترى الجمل وما عليه صاعدا إلى السماء أو ترى المحمل صاعدا إلى السماء، فقلت: أيهما كان فهي دلالة فرأيت الجمل وما عليه يرتفع إلى السماء وكان الرجل أومأ إلى رجل به سمرة وكان لونه الذهب بين عينيه سجادة).

هلاك من أراد بالإمام عليه السلام سوء

السابع والخمسون وفيه بسنده وحدث عن رشيق صاحب المادراي قال: (بعث إلينا المعتضد ونحن ثلاثة نفر فأمرنا أن يركب كل واحد منا فرسا ونجنب آخر ونخرج مخفين لا يكون معنا قليل ولا كثير إلا على السرج مصلى وقال لنا: الحقوا بسامرة ووصف لنا محلة ودارا وقال: إذا أتيتموها تجدون على الباب خادما أسودا فاكبسوا الدار ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه. فوافينا سامرة فوجدنا الأمر كما وصفه وفي الدهليز خادم أسود وفي يده تكة ينسجها فسألناه عن الدار ومن فيها فقال: صاحبها، فو الله ما التفت إلينا وقل اكتراثه بنا فكبسنا الدار كما أمرنا فوجدنا دارا سرية ومقابل الدار ستر ما نظرت قط إلى أنبل منه كأن الأيدي رفعت عنه في ذلك الوقت ولم يكن في الدار أحد. فرفعنا الستر فإذا بيت كبير كأن بحرا فيه ماء وفي أقصى البيت حصير قد علمنا أنه على الماء وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلي فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من أسبابنا، فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطى البيت فغرق في الماء وما زال يضطرب حتى مددت يدي إليه فخلصته وأخرجته وغشي عليه، وبقي ساعة وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك وبقيت مبهوتا. فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله وإليك فو الله ما علمت كيف الخبر ولا إلى من أجيء وأنا تائب إلى الله. فما التفت إلى شيء مما قلنا وما انفتل عما كان فيه فهالنا ذلك وانصرفنا عنه وقد كان المعتضد ينتظرنا وقد تقدم إلى الحجاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أي وقت كان. فوافيناه في بعض الليل فأدخلنا عليه فسألنا عن الخبر فحكينا له ما رأينا، فقال: ويحكم لقيكم أحد قبلي وجرى منكم إلى أحد سبب أو قول، قلنا: لا، فقال: أنا نفي من جدي وحلف بأشد أيمان له أنه رجل إن بلغه هذا الخبر ليضربن أعناقنا فما جسرنا أن نحدث به إلا بعد موته).

الإمام في هذه الأمة مثل الخضر وذي القرنين

الثامن والخمسون كمال الدين للصدوق  قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال: (دخلت على أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) وأنا أريد أن أسأله عن الخلف بعده فقال لي مبتدئا: يا أحمد بن إسحاق إن الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم (عليه السلام) ولا تخلو إلى يوم القيامة من حجة لله على خلقه به يدفع البلاء عن أهل الأرض وبه ينزل الغيث وبه يخرج بركات الأرض، قال: فقلت له يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فمن الإمام والخليفة بعدك، فنهض (عليه السلام) مسرعا فدخل البيت ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين فقال: يا أحمد بن إسحاق لو لا كرامتك على الله عز وجل وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا إنه سمي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنيه الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الأمة مثل الخضر (عليه السلام) ومثله كمثل ذي القرنين، والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله عز وجل على القول بإمامته ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه، قال أحمد بن إسحاق: فقلت له يا مولاي هل من علامة يطمئن إليها قلبي، فنطق الغلام (عليه السلام) بلسان عربي فصيح فقال: أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه فلا تطلب أثرا بعد عين يا أحمد ابن إسحاق، قال أحمد بن إسحاق: فخرجت مسرورا فرحا فلما كان من الغد عدت إليه فقلت له: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقد عظم سروري بما أنعمت علي فما السنة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين، فقال: طول الغيبة يا أحمد، قلت: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن غيبته لتطول، قال: إي وربي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به ولا يبقى إلا من أخذ الله عز وجل عهده بولايتنا وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه، يا أحمد بن إسحاق هذا أمر من أمر الله وسر من سر الله وغيب من غيب الله فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين تكن معنا غدا في العليين).

الإمام يكرم الحسن بن وجناء

التاسع والخمسون وفيه حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني œ قال: حدثنا علي بن أحمد الكوفي المعروف بأبي القاسم الخديجي قال: حدثنا سليمان بن إبراهيم الرقي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن وجناء النصيبي قال: (كنت ساجدا تحت الميزاب في رابع أربع وخمسين حجة بعد العتمة وأنا أتضرع في الدعاء إذ حركني محرك فقال: قم يا حسن بن وجناء، قال: فقمت فإذا جارية صفراء نحيفة البدن أقول إنها من أبناء أربعين فما فوقها، فمشت بين يدي وأنا لا أسألها عن شيء حتى أتت بي دار خديجة صلوات الله عليها وفيها بيت بابه في وسط الحائط وله درج ساج يرتقى إليه، فصعدت الجارية وجاءني النداء: اصعد يا حسن، فصعدت فوقفت بالباب فقال لي صاحب الزمان (عليه السلام): يا حسن أ تراك خفيت علي والله ما من وقت في حجك إلا وأنا معك فيه، ثم جعل يعد علي أوقاتي فوقعت مغشيا على وجهي فحسست بيد قد وقعت علي فقمت فقال لي: يا حسن إلزم دار جعفر بن محمد (عليه السلام) ولا يهمنك طعامك ولا شرابك ولا ما يستر عورتك، ثم دفع إلي دفترا فيه دعاء الفرج وصلاة عليه فقال: فبهذا فادع وهكذا صل علي ولا تعطه إلا محقي أوليائي فإن الله جل جلاله موفقك، فقلت: يا مولاي لا أراك بعدها، فقال: يا حسن إذا شاء الله، قال: فانصرفت من حجتي ولزمت دار جعفر بن محمد (عليه السلام) فأنا أخرج منها فلا أعود إليها إلا لثلاث خصال لتجديد وضوء أو لنوم أو لوقت الإفطار فأدخل بيتي وقت الإفطار فأصيب رباعيا مملوء ماء ورغيفا على رأسه عليه ما تشتهي نفسي بالنهار فآكل ذلك فهو كفاية لي وكسوة الشتاء في وقت الشتاء وكسوة الصيف في وقت الصيف، وإني لأدخل الماء بالنهار فأرش البيت وأدع الكوز فارغا وأوتي بالطعام ولا حاجة لي إليه فأصدق به ليلا لئلا يعلم بي من معي).

الإمام عليه السلام يرشد أحد شيعته

الستون وفيه حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني  قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد الخديجي الكوفي قال: حدثنا الأزدي قال: (بينما أنا في الطواف قد طفت ستا وأنا أريد أن أطوف السابع فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة وشاب حسن الوجه طيب الرائحة هيوب مع هيبته متقرب إلى الناس يتكلم فلم أر أحسن من كلامه ولا أعذب من نطقه وحسن جلوسه، فذهبت أكلمه فزبرني الناس فسألت بعضهم من هذا؟، فقال:وا هذا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يظهر في كل سنة يوما لخواصه يحدثهم، فقلت: يا سيدي مسترشدا أتيتك فأرشدني هداك الله، فناولني (عليه السلام) حصاة، فحولت وجهي فقال لي بعض جلسائه ما الذي دفع إليك؟، فقلت: حصاة وكشفت عنها فإذا أنا بسبيكة ذهب فذهبت، فإذا أنا به (عليه السلام) قد لحقني فقال لي: ثبتت عليك الحجة وظهر لك الحق وذهب عنك العمى أ تعرفني، فقلت: لا ، فقال (عليه السلام): أنا المهدي وأنا قائم الزمان أنا الذي أملؤها عدلا كما ملئت جورا إن الأرض لا تخلو من حجة ولا يبقى الناس في فترة وهذه أمانة لا تحدث بها إلا إخوانك من أهل الحق).

أقول وفي رواية الشيخ (ولا يبقى الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل وقد ظهر أيام خروجي فهذه أمانة في رقبتك فحدث بها إخوانك من أهل الحق).

سبب إيمان بني راشد

الحادى والستون وفيه قال: :سمعنا شيخا من أصحاب الحديث يقال له أحمد بن فارس الأديب يقول: (سمعت بهمدان حكاية حكيتها كما سمعتها لبعض إخواني فسألني أن أثبتها له بخطي ولم أجد إلى مخالفته سبيلا وقد كتبتها وعهدتها على من حكاها وذلك أن بهمدان ناسا يعرفون ببني راشد وهم كلهم يتشيعون ومذهبهم مذهب أهل الإمامة فسألت عن سبب تشيعهم من بين أهل همدان فقال لي شيخ منهم رأيت فيه صلاحا وسمتا: إن سبب ذلك أن جدنا الذي ننسب إليه خرج حاجا فقال إنه لما صدر من الحج وساروا منازل في البادية قال: فنشطت في النزول والمشي فمشيت طويلا حتى أعييت وتعبت فقلت في نفسي أنام نومة تريحني فإذا جاء أواخر القافلة قمت، قال: فما انتبهت إلا بحر الشمس ولم أر أحدا فتوحشت ولم أر طريقا ولا أثرا، فتوكلت على الله عز وجل وقلت أسير حيث وجهني، ومشيت غير طويل فوقعت في أرض خضراء نضرة كأنها قريبة عهد بغيث وإذا تربتها أطيب تربة، ونظرت في سواء تلك الأرض إلى قصر يلوح كأنه سيف فقلت: يا ليت شعري ما هذا القصر الذي لم أعهده ولم أسمع به، فقصدته فلما بلغت الباب رأيت خادمين أبيضين فسلمت عليهما فردا ردا جميلا وقالا: اجلس فقد أراد الله بك خيرا، فقام أحدهما ودخل واحتبس غير بعيد ثم خرج فقال: قم فادخل، فدخلت قصرا لم أر بناء أحسن من بنائه ولا أضوأ منه، وتقدم الخادم إلى ستر على بيت فرفعه ثم قال لي: ادخل فدخلت البيت فإذا فتى جالس في وسط البيت وقد علق على رأسه من السقف سيف طويل تكاد ظبته تمس رأسه والفتى كأنه بدر يلوح في ظلام فسلمت، فرد السلام بألطف الكلام وأحسنه ثم قال لي: أ تدري من أنا؟، فقلت: لا والله، فقال: أنا القائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا الذي أخرج في آخر الزمان بهذا السيف وأشار إليه فأملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، فسقطت على وجهي وتعفرت، فقال: لا تفعل ارفع رأسك أنت فلان من مدينة بالجبل يقال لها همدان، قلت: صدقت يا سيدي ومولاي، قال: فتحب أن تئوب إلى أهلك، فقلت: نعم يا سيدي وأبشرهم بما أتاح الله عز وجل لي، فأومأ إلى الخادم فأخذ بيدي وناولني صرة وخرج ومشى معي خطوات، فنظرت إلى ظلال وأشجار ومنارة مسجد، فقال: أ تعرف هذا البلد، فقلت: إن بقرب بلدنا بلدة تعرف باستاباد (بأسدآباذ) وهي تشبهها، قال: فقال: هذه باستاباد (بأسدآباذ) امض راشدا، فالتفت فلم أره فدخلت باستاباد (بأسدآباذ) وإذا في الصرة أربعون أو خمسون دينارا، فوردت همدان وجمعت أهلي وبشرتهم بما أتاح الله لي ويسره عز وجل لي ولم نزل بخير ما بقي معنا من تلك الدنانير).

الإمام عليه السلام ينادي نصر باسم أبيه

الثاني والستون وفيه قال: : حدثنا أبي  عن سعد بن عبدالله، عن علان، عن الأعلم البصري،  عن أبي رجاء البصري قال: (خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمد (عليه السلام) بسنتين لم أقف فيهما على شيء فلما كان في الثالثة كنت بالمدينة في طلب ولد أبي محمد (عليه السلام) بصرياء وقد سألني أبو غانم أن أتعشى عنده فأنا قاعد مفكر في نفسي وأقول لو كان شيء لظهر بعد ثلاث سنين، فإذا هاتف أسمع صوته ولا أرى شخصه وهو يقول يا نصر بن عبد الله قل لأهل مصر آمنتم برسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم)حيث رأيتموه، قال نصر: ولم أكن أعرف اسم أبي وذلك أني ولدت بالمدائن فحملني النوفلي إلى مصر وقد مات أبي فنشأت بها، فلما سمعت الصوت قمت مبادرا ولم أنصرف إلى أبي غانم وأخذت طريق مصر).

قصة إبراهيم بن مهزيار

الثالث والستون وفيه قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل œ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار قال: (قدمت مدينة الرسول وآله (صلى الله عليه وآله وسلم) فبحثت عن أخبار آل أبي محمد الحسن بن علي الأخير (عليه السلام) فلم أقع على شيء منها، فرحلت منها إلى مكة مستبحثا عن ذلك فبينا أنا في الطواف إذ تراءى لي فتى أسمر اللون رائع الحسن جميل المخيلة يطيل التوسم في، فعدت إليه مؤملا منه عرفان ما قصدت له، فلما قربت منه سلمت فأحسن الإجابة ثم قال: من أي البلاد أنت؟.

قلت: رجل من أهل العراق.

قال: من أي العراق؟.

قلت: من الأهواز.

قال: مرحبا بلقائك، هل تعرف بها جعفر بن حمدان الخصيبي؟.

قلت : دعي فأجاب قال: رحمه الله ما كان أطول ليله وأجزل نيله، فهل تعرف إبراهيم بن مهزيار؟.

قلت: أنا إبراهيم بن مهزيار، فعانقني مليا ثم قال: مرحبا بك يا أبا إسحاق، ما فعلت بالعلامة التي وشجت بينك وبين أبي محمد (عليه السلام)؟.

فقلت: لعلك تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيب أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام).

فقال: ما أردت سواه، فأخرجته إليه فلما نظر إليه استعبر وقبله ثم قرأ كتابته فكانت يا الله يا محمد يا علي، ثم قال: بأبي يدا طالما جلت فيها، وتراخى بنا فنون الأحاديث إلى أن قال لي: يا أبا إسحاق أخبرني عن عظيم ما توخيت بعد الحج.

قلت: وأبيك ما توخيت إلا ما سأستعلمك مكنونه.

قال: سل عما شئت فإني شارح لك إن شاء الله.

قلت: هل تعرف من أخبار آل أبي محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما شيئا؟

قال لي: وأيم الله إني لأعرف الضوء في جبين محمد وموسى ابني الحسن بن علي صلوات الله عليهما وإني لرسولهما إليك قاصدا لإنبائك أمرهما فإن أحببت لقاءهما والاكتحال بالتبرك بهما فارحل معي إلى الطائف وليكن ذلك في خفية من رجالك واكتتام.

قال إبراهيم: فشخصت معه إلى الطائف أتخلل رملة فرملة حتى أخذ في بعض مخارج الفلاة فبدت لنا خيمة شعر قد أشرفت على أكمة رمل تتلألأ تلك البقاع منها تلألؤا فبدرني إلى الإذن ودخل مسلما عليهما وأعلمهما بمكاني، فخرج علي أحدهما وهو الأكبر سنا م‏ح‏م‏د بن الحسن صلوات الله عليه وهو غلام أمرد ناصع اللون واضح الجبين أبلج الحاجب مسنون الخدين أقنى الأنف أشم أروع كأنه غصن بان وكأن صفحة غرته كوكب دري بخده الأيمن خال كأنه فتاتة مسك على بياض الفضة، فإذا برأسه وفرة سحماء سبطة تطالع شحمة أذنه، له سمت ما رأت العيون أقصد منه ولا أعرف حسنا وسكينة وحياء، فلما مثل لي أسرعت إلى تلقيه فأكببت عليه ألثم كل جارحة منه، فقال لي: مرحبا بك يا أبا إسحاق، لقد كانت الأيام تعدني وشك لقائك والمعاتب بيني وبينك على تشاحط الدار وتراخي المزار، تتخيل لي صورتك حتى كأنّا لم نخل طرفة عين من طيب المحادثة وخيال المشاهدة، وأنا أحمد الله ربي وليّ الحمد على ما قيض من التلاقي ورفه من كربة التنازع والاستشراف، ثم سألني عن إخواني (أحوالي) متقدمها ومتأخرها.

فقلت: بأبي أنت وأمي ما زلت أفحص عن أمرك بلدا فبلدا منذ استأثر الله بسيدي أبي محمد (عليه السلام) فاستغلق علي ذلك حتى من الله علي بمن أرشدني إليك ودلني عليك، والشكر لله على ما أوزعني فيك من كريم اليد والطول.

ثم نسب نفسه وأخاه موسى واعتزل بي ناحية ثم قال: إن أبي صلوات الله عليه عهد إلي أن لا أوطن من الأرض إلا أخفاها وأقصاها إسرارا لأمري وتحصينا لمحلي من مكائد أهل الضلال والمردة من أحداث الأمم الضوال، فنبذني إلى عالية الرمال وجبت صرائم الأرض ننظر في الغاية التي عندها يحل الأمر وينجلي الهلع، وكان صلوات الله عليه أنبط لي من خزائن الحكم وكوامن العلوم ما إن أشعت إليك جزء منه أغناك عن الجملة، واعلم يا أبا إسحاق أنه قال صلوات الله عليه: يا بني إن الله جل ثناؤه لم يكن ليخلي أطباق أرضه وأهل الجد في طاعته وعبادته بلا حجة يستعلى بها وإمام يؤتم به ويقتدى بسبيل سنته ومنهاج قصده، وأرجو يا بني أن تكون أحد من أعده الله لنشر الحق وطي الباطل وإعلاء الدين وإطفاء الضلال، فعليك يا بني بلزوم خوافي الأرض وتتبع أقاصيها فإن لكل ولي من أولياء الله عز وجل عدوا مقارعا وضدا منازعا افتراضا لمجاهدة أهل نفاقه وخلافه أولي الإلحاد والعناد، فلا يوحشنك ذلك، واعلم أن قلوب أهل الطاعة والإخلاص نزع إليك مثل الطير إذا أمت أوكارها، وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة وهم عند الله بررة أعزاء، يبرزون بأنفس مختلة محتاجة وهم أهل القناعة والاعتصام، استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الأضداد، خصهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العز في دار القرار، وجبلهم على خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسنى وكرامة حسن العقبى، فاقتبس يا بني نور الصبر على موارد أمورك تفز بدرك الصنع في مصادرها، واستشعر العز فيما ينوبك تحظ بما تحمد عليه إن شاء الله، فكأنك يا بني بتأييد نصر الله وقد آن، وتيسير الفلج وعلو الكعب قد حان، وكأنك بالرايات الصفر والأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم، وكأنك بترادف البيعة وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدر في مثاني العقود وتصافق الأكف على جنبات الحجر الأسود، تلوذ بفنائك من ملإ برأهم الله من طهارة الولاء ونفاسة التربة، مقدسة قلوبهم من دنس النفاق، مهذبة أفئدتهم من رجس الشقاق، لينة عرائكهم للدين، خشنة ضرائبهم عن العدوان، واضحة بالقبول أوجههم، نضرة بالفضل عيدانهم، يدينون بدين الحق وأهله، فإذا اشتدت أركانهم وتقومت أعمادهم فدت بمكاثفتهم طبقات الأمم إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة بسقت أفنان غصونها على حافات بحيرة الطبرية، فعندها يتلألأ صبح الحق، وينجلي ظلام الباطل، ويقصم الله بك الطغيان ويعيد معالم الإيمان، يظهر بك أسقام الآفاق وسلام الرفاق، يود الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضا، ونواسط الوحش لو تجد نحوك مجازا، تهتز بك أطراف الدنيا بهجة، وتهز بك أغصان العز نضرة، وتستقر بواني العز في قرارها، وتئوب شوارد الدين إلى أوكارها، يتهاطل عليك سحائب الظفر فتخنق كل عدو وتنصر كل ولي، فلا يبقى على وجه الأرض جبار قاسط، ولا جاحد غامط، ولا شانئ مبغض، ولا معاند كاشح، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا.

ثم قال: يا أبا إسحاق ليكن مجلسي هذا عندك مكتوما إلا عن أهل الصدق والأخوة الصادقة في الدين، إذا بدت لك إمارات الظهور والتمكن فلا تبطئ بإخوانك عنا ،وبأهل المسارعة إلى منار اليقين وضياء مصابيح الدين، تلق رشدا إن شاء الله.

قال إبراهيم بن مهزيار: فمكثت عنده حينا أقتبس ما أأؤدي إليهم من موضحات الأعلام ونيرات الأحكام، وأروي نبات الصدور من نضارة ما أذخره الله في طبائعه من لطائف الحكم، وطرائف فواضل القسم، حتى خفت إضاعة مخلفي بالأهواز لتراخي اللقاء عنهم، فاستأذنته في القفول وأعلمته عظيم ما أصدر به عنه من التوحش لفرقته، والتجرع للظعن عن محاله، فأذن وأردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند الله لي ولعقبي وقرابتي إن شاء الله، فلما أزف ارتحالي وتهيأ اعتزام نفسي غدوت عليه مودعا ومجددا للعهد، وعرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم، وسألته أن يتفضل بالأمر بقبوله مني، فابتسم وقال: يا أبا إسحاق استعن به على منصرفك، فإن الشقة قذفة وفلوات الأرض أمامك جمة، ولا تحزن لإعراضنا عنه فإنا قد أحدثنا لك شكره ونشره، وربضناه عندنا بالتذكرة وقبول المنة، فبارك الله فيما خولك، وأدام لك ما نولك، وكتب لك أحسن ثواب المحسنين، وأكرم آثار الطائعين، فإن الفضل له ومنه وأسأل الله أن يردك إلى أصحابك بأوفر الحظ من سلامة الأوبة، وأكناف الغبطة بلين المنصرف، ولا أوعث الله لك سبيلا، ولا حير لك دليلا، وأستودعه نفسك وديعة لا تضيع ولا تزول بمنه ولطفه إن شاء الله، يا أبا إسحاق قنعنا بعوائد إحسانه وفوائد امتنانه، وصان أنفسنا عن معاونة الأولياء إلا عن الإخلاص في النية وإمحاض النصيحة والمحافظة على ما هو أتقى وأبقى وأرفع ذكرا.

قال: فأقفلت عنه حامدا لله عز وجل على ما هداني وأرشدني، عالما بأن الله لم يكن ليعطل أرضه ولا يخليها من حجة واضحة وإمام قائم، وألقيت هذا الخبر المأثور والنسب المشهور توخيا للزيادة في بصائر أهل اليقين، وتعريفا لهم ما من الله عز وجل به من إنشاء الذرية الطيبة والتربة الزكية، وقصدت أداء الأمانة والتسليم لما استبان ليضاعف الله عز وجل الملة الهادية والطريقة المستقيمة المرضية قوة عزم وتأييد نية وشدة أزر واعتقاد عصمة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم).

يقول محمد تقي الشريف مصنف هذا الكتاب: وروى الصدوق  في كتابه المذكور في موضع آخر قال: حدثنا أبو الحسن علي بن موسى ابن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: (وجدت في كتاب أبي œ حدثنا محمد بن أحمد الطوال، عن أبيه، عن الحسن بن علي الطبري، عن أبي جعفر محمد بن علي بن مهزيار، قال: سمعت أبي يقول: سمعت جدي علي بن مهزيار يقول: كنت نائما في مرقدي إذ رأيت فيما يرى النائم قائلا يقول لي حج في هذه السنة فإنك تلقى صاحب زمانك) ثم ساق حديثا يشبه هذا الحديث ببعض الزيادة والنقيصة بل يظهر منه الاتحاد.

وفي مدينة المعاجز عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري  (روى أبو عبد الله محمد بن سهل الجلودي قال: حدثنا أبو الخير أحمد بن محمد بن جعفر الطائي الكوفي في مسجد أبي إبراهيم موسى بن جعفر قال: حدثنا محمد بن الحسن بن يحيى الحارثي قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي قال: خرجت في بعض السنين حاجا) ثم ساق حديثا يظهر منه الاتحاد للخبرين المذكورين مع كونه مغائرا لهما في كثير من المعاني.

تحقيق في سند الخبر

والظاهر والله أعلم اتحاد القصة ونشوء الاختلاف في المعاني واسم الرواي من سهو الرواة وعدم ضبطهم، ثم الظاهر بعد ذلك على تقدير كون الصحيح في اسم الراوي علي بن مهزيار دون إبراهيم أنه علي بن إبراهيم بن مهزيار ابن أخي علي بن مهزيار المعروف كما احتمله المجلسي  أيضا في البحار، لبعد بقاء علي بن مهزيار إلى ذلك الزمان فإنه من أصحاب زمن الرضا (عليه السلام)، ولا يأتي هذا الاستبعاد في إبراهيم وإن كان أخا علي المذكور لكونه هو أصغر سنا منه كما يشهد بذلك روايته عن أخيه علي دون العكس، ولتصريح الأصحاب بكون إبراهيم من سفراء الصاحب (عليه السلام) ووكلائه، ووردت أخبار صريحة في إدراكه زمن الغيبة، وأما علي فقد عده أهل الرجال من أصحاب الرضا والجواد والهادي (عليهم السلام) ولم يتعدوا إلى ما بعد ذلك، وهو دليل آخر لما ذكرناه من عدم بقائه إلى زمان الغيبة، وتحقيق هذا الاحتمال مضافا إلى ما ذكر وقوع التصريح بذلك في سند الشيخ  في كتابه الغيبة فإنه روى عن جماعة عن التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن علي بن الحسين، عن رجل ذكر أنه من أهل قزوين لم يذكر اسمه، عن حبيب بن محمد بن يونس بن شاذان الصنعاني قال: دخلت على علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي) ثم ساق حديث قريب المعني من رواية الطبري  وهو كما ترى صريح في كون الراوي علي بن إبراهيم، هذا وذكر السيد العلامة التوبلي  في كتاب تبصرة الولي سند كتاب كمال الدين هكذا عن أبي جعفر بن محمد بن علي بن إبراهيم بن مهزيار بوقوع الابن بين الكنية والاسم، ووقوع إبراهيم بين علي ومهزيار ولعله أصح فإن السند المذكور أولا وإن كان في نسختين عندي من أصل كتاب كمال الدين كما أوردته، وكذا في غيبة البحار نقلا عنه، غير أنه كما ترى واضح الاختلال يحتاج تصحيحه إلى تكلفات عديدة، ولذا احتمل المجلسي أيضا كون الابن ساقطا من بين الكنية والاسم بخلاف ما ذكر وإن كان هو أيضا مع ذلك لا يخلو عن قصور، لأن سياق السند يعطي كون الجد إبراهيم بن مهزيار دون علي، لأن قائل سمعت جدي هو محمد ابن علي لا أبو جعفر بن محمد، فافهم، فلا بد في تصحيحه من ارتكاب أحد أمرين إما القول بكون الراوي إبراهيم وأن ذكر علي كأنه سهو من الرواة، أو القول بسقوط بعض الآباء من البين حتى يصح كون علي جدا لمحمد ولا بعد فيه فإن إسقاط الآباء من البين غير عزيز في ذكر الأنساب كمحمد بن بابويه وعلي بن بابويه فإن بابويه جدهما الأعلى والنسب المتصل محمد بن علي بن الحسين مولا ابن بابويه، ولو صح الاحتمال الأخير فهو أيضا يدل على كون الراوي علي بن إبراهيم بن مهزيار دون علي بن مهزيار المعروف، فالاشتباه من الرواة على تقدير اتحاد الواقعة كما هو الظاهر إنما هو بين إبراهيم وبين ابنه علي لا بينه وبين أخيه فلا موقع لما قال الشيخ السديد قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي  فإنه قال في الخرائج بعد ذكر حديث إبراهيم بن مهزيار بسنده عن الصدوق  ما هذا لفظه: وهذا مثل حكاية أخيه علي بن مهزيار فإنه قال: (حججت عشرين حجة لذلك) الخبر، هذا ما أدى إليه نظري القاصر في تنقيح سند هذا الخبر وتعمير ما في المتون من الاختلافات الكثيرة، وإلى الله المشتكى من سوء خبط الرواة وتضييعهم للروايات.

الإمام يكرم عيسى بن مهدي الجواهري

الرابع والستون الهداية لابن حمدان ،أقول: وروي في بعض تأليفات أصحابنا عن الحسين بن حمدان، عن أبي محمد عيسى بن مهدي الجوهري قال: (خرجت في سنة ثمان وستين ومائتين إلى الحج وكان قصدي المدينة حيث صح عندنا أن صاحب الزمان (عليه السلام) قد ظهر، فاعتللت وقد خرجنا من فيد فتعلقت نفسي بشهوة السمك والتمر، فلما وردت المدينة ولقيت بها إخواننا بشروني بظهوره (عليه السلام) بصاريا، فصرت إلى صاريا فلما أشرفت على الوادي رأيت عنيزات عجافا تدخل القصر، فوقفت أرقب الأمر إلى أن صليت العشاءين وأنا أدعو وأتضرع وأسأل، فإذا أنا ببدر الخادم يصيح بي يا عيسى بن مهدي الجوهري ادخل، فكبرت وهللت وأكثرت من حمد الله عز وجل والثناء عليه، فلما صرت في صحن القصر رأيت مائدة منصوبة فمر بي الخادم فأجلسني عليها وقال لي: مولاك يأمرك أن تأكل ما اشتهيت في علتك وأنت خارج من فيد، فقلت في نفسي: حسبي بهذا برهانا فكيف آكل ولم أر سيدي ومولاي، فصاح: يا عيسى كل من طعامك فإنك تراني، فجلست على المائدة فنظرت فإذا فيها سمك حار يفور وتمر إلى جانبه أشبه التمور بتمورنا وبجانب التمر لبن، فقلت في نفسي: عليل وسمك وتمر ولبن، فصاح بي: يا عيسى أ تشك في أمرنا ؟ فأنت أعلم بما ينفعك ويضرك، فبكيت واستغفرت الله تعالى وأكلت من الجميع، وكلما رفعت يدي منه لم يتبين موضعها فيه ووجدته أطيب ما ذقته في الدنيا، فأكلت منه كثيرا حتى استحييت، فصاح بي: لا تستحي يا عيسى فإنه من طعام الجنة لم تصنعه يد مخلوق، فأكلت فرأيت نفسي لا تنتهي عنه من أكله، فقلت :يا مولاي حسبي، فصاح بي: أقبل إلي، فقلت في نفسي: آتي مولاي ولم أغسل يدي، فصاح بي: يا عيسى وهل لما أكلت غمر، فشممت يدي فإذا هي أعطر من المسك والكافور، فدنوت منه (عليه السلام) فبدا لي نور غشى بصري ورهبت حتى ظننت أن عقلي قد اختلط، فقال لي: يا عيسى ما كان لكم أن تزوروني  لولا المكذبون القائلون بأي مكان هو ومتى كان وأين ولد ومن رآه وما الذي خرج إليكم منه وبأي شيء نبأكم وأي معجز أتاكم، أما والله لقد رفضوا أمير المؤمنين (عليه السلام) مع ما رأوه وقدموا عليه وكادوه وقتلوه وكذلك آبائي (عليهم السلام) ولم يصدقوهم، ونسبوهم إلى السحر والكهنة وخدمة الجن، إلى أن قال: يا عيسى فخبر أولياءنا بما رأيت وإياك أن تخبر عدوا فتسلبه، فقلت: يا مولاي ادع لي بالثبات، فقال: لو لم يثبتك الله ما رأيتني فامض لحجك راشدا، فخرجت أكثر حمد الله وشكرا).

أقول: وفي الكتاب الآخر لابن حمدان عن عيسى الجوهري المذكور مثله إلا أن فيه أنه قال: (خرجت في سنة ثمان وستين ومائتين إلى الحج وكان قصدي المدينة وصاريا حيث صح عندنا أن صاحب الزمان (عليه السلام) رحل من العراق إلى المدينة فجلست بالقصر بصاريا في ظلة  بجانب ظلة أبيه أبي محمد الحسن (عليه السلام) ودخل عليه قوم من خاص شيعته فخرجت بعد حجت ثلاثين حجة في تلك السنة حاجا مشتاقا إلى لقائه (عليه السلام) بصاريا فاعتللت وقد خرجنا من فيد..، وساق الحديث إلى أن قال:: فامض لحجك راشدا فخرجت من أكثر الناس حمدا وشكرا).

الإمام يزيل الشك عن قلب محمد بن إبراهيم

الخامس والستون كتاب ابن حمدان المذكور قال: حدثني محمد بن جمهور عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار قال: (شككت بعد مضي أبي محمد واجتمع عند أبي مال كثير فحمله وركب السفينة وخرجت معه مشيعا، فوعك وعكا شديدا فقال: يا بني ردني فهذا الموت، وقال: اتق الله في هذا المال، وأوصاني ومات، فقلت في نفسي: لم يكن أبي أوصاني في شيء غير صحيح أحمل هذا المال إلى العراق وأستكري دارا على الشط ولا أخبر أحدا بشيء، فإن وضح لي شيء كوضوحه أيام أبي محمد أنفذته أو رجعت به، وقدمت بغداد واستكريت دارا على الشط وبقيت أياما فإذا أنا برسول معه رقعة فيها: يا أبا محمد معك كذا في جوف كذا حتى قص علي جميع ما علمته وما لم أعلمه فسلمته للرسول وبقيت أياما لا يرفع لي رأس، واغتممت فخرج إلي الأمر: قد أقمناك في مال لنا مقام أبيك فاحمد الله واشكره).

أقول: وفي الكافي عن علي بن محمد بن حمويه السويداوى عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار مثله بمغائرة يسيرة في اللفظ.

السادس والستون غيبة الشيخ قال: وأخبرني جماعة عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن زيد بن مروان قال: حدثني أبو عيسى محمد بن علي الجعفري وأبو الحسين محمد بن علي بن الرقام قال: حدثنا أبو سورة قال: أبو غالب وقد رأيت ابنا لأبي سورة وكان أبو سورة أحد مشايخ الزيدية المذكورين. قال: أبو سورة خرجت إلى قبر أبي عبد الله (عليه السلام) أريد يوم عرفة، فعرفت يوم عرفة فلما كان وقت عشاء الآخرة صليت وقمت فابتدأت أقرأ من الحمد وإذا شاب حسن الوجه عليه جبة سيفي فابتدأ أيضا من الحمد وختم قبلي أو ختمت قبله، فلما كان الغداة خرجنا جميعا من باب الحائر فلما صرنا إلى شاطئ الفرات قال لي الشاب: أنت تريد الكوفة فامض، فمضيت طريق الفرات وأخذ الشاب طريق البر. قال أبو سورة: ثم أسفت على فراقه فاتبعته فقال لي: تعال، فجئنا جميعا إلى أصل حصن المسناة فنمنا جميعا وانتبهنا فإذا نحن على العوفي على جبل الخندق فقال لي: أنت مضيق وعليك عيال فامض إلى أبي طاهر الزراري فيخرج إليك من منزله وفي يده الدم من الأضحية فقل له شاب من صفته كذا يقول لك صرة فيها عشرون دينارا جاءك بها بعض إخوانك فخذها منه. قال: أبو سورة: فصرت إلى أبي طاهر الزراري كما قال الشاب ووصفته له فقال: الحمد لله ورأيته فدخل وأخرج إلي صرة الدنانير فدفعها إلي وانصرفت) الخبر.

السابع والستون كمال الدين قال: (حدثنا أبو جعفر محمد بن محمد الخزاعي œ قال: حدثنا أبو علي بن أبي الحسين الأسدي عن أبيه œ قال: ورد علي توقيع من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري  ابتداء لم يتقدمه سؤال (بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من استحل من مالنا درهما) قال أبو الحسين الأسدي œ: فوقع في نفسي أن ذلك فيمن استحل من مال الناحية درهما دون من أكل منه غير مستحل له وقلت في نفسي إن ذلك في جميع من استحل محرما فأي فضل في ذلك للحجة (عليه السلام) على غيره؟ قال: فوالذي بعث محمدا بالحق بشيرا لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلى ما وقع في نفسي (بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من أكل من مالنا درهما حراما) قال أبو جعفر محمد بن محمد الخزاعي: أخرج إلينا أبو علي بن أبي الحسين الأسدي هذا التوقيع حتى نظرنا إليه وقرأناه).

الثامن والستون الخرائج عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال: (لما وصلت بغداد في سنة سبع  وثلاثين وثلاثمائة للحج وهي السنة التي رد القرامطة فيها الحجر إلى مكانه من البيت كان أكبر همي من  ينصب الحجر لأنه مضى في أثناء الكتب قصة أخذه وأنه إنما ينصبه في مكانه الحجة في الزمان كما في زمان الحجاج وضعه زين العابدين (عليه السلام) في مكانه واستقر. فاعتللت علة صعبة خفت منها على نفسي ولم يتهيأ لي ما قصدت له فاستنبت المعروف بابن هشام وأعطيته رقعة مختومة أسأل فيها عن مدة عمري وهل تكون الموتة في هذه العلة أم لا ،وقلت: همي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه وأخذ جوابه وإنما أندبك لهذا قال فقال المعروف بابن هشام: لما حصلت بمكة وعزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه فأقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام الناس، فكلما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم، فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام كأنه لم يزل عنه وعلت لذلك الأصوات فانصرف خارجا من الباب فنهضت من مكاني أتبعه وأدفع الناس عني يمينا وشمالا حتى ظن بي الاختلاط في العقل والناس يفرجون لي وعيني لا تفارقه حتى انقطع عن الناس فكنت أسرع السير خلفه وهو يمشي على تؤدة ولا أدركه، فلما حصل بحيث لا أحد يراه غيري وقف والتفت إلي فقال: هات ما معك. فناولته الرقعة فقال: من غير أن ينظر فيها قل له لا خوف عليك في هذه العلة ويكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة. قال: فوقع علي الدمع حتى لم أطق حراكا وتركني وانصرف. قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة، فلما كان سنة سبع وستين اعتل أبو القاسم وأخذ ينظر في أمره وتحصيل جهازه إلى قبره وكتب وصيته واستعمل الجد في ذلك، فقيل له ما هذا الخوف ونرجو أن يتفضل الله تعالى بالسلامة فما عليك بمخوفة، فقال: هذه السنة التي خوفت فيها فمات في علته).

التاسع والستون كمال الدين قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين بن عبد الله بن محمد بن مهران الآبي العروضي œ بمرو قال: حدثنا أبو الحسين بن زيد بن عبد الله البغدادي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن سنان الموصلي قال: حدثني أبي قال: (لما قبض سيدنا أبو محمد الحسن ابن علي العسكري (عليهم السلام) وفد من قم والجبال وفود بالأموال التي كانت تحمل على الرسم والعادة ولم يكن عندهم خبر وفاة الحسن (عليه السلام) فلما أن وصلوا إلى سر من رأى سألوا عن سيدنا الحسن بن علي (عليه السلام) فقيل لهم إنه قد فقد فقال: فمن وارثه؟ قال: أخوه جعفر بن علي، فسألوا عنه فقيل لهم إنه قد خرج متنزها وركب زورقا في دجلة يشرب ومعه المغنون قال: فتشاور القوم فقال: ليست هذه صفات الإمام وقال: بعضهم لبعض امضوا بنا لنرد هذه الأموال على أصحابها، فقال أبو العباس محمد بن جعفر الحميري القمي: قفوا بنا حتى ينصرف هذا الرجل ونختبر أمره على الصحة، قال: فلما انصرف دخلوا عليه فسلموا عليه وقال: يا سيدنا نحن قوم من أهل قم ومعنا جماعة من الشيعة وغيرها وكنا نحمل إلى سيدنا أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) الأموال، فقال: وأين هي؟ قال: معنا ،قال: احملوها إلي، قال: لا إن لهذه الأموال خبرا طريفا، فقال: وما هو؟ قال: إن هذه الأموال تجمع ويكون فيها من عامة الشيعة الدينار والديناران ثم يجعلونها في كيس ويختمون عليه وكنا إذا وردنا بالمال قال سيدنا أبي محمد (عليه السلام) جملة المال كذا وكذا دينارا من فلان كذا ومن فلان كذا حتى يأتي على أسماء الناس كلهم ويقول ما على الخواتيم من نقش فقال جعفر: كذبتم تقولون على أخي ما لم يفعله هذا علم الغيب، قال: فلما سمع القوم كلام جعفر جعل ينظر بعضهم إلى بعض، فقال لهم احملوا هذا المال إلي قال: إنا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب المال ولا نسلم المال إلا بالعلامات التي كنا نعرفها من سيدنا أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) فإن كنت الإمام فبرهن لنا وإلا رددناها إلى أصحابها يرون فيها رأيهم قال: فدخل جعفر على الخليفة وكان بسر من رأى فاستعدى عليهم فلما أحضروا قال الخليفة: احملوا هذا المال إلى جعفر قال: أصلح الله أمير المؤمنين إنا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب هذه الأموال وهي وداعة الجماعة أمرونا بأن لا نسلمها إلا بعلامة ودلالة وقد جرت بهذا العادة مع أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام)، فقال الخليفة: وما الدلالة التي كانت لأبي محمد؟ قال القوم: كان يصف الدنانير وأصحابها والأموال وكم هي فإذا فعل ذلك سلمناها إليه وقد وفدنا إليه مرارا فكانت هذه علامتنا منه ودلالتنا وقد مات فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر فليقم لنا ما كان يقيمه لنا أخوه وإلا رددناها إلى أصحابها، فقال جعفر: يا أمير المؤمنين إن هؤلاء قوم كذابون يكذبون على أخي وهذا علم الغيب فقال الخليفة: القوم رسل وما على الرسول إلا البلاغ المبين، قال: فبهت جعفر ولم يحر جوابا فقال القوم: يتطول أمير المؤمنين بإخراج أمره إلى من يبدرقنا حتى نخرج من هذه البلدة قال: فأمر لهم بنقيب فأخرجهم منها، فلما أن خرجوا من البلد خرج عليهم غلام أحسن الناس وجها كأنه خادم فنادى يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان أجيبوا مولاكم قال فقال: له أنت مولانا، قال: معاذ الله أنا عبد مولاكم فسيروا إليه قال: فسرنا معه حتى دخلنا دار مولانا الحسن بن علي (عليه السلام) فإذا ولده القائم (عليه السلام) قاعد على سرير كأنه فلقة القمر عليه ثياب خضر فسلمنا عليه فرد علينا السلام ثم قال: جملة المال كذا وكذا دينارا حمل فلان كذا وحمل فلان كذا ولم يزل يصف حتى وصف الجميع ثم وصف ثيابنا ورحالنا وما كان معنا من الدواب فخررنا سجدا لله عز وجل شكرا لما عرفنا وقبلنا الأرض بين يديه ثم سألناه عما أردنا فأجاب فحملنا إليه الأموال وأمرنا القائم (عليه السلام) أن لا نحمل إلى سر من رأى بعدها شيئا من المال فإنه ينصب لنا ببغداد رجلا نحمل إليه الأموال ويخرج من عنده التوقيعات قال: فانصرفنا من عنده ودفع إلى أبي العباس محمد بن جعفر القمي الحميري شيئا من الحنوط والكفن وقال: له أعظم الله أجرك في نفسك قال: فما بلغ أبو العباس عقبة همدان حتى توفي، وكان بعد ذلك تحمل الأموال إلى بغداد إلى النواب المنصوبين بها ويخرج من عندهم التوقيعات).

السبعون وفيه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني œ قال: كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح  مع جماعة فيهم علي بن عيسى القصري فقام إليه رجل فقال له: (إني أريد أن أسألك عن شيء، فقال له: سل عما بدا لك، فقال الرجل: أخبرني عن الحسين بن علي (عليه السلام) أهو ولي الله؟ قال: نعم قال: أخبرني عن قاتله أهو عدو الله؟ قال: نعم، قال الرجل: فهل يجوز أن يسلط الله عز وجل عدوه على وليه؟ فقال له أبو القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه: افهم عني ما أقول لك اعلم أن الله عز وجل لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان ولا يشافههم بالكلام ولكنه جل جلاله يبعث إليهم رسلا من أجناسهم وأصنافهم بشرا مثلهم ولو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم فلما جاؤوهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق قال لهم: أنتم بشر مثلنا ولا نقبل منكم حتى تأتونا بشيء نعجز أن نأتي بمثله فنعلم أنكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل الله عز وجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها، فمنهم من جاء بالطوفان بعد الإنذار والإعذار فغرق جميع من طغى وتمرد، ومنهم من ألقي في النار فكانت بردا وسلاما، ومنهم من أخرج من الحجر الصلد ناقة وأجرى من ضرعها لبنا، ومنهم من فلق له البحر وفجر له من الحجر العيون وجعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفكون، ومنهم من أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن الله وأنبأهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، ومنهم من انشق له القمر وكلمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك، فلما أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق عن أمرهم وعن أن يأتوا بمثله كان من تقدير الله عز وجل ولطفه بعباده وحكمته أن جعل أنبياءه (عليهم السلام) مع هذه القدرة والمعجزات في حالة غالبين وفي أخرى مغلوبين وفي حال قاهرين وفي أخرى مقهورين ولو جعلهم الله عز وجل في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين ولم يبتلهم ولم يمتحنهم لاتخذهم الناس آلهة من دون الله عز وجل ولما عرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار، ولكنه عز وجل جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبرين وليعلم العباد أن لهم (عليهم السلام) إلها هو خالقهم ومدبرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله وتكون حجة الله ثابتة على من تجاوز الحد فيهم وادعى لهم الربوبية أو عاند أو خالف وعصى وجحد بما أتت به الرسل والأنبياء (عليهم السلام) لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ويَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ، قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق œ: فعدت إلى الشيخ أبي القاسم بن روح قدس الله روحه من الغد وأنا أقول في نفسي أ تراه ذكر ما ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه فابتدأني فقال لي: يا محمد بن إبراهيم لأن أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من أن أقول في دين الله عز وجل برأيي أو من عند نفسي بل ذلك عن الأصل ومسموع عن الحجة صلوات الله وسلامه عليه).

الحادى والسبعون غيبة الطوسي أخبرني محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله عن محمد بن أحمد الصفواني قال: (رأيت القاسم بن العلاء وقد عمر مائة سنة وسبع عشرة سنة منها ثمانون سنة صحيح العينين، لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمد العسكريين (عليهم السلام) وحجب بعد الثمانين وردت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيام وذلك: أني كنت مقيما عنده بمدينة الران من أرض آذربايجان وكان لا تنقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) على يد أبي جعفر محمد بن عثمان العمري وبعده على يد أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله أرواحهما فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين فقلق لذلك، فبينا نحن عنده نأكل إذ دخل البواب مستبشرا فقال له: فيج العراق لا يسمى بغيره، فاستبشر القاسم وحول وجهه إلى القبلة فسجد ودخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه وعليه جبة مضربة وفي رجله نعل محاملي وعلى كتفه مخلاة، فقام القاسم فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه ودعا بطشت وماء فغسل يده وأجلسه إلى جانبه فأكلنا وغسلنا أيدينا فقام الرجل فأخرج كتابا أفضل من النصف الدرج فناوله القاسم فأخذه وقبله ودفعه إلى كاتب له يقال له ابن أبي سلمة فأخذه أبو عبد الله ففضه وقرأه حتى أحس القاسم ببكائه فقال: يا أبا عبد الله خير؟ فقال: خير، فقال: ويحك خرج في شيء؟ فقال أبو عبد الله: ما تكره فلا، قال القاسم فما هو؟ قال: نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما وقد حمل إليه سبعة أثواب فقال القاسم في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك، فضحك  فقال: ما أؤمل بعد هذا العمر، فقال الرجل الوارد: فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر وحبرة يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلا فأخذه القاسم وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن (عليه السلام) وكان له صديق يقال له عبد الرحمن بن محمد السنيزي وكان شديد النصب وكان بينه وبين القاسم نضر الله وجهه مودة في أمور الدنيا شديدة، وكان القاسم يوده وقد كان عبد الرحمن وافى إلى الدار لإصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمداني وبين ختنة ابن القاسم، فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه أحدهما يقال له أبو حامد عمران بن المفلس والآخر أبو علي بن جحدر أن أقرآ هذا على الكتاب عبد الرحمن بن محمد فإني أحب هدايته وأرجو أن يهديه الله بقراءة هذا الكتاب، فقالا له: الله الله الله فإن هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة فكيف عبد الرحمن بن محمد، فقال: أنا أعلم أني مفش لسر لا يجوز لي إعلانه لكن من محبتي لعبد الرحمن بن محمد وشهوتي أن يهديه الله عز وجل لهذا الأمر هو ذا أقرآه الكتاب، فلما مر ذلك اليوم وكان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب دخل عبد الرحمن بن محمد وسلم عليه فأخرج القاسم الكتاب فقال له: اقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك فقرأ عبد الرحمن الكتاب فلما بلغ إلى موضع النعي رمى الكتاب عن يده وقال للقاسم: يا أبا محمد اتق الله فإنك رجل فاضل في دينك متمكن من عقلك والله عز وجل يقول ﴿وما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾، وقال: ﴿عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً﴾، فضحك القاسم وقال له: أتم الآية ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ﴾ ومولاي (عليه السلام) هوالرضا من الرسول وقال: قد علمت أنك تقول هذا ولكن أرخ اليوم فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرخ في هذا الكتاب فاعلم أني لست على شي‏ء وإن أنا مت فانظر لنفسك فورخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا، وحم القاسم يوم السابع من ورود الكتاب واشتدت به في ذلك اليوم العلة واستند في فراشه إلى الحائط وكان ابنه الحسن بن القاسم مدمنا على شرب الخمر وكان متزوجا إلى أبي جعفر ابن حمدون الهمداني وكان جالسا ورداؤه مستور على وجهه في ناحية من الدار وأبو حامد في ناحية وأبو علي بن جحدر وأنا وجماعة من أهل البلد نبكي إذ اتكأ القاسم على يديه إلى خلف وجعل يقول يا محمد يا علي يا حسن يا حسين يا موالي كونوا شفعائي إلى الله عز وجل وقالها الثانية وقالها الثالثة، فلما بلغ في الثالثة يا موسى يا علي تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان وانتفخت حدقته وجعل يمسح بكمه عينيه وخرج من عينيه شبيه بماء اللحم ثم مد طرفه إلى ابنه فقال: يا حسن إلي، يا أبا حامد إلي، يا أبا علي إلي فاجتمعنا حوله ونظرنا إلى الحدقتين صحيحتين، فقال له أبو حامد: تراني وجعل يده على كل واحد منا وشاع الخبر في الناس والعامة وأتاه الناس من العوام ينظرون إليه، وركب القاضي إليه وهو أبو السائب عتبة بن عبيدالله المسعودي وهو قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه فقال له: يا أبا محمد ما هذا الذي بيدي وأراه خاتما فصه فيروزج فقربه منه فقال: عليه ثلاثة أسطر فتناوله القاسم  فلم يمكنه قراءته وخرج الناس متعجبين يتحدثون بخبره، والتفت القاسم إلى ابنه الحسن فقال له: إن الله منزلك منزلة ومرتبك مرتبة فاقبلها بشكر فقال له الحسن: يا أبة قد قبلتها، قال القاسم: على ماذا؟ قال: على ما تأمرني به يا أبة، قال: على أن ترجع عما أنت عليه من شرب الخمر، قال الحسن: يا أبة وحق من أنت في ذكره لأرجعن عن شرب الخمر ومع الخمر أشياء لا تعرفها فرفع القاسم يده إلى السماء وقال: اللهم ألهم الحسن طاعتك وجنبه معصيتك ثلاث مرات، ثم دعا بدرج فكتب وصيته بيده وكانت الضياع التي في يده لمولانا وقف وقفه أبوه، وكان فيما أوصى الحسن أن قال: (يا بني إن أهلت لهذا الأمر يعني الوكالة لمولانا فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيذه وسائرها ملك لمولاي وإن لم تؤهل له فاطلب خيرك من حيث يتقبل الله) وقبل الحسن وصيته على ذلك. فلما كان في يوم الأربعين وقد طلع الفجر مات القاسم  فوافاه عبد الرحمن يعدو في الأسواق حافيا حاسرا وهو يصيح وا سيداه فاستعظم الناس ذلك منه وجعل الناس يقولون ما الذي تفعل بنفسك فقال: اسكتوا فقد رأيت ما لم تروه، وتشيع ورجع عما كان عليه ووقف الكثير من ضياعه. وتولى أبو علي بن جحدر غسل القاسم وأبو حامد يصب عليه الماء وكفن في ثمانية أثواب على بدنه قميص مولاه أبي الحسن وما يليه السبعة الأثواب التي جاءته من العراق، فلما كان بعد مدة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا (عليه السلام) في آخره دعاء (ألهمك الله طاعته وجنبك معصيته) وهو الدعاء الذي كان دعا به أبوه وكان آخره (قد جعلنا أباك إماما لك وفعاله لك مثالا)).

الثاني والسبعون الخرائج قال: ومنها ما روى علان عن ظريف أبي نصر الخادم قال: دخلت على صاحب الزمان (عليه السلام) وهو في المهد فقال لي: علي بالصندل الأحمر، فأتيته به ،فقال: أ تعرفني؟ قلت: نعم أنت سيدي وابن سيدي، فقال: ليس عن هذا سألتك، فقلت: فسر لي، فقال: أنا خاتم الأوصياء وبي يرفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي).

الثالث والسبعون كمال الدين قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن أحمد بن روح بن عبد الله بن منصور بن يونس بن روح صاحب مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) قال:(سمعت محمد بن الحسن الصيرفي  المقيم بأرض بلخ يقول أردت الخروج إلى الحج وكان معي مال بعضه ذهب وبعضه فضة فجعلت ما كان معي من ذهب سبائك وما كان معي من فضة نقرا وكان قد دفع ذلك المال إلي لأسلمه إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه، قال: فلما نزلت سرخس ضربت خيمتي على موضع فيه رمل وجعلت أميز تلك السبائك والنقر فسقطت سبيكة من تلك السبائك مني وغاصت في الرمل وأنا لا أعلم قال: فلما دخلت همدان ميزت تلك السبائك والنقر مرة أخرى اهتماما مني بحفظها ففقدت منها سبيكة وزنها مائة مثقال وثلاثة مثاقيل أو قال: ثلاثة وتسعون مثقالا، قال: فسبكت مكانها من مالي بوزنها سبيكة وجعلتها بين السبائك، فلما وردت مدينة السلام قصدت الشيخ أبا القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه وسلمت إليه ما كان معي من السبائك والنقر فمد يده من بين السبائك إلى السبيكة التي كنت سبكتها من مالي بدلا مما ضاع مني فرمى بها إلي وقال لي: ليست هذه السبيكة لنا وسبيكتنا ضيعتها بسرخس حيث ضربت خيمتك في الرمل فارجع إلى مكانك وانزل حيث نزلت واطلب السبيكة هناك تحت الرمل فإنك ستجدها وستعود إلى هاهنا فلا تراني، قال: فرجعت إلى سرخس ونزلت حيث كنت نزلت ووجدت السبيكة تحت الرمل وقد نبت عليها الحشيش فأخذت السبيكة وانصرفت إلى بلدي، فلما كان بعد ذلك حججت ومعي السبيكة فدخلت مدينة السلام وقد كان الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح œ مضى ولقيت أبا الحسن علي بن محمد السمري œ فسلمت إليه السبيكة).

الرابع والسبعون وفيه حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب قال: (كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري قدس الله روحه فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته (بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة الثانية  فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا، وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه فقيل له من وصيك من بعدك فقال: لله أمر هو بالغه ومضى œ فهذا آخر كلام سمع منه)هي.

سنة تناثر النجوم

يقول محمد تقي الشريف مصنف هذا الكتاب: علي بن محمد هذا آخر الأبواب الأربعة الذين كانت الشيعة ترجع إليهم بنص من قبل الإمام (عليه السلام) في أمورهم زمان الغيبة الصغرى، ولما توفي علي بن محمد وقعت الغيبة التامة وذلك للنصف من شعبان من سنة تسع وعشرين وثلاثمائة من الهجرة على ما ذكره الشيخ في الغيبة وغيره في غيره وهي سنة تناثر النجوم، وفي هذه السنة توفي أيضا ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكلينى  صاحب الكافي والشيخ الجليل على بن بابويه والد الصدوق قدس سرهما، هذا ولكن الصدوق  ذكر في كتابه كمال الدين رواية تدل على أن وفاة والده ووفاة على بن محمد وقعتا في سنة ثمان وعشرين وهي ما رواه (عن أبي الحسين صالح بن شعيب الطالقانى œ في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن مخلد قال: حضرت بغداد عند المشايخ œ فقال: الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه ابتداء منه رحم الله علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، قال: فكتب المشايخ تأريخ ذلك اليوم فورد الخبر أنه توفي ذلك اليوم ومضى أبو الحسن السمري œ بعد ذلك في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة)هي.  كذا في نسختين عندى من كمال الدين وكذا في الخرائج ومدينة المعاجز نقلا عنه، وهي كما ترى صريحة في ذلك ومن البعيد اشتباه الصدوق في سنة وفاة والده ولكن ينافي ذلك ما نقل عن النجاشي في كتابه أنه قال: بعد الثناء عليه يعني علي بن الحسين له كتب (أخبرنا أبو الحسن العباس بن عمر بن العباس بن محمد بن عبد الملك بن أبي مروان الكلوذاني  قال: أخذت إجازة علي بن الحسين بن بابويه لما قدم بغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة بجميع كتبه، ومات علي بن الحسين سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وهي السنة التي تناثرت فيها النجوم)هي. 

 وما نقل عن رجال الشيخ أنه قال: بعد ذكره والثناء عليه (روى عنه التلعكبري، قال: سمعت منه في السنة التي تهافتت فيها الكواكب دخل بغداد فيها، وذكر أن له منه إجازة بجميع ما يرويه)هي. وهذا الاختلاف عجيب وأعجب منه أن الشيخ في الغيبة روى عن الصدوق  الرواة التي قدمنا عنه آنفا بعين السند المذكور وساقها إلى أن قال: (ومضى أبو الحسن السمري œ بعد ذلك في النصف من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة)هي.

هذا والعجب أن شيخنا المجلسي  في غيبة البحار ذكر هذه الرواية عن الشيخ وقال بعده بغير فصل: وفي كتاب كمال الدين عن صالح بن شعيب مثله، ولعله  لم يلتفت إلى اختلاف التاريخين أو كان ما في نسخته من كمال الدين موافقا لما ذكره عن العيبة والله أعلم.

 وأعجب من ذلك كله ما رواه الشيخ في الغيبة قال: (أخبرني جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه، قال: حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاج وهي سنة تناثر الكواكب أن والدي œ كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح œ يستأذن في الخروج إلى الحج، فخرج في الجواب لا تخرج في هذه السنة، فأعاد فقال: هو نذر واجب أفيجوز لي القعود عنه؟ فخرج الجواب: إن كان لا بد فكن في القافلة الأخيرة فكان في القافلة الأخيرة فسلم بنفسه وقتل من تقدمه في القوافل الأخر) ، وهو غريب غاية الغرابة فإن سنة تناثر النجوم سنة تسع وعشرين قطعا وقد عرفت أن علي بن الحسين توفي فيها أو في السنة التي قبلها على الخلاف وكانت وفاته بقم قطعا فكيف تكون تلك السنة في الحج في آخر شهر منها؟ ثم أن الحسين بن روح توفي في شعبان سنة ست وعشرين كما رواه الشيخ في الغيبة بسنده عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب والطبرسى في أعلام الورى فكيف يلائم هذا ما ذكر من التاريخ، ثم أن خروج القرامطة علي الحاج وقتلهم لهم ونهبهم للأموال ونقلهم الحجر الأسود من الكعبة إلى هجر من البحرين بأمر أبا طاهر القرمطي إنما وقع في سنة سبع عشرة وثلاثمائة يوم التروية كما ذكره ابن خلكان في تاريخه وغيره في غيره، ولم يقع لهم بعد ذلك واقعة بالنسبة إلى مكة والحاج سوى ردهم الحجر إلى مكانه في سنة تسع وثلاثين و ثلاثمائة أو سبع وثلاثين على رواية ابن قولويه وقد مضى حديثه آنفا في هذا الباب.

 وبالجملة الخبر متهافت جدا ولعل ذكر تناثر النجوم وقع من بعض الرواة سهوا وبدونه يرتفع التهافت عن الخبر بالكلية ولا بعد في وقوع مثل هذا السهو، وإنما البعيد ما وقع لشيخنا البهائي  في هذا الباب على ما نقل عنه الطريحي  في كتابة مجمع البحرين في ذكر مادة قرمط فإنه قال فيه: (وعن الشيخ البهائي أنه في سنة عشر وثلاثمائة دخلت القرامطة لعنهم الله إلى مكة أيام الموسم وأخذوا الحجر الأسود وبقي عندهم عشرين سنة وقتلوا خلقا كثيرا، وممن قتلوا علي بن بابويه وكان يطوف فما قطع طوافه فضربوه بالسيوف فوقع إلى الأرض وأنشد:  

ترى المحبين صرعى في ديارهم    

كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا

وهو كما ترى سهو ظاهر في تاريخ دخول القرامطة مكة وفي كون على بن بابويه ممن قتل في تلك الواقعة ولعلة شخص آخر التبس على شيخنا البهائي  أو على الطريحى في النقل، أو المراد بالقتل ضربه بالسيف بذلك القصد وأنه سلم منه ولا ينافيه رواية ابنه الحسين بن علي التي مرت آنفا من أنه سلم بنفسه وقتل من تقدم في القوافل الأخر فإنه لم ينف فيها حتى وقوع الجرح عليه، وأما تاريخ دخول القرامطة مكة فلا شك في كونه سهوا، وكيف كان فالأظهر وقوع وفات السمرى في التاسع والعشرين وهي سنة تناثر النجوم، وأما وجه تسمية هذه السنة بسنة تناثر النجوم فهو على ما نقله الشيخ الجليل الشيخ يوسف البحراني في كتاب اللؤلؤة (عن بعض أصحابنا أنه رأى الناس في تلك السنة تساقط شهب كثيرة من السماء وفسر ذلك لموت العلماء وقد كان ذلك فإنه مات في تلك السنة جملة منهم، منهم علي بن بابويه ومنهم الكلينى وعلي بن محمد السمرى آخر السفراء وغيرهم)، هي.

أقول وقد وقع نظير ما ذكر في بلدنا تبريز في عامنا هذا وهو سنة تسع وثمانين ومائتين بعد الألف وهو عام تحرير هذه الأحرف في ليلة السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك ،وهو أنه انقض في الليلة المذكورة شهب كثيرة في الجو على نحو التهافت والتواتر لا يحصي عددها إلا الله في خلال ساعات تقريبا وكان ابتداء ذلك على رأس ست ساعات مضت من الليل تقريبا وقد رآه جم غفير من الناس.

الرد على بعض اعتراضات أحد النواصب

 وقفت على كتاب لبعض العامة أورد فيه اعتراضات على الشيعة وفي حق القائم (عليه السلام) أحب إيرادها بلفظها والجواب عنها وهي أنه قال: والعجب من علمائهم أنهم رووا (قال أبو جعفر (عليه السلام): سأل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ قال له: أما اسمه فإن حبيبي قد عهد إلي ألا أحدث به حتى يبعثه الله عز وجل).

ثم رووا عن علي كرم الله وجهه والأئمة الذين بعده أن المهدى يكون سمي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنيه إلا أن يقولوا إنما منعه عن أن يخبر غير الشيعة.

 وأيضا رووا عن الأئمة (أنه لا يحل لأحد أن يسميه باسمه ولا يكنيه بكنيته قبل ظهوره) ثم لا تجد تصنيفا من تصانيفهم في ذكر الأئمة والرجال وغير ذلك إلا أنهم ذكروا فيه اسمه وكنيته ثم قال: وأما ما ذكروا أنه اختفى خوفا على نفسه من الأعداء.

 فيرد عليه أنه إنما يخرج عند ظهور الفتن وكثرة الهرج بالاتفاق والظاهر أن الخوف يكون في الفتن والهرج أكثر فما وجه غيبته في الأمن وظهوره في الهرج والفتنة مع أن التشيع شائع في بلاد العجم في أيامنا شيوعا تاما بحيث لا يوجد فيها من أهل السنة إلا نادرا؟ فأي مانع له من ظهوره فإن الخوف قد زال عنه؟.

 ثم قال: وأيضا رووا أن الإمام كتب في آخر توقيعاته أنه قد وقعت الغيبة التامة (فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر) .

ثم رووا عن جماعة أنهم رأوه وشاهدوا قصة إسماعيل الهرقلي وباقي بن عطوة مشهورة عندهم وقال صاحب كشف الغمة بعد ذكر قصة الهرقلى وابن عطوة: والأخبار عنه في هذا الباب كثيرة وأنه رآه جماعة قد انقطعوا في طريق الحجاز وغيرها وخلصهم أوصلهم إلى حيث أرادوا ولولا التطويل لذكرت منها جملة ولكن هذا القدر الذي قرب عهده بزماني كاف. انتهى.

وإنا لم نذكر هذه الأبحاث لإظهار تناقض رواياتهم ولا طعنا في دينهم ومذهبهم فكل منا لا يرضى بالتقصير في جده واجتهاده ولا يسأم عن نيل مراده بل نلتمس منهم تسهيل ما أشكل علينا ونسأل الله أن يهدينا وإياهم سبيل الرشاد ويعصمنا وإياهم عن التعصب والعناد.

انتهى ما أردنا نقله من كلامه بلفظه وحيث أنه طلب منا جواب ما أشكل عليه فلا بأس بالجواب عنه مختصرا فنقول وبالله التوفيق:

أما الجواب عن الاعتراض الأول فلا بد فيه من تقديم بعض ما ورد في أخبار الشيعة من ذلك لينطق عليه الجواب ففي كمال الدين بسنده (عن علي بن رئاب عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال: صاحب هذا الأمر رجل لا يسميه باسمه إلا رجل كافر).

وفيه بسنده عن الريان بن الصلت قال: سئل الرضا (عليه السلام) عن القائم (عليه السلام) قال: لا يرى جسمه ولا يسمى باسمه).

وفيه بسنده (عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سأل عمر أمير المؤمنين (عليه السلام) عن المهدي قال: يا ابن أبي طالب أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ قال: أما اسمه فلا إن حبيبي وخليلي عهد إلي أن لا أحدث باسمه حتى يبعثه الله عز وجل وهو مما استودع الله عز وجل رسوله في علمه).

وفيه بسنده (عن أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن العسكري (عليه السلام) يقول الخلف من بعدي الحسن ابني فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ قلت: ولم جعلني الله فداك؟ قال: لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، قلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا الحجة من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ).

وفيه بسنده عن محمد بن زياد الأزدى عن موسى بن جعفر (عليه السلام) في حديث إلى أن قال: (ذاك ابن سيدة الإماء يخفى على الناس ولادته ولا يحل تسميته حتى يظهره عز وجل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما).

وفيه (عن عبد العظيم الحسني œ قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى (عليه السلام) يا مولاي إني لأرجو أن تكون القائم (عليه السلام) من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، فقال (عليه السلام) :ما منا إلا قائم بأمر الله عز وجل وهاد إلى دين الله ولكن القائم (عليه السلام) الذي يطهر الله عز وجل به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملأ الأرض قسطا وعدلا هو الذي يخفى على الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته وهو سمي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنيه).

وفيه بسنده عن أبي يعقوب عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث إلى أن قال: (حدثنا علي بن أحمد بن محمد الدقاق œ قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن سهل بن زياد الأدمي عن الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قال: أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) من أقر بالأئمة من آبائي وولدي وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) نبوته فقلت يا سيدي ومن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته). 

وفيه بسنده عن (علي بن عاصم الكوفي يقول خرج في توقيعات صاحب الزمان (عليه السلام) ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس). 

وفيه بسنده عن (أبي علي محمد بن همام يقول سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول: خرج توقيع بخط أعرفه (من سماني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله) ).

وفيه بنسده (عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو على المنبر: يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون مشرب بالحمرة {مبدح البطن عريض الفخذين عظيم مشاش المنكبين بظهره شامتان شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) }وساق الحديث إلى أن قال:.. له اسمان اسم يخفى واسم يعلن فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد).

وفيه غيبة الشيخ  بسنده عن عبد الله بن جعفر الحميرى في حديث طويل (قال: سألت عثمان بن سعيد العمري أنت رأيت الخلف من أبي محمد (عليه السلام) ؟فقال: إي والله ورقبته مثل هذا، وأومأ بيده فقلت: بقيت واحدة، فقال: هات، قلت: الاسم، قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك ولا أقول هذا من عندي فليس لي أن أحلل ولا أحرم ولكن عنه (عليه السلام) فإن الأمر عند السلطان أن أبا محمد (عليه السلام) مضى ولم يخلف ولدا وقسم ميراثه وأخذ من لا حق له فصبر على ذلك وهو ذا عماله يجولون فليس أحد يجسر أن يتقرب إليهم ويسألهم شيئا وإذا وقع الاسم وقع الطلب فالله الله اتقوا الله وأمسكوا عن ذلك). 

ورواه في كمال الدين مختصرا عن أبيه وابن الوليد (حدثنا أبي ومحمد بن الحسن œ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: كنت مع أحمد بن إسحاق عند العمري œ فقلت للعمري: إني أسألك عن مسألة كما قال: الله عز وجل في قصة إبراهيم أَ ولَمْ تُؤْمِنْ قال:َ بَلى ولكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي هل رأيت صاحبي فقال لي: نعم وله عنق مثل ذي وأومأ بيديه جميعا إلى عنقه قال قلت: فالاسم؟ قال: إياك أن تبحث عن هذا فإن عند القوم أن هذا النسل قد انقطع هي).

وفي الغيبة بسنده (عن علي بن صدقة القمي  قال: خرج إلى محمد بن عثمان العمري œ ابتداء من غير مسألة ليخبر الذين يسألون عن الاسم إما السكوت والجنة وإما الكلام والنار فإنهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه وإن وقفوا على المكان دلوا عليه) هي.

وفي مضمون هذه الأخبار أخبار أخر عدلنا عن ذكرها لاتحاد المؤدى وإعطاء النظر في تلك الأخبار سوى حديث عمر بعد حمل مطلقها على مقيدها كما هو الديدن الجاري في الأخبار وغيرها، وملاحظة ما تقرر عند الشيعة من أن أخبار أئمتهم يفسر بعضها بعضا كالقرآن يفيد اختصاص تحريم التسمية بأوان الولادة وما بعدها وعدم التحرج فيما قبلها فإن قولهم (عليهم السلام) (عن الأسدي عن سهل عن عبد العظيم الحسني عن محمد بن علي (عليه السلام) قال: القائم (عليه السلام) هو الذي يخفى على الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته).

وما في معناه صريح في الأخبار عن حكم أهل زمانه دون من قبله ولا يتوهم أن قول العسكري (عليه السلام) لأبي هاشم الجعفري (لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه) حيث أتي بصيغة الخطاب ينافي ذلك فإنه صريح في الأخبار عن حكم ما يأتي والخطاب لنوع الشيعة بعنوان المخاطب الحاضر فيكفي فيه وقوع ذلك الحكم في حق بعض منهم كقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو سلكوا حجر ضب لسلكتموه) فإن الخطاب فيه لنوع الأمة بعنوان الحاضرين وإلا لكان يجب أن يقع من خصوص الحاضرين جميع ما كان في الأمم السابقة وهذا لا يتفوه به ذو مسكة، ونظائر ذلك في المحاورات كثيرة ويؤكد هذا التخصيص أمور منها:

قول الجواد (عليه السلام) في حديث عبد العظيم (وهو سمي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنيه بعد قوله ويحرم عليهم تسميته) فتأمل.

ومنها وقوع التصريح بخصوص الاسم في كثير من أخبار الأئمة السابقين (عليهم السلام) بحيث لا مجال لطرحها .

ومنها قولهم (ولا يحل لهم ذكره باسمه) فإنه صريح عند من يعرف لحن الكلام في كون هؤلاء المخرجين عليهم ذلك عالمين بالاسم وإلا لكانوا يقولون ولا يعلمون باسمه، ومن الظاهر أن علمهم بذلك لا يمكن لإخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة السابقين (عليهم السلام) بذلك حتى يصل إلى أهل زمانه (عليه السلام) بواسطة الرواة عنهم، نعم يظهر من بعض الأخبار إخفاء ذلك عن بعض ضعفاء السابقين على زمانه أيضا حذرا من أداء ذلك إلي المحذور الذي دعا إلى إخفاء اسمه في نفس زمان الحجة (عج) كما يدل على ذلك ما في غيبة النعماني عن (عبد الواحد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن محمد بن يحيى الخثعمي قال: حدثني الضريس عن أبي خالد الكابلي قال: لما مضى علي بن الحسين (عليه السلام) دخلت على محمد بن علي الباقر (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك وأنسي به ووحشتي من الناس، قال: صدقت يا أبا خالد فتريد ما ذا؟ قلت: جعلت فداك لقد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفة لو رأيته في بعض الطريق لأخذت بيده، قال: فتريد ماذا يا أبا خالد؟ قلت: أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه، فقال: سألتني والله يا أبا خالد عن سؤال مجهد ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثا به أحدا ولو كنت محدثا به أحدا لحدثتك ولقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطع بضعة بضعة) هي.

فإنه (عليه السلام) إنما لم يخبر أبا خالد بذلك لعلمه بأداء هذا الإخبار الخاص إلى ما ذكره من المحظور وقوله (عليه السلام) (لو كنت محدثا به أحدا لحدثتك) ليس على عموم الظاهري بقرينة سائر الأخبار فالمراد به إما من هو من أمثال أبي خالد وفي درجته فيكون المعنى لو كنت محدثا به أحدا من أمثالك لحدثتك، أو المراد الإخبار عن حال نفسه فيما يستقبل من الزمان أو غير ذلك من الوجوه، ولعل من هذا الباب حديث أمير المؤمنين (عليه السلام) مع عمر في علة الإخفاء واختصاص عدم التحدث لأمثال عمر كما فهمه المعترض أيضا فاستدرك اعتراضه بذلك وسيأتي إن شاء الله له وجه آخر.

 وكذا تفيد تلك الأخبار تحريم تسميته (عليه السلام) عند خصوص المخالفين من أهل زمانه وعند ضعفاء الشيعة الذين لا يؤمنون على حفظ السر وكتمانه عن الأغيار دون الخواص من الشيعة كما هو مؤدى قولهم (عليهم السلام) ولا يحل لهم ذكره باسمه، وقولهم (ويحرم عليهم تسميته) فإن مؤداه كما أشرنا إليه آنفا علم هؤلاء بالاسم فإن تحريم ذلك عليهم فرع العلم بالاسم كما هو ظاهر عند من يعرف لحن الكلام وأصرح من ذلك قوله (عليه السلام) في التوقيع (ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس) وفي الآخر (من سماني في مجمع من الناس بإسمي فعليه لعنة الله) فإنهما دالان على علم بعض الشيعة بالاسم وكون المحرم عليهم تسميته عند الأغيار فإن الاسم لو كان مجهولا عند الجميع لكان هذا التحذير خاليا عن الفائدة بالبديهة فلا محذور في تداول الخواص للاسم بينهم وإخبار بعضهم له لبعض ولو في أوان ولادته وأيام غيبته، بل وإثبات ذلك في كتبهم وأصولهم فإن كتبهم كانت مستورة عن الأغيار في ذلك الزمان لا يتداولونها إلا فيما بينهم ولا سيما كتبهم التي كانت مشتملة على بعض الأسرار، وأما الإخبار لضعفاء الشيعة في ذلك الزمان أعني زمان الولادة والغيبة الصغرى فيدل على كونه محظورا قوله (عليه السلام) في التوقيع ليختبر الذين يسألون عن الاسم إلى قوله (فإنهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه وإن وقفوا على المكان دلوا عليه) فإن من الظاهر أن السائلين عن الاسم كانوا من الشيعة وليس المراد كل الشيعة لما قدمنا من الدلالة على كون بعضهم عالمين بذلك كالسفراء ومن يحذو حذوهم من حملة الأسرار، ثم هذا الحكم بهذا التفصيل مخصوص بزمان الغيبة الصغرى وهي من حين ولادته (عليه السلام) إلى زمان انقطاع السفراء الأربعة وهو سنة تسع وعشرين وثلاثمائة أو هو مستمر إلى وقت ظهوره (عليه السلام) موضع خلاف بين أصحابنا، فمنهم من خصه بالأول منهم المحقق الخواجة نصير الدين الطوسي وعلي بن عيسى الأربلي صاحب كشف الغمة ومن المتأخرين شيخنا البهائي وشيخ المتألهين شيخنا الإحسائي قدس الله أرواحهم، ولهم التعليلات الواردة في بعض الأخبار في المنع عن التسمية فإن تلك التعليلات تعطى اختصاص ذلك بزمان الغيبة الصغرى التي ما كان (عليه السلام) مختفيا عن الشيعة بالكلية وكانت الأعداء يتجسسون عن أخباره، منها قول عثمان بن سعيد في الحميري لما سأله عن الاسم أن الأمر عند السلطان أن (أبا محمد (عليه السلام) مضى ولم يخلف ولدا) إلى قوله (وإذا وقع الاسم وقع الطلب) فإن المحذورات المذكورة من الخوف عليه وعلى عياله مرتفعة في زمن الغيبة الكبرى، ومنها قول أبي جعفر (عليه السلام) في حديث أبي خالد (لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة) وظاهر قوله (عليه السلام) أنهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه وإن وقفوا على المكان دلوا عليه.

 والأخبار الواردة في النهى عن التسمية جلها قضايا مهملة ليس في شيء منها عموم ولا إطلاق حتى يشمل جميع الأزمنة وإنما هي دالة على التحريم في الجملة وهو يتحقق لوقوع الحرمة في وقت ما، وأما قول أمير المؤمنين (عليه السلام) (وله اسمان اسم يخفى واسم يعلن.. الخ) فالظاهر أنه ليس المراد به تشريع حكم وإنما هو إخبار عما سيكون الأمر عليه وهو كذلك فإن اسمه الذي قال أنه يخفى مخفي عن عامة الناس لا يعرفونه بهذا الاسم وإنما يعرفونه بالاسم الآخر وله معني تأويلي لا يهمنا ذكره على أن هذا يناقض لمطلوب الخصم لو جعلناه تشريعا لحكم الحرمة والإباحة لأن الاختلاف في هذا الحكم متعلق بهذا الاسم المعروف الذي أخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه يعلن، نعم لا يبعد أن يكون له (عليه السلام) اسم أو أسماء خاصة من أسماء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو غيرها لم يخبروا بها أحدا وإنما هي مخزونة عند أهل البيت (عليهم السلام) أو أخبروا بها الخصيصين من شيعتهم في كل عهد دون سائر الناس حتى الخواص ولم تكتب أبدا فعلى هذا لا يناقض هذا الاختيار قول أمير المؤمنين (عليه السلام) (إن حبيبي وخليلي عهد إلي أن لا أحدث باسمه حتى يبعثه الله عز وجل) وكذا قول الكاظم (عليه السلام) في حديث محمد بن زياد (ولا يحل لهم تسميته حتى يظهره الله عز وجل فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما) الخبر. حيث أنهما (عليهم السلام) جعلا الخطر مغيا بوقت ظهوره (عليه السلام) لجواز كون المراد بذلك الاسم المخزون وإن قيل هذا التأويل خلاف الظاهر قلنا على فرض التسليم لابد من ذلك على قولكم لئلا يناقض قوله أما الذي يعلن فمحمد فافهم.

هذا وأعلم أن السيد الجزائري  في الأنوار ذكر لهذا الفريق أدلة كلها ليس بشيء ولذا لم نتعرض لإيرادها، ومنهم من عمم الحكم فلم يجوز التصريح بالاسم حتى في زمن الغيبة الكبرى منهم الصدوق كما صرح به كمال الدين وغيره عند ذكر حديث اللوح والمفيد والطبرسى وجماعة، ومن المتأخرين مولانا المجلسي وتلميذه المقلد له الشيخ عبدالله البحراني في العوالم والسيد الجزائري في الأنوار لإطلاق أخبار التحريم وصراحة بعضها في كون ذلك ممتدا إلى أوان ظهوره ولأن الأئمة (عليهم السلام) لما عبروا عن اسمه الشريف عبروا بالحروف المقطعة هكذا م ح م د أو قال: في التعبير اسمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نحو ذلك من الكنايات ذكر هذا السيد الجزائري في الأنوار.

وقد عرفت أن الأخبار لا إطلاق فيها ولا عموم وأما المصرحة منها بالامتداد فهي حديث أمير المؤمنين (عليه السلام) وحديث الكاظم (عليه السلام) وقد عرفت قيام الاحتمال فيهما بل تعينه ومعه يبطل الاستدلال، وأما دليل السيد فهو من غريب الأدلة فإنه إنما يتم لو وجد خط من الأئمة (عليهم السلام) قد كتبوا فيه اسمه (عليه السلام) بالحروف المقطعة ومثل هذا الخط لم نقف عليه ولا وقف عليه غيرنا ممن سبقنا وإلا لنقلوه، نعم قد جرى ديدن الشيعة على إثبات اسمه (عليه السلام) في الكتب إذا دعتهم الحاجة إليه بالحروف المقطعة غالبا وهذا مما لا ربط له بالاستدلال المذكور على أنا لا نجد فرقا بوجه بين ذكر الاسم بالحروف المقطعة وذكره بالمركبة فإن كلا الأمرين تصريح بالاسم على أنك قد عرفت خروج زمن الأئمة (عليهم السلام) عن محل البحث رأسا.

 وأما قولهم في التعبير اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو على تقدير تسليم عدم كونه تصريحا لا يكون دليلا على المطلوب لوقوع التصريح منهم (عليهم السلام) بالاسم في أخبار كثيرة جدا لا يمنعنا من ذكرها إلا خوف الإطالة ووجودها في الكتب الموضوعة في الغيبة وغيرها من كتب الأخبار المشهورة منها ما مر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) صريحا، فكيف يجوز مع ذلك أن يقال على الإطلاق أنهم (عليهم السلام) كانوا يعبرون عنه بالكنايات على أنا نقول عليه، لاشك أنك عرفت على سبيل الضرورة أن اسم الحجة (عليه السلام) م ح م د لا تجيز فيه احتمال الخلاف فحينئذ نقول أخبرنا من أين عرفت ذلك إذ لا سبيل إلى العلم بذلك إلا من تصريح واحد من الأئمة (عليهم السلام) إذ غيرهم لا يمكنه العلم بذلك إلا منهم لأن أباه (عليه السلام) هو الذي سماه بهذا الاسم ولو أنه لم يخبر بذلك لما كان لأحد طريق إلى العلم به إلا لسائر الأئمة الذين ليس علمهم حاصلا من طريق السماع فانحصر علم ذلك فيهم، والمفروض أنك علمت ذلك على سبيل البت والضرورة فلا بد من انتهاء علمك هذا إلى وقوع تصريح منهم بذلك وهو المطلوب، وليس لك أن تقول علمت ذلك من ذكرهم له بالحروف المقطعة أيضا لأنا قد أبطلنا هذا الوهم، ولا أن تقول علمت ذلك من قولهم أنه سمي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنا نقول هذا القول غير مفيد للقطع بخصوص اسمه م ح م د لكون أسماء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) متعددة على أن الالتزام بكون ذلك نصا لغرضه ومثبت لمطلوبنا هذا.

 واعلم أن صاحب كشف الغمة أورد على المفيد والطبرسي نقضا في المقام وقال: (من العجب أن الشيخ الطبرسي والمفيد رحمهما الله تعالى قالا: (لا يجوز ذكر اسمه ولا كنيته) ثم يقولان اسمه اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنيته كنيته (عليه السلام) وهما يظنان أنهما لم يذكرا اسمه ولا كنيته وهذا عجيب والذي أراه أن المنع إنما كان للتقية في وقت الخوف عليه والطلب له والسؤال عنه فأما الآن فلا والله أعلم) انتهى. 

وهذا الاعتراض بعينه هو الذي أورده هذا الرجل العامي على العلماء وأظهر به التناقض بين الروايتين عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وقد أجاب السيد الجزائري عن اعتراض صاحب كشف الغمة بأن الظاهر أن تعجبه من الشيخين ليس على ما ينبغي لأن ذلك القول منهم ليس ذكر الاسم بل هو تفهيم وتعليم بطريق الإشارة والكناية ولا يكون من باب ذكر الاسم في مجارى العرف والعادات، هي.

وفيه ما فيه فإن المقصود من عدم جواز ذكر الاسم إخفاء ذلك وكتمانه عن عامة الناس، فحينئذ كيف يجوز التفهيم والتعلم ولو بطريق الإشارة والكناية فافهم، فالأولى في الجواب أن يقال: أن هذا ليس نصا في التسمية بخصوص اسم معين لكون أسماء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكناه متعددة ولا يعين هذا القول بمجرده شيئا منها، وهذا جواب آخر لنا عن اعتراض الرجل العامي إذا تقرر هذه الجملة فلنرجع إلى الجواب عن اعتراض الرجل فنقول:

 أما الجزء الأول من اعتراضه الأول فقد علم جوابه من تضاعيف ما قررنا بوجوه عديدة.

وأما الجزء الثاني فقد عرفت اختصاص تحريم التسمية بزمان الحجة (عليه السلام) ثم عرفت اختلاف مذهب أصحابنا في أنه هل هو مخصوص بزمان الغيبة الصغرى أم ممتد إلى أوان الظهور؟

 فمن ذهب إلى الثاني لم يصرح من ذلك بشيء في كتابه ومن ذهب إلى الأول لم يحترز عن ذلك بناء على مذهبه، فقوله (لا تجد تصنيفا من تصانيفهم إلا أنهم ذكروا فيه اسمه وكنيته فريه بلا مرية) نعم ذكر بعض من لا يجوّز التسمية مطلقا بعض الأخبار التي وقع فيها التصريح بالاسم على سبيل النقل كالصدوق فإنه ذكر في كمال الدين حديث اللوح الذي وقع التصريح فيه باسم القائم (عليه السلام) ثم قال (قال مصنف هذا الكتاب جاء هذا الحديث هكذا بتسمية القائم (عليه السلام) والذي أذهب إليه ما روي في النهي عن تسميته، وسأذكر ما رويت في ذلك من الأخبار في باب أصنعه في هذا الكتاب لذلك إن شاء الله تعالى).

وكذا ذكر المجلسي في البحار الأخبار المصرحة بالاسم مع اختياره عدم جواز التسمية إلى أوان الظهور، ولعل نظرهما ونظر من شاركهما في ذلك إلى أن التصريح على سبيل النقل عن الغير لا ينافي حرمة التسمية على الناقل في نفسه وإن كان هذا النظر موضع تأمل بل غير صواب فإن الأخبار المصرحة بالاسم إنما وردت عن الأئمة السابقين على الحجة (عليهم السلام) وقد عرفت أن التصريح به في زمانهم ما كان ممنوعا.

وأما إذا وصلت تلك الأخبار إلى من يحرم في حقه التصريح والإذاعة فالواجب عليه عدم التصريح به عند التغيير وعدم إثباته في كتاب يقف عليه كل بر وفاجر، بل التعبير عنه بالكناية والرمز كلفظ فلان وما أشبه كما صنع جماعة من الأصحاب، أو عدم إيراده في مثل ذلك الكتاب أصلا ولا ذكره في محفل من الناس.

وأما الجواب عن الاعتراض الثاني فهو أن هذا الاعتراض سقط من القول، فإن المراد من الخوف من القتل ليس على ما توهمه وإنما هو أن من علل غيبته (عليه السلام) وجود قوم مؤمنين في أصلاب قوم كافرين كما ورد التصريح به في حديث إبراهيم الكرخي (عن فلان الكرخي قال: قال رجل لأبي عبد اللّه (عليه السلام) لم يكن عليّ قويّا في بدنه قويّا في أمر اللّه فقال: له أبو عبد اللّه (عليه السلام) بلى. قال: فما منعه أن يدفع أو يمتنع؟ قال: قد سألت فافهم الجواب منع عليّا من ذلك آية من كتاب اللّه، فقال: وأيّ آية؟ قال: فقرأ ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً﴾ إنه كان للّه ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن عليّ صلوات اللّه عليه ليقتل الآباء حتّى يخرج الودائع، فلما خرجت ظهر على من ظهر وقتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّى يخرج ودائع اللّه فإذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله) .

وفي مضمونه أخبار أخر والمراد بها أنه إذا خرج على الأعداء الذين يحاربونه فإن قتلهم فقد من في أصلابهم من المؤمنين وإن لم يقتلهم قتلوه كما كان يوم الحسين (عليه السلام) ، فهذا هو المراد من خوفه (عليه السلام) من القتل وهو خاتم الأوصياء باعتقاد الشيعة فإذا قتل بقيت الأرض بغير حجة فلا بد له من الغيبة حتى تخرج الودائع، ولا ربط لهذا النحو من الخوف بشدة الفتن وضعفها فإنه (عليه السلام) ليس بعاجز عن دفع أعدائه لولا الموانع المانعة له عن ذلك.

 وأما شيوع التشيع في بلاد العجم على زعم المخالف فالجواب عنه مع الغض عما ذكر أنه أعلم بحال شيعته منك ومنا فلو علم منهم الثبات مع توفر سائر الأسباب والدواعي لظهر، وحيث أنه لم يظهر علمنا عدم ثباتهم لو ظهر أو وجود نقص في سائر الأسباب والدواعي فإن من علل الغيبة ما ذكر ومنها الاختبار والابتلاء اللذين بهما يميز الله الخبيث من الطيب كما قال: تعالى﴿أََلَم أحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ وقال: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا ولَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ﴾﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ الآية

وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه (لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً ولَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً ولَتُسَاطُنَّ سوطة الْقِدْرِ حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وأَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ ولَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ) الخطبة.

ومنها إعطاء الله عز وجل جزيل منحه ومواهبه على ما سبب لهم من الإيمان بالغيب والتصديق له ولكتبه ولرسله وأوليائه، ومنها غير ذلك فإذا اجتمعت الأسباب وارتفعت الموانع ظهر رغما لآناف المنكرين، ثم لو صح هذا الاعتراض فهو وارد أولا على قوله تعالى عن موسى (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) مع أنه ظهر بعد ذلك في شدة سلطان فرعون مصاحبا لدعوة كان فيها إبطال أمر فرعون بالكلية واضمحلال سلطانه فكانت الدواعي على قتله حينئذ أشد مما قبل قطعا والجواب الجواب، فالاعتراض المذكور أهون من بيت العنكبوت والحمد لله رب العالمين.

وأما الاعتراض الثالث فالمستند فيه مضمون التوقيع الشريف الذي خرج إلى علي بن محمد السمري  وهو الذي نحن بصدد الكلام عليه، وليس المراد به ما توهم وإنما المراد به دعوى المشاهدة على سبيل النيابة والسفارة وأنه يشاهده على سبيل الاستمرار أو في أكثر الأوقات ويأخذ عنه ما يتعلق بأمر النيابة، فإنه (عليه السلام) في هذا التوقيع في مقام بيان انقطاع النيابة الخاصة بينه وبين شيعته وأعلام الشيعة بعدم اغترارهم بأصحاب التلوين المتلبسين بلباس الصادقين ولذا قال (عليه السلام) (سيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة تلويحا للعارفين باللحن أن المدعي لذلك ليس بداخل في زمرة الشيعة وأنه يأتيهم ليضلهم عن السبيل بكذبه ومثل هذا لا يأتى في دعوى مجرد الرؤية وإن كان المدعي كاذبا فيها).

وأما ما وقع في بعض المواضع من إثبات لفظة من في ذلك بهذه الصورة (وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة) فالظاهر أنه لحن نشأ من تبادر ثبوتها في بادئ النظر والله أعلم.

ولسنا بصدد إثبات ذلك لعدم ابتناء الحمل على النكتة المذكورة وإنما المستند فيه ظهور نفس الكلام في ذلك كما فهمه مولانا المجلسي أيضا ويؤيد هذا الحمل أن دعوى المشاهدة مجردة عن دعوى النيابة والسفارة ليست مما يجب مزيد اعتناء بها وتنبه الخلق عليها ولو كانت كذبا لعدم ترتب مفسدة عليها، والدليل على ذلك أن جماعة قد ادعوا ذلك في زمن الغيبة الكبرى ولم يلزم منها مفسدة دينية سوى زيادة يقلن من بعض الضعفاء على وجوده (عليه السلام) فتدبر، ولم نقف  سوى هذا الخبر على خبر يدل على عدم وقوع الرؤية على الإطلاق سوى ما في حديث المفضل بن عمر الذي يأتي إن شاء الله في أواخر الباب فإن فيه (قال المفضل: يا سيدي ولا يرى وقت ولادته؟ قال: بلى والله ليرى من ساعة ولادته إلى ساعة وفاة أبيه {سنتين وتسعة أشهر أول ولادته وقت الفجر من ليلة الجمعة لثمان تخلون من شعبان سنة سبع وخمسين ومائتين إلى يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الأول من سنة ستين ومائتين وهو يوم وفاة أبيه (إلى أن قال:بالمدينة التي بشاطئ دجلة يبنيها المتكبر الجبار المسمى باسم جعفر الضال الملقب بالمتوكل وهو المتآكل لعنه الله تعالى) ،إلى أن قال:وهي مدينة تدعى بسر من‏ رأى وهي ساء من رأى يرى شخصه المؤمن المحق سنة ستين ومائتين ولا يراه المشكك المرتاب وينفذ فيها أمره ونهيه، ويغيب عنها فيظهر في القصر بصابر بجانب المدينة في حرم جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيلقاه هناك من يسعده الله بالنظر إليه ثم يغيب في آخر يوم من سنة ست وستين ومائتين فلا تراه عين أحد حتى يراه كل أحد وكل عين قال: المفضل قلت يا سيدي فمن يخاطبه ولمن يخاطب؟ قال الصادق (عليه السلام) :تخاطبه الملائكة والمؤمنون من الجن ويخرج أمره ونهيه إلى ثقاته وولاته ووكلائه ويقعد ببابه محمد بن نصير النميري في يوم غيبته بصابر ثم يظهر بمكة). الخبر بطوله.

وهو كما ترى صريح في عدم وقوع رؤية أحد له بعد التاريخ المذكور ولكنه غريب لمخالفته للأخبار المعتبرة الدالة على وقوع المشاهدة بعد ذلك التاريخ من أزمنة الغيبة الصغرى لجماعة من الشيعة منهم محمد بن عبيد الله المروي حديثه في غيبة الشيخ  وقد رآه (عليه السلام) في سنة ثلاث وتسعين ومائتين، ومنهم يوسف بن أحمد الجعفري الذي مضى حديثه عن غيبة الشيخ في كتابنا هذا ورواه الراوندي أيضا في الخرائج، وقد رآه في سنة تسع وثلاثمائة، ومنهم أبو نعيم محمد بن أحمد الأنصاري المروي حديثه في غيبة الشيخ وكمال الدين للصدوق ودلائل الطبري بأسانيد متعددة وقد رآه (عليه السلام) في اليوم السادس من ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين ومائتين، ومنهم علي بن إبراهيم بن مهزيار على ما في غيبة الشيخ ودلائل الطبري فإنه يظهر من حديثه أنه رآه (عليه السلام) بعد التاريخ المذكور حيث قال في أوله (حججت عشرين حجة كلا أطلب بها عيان الإمام فلم أجد إلى ذلك..)، الخبر. وبملاحظة ذلك مع تاريخ الولادة يظهر ما ذكرناه، ومنهم يعقوب بن يوسف الغسانى المروي حديثه في غيبة الشيخ ودلائل الطبري وقد رآه في سنة إحدى وثمانين ومائتين، وسيأتي حديثه في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، ومنهم غير هؤلاء ولا يصلح ذلك الخبر لمقاومة تلك الأخبار المعتبرة لكون رواية الحسين بن حمدان الحضيني في كتابه الهداية وكتابه الآخر وابن حمدان هذا من الضعفاء جدا كما صرح به أصحاب الرجال، ووجدنا في كتابه ما يحقق قولهم فإن كتابه الآخر قد أورد فيه أخبارا في تصديق أبي الخطاب الملعون وكونه بابا للصادق (عليه السلام)، وكذا روى أخبارا في تصديق محمد بن الفرات وأبي شعيب محمد بن نصير النميري وكونه بابا لأبي محمد العسكري والحجة (عليهم السلام) وأنكر كون السفراء الأربعة أبوابا وذهب إلى أنهم كانوا وكلاء الأموال وكانت البابية لمحمد بن نصير الملعون المطرود على لسان الحجة (عليه السلام) باتفاق من الشيعة، ومقالاته المنكرة من إباحة المحارم وارتكابه لها حتى وطأ الغلمان مذكور في كتب الشيعة من غيبة الشيخ وغيرها، فلو لم يكن إلا قوله في هذا الحديث بالخصوص ويقعد على بابه محمد بن نصير النميري.. إلخ، وفي كتابه الآخر ويقعد بابه بحذف حرف الجر فناهينا في الدلالة على ضعفه وفساد عقيدته وسند حديثه مع ذلك منته إلى نفس محمد بن نصير ثم عمر بن الفرات الذي ضعفه الشيخ  في رجاله، وإنما اعتمدنا على سائر مضامين هذا الخبر واعتمد غيرنا كالشيخ الصالح الحسن بن سليمان الحلي في منتخب البصائر والمولى الجليل محمد باقر المجلسي  في غيبة البحار وشيخ المتألهين مولانا أحمد بن زين الدين الإحسائي  في كتابيه العصمة والرجعة لوجود مضامينه في سائر الأخبار مفرقة كما صرح به الإحسائي  في كتابه المذكور ولموافقتها للميزان الذي قررناه في صدر الكتاب وكذا سائر رواياته .

وأما ما يتفرد به مخالفا لسائر الأخبار المعتبرة ولما أجمع عليه الفرقة المحقة كبابيه النميري لعنة الله عليه مثلا فلا يجوز الاعتماد عليه والالتفات إليه ولا سيما إذا كان سنده منتهيا إلى من ذكرناه، ولا سيما إذا ضمت إلى تلك الأخبار روايات من رآه (عليه السلام) بعد زمان الغيبة الصغرى وهى كثيرة جدا مذكورة في كتب الغيبة وغيرها وقد مر بعض منها ويأتي بعض آخر مما يناسب كتابنا هذا، ومن أراد الاستيفاء فعليه بغيبة البحار وغيبة العوالم فإنهما جمعا جل الأخبار المتفرقة في سائر المواضع.

وقد عزم السيد العلامة السيد هاشم التوبلي البحراني  على تأليف كتاب مجرد في خصوص من رآه (عليه السلام) في زمن الغيبة الأولى والثانية وسماه تبصرة الولي فيمن رأي القائم المهدي (عليه السلام) غير أنه لم يتم على ما يريد على ما وصل نسخته إلينا.

وبالجملة هي أخبار قد روتها الثقاة لا يجوز أن تنكر بمجرد رواية ابن حمدان الذي عرفت حاله وحال سند حديثه ما يناقض تلك الروايات نعم من تتبع الأخبار المعصومية ولمح الاعتبارات الحكمية وجد أن غيبته (عج)  قد وقعت على سبيل التدرج شيئاً فشيئا، فكلما طال المدى اشتدت الغيبة لتراكم ظلمات العالم بعضها على بعض فعلى هذا لا يبعد أن يؤول الحال بالتدريج إلى أن لا يتراءى (عليه السلام) فيما بعد عن الغيبة الصغرى لأحد على نحو يعرفه، وهذا مما لا ينافي تلك الأخبار المنقولة فاندفع الاعتراض الثالث أيضا بحمد الله تعالى.

هذا واعلم أن الذي يجب علينا بيان الحق ودفع انتحال المبطلين عن المبادئ العالية سلام الله عليهم والعصابة المجتمعة على أمر من الأمور وأما الأفراد المتفردون ببعض الأمور فلم يثبت بيننا وبينهم ضمان جريرة فلسنا بملتزمين لتصحيح كل ما قالوا بحسب ما أدت إليه أنظارهم والله ولي التوفيق.

واعلم أن هذا الرجل المعترض قد أظهر في اعتراضاته هذه أنه لم يقصد بها إظهار تناقض في روايات الشيعة وأن اعتراضه هذا ليس ناشئا من التعصب والعناد وإنما أراد بذلك الهداية والإرشاد وتسهيل ما أشكل عليه، ونحن قررناه على دعواه هذه ولكن حاله ذكرني حكاية لطيفة وهى: أن المشهور عند العوام ولا سيما أهل القرى والبوادي ولا سيما القدماء منهم والمركوز في اعتقادهم أن بعض الميتين قد يتفق له انبعاث من قبره بعد الموت، وعندهم أن من يتفق له تلك الحالة إذا خرج من قبره يجب أن يقتل لأنهم يرون مثل هذا الحال من الميت أمرا منكرا وعارا وشنوا على أهل بيته، فنقل أن رجلا من أهل بعض القرى اعترته سكتة فظن أهله أنه قد مات فغسلوه وكفنوه وجاءوا به إلى المقابر ودفنوه هناك فلما كان من الغد أفاق ذلك الرجل من سكتته فرأى نفسه في بيت مظلم على حالة عجيبة، فعرف أن أهله قد دفنوه بظن الموت فجعل يحفر ما على القبر شيئا فشيئاً إلى أن وجد مخرجا منه فخرج من القبر وعلم أنه لو علم بذلك أهل القرية قتلوه يقينا، فأتي ضيعة له في خارج القرية ووجد بعض أكرته فيها يعمل في الزراعة فلما رآه ذلك الأكار توحش منه توحشا شديدا فصاح به مولاه وقال: لا تخف فإني أنا مولاك الفلاني وقد زعم أهلي أني ميت فسبحوني ودفنوني وإنما عرضت لي سكتة وقد أفقت منها في القبر وخرجت منه ولي إليك حاجة وهو أن تمضى إلى بيتي وتأتيني بثيابي وتفكتى ولا تخبر أهلي ولا أهل القرية بشيء من ذلك وأنا أجازيك بذلك ما تريد، فلما سمع الرجل منه ذلك فكر في أمره فلم يصدقه في قلبه بل اعتقد أنه من المنبعثين غير أنه قال في نفسه: أي ضرر في أن أقضي له ما يريد وقد كان مولى لي في حياته وله علي حقوق فمضى إلى بيت الرجل وأخذ ثيابه وتفكته وأتى بها وألقاها إليه من بعيد، ورجع من فوره إلى القرية وأخبر أهل بيته وسائر أهل القرية أن فلانا الميت قد انبعث من القبر فأدركوه واقتلوه قبل أن يفوتكم فلما سمع أولئك الحمير بذلك عجلوا وأخذوا من الأسلحة ما أمكن فجاءوا يهرعون إليه، ولما أحس الرجل المسكين بذلك من بعيد لبس الثياب وأخذ التفكة وصعد إلى جبل هناك متحصنا منهم وجعل كل من أراد أن يصعد الجبل هدده بالتفكة وحلف بالأيمان المغلظة أنه يقتل كل من يريد أن يدنو منه فلم يجتر أحد بذلك فاجتمعوا في سفح الجبل وجعلوا ينظرون إليه وقد ائتمروا على قتله بنية مجتمعة صادقة، ومن العجب أن من المصرين على ذلك أم ذلك الرجل فإنها إذ ذاك واقفة في ناحية تصيح على الجماعة وتحرضهم على قتله وتلتمس منهم ذلك أشد الالتماس وتقول: اقتلوه بالله عليكم لئلا يبقى عار هذه الشناعة في بيتنا وتتحدث به الركبان أن ميت آل فلان قد انبعث من قبره، ولما وجد الرجل منهم إحجاما وسكونا جعل يقص عليهم قصته ويحلف تارة لهم بأيمان مغلظة أنه ليس كما زعموا وأخرى يعظهم ويقول: يا قوم اتقوا الله في قتلي فإني رجل مسلم وهبوا أني كما زعمتم فارجعوا إلى عقولكم وانظروا بأي حجة يجب قتل الميت المنبعث من القبر، فكان كلما يزيدهم موعظة وتذكرة زادوا عتوا وإصرارا في العزم على قتله فلما استيئس منهم قال: يا قوم إنكم جهال لا تفقهون كثيرا مما أقول وإن كان ولا بد من قتلي فالتمس منكم أن تأتوني بعالم قريتكم هذه أكلمه ساعة لعله يفقه قولي ويعرفكم أنكم مخطئون في هذا الاعتقاد، فجاءوا بعالم القرية وهو من أمثال علماء قرى زماننا الذين حالهم معلوم عند أهل البصيرة، فلما بلغ سفح الجبل وقف وأحجم عن الدنو منه وكلما التمس الرجل منه ذلك امتنع وأبى وقال: له قل ما تريد فإني أسمعه فحكى الرجل عليه القصة ثم قال: أنشدك بالله هل قرأت في الكتب أو بلغك من شرعنا أن الميت ينبعث من قبره على النحو الذي يزعمون هؤلاء؟ قال: لا، قال: فأعلم هؤلاء الجهال ذلك عساهم يرتدعون وينتهون عن قتلي من غير سبب، فلما سمع العالم ذلك منه أطرق مليا ثم رفع رأسه وقال: إني وإن كنت لم أجد شيئا من ذلك في الكتب ولا ورد في شرعنا شيء من ذلك ولكن دوران عينيك تخبر أنك من المنبعثين، فلما سمع أهل القرية منه ذلك تأهبوا لقتله فاختار الرجل المسكين الفرار على القرار حتى تخلص منهم بعد كد شديد ولم يقدر على العود إليهم ما دام حيا، انتهى.

 فنحن نقول كما قال: ذلك المتفقه القروي إنك أيها المعترض وإن كنت تدعي التبرؤ من التعصب والعناد وأن اعتراضاتك هذه لم تنشأ منهما وينبغي لنا أن نقرك على ظاهر كلامك ولا نبحث عن باطن الأمر ولكن فلتات كلامك تخبر أنك من الناصبين المعاندين قد نفث هذه الاعتراضات في روعك الشيطان والحمد لله الذي دفع عنا سلطانك وخذل بأيدينا شيطانك وحق على الله نصر المؤمنين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

الخامس والسبعون عن دلائل الطبري  قال: (حدثني أبو جعفر محمد بن هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب قال: تقلدت عملا من أبي منصور بن الصالحان وجرى بيني وبينه ما أوجب استتاري، فطلبني وأخافني فمكثت مستترا خائفا ثم قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة واعتمدت المبيت هناك للدعاء والمسألة وكانت ليلة ريح ومطر، فسألت أبا جعفر القيم أن يغلق الأبواب وأن يجتهد في خلوة الموضع لأخلو بما أريده من الدعاء والمسألة وآمن من دخول إنسان مما لم آمنه وخفت من لقائي له، ففعل وقفل الأبواب وانتصف الليل وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع ومكثت أدعو وأزور وأصلي، فبينا أنا كذلك إذ سمعت وطئا عند مولانا موسى (عليه السلام) وإذا رجل يزور فسلم على آدم وأولي العزم ثم الأئمة (عليهم السلام) واحدا واحدا إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان (عليه السلام) فعجبت من ذلك وقلت لعله نسي أو لم يعرف أو هذا مذهب لهذا الرجل فلما فرغ من زيارته صلى ركعتين وأقبل إلى عند مولانا أبي جعفر وزار مثل تلك الزيارة وذلك السلام وصلى ركعتين وأنا خائف منه إذ لم أعرفه ورأيته شابا تاما من الرجال عليه ثياب بيض وعمامة محنك بها وذؤابة ورداء على كتفه مسبل فقال: لي يا أبا الحسين بن أبي البغل أين أنت عن دعاء الفرج؟ فقلت وما هو يا سيدي؟ فقال: تصلي ركعتين وتقول (يا من أظهر الجميل وستر القبيح يا من لم يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر يا عظيم المن يا كريم الصفح يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة يا منتهى كل نجوى ويا غاية كل شكوى يا عون كل مستعين يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها يا رباه (عشر مرات) يا سيداه (عشر مرات) يا مولاه (عشر مرات) يا غايتاه (عشر مرات) يا منتهى رغبتاه (عشر مرات) أسألك بحق هذه الأسماء وبحق محمد وآله الطاهرين إلا ما كشفت كربي ونفست همي وفرجت غمي وأصلحت حالي) وتدعو بعد ذلك بما شئت وتسأل حاجتك ثم تضع خدك الأيمن على الأرض وتقول مائة مرة في سجودك يا محمد يا علي يا علي يا محمد اكفياني فإنكما كافياي وانصراني فإنكما ناصراي، وتضع خدك الأيسر على الأرض وتقول مائة مرة أدركني وتكررها كثيرا وتقول الغوث الغوث حتى ينقطع نفسك وترفع رأسك فإن الله بكرمه يقضي حاجتك إن شاء الله تعالى، فلما شغلت بالصلاة والدعاء خرج فلما فرغت خرجت إلى أبي جعفر لأسأله عن الرجل وكيف قد دخل فرأيت الأبواب على حالها مغلقة مقفلة فعجبت من ذلك وقلت لعله باب هاهنا ولم أعلم فانتهيت إلى أبي جعفر القيم  فخرج إلى عندي من بيت الزيت فسألته عن الرجل ودخوله فقال: الأبواب مقفلة كما ترى ما فتحتها، فحدثته بالحديث فقال: هذا مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه) وقد شاهدته مرارا في مثل هذه الليلة عند خلوها من الناس فتأسفت على ما فاتني منه وخرجت عند قرب الفجر وقصدت الكرخ إلى الموضع الذي كنت مستترا فيه، فما أضحى النهار إلا وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي ويسألون عني أصدقائي ومعهم أمان من الوزير ورقعة بخطه فيها كل جميل، فحضرت مع ثقة من أصدقائي عنده فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده منه وقال: انتهت بك الحال إلى أن تشكوني إلى صاحب الزمان (عليه السلام) ؟ فقلت: قد كان مني دعاء ومسألة، فقال: ويحك رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان (عليه السلام) في النوم يعني ليلة الجمعة وهو يأمرني بكل جميل ويجفو علي في ذلك جفوة خفتها، فقلت: لا إله إلا الله أشهد أنهم الحق ومنتهى الصدق رأيت البارحة مولانا في اليقظة وقال لي كذا وكذا وشرحت ما رأيته في المشهد فعجب من ذلك وجرت منه أمور عظام حسان في هذا المعنى وبلغت منه غاية ما لم أظنه ببركة مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه).

السادس والسبعون غيبة البحار قال: (أخبرني به بعض الأفاضل الكرام والثقات الأعلام قال: أخبرني بعض من أثق به يرويه عمن يثق به ويطريه أنه قال: لما كان بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج جعلوا واليها رجلا من المسلمين ليكون أدعى إلى تعميرها وأصلح بحال أهلها، وكان هذا الوالي من النواصب وله وزير أشد نصبا منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبهم لأهل البيت (عليهم السلام) ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكل حيلة، فلما كان في بعض الأيام دخل الوزير على الوالي وبيده رمانة فأعطاها الوالي فإذا كان مكتوبا عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)  أبو بكر وعمر وعثمان وعلي خلفاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)  فتأمل الوالي فرأى الكتابة من أصل الرمانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر فتعجب من ذلك وقال للوزير: هذه آية بينة وحجة قوية على إبطال مذهب الرافضة فما رأيك في أهل البحرين؟ فقال له: أصلحك الله إن هؤلاء جماعة متعصبون ينكرون البراهين وينبغي لك أن تحضرهم وتريهم هذه الرمانة فإن قبلوا ورجعوا إلى مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك، وإن أبوا إلا المقام على ضلالتهم فخيرهم بين ثلاث إما أن يؤدوا الجزية وهم صاغرون أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البينة التي لا محيص لهم عنها أو تقتل رجالهم وتسبي نساءهم وأولادهم وتأخذ بالغنيمة أموالهم، فاستحسن الوالي رأيه وأرسل إلى العلماء والأفاضل الأخيار والنجباء والسادة الأبرار من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرمانة وأخبرهم بما رأى فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف من القتل والأسر وأخذ الأموال أو أخذ الجزية على وجه الصغار كالكفار، فتحيروا في أمرها ولم يقدروا على جواب وتغيرت وجوههم وارتعدت فرائصهم، فقال كبراؤهم: أمهلنا أيها الأمير ثلاثة أيام لعلنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلا فاحكم فينا ما شئت، فأمهلهم فخرجوا من عنده خائفين مرعوبين متحيرين.

فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك فاتفق رأيهم على أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهادهم عشرة ففعلوا ثم اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم: اخرج الليلة إلى الصحراء واعبد الله فيها واستغث بإمام زماننا وحجة الله علينا لعله يبين لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء، فخرج وبات طول ليلته متعبدا خاشعا داعيا باكيا يدعو الله ويستغيث بالإمام (عليه السلام) حتى أصبح ولم ير شيئا فأتاهم وأخبرهم، فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر فازداد قلقهم وجزعهم، فأحضروا الثالث وكان تقيا فاضلا اسمه محمد بن عيسى فخرج الليلة الثالثة حافيا حاسر الرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكى وتوسل إلى الله تعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان (عليه السلام) ، فلما كان آخر الليل إذا هو برجل يخاطبه ويقول يا محمد بن عيسى ما لي أراك على هذه الحالة ولماذا خرجت إلى هذه البرية؟ فقال: له أيها الرجل دعني فإني خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم لا أذكره إلا لإمامي ولا أشكوه إلا إلى من يقدر على كشفه عني، فقال: يا محمد بن عيسى أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك، فقال: إن كنت هو فأنت تعلم قصتي ولا تحتاج إلى أن أشرحها لك، فقال له: نعم خرجت لما دهمكم من أمر الرمانة وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به، قال: فلما سمعت ذلك توجهت إليه وقلت له نعم يا مولاي قد تعلم ما أصابنا وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنا، فقال صلوات الله عليه: يا محمد بن عيسى إن الوزير لعنه الله في داره شجرة رمان فلما حملت تلك الشجرة صنع شيئا من الطين على هيئة الرمانة وجعلها نصفين وكتب في داخل كل نصف بعض تلك الكتابة ثم وضعهما على الرمانة وشدهما عليها وهي صغيرة فأثر فيها وصارت هكذا، فإذا مضيتم غدا إلى الوالي فقل له جئتك بالجواب ولكني لا أبديه إلا في دار الوزير فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك ترى فيها غرفة فقل للوالي لا أجيبك إلا في تلك الغرفة وسيأبى الوزير عن ذلك وأنت بالغ في ذلك ولا ترض إلا بصعودها فإذا صعد فاصعد معه ولا تتركه وحده يتقدم عليك فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة ثم ضعها أمام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جلية الحال، وأيضا يا محمد بن عيسى قل للوالي إن لنا معجزة أخرى وهي أن هذه الرمانة ليس فيها إلا الرماد والدخان وإن أردت صحة ذلك فأمر الوزير بكسرها فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته، فلما سمع محمد بن عيسى ذلك من الإمام (عليه السلام) فرح فرحا شديدا وقبل بين يدي الإمام صلوات الله عليه وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور، فلما أصبحوا مضوا إلى الوالي ففعل محمد بن عيسى كل ما أمره الإمام (عليه السلام) وظهر كل ما أخبره فالتفت الوالي إلى محمد بن عيسى وقال له: من أخبرك بهذا؟ فقال: إمام زماننا وحجة الله علينا فقال: ومن إمامكم فأخبره بالأئمة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد إلى أن انتهى صاحب الأمر صلوات الله عليه وعليهم، فقال الوالي: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين علي(عليه السلام) ثم أقر بالأئمة (عليهم السلام) إلى آخرهم (عليهم السلام) وحسن إيمانه وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين وأحسن إليهم وأكرمهم، قال: وهذه القصة مشهورة عند أهل البحرين وقبر محمد بن عيسى عندهم معروف يزوره الناس).

السابع والسبعون عن كشف الغمة قال: (حدثني جماعة من ثقات إخواني كان في بلاد الحلة شخص يقال له إسماعيل بن الحسن الهرقلي من قرية يقال لها هرقل مات في زماني وما رأيته حكى لي ولده شمس الدين قال: حكى لي والدي أنه خرج فيه وهو شاب على فخذه الأيسر توثة مقدار قبضة الإنسان وكانت في كل ربيع تتشقق ويخرج منها دم وقيح ويقطعه ألمها عن كثير من أشغاله وكان مقيما بهرقل، فحضر إلى الحلة يوما ودخل إلى مجلس السعيد رضي الدين علي بن طاوس  وشكا إليه ما يجده وقال: أريد أن أداويها فأحضر له أطباء الحلة وأراهم الموضع فقالوا هذه التوثة فوق العرق الأكحل وعلاجها خطر ومتى قطعت خيف أن ينقطع العرق فيموت، فقال له السعيد رضي الدين قدس الله روحه أنا متوجه إلى بغداد وربما كان أطباؤها أعرف وأحذق من هؤلاء فاصحبني فأصعد معه وأحضر الأطباء فقالوا كما قال أولئك فضاق صدره فقال له السعيد إن الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب وعليك الاجتهاد في الاحتراس ولا تغرر بنفسك فالله تعالى قد نهى عن ذلك ورسوله، فقال له والدي: إذا كان الأمر هكذا وقد حصلت في بغداد فأتوجه إلى زيارة المشهد الشريف بسر من‏ رأى على مشرفه السلام ثم أنحدر إلى أهلي، فحسن له ذلك فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجه، قال: فلما دخلت المشهد وزرت الأئمة (عليهم السلام) ونزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبالإمام (عليه السلام) وقضيت بعض الليل في السرداب وبقيت في المشهد إلى الخميس ثم مضيت إلى دجلة واغتسلت ولبست ثوبا نظيفا وملأت إبريقا كان معي وصعدت أريد المشهد فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم فحسبتهم منهم فالتقينا، فرأيت شابين أحدهما عبد مخطوط وكل واحد منهم متقلد بسيف وشيخا منقبا بيده رمح والآخر متقلد بسيف وعليه فرجية ملونة فوق السيف وهو متحنك بعذبته، فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق ووضع كعب رمحه في الأرض ووقف الشابان عن يسار الطريق وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي ثم سلموا عليه فرد عليهم السلام فقال له صاحب الفرجية: أنت غدا تروح إلى أهلك؟ فقال له: نعم فقال: له تقدم حتى أبصر ما يوجعك، قال: فكرهت ملامستهم وقلت أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وأنا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول ثم إني مع ذلك تقدمت إليه فلزمني بيدي ومدني إليه وجعل يلمس جانبي من كتفي إلى أن أصابت يده التوثة فعصرها بيده فأوجعني ثم استوى في سرج فرسه كما كان فقال لي الشيخ: أفلحت يا إسماعيل، فتعجبت من معرفته باسمي فقلت أفلحنا وأفلحتم إن شاء الله، قال فقال: هذا هو الإمام (عليه السلام)، قال: فتقدمت إليه فاحتضنته وقبلت فخذه ثم إنه ساق وأنا أمشي معه محتضنه فقال: ارجع، فقلت: لا أفارقك أبدا، فقال: المصلحة رجوعك، فأعدت عليه مثل القول الأول فقال: الشيخ يا إسماعيل ما تستحيي يقول لك الإمام (عليه السلام) مرتين ارجع وتخالفه، فجبهني بهذا القول فوقفت فتقدم خطوات والتفت إلي وقال: إذا وصلت بغداد فلا بد أن يطلبك أبو جعفر يعني الخليفة المستنصر فإذا حضرت عنده وأعطاك شيئا فلا تأخذه وقل لولدنا الرضي ليكتب لك إلى علي بن عوض فإنني أوصيه يعطيك الذي تريد، ثم سار وأصحابه معه فلم أزل قائما أبصرهم حتى بعدوا وحصل عندي أسف لمفارقته، فقعدت إلى الأرض ساعة ثم مشيت إلى المشهد فاجتمع القوم حولي وقالوا: نرى وجهك متغيرا أوجعك شيء؟ قلت: لا قالوا: خاصمك أحد؟ قلت: لا ليس عندي مما تقولون خبر لكن أسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم؟ فقالوا: هم من الشرفاء أرباب الغنم فقلت بل هو الإمام (عليه السلام) فقالوا: الإمام (عليه السلام) هو الشيخ أو صاحب الفرجية؟ فقلت: هو صاحب الفرجية، فقالوا: أريته المرض الذي فيك فقلت: قبضه هو بيده وأوجعني ثم كشفت رجلي فلم أر لذلك المرض أثرا فتداخلني الشك من الدهش فأخرجت رجلي الأخرى فلم أر شيئا فانطبق الناس علي ومزقوا قميصي فأدخلني القوم خزانة ومنعوا الناس عني، وكان ناظر بين النهرين بالمشهد فسمع الضجة وسأل عن الخبر فعرفوه فجاء إلى الخزانة وسألني عن اسمي وسألني منذ كم خرجت من بغداد فعرفته أني خرجت في أول الأسبوع فمشى عني وبت في المشهد وصليت الصبح وخرجت وخرج الناس معي إلى أن بعدت عن المشهد ورجعوا عني، ووصلت إلى أوانا فبت بها وبكرت منها أريد بغداد فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة يسألون من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان فسألوني عن اسمي ومن أين جئت فعرفتهم فاجتمعوا علي ومزقوا ثيابي ولم يبق لي في روحي حكم وكان الناظر بين النهرين كتب إلى بغداد وعرفهم الحال ثم حملوني إلى بغداد وازدحم الناس علي وكادوا يقتلونني من كثرة الزحام، وكان الوزير القمي  قد طلب السعيد رضي الدين  وتقدم أن يعرفه صحة هذا الخبر، قال: فخرج رضي الدين   ومعه جماعة فوافينا باب النوبي فرد أصحابه الناس عني فلما رآني قال: أعنك يقولون؟ قلت: نعم، فنزل عن دابته وكشف فخذي فلم ير شيئا فغشي عليه ساعة وأخذ بيدي وأدخلني على الوزير وهو يبكي ويقول يا مولانا هذا أخي وأقرب الناس إلى قلبي، فسألني الوزير عن القصة فحكيت له فأحضر الأطباء الذين أشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها فقالوا: ما دواؤها إلا القطع بالحديد ومتى قطعها مات فقال لهم الوزير: فبتقدير أن يقطع ولا يموت في كم تبرأ؟ فقالوا: في شهرين ويبقى في مكانها حفيرة بيضاء لا ينبت فيها شعر، فسألهم الوزير: متى رأيتموه؟ قالوا: منذ عشرة أيام فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم وهي مثل أختها ليس فيها أثر أصلا، فصاح أحد الحكماء: هذا عمل المسيح، فقال الوزير: حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها، ثم إنه أحضر عند الخليفة المستنصر فسأله عن القصة فعرفه بها كما جرى فتقدم له بألف دينار فلما حضرت قال: خذ هذه فأنفقها، فقال: ما أجسر آخذ منه حبة واحدة فقال الخليفة: ممن تخاف؟ فقال: من الذي فعل معي هذا قال لا تأخذ من أبي جعفر شيئا، فبكى الخليفة وتكدر وخرج من عنده ولم يأخذ شيئا قال علي بن عيسى عفا الله عنه: كنت في بعض الأيام أحكي هذه القصة لجماعة عندي وكان هذا شمس الدين محمد ولده عندي وأنا لا أعرفه فلما انقضت الحكاية قال: أنا ولده لصلبه فعجبت من هذا الاتفاق وقلت له هل رأيت فخذه وهي مريضة فقال: لا لأني أصبو عن ذلك ولكني رأيتها بعد ما صلحت ولا أثر فيها وقد نبت في موضعها شعر، وسألت السيد صفي الدين محمد بن محمد بن بشير العلوي الموسوي ونجم الدين حيدر بن الأيسر رحمهما الله تعالى وكانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم وكانا صديقين لي وعزيزين عندي فأخبراني بصحة القصة وأنهما رأياها في حال مرضها وحال صحتها وحكى لي ولده هذا أنه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه (عليه السلام) حتى إنه جاء إلى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء وكان كل أيام يزور سامراء ويعود إلى بغداد فزارها في تلك السنة أربعين مرة طمعا أن يعود له الوقت الذي مضى أو يقضى له الحظ بما قضى ومن الذي أعطاه دهره الرضا أو ساعده بمطالبه صرف القضاء فمات  بحسرته وانتقل إلى الآخرة بغصته والله يتولاه وإيانا برحمته بمنه وكرامته).

الثامن والسبعون غيبة البحار عن كتاب السلطان المفرج عن أهل الإيمان للسيد علي بن عبد الحميد عن خط بعض أصحابنا الصالحين ما صورته (عن محيي الدين الإربلي أنه حضر عند أبيه ومعه رجل فنعس فوقعت عمامته عن رأسه فبدت في رأسه ضربة هائلة فسأله عنها فقال له: هي من صفين، فقيل له: وكيف ذلك ووقعة صفين قديمة؟ فقال: كنت مسافرا إلى مصر فصاحبني إنسان من غزة فلما كنا في بعض الطريق تذاكرنا وقعة صفين فقال لي الرجل: لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من علي وأصحابه، فقلت: لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من معاوية وأصحابه وها أنا وأنت من أصحاب علي (عليه السلام) ومعاوية، فاعتركنا عركة عظيمة واضطربنا فما أحسست بنفسي إلا مرميا لما بي، فبينما أنا كذلك وإذا بإنسان يوقظني بطرف رمحه ففتحت عيني فنزل إلي ومسح الضربة فتلاءمت فقال: البث هنا ثم غاب قليلا وعاد معه رأس مخاصمي مقطوعا والدواب معه فقال لي: هذا رأس عدوك وأنت نصرتنا فنصرناك ولينصرن الله من نصره، فقلت: من أنت فقال: فلان بن فلان يعني صاحب الأمر (عليه السلام) ثم قال لي: وإذا سئلت عن هذه الضربة فقل ضربتها في صفين‏).

التاسع والسبعون عن غيبة النعماني قال: (أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن رباح قال: حدثنا محمد بن العباس بن عيسى الحسيني عن الحسن بن علي البطائني عن أبيه عن المفضل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إن لصاحب هذا الأمر بيتا يقال له بيت الحمد فيه سراج يزهر منذ يوم ولد إلى يوم يقوم بالسيف لا يطفأ).

الثمانون عن دلائل الطبري قال: (حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد المقرئ قال: حدثنا أبو العباس محمد بن سابور قال: حدثني الحسن بن محمد بن حيوان السراج قال: حدثني أحمد بن الدينوري السراج المكنى بأبي العباس الملقب بأستارة قال: انصرفت من أردبيل إلى الدينور أريد الحج وذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) بسنة أو سنتين وكان الناس في حيرة فاستبشروا أهل الدينور بموافاتي واجتمع الشيعة عندي فقالوا :اجتمع عندنا ستة عشر ألف دينار من مال الموالي ونحتاج أن تحملها معك وتسلمها بحيث يجب تسليمها، قال فقلت: يا قوم هذه حيرة ولا نعرف الباب في هذا الوقت قال فقالوا: إنما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك وكرمك فاعمل على ألا تخرجه من يديك إلا بحجة قال: فحمل إلي ذلك المال في صرر باسم رجل رجل فحملت ذلك المال وخرجت فلما وافيت قرميسين كان أحمد بن الحسن مقيما بها فصرت إليه مسلما فلما لقيني استبشر بي ثم أعطاني ألف دينار في كيس وتخوت ثياب ألوان معكمة لم أعرف ما فيها ثم قال لي أحمد: احمل هذا معك ولا تخرجه عن يدك إلا بحجة، قال: فقبضت منه المال والتخوت بما فيها من الثياب فلما وردت بغداد لم يكن لي همة غير البحث عمن أشير إليه بالنيابة فقيل لي إن هاهنا رجلا يعرف بالباقطاني يدعي بالنيابة وآخر يعرف بإسحاق الأحمر يدعي النيابة وآخر يعرف بأبي جعفر العمري يدعي بالنيابة، قال: فبدأت بالباقطاني فصرت إليه فوجدته شيخا بهيا له مروءة ظاهرة وفرس عربي وغلمان كثير ويجتمع عنده الناس عنده يتناظرون، قال: فدخلت إليه وسلمت عليه فرحب وقرب وسر وبر قال: فأطلت القعود إلى أن خرج أكثر الناس قال: فسألني عن حاجتي فعرفته أني رجل من أهل الدينور  ومعي شيء من المال أحتاج أن أسلمه فقال لي: احمله، قال فقلت: أريد حجة، قال: تعود إلي في غد، قال: فعدت إليه من الغد فلم يأت بحجة وعدت إليه في اليوم الثالث فلم يأت بحجة، قال: فصرت إلى إسحاق الأحمر فوجدته شابا نظيفا منزله أكبر من منزل الباقطاني وفرسه ولباسه ومروءته أسرى وغلمانه أكثر من غلمانه ويجتمع عنده من الناس أكثر مما يجتمعون عند الباقطاني قال: فدخلت وسلمت فرحب وقرب، قال: فصبرت إلى أن خف الناس قال: فسألني عن حاجتي، فقلت له كما قلت للباقطاني وعدت إليه بعد ثلاثة أيام فلم يأت بحجة، قال: فصرت إلى أبي جعفر العمري فوجدته شيخا متواضعا عليه مبطنة بيضاء قاعد على لبد في بيت صغير ليس له غلمان ولا من المروءة والفرس ما وجدت لغيره، قال: فسلمت فرد الجواب وأدناني وبسط مني ثم سألني عن حالي فعرفته أني وافيت من الجبل وحملت مالا  فقال: فإن أحببت أن تصل هذا الشيء إلى من يجب أن يصل إليه تخرج إلى سر من رأى وتسأل دار ابن الرضا وعن فلان بن فلان الوكيل، وكانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها فإنك تجد هناك ما تريد، قال: فخرجت من عنده ومضيت نحو سر من ‏رأى وصرت إلى دار ابن الرضا وسألت عن الوكيل فذكر البواب أنه مشتغل في الدار وأنه يخرج آنفا فقعدت على الباب أنتظر خروجه، فخرج بعد ساعة فقمت وسلمت عليه وأخذ بيدي إلى بيت كان له وسألني عن حالي وعما وردت له فعرفته أني حملت شيئا من المال من ناحية الجبل وأحتاج أن أسلمه بحجة، قال فقال: نعم، ثم قدم إلي طعاما وقال لي: تغدى بهذا واسترح فإنك تعب وإن بيننا وبين صلاة الأولى ساعة فإني أحمل إليك ما تريد، قال: فأكلت ونمت فلما كان وقت الصلاة نهضت وصليت وذهبت إلى المشرعة فاغتسلت وانصرفت إلى بيت الرجل ومكثت  إلى أن مضى من الليل ربعه فجاءني  ومعه درج فيه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وافى أحمد بن محمد الدينوري وحمل ستة عشر ألف دينار وفي كذا وكذا صرة فيها صرة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا وصرة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا إلى أن عد الصرر كلها وصرة فلان بن فلان الزراع ستة عشر دينارا، قال: فوسوس لي الشيطان أن سيدي أعلم بهذا مني فما زلت أقرأ ذكر صرة صرة وذكر صاحبها حتى أتيت عليها عند آخرها ثم ذكر قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن المادرائي أخي الصواف  كيسا فيه ألف دينار كذا وكذا تختا ثيابا منها ثوب فلاني وثوب لونه كذا حتى نسب الثياب إلى آخرها بأنسابها وألوانها، قال: فحمدت الله وشكرته على ما من به علي من إزالة الشك عن قلبي وأمر بتسليم جميع ما حملته إلى حيث ما يأمرك أبو جعفر العمري، قال: فانصرفت إلى بغداد وصرت إلى أبي جعفر العمري، قال: وكان خروجي وانصرافي في ثلاثة أيام، قال: فلما بصر بي أبو جعفر العمري، قال لي: لم لم تخرج؟ فقلت: يا سيدي من سر من رأى انصرفت، قال: فأنا أحدث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة على أبي جعفر العمري من مولانا (عليه السلام) ومعها درج مثل الدرج الذي كان معي فيه ذكر المال والثياب وأمر أن يسلم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي، فلبس أبو جعفر العمري ثيابه وقال لي: احمل ما معك إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي، قال: فحملت المال والثياب إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان وسلمتها وخرجت إلى الحج فلما انصرفت إلى الدينور اجتمع عندي الناس فأخرجت الدرج الذي أخرجه وكيل مولانا صلوات الله عليه إلي وقرأته على القوم فلما سمع ذكر الصرة باسم الزراع سقط مغشيا عليه فما زلنا نعلله حتى أفاق فلما أفاق سجد شكرا لله عز وجل وقال: الحمد لله الذي من علينا بالهداية الآن علمت أن الأرض لا تخلو من حجة هذه الصرة دفعها والله إلي هذا الزراع ولم يقف على ذلك إلا الله عز وجل، قال: فخرجت ولقيت بعد ذلك بدهر أبا الحسن المادرائي وعرفته الخبر وقرأت عليه الدرج قال: يا سبحان الله ما شككت في شيء فلا تشكن في أن الله عز وجل لا يخلي أرضه من حجة، اعلم أنه لما غزا أذكوتكين يزيد بن عبد الله بسهرورد وظفر ببلاده واحتوى على خزانته صار إلي رجل وذكر أن يزيد بن عبد الله جعل الفرس الفلاني والسيف الفلاني في باب مولانا (عليه السلام)، قال: فجعلت أنقل خزائن يزيد بن عبد الله إلى أذكوتكين أولا فأولا وكنت أدافع الفرس والسيف إلى أن لم يبق شيء غيرهما وكنت أرجو أن أخلص ذلك لمولانا (عليه السلام) فلما اشتد مطالبة أذكوتكين إياي ولم يمكنني مدافعته جعلت في السيف والفرس في نفسي ألف دينار ووزنتها ودفعتها إلى الخازن وقلت له ادفع هذه الدنانير في أوثق مكان ولا تخرجن إلي في حال من الأحوال ولو اشتدت الحاجة إليها وسلمت الفرس والنصل قال: فأنا قاعد في مجلسي بالري أبرم الأمور وأوفي القصص وآمر وأنهى إذ دخل أبو الحسن الأسدي وكان يتعاهدني الوقت بعد الوقت وكنت أقضي حوائجه فلما طال جلوسه وعلي بؤس كثير قلت له ما حاجتك قال: أحتاج منك إلى خلوة فأمرت الخازن أن يهيئ لنا مكانا من الخزانة فدخلنا الخزانة فأخرج إلي رقعة صغيرة من مولانا (عليه السلام) فيها (يا أحمد بن الحسن الألف دينار التي لنا عندك ثمن النصل والفرس سلمها إلى أبي الحسن الأسدي) قال: فخررت لله عز وجل ساجدا شاكرا لما من به علي وعرفت أنه خليفة الله حقا لأنه لم يقف على هذا أحد غيري فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار أخرى سرورا بما من الله علي بهذا الأمر).

الحادي والثمانون الخرائج قال: (روي أن أبا محمد الدعلجي كان له ولدان وكان من خيار أصحابنا وكان قد سمع الأحاديث وكان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة وهو أبو الحسن كان يغسل الأموات وولد آخر يسلك مسالك الأحداث في فعل الحرام ودفع إلى أبي محمد حجة يحج بها عن صاحب الزمان (عليه السلام) وكان ذلك عادة الشيعة وقتئذ، فدفع شيئا منها إلى ابنه المذكور بالفساد وخرج إلى الحج، فلما عاد حكى أنه كان واقفا بالموقف فرأى إلى جانبه شابا حسن الوجه أسمر اللون بذؤابتين مقبلا على شأنه في الدعاء والابتهال والتضرع وحسن العمل فلما قرب نفر الناس التفت إلي وقال: يا شيخ ما تستحي؟ قلت: من أي شيء يا سيدي؟ قال: يدفع إليك حجة عمن تعلم فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر يوشك أن تذهب عينك هذه، وأومأ إلى عيني وأنا من ذلك إلى الآن على وجل ومخافة، وسمع أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ذلك قال: فما مضى عليه أربعون يوما بعد مورده حتى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت).

الثاني والثمانون كمال الدين قال: (حدثنا الحسين بن علي بن محمد القمي المعروف بأبي علي البغدادي قال: كنت ببخارى فدفع إلي المعروف بابن جاوشير عشرة سبائك ذهبا وأمرني أن أسلمها بمدينة السلام إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه، فحملتها معي فلما بلغت آمويه ضاعت مني سبيكة من تلك السبائك ولم أعلم بذلك حتى دخلت مدينة السلام فأخرجت السبائك لأسلمها فوجدتها ناقصة واحدة منها فاشتريت سبيكة مكانها بوزنها وأضفتها إلى التسع السبائك ثم دخلت على الشيخ أبي القاسم الروحي قدس الله روحه ووضعت السبائك بين يديه فقال لي: خذ تلك السبيكة التي اشتريتها وأشار إليها بيده فإن السبيكة التي ضيعتها قد وصلت إلينا وهو ذا هي ثم أخرج إلي تلك السبيكة التي كانت ضاعت مني بآمويه فنظرت إليها وعرفتها).

الثالث والثمانون وفيه عن الحسين بن علي المذكور (قال: ورأيت تلك السنة بمدينة السلام امرأة فسألتني عن وكيل مولانا (عليه السلام) من هو؟ فأخبرها بعض القميين أنه أبو القاسم الحسين بن روح وأشار إليها فدخلت عليه وأنا عنده فقالت له: أيها الشيخ أي شيء معي فقال: ما معك فألقيه في دجلة ثم ائتيني حتى أخبرك، قال: فذهبت المرأة وحملت ما كان معها فألقته في دجلة ثم رجعت ودخلت إلى أبي القاسم الروحي قدس الله روحه فقال أبو القاسم لمملوكة له: أخرجي إلي الحقة، فأخرجت إليه حقة فقال للمرأة: هذه الحقة التي كانت معك ورميت بها في دجلة أخبرك بما فيها أو تخبريني؟ فقالت له: بل أخبرني أنت، فقال: في هذه الحقة زوج سوار ذهب وحلقة كبيرة فيها جوهرة وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر وخاتمان أحدهما فيروزج والآخر عقيق، وكان الأمر كما ذكر لم يغادر منه شيئا ثم فتح الحقة فعرض علي ما فيها فنظرت المرأة إليه فقالت: هذا الذي حملته بعينه ورميت به في دجلة فغشي علي وعلى المرأة فرحا بما شاهدناه من صدق الدلالة، ثم قال الحسين لي: من بعد ما حدثني بهذا الحديث أشهد بالله تعالى أن هذا الحديث كما ذكرته لم أزد فيه ولم أنقص منه وحلف بالأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم لقد صدق فيما حدث به ما زاد فيه ولا نقص منه). 

الرابع والثمانون وفيه بسنده عن (العاصمي أن رجلا تفكر في رجل يوصل له ما وجب للغريم (عليه السلام) وضاق به صدره فسمع هاتفا يهتف به أوصل ما معك إلى حاجز).

أقول: لفظ الغريم كناية كانت الشيعة في زمن التقية تكنى بها عن الحجة المنتظر صلوات الله عليه وحاجز هذا هو ابن يزيد وكان من وكلاء الناحية والسلام.

الخامس والثمانون الخرائج (عن أحمد بن أبي روح قال: وجهت إلي امرأة من أهل دينور فأتيتها فقالت: يا ابن أبي روح أنت أوثق من في ناحيتنا دينا وورعا وإني أريد أن أودعك أمانة أجعلها في رقبتك تؤديها وتقوم بها، فقلت: أفعل إن شاء الله تعالى، فقالت: هذه دراهم في هذا الكيس المختوم لا تحله ولا تنظر فيه حتى تؤديه إلى من يخبرك بما فيه وهذا قرطي يساوي عشرة دنانير وفيه ثلاث حبات تساوي عشرة دنانير ولي إلى صاحب الزمان (عليه السلام) حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها، فقلت: وما الحاجة؟ قالت: عشرة دنانير استقرضتها أمي في عرسي لا أدري ممن استقرضتها ولا أدري إلى من أدفعها فإن أخبرك بها فادفعها إلى من يأمرك بها، قال: وكنت أقول بجعفر بن علي فقلت هذه المحنة بيني وبين جعفر فحملت المال وخرجت حتى دخلت بغداد فأتيت حاجز بن يزيد الوشاء فسلمت عليه وجلست فقال: أ لك حاجة؟ قلت: هذا مال دفع إلي لا أدفعه إليك حتى تخبرني كم هو ومن دفعه إلي فإن أخبرتني دفعته إليك، قال: لم أؤمر بأخذه وهذه رقعة جاءتني بأمرك فإذا فيها (لا تقبل من أحمد بن أبي روح توجه به إلى سر من رأى)، فقلت: لا إله إلا الله هذا أجل شيء أردته، فخرجت ووافيت سر من رأى فقلت: أبدأ بجعفر ثم تفكرت، فقلت: أبدأ بهم فإن كانت المحنة من عندهم وإلا مضيت إلى جعفر فدنوت من دار أبي محمد (عليه السلام) فخرج إلي خادم فقال: أنت أحمد بن أبي روح؟ قلت: نعم، قال: هذه الرقعة اقرأها فإذا فيها (بسم الله الرحمن الرحيم يا ابن أبي روح أودعتك عاتكة بنت الديراني كيسا فيه ألف درهم بزعمك وهو خلاف ما تظن وقد أديت فيه الأمانة ولم تفتح الكيس ولم تدر ما فيه وفيه ألف درهم وخمسون دينارا صحاح ومعك قرط زعمت المرأة أنه يساوي عشرة دنانير صدقت مع الفصين  فيه وفيه ثلاث حبات لؤلؤ شراؤها عشرة دنانير وتساوي أكثر فادفع ذلك إلى خادمتنا فلانة فإنا قد وهبناه لها وصر إلى بغداد وادفع المال إلى الحاجز وخذ منه ما يعطيك لنفقتك إلى منزلك، وأما عشرة الدنانير التي زعمت أن أمها استقرضتها في عرسها وهي لا تدري من صاحبها بل هي تعلم لمن هي لكلثوم بنت أحمد وهي ناصبية فتحرجت أن تعطيها وأحبت أن تقسمها في أخواتها فاستأذنتنا في ذلك فلتفرقها في ضعفاء أخواتها، ولا تعودن يا ابن أبي روح إلى القول بجعفر والمحنة له وارجع إلى منزلك فإن عمك قد مات وقد رزقك الله أهله وماله، فرجعت إلى بغداد وناولت الكيس حاجزا فوزنه فإذا فيه ألف درهم وخمسون دينارا فناولني ثلاثين دينارا وقال: أمرت بدفعها إليك لنفقتك، فأخذتها وانصرفت إلى الموضع الذي نزلت فيه وقد جاءني من منزلي يخبرني بأن عمي قد مات وأهلي يأمروني بالانصراف إليهم فرجعت فإذا هو قد مات وورثت منه ثلاثة آلاف دينار ومائة ألف درهم‏).

 

السادس والثمانون الكافي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا الْقُمِّيِّينَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَامِرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ غَانِمٍ الْهِنْدِيِّ قَالَ:(كُنْتُ بِمَدِينَةِ الْهِنْدِ الْمَعْرُوفَةِ بِقِشْمِيرَ الدَّاخِلَةِ وأَصْحَابٌ لِي يَقْعُدُونَ عَلَى كَرَاسِيَّ عَنْ يَمِينِ الْمَلِكِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا كُلُّهُمْ يَقْرَأُ الْكُتُبَ الْأَرْبَعَةَ التَّوْرَاةَ والْإِنْجِيلَ والزَّبُورَ وصُحُفَ إِبْرَاهِيمَ نَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ ونُفَقِّهُهُمْ فِي دِينِهِمْ ونُفْتِيهِمْ فِي حَلَالِهِمْ وحَرَامِهِمْ، يَفْزَعُ النَّاسُ إِلَيْنَا الْمَلِكُ فَمَنْ دُونَهُ فَتَجَارَيْنَا ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَقُلْنَا هَذَا النَّبِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الْكُتُبِ قَدْ خَفِيَ عَلَيْنَا أَمْرُهُ ويَجِبُ عَلَيْنَا الْفَحْصُ عَنْهُ وطَلَبُ أَثَرِهِ، واتَّفَقَ رَأْيُنَا وتَوَافَقْنَا عَلَى أَنْ أَخْرُجَ فَأَرْتَادَ لَهُمْ فَخَرَجْتُ ومَعِي مَالٌ جَلِيلٌ فَسِرْتُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً حَتَّى قَرُبْتُ مِنْ كَابُلَ فَعَرَضَ لِي قَوْمٌ مِنَ التُّرْكِ فَقَطَعُوا عَلَيَّ وأَخَذُوا مَالِي وجُرِحْتُ جِرَاحَاتٍ شَدِيدَةً ودُفِعْتُ إِلَى مَدِينَةِ كَابُلَ فَأَنْفَذَنِي مَلِكُهَا لَمَّا وَقَفَ عَلَى خَبَرِي إِلَى مَدِينَةِ بَلْخَ وعَلَيْهَا إِذْ ذَاكَ دَاوُدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ فَبَلَغَهُ خَبَرِي وأَنِّي خَرَجْتُ مُرْتَاداً مِنَ الْهِنْدِ وتَعَلَّمْتُ الْفَارِسِيَّةَ ونَاظَرْتُ الْفُقَهَاءَ وأَصْحَابَ الْكَلَامِ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ دَاوُدُ بْنُ الْعَبَّاسِ فَأَحْضَرَنِي مَجْلِسَهُ وجَمَعَ عَلَيَّ الْفُقَهَاءَ فَنَاظَرُونِي فَأَعْلَمْتُهُمْ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَلَدِي أَطْلُبُ هَذَا النَّبِيَّ الَّذِي وَجَدْتُهُ فِي الْكُتُبِ، فَقَالَ لِي: مَنْ هُوَ ومَا اسْمُهُ؟ فَقُلْتُ: مُحَمَّدٌ، فَقَالُوا: هُوَ نَبِيُّنَا الَّذِي تَطْلُبُ، فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ شَرَائِعِهِ فَأَعْلَمُونِي، فَقُلْتُ لَهُمْ: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّداً نَبِيٌّ ولَا أَعْلَمُهُ هَذَا الَّذِي تَصِفُونَ أَمْ لَا فَأَعْلِمُونِي مَوْضِعَهُ لِأَقْصِدَهُ فَأُسَائِلَهُ عَنْ عَلَامَاتٍ عِنْدِي ودَلَالَاتٍ فَإِنْ كَانَ صَاحِبِيَ الَّذِي طَلَبْتُ آمَنْتُ بِهِ، فَقَالُوا: قَدْ مَضَى (صلى الله عليه وآله وسلم)، فَقُلْتُ: فَمَنْ وَصِيُّهُ وخَلِيفَتُهُ؟ فَقَالُوا: أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: فَسَمُّوهُ لِي فَإِنَّ هَذِهِ كُنْيَتُهُ، قَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ ونَسَبُوهُ إِلَى قُرَيْشٍ، قُلْتُ: فَانْسُبُوا لِي مُحَمَّداً نَبِيَّكُمْ فَنَسَبُوهُ لِي، فَقُلْتُ: لَيْسَ هَذَا صَاحِبِيَ الَّذِي طَلَبْتُ، صَاحِبِيَ الَّذِي أَطْلُبُهُ خَلِيفَتُهُ أَخُوهُ فِي الدِّينِ وابْنُ عَمِّهِ فِي النَّسَبِ وزَوْجُ ابْنَتِهِ وأَبُو وُلْدِهِ لَيْسَ لِهَذَا النَّبِيِّ ذُرِّيَّةٌ عَلَى الْأَرْضِ غَيْرُ وُلْدِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ خَلِيفَتُهُ، قَالَ: فَوَثَبُوا بِي وقَالُوا: أَيُّهَا الْأَمِيرُ إِنَّ هَذَا قَدْ خَرَجَ مِنَ الشِّرْكِ إِلَى الْكُفْرِ هَذَا حَلَالُ الدَّمِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: يَا قَوْمُ أَنَا رَجُلٌ مَعِي دِينٌ مُتَمَسِّكٌ بِهِ لَا أُفَارِقُهُ حَتَّى أَرَى مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ إِنِّي وَجَدْتُ صِفَةَ هَذَا الرَّجُلِ فِي الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ وإِنَّمَا خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ ومِنَ الْعِزِّ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ طَلَباً لَهُ فَلَمَّا فَحَصْتُ عَنْ أَمْرِ صَاحِبِكُمُ الَّذِي ذَكَرْتُمْ لَمْ يَكُنِ النَّبِيَّ الْمَوْصُوفَ فِي الْكُتُبِ فَكَفُّوا عَنِّي، وبَعَثَ الْعَامِلُ إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الْحُسَيْنُ بْنُ إِشْكِيبَ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: نَاظِرْ هَذَا الرَّجُلَ الْهِنْدِيَّ، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ عِنْدَكَ الْفُقَهَاءُ والْعُلَمَاءُ وهُمْ أَعْلَمُ وأَبْصَرُ بِمُنَاظَرَتِهِ، فَقَالَ لَهُ: نَاظِرْهُ كَمَا أَقُولُ لَكَ واخْلُ بِهِ والْطُفْ لَهُ، فَقَالَ لِيَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِشْكِيبَ بَعْدَ مَا فَاوَضْتُهُ: إِنَّ صَاحِبَكَ الَّذِي تَطْلُبُهُ هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي وَصَفَهُ هَؤُلَاءِ ولَيْسَ الْأَمْرُ فِي خَلِيفَتِهِ كَمَا قَالُوا، هَذَا النَّبِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ووَصِيُّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وهُوَ زَوْجُ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وأَبُو الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ سِبْطَيْ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم)، قَالَ: غَانِمٌ أَبُو سَعِيدٍ فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا الَّذِي طَلَبْتُ، فَانْصَرَفْتُ إِلَى دَاوُدَ بْنِ الْعَبَّاسِ فَقُلْتُ لَه:ُ أَيُّهَا الْأَمِيرُ وَجَدْتُ مَا طَلَبْتُ وأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)  قَالَ: فَبَرَّنِي ووَصَلَنِي، وقَالَ لِلْحُسَيْنِ: تَفَقَّدْهُ، قَالَ: فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ حَتَّى آنَسْتُ بِهِ وفَقَّهَنِي فِيمَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ والصِّيَامِ والْفَرَائِضِ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَقْرَأُ فِي كُتُبِنَا أَنَّ مُحَمَّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وأَنَّ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى وَصِيِّهِ ووَارِثِهِ وخَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ إِلَى الْوَصِيِّ بَعْدَ الْوَصِيِّ لَا يَزَالُ أَمْرُ اللَّهِ جَارِياً فِي أَعْقَابِهِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا، فَمَنْ وَصِيُّ وَصِيِّ مُحَمَّدٍ؟ قَال:َ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَيْنُ ابْنَا مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثُمَّ سَاقَ الْأَمْرَ فِي الْوَصِيَّةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ (عليه السلام)، ثُمَّ أَعْلَمَنِي مَا حَدَثَ فَلَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ إِلَّا طَلَبُ النَّاحِيَةِ، فَوَافَى قُمَّ وقَعَدَ مَعَ أَصْحَابِنَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وسِتِّينَ ومِائَتَيْنِ وخَرَجَ مَعَهُمْ حَتَّى وَافَى بَغْدَادَ ومَعَهُ رَفِيقٌ لَهُ مِنْ أَهْلِ السِّنْدِ كَانَ صَحِبَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي غَانِمٌ قَالَ‏: وَأَنْكَرْتُ مِنْ رَفِيقِي بَعْضَ أَخْلَاقِهِ فَهَجَرْتُهُ وخَرَجْتُ حَتَّى سِرْتُ إِلَى الْعَبَّاسِيَّةِ أَتَهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ وأُصَلِّي، وإِنِّي لَوَاقِفٌ مُتَفَكِّرٌ فِيمَا قَصَدْتُ لِطَلَبِهِ إِذَا أَنَا بِآتٍ قَدْ أَتَانِي فَقَالَ: أَنْتَ فُلَانٌ اسْمُهُ بِالْهِنْدِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَجِبْ مَوْلَاكَ، فَمَضَيْتُ مَعَهُ فَلَمْ يَزَلْ يَتَخَلَّلُ بِيَ الطُّرُقَ حَتَّى أَتَى دَاراً وبُسْتَاناً فَإِذَا أَنَا بِهِ (عليه السلام) جَالِسٌ فَقَالَ: مَرْحَباً يَا فُلَانُ بِكَلَامِ الْهِنْدِ كَيْفَ حَالُكَ وكَيْفَ خَلَّفْتَ فُلَاناً وفُلَاناً حَتَّى عَدَّ الْأَرْبَعِينَ كُلَّهُمْ فَسَأَلَنِي عَنْهُمْ وَاحِداً وَاحِداً، ثُمَّ أَخْبَرَنِي بِمَا تَجَارَيْنَا كُلُّ ذَلِكَ بِكَلَامِ الْهِنْدِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتَ أَنْ تَحُجَّ مَعَ أَهْلِ قُمّ؟َ قُلْتُ: نَعَمْ يَا سَيِّدِي، فَقَالَ: لَا تَحُجَّ مَعَهُمْ وانْصَرِفْ سَنَتَكَ هَذِهِ وحُجَّ فِي قَابِلٍ، ثُمَّ أَلْقَى إِلَيَّ صُرَّةً كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِيَ: اجْعَلْهَا نَفَقَتَكَ ولَا تَدْخُلْ إِلَى بَغْدَادَ إِلَى فُلَانٍ سَمَّاهُ ولَا تُطْلِعْهُ عَلَى شَيْ‏ءٍ وانْصَرِفْ إِلَيْنَا إِلَى الْبَلَدِ، ثُمَّ وَافَانَا بَعْضُ الْفُيُوجِ فَأَعْلَمُونَا أَنَّ أَصْحَابَنَا انْصَرَفُوا مِنَ الْعَقَبَةِ ومَضَى نَحْوَ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا كَانَ فِي قَابِلٍ حَجَّ وأَرْسَلَ إِلَيْنَا بِهَدِيَّةٍ مِنْ طُرَفِ خُرَاسَانَ فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ).

السابع والثمانون وفيه عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ النَّيْسَابُورِيِّ قَالَ :(اجْتَمَعَ عِنْدِي خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ تَنْقُصُ عِشْرِينَ دِرْهَماً فَأَنِفْتُ أَنْ أَبْعَثَ بِخَمْسِمِائَةٍ تَنْقُصُ عِشْرِينَ دِرْهَماً فَوَزَنْتُ مِنْ عِنْدِي عِشْرِينَ دِرْهَماً وبَعَثْتُهَا إِلَى الْأَسَدِيِّ ولَمْ أَكْتُبْ مَا لِي فِيهَا فَوَرَدَ (وَصَلَتْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لَكَ مِنْهَا عِشْرُونَ دِرْهَماً)).

الثامن والثمانون وفيه (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَقِيلٍ عِيسَى بْنِ نَصْرٍ قَالَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ الصَّيْمَرِيُّ يَسْأَلُ كَفَناً فَكَتَبَ إِلَيْهِ (إِنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ فَمَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْكَفَنِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَيَّامٍ)).

أقول: علي بن زياد هذا هو علي بن محمد بن زياد ولذا أخرج الصدوق هذا الحديث بعنوان علي بن محمد الصيمري، هذا وأورد الشيخ هذا الخبر في الغيبة بطريق آخر وفيه محمد بن زياد مكان علي بن زياد وظني أنه سهو والله أعلم.

التاسع والثمانون وفيه (عَلِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْيَمَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ بِبَغْدَادَ فَتَهَيَّأَتْ قَافِلَةٌ لِلْيَمَانِيِّينَ فَأَرَدْتُ الْخُرُوجَ مَعَهَا فَكَتَبْتُ أَلْتَمِسُ الْإِذْنَ فِي ذَلِكَ، فَخَرَجَ (لَا تَخْرُجْ مَعَهُمْ فَلَيْسَ لَكَ فِي الْخُرُوجِ مَعَهُمْ خِيَرَةٌ وأَقِمْ بِالْكُوفَةِ) قَالَ: وأَقَمْتُ وخَرَجَتِ الْقَافِلَةُ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ حَنْظَلَةُ فَاجْتَاحَتْهُمْ، وكَتَبْتُ أَسْتَأْذِنُ فِي رُكُوبِ الْمَاءِ فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَسَأَلْتُ عَنِ الْمَرَاكِبِ الَّتِي خَرَجَتْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فِي الْبَحْرِ فَمَا سَلِمَ مِنْهَا مَرْكَبٌ، خَرَجَ عَلَيْهَا قَوْمٌ مِنَ الْهِنْدِ يُقَالُ لَهُمُ الْبَوَارِجُ فَقَطَعُوا عَلَيْهَا، قَالَ: وزُرْتُ الْعَسْكَرَ فَأَتَيْتُ الدَّرْبَ مَعَ الْمَغِيبِ ولَمْ أُكَلِّمْ أَحَداً ولَمْ أَتَعَرَّفْ إِلَى أَحَدٍ، وأَنَا أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ فَرَاغِي مِنَ الزِّيَارَةِ إِذَا بِخَادِمٍ قَدْ جَاءَنِي فَقَالَ لِي: قُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: إِذَنْ إِلَى أَيْنَ؟ فَقَالَ لِي: إِلَى الْمَنْزِل،ِ قُلْتُ: ومَنْ أَنَا؟ لَعَلَّكَ أَرْسَلْتَ إِلَى غَيْرِي، فَقَال:َ لَا مَا أَرْسَلْتُ إِلَّا إِلَيْكَ أَنْتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَسُولُ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، فَمَرَّ بِي حَتَّى أَنْزَلَنِي فِي بَيْتِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ ثُمَّ سَارَّهُ فَلَمْ أَدْرِ مَا قَالَ لَهُ حَتَّى آتَانِي جَمِيعَ مَا أَحْتَاجُ إِلَيْهِ وجَلَسْتُ عِنْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ واسْتَأْذَنْتُهُ فِي الزِّيَارَةِ مِنْ دَاخِلٍ فَأَذِنَ لِي فَزُرْتُ لَيْلًا).

التسعون كمال الدين (حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي œ قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه ،قال: حدثنا أحمد بن علي بن كلثوم قال: حدثنا علي بن أحمد الرازي قال: خرج بعض إخواني من أهل الري مرتادا بعد مضي أبي محمد (عليه السلام)، فبينا هو في مسجد الكوفة مغموما فيما خرج له يبحث حصى المسجد بيده إذ ظهرت له حصاة فيها مكتوب (محمد) قال الرجل: فنظرت إلى الحصاة فإذا فيها كتابة ثابتة (ناتئة)مخلوقة غير منقوشة).

الحادي والتسعون وفيه (حدثنا محمد بن علي ماجيلويه œ قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن محمد بن عيسى جميعا عن محمد بن سنان عن أبي الجارود زياد بن المنذر قال: قال: أبو جعفر (عليه السلام) إذا خرج القائم (عليه السلام) من مكة ينادي مناديه (ألا لا يحملن أحدكم طعاما ولا شرابا وحمل معه حجر موسى بن عمران (عليه السلام) وهو وقر بعير فلا ينزل منزلا إلا انفجرت منه عيون فمن كان جائعا شبع ومن كان ظمآن روي ورويت دوابهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة)).

أقول: وفي الخرائج عن أبي سعيد الخراساني عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهم السلام) ما يوافقه في المعنى وفيه بعد قوله (حتى ينزلوا النجف من ظاهر الكوفة)هكذا (فإذا نزلوا ظاهرها انبعث منه الماء واللبن دائما فمن كان جائعا شبع ومن كان عطشانا روي).

الثاني والتسعون وفيه (عن محمد بن ماجيلويه عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن أبي إسماعيل السراج عن بشر عن جعفر عن المفضل بن عمر عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنه إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الأمر رفع الله تبارك وتعالى  كل منخفض من الأرض وخفض له كل مرتفع منها حتى تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته فأيكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها).

أقول: الظاهر أن المراد بصاحب هذا الأمر في الحديث مطلق الإمام (عليه السلام) لا خصوص القائم (عليه السلام) ولما كان الصدوق  قد أخرجه في خصوص القائم (عليه السلام) أخرجناه في هذا الباب تبعاً له.

الثالث والتسعون (حدثنا أبي  عن شيخه السند شيخ المتألهين الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي قدس الله روحه عن أبيه المقدس زين الدين بن إبراهيم عمن رواه أن الحجة صلوات الله عليه أتى إلى رجل يحيك برداً فقعد عنده واستند إلى نورد الحائك فقال له: زوجني ابنتك، فقال: إني لا أعرفك من أي الناس أنت فمن أنت؟ قال: لا تسألني إن أحببت أن تزوجني فافعل، فقال: أستشير أمها فقام ودخل بيته ليستشير زوجته فخرج ولم يرى الشخص ونظر إلى البرد فإذا هو قد تمت حياكته ونظر إلى النورد فإذا هو قد اخضر وأورق موضع استناده وإذا هو مكتوب عليه هذه الأبيات:

أيا سائلي عن مبدء اسمي ومنسبي    

سأنبئك عن لفظي وحسن تكلمي

أنا ابن منى والمشعرين وزمزم      

ومكة والبيت العتيق المعظم

أنا جدي الهادي النبي وأبي علي      

ولايته فرض على كل مسلم

وأمي البتول المستضاء بنورها        

إذا ما نسبناها عديلة مريم

وسبطا رسول الله عمي ووالدي       

وبعدهم الأطهار تسعة أنجم

أئمة هذا الخلق بعد نبيهم        

فإن كنت لم تعلم بذلك فاعلم

ومن يتمسك بحبل ولاية         

يفز بهم يوم المعاد وينعم

أنا العلوي الهاشمي الذي ارتمى      

به الخوف والأيام بالمرء ترتمي

وضاقت بي الأرض الفضاء برحبها    

ولم أستطع نيل السماء بسلم

وبين لي الأرض التي أنا كاتب  

عليها بخطي فأقر ما شئت وافهم

ثلاث عصي صففت بعد خاتم       

على رأسها مثل السنان المقوم

وميم طميس أبتر ثم سلم        

كهيأة سلام وليس بسلم

وأربع مثل الأنامل صففت      

قشير إلى الخيرات من كل مغنم

وهاء شقيق ثم واو منكس       

كأنبوب حجام وليس بمحجم

خطوط على الأعراف لاح رسومها     

عليها براهين من النور فاعلم

فعدتها من بعد عشر ثلاثة        

فلا تك في إحصائها ذا توهم

عليها من النور الإلهي جلالة       

إلى كل إنسي فصيح وأعجمي

فمن أحرف التوراة فيهن أربع      

وأربع من إنجيل عيسى بن مريم

وخمس من القرآن وهي تمامها      

فاضع إلى الاسم العظيم المعظم

فيا حامل الاسم الذي جل قدره       

توق به كل المكاره تسلم

فلا حية تدنو ولا عقرباً ترى       

ولا أسد يأتي إليك يهمهم

ولا تخش من رمح ولا ضرب خنجر   

ولا تخشى دبوساً ولا رمي أسهم

هم الطور والشورى هم الحج والنساء     

هم الشجر الطوبى لدى المتفهم

وصل على المختار من آل هاشم     

وعترته يا ذي الجلال وسلم

قال الشيخ قدس الله روحه: قال والدي تغمده الله برحمته: ونقل أنه لما أتى الرجل الحائك ونظر إلى دكانه فإذا هو قد انشق لأنه (عليه السلام) نزل فيه وغاب وأنه هو السرداب الموجود في سرّ من رأى إلى الآن يزار (عليه السلام) فيه) هي.

ورواه أيضاً السيد السند حجة الأكابر والأعاظم مولانا السيد كاظم الرشتي أنار الله برهانه في رسالة له عن شيخ العلماء الإحسائي المذكور أعلى الله مقامه إلى آخر الأبيات إلى أمه، لم يذكر ما بعدها لعدم تعلق غرضه بذلك في الموضوع المذكور فنحن نروي عنه أيضاً هذه الرواية بالإجازة العامة من عدة من مشايخ الآتي ذكرهم إن شاء الله في آخر الكتاب عنه.

تذكرة: ثم إن هذه الرواية ذكرتني كلاما لابن خلكان في تاريخه وفيات الأعيان لا يخلو ذكره عن تحصيل عبرة لأولي الأبصار وهو أنه قال في كتابه المذكور عند ذكر القائم (عليه السلام) ما هذا لفظه: هو ثاني عشر الأئمة (عليهم السلام) فباثني عشر على اعتقاد الإمامية المعروف بالحجة وهو الذي تزعم الشيعة أنه المنتظر والقائم والمهدي وهو صاحب السرداب عندهم، وأقاويلهم فيه كثيرة وهم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب بسر من رأى، كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ولما توفي أبوه كان عمره خمس سنين واسم أمه خمط وقيل نرجس، والشيعة يقولون إنه دخل السرداب في دار أبيه وأمه تنظر إليه فلم يعد يخرج إليها وذلك في سنة خمس وستين ومائتين وعمره يومئذ تسع سنين، وذكر ابن الأزرق في تاريخ ميافارقين أن الحجة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ومائتين وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين وهو الأصح، وإنه لما دخل السرداب كان عمره أربع سنين وقيل خمس سنين، وقيل إنه دخل السرداب سنة خمس وسبعين ومائتين وعمره سبع عشر سنة والله أعلم‏) انتهى كلامه.

أقول: أما مذهب الشيعة في حق القائم (عليه السلام) فهو أنه ولد في النصف من شعبان أو الثامن منه أو النصف من شهر رمضان والأول أشهر وأقسط من سنة خمسة أو ستة أو ثمان وخمسين ومائتين من الهجرة، وتوفي أبوه سنة ستين، وأنّ أباه العسكري(عليه السلام) قد أخفى ولادته إلا عن الخواص من شيعته، ولما توفي أبوه (عليه السلام) ووضع في داره ليصلي عليه أخوه جعفر طلع من بيت وجذب رداء جعفر ووخره وصلى على أبيه ثم رجع وغاب في البيت وفتشه بعد ذلك خليفة عهده ودبّر قتله فلم يظفر به ورجع المأمورون خائبين، وفي ذلك حكايات مذكورة في كتب الغيبة ومرّ بعضها في هذا الكتاب، ونصب (عليه السلام) لنفسه في غيبته هذه نواباً أربع واحداً بعد واحد آخرهم علي بن محمد السمري، وكان هؤلاء يسكنون بغداد والشيعة ترجع إليهم في حوائجهم وتصدر على أيديهم التوقيعات من الأصل وتمادت هذه الحالة إلى أن توفي علي بن محمد السمري وذلك في النصف من شعبان سنة تسعة وعشرين وثلاثمائة ثم وقعت الغيبة التامة بمعنى انقطاع السفارة الخاصة إلى أن يأذن الله في ظهوره ويقطع دابر الظالمين، وأما الناحية التي هو (عليه السلام) غائب فيها فعند الشيعة أنه كان زمان حياة أبيه في داره بسر من رأى مستتراً عن غير الخواص وأما بعد وفاة أبيه (عليه السلام) فالذي يظهر من الأخبار أنه (عليه السلام) كان أيضاً مستتراً في داره قد ستر الله عز وجل أمره عن الأعداء ثم بصاريا قرب المدينة وغير ذلك من المواضع إلى آخر الغيبة الأولى، وأما فيما بعد ذلك فعندهم أنه (عليه السلام) يجول في الأرض ويأتي الموسم وأن له في كل وقت مسكناً خاصاً وأن في الجزيرة الخضراء له بلادا وأصحاباً ليس بغائب عنهم، ولكن الذي حققه أهل التحقيق أن تلك البلاد ليست من سنخ ظاهر هذه الدنيا وإنما هي من سنخ لطيفها فهي عالم متوسط بين هذه الدنيا وبين عالم المثال ومن بلادها جابلقا وجابرصا، وبلوغ بعض من نقل إلى بعض نواحي تلك البلاد إن صح النقل لا ينافي ذلك فإن له عندنا وجوهاً وأسباباً لا يسعنا ذكرها في المقام.

 وأما حال أمه (عليه السلام) ففي روايات الشيعة أنها ماتت في حياة العسكري (عليه السلام) باستدعاءٍ منها لذلك وربما يلوح من بعضها بقائها بعد وفاته وليست صريحة في ذلك.

 وأما أنه (عليه السلام) كيف غاب ومن أين غاب فليس في روايات الشيعة منه ذكر وينبغي أن لا يكون لأنه (عليه السلام) كان في الحقيقة غائباً منذ أول ميلاده فلا حاجة لوقوع غيبة أخرى بحيث يراه الغير ويعين له مغيباً سواء كان ذلك الغير أمه أم غيره، فالذي عزاه صاحب الكتاب إلى الشيعة من دخوله السرداب وعين له تاريخاً ففرية بلا مرية فإن هذا النحو من الغيبة ليس عند الشيعة منه ذكر ولا أثر، فضلاً عن تعين تاريخ له.

 وبالجملة هذا السرداب التي تلوكه العامة في أفواههم حتى أنه أوردوا عليه شبهة وقالوا: إن بقاء البشر في السرداب هذه المدة الطويلة من غير أن يقوم أحد بطعامه وشرابه من الممتنع عادة وأجاب عنه محمد بن يوسف الكنجي بالنقض بعيسى (عليه السلام) وأورد فيه سؤالات وأجوبة مما لم أعرف له مأخذاً أصلاً. قال: الشيخ الأربلي  في كشف الغمة بعد ذكر هذه الشبه ونعم ما قال: (وأما قولهم أن المهدي في سرداب وكيف يمكن بقاؤه من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه فهذا قول عجيب وتصور غريب فإن الذين أنكروا وجوده لا يريدون هذا والذين يقولون بوجوده لا يقولون أنه في سرداب بل يقولون أنه حي موجود يحل ويرتحل ويطوف في الأرض ببيوت وخدم وحشم وإبل وخيل وغير ذلك وينقلون قصصاً في ذلك وأحاديث يطول شرحها.. إلخ كلامه) ، وأما هذا السرداب الذي هو الآن بسر من رأى يزار القائم (عليه السلام) فيه فشرحه أن الموضع الذي دفن فيه العسكريان (عليهم السلام) كان دارهما التي يسكنان فيها أيام حياتهما وهذا السرداب كان من متعلقات تلك الدار ثم جهل أثره بعد وقوع الغيبة التامة وانتقال القائم (عليه السلام) منها فسكنه الناس، ولما أخبر (عليه السلام) في أشعاره المذكورة أنه كان مسكنه الذي كان يسكنه في أوائل الأمر بقوله (وبين في الأرض التي أنا كاتب عليها بخطي فأقر ما شئت واعلم) وأبيات أخر قد فاتتني مما هي صريحة في ذلك وفيها أمر بزيارته (عليه السلام) عن ذلك المكان اجتمعت الشيعة فعمروا ذلك المكان وجعلوه مزاراً، والبئر التي فيه الآن هو الموضع الذي انشق فغاب (عليه السلام) منه لأن الرجل الحائك قد أغلق الباب لما خرج منه وتركه (عليه السلام) في السرداب على ما سمعت والدي رحمه الله في حديثه، فلما رجع الرجل وجد الباب مغلقاً على حاله فلما فتحه ودخل السرداب رأى الأرض قد انشقت وغاب (عليه السلام) منها وكانت هذه الواقعة في زمن الغيبة الكبرى فلا ربط له بأصل الغيبة التي وقعت له (عليه السلام) بوجه.

وأما ظهوره (عليه السلام) قد اجتمعت الشيعة على أنه (عليه السلام) يظهر بمكة عند البيت ورواياتهم بذلك عن أئمتهم المعصومين متواترة فقول هذا الرجل أنهم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب بسر من رأى معطوف على سائر فلتاته وفلتات إخوانه وقد تخربط بمثل ذلك ابن حجرهم العسقلاني أيضاً بأبيات خاطب بها الشيعة وقال:

ما آن للسرداب أن يلد الذي

سميتموه بزعمكم إنساناً

فعلى عقولكم العفاء فإنكم

ثلثتم العنقاء والغيلانا

وقد أفادني وارد الوقت حين وقفت على مزخرفه هذا أبيات في الجواب وهي:

آمنت بالدجال يابن سلقلق   

وعبدت طول حيوتك الشيطان

وأجزت في حق المسيح نظيره     

إن كنت ممن صدق القرآنا

وأحلته في حق من لولاه ما

ثبت الوجود ولم يكن ما كان

فاخسأ خزيت فقد أتيت بمنكر

أضحكت منه بعقلك الصبيانا

وسل القوابل عن أبيك فإنه  

قد ثلث العنقاء والغيلانا

وما أنسب بحال هؤلاء في أمثال نقولهم هذه ما نقل أن خالد بن عبدالله بن يزيد القصري لعنه الله قال يوماً على المنبر: العنوا علي بن أبي طالب فإنه لص بن لص (بضم اللام) فقام إليه أعرابي وقال: والله ما أعلم من أي شيء أعجب من سبك علي بن أبي طالب أم من معرفتك بالعربية أم من علمك بالأنساب، وما نقل أن رجلاً من العوام العجم أتى عالماً فقال له: (آن كدام إمام بودكه در بصره شغالش خورد) يريد به يوسف النبي (عليه السلام) فقال العالم: (إمام نبود بيغمبر بود بصره نبود مصر بود شغال نبود كَرگ بود آنهم نخورد) .

ثم اعلم أن إنكار بعض هؤلاء العميان بوجود المهدي الذي تدعيه الشيعة لا منشأ له سوى محض العناد والعصبية وإلا فالرجل العاقل لا ينكر ما هو واقع تحت الإمكان ولا يقم على نفيه حجة عقلية أو نقليه بل لا أقل له من التوقف إن لم تلزمه الحجة القائمة بذلك، وهؤلاء قد تمادى بعصبه الغي حتى جعلوه من الأمور الممتنعة لامتناع بقاء الشخص هذه المدة الطويلة عادة ولم يعلموا أنه على سبيل التسليم من أوهن الشبهات فإن الشيعة لو قالوا بتخرق العادة في ذلك يكون ماذا؟ فإن خرق العادة من الله تعالى في أمثال هذه الأمور ليس أول قارورة كسرت في الإسلام صدق الله سبحانه ﴿ فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَْبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾.

الرابع والتسعون عن كامل الزيارة حدثني الحسين بن محمد بن عامر عن أحمد بن إسحاق  سعد عن سعدان بن مسلم عن عمر بن أبان عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (كأني بالقائم على نجف الكوفة وقد لبس درع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فينتفض هو بها فتستدير عليه فيغشيها بحذاجة  من إستبرق ويركب فرسا أدهم بين عينيه شمراخ فينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلاد إلا وهم يرون أنه معهم في بلادهم، فينشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله لا يهوي بها إلى شيء أبدا إلا أهلكه الله فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد ويعطى المؤمن قوة أربعين رجلا، ولا يبقى مؤمن إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره وذلك حيث يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم فتنحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثمائة وثلاث عشر ملكا، قلت: كل هؤلاء الملائكة؟ قال: نعم الذين كانوا مع نوح في السفينة والذين كانوا مع إبراهيم حين ألقي في النار والذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه، وأربعة آلاف ملك مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مسومين وألف مردفين وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي (عليهم السلام) فلم يؤذن لهم في القتال فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ورئيسهم ملك يقال له منصور فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ولا يودعه مودع إلا شيعوه ولا يمرض مريض إلا عادوه ولا يموت ميت إلا صلوا على جنازته واستغفروا له بعد موته ،وكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم (عليه السلام) إلى وقت خروجه عليه صلوات الله والسلام).

الخامس والتسعون كمال الدين قال: حدثنا أبو الأديان قال: (كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وأحمل كتبه إلى الأمصار فدخلت إليه في علته التي توفي فيها (عليه السلام) فكتب معي كتبا وقال: تمضي بها إلى المدائن فإنك ستغيب خمسة عشر يوما فتدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر وتسمع الواعية في داري وتجدني على المغتسل قال أبو الأديان: فقلت يا سيدي فإذا كان ذلك فمن؟ قال: من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم بعدي، فقلت: زدني، فقال: من يصلي علي فهو القائم بعدي، فقلت: زدني، فقال: من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي، ثم منعتني هيبته أن أسأله عما في الهميان وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما قال لي (عليه السلام) فإذا أنا بالواعية في داره وإذا به على المغتسل وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار والشيعة حوله يعزونه ويهنونه فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام (عليه السلام) فقد حالت الإمامة لأني كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور، فتقدمت فعزيت وهنيت فلم يسألني عن شيء، ثم خرج عقيد فقال: يا سيدي قد كفن أخوك فقم للصلاة عليه فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة، فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي (عليه السلام) على نعشه مكفنا فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة بشعره قطط بأسنانه تفليج فجبذ برداء جعفر بن علي وقال: تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي فتأخر جعفر وقد أربد وجهه، فتقدم الصبي فصلى عليه ودفن إلى جانب قبر أبيه (عليه السلام) ثم قال: يا بصري هات جوابات الكتب التي معك فدفعتها إليه فقلت في نفسي: هذه اثنتان بقي الهميان ثم خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر فقال له حاجز الوشاء: يا سيدي من الصبي؟ ليقيم عليه الحجة، فقال: والله ما رأيته قط ولا عرفته فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي (عليهم السلام) فعرفوا موته فقالوا: فمن نعزي فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلموا عليه وعزوه وهنوه وقالوا: إن معنا كتبا ومالا فتقول ممن الكتب وكم المال فقام ينفض أثوابه ويقول يريدون منا أن نعلم الغيب، قال: فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان وفلان وهميان فيه ألف دينار وعشرة دنانير منها مطلية فدفعوا الكتب والمال وقالوا: الذي وجه بك لأجل ذلك هو الإمام (عليه السلام) ، فدخل جعفر بن علي على المعتمد وكشف له ذلك فوجه المعتمد خدمه وقبضوا على صيقل الجارية وطالبوها بالصبي فأنكرته وادعت حملا بها لتغطي على حال الصبي فسلمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي وبغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجأة وخروج صاحب الزنج بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم والحمد لله رب العالمين لا شريك له).

أقول: قد روى الصدوق  خبرا آخراً يدل على أن صيقل أم الحجة (عليه السلام) توفت في حياة أبي محمد (عليه السلام) باستدعاء منها لذلك، ولو صح الخبر فيمكن أن تكون صيقل هذه المقبوضة جارية أخرى من جواري أبي محمد (عليه السلام) اسمها صيقل حقيقة أو زعما من القوم فلا تنافي بين الخبرين والله أعلم وحججه (عليهم السلام)، وأن أبا محمد (عليه السلام) حدثها بما يجري على عياله فسألته أن يدعو الله عز وجل أن يجعل منيتها قبله فماتت في حياة أبي محمد (عليه السلام)..إلخ).

السادس والتسعون غيبة البحار قال: ما أخبرني به والدي  قال: (كان في زماننا رجل شريف صالح كان يقال له أمير إسحاق الاسترآبادي وكان قد حج أربعين حجة ماشيا وكان قد اشتهر بين الناس أنه تطوى له الأرض، فورد في بعض السنين بلدة أصفهان فأتيته وسألته عما اشتهر فيه فقال: كان سبب ذلك أني كنت في بعض السنين مع الحاج متوجهين إلى بيت الله الحرام، فلما وصلنا إلى موضع كان بيننا وبين مكة سبعة منازل أو تسعة تأخرت عن القافلة لبعض الأسباب حتى غابت عني وضللت عن الطريق وتحيرت وغلبني العطش حتى آيست من الحياة، فناديت يا صالح يا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله، فتراءى لي في منتهى البادية شبح فلما تأملته حضر عندي في زمان يسير فرأيته شابا حسن الوجه نقي الثياب أسمر على هيئة الشرفاء راكبا على جمل ومعه إداوة فسلمت عليه فرد علي السلام وقال: أنت عطشان ؟ قلت: نعم، فأعطاني الإداوة فشربت ثم قال: تريد أن تلحق القافلة؟ قلت: نعم، فأردفني خلفه وتوجه نحو مكة، وكان من عادتي قراءة الحرز اليماني في كل يوم فأخذت في قراءته فقال (عليه السلام): اقرأ هكذا قال: فما مضى إلا زمان يسير حتى قال لي: تعرف هذا الموضع فنظرت فإذا أنا بالأبطح فقال: انزل، فلما نزلت رجع وغاب عني، فعند ذلك عرفت أنه القائم (عليه السلام) فندمت وتأسفت على مفارقته وعدم معرفته، فلما كان بعد سبعة أيام أتت القافلة فرأوني في مكة بعد ما أيسوا من حياتي فلذا اشتهرت بطي الأرض. قال: الوالد  فقرأت عنده الحرز اليماني وصححته وأجازني والحمد لله).

السابع والتسعون وفيه قال:(ومنها ما أخبرني به جماعة من أهل الغري على مشرفه السلام أن رجلا من أهل قاشان أتى إلى الغري متوجها إلى بيت الله الحرام فاعتل علة شديدة حتى يبست رجلاه ولم يقدر على المشي فخلفه رفقاؤه وتركوه عند رجل من الصلحاء كان يسكن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدسة وذهبوا إلى الحج، فكان هذا الرجل يغلق عليه الباب كل يوم ويذهب إلى الصحاري للتنزه ولطلب الدراري التي تؤخذ منها فقال له في بعض الأيام: إني قد ضاق صدري واستوحشت من هذا المكان فاذهب بي اليوم واطرحني في مكان واذهب حيث شئت، قال: فأجابني إلى ذلك وحملني وذهب بي إلى مقام القائم صلوات الله عليه خارج النجف فأجلسني هناك وغسل قميصه في الحوض وطرحها على شجرة كانت هناك وذهب إلى الصحراء وبقيت وحدي مغموما أفكر فيما يؤول إليه أمري، فإذا أنا بشاب صبيح الوجه أسمر اللون دخل الصحن وسلم علي وذهب إلى بيت المقام وصلى عند المحراب ركعات بخضوع وخشوع لم أر مثله قط، فلما فرغ من الصلاة خرج وأتاني وسألني عن حالي، فقلت له: ابتليت ببلية ضقت بها لا يشفيني الله فأسلم منها ولا يذهب بي فأستريح، فقال: لا تحزن سيعطيك الله كليهما وذهب، فلما خرج رأيت القميص وقع على الأرض فقمت وأخذت القميص وغسلتها وطرحتها على الشجر فتفكرت في أمري وقلت: أنا كنت لا أقدر على القيام والحركة فكيف صرت هكذا فنظرت إلى نفسي فلم أجد شيئا مما كان بي فعلمت أنه كان القائم صلوات الله عليه فخرجت فنظرت في الصحراء فلم أر أحدا فندمت ندامة شديدة، فلما أتاني صاحب الحجرة سألني عن حالي وتحير في أمري فأخبرته بما جرى فتحسر على ما فات منه ومني ومشيت معه إلى الحجرة، قالوا: فكان هكذا سليما حتى أتى الحاج ورفقاؤه فلما رآهم وكان معهم قليلا مرض ومات ودفن في الصحن فظهر صحة ما أخبره(عليه السلام) من وقوع الأمرين معا، وهذه القصة من المشهورات عند أهل المشهد وأخبرني به ثقاتهم وصلحاؤهم).

الثامن والتسعون كمال الدين حدثنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمي قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني قال: حدثنا أحمد بن مسرور عن سعد بن عبد الله القمي قال: (كنت امرئ لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها، كلفا باستظهار ما يصح لي من حقائقها مغرما بحفظ مشتبهها ومستغلقها شحيحا على ما أظفر به من معاضلها ومشكلاتها متعصبا لمذهب الإمامية راغبا عن الأمن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم والتعدي إلى التباغض والتشاتم، معيبا للفرق ذوي الخلاف كاشفا عن مثالب أئمتهم، هتاكا لحجب قادتهم إلى أن بليت بأشد النواصب منازعة وأطولهم مخاصمة وأكثرهم جدلا وأشنعهم سؤالا وأثبتهم على الباطل قدما فقال ذات يوم وأنا أناظره: تبا لك ولأصحابك يا سعد إنكم معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرين والأنصار بالطعن عليهما وتجحدون من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولايتهما وإمامتهما هذا الصديق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته، أما علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلا علما منه بأن الخلافة له من بعده وأنه هو المقلد لأمر التأويل والملقى إليه أزمة الأمة وعليه المعول في شعب الصدع ولم الشعث وسد الخلل وإقامة الحدود وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك، فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته إذ ليس من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشيء مساعدة إلى مكان يستخفي فيه، ولما رأينا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) متوجها إلى الانحجار ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد استبان لنا قصد رسول الله بأبي بكر إلى الغار للعلة التي شرحناها، وإنما أبات عليا على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به ولاستثقاله له ولعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها، قال سعد: فأوردت عليه أجوبة شتى فما زال يقصد كل واحد منها بالنقض والرد علي ثم قال: يا سعد دونكها أخرى بمثلها تخطم آناف الروافض ألستم تزعمون أن الصديق المبرأ من دنس الشكوك والفاروق المحامي عن بيضة الإسلام كانا يسران النفاق واستدللتم بليلة العقبة، أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المسألة عني خوفا من الإلزام وحذرا من أني إن أقررت لهما بطواعيتهما للإسلام احتج بأن بدء النفاق ونشأه في القلب لا يكون إلا عند هبوب روائح القهر والغلبة وإظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد له قلبه نحو قول الله تعالى ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا﴾، وإن قلت أسلما كرها كان يقصدني بالطعن إذ لم تكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهم البأس، قال سعد: فصدرت عنه مزورا قد انتفخت أحشائي من الغضب وتقطع كبدي من الكرب وكنت قد اتخذت طومارا وأثبت فيه نيفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا على أن أسأل فيها خير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد (عليه السلام) ، فارتحلت خلفه وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسر من رأى فلحقته في بعض المناهل، فلما تصافحنا قال: لخير لحاقك بي؟ قلت: الشوق ثم العادة في الأسولة، قال: قد تكافينا على هذه الخطة الواحدة فقد برح بي القرم إلى لقاء مولانا أبي محمد (عليه السلام) وأنا أريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ومشاكل في التنزيل فدونكها الصحبة المباركة فإنها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه وهو إمامنا، فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيدنا (عليه السلام) فاستأذنا فخرج إلينا الإذن بالدخول عليه وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري فيه مائة وستون صرة من الدنانير والدراهم على كل صرة منها ختم صاحبها، قال سعد: فما شبهت وجه مولانا أبي محمد (عليه السلام) حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر وعلى رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوين وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها لئلا يصده عن كتابة ما أراد، فسلمنا عليه فألطف في الجواب وأومأ إلينا بالجلوس فلما فرغ من كتابة البياض الذي كان بيده أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه فوضعه بين يديه فنظر الهادي (عليه السلام) إلى الغلام وقال له: يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك، فقال:يا مولاي أيجوز أن أمد يدا طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها فقال مولاي (عليه السلام) : يا ابن إسحاق استخرج ما في الجراب ليميز ما بين الأحل والأحرم منها، فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها فقال الغلام (عليه السلام) : هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم تشتمل على اثنين وستين دينارا فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وكانت إرثا له من أخيه خمسة وأربعون دينارا ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا وفيها من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير، فقال مولانا: صدقت يا بني دل الرجل على الحرام منها، فقال (عليه السلام) : فتش عن دينار رازي السكة تأريخه سنة كذا قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه وقراضة آملية وزنها ربع دينار، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الصرة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منا وربع من فأتت على ذلك مدة قيض في انتهائها لذلك الغزل سارقا فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه واسترد منه بدل ذلك منا ونصف من غزل أدق مما كان دفعه إليه واتخذ من ذلك ثوبا كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه فلما فتح رأس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة، ثم أخرج صرة أخرى فقال الغلام: هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم تشتمل على خمسين دينارا لا يحل لنا مسها، قال: وكيف ذاك؟ قال: لأنها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكاره في المقاسمة وذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف وكان ما خص الأكار بكيل بخس، فقال مولانا: صدقت يا بني ثم قال: يا ابن إسحاق احملها بأجمعها لتردها أو توصي بردها على أربابها فلا حاجة لنا في شيء منها وائتنا بثوب العجوز، قال أحمد: وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلي مولانا أبو محمد (عليه السلام) فقال: ما جاء بك يا سعد فقلت شوقني أحمد بن إسحاق إلى لقاء مولانا، قال: فالمسائل التي أردت أن تسأله عنها، قلت: على حالها يا مولاي، قال: فسل قرة عيني وأومأ إلى الغلام ، فقال لي الغلام: سل عما بدا لك منها، فقلت له: مولانا وابن مولانا إنا روينا عنكم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى أرسل يوم الجمل إلى عائشة إنك قد أرهجت على الإسلام وأهله بفتنتك وأوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك فإن كففت عني غربك وإلا طلقتك ونساء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد كان طلاقهن وفاته، قال: ما الطلاق؟ قلت: تخلية السبيل قال: وإذا كان وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد خلا لهن السبيل فلم لا يحل لهن الأزواج؟ قلت: لأن الله تبارك وتعالى حرم الأزواج عليهن، قال: كيف وقد خلى الموت سبيلهن؟ قلت: فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حكمه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال: إن الله تبارك وتعالى عظم شأن نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فخصهن بشرف الأمهات فقال رسول الله (يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق لهن ما دمن لله على الطاعة فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين) قلت: فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته، قال: الفاحشة المبينة هي السحق دون الزناء فإن المرأة إذا زنت وأقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوج بها لأجل الحد، وإذا سحقت وجب عليها الرجم والرجم خزي ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه ومن أخزاه فقد أبعده ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه، قلت: فأخبرني يا ابن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)  عن أمر الله تبارك وتعالى لنبيه موسى (عليه السلام) ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً﴾ فإن فقهاء الفريقين يزعمون أنها كانت من إهاب الميتة، فقال (عليه السلام) : من قال ذلك فقد افترى على موسى واستجهله في نبوته لأنه ما خلا الأمر فيها من خطبين، إما أن تكون صلاة موسى فيها جائزة أو غير جائزة فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة إذ لم تكن مقدسة وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلاة، وإن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب على موسى(عليه السلام) أنه لم يعرف الحلال من الحرام وما علم ما جاز فيه الصلاة وما لم تجز وهذا كفر، قلت: فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما، قال: إن موسى ناجى ربه بالواد المقدس فقال: يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني وغسلت قلبي عمن سواك وكان شديد الحب لأهله، فقال الله تبارك وتعالى ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾ أي انزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولا، قلت: فأخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل كهيعص، قال: هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع الله عليها عبده زكريا ثم قصها على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك أن زكريا (عليه السلام) سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلمه إياها فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن (عليهم السلام) سرى عنه همه وانجلى كربه وإذا ذكر الحسين(عليه السلام) خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة، فقال ذات يوم: يا إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصته وقال: كهيعص فالكاف اسم كربلاء والهاء هلاك العترة والياء يزيد وهو ظالم الحسين (عليه السلام) والعين عطشه والصاد صبره، فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيها الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب وكانت ندبته (إلهي أ تفجع خير خلقك بولده  أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه إلهي أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما) ثم كان يقول (اللهم ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر واجعله وارثا وصيا واجعل محله مني محل الحسين فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم افجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده) فرزقه الله يحيى (عليه السلام) وفجعه به وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين (عليه السلام) كذلك وله قصة طويلة، قلت: فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم، قال: مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح، قال: فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد بما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت: بلى، قال: فهي العلة وأوردها لك ببرهان ينقاد به عقلك، أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى وأنزل الكتب عليهم وأيدهم بالوحي والعصمة إذ هم أعلام الأمم وأهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى (عليهم السلام) هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان أنه مؤمن؟ قلت: لا، فقال: هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم فوقعت خيرته على المنافقين قال الله تعالى ﴿واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا إلى قوله لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ﴾ فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور وتكن الضمائر وتيتصرف عليه السرائر، وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح، ثم قال مولانا: يا سعد وحين ادعى خصمك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أخرج مع نفسه مختار هذه الأمة إلى الغار إلا علما منه أن الخلافة له من بعده وأنه هو المقلد أمور التأويل والملقى إليه أزمة الأمة وعليه المعول في لم الشعث وسد الخلل وإقامة الحدود وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته إذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه وإنما أبات عليا على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به ولاستثقاله إياه وعلمه أنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها، فهلا نقضت عليه دعواه بقولك أليس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (الخلافة بعدي ثلاثون سنة) فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم فكان لا يجد بدا من قوله لك بلى فكنت تقول له حينئذ أ ليس كما علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)  أن الخلافة من بعده لأبي بكر علم أنها من بعد أبي بكر لعمر ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعلي، فكان أيضا لا يجد بدا من قوله لك نعم، ثم كنت تقول له فكان الواجب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخرجهم جميعا على الترتيب إلى الغار ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم وتخصيصه أبا بكر بإخراجه مع نفسه دونهم، ولما قال: أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها لم لم تقل له بل أسلما طمعا وذلك لأنهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة وفي سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن عواقب أمره، فكانت اليهود تذكر أن محمدا يسلط على العرب كما كان بخت نصر سلط على بني إسرائيل ولا بد له من الظفر بالعرب كما ظفر بخت نصر ببني إسرائيل غير أنه كاذب في دعواه، فأتيا محمدا فساعداه على قول شهادة أن لا إله إلا الله وبايعاه طمعا في أن ينال كل منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت أموره واستتبت أحواله، فلما آيسا من ذلك تلثما وصعدا العقبة مع أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه فدفع الله تعالى كيدهم وردهم بغيظهم، لم ينالوا خيرا كما أتى طلحة والزبير عليا (عليه السلام) فبايعاه وطمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد فلما آيسا نكثا بيعته وخرجا عليه فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين، قال سعد: ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي (عليهم السلام) إلى الصلاة مع الغلام فانصرفت عنهما وطلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا، فقلت: ما أبطأك وأبكاك، قال: قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره، فقلت: لا عليك فأخبره فدخل عليه مسرعا وانصرف من عنده متبسما وهو يصلي على محمد وآل محمد، فقلت: ما الخبر؟ قال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا (عليه السلام) يصلي عليه، قال سعد: فحمدنا الله جل ذكره على ذلك وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أياما فلا نرى الغلام بين يديه، فلما كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أرضنا، وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)  قد دنت الرحلة واشتدت المحنة ونحن نسأل الله تعالى أن يصلي على المصطفى جدك وعلى المرتضى أبيك وعلى سيدة النساء أمك وعلى سيدي شباب أهل الجنة عمك وأبيك وعلى الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) من بعدهما آبائك وأن يصلي عليك وعلى ولدك ونرغب إلى الله أن يعلي كعبك ويكبت عدوك ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك، قال: فلما قال هذه الكلمات استعبر مولانا (عليه السلام) حتى استهلت دموعه وتقاطرت عبراته ثم قال: يا ابن إسحاق لا تكلف في دعائك شططا فإنك ملاق الله تعالى في صدرك هذا فخر أحمد مغشيا عليه فلما أفاق قال: سألتك بالله وبحرمة جدك إلا شرفتني بخرقة أجعلها كفنا، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما فقال: خذها ولا تنفق على نفسك غيرها فإنك لن تعدم ما سألت وإن الله تبارك وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، قال سعد: فلما انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا (عليه السلام) من حلوان على ثلاثة فراسخ حم أحمد بن إسحاق وصارت عليه علة صعبة أيس من حياته فيها، فلما وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها، ثم قال: تفرقوا عني هذه الليلة واتركوني وحدي فانصرفنا عنه ورجع كل واحد منا إلى مرقده، قال سعد: فلما حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم خادم مولانا أبي محمد (عليه السلام) وهو يقول: أحسن الله بالخير عزاكم وجبر بالمحبوب رزيتكم قد فرغنا من غسل صاحبكم وتكفينه فقوموا لدفنه فإنه من أكرمكم محلا عند سيدكم، ثم غاب عن أعيننا فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتى قضينا حقه وفرغنا من أمره)

أقول: وعن دلائل الطبري عن عبد الباقي بن يزداد عن عبدالله بن محمد الثعالبي عن أحمد بن محمد العطار عن سعد مثله. ورواه الطبرسي في الاحتجاج والراوندي في الخرائج على نحو الاختصار.

ثم أن من غريب الوساوس في المقام ما نقله النجاشي في ذكر حال سعد فإنه بعد مدحه وذكر جلالته قال: (ولقي مولانا أبا محمد (عليه السلام) ثم قال: ورأيت بعض أصحابنا يضعفون لقائه لأبي محمد (عليه السلام) ويقولون هذه حكاية موضوعة عليه، والله أعلم).

وأقول: إني لم أعرف وجها لهذا النقل إلا ما ذكر الشيخ السند المعظم مولانا المجلسي  في البحار حيث قال بعد نقل هذا القول عن النجاشي ما هذا لفظه (أقول الصدوق أعرف بصدق الأخبار والوثوق عليها من ذلك البعض الذي لا يعرف حاله ورد الأخبار التي تشهد متونها بصحتها بمحض الظن والوهم مع إدراك سعد زمانه (عليه السلام) وإمكان ملاقاة سعد له (عليه السلام) إذ كان وفاته بعد وفاته (عليه السلام) بأربعين سنة تقريبا ليس إلا الإزراء بالأخبار وعدم الوثوق بالأخبار والتقصير في معرفة شأن الأئمة الأطهار، إذ وجدنا أن الأخبار المشتملة على المعجزات الغريبة إذا وصل إليهم فهم إما يقدحون فيها أو في راويها بل ليس جرم أكثر المقدوحين من أصحاب الرجال إلا نقل مثل تلك الأخبار).

التاسع والتسعون غيبة الشيخ  عن أحمد بن علي بن نوح قال: أخبرني أبو نصر هبة الله بن محمد قال: حدثني أبو علي بن أبي جيد القمي  قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الدلال القمي قال: (دخلت على أبي جعفر محمد بن عثمان œ يوما لأسلم عليه فوجدته وبين يديه ساجة ونقاش ينقش عليها ويكتب آيا من القرآن وأسماء الأئمة (عليه السلام) على حواشيها، فقلت له: يا سيدي ما هذه الساجة فقال لي: هذه لقبري تكون فيه أوضع عليها أو قال: أسند إليها وقد عرفت  منه وأنا في كل يوم أنزل فيه فأقرأ جزءا من القرآن فيه فأصعد وأظنه قال: فأخذ بيدي وأرانيه فإذا كان يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا صرت إلى الله عز وجل ودفنت فيه وهذه الساجة معي، فلما خرجت من عنده أثبت ما ذكره ولم أزل مترقبا به ذلك فما تأخر الأمر حتى اعتل أبو جعفر فمات في اليوم الذي ذكره من الشهر الذي قاله من السنة التي ذكرها ودفن فيه.

قال: أبو نصر هبة الله وقد سمعت هذا الحديث من غير أبي علي وحدثتني به أيضا أم كلثوم بنت أبي جعفر رضي الله تعالى عنهما).

تعجب ودفع اشتباهات

يقول محمد تقي الشريف مصنف هذا الكتاب: اتفقت كلمة الشيعة معتضدة بأخبار متظافرة أن أربعة من الخواص كانوا نواب الناحية المقدسة على الترتيب في زمن الغيبة الصغرى ووسائط بين الإمام (عليه السلام) وبين شيعته في الأداء أولهم الشيخ الجليل أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو العمري، ثم ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان ثم أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي، ثم أبو الحسن علي بن محمد السمري رحمهم جميعا، وكان يظهر منهم الغرائب والكرامات ما هو مستفيض مشهور مذكور في كتب الغيبة وغيرها، ثم إنه كان له (عليه السلام) وكلاء ثقاة في الأطراف ترد عليهم التوقيعات على يدي هؤلاء الأربعة وما كانت لهم مرتبة النيابة الخاصة كأبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي وأحمد بن إسحاق القمي والقاسم بن العلاء الأذربيجاني وحاجز بن يزيد الوشاء وأبي هاشم داود بن القاسم الجعفري وإبراهيم بن مهزيار وابنه محمد بن إبراهيم وجماعة غيرهم مذكورون في كتب الأخبار والرجال مفصلا، فمن غريب السهو في المقام ما وقع للشيخ أبي عمرو الكشي  حيث قال عند ترجمة حفص:

و حفص بن عمرو المعروف بالعمري كان وكيل أبي محمد (عليه السلام) ، وأما أبو جعفر محمد بن حفص بن عمرو فهو ابن العمري وكان وكيل الناحية وكان الأمر يدور عليه.

 وفي ترجمة إبراهيم بن مهزيار مثله.

 وقال في ترجمة محمد بن حفص: وهو ابن العمري وكان وكيل الناحية وكان الأمر يدور عليه.

 وهو من غريب السهو فإنا لم نجد في أصحاب الحجة (عليه السلام) من هذا المذكور عيناً ولا أثراً ولا ذكره أحد ممن وقفنا على كتابه من الأصحاب فضلا عن كونه وكيل الناحية وكون الأمر يدور عليه، نعم ذكر الشيخ هذين الرجلين في أصحاب العسكري (عليه السلام) وإن حفص بن عمرو كان وكيل العسكري (عليه السلام) .

وبالجملة كون وكيل الناحية الذي يدور الأمر عليه هو عثمان بن سعيد ثم من بعده ابنه محمد بن عثمان مما لا يتوقف فيه إلا من يتوقف في شروق الشمس في رابعة النهار فإن الأخبار المصرحة بذلك قد شحنت منها بطون الكتب ولا سيما الكافي وكمال الدين للصدوق  وغيبة الشيخ وغيرها، وهذا النحو من السهو يحقق ما قال النجاشي في ترجمة هذا الشيخ في الجملة حيث قال: له كتاب الرجال كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة ..إلخ.

  وقال المحقق البهبهاني في تعليقه على رجال الميرزا: قال جدي بعد مدح عثمان بن سعيد ومحمد بن عثمان وكونهما من الوكلاء فما ورد في بعض نسخ الكشي من أنه محمد بن حفص الجمال وأبوه حفص وكان الأمر يدور على أيديهما خمسين سنة فهو من تصحيف نساخ الكشي، فإن أكثر نسخ الكشي مغلوطة وتصحح بنسخ الخلاصة والنجاشي وغيرهما. هي.

 أقول: والخطب الفظيع أن الخلاصة أيضاً ذكر محمد بن حفص كما ذكر الكشي، والظاهر أن هذا السهو من نفس شيخنا الكشي  ولا تصرف للنساخ في ذلك ولا بعد فإن كثيراً من قدماء الأصحاب ما كان قد حصل عندهم كثير من الأخبار كما يظهر من تتبع أحوالهم فلا يقاس كل من تقادم عهده على مشايخنا الثلاثة الذين على كتبهم دارت رحى الشريعة الغراء أعني المحمدين الثلاثة وبعض من هو في درجتهم في الإحاطة بالأخبار المعصومية جزاهم الله عن الإسلام خير جزاء، وإنما العجب في هذا الباب ما قال الأمير مصطفى التفريشي المتأخر في كتابه نقد الرجال في ترجمة محمد بن عثمان بن سعيد بعدما نقل عن رجال الشيخ: هو وأباه عثمان بن سعيد وكيلي الناحية وإن لهما منزلة جليلة عند الطائفة، وعن الإخلاص كونه قد أوصى إلى الحسين بن روح وهو إلى علي بن محمد السمري ووقع الغيبة الثانية بعد وفاة السمري ما هذا لفظه، ثم اعلم أن الذي يظهر من الكشي ورجال الشيخ وغيرهما أن العمري المشهور الوكيل اسمه حفص بن عمرو وإن أبا جعفر المشهور بابن العمري الذي وكيل الناحية ابنه وهو محمد بن الحفص والذي يظهر من كلام الشيخ هنا وعند ترجمة عثمان بن سعيد العمري المشهور الوكيل الناحية أن اسمه عثمان بن سعيد، وأن أبا جعفر المشهور بابن العمري الوكيل ابنه واسمه محمد بن عثمان ويبعد أن يكونا رجلين مشتركين في هذه الصفات، ولم أجد عثمان بن سعيد في النجاشي والكشي، نعم في رجال الشيخ وفي كتب من تأخر عنه موجود والله أعلم بحقيقة الأمور. هي.

 وهذا التردد منه  عجيب فإنه يشبه كلام من لا اطلاع له بأخبار الإمامية أصلاً وإنما نظره مقصور على مجرد كتب الرجال والفهارس المعروفة كطلبة زماننا هذا بل وكثير من علمائهم الفارغين عن التحصيل فإنك إذا بحثت عن حالهم وجدتهم لم يقفوا من كتب العلم إلا على الشرايع والروضة وأصول للشيخين النبيلين المتأخرين قدس سرهما ويحسبون أن كل الصيد في جوف الفري وأن عبادان منتهى القرى ولا يعلمون أنهم حفظوا شيئاً وغابت عنهم أشياء وأشياء وأشياء إلى يوم القيامة، وليتهم كانوا أتقنوا هذا المقدار بحيث يؤول حاله إلى التردد والتشكيك مع إن ما استظهره من رجال الشيخ أيضاً ليس علي ما ينبغي فإن رجاله لا يظهر منه إلا كون حفص بن عمرو من وكلاء العسكري (عليه السلام) وهذا مما لا ربط له بما استظهره كما هو ظاهر.  هي.

المائة وفيه عن أحمد بن علي الرازي عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي قال: حدثني الحسين بن محمد بن عامر الأشعري القمي قال: حدثني يعقوب بن يوسف الضراب الغساني في منصرفه من أصفهان  عن دلائل الطبري قال: نقلت هذا الخبر من أصل بخط شيخنا أبي عبد الله الحسين الغضائري  قال: حدثني أبو الحسن علي بن عبد الله القاشاني قال: حدثنا الحسين بن محمد سنة ثمان وثمانين ومائتين بقاشان بعد منصرفه من أصفهان قال: حدثني يعقوب بن يوسف بأصفهان قال: أقول ووجدت في أصل منظم بأصول أخر عندي كلها رواية عن هارون بن موسى التلعكبري ما هذا لفظ الأصل وعنه أيده الله قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبدالله بن عبد المطلب قال: حدثني أبو القاسم موسى بن محمد الأشعري القمي قال: حدثني يعقوب بن يوسف أبو الحسن الضراب في سنة تسعين ومائتين واللفظ لكتاب الغيبة قال: (حججت في سنة إحدى وثمانين ومائتين وكنت مع قوم مخالفين من أهل بلدنا، فلما قدمنا مكة تقدم بعضهم فاكترى لنا دارا في زقاق بين سوق الليل وهي دار خديجة (عليه السلام) تسمى دار الرضا(عليه السلام) وفيها عجوز سمراء فسألتها لما وقفت على أنها دار الرضا (عليه السلام) : ما تكونين من أصحاب هذه الدار ولم سميت دار الرضا؟ فقالت: أنا من مواليهم وهذه دار الرضا علي بن موسى(عليه السلام) أسكننيها الحسن بن علي(عليه السلام) فإني كنت من خدمه، فلما سمعت ذلك منها آنست بها وأسررت الأمر عن رفقائي المخالفين فكنت إذا انصرفت من الطواف بالليل أنام معهم في رواق في الدار ونغلق الباب ونلقي خلف الباب حجرا كبيرا كنا ندير خلف الباب، فرأيت غير ليلة ضوء السراج في الرواق الذي كنا فيه شبيها بضوء المشعل ورأيت الباب قد انفتح ولا أرى أحدا فتحه من أهل الدار ورأيت رجلا ربعة أسمر إلى الصفرة ما هو قليل اللحم في وجهه سجادة عليه قميصان وإزار رقيق قد تقنع به وفي رجله نعل طاق، فصعد إلى الغرفة في الدار حيث كانت العجوز تسكن وكانت تقول لنا: إن في الغرفة ابنة لا تدع أحد يصعد إليها، فكنت أرى الضوء الذي رأيته يضيء في الرواق على الدرجة عند صعود الرجل إلى الغرفة التي يصعدها ثم أراه في الغرفة من غير أن أرى السراج بعينه وكان الذين معي يرون مثل ما أرى فتوهموا أن يكون هذا الرجل يختلف إلى ابنة العجوز وأن يكون قد تمتع بها فقالوا: هؤلاء العلوية يرون المتعة وهذا حرام لا يحل فيما زعموا وكنا نراه يدخل ويخرج ونجيء إلى الباب وإذا الحجر على حاله الذي تركناه، وكنا نغلق هذا الباب خوفا على متاعنا وكنا لا نرى أحدا يفتحه ولا يغلقه والرجل يدخل ويخرج والحجر خلف الباب إلى وقت ننحيه إذا خرجنا، فلما رأيت هذه الأسباب ضرب على قلبي ووقعت في قلبي فتنة، فتلطفت العجوز وأحببت أن أقف على خبر الرجل فقلت لها: يا فلانة إني أحب أن أسألك وأفاوضك من غير حضور من معي فلا أقدر عليه فأنا أحب إذا رأيتني في الدار وحدي أن تنزلي إلي لأسألك عن أمر، فقالت لي مسرعة: وأنا أريد أن أسر إليك شيئا فلم يتهيأ لي ذلك من أجل من معك، فقلت: ما أردت أن تقولي؟ فقالت: يقول لك ولم تذكر أحدا لا تخاشن أصحابك وشركاءك ولا تلاحهم فإنهم أعداؤك ودارهم، فقلت لها: من يقول؟ فقالت: أنا أقول، فلم أجسر لما دخل قلبي من الهيبة أن أراجعها فقلت: أي أصحابي تعنين؟ فظننت أنها تعني رفقائي الذين كانوا حجاجا معي قالت: شركاؤك الذين في بلدك وفي الدار معك، وكان جرى بيني وبين الذين معي في الدار عنت في الدين فسعوا بي حتى هربت واستترت بذلك السبب فوقفت على أنها عنت أولئك فقلت لها: ما تكونين أنت من الرضا؟ فقالت: كنت خادمة للحسن بن علي(عليه السلام) ، فلما استيقنت ذلك قلت لأسألها عن الغائب(عليه السلام) : فقلت بالله عليك رأيته بعينك؟ فقالت: يا أخي لم أره بعيني فإني خرجت وأختي حبلى.

أقول: وفي رواية الطبري والأصل الذي عندي بعد قوله وأختي حبلى وأنا خالته.

رجعنا إلى رواية الغيبة: وبشرني الحسن بن علي(عليه السلام) بأني سوف أراه في آخر عمري وقال لي: تكونين له كما كنت لي، وأنا اليوم منذ كذا بمصر وإنما قدمت الآن بكتابه ونفقة وجه بها إلي على يدي رجل من أهل خراسان لا يفصح بالعربية وهي ثلاثون دينارا، وأمرني أن أحج سنتي هذه فخرجت رغبة مني في أن أراه، فوقع في قلبي أن الرجل الذي كنت أراه يدخل ويخرج هو هو، فأخذت عشرة دراهم صحاحا فيها ستة رضوية من ضرب الرضا (عليه السلام) قد كنت خبأتها لألقيها في مقام إبراهيم (عليه السلام) وكنت نذرت ونويت ذلك فدفعتها إليها وقلت في نفسي: أدفعها إلى قوم من ولد فاطمة (عليه السلام) أفضل مما ألقيها في المقام وأعظم ثوابا، فقلت لها: ادفعي هذه الدراهم إلى من يستحقها من ولد فاطمة (عليه السلام) وكان في نيتي أن الذي رأيته هو الرجل وإنما تدفعها إليه، فأخذت الدراهم وصعدت وبقيت ساعة ثم نزلت، فقالت: يقول لك ليس لنا فيها حق اجعلها في الموضع الذي نويت ولكن هذه الرضوية خذ منا بدلها وألقها في الموضع الذي نويت، ففعلت وقلت في نفسي الذي أمرت به عن الرجل، ثم كان معي نسخة توقيع خرج إلى القاسم بن العلاء بآذربيجان فقلت لها: تعرضين هذه النسخة على إنسان قد رأى توقيعات الغائب؟ فقالت: ناولني فإني أعرفه فأريتها النسخة وظننت أن المرأة تحسن أن تقرأ، فقالت: لا يمكنني أن أقرأ في هذا المكان فصعدت الغرفة ثم أنزلته فقالت: صحيح وفي التوقيع (أبشركم ببشرى ما بشرت به إياه وغيره) ثم قالت: يقول لك (إذا صليت على نبيك (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف تصلي عليه؟) فقلت: أقول اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. فقال: لا إذا صليت عليهم فصل عليهم كلهم وسمهم، فقلت: نعم، فلما كانت من الغد نزلت ومعها دفتر صغير فقالت: يقول لك (إذا صليت على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فصل عليه وعلى أوصيائه على هذه النسخة)، فأخذتها وكنت أعمل بها ورأيت عدة ليال قد نزل من الغرفة وضوء السراج قائم وكنت أفتح الباب وأخرج على أثر الضوء وأنا أراه أعني الضوء ولا أرى أحدا حتى يدخل المسجد، وأرى جماعة من الرجال من بلدان شتى يأتون باب هذه الدار فبعضهم يدفعون إلى العجوز رقاعا معهم، ورأيت العجوز قد دفعت إليهم كذلك الرقاع فيكلمونها وتكلمهم ولا أفهم عنهم، ورأيت منهم في منصرفنا جماعة في طريقي إلى أن قدمت بغداد، نسخة الدفتر الذي خرج.

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وحجة رب العالمين المنتجب في الميثاق المصطفى في الظلال المطهر من كل آفة البري‏ء من كل عيب المؤمل للنجاة المرتجى للشفاعة المفوض إليه دين الله اللهم شرف بنيانه وعظم برهانه وأفلج حجته وارفع درجته وأضئ نوره وبيض وجهه وأعطه الفضل والفضيلة والدرجة والوسيلة الرفيعة وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون، وصل على أمير المؤمنين ووارث المرسلين وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين وحجة رب العالمين، وصل على الحسن بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، وصل على الحسين بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، وصل على علي بن الحسين إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، وصل على محمد بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، وصل على جعفر بن محمد إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، وصل على موسى بن جعفر إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، وصل على علي بن موسى إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، وصل على محمد بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، وصل على علي بن محمد إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، وصل على الحسن بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، وصل على الخلف الصالح الهادي المهدي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين، اللهم صل على محمد وأهل بيته الأئمة الهادين المهديين العلماء الصادقين الأبرار المتقين دعائم دينك وأركان توحيدك وتراجمة وحيك وحججك على خلقك وخلفائك في أرضك الذين اخترتهم لنفسك واصطفيتهم على عبادك وارتضيتهم لدينك وخصصتهم بمعرفتك وجللتهم بكرامتك وغشيتهم برحمتك وربيتهم بنعمتك وغذيتهم بحكمتك وألبستهم نورك ورفعتهم في ملكوتك وحففتهم بملائكتك وشرفتهم بنبيك، اللهم صل على محمد وعليهم صلاة كثيرة دائمة طيبة لا يحيط بها إلا أنت ولا يسعها إلا علمك ولا يحصيها أحد غيرك، اللهم صل على وليك المحيي سنتك القائم بأمرك الداعي إليك الدليل عليك وحجتك على خلقك وخليفتك في أرضك وشاهدك على عبادك، اللهم أعز نصره ومد في عمره وزين الأرض بطول بقائه اللهم اكفه بغي الحاسدين وأعذه من شر الكائدين وازجر عنه إرادة الظالمين وتخلصه من أيدي الجبارين، اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه وتسر به نفسه وبلغه أفضل أمله في الدنيا والآخرة إنك على كل شي‏ء قدير، اللهم جدد به ما محي من دينك وأحي به ما بدل من كتابك وأظهر به ما غير من حكمك حتى يعود دينك به وعلى يديه غضا جديدا خالصا مخلصا لا شك فيه ولا شبهة معه ولا باطل عنده ولا بدعة لديه، اللهم نور بنوره كل ظلمة وهد بركنه كل بدعة واهدم بعزته كل ضلالة واقصم به كل جبار وأخمد بسيفه كل نار وأهلك بعدله كل جائر وأجر حكمه على كل حكم وأذل بسلطانه كل سلطان، اللهم أذل كل من ناواه وأهلك كل من عاداه وامكر بمن كاده واستأصل من جحد حقه واستهان بأمره وسعى في إطفاء نوره وأراد إخماد ذكره، اللهم صل على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن الرضا والحسين المصطفى وجميع الأوصياء مصابيح الدجى وأعلام الهدى ومنار التقى والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم وصل على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده ومد في أعمارهم وزد في آجالهم وبلغهم أقصى آمالهم دينا ودنيا وآخرة إنك على كل شيء قدير).

 حديث المفضل بن عمر

يقول العبد الضعيف محمد تقي الشريف مصنف هذا الكتاب ولما وفقني الله تعالى وله الحمد بإتمام هذا الكتاب المستطاب على ما أريد رأيت أن أضيف إليه نافلة تشتمل على بعض سير الحجة المنتظر عجل الله فرجه وسهل مخرجه حال ظهوره شكرا مني لهذه الموهبة العظمى والعطية الكبرى وهي حديث المفضل بن عمر المعروف الذي أورده جماعة من أصحابنا في تأليفاتهم عن كتاب الهداية للحسين بن حمدان الحضيني (الخصيبي) غير أني وقفت عليه في كتاب آخر لابن حمدان المذكور بزيادات لم تذكر في كتابه ذلك إما اختصارا منه وإما إسقاطا من رواة الكتاب فإنا أوردناه من ذلك الكتاب قضاء للشرط الذي قررته في صدر الكتاب، فأقول وبالله التوفيق:

روى الحسين بن حمدان في كتابه الموضوع لأحوال الأئمة (عليهم السلام) ودلائلهم قال: (حدثني محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله الحسنيان عن أبي شعيب محمد بن نصير عن ابن الفرات عن محمد بن المفضل قال: سألت سيدي أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) ، قال: : حاشا لله أن يوقت له وقت أو يوقت له شيعتنا ، قال: قلت يا مولاي ولم ذلك؟ قال: لأنه هو الساعة التي قال الله تعالى فيها ﴿يسألونك عن الساعة أيان مرسيها﴾ وقوله : ﴿قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾ وقوله  ﴿عنده علم الساعة﴾  ولم يقل أحد دونه وقوله  ﴿هل ينظرون إلى الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فإني لهم إذا جاءتهم ذكراهم﴾  وقوله  ﴿اقتربت الساعة وانشق القمر﴾  وقوله  ﴿وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد﴾  قلت : يا مولاي ما معنى ﴿ يمارون﴾ ؟ قال: : يقولون متى ولد ؟ ومن رآه؟ وأين هو ؟ وأين يكون ؟ ومتى يظهر ؟ كل ذلك استعجالا لأمر الله وشكا في قضائه وقدرته  ﴿أولئك الذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة وإن للكافر لشر مآب﴾  .

قال المفضل : يا مولاي فلا يوقت له وقت ؟ قال: يا مفضل لا يوقت فمن وقت لمهدينا وقتا فقد شارك الله في علمه وادعى أنه يظهره على أمره وما لله سر إلا وقد وقع إلى هذا الخلق المنكوس الضال عن الله الراغب عن أولياء الله وما لله خزانة هي أحصن سراً عندهم أكبر من جهلهم به وإنما ألقى قوله إليهم لتكون لله الحجة عليهم، قال المفضل : يا سيدي فكيف بدو ظهور المهدي إليه التسليم ؟ قال:  يا مفضل يظهر في سنة يكشف لستر أمره ويعلو ذكره وينادى باسمه وكنيته ونسبه ويكثر ذلك في أفواه المحققين والمبطلين والموافقين والمخالفين ليلزمهم الحجة لمعرفتهم به على أننا نصصنا ودللنا عليه ونسبناه وسميناه وكنيناه وقلنا سمي جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنيه ، لئلا يقول الناس ما عرفنا اسمه ولا كناه ولا نسبه ووالله ليحقن الإفصاح به وباسمه وكنيته على ألسنتهم حتى يكون كتسمية بعضهم لبعض كل ذلك للزوم الحجة عليهم، ثم يظهر الله كما وعد جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في قوله عز من قائل  ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾ ، قال المفضل : قلت : وما تأويل قوله  ﴿ليظهره على الدين كله﴾ ؟ قال: هو قول الله تعالى  ﴿قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله﴾  كما قال الله عز وجل  ﴿إن الدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾ ، قال المفضل: فقلت يا سيدي والدين الذي أتى به آدم ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى ومحمد هو الإسلام؟ قال: نعم يا مفضل هو الإسلام لا غير، قلت: فنجده في كتاب الله؟ قال: نعم من أوله إلى آخره وهذه الآية منه  ﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾  وقوله عز وجل  ﴿ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل﴾  وفي قصة إبراهيم وإسماعيل  ﴿واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك﴾  وقوله في قصة فرعون  ﴿حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت إنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين﴾  وفي قصة سليمان وبلقيس قالت  ﴿وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين﴾  وقول عيسى للحواريين  ﴿من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون﴾ وقوله تعالى ﴿وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون﴾  وقوله في قصة لوط  ﴿فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين﴾ ولوط قبل إبراهيم، وقوله  ﴿قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وإلى قوله لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون﴾  وقوله  ﴿أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت﴾. . . إلى قوله  ﴿إلها واحدا ونحن له مسلمون﴾، قال المفضل: يا مولاي كم الملل؟ قال: يا مفضل الملل أربعة، وهي الشرائع، قال المفضل: يا سيدي المجوس لم سموا مجوسا؟ قال: لأنهم تمجسوا في السريانية، وادعوا على آدم وابنه شيث هبة الله أنه أطلق لهم نكاح الأمهات والأخوات والعمات والخالات والبنات والمحرمات من النساء، وأنه أمرهم أن يصلوا للشمس حيث وقفت من السماء ولم يجعلوا لصلاتهم وقتا وإنما هو افتراء على الله الكذب وعلي آدم وشيث، قال المفضل: يا سيدي فلم سموا قوم موسى اليهود؟ قال: لقول الله عنهم ﴿هدنا إليك﴾ أي اهديتنا إليك، قال: والنصارى لم سموا نصارى؟ قال: لقول عيسى يا بني إسرائيل من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فسموا نصارى لنصرة دين الله، قال المفضل: ولم سموا الصابئون؟ قال: لأنهم صبوا إلى تعطيل الأنبياء والرسل والملل والشرائع وقالوا كل ما جاء به هؤلاء باطل وجحدوا توحيد الله ونبوة الأنبياء والرسل والأوصياء فهم بلا شريعة ولا كتاب ولا رسول وهم معطلة العالم، قال المفضل: سبحان الله فما أجل هذا من علم، قال: نعم يا مفضل وألقيه إلى شيعتنا لئلا يشكون في الدين، قال المفضل: يا سيدي ففي أي بقعة يظهر المهدي؟ قال الصادق (عليه السلام): لا تراه عين في وقت ظهوره إلا رأته كل عين فمن قال لكم غير هذا فكذبوه، قال المفضل: يا سيدي وفي أي وقت ولادته، قال: بلى وبل والله لا يرى من ساعة ولادته إلى ساعة وفات أبيه سنتين وسبعة أشهر أولها وقت الفجر من ليلة يوم الجمعة لثمان ليال خلت من شهر شعبان، الثمان ليال خلت من شهر ربيع الأول من سنة ستين ومائتين، ثم يرى بالمدينة التي تبنى بشاطئ الدجلة بناها المتكبر الجبار المسمى باسم جعفر العيار المتلقب بالمتوكل وهو المتأكل لعنه الله وهي مدينة تدعى سر من رأى وهي ساء من رأى، يرى شخصه المؤمن المحق ولا يرى شخصه المنكر المرتاب وينفذ فيها أمره ونهيه ويغيب عنها فيظهر في القصر بصاريا بجانب المدينة حرم جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيلقاه هناك بالقصر  من يسعده الله بالنظر إليه ثم يغيب في آخر يوم من سنة ست وستين ومائتين فلا تراه عين واحدة حتى تراه كل عين.

قال المفضل: يا سيدي فمن يخاطبه ولمن يخاطب؟

قال الصادق (عليه السلام): تخاطبه حتى تراه كل عين الملائكة والمؤمنون من الجن، ويخرج أمره ونهيه إلى نقبائه ووكلائه ويقعد بابه محمد بن نصير في يوم غيبته بصاريا، ثم يظهر بمكة والله يا مفضل كأني أنظر إليه وهو داخل مكة وعليه بردة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى رأسه عمامة صفراء وفي رجله نعلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المخصوفة وفي يده هراوته يسوق بين يديه أعنزاً عجافاً حتى يقبل بها نحو البيت وليس من أحد يعرفه ويظهر وهو شاب عرنوف، فقال له المفضل: يا سيدي يعود شابا أو يظهر في شيبته؟ قال: سبحان الله وهل يغرب عليك؟ يظهر كيف شاء وبأي صورة يشاء إذا جاءه الأمر من الله جل ذكره.

قال المفضل: يا سيدي فيمن يظهر وكيف يظهر؟

فقال له: يا مفضل يظهر وحده ويأتي البيت وحده ويلجأ إلى الكعبة وحده ويجن عليه الليل وحده، فإذا نامت العيون وغسق الليل نزل إليه جبرائيل وميكائيل والملائكة صفوفا فيقول له جبرائيل: يا سيدي قولك مقبول وأمرك جار، فيمسح يده على وجهه ويقول﴿الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين﴾، ثم يقف بين الركن والمقام ويصرخ صرخة ويقول: (معاشر نقبائي وأهل خاصتي ومن ذخرهم الله لظهوري على وجه الأرض إئتوني طائعين) فترد صيحته عليهم وهم في محاريبهم وعلى فرشهم وهم في شرق الأرض وغربها فيسمعوا صيحة واحدة في أذن رجل واحد، فيجيئوا نحوه ولا يمضي لهم إلا كلمح البصر حتى يكونوا بين يديه بين الركن والمقام، فيأمر الله النور أن يصير عمودا من الأرض إلى السماء فيستضئ به كل مؤمن على وجه الأرض ويدخل عليه نوره في جوف بيته فتفرح نفوس المؤمنين بذلك النور وهم لا يعلمون بظهور قائمنا القائم (عليه السلام)، ثم يصبح نقباؤه بين يديه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدد أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيوم بدر.

قال المفضل: قلت يا سيدي والاثنان وسبعون رجلا أصحاب أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) يظهرون معهم؟

قال: يظهر معهم الحسين بن علي في اثني عشر ألف صديق من شيعته وعليه عمامة سوداء.

فقال المفضل: يا سيدي فنقباء القائم إليه التسليم بايعوه له قبل قيامه؟.

قال: يا مفضل كل بيعة قبل ظهور القائم فبيعة كفر ونفاق وخديعة لعن الله المبايع لها والمبايع له بل يا مفضل يسند القائم ظهره إلى الكعبة البيت الحرام ويمد يده المباركة فترى بيضاء من غير سوء فيقول (هذه يد الله وعن الله وبأمر الله) ثم يتلو هذه الآية ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً ﴾ فيكون أول من يقبل يده جبرائيل (عليه السلام) ثم يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجن ثم النقباء، ويصبح الناس بمكة فيقولون: من هذا الرجل الذي بجانب الكعبة وما هذا الخلق الذي معه وما هذه الآية التي رأيناها في هذه الليلة ولم ير مثلها؟ فيقول بعضهم لبعض: هو صاحب العنيزات، ثم يقول بعضهم لبعض: انظروا هل تعرفون أحداً ممن معه؟ فيقولون: لا نعرف منهم إلا أربعة من أهل مكة وأربعة من أهل المدينة وهم فلان وفلان يعدونهم بأسمائهم ويكون هذا أول طلوع الشمس من ذلك اليوم، فإذا طلعت الشمس وابيضت صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين يسمعه من في السماوات والأرض (يا معشر الخلائق هذا مهدي آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)) ويسميه باسم جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويكنيه بكنيته ونسبه لأبيه الحسن الحادي عشر (فاتبعوه تهتدوا ولا تخالفوا أمره فتضلوا) فأول من يلبي نداءه الملائكة ثم الجن ثم النقباء ويقولون: سمعنا وأطعنا ولم يبق ذو إذن إلا سمع ذلك النداء، وتقبل الخلق من البدو والحضر والبر والبحر يحدث بعضهم بعضا ويفهم بعضهم بعضا مما سمعوه بآذانهم نهارهم كله، فإذا دنت الشمس بالغروب صرخ صارخ من مغاربها (يا معاشر الخلائق لقد ظهر ربكم بالوادي اليابس من أرض فلسطين وهو عثمان ابن عنبسة الأموي من ولد يزيد بن معاوية لعنهم الله فاتبعوه تهتدوا ولا تخالفوا عليه فتضلوا) فترد عليه الملائكة والجن والنقباء قوله ويكذبونه ويقولون (سمعنا وعصينا) ولا يبقى ذو شك ولا مرتاب ولا منافق ولا كافر إلا ضل النداء الثاني، ويسند القائم (عليه السلام) ظهره إلى الكعبة فيقول (معشر الخلائق ألا من أراد أن ينظر إلى آدم وشيث فها أنا آدم وشيث، ألا من أراد أن ينظر إلى نوح وسام فها أنا نوح وسام، ألا من أراد أن ينظر إلى إبراهيم وإسماعيل فها أنا إبراهيم وإسماعيل، ألا ومن أراد ان ينظر إلى موسى ويوشع فها أنا موسى ويوشع، ألا ومن أراد أن ينظر إلى عيسى وشمعون فها أنا عيسى وشمعون، ألا ومن أراد أن ينظر إلى محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين فها أنا محمد وأمير المؤمنين، ألا من أراد أن ينظر إلى الحسن والحسين فها أنا الحسن والحسين، ألا من أراد أن ينظر إلى الأئمة من ولد الحسين فها أنا هم واحداً بعد واحد فها أنا هم، فلينظر إلي وليسألني فإني أنبؤ بما نبؤوا به وما لم ينبؤوا به، ألا من كان يقرأ الكتب والصحف فليسمع إلي) ثم يبتدأ بالصحف التي أنزل الله على آدم وشيث فيقرأها، فتقول أمة آدم وشيث: هذه والله الصحف حقاً ولقد قرأنا ما لم نكن نعلمه منها وما أخفي عنا وما كان خفي عنا وما كان أسقط وبدل وحرف، ويقرأ صحف نوح وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل والزبور فيقول أهل التوراة والإنجيل والزبور: هذه والله صحف نوح وإبراهيم حقاً وما أسقط وبدل حرفا منها وهذه والله التوراة الجامعة والزبور التام والإنجيل الكامل وإنها لأضعاف ما قرأنا منها، ثم يتلو القرآن فيقول المسلمون: هذا والله القرآن حقا الذي أنزل الله على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وما أسقط وبدل حرف لعن الله من أسقطه وبدله وحرفه ،ثم تظهر الدابة بين الركن والمقام فتكتب في وجه المؤمن مؤمن وفي وجه الكافر كافر ،ثم يقبل على القائم رجل وجهه إلى قفاه وقفاه إلى صدره ويقف بين يديه فيقول : يا سيدي أنا بشير أمرني ملك من الملائكة أن ألحق بك وأبشرك بهلاك سرايا السفياني بالبيداء، فيقول له القائم (عليه السلام) (ما قصتك وقصة أخيك نذير؟) فيقول الرجل: كنت وأخي نذيرا في جيش السفياني فأخربنا الدنيا من دمشق إلى الزوراء، وأخربنا الزوراء وتركناها جماء وأخربنا الكوفة وأخربنا المدينة، وراثت بغالنا في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخرجنا منها وعددنا ثلاثمائة ألف رجل نريد مكة وإخراب البيت وقتل أهله، فلما صرنا بالبيداء عرسنا بها فصاح بنا صائح: يا بيداء أبيدي بالقوم الظالمين، فانفجرت الأرض فابتلعت كل الجيش فوالله ما بقي على الأرض عقال ناقة فما سواه غيري وغير أخي فإذا نحن بملك قد صرف وجهنا إلى ورائنا كما ترى وقال لأخي (ويلك يا نذيرامض إلى الملعون بدمشق وأنذره بظهور مهدي آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن الله قد أهلك جيشه بالبيداء) وقال لي (يا بشير الحق بالمهدي بمكة فبشره بهلاك القوم الظالمين وتب على يده فإنه يقبل توبتك) فيمر القائم يده على وجهه فيرده سويا كما كان فيبايعه معهم ويكون معه، قال المفضل: يا سيدي وتظهر الملائكة والجن للناس؟ قال: إي والله يا مفضل ويخالطونهم كما يكون الرجل مع خاصته وأهل بيته، قلت: يا سيدي ويسيرون معه؟ قال: إي والله ولينزلن أرض الهجرة وما بين الكوفة والنجف وعدة أصحابه ستة وأربعون ألفا من الملائكة وستة آلاف من الجن بهم ينصره الله ويفتح على يده، قال المفضل قلت يا سيدي فماذا يصنع بأهل مكة؟ قال: يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة فيطيعونه ويستخلف عليهم من أهل بيته ويخرج يريد المدينة، قال المفضل : يا سيدي فما يصنع بالبيت؟ قال: ينقضه ولا يدع منه إلا القواعد التي هي أول بيت وضع للناس ببكة في عهد آدم والذي رفعه إبراهيم وإسماعيل منها وإن الذي بني بعدهما لم يبنه نبي ولا وصي ثم يبنيه كما يشاء، ولعفين آثار الظلمة بمكة والمدينة والعراق وسائر الأقاليم وليهدمن جامع الكوفة وليبنيه على بنائه الأول وليهدمن قصر العتيق ملعون ملعون من بناه، قال المفضل: يا سيدي فيقيم بمكة؟ قال: لا بل يا مفضل يستخلف فيها رجلا من أهله فإذا سار منها وثبوا عليه فيقتلونه فيرجع إليهم فيأتوا مقنعي رؤوسهم يبكون ويتضرعون ويقولون: يا مهدي آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) التوبة فيعظهم وينذرهم ويحذرهم ثم يستخلف عليهم خليفة ويسير عنهم، فيثبون عليه بعده فيقتلونه فيرد عليهم أنصاره من الجن والنقباء ويقول لهم (ارجعوا إليهم فلا تبقوا منهم بشراً إلا من وسم وجهه بالإيمان فلولا إن رحمة الله وسعت كل شيء وأنا تلك الرحمة لرجعت إليهم معكم فقد قطعوا الأعذار بينهم وبين الله وبيني وبينهم فيرجعون إليهم فوالله لا يسلم من المائة منهم واحد لا والله ولا من الألف واحد) قال المفضل: قلت يا سيدي فأين تكون دار المهدي ومجمع المؤمنين؟ قال: دار ملكه الكوفة ومجلس الحكم جامعها وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة ومواضع خلوته الذكوات البيض من الغريين. قال المفضل: يا مولاي كل المؤمنون يكونون بالكوفة؟ قال: إي والله يا مفضل لا يبقى مؤمن إلا كان بها أو حواليها وليبلغن مربط شاة ألف درهم إي والله وليودن كثيراً من الناس لو إنهم اشتروا شبراً من أرض السبيع بشبر من ذهب والسبيع خطة من خطط الهمدان ولتصيرن الكوفة أربعة وخمسين ميلا ولتحولن قصورها بكربلا وليصيرن الله كربلا معقلا ومقاما يعكف فيه الملائكة والمؤمنون وليكونن لها شأن عظيم وليكونن فيها البركات ما لو وقف فيها مؤمن فدعا ربه لأعطاه بدعوته مثل ملك الدنيا ألف مرة.

ثم تنفس أبو عبد الله (عليه السلام) وقال: يا مفضل إن بقاع الأرض تفاخرت ففخرت كعبة البيت الحرام على البقيعة بكربلاء فأوحى الله إليها (اسكني كعبة البيت الحرام فلا تفخري عليها فإنها البقعة المباركة التي نودي موسى منها من الشجرة وإنها الربوة التي أوت إليها مريم والمسيح وإنها الرابية التي غسل فيها رأس الحسين (عليه السلام)، وفيها غسلت مريم عيسى (عليهم السلام) واغتسلت بعد ولادتها، وإنها خير بقعة عرج رسول الله عيسى(عليه السلام) منها في وقت غيبته، ولتكونن لشيعتنا فيها حياة إلى ظهور قائمنا (عليه السلام).

قال المفضل: قلت يا سيدي ثم يسير المهدي إلى أين؟.

قال: إلى مدينة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا هو وردها كان له بها مقام عجيب يظهر فيه سرور المؤمنين وخزي الكافرين.

قال المفضل: قلت يا سيدي ما هو ذلك؟ قال: يرد إلى قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقول (يا معشر الخلائق هذا قبر جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟) فيقولون: نعم يا مهدي آل محمد، فيقول (ومن معه في القبر؟) فيقولون: ضجيعاه وصاحباه فلان وفلان، فيقول (وهو بهما أعلم من الخلق جميعا ومن فلان وفلان وكيف دفنا من بين الخلق مع جدي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)  وعسى المدفون غيرهما؟) فيقول الناس: يا مهدي آل محمد ما هاهنا غيرهما وإنما دفنا لأنهما خليفتا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبوا زوجتيه، فيقول للخلق بعد ثلاثة أيام (أخرجوهما من قبرهما فإن خرجا غضين طريين لم يتغير خلقهما ولم تشحب ألوانهما هل فيكم رجل من يعرفهما؟) فيقولون: يا مهدي آل محمد نعرفهما بالصفة ونتبينهما لأن ليس ضجيعي جدك غيرهما، فيقول: هل فيكم أحد يقول غير هذا أو يشك فيهما؟) ويقولون: لا، فيؤخر إخراجهما ثلاثة أيام ثم ينتشر الخبر في الناس وباتوا مفتنين من والاهما بذلك الحديث، ويجتمع الناس ويحضر المهدي ويكشف الجداران عن القبرين ويقول للنقباء (ابحثوا عنهما وانبشوهما) فيبحثون بأيديهم حتى يصلوا إليهما فيخرجان غضين طريين كهيئة صورتهما في الدنيا، فيكشف عنهما أكفانهما ويأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبان عليها فتحيى الشجرة وترتفع وتورق ويطول فرعها فيقول المرتابون من أهل ولايتهما: هذا والله الشرف حقاً ولقد فزنا بمحبتهما وولايتهما، ويحشر من أخفى نفسه ممن في نفسه مقياس حبة من محبتهما فيحضرونهما ويرونهما ويفتنون بهما وينادي منادي المهدي (عليه السلام) :كل من أحب صاحبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وضجيعيه فلينفرد جانبا،ً فيجتزأ الخلق جزأين موال لهما ومتبرئ منهما فيعرض المهدي (عليه السلام) عليهم البراءة منهما فيقولون: يا مهدي آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نحن لم نتبرأ منهما وليس نعلم أن لهم عند الله وعندك هذه المنزلة وهذا الذي قد بدا لنا من فضلهما نتبرأ منهما الساعة وقد رأينا منهما ما رأيناه في هذا الوقت من نضارتهما وغضاضتهما وحياة هذه الشجرة بهما بل والله نبرأ منك لنبشك لهما وصلبك إياهما، فيأمر المهدي ريحاً سوداء تهب عليهم فتجعلهم كأعجاز نخل خاوية، ثم يأمر بإنزالهما فينزلان إليه فيحييهما بإذن الله تعالى ويأمر الخلق بالاجتماع ثم يقص عليهما قصص أفعالهما في كل كور ودور حتى يقص عليهما قتل هابيل بن آدم وجمع النار لإبراهيم وطرح يوسف في الجب وحبس يونس في الحوت وقتل يحيى وصلب عيسى وعذاب جرجيس ودانيال وضرب سلمان الفارسي وإشعال النار على باب أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) لإحراقهم وضربهم يد الصديقة الكبرى فاطمة بسوط قنفذ ورفسه بطنها وإسقاطها محسنا وسم الحسن (عليه السلام) وقتل الحسين (عليه السلام) وذبح أطفاله وبني عمه وأنصاره وسبي ذراري رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإراقة دماء آل محمد وكل دم مؤمن سفك وكل فرج نكح حرام وكل زنا وسحر وفاحشة وإثم وظلم وجور وغشم منذ عهد آدم إلى وقت قائمنا، كل ذلك يعده عليهما ويلزمهما إياه ويعترفان به، ثم يأمر بهما فيقتص منهما ذلك الوقت بمظالم من حضر ثم يصلبهما على الشجرة ويأمر ناراً تخرج من الأرض فتحرقهما والشجرة ثم يأمر ريحا فتنسفهما في اليم نسفا.

قال المفضل: يا سيدي وذلك آخر عذابهما؟

قال: هيهات يا مفضل والله ليردن وليحضرن السيد الأكبر محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والصديق الأكبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة إمام إمام (عليهم السلام) وكل من محض الإيمان محضاً أو محض الكفر محضاً وليقتصن لجميع المظالم حتى إنهما ليقتلان كل يوم ألف قتلة ويردان إلى ما شاء الله من عذابهما ،ثم يسير المهدي إلى الكوفة وينزل ما بين الكوفة وبين النجف وعدد أصحابه في ذلك اليوم ستة وأربعون ألفا من الملائكة وستة آلاف من الجن والنقباء ثلاثمائة وثلاثة عشر.

قال المفضل: يا سيدي فكيف تكون دار الفاسقين الزوراء في ذلك الوقت؟

قال: في لعنة الله وفي سخطه وبطشه تخربها الفتن وتتركها جماء فالويل لها ولمن بها كل الويل من الرايات الصفر ومن رايات المغرب ومن كلب الجزيرة ومن الرايات التي تسير إليها من كل قريب وبعيد، والله لينزلن بها من صنوف العذاب ما لم ينزل بسائر الأمم المتمردة من أول الدهر إلى آخره ولينزلن بها من العذاب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت بمثله ولا يكون طوفان أهلها إلا بالسيف، الويل عند ذلك لمن اتخذها مسكنا فإن المقيم بها يشقى بمقامه والخارج منها برحمة الله، يا مفضل لتنافس أهلها في الدنيا حتى يقال إنها هي الدنيا وإن دورها وقصورها هي الجنة وإن نساءها من الحور العين وإن ولدانها هم الولدان وليظنن الناس أن الله لم يقسم رزق العباد إلا بها وليظهرن فيها من الافتراء على الله ورسوله والحكم بغير كتابه ومن شهادات الزور وشرب الخمور وركوب الفسق والفجور وأكل السحت وسفك الدماء مالا يكون في الدنيا إلا دونه، ثم ليخربنها الله تبارك وتعالى بتلك الفتن والرايات حتى ليمر عليها المار فيقول هيهنا كانت الزوراء.

قال المفضل: ثم ماذا يا سيدي.

قال: ثم يخرج الفتى الصبيح الذي من نحو الديلم يصيح بصوت له فصيح (يا آل احمد اجيبوا الملهوف والمنادي من حول الضريح) فتجيبه كنوز الله بالطالقان، كنوز وأي كنوز ليست من ذهب ولا فضة بل هم رجال كزبر الحديد كأني أنظر إليهم على البرازين الشهب في أيديهم الحراب يتغاورون شوقا إلى الحرب كما تغاور الذئاب، أميرهم رجل من تميم يقال له شعيب بن صالح فيقبل الحسني إليهم وجهه كدائرة القمر يروع الناس جمالاً أنفاً، فيقفي على أثر الظلمة فيأخذ سيفه الصغير والكبير والوضيع والعظيم ثم يسير بتلك الرايات كلها حتى يرد الكوفة وقد صفا أكثر الأرض فيجعلها له معقلاً ويتصل به وأصحابه خبر المهدي (عليه السلام) فيقولون له: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذا الذي قد نزل بساحتنا؟ فيقول: أخرجوا بنا إليه حتى ننظر من هو وما يريد وهو والله يعلم إنه المهدي وإنه يعرفه وإنه لم يرد بذلك الأمر إلا الله، فيخرج الحسني في أمر عظيم بين يديه أربعة آلاف رجل في أعناقهم المصاحف وعليهم المسوخ متقلدين بسيوفهم فيقرب الحسني حتى ينزل بالقرب من المهدي ثم يقول لأصحابه: سلوا عن هذا الرجل من هو ومن أين هو وماذا يريد؟ فيخرج بعض أصحاب الحسني إلى عسكر المهدي فيقول: أيها العسكر الجليل من أنتم حياكم الله ومن صاحبكم هذا وماذا تريدون؟ فيقول أصحاب المهدي: هذا ولي الله مهدي آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ونحن أنصاره من الملائكة والإنس والجن، فيقول أصحاب الحسني له: يا سيدنا أما تسمع ما يقول هؤلاء في صاحبهم؟ فيقول الحسني: خلوا بيني وبين القوم فأنا أهل بيت على هدى حتى أنظر فسينظروني، فيخرج الحسني من عسكره ويخرج المهدي (عليه السلام) ويقفان بين العسكرين فيقول له الحسني: إن كنت مهدي آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فأين هراوة جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه المربوع وناقته العضباء وبغلته الدلدل وحماره اليعفور ونجيبه البراق وتاجه والمصحف الذي جمعه جدك أمير المؤمنين (عليه السلام) بغير تبديل ولا تغيير؟ قال: فيحضر المهدي السفط الذي فيه جميع ما طلبه.

قال المفضل: يا سيدي فهذا كله في السفط؟ .

قال: إي والله في السفط يا مفضل وتركات جميع النبيين حتى عصا آدم وآلة نوح وتركة هود وصالح ومجمع إبراهيم وصاع ومكيال شعيب وميزانه وعصا موسى والتابوت الذي فيه بقية ما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ودرع داود وعصاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخاتم سليمان وتاجه ورحل عيسى وميراث النبيين والمرسلين في ذلك السفط، فيقول الحسني: حسبي يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعض ما قد رأيت والذي أسألك أن تغرز هراوة رسول الله جدك (صلى الله عليه وآله وسلم) -وهو لا يريد لذلك إلا أن يرى أصحابه فضل المهدي (عليه السلام) حتى يطيعوه ويتألفوه- في هذا الحجر الصلد ويسأل الله أن ينبتها فيه وهؤلاء ينظرون، فيخرج له المهدي جميع ما طلبه منه ويأخذ المهدي الهراوة بيده وغرزها في الحجر فتنبت وتعلو وتفرع وتورق حتى ظللت عسكر المهدي وعسكر الحسني فيقول الحسني: الله أكبر مد يابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يدك حتى أبايعك فيمد يده فيبايعه ويبايع سائرعسكر الحسني إلا الأربعة آلاف أصحاب المصاحف والمسوح الشعر المعروفون بالزيدية فإنهم يقولون: ما هذا إلا سحر عظيم، فيختلط العسكران ويقبل المهدي على الطائفة المنحرفة فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيام فلم يزدادوا إلا طغيانا وكفراً فيأمر بقتلهم، كأني أنظر إليهم وقد ذبحوا على مصاحفهم وتمرغوا بدمائهم فيقبل بعض أصحاب المهدي ليأخذ المصاحف فيقول لهم المهدي دعوها تكون عليهم حسرة كما بدلوها وغيروها وحرقوها ولم يعملوا بما فيها.

قال المفضل : ثم ماذا يصنع المهدي يا سيدي؟

قال: يثور سراياه إلى السفياني بدمشق فيأخذوه ويذبحونه على الصخرة، ثم يظهر الحسين (عليه السلام) في اثني عشر ألف صديق واثنين وسبعين رجلاً أصحابه يوم كربلاء فيا لك عندها من كرة زهراء ورجعة بيضاء، ثم يخرج الصديق الأكبر أمير المؤمنين(عليه السلام) وينصب له القبة البيضاء على النجف وتقام أركانها ركن بالنجف وركن بهجر وركن بصنعاء وركن بأرض طيبة وهي مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لكأني أنظر مصابيحها تشرق في السماء والأرض كالضوء من الشمس والقمر فعندها (تبلى السرائر وتذهل كل مرضعة عما أرضعت) إلى آخر الآية، ثم يظهر السيد الأكبر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في أنصاره والمهاجرين إليه ومن آمن به وصدقه واستشهد معه، ويحضر مكذبوه والشاكون فيه والمكفرون له والقائلون فيه إنه ساحر وكاهن ومجنون ومعلم وشاعر وناطق سفن الهوى ومن حاربه وقاتله حتى يقتص منهم بالحق ويجاوزوا بأفعالهم منذ وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ظهور المهدي (عليه السلام) مع إمام امام ووقت وقت ويحق تأويل هذه الآية ﴿ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون﴾.

قال المفضل: قلت يا سيدي من هامان وفرعون؟

قال: فلان وفلان ينشآن ويحيان.

قال المفضل: قلت يا سيدي فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) أين يكونان؟ .

فقال: إن رسول الله وأمير المؤمنين لا بد أن يطآ الأرض إي والله حتى ما وراء قاف إي والله وما في الظلمات وما في قعر البحار حتى لا يبقى موضع قدم إلا وطآه وأقاما فيه الدين الواصب لله، لكأني أنظر يا مفضل إلينا معاشر الأئمة ونحن بين يدي جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نشكوا إليه ما نزل بنا من الأمة بعده وما نالنا من التكذيب والرد علينا وسبنا ولعننا وتخويفنا بالقتل وقصد طواغيتهم الولاة لأمورهم من دون الأمة ترحلنا عن حرمه إلى ديار ملكهم وقتلهم إيانا بالسم والحبس وبالكيد، فيبكي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول (يا بني ما نزل بكم إلا ما نزل بجدكم قبلكم ولو علمت طواغيتهم وولاتهم أن الحق والهدى والإيمان والوصية والإمامة في غيركم لطلبوه، ثم تبتدئ فاطمة (عليه السلام) تشكو ما نالها من أبي بكر وعمر من أخذ فدك منها ومشيها إليهم في مجمع المهاجرين والأنصار وخطابها إلى أبي بكر في أمر فدك وما رد عليها من قوله إن الأنبياء لا تورث لهم واحتجاجها عليه بقول الله عز وجل في قصة زكريا ويحيى ﴿فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا﴾ وقوله بقصة داود وسليمان ﴿وورث سليمان داود﴾وقول عمر لها هاتي صحيفتك التي ذكرت إن أباك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتبها لك على فدك وإخراجها الصحيفة وأخذ عمر إياها منها ونشره إياها على رؤوس الأشهاد من قريش والمهاجرين والأنصار وساير العرب وتفله فيها وعركها لها وتمزيقه إياها وبكائها ورجوعها إلى قبر أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) باكية تمشي على الرمضاء قد أقلقتها واستغاثتها بالله وبأبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتمثلها بقول رقية بنت صفية:

 قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختل أهلك فاشهدهم وقد لغبوا

أبدى رجال لنا فحوى صدورهم

لما نأيت وحالت دونك الحجب

نسخة الهداية :

قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا

فغاب لما مضيت وحالت دونك اللثب

تهضمتنا رجال واستخف بنا

لما مضيت وحالت دونك اللثب.

يا سيدي يا رسول الله لو نظرت

عيناك ما فعلت في آلك الصحب.

وكل قوم لهم قربى ومنزلة

عند الإله على الأدنين مقترب

يا ليت قبلك كان الموت حل بنا

أما أناس ففازوا بالذي طلبوا

وتقص عليه قصة أبي بكر وإنفاذه خالد بن الوليد وقنفذ وعمر بن الخطاب وجمع معهم، وإخراج أمير المؤمنين (عليه السلام) من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة واشتغال أمير المؤمنين (عليه السلام) بوفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وضم أزواجه وتعزيتهم وجمع القرآن وتأليفه وإنجاز عداته وهي ثمانون ألف درهم باع فيها تليده وطارفه وقضاها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقول عمر له أخرج يا علي إلى ما اجتمع عليه المسلمون من البيعة لأبي بكر فما لك عما اجتمعوا به فإن لم تفعل قتلناك، وقول فضة جارية فاطمة (عليه السلام) إن أمير المؤمنين عنكم مشغول والحق له لو انصفتموه واتقيتم الله ورسوله وسب عمر لها، وجمعهم الحطب الجزل على النار لإحراق أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب ورقية وأم كلثوم وفضة وإضرامهم النار على الباب، وخروج فاطمة (عليه السلام) إليهم وخطابها لهم من وراء الباب وقولها "ويحك يا عمر ما هذه الجرأة على الله ورسوله أفتريد أن تقطع نسله من الدنيا وبقيته وتطفي نور الله والله متم نوره " وانتهاره لها وقوله: كفي يا فاطمة فليس محمد حاضر ولا الملائكة تأتيه بالأمر والنهي والوحي من عند الله وما علي إلا كأحد من المسلمين فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعا، وقولها «يا شقي ياعدوي هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تبل له جبين في قبره ولامس الثرى أكفانه» ثم قالت وهي باكية «اللهم إليك أشكو فقد نبيك ورسولك وصفيك وارتداد أمته عليه ومنعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك وبلسانه» وانتهار عمر لها وخالد بن الوليد لها وقولهم دعي عنك يا فاطمة حماقات النساء فلم يكن الله يجمع لكم النبوة والخلافة، وأخذ النار في خشب الباب وإدخال قنفذ لعنه الله يده يريد فتح الباب وضرب عمر لها بسوط أبي بكر على عضدها حتى صار كالدملج الأسود المحترق وأنينها من ذلك وبكائها، وركز عمر برجله الباب حتى أصاب الباب بطنها وهي حاملة بمحسن لستة أشهر وإسقاطها إياه وصرختها عند رجوع الباب عليها، وهجوم عمر وقنفذ وخالد بن الوليد وصفقة عمر على خدها حتى بدا قرطاها من تحت خمارها وهي تجهر بالبكاء وتقول «وا أبتاه وا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)  ابنتك فاطمة تكذب وتضرب ويقتل جنين في بطنها ويلكم، يا أبتاه قد كشف ماكنت أصونه من نسيم الهوا أن يصل إليه من فوق الخمار» وضربها بيدها إلى الخمار لتكشفه وترفع ناصيتها إلى السماء تستعدي إلى الله وخروج أمير المؤمنين من داخل البيت محمر العينين والودجين حاسراً حتى ألقى ملاءته عليها وضمها لصدره وقوله لها «يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد علمت أن أباك بعث رحمة للعالمين فالله الله أن تكشفي خمارك وترفعي ناصيتك فوالله يا فاطمة إن فعلتي ذلك لا أبقى الله على الأرض من يشهد أن محمد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)  ولا موسى ولا عيسى ولا إبراهيم ولا نوح ولا داود ولا دابة تمشي على وجه الأرض ولا طائر يطير في السماء إلا أهلكه الله» ثم قال «يا بن الخطاب لك الويل وكل الويل من يومك هذا وما بعده وما يليه، أخرج قبل أن أشهر سيفي هذا فأفني غابر الأمة فخرج عمر وخالد وقنفذ وعبد الرحمن بن أبي بكر فصاروا من خارج الدار وصاح أمير المؤمنين (عليه السلام) لفضة «يا فضة إليك مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء وقد جاءتها المخاض من الرفسة وردت الباب فأسقطت محسنا» وعرفت أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال لها «يا فضة لقد عرفه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعرفت فاطمة والحسن والحسين بهذا اليوم وهذا الفعل ونحن في نور الأظلة أنواراً عن يمين العرش، فواريه في قعر البيت فإنه لاحق بجده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويشكو إليه» وحمل أمير المؤمنين (عليه السلام) لها في سواد الليل والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم إلى دور المهاجرين والأنصار يذكرهم بالله ورسوله وعهده الذي بايعوا الله ورسوله وبايعوه إليه في أربع مواطن في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتسليمهم عليه بإمرة المؤمنين في جميعها فكل يعده النصر في يومه المقبل فلما أصبح فقعد جميعهم عنده، ثم يشكو إليه أمير المؤمنين المحن السبعة التي امتحن بها بعده ونقض المهاجرين والأنصار بيعته وقولهم لما تنازعت قريش في الإمامة والخلافة قد منع على صاحب هذا الأمر حقه فإذا منع فنحن أولى به من قريش الذين أردوا قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكبسوه في داره في فراشه حتى خرج منهم هاربًا إلى الغار ومن الغار إلى المدينة فآويناه ونصرناه وقال المهاجرون: نحن أولى به، هاجرنا إليه حتى قال من الحزبين: منا أمير ومنكم أمير، فأقام عمر بن الخطاب أربعين شاهدا صياماً شهدوا على الرسول زوراً وبهتاناً أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الأئمة من قريش فأطيعوهم ما أطاعوا الله فإن عصوا فألجموهم الجاحد القضيب، فرمي القضيب من يده فكانت أول شهادة زور شهدت في الإسلام على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم ردوا الأمر إلى أبي بكر ثم جاءوا يدعوني إلى بيعة أبي بكر فامتنعت وتأخرت ولقد علم الله ورسوله أنه لو نصرني سبعة من سائر المسلمين لما وسعوني في القعود فوثبوا علي وفعلوا بابنتك يا رسول الله ما شكته إليك وأنت أعلم به، ثم جاؤوا بي فأخرجوني من بيتي مكرها ولببوني وكانت قصتي إليك معهم قصة هارون مع بني إسرائيل وكان قولي كقوله بموسى ﴿يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين﴾ وكقوله ﴿يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي﴾ فصبرت محتسبا وسلمت راضياً وكانت الحجة عليهم في خلافي ونقضهم عهدي الذي عاهدتهم عليه يا رسول الله واحتملت ما لم يحتمل وصي من سائر الأوصياء من سائر الأمم حتى قتلوني بضربة عبد الرحمن بن ملجم وكان الله الرقيب عليهم في نقضهم بيعتي، وخروج طلحة والزبير بعائشة إلى مكة يظهران الحج والعمرة وسيرهم بها ناقضين لبيعتي إلى البصرة وخروجي إليهم وتخويفي إياهم الله وبما جئت به يا رسول الله من كتاب الله ومقامهم على حربي وقتالي وصبري عليهم وإعذاري وإنذاري وهم يأبون إلا السيف فحاكمتهم إلى الله بعد أن ألزمتهم الحجة فنصرني الله عليهم بهوان قتل أكابر من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان وأريقت دماء عشرين ألفاً من المسلمين وقطعت سبعون كفاً على زمام الجمل كلما قطعت كف قبض عليه أخرى، ثم لقيت من ابن هند معاوية بن صخر أدهى وأمر مما لقيت في غزواتك يا رسول الله بعدك من أصحاب الجمل على أن حرب الجمل كانت أشنع الحروب التي لقيتها وأهولها وأعظمها بلاء فبرزت من دار هجرتي بالكوفة إلى حرب معاوية ومعي تسعمائة من أنصاري وأربعة آلاف رجل ممن دونته في ديواني ولها ستين ألف رجل مع أهل العراقين الكوفة والبصرة وأخلاط الناس فكان بعين الله وعلمك يا رسول الله جهادي لهم وصبري عليهم حتى إذا ذهبوا وتنازعوا وتفاشلوا بك بأصحابي ابن هند وشانئك الأبتر عمرو رفعا المصاحف على الأسنة وناديا: يا إخواننا أهل الشام ندعوكم إلى كتاب الله وإلى الحكومة بما نزل الله فيه وأن نثبت من أثبته هذا الكتاب ونسقط من أسقطه ونصون دماءنا ودماءكم، فأصغى أهل الشبهات والشكوك والظنون ومن في قلبه مرض من أصحابي إلى ذلك وقالوا بأجمعهم لي: لا يحل لنا قتال من دعانا إلى كتاب الله، قلت لهم ما قد علمت أنت يا رسول الله أعلمتنيه من علم الله، إن القوم لم يرفعوا المصاحف إلا عند ريبتهم وظهورنا عليهم فأبى المنافقون من أصحابي إلا الكف عنهم وترك قتالهم، فوعظتهم وحرصتهم وخوفتهم وبينت لهم أمرهم وإنها حيلة عليهم فرموا أسلحتهم واجتمعوا أصحاب معاوية في زهاء مائة وعشرين ألفا وقالوا لي كلمة رجل واحد: دعنا نحاكم القوم إلى كتاب الله، فقلت لهم: على أنا أحكم به معاوية، فقال: معاوية: لا يحكم علي ولا أحكم أنا فإنه لا يرضى ولا أرضى ولا يسلم إلي ولا أسلم إليه، فقلت إلى ابني الحسن ضرورة لا إنني شككت في نفسي وفضلت ابني علي فقالوا لي: ابنك أنت وأنت ابنك، فقلت عبد الله بن العباس، فقالوا: لا يحكم بيننا مضربان، واختاروا علي ولي الاختيار عليهم وتحكموا وأنا الحاكم وقالوا: إن لم ترض بأن نحكم من نشاء وإلا أخذنا الذي فيه عيناك، ثم اختاروا أن يكتبوا إلى عبد الله بن قيس الأشعري وهو معتزل عنا فسيروه وقدموه وتركوا معاوية قد حكم عمر وأرضاهم بعبد الله بن قيس الأشعري، فحكما بما أرادوا ووضعوه بالعقد والحيلة فأظهر عبد الله بن قيس عياة عن مكر عمرو به وما كانت إلا مواطاة وخديعة أظهر عمرو وعبد الله فزعموا أن عبد الله خلعني وأن عمرو أثبت معاوية فألزموني عند قعود جمعهم عني واجتماعهم وأهل الشام إن كتبت بيني وبين معاوية إلى رجل معلوم وانكفيت مغضبا غير مطاع إلى الكوفة، وأظهر معاوية لعني على منابر الشام وسائر أعماله ولعنت أنا وابنيك يا رسول الله الحسن والحسين وعبد الله بن العباس وعمار بن ياسر ومالك الأشتر ألف شهر من أيام بني أمية كلها على المنابر وفي جوامع الصلاة ومساجدها وفي الأسواق وعلى الطرق والمسالك جهرا لا سرا، ثم خرج علي المارقون أصحابي المطالبون بالتحكيم يوم المصاحف فقالوا: قد كفرت وغيرت وبدلت وخالفت الله في تركنا وتراثنا وإجابتك لنا إلى أن حكمنا عليك الرجال فكان لي ولهم بحر وراء موقف وقفت فيه لهم وأنظرتهم حولا كاملا ثم خرجت بعد انقضاء الهدنة أريد معاوية بمن أطاعني من المسلمين فخرج أصحابي المارقون علي بالنهروان فلقوا رجلا من صلحاء المسلمين وعبادهم ومن قاتل معي يوم الجمل وصفين يقال له عبد الله بن خباب فذبحوه وزوجته وطفله على دم خنزير ذبحوه قبله وقالوا: ما ذبحنا لهؤلاء ولهذا الخنزير إلا واحد وهذا فعلنا بعلي وبسائر أصحابه حتى يقر أنه قد كفر وبدل وغير ثم يتوب فنقبل توبته، فعدلت إليهم وخاطبتهم بالنهروان واجتمعوا علي واحتججت عليهم فكان احتجاجهم باطلا وكان احتجاجي حقا.

قال الحسين بن حمدان: ويعيد أمير المؤمنين (عليه السلام) احتجاجهم عليه واحتجاجه عليهم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم أعده لأن شرحه قد تقدم في هذا الكتاب.

رجع الحديث إلى قول الصادق (عليه السلام) للمفضل بن عمر( ثم يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): والله يا رسول الله ما رضوا بتكذيبي ونقض بيعتي والخلاف علي وقتالي واستحلال دمي ولعني حتى قذفوني بأني أمرت الأمة بما أمرتني به من تربيع الأظافر ونهيتهم عن تدويرها فذكروا إني إنما ربعتها لأنني أتسلق على مشارب أزواجك يا رسول الله فآتي منهن الفاحشة، وكنت أبيع الخمر بعهدك وبعدك وكنت أعلي كفي في جميع غزواتك وأشتد به دونك ودون المسلمين ولم يبقوا عضيبة ولا شبهة ولا فاحشة إلا نسبوها إلي فزعموا أني لو استحققت الخلافة لما قدمت علي في حياتك أبا بكر في الصلاة، ولقد علمت يا رسول الله أن عائشة أمرت بلالا وأنت في وعك مرضك وقد نادى بالباب الصلاة فأسرعت إليه كاذبة عليك يا رسول الله فقالت: إن رسول الله يأمر أن يتقدم أبو بكر فراجع بذلك بلال وكل تقول مثل قولها الأول فرجع بلال إلى المسجد فقال: إني مخبر خبري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنه أمر بتقديمك يا أبا بكر في الصلاة فرجعت عائشة من الباب وبوجهه تنكر فقال لها رسول الله: ويلك يا حميراء ما الذي جنيت؟ أمرت عني بتقديم أبيك في الصلاة؟ فقالت: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فقمت ويدك اليمنى على يدي اليسرى ومعك الفضل بن العباس معجلا لا تستقر قدماك على الأرض حتى دخلت المسجد ولحقت أبا بكر قد قام مقامك في الصلاة فأخرجته وصليت بالناس فوالله لقد تكلم المنافقون بتفضل أبي بكر حتى تقدم للصلاة وبعدك يا رسول الله واحتججت عليهم ثم أظهروا ذلك بعد وفاتك فلم أدع لهم فيه اعتلالا ولا مذهبا ولا حجة ينطقون بها وقلت: إن زعمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بتقديم أبي بكر في الصلاة لأنه كان أفضل الأمة عنده فلم أخرجه عن فضل ندبه إليه، وإن زعمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بذلك وهو مثقل عن النهضة فلما وجد الخفة سارع ولم يسعه القعود فالحجة عليكم في سقوط أبي بكر، وإن زعمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوقفه عن يمينه أول الصفوف فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبو بكر إمامي المسلمين في وقت الصلاة وهذا ما لا يكون ، وإن زعمتم أنه أوقفه عن شماله فقد كان أبو بكر إمام رسول الله لأن الإمام إذا صلى برجل واحد أقامه عن يمينه لا عن شماله وإن الصف الأول فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمام أبي بكر وأبو بكر أمام سائر المسلمين وهذا ما لا يجوز ولا يقوم رجل مفردا في الصلاة إلا إمام الصلاة فإن زعمتم أنه في الصف الأول فما فضله على سائر أهل الصف الأول، وإن زعمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أقامه في الصف الأول مسمعا فيه التكبير في الصلاة لأنه كان في حال ضعفه من العلة لا يسمع سائر من في المسجد فقد كفرتم أبا بكر وأحبطتم عمله لأن الله عز وجل يقول ﴿يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون﴾ فوالله ما ذلك إلا أنني لم أجد ناصرا من المسلمين على نصر دين الله، ولقد دعوتهم كما أخبرتكم الموفقة فاطمة أنني حملتها وذريتها إلى دور المهاجرين والأنصار أذكرهم بأيام الله وما أخذته عليهم يا رسول الله بأمر الله من العهد والميثاق لي في أربع مواطن وتسليمهم علي بإمرة المؤمنين بعهدك فيعدوني النصرة ليلا ويقعدون عني نهارا حتى إذا جاءتني ثقاة أصحابك باكين يستنهضون ويقولون أنهم أنصاري على إظهار دين الله امتحنتهم بحلق رؤوسهم وإشهار سيوفهم على عواتقهم ومصيرهم إلى باب داري فتأخر جمعهم عني وما صح لي منهم إلا ثلاث وآخر لم يتم حلق رأسه ولا إشهار سيفه وهم والله أخياركم وأنجباء أصحابك وهم سلمان ومقداد وأبو ذر وعمار الذي لم يتم حلق رأسه ولا إشهار سيفه، ولقد أخرجت مكرها إلى سقيفة بني ساعدة أقاد إليها كما تقاد طيبة الإبل فلم أر لي معينا ولا ناصرا إلا الزبير بن العوام فإنه شهر سيفه في أوسطهم وعض على نواجذه وقال: والله لأغمدته أو تقطع يدي، أما ترضون إن غصبتم عليا حقه ونقضتم عهده وعهد الله وميثاقه حتى جئتم به ليبايعكم، فوثب إليه عمر وخالد بن الوليد تمام أربعين رجلا كل مجتهد في أخذ السيف من يده ووضعوه على الأرض حتى طرحوه صريعا وأخذوا السيف من يده، فلما انتهوا بي إلى عتيق وردت عليه مردة لم يسعني معه السكوت بعد أن كظمت غيظي وحفظت نفسي وربطت جأشي وقلت للناس جميعا: أما أنا فرضيت برضى الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الأمة فإذا نقضت عهد الله ورسوله وخالفتني الأمة لم يكن علي أن أدعوهم إلى طاعتي ثانية ومالي فيهم ناصر ولا معين، وصبرت كما أني لله بما أريك به يا رسول الله في قوله جل من قائل ﴿واصبر وما صبر أولوا العزم من الرسل﴾ ) الآية وقوله ﴿واصبر وما صبرك إلا بالله﴾ وحق يا رسول الله تأويل هذه الآية التي أنزلها الله في الأمة من بعدك في قوله عز ذكره ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين )، قال المفضل بن عمر للصادق (عليه السلام): ما تأويل قول الله عز وجل ( أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) فإن كثيرا من الناس يقولون كان الله لم يعلم يموت محمد أو يقتل وبعضهم يقول: فإن مات محمدا وقتل علي؟ قال الصادق (عليه السلام): لو ردوا ما لا يعلمونه إلينا ولم يفتروا فيه الكذب ولم يتأولوه من عند أنفسهم لبينا لهم الحق فيه، يا مفضل إنما الله عالم لا يعلم وإنما تأويل هذه الآية فإن مات أو قتل بما يموت به العالم فإنهما ميتتان لا ثالثة لهما: الموت بلا قتل والقتل بالسيف وبما يقتل به من سائر الأشياء، أما ترى أن الأمة ارتدت ونقضت وغيرت وبدلت فهذا موت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم جرى الآخرون على ما أسس عليه الأولون»).

قال الحسين بن حمدان: وقص أمير المؤمنين (عليه السلام) على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قصصا طويلة لم أعدها لئلا يطول الكتاب به.

وعاد الحديث إلى الحسن (عليه السلام)  روي المفضل عن الصادق (عليه السلام)  قال: (ويقوم الحسن إلى جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقول يا جداه كنت مع أبي في دار هجرته بالكوفة حتى استشهد بضربة عبد الرحمن بن ملجم فوصاني بما وصيته به يا جداه وبلغ معاوية قتل أبي فأنفذ الداعي زياداً الى الكوفة في مائة وخمسين ألف مقاتل وأمره بالقبض علي وعلى أخي الحسين(عليه السلام) وسائر إخوتي وأهل بيتي وشيعتنا وموالينا، وأن يأخذ علينا جميعا البيعة لمعاوية فمن أبى منا ضرب عنقه وسيق إلى معاوية برأسه، فلما علمت ذلك من فعل معاوية خرجت من داري ودخلت جامع الصلاة بالكوفة فرقأت المنبر فاجتمع الناس حتى لم يبق موضع قدم في المسجد وتكاتفوا حتى ركب بعضهم بعضا فحمدت الله وأثنيت عليه، وقلت «معاشر الناس عفت الديار ومحيت الآثار وقل الاصطبار فلاقرار على همزات الشياطين وحكم الخائنين، الساعة والله وضحت البراهين وتفصلت الآيات وبانت المشكلات ولقد كنا نتوقع تمام هذه الآية بتأويلها قال الله عز وجل من قائل ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين﴾ فقد مات والله جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي أمير المؤمنين (عليه السلام) وصاح الوسواس الخناس وداخل الشك قلوب الناس ونعق ناعق الفتنة وخالفتهم ألسنة فيها لها من فتنة صماء بكماء عمياء لا يسمع لداعيها ولا يجاب مناديها ولا يخالف واليها، ظهرت كلمة النفاق وسيرت رايات أهل الشقاق وتكالبت جيوش أهل المراق بين الشام والعراق، هلموا رحمكم الله إلى الإيضاح والنور الوضاح والعلم الجحجاح والنور الذي لا يطفى والحق الذي لا يخفى، أيها الناس تيقضوا من رقدة الغفلة ومن نهرة الوسفة وتكلف الظلمة ومن نقصان الهمة فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة وتردى بالعظمة لئن قام لي منكم عصبة بقلوب صافية ونيات مخلصة لا يكون فيها شوب نفاق ولا نية افتراق لأجاهدن بالسيف قدما قدما ولأصبغن من السيوف جوانبها ومن الرماح أطرافها ومن الخيل سنابكها فتكلموا رحمكم الله» فكأنما ألجموا بلجام الصمت عن إجابة الدهوة إلا عشرون رجلاً منهم قاموا منهم سليمان بن صرد وبنو الجارود ثلاثة وعمرو بن الحمق الخزاعي وحجر بن عدي الكندي والطرماح بن عطارد السعدي وهاني بن عروة السندسي والمختار بن أبو عبيدة الثقفي وشداد بن غباب الكاهلي ومحمد بن عطارد الباهلي وتمام العشرين من همدان فقالوا: يا ابـن رسول الله ما نملك غير سيفنا وأنفسنا فها نحن بين يديك لأمرك طائعون وعن رأيك غير صادين مرنا بما شئت، فنظرت يمنة ويسرة فلم أر أحدا غيرهم فقلت لهم  «لي أسوة بجدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين عبد الله سرا وهو يومئذ في تسعة وثلاثين رجلا فلما أكمل الله لهم الأربعين صار في عدة وأظهر أمر الله فلو كان معي عدتهم جاهدت في الله حق المجاهدة، ثم رفعت رأسي نحو السماء فقلت: اللهم إني قد دعوت وأنذرت أمرت نهيت وكانوا عن إجابة الداعي غافلين وعن نصرته قاعدين وعن طاعته مقصرين ولأعدائه ناصرين اللهم فأنزل عليهم رجزك وبأسك وعذابك الذي لا يرد عن القوم الظالمين» ونزلت عن المنبر وأمرت موالي وأهل بيتي فشدوا على رواحلهم وخرجت من الكوفة راحلا إلى المدينة هذا يا جداه بعد أن دعوت سائر الأمة وخاطبتهم بعد قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى ما دعاهم إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وخاطبهم به يا رسول الله جاريا على سنتك ومنهاجك وسنن أمير المؤمنين (عليه السلام) ومنهاجه في الموعظة الحسنة والترفق والخطاب الجميل والتخويف بالله والتحذير من سخط الله والترغيب في رحمته ورضوانه وصفحه وغفرانه لمن وافى بما عاهد عليه الله ورغبتهم في نصرة الدين وموافقة الحق والوقوف بين أمر الله ونهيه، فرأيت أنفسهم مريضة وقلوبهم قاسية ونياتهم فاسدة قد غلب الآن عليهم فجاؤوني يقولون: إن معاوية قد أسرن سراياه إلى نواحي الأنبار والكوفة وشن غاراته على المسلمين وقتل منهم من لم يقاتل وقتل النساء والأطفال، فأعلمتهم أنهم لا وفاء لهم ولا نصرة فيهم وأنهم قد أرادوا الدعة وأخلدوا إلى الرفاهة وأحبوا الدنيا وتناسوا الآخرة، فقالوا: معاذ الله يا ابن رسول الله أن نكون كما تقول فادع الله لنا بالسداد والرشاد، فأنفذت معهم رجالا وجيوشا وعرفتهم أنهم يستجيبون لمعاوية وينقضون عهدي وبيعتي ويبيعوني بالخطر اليسير فيقلدون منهم الدنيا بالتقليدات ويزعمون أنهم لا يفعلون ثم ما مضى منهم أحد إلا فعل ما أخبرتهم به من أخذ رشى معاوية وتقليده وتقدم إليه غازياً فصار مخالفا، فلما كثرت غارات معاوية في أطراف العراق جاؤوني فعاهدوني عهدا مجددا وبيعة مجددة وسرت معهم من الكوفة إلى المدائن بشاطئ دجلة فدس معاوية إلى زيد بن سنان أخي جرير بن عبد الله مالا ورشاه إياه على قتلي فخرج إلي ليلا وأنا في فسطاط أصلي والناس نيام فرماني بحربة فأثبتها بجسدي فنبهت العسكر ورأوا الحربة ثابتة تهتز في أعضائي وأمرت بطلب زيد لعنه الله فخرج إلى الشام هاربا إلى معاوية فرجعت جريحا وخرجت عند تفرق الأمة عني إلى المدينة إلى حرمك يا جداه فلقيت من معاوية وسائر بني أمية وأعوانهم ما أسال الله أن لا يضيع لي أجره ولا يحرمني ثوابه، ثم دس معاوية إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس لعنهم الله فبذل لها مائة ألف درهم وضمن لها إقطاع عشر ضياع  وأنفذ إليها سما سمتني به فمت به، ثم يقول الحسين (عليه السلام) مخضبا بدمائه فتقبل اثني عشر ألف صديق كلهم قد قتلوا في سبيل الله من ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن شيعتهم ومواليهم وأنصارهم وكلهم مضرجين بدمائهم، فإذا رآهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكا وبكا لبكائه أهل السماوات والأرض، وتصرخ فاطمة (صلوات الله عليها ) فتزلزل الأرض ومن عليها، ويقف أمير المؤمنين (عليه السلام) والحسن (عليه السلام) عن يمينه وفاطمة عن شماله ويقبل الحسين (عليه السلام) ويضمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى صدره ويقول: يا حسين فديتك، قرت عيناي وعيناك فيك، وعن يمين الحسين أسد الله حمزة بن عبد المطلب وعن شماله جعفر بن أبي طالب الطيار وأمامه أبو عبيد الله بن الحارث ابن عبد المطلب ويأتي محسن مخضبا بدمه تحمله خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وهما جدتاه وأم هاني وجمانة عمتاه ابنتا أبي طالب (عليه السلام) وأسماء بنت عميس الخثعمية صارخات وأيديهن على خدودهن ونواصيهن منشرة والملائكة تسترهن بأجنحتهن وفاطمة أمه تبكي وتصيح وتقول: «هذا يومكم الذي كنتم به توعدون» وجبرائيل يصيح يعني محسناً ويقول: (إني مظلوم فانتصر) فيأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) محسن على يديه رافعاً له إلى السماء وهو يقول إلهي وسيدي صبرنا في الدنيا احتسابا وهذا اليوم الذي  ﴿تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو إن بينها وبينه أمدا بعيدا﴾، قال: ثم بكى الصادق (عليه السلام) حتى اخضلت لحيته بالدموع ثم قال: لا رقت عين لا تبكي عند هذا الذكر، فقال المفضل للصادق (عليه السلام): يا مولاي ما في الدموع من ثواب؟ قال: ما لا يحصى إذا كان من محق فبكى المفضل بكاء طويلا، ثم قال: يا ابن رسول الله إن يومكم في القصاص لأعظم من يوم محنتكم، فقال له الصادق (عليه السلام): ولا كيوم محنتنا بكربلا وإن كان كيوم السقيفة وإحراق الباب على أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وفضة وقتل محسن بالرفسة أعظم وأمر لأنه أصل يوم العذاب.

قال المفضل : يا مولاي اسأل؟.

قال: اسأل.

قال: يا مولاي ﴿وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت﴾.

قال: يا مفضل تقول العامة إنها في كل جنين من أولاد الناس يقتل مظلوما.

قال المفضل: نعم، يا مولاي هكذا يقول أكثرهم.

قال الصادق (عليه السلام): ويلهم من أين لهم هذا والآية في الكتاب خاصة لنا وفينا وهو قوله تقدس اسمه ﴿وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت﴾ والموؤدة إنما هو المحسن (عليه السلام) لأنه منا وفينا قال الله تعالى ﴿قل لا أسالكم عليه أجرا الا المودة في القربى﴾ والموؤدة إنما هو من اسم من المودة فمن أين لكل جنين من أولاد الناس هذه الآية في المودة والقربى غيرنا؟.

قال المفضل: صدقت يا مولاي، ثم ماذا؟.

قال: ثم تضرب سيدة نساء العالمين فاطمة يدها إلى ناصيتها وتقول «اللهم أنجز وعدك وموعدك فيمن ظلمني وغصبني وضربني وجرعني ثكل أولادي» فتبكيها ملائكة السماوات السبع وحملة العرش وسكان الهواء ومن في الدنيا وبين أطباق الثرى صائحين صارخين لصيحتها وصراخها إلى الله تعالى فلا يبقى أحد ممن قاتلنا ولا أحب قتالنا إلا قتل في ذلك اليوم، كل واحد ألف قتلة ويذوق في كل قتلة منها من العذاب ما رآه من ألم القتل سائر من قتل من أهل الدنيا من دون من قتل في سبيل الله فإنه لا يذوق الموت كما قال الله عز وجل ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾.

قال المفضل: يا مولاي فإن من شيعتكم من لا يقر بالرجعة وإنكم لا تكرون بعد الموت، وتكر أعداؤكم حتى تقتصوا منهم بالحق؟.

فقال الصادق(عليه السلام): أما سمعوا قول جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسائرنا من الأئمة (عليهم السلام): "من لم يثبت إمامتنا ويحقق متعتنا ويقل برجعتنا فليس منا" وما سمعوا الله عز وجل يقول ﴿ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون﴾.

قال المفضل: يا مولاي فما العذاب الأدنى وما العذاب الأكبر؟.

قال الصادق (عليه السلام) : العذاب الأدنى عذاب الرجعة والعذاب الأكبر عذاب يوم القيامة الذي ﴿تبدل فيه الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار﴾ قال المفضل: فإمامتكم واجبة عند شيعتكم ونحن نعلم أنكم اختيار الله في قوله  ﴿نرفع درجات من نشاء﴾  وقوله ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالته﴾ وقوله ﴿إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم﴾ قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل فأين نحن في هذه الآية؟.

قال المفضل: قول الله تعالى ﴿إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين﴾ وقوله ﴿ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين﴾ وقول إبراهيم ﴿واجنبني وبني أن نعبد الأصنام﴾ وقد علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ما عبدا صنما ولا وثنا ولا أشركا بالله طرفة عين وقوله ﴿إذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال: لا ينال عهدي الظالمين﴾ والعهد عهد هو الإمامة لا يناله ظالم، قال: يا مفضل وما علمك بأن الظالم لا يناله عهد الإمامة (عليه السلام) ، قال المفضل : يا مولاي لا تمتحني ولا تسألني بما لا طاقة لي به ولا تختبرني ولا تبتليني فمن علمكم علمت ومن فضل الله عليكم أخذت، قال الصادق (عليه السلام) : صدقت يا مفضل ولولا اعترافك بنعم الله عليك في ذلك لما كنت باب الهدى، فأين يا مفضل الآيات من القرآن في أن الكافر ظالم؟.

قال: نعم يا مولاي قوله ﴿الكافرون هم الظالمون﴾ وقوله ﴿الكافرون هم الفاسقون﴾ ومن كفر وفسق وظلم لا يجعله للناس إماما.

قال الصادق (عليه السلام): أحسنت يا مفضل فمن أين قلت برجعتنا ومقصرة شيعتنا تقول إن معنى الرجعة أن يرد الله إلينا ملك الدنيا وأن يجعله للمهدي؟ ويحهم متى سلبنا الملك حتى يرد علينا؟.

قال المفضل: لا والله لا سلبتموه ولا تسلبونه لأنه ملك النبوة والرسالة والوصية والإمامة.

قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل لو تدبر القرآن شيعتنا لما شكوا في فضلنا، أما سمعوا قول الله عز وجل ﴿وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى، قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله على كل شيء قدير﴾ فأخذ إبراهيم أربعة أطيار فذبحها وقطعها وخلط لحومها وعظامها وريشها حتى صارت قبضة واحدة ثم قسمها أربعة أجزاء وجعلها على أربعة أجبال ودعاها فأجابته تلبية وتيقناً بوحدانية الله ورسالة إبراهيم في صورها الأولية، ومثل قوله في الكتاب العزيز ﴿أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال اعلم أن الله على كل شيء قدير﴾ وقوله في طوائف بني إسرائيل ﴿الذين أخرجوا من ديارهم هاربين حذر الموت﴾ إلى البراري والمفاوز يحضرون على أنفسهم حضائر وقالوا قد حررنا أنفسنا من الموت وكانوا زهاء ثلاثين ألف رجل وامرأة وطفل ﴿فقال لهم الله موتوا﴾ فماتوا كموتة نفس واحدة فصاروا رفاتا وعظاماً فمر عليهم خرقيل ابن العجوز فتأمل أمرهم وناجى ربه في أمرهم فقص عليه قصتهم، قال خرقيل: إلهي وسيدي قد أريتهم قدرتك في أن أمتهم وجعلتهم رفاتا ومرت عليهم الدهور فأرهم قدرتك في أن تحييهم حتى أدعوهم إليك وأوقفهم للإيمان بك وتصديقي، فأوحى الله إليه (يا خرقيل هذا يوم شريف عظيم قدره عندي وقد آليت أن لا يسالني مؤمن من حاجة إلا قضيتها له في هذا اليوم وهو يوم نيروز فخذ الماء ورشه عليهم فإنهم يحيون بإرادتي) فرش عليهم الماء فأحياهم الله بأسرهم وأقبلوا إلى خرقيل مؤمنين والله مصدقين وهم الذين قال الله فيهم ﴿ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت قال لهم الله موتوا ثم أحياهم﴾ وقوله في قصة عيسى ﴿إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم﴾ ، هذا يا مفضل ما أقمنا به الشاهد من كتاب الله لشيعتنا مما يعرفونه في الكتاب ولا يجهلونه ولئلا يقولوا إن الله لا يحيي الموتى في الدنيا ويردهم إلينا ولزمهم الحجة من الله إذا أعطى أنبياءه ورسله الصالحين من عباده فنحن بفضل الله علينا أولى أن أعطي ما أعطوا وتزاد عليه، أو ما سمعوا ويحهم قول الله ﴿فإذا جاء وعد أوليهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا﴾؟ .

قال المفضل: يا مولاي فما تأويل﴿فإذا جاء وعد أوليهما﴾؟.

قال الصادق (عليه السلام): هما والله الرجعة وهي الأولى وتقوم يوم القيامة العظمى يا مفضل أو ما سمعوا قوله تعالى ﴿ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون﴾  والله يا مفضل إن تنزيل هذه في بني إسرائيل وإن تأويلها فينا، وإن فرعون وهامان تيم وعدي، قال المفضل: يا مولاي فالمتعة؟ قال: المتعة حلال مطلق والشاهد بها قوله جل جلاله في النساء المزوجات بالولي والشهود (﴿ فلا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله إنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا﴾ ) أي مشهودا والقول المعروف هو المشهود بالولي وإنما احتاج إلى الولي والشهود في النكاح ليثبت النسل ويصح النسب ويستحق الميراث، وقوله ( ﴿وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا﴾ ) وجعل الطلاق في النساء المزوجات غير جائز إلا بشاهدين ذوي عدل من المسلمين وقال في سائر الشهادات على الدماء والفروج والأموال والأملاك ( ﴿واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء﴾ ) وبين الطلاق عز ذكره فقال ( ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة واتقوا الله ربكم﴾ ) ولو كانت المطلقة تبين بثلاث تطليقات يجمعها كلمة واحدة أوأكثر منها أو أقل كما قال الله تعالى ذكره (﴿واحصوا العدة واتقوا الله ربكم﴾) إلى قوله (﴿وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف واشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر﴾)، وقوله عز وجل (﴿لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا﴾) هو نكرة تقع بين الزوج والزوجة فتطلق التطليقة الأولى بشهادة ذوي عدل وحد وقت التطليق هو آخر القرء، والقرء هو الحيض والطلاق يجب عند آخر نقطة بيضاء تنزل بعد الصفرة والحمرة، وإلى التطليقة الثانية والثالثة ما يحدث الله بينهما عطفا وذلك ما كرهاه، وهو قول عز من قائل ( ﴿والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم﴾ ) هذا قوله في أن للبعولة مراجعة النساء من تطليقة إلى تطليقة إن أرادوا إصلاحا، وللنساء مراجعة الرجال في مثل ذلك ثم بين تبارك وتعالى فقال (﴿الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان﴾ ) في الثالثة، فإن طلق الثالثة وبانت فهو قوله ( ﴿فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره﴾ ) ثم يكون كسائر الخطاب لها، والمتعة التي أحلها الله في كتابه وأطلقها الرسول عن الله لسائر المسلمين فهي قوله عز وجل (﴿والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم إن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما﴾) والفرق بين المزوجة والمتعة أن للمزوجة صداقا وللممتعة أجرة، فتمتع سائر المسلمين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحج وغيره وأيام أبي بكر وأربع سنين من أيام عمر، حتى دخل على أخته عفراء فوجد في حجرها ولداً يرضع من ثداها فقال: يا أختي ما هذا؟ فقالت له: ابني من أحشائي، ولم تكن متبعلة فقال لها: الله، فقالت : الله، وكشفت عن ثديها فنظر إلى درة اللبن في فم الطفل، فاغتضب فكشف عن ثديها فنظر إلى درة اللبن في فم الطفل فغضب وأرعد وأربد لونه وأخذ الطفل على يديه مغضبا وخرج وحتى آتى المسجد فرقي المنبر وقال: نادوا في الناس في غير وقت الصلاة جامعة، وكان في غير وقت الصلاة فعلم المسلمون أنه لأمر يريده عمر فحضروا فقال: معاشر الناس من المهاجرين والأنصار وأولاد قحطان ونزار من منكم يحب أن يرى المحرمات عليه من النساء ولها مثل هذا الطفل قد خرج من أحشائها وسقته اللبن وهي غير متبعلة فقال: بعض القوم ما نحب هذا يا أمير المؤمنين، فقال: ألستم تعلمون أن أختي عفراء بنت حنتمة أمي وأبي الخطاب أنها غير متبعلة؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: دخلت عليها في هذه الساعة فوجدت هذا الطفل في حجرها فناشدتها أنى لك هذا فقالت ابني ومن أحشائي ورأيت در اللبن من ثديها في فيه فقلت: من أين لك هذا فقالت: تمتعت، فاعلموا معاشر الناس أن هذه المتعة كانت حلالا على المسلمين في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعده قد رأيت تحريمها فمن أتاها ضربت جنبيه بالسوط، ولم يكن في القوم منكر قوله ولا راد عليه ولا قائل أمن رسول الله بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو كتاب بعد كتاب الله؟ لا نقبل خلافك على رسوله الله وكتابه بل سلموا ورضوا، فقال المفضل: يا مولاي فما شرائط المتعة؟ قال: يا مفضل لها سبعون شرطا من خالف منها شرطا واحدا ظلم نفسه، قال: قلت يا سيدي فاعرض ما علمته منكم فيها ، قال: الصادق (عليه السلام): يا مفضل إنك قد علمت الفرق بين المزوجة والمتمع بها مما تلوته عليكم فإن المتزوجة لها صداق ونحلة والمتمتعة أجرة وهذا الفرق فيما بينهما، قال المفضل: يا مولاي قد علمت ذلك، قال: فقل يا مفضل، قال: يا مولاي قد أمرتمونا أن لا نتمتع بباغية ولا مشهورة بالفساد ولا مجنونة، أن ندعوا المتمتع بها إلى الفاحشة فإن أجابت فقد حرم الاستمتاع بها وأن أسأل أفارغة هي أم مشغولة ببعل أو بحمل أو بعدة، فإن شغلت بواحدة من هذه الثلاث فلا تحل، وإن حلت فنقول لها متعيني نفسك على كتاب الله وسنة نبيه نكاحا غير سفاح أجلا معلوماً بأجرة معلومة وهي ساعة أو يوم أو يومان أو شهر أو سنة أو ما دون ذلك أو أكثر والأجرة ما تراضيا عليه من حلقة خاتم أو شسع نعل أو شق تمرة أو إلى ما فوق ذلك من الدراهم والدنانير أو عرض ترضى به، فإن وهبت حل له كالصداق الموهوب من النساء المزوجات قال الله ( ﴿فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا﴾ )، ثم تقول لها على أن لا ترثني ولا أرثك وعلى أن الماء لي أضعه حيث شئت وأشارط عليك الاستبراء خمسة وأربعون يوما أو محيضا واحداً ما كان من عدد الأيام فإذا قالت: نعم، أعدت القول ثانية وعقدت النكاح به فإن أحببت وأحبت هي الاستزادة في الأجل زدتما، وفيه ما رويناه عنكم من قولكم (لئن إخراجنا فرجاً من حرام  إلى الحلال أحب إلينا من تركه على الحرام) ومن قولكم (فإن كانت تفعل فعليها ما تولت من الأخيار عن نفسها ولا جناح عليك) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) (لعن الله ابن الخطاب فلولاه ما زنى إلا شقي أو شقية لأنه كان يكون للمسلمين غنى في المتعة عن الزنى) وروينا عنكم أنكم قلتم (إن الفرق بين الزوجة والممتع بها إن للمتمتع أن يعتزل عن المتمتعة وليس للزوج أن يعزل عن الزوجة لأن الله يقول (﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يجب الفساد﴾ )) وأتى في كتاب الكفارات عنكم أنه من عزل نطفة عن رحم مزوجه فدية النطفة عشر دنانير كفارة، وشرط المتعة، إن الماء له يضعه حيث يشاء من المتمتع بها فإن وضعه في الرحم فخلق منه ولد كان لاحقا بأبيه.

قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل حدثني أبي محمد بن علي عن آبائه يرفعه إلى جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: إن الله أخذ الميثاق على سائر المؤمنين ألا يعلق منه فرج من متعة وإن أحد محن المؤمن الذي يتبين إيمانه من كفره إذا علق منه فرج من متعة، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ولد المتعة حرام وإن الأجود أن لا يضع النطفة في رحم المتعة، قال المفضل: يا مولاي فإن كان فيه بسم الله تعالى (قد كان في النسخة هنا سقط أن يشبه أن يكون آخره) إن المفضل ذكر للصادق (عليه السلام) إن عبد الله بن العباس مر على عبد الله بن الزبير فقال: ابن الزبير (إلى آخر ورحم الله إن وقف على نسخة صحيحة منه)، ما ترون رجلا قد أعمى الله قلبه كما أعمى عينيه يفتي في المتعة ويقول إنها حلال فسمعه عبد الله بن العباس فقال لقائده: قف بي على الجماعة التي فيها عبد الله بن الزبير فوقف به فقال له: يا بن الزبير سل أمك أسماء بنت أبي بكر فإنها تخبرك أن أباك عوسجة الأسدي استمتع بها ببردتين يمانيتين فحملت بك وأنت أول مولود ولد في الاسلام من متعة وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ولد المتعة حرام، فقال الصادق (عليه السلام): يا مفضل لقد صدق عبد الله ابن العباس في قوله لعبد الله بن الزبير، قال المفضل: قلت يا مولاي وقد روى بعض شيعتكم أنكم قلتم إن حدود المتعة أشهر من دابة البيطار، وإنكم قلتم لأهل المدينة هبوا لنا المتمتع بالمدينة وتمتعوا حيث شئتم من الأرض، قال الصادق (عليه السلام): إنما قلنا ذلك لأنا خفنا عليهم من شيعة ابن الخطاب أن يضربوا جنوبهم بالسياط فأحرزناها بأشباههما بالمدينة، قال المفضل: وروت شيعتكم عنكم أن محمد بن سنان الأسدي تمتع بامرأة فلما دنى لوطئها وجد في أحشائها تركلا فرفع نفسه عنها وقام ملقا ودخل على جدك علي بن الحسين (عليهم السلام) فقال له: يا مولاي وسيدي إني تمتعت بامرأة فكان من قصتي وقصتها كيت وكيت وإني قلت لها ما هذا التركل فجعلت رجلها في صدري ودفعتني عنها وقالت لي: ما أنت بأديب ولا بعالم أما سمعت الله يقول (﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم﴾ )؟ .

قال الصادق (عليه السلام): هذا لشرف من شيعتنا علينا ومن يكذب علينا فليس منا، والله ما أرسل رسوله إلا بالحق ولا جاء إلا بالصدق ولا يحكمون إلا عن الله ومن عند الله وبكتاب الله، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا ولا ترخصوا لأنفسكم فيحرم عليكم ما أحل لكم، والله يا مفضل ما هو إلا دين الحق وما شرائطها إلا ما قدمت ذكره لك فذر الغاوين تجحده نفسك عن هواها، قال المفضل قلت: ثم ماذا يا سيدي؟ قال مولاي الصادق (عليه السلام): ثم يقوم سيد العابدين علي بن الحسين وأبا الباقر (عليهم السلام) فيشكوان إلى جدهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما نالهما من بني أمية وما روعا به من القتل، ثم أقوم أنا وأشكو إلى جدي رسول الله ما جرى من طاغية الأمة الملقب بالمنصور لعنه الله حيث أفضت الخلافة فإنه عرضني على الموت والقتل ولقد دخلت عليه وقد رحلني عن المدينة إلى دار ملكه بالكوفة مغسلا مكفنا محنطاً مراراً فأراه الله من قدرته ما روعه عني ومنعه من قتلي).

قال: الحسين بن حمدان  وقد تقدم في هذا الكتاب شرح ما فعل المنصور لعنه الله بالصادق (عليه السلام). (ثم يقوم ابني موسى فيشكو إلى جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لقيه من الطاغية هارون المسمى بالرشيد وتسييره من المدينة إلى طريق البصرة متنحياً طريق الكوفة لأنه قال: أهل الكوفة شيعة آل محمد وأهل البصرة وأعداءهم وقد صدق لعنه الله، وحدثني أبي الباقر عن جدي علي بن الحسين(عليه السلام)، رفعه إلى جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: طينتي من مدينتي وطينة شيعتنا من الكوفة وطينة أعدائنا من البصرة، ويقص فعله وحبسه إياه في دار السندي بن شاهك حاجب شرطته بالزوراء وما يعرضه عليه من القتل).

 قال: الحسين بن حمدان وقد تقدم في هذا الكتاب من شرح دلائل أبي الحسن موسى (عليه السلام) وفعل الرشيد به إلى أن مات، وعاد الحديث إلى الصادق (عليه السلام) قال: (ويقوم علي بن موسى (عليه السلام) ويشكو إلى جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تسيير المأمون إياه من المدينة إلى طوس بخراسان من طريق البصرة والأهواز ويقص عليه قصته إلى أن قتله بالسم).

 قال: ابن حمدان وقد قدمت في هذا الكتاب في دلائل أبي الحسن علي بن موسى (عليه السلام) فعل المأمون به، وعاد الحديث الى الصادق (عليه السلام) قال: (ويقوم محمد بن علي بن موسى (عليه السلام) فيشكو إلى جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما نزل به من الملعون إلى أن قتله بالسم، ويقوم علي بن محمد فيشكو إلى جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تسيير أبي الجعفر المتوكل إياه وابنه الحسن من المدينة إلى مدينة يبنيها على شاطئ دجلة تدعى بسر من رأى وما جرى عليه منه إلى أن قتل المتوكل لعنه الله ومات علي بن محمد، ويقوم الحسن بن علي الحادي عشر من الأئمة (عليهم السلام) فيشكو إلى جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لقيه من المعتز وهو الزبير بن أبي جعفر المتوكل ومن أحمد بن قبنان وهو المعتمد إلى أن مات الحسن، ويقوم الخامس ولد السابع وهو المهدي سمي جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنيته أبو القاسم بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وعليه قميص رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مضرجاً بدم رسول الله يوم شج جبينه وكسرت رباعيته والملائكة تحفه حتى يقف بين يدي جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول: يا جداه نصصت علي ودللت ونسبتني وسميتني فكنيتني فجحدتني الأمة وتمردت وقالت ما ولد ولا كان وأين هو ومتى كان وأين يكون وقد مات أبوه ولم يعقب ولو كان صحيحاً ما أخره الله إلى هذا الوقت، فصبرت محتسبا وقد أذن الله لي فيها بأمره يا جداه، فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين ويقول قد جاء نصر الله والفتح وحق قول الله تعالى (﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾) ويقرأ ( ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً وينصرك الله نصراً عزيزاً﴾ )

قال المفضل: يا مولاي فما كان ذنب رسول الله الذي تقدم وتأخر فغفره الله له؟

 قال الصادق (عليه السلام): إن الله علم آدم الأسماء كلها ثم عرضها على الملائكة فقال: أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، قال: يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال: ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون، ذلك يا مفضل لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم عرض تلك الذريات كلها على جدنا رسول الله وأمير المؤمنين وعلينا إماماً إماماً إلى مهدينا الثاني عشر من أمير المؤمنين سمي جده رسول الله وكنيته أبي القاسم بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى ابني، وعرض علينا أعمالهم فرأينا لهم ذنوبا وخطايا فبكى جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكينا رحمة لشيعتنا أن يدعونا ولهم ذنوب مشهودة بين الخلائق إلى يوم القيامة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اللهم حملني ذنوب شيعة أخي وأولادي الأوصياء منه وما تقدم منها وما تأخر ليوم القيامة ولا تفضحني بين النبيين والمرسلين وشيعتنا فحمله الله إياها وغفر جميعها وهو قوله (﴿إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾.

قال المفضل: فبكيت بكاء طويلا وقلت: يا سيدي هذا بفضل الله وفضلكم.

قال: الصادق (عليه السلام): هذا بفضل الله علينا فيكم، يا مفضل وهل علمت من شيعتنا؟.

قال: المفضل قلت يا مولاي من هم؟

فقال: والله يا مفضل ما هو إلا أنت وأمثالك ولا تحدث بهذا الحديث أصحاب الرخص من شيعتنا فيتكلون على هذا الفضل ويتركوا العمل فلا تغني عنهم والله شيئا لأنا كما قال الله فينا (﴿لا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون﴾).

قال المفضل: يا مولاي فقوله (﴿ليظهره على الدين كله﴾) ما كان رسول الله ظهر على الدين كله؟

قال: يا مفضل ظهر عليه علما ولم يظهر عليه ولو كان ظهر عليه ما كانت مجوسية ولا يهودية ولا صابئة ولا نصرانية ولا فرقة ولا خلاف ولا شك ولا شرك ولا جاهلية ولا عبدة الأصنام والأوثان ولا اللات ولا العزى ولا عبدة الشمس ولا القمر ولا النجوم ولا النار ولا الحجارة وإنما قوله (﴿ليظهره على الدين كله﴾) في هذا اليوم وهذا المهدي وهذه الرجعة وهو قوله﴿قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله﴾).

قال المفضل: ثم ماذا يا سيدي؟

 قال: الصادق (عليه السلام) ثم يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين: فديتك يا أبا الحسن أنت ضربتهم بسيف الله عن هذا الذين بدءا،ً فاضربهم عليه الآن عودا وامض في هذه الدنيا فسير جبالها وقدر أرضها وطأها قدما قدما حتى تصفى الأرض من القوم الظالمين، ويقول للمهدي: سر بالملائكة وخلصاء الجن ونقبائك المختارين ومن سمع وأطاع الله ولنا، واحمل خيلك في الهواء فإنها تركض كما تركض في الأرض واحملها على وجه الماء في البحار والأنهار فإنها تركض بحوافرها عليه ولا يبتل لها حافر وإنها تسير مع الطير في الهواء وتسبق كل شئ ولا يفوتها شيء فخذ بثارك وأدرك وترنا واقتص بمظالمنا وأظهر حقنا وأزهق الباطل فإنها دولة لا ليل فيه ولا ظلمة ولا قتال ومن يصفه أهل الجنة في الجنة، ويقول لفاطمة والحسن والحسين وسائر الأئمة منا: انظروا إلى ما فضلكم الله به وجعل لكم عقبى الدار وأكثروا من شكره وأشفعكم لشيعتكم فإنكم لا تزالون ترون هذه الأرض في هذه الرجعة منكم مقشعرة إلى أن لا يبقى عليها شاك ولا مشرك ولا راد ولا مخالف ولا منكر ولا جاحد إلا طاهر مطهر وتفقد الملك والشرائع ويصير الدين كله لله، فإذا صفت جرت أنهارها بالماء واللبن والعسل والخمر فلا دابة ولا غائلة وتفتح أبواب السماء وتنزل منها البركات وتمطر السماء خيرها وتخرج الأرض كنوزها وتعظم البرة حتى تصير البرة حمل بعير، ويجتمع الإنسان والسبع والطير والحية في بقعة واحدة ولا يوحش بعضهم بعضا بل يؤنسه ويحادثه، وتشرب الشاة والذئب من مورد واحد ويصدران منه كما يصدر الرجلان المتواخيان في الله من وردهما، وتخرج الفتاة العاتق والعجوز العاقرة وعلى رأسها مكتل من دقيق أو بر من سويق فتبلغ أطراف الأرض وحيث شاءت من الأرض ولا يمسها نصب ولا لغوب، وترتفع الأمراض والأسقام ويستغني الرجل عن قص شعره وتقليم ظفره وغسل ثوبه وعن حمام وحجام وعن طبيب، ويفصح كل ذي منطق من البشر والدواب والطير والهوام والدبيب وتفقد جمع اللغات وتكون لغة واحدة كلام العربية بإفصاح كبيان واحد ولا يخرج المؤمن من الدنيا حتى يخرج من صلبه ألف ذكر مؤمن موحد تقي، قال المفضل: يا مولاي فماذا يصنع أمير المؤمنين بدوا؟ قال: يصنع والله ما قال في خطبته ( وأيم الله لأكرن في الدنيا شاباً عرنوفاً ولأقفن في كل موقف كان لي وعلي ولأتركن ظالمي وغاصبي للمهدي من ولدي حتى ليقومن ونبشهما وعذابهما وإحراقهما فلينسفنهما في اليم نسفا، ولأركضن برجلي في رحبة جامع الكوفة فأستخرج منها اثني عشر ألف درع واثني عشر ألف بيضة منها وجهان ولأكسونها اثني عشر ألف صديق من شيعتي مكتوب على تلك البيض أسماؤهم وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم، ولأسيرن إلى الديلم فأصعده وأسهل طريقه وأقطع شجره، ولآتين بلقاء الهند وبيضاء الصين التي كلتا جواريها حور العين ،ولآتين مصر ولأعقدن على نيلها جسرا ولأنصبن في مسجدها منبرا ولأخطبن طوبى لمن عرفني فيها ولم يشك في والويل والنار والعويل والثبور لمن جهل أو تجاهل أو نسي أو تناسى أو أنكر أو تناكر، ولآتين جابلقا وجابلصا ولأنصبن رحا الحرب ولأطحنن العالم بها طحن الرحى البر، ولآتين كورا ولأسبكن الخلق فيها سبك خالص التبر وحرق اللجين ولألتقطنهم من وجه الأرض وشواهق الجبال وبطون الأودية والمزارات وأطباق الثرى التقاط الديك سمين الحب من يابسه وأجفه ولأقتلن الروم والصقالبة والقبط والغراز والحبش والكرك والترك والخزر والزط والكوم والسند والهند والخوارزم والأعجام والطماطم والأرمن والقلف والهيج والفيلق والأعابير والأغابير والبقر والقردة والخنازير وعبدة الطاغوت والشراة والناصبة والمرجئة والتبرية والجهمية والمقصرة والمرتفعة.

قال المفضل قلت للصادق (عليه السلام): يا مولاي من المقصرة والمرتفعة؟.

قال: يا مفضل المقصرة الذين هداهم الله إلى فضل علمنا وأفضينا إليهم لسرنا فشكوا فينا وأنكروا فضلنا وقالوا لم يكن الله ليعطيهم سلطانه وقدرته، وأما المرتفعة فالذين يرتفعون بمحبتنا وولايتنا أهل البيت وأظهروها بغير حقيقة فليسوا منا ولا نحن أئمتهم، أولئك يعذبون بعذاب الأمم الطاغية حتى لا يبقى نوع من العذاب إلا وعذبوا به.

قال المفضل: يا سيدي أليس قد روينا عنكم إنكم قلتم الغالي نرد إلينا والتالي نلحقه بنا؟ .

قال: يا مفضل ظننت أن التالي هم المقصرة؟.

قال: كذا ظننت يا سيدي.

قال: كلا ، التالي هم من خيار شيعتنا القائلين بفضلنا المستمسكين بحبل الله وحبلنا الذين يزدادون بفضلنا وعلمنا وإذا ورد على أحدهم خبر عنا قبله وعمل به ولم يشك فيه فإن لم يطقه رده إلينا ولم يرده علينا فذاك هو التالي، وأما الغالي فليس يتخذنا أربابا من دون الله وإنما اقتدى بقولنا إذ جعلونا عبيد الله مربوبين مرزوقين وقولوا في فضلنا ما شئتم فلن تتركوه.

قال: قلت يا سيدي إن الغالي عند الشيعة من ذكر إنكم أرباب من دون الله؟.

قال: ويحك يا مفضل، ما قال هذا فينا إلا عبد الله بن سبأ والعشر النفر الذين أحرقهم أمير المؤمنين بالنار بالكوفة وموضع إحراقهم يعرف بصحراء الأحد عشر وكذا عذبهم أمير المؤمنين بعذاب الله وهو النار عاجلا وهي لهم آجلا، ويحك يا مفضل الغالي في محبتنا نرده إلينا ويثبت ويستجيب ويرجع والمقصر ندعوه إلى اللحاق بنا والإقرار بما فضلنا الله به فلا يثبت ولا يستجيب ولا يرجع ولا يلحق بنا لأنهم لما رأونا نفعل أفعال النبيين قبلنا ممن ذكرهم الله في كتابه وقص قصصهم وما فوض إليهم من قدرته وسلطانه حتى خلقوا وأحيوا وأماتوا ورزقوا وأبرءوا الأكمه والأبرص ونبؤوا الناس بما يأكلون ويدخرون في بيوتهم ويعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة بإذن الله وسلموا إلى النبيين أفعالهم وما وصفهم الله به وأقروا بذلك جحدوا بغيا علينا وحسدا لنا على ما جعل الله لنا وفينا وما أعطاه الله لسائر النبيين وسائر المسلمين والصالحين وزادنا من فضله ما لم يعطهم إياه وقالوا: ما أعطوا النبيون من هذه القدرة فأظهروها إنما صدقناها وأقررنا بها لهم لأن الله أنزلها في كتابه، ولو علموا ويحهم أن الله ما أعطانا بشيء من فضل إلا نزله في سائر كتبه ووصفنا به ولكن أعداءنا لا يعلمون، وإذا سمعوا فضلنا ينكروه وصدوا عنه واستكبروا وهم لا يتعمقون في قول آدم (عليه السلام) لما رأى أسماءنا مكتوبة بالنور على سرادق عرشي ما خلقت سماء مبنية ولا أرضا مدحية ولا ملكا مقرباً ولا نبيا مرسلاً ولا خلقتك يا آدم فقال: إلهي وسيدي فمن هؤلاء؟ قال: هؤلاء من ذريتك يا آدم فاستبشر وأكثر من حمد الله وشكره، وقال: بحقهم يا رب اغفرلي خطيئتي، وكنا والله الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فاجتباه وتاب عليه وهداه، وإنهم يروون أن الله خلقنا نورا واحدا قبل أن يخلق خلقا ودنيا وآخرة وجنة ونارا بأربعة آلاف سنة نسبح الله ونهلله ونكبره ونمجده، قال المفضل: يا سيدي هل بذلك شاهد من كتاب الله ؟ قال: نعم  يا مفضل قوله جل من قائل ( وله ما في السماوات وما في الأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) إلى قوله عز ذكره ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جنهم وكذلك نجزي الظالمين ) ويحك يا مفضل، ألستم تعلمون أن من في السماوات هم الملائكة ومن في الأرض هم الجان والبشر وكل ذي حركة فمن الذين قال ومن عنده الذين قد خرجوا من جملة الملائكة والبشر وكل ذي حركة؟ قال المفضل: تقول يا مولاي، فقال: يا مفضل ومن عنده نحن الذين كنا عنده ولا كون قبلنا ولا حدوث سماء ولا أرض ولا ملك ولا نبي ولا رسول، قال المفضل: فبكيت وقلت: يا بن رسول الله هذا والله الحق المبين فهل تجد في كلامكم والأخبار المروية عنكم شاهدا كما أوجد تنبه من كتاب الله؟ قال: نعم يا مفضل في خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم ضربت سلمان بالمدينة وخروجه إلى الجبان وخروج أمير المؤمنين إليه التسليم وقوله (يا سلسل سل لا تجهل سلني يا سلمان أنبئك البيان وأمنحك البرهان، فقال سلمان: يا أمير المؤمنين أودعني الحياة وأوهلني الخطوة، إن الرشاد إذا بلغ فوج بغيبة كذا وهذا يوم لا بعده وتنفس أمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاثاً صعداء ثم قال: الحمد لله مدهر الدهور وقاضي الأمور ومالك نواصي ختم المقادير الذي كنا بكينونيته قبل الحلول في التمكين وقبل مواقع صفات التمكين في التكوين كائنين غير مكونين ناشين غير متناشين أزليين لا موجودين ولا محدودين، منه بدؤنا وإليه نعود لأن الدهر فينا قسمت حدوده ولنا أخذت عهوده وإلينا نرد شهوده، فإذا استدارت ألوف الأدوار وتطاول الليل والنهار وفالعلامة العلامة الوفرة والشامة والقامة والوفرة الأسمر الأضخم والعالم غير المعلم والمحبو بما لم يعلم، قد ساقتهم الصفات واستوغلت بهم الخيرات ولبستهم الضلالات وتشتتت بهم الطرقات فلات حين مناص، أما يا أهل حرم الله سيؤخذ لنا بالقصاص من عرف عيبتنا فهو مشهدنا نحن أشبه بمشابهتنا والأعلون موالينا كالصخرة من الجبال التهامية، نحن القدرة نحن الجنب ونحن العروة الوثقى ونحن الجانب، محمد العرش عرشه الله على الخلائق ونحن الكرسي وأصول العلم ألا لعن الله السالف والتالف والفسقة والجرائرة ومن أولهما تبوعا، أنا باب المقام وحجة الخصام ودابة الأرض وفصل القضاء وصاحب العصا وسدرة المنتهى وسفينة النجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوى، لم تقم الدعائهم في تخوم أقطار الأكناف ولا من أعمدة فساطيط السجاف إلا على كواهل أنوارنا، نحن العمل ومحبتنا الثواب وولايتنا فصل الخطاب ونحن حجبة الحجاب فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك بأي واد سلك فبأي إلى الله تتخذون ومن نجاة متخذة إلا أن المطيع هو السامع هوالسامع والسابق والسامع هو العالم العامل والعالم هو الساتر والساتر هو الكاتم والمولى هو الخاسر فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، إن من نظر في الحبل المتين إلى قرار عين الماء المعين إلى بسطة التمكين إلى برصاء الصين إلى مصارع مطارح قبور الطالقانان إلى فوق يس وأصحاب قين وأصحاب ليس لا عليين العالمين العاليين الأعظمين إلى كتبة أسرار طواسين إلى بيد العين التي حدها الثرى التي قواعدها جوانبها إلى ثرى الأرض السابعة السفلى إلى الخالق لما يشاء سبحانه وتعالى عما يشركون)، قال المفضل: يا ابن رسول الله إن هذا الكلام عظيم تبهر فيه العقول فثبتني ثبتك الله وعرفني ما قول أمير المؤمنين، قال الصادق (عليه السلام): الذي كنا بكينونيته في القدم والأزل وهو المكون ونحن المكان وهو المشيء ونحن الشئ وهو الخالق ونحن المخلوقون وهو الرب ونحن المربوبون وهو المعنى ونحن أسماؤه وهو المحتجب ونحن حجبه قبل الحلول في التمكين قبل حلول أنوارنا وأرواحنا في الأجسام والأعراض والتمكين ممكنين لا نحول ولا نزول وقبل مواضع صفات تمكين والتكوين قبل أن نوصف بالبشرية وأجساماً وصوراً ناشين لا متناسلين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب ابن هشام بن عبد مناف إلى آدم والحسن والحسين ابنا أمير المؤمنين وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ومحمد بن الحسن، بهذا النسب لا متناسلين ولا ذات أجسام ولا صور ولا مثال إلا أنوار نسمع الله ربنا ونطيع يسبح نفسه فنسبحه ويهللها فنهلله ويكبرها فنكبره ويقدسها فنقدسه ويمجدها فنمجده في ستة أكوان منها ما شاء من المدة، وقوله أزليين لا موجودين وكنا أزليين قبل الخلق لا موجودين بأجسام وصور، قال المفضل: يا سيدي ما هذه الأكوان؟ قال: يا مفضل أما الكون الأول فنوراني لا غير ونحن فيه، وأما الكون الثاني فجوهري لا غير ونحن فيه، وأما الكون الثالث فهوائي لا غير ونحن فيه، وأما الكون الرابع فمائي لا غير ونحن فيه، وأما الكون الخامس فناري لا غير ونحن فيه، وأما الكون السادس فأظلة وذر ثم سماء مبنية وأرض مدحية فيه الجان خلقه الله من مارج من نار إلى أن خلق الله آدم من التراب، قال المفضل: يا سيدي فهل كان في هذه الأكوان خلق منها في كل كون؟ قال: نعم يا مفضل، قال المفضل: نجد الخلق الذي كان فيها ونعرفه؟ قال: نعم يا مفضل ما من كون إلا وفيه خلق منه نوري وجوهري وهوائي ومائي وناري وترابي، يا مفضل أتحب أقرب عليك وأريك أن فيك من هذه الستة أكوان اللاتي تم خلقك وخلق هذا البشر وكل ذي حركة من لحم ودم؟ قال: المفضل: نعم يا سيدي، قال: يا مفضل الذي فيك من الكون النوراني نور في ناظرك، وناظراك مقدار عدس ترى بهما ما أدركاه من السماء والهواء والأرض وما عليها، وفيك من الكون الجوي قلبك وهو جوهر تحس به وتعقل وتنظر وهو ملك الجسد، وفيك من الكون الهوائي الهواء الذي منه نفسك وحركاتك وأنفاسك المترددة في جسدك، وفيك من الكون الهوائي الهواء الذي هو أنفاسك وحركاتك المترددة في جسدك، وفيك من الكون المائي رطوبة ريقك ودموع عينيك وما يخرج من أنفك وفيك وما جسدك ومنه تفيض العروق بالمائية عرقاً تسلس به خلقك وتعطفك، وفيك من الكون الناري الحمى الذي في تركيب جسدك وهو المنضج المتعفن مأكلك ومشاربك وما ورد إلى معدتك وهو الذي إذا حككت بعضاً ببعض كدت أن تقدح منه ناراً وبتلك الحرارة تمت حركاتك ولولا الحرارة لكنت جمادا، وفيك من الكون السادس الترابي عظمك ولحمك وجلدك وعروقك ومفاصلك وعصبك وتمام جسمك، قال المفضل: يا مولاي إني لأحب إن شيعتكم لو غلت فيكم الغلو لم يهتدوا إلى وصف يسير ما فضلكم الله به من هذا العلم الجليل، قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل ما لك لا تسأل عن تفصيل خلق الأكوان الستة؟ قلت: يا مولاي بهرني والله عظيم ما سمعت وشغلني عن السؤال، قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل نحن كنا في الكون النوراني ولا غير، وفي الجوهري ولا غير ، وفي الهوائي ثم خلق من الهواء وهم جند من الملائكة،  أما سمعت عن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: لا يطرحن أحدكم ببوله من عالي جبل ولا سطح بيت ولا من رأس تلعة ولا في ماء فإن للهواء سكاناً وللماء سكانا؟ قال المفضل: نعم يا مولاي قد سمعت ذلك، مما خلق أهل الماء؟ قال: خلق أهل الماء بصور وأجسام نطقوا بثلاثة وعشرين لغة وقامت فيهم النذر والرسل والأمر والنهي وصارت عنهم ولادات ونسل وكونهم من الماء الذي يقول الله عز وجل ( وكان عرشه على الماء )، قال: نعم يا مولاي فالجان؟ قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل لما خلق الله السماوات والأرض أسكن خلق الماء في الماء والبحار والأنهار والينابيع والأعين ومنابع الماء حيث كانت من الأرض، وأسكن الأرض الجان الذي خلقه من مارج من نار فقامت فيهم النذرات والرسل ونطقوا بأربعة وعشرين لغة ثم خلق الله آدم وأمر إبليس بالسجود له والسجود هو الصلاة فأبى واستكبر وقال: لم أكن لأسجد لبشر، خلقتني من نار وخلقته من طين، فتجبر على الله واستكبر وعصى الله وقايس ويله النار والتراب فرأى إن النار أفضل، ولو علم ويله النور الذي في آدم وهي الروح التي نفخها الله فيه وكان أفضل من النار التي خلق منها إبليس لفسد قياسه، قال المفضل: يا مولاي أو ليس يقال: إن إبليس كان من الملائكة؟ قال: بلى يا مفضل هو من الملائكة، لا الروحانية ولا النورانية، ولا سكان السماوات، ومعنى ملائكة هو اسم واحد منصرف على معان فهو ملك وملك ومالك ومملك هذا كله اسم واحد وكان من ملاك الأرض، أما سمعت قول الله تعالى ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) وقوله تعالى ( والجان خلقناه من قبل من نار السموم ) وقال ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ) وقوله ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بعبادة ربنا أحدا )*. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: إن في ذلك لآيات لأولي النهى قال: نحن والله أولو النهى، فقلت: جعلت فداك وما معنى أولي النهى ؟ قال: ما أخبر الله به رسوله مما يكون بعده من ادعاء فلان الخلافة والقيام بها والآخر من بعده والثالث من بعدهما وبني أمية فاخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان ذلك كما أخبر الله به نبيه وكما أخبر رسول الله عليا وكما انتهى إلينا من علي فيما يكون من بعده من الملك في بني أمية وغيرهم فهذه الآية التي ذكرها الله في الكتاب (إن في ذلك لآيات لأولي النهى) الذي انتهى إلينا علم هذا كله فصبرنا لأمر الله فنحن قوام الله على خلقه وخزانه على دينه نخزنه ونسره ونكتتم به من عدونا كما اكتتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أذن الله له في الهجرة وجاهد المشركين فنحن على منهاج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يأذن الله لنا في إظهار دينه بالسيف وندعو الناس إليه فنضربهم عليه عودا كما ضربهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدءا قوله ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ) قال: إلى الولاية

( الهداية الكبرى الحسين بن حمدان الخصيبي ص 9 )

قال: المفضل نعم يا مولاي قد فهمت وعلمت فكيف كانت الأظلة؟ قال: قول الله عز وجل (ألم تر إلى ربك كيف مدّ الظل ولو شاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً) يا مفضل إن الله أمر الأظلة ولا ظل ولا ظلال غيرها فأخذ بقدرته من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم (ألست بربكم؟) قالوا: بلى أقررنا، قال المفضل: وكانوا ذوي أجسام وصور وبصر وسمع ونطق وعقل؟ قال الصادق (عليه السلام): نعم يا مفضل ولو لم يكن لهم سمع وأبصار وعقول لما خاطبهم ولا أجابوا، قال المفضل: قلت يا مولاي فكانوا كذا أم كيف كنا؟ قال: كنتم أشباحاً وأرواحاً بأبصار وسمع وعقول ونطق ثم أخذ عليكم العهد أن الله ربكم وحده، قال المفضل: يا مولاي فلما أخذ علينا العهد بما أقررنا به له كيف لنا إلى أن ظهرنا؟ قال: كنتم في علم الله معدودين منسوبين معرفين شخصاً نفساً نفساً منذ وقت الأظلة إلى يوم القيامة، فلما خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه وخلق منه حواء وهو قوله عز وجل ( خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها لتسكن إليه) أسكنكم جميعاً صلب آدم وأخرجكم منه ومن حواء تظهرون في أوان ظهوركم وتبلغون إلى آجالكم ويقضيكم الله إليه، وقال المفضل: فأين كنتم يا ابن رسول الله من العرش في وقت الأظلة؟ قال: كنا عن يمين العرش وشيعتنا معنا وأضدادنا وأندادنا عن يسار العرش فلما نادانا ربنا ألست بربكم قلنا بلى أقررنا وقالت شيعتنا مثل قولنا وقالت أضدادنا بلى بأفواههم وقالوا في قلوبهم لا، فأخذ الله العهد على جميع الذراري بذلك الإقرار وأسس البيت بمكة وهو الذي قال عز وجل ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين ) وأنزل الحجر من الجنة أبيض ناصعاً يوري ما وراءه وما قدامه فأودع الله فيه ذلك العهد وفرض على الناس الحج إلى البيت، فإذا كان يوم القيامة أتى الله بذلك الحجر سميعاً بصيراً بلسان عربي مبين يشهد لمن وفد إليه بذلك الإقرار الذي في العهد ويشهد على من تخلف عنه ممن استطاع إليه سبيلاً بخلاف الوفاء ونقض العهد، وقد كان هذا الخبر في الحجر مع عمر بن الخطاب وقد استسلم في الحج وأمير المؤمنين (عليه السلام) حاضر وقال له عمر: يا حجر إني لأشهد عليك إنك لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر ولا تغنى عنا من الله شيئاً ولكنا رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يستلمك فاستلمناك تأسياً برسول الله واتباعاً له فعله، وقبض أمير المؤمنين (عليه السلام) على عضده وهزه وقال: أخطأت يا أبا حفص في خطابك للحجر، فأثنى إليه عمر فقال: يا أخا رسول الله فيما أخطأت؟ قال: يا عمر إن الله جل وعز لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم قال (ألست بربكم) قالوا: بلى أقررنا، وأخذ العهد على جميعهم والميثاق استودعه الحجر وفرض الله على الناس الحج فإذا كان يوم القيامة أتى الله بذلك الحجر سميعاً بصيراً بلسان عربي مبين يشهد لمن وفد إليه بالوفاء ولم يخلف عنه العهد فبكى عمر واستسلم صدره أمير المؤمنين وقال: فديتك يا أبا الحسن لا عشت في بلدة لا كنت فيها، فرجع عنه وهو يقول: لولا عليّ لهلك عمر، قال المفضل: وكيف كان متقلّبكم من النور حتى أتيتم آدم ومن آدم إلى عبد الله وأبي طالب؟ قال: يا مفضل أسكنا صلب آدم نوراً نسبح الله ونمجده ويسمع تسبيحنا في ظهره وفي ظهور آبائنا وجنوب أمهاتنا أباً فأباً وأماً فأماً طاهرين معصومين محفوظين، أسماؤنا في بالجات الرجال ووجوه النساء، ولقد نزلت الملائكة جميعا والنون والقلم واللوح المحفوظ على آدم وحوا فأخذ عليهم العهد والميثاق لما استودعنا الله إياهما وشهدت الملائكة عليهما بقبولهما، وأخذ ذلك العهد والميثاق على سائر آبائنا وأمهاتنا إلى عبد الله بن عبد المطلب وأبى طالب بن عبد المطلب فإن نورنا انقسم فيهما نصفين فنصف في عبد الله جدي ونصف في جدي أبي طالب بن عبد مناف أبى أمير المؤمنين، ثمّ زوّج الله أمّنا فاطمة (عليه السلام) بجدنا أمير المؤمنين (عليه السلام) فكنّا كما قال الله تعالى (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)، قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل لا تلق بما نلقيه إليك من علم ما فضّلك الله به إلا إلى مستحقه فإنه علم لا يحتمله إلا من أنعم الله عليه به وطهّره من الشكوك وكتب الإيمان في قلبه، يا مفضل لأمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة الدرّة وعنه يقول (حديثنا أهل البيت صعب مستصعب غريب مستغرب لا تحمله إلا صدور حصينة وأخلاق رضينة من الغي نقية، يا عجبي كل العجب بين جمادى ورجب) فقام صعصعة بن صوحان العبدي فقال له: يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تكرره في خطبتك كأنك تحب أن تسأل عنه؟ قال: ويحك يا صعصعة وما لي لا أعجب من أموات يضربون هام الأحياء من أعداء الله وأعدائنا، لكأني أنظر إليهم وقد شهروا سيوفهم على عواتقهم يقتلون المشككين والظانين بالله ظن السوء والمرتابين في فضلنا أهل البيت، قال صعصعة: يا أمير المؤمنين ما هؤلاء الأموات أموات الدين أو أموات القبور؟ قال: لا والله يا صعصعة بل أموات القبور يكرّون إلى الدنيا معنا، لكأني أنظر إليهم في سكك الكوفة كالسباع الضارية شعارهم الليل (يا ثارات الحسين))، ولأمير المؤمنين في خطبته المعروفة بالمختارة (حديثنا صعب مستصعب غريب مستغرب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال له: فرج عن شيعتك بعلم هذا الصعب المستصعب الغريب المستغرب، قال: نعم يا أصبغ الصعب هو المواساة والمواساة أن تواسي أخاك من كل ما رزقك الله ولا تحرمه ولا تمتحنه في دينه فإن امتحنته فوجدته حقيقي الإيمان مخلص التوحيد لزمك مواساته في كل ما تملك صغيراً وكبيراً تالداً وطارفاً حتى والله في الإبرة فهذه هي المواساة) ولأمير المؤمنين في خطبة المرهفة (حديثنا أهل البيت صعب مستصعب وغريب مستغرب لا يحتمله ملك مقرب ولا نبيّ مرسل ولا عبد امتحن الله قلبه للإيمان إلا من شاء الله وشئنا، فقام إليه إبراهيم بن الحسن الأزدي فقال: يا أمير المؤمنين بالذي فضّلك بما فضّل به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على العالمين إن حرمت أوليائك خوفاً من أعدائك أن يسمعوا مالا يستحقون علمه منك، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا إبراهيم فقد بلّغ الرسول وقام الشاهد والدليل والحجة وبقيت المجازات فاسأل يا إبراهيم، فقال: يا أمير المؤمنين أسألك عن الملك المقرب والنبي المرسل والعبد الذي امتحن الله قلبه لم لا يحتملون ومن هم؟ قال: يا إبراهيم أما الملك المقرب الذي لم يحمل ذلك فملك كان من المؤمنين يقال له صلصائيل، نظر إلى بعض ما فضلنا الله به فلم يطق حمله وشكّ فيه فأهبطه الله من جواره وردّ جناحه وأسكنه في جزيرة من جزائر البحر وهو عند الناس أنه سها وغفل عن تسبيحه فعاقبه الله بهذه العقوبة إلى الليلة التي ولد فيها الحسين (عليه السلام) ابني وإنّ الملائكة استأذنت الله في تهنئة جده الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتهنئة أمير المؤمنين وفاطمة (عليه السلام) فأذن الله لهم فنزلوا أفواجاً من العرش ومن سماء إلى سماء فمروا بصلصائيل وهو ملقى بالجزيرة فلما نظروا إليه وقفوا فقال لهم: يا ملائكة ربي إلى أين تريدون وفيم هبطتم؟ قالت الملائكة: يا صلصائيل قد ولد في هذه الليلة أكرم مولود ولد في الدنيا بعد جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبيه علي وأمه فاطمة وأخيه الحسن وهو الحسين (عليه السلام) وقد استأذنا الله في تهنئة حبيبه محمد به فأذن لنا، فقال صلصائيل: يا ملائكة ربي إني أسألكم بالله ربنا وبحبيبه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا المولود أن تحملوني معكم إلى حبيب الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتسألونه وأسأله أن يسأل الله بحق هذا المولود الذي وهبه الله له أن يغفر لي خطيئتي ويجبر كسر جناحي ويردّني إلى مقامي مع الملائكة المقربين فحملوه وجاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يهنونه بابنه الحسين (عليه السلام) وقصوا عليه قصة الملك واسألوه مسألة الله والقسم عليه بحق الحسين (عليه السلام) أن يغفر له خطيئته ويجبر كسر جناحه ويردّه إلى مقامه مع الملائكة، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فدخل على فاطمة (عليه السلام) فقال لها: يا موفقة ناوليني ابني الحسين فأخرجته إليه في تقريبه مقمطاً ينادي جده رسول الله، فخرج به إلى الملائكة يحمله على باطن كفه فهللوا وكبروا وحمدوا الله وأثنوا عليه فزادوا في تهنئة رسول الله، فتوجه به إلى القبلة ورفعة إلى نحو السماء فقال: اللهم إني أسألك بحق ابني الحسين أن تغفر لصلصائيل الملك خطيئته وتجبر جناحه وتردّه إلى مقامه مع الملائكة المقربين، فهبط جبرائيل فقال: يا رسول الله ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك (ما كانت خطيئة هذا الملك إلا شكّ فيما أعطيتكم من فضلى عليكم فعاقبته وقد غفرت خطيئته وجبرت جناحه ورددته إلى مقامه مع الملائكة وجعلته من موالي الحسين بن علي ابنك يا محمد كرامة لك) وعرجت الملائكة وصلصائيل معهم إلى مقامه فهو يعرف في السماوات بصلصائيل مولى الحسين بن علي (عليه السلام)، وأما النبيّ المرسل وهو يونس بن متى وكان من قصته أنه نبّأ في نبوّته أن ولاءنا معقود بتوحيد الله جل ذكره لا يقبل الله من موحد توحيده إلا بولائنا وولائنا لا ينعقد إلا بتوحيد الله جل ذكره، فشكّ فينا ولم يقدر أن بذلك الشك يلحقه سخط من الله عز وجل ذكره فكان كما قال جل ذكره " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه "  قال: يا مفضل إنما ظن أنه لا يقدر عليه بشكه فيما فضلنا به فسخط الله عليه وعاقبه، فكان في قصته ما قصّه الله في كتابه، وأما العبد الذي امتحن الله قلبه للإيمان فقد ردت عنه الشيعة أنه سلمان الفارسي وأنه لما رأى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو مكتّف ليساق إلى سقيفة بني ساعدة قال في نفسه: ما هذا الذل العظيم لو شئت لا نتصرف، وروي أنه عمار بن ياسر يوم حلق نصف رأسه وشهر نصف سيفه مع سلمان والمقداد وأبي ذر حيث حلقوا رؤوسهم وشهروا سيوفهم على عواتقهم كما أمرهم أمير المؤمنين (عليه السلام) ورووا أنه ميثم التمار لما أخبره أمير المؤمنين بصلبه.

الظاهر أن هذا كلام الحسين بن حمدان راوي الحديث ويمكن بعيداً أن يكون كلام الصادق (عليه السلام) إلى قوله (لو شئت لا نتصرف) وأما ما بعده إلى قوله (أوزء في محبتكم) فهو من كلام الحسين بن حمدان قطعاً كما صرح هو نفسه به منه  .

بالكوفة ونظر أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى النخلة فقال: ميثم ما نبتت هذه النخلة إلا لك، إنها تقطع وتشق وتصلب على نصفها على باب عمرو بن حريث ويقطع عبيد الله بن زياد يديك ورجليك ولسانك، فقال في نفسه: إن هذا البلاء عظيم أرزء في محبتكم؟

(قال الحسين حمدان إنما أوردت ما روي في الثلاثة لئلا نخلّي شيئاً مما روي في الثلاثة والذي صحّ أنه سلمان الفارسي عليه رحمة الله ورضوانه) قال المفضل: يا سيدي فأنا أسألك أن تسأل الله أن يثبتني ويثبت سائر شيعتكم المخلصين لكم على ما فضّلكم الله به ولا يجعلنا فيه شاكين ولا مرتابين، قال: قد فعل يا مفضل لولا دعاؤنا ما ثبتم، قال المفضل: يا مولاي إني لأحب أن تفيدني بشاهد من كتاب الله تعالى على ما فوضّه الله إليكم من سلطانه وقدرته، قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل القرآن وسائر الكتب تنطق به لو كنتم تعلمون وإني لأبيّن لكم من سورة الذاريات إلى آخرها ما يجزيك، اقرأ يا مفضل في قصة لوط ( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم) وفي موسى (إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليمّ وهو مليم) وفي عاد (إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم) وفي ثمود (إذ قيل لهم تمتعوا حتى فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوماً فاسقين والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون والأرض فرشناها فنعم الماهدون ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تتذكرون ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) والله لا يقول ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين وإنما هذا حكاية لقول الرسول المفوض إليه وهو المفوض إلينا ذلك العلم والقول لله تبارك وتعالى ونحن نفعل منه ما أمرنا بفعله وهذا القول هو منا إشارة إليه وسفارة بينه وبين عباده، قال المفضل: يا سيدي مثل هذا في القرآن كثير، قال: نعم يا مفضل ما كان من ( إنا أنزلنا وإنا جعلنا وإنا لنحن الوارثون أم يحسبون إنا لا نسمع سرّهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ونحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ونحن قدرّنا بينهم الموت) فكل ما كان في القرآن من جمع نحن فعلنا وإنا صنعنا فنحن والله أولئك الرسل الذين نكتب ونقسم بأمره تعالى وإرادته ومشيته، ومتى كان من أحد فرد فهو الله ربنا سبحانه وتعالى مثل قوله ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ) ومثل قوله ( يا موسى إني أنا الله رب العالمين لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلوة لذكري إن الساعة آتية أكاد أخيفها ) وقوله (لا تقولوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد) وقوله (لا تقولوا ثلاثة انتهوا خير لكم) وقوله (قل اللهم مالك الملك) وقوله (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) فذلك هو الله خالقنا ومصورنا ومصطفينا لنفسه ومتخذنا حججاً على خلقه وجاعلنا خزاناً لعلمه وجامعين لأمره ونهيه وما نفعل وما نشاء إلا بأمره كما قال الله سبحانه وتعالى (فأين تذهبون إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) وما هذا الوصف والتنزيل إلا في جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفينا وعندكم يا مفضل إن القرآن أنزل في ثلاثة وعشرين سنة والله يقول عز من قائل ( شهر رمضان الذي أنزل في القرآن ) وقوله ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منزلين فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين ) وقوله ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) وقوله ( قال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك )، قال المفضل: يا مولاي فهذا تنزيله الذي ذكره الله في الكتاب فكيف ظهر الوحي في ثلاثة وعشرين سنة ؟ قال: نعم يا مفضل أعطاه القرآن كله مجملاً وكان لا يبلغه إلا في وقت الاستحقاق للخطاب في أوقاته وحينه ولا يؤديه إلا بأمر ونهي يهبط عليه الوحي والروح الأمين ويميّز له مرّة على قلبه ومرّة على سمعه فبلّغ ما يؤمر به وقتاً وقتاً فمن أجل ذلك قال عز وجل (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه) (ولا تحرّك به لسانك لتعجل به )، قال المفضل: صدقت يا مولاي بلسان الله الصادق في خلقه أشهد أنكم من علم الله علمتم وبسلطانه وقدرته قدّرتم وعنه نطقتم وبأمره تعملون فأرجع يا مولاي إلى ذكر المقصرة لا يلحقون بكم والفرق بينهم وبين أعدائكم الناصبة، قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل الناصبة أعداؤكم والمقصرة أعداؤنا لأن الناصبة تطالبكم أن تقدموا علينا أبا بكر وعمر وعثمان ولا يعرفون من فضلنا شيئاً، والمقصرة قد وافقوكم على البراءة ممن ذكرنا وعرفوا حقنا وفضلنا فأنكروه وجحدوه وقالوا هذا ليس لهم لأنهم بشر مثلنا وقد صدقوا إننا بشر مثلهم إلا أن الله عز وجل بما يفوضه إلينا من أمره ونهيه فنحن نفعل بإذنه كل ما شرحته وبيّنته لك قد اصطفانا به، قال المفضل: يا مولاي ثم ماذا يكون من أمير المؤمنين والمهدي في الرجعة؟ قال: يا مفضل ثم إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يبقي موضع من الدنيا مما بلغه اسكندر وهو ذو القرنين ولا في الظلمات ولا في قعر البحار ولا من وراء قاف إلامحضه محضاً وطهر الأرض تطهيرا،ً وليعودن أمير المؤمنين إلى الكوفة وليمطرن السماء به جراداً من ذهب كما أمطره الله على نبيه أيوب ويقسم على أصحابه كنوز الأرض من تبرها ولجينها وجوهرها بالنواس، قال المفضل: يا مولاي فمن مات من شيعتكم وعليه دين لإخوانه ولأضداده كيف يكون في قضائه؟ قال: يا مفضل ما والله إلا الحق والصدق والعدل أول ما يبتدئ أن ينادي مناديه في العالم إلا من كان له عند أحد من شيعتنا دين فليذكره فيذكر حتى يذكر الثومة والخردلة فضلاً عن القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والأملاك والصلات والعدات فيأمر المهدي (عليه السلام) بقضائها عنهم فتقضى حتى لا يبقى دين على مؤمن ولا مؤمنة، قال المفضل: يا سيدي ثم ماذا يكون من المهدي؟ قال: يا مفضل يثبت به إلى أن يطأ شرق الأرض وغربها ولا يبقى كافر قد أخفى نفسه في مغارب الأرض ولا في باطنها إلا قذفته له وتقول: أيها المهدي هذا عدو الله وعدوك فخذه ومثّل به، فيأخذ بجميع حقوق الله ويحق الحق ويزهق الباطل ثم يعود إلى الكوفة وفيها مصلاه في مسجده، ومجلس قضائه وأحكامه في مسجد السهلة وبيت ماله في خطة السبيع، ويهدم المسجد الذي بناه يزيد بن معاوية لعنه الله لما قتل جدي الحسين (عليه السلام) وكتب إلى أهل الكوفة أنا قد قتلنا لكم سيداً وبنينا لكم مسجداً كفارة لقتله وكان كلما حول إلى مسجد السراحين والخواتين إلى داخل المسجد فاقتص منه لعظيم إنفاق المال عليه، ويبنيه المهدي على بنائه الأول وهضا الوهض لجين بعضه على بعض مثل الكوفة، ويهدم القصر العتيق، ملعون من بناه، ولا يدع أثراً على وجه الأرض لسائر الفراعنة والجبابرة والطواغيت إلا ردمه وأباده وعضاه فقال المفضل : يا مولاي فكم تكون مدة ملكه ومن يملك بعده ؟ قال: والله يا مفضل ما يملك عاصينا من الدنيا عاماً ولا شهراً ولا يوماً ولا ساعة ولا لحظة لا ولا يملك مثله ملك منا لمكانه، قال المفضل: يا مولاي قد سألت عن كل شيء وبلغته وبقي ما يغلي به صدري من حال أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار إلى ماذا يؤول أمرهم؟ قال مولاي: يا مفضل إلى قول الله  (فمنهم شقي وسعيد) فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك فعال لما يريد، وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ، قلت: ما معنى غير مجذوذ؟ قال: غير منقطع عنهم بل هو دائم أبداً لا نفاد له، قال المفضل: قلت ماذا الاستثناء لهم يا سيدي بالمشية؟ قال: دل بذلك على انقضائها إذا شاء، قال المفضل: قلت يا مولاي ثم ماذا بعد ذلك؟ قال: ملك لا ينفد وحكم لا يبطل وأمر لا يردّ واختياره ومشيته وإرادته التي لا يعلمها إلا هو، ثم القيامة وما وصفه الله في كتابه عز ذكره)، هي .

واعلم أن هذا الحديث رواه أيضاً صاحب كتاب أنيس السمراء على ما صرح به الشيخ الأوحد الأمجد شيخ المتألهين مولانا الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي  في شرح الجامعة في شرح قول الهادي (عليه السلام) (وحزبه) واستشهد بكثير من فقراته في كثير من كتبه من الشرح المذكور وكتابه الفوائد وشرحه وغيرها من مسفوراته منها:

 في شرح قوله (عليه السلام) (وخيرته) فإنه قال عند شرحه بعد كلام طويل: وإلى هذا المعنى أشار الصادق (عليه السلام) في حديث طويل رواه المفضل بن عمر عنه (عليه السلام) حين ذكر ما خصهم الله تعالى به، (قال له المفضل: هل بذلك شاهد من كتاب الله؟ قال: نعم يا مفضل قوله تعالى ( وله ما في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته )) ثم ساق الحديث إلى قوله  (فنحن الذين كنا عنده ولا كون قبلنا ولا حدوث سماء ولا أرض ولا ملك ولا نبي ولا رسول)، هي.

 ومنها عند شرح قوله (عليه السلام) (والحق معكم وفيكم.. إلخ) فإنه قال في شرحه: وهذا قول الصادق (عليه السلام) في استشهاده على هذا المعنى بقول أمير المؤمنين (عليه السلام) (الحمد لله مدهر الدهور وقاضي الأمور) وساق الخطبة إلى قوله (وإلينا برزت شهوده).

 ومنها في الفائدة العاشرة من الفوائد في ذكر الخزائن للشيء قال: ثم الأكوان الستة التي أشار (عليه السلام) إليها الكون النوراني وهو الماء الذي به حياة كل شيء وهو حجاب السرّ، ثم الكون الجوهري وهو الحجاب الأبيض وهو الركن الأيمن الأعلى عن يمين العرش، ثم الكون الهوائي وهو الحجاب الأصفر وهو الركن الأسفل الأيمن عن يمين العرش، ثم الكون المائي وهو الحجاب الأخضر وهو حجاب الزمرد وهو الركن الأيسر الأعلى عن يسار العرش، ثم الكون الناري وهو الحجاب الأحمر وقصبة الياقوت وهو الركن الأيسر الأسفل عن يسار العرش، ثم كون الأظلة وهو الهباء الآخر، وكون الذر الثاني وذكرها في شرحه بنحو أبسط.

 وكتاب أنيس السمراء هو الكتاب العتيق الذي نقل عنه المجلسي  في البحار وتلميذه الشيخ عبد الله البحراني في العوالم حديث النورانية وحديث الخيط الأصفر كما حررناه عند ذكر الحديثين في هذا الكتاب والحمد لله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين المعصومين، ولنختم الكتاب بذكر ما لابد من ذكره فنقول وبالله التوفيق .

 خاتمة فيها توقيفات

 

الأول : اعلم أن الكتب والأصول التي نقلنا عنها أخبار هذا الكتاب منها ما كانت حاضرة عندنا حال التأليف ومنها ما لم تكن حاضرة بعينها وإنما نقلنا عنها بالواسطة من المواضع المعتبرة كالبحار والعوالم وكتب السيد العلامة السيد هاشم البحراني وغيرها من الكتب المعتبرة التي يأتي ذكرها عن قريب إنشاء الله تعالى واصطلحنا على أن يصدر كلما نقلنا عنه بالواسطة بلفظة (عن) ليتميز ما لم يحضرنا عما حضر هذا وربما صدرنا بعض الكتب بتلك اللفظة تارة وأخلينا عنها أخرى وذلك لوجوه منها عدم حصول الكتاب عندنا في ذلك الوقت ثم حصوله بعد ذلك واستغناؤنا عن الواسطة ، ومنها سقوط الحديث في النسخة التي عندي رأسا كما أشرنا إليه في بعض المواضع ومنها ضيق الوقت أو عدم الإقبال على المراجعة إلى الأصل مع عدم ترتب كثير فائدة بذلك إذا كان المأخذ معتبرا ومنها غير ذلك.

 الثاني : في ذكر أسماء الكتب والأصول التي نقلنا عنها في هذا الكتاب أو استعنا بها في النقل وذكر أسماء مصنفيها إجمالا دعاني إلى ذلك ما رأيت من تطرق الجهالة على كثير من الكتب ولاسيما الأخبار على مر الدهور من قبل إهمال النقلة والرواة للتصريح بذلك اعتمادا منهم على اشتهار نسبة الكتاب إلى مؤلفه في زمانه وعاضد ذلك اندراس السنة التي كانت معمولا بها بين القدماء وهي قراءة الكتب المصنفة ولاسيما الأخبار على أساتيذ الفن أو سماعها عنهم أو استجازتها بالخصوص منهم كابرا عن كابر إلى أن ينتهي إلى مصنفيها فكانت الكتب لذلك مصونة عن التصحيفات واللحون والإرسال وجهالة المصنف وغير ذلك من الخلل المتطرقة إليها وقد اندرست هذه السنة بين المتأخرين شيئا فشيئا حتى لم يبق بأيديهم سوى الإجازة العامة التي لا تفي بعشر معشار فوائد الطريقة القويمة القديمة كما هو ظاهر لأصحاب الأنظار المستقيمة وما نشأ ذلك إلا من قصرهم بعض أصحابنا المتأخرين واشتغالهم بتنقيد بعض ما لم يكن يعنيهم مما لا ينفع علمه ولا يضر جهله وتركهم لما يجب صرف الهمم بكلها إليه وزاد على ذلك حدوث الفتن الواقعة في كثير من الأزمنة وعدم تمكن أهل العلم من ترويج بعض العلوم وتجديد بعض الرسوم وانقطاع تلك السلسلة في البين بالنسبة إلى كثير من صحف القدماء وعدم إصلاح الاتصال اللاحق للاختلال الواقع في السابق وتلك الكتب على قسمين قسم منها حضر عندنا بعينه وقسم لم يحضرنا وإنما نقلنا عنه بواسطة ونبدء أولا بذكر القسم الأول ثم الثاني ، فنقول : أما القسم الأول    

 فهي كتاب بصائر الدرجات الكبير، وكتاب بصائر الدرجات الصغير وهو مختصر من الكبير كلاهما للشيخ الثقة العين الجليل أبى جعفر محمد بن الحسن الصفارالقمى وكان وجها في أصحابنا القميين ثقة عظيم القدر راجحا قليل السقط في الرواية له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة وكان  من أصحاب زمن أبى محمد العسكري (عليه السلام) وله مسائل كتب بها إليه عليه السلام ذكر ذلك الشيخ في الفهرس وقال الصدوق في الفقيه أن جوابات تلك المسائل عندي بخط العسكري (عليه السلام) وكتابة هذا من الكتب المعتبرة المعروفة ويروى الكلينى في الكافي كثيرا وعلى منواله نسخ كتاب الحجة من الكافي والفضل للمتقدم وتوفي  بقم سنة تسعين وماءتين كتاب الكافي لشيخ المحدثين ثقة الإسلام والمسلمين أبى جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكلينى (رحمة الله عليه ) كتابه هذا أعرف من أن يحتاج إلى التعريف ونفس كتابه كاف في إثبات جلالة صاحبة فإنه كتاب لم يصنف مثله في شأنه إلى زماننا هذا ولست مبالغا في ذلك وصنف كتابه هذا على ما ذكر النجاشي في مدة عشرين سنة وكان  من أصحاب الغيبة الصغرى توفي ببغداد في السنة التي توفي فيها علي بن محمد السمري آخر النواب وهى سنة تسع وعشرين وثلاثمائة سنة تناثر النجوم وقبره إلى الآن وهو سنة تسعين وماءتين بعد الألف معروف ببغداد تزوره الشيعة وقد اشتهر في الألسن أن كتابه هذا عرض على صاحب الزمان عجل الله فرجه فقال (عليه السلام) هذا كاف لشيعتنا ولم أقف عليه في نقل معتبر ولا بعد فيه بل البعد في عدم العرض مع دخوله بغداد في زمان كان باب السفارة والمفاوضة فيه مفتوحا بوجود النواب المنصوبين من قبله صلوات الله عليه فيها والله أعلم .

وأعلم أني أقللت النقل عن هذا الكتاب في كتابي هذا من جهة كثرة نسخه عند أهل العلم وإن كانت أمثال هذه الكتب متروكة في هذا الزمان في زوايا الهجران قد نسجت عليها عناكب النسيان لأسباب ودواع شرحها في الكتاب مما يطول .

كتاب من لا يحضره الفقيه وكتاب الامالى ويسمى المجالس أيضا وهو من الإملاء والعامة يلحنون فيه ويمدون الألف الأولى ، كتاب معاني الأخبار ،كتاب الخصال ، كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ، كتاب التوحيد ، كتاب ثواب الأعمال كتاب عقاب الأعمال،  كتاب صفات الشيعة  كتاب العقائد  كتاب كمال الدين وتمام النعمة وزاد بعضهم في الكلمتين همزة القطع والأصح ما ذكرناه كتاب فضائل الأشهر الثلاثة رجب وشعبان وشهر رمضان كتاب مصادقة الأخوان ،كتاب علل الشرائع  كتاب الأربعة عشر للشيخ الثقة الصدوق محمد بن على بن الحسين بن موسى بابويه القمي نزيل الري قدس الله روحه المولود هو وأخوه الحسين بن على بدعوة القائم (عليه السلام) وحديثه مذكور في كتابه كمال الدين وغيبه الشيخ وخرائج الراوندى وغيرها وكتبه كلها مهذبة غاية التهذيب سندا ومتنا سوى صفات الشيعة ومصادقة الإخوان فإن في أسانيدهما قطعا وإرسالا والظاهر أنه ألفهما  في أوائل حاله .

كتابا التهذيبين ، كتاب الغيبة ، كتاب الثلاثة لشيخ الطائفة أبى جعفر محمد بن الحسن الطوسي نزيل بغداد ثم المشهد الغروي على مشرفه السلام قدس الله روحه ونور ضريحه .

كتاب تفسير الشيخ الثقة الجليل على بن إبراهيم بن هشام القمي وهو من التفاسير المعروفة مشتمل على جملة وافية من الأخبار الواردة في التفسير وقد جرى دأبه في كتابه ذلك في تفسير بعض الآيات على الاكتفاء بلفظ (قال) وقد ذكر بعض أصحابنا أن المراد بفاعل (قال) الإمام الصادق (عليه السلام) وليس ببعيد وإلا لكان من مقولات قوله تفسيرا بالرأي كما لا يخفى على من راجعه وهو بعيد عن مثله بل غير جائز قطعا لاحتراز الشيعة عن ذلك غاية الاحتراز فلا بد من كونها منقولة عن المعصوم (عليه السلام) إما باللفظ وإما بالمعنى .

كتاب التفسير لفرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي وهو من قدماء أصحابنا يروي عن الصدوق في كتبه تارة بواسطة وأخرى بواسطتين .

وفي تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبو القاسم الحسني قال حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات قال حدثنا أحمد بن محمد بن حسان وساق السند إلى علي (عليه السلام)  في تفسير قوله تعالى : "أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ" وتفسيره هذا مقصور على ما ورد في شأن أهل البيت (عليهم السلام) ولكن أسانيد الكتاب أكثرها محذوفة والظاهر أنه من تصرفات بعض ا لملخصين الذين تضج من جنايات أيديهم إلى الله الكتب والأصول المنضدة وهو من الكتب التي يروى عنها المجلسي   في أول البحار وتفسير الفرات وأن لم يتعرض الأصحاب لمؤلفة بمدح ولا قدح ولكن كون أخباره موافقة لما وصل إلينا من الأحاديث المعتبرة وحسن الضبط في نقلها مما يعطي الوثوق بمؤلفة وحسن الظن به وقد روى الصدوق عنه أخبارا بتوسط الحسين بن محمد بن سعيد الهاشمي .

  كتاب كفاية الأثر في النصوص على الأئمة الاثنى عشر للشيخ السعيد الجليل على بن محمد علي الخراز الرازي ويقال له القمي أيضا ، صرح بذلك جماعة من الأعلام منهم ابن شهر آشوب في كتابه المناقب على ما وقفت عليه ، وكتابه المعالم على ما نقل عنه ، ومنهم السيد الجليل عبد الكريم بن أحمد بن طاووس في كتابه فرحة الغري ، ومنهم علي بن يونس النباطى في كتابه الصراط المستقيم ، ومنهم المجلسي في أول البحار قال وهو كتاب شريف لم يؤلف مثله في الإمامة وهذا الكتاب ومؤلفه مذكوران في إجازة العلامة وغيرها وتأليفه أدل دليل على فضله وثقته وديانته ووثقه العلامة في الخلاصة ، هي ومنهم الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي في الوسائل عند ذكر أسانيده إلي الكتب ومنهم الشيخ المتألهين الإحسائى  في كتابه العصمة والرجعة وربما نسب الكتاب إلى المفيد وليس بسديد ، وأبين منه في الخطأ قول من زعم أنه للصدوق  ومنهم السيد الجليل السيد هاشم التوبلي البحراني  مع شدة توغله في التتبع فإنه زعمه للصدوق فترجمه في كتابه غاية المرام ومدينة المعاجز بكتاب النصوص لابن بابويه مع أن أسانيد الكتاب تنادى بخلاف ذلك فإنه يروي عن الصدوق تارة وعن غيره أخرى ونحو ذلك من القرائن الجلية نعم للصدوق كتاب في النصوص وليس هو هذا الذي نقل عنه السيد تلك الأخبار وإنما هو كتاب الكفاية وهو لمن ذكرناه     .

هذا وأعجب من ذلك نسبة المحقق البهبهاني إلى خاله المجلسي  القول بكون الكتاب للمفيد مع تصريحه هو في البحار بخلافه وهو عجيب .

 كتاب المسلسلات ، كتاب المانعات ، كتاب الغايات ، كتاب العروس ، كلها للشيخ العظيم الشأن أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي نزيل الري وهو على ما يظهر من رواياته من أصحاب طبقة المفيد محمد بن محمد بن نعمان  وقد أهمل حاله علماء الرجال غير أنه من المعروفين وقد نقل عن ابن طاووس في الدروع الواقية أنه أثنى عليه وقال وهذا جعفر بن أحمد عظيم الشأن من الأعيان ونقل عن فهرس الكراجكي أنه صنف مائتين وعشرين كتابا بقم والري.

أقول والذي وصل إلينا من تأليفاته هذه الكتب الأربعة وأصل مشتمل على عدة أخبار يظهر منه أيضا أنه من تأليفاته كما أشرنا إليه في ذكر معجزات أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم ننقل عن كتبه شيئا إلا عن كتاب المسلسلات فحدثنا واحدا عن الأصل المذكور .

وذكر المجلسي في البحار كتبه هذه الأربعة وقال (وعندنا منها نسخ قديمة مصححة والسيد ابن طاووس يروي عن كتبه في كتاب الإقبال وغيره وهذا مما يؤيد الوثوق عليها ) إلى آخر كلامه ويأتي فيما بعد إن شاء الله أنه من بعض رواة تفسير العسكري (عليه السلام)

 كتاب الإرشاد في إثبات الأثني عشر و تاريخهم  للشيخ السديد محمد بن محمد بن النعمان الحارثي أبي عبد  الله الملقب بالمفيد  وحاله وحال كتابه أشهر من أن يحتاج إلى التعريف .

كتاب الشافي للسيد الأجل علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق (عليه السلام) أبي القاسم ذي المجدين المرتضى  تعرض فيه للرد على القاضي عبد الجبار المعتزلى وقد قلع   فيه ببيان ما أسسه وقمع أركان ما وسوسه .

كتاب الفصول له أيضا وهو انتخاب من كتاب العيون والمحاسن للمفيد  مع سائر ما جرى للشيخ المذكور من المحاورات مع كل فرقة وهو كتاب مليح جدا يظهر من ملاحظة مطاويه فضل الشيخ وتبحره في فنون الكلام في الغاية القصوى وقد جذي السيد في هذا الفن لكن الفضل للمتقدم .

كتاب الفضائل ، وكتاب الروضة كلاهما للشيخ الجليل سديد الدين شاذان جبرائيل بن إسماعيل القمي صاحب كتاب إزاحة العلة في معرفة القبلة وحاله مذكور في الإجازات المطولة وغيرها  يروى عنه السيد فخار بن معد الموسوي والشيخ حسن بن الذربي على ما في فرحة الغري وأكثر الأخبار المنقولة فيهما متكررة في الكتابين ، هذا وصرح شيخنا المجلسي في البحار بنسبة الأول إليه ولم يحقق نسبة الثاني بل قال ما هذا لفظه ( وكتاب الفضائل تأليف الشيخ شاذان بن جبرائيل ألقمي وكتاب الروضة في المعجزات ، والفضائل لبعض علمائنا وأخطاء من نسبة إلي الصدوق لانه يظهر منه أنه ألف في سنة نيف وخمسين وستمائة ) . انتهى .

  أقول هذا التاريخ هو التاريخ الذي ذكره صاحب الكتاب في حديث الأبرحة حيث قال: قال جامع هذا الكتاب حضرت الجامع بواسط يوم الجمعة سابع عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وستمائة وتاج الدين نقيب الهاشميين يخطب بالناس على أعواد . الخبر . وهو أيضا مما تكرر في الكتابين وهو أقوى شاهد بكون الكتابين لرجل واحد ولعل المجلسي  لم يلتفت إلي ذلك وقد أوردنا هذه الرواية بعينها عن كتاب الفضائل في القسم الأول من كتابنا هذا .

وبالجملة من وقف على الكتابين لم يشك في تأليف رجل واحد وأما نسبة الروضة إلي الصدوق فهو من الأغلاط الواضحة ، نعم قد ذكر في مؤلفات الصدوق كتاب يسمى الروضة  ولا ربط لهذا الكتاب بذاك هذا وقد ذكرنا في هذا الكتاب عن كتاب روضة العارفين للسيد التوبلى حديثا في ظهور جبرائيل وقوله لأمير لمؤمنين ( أين جبرئيل ) وقد نسبه الراوي وهو قطب الدين الأشكورى   في حياة القلوب إلى كتاب الروضة الغراء للصدوق ويختلج بالبال أن يكون الخبر المذكور أيضا منقولا عن هذا الكتاب لأنه موجود فيه وإنما نسبه الناقل إلى الصدوق من جهة الاشتباه المذكور والله أعلم .

كتاب الهداية في  تاريخ النبي والأئمة الاثني عشر عليه وعليهم الصلاة والسلام ودلائلهم للحسين بن حمدان الجنبلاى بالجيم المضمومة والنون الساكنة والموحدة المضمومة والياء أخيرا بغير نون الحضينى بالمهملة المضمومة والمعجمة والنون بعد الياء وقبلها كذا عن الخلاصة للعلامة وعن ابن داود والإيضاح بالمعجمة والمهملة والمثناة من تحت والمفردة وزاد الأول قوله كذا رأيته بخط الشيخ أبي جعفر وهذا الكتاب من الكتب المعروفة بين أهل الحديث قال الشيخ في الفهرس له كتاب أسماء النبي والأئمة عليهم السلام . هي .

ونقل عن هذا الكتاب جماعة من الأجلة كالشيخ حسن بن سليمان الحلي تلميذ الشهيد الأول  في منتخب البصائر وكتاب الرجعة وصاحب عيون المعجزات وصاحب العوالم وشيخ المتألهين الإحسائي في العصمة والرجعة والمجلسي  في البحار غير أنه لم يحقق مؤلف الكتاب ، فكل ما ينقل عنه يقول فيه وفي بعض مؤلفات أصحابنا عن الحسين بن حمدان والظاهر أنه عين كتاب ابن حمدان ولكنه لما كانت أخبار الكتاب مصدرة باسم المصنف غالبا أوهم له ذلك أن التأليف لغيره وابن حمدان من رجال السند وممن أكثر النقل عنه السيد العلامة التوبلي في كتابه مدينة المعاجز .

وبالجملة هذا الكتاب من الكتب المتقنة ليس فيه أمر منكر وأكثر أخباره موافقة لما روته أصحابنا الأجلة إما لفظا وإما معنى ، وكتاب آخر له أيضا في أحوال الأئمة (عليهم السلام) ودلائلهم غير أنه لم يصل إلينا منه سوى باب أحوال الحجة (عليه السلام) وباب أحوال بعض خواص أصحابهم (عليهم السلام) وهو الذي نقلنا عنه حديث المفضل بن عمر الطويل في أحوال القائم (عليه السلام) ونقلنا عنه أيضا بعض الأخبار في سائر الأبواب وعبرنا عنه بكتاب الحسين بن حمدان وأما كتابه الهداية فقد صرحنا باسمه عند النقل وأما نفس الرجل فقد طعن فيه بعض أصحاب الرجال ، فقال النجاشي ( أنه كان فاسد المذهب له كتب منها كتاب الإخوان ، كتاب المسائل ، تاريخ الأئمة كتاب الرسالة تخليط ) وأغلظ ابن الغضائرى كما هي عادته فقال ( على ما في النقد كذاب فاسد المذهب صاحب مقالة ملعونة لا يلتفت إليه ) ، وفي الخلاصة مثله والظاهر أنه أيضا مأخوذ عنه ، وذكره الشيخ في الرجال من غير تعرض لشيء من المدح أو القدح و إنما قال على ما في منتهى المقال ( روى عنه التلعكبرى سمع منه في داره بالكوفة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وله منه إجازة ) ، هذا وعن المحقق البهبهاني في تعليقه أن كونه من مشايخ الإجازة يشير إلى الوثاقة إلى أن قال ( ولعل ما في الخلاصة من الغضائري وفيه ما فيه ) .

أقول أما قدح ابن الغضائرى فهو كما قال لما عرفت في بعض عناوين هذا الكتاب من أنه لا اعتداد بقوله لكونه مجازفا في القدح ، وأما طعن النجاشي بقوله فاسد المذهب فهو لا ينافي الوثاقة ، فقوله  بعد تسليم كون شيخية الإجازة من دلائل الوثاقة في محله سيما إذا كان المستجيز من المشايخ الأجلة المتثبتين في الرواية فإن مثله لا يستجيز من لا يعتمد على روايته والمقام منه  فإن مثل التلعكبرى الذي قيل في مدحه جليل القدر ، عظيم المنزلة ، واسع الرواية ، عديم النظير ، ثقة ، وجه أصحابنا ، معتمد عليه ، لا يطعن عليه في شيء و لا يستجيز ، مثل من وصفه ابن الغضائرى بما وصفه ولا يعتد بروايته فلو قيل أن استجازة التلعكبرى فقط إياه وروايته عنه يشير إلى الوثاقة لم يبعد هذا والتحقق في المقام مع ذلك عدم الاعتداد بما يتفرد به الرجل على خلاف الروايات المعتبرة لما وجدنا في كتابه هذا الأخير من الاعتقاد ببابية أبي الخطاب محمد بن أبي زينب ومحمد بن نصير النميري وروايته أخبارا في مدحهما كما أشرنا في باب معجزات القائم (عليه السلام) فإنه يعطي كونه غير مستقيم الطريقة ومن هذا حاله لا يعتمد ولا يعتد برواياته المخالفة لسائر الروايات الصحيحة المعتبرة ، وأما ما عدا ذلك فالمرجع فيها الميزان الذي قررناه في صدر الكتاب ولا اختصاص لمثله بذلك بل رواية الثقة وغير الثقة فيه شرع سواء وكتاباه هذان ليس فيهما أمر منكر سوى ما أشرنا إليه حتى أن الشيخ الملي محمد على بن المحقق البهبهاني لما لم يقف على كتابه الأخيرقال في حاشية له على نقد الرجال ما هذا لفظه : قال شيخنا المعاصر أن الذي في كتاب الرجال أن الحسين بن حمدان الحضينى ( الخصيبي) كان فاسد المذهب كذابا صاحب مقالة ملعونة لا يلتفت إليه وظاهر لمن تدبر هذا الكتاب وهو الهداية أنه من أجلاء الإمامية وثقاتهم ولعل المذكور في كتب الرجال ليس هو هذا وإلا فالتوفيق بينهما غير ممكن والله أعلم . هي .

نقل بعض أفاضل إخواننا المعاصرين أيده الله تعالى في كتابه ( وتوفي ابن حمدان هذا على ما ذكر ابن داود في شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ) .

كتاب مقتضب الأثر في النصوص على الأئمة الاثني عشر للشيخ أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن  الحسين بن عياش بالمثناة التحتانية بعد العين المهملة والشين المعجمة الجوهري ، كذا نسبه في ظهر نسختي من الكتاب وهو موافق لما نقل عن ابن داود ، وفي غيرهما من المواضيع عبيد الله بالتصغير مكان عبد الله والحسن بالتكبير مكان الحسين صاحب التصانيف الرائعة منها هذا الكتاب ومنها أخبار أبي هاشم وقد مر ذكره في أخبار الكتاب ومنها كتاب ما نزل من القرآن في صاحب الزمان (عليه السلام) ، ومنها كتاب أخبار الوكلاء الأربعة وغير ذلك من التصانيف ، وكتابه هذا كتاب مليح جدا مشتمل على أخبار لطيفة وآثار غريبة طريفة وهو من الكتب المعروفة بين أصحابنا القدماء والمتأخرين ووجدت على ظهر نسختي نقلا عن النسخة المنقول منها ما هذا صورته : كتاب مقتضب الأثر في الأئمة الاثني عشر لأحمد بن محمد بن عياش قرأ علي هذا الكتاب وهو مشتمل على ثلاثة أجزاء القاضي ، الإمام الأجل العالم الزاهد الديّن الفاضل صفي الدين أبو الفتوح محمد بن عبد الكريم بن عبد الجبار الوزيري أحسن الله توفيقه وله أن يرويه عني بالإسناد المذكور على ظهر هذه الارسة وقد أجزت له ولولده الأعز الأ نجب أبي نصر أحمد بن محمد أن يرويا عنى جميع ما يصح عندهما من مسموعاتي ومقولاتي ومستجازاتي من سائر أنواع العلوم وأنا بريء من التصحيف والتحريف ، وكتب عبد الله بن جعفر بن محمد ابن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن العياش الدوريستي بخطه في شعبان المبارك من شهور خمس وسبعين خمسمائة حامدا لله تعالى ومصليا على نبيه وآله صلوات الله عليهم . هي .

 وعلى ظهره أيضا الجزء الأول من مقتضب الأثر في الأئمة الاثني عشر جمع الشيخ أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين بن عياش أخبرني به الشيخ الإمام العالم  نجم الدين عبد الله بن جعفر بن محمد بن موسى بن جعفر عن جده محمد بن موسى بن جعفر عن جده جعفر بن محمد بن أحمد بن عياش الدوريستي حفظه الله تعالى عن الحسن بن محمد بن إسماعيل بن أشناس البزاز عن مصنفه أبي عبد الله أحمد بن عياش وتوفي ابن عياش سنة إحدى وأربعمائة . هي .

كتاب الخرائج والجرائح في الدلائل والمعجزات لقطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي وهو وكتابه المعروفان كتاب المناقب للشيخ الجليل محمد بن علي بن شهر آشوب السروي  حصل عندي بعد الفراغ من القسم الأول تمام الكتاب سوى مناقب القائم (عليه السلام) وأحوال الصحابة والتابعين وهو من أجل كتب المناقب وأمتنها ، جمع من أخبار المناقب جواهرها ومن آثار الإمامة زواهرها نقلها عن جم غفير من المخالف والمؤالف ، ذكر أسانيده إليهم في صدر كتابه وسنوردها إن شاء الله عند ذكر أسانيدنا إلى الكتب جزاه الله عن سادته الطاهرين خير الجزاء .

كتاب التمحيص للحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرانى بالحاء والراء المهملتين والنون بعد الألف صاحب تحف العقول عن آل الرسول صرح بنسبه شيخ المتألهين الإحسائي  في شرح الجامعة والعلامة التسترى في مجالس المؤمنين والشيخ إبراهيم القطيفي في كتاب الفرقة الناجية وعبد الله بن عيسى الأصفهاني تلميذ المجلسي  في رياض العلماء على ما نقل عنهما بعض سادة المعاصرين في كتابه المسمى بروضات الجنات ولم يحقق المجلسي  مؤلفه واحتمل في البحار أن يكون تأليف أبي علي بن همام ولعله لما ابتدأ في سنده بأبي علي المذكور .

كتاب المؤمن للحسين بن سعيد الأهوازي المعروف .

كتاب مستطرفات السرائر للشيخ محمد بن إدريس الحلي جمع فيها من الكتب والأصول القديمة أخبار  طريفة وجعلها خاتمة لكتابه السرائر .

 كتاب الكشكول فيما جرى لآل الرسول لسيد المتألهين حيدر بن علي العبيدلي الآملي الحسيني كما صرح به في المجالس ، ونسبه جماعة إلى العلامة وهو غلط فإن سياق الكتاب على غير لحن العلامة وتاريخ تأليفه كما صرح به مصنفه في الديباجة سنة خمس وثلاثين وسبعمائة وتوفي العلامة في سنة ست وعشرين فكيف يكون  هو تأليفه وقد سلك مؤلفه  فيه في إثبات الخلافة وميزان التمييز بين دعوى المحق فيها والمبطل مسلكا وعرا غريبا لم يسبق إلى مثله يدل على علق كعبه في مضمار العلم وغوره في الحقائق الإلهية وحصل هذا الكتاب عندي أيام توقفي بالمشهد الشريف الغروي على مشرفه الصلاة والسلام ولكنه طمس كثير من مواضعه بحيث خرج عن حيز الانتفاع به فيما وقع على خزانة كتبنا من حادثة السيل التي عمت جملة من معمورة تبريز مع جملة أخرى من كتبنا التي لا توجد نسخة كثير منها عند عامة الناس وذلك في العشر الثاني من شهر ربيع الثاني من شهور سنة ثمان وثمانين ومائتين بعد الألف وكانت تلك الحادثة إحدى الحوادث العائقة لي عن إتمام تأليف هذا الكتاب مدة مديدة والحمد لله على السراء والضراء والشدة والرخاء .

كتاب إقبال الأعمال ، كتاب سعد السعود ، كتاب اليقين في تسمية مولانا علي (عليه السلام) بأمير المؤمنين وقد يقال له كشف اليقين  أيضا .

كتاب كشف المحجة لثمرة المهجة ، كتاب المجتنى ، كتاب الطرف وهو غير الطرائف ، كتاب منهج الدعوات مترجما بالعجمية ، كتاب اللهوف على قتلى وربما يقال الملهوف بزيادة الميم وهي كلها للسيد الجليل مفخر آل طاووس رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد الطاووس العلوي الحسني صاحب الكرامات والمقامات والتصانيف الرائقة ، حصل عندي من الأول أعمال شهر رمضان إلى ذي الحجة وهو كتاب كبير مشتمل على أخبار طريفة وأعمال وأدعية شريفة وقفت على تمامه بالمشهد الغروى على مشرفه السلام،وأما الثاني: فهو كتاب وضعه فهرسا لكتبه التي وقفها على أولاده نقل من كل منها شيئا عينه بالصفحة والسطر ليكون علامة على عين الكتاب وتكلم على ما نقل بكلمات مفيدة وفي ضمنه أخبار طريفة نقلنا بعضا منها في الكتاب وقد حصل عندي في خلال التأليف ولذا نقلت عنه تارة بالواسطة وأخرى بدونها ، وأما الثالث: فهو كتاب لطيف في شأنه جدا أورد فيه أخبارا لطيفة من طرق المخالفين غالبا وأناقة على مائتين وعشرين بابا وبالجملة هو كتاب يليق أن يكتب بالنور على وجنات الحور، وأما الرابع : فهو وصاياه لولده محمد وهو كتاب نافع وفي ضمنه أحاديث شريف ، وأما الخامس : فهو موضوع لذكر غرائب الأدعية ولم ننقل منه شيئا ، وأما السادس : فهو كالتتمة لكتاب الطرائف جله أخبار دالة على وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم ننقل عنه أيضا شيئا وإنما تعرضنا لذكر موضوع هذه الكتب لكونها قليلة النسخة عند الناس ، وأما السابع فقد نقلنا عنه بالواسطة ليكون الموجود عندنا منه الترجمة دون الأصل ، والثامن معروف .

كتاب مجمع البيان ، كتاب جوامع الجامع كلاهما في التفسير للشيخ أمين الدين أبي علي الفضل بن الحسين بن الفضل الطبرسي ˜ .

كتاب الاحتجاج للشيخ أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي وهو من مشايخ ابن شهرآشوب وزعم بعضهم أنه لأبي علي صاحب التفسير كالمولى محمد أمين الأسترابادي وابن أبي جمهور الاحسائي وصاحب رسالة مشايخ الشيعة وهو وهم لتصريح ابن شهر آشوب في المعالم بذلك على ما نقل عنه حيث قال شيخي أحمد بن أبي طالب الطبرسي ( له الكافي في الفقه حسن والإحتجاج ومفاخر الطالبية وتاريخ الأئمة وفضائل الزهراء (عليه السلام)  . هي . وهو أعلم بمؤلفات شيخه من غيره ، وكذا صرح به ابن طاووس في كشف المحجة مع قرب عهده منه ،هذا وفي المناقب لابن شهر آشوب عند ذكر أسانيده إلى الكتب هكذا ( ووجدت بخط أبي طالب الطبرسي كتاب الاحتجاج وكذا في مقدمات البحار نقلا عنه وهو غريب يحتمل أن يكون ابن أبي طالب وقد سقط الابن من البين ، ويحتمل أن يكون أحمد يكنى بأبي طالب أيضا ويحتمل غير ذلك و الله أعلم ) .

 كتاب نهج البلاغة للسيد الجليل الرضي محمد بن الحسين الموسوي أخ المرتضى وشهرته تغني عن بيان حاله وهو في الحقيقة كتاب يليق أن يكتب بالنور على وجنات الحور لكون الكلمات المجموعة فيه تالي كتاب الله المسطور ، ومؤلفه في الفضل غني عن التوصيف ولكن في النفس من صنيعه في الكتاب المذكور لا تطيعني نفسي على السكوت عنه وهو أنه زعم أنه جامع في كتابه ذلك المختار من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) من الخطب والكتب والحكم الموجزة فاختار بهذا الوهم بعض ما كان عنده من تلك الأقسام ، ثم اختار من تلك المختارة أيضا بعض الفقرات وترك الباقي زعما منه أنها ليست بذلك في الفصاحة والبلاغة فأخرج كلمات ملفوظة الصدور والأعجاز والأوساط ويعلم أولو الألباب أن مثل هذا الخيال لا ينشأ إلا من قياس حال الإمام بحال سائر الناس فهو كحال من فرق في كلمات الكتاب بين قوله تعالى (

(11) هود 44

 يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي وَ غِيضَ الْماءُ وَ قُضِيَ الأَْمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيَِّ) . الآية ، وبين سورة تبت كما يسمع من بعض الناقصين حتى قيل فيه شعر بالعجمية ( كي بود تبت يدا ما نند يا ارض ابلعي ) فمثل هذا الصنيع من مثله  مما تشمئز منه القرائح السليمة وتستمجه الطباع المستقيمة و أنا أسأل الله تعالى أن يوفقني لتأليف كتاب يشتمل على جميع ما وصل إليّ من خطب أمير المؤمنين وسائر الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وكتبهم وحكمهم يكون استدراكا لما فرط  فيه وهي كثيرة جدا والله ولي التوفيق .

كتاب مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين (عليه السلام) ، كتاب لوامع أنوار التمجيد وجوامع أسراره كلاهما للشيخ العارف الحافظ رضي الدين رجب بن محمد بن رجب البرسي الحلي لم أقف على حاله مفصلا ويظهر من كتابه المشارق أن زمانه متأخر عن زمن ابن طاووس  وقد مر في ذيل حديث طارق بن شهاب في القسم الأول أن هذين الكتابين قد اختلطا في كثير من النسخ حتى أن المجلسي  وصاحب العوالم قد رويا حديث طارق عن المشارق وهو في اللوامع وكذا سائر ما في الأخير ومثلهما ، وغيرهما من أصحابنا المحدثين ومن هنا قيل أن نسخ المشارق مختلفة وكيف كان فالأخبار المنقولة فيهما جلها موجودة في كتب أصحابنا المعتبرة التي وصلت إلينا وما لا يوجد فيها أيضا ليس في شيء منها ما يوجب التوقف فيه فضلا عن الإنكار لموافقتهما للأصول المستقرة عند الشيعة وكذا كلماته التي تكلم بها فيهما فما يسمع من إنكار بعض أصحابنا عليه وعلى كتبه ونسبتهم إياه إلى الغلو والإرتفاع إنما نشأ من قصور النظر وضعف التدبر و عدم ترددهم في منازل المعرفة و لنعم ما قيل :

قد تنكر العين ضوء الشمس عن رمد         وينكر الفم طعم الماء من سقم  

و بالجملة الخطأ مقسوم بين البشر فنسبة هذا الشيخ إلى الإرتفاع ليس بأولى من نسبة المنكرين له إلى التقصير بل هو هذا هو المتعين وليس هنا محل التكلم فيه ، ولعلك لو نظرت بعين الإنصاف في مطاوي ما كشفنا عنه في هذا الكتاب ظهر لك تصديق ذلك على نحو العيان والله المستعان .

هذا ولكن كتابه المشارق هذا مع هذا الاشتهار ليس بذلك الإتقان فإن أول ما فيه أن موضوع كتابه غير معلوم ، ثانيه أن المسائل التي عنونها فيه وتكلم عليها جلها متهافتة لا ترجع إلى محصل مضبوط يعرف مورده و مصدره  ثالثه أن الإخبار التي يخرجها دليلا على مطلوبه أغلبها بعيد الدلالة على المطلق مع وجود أخبار في كتب الأصحاب المعتبرة صريحة في مطلوبه لم يذكرها أصلا ، رابعه أنه استشهد فيه على مطلوبه بأخبار هي عند خصومه ليست بمقبولة رأسا ومع هذه الحال لم يشر إلى مأخذ لتلك الأخبار أصلا فجعل لهم طريقا لأن يقولوا عليه ( ثبت الأرض ثم انقش ) ومع هذا كله فالإنصاف أنه  ممن فاق أقرانه في العثور على بعض مراتب أهل الخصوص التي خصهم الله تعالى بها وأن المنكرين له ينادون من مكان بعيد فيحق تمثل ما تمثل به في كتابه شعراً :

تركت هوى سعدى وليلي بمعزل          وملت إلى محبوب أول منزل

فنادتني الأشواق ويحك هذه                منازل من تهوى فدونك فانزل

غزلت لهم غزلا دقيقا فلم أجد              له ناسجاً غيري فكسرت مغزلي

كتاب فرحة الغري للسيد المعظم غياث الدين الفقيه النسابة عبد الكريم بن أحمد بن طاووس الحسني  ابن أخ رضي الدين علي بن طاووس وضعه في إثبات مدفن أمير المؤمنين (عليه السلام) بالغري حيث هو الآن وهو كتاب لطيف في شأنه جدا هذا ومن غريب السهو في المقام ما وقع لصاحب مجالس المؤمنين حيث زعم أن الكتاب المذكور لرضي الدين علي بن طاووس والظاهر أنه لم يقف على عين الكتاب وإنما سمع بذكره وإلا ففي عين الكتاب ذكر مصنفه صريحا مع كون الكتاب أشهر من أن يخفى مصنفه .

كتاب الصراط المستقيم للشيخ الجليل نور الدين علي بن محمد بن يونس البياضي في الإمامة وهوكتاب شريف متقن جداً كان عندي منه نسخة شريفة ضاعت عني بعد حادثة السيل .

كتاب منتخب البصائر للشيخ الفاضل الحسن بن سليمان الحلي  تلميذ الشهيد الأول انتخبه من كتاب البصائر سعد بن عبد الله الأشعري وأضاف إليه أخباراً جمة من كتب أخرى ومعظمها في الذر والرجعة وترجمه بكتاب الحلل وهو كتاب معروف معتبر قال المجلسي  في البحار

بحارالأنوار     32     1    الفصل الثاني في بيان الوثوق على الك

وكتب البياضي وابن سليمان كلها صالحة للاعتماد ومؤلفاها من العلماء الأنجاد

وقد ضاع عني هذا الكتاب أيضا بعد ما نقلت منه أخبارا عن حادثة السيل . 

كتاب المحتضر بالحاء المهملة ثم الضاد المعجمة المفتوحة للشيخ المذكور أيضا والعامة يلحنون فيه فيحسبونه بالخاء المعجمة و الصاد المهملة ويزعمون أن المراد به منتخب البصائر حيث لم يذكر وهو وهم وإنما الصحيح ما ذكرناه  وهو غير المنتخب ، ووجه تسميته بذلك أنه ˜ وضعه في رؤية المحتضرين للنبي والأئمة عليه وعليهم الصلاة والسلام ، تكلم فيه على كلام المفيد ˜ حيث إنه أول الأخبار في ذلك بمشاهدة ثمرة ولايتهم وبغضهم دون رؤية البصر لأعيانهم هذا ورأيت في موضع معتبر لا أذكره الآن أن هذا الكلام للمرتضى ˜ دون المفيد ˜ وهو قريب فإنه بمسلك السيد ومذاقه أنسب منه بمسلك المفيد ˜ وكيف كان فهو كتاب لطيف مشتمل على أخبار شريفة غير أن النسخة التي وصلت إلي منه قد حذف بعض الملخصين منها أسانيد كثير من أخباره فلذا نقلنا عنه بعض الأخبار بالواسطة من البحار والعوالم مع وجود الكتاب عندنا ، ولهذا الشيخ أيضا كتاب  آخر في الرجعة ذكره المجلسي وغيره ولم نقف عليه .

كتاب إرشاد القلوب للشيخ الجليل أبي محمد الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي قال المجلسي في البحار بعدما ذكر مصنفه في الفصل الأول ( وكتاب إرشاد القلوب كتاب لطيف مشتمل على أخبار متينة غريبة وهو كما قال ˜ وهو في الإمامة ) .

كتاب الأربعين للسيد أبي حامد محيي الدين محمد بن عبدالله بن علي بن زهرة الحسيني الحلي ابن أخي السيد عز الدين أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة صاحب الغنية يروي عن أبيه وعمه والشيخ شاذان بن جبرائيل وابن شهر آشوب وخال والده أبي طالب أحمد بن محمد بن جعفر الحسيني وغيرهم وعنه للمحقق جعفر بن سعيد وابن عمه نجيب الدريحي بن سعيد وغيرهما وكتابه موضوع حقوق الإخوان وهو في نهاية الإتقان ولم ننقل عنه شيئا لعدم وجود ما يناسب كتابنا فيه .

كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة للشيخ الثقة الزكي الملي علي بن عيسى الأربلي ˜ وهو من أحسن الكتب في الإمامة وأملحها ومؤلفه من مشايخ الإجازة المعروفين .

كتاب الرجل للشيخ أبي عمرو ومحمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي بفتح الكاف وتشديد الشين المعجمة نسبته الى كش بلده من بلاد ما وراء النهروكتابه هذا مقصورعلى ذكرالأخبار الواردة في مدح الرجال من أصحاب الرسول والأئمة (عليهم السلام) ليس فيه كلام من غير إلا نادرا هذا وقال الشيخ أبو علي في منتهى المقال ( ذكر جملة من مشايخنا أن كتاب رجاله المذكور كان جامعا لرواة العامة والخاصة خالطا بعضهم ببعض فعمد إليه شيخ الطائفة وأسقط منه الفواضل وسماه باختيار الرجل والموجود في هذه الأزمان بل وزمان العلامة وما قاربه أيضا إنما هو إختيار الشيخ لا الكشي الأصل ) .هي . وقال الشيخ المتأخر البحراني  في اللؤلؤ ( وكتاب الكشي لم يصل إلينا وإنما الموجود المتداول كتاب اختيار الكشي للشيخ أبي جعفر الطوسي ˜ وقد رتبه على حروف المعجم الشيخ داوود بن الحسن الحرائري البحراني ) ثم نقل عن الشيخ عبدالله بن صالح السماهجي صاحب الصحيفة العلوية أحوال الشيخ داوود المذكور بما يظهر منه أنه كان متقدما إلى الشيخ المذكور قريب العهد منه .

وأقول وهذا المرتب بالترتيب المذكور ليس بموجود عندي وإنما الموجود عندي ما رتبه بعض السادة بترتيب النبي والأئمة بأن جعل أصحاب كل منهم (عليهم السلام) بابا على حدة ورتب كل باب منهما بالحروف وقال في آخره ( وفرغ من تبويبه وترتيبه فقير عفو ربه ورحمته وشفاعة نبيه وأئمته يوسف بن محمد بن زين الدين الحسيني الشامي حامدا لله تعالى على النعمة وشاكرا له على نعمائه ومصليا على أشرف أنبيائه ومسلما على أكرم أحبائه ومستغفرا من ذنوبه وراجيا من خالقه ستر عيوبه ، عشر ذي الحجة الحرام من شهور عام إحدى وثمانين وتسعمائة نبوية هجرية ) ، والظاهر أن هذا السيد هو الذي ذكره أبو علي في ترجمة مسلم بن أبي سادة حيث قال في كلام له  القائل السيد يوسف احد الجامعين للرجال رسالة أبي غالب أحمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين بن سنسن الشيباني المعروف بالزراري ، أحد رواة الكافي كما صرح به في رسالته ذلك وهو ممن روى معجزة عن صاحب الزمان (عليه السلام) في حق نفسه وهي مذكورة في غيبة الشيخ وإنما نسب إلى زرارة مع أنه من ولد بكير أخي زرارة لما ذكر في رسالته أن أم الحسن بن الجهم كانت ابنة عبيد بن زرارة قال ومن هذه الجهة نسبنا إلى زرارة ونحن من ولد بكير قال وأول من نسب منا إلى زرارة جدنا سليمان نسبه إليه سيدنا أبو الحسن علي بن محمد صاحب العسكر (عليه السلام) وكان إذا ذكره في توقيعاته إلى غيره قال الزراري تورية عنه وسترا له ثم استمع ذلك وسمينا به ، وهذه الرسالة قد كتبها ابن ابنه وهو أبو طاهر محمد بن عبد الله بن أحمد المذكور وهي تجري مجرى الإجازة له وفيها أكثر أحوال بني أعين وأصحاب الحديث منهم وذكر جم غفير من الكتب والأصول وأسانيده إليها عسى أن نذكر بعضا منها عند ذكر أسانيدنا إلى الكتب إن شاء الله ، ومن هنا يعلم أن قول الشيخ في الفهرست أن سبب تسميتهم بالزراري ما خرج من التوقيع من أبي محمد (عليه السلام) فيه ذكر أبي طاهر الزراري فأما الزراري دعاه الله فذكروا أنفسهم بعد ذلك ليس بسديد لأن أبا طاهر كنية محمد بن سليمان والتوقيع من أبي الحسن (عليه السلام) ، ثم إن بعض الأصحاب لحن في هذه النسبة فذكرها الرازي بالمهملة ثم الألف ثم المعجمة وهو وهم .

كتاب معدن الجواهر للشيخ المدقق النبيل أبي الفتح محمد بن على بن عثمان الكراجكي صاحب كنز الفوائد الذي سيأتي ذكره إن شاء الله ولم ننقل عنه شيئا لكونه موضوعا للخصال من الواحد إلى العشرة وليس فيه شيء يليق بكتابنا فذكره استطراد كغيره من الكتب التي لم نقل عنها شيئا .

كتاب شرح نهج البلاغة الفاضل الفيلسوف الشيخ ميثم بن على بن الميثم البحراني السراري من تلاميذ أستاذ الحكماء المحققين نصير الملة والدين الطوسي  . 

 كتاب تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة للسيد الفاضل الزكي شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي نزيل الغري مؤلف كتاب الغروية في شرح الجعفرية تلميذ الشيخ الأجل نور الدين علي بن عبد العالي الكركي المعروف بالمحقق الثاني ، وهو تفسير مليح وقد انتخبه بعض من تأخر عنه وهو علم ابن سيف بن منصور سنة سبع وثلاثين وتسعمائة بالمشهد الغروي وسماه كنز جامع الفوائد هكذا وجدت على نسختي من الكتاب وذكر اسمه المنتخب العلامة المجلسي أيضا كما ذكرناه ، وهو الذي حصل من الكتاب عندنا وعبرنا عنه في النقل بتأويل الآيات لأن المنتخب ذكر أنه لم يتصرف فيه سوى حذف ما لا يحتاج إليه من الأخبار وهذا لا يوجب تغيير الاسم .

كتاب إحقاق الحق في نقض إبطال الباطل للفضل بن روزبهان العامي الذي كتبه في نقض نهج الحق للعلامة الحلي  تأليف القاضي السعيد الشهيد نور الله بن شريف الحسيني التستري  وهو كتاب قلما صنف مثله في معناه .

كتاب مجالس المؤمنين له أيضا وهو لا يخلو من ارتكاب تكلف في تسليك بعض الأجانب في سلك التشيع بتخريجات بعيدة في قبال قول من قال أن أصحاب العلوم أولي الأخطار من غيرهم كلهم على مذهب التسنن وهو دليل حقية مذهبهم ، ولعمري إنه تكلف مستغنى عنه فإن مشاهير الشيعة من كل صنف من أولي الأخطار الذين لا شك في تشيعهم عند أحد قد ملأوا بحمد الله الخافقين فلا حاجة إلى التخريج والتكلف مع أن هذا القول منهم كلام شعري رأسا( يحسبه الظمآن ماءًً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ) فإن غير أهل العلم من أولي الأخطار لا موقع لتكذيبهم أو تصديقهم في المذهب عند أولى الأبصار ، وأما هم فمنهم أيضا طوائف لا مدخل لعلومهم في الاهتداء إلى معرفة حق المذهب من باطله رأسا كالطبيعيين والرياضيين والشعراء والادباء والقراء والأطباء والفقهاء والخطباء والمؤرخين ، وبالجملة كل من ليس موضوع علمه مباحث الأصول الدينية بقي طائفتان الحكماء الإلهيون والمتصوفة ، أما الأخيرة فمن فتش عن مذهبهم أولا وجد أن مذهبهم هيولى جميع المذاهب بمعنى أنهم يرون جميع الطرق موصلة إلى الحق فليس لهم أن يصدقوا مذهبا ويكذبوا الآخر مع أنه ليس لهم كثير اعتناء بمقام الأنبياء فإنهم يرونهم رعاة الحمير والعياذ بالله وإنما أصحاب الخطر عندهم الأولياء الذين عينوهم بأهوائهم فمن لا يعتني بمقام النبوة ماذا يكون احتفاله بمقام الخلافة التي هي نيابة عن النبوة وفرع لها ولو فرضنا خروج جمع منهم عن لازم طريقتهم وجمودهم على خصوص مذهب التسنن فليس هذا أيضا مما يثبت حجة على الخصم لأن جل هذه الطائفة قوم بطالون خداعون خلفاء الشيطان ومخربوا قواعد الدين يتنزهون لإراحة الأجسام و يتهجدون لتصييد الأنام يتجوعون عمرا حتى يذبحوا للآكاف حمرا لا يهللون إلا لغرور الناس ولا يقللون إلا لملاء العاس واختلاس قلوب الدنفاس أورادهم الرؤوس أو التصدية وأذكارهم الترنم والتغنية ليس لهم بتنقيح مباحث العلم من علاقة ولا في تحقيق حقائق الأصول الحكمية من جمل ولا ناقة وإنما مأخذ خرافاتهم دعوى الكشف والشهود ولا شاهد لهم بذلك سوى كشف الدورات في الشوارع و المسالك أو تحريك الرأس وتصعيد متواتر الأنفاس في مجامع الناس فلا يتبع أمثال هؤلاء إلا الحمقاء ولا يغتر بتمويهاتهم إلا السفهاء ، وإن اتفق لبعض منهم قوة عوز في بعض المطالب العلمية كابن العربي والجيلاني ونظرائهما فلا يزيدهم ذلك إلا رجسا على رجس لما تقرر في حكمتنا الشرعية من أن المبطل كلما كان علمه أكثر كان شيطانه المقيض له أعرف بمهاوي طرق الإضلال وأبصر و لاسيما إذا حصلت له حالة الكشف عن لوح سجين بمزاولة رياضات خارجة عن قانون الشرع المبين فإن شيطان مثل هذا الشخص يوحي إليه من الشبهات المموهة ما لايقدر على تزييفه وبيان وجه بطلانه إلا من هو مثله في القوة في جانب الكشف الحق  الصحيح فليس لتصديق هؤلاء أيضا اعتداد في تقوية مذهب من المذاهب تشيعوا أم تسننوا وإلا فمن ينتحل التشيع من كبراء هذه الطائفة ليسوا بأقلين ممن ينتحل خصوص التسنن هذا الحسين بن منصور الحلاج الذي اتفقت كلمة هذه الطائفة بكونه ممن بلغ الغاية القصوى في السير واتصل بالحق تعالى وقد ملأوا أساطيرهم من ذكر كراماته ومقاماته وقد كان ينتحل مذهب التشيع ويدعي أنه باب صاحب الزمان الحجة بن الحسن (عج) ولكن عظماء الشيعة مع ذلك لم يحفلوا بقوله ولا استقووا به مذهبهم كالعامة بل تبرؤوا منه أشد التبري وأفتوا بقتله لما ظهر منه من المقالات المنكرة المردودة ، وكذا الشلمغاني ومحمد بن نصير المنسوب إليه فرقة النصيرية وأضراب هؤلاء من أصحاب التصوف والتلوين وهم كثيرون جدا كما يظهر لمن تتبع السير والأخبار ، وأما الإلهيون من الحكماء فهم أيضا قسمان قسم منهم ليس لهم عناية بالنبوات أصلا وإنما نبئهم عقولهم القاصرة وإن أظهر بعض هؤلاء التدين بمذهب من المذاهب الإسلامية فهو تمويه منه لمصلحة رآها في ذلك ويظهر كذب دعواهم في فلتات أقوالهم من إنكار كثير من الأمور الثابتة في الشريعة الإسلامية ، وذلك كأبي نصر الفارابي ومن حذا حذوه من المنتحلين للفلسفة وإن اتفقت لهؤلاء موافقة في بعض المسائل لما ثبت من الشريعة الحقة فليس لأنهم متعبدون بما أخبر به صاحب الوحي عن الله تعالى و إنما هو من جهة أنه أداهم إليه أدلتهم العقلية فهؤلاء أيضا ليسوا من اختلاف التشيع والتسنن في مغدى ولا مراح وإنما هم طائفة خارجة عن كلام المذهبيين وإن تكلموا في تحقيق هذا الاختلاف على سبيل الفرض والتقدير فلا ريب أن أصولهم الحكمية تقتضي أولوية أمير المؤمنين (عليه السلام) بالخلافة الإلهية من الثلاثة الباقية وإن خالف بعض منهم في ذلك فهو معطوف على سائر ما يقع لهم من الخبط في المسائل الحكمية .

وأما القسم الآخر فهم الذين يراعون في الأصول الحكمية مطابقة الأصول الشرعية على حسب ما هي عندهم بمعنى أنهم متعبدون بمذهب الإسلام فإذا خالف شيء من قواعدهم شيئا من الأصول الإسلامية يلزمهم أن يتركوا تلك القاعدة إلى ما ثبت عندهم من تلك الأصول وإنما عبرت  بقولي ( يلزمهم ) لأن هؤلاء أيضا من لم يعمل بذلك بل أوّل الأصول الإسلامية بما يوافق ما عنده من تلك القواعد التي خرّجها بعقله الناقص وإن ادعى باللسان خلاف ذلك ، وكيف كان فهؤلاء أيضا باعتبار اختلاف مسلكهم في نوع الأدلة و البراهين ينقسمون إلى قسمين : حكيم ومتكلم ، فالحكيم من يكتفي بالبراهين العقلية المحضة والمتكلم ربما يستدل بالمشهودات والمسلمات المستندة إلى النقل ، والشائع بين العامة من هذين القسمين هذا الأخير المسمى بعلم الكلام ، وأما الأول منهما فلم نجد منهم من يسلك عليه إلا شرذمة قليلون منهم إمامهم المشهور بفخر الدين الرازي وهو من الغالين في مذهب التسنن بل النصب والبغض لأهل بيت الرسول فإن الإنصاف أن الرجل في الدرجة القصوى من ذلك حتى أنه بلغني عنه رد على الشيعة في قولهم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول على المنبر كرارا سلوني عما دون العرش وهذا مما لم يتكلم به أحد سواه ولو تكلم أحد به كذبته شواهد الامتحان فإنه قال في جواب ذلك أي اختصاص لأمير المؤمنين (عليه السلام) في ذلك وأنا عبد من عبيد فلان وفلان وأقول سلوني عما فوق العرش وهو كما ترى لا يصدر إلا عمن عجنت طينته ببغض آل الرسول وقد كذب اللعين في ذلك ، فإن المحقق الطوسي الذي هو عبد من عبيد أمير المؤمنين (عليه السلام) قد كشف في شرح الإشارات عما لا يحصى كثره من الأغلاط الواضحة التي وقعت له ، وقوله هذا أيضا معطوف على تلك الأغلاط أنه زعم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أراد بالعرش هذا العرش الجسماني وهو (عليه السلام) يريد به ما استوى عليه الرحمن وهو المحدد لجهات عالم الإمكان الذي لا يعقل تجويز شيء فوقه مع أنه لو كان المراد به العرش الجسماني أيضا فهو أيضا لا فوق له كما حقق في محله فقوله هذا غلط على جميع التقادير وبعد ذلك كله لو أني كنت أدركت زمانه لسألته عما تحت الفرش وأفحمته فكيف بما فوق العرش فافهم الإشارة واكتف بها عن تصريح العبارة .

وعلى أي حال فليس للعامة اختصاص بهذا العلم بل كما هو شائع بينهم كذلك هو شائع بين الشيعة منذ زمن أمير المؤمنين إلى اليوم ولهم في هذا العلم بقسميه علماء فحول على أن من تتبع السير والآثار وبحث عن أحوال من عد في سلك العلماء من هؤلاء وجد معظمهم ما بين نحوي ولغوي وقارئ وخطيب وشارع ومؤرخ وفقيه مفت بالرأي والاستحسان وهو أهون المذكورين ولو تخطى بعضهم عن ذلك فحافظ للأخبار ، وفي الأثر ( حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه ) فهؤلاء الذين كثروا لهم السوادويعلم من اكتحلت عينه بنور البصيرة أن خطر هؤلاء الطوائف من أصحاب الرسوم عند أولي الألباب أهون من عفطة عنز وإذا خرج هؤلاء من البين بقى قوم من أشباه الناس يتقلبون في ثوب الوسواس نتيجة أنظارهم الإلحاد والسفسطة وخلاصة أفكارهم التشكيك والمغلطة ، منهم من كثر ذات الله بأحواله ومنهم من ظلّمه في أفعاله ومنهم من كذبه في أقواله ومنهم من عزله عن سلطانه ومنهم من شرّكه في عصيانه ومنهم من جسّمه ومثّله ومنهم من حيّزه وحمّله ومنهم من كفّر ملائكته المقربين ومنهم من فسّق أنبياءه المرسلين إلى غير ذلك من الأوهام و الخرافات التي تكاد السموات يتفطرن منها وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً ، ذلك مبلغهم من العلم فاعتبروا يا أولي الأبصار .

وأما علماء الشيعة الذين اشتملت على ذكرهم الفهارس وكتب السير فجلهم مضافا إلى ما حووا من العلوم الرسمية المذكورة علماء حكماء وبررة أتقياء قد عرجوا معارج العلوم الحقيقية وصعدوا مدارج الأصول الشرعية فشيدوا مبانيها بأفكارهم العميقة وحرروا معانيها بأنظارهم الدقيقة حتى نفروا عن دين سيد المرسلين تحريف الغالين وانتحال المبطلين ولم يقفوا بما قنع به أولئك من العكوف على التماثيل الإسمية والتلاعب بالنقوش الرسمية والتقرب عند الأمراء والسلاطين بذكر المطل والأشعار الباطلة وتكسّب الجوائز منهم بوسائل أمثال وقصص عاطلة مع أن هذه الفرقة عند أهل التمييز بَطَلة العالم وآكلة فضالات بني آدم ، ولو أن الشيعة اعتنت بظبط أحوال أمثال هؤلاء لضاقت عن ذكرهم دفاتر الإنشاء ولكنهم لم يكترثوا بحال هؤلاء ولا حسبوهم في عداد العلماء كما حسبتهم أضدادهم من باب قول المتنبي في هجوه بني عمار :

ما كنت أحسب أن الدخن فاكهة      حتى نزلت بوادي آل عمار

هذا كله جريا على طريق البحث معهم وإلا فليس ميزان الحق والباطل عند أهل التحقيق كثرة التابع وقلته بل الأمر على العكس بمعنى أن الاهتداء إلى الحق هو الميزان في معرفة منازل الرجال قال أمير المؤمنين (عليه السلام)

روضةالواعظين     31     1    

  ( الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله )

الطرائف     136     1   

بحارالأنوار     125     40   

إرشادالقلوب     296     2  

وفي حديث آخر

غررالحكم          438       ( لا تنظر إلى من قال و انظر إلى ما قال ) 

فالرجل حق الرجل من يعرف الرجال بالمقال لا المقال بالرجال .

وبالجملة شرف العلم إنما هو بشرف المعلوم فمن كانت معلوماته الأمور الحقة فهو العالم حق العالم ومن كانت معلوماته الأمور الباطلة فهو أخ الشيطان صاحب الجهل المركب ، ولا يسمى عالما عند الله وعند أولي الألباب وقد أجاد القائل بالمقال حيث قال : ( لو كان في العلم من غير التقى شرف لكان أشرف كل الناس إبليس )

فالمخالف للحق جاهل وإن شق الشعر بدقيق فكره وإلا ففي الملاحدة والزنادقة رجال حفظوا من العلوم المكتوبة والمعلومة ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة ولم يجعلها عاقل دليلا على حقية مذاهبهم مع أنه إن كان ولا بد فقلة التابع أولى بالدلالة على الحقية من العكس ضرورة قلة أهل الحق منذ بعث الله آدم إلى الآن

المناقب     274     1   

بحارالأنوار     401     47     قال أبو عبيدة المعتزلي لهشام بن الحكم ( الدليل على صحة معتقدنا و بطلان معتقدكم كثرتنا وقلتكم مع كثرة أولاد علي وادعاؤهم فقال هشام : لست إيانا أردت بهذا القول إنما أردت الطعن على نوح (عليه السلام) حيث لبث في قومه أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً يدعوهم إلى النجاة ليلا و نهارا وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) ، هي ، نقله ابن شهر آشوب في المناقب وينبغي أن يكون له متم وهو عدم تصديق ابنه له على أنه لو لم يكن للشيعة إلا أئمة آل الرسول الذين أيدهم الله بالبراهين الباهرة والآيات القاهرة والتي اتفقت على تصديق أكثرها ألسنة الموافق والمخالف على مر الدهور والأزمنة لكان لهم كفاية فيه إلى يوم القيامة .

كتاب الأربعين لأسعد بن إبراهيم الأربلي أو الأردبيلي وهو أيضا من العامة وكتابه هذا مشتمل على أخبار لطيفة كلها في فضائل أمير المؤمنين و أهل بيته .

كتاب الرواشح السماوية للسيد السند النحرير الجامع للعلوم العقلية والنقلية الأمير محمد باقر بن محمد الداماد  وهو شرح منه على الكافي ولكن لم يخرج منه إلا المقدمات المذكورة فيه ، وهو كتاب مشتمل على فوائد شريفة وزوائد لطيفة ولكنه     قدم مبانيه بميسم تعقيدات لا تعلم أمديح أم هجاء وألبس معانيه نسائج تلفيقات ليس تدرى أجبة أم قباء ، أتى بألفاظ مستفزة يكاد يستنكر وضعها أهل اللسان و أبدع عبارات مستنكرة لم يطمثهن إنس قبله ولا جان كما هو دأبه في جميع ما أنشأه من التأليف في المعقول و المنقول وأنت تعلم أنه أمر قذره ( قد نزه ) الله ورسله وأولياؤه كلماتهم عن مثله ، ولو أنه كان أمرا مستحسنا لكانوا هم أولى بذلك وأقدر وبالجملة هو في المباحث العلمية أمر مرغوب عنه وليت شعري ما الذي بعثه   على ذلك .

  كتاب شرح الدراية لتاج الملة والدين زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي المعروف بالشهيد الثاني قدس الله لطيف سره وهو من التأليفات المليحة الحسنة .

كتاب الصحيح لمحمد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري وهو أحد أئمة أهل السنة ومتقدمهم وكتابه هذا من الكتب التي عليها المدار بينهم نظير الكتب الأربعة عندنا وليس بذاك الإتقان كما لا يخفى على من راجعها ، ولم ننقل عنه شيئا فذكره استطراد .

 كتاب صحيفة الرضا (عليه السلام) بإسناد الشيخ أبي علي الطبرسي صاحب التفسير عنه (عليه السلام) ويأتي ذكر سنده إن شاء الله فيما بعد وهو من الصحف المشهورة قال المجلسي

 بحارالأنوار     30     1   

 و كتاب صحيفة الرضا (عليه السلام) من الكتب المشهورة بين الخاصة والعامة وروى السيد الجليل علي بن طاوس عنها بسنده إلى الشيخ الطبرسي  ووجدت أسانيد في النسخ القديمة منه إلى الشيخ المذكور ومنه إلى الإمام(عليه السلام) وقال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار كان يقول يحيى بن الحسين الحسيني في إسناد صحيفة الرضا (عليه السلام) ( لو قرئ هذا الإسناد على أذن مجنون لأفاق ) إلى أن قال  ( وبالجملة هي من الأصول المشهورة و يصح التعويل عليها ) .هي .

كتاب مطالب السؤل في مطالب آل الرسول لمحمد بن طلحة الشافعي وهو من العامة وقد أكثر النقل عنه علي بن عيسى الأربلي في كشف الغمة.

 كتاب شرح نهج البلاغة لعز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي صنفه لابن العلقمي الشيعي وزير المسعتصم العباسي آخر خلفاء بني العباس.

 كتاب الفصول المهمة في فضائل الأئمة لعلي بن أحمد المالكي .

كتاب المناقب لشمس الدين يوسف بن قزعلي وهو سبط أبي الفرج بن الجوزي المعروف من قبل الأم صاحب تاريخ مرآة الزمان .

كتاب مشكوة المصابيح للخطيب محمد بن عبد الله العمري التبريزي .

 كتاب راحة الأرواح ومؤنس الأشباح في تاريخ النبي والأئمة ودلائلهم للحسن الإمامي السبزواري وهو من أحسن الكتب المصنفة في هذا المعنى بالعجمية ، يظهر من التأليف جلالة مؤلفه وكونه مطلعا بالأخبار ومحتملا لمعانيها وعباراته على غير طريق العبارات المعمولة في هذا الزمان ، وقد ترجمنا ما نقلنا عنه في هذا الكتاب بالعربية ، وقد حصل منه عندي نسخة عتيقة جدا غير أنه سقط منها شيء كثير ، ووقفت أيضا على تلخيص لهذا الكتاب لم يأل ملخصه جهدا في تضييع كتاب الرجل جزاه الله عنه في جملة الملخصين لكتب الناس خير الجزاء وعافاني الله وجميع أخواننا المؤمنين من هذا المرض .

كتاب نقد الرجال للسيد الصفي الأمير مصطفى بن الحسين الحسيني التفريشي وهو من معاصري الشيخ التقي مولانا محمد تقي بن المجلسي  قرأ كلاهما على المولى المدقق الورع التقى عبد الله بن الحسين التستري الشريف  وكتابه هذا في الرجال من الكتب المعروفة ولكنه مجرد نقل ليس فيه شيء من التحقيق .

كتاب تلخيص المقال في الرجال للسيد الفاضل المدقق النحرير الأميرزا محمد بن على بن إبراهيم الاسترآبادي صاحب الرجال الكبير المعروف وهذا الكتاب الذي ذكرناه تلخيص له من ذلك الكبير والظاهر أنه المعروف بالرجال الوسيط ، وله كتاب آخر أخصر منه يعرف بالرجال الصغير ، وكان هذا الشيخ معاصرا للمولى عبدالله المذكور آنفا مجاورا للعتبة العلوية ثم بيت الله الحرام وبه مات لثلاث عشرة خلون من ذي القعدة من سنة ثمان وعشرين بعد الألف - كذا في اللؤلؤة - وذكره المجلسي في البحار من جملة من رأى صاحب الزمان (عليه السلام) ، قال   بحارالأنوار     175     52    عن أخبرني جماعة عن السيد السند الفاضل الكامل ميرزا محمد الاسترآبادي نور الله مرقده أنه قال إني كنت ذات ليلة أطوف حول بيت الله الحرام إذ أتى شاب حسن الوجه فأخذ في الطواف فلما قرب مني أعطاني طاقة ورد أحمر في غير أوانه فأخذت منه وشممته و قلت له من أين يا سيدي قال: من الخرابات ثم غاب عني فلم أره ) . هي .

 كتاب عدة الداعي للشيخ العارف الملي أحمد بن فهد الحلي  .

كتاب الأربعين للشيخ الجليل الورع التقي مولانا محمد تقي المجلسي  جمع فيه أربعين حديثا من طرق العامة في فضائل مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) .

كتاب مفتاح الفلاح في عمل اليوم والليلة للشيخ المحقق الجامع الورع الزاهد بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي الحارثي من ولد الحارث بن همدان المعروف صاحب أمير المؤمنين الذي قال له ما نظمه السيد الحميري بقوله :

بحارالأنوار     180     6    باب 7- ما يعاين المؤمن و الكافر عند

بحارالأنوار     181     6    باب 7- ما يعاين المؤمن و الكافر عند

بحارالأنوار     432     34    ]الباب السادس و الثلاثون[ باب آخر ن

بحارالأنوار     241     39    باب 86- سائر ما يعاين من فضله و رفع

بحارالأنوار     245     39    باب 86- سائر ما يعاين من فضله و رفع

بحارالأنوار     179     42    باب 124- أحوال سائر أصحابه ع و فيه

بحارالأنوار     121     65    باب 18- الصفح عن الشيعة و شفاعة أئم

الأمالي‏للطوسي          30]    627] مجلس يوم الجمعة الثامن عشر من

الأمالي‏للمفيد          7    المجلس الأول مجلس يوم السبت مستهل ش

أوائل‏المقالات          50    74- القول في رؤية المحتضرين رسول ال

بشارةالمصطفى          5    بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ..... 

تفسيرالقمي     266     2    حضور المعصومين عليه السلام عند المو

الخرائج‏والجرائح     812     2    فصل .....  ص : 810

ديوان‏الإمام‏علي)ع(          352    خطاب به حارث اعور همدانى .....  ص :

كشف‏الغمة     413     1    فصل في ذكر مناقب شتى و أحاديث متفرق

المناقب     237     3    فصل في حمايته لأوليائه .

شرح‏نهج‏البلاغة     43     18    الحارث الأعور و نسبه .....  ص : 42

يا حار همدان من يمت يرني  من مؤمن أو منافق قبلا

الأبيات وهي معروفة وزعم بعضهم أن عين الأشعار لأمير المؤمنين (عليه السلام) والتحقيق ما ذكرناه .

كتاب الأربعين للشيخ المذكور أيضا وهو كتاب لطيف في معناه .

كتاب الدراية له أيضا وقد جعله مقدمة لكتاب حبل المتين

كتاب مفتاح النجاء في مناقب أصحاب العباء للأميرزا محمد بن رستم معتمد خان البدخشي كذا ذكر مصنفه في صدر الكتاب وهو من العامة وهو الذي نقلنا عنه بعض الشبهات كحضور أبي جعفر (عليه السلام) عند أبيه بطوس وإيراده في أمر الصاحب (عليه السلام) وأجبنا عنها والحمد لله ، وهو على ما يظهر من تاريخ تأليف كتابه من المتأخرين يقارب زمانه زمان المجلسي الثاني   وزعم في كتابه ذلك أن المهدي الموعود من ولد الحسن بن أمير المؤمنين (عليه السلام) دون الحسين (عليه السلام) أنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.   

كتاب منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان للفاضل المتبحر الشيخ حسن بن الشهيد الثاني  صاحب المعالم وهو كتاب مشتمل على فوائد شريفة و إن ضيق على نفسه في العمل بالأخبار وهو موضوع للمدارك الفقهية وليس فيه شيء من أخبار الأصول الدينية ولذا لم نورد عنه شيئا وإنما ذكرناه لكونه من كتب الأخبار .

كتاب شرح حديث العمامة المعروف بالبساط الكبير للحكيم الإخباري والمحقق القاضي سعيد القمي الشريف وهو من تلاميذ الفيض القاشاني  ولكنه أشد وطأ من أستاذه في طرق الحكمة الإلهية وأقوم طريقا منه في مسالك المعرفة وأشد تعبداً منه بالأخبار المعصومية وإن كانت للفضيلة مزايا ليست بحاصلة له كما يظهر من مسطورات كل منهما وكتابه هذا كتاب لطيف مشتمل على تحقيقات أنيقة وتدقيقات وثيقة تشهد بتبرع مؤلفه في فن الحكمة الإلاهية ودقائق الأسرار الربانية ، وله كتاب كبير في شرح توريدالصدوق وقفت عليه عند بعض الإخوان ولم يحضرني حال التأليف.      

كتاب الوافي للشيخ المحقق المحدث الماهر محمد بن مرتضى المدعو بمحسن الفيض  وهو خمسة عشر مجلدا بإضافة الخاتمة جمع فيه أخبار الكتب الأربعة الكافي والفقية والتهذيب والاستبصار على طراز وترتيب أنيق بزيادة آيات مناسبة لكل باب وبيانات لإشكلات الأخبار وأخبار لم تذكر في الأربعه ببعض التقريبات لاسيما في كتاب الروضة منه ، وقد حصل عندنا كل هذا الكتاب .

كتاب الصافي في التفسير له أيضا .

كتاب المحجة البيضاء في أخبار الأحياء وهو تحرير منه لكتاب إحياء العلوم للغزالي في ثلاث مجلدات حذف منه بعض الأخبار غير المقبولة والأقاصيص المختلفة من الصوفية وغيرهم وعوض عنها أخبارا مأثورة من طرقنا وليته أمات هذا الكتاب رأسا وألف كتابا مستقلا في معناه عوضا عنه ، لأن كثيرا مما بقى منه أيضا من نوع ما حذف منه ولقد كان هذا الكتاب عندي زمانا ثم رددته على صاحبه ولم أنقل منه سوى كتابي العسكري (عليه السلام) .

كتاب تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ، كتاب الفصول المهمة في أصول الأئمة ، كتاب الجواهر السنية في الأحاديث القدسية كل الثلاثة للشيخ الجليل والمحدث النبيل محمد بن الحسن الحر العاملي  .

كتاب منتخب المراثي والخطب للشيخ الثقة الورع الزاهد فخر الدين ابن طريح النجفي  صاحب مجمع البحرين في غريب القرآن والأخبار وهو كتاب معتبر وقد أكثر النقل عنه المجلسي في مقتل البحار وعبر عنه بكتاب بعض ثقاة المعاصرين وما يقاربه في العبارة ، ونقل أيضا عنه كثيرا السيد التوبلي في مدينة المعاجز وقال في الثالث و الثلاثين من معجزات السجاد (عليه السلام) الشيخ الفاضل التقي الزاهد الشيخ فخر الدين النجفي ( رأيته في النجف ولى منه إجازة ) . هي .

 كتاب المقتل لأبي مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن مسلم الأزدي الغامدي بالعين المعجمة والدال المهملة ، كتاب أخذ الثار في أحوال المختار له أيضا والكتابان معروفان وذكرهما الشيخ في الفهرس ومع سائر كتبه وذكر سنده إليها ، ويأتي إن شاء الله في أسانيدنا ، وهو نفسه على ما يظهر من رجال الشيخ وفهرسه ممن أدرك زمن الحسن والحسين إلى الصادق (عليه السلام) ونقل عن الكشي كونه من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وغلطه وقال إنه لم يلقه وإنما كان أبوه يحيى من أصحابه (عليه السلام) ، وعن النجاشي أنه روى عن الصادق (عليه السلام) وقيل عن أبي جعفر (عليه السلام) ولم يصح . هي . أقول : لا منافاة بين القولين فإن إدراك الزمان أعم من الرواية فـتأمل ، هذا وقد ارتكن في أذهان بعض الناس أن الرجل من العامة وهو وهم ناش من ضعف التحصيل فإن الرجل من خواص الشيعة حتى أن الفيروز آبادي قال في القاموس ( أبو مخنف لوط بن يحيى إخباري شيعي من نقلة السير متروك ) أقول : وإنما قال متروك  لكونه شيعيا ثم إن صورة سند كتاب المقتل في نسختي وهى من النسخ المطبوعة هكذا قال : ( حدثنا أبو المنظر هشام عن محمد بن سائب الكلبي قال حدثنا عبد الرحمن بن جندب الأزدي عن أبيه قال دخلت أنا وسليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجية وسعيد بن عبد الله الخسيفي على الحسن بن على بن أبي طالب ) . الخبر . و الصحيح هشام بن محمد بن سائب فلفظ ( عن ) في السند غلط ثم الظاهر بل المتعين سقوط أبي مخنف من بين الكلبي وعبدالرحمن لأن الكلبي هو راوي الكتاب عن أبي مخنف كما صرح به النجاشي والشيخ وأبو مخنف هو الذي يروي عن عبدالرحمن هذا كما هو مصرح به في سند آخر للشيخ أيضا وهو سند كتاب خطبة الزهراء لأمير المؤمنين (عليه السلام) فأن فيه نصر بن مزاحم عن لوط بن يحيى عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه قال خطب أمير المؤمنين (عليه السلام)  وذكر الخطبة بطولها ، والواقع في بعض كتب الرجال عبد الرحمن بن حبيب ولكنه غلط وإنما الصحيح جندب وهو الذي يروى عنه نصر بن مزاحم في كتاب صفين بواسطة عمر بن سعد وليس بقاتل الحسين (عليه السلام) كما زعم غيره وذكره الشيخ هو وأبوه جندب بن عبد الله في أصحاب علي (عليه السلام)  وأبو المنذر هشام بن محمد هذا هو الكلبي النسابة المعروف صاحب جمهرة النسب وغيره قال ابن خلكان : ( إن تصانيفه تزيد على مئة وخمسين تصنيفا ) . هي . وكان  شيعة إماميا يروي عن أبي عبد الله عليه السلام وبقى إلى زمن الجواد (عليه السلام) لأنه توفي سنه أربع و قيل ست ومأتين وتوفى الرضا (عليه السلام)  سنة ثلاثة و مأتين وروى النجاشي عنه أنه قال

رجال‏العلامةالحلي          3    179- هشام بن محمد بن

رجال‏النجاشي          1166    434- هشام بن محمد بن السائب .....

 اعتللت علة عظيمة نسيت علمي فجلست إلى جعفر بن محمد عليه السلام فسقاني العلم في كأس، فعاد إلي علمي . هي ، وحديث تشيعه على يد أبي عبد الله (عليه السلام) مذكور في الكافي في باب ما يفرق بين دعوى المحق والمبطل ونقل ابن خلكان عنه في حكاية أنه حفظ القرآن في ثلاثة أيام . هي . وفاعل قال في صدر الكتاب بعض تلاميذ أبي المنذر .

كتاب وفيات الأعيان وأبناء أبناء الزمان لأحمد بن محمد بن إبراهيم بن خلكان بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام المشددة الأربلي القاضي بدمشق  ينتهي نسبه إلى البرامكة وهو عامي ، ورأيت في بعض المواضع في وجه تسمية جده بخلكان أن جده المذكور كان يوما يحكي بعض مآثر آبائه وأسلافه ويقول كان جدي فلان كذا وفلان كذا وأطال في ذلك فقال له بعض الحاضرين خل كان ويريد به الأشعار بمضمون البيت المشهور :

ديوان‏الإمام‏علي)ع(          69    امر به تحصيل آداب و منع از تفاخر به

إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليس الفتى من يقول كان أبي

فاشتهر ولقب بذلك .

كتاب المناقب المرتضوية لمحمد صالح الحسينيي الترمذي وهو من عرفاء العامة وفي كتابه أخبار طريفة ترجمنا بعضها في هذا الكتاب .

كتاب غاية المرام وحجة الخصام للسيد السند الثقة العلامة السيد هاشم بن سليمان بن إسماعيل الحسيني البحراني التوبلي قدس الله روحه من أعاظم علماء البحرين لم ير في الإحاطة بالأخبار بين المتأخرين مثله بعد شيخنا المجلسي  وهما معاصران ، وكتابه هذا موضوع بأسلوب غريب لم يسبق إلى مثله ، وضعه على مقصدين الأول : في تعيين الإمام والنص عليه وما يتصل بذلك ، الثاني : في وصف الإمام وفضائله وفضائل أهل بيته وشيعتهم وآناف المقصدين على أربعمائة باب وتسعة وخمسين بابا ، وقد رتب لكل عنوان باببين ، بابا لأخبار العامة وبابا لأخبار الخاصة ، وبالجملة فهو كتاب لم يصنف مثله في معناه إلى الآن جزاه الله عن أجداده الطاهرين خير الجزاء .

كتاب مدينة المعاجز له أيضا جمع فيه معجزات الأئمة الاثني عشر وهو أيضا جامع كبير واف في هذا الباب وهو الذي أكثرنا النقل عنه في هذا الكتاب .

كتاب المحجة فيما نزل في القائم الحجة (عليه السلام) من الآيات وهو أيضا كتاب لطيف له أيضا .

كتاب تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي له أيضا وهو غير تام ، فإنه  ترجم كتابه بذكر من رآه (عليه السلام) في الغيبتين ولم يذكر إلا الذين رأوه في الأولى.

كتاب روضة العارفين له أيضا ذكر فيه أصحاب الخطر من العلماء الإمامية وهو أيضا غير تام على ما يظهر مما وصل إلي من النسخة والله أعلم ، دعاه إلى تأليفه ما دعى القاضي  إلى تأليف مجالس المؤمنين ولكنه  لم يذكر إلا من هو معروف بالتشيع ، هذا وقد ترجم هذا الكتاب في اللؤلؤة بكتاب الرجال والعلماء الذين يرجعون إلى الحق  وهو سهو ، ومنشأ الاشتباه ما ذكر  في صدر الكتاب ( أن كثيرا من العلماء العامة كان باطنهم على خلاف الظاهر منهم كأبي حنيفة الذي هو أصل المذاهب الأربعة فإنه كان زيديا يقول بولاية أهل البيت ) إلى أن قال ( وكثيرا منهم لما ظهر لهم الدليل الصادق والبرهان الناطق بصحة مذهب الاثنى عشرية رجعوا إلى الحق كالغزالي ) ، وساق نحو هذا من الكلام ، وقد قال ذلك في جواب ما نقل عن العامة بقوله ( إن بعض المقلدة من العامة يستبعد كون المشايخ العامة على مذهبهم ويقول كونهم على مذهبهم دليل على صحة مذهبهم كالإمام فخرالدين الرازي والزمخشري وأضرابهما ) ، ثم قال ( وهذا عين التقليد الذى نهى الله عنه في كتابه ) إلى أن قال ( هذا وإن كثيرا من العامة ) إلى آخر ما نقلنا عنه ملخصا إلى أن قال ( على أن الإمامية فيهم محققون ) وذكر جماعة ثم قال ( كما يطلعك عليه كتابي هذا ) فزعم  أن موضوع الكتاب ذكر من رجع إلى الحق والظاهر أنه لم يقف على عين الكتاب وإنما سمعه عن بعض غير المتدربين ، وفي هذا الكتاب أخبار وقصص طريفة ذكرها بالتقريب ، وله  كتب ومصنفات أخر كلها نافعة ليس في شيء منها فضل ولاسيما كتابه البرهان في التفسير وهو ست مجلدات كلها أخبار ولكن لم يحضرنا شيء من سائر مؤلفاته حال التأليف .

كتاب بحار الأنوار تأليف الشيخ الأفخم الأفخر مجدد رأس المائة والحادي عشر ذي الفيض القدسي مولانا محمد باقر بن محمد تقي المجلسي روّح الله وروحه ونوّر ضريحه ، وهو خمس وعشرون مجلدا جمع من الأخبار المعصومية ما لم يجمعه كتاب وحوى من الفوائد ما لم يحوه خطاب ، غير أن ما بعد المجلد الخامس عشر منه خال من البيانات لعدم وفاء عمره بذلك وقد حضر عندنا حال التأليف منه مجلدات الأول وهو كتاب العقل و العلم والجهل ، والرابع وهو كتاب الاحتجاج ، والسادس وهو كتاب أحوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والثامن وهو كتاب الفتن والمحن الواقعة بعد رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والعاشر وهو كتاب البتول و السبطين صلوات الله عليهم ، والثاني عشر وهو كتاب أحوال الرضا (عليه السلام) إلى أبي محمد العسكري (عليه السلام) ، والثالث عشر وهو كتاب أحوال الحجة (عليه السلام) ، والرابع عشر وهو كتاب السماء العالم وحضر عندي من المجلد السابع وهو كتاب الحجة مختصر محذوف الأسانيد ولم أنقل منه شيئا لاستغنائنا عن ذلك بكتاب الحجة من العوالم ، وحضر أيضا من التاسع وهو أحوال أمير المؤمنين (عليه السلام) ترجمة ترجمه محمد رضي بن محمد بن نصير بن أخ المجلسي  على ما ذكر هو نفسه في ترجمته تلك وسماها ( صحيفة المتقين ومنهج اليقين ) ولم ننقل عنه أيضا شيئا بالاستقلال لاستغنائنا عن ذلك بسائر الكتب الموجودة عندنا لوجود جل أخباره فيها ، ووقَفْت المجلد  منه وهو كتاب الإيمان والكفر في المشهد الغروي سلام الله على مشرفه وأخذت عنه حديثا واحدا نقله في المجلد الأول من الكتاب ولم يحضرني عين الكتاب حال التأليف ، توفي  سنة إحدى عشر ومائة بعد الألف وقيل سنة عشر ، وتاريخ مولده جامع كتاب بحار الأنوار ، كتاب الوجيزة في الرجال له أيضا ، كتاب الأربعين له أيضا وهو كتاب مبسوط مشتمل على فوائد جمة ، وعندنا من مؤلفاته الفارسية شئ كثير لا حاجة إلى ذكرها .

كتاب عوالم العلوم للشيخ المحدث الجليل عبد الله بن نور الله البحراني  تلميذ مولانا المجلسي  وهو مأة وعشرون مجلد وجل ما فيه من الأخبار والبيانات لو لم يكن كلها على ما يظهر من مجلداته التى وقفنا عليها مأخوذة من البحار بتغيير أسلوب في الترتيب ، ولابأس بذلك في الأخبار وإنما العجب بياناته المذكورة فيها فإنها كلها عين ما في البحار من غير تغيير حتى في اللفظ حتى أني مع كمال ممارستي بالرجوع إلى الكتابين لم أجد له كلاما مختصا به أصلا وهو غريب غاية الغرابة ، ولم أقف على الأول من كتابه هذا حتى أعلم هل قدم لذلك عذرا فيه أم لا ، وقد حضر عندنا من هذا الكتاب كتاب أخلاق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكتاب الإمامة حضر منه الجزء الثالث والرابع فقط ، وكتاب الغيبة والرجعة وهو المجلد السادس والعشرون منه ، وكتاب السماء و العالم وهو السابع والعشرون منه ، هذا واعلم أن معظم ما نقلنا في هذا الكتاب بالواسطة و لم نصرح بالمأخذ مأخوذ من كتب هؤلاء الأساطين الثلاثة أعني السيد التوبلي و صاحب البحار وصاحب العوالم .

كتاب نفس الرحمن في مناقب سلمان للعالم الألمعي والفاضل اللوذعي المؤيد بتأييد القدسي الحسين بن محمد تقي النوري الطبرسي وفقه الله في الدارين وجاء بكل ما تقر به العين ، وهو من أفاضل العصر ونوادر الدهر حاز من جلائل العلوم الفاخرة ما تزهر به الجوانح والضلوع ، وفاز من محاسن السجايا الباهرة بما يفوح منه طيب الفضل ويضوع ، جمع من الحكمة الإلهية والفنون الرياضية والعلوم الشرعية من الحديث والفقه والرجال والدراية ما فاق به الفحول وقعد عنه كثير من أهل المعقول والمنقول ومن طالع مطاوي كتابه المذكور ظهر له صدق ما أقول لأنه جمع من الفوائد المنيفة والتحقيقات اللطيفة ما قلما يحويه كتاب وشذ ما يطويه خطاب لا زال مؤيدا بالأنفاس الرحمانية ومسددا بالألطاف الرحمانية مادام السراج يستمد من الزيت وسلمان ينتسب إلى أهل البيت .

كتاب الأنوار النعمانية للسيد المحقق السيد نعمة الله الجزائري  وهو أيضا من تلاميذ المجلسي  وقد حذا في كتابه هذا حذو كتاب السماء والعالم للمجلسي  على سبيل الاختصار و الاقتصار مع زيادات مختصة به .

كتاب مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار في التفسير للشيخ الجليل المحقق النبيل الراصد لأسرار آل الله الشيخ أبي الحسن الشريف المناطي النجفي  وهوابن أخت الأمير محمد صالح صهر المجلسي  وهو أيضا من تلاميذ المجلسي وخاله المذكور ، وقد تميز من بينهم بالوقوف على بعض الحقائق الباطنة من مقامات آل رسول الله التي لم يهتد إليها من سبقه من العلماء حتى وضع تفسيره هذا على نهج عجيب لم يسبق إليه في ذكر تأويل الآيات القرآنية بآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعدائهم وقد مهد لبيان ذلك مقدمات عجيبة أنافها على مجلد كبير مستقل وبنى التأويلات المذكورة في ضمن الآيات على تلك المقدمات مقرونة بالأخبار الواردة في كل باب ، وبالجملة هو كتاب مشتمل على أسرار وعلوم لا يحتملها كثير من الناس ولقد وقفت على نسخة الأصل من مقدمات هذا الكتاب في المشهد الغروي ومن أصل التفسير على شيء من تفسير سورة البقرة وما أدري أهو الذي خرج فقط من قلم المصنف أم له بقية لم أظفر بها ، وقد استنسخت ما ظفرت به من ذلك في البلدة المذكورة وهو يزيد على ثلاثين ألف بيت ، وحال المصنف مذكور في اللؤلؤ مع سائر مصنفاته سوى هذا التفسير ، والظاهر أنه  لم يقف عليه .

كتاب شرح الزيارة الجامعة الكبيرة للشيخ الأجل الأوحد معلم البشر ومجدد رأس المائة الثانية عشر الناموس الإلهي الكبريائي شيخ المتألهين أحمد بن زين الدين الهجري الإحسائي أنار الله برهانه ورفع في موقف القدس شأنه واشتهار الكتاب يغني عن وصفه هذا مع قصور لسان البيان عن نعت صفته كما هي لاشتماله من غوامض الحقائق الإلهية بما لم يجر على الخواطر ولا سطر في بطون الدفاتر فدع عنك بحرا ضل فيه السوابح ، وهذا الكتاب منقسم على أربعة مجلدات حصل عندنا من الأول نسخة الأصل بخط مصنفه  .

كتاب الكشكول له أيضا وهو على وضع عجيب غير أن ما وصل إلينا منه لم يتم على ما أراد وما أدري هل له نسخة تامة أم لا .

كتاب العصمة والرجعة له أيضا ، كتاب شريف لم يصنف في بيان المسألتين مثله مع الإشارة إلى حل إشكالات جميع الآيات والأخبار الواردة في المعنيين وله  كتب أخر ما بين مطول ومختصر تزيد على مائة كتاب كلها حاضرة عندنا وعدة منها بخطه الشريف ولكن هذا حيث أنها مما لم يذكر فيها كثير أخبار على سبيل الاستشهاد في بعض المواضع لم ندخلها في التعداد ولا نقلنا عنها شيئا إلا حديثا واحدا عن المسائل القطيفية له أعلى الله مقامه ولأن كثيرا من الأصول المأخوذة عنها أخبار تلك الكتب كانت موجودة عندنا وهذا هو العذر بعينه في تركنا لذكر مصنفات السيد الأجل الأفخم سند الأعلام الأفاخم وحجة الأكابر والأعاظم مولانا السيد كاظم أعظم تلاميذ الشيخ الأجل المذكور قدس الله روحهما ونور ضريحهما أيضا .

كتاب نهج المحجة في إثبات الإمامة للشيخ الأعظم والطود الأفخم بقية الأوائل ومجمع فنون العلوم والفضائل علي نقي بن أحمد بن زين الدين الإحسائي المذكور أعلى الله مقامهما ورفع في الخلد أعلامهما ، كان  من أعظم تلاميذ أبيه جامعا لجل العلوم العقلية والنقلية حائزا للكمالات الصورية والمعنوية ، حاملا للأسرار وحافظا للأخبار حتى سمعت جماعة ينقلون عنه أنه كان يقول ( أحفظ إثني عشر ألف حديث بأسانيدها ) ، وله  في كل من علمي المعقول والمنقول مصنفات أنيقة متقنة تشهد لصاحبها بالغوص في تيار علم لا يساحل والبلوغ إلى ذروة فضل لا يحاول ، منها كتابه هذا المذكور الذي حوى من التحقيقات ما لم يحوه كتاب .

 كتاب مشتركات الرجال للشيخ المتأخر المتتبع الماهر الشيخ محمد أمين الكاظمي  وعندنا منه نسخة صححها المصنف بيده .

كتاب لؤلؤة البحرين للشيخ الجليل المتبحر النبيل الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم البحراني صاحب الحدائق  ، وهو كتاب في الإجازة لابني أخويه ، لطيف حوى في أحوال مشايخ الإجازة ومؤلفاتهم ما لم يحوه كتاب .

كتاب منتهى المقال في الرجال للشيخ أبي علي محمد بن إسماعيل الحادي تلميذ المحقق البهبهاني  وهو أجمع كتب الرجال وأحسنها ، ولكن الفضل فيه لأستاذه بالأصالة وله بالتبع لكون الأغلب من تحقيقاته له .

كتاب روضة الشهداء للحسين بن علي الكاشفي السبزواري صاحب جواهر التفسير والمواهب العلية وغيرهما ، وكتابه هذا من الكتب المشهورة و مؤلفه إمامي ربما كان يظهر التقية في بعض المقامات .

كتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة المروي عن الصادق (عليه السلام) ، وأمر هذا الكتاب مختلف فيه بين أصحابنا  ( بحارالأنوار     14     1    )

 قال السيد الأجل علي بن طاوس في كشف المحجة  فيما أوصى إلى ابنه ( انظر كتاب المفضل بن عمر الذي أملاه عليه الصادق (عليه السلام) فيما خلق الله جل جلاله من الآثار ، وانظر كتاب الإهليلجة و ما فيه من الاعتبار. و كتاب مصباح الشريعة و مفتاح الحقيقة المنسوب إلى مولانا الصادق (عليه السلام) ) وقال في كتاب أمان الأخطارعلى ما نقل عنه في البحار ( ويصحب المسافر معه كتاب الإهليلجة وهو كتاب مناظرة الصادق (عليه السلام) الهندي في معرفة الله جل جلاله بطرق غريبة عجيبة ضرورية حتى أقر الهندي بالإلهية والوحدانية و يصحب معه كتاب المفضل بن عمر الذي رواه عن الصادق (عليه السلام) في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي وإظهار أسراره فإنه عجيب في معناه ويصحب معه كتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة عن الصادق (عليه السلام) فإنه كتاب شريف لطيف في التعريف بالتسليك إلى الله جل جلاله و الإقبال عليه و الظفر بالأسرار التي اشتملت عليه انتهى ) . هي .

 وقال المجلسي (ره) في البحار بعد نقل هذين الكلامين عن السيد ˜في الفصل الأول

بحارالأنوار     32     1  

( و كتاب مصباح الشريعة فيه بعض ما يريب اللبيب الماهر و أسلوبه لا يشبه سائر كلمات الأئمة وآثارهم وروى الشيخ في مجالسه بعض أخباره هكذا : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل الشيباني بإسناده عن شقيق البلخي عمن أخبره من أهل العلم ، هذا يدل على أنه كان عند الشيخ ˜ و في عصره وكان يأخذ منه ولكنه لا يثق به كل الوثوق ولم يثبت عنده كونه مرويا عن الصادق (عليه السلام) وأن سنده ينتهي إلى الصوفية و لذا اشتمل على كثير من اصطلاحاتهم وعلى الرواية عن مشايخهم و من يعتمدون عليه في رواياتهم ) . انتهى كلامه ˜ .

وقال شيخ المتألهيين الإحسائي أعلى الله مقامه في جواب سؤال الشيخ مهدي عن قول الصادق (عليه السلام) في الكتاب المذكور العبودية جوهرة كنهها الربوبية ) . الحديث . ما هذا لفظه ( هذا مذكور في مصباح الشريعة وروايه قيل مجهول والذي ذكر السيد عبد الله بن السيد نور الدين الشوستري في شرح النخبة أنه شقيق البلخي رواه عن الصادق (عليه السلام) ، وظاهرا شقيق أنه من علماء العامة لا من الصوفية إلا أن السيد المذكور ذكر أنه قتل بشبهة الرفض ودفن في الطالقان والله أعلم بحاله ) إلى أن قال ( وأكثر العلماء لا يعتمدون على شيء من روايته ونحن نشير إلى المراد من الكلام ومعناه صحيح على بواطن التفسير ) انتهى موضع الحاجة من كلامه  .

أقول أما نفس الكتاب فليس فيه ما يخالف محكمات الكتاب والسنة  وفيه مع ذلك بعض الأسرار والإشارات التي يبعد صدورها عن غير المعصوم وأما مغايرة الأسلوب والنقل عن بعض الأغيار فهما كما ذكر ولكن يمكن الإعتذار عن ذلك أيضا بأنه (عليه السلام) جرى في بيان الحق على التكلم بلسان الراوي السامع عنه والنقل عمن يعتمد هو عليه ليكون أوقع في قلبه وأدعى إلى القبول منه مضافا إلى مكان كون بعض النقول من كلام الراوي لا من كلام الإمام (عليه السلام) و الله أعلم .

هذا وينسب إلى الصادق (عليه السلام) كتاب يسمى المعادن فيه أمور غريبة جدا والذي يظهر لي والله أعلم أنه من الكتب الموضوعة ولنا عليه شواهد ، وعباراته فيها عجمية ظاهرة وهو يقوي ما استظهرناه .

كتاب تفسير الإمام الهمام أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) برواية الصدوق عن محمد بن القاسم الاسترآبادي المفسر عن أبي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه (عليه السلام) قال

الأمالي‏للصدوق          11    المجلس الثالث .....  ص : 9

 قال المجلسي في البحار

بحارالأنوار     28     1    الفصل الثاني في بيان الوثوق على الك

 و كتاب تفسير الإمام (عليه السلام) من الكتب المعروفة واعتمد الصدوق عليه و أخذ منه و إن طعن فيه بعض المحدثين و لكن الصدوق  أعرف و أقرب عهدا ممن طعن فيه و قد روى عنه أكثر العلماء من غير غمز في . هي .

أقول الظاهر أن المراد من هذا البعض أحمد بن الحسين الغضائري حيث قال في ترجمة محمد بن القاسم المفسر المذكور على ما نقل عنه ما هذا لفظه محمد بن القاسم وقيل ابن أبي القاسم المفسر الاسترآبادي

رجال‏العلامةالحلي          60    256- محمد بن القاس

رجال‏ابن‏الغضائري     25     6    محمد بن القاسم المفسر الاسترآبادي .

روى عنه أبو جعفر ابن بابويه ضعيف كذاب ، روى عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد والآخر علي بن محمد بن يسار عن أبيهما عن أبي الحسن الثالث (عليهم السلام) والتفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه بأحاديث من هذه المناكير. هي .

 وأقول قدعرفت في مقدمات هذا الكتاب حال تضعيفات ابن الغضائري وأنها عند المحققين مردودة مطروحة ، ونقول هنا بالخصوص ناهيك في الدلالة على ضعف أقوال هذا الرجل وكونه مجازفي القول بغير تأمل وقوعه في نقل واحد مختصر في عدة أغلاط فاحشة :

 أحدها : قوله نسب الراوي ابن بشار بالموحدة ثم الشين الأعجمية ، وفي بعض النقول بالمثناة التحتانية ثم السين المهملة والحال أنه ابن سيار بتقديم السين المهملة على المثناة التحتانية بالاتفاق في جميع المواضع وفي سند التفسير نفسه .

ثانيها : رفع السند إلى أبويهما مع أنهما هما الراويان عن الإمام بغير واسطة.

 ثالثها : جعل المروي عنه أبا الحسن الثالث وهو أبو محمد العسكري (عليه السلام) لا أبو الحسن الذي هو الهادي (عليه السلام) ، ثم إن ذكر سهل الديباجي وأبيه هنا مما لا يعرف له ربط بالمقام ، فإن كان مراده بذلك كونهما داخلين في سلسلة هذا السند كما فهمه بعض المشايخ فهو غلط رابع لتأخر طبقة سهل عن الصدوق ˜ .

ولنرجع إلى أصل المطلوب فنقول : أما وصف محمد بن القاسم بالضعف والكذب فالصدوق أعرف بحال الرجل منه للقائه إياه وروايته عنه وقد ملأ كتبه من الرواية عنه مشفعا له كلما ذكره بالرحلة والوسيلة ، وأما وصف الرجلين بالمجهولية فيكفي في كونهما معروفين رواية من هذا حاله عند الصدوق عنهما واعتماده على روايتهما ووصفه لهما بأنهما كانا من الشيعة الإمامية كما في سند التفسير وليس من شرط معروفية الرجل كونه معروفا عند خصوص ابن الغضائري لا محالة ، وأما حكمه بموضوعية الكتاب على سبيل الجزم فإن كان مأخذه ضعف الراوي فهو دور ظاهر لأن مأخذ ضعفه وكذا بيته عنده كما يظهر من كلامه ليس إلا روايته للتفسير المذكور ، فإن كان مأخذ موضوعيته ضعف رواية كان دورا ظاهرا مع أن مجرد ضعف الراوي وكذبه على فرض التسليم لا يوجب الجزم بالوضع  لأن الكذوب قد  يصدق فغاية ما في الباب التوقف فيما يرويه مثله مع قطع النظر عن القرائن الخارجية وإن كان لنكارة بعض ما في الكتاب على زعمه فهو تخريج واجتهاد منه وليس بحجة على الغير بل ولا على نفسه لعدم كونه أهلا لذلك كيف ولو كان له بصيرة نافذة في تمييز الغث من السمين لوجد متن الكتاب نفسه أعظم شاهد على كونه مما صدر عن المعصوم فضلا عن أن يعد ما فيه من نوع المناكير مع أنه لو كان في هذا الكتاب أمر منكر فقد كان الصدوق الذي عد نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الغلو جعل علامة الغلاة والمفوضة نسبة مشايخ قم إلى التقصير أولى بالإعراض عنه وعدم تجويزه لرواية ما فيه وقد عرفت أنه هو الأصل في رواية هذا الكتاب وشحن كتبه مضافا إلى ذلك من رواياته مفرقة ، ثم إن ها هنا اعتراضا آخر على ابن الغضائري وهو أنه إذا جعل رواية مثل هذا الكتاب عن الغير دليلا على كذّابية الراوي وضعفه فما باله قد خص هذا الحكم بالخصوص محمد بن يوسف ولم يتعد به إلى الصدوق فإن اعتذر عنه بأن الصدوق ليس براوٍ له عن الإمام بغير واسطة ومعلوم من حاله أنه ليس بوضاع فلا بد أن يكون الوضع ممن قبله لا محالة ؟

 قلنا صدقت ولكن مثل هذا آت في محمد بن القاسم أيضا لعدم سبيل إلى العلم بكونه هو الواضع لذلك ، فلعل الواضع من قبله وهو روى ما قد سمعه من الغير والعهدة عليه ، فمن أين صح له الحكم بكونه هو الواضع لذلك حتى حكم بكونه كذابا بمجرد روايته له ، وبالجملة الكتاب مما لا عيب فيه ولا ريب يعتريه وقد اعتمد عليه وروى عنه ثلة من الأولين والآخرين وطعن الغضائري فيه بمقتضى إجتهاده وعده لما فيه من المنكرات لا حجية فيه بل غلط مردود نشأ من ضعف التحصيل .

هذا واعلم أن ابن الغضائري هذا هو أحمد بن الحسين بن عبيد الله وهو معاصر للشيخ والنجاشي لا الحسين الذي هو أبو هذا الرجل ظاهرا وهو من مشايخ الشيخ  يروي عنه كثيرا في كتبه فإنه رجل ثقة عظيم الشأن وغلط من عزى كتاب الرجال إليه كما حقق في محله .

كتاب جامع الأخبار وهو مجموع حسن غير أنه مختلط الأسلوب ليس بذلك الإتقان في الموضع ونسخه مضافا إلى ذلك مختلفة فإن منها ما رتب بالفصول فقط ومنها ما هو مبوب بالأبواب ولكل باب فصول وبين النسختين اختلاف في الزيادة والنقيصة ، والذي يختلج بالبال أنه لم يخرج من المسودة بيد المصنف ثم رتبه بعض تلاميذه ، فلذا خرج كذلك ، وأما مؤلفه فقد اشتهر أنه الصدوق أبو جعفر بن بابويه ومنشأه ما يرى من إبتدائه بإسناد الصدوق كثيرا من غير أن يذكر شيئا قبل ذلك يدل على أنه راوي عنه وخطّأ هذه النسبة أصحاب التدرب ومنهم المجلسي في البحار ، وقد أصابوا في التخطئة ولنا على ذلك دلالات منها :

أنه روي في فصل حسن الظن بالله وهو الخامس والخمسون في نسختنا عن كتاب روضة الواعظين وصاحب هذا الكتاب وهو محمد بن الحسن بن على الفتال النيسابوري الفارسي  متأخر عن زمن الصدوق بكثير لأنه من مشايخ ابن شهر آشوب في الرواية كما يأتي إن شاء الله عن المناقب .

 ومنها أنه أورد في الفصل الرابع والسبعين وهو فصل زيارة الإخوان حديثا مصدرا بأبي القاسم جعفر بن محمد عن أبيه عن سعد وهو ابن قولويه شيخ شيخنا المفيد  وليس من رجال الصدوق وإن كانا معاصرين .

 ومنها أنه في الفصل السادس والتسعين وهو فصل حق السائل قال وفي أسانيد أخطب خوارزم أورده في كتاب له في مقتل آل الرسول أن أعرابيا جاء إلى الحسين بن علي ثم ذكر قصة ضمان الأعرابي للدية ، وأخطب خوارزم هذا هو الموفق بن أحمد الخوارزمي صاحب المناقب المعروف وهو من أبناء المائة السادسة لأنه يروي عنه ابن شهر آشوب بغير واسطة وهو يروي عن الزمخشري صاحب الكشّاف ، وقد توفي الزمخشري في السنة الثانية والثلاثين وخمسمائة كما ذكره ابن خلكان والشيخ البحراني  في اللؤلؤة والصدوق من أبناء المائة الرابعة لأنه ولد في سفارة الحسين بن روح في أوائل المائة الرابعة وتوفي سنة الحادية والثمانين وثلاثمائة .

ومنها أنه قال أنه قال في الفصل المائة وهو فصل الرساتيق روي عن سديد الدين محمود الحمصي أنه قال ..إلخ ، والحمصي هذا متأخر عن الصدوق بطبقات عديدة .

ومنها أنه قال في الفصل الثامن والسبعين وهو فصل تقليم الأظفار في نسختنا قال :

ثواب‏الأعمال          24    جامع‏الأخبار          122       محمد بن محمد مؤلف هذا الكتاب قال أبي في وصيته إلي قلم أظفارك و خذ من شاربك وابدأ من خنصرك من يدك اليسرى واختم بخنصرك من يدك اليمنى وقل حين تريد قلما و شاربك بسم الله و بالله و على ملة رسول الله فإنه من فعل كتب الله له بكل قلامة و جزازة عتق نسمة و لم يمرض إلا مرضه الذي يموت فيه ..الخ .

ومنها أنه قال في الفصل الرابع عشر في زيارة الرضا (عليه السلام)

الأمالي‏للصدوق          118    

حدثنا بإسناده عن الشيخ الفقيه أبي جعفر وقال حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ولا يجوز أن يكون مثل هذه العبارة من قول التلاميذ .

 ومنها أنه قال في فصل الصوم وهو الثامن والثلاثون منه وفي آمالي الشيخ أبي جعفر بن بابويه ..إلخ ، إلى غير ذلك من القرائن الواضحة الجلية على أنه لو لم يكن إلا تهافت سياق الكتاب لكفى في الشهادة لذلك واحتمل المجلسي كونه لعلي بن أبي سعد الخياط لما قال منتجب الدين في فهرسه أن له كتاب الجامع والأخبار وتنظّر فيه بعض أفاضل إخواننا المعاصرين أيده الله تعالى بأن منتجب الدين قال بعد ذلك أخبرنا به الوالد عنه ، ومنتجب الدين من تلامذة الحمصي الذي روى صاحب هذا الكتاب عنه والنظر في محله ، وقيل أنه للطبرسي صاحب التفسير وهو بعيد جدا ، وقيل أنه لولده أبي نصر الحسن بن الفضل مؤلف مكارم الأخلاق ، وقد جزم به الشيخ الحر العاملي  في كتاب إيقاظ الهجفة في إثبات الرجعة على ما نقل عنه وهو مثل سابقه ، وقال شيخ المتألهين مولانا أحمد بن زين الدين الإحسائي أعلى الله مقامه في كتاب العصمة والرجعة ( قال بعض المشايخ وقفت على نسخة صحيحة عتيقة جدا في دار السلطنة أصفهان وفيها تم الكتاب على يد مصنفه الحسن بن محمد السبزواري ) .

 أقول والظاهر أن الحسن هذا مؤلف كتاب راحة الأرواح ومن لاحظ إتقان ذلك الكتاب في الأسانيد وغيرها مع كونه موضوعا بالعجمية وتهافت هذا الكتاب يبعد هذه النسبة جدا مع أن هذه الاحتمالات كلها مدفوعة بتصريح المصنف باسمه بما لا يلائم شيئا منها ، وقيل إنه لشمس الدين محمد بن محمد بن حيدر الشعيري واسم هذا الرجل مذكور في فهرس الشيخ منتجب الدين وقال فيه ( إنه عالم صالح ) وهذا أشهر الأقوال بين المتدربين.

 وقد ذكر المجلسي في البحار من غير أن يجزم به وتلميذه المتتبع الماهر عبد الله بن عيسى الأصفهاني في كتابه رياض العلماء على ما نقل عنه وغيرهما من أصحاب التأليف وهو أقرب الاحتمالات لملاءمته لما في الكتاب من اسم المصنف والله أعلم ، وكيف كان فهو يروي عن أبي جعفر الصدوق بثلاث وسائط حيث إنه قال في الفصل الخامس ( حدثنا الحاكم الرئيس الإمام مجد الحكام أبو منصور علي بن عبد الله الزيادي أدام الله جماله إملاء في داره يوم الأحد الثاني من شهر الله الأعظم رمضان سنة ثمان وخمسمائة قال حدثني الشيخ الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي إملاء أورد القصة مجتازا في أواخر ذي الحجة سنة أربع وسبعين وأربع مائة قال حدثني أبي محمد بن أحمد œ قال حدثني الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ) .. إلخ ، فما في البحار من أنه يروي عن الصدوق بخمس وسائط لعله سهو من القلم كتاب حديقة الشيعة للشيخ الأجل المقدس أحمد بن محمد الأردبيلي ساكن المشهد الغروي ودفينه قدس سره وهو من الكتب المعروفة غير أن المعروف منه المجلد الثاني في إثبات الإمامة وأما المجلد الأول فهو غير موجود فيما بين الناس .

كتاب بحر المعارف للعارف الصمداني عبد الصمد الهمداني وهو من متأخري المتأخرين وكتابه مشتمل على أخبار معتبرة طريفة .

أصل أبي سعيد عباد العصفري الكوفي وهو من الأصحاب يروي بواسطتين عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وسيأتي في الأسانيد ذكر إسنادنا إليه وإلى سائر الأصول التي نحن ذاكروها هنا هذا وقال النجاشي

رجال‏النجاشي          793   

 كان أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله  يقول سمعت أصحابنا يقولون إن عبادا هذا هو عباد بن يعقوب وإنما دلسه أبو سمينة.

 أقول عباد بن يعقوب هو الرواجني الذي قال الشيخ في الفهرس أنه عامي المذهب له كتاب أخبار المهدي وكتاب المعرفة في معرفة الصحابة ثم ذكر سنده إليهما ولكن جماعة من شيوخ العامة صرحوا بكونه شيعيا ، فمن مختصر الذهبي : شيعي وثقة أبو حاتم ، وعن تقريب ابن حجر : صدوق رافضي ، وعن جامع الأصول : كان أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : حدثني الصدوق في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب وعن السمعاني في الأنساب كان رافضيا داعية إلى الرفض ومع ذلك يروي المناكير عن أقوام المشاهير فاستحق الترك وهو الذي روى عن شريك عن عاصم عن عبد الله قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ، ويروي حديث أبي بكر أنه قال لا يفعل خالد ما أمرته ،  وهذه النقول تعطي التباس الأمر على الشيخ ˜ في ذلك من جهة اختلاط الرجل بالعامة ورواية مشايخهم عنه كما احتمل المحقق البهبهاني أيضا ، ثم إن الروايتين اللتين ذكرهما السمعاني عنه كلتاهما موجودتان في كتاب أبي سعيد الذي ذكرناه ولكن لا بالسند الذي ذكره وإنما صورة سند الأولى عباد أبو سعيد عن حامد بن عيسى العبسي عن بلال بن يحيى عن حذيفة بن اليمان قال :

بحارالأنوار     196     33   

 كتاب عباد العصفري عن حماد بن عيسى العبسي عن بلال بن يحيى عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان على المنبر فاضربوه بالسيف و إذا رأيتم الحكم بن أبي العاص و لو تحت أستار الكعبة فاقتلوه .

ونفاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الدهلك أرض من أرض الحبشة فلما ولي أبو بكر كلموه فيه فأبى أن يأذن له قال فلما ولي عمر كلموه فيه فقال نفاه رسول الله وأبو بكر وأنا آذن له فلم يأذن له فلما ولي عثمان قال عمر وشيخ من المسلمين فأذن له وأجازه بمائة ألف درهم من بيت مال المسلمين . هي . ويمكن أن يكون ما ذكر أيضا سندا آخرا له وعلى هذا فيقوى ما نقله النجاشي من إتحاد الرجلين ولا بعد فيه وإنما البعد في نسبة أبي سمينة إلى التدليس في ذلك فإنه إذا كان هذا حال الرجل في التشيع و الوثاقة حتى عند الأعداء فليت شعري أي داع حينئذ إلى التدليس وهو لا يكون إلا لترويح الكاسد مع أن دعوى الإتحاد رأسا مجرد قول لا شاهد له ظاهرا سوى ما أشرنا إليه وهو أيضا كما ترى .

أصل درست بن أبي منصور الواسطي وهو من أصحاب أبي عبد الله وأبي إبراهيم (عليه السلام) والنسخة التي وصلت إلينا منه سقط من صدرها شيء .

أصل زيد الزراد بالزاء المعجمة ثم الألف المشددة والدال المهملة وهو من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) كوفي .

أصل زيد النرسي بالنون وهو أيضا من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) .

أصل عاصم بن حميد الحناة بالمهملة ثم النون أبو الفضل الحنفي الكوفي الثقة العين الصدوق من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) .

 أصل جعفر بن محمد شريح الحضرمي بالحاء المهملة والضاد المعجمة يروي عن حميد بن شعيب السبي الهمداني الكوفي من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) .

أصل محمد بن المثنى بن القاسم الخضرمي الثقة وهو يروي عن جعفر بن محمد بن شريح المتقدم وغيره وفي آخره حديثان مرويان عن أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزاز الواقع في طريق رواية الكتاب المذكور عن علي ابن عبد الله بن سعيد .

أصل لمحمد بن جعفر الرزاز القرشي وهو حديث واحد وأوردناه في الجزء الأول من القسم الأول من كتابنا هذا وهو الخامس والعشرون منه ومحمد بن جعفر لم نجده بهذه النسبة في كتب الرجال ، والظاهر أنه أبو العباس الرزازي الرزاز بالمعجمتين بعد المهملة خال والد أبي غالب الزراري المعروف الذي مر ذكره ويروي عنه الكليني ويؤيد ما ذكرناه روايته للحديث عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي وقد ذكروا أنه يروي عنه محمد بن جعفر المذكور.

 أصل آخر رواية التلعكبرى عن محمد بن الحسن بن الوليد بالسند المتصل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) وهو حديث سؤال يهودي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذكر بعض الدواب والطيور وقد أخرجه المجلسي في كتاب السماء والعالم من البحار قال أصل قديم منقول من خط التلعكبري ˜ قال : أخبرني الحسن ابن الوليد ثم ساق الحديث إلى آخره .

أصل عبد الله بن يحيى الكاهلي وهو من خيار أصحاب أبي عبد الله وأبي الحسن (عليه السلام) و قدروي النجاشي عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال :

رجال‏ابن‏داود          899    216- عبد الله بن يحيى أبو محمد ....

رجال‏العلامةالحلي          31    109- عبد الله بن يحيى الكاهلي .....

رجال‏الكشي          401    في عبد الله بن يحيى الكاهلي ..... 

رجال‏الكشي          434    في علي بن يقطين و إخوته .....  ص :

رجال‏الكشي          447    في عبد الله بن يحيى الكا

رجال‏النجاشي          580    222- عبد الله بن يحيى أبو محمد الكا

 وصى به لعلي بن يقطين فقال ]له[ اضمن لي الكاهلي و عياله أضمن لك الجنة

وفي الكشي مثله مع أخبار أخر تدل على مدحه .

 أصل عبد الملك بن حكيم الخثعمي الثقة من أصحاب أبي عبد الله وأبي الحسن (عليه السلام) .

أصل المثنى بن الوليد الحناط بالحاء المهملة ثم النون المشددة الكوفي من أصحاب الصادق (عليه السلام) يروي عنه ابن أبي عمير .

أصل خلاد السعيدي البزاز الكوفي من أصحاب الصادق (عليه السلام) يروي عنه ابن أبي عمير ايضا اصل الحسين بن عثمان بن شريك بن عدي العامري الوحيدي الثقة من أصحاب أبي عبد الله وأبي الحسن (عليه السلام) .

أصل سلام بن أبي عمرة الخراساني الثقة من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) .

أجزاء من نوادر علي بن أسباط الثقة وهو من أصحاب الرضا (عليه السلام) وكتابه هذا من الكتب المشهورة بين أصحابنا  .

أصل آخر من روايات التلعكبري ˜ وهو حديث عن الصادق (عليه السلام) في الملاحم .

أصل آخر أيضا فيه خبر أم حكيم اليمانية صاحبة الحصاة وقد أوردناه في القسم الأول من الكتاب .

أصل آخر رواية التلعكبري أيضا وهو خبر يعقوب بن يوسف الضراب والعجوز وأوردناه في معجزات القائم (عليه السلام) فهذه تسعة عشر أصلا من أصول قدماء أصحابنا حصلت عندنا وأخبارها مذكورة في جوامع أصحابنا من الكتب الأربعة وغيرها مفرقة في الأبواب .

تكملة

اعلم أن الكتاب أعم من الأصل والنوادر مطلقا وقد يعد مقابلا لهما ويقال في الفهارس والرجال في حق الرجل له كتاب وأصل أو نوادر وقد خفي الفرق بينهما في هذا الاستعمال على كثيرين فقالوا فيه أقوالا لا طائل تحت إكثار الكلام بذكرها والتحقيق الحقيق بالتصديق أن الأصل ما يكتبه الرجل لا بقصد التأليف والوضع بل بقصد ضبط مروياته وغيرها حفظا لها عن الضياع بالسهو والنسيان ونحوها فيكون إذا أراد نقلها في كتاب أو روايتها لواحد نقلها عنه ، فلأجل كونه مأخذا في النقل سمي بالأصل وأما الكتاب فهو ما يكتبه الرجل بقصد التأليف والوضع في أمر ما من الأمور ، ولأجل ذا يكون الأصل غير مرتب بترتيب غالبا والكتاب بالعكس فليس شيء منهما بمخصوص بعهد دون عهد وبشخص دون شخص كما يزعمه بعض الناس .

 نعم كان الغالب في أصحاب زمن الأئمة (عليهم السلام) الأصل كما أن الغالب في من بعد ذلك الزمان الكتاب ولا ينافي ذلك ما نقل بن شهر آشوب في معالمه عن المفيد ˜ أنه قال أن الأمامية صنفت من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى زمان العسكري (عليه السلام) أربعمائة كتاب تسمى الأصول ، وهذا معنى قولهم إن فلان له أصل . هي .

 فإن إثبات الشيء لا ينفي ما عداه وأما النوادر فهي قسم خاص من الكتاب بالمعنى الخاص وهي أخبار أو فوائد متفرقة لا يكاد يجمعها معنى واحد حتى تدخل معا تحت عنوان أو ترتيب بترتيب منتظم ومن هذا الباب ما يورده أصحاب التأليف في ذيل بعض الأبواب أو الكتب بعنوان نوادر ذلك الباب أو ذلك الكتاب .

وأما المصنف فهو مرادف للكاتب ، هذا واعلم أن الكتاب من جهة كونه أعم من كل من الأصل والنوادر قد يستعمل مكان كل منهما فلا تغفل ، ثم إن بعض أصحابنا من جهة التباس الأمر عليهم في المراد من الأصل زعموا أن ذكر الرجل بكونه ذا أصل على سبيل الإطلاق مما يفيد مدحا وهو بعد الوقوف على ما ذكرنا كما ترى وأهون منه التخطي إلى النوادر والكتاب أيضا .

نعم قد يسمى بعض الكتب أصولا لكونها مرجعا ومدارا عند أهل الحديث كالكتب الأربعة وما في درجتها بالنسبة إلينا ولاريب في إفادة هذا المعنى مدح صاحب الأصل بل ووثاقته وهذا أمر آخر ولعل إلى هذا المعنى ينظر قول الشيخ في حق بعض الأصحاب أن له كتابا أو نوادرا يعد من الأصول .      

القسم الثاني من الكتب ما نقلنا عنه بالواسطة

فمنها كتاب كامل الزيارات للشيخ الثقة الجليل جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى قولويه أبي القاسم من مشايخ المفيد ˜ وهو وكتابه في الدرجة القصوى من الاعتبار وقد يعبر عن كتابه هذا بجامع الزيارات أيضا .

كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت للشيخ الثقة العين محمد بن العباس بن علي بن مروان بن المهيار من قدماء أصحابنا يروي عنه التلعكبري ، قال النجاشي في حق كتابه هذا

رجال‏النجاشي          1030    379- محمد بن العباس بن علي بن مروا

 كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت للشيخ الثقة العين محمد بن العباس بن علي بن مروان بن الماهيار وهو من قدماء أصحابنا يروي عنه التلعكبري ، قال النجاشي في حق كتابه هذا ، قال جماعة من أصحابنا إنه كتاب لم يصنف في معناه مثله، و قيل إنه ألف ورقة.

كتاب التفسير للشيخ الجليل الثقة محمد بن مسعود بن محمد بن عياش بالمثناة التحتانية والشين المعجمة السلمي السمرقندي أبي النضر بالمعجمة المعروف بالعياشي وقد كان عاميا ثم رجع إلينا ، ونقلوا عنه أنه أنفق على العلم والحديث تركة أبيه سائرها وكانت ثلاثمائة ألف دينار وكتبه تزيد على مائتي ، ثم إن الأخبارالمنقولة في جوامع أصحابنا المتأخرين عن هذا الكتاب كلها مرسلة والسبب في ذلك ما ذكره المجلسي في البحار أن بعض الناسخين حذف أسانيد هذا الكتاب للاختصار وذكر في أوله عذرا هو أشنع من جرمه  . هي .

كتاب الأنوار في تاريخ الأئمة الأطهار للشيخ أبي علي محمد بن همام بن سهيل البغدادي وهو من أعاظم قدماء أصحابنا المتفق على جلالة شأنه وكان من أصحاب الغيبة الصغرى يروي عنه التعلكبري هارون بن موسى وأبو الفضل الشيباني وغيرهما توفى أبو على في سنة ستة وثلاثين وثلاثمائة وانتخب هذا الكتاب أبو العباس أحمد النجاشي صاحب كتاب الفهرس المعروف وسماه مختصر الأنوار ولعله هو الذي كان عند المجلسي حيث قال

 بحارالأنوار     16     1    الفصل الأول في بيان الأصول و الكتب

إن عندنا منتخبا من كتاب الأنوار هذا له قدس سره ، وللصاحب إسماعيل بن عباد أيضا كتاب يسمى الأنوار في تاريخ الأئمة الأطهار ذكره ابن طاووس في الباب الرابع والسبعين من كتاب اليقين وكذا للعلامة وكذا لشيخ أبي الحسن البكري أستاذ الشهيد الثاني أيضا كتاب يسمى الأنوار وقد نقل عنه المجلسي في السادس من البحار حديث بدو خلق النبي وولادته ورأيت منقولا عنه في بعض المواضع حديث بئر العلم بالتفصيل الذي أوردناه في هذا الكتاب نقلا عن كنز الواعظين .

كتاب نوادر الحكمة للشيخ الثقة أبي جعفر محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري القمي وهو على ما قال النجاشي

رجال‏النجاشي          939    348- محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران

( يعرفه القميون بدبة شبيب، قال وشبيب فامي كان بقم له دبة ذات بيوت، يعطي منها ما يطلب منه من دهن فشبهوا هذا الكتاب بذلك ) .

هذا ونقل عن محمد بن الحسن بن الوليد أنه كان يستثني من روايات هذا الكتاب ما رواه عن جماعة سماهم بأسمائهم لا نطيل الكلام بذكرها ، وقد فرغنا عن بيان وهن ارتكاب هذه الأمور في مقدمات الكتاب فلا نعيد الكلام .

 كتاب قرب الإسناد للشيخ الثقة أبي العباس عبد الله بن جعفر بن الحسن بن جامع بن مالك الحميري القمي من أصحاب العسكري (عليه السلام) وهو شيخ القميين ووجههم صاحب تصانيف كثيرة ، قال أبو غالب الزراري في رسالته إلى ابن أبيه ( وسمعت من عبد الله بن جعفر الحميري وقد كان دخل الكوفة في سنة سبع وتسعين ومائتين ) . هي .

ونقل المجلسي عن  ابن إدريس نسبة الكتاب إلى ابنه أبي جعفر محمد بن عبدالله ، والظاهر أن الاشتباه كون روايات الكتاب مصدرة به وهو لا دلالة فيه على ذلك لكون كتب الأخبار القديمة أكثرها مصدرة باسم من روى الكتاب عن مؤلفه ولذا لم يعتمد عليه المجلسي أيضا بل قال إن الكتاب لوالده وهو راو له،

بحارالأنوار     6     1    الفصل الأول في بيان الأصول و الكتب

  كتاب الدلائل له أيضا .

كتاب الواحدة للشيخ الجليل الحسن بن محمد بن الحسن بن  جمهور بن أبي محمد العمي البصري ، ينسب إلى بني العم بالعين المهملة والميم المخففة وربما يلحن فيه بعض غير المتتبعين فيزعمه القمي بالقاف وهو غلط صرح بنسبة الكتاب إليه النجاشي قال بعد ذكر له ( كتاب الواحدة أخبرنا عبد الواحد وغيره عن أبي طالب الأمباري عن الحسن بالواحدة ) ، و الطبرسي في أعلام الورى وقد مر حديثه في معجزات أبي الحسن الهادي (عليه السلام) وجماعة من المتأخرين منهم المجلسي في خاتمة كتاب الغيبة من البحار وشيخ المتألهين في شرح الجامعة ونسبه الشيخ في الفهرس إلى أبيه محمد بن الحسن بن جمهور حيث ذكره قال ( له كتاب الملاحم وكتاب الواحدة وكتاب صاحب الزمان وله الرسالة الذهبية عن الرضا (عليه السلام)  ، وله كتاب خروج القائم (عليه السلام)  ، ونقل المجلسي ˜ في أول البحار عند ذكر الرسالة الذهبية ( وهو طب الرضا المعروف عن معالم ابن شهر آشوب أنه قال في ترجمة محمد بن جمهور هذا نحو من ذلك ونسبه إليه أيضا ابن طاووس في الباب الخامس والسبعين بعد المائة من كتاب ليقين وكذا الحسن بن سليمان الحلي في منتخب البصائر ) وقد  مر ذكره في الجزء الأول من القسم الأول من كتابنا هذا وهو الحديث السابع والأربعون منه ، وهذا هو الأشهر بين الناس ولا يتفاوت الحال كثيرا في هذا الاختلاف إلا في الوثاقة وعدمها فإنهم عنونوا  للأب عنوانين أحدهما محمد بن جمهور والآخر محمد بن الحسن بن جمهور ورموه في كليهما بالغلو والتخليط وزادوا في الأول الضعف في الحديث وفساد المذهب ، وبالجملة لم يتركوا في حق الرجل من عمدة ألفاظ القدح شيئا إلا وذكروه من غير جرم إلا رواية أخبار قصرت همهم عن التصديق بها و التحمل لها ، وأما الابن وهو الحسن بن محمد فقد قال النجاشي أنه

رجال‏النجاشي          144   

 ثقة في نفسه ، ينسب إلى بني العم من تميم ، يروي عن الضعفاء و يعتمد  المراسيل ، ذكره أصحابنا بذلك و قالوا كان أوثق من أبيه و أصلح.

 وقد عرفت مرارا حال التضعيفات وأنها لا فائدة فيها سوى جَعْل كثير من كتب الأخبار التي عليها مدار الدين متروكة بين الناس مفقودة  الأثر لإعراض من يسمع عنهم القدح في حق الرجل وحق كتابه عنه وعدم إقباله على نسخه وروايته كما وقع ذلك في حق هذا الكتاب الشريف المشتمل من فضائل آل الله بما يحيي القلوب الميتة فإنه في هذه الأزمنة المتأخرة أعز من الكبريت الأحمر مع أن فائدة التوثيق والتضعيف عندهم ليس إلا الاعتماد بالرواية المنقولة عن الرجل وعدمه فالتوثيق والتضعيف أصل وتصحيح الرواية وتضعيفها فرع ذلك وهؤلاء قد جعلوا في جل الموارد الأمر بالعكس بأن جعلوا روايات الرجل دليل حسن حاله واستقامة اعتقاده أو عكس ذلك وأنت تعلم أن هذا الصنيع يسقط فائدة التوثيق والمدح في حق الرجل وعكسه وإلا لزم الدور فتدبر دقيقا .

هذا واعلم أن شدة وقيعة بعض هؤلاء في الأب وسكوتهم عن الابن قرينة قوية على كون كتاب الواحدة للأب الذي هو محمد بن محمد دون الابن وهو الحسن والله أعلم ، هذا ومن غريب السهو في المقام ما وقع لشرف الدين النجفي في تأويل الآيات والسيد التوبلي في غاية المرام حيث قالا في سند حديث أبي ذر الطويل الذي أوردناه في الجزء الأول من الكتاب عن تفسير فرات وذكرنا سند السيدين المذكورين في آخره قالا ( أبو الحسن على بن محمد بن جمهور صاحب كتاب الواحدة عن الحسن بن عبد الله الأطروش ..إلخ)  فإنا لم نجد لهذه النسبة وجها ولا للرجل ذكرا في كتب الرجال والفهارس المعروفة نعم هو مذكور في بعض أسانيد الأخبار لكن لا بعنوان كونه صاحب هذا الكتاب فهو وهم جدا ثم أن تسمية الكتاب بالواحدة لعله أخذ من قوله تعالى :

(34)سبأ : 46

قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَ فُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ ، فإنها فسرت في الآية بالولاية والله أعلم .

كتاب الدلائل للشيخ الثقة الجليل محمد بن جرير بن رستم الطبري الشيعي أبي جعفر من أجلة أصحابنا وثقاتهم وقدمائهم يروي عن أبي الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري وأبي المفضل الشيباني ومن في طبقتهما هذا وقال النجاشي بعدما أثنى عليه ( له كتب روى عنه الحسن بن حمزة الطبري ) وهو غريب فإن الحسين المذكور أقدم عهدا من أن يروى عنه لأنه على ما ذكر النجاشي نفسه و الشيخ كذلك توفى سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة وأخذ عنه التلعكبري هارون بن موسى و المفيد والحسين بن عبيدالله وابن جرير هذا يروي عن التلعكبري بواسطة ابنه محمد فكيف يلائم هذا رواية الحسين عنه ، ولعل من يروي عنه الحسن هو محمد بن جرير بن يزيد الطبري العامي صاحب كتاب الولاية الذي صنفه في طرق خبر غدير خم فإن الطبقة تلائم ذلك ، لأن ابن جرير هذا العامي توفى سنة عشر وثلاثمائة على ما في تاريخ ابن خلكان أو ستة عشر على ما في كتاب اليقين لابن طاووس إن لم تكن لفظ ستة فيه تكرير لفظ سنة وعلى التقديرين يمكن إدراك الحسن له وأن الحسن بن حمزة غير هذا المعروف الذي ذكروه والله أعلم .

 كتاب فضائل الشيعة ، كتاب أخبار الزهراء ، كتاب مولد أمير المؤمنين (عليه السلام) ، كتاب المعراج كل الأربعة للشيخ أبي جعفر بن بابويه الصدوق  ونسب الأخير صاحب العوالم إلى الشيخ أبي محمد الحسن وكذا صاحب المختصر إلا أنه يظهر من توسط الصدوق في البين في جميع أخباره التي وصلت إلينا أنه عين كتاب المعراج الذي ذكر في مصنفات الصدوق وذكره هو نفسه في بعض كتبه وأن هذا المذكور راوٍ له ، ثم اعلم أن فضائل الشيعة هذا غير صفات الشيعة فلا تغفل .

 كتاب الغيبة لشيخ الجليل الثقة أبي عبد الله محمد بن إبراهيم النعماني المعروف بابن زينب صاحب التفسير المعروف الذي رواه الصادق عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) ، قال المجلسي في البحار وسنورد بتمامه في كتاب القرآن أقول يعني في كتاب القرآن من البحار وهذا الشيخ أحد رواة الكافي عن ثقة الإسلام كتاب الاختصاص كتاب الغيبة كتاب مولد الأصفياء كتاب المجالس كل الأربعة للشيخ السديد محمد بن محمد بن نعمان المفيد  وقال المجلسي في البحار بعدما نسب الاختصاص إليه في الفصل الأول 

بحارالأنوار     26     1    الفصل الثاني في بيان الوثوق على الك

و أما كتاب الاختصاص فهو كتاب لطيف مشتمل على أحوال أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و الأئمة (عليهم السلام) وفيه أخبار غريبة ونقلته من نسخة عتيقة وكان مكتوبا على عنوانه كتاب مستخرج من كتاب الاختصاص تصنيف أبي علي أحمد بن الحسين بن أحمد بن عمران ˜ لكن كان بعد الخطبة هكذا قال محمد بن محمد بن النعمان حدثني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري و جعفر بن محمد بن قولويه إلى آخر السند وكذا إلى آخر الكتاب يبتدئ من مشايخ الشيخ المفيد فالظاهر أنه من مؤلفات الشيخ المفيد ˜ . هي .

 أقول يمكن أن يكون الرجل المذكور في العنوان اسم مستخرج فلا ينافي كون أصل الكتاب للمفيد ˜ .

كتاب كنز الفوئد للشيخ أبي الفتح محمد بن على بن عثمان الكراجكي ˜ وهو ممن قرء على المرتضى والشيخ وكتابه هذا من الكتب المشهورة المعتبرة عند جميع من تأخر عنه من الأصحاب كما وصفه بمثل ذلك المجلسي في البحار بعد ما أثنى على مصنفه إلى أن قال في حقه ( وأسند إليه جميع أرباب الإجازات ) .

كتاب المجالس الشهير بالأمالي ، كتاب الفهرس ، كتاب الرجال كل الثلاثة لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي  .

كتاب مصباح الأنوار له أيضا على ما نسبه إليه جماعة من أصحابنا منهم السيد شرف الدين في تأويل الآيات و السيد العلامة التوبلي في مصنفاته وقال المجلسي في مقدمات البحار

بحارالأنوار     20     1    الفصل الأول في بيان الأصول و الكتب

( أنه للشيخ هاشم بن محمد و قد ينسب إلى شيخ الطائفة وهو خطأ وكثيرا ما يروي عن الشيخ شاذان بن جبرئيل القمي وهو متأخر عن الشيخ بمراتب) .

هذا وربما يقال عليه مصابيح الأنوار والأصح الأول .

كتاب الرجال للشيخ الجليل تقي الدين الحسن بن داود الحلي ˜ وهو من تلاميذ السيد الجليل أحمد بن طاووس والشيخ الجليل جعفر بن سعيد المحقق الحلي ، وكتابه هذا من الكتب المعروفة غير أن فيه أغلاطا كثيرة وقعت له من عدم إمعان النظر .

 كتاب الآل للشيخ أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان الهمداني الأصل البغدادي المنشأ الحلبي المسكن ، والخاتمة المعروف بابن خالويه صاحب التصانيف المشهورة في الأدب وغيره ويظهر من حاله كونه شيعيا ومن كتبه هذا الكتاب ذكر في مفاتحه مداليل لفظة الآل وإنها تنقسم إلى خمسة وعشرين قسما ثم أخذ في تفصيل أسماء الأئمة الإثني عشر من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسماء آبائهم وأمهاتهم وتواريخ مواليدهم ووفياتهم وبعض فضائلهم ويروي عنه المعافى بن زكريا وجماعة ، وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة .

كتاب عيون المعجزات لبعض قدماء أصحابنا وقد اشتهر نسبته إلى السيد المرتضى علم الهدى  وممن جزم به من غير ترديد السيد العلامة التوبلي في كتابه مدينة المعاجز وهو بعيد جدا بل وهم جزما قال المجلسي في البحار بعد ذكر نسبته إليه

بحارالأنوار     10     1    الفصل الأول في بيان الأصول و الكتب

 ولم يثبت عندي إلا أنه كتاب لطيف عندنا منه نسخة قديمة ولعله من مؤلفات بعض قدماء المحدثين يروي عن أبي علي محمد بن هشام وعن محمد بن علي بن إبراهيم.

 أقول وهو كما ذكره ˜ ولكن يظهر من كلامه ˜ أنه زعم كونه راويا عن ابن هشام بغير واسطة كما زعمه بعض أفاضل إخواننا المعاصرين أيضا فقال إنه من تلامذة أبي علي محمد بن هشام صاحب الأنوار وفيه نظر لأنه روى في كتابه عن محمد بن جرير الطبري أيضا ، وقد أخرج حديثه المجلسي نفسه في الثاني عشر من البحار في باب معجزات أبي الحسن علي بن محمد (عليهم السلام) وكذا السيد التوبلي في مدينة المعاجز في مثل ذلك الباب ومضى نقله في كتابنا هذا في باب معجزاته (عليه السلام) وهو كما يظهر من سنده هناك الطبري الشيعي قطعا و الطبري هذا يروي عن ابن هشام بواسطتين تارة وهو ما يرويه عن محمد بن هارون التلعكبري عن أبيه هارون عن ابن هشام وبواحدة أخرى وهو ما يرويه عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني عن ابن هشام ، فمن هذا حاله كيف يكون من تلاميذ أبي علي من غير واسطة ؟ نعم يظهر من بعض أسانيد صاحب العيون كونه راويا عن الكليني صاحب الكافي ˜ بواسطة واحدة وهو مما يشهد بتقادم عصره في الجملة ولكن لا يثبت المصنف أيضا لأن ابن هشام كان في طبقة الكليني ومقارب الوفاة معه لأنه توفي كما مر سنة ست وثلاثين وثلاثمائة فبينه وبين الكليني في الوفاة سبع سنين أو ثمان على الخلاف في وفاة الكليني .

وبالجملة الذي يظهر من الأمور المذكورة ومن روايته عن ابن عياش الجوهري الذي توفي سنة إحدى وأربعمائة كما صرح في روايته عنه بقوله (حدثنا) هو أنه كان من أصحاب أواخر المائة الرابعة ، وأما روايته عن أبي علي فالظاهر أنه أخذ عن كتابه كما صرح به في بعض رواياته وهذه الطبقة تلائم نسبة الكتاب إلى المرتضى ولكنه لا يلائم مذاقه ومسلكه جدا ثم إنه بعد الفراغ عن كتابة هذه الأحرف وصل إلي كتاب عن بعض ثقاة إخواني المعاصرين أنهاني فيه عن صاحب رياض العلماء أنه حقق مصنف الكتاب على التفصيل وأن مصنفه الحسين بن عبد الوهاب وهو من أجلاء المفيد والمرتضى . هي .

 أقول وهذا موافق لما استظهرناه في باب معجزات أمير المؤمنين (عليه السلام) من أن من صنفه أبو المختار والحسن بن عبد الوهاب إلا في الحسن والحسين فإن فيما وقفنا عليه اسمه الحسن بغير ياء والله أعلم أيهما أصح و الله أعلم .

 كتاب قصص الأنبياء ينسب إلى سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي صاحب الخرائج ولكن المجلسي قال بعد ذكر ذلك

بحارالأنوار     12     1    

(أنه لا يبعد أن يكون تأليف فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني الراوندي كما يظهر من بعض أسانيد السيد بن طاوس قال وقد صرح بكونه منه في رسالة النجوم وكتاب فلاح السائل . هي .

أقول فضل الله بن علي هذا هو السيد أبو الرضا المعروف شيخ منتجب الدين صاحب الفهرس ومن عاصره وهذا من ابن طاووس عجيب فإنه صرح في كتابه سعد السعود بكونه لهبة الله بن الحسن الراوندي والظاهر أن المراد به والد القطب الراوندي وهو تناقض ظاهر وكيف كان فالمشهور ماذكرناه أولا ، وممن صرح بذلك الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي في أمل الآمل على ما نقل عنه في اللؤلؤة والله أعلم ، وليت شعري ما السبب في إهمال أكثر القدماء للتصريح بأسمائهم في مصنفاتهم حتى يكفونا مؤنة هذه التصفحات والاعتذار عنه بحفظ شريعة التقية الغالبة في زمانهم يدفعه جريان عادة معارضيهم أيضا بذلك غالبا .

 كتاب بشارة المصطفي لشيعة علي المرتضى لعماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم بن محمد بن علي  الطبري الآملي ˜ وهو من ثقاة المشايخ يروي عن الشيخ أبي علي بن شيخ الطائفة يروي عنه شاذان بن جبرائيل وقطب الدين الراوندي ويحيى بن بطريق الأسدي صاحب العمدة وكتابه هذا من الكتب اللطيفة المعتبرة المعروفة .

كتاب إيضاح دفائن النواصب وفي بعض المواضع دقائق بالقاف بدل الفاء و النون المشتمل على مائة منقبة من طريق العامة في أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبي الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان وقفت على هذا الكتاب في المشهد العلوي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو كتاب طريف مشهور يروي عنه جل من تأخر عنه من أصحابنا ومن العامة وقال المجلسي في البحار وكتاب المناقب للشيخ الجليل أبي الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي

بحارالأنوار     18     1    الفصل الأول في بيان الأصول و الكتب

( وكتاب المناقب للشيخ الجليل أبي الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي ) أستاذ أبي الفتح الكراجكي و يثني عليه كثيرا في كنزه و ذكره ابن شهرآشوب في المعالم. هي  .

 أقول وذكره النجاشي في ترجمة أبيه أحمد بن شاذان حيث ذكره بالنسب الذي ذكرناه ووصفه وقال

رجال‏النجاشي          204    84- أحمد بن علي بن الحسن .....  ص

 شيخنا الفقيه ، حسن المعرفة صنف كتابين لم يصنف غيرهما، كتاب زاد المسافر وكتاب الأمالي، أخبرنا بهما ابنه أبو الحسن رحمهما الله تعالى .انتهى . ومراده بأبي الحسن هو هذا الشيخ وهو يروي عن ابن بابويه والتعلكبري ومن في درجتهما من الأصحاب ، هذا واعلم أن النسخ المعروفة من هذا الكتاب عند المتأخرين أخبارها محذوفة الأسانيد ويظهر من نقول السابقين عنه كابن طاووس في كتاب اليقين والخوارزمي في المناقب كون أخباره كلها مسندة وهو الذي يليق بوضع هذا الكتاب ، فالظاهر أنه أيضا مما لم يسلم عن جناية يد الملخصين الضالين المبتكين آذان الأنعام المغيرين خلق الله ، وقد أغاروا عليه فنهبوا ما فيه من الأسانيد مع أنه مخل لمقصود صاحب الكتاب جزاهم الله من محرفين للكلم عن مواضعه أحسن الجزاء .

كتاب المحاسن للشيخ الجليل أبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد بن عبدالرحمن بن محمد بن علي البرقي نسبته إلى برق ورد قم وأصله كوفي وأول من سكن قم من أجداده عبد الرحمن ، وكتابه هذا مبني على مائة عنوان على ما ذكروه ، كل عنوان كتاب على طريقة القدماء والموجود المعروف عند الناس بعض منه ومن عناوين هذا الكتاب أخذ الصدوق تراجم كثير من كتبه ، وتوفي ˜ سنة أربع وسبعين ومائتين وقيل ثمانين ،ومضى معاملة أحمد بن محمد بن عيسى معه في مقدمات الكتاب .

كتاب بصائر الدرجات للشيخ الثقة الجليل أبي القاسم سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي وهو ممن لقي مولانا العسكري وصاحب الزمان (عليهم السلام) وقد مضى حديثه في باب معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ، وكتابه هذا من الكتب المعتبرة المعروفة بين قدماء أصحابنا ، وروى عنه الراوندي في الخرائج كثيرا والتقط جملة من أخباره الحسن بن سليمان الحلي تلميذ الشهيد الأول وأضاف إليها أخبارا أخر من بصائر الصفار وغيره من الكتب المعتبرة واشتهر كتابه بمنتخب بصائر سعد وقد مر ذكر هذا الكتاب فيما مر ، وأصل بصائر سعد عزيز الوجود بين المتأخرين حتى أن شيخنا المجلسي ˜ شدة جهده في تحصيل كتب الأخبار واجتماع جم غفير منها عنده لم يتفق له تحصيل هذا الكتاب فكيف بأمثالنا وقد وقعنا في زمان أشرفت به صدور العلم على الفواق وبدوره على المحاق ولا سيما بلدة كتب العلم فيها كالكحل في عين العمياء والمرآة في بيت الشوهاء والتورية عند العمليق والمصحف في بيت الزنديق ، وكان هذا الشيخ ومحمد بن الحسن الصفار معاصرين ومشاركين في أكثر الرجال ولكل منهما كتاب يسمى بصائر الدرجات ، وله غير ذلك مصنفات كثيرة لسنا بصدد ذكرها وقد ذكرها النجاشي في الفهرس .

 كتاب الجامع للشيخ العظيم الشأن أبي جعفر أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي كان من أصحاب الرضا والجواد (عليهم السلام) عظيم المنزلة عندهما ، وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وأقروا له بالفقه ، وكتابه هذا من الكتب المعروفة المعتمد عليها عند أصحابنا وله أيضا كتاب نوادر وهو غير هذا الكتاب ، توفي سنة إحدى وعشرين ومائتين .

 كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى للشيخ أمين الدين الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب مجمع البيان وقد مر ذكره ، يروي عنه ابن شهر آشوب ومنتجب الدين وابنه الحسن صاحب مكارم الأخلاق ، توفي بسبزوار سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ليلة النحر قدس الله روحه ومدفنه في مشهد الرضا (عليه السلام) وقبره فيه معروف يزار .

 كتاب خصائص الأئمة للشريف الجليل الرضي أخ المرتضى قدس سرهما وهو كتاب شريف لطيف ، وقد أشار إليه في صدر كتابه نهج البلاغة غير أنه لم يخرج منه سوى خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وقفت على هذا الكتاب في المشهد الغروي على مشرفه الصلاة والسلام سنة تسع وسبعين ومائتين بعد الألف ، ومنعني عن استكتابه بعض العوارض ، هذا ولمحمد بن أحمد النطنزي العامي أيضا كتاب يسمى بالخصائص العلوية وهو من الكتب المشهورة رواه عنه من أصحابنا ابن شهر آشوب في مناقبه بالمناولة .

 كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة نسبه السيد العلامة التوبلي في مؤلفاته إلى الرضي أيضا من غير ترديد وعندي فيه تأمل ، وكيف كان فهو من الكتب المتينة المعتبرة جدا ومؤلفه من الشيعة ، وإن كان يروي عن رجال العامة كثيرا وعلامة ذلك نقله لحديث ديك الجن إسحاق بن إبراهيم مع هارون  الرشيد لما سأله عن أبياته المعروفة :

أصبحت جم بلابل الصدر     وأبيت منقبضا على الجمر                          الأبيات ، فأجابه ما هو مشهور وقد نقله صاحب الكتاب عن مناقب الشيخ المفيد محمد بن النعمان  ، ذكر ذلك السيد العلامة السيد هاشم التوبلي في روضة العارفين في ترجمة ديك الجن وهو خبر عجيب .

هذا واعلم أن اسم ديك الجن ونسبه في الحديث المذكور على ما ذكرنا  وذكر بن خلكان اسمه عبد السلام بن رغبان وساق نسبه إلى سبعة آباء ولعله أصلح والله أعلم .

كتاب المناقب لأخطب الخطباء عند العامة أبي المؤيد موفق بن أحمد الخوارزمي وهو من الكتب المعتبرة المعروفة عند الفريقين هذا وقد روى المجلسي في البحار ولا سيما في كتاب المقتل منه أخبارا نسبها إلى كتاب عبر عنه ببعض كتب المناقب المعتبرة ولم يحقق مصنفه ، والظاهر أنه هذا الكتاب كما يظهر من ملاحظة أسانيده وأخباره .

 كتاب إحياء العلوم لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي العامي المعروف أخي أحمد .

كتاب الفردوس لأبي شجاع الحافظ شيرويه بن شهردار الديلمي ، رتب كتابه على الحروف الهجائية ملاحظا فيه أول حرف من الحديث وهو من علماء العامة .

 كتاب رياض الجنان لفضل الله بن محمود الفارسي في الفضائل وهو مشتمل على أخبار غريبة ومؤلفه من الإمامية غير أني لم أقف على حاله مفصلا وأنا في حال لا أقدر على المراجعة كثيرا وقد أكثر النقل عنه صاحب العوالم وغيره وكل ما نقلنا عنه فهو مأخوذ عن العوالم .

 كتاب ثاقب المناقب للمحدث الفقيه عماد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن محمد الطوسي المشهدي على ما حققه بعض الأفاضل الثقاة من إخواننا المعاصرين وفقه الله في كتابه وهو من معاصري ابن شهر آشوب ومن تلاميذ أبي جعفر محمد بن الحسن بن جعفر الشوهاني الساكن بمشهد الرضا (عليه السلام) وهو شيخ ابن شهر آشوب أيضا ، وأثنى على الكتاب عبد الله بن عيسى الأصفهاني في كتابه رياض العلماء قال : ( هو من أحسن كتب المناقب وأخصرها ) .

 كتاب روضة الواعظين وبصيرة المتعظين للشيخ الجليل محمد بن الحسن بن على الفتال النيسابوري الفارسي صاحب التنوين في معاني التفسير على ما صرح به ابن شهر آشوب في المناقب وهو من مشايخه فإنه قال في ذكر أسانيده : ( وحدثني الفتال بالتنوين في معاني التفسير وبكتاب روضة الواعظين وبصيرة المتعظين ..إلخ ) وذلك بعدما صرح بنسبه فيما قبل كما سنذكره آنفا إنشاء الله ، هذا وذكر المجلسي عن رسالة الإجازة للعلامة نسبه هكذا :  

بحارالأنوار     8     1    الفصل الأول في بيان الأصول و الكتب

 وكتاب روضة الواعظين وبصيرة المتعظين للشيخ محمد بن علي بن أحمد الفارسي وأخطأ جماعة ونسبوه إلى الشيخ المفيد وقد صرح بما ذكرناه ابن شهرآشوب في المناقب والشيخ منتجب الدين في الفهرست والعلامة  في رسالة الإجازة و غيرهم و ذكر العلامة سنده إلى هذا الكتاب كما سنذكره في المجلد الآخر من الكتاب إن شاء الله تعالى.

محمد بن علي بن أحمد الفارسي ويمكن كون أحمد جده الأعلى وعلي هو جده الأدنى كما مر وقد ترك العلامة اسم ابيه كما هو متداول في ذكر الأنساب كثيرا فلا تناقض بين النقلين وبه يرتفع التناقض بينه وبين قول منتجب الدين أيضا حيث قال في فهرسه الشيخ الشهيد محمد بن أحمد الفارسي مصنف كتاب روضه الواعظين ، هي ،

بحارالأنوار     8     1    الفصل الأول في بيان الأصول و الكتب

 ثم اعلم أن العلامة  ذكر اسم المؤلف كما ذكرنا و سيظهر من كلام ابن شهرآشوب أن المؤلف محمد بن الحسن بن علي الفتال الفارسي وأن صاحب التفسير وصاحب الروضة واحد وكذا ذكره في كتاب معالم العلماء ، ويظهر من كلام الشيخ منتجب الدين في فهرسته أنهما اثنان حيث قال محمد بن علي الفتال النيسابوري صاحب التفسير ثقة و أي ثقة و قال  المحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور الملقب بشهاب الإسلام لعنه الله انتهى ، ويظهر من كلامه أن اسم أبيه أحمد و أما نسبته إلى رجال الشيخ فلا يخفى سهوه فيه إذ ليس في رجال الشيخ منه أثر مع أن هذا الرجل زمانه متأخر عن زمان الشيخ بكثير كما يظهر من فهرست الشيخ منتجب الدين ومن إجازة العلامة ومن كلام ابن شهرآشوب وعلى أي حال يظهر مما نقلنا جلالة المؤلف وأن كتابه كان من الكتب المشهورة عند الشيعة.

ولو فرضنا التناقض بينهما وبين قول ابن شهر آشوب فلا ريب أن قول ابن شهر آشوب أولى بالتصديق لكونه من مشايخه ملاقيا له يروي عنه كتب الشيخ والسيد بالمشافهة فاشتباهه في نسبه بعيد جدا بل غير معقول لما سيأتي من كون أبيه الحسن واقعا في الطريق إلى الشيخ والسيد بالخصوص ، ومثل هذا الأمر لا يحمل الالتباس ثم أنه يظهر من منتجب الدين أمر آخر وهو كون صاحب التفسير غير صاحب الروضة حيث إنه قال في كتابه الشيخ محمد بن علي القتال النيسابوري صاحب التفسير ثقة وأي ثقة أخبرنا جماعة من الثقات عنه بتفسيره ،هي ، الفهرست‏للرازي          395    108-

                                                                                                                            الشيخ محمد بن علي الفتال النيسابوري صاحب التفسير ثقة و أي ثقة أخبرنا جماعة من الثقات عنه بتفسيره . هي .

ثم ذكر بعد فاصلة كثيرة ما نقلنا عنه فيما قبل ولا ريب في كونه سهوا واشتباها منه  لما قدمنا من تصريح ابن شهر آشوب بكون صاحب الكتابين واحدا ، ونقل المجلسي عن كتابه معالم العلماء أيضا ذلك مع ما قدمنا من كون من مشايخه ولايقاس من رآى بمن سمع ، ولعله  سمع اسمه باختلاف في ذكر النسب فزعم المغائرة بين صاحبي الكتابين ومثل هذا يتفق كثيرا من قبل اختلاف النقل في الأنساب و الألقاب ونحوها ، هذا وقال ابن داود في كتاب الرجال ما هذا لفظه :

رجال‏ابن‏داود          1274    295- محمد بن أحمد بن علي .....  ص

( محمد بن أحمد بن علي الفتال النيسابوري المعروف بابن الفارسي أبو علي لم ]حج[ ثم قال : متكلم جليل القدر فقيه عالم زاهد ورع قتله أبو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيشابور الملقب بشهاب الإسلام لعنه الله ) . هي .            

 وقد استظهر بعض المتأخرين كون هذا الموصوف بلسان ابن داود والذي ذكره منتجب الدين ووصفه بالشهيد ونسب إليه روضة الواعظين واحدا وهو في محله ولكنهم استشكلوا في أن رجال الشيخ خال من ذكر هذا الرجل قال السيد التفريشي في النقد : (لم أجده في كتب الرجال خصوصا في الرجال ) يعني رجال الشيخ ، وقال المجلسي بعد نقل ما قال ابن داود في ضمن الكلام على نسب صاحب روضة الواعظين : ( ويظهر من كلامه أن اسم أبيه أحمد ) أقول : يعني اسم أبي صاحب الروضة ثم قال : ( وما نسبته إلى رجال الشيخ فلا يخفى سهوه فيه إذ ليس في رجال الشيخ منه أثر مع أن هذا الرجل زمانه متأخر عن زمان الشيخ بكثير كما يظهر عن فهرس الشيخ منتجب الدين ومن إجازة العلامة ومن كلام ابن شهر آشوب ) . هى .

 أقول إن وقوع السهو والنقيصة في نسخ الكتب ولا سيما كتب الرجال من جهة تشابه الأسماء الواقعة فيها بعضها إثر بعض وتشابه الكلمات المنقولة في ذيل كل منها غير عزيز فمن الممكن ثبوت هذا الإسم في نسخة ابن داود وسقوطه في نسخ من أنكروا ذلك عليه فلا اعتراض عليه من هذه الجهة إذ لا سبيل إلى العلم بسهوه في ذلك .

وأما الاعتراض الأخير من المجلسي رحمة الله عليه فليس في محله أيضا لأن فرع كون صاحب روضة الواعظين هو هذا المذكور وهو محل تأمل جدا لما عرفت من كون ما ذكر ابن شهر آشوب في نسب الرجل هو المحكم في هذا الباب ، وأما سائر ما ذكر فيه فإن كان مما يمكن جمعه معه بضرب من التأويل فهو وإلا فمردود وهذا النسب المذكور لا يلائمه إلا بتكلفات شديدة جدا ولم يقع في كلام ابن داود ما يوهم ذلك وإنما استفيد هذا منه بعد ضم قول منتجب الدين إليه وكون مما ذكره منتجب الدين هو صاحب الروضة بعد محل تأمل إلا أن يكون ابن الفارسي الشهيد متحدا لمن ذكره ابن شهر آشوب ويؤول ما ذكره من النسب إلى ما يوافقه مع أن بعد تسليم جميع ما ذكر لا موقع لاعتراضه  أيضا لأنه نبأه على تأخر زمان صاحب روضة الواعظين عن زمان الشيخ بكثير وهو سهو منه  فإنه أحد الوسائط بين ابن شهر آشوب وبين الشيخ في الرواية بل بينه وبين المرتضى أيضا فإنه قال في المناقب في ذكر طرقه إلى الشيخ في جملة مشايخه

المناقب     12     1    الجزء الأول .....  ص : 2

وحدثنا أيضا المنتهى بن أبي زيد بن كبابكي الحسيني الجرجاني ومحمد بن الحسن القتال النيسابوري وجدي شهرآشوب عنه أيضا سماعا وقراءة ومناولة و إجازة بأكثر كتبه و رواياته ، ومرجع الضمير الشيخ  ، أما أسانيد كتب الشريفين المرتضى والرضي ورواياتهما فعن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسني المروزي عن أبي عبد الله محمد بن علي الحلواني عنهما ، وبحق روايتي عن السيد المنتهى عن أبيه أبي زيد وعن محمد بن علي الفتال الفارسي عن أبيه الحسن كليهما عن المرتضى وقد سمع المنتهى والفتال بقراءة أبويهما عليه أيضا . هي .

 والقول الأخير صريح في سماع الفتال عن المرتضى شفاها عند قراءة أبيه عليه فمع هذا كيف يقال إنه متأخر عن زمان الشيخ بكثير ، وأعجب منه استشهاده  بذلك بكلام ابن شهر آشوب وهو كما سمعت ، وقد أورد هو نفسه هذه الأسانيد عن ابن شهر آشوب في كتابه البحار بعينها ومع ذلك قال ما قال وكذا استشهاده بفهرس منتجب الدين وليس فيه شيء زائد على ما نقلنا عنه ولا نقل هو أيضا عنه شيئا زائدا عليه ، فليت شعري من أي كلام المنتجب استفاد ذلك ولعله من كون كتابه هذا موضوعا لذكر من تأخر عن الشيخ وهو كما ترى ، نعم ربما يتوهم أن غاية ما يستفاد من ذلك كون الفتال من تلاميذ الشيخ وهذا المقدار غير كاف في دفع بعد ذكر الشيخ له في رجاله لعدم جريان العادة بذلك ، ولكنه أيضا توهم ضعيف فإن التلميذ إذا كان قد بلغ حد الكمال عند الشيخ ربما يدخله الشيخ في عداد العلماء وأصحاب الحديث ويدرج ذكره في كتابه كما أدرج الشيخ هذا تلميذه تقي الدين بن نجم الحلبي في كتابه وقال فيه :

رجال‏الشيخ‏الطوسي          1 -6034    417- تقي بن نجم

  تقي بن نجم الحلبي ثقة، له كتب، قرأ علينا وعلى المرتضى ، يكنى أبا الصلاح .

 ثم من الغريب ما وجدت على حاشية نسختي من النقد عن الشيخ التقي المجلسي  حيث إنه احتمل كون المراد من هذا المذكور هو محمد بن أحمد بن علي بن الصلت الذي ذكره الصدوق في أول كمال الدين وذكر أن أباه علي بن بابويه يروي عنه وهو من غريب الاحتمال فإن من ذكره الصدوق قمي كما صرح به هناك وهذا نيسابوري ، ولم يوصف هذا الرجل بشيء مما وصف هذا من الأوصاف فكيف يحتمل الاتحاد من غير أن يقوم به شاهد وقرينة ، هذا ما سنح بالبال في تحرير هذه الأقوال عند الكتابة وقد قدمت أني لا أقدر على المراجعة كثيرا والله ولي التوفيق والتسديد .

 كتاب المجلي للشيخ محمد بن الحسن بن علي بن أبي جمهور الإحسائي صاحب عوالي اللآلي وهو من مشاهير أصحابنا وكتابه وإن كان ليس بموضوع للمنقول ولكنا لما نقلنا أخبارا في هذا الكتاب عنه أوجب ذلك ذكره بالخصوص ، والشيخ المذكور ثقة معتمد في النقل متبحر في العلوم العقلية والنقلية ومناظراته مع الهروي معروفة ذكرها السيد الشهيد التستري  في مجالس المؤمنين غير أنه  له ميل إلى مسلك بعض الحائدين عن الجادة المستقيمة زعما منه موافقتها للشريعة القويمة كما اتفق ذلك لجماعة من أصحابنا عصمنا الله من الخطل في القول والعمل ، وكان هذا الشيخ على ما يظهر من المجالس من أصحاب المائة التاسعة .

كتاب كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين لجمال الملة والدين الحسن بن المطهر العلامة  وهو غير نهج الحق وكشف الصدق .

 كتاب معالم العلماء للشيخ الجليل محمد بن علي بن شهر آشوب صاحب المناقب .

 كتاب العدد القوية لدفع المخاوف اليومية للشيخ السديد علي بن يوسف المطهر أخ العلامة رحمهما الله .

 كتاب أمان الأخطار كتاب فرج الهموم بمعرفة الحلال والحرام من علم النجوم المشهور بكتاب النجوم كلاهما لمفخر آل طاووس رضي الدين علي بن طاووس قدس سره المأنوس .

 كتاب فتوحات القدس للسيد علي الواعظ الهمداني الشيعي على ما يظهر من بعض المواضع وقد أكثر النقل عنه صاحب المناقب المرتضوية ويظهر من أخباره أنه من الكتب المليحة جدا .

 كتاب الأربعين لمنتجب الدين أبي جعفر محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي  نقل ابن طاووس عنه في كتابه اليقين أخبارا طريفة وروى عنه أيضا شاذان بن جبرئيل في كتابه الفضائل بغير واسطة ، وهو من العامة ظاهرا من أبناء المائة السادسة كما يظهر من بعض الروايات عنه في كتاب اليقين .

كتاب الدعوات لقطب الدين الراوندي صاحب الخرائج .

كتاب أنيس السمراء وسمير الجلساء وهو كتاب معروف الاسم عزيز الوجود ولم يظهر عندنا اسم مصنفه على التعيين ويظهر من إسناده المذكور في حديث الخيط الذي مضى معجزات السجاد (عليه السلام) أنه من قدماء أصحابنا جدا روى عن سهل بن زياد الأدمي وهو من أصحاب الجواد والهادي والعسكري (عليهم السلام) بواسطتين وقد ذكرنا مرارا أنه الكتاب العتيق الذي روى عنه المجلسي في البحار وتلميذه في العوالم حديث النورانية وحديث الخيط الأصفر كما صرح به شيخ المتألهين  في حاشية العوالم بخطه ونقل عنه في شرح الجامعة بعض فقرات حديث الخيط بعين السند الذي هو مذكور في الكتاب العتيق وأكثر النقل عنه في سائر المواضع أيضا ويظهر منه أنه كان موجودا عنده ، وبالجملة يظهر من أخبار الكتاب جلالة شأن مؤلفه لما قالوا عليهم السلام

بحارالأنوار     148     2    باب 19- فضل كتابة الحديث و روايته .

 20-اعرفوا منازل شيعتنا على قدر روايتهم عنا 

مستدرك‏الوسائل     8    285     17- باب وجوب العمل بأحاديث النبي و ا

7  -21362-  مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُعْمَانِيُّ فِي كِتَابِ الْغَيْبَةِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ اعْرِفُوا مَنَازِلَ شِيعَتِنَا عِنْدَنَا عَلَى حَسَبِ رِوَايَتِهِمْ وَ فَهْمِهِمْ عَنَّا الْخَبَرَ

فإن التحقيق أن المراد به بالأصالة مقدار مضمون الرواية لا الكم العددي وإن كان هو أيضا من دلائل الإنقطاع إليهم غير أنه مراد بالتبع .

 كتاب السلطان المفرج عن أهل الإيمان للسيد الجليل النسابة علم الدين علي بن جمال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي ساكن المشهد الغروي صاحب التصانيف المعروفة منها كتاب الأنوار المضيئة في أخبار المهدي (عليه السلام) ، وكتاب الدر النضيد في مغازي الإمام الشهيد ، وكتاب سرور أهل الإيمان في نوادر الأخبار ، وهذا الكتاب الذي لأجله العنوان وهو على ما يظهر من منقولاته كتاب لطيف في أحوال المهدي (عليه السلام) وأحوال الرجعة ، وهذا السيد من أجلة السادة وأفاخم أهل العلم والسادة يروي عنه تاج الدين محمد بن القاسم بن ربيعية الديباجي شيخ الشهيد الأول  ويروي هو عن أبيه عبد الحميد عن جده فخار بن معد الموسوي الذي يروي عنه جماعة من الأجلة منهم المحقق نجم الدين جعفر بن سعيد الحلي ومنهم السيدان الجليلان رضي الدين علي وجمال الدين أحمد ابنا طاووس الحسنيان على ما في فرحة الغري وكتاب اليقين ، ويروي عنه من علماء العامة ابن المغازلي الشافعي كثيرا مترجما عليه و معظما له .

 كتاب منهج التحقيق إلى سواء الطريق الذي يروي عنه الحسن بن سليمان الحلي في كتبه كثيرا والظاهر أنه للسيد حسن بن كبش على ما يظهر من بعض القرائن ، وببالي أني رأيته مصرحا به في منتخب البصائر له  والله أعلم .

 كتاب كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) للحافظ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي من علماء العامة وقد قال في أول كتابه على ما نقل عنه

بحارالأنوار     85     51    باب 1- ما ورد من إخبار الله و إخبار

  إني جمعت هذا الكتاب و عريته من طرق الشيعة ليكون الاحتجاج به آكد 

كشف‏الغمة     475     2    باب ذكر علامات قيام القائم ع و مدة

 و قد كنت ذكرت في المجلد الأول أن الشيخ أبا عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي عمل كتاب كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب وكتاب البيان في أخبار صاحب الزمان وحملهما إلى الصاحب السعيد تاج الدين محمد بن نصر بن الصلايا العلوي الحسيني سقى الله عهده ، ونقل عنه كثيرا ابن طاووس في كتاب اليقين و الأربلي في كشف الغمة وبالجملة هو من الكتب المعروفة عند العامة والخاصة .

 كتاب تفسير محمد بن مؤمن الشيرازي المستخرج من تفاسير الاثنى عشر للعامة فيما نزل في علي (عليه السلام) قال ابن شهر آشوب في مناقبه

بحارالأنوار     66     1    الفصل الخامس في ذكر بعض

المناقب     11     1    الجزء الأول .....  ص : 2

و أجاز لي أبو بكر محمد بن مؤمن الشيرازي رواية كتاب ما نزل من القرآن في علي (عليه السلام) . هي .

 وقال منتجب الدين في حقه الشيخ محمد بن مؤمن الشيرازي ثقة عين مفسر أخبارنا بتفسيره السيد أبو بركات المشهدي ،هي ،

بحارالأنوار     268     102    حرف الميم .....  ص : 263

 الشيخ محمد بن مؤمن الشيرازي ثقة عين مصنف كتاب نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه و على أولاده الطيبين الطاهرين أخبرنا به السيد أبو البركات المشهدي  . هي .

مناقب أبي عبد الله أحمد بن محمد الطبري المعروف بالخليلي صاحب كتاب الوصول في معرفة الأصول وكتاب الكشف ذكره النجاشي وزعم ابن طاووس في كتاب اليقين أنه من العامة مع أن الروايات التي نقلها عنه في ذلك الكتاب تنادي بأعلى صوتها على كونه المستغرقين في التشيع .

وبالجملة الرجل من الشيعة قطعا ، نعم قد ذكره النجاشي وابن الغضائري وضعفاه ، والظاهر أنه لتوهم ارتفاع في حقه فشتان بين القولين وقد فرغنا من بيان حال هذه التضعيفات في أول هذا الكتاب ولا سيما تضعيف ابن الغضائري فإنه لو لم يكن دليل حسن الحال بل الجلالة لم يكن دليل الضعف جزما .

كتاب المناقب لمحمد بن جرير بن يزيد الطبري العامي التاريخي وقيل يزيد بن كثير  بن غالب أبي جعفر صاحب التفسير الكبير والتاريخ الشهير وكتاب الولاية الذي مضى ذكره وقد أكثرت العامة من الثناء عليه حتى أن محمد بن إسحاق بن خزيمة قال في حقه : ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير الطبري ولقد ظلمته الحنابلة . هي .

اليقين          61    215- الباب فيما نذكره من كتاب المناق

 و ذكر عن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنه قال ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير الطبري و لقد ظلمته الحنابلة

وذكر رضي الدين بن طاووس  في كتاب اليقين أنه قال في مفتح كتابه المناقب

اليقين          61    215- الباب فيما نذكره من كتاب المناق

 هذا ما ألفته من جميع الروايات من الكوفيين والبصريين والمكيين والشاميين وأهل الفضل كلهم واختلافهم في أهل البيت (عليهم السلام) فجمعته وألفته أبوابا ومناقب ذكرت فيه بابا بابا وفصلت بينهم وبين فضائل غيرهم وخصصت أهل هذا البيت بما خصهم الله به من الفضل. هي .

وكانت ولادة الطبري سنة أربع وعشرين ومائتين بابل طبرستان وكان مقيما ببغداد وبها مات سنة عشر أو سنة عشر وثلاثمائة .

 كتاب مروج الذهب للشيخ الفخيم الجليل علي بن الحسين بن علي المسعودي أبي الحسن الهذلي صاحب كتاب إثبات الوصية لأمير المؤمنين (عليه السلام) وكان من قدماء أصحابنا الإمامية وعظمائهم ، توفى على ما ذكره النجاشي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة .

 كتاب نوادر المعجزات وهو من الكتب القديمة القويمة نقل عنه المجلسي وغيره ولم يعلم مؤلفه على التعيين ، واستظهر بعض الأفاضل من إخواننا المعاصرين وفقه الله تعالى أنه من تأليفات محمد بن جرير الطبري الإمامي كما يظهر من جملة من أسانيده والله أعلم .

 كتاب المجموع الرائق من أزهار الحدائق اشتهر نسبته إلى الصدوق وهو للسيد هبة الله من معاصري العلامة  قال الفاضل الماهر عبد الله بن عيسى الأصفهاني  ورياض العلماء ما هذا لفظه : ( السيد هبة الله بن أبي محمد الحسن الموسوي الفاضل العالم الكامل المحدث الجليل المعاصر للعلامة ومن في طبقته صاحب كتاب المجموع الرائق المعروف ) ثم قال ( وقال الشيخ المعاصر يعني الشيخ الحر في أمل الآمل كان عالما صالحا عابدا له كتاب الرائق من أزهار الحدائق ) . هي . ونسبه إليه في كتاب الهداة أيضا ثم قال ( وأقول وهو كتاب لطيف جامع لأكثر المطالب وغلط من نسب هذا الكتاب إلى الصدوق أو إلى المفيد أما أولا فلأنه غير مذكور في فهرس مؤلفاتهما على ما ذكر في كتاب الرجال ، وأما ثانيا فلأنه يروي في هذا الكتاب عن جماعة من المتأخرين عنهما ومن كتبهم ، وأما ثالثا لأنه يظهر من مطاوي هذا الكتاب أنه ألفه سنة ثلاث وسبعمائة ، وأما رابعا فلأنه صرح نفسه مرارا في أثناء ذلك الكتاب باسمه على ما رأيته في طائفة من نسخه كما أوردناه مرارا وبما ذكرناه من تاريخ التأليف يعلم أنه ألفه في أواخر عصره العلامة ولعل وجه الظن أن في أوائل ذلك الكتاب أورد أكثر كتاب الإعتقادات للشيخ الصدوق بل كله وقد صدر كل مبحث منه بقوله قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه وكذلك ينقل من كتاب الشيخ المفيد أيضا ، وبالجملة كتابه هذا مجلدان كبيران ويشتمل على أخبار غريبة والفوائد الكلامية والمسائل الفقهية والأدعية  والأذكار ) إلى أن قال ( وهو كتاب معروف وإن لم يورده الأستاذ الاستناد في بحار الأنوار ) إلى آخر ما قاله

التوحيد          17    المقدمة .....  ص : 17

 قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الفقيه نزيل الري مصنف هذا الكتاب أعانه الله تعالى على طاعته ووفقه لمرضاته إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أني وجدت قوما من المخالفين لنا ينسبون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر لما وجدوا في كتبهم من الأخبار التي جهلوا تفسيرها و لم يعرفوا معانيها ووضعوها في غير موضعها ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظ القرآن فقبحوا بذلك عند الجهال صورة مذهبنا ولبسوا عليهم طريقتنا وصدوا الناس عن دين الله وحملوهم على جحود حجج الله فتقربت إلى الله تعالى ذكره بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد و نفي التشبيه والجبر مستعينا به ومتوكلا عليه وهو حسبي ونعم الوكيل

علل‏الشرائع     1     1    المجلد الأول من كتاب علل الشرائع ..

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطاهرين و سلم تسليما قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه القمي رضي الله عنه و أرضاه و جعل الجنة منقلبه و مثواه

وأقول قد وقفت بعد إيراد هذه الكلمات على المجلد الأول من الكتاب وقد صرح المصنف فيه باسمه على نحو ما ذكره الفاضل المذكور .

 كتاب الفهرس لأبي العباس أحمد بن علي بن أحمد العباس بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله النجاشي المعروف بأحمد بن العباس كان من تلاميذ المفيد محمد بن محمد بن نعمان  معاصرا للطوسي والمرتضى  ولد رحمه الله على ما في خلاصة العلامة سنة اثنين وسبعين وثلاثمائة وتوفي بمطير آباد في جمادى الأولى سنة خمسين وأربعمائة ، وجده عبد الله النجاشي ولي الأهواز ، وكتب إلى أبي عبد الله (عليه السلام) يسأله ، وكتب إليه الصادق (عليه السلام) رسالة عبد الله بن النجاشي المعروفة ، وأحمد هذا يروي عنه السيد أبو الصمصام ذو الفقار بن معد الحسيني وهو يروي عن المفيد والحسين بن عبيد الله الغضائري وأبي العباس بن نوح وغيرهم ، وذكر بعض الأفاضل قال ( رأيت ظهر كتاب النجاشي منقولا عن خط السيد صفي الدين بن معد الموسوي ما صورته :  عدة ما تضمنه هذا الفهرس ألف ومائتان وخمسة وستون نفسا من الجملة امرأتان لكل واحدة منهما كتاب وجملة الكتب التي فيه أربعة آلاف وستمائة وواحد وستون كتابا  ومن المذكورين من الذين ذكرهم ولم يذكر لهم تصنيفا وليست التصانيف التي ذكرها وميزها كل تصانيف المذكورين وإنما ذكر منها ما وقع إليه ورواه وتضمنته خزانته ومن الجماعة الذين ذكرهم من له خمسمائة كتاب تقريبا وثلاثمائة ومائتين ولم يذكر فيهم ما يقارب عشرة للمعنى الذي أشرت إليه وهؤلاء ليسوا كل المصنفين ولا جميع المؤلفين بل هم بالنسبة إلى جميع مصنفي الإمامية كقطرة من بحر ولمعة من فجر وشطبة من قلم وواحد من العرب والعجم ولو رام واحد حصر المشار إليهم وعدهم وضبط ما صنفوه وجمعوه من أمور الدنيا والدين ومصالح الآخرة والأولى لكان كمن تعاطى عد الرمال ووزن الجبال وكيل التراب ونيل السراب والله الموفق لما وهب من حسن الهداية ، ومما يضحك الثكلى ويلهي الولهى قول بعض الخصوم أن الإمامية ليس لهم من التصانيف إلا المصباح وأدعية عن جعفر بن محمد (عليهم السلام) ) إلى آخر ما قال وهو كما قال مع إن مثل هذا القائل الأحمق لا يستأهل الجواب رأسا .

 كتاب بستان الكرام أصله نزهة الكرام وبستان العوام للسيد الأجل أبي تراب المرتضى بن الداعي بن القاسم الحسيني الرازي صاحب تبصرة العوام في ذكر المذاهب أخي المجتبى بن الداعي ، وهو من أجلة محدثي أصحابنا يروي عن جعفر بن محمد الدوريستي وشيخ الطائفة بل والمرتضى أيضا على ما في اللؤلؤة ويروي عنه الشيخ منتجب الدين صاحب الفهرس والسيد فضل الله الراوندي .

وهذا الكتاب على ما يظهر من أخباره المنقولة عنه من طرائف الكتب  هذا ونقل السيد التوبلي في مدينة المعاجز أخبارا عن كتاب ترجمه ببستان الواعظين ولا يبعد كونه متحدا مع الكتاب المذكور والله أعلم .

 كتاب العتيق الغروي في الدعوات وهو غير الكتاب العتيق الذي مر ذكره وهذا الكتاب ذكره المجلسي  في البحار وقال ( إن عند عد الكتب

بحارالأنوار     16     1    الفصل الأول في بيان الأصول و الكتب

والكتاب العتيق الذي وجدناه في الغري صلوات الله على مشرفه تأليف بعض قدماء المحدثين في الدعوات و سميناه بالكتاب الغروي.

وقال في الفصل الثاني منه

بحارالأنوار     32     1    الفصل الثاني في بيان الوثوق على الك

والكتاب العتيق كله في الأدعية و هو مشتمل على أدعية كاملة بليغة غريبة يشرق من كل منها نور الإعجاز و الإفهام وكل فقرة من فقراتها شاهد عدل على صدورها من أئمة الأنام وأمراء الكلام وقد نقل منه السيد ابن طاووس   في المهج وغيره كثيرا وكان تاريخ كتابة النسخة التي أخرجنا منها سنة ست وسبعين وخمسمائة ويظهر من الكفعمي أنه مجموع الدعوات للشيخ الجليل أبي الحسين محمد بن هارون التلعكبري و هو من أكابر المحدثين . هي .

 أقول ورمزه في البحار ( ق ) .

كتاب حياة القلوب لقطب الدين محمد بن الشيخ على بن عبد الوهاب بن نبلة الأشكوري ناحية من نواحي الديلم وهو من أفاضل المتأخرين قال السيد التوبلي في روضة العارفين بعد ذكره رجل فاضل عالم له كتاب حياة القلوب وهو كتاب حسن . هي .

 أقول وهذا الكتاب موضوع لذكر العلماء وفيه قصص طريفة وأخبار لطيفة أكثر النقل عنه السيد المذكور في كتابه المذكور ونقل عنه أيضا الشيخ المتأخر البحراني  في اللؤلؤة وغيرهما من الأفاضل وبالجملة هو من الكتب المعروفة المعتبرة ولا يحضرني حال المصنف بأزيد مما ذكرت .

 كتاب أحسن الكبار نسب في بعض المواضع إلى القشيري والمعروف بهذا اللقب عبد الكريم بن هوازن من قدماء العامة صاحب التفسير المسمى بالتيسيري وغيره من المصنفات ، توفي سنة خمس وستين وأربعمائة بمدينة نيسابور والله أعلم ، وقد أكثر النقل عنه محمد صالح الحسيني الترمذي العامي صاحب المناقب المرتضوية .

كتاب إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للشيخ المحدث الجليل الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن الحسين الحر العاملي صاحب الوسائل وسائر التصانيف المعروفة كان معاصرا لشيخنا المجلسي وأجاز كل منهما صاحبه وكان  من أعظم المحدثين ولله ذلك العهد ما أسعده بحياة الأخبار المعصومية فيه بعد ما أشرفت على الاندراس فإن في ذلك العهد ألفت جوامع كل منها كاف في معناه منها الوافي لمحمد بن مرتضى المدعو بمحسن فإنه  من جملة مشايخ المجلسي ومنها بحار الأنوار ومنها الوسائل ومنها كتب السيد التوبلي  وبعدها العوالم وغير ماذكر من كتب الأخبار الجامعة ككتاب إثبات الهداة هذا فإن مؤلفه  ذكر في كتابه أمل الآمل ( أنه مجلدان يشتمل على أكثر من عشرين ألف حديث من طرق الخاصة والعامة فيكون أعظم من الكافي الذي هو أعظم الكتب الأربعة فإن أخباره على ما ذكره بعض المعتنين بهذا الشأن ستة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعون حديثا هذا والعجب من المحقق البحراني في اللؤلؤة حيث ذكر هذا الشيخ الجليل ثم قال لا يخفى أنه وإن كثرت تصانيفه  كما ذكره إلا أنها خالية عن التحقيق والتبحر تحتاج إلى تهذيب وتنقيح وتحرير كما لا يخفى على من راجعها وكذا غيره ممن كثر تصنيفه ) إلى آخر ما قال وقريبا منه ما قال في حق السيد العلامة التوبلي ( وأنت خبير بأن مثل هذا الاعتراض سقط من القول فإن شعب العلم كثيرة ولا يجب على كل أهل العلم أن يجروا في حلبة واحدة فإن مثل أهل العلم في الأرض مثل الملائكة في السماء وقد وكل الله عز وجل كلا منهم بشأن من الشؤون الوجودية لا يتعداه إلى غيره وبه انتطحت مدينة الكون ولو أنهم اجتمعوا على أمر واحد من الأمور الكونية لبقيت سائر الوجود مختلة النظام وعلى هذا المنوال أمر مدينة الشرع حذو النعل بالنعل وجمع الأخبار وترتيبها على نحو يسهل تناولها للباحثين من أعظم المهمات الدينية كما هو ظاهر للفطن الماهر ولابد لها من قائم بها فإنا نرى من أهل التحقيق من لو أراد تأليف مائة من الحديث في كتاب واحد شق عليه الأمر ولم يأت به على نحو يرتضيه أهل النقل فأي اعتراض على من قام بذلك أحسن قيام ، وإن أبيت إلا المكابرة فهذا الكتب الأربعة التي عليها المدار في جميع الأعصار كلها مجرد جميع ليس فيها شئ من التحقيق ومع ذلك فلولا تلك الأربعة لاندرست  آثار النبوة وانطمست أعلام الشريعة بل كل من أتى بعدها من أهل التحقيق أيضا فهم عيال تلك الكتب لأنها معظم مأخذ تحقيقاتهم وعمود أساس تنقيراتهم من شذ عنها وعمى في معناها من الآثار النبوية والولوية في شيء من تحقيقاته فقد شذ في مأوى الهلكات كما ترى من حال بعض الخارجين عن تلك الجادة المستقيمة الناصبين لأنفسهم في معرض التحقيق الجاعلين عقولهم القاصرة من أهل الحل أو العقد في أمور الدين المؤولين لمداليل الكتاب والسنة إلى آراء الأغيار والأجانب فعلى كل من يدخل رياض العلوم الإلهية والمعارف الربانية أن يشكر مساعي هؤلاء الحملة لآثار بيت النبوة النقلة لها إلى من بعدهم من أيتام آل الرسول الذين لولا  نقولهم هذه ما اخضّر للدين عود ولا قام للإسلام عمود ولا بقي أنيس بين الحجون إلى الصفا ولا دمنة تتكلم عن أم أوفى لا أن يبدي لهم نقصا في هذا الشأن كما فعل هذا الفاضل النحرير الذي غاية فخره واعتباره العمل بآثار أهل بيت النبوة والغناء بها عن آراء أهل البدع والمقاييس .

 كتاب الفهرس للشيخ الجليل منتجب الدين أبي الحسن علي بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن على بن الحسين بن بابويه القمي قدس الله أرواحهم والحسين بن علي هذا المذكور أخو الصدوق محمد بن علي فالصدوق عم جد جده الحسن وهذا الشيخ قد أثنى عليه جل من تأخر عنه وقال في كتاب أمل الآمل ( كان فاضلا عالما ثقة صدوقا محدثا حافظا راوية علاّمة له كتاب الفهرست ذكر فيه المشائخ المعاصرين للشيخ الطوسي والمتأخرين إلى زمانه يروي عنه محمد بن محمد بن على الهمداني القزويني ) . هي .

وقد اتفق لهذا الشيخ من رواية الأبناء عن الآباء وهي تعد من قسم المسلسل ستة آباء كل خلف منهم يروي عن سلفه فهو يروي عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه علي بن الحسين بن بابويه القمي وكان  واسع الرواية جدا يروي عن جم غفير من علماء عصره كما يظهر من فهرسه المذكور وقد وقفت على كتابه هذا في العتبة الحسينية على مشرفها السلام والتحية عند بعض الإخوان ولم يحصل عندي منه نسخة غير أن جل ما فيه بل كله منقول في حواشي نسختي من نقد الرجال ففيه غنى عنه في الجملة ولهذا الشيخ أيضا  .

كتاب الأربعين عن الأربعين في مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) كتاب سليم بن قيس الهلالي صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام)  وهو من الأصول المعروفة روى عنه المشايخ الثلاثة وغيرهم بأسانيدهم المتعددة المتصلة إلى آبان بن أبي عياش عنه وروى الكشي عن أبان أنه قرأ على علي بن الحسين (عليهم السلام) فقال صدق سليم  عليه هذا حديثنا تعرفه وفي منتخب البصائر أنه (عليه السلام) قال هذه أحاديثنا صحيحة وقد مر ذكره في الجزء الأول من كتابنا هذا .

وبالجملة قد أثنى على هذا الكتاب جماعة من أعاظم أصحابنا المتقدمين و المتأخرين ، قال النعماني في كتابه الغيبة بعدما أورد عن كتابه أخبارا كثيرة ما هذا لفظه

بحارالأنوار     19]    133     30] باب ما أظهر أبو بكر و عمر من ا

 كتابه أصل من الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت (عليهم السلام) وأقدمها، إلى أن قال : و هو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها وتعول عليها . انتهى .

نقله المجلسي في فتن البحار في باب ما أظهر الرجلان من الندامة عند الموت وقال هو  في مفتتح البحار

بحارالأنوار     32     1    الفصل الثاني في بيان الوثوق على الك

وكتاب سليم بن قيس في غاية الاشتهار وقد طعن فيه جماعة والحق أنه من الأصول المعتبرة .

أقول أصل هذا الطعن ابن الغضائري حيث قال بعد ذكر سليم ( وينسب إليه هذا الكتاب المشهور )  إلى أن قال ( والكتاب موضوع لا مرية فيه وعلى ذلك علامات تدل على ما ذكرناه منها ما ذكر أن محمد بن أبي بكر وعظ أباه عند الموت ومنها أن الأئمة ثلاثة عشر وأسانيد هذا الكتاب تختلف تارة برواية عمر بن أذينة عن إبراهيم بن عمر الصنعاني عن أبان بن أبي عياش عن سليم وتارة يروي عن عمر عن أبان بلا واسطة ) . هي .

وأقول وأما العلامة الأولى فوجه الدلالة فيها أن محمد بن أبي بكر ولد في حجة الوداع على ما ذكره أهل السير وكانت خلافة أبيه سنتين وأشهرا فلا يعقل وعظه أباه بالتفصيل الذي ذكر في ذلك الكتاب وقد دفع هذا القول بعض الأفاضل بأن ما وصل إلينا من نسخ هذا الكتاب رنما فيه أن عبد الله بن عمر وعظ أباه عند الموت . هي .

 أقول الظاهر أن نسخة هذا الفاضل كانت سقيمة وإلا فقد نقل هذه القصة عن الكتاب المذكور جم غفير منهم المجلسي في فتن البحار وغيره من المحدثين وأصحاب الرجال ووقفت أنا أيضا على نسخة عتيقة من الكتاب المذكور عند بعض الأخوان وفيها القصة المذكورة على نحو ما ذكرت من غير تغيير نعم اعتذر عنه المجلسي في البحار على نحو آخر فقال ولعله مما صحف فيه النساخ أو الرواة  أو يقال أن ذلك كان من معجزات أمير المؤمنين (عليه السلام) ظهرت  فيه ثم نقل ما نقلناه عن بعض الأفاضل ثم قال والحق أن بمثل هذا لا يمكن القدح في كتاب معروف بين المحدثين اعتمد عليه الكليني والصدوق وغيرهما من القدماء وأكثر أخباره مطابقة لما روي بالأسانيد الصحيحة في الأصول المعتبرة وقل كتاب من الأصول المتداولة يخلو عن مثل ذلك . هي .

   أقول ويمكن عنه جواب آخر وهو أن ولادة محمد في حجة الوداع ليست من الأمور المتواترة التي لا تقبل التشكيك فغاية الأمر معارضة رواية سليم لتلك الرواية وليس مثل هذا التعارض بين الروايات بأول قارورة كسرت في الإسلام وأما كون الأئمة ثلاثة عشر فهو من غريب النقل فإنا لم نجد ولا وجد أحد من أساطين أصحابنا ممن وقف على الكتاب المذكور منه فيه عينا ولا أثرا بل فيه في عدة مواضع التصريح بكونهم إثنى عشر وعدهم بأسمائهم ولعل هذه الشبهة دخلت عليه من قبل ما فيه من حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)بحارالأنوار     20]    311     30] باب .....  ص : 145

 وإنّ اللّه نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم، ثم نظر نظرة فاختار عليّا أخي ووزيري و وارثي ووصيّي و خليفتي في أمّتي ووليّ كلّ مؤمن بعدي، فبعثني رسولا ونبيّا ودليلا ، وأوحى إليّ أن اتّخذ عليّا أخا ووليّا ووصيّا وخليفة في أمّتي بعدي ، ألا وإنّه وليّ كلّ مؤمن بعدي ، من والاه والاه اللّه ، و من عاداه عاداه اللّه ، و من أحبّه أحبّه اللّه ، ومن أبغضه أبغضه اللّه ، لا يحبّه إلّا مؤمن ، و لا يبغضه إلّا كافر ،  هو ربّ الأرض بعدي و سكنها وفي نسخة هو زرّ الأرض بعدي وسكنها وهو كلمة التقوى ، و عروة اللّه الوثقى أ تريدون أن تطفئوا نور اللّه بأفواهكم وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وفي رواية أخرى وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ويريد أعداء اللّه أن يطفئوا نور أخي وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ، يا أيّها الناس ليبلّغ مقالتي شاهدهكم غائبكم  اللّهمّ اشهد عليهم ، أيّها الناس إنّ اللّه نظر نظرة ثالثة فاختار منهم بعدي اثنا عشر وصيّا من أهل بيتي ، وهم خيار أمّتي وفي نسخة أخرى فجعلهم خيار أمّتي منهم أحد عشر إماما بعد أخي ، واحدا بعد واحد ، كلّما هلك واحد قام واحد به  مثلهم كمثل النجوم في السماء كلّما غاب نجم طلع نجم ، لأنّهم أئمّة هداة مهتدون ، لا يضرّهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم ، بل يضرّ اللّه بذلك من كادهم وخذلهم ، فهم حجّة اللّه في أرضه و شهداؤه على خلقه من أطاعهم أطاع اللّه ومن عصاهم عصى اللّه ، هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم حتّى يردوا عليّ حوضي ، أوّل الأئمّة عليّ خيرهم ، ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين (عليهم السلام) ثم تسعة من ولد الحسين ، و أمّهم ابنتي فاطمة صلوات اللّه عليهم ، ثم من بعدهم جعفر بن أبي طالب ابن عمّي وأخو أخي ، و عمّي حمزة بن عبد المطلب ، أنا خير المرسلين والنبيّين، وفاطمة ابنتي سيّدة نساء أهل الجنّة ، وعليّ وبنوه الأوصياء خير الوصيّين، وأهل بيتي خير أهل بيوتات النبيّين ، وابناي سيّدي شباب أهل الجنّة. أيّها الناس إنّ شفاعتي تنال علوجكم ، أ فتعجز عنها أهل بيتي، ما .هي .

 فإن كان المأخذ هذا ففيه ما فيه مع أن فيه بعد ذلك أول الأئمة أخي علي ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين ..إلخ ) .

وأما الأستاذ في ذلك إلى ما في ترجمة هبة الله بن أحمد من أنه عمل لأبي الحسين بن شيبة العلوي الزيدي كتابا وذكر فيه أن الأئمة ثلاثة عشر مع زيد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) واحتج بحديث في كتاب سليم بن قيس أن الأئمة إثنى عشر من ولد أمير المؤمنين . هي . كما عن بعض أفاضل السادة من أهل الرجال حيث إنه نقل في حاشية كتاب له عن بعض الأفاضل أنه قال : رأيت فيما وصل إلي من نسخة هذا الكتاب أن الأئمة ثلاثة عشر من ولد إسماعيل وهم رسول الله مع الأئمة الاثني عشر ولا محذور فيه فقال في رد ذلك وكانت هذه النسخة موضوعة لأني رأيت في عدة مواضع أن في هذا الكتاب أن الأئمة إثنى عشر من ولد أمير المؤمنين (عليه السلام) منها ما نقله النجاشي في ترجمة هبة الله أحمد . هي . فهو من غريب الاستناد فإن عين الكتاب إذا كذب ما نسب إليه فكيف يسوغ الاعتماد فيه على نقل مثل هبة الله الناطق بهوى نفسه في جعل الأئمة ثلاثة عشر توصلا منه إلى تحصيل التقريب عند الرجل المذكور مع أن مثل هذا الوضع من أبان غير معقول ضرورة أن من يضع مثل ذلك كيف ينقض غزله أنكاثا فيضع في نحو من اثني عشر موضعا منه كون الأئمة اثني عشر بالتصريح الصريح ويعدهم في عدة مواضع بأسمائهم واحدا بعد واحد فلابد من كون ذلك افتراء من هبة الله على الكتاب المذكور أو وضعا لكتاب آخر غير هذا الكتاب المعروف .

وأما نقل غير هبة الله لذلك فلم نجد من ذلك أثر إلا عن ابن الغضائري  أو من صدقه فيه اعتمادا على نقله من غير أن يقف على عين الكتاب وقد عرفت حال ابن الغضائري ومبادرته إلى القول بغير تأمل مرارا لشدة ما له من الحرص على قدح الأبرار وإسقاط كتبهم عن نظر الإعتبار حتى كأن ضعف الرجل عنده أهنى من الماء لدى الظمآن والنوم عند الوسنان يبتغي إليه الوسيلة بكل ما يمكنه من الحيلة فمن الممكن وقوع نظره على ما أسلفناه من الحديث وعدم تأمله في المراد منه أو كون النسخة الموجودة عنده سقيمة أو محرفة ، وأما اختلاف الأسانيد فوقوع الاختلال فيها من سهو الرواة والنساخ غير عزيز و الظاهر أن الموضع منه كما يشهد به السند الواقع في الكافي فإن فيه في باب النص على الاثني عشر في سند الحديث واحد هكذا علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن آبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن  عمر بن أذينةعن أبان بن سليم  . هي . فإنهما صريحان في كون كل من إبراهيم وابن أذينة عن اوين عن آبان بغير واسطة فالظاهر تبديل واو العطف في نسخة الغضائري بين إبراهيم وابن أذينة بلفظة عن كما إن الظاهر وقوع الاختلال في سند الشيخ أيضا إلى هذا الكتاب على ما نقل عن فهرسه حيث قال

الفهرست‏للطوسي          336    81- سليم بن قيس الهلالي .....  ص :

  له كتاب ، أخبرنا به ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن أبي القاسم الملقب بماجيلويه عن محمد بن علي الصيرفي عن حماد بن عيسى  وعثمان بن عيسى عن أبان ابن أبي عياش عنه، ورواه حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عنه عن سليم بن قيس.

وموضع الاختلاف رواية حماد عن أبان بلا واسطة ورواية إبراهيم عن سليم كذلك وإن كان يظهر من النجاشي أيضا رواية إبراهيم عنه بغير واسطة حيث قال له كتاب روى عنه إبراهيم بن عمر اليماني ولكن الكليني أضبط من النجاشي ومن الشيخ ويعضده ما نقله العلامة عن السيد علي بن أحمد العقيقي في حديث فرار سليم عن الحجاج بن يوسف و إيواء ابن عياش إياه ، إلى أن قال : وأعطاه كتابا لم يرو عن سليم بن قيس أحد من الناس سوى أبان  .هي.  فلو كان إبراهيم ممن يرويه عن سليم بغير واسطة لما كان لهذا القول وجه فتلخص من جميع ما ذكر أن الكتاب المذكور من الكتب المعتبرة والأصول المعتمدة ينبغي التعويل عليه ، وأن قول من غمز فيه ساقط لا يلتفت إليه وقد أجاد بعض أفاضل علماء الرجال في هذا الباب حيث قال لا يخفى أن أصل طعنه يعني كتاب سليم من الغضائري وفيه ما مر مرارا ولو حكمنا بالطعن لطعنه لما سلم جليل من الطعن . هي .

 هذا وترجم العلامة في خلاصة سليما هذا بضم السين والظاهر أن مراده به تصغير والمشهور في الألسنة التكبير فيه كأمير والله أعلم .

 كتاب عيون الأخبار نقل عنه البرسي حديثا أخرجناه في معاجز أمير المؤمنين والظاهر أن المراد به تأليف عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري العامي المعروف المشهور من علمائهم يروي عن إسحاق بن راهويه وأبي حاتم السجستاني و من في طبقتهما قال بن شهر آشوب في ذكر سنده إليه : إسناد المعارف وعيون الأخبار وغريب الحديث وغريب القرآن عن الكرماني عن أبيه عن جده عن محمد بن يعقوب عن أبي بكر المالكي عن عبد الله بن مسلم بن قتيبة . هي .

 وكانت ولادته على ما في تاريخ ابن خلكان سنة ثلاثة عشر ومائتين وتوفي سنة سبعين وقيل إحدى وسبعين وقيل ستة وسبعين ومائتين .

 كتاب تفسير الثعلبي وهو أبو إسحاق أحمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري والثعلبي لقب له لا نسب وكان كثير الحديث كثير الشيوخ صحيح النقل موثوقا به عند العامة توفى سنة سبع وعشرين وقيل ثلاثين وأربعمائة ، ومن خرافات العامة في هذا الباب ما نقلوه عن أبي القاسم القشيري الذي مر ذكره أنه قال :  رأيت رب العزة عز وجل في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه فكان في أثناء ذلك أن قال الرب تعالى اسمه أقبل الرجل الصالح فالتفت فإذا أحمد الثعالبي مقبل . هي . نقله ابن خلكان في تاريخه ساكتا عليه .

وأقول إن كان القشيري صادقا في رؤياه فقد رأى العزى وإلا فرب العزة تعالى شأنه ليس بجسم حتى يرى في المنام وقد ورد في أخبارنا عن أحد أئمتنا (عليهم السلام) أنه سئل عن رجل يرى الله سبحانه كثيرا في المنام فقال (عليه السلام) ( ذاك رجل لا دين له ) . هي .

 أقول والوجه فيه ظاهر بأن من لا يجوّز الرؤية على الله حال اليقظة ويعتقده شيئا مصورا لا يدعي رؤيته إياه في المنام بذلك المثال فافهم ويتلو هذه الخرافة ما نقله ابن خلكان أيضا عن تاريخ  بغداد أن سريح بن يونس المروري الزاهد رأى الباري تعالى في المنام وحادثه وقال له في الآخر بالعجمية : أي سريح طلب كن فقال سريح يا خدا سر بسر قالها ثلاثا . هي . فانظر أيها الناظر في خرافات هؤلاء الحمقاء المدعين العقول واضحك طول المدى على عقولهم الضعيفة وأحلامهم السخيفة .

 كتاب كنز الواعظين للفاضل المحدث الصالح المولى محمد صالح القزويني ˜ وكان من فضلاء المعاصرين ولم ننقل عن هذا الكتاب إلا حديث بئر العلم وهو مما كتب به إلي بعض أفاضل ثقاة إخواني المعاصرين وفّقه الله تعالى من الرين عن الكتاب المذكور .

التوقيف الثالث في ذكر ما لنا من الطرق إلى أصحاب هذه الكتب وليعلم أولا أن الكتب و المؤلفات التي قد علم انتسابها إلى مؤلفيها على سبيل القطع لا تحتاج إلى اتصال السند إليها كما نبه عليه جماعة من أصحاب التحقيق مثل الكتب الأربعة الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار ، والجوامع الثلاثةالوافي والوسائل والبحار وكل ما يقرب من درجتها في الاشتهار كما يدل عليه صريحا ما رواه محمد بن يعقوب في الكافي في باب رواية الكتب والحديث عن محمد بن يحيى بإسناده عن أحمد بن عمر الحلال قال قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول اروه عني يجوز لي أن أرويه عنه قال فقال  : ( إذا علمت أن الكتاب له فاروه عنه ) . هي . و العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المورد فالغاية باتصال السند إلى بعض الكتب إنما هو مجرد التيمن والتبرك ووصل حبل الإستناد بسلسلة الشيخ والإسناد ولا سيما إذا كانت السلسلة منتهية إلى أهل بيت النبوة والولاية وأعلام الفتوى والهداية صلوات الله عليهم وعلى أشياعهم وأتباعهم أجمعين ، وأما سائر ما ليس بهذه المثابة من الكتب فلابد في الرواية عنها مسندا لها إلى أربابها من اتصال السند إليها بأحد طرق التحمل وأعمها الإجازة العامة لجميع ما صح عند المجيز وعند من أجازه وهكذا متراميا إلى أن ينتهي إلى المبدء ، ثم ليعلم أن لنا إلى آثار السلف طرقا كثيرة تطول هذه الخاتمة باستقصائها فلنكتفي منها ببعض ما يؤدى به المقصود فنقول ومن الله العناية و التسديد  :

أما أسانيدي إلى من رويت عنهم في هذا الكتاب فقد صح  لي إسنادي إلى والدي الأمجد العلام والبحر الخضم القمقام عماد الدين والملة وسناد الحكماء والفقهاء الأجلة حجة الإسلام محمد بن الحسين التبريزي الممقاني أعلى الله مقامه ورفع في الفردوس أعلامه بسماعي عنه شفاها ولقد كنت منذ عرفت اليمين من اليسار ملازما لخدمته في الحضر والأسفار ألتقط من درر إفاداته الشافية وأستفيد من غرر بياناته الوافية ، واشتغلت بالقراءة عليه في الأصوليين الحكمة الإلهية الشرعية والأصول الفقهية الفرعية قراءة تحقيق وتدقيق وأنا ابن سبع عشرة سنة وكنت على ذلك زمان إلى أن عاقته عن ذلك حوادث الزمان وبوائق الدهر الخوان حتى قضى نحبه ولقي ربه وذلك ليلة الجمعة لسبع خلون من صفر سنة تسع وستين ومائتين بعد الألف وأنا إذ ذاك ابن إحدى وعشرين سنة تقريبا لأني ولدت يوم الأحد ثاني عشر جمادى الأولى من سنة ثمان وأربعين ومائتين بعد الألف ولم يتفق لي الاستجازة العامة منه  وكان التسويف مني وهو قدس الله روحه يروي سماعا وقراءة وإجازة عن شيخه الأفخم وأستاذه الأعظم شيخ المتألهين مولانا الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي أنار الله برهانه ورفع في موقف القدس شأنه وهو آخر أساتيذه الذي عليه تخرج ونسخة إجازته له  موجودة عندنا بخطه الشريف .

 وأما إسنادي إلى شرح الزيارة وسائر كتب شيخ المتألهين الإحسائي أنار الله برهانه مضافا إلى ما أخبر والدي بكثير منها سماعا فهو ما أخبرني إجازة عدة من ثقاة المشايخ الأعلام منهم الشيخ الورع ، السند والبدل النحرير ، المعتمد عيبة العلم والعمل وطود الحلم والفضل الجلل ، أورع أهل زمانه وأصدقهم لهجة في أوانه المؤيد بتأييد الله الجلي والخفي الشيخ أحمد بن الحسين المدعو بشكر النجفي قدس الله روحه ونور ضريحه في داره بمشهد الغري صلوات الله على مشرفه صبيحة يوم الاثنين لثمان خلون شرعا من شهر جمادى الآخر من سنة تسع وسبعين ومائتين بعد الألف .

 ومنهم الشيخ العلام والحبر الفهّام أويس عصره وفريد دهره نادرة الكون والعين ، عين الإنسان وإنسان العين العالم العامل الإلهي مولانا الحسين بن علي الخسروشاهي تغمده الله برضوانه وأسكنه بحبوحة جنانه في بلدتنا تبريز صانها الله عن التهريز لثمان ليال خلون من شهر جمادى الأولى من سنة إحدى وثمانين ومائتين بعد الألف .

ومنهم الشيخ السديد والحبر الوحيد والحكيم الماهر والنحرير الفاخر شيخي وأستاذي ومن إليه في كثير من العلوم استنادي المولى الأواه الحليم علي بن رحيم الخوئي الحائري مسكنا ومدفنا أولاه الله رضوانه ورفع في الرفيق الأعلى مكانته ومكانه في داره بمشهد الحسين (عليه السلام) يوم السبت لثمان خلون من شعبان سنة ثمان وسبعين ومائتين بعد الألف كلهم جميعا عن السيد الأعظم والطود المنيع الأفخم قوام الملة والدين أنموذج سلفه الطاهرين ناموس الدهر وتاج العز والفخر بالتأييد الرباني والمسدد بالتسديد السبحاني حجة الأكابر والأعظم مولانا السيد كاظم الرشتي الحائري أعلى الله مقامه ورفع في الخلد أعلامه والشيخ المؤيد المؤتمن وحيد الدهر وفريد الزمن أغلوطة الدهر ونادرة العصر النحرير المتبحر العلام والحكيم المتوغل القمقام المولى الأفخر والبدر الأزهر الحسن بن على الشهير بگوهر قدس الله زاكي تربته وأسكنه بحبوحة جنته كلاهما عن شيخهما الأعظم وأستاذهما الأفخم الناموس الإلهي الكبريائي الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي قدس الله روحه جمع مقرراته ومسموعاته وما جرى به قلمه وحرره كلمه لا سيما شرح الزيارة الجامعة الكبيرة الذي هو من أعظم مصنفاته حينئذ .

 ومنهم حضرة المولى الأفخم وطود الفضل الأشم فاتح كنوز الحقيقة وشارح رموز الشريعة والطريقة مفخر الفقهاء الأساطين جمال الحق والملة والدين أخي الأكبر الأمجد العلام حجة الإسلام الحسين بن محمد بن الحسين الشريف أدام الله ظلاله على رؤوس البرية وشيد بوجوده قواعد الملة السنية عن عدة من المشايخ الأجلة منهم بعض من ذكرت من مشايخي .

ومنهم العلم العلامة والحبر الفهامة محقق الفروع والأصول وجامع المعقول والمنقول العارف الكامل الملي مرتضى بن عبد علي المدعو بعلم الهدى قدس الله تربته الزكية وحشره مع الأئمة المهدية عن شيخه وأستاذه شيخ المتألهين الإحسائي  سماعا وقراءة وإجازة بجميع ما ذكر .

ومنهم علامة دهره وفهامة عصره جامع العلوم العقلية وحائز الرسوم النقلية طود العلم الباذخ وعماد الفضل الراسخ محور رحى التحقيق ومركز دائرة التدقيق المؤيد بالتأييد السبحاني الحسين بن علي أكبر المدعو بمحيط الكرماني مولدا والحائري مسكنا ومدفنا تغمده الله بغفرانه وأسكنه في غرف جنانه عن شيخه وأستاذه السيد السند الأعظم مولانا السيد كاظم الرشتي المتقدم عن شيخه المذكور .

إسناد لؤلؤة البحرين عن شيخ المتألهين الإحسائي المذكور عن السيد السند العلامة والنحرير المؤيد الفهامة نخبة السابقين ومفخر آل طه ويس بحر العلم الذي لا يساحل وطود المجد الذي لا يطاول موضح الشريعة والطريقة بل محييها في الحقيقة السيد المهتدي محمد بن مرتضى المدعو بالسيد المهدي الطباطبائي الشهير ببحر العلوم والشيخ الأمجد العارف بلا مين وأغلوطة الكون والعين الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن أحمد بن إبراهيم البحراني الشهير بآل عصفور ، والسيد السند المعتمد الرباني الأميرزا مهدي الشهرستاني والشيخ الأمجد المؤيد بالتأييد السبحاني الشيخ أحمد بن الشيخ حسن البحراني الدمستاني كلهم عن الشيخ المحقق المحدث الكريم الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم البحراني تغمده الله برحمته مع سائر مؤلفاته ومروياته .

إسناد مشكاة الأسرار عن الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم المذكور عن السيد الأواب عبد الله بن السيد علوي البلادي البحراني عن السيد الأجل الفاخر الأمير محمد حسين بن الأمير محمد صالح و الشيخ الجليل الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري أصلا والنجفي مسكنا ومدفنا كلاهما عن الشيخ أبي الحسن الشريف بن محمد طاهر بن عبد الحميد النباطي العاملي النجفي (ح) وعن بحر العلوم المذكور عن شيخه العلامة الشيخ محمد مهدي الفتوني عنه .

 إسناد الوسائل وسائر كتب الشيخ الحر العاملي عن الشيخ أبو الحسن الشريف المذكور عنه (ح) وعن بحر العلوم عن السيد الكريم السيد حسين بن إبراهيم القزويني عن السيد نصر الله بن الحسين الموسوي الحائري عن السيد عبد الله بن السيد نور الدين بن السيد نعمة الله الجزائري عن أبيه السيد نور الدين عنه (ح) وعن الشيخ الأجل الإحسائي المذكور عن الشيخ محمد بن الشيخ حسين بن أحمد بن عبد الجبار القطيفي عن أبيه الشيخ حسين عن الشيخ عبد علي بن أحمد بن إبراهيم أخي صاحب الحدائق عن الشيخ عبد الله بن علي البلادي عن الشيخ محمود بن عبد السلام عنه (ح) وبالأسانيد الآتية ذكرها إن شاء الله عن مولانا محمد باقر المجلسي  عنه .

إسناد غاية المرام وسائر كتب السيد التوبلي بالأسانيد المذكورة وغيرها عن الشيخ محمود بن عبد السلام المذكور عنه (ح) وعن شيخنا الأجل الإحسائي عن الشيخ الجليل الشيخ أحمد بن الشيخ محمد بن أحمد البحراني ابن أخي صاحب الحدائق عن عمه الشيخ عبد علي بن أحمد البحراني عن الشيخ الأجل الشيخ سليمان الماحوزي صاحب البلغة والمعراج عنه (ح) وعن الشيخ محمد بن الحسين بن عبد الجبار القطيفي السابق ذكره عن أبيه الشيخ حسين والشيخ يحيى بن محمد بن عبد علي كلاهما عن الشيخ الجليل الشيخ حسين الماحوزي البحراني عن الشيخ سليمان المذكور عنه (ح) وعن الشيخ حسين بن الشيخ محمد آل عصفور السابق وهو الذي أجازه في اللؤلؤة عن أبيه الشيخ محمد وعمه الشيخ عبد علي وعمه الشيخ يوسف البحراني كلهم عن الشيخ حسين الماخوري المذكور بسنده المذكور عنه .

إسناد الأنوار النعمانية بالأسانيد السابقة عن الشيخ أبي الحسن الشريف صاحب مشكاة الأسرار عنه (ح) وبالإسناد السابق عن ولده السيد نور الدين عنه (ح) وعن الشيخ حسين القطيفي السابق عن الشيخ ناصر بن محمد الجارودي عن الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي صاحب الصحيفة العلوية المعروفة عن الشيخ محمد بن يوسف بن كنبار النعمي عنه .

إسناد بحار الأنوار وسائر كتب المجلسي بإسنادنا عن شيخ المتألهين أحمد بن زين الدين الإحسائي عن السيد السند والحبر المعتمد علامة زمانه وأوحد دهره وأوانه رئيس الملة وسناد الأجلة جامع شرفي العلم والسيادة السيد علي بن محمد علي الطباطبائي الحائري مسكنا ومدفنا تغمده الله برحمته وأسكنه بحبوحة جنته صاحب الرياض وهو أحد أساتيذ والدي العلام  عن خاله وأستاذه الشيخ الفاخر والكوكب الزاهر مجمع المعالي والمفاخر ومفخر الأوائل  والأواخر الشيخ الأجل الأنبل محمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني تغمده الله بغفرانه عن والده المذكور عن الشيخ المجلسي قدس الله روحه (ح) وعن شيخنا الإحسائي المذكور عن الشيخ الفقيه والحبر النبيه البدر الأزهر والعلم الأفخر الشيخ جعفر بن الشيخ خضر النجفي مسكنا ومدفنا جد أستاذي الفقيه النبيل المهتدي الشيخ مهدي بن الشيخ على النجفي حشره الله مع الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) عن شيخه وأستاذه الآغا محمد باقر المذكور آنفا بسنده المذكور عنه (ح) وبأسانيدنا السابقة عن سيد الأعاظم مولانا السيد كاظم الرشتى السابق ˜ والمولى الأفخر حسن بن على الشهير بگوهر ˜ كلاهما عن الشيخ الأعظم علم الأعلام وعلامة علماء الإسلام وحيد عصره وفريد دهره المؤيد بلطف الله الجلي والخفي الشيخ موسى بن المبرور الشيخ جعفر النجفي المذكور ، والسيد العلاّمة والفاضل الفهّامة سالك مسالك التحقيق  ومالك أزمة التدقيق بالنظر الدقيق ومقرّب مقاصد الشريعة من كل فج عميق السيد السند الأواه السيد عبد الله الكاظمي المدعو بشبر والعالم العامل والفاضل الكامل ذي المناقب الباهرة والمزايا الفاخرة المولى الولي المولى علي الرشتي كلهم جميعا عن الشيخ الأفخر الشيخ جعفر النجفي المذكور آنفا (ح) وعن علم الهدى مرتضى بن عبد علي السابق إجازة عن الشيخ السند الورع المفضال الشيخ خضر النجفي المعروف بآل شلال عن الشيخ جعفر المذكور والسيد الجليل الملي السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ح) وعن علم الهدى المذكور بحق إجازته عن الشيخ الفقيه الماهر الشيخ محمد حسن بن محمد باقر النجفي صاحب الجواهر عن شيخنا الأجل العلام الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي السابق  وشيخه الأفخر الشيخ جعفر النجفي  السابق والسيد العلامة السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة كلهم عن السيد السند بحر العلوم قدة عن الأمير سيد حسين بن السيد أبي القاسم جعفر بن حسين الحسيني الموسوي الخوانساري عن الشيخ محمد صادق التنكابني عن المجلسي (ح) وعن الحسن بن علي الشهير بگوهر عن الشيخ الورع الفقيه المؤتمن علامة علماء الزمن النحرير القمقام الشيخ حسن بن الشيخ حسين آل عصفور البحراني السابق عن أبيه الشيخ حسين عن عمه الشيخ يوسف البحراني عن العلم العلامة المولى محمد رفيع بن الفرج الجيلاني مجاورا للمشهد الرضوي عن المجلسي (ح) وبجميع الأسانيد السابقة عن الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي والشيخ أبي الحسن الشريف العاملي والسيد نعمة الله الجزائري والشيخ سليمان الماحوزي والشيخ محمد بن يوسف النعمي والأمير محمد حسين بن الأمير محمد صالح كلهم عن المجلسي بغير واسطة (ح) وبإسناد بحر العلوم عن السيد حسين القزويني السابق عن أبيه السيد الحكيم السيد إبراهيم بن السيد معصوم عن المجلسي (ح) وعن السيد نصر الله بن الحسين الحائري السابق عن الشيخ محمد باقر المكي  عن السيد الأمجد العلامة المحقق المدقق الفهامة بحر المكارم والفضائل ومفخر الأواخر والأوائل السيد علي خان بن نظام الدين الشيرازي صاحب شرح الصحيفة عن المجلسي والإسناد بينهما مدبّج لأن المجلسي أيضا يروي عنه بالإجازة كما هو بين المجلسي وبين الشيخ الحر العاملي .

إسناد كتب الشيخ الأجل الأعظم الورع المتقي الشيخ محمد تقي المجلسي جميع هذه الأسانيد عن ولده المجلسي عنه (ح) وعن الآغا محمد باقر البهبهاني عن أبيه عن الشيخ الفاضل الأميرزا محمد بن الحسن الشيرواني والشيخ الفقيه الشيخ جعفر القاضي والشيخ المحقق جمال الدين محمد الخونساري كلهم عن الشيخ التقي المذكور .

إسناد المنتخب عن السيد العلامة السيد هاشم التوبلي عن الشيخ فخر الدين بن طريح النجفي مؤلفه (ح) وعن الشيخ أبي الحسن الشريف عن الشيخ عبد الواحد بن محمد البوداني عنه (ح) وعن الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري السابق عن الشيخ صفي الدين ولد المؤلف عنه .

إسناد الوافي وسائر كتب الفيض عن المولى محمد باقر المجلسي عن مؤلفها محمد بن مرتضى المدعو بمحسن الفيض القاشاني  .

إسناد تلخيص المقال عن المجلسي والشيخ فخر الدين بن طريح والسيد نعمة الله الجزائري كلهم عن الأمير شرف الدين علي عن مؤلفه الأميرزا محمد ابن علي الاسترابادي (ح) وعن محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب الوسائل عن الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن بن زين الدين سبط الشهيد الثاني عن المولى محمد أمين الاسترابادي الإخباري صاحب الفوائد المدنية وهو أول من فتح باب التشنيع على كثير من العلماء وقسم الشيعة إلى إخباري وأصولى عن الأميرزا محمد المذكور .

إسناد الرواشح عن الشيخ محمد تقي المجلسي عن مؤلفه الأمير محمد باقر بن محمد الداماد وقد كان أبوه صهر الشيخ علي بن عبد العالي الكركي فالداماد لقب لأبيه وقد اشتهر هو به (ح) وعن المحسن الفيض عن شيخه صدر الدين محمد الشيرازي المدعو بصدرا عنه .

إسناد مفتاح الفلاح والأربعين وسائر كتب البهائي عن الشيخ محمد تقي المجلسي ومحسن الفيض وصدر الدين الشيرازي والشيخ زين الدين سبط الشهيد الثاني والأمير شرف الدين علي كلهم عن الشيخ بهاء الملة والدين محمد بن الحسين العاملي (ح) وعن الشيخ محمد باقر المجلسي مضافا إلى الأسانيد المذكورة عن الشيخ المقدس المولى محمد صالح المازندراني صاحب شرح الكافي وحاشية المعالم والشيخ الأثيل المولى خليل القزويني وله أيضا شرح على الكافي والشيخ الفاضل محمد رفيع النائيني ˜ والشيخ محمد الرويدشتي وغيرهم من الأفاضل عن شيخنا البهائي المذكور (ح) وعن فخر الدين الطريحي عن الشيخ محمود بن حسام المشرفي الجزائري عنه (ح) وعن الشيخ سليمان الماحوزي المتقدم عن الشيخ سليمان بن علي الشاخوري عن الشيخ علي بن سليمان القدمي وهو أول من نشر مذهب الإخباريين وأسسه في البحرين عن شيخه البهائي وهذا السند من أعلى الأسانيد من جهة قلة الواسطة ويساويه في العلو سند الشيخ يوسف البحراني عن المولى رفيعا عن  المجلسي وقد تقدم .

إسناد منتقى الجمان بالأسانيد المتقدمة عن الأمير شرف الدين علي المتقدم عن الأمير فيض الله التفريشي عن مؤلفه الشيخ حسن بن زين الدين العاملي .

 إسناد حديقة الشيعة عن الشيخ حسن بن زين الدين المذكور عن شيخه أحمد بن محمد الأردبيلي (ح) وعن عدة من مشايخ المجلسي منهم أبوه التقي والشيخ محمد الرويدشتي والمولى حسن علي التستري والمولى محمد رفيع النائيني والأمير شرف الدين علي كلهم عن الشيخ الجليل المولى عبد الله التستري عنه .

إسناد دراية الشهيد وسائر مؤلفاته عن البهائي عن أبيه الشيخ حسين بن عبد الصمد عن الشيخ الأجل زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي المدعو بابن الحجة المعروف بالشهيد الثاني (ح) وعن ابنه الشيخ حسن عن عدة من مشايخه منهم السيد علي الصائع العاملي ومنهم السيد علي بن أبي الحسن العاملي  أبي صاحب المدارك ومنهم أحمد بن سليمان العاملي ومنهم الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي المذكور كلهم عنه .

إسناد عدة الداعي عن الشيخ حسين بن عبد الصمد المتقدم عن الشهيد الثاني والسيد حسين بن السيد جعفر الكركي كلاهما عن الشيخ الأجل الشيخ علي بن عبد العالي الميسي عن شيخه المحقق علي بن عبد العالي الكركي الشهير بالمحقق الثاني (ح) وعن الأمير محمد باقر الداماد عن خاله الشيخ عبد العالي الكركي عن أبيه الشيخ علي المذكور عن الشيخ علي بن هلال الجزائري عن الشيخ أحمد بن فهد الأسدي الحلي .

إسناد المجلي عن البهائي عن السيد حسين بن السيد حيدر الكركي مروج فقه الرضا عن الشيخ نور الدين محمد بن حبيب الله عن السيد مهدي بن السيد محسن الرضوي عن أبيه عن مؤلفه الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن أبي جمهور الإحسائي .

إسناد كتب العلامة عن الشيخ علي بن عبد العالي الميسي عن محمد بن محمد بن داوود المؤذن الجزيني عن الشيخ ضياء الدين علي عن أبيه الأجل محمد بن مكي المعروف بالشهيد الأول عن السيد عميد الدين عبد المطلب والسيد ضياء الدين عبد الله ابنَي أبي الفوارس والسيد علي بن محمد بن زهرة الحلبي كلهم عن جمال الملة والدين العلامة قدس الله سره (ح) وعن أحمد بن فهد الحلي عن علي بن يوسف النيلي عن فخر المحققين محمد بن الحسن عن أبيه العلامة وعن محمد باقر المجلسي عن الأمير شرف الدين علي المتقدم عن الشيخ إبراهيم بن علي بن عبد العالي الميسى عن الشيخ علي بن عبد العالي الكركي عن علي بن هلال الجزائري عن ابن فهد عن علي بن يوسف النيلي عن فخر المحققين عن العلامة وهذا أيضا من أعلى الأسانيد .

إسناد العدد القوية عن السيد عميد الدين وفخر المحققين عن علي بن يوسف بن المطهر .

إسناد فرحة الغري الراوية عن الشهيد الأول عن السيد تاج الدين محمد بن بن القاسم بن معية الديباجي عن السيد علي بن عبد الكريم بن أحمد بن طاووس عن أبيه عبد الكريم بن طاووس .

إسناد شرح النهج عن العلامة وعبد الكريم بن طاووس عن الشيخ ميثم البحراني .

إسناد رجال تقي الدين حسن بن داوود عن الشهيد الأول عن الشيخ علي بن أحمد بن طراز وعلي بن أحمد المزيدي عنه .

إسناد كتب رضي الدين علي بن طاووس عن العلامة والسيد عبد الكريم بن طاووس عنه (ح) وعن الشهيد الأول عن الشيخ علي بن أحمد المزيدي عن شمس الدين محمد بن أحمد بن صالح عنه .

إسناد مستطرفات السرائر عن العلامة وعبد الكريم بن طاووس وتقي الدين بن داوود عن الشيخ الأجل نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد المحقق الحلي عن نجيب الدين محمد بن جعفر بن محمد بن نما الحلي عن محمد بن إدريس العجلي الحلي (ح) وعن الشهيد الأول عن الشيخ  حسن بن نما ينسب إلى جده الأعلى عن أبيه أحمد بن نما عن أبيه جعفر بن نما صاحب مثير الأحزان عن أبيه محمد بن نما المتقدم عنه .

إسناد كشف الغمة لعلي بن عيسى الأربلي بأسانيدنا عن العلامة عنه .

إسناد أربعين ابن زهرة عن العلّامة عن المحقق نجم الدين وابن عمه نجيب الدين يحيى سعيد الحلي عن محيي الدين محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي .

إسناد السلطان المفرج عن أهل الإيمان عن السيد تاج الدين بن معية الديباجي المتقدم عن السيد علي بن عبد الحميد الموسوي .

إسناد الفضائل والروضة عن السيد علي بن عبد الحميد المذكور آنفا عن أبيه عبد الحميد بن فخار عن أبيه فخار بن معد بن فخار الموسوي عن شاذان بن جبرائيل القمي (ح)  وعن المحقق والسيدين الجليلين رضي الدين علي وجمال الدين أحمد ابني طاووس عن السيد فخار المذكور عنه .

إسناد الخرائج والدعوات وقصص الأنبياء عن العلّامة وأخيه علي بن يوسف والسيد عبد الكريم بن طاووس كلهم عن سديد الدين يوسف بن المطهر أبي العلامة عن الشيخ حسين بن ردة عن أحمد بن علي بن عبد الجبار الطبرسي عن قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي (ح) وعن شمس الدين محمد بن أحمد بن صالح المتقدم عن أبيه أحمد بن راشد بن إبراهيم البحراني عن القاضي علي عن ابن عبد الجبار عنه (ح) و بالأسانيد الآتية عن ابن شهر آشوب عنه وإن كان الأخير للسيد فضل الله الراوندي وبإسنادنا إليه عن العلامة عن الحكيم المحقق والفيلسوف المدقق نصير الملة والدين محمد بن محمد الطوسي عن أبيه محمد عن السيد فضل الله المذكور (ح) وعن أحمد بن صالح المذكور آنفا عن الراشد بن إبراهيم المذكور وقوام الدين محمد بن محمد البحراني عنه .

إسناد بشارة المصطفى عن شاذان بن جبرائيل المتقدم عن مؤلفه محمد بن أبي القاسم الطبري (ح) وعن السيد محيي الدين زهرة الحلبي و السيد فخار بن معد المتقدمين عن يحيى بن بطريق الأسدي صاحب كتاب العمدة وغيره عنه (ح) وعن قطب الدي الراوندي صاحب الخرائج عنه .

إسناد فهرس منتجب الدين عن نصير الدين محمد الطوسي المتقدم عن برهان الدين محمد بن محمد القزويني عنه (ح) وعن رضي الدين وجمال الدين ابنَي طاووس عن محمد بن المعد الموسوي عن برهان الدين المذكور عنه .

إسناد مجمع البيان والجوامع وأعلام الورى وسائر مؤلفات الطبرسي عن ابن شهر آشوب والشيخ منتجب الدين وبرهان الدين محمد القزويني المتقدم آنفا كلهم عن الشيخ أبي علي الطبرسي (ح) وعن الشيخ حسن بن الردة المتقدم عن ولده الحسن بن فضل الطبرسي مؤلف مكارم الأخلاق عن أبيه أبي علي .

إسناد كنز الفوائد ومعدن الجواهر عن شاذان بن جبرئيل القمي عن الشيخ ريحان بن عبد الله عن أبي الفتح محمد بن عثمان الكراجكي (ح) وعن منتجب الدين عن أبيه عبيد الله عن أبيه الحسن عنه .

إسناد الاحتجاج عن ابن شهر آشوب عن أحمد بن أبي طالب الطبرسي .

 إسناد أمالي أبي علي بن شيخ الطائفة وسائر مروياته عن جماعة كثيرة منهم أبو علي الطبرسي والسيد فضل الله الراوندي ومحمد بن أبي القاسم الطبري صاحب بشارة المصطفي كلهم عن أبي علي الحسن بن محمد الطوسي (ح) وعن ابن شهر آشوب عن جم غفير منهم علي ومحمد ابنا عبد الصمد النيسابوري وأبوه علي بن شهر  آشوب والشيخ عبد الجليل بن عيسى الرازي والشيخ محمد بن الحسن الشوهاني ومحمد بن علي الحلبي والداعي بن علي الحسيني وأحمد بن علي الرازي كلهم جميعا عن أبي علي المذكور (ح) وعن فخار بن معد الموسوي عن محمد بن إدريس صاحب السرائر وقد تقدم عن السيد أبي المكارم حمزة بن زهرة الحلبي صاحب الغنية عن الشيخ محمد بن الحسن النقاش عنه (ح) وعن ابني إدريس عن الشيخ عربي بن مسافر العبادي عن إلياس بن هشام الحائري عنه (ح) وعن نجيب الدين يحيى بن سعيد ابن عم المحقق وشمس الدين محمد بن أحمد بن صالح المتقدمين عن الشيخ محمد بن أبي البركات المشهدي عن الحسين بن هبة الله بن رطبة السوراوي  عنه وإنما أكثرنا الإسناد إلى هذا الشيخ لكون أكثر الأسانيد إلى شيخ الطائفة منتهية إليه .

إسناد بستان الكرام عن السيد فضل الله والشيخ منتجب الدين المتقدمين عن أبي تراب المرتضى بن الداعي .

إسناد رجال النجاشي عن ابن شهر آشوب و السيد فضل الله وقطب الدين الراوندي عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معد الحسيني عن أبي العباس أحمد بن علي النجاشي .

إسناد غيبة النعماني عن النجاشي المذكور عن محمد بن علي الشجاعي عن محمد بن إبراهيم النعماني .

إسناد شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي  بالأسانيد المتقدمة عن ولده أبي علي الحسن عنه (ح) وبالأسانيد المتقدمة عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معد الحسيني عنه (ح) وعن منتجب الدين عن السيد ابن الجليلين السيد مجتبى وأبي تراب المرتضى ابنَي الداعي الحسيني عنه (ح) وعن منتجب الدين عن أبيه عبيد الله عن أبيه الحسن عنه (ح) وعن أبي علي الطبرسي والسيد فضل الله بن علي الراوندي وعلي بن شهر آشوب  ومحمد بن الحسن الشوهاني ومحمد بن علي الحلبي وأحمد بن علي الرازي والداعي بن علي الحسيني والشيخ عبد الجليل بن عيسى الرازي وعلي ومحمد ابنَي عبد الصمد النيسابوري والقاضي علي بن عبد الجبار كلهم عن الشيخ الجليل أبي الوفا عبد الجبار المقري عن الشيخ أبي جعفر الطوسي المذكور (ح) وعن ابن شهر آشوب عن الشيخ الجليل أبي الفتوح حسين بن علي الرازي الخزاعي صاحب تفسير روض الجنان والشيخ محمد بن الفضل الطبرسي والشيخ مسعود بن علي الصوابي والحسين بن أحمد بن الطحال المقدادي كلهم عن الشيخ عبد الجبار بن علي المقري المذكور عنه (ح) وعن ابن شهر آشوب أيضا عن جده شهر آشوب والمنتهى ابن أبي زيد بن كبابكي الحسيني الجرجاني ومحمد بن الحسن الفتال النيسابوري عنه (ح) وعن رضي الدين و جمال الدين ابنَي طاووس وسديد الدين يوسف بن المطهر مع سائر الأسانيد السابقة كلهم عن نجيب الدين محمد بن جعفر بن نما المتقدم عن أبيه جعفر بن نما عن أبيه محمد بن نما عن الحسين بن أحمد بن الطحال المقدادي المذكور عن أبي علي حسن ولد الطوسي وعبد الجبار المقري عنه .

إسناد روضة الواعظين عن ابن شهر آشوب عن مؤلفه محمد بن الحسن الفتال .

إسناد السيد الأجل علي بن حسين المرتضى  بالأسانيد المذكورة عن الشيخ الطوسي عنه (ح) وعن الشيخ عبد الجبار المقري المذكور وشاذان بن جبرئيل القمي عن الشيخ الأجل جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي عنه (ح) وعن السيدين المجتبى والمرتضى ابنَي الداعي المتقدمين ومحمد بن عثمان الكراجكي عنه (ح) وعن شمس الدين محمد بن صالح المتقدم عن السيد رضي الدين محمد عن أبيه محمد عن أبيه محمد عن أبيه زيد عن أبيه الداعي الحسيني عن أبي الصلاح تقي بن  نجم الحلبي صاحب تقريب المعارف عنه (ح) وعن ابن شهر آشوب وسائر الأسانيد المتقدمة وعن السيد أبي الصمصام ذي الفقار المتقدم عن أبي عبد الله محمد بن علي الحلواني عنه .

إسناد نهج البلاغة والخصائص وسائر كتب الرضي أخي المرتضى عن السيد أبي الصمصام بسنده المذكور عنه (ح) وعن الداعي الحسني عنه (ح) وعن ابن شهر آشوب عن السيد المنتهى ابن أبي زيد عن أبيه عنه .

إسناد الشيخ الأجل محمد بن محمد بن نعمان المفيد  عن الشيخ المرتضى والرضي كلهم عنه (ح) وعن الداعي الحسني المذكور آنفا عن أبي يعلي سلار بن عبد العزيز عنه (ح) وعن ابن شهر آشوب عن أبي جعفر وأبي القاسم ابنَي كميح عن أبيهما عن القاضي عبد العزيز بن البراج عنه (ح) وعن جعفر بن محمد الدوريستي والسيد أبي الصمصام ذي الفقار وأبي العباس أحمد النجاشي كلهم عنه .

إسناد أبي جعفر محمد بن بابويه  عن المفيد عنه (ح) وعن الشيخ عن شيخه الحسين بن عبيد الله الغضائري عنه (ح) وعن ابن شهر آشوب وعن محمد وعلي ابنَي عبد الصمد النيسابوري عن أبيهما عن أبي البركات علي بن الحسين الحسن الحودي عنه (ح) وعن جعفر بن محمد الدوريستي عن أبيه محمد بن أحمد عنه (ح) وعن النجاشي عن أبيه علي بن أحمد بن العباس عنه (ح) وعن منتجب الدين عن أبيه عبيد الله عن أبيه شمس الإسلام حسن بن الحسين المدعو حسكا عن أبيه الحسين عن أبيه حسن بن الحسين بن بابويه عن عمه الصدوق محمد بن بابويه المذكور .

إسناد كامل الزيارات عن الشيخ والنجاشي كلاهما عن المفيد والحسين بن عبيد الله الغضائري عن مصنفه جعفر بن محمد بن قولويه (ح) وعن الشيخ عن أحمد بن عبدون عنه (ح) وعن الشيخ عن جماعة من أصحابه عن هارون بن موسى التلعكبري عنه .

إسناد رسالة أبي غالب الزراري عن الشيخ عن المفيد و الحسين بن عبيد الله و أحمد بن عبدون جميعا عنه بها .

إسناد رجال أبي عمرو الكشي عن هارون بن موسى التلعكبري عنه .

إسناد الكافي عن محمد بن إبراهيم النعماني وجعفر بن محمد بن قولويه وهارون بن موسى التلعكبري وأبي غالب الزراري عن مصنفه ثقة الإسلام الكليني (ح) وعن المرتضى عن أحمد بن علي بن سعيد الكوفي عنه (ح) وعن المفيد و ابن الغضائري عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني عنه (ح) وعن الصدوق عن محمد بن محمد بن عصام الكليني وعلي بن أحمد بن موسى ومحمد بن أحمد السناني عنه (ح) وعن الشيخ عن أحمد بن عبدون عن محمد بن إبراهيم الصيمري و أبي الحسين عبد الكريم بن نصير الرازي .

 إسناد تفسير العياشي عن المفيد وابن الغضائري المتقدم عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه محمد بن مسعود (ح) وعن الشيخ عن جماعة عن أبي المفضل الشيباني المذكور بسنده عنه (ح) وعن أبي عمرو الكشي صاحب الرجال عنه (ح) و عن الصدوق عن المظفر بن جعفر بن المظفر بن العلوي السمرقندي عن جعفر بن محمد بن مسعود أيضا عن أبيه .

إسناد كتاب الأنوار لمحمد بن همام الإسكافي عن الشيخ عن جماعة عن أبي المفضل الشيباني عنه (ح) وعن هارون بن موسى التلعكبري عنه (ح) وعن السيد عبد الكريم بن طاووس قال أخبرني الفقيه المفيد محمد بن علي بن جهم الحلي الوسعي عن السيد الفقيه فخار بن علي الموسوي عن عبد الحميد بن تقي النسابة الجليل عن السيد أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني الجعفري عن ذي الفقار بن معد أبي الصمصام المروزي عن أحمد بن على بن أحمد النجاشي قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الجراح الهندي قال حدثنا أبو علي بن همام بكتاب الأنوار مات يوم الخميس لإحدى عشر ليلة بقيت من جمادى الآخر سنة ستة وثلاثين وثلاثة مائة وكان مولده يوم الإثنين لست خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومأتين إنتهى ذكره في فرحة الغري وهو مطابق لما عن النجاشي في فهرسه

فرحةالغري          109    الباب التاسع فيما ورد عن مولانا الإ

إسناد كفاية الأثر عن عبد الكريم بن طاووس عن أبيه أحمد بن طاووس عن السيد فخار الموسوي عن شاذان بن جبرائيل القمي عن الفقيه محمد بن شراهتك عن علي بن عبد الصمد التميمي عن والده عن السيد أبي البركات علي بن الحسين الحسني الحوري بالراء غير المعجمة عن مؤلفه علي بن محمد بن علي الخزاز القمي (ح) وعن العلامة عن السيد الجليل رضي الدين علي بن طاووس عن الشيخ تاج الدين الحسن بن سندي عن ابن شهريار عن عمه الموفق الخازن بن شهريار عن أبي الطيب طاهر بن علي الجرجاني عن الزكي علي بن محمد النيسابوري عن الشيخ الزاهد علي بن محمد بن أبي الحسن بن عبد الصمد القمي عن والده عن علي بن محمد بن علي الخزاز المصنف .

إسناد تفسير علي بن إبراهيم عن الشيخ عن المفيد والحسين بن عبيد الله الغضائري وأحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر كلهم عن أبي محمد الحسن بن حمزة العلوي الطبري عنه (ح) وعن الشيخ أيضا عن المفيد عن الصدوق محمد بن علي بن بابويه عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد وحمزة بن محمد العلوي ومحمد بن علي ماجيلويه كلهم عنه .

إسناد بصائر الدرجات للصفار عن الشيخ عن الحسين بن عبيد الله الغضائري عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عنه (ح) وعن النجاشي عن أبي عبد الله بن شاذان عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عنه .

إسناد بصائر الدرجات لسعيد بن عبد الله الأشعري عن جعفر بن محمد بن قولويه عن أبيه وأخيه عنه (ح) وعن الشيخ بأسانيده عن الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد عنه (ح) وعن الشيخ أيضا عن ابن الغضائري وابن أبي جيد عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عنه .

إسناد الدلائل وقرب الإسناد عن الشيخ عن المفيد عن الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد عن عبد الله بن جعفر الحميري (ح) وعن الشيخ أيضا عن ابن أبي جيد عن ابن الوليد المذكور عنه (ح) وبإسنادنا عن أبي غالب الزراري عنه كتاب الدلائل بالخصوص وإن كان الأخير لولده محمد بن عبد الله فالطريق إليه الصدوق عن أحمد بن هارون الفامي وجعفر بن الحسين عنه (ح) وعن التلعكبري عن علي بن حاتم القزويني عنه .

إسناد المؤمن للحسين بن سعيد عن الشيخ عن ابن أبي جيد القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الحسين بن الحسن بن أبان عنه قال ابن الوليد وأخرج كتب ابن سعيد إلينا الحسين بن الحسن بن أبان بخط ابن سعيد (ح) وعن الشيخ أيضا بسنده عن الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن المذكور ومحمد بن موسى بن المتوكل عن سعد بن عبد الله والحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عنه (ح) وبإسنادنا عن أبي غالب الزراري عن عبد الله بن جعفر الحميري عن ابن عيسى المذكور عنه .

إسناد كتاب الآل للحسين بن خالويه عن النجاشي عن أبي الحسن النصيبي عنه قال قرأته عليه بحلب .

إسناد كتاب الهداية وسائر مرويات الحسين بن حمدان عن التلعكبري إجازة وسماعا عنه .

إسناد كتاب المقتضب وسائر مرويات ابن عياش عن الشيخ عن جماعة من أصحابه عنه .

إسناد كتاب المحاسن للبرقي عن الشيخ عن المفيد وابن الغضائري وابن عبدون وغيرهم عن أحمد بن محمد بن سليمان الزراري وهو أبو غالب المعروف عن علي بن الحسين السعد آبادي عنه (ح) وعن الشيخ عن الثلاثة المذكورين عن الحسن بن الحمزة العلوي عن أحمد بن عبد الله بن بنت البرقي عن جده أحمد بن محمد (ح) وعن الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن الوليد عن سعد بن عبد الله عنه .

أقول والإسناد الأول عن أبي غالب مذكور في رسالته إلى ابن ابنه على نحو ما ذكر .

إسناد نوادر الحكمة لمحمد بن أحمد بن يحيى عن الشيخ عن عدة من أصحابه عن أبي المفضل عن ابن سبطه عنه (ح) وعن الصدوق عن أبيه وابن الوليد عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا عنه (ح) و بإسنادنا عن أبي غالب عن خال أبيه أبي العباس محمد بن جعفر الرزاز عنه .

إسناد صحيفة الرضا (عليه السلام) عن أمين الدين أبي علي الطبرسى صاحب مجمع البيان عن سيد أبي الفتح عبد الله بن عبد الكريم بن هوازن القشيرى عن علي بن محمد الزوزني عن أحمد بن محمد بن هارون الزوزنى بها عن محمد بن عبد الله بن محمد حفدة العباس بن حمزة النيسابورى  عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي عن أبيه عن الرضا علي بن موسى (عليهم السلام) عن آبائه (عليهم السلام) .

إسناد تفسير الإمام عن الصدوق عن محمد بن القاسم الاسترابادى الخطيب المفسر عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار و كانا من الشيعة الإماميه عن الإمام الهمام مولانا أبي محمد العسكري (عليه السلام) .

هذا واعلم أن كل من روى هذا الكتاب المستطاب عن الصدوق فقد صدر نسخته بسنده إليه ففي بعض نسخ الكتاب هكذا قال الشيخ أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي أدام الله تأييده حدثنا السيد محمد بن شراهتك الحسني الجرجاني عن السيد أبي جعفر مهتدي بن حارث الحسيني المرعشي عن الشيخ الصدوق أبي عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي عن أبيه عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي  قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن القاسم الاسترابادي الخطيب قال حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد و أبو الحسن علي بن محمد بن سيار وكانا من الشيعة الإمامية الخبر . ذكر هذا السند المجلسي في مفتتح البحار وفي النسخة التي عندنا موافقا لما ذكره المجلسي أيضا هكذا قال :

بحارالأنوار     73     1    الفصل الخامس في ذكر بعض ما لا بد من

  محمد بن علي بن محمد بن جعفر بن الدقاق حدثني الشيخان الفقيهان أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان و أبو محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي رحمهما الله قالا حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي  إلى آخر ما مر.

 إسناد كتاب سليم بن قيس عن الكليني والصدوق والشيخ بما مر من السند عند ذكر كتابه .

إسناد جامع البزنطي عن الصدوق عن أبيه وابن الوليد عن سعيد ابن عبد الله والحميرى جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى عنه (ح) وعنه أيضا عن أبيه ومحمد بن علي ماجيلويه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عنه (ح) وعن الشيخ عن المفيد وابن الغضائري وابن عبدون عن أبي غالب الزراري عن خال أبيه محمد بن جعفر الرزاز وعم أبيه علي بن سليمان عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب عنه إلى غير ذلك من الأسانيد .

إسناد كتب أبي مخنف عن الشيخ عن ابن الغضائري وابن عبدون جميعاعن أبي بكر الدوري عن القاضي أبي بكر أحمد بن كامل عن محمد بن موسى بن حماد عن ابن أبي السرى محمد عن هشام بن محمد الكلبي عنه .

إسناد علي بن الحسين المسعودي الشيعي بأسانيدنا عن أبي المفضل الشيباني عنه .

إسناد الواحدة عن النجاشي عن أحمد بن عبد الواحد وغيره عن أبي طالب الأنباري عن الحسن بن محمد بن جمهور مؤلفه وإن كان الكتاب لأبيه كما عن فهرس الشيخ فالطريق إليه عن الشيخ بأسانيده عن الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسين بن سعيد عنه .

إسناد تفسير محمد بن العباس بن ماهيار عن الشيخ عن جماعة من أصحابه عن التلعكبري عنه .

إسناد مناقب محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان عن محمد بن عثمان الكراجكي عنه .

إسناد تفسير أبي بكر محمد بن مؤمن الشيرازي عن ابن شهر آشوب عن مؤلفه بالإجازة وعن الشيخ منتجب الدين عن السيد أبي البركات محمد بن إسماعيل المشهدي عنه .

إسناد إحياء العلوم لأبي حامد محمد الغزالي عن ابن شهر آشوب عن أحمد الغزالي أخيه عنه .

إسناد الفردوس لابن شيرويه عن ابن شهر آشوب عنه .

إسناد عيون الأخبار لابن قتيبة عن ابن شهر آشوب بسنده الآتي في أسانيده عنه .

إسناد تفسير الثعلبي كذلك .

إسناد دلائل الطبري الشيعي عن النجاشي عن أحمد بن علي بن نوح عن الحسن بن حمزة الطبري عنه .

إسناد شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد عن شيخنا العلامة الحسن المطهر الحلي  عن مؤلفه .

إسناد كتب محمد بن جرير بن يزيد الطبري العامي عن النجاشي عن أبي إسحاق إبراهيم بن مخلد عن أبيه عنه (ح) وعن الشيخ عن أحمد بن عبدون عن أبي بكر الدوري عن أحمد بن كامل عنه .

إسناد صحيح محمد بن إسماعيل النجاري العامي عن شيخنا بهاء الدين محمد العاملي  عن محمد بن محمد بن محمد بن عبد اللطيف المقدسي عن أبيه محمد بن محمد عن شيخه محمد بن أبي شريف المقدسي عن أبي الفتح محمد بن أبي بكر عن أبي الحسين محمد المرائجي عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل القرشيدي عن السيد أبي عبد الله محمد بن سيف الدين العلائي عن قاضي القضاة محمد بن مسلم بن محمد بن مالك الحنبلي عن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد المقدسي عن أبي طاهر محمد بن عبد الواحد البزاز عن محمد بن أحمد بن حمدان عن محمد بن التميم عن محمد بن يوسف الفربري عن محمد بن إسماعيل النجاري .

أقول قال الشيخ المحدث البحراني  في اللؤلؤة بعد ذكر هذا الإسناد وهذا السند من غريب الأسانيد باتفاق كون رجاله كلهم من المحمدين ثم قال ويمكن تتميمه من أوله بطريقنا إلى الشيخ محمد بن يوسف بن كنبار البحراني  عن الشيخ محمد بن ماجد البحراني عن المولى محمد باقر المجلسي عطر الله مرقده عن والده المولى محمد تقي  عن شيخنا محمد بن الحسين البهائي زاده الله تعالى بهاء . هي .

وأقول وأنا محمد بن محمد بن الحسين المدعو بالتقي مصنف هذا الكتاب يمكن تتميم السند منا إلى البهائي  باعتراض واحد اسمه أحمد وهو في معنى محمد وهو بسندي وأنا محمد عن أبي محمد بن الحسين عن شيخه أحمد بن زين الدين عن السيد محمد بن مرتضى المدعو ببحر العلوم عن شيخه محمد باقر البهبهاني عن أبيه محمد أكمل عن الأميرزا محمد الشيرواني عن جمال الدين محمد بن الحسين الخوانساري عن مولانا محمد باقر المجلسي عن جماعة كلهم محمدون منهم أبوه محمد تقي المجلسي والشيخ محمد صالح المازندراني والشيخ محمد الرويدشتي والمولى محمد رفيع النائيني كلهم عن شيخنا محمد البهائي وإن شئت أن تجعل السلسلة إثنى عشرية فبهذا الإسناد عن المجلسي عن محمد بن مرتضى المدعو بمحسن عن شيخه محمد بن إبراهيم المدعو بصدر الدين الشيرازي عن شيخنا البهائي محمد العاملي رحمهم الله جميعا هذا وسيأتي إسناد آخر إلى هذا الكتاب في أسانيد ابن شهر آشوب أيضا إن شاء الله .

إسناد مناقب موفق بن أحمد الخوارزمي عن شيخنا العلامة الحلي  عن عبد الله بن جعفر بن الصباح عن نور الله محمد بن محمود عن محمد بن محمود الترجماني والحسين بن سعيد بن البارع عن ناصر بن أبي المكارم المطرزي عن الخطيب أبي المؤيد الخوارزمي .

إسناد أحمد بن محمد الطبري الخليلي الشيعي عن النجاشي عن أحمد عبدون عن محمد بن هارون الطحال الكندي عنه .

إسناد نفس الرحمن بمكاتبة مصنفه أيده الله تعالى إلي بخطه .

وبقى من الكتب ما عزب عن طريق أصحابنا في الإجازات وغيرها إليه لقلة ما عندي من الأسباب ولكن اشتهار نسبتها بين أصحابنا إلى مصنفيها أو تصريح الثقاة منهم بمؤلفيها في مسطوراتهم مما يغني عن إنهاء الإسناد إليها كما أشرنا إليه فيما مر وذلك مثل تفسير الفرات وكتب جعفر بن أحمد القمي وكتاب التمحيص لابن شعبة وكتاب الكشكول للسيد الآملي وكتابي الحافظ رجب البرسي والصراط المستقيم للبياضي فقد صرح بمؤلفه المجلسي في البحار وشيخ المتألهين في شرح الجامعة وغيرهما من الأساطين وكتب الحسن بن سليمان الحلي تلميذ الشهيد الأول وإرشاد الديلمي وأربعين أسعد بن إبراهيم وتأويل الآيات للسيد شرف الدين وكتابي السيد الشهيد القاضي نور الله التستري ومناقب سبط ابن الجوزي وكتاب راحة الأرواح للسبزواري ورجال الأمير مصطفى ورجال أبي علي المتأخر وشرح حديث البساط للقاضي القمي وتاريخ ابن خلكان والمناقب المرتضوية والعوالم للشيخ البحراني والمشتركات للأمين الكاظمي وروضة الشهداء للحسين الكاشفي وبحر المعارف للعارف الهمداني ورياض الجنان للفارسي وثاقب المناقب وكفاية الطالب للكنجي الشافعي وحياة القلوب للأشكوري ونهج المجحة لولد شيخ المتألهين الإحسائي ، فإن هذه الكتب كلها معلوم الاستناد إلى أربابها بعضها على التواتر وبعضها بتصريح الثقاة الذين تتكل على أخبارهم النفوس به مع اتصال سندنا إلى أكثر هؤلاء المخبرين في كل ما صح عندهم من الروايات والكتب فلا ضير كثير إن لم يوجد سند ينتهي إليهم .

 وأما طريقنا إلى الأصول القديمة فإسناد كتاب أبي سعيد العصفري وهو عباد عن الشيخ عن جماعة عن التلعكبري عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن خاقان النهدي عن أبي سمينة محمد بن علي بن إبراهيم الصيرفي عن عباد أبي سعيد العصفري والسند في أصل نسختنا من الكتاب مصدر بالتلعكبري ثم ساق السند مطابقا لما ذكرناه عن الشيخ .

إسناد كتاب درست بن أبي منصور الواسطي عن الشيخ عن أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير القرشي عن أحمد بن عمر بن كيسبة عن علي بن الحسن الطاطري عن درست قال الشيخ ورواه حميد وابن نهيك عنه وقال النجاشي : له كتاب يرويه جماعة منهم سعد بن محمد الطاطري وابن أبي عمير . هي .

 إسناد كتاب زيد الزراد عن التلعكبري عن أبي علي بن همام عن حميد بن زياد عن عبيد الله بن أحمد بن نهيك أبي العباس عن محمد بن أبي عمير عن زيد الزراد هذا ما وقع في نسختنا من الكتاب وهو بالنسبة إلينا وجادة وقال النجاشي له كتاب وروى عنه ابن أبي عمير . هي . وقال الشيخ في الفهرس على ما نقل عنه زيد النرسي وزيد الزراد لهما أصلان

الفهرست‏للطوسي          289    71- زيد النرسي. و 290- زيد الزراد

 لم يروهما محمد بن علي بن الحسين بن بابويه وقال في فهرسته : لم يروهما محمد بن الحسن بن الوليد و كان يقول هما موضوعان وكذلك كتاب خالد بن عبد الله بن سدير وكان يقول وضع هذه الأصول محمد بن موسى الهمداني، ثم قال الشيخ :  كتاب زيد النرسي، رواه ابن أبي عمير عنه.

رجال‏العلامةالحلي          4    222- زيد النرسي بالنون و زيد الزراد .

قال الشيخ الطوسي  : لهما أصلان لم يروهما محمد بن علي الحسين بن بابويه و قال في فهرسته لم يروهما محمد بن الحسن بن الوليد و كان يقول هما موضوعان و كذلك كتاب خالد بن عبد الله بن سدير و كان يقول وضع هذه الأصول محمد بن موسى الهمداني قال الشيخ الطوسي و كتاب زيد النرسي رواه ابن أبي عمير عنه و قال ابن الغضائري في زيد الزراد كوفي و زيد النرسي رويا عن أبي عبد الله عليه السلام قال أبو جعفر بن بابويه إن كتابهما موضوع وضعه محمد بن موسى السمان قال و غلط أبو جعفر في هذا القول فإني رأيت كتبهما مسموعة عن محمد بن أبي عمير و الذي قاله الشيخ عن ابن بابويه و ابن الغضائري لا يدل على طعن في الرجلين فإن كان توقف ففي رواية الكتابين و لما لم أجد لأصحابنا تعديلا لهما و لا طعنا فيهما توقفت عن قبول روايتهما . هي .

 أقول إن الوضع لا يكون إلا لترويج أمر باطل وكتاب الزراد هذا ليس فيه شيء إلا ما يطابق سائر الأخبار المعصومية فليت شعري ما فائدة الارتكاب لهذا الوضع وناهيك في توهين هذا الوهم قول مثل ابن الغضائري الذي لم يسلم من طعنه إلا شرذمة قليلون ما سمعت عنه آنفا .

نعم إن في كتاب النرسي حديثا ظاهرا منكر وهو ما رواه عن عبد الله بن سنان قا ل : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) إن الله لينزل في يوم عرفة في أول الزوال إلى الأرض على جمل أفرق يصال  بفخذيه أهل عرفات يمينا وشمالا فلا يزال كذلك حتى إذا كان عند المغرب ونفر الناس وكل الله ملكين بجبال المازمين يناديان عند المضيق الذي رأيت يا رب سلم سلم و الرب يصعد إلى السماء ويقول جل جلاله آمين آمين رب العالمين فلذلك لا تكاد ترى صريعا ولا كسيرا . هي . وهذا كما ترى ويمكن تأويله بمثل تأويل قوله تعالى وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا

(89)الفجر : 22

 وما أشبه ذلك ولكن التحقيق مع ذلك أنه ليس على لحن كلمات آل محمد الطاهرين  صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ولا يشبه كلامهم فهو مما يجب طرحه ولكنه لا يكون مع ذلك دليلا على كون الكتاب موضوعا رأسا لاحتمال كونه وهما من الراوي أو تحريفا أو دسا من بعض المجسمة والملاحدة في بعض نسخ الكتاب كما وقع مثل ذلك في حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) روى الصدوق في التوحيد بسنده عن ابراهيم

عدةالداعي          48    القسم الأول ما يرجع إلى الوقت كليلة

عيون‏أخبارالرضا)ع(     11    126     1- باب ما جاء عن الرضا علي بن موسى

كشف‏الغمة     285     2    باب ذكر وفاة الرضا علي ب

من‏لايحضره‏الفقيه     421     1    باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت ع

وسائل‏الشيعة     44    388     7- باب استحباب الإكثار من الدعاء و

بحارالأنوار     314     3    باب 14- نفي الزمان و المكان و الحرك

بحارالأنوار     163     84    باب 7- دعوة المنادي في السحر و استج

بحارالأنوار     265     86    باب 2- فضل يوم الجمعة و ليلتها و سا

الاحتجاج     410     2    احتجاج أبي الحسن علي بن موسى الرضا

الأمالي‏للصدوق          410    المجلس الرابع و الستون .

التوحيد          28    176- باب نفي المكان و الزمان و السكو

   حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق  قال حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال حدثنا عبيد الله بن موسى أبو تراب الروياني عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا (عليه السلام) يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال إن الله تبارك و تعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فقال (عليه السلام) لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه و الله ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كذلك إنما قال (صلى الله عليه وآله وسلم)  إن الله تبارك و تعالى ينزل ملكا إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير و ليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي هل من سائل فأعطيه هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له يا طالب الخير أقبل يا طالب الشر اقصر فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء حدثني بذلك أبي عن جدي عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .هي .

 وأما ما عدا ذلك من أخبار الكتابين فكلها أخبار موافقة للأصول المقررة في الشريعة المطهرة .

إسناد كتاب زيد النرسي عن هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني عن جعفر بن عبد الله العلوي أبي عبد الله المحمدي عن محمد بن أبي عمير عن زيد النرسي .

إسناد كتاب عاصم بن حميد الحناط بالمهملة ثم النون المشددة عن الشيخ عن المفيد عن الصدوق عن ابن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله عن محمد بن عبد الحميد والسندي بن محمد عنه و بهذا الإسناد عن سعد والحميري عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم . هي . وفي نسخة الكتاب السند هكذا حدثني أبو الحسن محمد بن الحسن بن الحسين بن أيوب القمي أيده الله قال حدثني أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري أيده الله تعالى قال حدثنا أبو علي محمد بن همام بن سهيل الكاتب قال حدثنا حميد بن زياد هوارا في سنة تسعة وثلاثمائة قال : حدثنا عبيد الله بن أحمد عن مساور وسلمة عن عاصم بن حميد الحناط وذكر أبو محمد قال : حدثني بهذا الإسناد أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبيد الله بن موسى بن جعفر الموسائي بمصر سنة إحدى وأربعين قال : حدثنا الشيخ الصالح عبيد الله بن أحمد  بن نهيك عن مساور وسلمة جميعا عن عاصم بن عبد الحميد الحناط .

إسناد كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي عن الشيخ عن جماعة من أصحابه عن التلعكبري عن أبي علي بن همام عن حميد بن زياد عن أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزاز عن محمد بن أمية بن القاسم الحضرمي عن الحضرمي المذكور هذا ، وفي نسختنا من الكتاب عن التلعكبري بمثل السند المذكور إلا في محمد بن أمية فإن فيها مكانه محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي عن ابن شريح المذكور ولا غرو في تعدد الراوي فتأمل .

وفي هذا الكتاب أيضا حديث واحد منكر مثل حديث زيد وهو ما رواه عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال : إن الله تبارك وتعالى ينزل في الثلث الباقي من الليل إلى السماء الدنيا فينادي هل من تائب يتوب فأتوب عليه ، وساق كلمات قريب المضمون من حديث التوحيد الذي مضى آنفا والاحتمالات المذكورة في حديث زيد النرسي من الوهم والتحريف والدس قائمة هنا أيضا ، وإن كان هذا لا يساوي ما هنالك في القبح وشهادة المتن بعد الصدوق عن المعصوم فالتأويل في هذا الحديث ممكن قريب مع إمكان سقوط لفظ الملك من البين كما صرح به الرضا (عليه السلام) في حديث النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) .

إسناد كتاب محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي الكوفي عن النجاشي عن الحسين بن عبيد الله الغضائري عن أحمد بن جعفر عن حميد بن زياد عن أحمد عنه .

أقول وفي نسختنا من الكتاب السند هكذا حدثنا الشيخ أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري أيده الله قال حدثنا محمد بن همام قال حدثنا حميد بن زياد الدهقان قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزاز قال حدثنا محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي  ..إلخ ، ثم ذكر الأخبار وذكر في آخره حديثين عن علي بن عبد الله بن سعيد وقال راوي الكتاب بعد ذلك ما هذا صورته ( الشيخ قال حدثني ابن همام عن حميد بن زياد عن أحمد بن حمدان قال حدثني أبو جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزاز ولقبه بزيع وينزل في طاق زهير قال حدثني محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي قال حدثني جعفر بن محمد بن شريح بجميع ما في هذا الكتاب إلا حديثين لعلي بن سعيد في آخر الكتاب ) .

إسناد كتاب محمد بن جعفر الرزاز القرشي وقد مر أنه حديث واحد وقد أوردناه بسنده في القسم الأول من هذا الكتاب وصورته هكذا ( وعنه يعني عن التلعكبري عن ابن همام عن عبد الحميد بن زياد ومحمد بن جعفر الرزاز القرشي عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي قال : حدثنا محمد بن أحمد بن هارون الخزاز عن محمد بن علي الصيرفي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن جابر الجعفي عن رجل عن جابر بن عبد الله وساق الخبر وفي آخره هكذا : كتبت هذا الحديث من كتاب رفعه إلي محمد بن جعفر القرشي ذكر أنه سمعه من يحيى بن زكريا اللؤلؤي ) . هي .

إسناد الأصل الآخر في نسخة الكتاب هكذا الشيخ أيده الله يعني التلعكبري قال أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن موسى بن القاسم عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن مولى القميين قد أخبرني عمن أخبره عن أبي عبد الله عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رجل من اليهود لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) . الخبر .

 إسناد كتاب عبد الله بن يحيى الكاهلي عن الشيخ عن ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد عن أحمد بن أبي نصر البزنطي عنه به (ح) وعن الشيخ عن المفيد عن الصدوق عن أبيه وحمزة بن محمد و محمد بن علي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عنه .

وفي نسختنا من الكتاب الشيخ أبو هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن بن الحكم القطواني قال حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال حدثنا  عبد الله بن يحيى الكاهلي .

إسناد كتاب عبد الملك بن حكيم عن الشيخ عن جماعة عن التلعكبري عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الهمداني عن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن جعفر بن محمد بن حكيم عن عمه عبد الملك بن عبد الحكيم .

وفي نسختنا من الكتاب عن التلعكبري بعين السند المذكور .

إسناد كتاب المثنى بن الوليد الحناط بسندنا عن أبي غالب الزراري عن جده محمد بن سليمان عن الحسن بن محمد الطيالسي عن الحسن بن علي بن بنت إلياس الخزاز عن المثنى وفي نسختنا من الكتاب التلعكبري قال : ( حدثنا أحمد بن محمد بن  سعيد قال حدثنا علي بن الحسن بن فضال قال حدثنا العباس بن عامر النصيبي قال حدثنا مثنى بن الوليد الحناط ) ، ويظهر من فهرس الشيخ سنده إليه هكذا عن جماعة عن أبي المفضل عن ابن بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن المثنى .

إسناد كتاب خلاد السندي عن الشيخ عن التلعكبري عن ابن عقدة عن يحيى بن زكريا بن شيبان عن ابن أبي عمير عن خلاد ، وفي نسختنا عن التلعكبري بعين السند المذكور عنه .

إسناد كتاب الحسين بن عثمان بن شريك عن الشيخ عن عدة عن أبي المفضل الشيباني عن ابن بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان وابن أبي عمير عنه .

وفي نسختنا من الكتاب التلعكبري عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال حدثنا عبد الله بن جعفر المحمدي قال حدثنا محمد بن أبي عمير عن الحسين بن عثمان .

أقول كذا في نسختي والظاهر والله أعلم جعفر بن عبد الله مكان عبد الله بن جعفر فإنه هو الذي يروي عن ابن أبي عمير ويروي عن ابن عقدة والمحمدي نسب له لكونه من أولاد محمد بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) .

إسناد كتاب سلام بن أبي عمرة ويقال له سلام بن عمرو أيضا عن الشيخ عن جماعة عن التلعكبري عن ابن عقدة عن القاسم بن محمد بن الحسين بن حازم عن عبد الله بن حبلة عنه .

وفي نسختنا من الكتاب عن التلعكبري بالسند المذكور بعينه عنه .

إسناد نوادر علي بن أسباط عن الشيخ عن الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه عن محمد بن أحمد بن أبي قتادة عم موسى بن جعفر البغدادي عن ابن أسباط المذكور (ح) وعن الشيخ عن ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن الحسين عن ابن أبي الخطاب عنه (ح) وعن الصدوق عن ابن الوليد المذكور بالسند المذكور عنه .

 وفي نسختنا من  الكتاب عن التلعكبري عن أبي العباس  أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني عن علي بن الحسن بن الفضال عن علي بن أسباط .

إسناد خبر الملاحم في نسختنا هكذا الشيخ أيده الله يعني التلعكبري قال حدثنا أبو القاسم علي بن الحسن بن القاسم الشكري الخزاز الكوفي المعروف بابن الطبال في المحرم سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة من حفظه بالكوفة باب منزله في موضع يعرف بالقلعة في ظهر السبيع قال مولدي سنة ثلاث ومأتين

دلائل‏الإمامة          115    ذكر معجزاته ع .....  ص : 112

 وروى أبو القاسم علي بن الحسن بن القاسم المعروف بابن الطبال البكري الخزاز قال : مولدي سنة إحدى وثلاثين ومائتين وتوفي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة من حفظه قال : سمعت أبا جعفر محمد بن معروف الهلالي وكان ينزل في عبد قيس وكان خزازا أتى عليه من السنين مائة وثمان وعشرون سنة قال مضيت إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد وهو بالحيرة فما استطعت أن أصل إليه من كثرة الزحام ثلاثة أيام ثم سايرته فغمزه في بعض الطريق البول فاعتزل عن الجادة فبال ثم نبش الرمل فخرج له ماء فتطهر للصلاة وقام فصلى ركعتين ودعا ربه وكان من دعائه أن قال اللهم لا تجعلني ممن تقدم فمرق ولا ممن تخلف فأمحق واجعلني من النمط الأوسط وقال لي غلامه لا تحدث بما رأيت  .

قال سمعت أبا جعفر محمد بن معروف الهلالي الخزاز يقول في سنة خمسين ومائتين وقد كان أتت عليه مائة ونيف عشرون سنة قال مضيت إلى الحيرة إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهم السلام) ثم ساق عنه (عليه السلام) بعض الملاحم وذكر علي بن الحسن راوي الحديث أنها وقعت جميعا وهذا من أعلى الأسانيد للتلعكبري  من حيث روايته عن الصادق (عليه السلام)  بواسطتين .

إسناد الأصلين الباقيين وهما خبر أم حكيم اليمانية صاحبة الحصاة وخبر يعقوب بن يوسف الضراب قد مضى في أثناء الكتاب فإنا أوردنا الأول في القسم الأول من الكتاب والثاني في الثاني في باب دلائل القائم (عج) .

إسناد مناقب ابن شهر آشوب ومعالم العلماء وسائر مروياته عن السيد فخار بن معد الموسوي والسيد محيي الدين بن زهرة الحلبي المتقدمين عنه (ح) وعن المحقق جعفر بن سعيد الحلي والسيد رضي الدين بن طاووس عن الشيخ حسن بن الذربي عنه (ح) وعن عبد الكريم بن طاووس بالخصوص إجازة عن أبيه عن السيد فخار الموسوي عنه خصوص كتاب المناقب صرح به في كتابه فرحة الغري و قد روى هذا الشيخ في كتابه المناقب عن جم غفير وجمع كثير من مشايخ العامة والخاصة واقتصر عند النقل عنهم بمتون الأخبار اختصارا وذكر سنده إلى كثير منهم في مفتتح كتابه وقد مر بعض منها في خلال الأسانيد وحيث إن نسخة كتابه  قليل الوجود في هذا الأزمنة لا تصل إليها أيدي كثير من الباحثين ليرجع إليها وقد كتبنا على نفسنا في هذا الكتاب أن نشير إلى مأخذ أخباره على التفصيل لأسباب دعتنا إلى ذلك ولا نكتفي بذكر محض المتون أو الحوالة إلى كتب غير معلومة الإسناد عند كثيرين كما جرى عليه دأب كثير من بني عصرنا ومن قاربهم من المتصدين للتصنيف فبالحري لنا أن نذكر ما أورده هناك على التفصيل حتى تخرج الأخبار المنقولة عنه عن حد الإرسال ولهذه الملاحظة أخرنا سند كتابه إلى هذا المكان لكون الكلام فيه طويل الذيل فنقول : قال الشيخ المذكور  بعد كلام له فيه في افتتاح كتابه المناقب ما هذا لفظه ( وذلك يعني تأليف الكتاب بعد ما أذن لي جماعة من أهل العلم والديانة بالسماع والقراءة والمناولة والمكاتبة والإجازة فصح لي الرواية عنهم بأن أقول حدثني وأخبرني وأنبأني وسمعت واعترف لي بأنه سمعه ورواه كما قرأته وناولني من طرق الخاصة ، فأما طرق العامة فقد صح لنا إسناد البخاري عن أبي عبد الله  محمد بن الفضل الساعدي الفراوي وعن أبي عثمان سعيد بن عباد الصعلولي وعن الخبازي كلهم عن أبي الهيثم الكشمهني عن أبي عبد الله محمد الفربري عن محمد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري وعن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السنجري عن الداودي عن السرخي عن الفربري عن البخاري .

إسناد مسلم عن الفربري عن أبي الحسين عبد الغافر الفارسي النيسابوري عن أبي أحمد محمد بن عمرويه الجلودي عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه عن أبي الحسين محمد بن مسلم بن الحجاج النيسابوري .

إسناد الترمذي عن أبي سعيد محمد بن أحمد الصفار الأصفهاني عن أبي القاسم الخزاعي عن أبي سعيد بن كليب النبتاشي عن أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي .

إسناد الدارقطني عن أبي بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني عن المنصوري عن أبي الحسن علي بن مهدي الدارقطني .

إسناد معرفة أصول الحديث عن عبد اللطيف بن أبي سعد البغدادي  الأصفهاني عن أبي علي الحداد عن الحاكم أبي عبد الله النيسابوري ابن البيع .

 إسناد الموطا عن القعنبي عن بيع عن يحيى بن يحيى من طريق محمد بن الحسن عن مالك بن أنس الأصبحي .

إسناد مسند أبي حنيفة عن أبي القاسم بن صفوان الموصلى عن أحمد بن طوق عن نصر بن المرجى عن أبي القاسم الشاهد العدل التبار .

إسناد مسند الشافعي عن الجياني عن أبي القاسم الصوفي عن محمد بن علي الساوي عن أبي العباس الأصم عن الربيع عن محمد بن إدريس الشافعي  .

 إسناد مسند أحمد والفضائل عن أبي سعد بن عبد الله الدجاجي عن الحسن بن علي المذهب عن بكر بن مالك القطيفي عن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل عن أبيه .

إسناد مسند أبي يعلى عن أبي القاسم الشحامي عن أبي سعيد الكنجرودي عن أبي عمرو الجبري عن أبي يعلى أحمد بن المثنى الموصلي .

إسناد تاريخ الخطيب عن عبد الرحمن بن بهريق القزاز البغدادي عن الخطيب أبي بكر ثابت البغدادي .

إسناد تاريخ النسوي عن أبي عبد الله المالكي عن محمد بن الحسين بن المفضل القطان عن درستويه النحوي عن يعقوب بن سفيان النسوي .

إسناد تاريخ الطبري عن القطيفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عمرو بن محمد بإسناده عن محمد بن جرير بن يزيد الطبري . هي . وهذا إسناد تاريخ أبي الحسن أحمد بن يحي بن جابر البلادري .

إسناد تاريخ علي بن مجاهد عن القطيفي عن السلمي عن أبي الحسن علي بن محمد دلويه القنطري عن المأمون بن أحمد عن عبد الرحمن بن محمد الدجاج عن ابن جريح عن ابن مجاهد .

إسناد تاريخي أبي علي الحسن البيهقي السلامي وأبي علي مسكويه عن أبي منصور محمد بن حفدة العطاري الطوسي عن الخطيب أبي زكريا التبريزي بإسناده إليهما .

إسناد كتابي المبتدأ عن وهب بن منبه اليماني وأبي حذيفة حدثنا القطيفي عن الثعلبي عن محمد بن الحسن الأزهري عن الحسن بن محمد السدي عن عبد المنعم بن إدريس عنهما .

إسناد الأغاني عن الفصيحي عن عبد القاهر الجرجاني عن عبد الله بن حامد عن محمد بن محمد عن علي بن عبد العزيز اليماني عن أبي الفرج علي بن الحسين الأصفهاني وهذا إسناد فتوح الأعثم الكوفي .

إسناد سنن السجستاني عن أبي الحسن الأنبوسي عن أبي العباس بن أبي علي التستري عن الهاشمي عن اللؤلؤي عن أبي داوود سليمان بن الأشعث السجستاني .

إسناد سنن اللالكائي عن أبي بكر أحمد بن علي الطرثيثي عن أبي القاسم هبة الله بن الحسين الطبري اللالكائي .

إسناد سنن بن ماجة عن ابن الناصر البغدادي عن المقري القزويني عن ابن طلحة بن المنذر عن أبي الحسن القطان عن أبي عبد الله الرقي عن أبي القاسم بن أحمد الخزاعي عن الهيثم بن كليب الشاشي عن أبي عيسى الترمذي وهذا إسناد شرف المصطفى عن الخرگوشي .

إسناد حلية الأولياء عن عبد اللطيف الأصفهاني عن أبي الحداد عن أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني .

إسناد إحياء علوم الدين عن أحمد الغزالي عن أخيه أبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي .

إسناد العقد عن محمد بن منصور السرخسي عمن رواه عن ابن عبد ربه الأندلسي .

إسناد فضائل السمعاني عن شهر آشوب ابن أبي نصر بن أبي الجيش السروي جدي عن أبي المظفر عبد الملك السمعاني .

إسناد فضائل ابن شاهين عن أبي عمرو الصوفي عن القاضي أبي محمد الزيدي عن أبي حفص عمر بن شاهين المروزي .

إسناد فضائل الزعفراني عن يوسف بن آدم المراغي مسندا إلى محمد بن الصباح الزعفراني .

إسناد فضائل العكبري عن أبي منصور ماشادة الأصفهاني عن مشيخته عن عبد الملك بن عيسى العكبري .

إسناد مناقب ابن شاهين عن المنتهى بن أبي زيد بن كبابكي الحسيني الجرجاني عن الأجل المرتضى الموسوي عن المصنف .

إسناد مناقب ابن مردويه عن الأديب أبي العلا عن أبيه أبي الفضل الحسن بن زيد عن أبي بكر بن مردويه الأصفهاني .

إسناد أمالي الحاكم عن المهدي بن أبي حرب الحسيني الجرجاني عن الحاكم النيسابوري .

إسناد مجموع ابن عقدة أبي العباس أحمد بن محمد ومعجم أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني بحق روايتي عن أبي العلاء العطار الهمداني بإسناده عنهما .

إسناد الوسيط وكتاب الأسباب والنزول عن أبي الفضائل محمد البهيني عن أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي .

إسناد معرفة الصحابة عن عبد اللطيف البغدادي عن والده أبي سعيد عن أبي يحيى بن منده عن والده .

إسناد دلائل النبوة والجامع عن الحسين بن عبد الله المروزي عن أبي النصر العاصمي عن أبي العباس البغوي عن أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي .

إسناد أحاديث علي بن أحمد الجوهري وأحاديث شعبة بن الحجاج عن محمد البغوي الجراحي عن المجنوني عن أبي عيسى عمن رواها عنهما  .

إسناد المغازي عن الكرماني عن أبي الحسن القدوسي عن الحسين بن صديق الزورعنجي عن محمد بن إسحاق الواقدي .

إسناد البيان والتبيين والعدة والفتية عن الكرماني عن أبي سهل الإنماطي عن أحمد بن محمد عن أبي عبد الله بن محمد الخازن عن علي بن موسى القمي عن عمرو بن بحر الجاحظ .

إسناد غريب القرآن عن القطيفي عن أبيه عن أبي بكر محمد بن عزيز العزيزي السجستاني .

إسناد شوق العروس عن القاضي عن أبي عبد الله الدامغاني .

إسناد عيون المجالس عن القطيفي عن أبي عبد الله طاهر بن محمد بن أحمد الحريلوي .

إسناد المعارف وعيون الأخبار وغريب الحديث وغريب القرآن عن الكرماني عن أبيه عن جده عن محمد بن يعقوب عن أبي بكر المالكي عن عبد الله بن مسلم بن قتيبة .

إسناد غريب الحديث عن القطيفي عن السلمي عن أبي محمد دعلج عن أبي عبيد القاسم بن سلام وهذا إسناد كامل عن أبي العباس المبرد .

إسناد نزهة القلوب عن القطيفي وشهر آشوب جدّي كليهما عن أبي إسحاق الثعلبي .

إسناد أعلام النبوة عن عمر بن حمزة العلوي الكوفي عمن رواه عن القاضي أبي الحسن الماوردي .

إسناد الإبانة وكتاب اللوامع عن مهدي بن أبي حرب الحسيني عن أبي سعيد أحمد بن عبد الملك الخرگوشي .

إسناد دلائل النبوة وكتاب جوامع الحكم عن عبد العزيز عن أحمد الحلواني عن أبي الحسن بن محمد الفارسي عن أبي بكر محمد بن علي بن إسماعيل القفال الشاشي .

إسناد نزهة الأبصار عن شهر آشوب عن القاضي أبي المحاسن الروياني عن أبي الحسن علي بن مهدي المامطيري .

إسناد المحاضرات من باب المفردات عن الهيثم الشاشي عن القاضي عزيزي عن أبي بكر بن علي الخزاعي عن أبي القاسم الراغب الأصفهاني  .

إسناد الإبانة عن الفراري عن أبي عبد الله الجوهري عن القطيفي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه أبي عبد الله محمد بن بطة العكبري .

إسناد قوة القلوب عن القطيفي عن أبيه عن أبي القاسم الحسن بن محمد عن أبي يعقوب يوسف بن منصور السياري .

إسناد الترغيب والترهيب عن أبي العباس أحمد الأصفهاني عن أبي القاسم الأصفهاني .

إسناد كتاب أبي الحسن المدائني عن القطيفي عن أبي بكر محمد بن عمر بن حمدان عن إبراهيم بن محمد بن سعيد النحوي .

إسناد الدارمي واعتقاد أهل السنة عن أبي حامد محمد بن محمد عن زيد بن حمدان المنوجهري عن علي بن عبد العزيز الأشتهي وحدثني محمود بن عمر الزمخشري بكتاب الكشاف والفائق وربيع الأبرار وأخبرني الكياشيرويه بن شهردار الديلمي بالفردوس وأنبأني أبو العلاء العطار الهمداني بزاد المسافر وكاتبني الموفق بن أحمد المكي خطيب خوارزم بالأربعين وروى لي القاضي أبو السعادات الفضائل وناولني أبو عبد الله محمد بن أحمد النطنزي الخصائص العلوية وأجازني أبو بكر محمد بن مؤمن الشيرازي رواية كتاب ما نزل من القرآن في علي وكثيرا ما أسند إلى أبي العزيز كلاش العكبري وأبي الحسن العاصمي الخوارزمي ويحيى بن سعدون القرطي وأشباههم وأما أسانيد تفاسير المعاني فقد ذكرتها في الأسباب والنزول وهي تفسير البصري والطبري والقشيري والزمخشري والجبائي والطائي والسدي والواقدي والواحدي والماوردي والكلبي والثعلبي والوالبي وقتادة والقرطي ومجاهد والخرگوشي وعطاء بن رباح وعطاء الخرساني ووكيع وابن جريح عكرمة والنقاشي وابن العالية والضحاك وبن عيينة وأبي صالح ومقاتل والقطان والسمان ويعقوب بن سفيان والأصم والزجاج والفراء وأبي عبيد وأبي العباس والنجاشي والدمياطي والعوفي والنهدي والثمالي وابن فورك وابن حبيب .

فأما أسانيد كتب أصحابنا فأكثرها عن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، حدثنا بذلك أبو الفضل الداعي بن علي الحسيني السروي وأبو الرضا فضل الله بن علي الحسيني القاشاني وعبد الجليل بن عيسى بن عبد الوهاب الرازي وأبو الفتوح أحمد بن علي الرازي ومحمد وعلي ابنا عبد الصمد النيسابوري ومحمد بن الحسن الشوهاني وأبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسن الحلبي ومسعود بن علي الصوابي والحسين بن أحمد بن طحال المقدادي وعلي بن شهر آشوب السروي والدي كلهم عن الشيخين المفيد بن أبي علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي وأبي الوفاء عبد الجبار بن علي المقري الرازي عنه ، وحدثنا أيضا المنتهى بن أبي زيد بن كبابكي الحسيني الجرجاني ومحمد بن الحسن الفتال النيسابوري وجدي شهر آشوب عنه أيضا سماعا وقراءة ومناولة وإجازة بأكثر كتبه ورواياته . هي .

وأما أسانيد كتب الشريفين المرتضى والرضي ورواياتهما فعن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن سعد الحسيني المروزي عن أبي عبد الله محمد بن علي الحلواني عنهما وبحق روايتي عن السيد المنتهى عن أبيه أبي زيد وعن محمد ابن علي الفتال الفارسي عن أبيه الحسن كليهما عن المرتضى وقد سمع المنتهى والفتال بقراءة أبويهما عليه أيضا ، وما سمعنا عن القاضي الحسن الاستبرآبادي عن أبي المعافي بن قدامة عنه أيضا ، وما صح لنا من طريق الشيخ أبي جعفر عنه ، وروى السيد المنتهى عن أبيه عن الشريف الرضي  .

وأما أسانيد كتب الشيخ المفيد فعن أبي جعفر و أبي القاسم ابني كميح عن ابن البراج عن الشيخ ومن طرق أبي جعفر الطوسي أيضا عنه .

وأما أسانيد كتب أبي جعفر بن بابويه فعن محمد وعلي ابني عبد الصمد عن أبيهما عن أبي البركات علي بن الحسين الحسني الحوري عنه وكذلك من روايات أبي جعفر الطوسي .

وأما أسانيد كتب ابن شاذان وابن فضال وابن الوليد وابن الحاشر وعلي بن إبراهيم والحسن بن حمزة والكليني والصفواني والعبدكي والفلكي وغيرهم فهي على ما نص عليها أبو جعفر الطوسي في الفهرست ، وحدثني الفتال بالتنوين في معاني التفسير وبكتاب روضة الواعظين وبصيرة المتعظين وأنبأني الطبرسي بمجمع البيان لعلوم القرآن وبكتاب إعلام الورى بأعلام الهدى وأجازني أبو الفتوح رواية روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن وناولني أبو الحسن البيهقي حلية الأشراف وقد أذن لي الآمدي برواية عزيز الحكم ، ووجدت بخط أبي طالب الطبرسي كتاب الاحتجاج وذلك مما يكثر تعداده ولا يحتاج إلى ذكره لاجتماعهم عليه وما هذا إلا جزء من كل ولا أنا عَلِم الله تعالى إلا معترف بالعجز والتقصير كما قال أبو الجوائز :

رويت وما رويت من الرواية

             وكيف وما انتهيت إلى نهاية

وللأعمال غايات تناهى

             و إن طالت وما للعلم غاية

وقد قصدت في هذا الكتاب من الاختصار على متون الأخبار وعدلت عن الإطالة والإكثار والاحتجاج من الظواهر والاستدلال على فحواها ومقتضاها وحذفت أسانيدها لشهرتها ولإشارتي إلى رواتها وطرقها والكتب المنتزعة منها لتخرج بذلك عن حد المراسيل وتلحق بباب المسندات وربما تتداخل الأخبار بعضها في بعض أو نختصر منها موضع الحاجة أو نختار ما هو أقل لفظا أو جاءت قريبة من مضان بعيدة أو وردت منفرة محتاجة إلى التأويل فمنها ما وافقه القرآن ، ومنها ما رواه خلق كثير حتى صار علما ضروريا يلزمه العمل به ومنها ما بقيت آثارها رؤية أو سمعا ومنها ما نطقت به الشعراء والشعرورة لتبذلها فظهرت مناقب أهل البيت (عليهم السلام) بإجماع موافقيهم وإجماعهم حجة على ما ذكر في غير موضع واشتهرت على ألسنة مخالفيهم على وجه الاضطرار ولا يقدرون على الإنكار على ما أنطق الله به رواته وأجراها على أفواه ثقاتهم مع تواتر الشيعة بها فبذلك خرق العادة وعظة لمن تذكر فصارت الشيعة موفقة لما نقلته مسيرة والناصبة مخيبة في ما حملته مسخرة لنقل هذه الفرقة ما هو دليل لها في دينها حمل تلك ما هو حجة لخصمها دونها وهذا كاف

(50)ق : 37

إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ

(37)الصافات : 106

إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبينُ

وتذكرة للمتذكرين ولطف من الله تعالى للعالمين انتهى ما أدرت نقله عن هذا الشيخ الجليل وبانتهائه انتهى ما أردنا إيراده في هذا الكتاب وقصدنا وضعه في هذا الخطاب المستطاب من بركات ساداتنا الأطياب عليهم صلوات الله الملك الوهاب ، اللهم صل على حجتك وولي أمرك وصل على جده محمد رسولك السيد الأكبر وصل على أبيه السيد القسور وحامل اللواء في المحشر وساقي أوليائه من نهر الكوثر والأمير على سائر البشر الذي من آمن به فقد ظفر ومن لم يؤمن به فقد خطر وكفر صلى الله عليه وعلى أخيه وعلى نجليهما الميامين الغرر ما طلعت شمس وما أضاء قمر وعلى جدته الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى وعلى من اصطفيت من آبائه البررة وصل عليه صلاة لا غاية لعددها ولا نهاية لمددها واجعل اللهم صلواتنا به مقبولة وذنوبنا به مغفورة ودعاءنا به مستجابا واجعل أرزاقنا به مبسوطة وهمومنا به مكفية وحوائجنا به مقضية وكثر به قلتنا و اعزز به ذلتنا واسقنا من حوض جده صلواتك عليه و آله بكأسه وبيده ريا رويا هنيئا سائغا لا ظمأ بعده يا أرحم الراحمين.

ووقع الفراغ من تأليفه بيد مؤلفه العبد المذنب الضعيف محمد بن محمد بن الحسين بن زين العابدين بن علي بن إبراهيم المدعو بالتقي الشريف التبريزي مولدا ومسكنا ضحى يوم الخميس سادس عشر من شهر صفر المظفر ختم بالخير والظفر في بلدته تبريز صانها الله العلي العزيز عن الحوادث والتهريز من شهور سنة تسعين ومائتين بعد الألف من الهجرة حامدا مصليا مستغفرا راجيا .

وقد وقع الفراغ من مقابلته وتصحيحه في يوم 24 من شهر رجب المرجب سنه 1388 راجيا بأن ينتفع به الناظر فيه ويعفو عما وقع فيه مما زاغ البصر ويذكرنا عند الأدعية الصالحة .

وأنا ....... خادم الشريعة الغراء الحاج ميرزا عبد الرسول الإحقاقي .