|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم عمدة الطالب في أنساب آل أبى طالب تأليف: جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عنبة المتوفى سنة 828 هجرية الطبعة الثانية 1380هـ - 1960م
المعلم الاول في ذكر عبد الله المحض بن الحسن المثنى: المعلم الاول في ذكر عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن على بن أبى طالب " ع " وانما سمى المحض لان أباه الحسن بن الحسن " ع " وأمه فاطمة بنت الحسين " ع " وكان يشبه برسول الله صلى الله عليه وآله وكان شيخ بنى هاشم في زمانه . وقيل له : بما صرتم أفضل الناس ؟ قال : لان الناس كلهم يتمنون أن يكونوا منا ولا نتمنى أن نكون من أحد ، وكان قوى النفس شجاعا وربما قال من الشعر شيئا فمن شعره : بيض غرائر ما هممن بريبة * كظباء مكه صيدهن حرام يحسبن من لين الكلام زوانيا * ويصدهن عن الخنا الاسلام ولما قدم أبو العباس السفاح وأهله سرا على أبى سلمة الخلال الكوفة ستر أمرهم وعزم أن يجعلها شورى بن ولد على والعباس حتى يختاروا هم من أرادوا / صفحة 102 / ثم قال : أخاف أن لا يتفقوا . فعزم على أن يعزل بالامر إلى ولد على من الحسن والحسين ، فكتب إلى ثلاثة نفر ، منهم جعفر بن محمد على بن الحسين " ع " وعمر بن على بن الحسين ، وعبد الله بن الحسن ، ووجه بالكتب مع رجل من مواليهم من ساكنى الكوفة فبدأ بجعفر بن محمد " ع " فلقيه ليلا وأعلمه أنه رسول أبى سلمة وأن معه كتابا إليه منه ، فقال : وما انا وأبو سلمة وهو شيعة لغيري ؟ فقال الرسول : تقرأ الكتاب وتجيب عليه بما رأيت . فقال جعفر " ع " لخادمه : قدم منى السراج . فقدمه فوضع عليه كتاب أبى سلمة فأحرقه ، فقال : ألا تجيبه ؟ فقال : قد رأيت الجواب . فخرج من عنده وأتى عبد الله بن الحسن بن الحسن فقبل كتابه وركب إلى جعفر بن محمد " ع " فقال له : أي أمر جاء بك يا أبا محمد لو اعلمتني لجئتك ؟ فقال : أمر يجل عن الوصف ، قال : وما هو يا أبا محمد ؟ قال : هذا كتاب أبى سلمة يدعوني لامر يجل عن الوصف ، قال : وما هو يا أبا محمد ؟ قال : هذا كتاب أبى سلمة يدعوني لامر ويرانى أحق الناس به ، وقد جاءته شيعتنا من خراسان . فقال له جعفر الصادق " ع " : ومتى صاروا شيعتك ؟ أنت وجهت أبا سلمة إلى خراسان وأمرته بلبس الواد ؟ هل تعرف أحدا منهم باسمه ونسبه ؟ كيف يكونون من شيعتك وأنت لا تعرفهم ولا يعرفونك ؟ فقال : عبد الله أن كان هذا الكلام منك لشئ . فقال جعفر " ع " : قد علم إلله أنى أوجب على نفسي النصح لكل مسلم فكيف أدخره عنك ؟ فلا تمنين نفسك الاباطيل ، فان هذه الدولة ستتم لهؤلاء القوم ولا تتم لاحد من آل أبى طالب ، وقد جاءني مثل ما جاءك . فانصرف غير راض بما قاله وأما عمر بن على بن الحسين فرد الكتاب وقال ما أعرف كاتبه فاجيبة ، ومات عبد الله المحض في حبس أبى جعفر الدوانيقي مخنوقا . وروى أبو الفرج الاصفهانى في كتاب ( مقاتل الطالبيين ) عمن لم يحضرني اسمه الآن ، قال : كنا جلوسا مع فلان وذكر اسم الذى كان يتولى / صفحة 103 / حبس عبد الله - فإذا برسول قد قدم من عند أبى جعفر المنصور ومعه رقعة فأعطاها ذلك الرجل كان يتولى الحبس لعبدالله واخوته وبنى أخيه ، فقرأها وتغير لونه وقام متغير اللون مضطربا وسقطت الرقعة منه لاضطرابه ، فقرأناها فإذا فيها : إذا أتاك كتابي هذا فأنفذ في مذله ما آمرك به وكان المنصور يسمى عبد الله المذله ، وغاب الرجل ساعة ثم جاء متغيرا مضطربا منكرا فجلس مفكرا لا يتكلم ثم قال : ما تعدون عبد الله بن الحسن فيكم ؟ فقلنا هو والله خير من أظلت هذه وأقلت هذه . فضرب احد يديه على الاخرى وقال : قد والله مات . وتوفى عبد الله وهو ابن خمس وسبعين سنة وكان يتولى صدقات أمير المؤمنين على " ع " بعد أبيه الحسن ، ونازعه في ذلك زيد بن على بن الحسين " ع " ولهما في ذلك حكايات لا تليق بهذا المختصر . وأعقب عبد الله المحض من ستة رجال ، محمد ذى النفس الزكية ، وابراهيم قتيل باخمرى ، وموسى الجون ، وأمهم هند بنت أبى عبيدة بن عبد الله بن ربيعة بن الاسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب ، ومن يحيى صاحب الديلم وأمه قريبة ( فرثية خ ل ) بنت ركيح بن أبى عبيدة ، بنت أخى هند بنت أبى عبيدة ، ومن سليمان ، وادريس وأمهما عاتكة بنت عبد الملك المخزومية ، فالعقب من محمد ذى النفس الزكية ، ويكنى أبا عبد الله ، وقيل أبا القاسم ، ويلقب المهدى وهو المقتول بأحجار الزيت ، وقال أبو نصر البخاري : حملت به أمه أربع سنين . ونقل ذلك الدندانى النسابة عن جده وكان يرى رأى الاعتزال ، وحكى أبو الحسن العمرى : أنه كان تمتاما بين كتفيه خال أسود كالبيضة . وولد سنة / صفحة 104 / مائة بلا خلاف ، وقيل : مات سنة خمس وأربعين في رمضان ، وقيل : في الخامس والعشرين من رجب . وقال البخاري : وهو ابن خمس وأربعين سنة وأشهرا . وانما لقب المهدى للحديث المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وآله : إن المهدى من ولدى اسمه اسمى واسم ابيه اسم أبى . وتطلعت إليه نفوس بنى هاشم وعظموه ، وكان جم الفضائل كثير المناقب ، وحكى الشيخ أبو الفرج الاصفهانى : أن الصادق " ع " أخذ بركابه ذات يوم حتى ركب . فقيل له في ذلك فقال : ويحك هذا مهدينا أهل البيت ! . وكان المنصور قد بايع له ولاخيه ابراهيم مع جماعة من بنى هاشم ، فلما بويع لبنى العباس اختفى محمد وابراهيم مدة خلافة السفاح ، فلما ملك المنصور وعلم أنهما على عزم الخروج جد في طلبهما وقبض على أبيهما وجماعة من أهلهما فيحكى : أنهما أتيا أباهما وهو في السجن فقالا له : يقتل رجلان من آل محمد خير من أن يقتل ثمانية . فقال لهما : إن منعكما أبو جعفر أن تعيشا كريمين فلا يمنعكما أن تمونا كريمين . ولما عزم محمد على الخروج واعد أخاه ابراهيم على الظهور في في يوم واحد ، وذهب محمد إلى المدينة وإبراهيم إلى البصرة ، فاتفق أن ابراهيم مرض فحرج أخوه بالمدينة وهو مريض بالبصرة ، ولما خلص من مرضه وظهر أتاه خبر أخيه أنه قتل وهو على المنبر يخطب . ويقال : بل أتاه وهو قد توجه إلى الكوفة لحرب المنصور فقال : سأبكيك بالبيض الصفاح وبالقنا فان بها ما يدرك الطالب الوترا إلى آخره ولما بلغ أبا جعفر المنصور خروج محمد بن عبد الله خلا ببعض / صفحة 105 / أصحابه فقال له : ويحك قد ظهر محمد فماذا ترى ؟ فقال : وأين ظهر ؟ قال : بالمدينة . فقال : غلبت عليه ورب الكعبة . قال : وكيف ؟ قال : لانه خرج بحيث لا مال ولا رجال فعاجله بالحرب فأرسل إليه عيسى بن موسى بن على بن عبد الله ابن العباس في جيش كثيف فحاربهم محمد خارج المدينة وتفرق أصحابه عنه حتى بقى وحده ، فلما أحس بالخذلان دخل داره وأمر بالتنور فسجر ثم عمد إلى الدفتر الذى أثبت فيه أسماء الذين بايعوه فألقاه في التنور فاحتراق ، ثم خرج فقاتل حتى قتل بأحجار الزيت ، وكان ذلك مصداق تلقيبه النفس الزكية لانه روى عن رسول الله صلى الله وآله وسلم أنه قال : تقتل بأحجار الزيت من ولدى نفس الزكية . وكان مالك بن أنس الفقيه قد أفتى الناس بالخروج مع محمد وبايعه ولذلك تغير المنصور عليه فقال إنه خلع أكتافه . وأعقب محمد النفس الزكية من إبنه أبى محمد عبد الله الاشتر الكابلي وحده ، وكان قد هرب بعد قتل أبيه إلى السند فقتل بكابل في جبل يقال له علج وحمل رأسه إلى المنصور فأخذه الحسن بن زيد بن الحسن بن على " ع " فصعد به المنبر وجعل يشهره للناس . وقال أبو نصر البخاري : بالموصل قوم ينتسبون / صفحة 106 / إلى طاهر بن محمد ذى النفس الزكية وهم أدعياء ولا عقب له من طاهر . وقال الاشنانى أبو الحسن نسابة البصرة ومشجرها : أولد طاهر بن محمد محمدا وعليا يعرفان ببنى الضائع ( الصايغ خ ل ) وليس لهما في الشرف حظ . وذكر أن أحدهما أشهد على نفسه أنه عامى . وأما ابراهيم بن محمد ذى النفس الزكية فأعقب من محمد ابراهيم وانقرض بعد أن خلف عدة أولاد ، قال أبو نصر البخاري : لم نجد أحدا انتسب إلى ابراهيم بن النفس الزكية . قال شيخنا أبو الحسن العمرى : فعلى هذا يبطل نسب الطبلى وهو الفاتك بن حمزة بن الحسن بن الحسين بن ابراهيم بن محمد ذى النفس الزكية ، وكان الطبلى ببخارا وجرت له خطوب ولاحظ له في النسب . والعقب من محمد النفس الزكية في عبد الله الاشتر الكابلي لا غير ، كما ذكرنا ومنه في محمد الكابلي بن عبد الله بن محمد ، مولده كابل وانتقل عنها بعد قتل أبيه وقال الشيخ أبو نصر البخاري ، قتل عبد الله الاشتر بالسند وحملت جاريته وصبى معها يقال له محمد بعد قتله وكتب أبو جعفر المنصور إلى المدينة بصحة نسبه . وقال : كتب إلى حفص بن عمر المعروف بهزار مرد أمير السند بذلك . ثم قال الشيخ أبو نصر البخاري : وروى عن جعفر الصادق " ع " أنه قال : كيف يثبت النسب بكتابة رجل إلى رجل وهماهما ؟ ذكر ذلك أبو اليقظان ويحيى بن الحسن العقيقى وغيرهما والله أعلم ثم قال أبو نصر البخاري : وقال آخرون أعقب وصح نسبه . فولد محمد بن عبد الله الاشتر خمسة بنين . طاهرا وعليا وأحمد وابراهيم والحسن الاعور الجواد ( أما ) طاهر فانقرض وأما على فقال الشيخ أبو الحسن العمرى : انقرض وقال أبو نصر البخاري : الاشترية من أولاد على والحسن / صفحة 107 / ابني محمد بن عبد الله ، فأولاد الحسن قد كثروا وأولاد على دون ذلك . ثم قال : قال أبو اليقظان انقرضوا يعنى أولاد على بن محمد الاشتر والله اعلم . وأما أحمد فدرج وأما ابراهيم فقال شيخنا العمرى : أولد بطبرستان وجرجان . وعقب محمد بن عبد الله الاشتر الذى لا خلاف فيه من الحسن الاعور الجواد ، كان أحد أجواد بنى هاشم الممدوحين المعدودين . ويكنى أبا محمد ، قيل قتلته طى في ذى الحجة سنة 251 ه . وقال ابن الشعرانى النسابة المعروف بابن سلطين : قتل الحسن ايام المعتز وعقب الحسن الاعور الجواد بن محمد بن عبد الله الاشتر من أربعة رجال وهم أبو جعفر محمد نقيب الكوفة ، وأبو عبد الله الحسين نقيب الكوفة أيضا ، وأبو محمد عبد الله ، والقاسم . وذكر ابن طباطبا أبا العباس أحمد بن الحسن الاعور أيضا ، أما أبو جعفر محمد نقيب الكوفة إبن الحسن الاعور فكان سيدا نقيبا وقتل بفيد وله بقية بواسط ، منهم أبو العلى عبد الله ، وأبو السرايا الحسن ، وأبو البركات محمد بنو أبى جعفر محمد بن احمد بن أبى جعفر محمد النقيب المذكور ، ومنهم السيد العالم المحدث بهمدان أبو طالب على بن الحسين بن الحسن بن على بن الحسين بن على بن أبى جعفر محمد المذكور ، وأما أبو عبد الله الحسين نقيب الكوفة بعد أخيه ابن الحسن الاعور ، فكان له عقب بالكوفة يعرفون ببنى الاشتر انقرضوا بعد أن بقيت بقيتهم إلى المائة السادسة ، وأما بنو أبى محمد عبد الله بن الحسن الاعور فهم بخراسان وآمل واستراباد ، وقد كثر فيهم الادعياء ، وكان من ولده بجرجان ناصر بن على بن محمد بن على بن عبد الله / صفحة 108 / المذكور ، وله بها ولد ، وكان عبد الله بن الاعور قد أعقب من ثلاثة رجال على والقاسم وأحمد . أما على فله ولدان الحسن وأبو جعفر محمد ، ولدهما بجرجان ونيسابور وطبرستان ، منهم أبو الفضل على بن أبى هاشم محمد بن أبى الفضل عبد الله بن أبى جعفر محمد بن على بن عبد الله بن الاعور ، مولده نيسابور في آخرين من اخوته وبنى عمه وبنى إخوته . وأما القاسم بن الحسن الاعور ، فذكر أن ولده بطبرستان ، وأولاده محمد وعلى وعبد الله والحسن والحسين ، قال ابن طباطبا : وما وقع إلى نبأ من أخبارهم ولا عرفني أحد عقبا لهم والله بحالهم أعلم . فمن ذكر أنه من ولد القاسم احتاج إلى بينة عادلة تقوم له بصحة دعواه ، وأما أبو العباس أحمد بن الحسن الاعور فولده أبو جعفر محمد بن أحمد والحسن والحسين ولابي جعفر محمد وأحمد وعلى وقيل هما بجرجان ، قال أبو عبد الله بن طباطبا : ولم يقع إلى أحد من ولد أحمد ولا عرفني أحد لهم عقبا باقيا . فمن ذكر أنه من ولده احتاج إلى بينة عادلة تقوم له بصحة دعواة . قلت : والظاهر أنه انقرض ، ولهذا لم يعده الشيخ النقيب تاج الدين بن معية في المعقبين - ( آخر ولد محمد النفس الزكية ) - والعقب من ابراهيم قتيل باخمرى بن عبد الله المحض بن الحسن بن الحسن ابن على بن أبى طالب " ع " يكنى أبا الحسن ، وكان يرى مذهب الاعتزال وكان شديد الايد ، فيحكى : أنه كان واقفا مع أخيه محمد وأبيه وإبل لهم تورد وفيها ناقة شرود لا تملك فأقبلت مع الابل ترد ، فقال محمد لابراهيم وهو ملتف في شملة : إن رددتها فلك كذا وكذا : فوثب ابراهيم فقبض على ذنبها فشردت وتبعها إبراهيم ممسكا بذنبها حتى غابا عن أعينهم . فقال عبد الله لابنه : بئس ما صنعت / صفحة 109 / عرضت أخاك للتلف . فلما كان بعد ساعة أقبل ابراهيم متلفا بشملته ، فقال له محمد : ألم أقل لك إنك لا تقدر على ردها ؟ فأخرج ذنب الناقة فألقاه وقال : أما يعذر من جاء بهذا ؟ وكان ابراهيم من كبار العلماء في فنون كثيرة : يقال إنه كان أيام اختفائه بالبصرة قد اختفى عند المفضل بن محمد الضبى فطلب منه دواوين العرب ليطالعها فأتاه بما قدر عليه فأعلم ابراهيم على ثمانين قصيدة ، فلما قتل ابراهيم استخرجها المفضل وسماها ( المفضليات ) وقرئت بعده على الاصمعي فزاد فيها ، وظهر ابراهيم ليلة الاثنين غرة شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة بالبصرة وبايعه وجوه الناس ، منهم بشير الرحال ، والاعمش سليمان بن مهران ، وعباد بن منصور القاضى صاحب مسجد عباد بالبصرة ، والمفضل بن محمد ، وسعيد بن الحافظ في نظرائهم ويقال إن أبا حنيفة الفقية بايعه أيضا وكان قد أفتى الناس بالخروج معه ، فيحكى أن امرأة أتته فقالت : إنك أفتيت ابني بالخروج مع ابراهيم فخرج فقتل فقال لها . ليتنى كنت مكان ابنك وكتب إليه أبو حنيفة . أما بعد فانى قد جهزت اليك أربعة الآف درهم ولم يكن عندي غيرها ، ولولا أمانات للناس عندي للحقت بك ، فإذا لقيت القوم وظفرت بهم فافعل كما فعل أبوك في أهل صفين ، أقتل مدبرهم وأجهز على جريحهم ولا تفعل كما فعل أبوك في أهل الجمل فان القوم لهم فئه . ويقال أن هذا الكتاب وقع إلى الدوانيقي وكان سبب تغيره على أبى حنيفة . وكان ابراهيم قد يلقب بأمير المؤمنين وعظم شأنه وأحب الناس ولايته وارتضوا سيرته ، فقلق الدوانيقي لذلك قلقا عظيما ، وندب إليه عيسى بن موسى من المدينة إلى قتاله وسار ابراهيم من البصرة حتى التقيا بباخمرى - قرية قريبة من الكوفة - وانهزم عسكر عيسى بن موسى ، فيحكى أن ابراهيم نادى : لا يتبعن أحد منهزما ، فعاد أصحابه فظن أصحاب موسى أنهم انهزموا فكروا عليهم فقتلوه وقتلوا / صفحة 110 / أصحابه إلا قليلا . وقيل بل انهزم بعض عسكر عيسى على مسناة ملتوية فلما صاروا في عكسها ظن أصحاب ابراهيم أنهم كمين قد خرج ؟ عليهم ، ورفع ابراهيم البرقع عن وجهه فجاءه سهم غائر فوقع على جبهته فقال : الحمدلله أردنا أمرا وأراد الله غيره أنزلوني وكان آخر امره ، ولما اتصل بالمنصور أنهزام عسكره وهو بالكوفة اضطرب اضطرابا شديدا وجعل يقول : فاين قول صادقهم أين لعب الغلمان والصبيان ؟ ثم جاءه بعد ذلك خبر الظفر ، وجيئ برأس ابراهيم فوضعه في طشت بين يديه والحسن بن زيد بن الحسن بن على " ع " واقف على رأسه عليه السواد فخنقته العبرة ، والتفت إليه المنصور وقال : أتعرف رأس من هذا ؟ فقال : نعم : فتى كان تحميه من الضيم نفسه * وينجيه من دار الهوان اجتنابها فقال المنصور : صدقت ولكن أراد رأسي فكان رأسه أهون على ولوددت انه فاء إلى طاعتي . وكان قتل ابراهيم - على ما قال أبو نصر البخاري - لخمس بقين من ذى القعدة سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن ثمانى وأربعين سنة ، وقال أبو الحسن العمرى : قتل في ذى الحجة من السنة المذكورة ، وحمل بن أبى الكرام الجعفري رأسه إلى مصر . وعقب ابراهيم من ابنه الحسن لا عقب له من غيره وباقى أولاده بين دراج ومنقرض ، وأم الحسن أمامة بنت عصمة العامرية من بنى جعفر بن كلاب وكان وجيها مقدما طلبت له زوجته أمانا من المهدى لما حج فأعطاها إياه ، وكان المنصور الدوانيقي قد بالغ في طلبه وطلب عيسى بن زيد بعد قتل ابراهيم فلم يقدر عليهما وأعقب الحسن بن ابراهيم من عبد الله وحده ، وأمه مليكة بنت عبد الله ابن أشيم تميمية من بنى مالك بن حنظلة ، فأعقب عبد الله بن الحسن بن ابراهيم من رجلين ، ابراهيم الازرق ، ومحمد الاعرابي وأمهما أم ولد ، أما ابراهيم الازرق ابن عبد الله بن الحسن بن ابراهيم فولده بينبع يقال لهم : بنو الازرق وأعقب / صفحة 111 / من رجلين أبى على أحمد ، وأبى حنظلة داود لهما عقب منتشر ، وعقب أحمد بن الازرق يرجع إلى أبى الحسين أحمد النسابة صاحب الخاتم ، وأبى عبد الله سليمان ابني أبى حنظلة محمد بن أحمد المذكور ، وعقب داود يرجع إلى أبى سليمان محمد الملقب حزيمات ( جويمات خ ل ) والحسن إبنى داود ، فمن ولد الحسن بن داود رزق الله الملقب بخندريس بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن محمدد ابن عبد الله بن الحسن المذكور ، له عقب وله عم اسمه الحسن أعقب من الحسين الملقب زينخا ، له أيضا عقب ، ومن بنى محمد حزيمات سليمان بن سليمان بن محمد حزيمات المذكور له عقب ، ومن بنى ابراهيم بن عبد الله بقية بينبع والعراق وخراسان وما وراء النهر . وأما محمد الاعرابي بن عبد الله بن الحسن بن ابراهيم ، فعقبه من ابراهيم قال الشيخ النقيب تاج الدين محمد بن معية الحسنى رحمه الله : وعقب ابراهيم بن محمد قليل . وعد أحمد صاحب الخاتم من بى ابراهيم الازرق ، وهو قول شيخ الشرف العبيدلى ، وأما ابن طباطبا وأبو الحسن العمرى فقالا : إن أحمد صاحب الخاتم ابن محمد بن أحمد بن ابراهيم بن محمد الحجازى المعروف بالاعرابي فعقب ابراهيم قتيل باخمرى متفرق من ابراهيم الازرق ، الحجازى ، وقيل : إن لعبدالله بن الحسن بن ابراهيم قتيل باخمرى ولدا اسمه على أعقب وهو باطل قال أبو نصر البخاري : المنتسبون إلى عبد الله بن الحسن بن ابراهيم قتيل باخمرى من جهة على بن عبد الله لا يصح لهم نسب . قال : وذكر أحمد بن عيسى في أنسابه أن عبد الله بن الحسن كتب في وصيته : ( ولا عقب لى إلا من محمد وابراهيم وأما على فلا أعرفه ولا رأيت أمه ) - آخر بنى ابراهيم قتيل باخمرى - والعقب من موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن بن الحسن بن على ابن أبى طالب " ع " ويكنى أبا الحسن ، وقيل أبا عبد الله ، وكان أسود اللون فلقبته أمه هند الجون ، وكانت ترقصه وهو طفل وتقول . / صفحة 112 / إنك أن تكون جونا أفرعا يوشك أن تسودهم وتبرعا وكان موسى شاعرا ولما قبض المنصور على أبيه وأهله أخذه فضربه ألف سوط ثم قال له : أتعلم ما هذا ؟ هذا سجل قاض عليك منى . ثم قال له : انى مرسلك إلى الحجاز لتأتينى بخبر أخويك محمد وابراهيم . فقال موسى : إنك ترسلني إلى الحجاز والعيون ترصدني فلا يظهران لى . فكتب إلى والى الحجاز أن لا يتعرض له ، فخرج إلى الحجاز وهرب إلى مكة فلما قتل أخوه حج المهدى محمد بن المنصور في تلك السنة فقال له في الطواف قائل : أيها الامير لى الامان وأدلك على موسى الجون بن عبد الله ؟ فقال المهدى : لك الامان إن دللتني عليه . فقال : الله أكبر أنا موسى بن عبد الله . فقال المهدى : من يعرفك ممن حولك من الطالبية ؟ فقال : هذا الحسن بن زيد ، وهذا موسى بن جعفر ، وهذا الحسن بن عبيدالله بن العباس ابن على ، فقالوا جميعا . صدق هذا موسى بن عبد الله بن الحسن . فخلى سبيله ، وعاش موسى إلى أيام الرشيد ، ودخل ذات يوم فلما قام من عنده عثر بطرف البساط فسقط ، فضحك الرشيد ، فالتفت إليه موسى وقال : يا أمير المؤمنين انه ضعف صوم لا ضعف سكر . ومات بسويقة ، وفى ولده العدد والامرة بالحجاز وعقبه من رجلين ، عبد الله الشيخ الصالح ، ويلقب بالرضا أيضا وكان المأمون قد / صفحة 113 / عين عليه وعلى على بن موسى بن جعفر " ع " فخرج عبد الله على وجهه هاربا من بنى العباس إلى البادية ومات بها ، وله شعر وقد روى الحديث ، ومن ابراهيم بن الجون ، وأمهما أم سلمة بنت محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبى بكر وأم طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمان عائشة بنت طلحة بن عبيدالله ، وأمها أم كلثوم بنت أبى بكر الصديق . أما ابراهيم بن الجون فأعقب من يوسف الاخيضر وحده أمه قطبية بنت عامر من بنى الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب ، وأعقب يوسف الاخيضر ابن ابراهيم بن موسى الجون من ثلاثة الامير أبو عبد الله صاحب اليمامة يعرف بالاخيضر الصغير ، وأبو الحسن ابراهيم ، وأبو جعفر أحمد ، وكان له أولاد أخر منهم الحسن بن يوسف ظهر بالحجاز وقتله بنو العباس بمكة . ومنهم اسماعيل ابن يوسف ظهر بالحجاز وغلب على مكة أيام المستعين وغور العيون واعترض الحاج فقتل منهم جمعا كثيرا ، ونهبهم ونال الناس بسببه بالحجاز جهد كثير ، ثم مات على فراشه فجأة في ربيع الاول سنة اثنتين وخمسين ومائتين ولا عقب له ، وقام أخوه محمد بن يوسف بعد وفاته وأزرى على فعله في السفك والنهب والفساد فأرسل المعتز بالسفاح الاسروشى في عسكر ضحم فهرب محمد منهم وسار إلى اليمامة فملكها وملكها أولاده بعده فهم هناك يقال لهم الاخيضريون ، وبنو يوسف أيضا . وولد الامير أبو عبد الله محمد بن يوسف صاحب اليمامة اثنى عشر ابنا أعقب منهم ثلاثة ، وهم يوسف الامير وفيه البيت والعدد ، وابراهيم . وأبو عبد الله محمد بن محمد قتيل القرامطة ، قتل هو وبنو أخيه اسماعيل وابراهيم وادريس الاكبر والحسين بنو يوسف الاخيضر سنة ست عشرة وثلاثمائة في موضع واحد حامى بعضهم عن بعض ، وقد كان صالح بن يوسف أعقب وانتشر عقبه ولكنه انقرض . أما يوسف الامير بن محمد بن يوسف الاخيضر بن ابراهيم بن الجون / صفحة 114 / فأعقب من ثلاثة رجال اسماعيل قتيل القرامطة ويكنى أبا ابراهيم ، وأبو محمد الحسن ، وأبو عبد الله محمد يدعى زغيبا أما أبو عبد الله محمد زغيب بن يوسف ابن محمد فنقبه كثير منتشر ، وأما أبو محمد الحسن بن يوسف بن محمد فأعقب من رجلين ، وهما أبو جعفر أحمد أمير اليمامة ، وعبد الله الملقب فروخا أعقب أبو جعفر أحمد أمير اليمامة من رجلين وهما أبو عبد الله محمد الامير ، وأبو المقلد جعفر يلقب عبرية ، له عقب كثير ، أما أبو عبد الله محمد الامير بن أبى جعفر أحمد بن الحسن بن يوسف فأعقب من ولديه أحمد وعبد الله لكل منهما ولد ، وأما أبو المقلد جعفر بن أبى جعفر أحمد بن الحسن بن يوسف فأعقب من خمسة رجال محمد الامير وعلى والحسن ، ومقلد ، وجعفر بن جعفر " وأعقب " عبد الله الملقب فروخا من رجلين ابراهيم الملقب بعيثار وعيسى ، لهما أولاد وأولاد أولاد ، فمن ولد ابراهيم بن عبد الله فروخ عيثار بن المنفقية ( المنتفقية خ ل ) وهو ابن الحسن ابن ابراهيم بن فروخ ، ونقل الشيخ أبو الحسن العمرى عن أبى الحسن الاشنانى النسابة في الحسن بن ابراهيم غمزا والله أعلم . وأما أبو ابراهيم اسماعيل قتيل القرامطة ابن يوسف بن محمد بن يوسف الاخيضر وقد ولى اسماعيل أمر اليمامة ، قال الشيخ أبو الحسن العمرى : ووجوه الاخيضريين اليوم من ولد اسماعيل . وأعقب من رجلين صالح أمير اليمامة ، وأحمد الملقب حميدان يكنى أبا جعفر ، وقال ابن طباطبا : أبا الضحاك . أما صالح بن اسماعيل فله محمد أبو صالح ، ولمحمد بن صالح عبد الله يعرف بالجوهرة ، وله ولد وإخوه وأما / صفحة 115 / أبو جعفر أحمد الملقب حميدان ، فله عقب كثير يقال لهم : بنو حميدان . ومنهم بنو الدكين وهو أبو الفضل بن حميدان ، وبنو الالف وهو أبو العسكر بن حميدان ومنهم الحسن بن حميدان أعقب من ولده معيد بن الحسن ، وذو الوقار الفقيه العالم المتكلم الضرير المكنى بأبى الصمصام في قول من يصح نسبه بن محمد بن المعيد هذا والله أعلم . ومنهم محمد بن حميدان له بقية بالعراق - آخر ولد يوسف الامير ابن محمد بن يوسف الاخيضر بن ابراهيم بن موسى الجون بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن على بن أبى طالب " ع " - . أما ابراهيم بن محمد بن يوسف الاخيضر فأعقب - على ما قال ابن طباطبا - من أربعة رجال وهم صالح أعقب من رجلين محمد له أولاد وأولاد أولاد وابراهيم له ولدان محمد وأحمد ولهما أولاد ، وحميدان اسمه احمد ، ومحمد . فمن بنى أحمد حميدان صالح الدندانى القصير ابن نعمة بن محمد بن أحمد المذكور ، لقيه أبو نصر البخاري ، ورآه العمرى سنة خمس وثلاثين وأربعمائة ومنهم سليمان ويسمى سالما بن اسماعيل بن احمد المذكور ، أولد وأنكره ولده بنو الاخيضر . وأما أبو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف قتيل القرامطة فأعقب من ولديه يوسف ورحمة أبو يوسف ، لهما أولاد ، أما رحمة بن محمد بن محمد فولده أحمد بن رحمة له أولاد باليمامة وخرج إلى خراسان ، وأما أبو الحسن ابراهيم بن يوسف الاخيضر بن ابراهيم فأعقب من رجل واحد وهو رحمة أمه فاطمة بنت اسحاق ابن سليمان بن عبد الله بن الجون ، وأعقب رحمة من أحمد بن رحمة ومحمد بن رحمة لهما أولاد وانتشار ، ومن الحسين بن رحمة له أولاد ولاؤلاده أولاد ، ومن اسماعيل بن رحمة ، له أولاد ولاؤلاده أولاد . أما أبو جعفر أحمد بن يوسف الاخيضر بن ابراهيم فأعقب رجلين يوسف وعبد الله ، أما عبد الله فعقبه بالحجاز ، وأعقب من رجل واحد هو / صفحة 116 / محمد بن عبد الله ، وعقب يوسف باليمامة كان من ابراهيم ومحمد وهو الذى يقال له الفرقانى نودى عليه ببغداد وتبرأ من النسب فوجه إليه أخوه ابراهيم بن يوسف رسولا قاصدا فحمله إلى اليمامة ، قال الشيخ العمرى : وهذا يدل على صحة نسبه وله عقب هناك وقال الشيخ أبو عبد الله بن طباطبا الحسنى : سألت أهل اليمامة من العلويين عن هذا البيت فلم يعرفه أحد منهم ولا ذكروا بقية لهم . حدثنى الشيخ المولى السعيد العلامة النقيب تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معية الحسنى أن ابراهيم بن شعيب اليوسفي حدثه أن بنى يوسف الاخيضر مع عامر وعايد نحو من ألف فارس يحفظون شرفهم ولا يدخلون فيهم غيرهم ، ولكنهم يجهلون أنسابهم ويقال لهم بنو يوسف - آخر ولد يوسف الاخيضر وهم آخر ولد ابراهيم ابن الجون والله اعلم - . أما عبد الشيخ الصالح ابن الجون وعقبه أكثر بنى الحسن عددا وأشدهم باسا وأحماهم ذماما ، فأعقب من خمسة رجال وهم موسى الثاني ، وسليمان ، وأحمد المسور ويحيى السويقى ، وصالح . أما صالح بن عبد الله بن الجون فهو أقل اخوته عقبا أعقب من ولده ابى عبد الله محمد الشاعر ، ويقال له الشهيد كان قد خرج على الحاج ايام المتوكل وأخذ وحبس بسر من رأى وطال حبسه ، ومدح المتوكل بعدة قصائد وعمل في السجن شعرا كثيرا منه القطعة السائرة وهى: طرب الفؤاد وعاودت أحزانه وتلعب شغفا به أشجانه وبدا له من بعد ما اندمل الهوى برق تألق موهنا لمعانه / صفحة 117 / يبدو كحاشية الرداء ودونه صعب الذرى متمنع اركانه فدنا لينظر كيف لاح فلم يطق نظرا إليه ورده سبحانه فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه والماء ما سحت به أجفانه إلى آخرها ، وكانت هذه القطعة سبب خلاصه من السجن ، وذلك إن ابراهيم ابن المدبر أحد وزراء المتوكل توصل بأن أمر بعض المغنين أن يغنى بها في مجلس المتوكل فلما سمعها المتوكل سأل عن قائلها فاخبره ابراهيم الوزير أنها لمحمد بن صالح وتكفل به فاخرجه المتوكل من السجن ولم يمكنه من الرجوع إلى الحجاز فبقى بسر من رأى إلى أن مات ، وحكى الشيخ تاج الدين في كتابه ( هداية الطالب ) مسندا عن محمد بن صالح أنه قال : خرجنا على القافلة قاقلة الحاج التى جمع عليها قال فقتلنا من كان فيها من المقاتلة وغلبنا عليها فدخل أصحابي القافلة يغنمون ما فيها ووقفت أبا على تل هناك فكلمتني امرأة في هودج وقالت : من رئيس هؤلاء القوم ؟ فقلت لها : وما تريدين منه ؟ قالت : إنى قد سمعت أنه رجل من اولاد رسول الله صلى الله عليه وآله ولى إليه حاجة . فقلت لها : هو هذا يكلمك . فقالت أيها الشريف اعلم أنى ابنة ابراهيم بن المدبر ولى في هذه القافلة من الابل والمال والاقمشة ما يجل وصفه معى في هذا الهودج من الجواهر ما لا يحصى قيمة وأنا اسألك بحق جدك رسول الله وأمك فاطمة الزهراء أن تأخذ جميع ما معى حلالا لك وأضمن لك ايضا مهما شئت من المال أقترضه من التجار بمكة وأسلمه إلى من أردت ولا تمكن أحدا من أصحابك أن يعرض لى ولا يقرب من هودجي هذا ، قال : فلما سمعت كلامها ناديت في أصحابي : ألا من أخذ شيئا يرده . فتركوا ما أخذوا وخرجوا إلى فقلت لها : جميع ما معك من المال والجواهر وجميع ما في هذه القافلة هبة منى لك . ثم ذهبت انا واصحابي ولم نأخذ من تلك القافلة قليلا ولا كثيرا ، قال : فلما قبض على وحملت إلى سر من رأى وحبست دخل على السجان ذات ليلة فقال بباب السجن نساء يستأذن في الدخول عليك ، فقلت في نفسي لعلهن بعض نساء اهلي / صفحة 118 / المقيمين بسر من رأى فأذنت لهن فدخلن إلى وتلطفن بى وحملن معهن شيئا من أطيب الطعام وغيره وبذلن للسجان شيئا من المال وسألته في التخفيف عنى وفيهن امرأة تفوقهن هي تولت ذلك ، فسألتها من هي ؟ فقالت : أو ما تعرفني ؟ فقلت : لا . فقالت ! انا ابنة ابراهيم ابن المدبر التى وهبت لها القافلة ، ثم خرجن ولم تزل تلك المرأة تتفقدنى وتتعهدني في مدة مقامي في السجن وكانت هي السبب في توصل ابيها إلى خلاصى وتكلم الناس في حال هذه المرأة وحال الشريف محمد بن صالح بعد خلاصة من السجن وأراد الشريف أن يتزوجها فخطبها إلى ابيها ابراهيم فقال للرسول والله انى لاعلم أن لى في هذا شرفا ومنزلة وما كنت أطمع في مثله ولكن الناس قد تكلموا فيهما وانا اكره القالة فلما بلغ ذلك الشريف قال : رمونى وأياها بشنعاءهم بها أحق ، أدال الله منهم فعجلا بأمر تركناه وحق محمد عيانا ، فاما عفة أو تجملا ثم إن ابراهيم بن المدبر زوجها له ، وكان الشيخ تاج الدين رحمه الله يقول : إن قبره ببغداد وهو المشهور بمحمد الفضل صاحب المشهد وقبره يزار . قال : وما يقال من أنه قبر محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق ( ع ) فغير صحيح . وما كان الله ليرزقه شيئا من الفضل مع ما فعل مع عمه موسى الكاظم " ع " وكان قد سعى به إلى الرشيد حتى قتل قلت : هكذا يقول رحمه الله ، ولكني وجدت أن محمد بن صالح توفى بسر من رأى ولم ينقله احد إلى بغداد قطعا والله سبحانه أعلم ، وأعقب أبو عبد الله محمد بن صالح من ابنه عبد الله ليس له عقب من غيره ، فأعقب عبد الله بن محمد من ابنه الحسن الشهيد قتيل جهينة وحده فاعقب الحسن الشهيد من ثلاثة رجال هم أبو الضحاك عبد الله ، وأحمد وسليمان يقال لبنى عبد الله آل ابى الضحاك ، منهم آل حسن وهو حسن بن زيد بن أبى الضحاك ، وآل هذيم وهو هذيم بن مسلم بن زيد بن ابى الضحاك وأما يحيى بن عبد الله بن موسى الجون ، ويلقب السويقى ويقال لولده السويقيون فاعقب / صفحة 119 / من رجلين ابى حنظلة ابراهيم ، وابى داود محمد السويقى ، أما أبو حنظلة ابراهيم فاعقب من رجلين سليمان ، والحسن كذا قال الشيخ العمرى ، واكثر عقبه بالحجاز ، وقال ابن طباطبا : العقب من ابى حنظلة ابراهيم بن يحيى ، في الحسن وسليمان ، له اولاد باليمامة ( منهم ) صالح بن موسى بن الحسين بن سليمان بن ابراهيم بن يحيى المذكور ، كان نازلآ على ابن مزيد الاسدي ، وكان شيخا ذا عقل ودين وله ولدان ابراهيم ويحيى ولكل منهما اولاد ، وادعى انسان كان من المتفقهة بالاردن قاضيا بزعر من بيت المقدس نسبه وكتبوا إلى يسألون عنه فاجبت بانه في دعواه قد تمرض وأن هذا شيخ من شيوخ بنى حسن من البادية ولا أعلم بعد ذلك من أمر المدعى شيئا ، وأما أبو داود محمد بن يحيى السويقى فقال الشيخ تاج الدين أعقب من ثمانية رجال وقال أبو عبد الله بن طباطبا : أعقب من سبعة هم يحيى ويوسف الخيل والعباس وعبد الله وداود وعلى والقاسم ( وزاد ) النقيب تاج الدين ابا جعفر احمد ، وقد عده الشيخ أبو الحسن العمرى معقبا فمن بنى القاسم بن محمد بن يحيى ويكنى بابى محمد ، أبو جعفر احمد وابو عبد الله محمد ، ولهما عقب ، ومن بنى العباس بن محمد بن يحيى ، يحيى بن العباس ، وله عقب كثير وهو فارس من فرسان بنى حسن قال شيخ الشرف : أبو الحسن محمد بن ابى جعفر العبيدلى : رأيت يحيى هذا طويلا اسود قوى القلب قتل في البطائح بنشابة رماه بها الا ادليلا وأولد بالعراق عدة أولاد منهم : أبو الغنائم يحيى بن يحيى ، له جعفر بن ابى الغنائم ومنهم محمد بن يحيى له يحيى بن محمد بن يحيى ، ومن بنى على وهو أبو الحسن الشاعر بن محمد بن يحيى ، أبو طالب محمد والحسين وأحمد لهم اولاد وأعقاب ، وكان لعلى الشاعر ، الحسن ايضا لم أعرف له عقبا ، ومن بنى داود بن محمد بن يحيى ويكنى أبا الحمد ، على الملقب كزرا ، وكثير ، وداود ابن سليمان ابن ابى الحمد لهم أعقاب يقال له آل ابى الحمد ، ومنهم الحسن بن محمد بن داود بن سليمان بن ابى الحمد ، له عقب بينبع ومن ولد عبد الله بن محمد / صفحة 120 / ابن يحيى ويكنى ابا محمد ، ويلقب الغلق ، وله عقب يقال لهم بنو الغلق ، أبو الحسين عبد الله يقال له الكوسج بن ابى الحسين بن يحيى النسابة بن عبد الله هذا وجه من وجوه بنى حسن وفرسانهم ، قال ابن طباطبا : وهو الغلق ، ومن ولد يحيى ابن محمد بن يحيى ويلقب الكلح أبو الحريش ، نعمة بن يحيى ، بطل شجاع وميمون وسبظم بنو يحيى بن محمد بن يحيى قال العمرى وانقرض يحيى ومن ولد يوسف الخيل ابن محمد بن يحيى ، أحمد وعبد الله ويوسف المكنى أبا السفاح بنو يوسف الخيل فمن بنى احمد بن يوسف الخيل الفدكى يقال لولده آل الفدكى واخوه محمد المبعوج بن احمد بن يوسف يقال لولده آل المبعوج ، وداود بن يوسف بن احمد بن يوسف الخيل ، ولده يقال لهم آل داود الاعمى وهم بالحجاز واليمن ، وأما احمد بن المسور بن عبد الله بن موسى الجون وإنما لقب المسور لانه كان يعلم في الحرب بسوار يلبسه ، ويقال لولده الاحمديون وهم عدد كثير أهل رياسة وسيادة فاعقب من ثلاثة محمد الاصغر وصالح وداود فاعقب محمد الاصغر بن أحمد المسور من ثلاثة على الغمقى وجعفر الكشيش ويحيى السراج ، أما على الغمقى وهو منسوب إلى الغمق منزل بالبادية كان ينزله وولده يعرفون بالغميقيين ويقال لهم الغموق ايضا وهم عدد كثير بالحجاز والعراق ، فاعقب رجلين الحسن وعقبه من اسحاق المطر في بن الحسن يقال لولده آل المطر في ، منهم مسلم بن اسحاق ، يقال له ابن المعلمية ومن أحمد على الغمقى أعقب من عبد الله الامير ظهر أيام الراضي وله عقب منتشر ، فمن ولده على بن ادريس بن عبد الله المذكور ، قتله القصرى الحائري وخلق أربعة أولاد منهم موسى بن القاسم ابن عبد الله المذكور مات ( بميا فارقين ) سنة احدى وثلاثين وأربعمائة ، ومن بنى الغمقى آل عرفة وآل جماز بن ادريس وآل سلمة ، والسيد فضل بن المطر في / صفحة 121 / كان شاعرا خليعا سافر وغاب خبره ، أما جعفر الكشيش وعقبه يعرفون ببنى كشيش اكثرهم بينبع ونواحيها وفيهم عدد ، وأما يحيى السراج ابن محمد الاصغر بن احمد المسور فعقبه يعرفون ببنى السراج فله عدة اولاد منهم على بن احمد بن يحيى السراج ، وعبد الله وموسى ابنا الحسين بن احمد بن يحيى السراج ، وأما صالح بن احمد المسور بن عبد الله بن موسى الجون فأعقب من ابنه موسى وأعقب موسى بن صالح من أربعة رجال هم أحمد وميمون وصالح ونافع بنو موسى المذكور ، منهم الحسن بن موسى بن صالح وعبد الله بن ميمون بن صالح ، وأعقب داود بن احمد المسور بن عبد الله بن موسى الجون من ستة رجال الحسين وعلى الازرق وادريس الامير وأبو الكرام عبد الله وجعفر والحسن الاصغر المترف ، فمن ولد على الازرق بن داود الحسن بن على يكنى ابا القاسم . ويقال لولده آل الفنيد ، وذكر ابن طباطبا أن الفنيد هو احمد بن على الازرق ، ومن بنى ادريس الامير ، الحسن البيتح والحسين النسابة ابنا ادريس لهما عقب وداود بن ادريس أعقب من عشرة رجال ، وعبد الله بن ادريس من ولده الحسين والحسن وسالم ورشيد وراشد بنو حمزة بن عبد الله هذا يقال لهم آل حمزة والقاسم بن ادريس له عقب ومن بنى أبى الكرام عبد الله بن داود بن احمد المسور وولده يقال لهم الكراميون ، وكان له عدة أولاد ، منهم يحيى وعلى وأحمد ومحمد وموسى : ومن بنى جعفر بن داود بن أحمد المسور ، أحمد الشاعر الشجاع الجواد ، وأخوه أبو محمد القاسم الامير أعقب القاسم بن جعفر من ثمانية رجال ، ومن ولده كيثم بن مالك بن القاسم أعقب من ستة عشر ولدا ومن بنى الحسن المترف بن داود بن احمد المسور أحمد الشاعر الجواد الشجاع واخوه الجواد ، ويقال لولده المتارفة ، وأعقب من / صفحة 122 / رجلين على المترف وأحمد المترف ، فمن بنى احمد المترف بن الحسن المترف المفاضلة ولد مفضل بن احمد منهم يحيى وخصيب ابنا جعفر بن احمد بن مفضل ابن احمد لهما عقب ، ومنهم موسى وعلى وعطية بنو محمد بن جعفر المذكور ومنهم خليفة وعلى وابو السعود يحيى ويدعى مسعودا بنو ثابت بن يحيى بن جعفر المذكور ، لهم أعقاب ، وبقية على المترف من رجلين الحسن ومن ولده الحرشان وهم ولد على بن الحسن بن على المترف ، ومنهم سوار بن محمد بن عبد الله بن الحسن المذكور له عقب بالحلة منهم آل مسلم بن حسن بن مفلح بن سوار ، وأحمد ابن على المترف من ولده الليول ولد أبى الليل بن عبد الله بن احمد هذا ، منهم عطية وعطوة ابنا سليمان بن محمد بن يحيى بن ابى الليل لهما عقب بالحلة . قال الشيخ العمرى : وكان من الاحمديين بالموصل شيخ حجازى يقال له الحسن ابن ميمون الاحمدي له بالموصل ولد إلى اليوم في جرائد النقباء ولم يثبت في المشجرات فولده إذا في ( صح ) وما للحسين بن داود بن على عقب . وأما سليمان بن عبد الله الشيخ الصالح بن موسى الجون وكان سيدا وجيها ، وولده في بادية بالمخلاف ، وسمعت أنهم قد بنوا هناك مدنا وقد أبرزوا الجدران ومع ذلك فباديتهم كثيرة وفيهم عدد وأفخاذ وقبائل وشدة باس ونجدة وفرسان العرب وفتاكها ينتجعون القطن ، أهل نعم وشاة وخيل وعبيد وإما يبارون الريح سخاءا ولهم منع الجار وحفظ الذمار ، فأعقب سليمان من رجل واحد وهو ابنه داود وأعقب داود بن سليمان من خمسة رجال أبو الفاتك عبد الله ، والحسين الشاعر والحسن المحترق ، وعلى ومحمد المصفح فولد محمد المصفح بن داود ثمانية اولاد / صفحة 123 / وهم عبد الله وزيد واحمد وعبيد الله وموسى واسحاق وابراهيم أبو الحسين والحسن الشاعر ، ولبعضهم أعقاب وقال ابن طباطبا : العقب من محمد المصفح له فرع وذيل ، وموسى له عدد واحمد في ( صح ) واسحاق وابراهيم والحسن . هذا كلامه وولد على بن داود بن سليمان بادية حول مكة وعقبه في الحسين العابد الشبيه ، وأبى المجيب الحسن واحمد ، قال أبو عبد الله بن طباطبا : فمن ولد أبى عبد الله الحسين العابد الشبيه ، محمد والقاسم وجعفر ، لمحمد محمد وللقاسم محمد ايضا ومن ولد أبى المجيب الحسن ، يوسف بن القاسم بن الحسن ، وبنو عمه ، ومن بنى نعمة بن على ابن داود - ولم يذكره ابن طباطبا وذكره الشيخ أبو الحسن العمرى - حسان بن احمد بن نعمة واحمد ومحمد وعبد الله وعقب بنى يوسف بن نعمة ، ومن بنى سعيد بن على بن داود ولم يذكره ابن طباطبا وذكره عيره محمد ويحيى ابنا على بن على بن سعيد وولد الحسن المخترق بن داود بن سليمان بادية حول مكة ، وكان له اربعة أولاد محمد واحمد وعلى وابراهيم أما ابراهيم بن الحسن المحترق ، وكان له الحسن ، درج ومحمد ميناث وللثلاثة الاخر أعقاب وولد الحسين الشاعر بن داود بن سليمان ، عبد الله ابا الهند الشاعر والحسن يلقب زنجية ، وميمون ويحيى وداود ، أما داود بن الحسين الشاعر فميناث وأعقب الباقون وولد أبو الفاتك عبد الله بن داود ابن سليمان ويقال لولده
الفاتكيون وفيهم رياسة وتقدم وعاش أبو الفاتك مائة وخمسا وعشرين سنة وأعقب
من ثمانية رجال اسحاق ومحمد وأحمد وصالح وجعفر والقاسم والنسابة وداود وعبد
، الله قال الشيخ تاج الدين : اعقابهم بالمخلاف من اليمن . ونقلت من خط
السيد العالم عبد الحميد بن التقى النسابة الحسنى : انهم بمخلاف ابن طوق من
خرص إلى جبل ابن فيل من اليمن وهم عالم عظيم وقد ملكوا هناك . أما اسحاق بن
أبى الفاتك فكان فارس بنى حسن في زمانه وجوادهم وشجاعهم وله عدد ، ومن ولده
محمد وعلى وادريس والقاسم لهم عقب ، وأما محمد بن أبى / صفحة 124 / الفاتك
، فله عدة أولاد ، منهم أحمد وعبد الله واسحاق وعبد الرحمان والحسن وعامر
والمطاع ، فمن بنى عبد الرحمان بن محمد بن أبى الفاتك ، أبوالوفا أحمد بن
عبد الرحمان ، يقال لولده بنو الحجازى كانوا ببغداد وطرابلس وغيرهما ، وأما
أحمد بن أبى الفاتك ويكنى أبا جعفر وكان مقدما على جماعة وعاش مائة وسبعا
وعشرين سنة ، وله عقب كثير رؤساء ونقباء ، فولده عشرة رجال على وسليمان
وعبد الله وداود وموسى وأبو طالب والعباس والقاسم ومحمد وعلى الاصغر . أما
على بن أحمد بن أبى الفاتك فولده عدة أولاد أعقب منهم خمسة أولاد هم على
والحسن الاكبر والحسين وعيسى والحسن الاصغر ، فمن بنى الحسن الاكبر بن على
، مسلم بن الحسن بن على المذكور ، له عقب بخراسان ، منهم محمد ابن على بن
أحمد بن مسلم بن الحسن بن على المذكور ، كان باصفهان سنة إحدى وتسعين
وأربعمائة ، والحسين بن على بن أحمد بن أبى الفاتك ، ويقال له الزاهد له
عقب يقال لهم آل الزاهد ، وأعقب من ثلاثة رجال ابراهيم ومحمد والحسن وأما
محمد بن أحمد بن أبى الفاتك فولد ستة رجال ، أحمد ومسلم وعلى والقاسم ومحمد
واسحاق ، وأما صالح بن أبى الفاتك فله على بن صالح وقال ابن طباطبا : ولد
صالح في ( صح ) نسأل عنهم ان شاء الله تعالى . وأما جفر بن أبى الفاتك فله
عدد ، ومن ولده على الاعرج ويحيى وهضام بن جعفر بن أبى الفاتك ، يقال لولده
آل هضام ، وأما القاسم النسابة بن أبى الفاتك فله محمد بن القاسم ، له عقب
وعدة أخوة معقبون . منهم الحسن وحمزة وعيسى وهياج وسراج وادريس والحسين
ومحمد وأما داود بن أبى الفاتك ففيه العدد ، ومن ولده موسى الفارس وحسين
الهدار وحسن الكلب ومحمد وداود وعيسى بنو داود بن أبى الفاتك لهم أعقاب ،
وأما عبد الرحمان بن أبى الفاتك فعاش مائة وعشرين سنة ، وكان له أحد وعشرون
ولدا أعقب منهم أحد عشر ولدا فمنهم اسماعيل بن عبد الرحمان ولد محمد بن
اسماعيل كان بنيسابور ثم خرج إلى بلخ وطخارستان ، ومنهم أبو / صفحة 125 /
الطيب داود بن عبد الرحمان ، ولده يقال لهم آل أبى الطيب وهم عدد كثير
يسكنون المخلاف من اليمن وقد تقسموا عدة أفخاذ وبطون منهم بنو وهاس وبنو
على وبنو شماخ وبنو مكثر وبنو حسان وبنو هضام وبنو قاسم وبنو يحيى ، هؤلاء
كلهم أولاد أبى الطيب لصلبه إلا مكثر وشماخ فانهما أولاد أولاده . وأعقب
وهاس بن أبي الطيب من ستة رجال ، محمد وحازم ومختار ومكثر وصالح وحمزة ،
ولحمزة بن وهاس هذا صارت مكة شرفها الله تعالى بعد وفاة الامير تاج المعالى
شكر بن أبى الفتوح الحسن بن جعفر بن محمد بن الحسين بن محمد الاكبر بن موسى
الثاني ، وقامت الحرب بن بنى موسى الثاني وبين بنى سليمان مدة سبع سنين حتى
خلصت مكة للامير محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله ابن أبى هاشم ، وملكها
بعده جماعة من أولاده كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، ولم يملكها أحد من بنى
سليمان سوى حمزة بن وهاس فاعقب حمزة بن وهاس من أربعة رجال عمارة ومحمد
وأبى غانم يحيى وعيسى أمير المخلاف ، قتله أخوه أبو غانم يحيى وتأمر
بالمخلاف بعده وهرب ابنه على بن عيسى - وهو بضم العين وفتح اللام على صيغة
التصغير - وأقام بمكة وكان عالما فاضلا شاعرا جوادا ممدوحا ، وكان في أيام
مقامه بمكة وردها الزمخشري وصنف له كتاب ( الكشاف ) ومدحه بقصائد موجودة في
ديوانه ، وللشريف أبى الحسن على بن عيسى بن حمزة في مدح الزمخشري قوله
يخاطبه : جميع قرى الدنيا سوى القرية التى تبوأها دارا فداء زمخشرا وحسبك
أن تزهى زمخشر بامرئ إذا عد من أسد الشرى زمخ الشرى وللشريف على بن عيسى
عقب وولد أبو غانم يحيى بن حمزة بن وهاس حمزة ومطاعا وغانما ، فمن ولد غانم
بن يحيى ، أحمد المؤيد أمير المخلاف بن قاسم ابن غانم المذكور واخوته
المرتضى على وأبو طالب ، بنو قاسم بن يحيى بن حمزة ، لهم أعقاب ، وربما كان
قد انقرض بعضهم . / صفحة 126 / وأما موسى بن عبد الله بن الجون ، ويعرف
بالثاني ، ويكنى أبا عمر وكان سيدا راوي الحديث ، قال الشيخ أبو نصر
البخاري : مات بسويقة . وقال الشريف أبو جعفر محمد بن معية الحسنى النسابة
: قتل سنة ست وخمسين ومائتين . وهو الصحيح روى المسعودي المؤرخ في كتابه (
مروج الذهب ) : أن سعيدا الحاجب حمل موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد
الله بن الحسن بن الحسن ابن على بن أبى طالب " ع " من المدينة في أيام
المعتز ، وكان من الزهاد وكان معه ابنه ادريس بن موسى فلما صار سعيد بناحية
زبالة من العراق اجتمع خلق كثير من العرب من بنى فزارة وغيرهم لاخذ موسى
الثاني من يده ، فسمه سعيد فمات هناك وخلصت بنو فزارة ابنه ادريس من سعيد ،
وأما موسى الثاني أمه أمامة بنت طلحة بن صالح بن عبد الله بن عبد الجبار بن
منظور بن زبان بن سيار الفزارى وولده يقال لهم الموسويون وفيهم الامرة
بالحجاز فولد ثمانية عشر ولدا ذكرا وهم عيسى وابراهيم والحسين الاكبر
وسليمان واسحاق وعبد الله واحمد وحمزة وادريس ويوسف ومحد الاصغر ويحيى
وصالح والحسين الاصغر والحسن وعلى وداود ومحمد الاكبر ، أما عيسى فلم يعقب
وأما الحسين الاكبر فلم يذكر له ولد وأما ابراهيم وسليمان واسحاق وعبد الله
وأحمد وحمزة ومحمد الاصغر الملقب بالعربى والحسين الاصغر فانقرضوا . وأما
يوسف بن موسى الثاني - ويلقب بالحرف ، قال الشيخ العمرى : وجدته بخط
الاشنانى بالحاء المهملة - فلم يذكره أبو الغنائم الزيدى في المعقبين ولا
وجدت له ذيلا يزيد على البطن الثالث والظاهر أنه منقرض ، وبقى عقب موسى
الثاني من سبعة رجال ادريس ويحيى وصالح والحسن وعلى وداود ومحمد الاكبر ،
أما ادريس بن موسى الثاني وكان سيدا جليلا وهو لام ولد مغربية تسمى أم
المجيد . ومات سنة ثلاثمائة ، فعقب من ثلاثة رجال ، وهو الامير أبو الرفاع
عبد الله ، وابراهيم أبو الشويكات ، والحسن ، فمن ولد الامير أبى الرفاع
عبد الله / صفحة 127 / أبو عبد الله محمد بن عبد الله كان أميرا بجدة ، ومن
ولد محمد هذا عبد المنتقم واخوه أبو الفتح المسلط نقيب البطائح إبنا محمد
بن عبد الله المذكور ، ومن بنى ابراهيم أبى الشويكات ، بسطام بن ادريس بن
ابراهيم أبى الشويكات ، ومن بنى الحسن بن ادريس ، علقمة بن الحسن له عقب
يقال لهم آل علقمة . وعقب ادريس بن موسى الثاني اكثرهم بالحجاز . وأما يحيى
بن موسى الثاني ويقال له يحيى الفقيه فأعقب من خمسة رجال يوسف وموسى وعبد
الله الديباج ومحمد وأحمد بنى يحيى الفقيه . فمن ولد يوسف ين يحيى الفقيه
أبو الشمحوط الحسن بن يوسف المذكور ، له أولاد ومن ولد موسى ين يحيى الفقيه
أبوالهدار يحيى الفقيه العالم الورع بن على بن موسى المذكور ، ومنهم موسى
بن ادريس بن موسى المذكور ومنهم عبد الله بن محمد بن يحيى الملقب بمرفد بن
ابراهيم بن موسى المذكور ، ومن ولد عبد الله الديباج بين يحيى الفقه محمد
بن عبد الله المذكور ، ومن ولد محمد بن يحيى الفقيه محمد بن يحيى الحبيب بن
محمد المذكور ومن ولد أحمد ابن يحيى الفقيه ، أبو الليل موسى بن على بن
موسى بن أحمد المذكور ، يقال لولده آل أبى الليل ، وأما صالح بن موسى
الثاني ويلقب الارب وقال ابن طباطبا : الارت . فأعقب من ابنه محمد وما سواه
في ( صح ) وكان لمحمد ثلاثة بنين على وعبد الله ورحمة ، وأما الحسن بن موسى
الثاني وكان سيدا شريفا فاعقب من ثلاثة أحمد ومحمد وزيد أبناء الحسن بن
موسى الثاني ، وولدهم بينبع ونواحيها بادية . أما أحمد بن الحسن بن موسى
الثاني فأعقب من الحسن والحسين ، فمن ولد الحسن بن احمد ، أحمد بن أبى
الكوكب محمد بن الحسن المذكور ، وأما محمد بن الحسن بن موسى الثاني فأعقب
من صالح الامير فارس بنى حسن في زمانه ، يقال لولده الصالحيون وهم بالحجاز
. فالعقب من صالح الامير الفارس في محمد والحسين ومعمر وموهوب / صفحة 128 /
المعروف بالتركي فارس بنى حسن ، فأعقب موهوب هذا من ستة رجال ، فمن ولده
ناجى بن فليتة بن الحسن بن سليمان بن موهوب المذكور ، أعقب أربعة وهم حسين
وعلى ومحمد بنو ناجى لهم أعقاب بوادي الصفراء ، ومنهم بدر ابن محمد بن
سليمان بن موهوب التركي ، يقال لولده آل بدر . وأما زيد بن الحسين بن موسى
الثاني ويقال لولده الزيود ولهم بقية بالحجاز والعراق ، فأعقب من ثلاثة أبى
الفضل العباس ومحمد ويحيى بنى زيد ، فمن ولد زيد هذا أبو خلاط الحسين بن
يحيى ولد زيدا وعليا وعبد الله وأحمد . وذكر له الشيخ تاج الدين رحمه الله
تعالى ولدا خامسا ، ومنهم محمد وعبد الله إبنا فاتك بن ليل بن عبد الله ابن
أبى خلاط ، ومن ولد محمد بن زيد ، سالم وعبد الله ابنا محمد المذكور ، لهما
عقب ، ومن ولد أبى الفضل العباس بن زيد ، عبد الله ومحمد المعروف بحبابر
ابنا أبى الفضل العباس ، فولد عبد الله بن العباس أبا الليل ويحيى وولد
محمد المعروف بحبابر بن العباس الحسين المصرحى ويحيى ويدعى عشرقة وناجية
وعليا . وأما على بن موسى الثاني فأولد خمسة رجال عبد الله العالم وعيسى
والحسين وعبد الله الاصغر والآخر لم نجده في النسخة التى نقلنا منها ،
وعقبه من الثلاثة الاول فمن ولد عبد الله العالم على ويوسف والحسن الاشل
بنو عبد الله العالم ، لهم أعقاب ومن ولد عيسى بن على بن موسى الثاني ،
الحسين وعلى وخليفة بنو عيسى بن على أعقبوا ، ومن ولد الحسين بن على بن
موسى الثاني ، داود وعبد الله وأحمد ويوسف بنو الحسين ، ولاحمد ولد اسمه
محمد . وأما داود الامير بن موسى الثاني وهو ابن الكلابية وأمه محبوبة بنت
مزاحم الكلابية وكان أميرا جليلا وانتشر عقبه وهم بوادي الصفراء إلا من
انتقل منهم ، فعقبه من رجلين محمد ، والحسن ، وكان له موسى بن داود وأعقب
ولكنه انقرض . ونص الشيخ عبد الحميد بن التقى على انقراضه ، ويقال للثلاثة
/ صفحة 129 / بنو الرومية أمهم أم ولد رومية . أما الحسن بن داود فأعقب
ثلاثة رجال أبا الليل عبد الله ومحمدا وسليمان ، أما محمد فلم أجدله عقبا ،
وأما أبو الليل وسليمان فأعقبا ، فمن بنى سليمان بن الحسن ، أبوالوفا أحمد
بن سليمان ويدعى وفا ، ويقال لولده بنو وفا ، منهم محمد بن على بن يحيى بن
وفا ، يقال لولده بنو محمد ، والحسن ابن على بن وفا ، له ذيل ، وأما محمد
بن داود الامير بن موسى الثاني وفى ولده العدد ، فأعقب من خمسة رجال وهم
على وعبد الله الصلصيل وأحمد وأبو الليل الحسن ويحيى ، فمن ولد على بن محمد
بن داود ، معمر ويحيى ، له عقب ولم أجد لمعمر عقبا ، وولد عبد الله الصلصيل
يقال لهم الصلاصلة ، أعقب منهم سالم والحسن فأعقب الحسن من محمد وعبد الله
فأعقب عبد الله بن الحسن من محمد وتاجي يقال لمحمد بن عبد الله الصلصيل ،
ويعرف ولده بالصلصيليين ، منهم فايز وسالم إبنا حريز بن حسين بن أحمد بن
محمد الصلصيل ، وبنو هذيم بن حسن بن عبد الله ابن محمد الصلصيل ، وبنو عالى
بن احمد بن محمد بن مكتوم بن محمد الصلصيل وأعقب سالم بن عبد الله من فليتة
، وكان له على ايضا لم أجد له عقبا . ومن ولد أحمد بن محمد بن داود بن موسى
الثاني ، على الشرقي وعبد الله وجعفر والحسن ، فولد على الشرقي ويقال لولده
آل الشرقي ، من ثمانية رجال منهم نزار بن الشرقي ، يقال لولده آل نزار ،
ومن ولد عبد الله بن أحمد عطية ابن عبد الله يقال لولده آل عطية ، وأعقب
جعفر بن أحمد محمدا ، فولد محمد شكرا وعليا وأحمد ، وولد الحسن ين أحمد ،
عطية ومعضاد ، ومن ولد أبى الليل الحسن بن محمد بن الرومية ، على يعرف
بدبيس بن أحمد بن الحسن المذكور ، له عقب يقال لهم الدبسة ، وعقبه من رجلين
محمد ومحمود إبنا دبيس وأعقب يحيى بن محمد ابن الرومية من ثلاثة رجال محمد
وأحمد وعلى ، وجدت لعلى الفضل والحسن وأما أحمد بن يحيى فأعقب من رجلين رزق
الله وعبد الله يقال لبنى رزق الله الرزاقلة ، منهم بنو الرزقى بالحلة
والفقيه ابن مطرف . / صفحة 130 / وأعقب عبد الله بن أحمد بن يحيى من خمسة
رجال ، منهم الحسين بن عبد الله له بقية بالحلة ، منهم السيد بن عمير ،
ومنهم يحيى بن عبد الله أعقب ويقال لولده آل يحيى ، ومنهم سالم بن عبد الله
، أعقب من أربعة رجال منهم صخر بن سالم ، يقال لولده الصخور ، وأعقب محمد
بن يحيى بن محمد بن الرومية من رجلين ، يحيى وعبد الله ، فممن ولد عبد الله
بن محمد ، محمد الوارد من الحجاز إلى العراق ابن يحيى ابن عبد الله هذا ،
أعقب من رجلين على عنبة وحمضى قال ابن المرتضى الموسوي النسابة : أمهما
عابدية وهما جدى آل عنبة بالحلة والحائر وغيرهما . ومن بنى على عنبة بن
محمد الوارد ، عنبة الاصغر بن على عنبة المذكور ، وهو جد ( جامع هذا
المختصر الجامع ) أحمد بن على بن الحسين بن على بن مهنى بن عنبة الاصغر .
وكان لمحمد الوارد اخ اسمه ذباب ذكره السيد جمال الدين أحمد بن مهنى
العبيدلى النسابة في مشجرته وذكر له عقبا ، وقد نسبوا إلى عبد الله بن محمد
بن يحيى بن محمد ابن الرومية المذكور الشيخ الجليل الباز الاشهب محيى الدين
( عبد القادر الكيلاني ) فقالوا : هو عبد القادر بن محمد بن جنكى دوست ابن
عبد الله المذكور . ولم يدع الشيخ عبد القادر هذا النسب ولا أحد من أولاده
وإنما ابتدأ بها ولد ولده القاضى أبو صالح نصر بن أبى بكر بن عبد القادر
ولم يقم عليها بينة ولا عرفها له أحد ، على أن عبد الله بن محمد بن يحيى
رجل حجازى ولم يخرج عن الحجاز وهذا الاسم - أعنى جنكى دوست - أعجمى صريح
كما تراه ، ومع ذلك كله فلا طريق إلى إثبات هذا لانسب إلا بالبينة الصريحة
العادلة وقد أعجزت القاضى أبا صالح واقترن بها عدم موافقة جده عبد القادر
وأولاده له والله سبحانه أعلم . ولبنى داود بن موسى حكاية جليلة مشهورة بين
النسابين وغيرهم مروية مسندة وهى مذكورة في ديوان ابن عنين ، وهى أن أبا
المحاسن نصر الله بن عنين الدمشقي الشاعر توجه إلى مكة شرفها الله تعالى ،
ومعه مال وأقمشة فخرج عليه / صفحة 131 / بعض بنى داود فأخذوا ما كان معه
وسلبوه وجرحوه ، فكتب إلى الملك العزيز ابن أيوب صاحب اليمن وقد كان أخوه
الملك الناصر أرسل يطلبه ليقيم بالساحل المفتتح من أيدى الافرنج فزهده ابن
عنين في الساحل ورغبه في اليمن وحرضه على الاشراف الذين فعلوا به ما فعلوا
وأول القصيدة : أعيت صفات نداك المصقع اللسنا وجزت في الجود حد الحسن
والحسنا وما تريد بجسم لا حياة له من خلص الزبد ما أبقى لك اللبنا ولا تقل
ساحل الافرنج أفتحه فما يساوى إذا قايسته عدنا وإن أردت جهادا فارو سيفك من
قوم أضاعوا فروض الله والسننا طهر بسيفك بيت الله من دنس ومن خساسة أقوام
به ، وخنا ولا تقل إنهم أولاد فاطمة لو أدركوا آل حرب حاربوا الحسنا قال :
فلما قال هذه القصيدة رأى في النوم فاطمة الزهراء عليها السلام وهى تطوف
بالبيت فسلم عليها فلم تجبه فتضرع وتذلل وسأل عن ذنبه الذى أوجب عدم جواب
سلامه فأنشدته الزهراء عليها السلام : حاشا بنى فاطمة كلهم من خسة تعرض أو
من خنا وإنما الايام في غدرها وفعلها السوء أساءت بنا أإن أسا من ولدى واحد
جعلت كل السب عمدا لنا ؟ فتب إلى الله فمن يقترف ذنبا بنا يغفر له ما جنى
واكرم بعين المصطفى جدهم ولا تهن من آله أعينا فكل ما نا لك منهم عنا تلقى
به في الحشر منا هنا قال أبو المحاسن نصر الله بن عنين : فانتبهت من منامي
فزعا مرعوبا وقد اكمل الله عافيتي من الخراج والمرض فكتبت هذه الابيات
وحفظتها وتبت إلى الله تعالى مما قلت وقطعت تلك القصيدة ، وقلت : عذرا إلى
بنت نبى الهدى تصفح عن ذنب مسيئ جنى / صفحة 132 / وتوبة تقبلها من أخى
مقالة توقعه في العنا والله لو قطعني واحد منهم بسيف البغى أو بالقنا لم أر
ما يفعله سيئا بل أره في الفعل قد أحسنا وقد اختصرت ألفاظ هذه القصيدة وهى
مشهورة رواها لى الشيخ تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معية الحسنى ، وجدى
لامى الشيخ فخر الدين أبو جعفر محمد بن الشيخ الفاضل السعيد زين الدين حسين
بن حديد الاسدي ، كلاهما عن السيد السعيد بهاء الدين داود بن أبى الفتوح ،
عن أبى المحاسن نصر الله بن عنين صاحب الواقعة ، وقد ذكرها الباد راوي في
كتاب ( الدر النظيم ) وغيره من المصنفين . وأما محمد الاكبر بن موسى الثاني
- ويقال له الثاير على أنه خرج بالمدينة في أيام المعتز - فأعقب من خمسة
رجال وهو عبد الله الاكبر والحسين الامير وعلى والقاسم الحرانى والحسن
الحرانى ، أما الحسن الحرانى فولده قليل أعقب من سليمان ومحمد ، وأعقب
سليمان من هاشم وحده ، وأعقب هاشم من يحيى ويسمى سليمان أيضا ، وأعقب يحيى
سليمان من حسن وعبد الله ، قال أبو الغنائم الزيدى النسابة : لم يبق من بنى
الحسن الحرانى غيرهما . وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة ، وأما القاسم
بن محمد ، ويقال لولده الحرانيون وهم كثيرون فأعقب من أربعة رجال على كتيم
، وأبى الطيب أحمد ، ومحمد ، وادريس ، فمن ولد ادريس بن القاسم الحرانى ،
أبو دريد الحسن بن إدريس له ذيل طويل ومن ولد محمد بن القاسم الحرانى ، أبو
الليل يحيى بن محمد أعقب من خمسة رجال وأعقب أبو الطيب أحمد بن القاسم
الحرانى من ستة رجال ، ويقال لولده آل كتيم . وأما على بن محمد الثاير ،
ويقال لولده بنو على فأعقب من أربعة رجال سليمان وأحمد العابد والحسين
ومحمد ، فمن بنى سليمان بن على ، شهم بن أحمد بن عيسى بن على بن ابراهيم بن
سليمان المذكور ، له عقب يقال له آل شهم ، ومقر / صفحة 133 / ( مقن خ ل )
بن محمد بن ابراهيم بن الحسن بن على بن ابراهيم بن سليمان ، يقال لولده آل
مقر ( مقن خ ل ) وهم بالحلة ، ومن بنى أحمد العابد بن على بن الثاير ،
الحسن الاصم بن على بن أحمد العابد رئيس الطالبيين بينبع ، له عقب يقال لهم
الصمان . ومنهم عثمان الاسود بن أحمد المذكور أنكره أبوه ثم اعترف به
التزاما بقول القافة فهو إذأ في ( صح ) ومن بنى الحسين بن على بن الثاير ،
عيسى التمار بن على بن يحيى بن الحسين المذكور ، ومن بنى محمد بن على بن
الثاير ، على ابن صالح بن اسماعيل بن محمد المذكور ، واخوته الحسن والحسين
بن عبد الله . وأما الحسين الامير بن محمد الثاير - وكانت في ولده الامرة
بالحجاز - فأعقب من ثلاثة أبى هاشم محمد الامير وأبى جعفر محمد الامير وأبى
الحسن على ، أما أبو الحسن على بن الحسين بن محمد الثاير فأعقب من رجلين
عبد الله والحسن أميرى السرين فمن ولد الحسن ، يحيى أمير السرين ابن الحسن
كان جبارا قتل ولده بالعقوبة على طلبه الامارة ، وله عقب ، وأما أبو جعفر
محمد الامير ابن الحسين بن محمد الثاير ، فأعقب من رجلين الحسن المحترق -
وقيل الحسين اسمه - والامير أبى محمد جعفر أول من ملك مكة من بنى موسى
الجون وهو مبدأ تمكن الاشراف من حكومتها . وكان ذلك بعد الاربعين
والثلاثمائة وكان حاكم مكة أنكجور التركي من قبل العزيز بالله الفاطمي ،
فقتله الامير أبو محمد جعفر وقتل من الطليحة والهذيلية والبكرية خلقا كثيرا
واستوت له تلك النواحى وبقيب في يده نيفا وعشرين سنة . وكان له عدة أولاد
منهم عبد الله القود أرسله أبوه إلى مصر بعد أن قتل أنكجور يفاديه فعفا عنه
وانقرض القود فلم يبق له عقب . وادعى إليه بمصر رجل فقال : انا عليان بن
جماعة بن موسى بن مصعب ابن ضاحى بن نعيمان بن عاصم بن عبد الله القود . لم
يصح نسبه وله عقب بمصر وقد كان نقيب مصر المعروف بابن الجوانى النسابة قد
دفع عليان وأبطل نسبه / صفحة 134 / ثم أثبت بعد ذلك في جرايد الطالبيين
بمصر ظلما وعدوانا والله المستعان . ومنهم الامير عيسى بن جعفر ملك الحجاز
بعد أبيه ، ومنهم الامير أبو الفتوح الحسن بن جعفر الشجاع الشاعر الفصيح ،
ملك الحجاز بعد أخيه عيسى ، وكان أبو الفتوح قد توجه إلى الشام في ذى
القعدة سنة احدى وأربعمائة ودعا إلى نفسه ، ويلقب الراشد بالله ، ووزر له
أبو القاسم الحسن بن على المغربي وأخذ البيعة على بنى الجراح بإمرة
المؤمنين ، وحسن له أبو القاسم المغربي أخذ ما في الكعبة من آلة الذهب
والفضة ، وسار به إلى الرملة وذلك في زمن الحاكم الاسماعيلي أحد العبيديين
الذين غلبوا مصر ، فلما بلغ ذلك الحاكم قامت عليه القيامة وفتح خزائن
الاموال ووصل بنى الجراح بما استمال به خواطرهم من الاموال العظيمة وسوغهم
بلادا كثيرة فخذلوا أبا الفتوح وظهر له ذلك منهم ، وبلغه أن قوما من بنى
عمه قد تغلبوا على مكة لما بعد عنها فخاف على نفسه ورضى من الغنيمة بالاياب
وهرب عنه الوزير أبو القاسم خوفا منه . وكان ذلك في سنة اثنتين وأربعمائة
ثم إن أبا الفتوح وصل الاعتذار والتنصل إلى الحاكم وأحال بالذنب على
المغربي فصفح الحاكم عنه وبقى حاكما على الحجاز إلى أن مات في سنة ثلاثين
واربعمائة . فولد أبو الفتوح الحسن بن جعفر ، شكرا واسمه محمد ، ويكنى أبا
عبد الله ويلقب تاج المعالى ، حكم بمكة بعد أبيه : وكان أميرا جليلا جوادا
، ومن أخباره أنه سمع بفرس عند بعض العرب موصوفة بالعتق والجودة لم يسمع
بمثلها قد أقسم صاحبها أن لا يبيعها الا بعشرين فرسا جوادا وعشرين غلاما
وعشرين جارية وألفى دينار ذهبا ومائة الف درهم وكذا وكذا ثوبا إلى غير ذلك
، فارسل الامير تاج المعالى شكر بعض غلمانه بثمن الفرس الذى طلبه صاحبها
ليشتريها له فوافق وصول غلام الامير تاج المعالى شكر إلى منزل ذلك الرجل
وقد ظعن أهله وجماعته وبقى هو وحده لغرض كان له فوافاه عشاء فأضافهم تلك
الليلة وقام بما ينبغى له / صفحة 135 / ولهم ، فلما أصبحوا حكى له الغلام
غرضه الذى جاء لاجله وعرض عليه المال وطلب الفرس ، فقال له ذلك البدوى :
إنك لم تذكر لى ما جئت له ساعة وصولك لاترك لك الفرس فانكم أمسيتم عندي
وليس عندي غيرها فذبحتها لكم . ثم احضر جلد الفرس ورأسها وقوائمها وذنبها
وما بقى من لحمها ، فلما رأى غلام الامير تاج المعالى ذلك قال : إنى ما جئت
وأرسلني الامير إلا لاجل الفرس وقد وصلت إلى فدونك الثمن . ودفع إليه ما
كان حمله لشراء الفرس ثم رجع إلى مكة فلما سمع الامير تاج المعالى بوصوله
خرج لتلقيه فرحا بالفرص فلما رآه وسأله أخبره بما صنع الرجل ، فقال له :
وما صنعت بالمال الذى أرسلته معك ؟ فاخبره أنه دفعه إلى صاحب الفرس فأقسم
الامير تاج المعالى أنه لو جاء بشئ منه لقتله . ولم يلد الامير تاج المعالى
شكر إلا بنتا يقال لها تاج الملوك ، قال الشيخ أبو الحسن العمرى : قال لى
أبو الحسن محمد بن سعدان المعروف بابن صاحب الفتوح إنه يقال لامها بنت
الصيرفى ، وانقرض الامير أبو الفتوح ، بل أبوه وجده الامير أبو جعفر محمد
أيضا ، وكان قد انتسب إلى الامير شكر دعى اشتهر أمره بالحجاز والعراق ، قال
الشيخ أبو الحسن العمرى : كان من هذا الذى يقال له ابن سعدان يخبر بنت أبى
الفتوح فوجد جارية لهم ببلد حربى ومع الجارية ولد لها لا يعرف أبوه ، فأخذه
منها ورباه وأدبه ثم نهض به إلى الدريزى فقال : هذا ولد الامير شكر وسماه
جعفرا . فزوده ونفقه بجملة دنانير وأنفذ معه من أوصله إلى مكة شرفها الله
تعالى ، فلما دخل على شكر قال له : أيها الامير وجدت جاريتك فلانة ببلد
حربى معها هذا الولد وذكرت أنه منك ولم آمن أن تكون صادقة فأنفقت عليه مالى
وجئتك به ، فان كانت صادقة فقد فعلت عظيما وان كانت كاذبة فما ضرك من ذلك
شئ ؟ فقال شكر : كذبت والله والله ما أعرفه وجزاه خيرا وجعل ما أخذه من
الدريزى على الصبى وعلى من معه . ثم ان النساء العلويات نظرن إلى الصبى
وقلن لواسطته حدثنا حديثه وجعلن / صفحة 136 / يعتبن على الامير تاج المعالى
ثم كثرت القالة في ذلك الصبى فقال له شكر : إن رأيتك في بلادي ضربت عنقك .
فأخذه الرجل ومضى معه عبيدة ومستضعفون من آل أبى طالب فجمع جمعه وانحدر
بالصبى والجماعة معه كلما مر بقوم قال : هذا ابن تاج المعالى شكر قد أنفذه
أبوه حتى يجيئ بأمه . فأخذه كل سفينة غصبا وتحصل له مال حتى حصل بسواد
عكبرا ، قال الشيخ العمرى : وانا إذ ذاك ببغداد فقدم وفد من الحجاز فيهم
أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرار الاسود الطاهري الحسينى فعرفوني القصة
بالشرح . ثم توجهت إلى عكبرا فلم أصادفه فعرفت النقيب بعكبرا الشريف أبا
الغنائم ابن أخى البصري المعروف بابن بنت الازرق ، فقال : هذه القصة غلقة
وانت تمضى والحجة ربما تعذرت على فأطلقت خطى بفساد نسب هذا الصبى ، وألزمت
نفسي جريرة تأديبه ، وتوجهت إلى الموصل ، وورد على كتاب نقيب عكبرا أبى
الغنائم الحسنى : أن الصبى وافى في جماعة فقبض عليه وحدده وتفرقت الجماعة
عنه ، ثم أنه رشا والى عكبرا مبلغا عظيما حتى خلصه عضبا وغاب خبر الدعى
وخبر صاحبه فقيل إنهما ماتا والله أعلم هذا كلام العمرى . وفى الجملة فقد
انقرض الامير تاج المعالى شكر وأنقرض بانقراضه الامير أبو جعفر محمد بن
الحسين بن محمد الثاير ، فمن ادعى إليه فهو كذاب مفتر ولما مات الامير تاج
المعالى شكر سنة أربع وستين وأربعمائة بقيت مكة شاغرة فملكها حمزة بن وهاس
السليمانى ، وقامت الحرب بين بنى موسى وبين بنى سليمان ابن موسى الثاني
ابني عبد الله الشيخ الصالح بن موسى الجون قريبا من سبع سنين ثم خلصت
للامير محمد بن حعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هأشم وبقيت في أولاده مدة
كما سيأتي إن شاء الله تعالى . وأما أبو هاشم محمد بن الحسين الامير بن
محمد الثاير ، وولده يقال لهم الهواشم ، يقال لهم والامراء ايضا ، وهم ببطن
مر ، فأعقب من عبد الله وحده / صفحة 137 / وأعقب عبد الله من أبى هاشم محمد
وحده ، وأعقب أبى هاشم محمد بن عبد الله بن أبى هاشم ، من أربعه رجال أبى
الفضل جعفر وعلى ، وعبد الله والحسين الاصغر ، فأعقب أبو الفضل جعفر بن أبى
هاشم الامير محمدا تاج المعالى أمه من بنى أبى الليل الحسن الموسوي الداودى
ولى مكة بعد حمزة بن وهاس ، قال الشيخ تاج الدين : وقد كان أبوه وجده
أميرين بمكة قبله ، ولعلهما وليا قبل تاج المعالى شكر . هكذا قال رحمه الله
. وأقول : أن حرب بنى سليمان وبنى موسى كانت سجالا فلعلهما ملكاها في أثناء
الحرب ، وقد نص الشيخ أبو الحسن العمرى على أنهما كانا أميرين بمكة ولا
أدرى فيه إلا ما ذكرت فأما انهما كان أميرين بينبع والله أعلم فلا بحث فيه
، وكذا كان عبد الله وأبوه أبو هاشم محمد وجده الحسن أمراء بينبع والله
أعلم ، وكان أبو الفضل جعفر بن أبى هاشم الاصغر في أول ولايته يخطب للخلفاء
المصريين فكوتب من جانب العالم العباسي في قطع خطبتهم فأجاب إلى ذلك ،
وأقام الدعوة للعباسيين وكسر الالواح التى كانت عليها ألقاب المصريين من
حول الكعبة ، ومن الحجر وقبة زمزم ، وأرسلها إلى بغداد ، وذكر العمرى انه
كان يلقب مجد المعالى . فمن ولده الامير شميلة بن محمد بن جعفر بن أبى هاشم
الاصغر ، كان عالما فاضلا محدثا رحلا في الحديث وعمر أكثر من مائة سنة ،
وكان قد أولد بخراسان ولكن لم يعلم أعقبوا أم درجوا والله أعلم ، ومنهم فضل
بن محمد ، وعقبه في ( صح ) ومع ذلك هذا قد انقرض ، ومنهم أبو فليتة قاسم بن
محمد بن جعفر / صفحة 138 / ابن أبى هاشم الاصغر ولى مكة بعد أبيه ، وأولد
جماعة منهم الامير الشجاع الفارس فليتة بن قاسم أمير الحجاز بعد أبيه ،
ومحمد بن قاسم أمير السرين قتله هاشم بن فليتة ، والامير يحيى ، والامير
عيسى إبنا قاسم ، فولد الامير فليتة عدة رجال منهم الامير تاج الدين وعمدة
الدين هاشم ، أخذ مكة سيفا من اخوته وعمومته ، وكان أخواه يحيى وعبد الله
قد نازعاه الملك فغلبهما عليه ، ومنهم الامير قطب الدين عيسى بن فليتة ،
ولى مكة بعد أن طرد عنها ابن أخيه قاسم بن هاشم فمن أولاد الامير تاج الدين
هاشم بن فليتة أمير الحجاز قاسم ولى بعد أبيه إلى أن طرده عمه قطب الدين
عيسى واستولى على مكة شرفها الله ، ومن ولد قطب الدين عيسى بن فليتة مكثر
بن عيسى ، ولى مكة بعد أبيه ونازعه اخوته ثم استمر له الملك إلى سنة ثلاث
وتسعين وخمسمائة فقام عليه ابن أخيه منصور بن داود ابن عيسى واستولى على
مكة إلى أن غلب عليه الامير قتادة بن ادريس ، كذا قال الشيخ تاج الدين ،
ووجدت في تاريخ عبد الله بن حنظلة البغدادي : أن قتادة أخذ مكة من مكثر بن
عيسى سنة سبع وتسعين وخمسمائة والله سبحانه وتعالى أعلم ومن ولد على بن أبى
هاشم الاصغر ، بركة ومكثر إبنا الحسين بن على المذكور ، فمن ولد بركة آل
بركة ، ومن بنى مكثر المكاثرة بالحجاز والعراق ، منهم آل مطاعن بالحلة ،
وكانوا ثلاثة محمد وادريس وأبو القاسم ، انقرض محمد بن مطاعن ، وولد أبى
القاسم بن السيد ناصر الدين مهدى بن أبى القاسم بن مطاعن باق إلى اليوم
أبقاة الله تعالى . ومن الهواشم الذين يقال لهم الامراء ، بنو مالك ، منهم
محمد بن مالك ابن بركة السيد الجليل الوجيه توفى عن سن عالية ، وبنت واحدة
خرجت إلى ابن عمه مبارك بن على بن مالك فولدت له خمسة بنين ، وللشريف مبارك
بن على أخ اسمه يحيى توفى عن ولد اسمه على بن يحيى . وهم بخراسان أعنى
أولاد الشريف مبارك بن على بن مالك الهاشمي . ومن ولد عبد الله بن أبى هاشم
الاصغر ، سروى / صفحة 139 / ابن عبد الله يقال لولده آل سروى . وكان للحسين
بن أبى هاشم الاصغر جعفر لم أجد له غيره . وأما عبد الله الاكبر بن محمد
الثاير ويكنى أبا محمد فأعقب من ثلاثة رجال ، أبى جعفر محمد المعروف بثعلب
وأحمد وعلى أمهما بنت رحال السلمى ، أما أبو جعفر محمد ثعلب بن عبد الله
الاكبر بن محمد الثاير ، ويقال لولده الثعالبة فأعقب من عبد الله وحده ،
وأعقب عبد الله بن ثعلب من خمسة رجال الحسن وأحمد وعلى ويحيى ومحمد ، أما
احمد بن عبد الله بن ثعلب ، ويقال لولده بنو أحمد فكان منهم جماعة بمصر
وبصعيدها ، وأما على بن عبد الله بن محمد ثعلب ويعرف بابن السلمية فأعقب من
ثلاثة رجال أبى عبد الله سليمان والحسين الشديد ويحيى ، أما يحيى بن على
فأعقب من عيسى بن يحيى ، ويقال لولده بنو عيسى فأعقب عيسى ابن يحيى من عشرة
رجال منهم سبيع بن عيسى ، وولده بطن بمكة ومنهم سلامة ابن رهط السيد جمال
الدين يوسف بن غانم ، وكان للسيد جمال الدين يوسف ابن واحد هو السيد شرف
الدين على بن غانم ، وولد السيد شرف الدين على ثلاثة ذكور ، وهم السيد نور
الدين غانم ، وعميد الدين عبد المطلب ومحمد . درج محمد وانقرض السيد نور
الدين غانم من الذكور ولم تبق له إلا بنت واحدة أمها أم ولد ، توفى السيد
غاتم بهرموز وكانت هي بشيراز فتزوجها بعض السادة بشيراز ، وأما السيد عمبد
الدين فلا أعلم أم لا ، فان لم يكن أعقب فقد انفرض السيد جمال الدين يوسف
بن غانم . وأما الحسين الشديد بن على بن محمد ثعلب ، ويقال لولده الاشداء
فمن ولده محمد الشديد وأحمد الشديد ابنا الحسين المذكور ، لهما أعقاب وأما
أبو عبد الله سليمان بن على بن السلمية فأعقب من ثلاثة منهم الحسين بن
سليمان بن على المذكور وفى ولده الامرة بالحجاز من عهد المستنجد بالله إلى
الآن ، ومن ولده السيد / صفحة 140 / جعفر بن أبى البشر الضحاك بن الحسين
المذكور ، وهو السيد الفاضل النسابة إمام الحرم وهو صاحب الحكاية مع التقى
بن أسامة الحسينى . حدثنى الشيخ النقيب تاج الدين أبو عبد الله محمد بن
معية الحسنى باسناده إلى السيد العالم عبد الحميد بن التقى أسامة النسابة ،
قال : حدثنى أبو التقى عبد الله بن اسامة ، قال : حججت أنا وجدك عدنان بن
المختار فبينما نحن ذات ليلة في المسجد الحرام وإذا بجماعة مجتمعة على شخص
، ورأينا الناس يعظمون ذلك ويجتمعون عليه ، فسألنا عنه من هو ؟ قيل : جعفر
بن أبى البشر إمام الحرم . فقال لى السيد عدنان - وكان رجلا مسنا قد ضعف -
: إنى لاضعف عن الذهاب إليه والسلام عليه فقم أنت فسلم عليه . فقمت فأتيته
وسلمت عليه وقبلت رأسه وقبل صدري لانه كان رجلا قصيرا ، ثم قال لى : من أنت
؟ فقلت : بعض بنى عمك بالعراق فقال : أعلوى أنت ؟ فقلت : نعم . فقال :
أحسنى أم حسيني أم محمدى أم عباسي أم عمرى ؟ فقلت : حسيني . فقال : إن
الحسين الشهيد أعقب من زين العابدين على بن الحسين " ع " وحده ، وأعقب زين
العابدين من ستة رجال محمد الباقر وعبد الله الباهر ، وزيد الشهيد ، وعمر
الاشرف ، والحسين الاصغر ، وعلى الاصغر ، فمن أيهم انت ؟ فقلت : من ولد زيد
الشهيد . فقال : إن زيدا أعقب من ثلاثة رجال الحسين ذى الدمعة ، وعيسى ،
ومحمد فمن أيهم أنت ؟ فقلت : أنا من ولد الحسين ذى الدمعة . قال : فان
الحسين ذا الدمعة أعقب من ثلاثة يحيى ، والحسين القعدد ، وعلى ، فمن أيهم
انت ؟ فقلت : أنا من ولد يحيى . قال : فان يحيى بن ذى الدمعة أعقب من سبعة
رجال القاسم ، والحسن الزاهد وحمزة ، ومحمد الاصغر وعيسى ، ويحيى ، وعمر ،
فمن أيهم أنت ؟ فقلت : أنا من ولد عمر بن يحيى قال : فان عمر بن يحيى أعقب
من رجلين أحمد المحدث ، وأبى منصور محمد ، فمن أيهما أنت ؟ قلت : لاحمد
المحدث . قال : فان أحمد المحدث أعقب من الحسين النسابة النقيب ، وأعقب
الحسين النسابة من رجلين زيد ويحيى ، فمن أيهما أنت ؟ قلت : / صفحة 141 /
من يحيى بن الحسين . قال : فان يحيى بن الحسين أعقب من رجلين أبى على عمر
وأبى محمد الحسن ، فمن أيهما أنت ؟ قلت : من ولد أبى على عمر بن يحيى . قال
: فان أبا على عمر بن يحيى أعقب من ثلاثة أبى الحسين محمد ، وأبى طالب محمد
وأبى الغنائم محمد فمن أيهم انت ؟ قلت من ولد أبى طالب محمد بن أبى على عمر
ابن يحيى قال : فكن ابن اسامة ! . قال فقلت أنا ابن اسامة . وهذه الحكاية
تدل على حسن معرفة هذا الشريف بأنساب قومه واستحضاره لاعقابهم ، وللشريف
جعفر بن أبى البشر عقب ، ومن بنى الحسين بن سليمان ابن على ابن السلمية ،
الشريف الامير أبو عزيز قتادة بن ادريس بن مطاعن ابن عبد الكريم بن عيسى بن
الحسين المذكور ، ملك الحجاز سيفا ، وطرد الهواشم عنها سنة سبع وتسعين
وخمسمائة ، وقتل الامير محمد بن مكثر بن فليتة ، والامارة في ولده إلى الآن
، وكان قتادة جبارا فاتكا فيه قسوة وتشدد وحزم ، وكان الناصر العباسي أو
أبوه المستنصر قد استدعى الامير قتادة إلى العراق ووعده ومناه ، فأجابه
وسار من مكة إلى أن وصل العراق فلما قارب الصعود من النجف جبن ، فلما وصل
المشهد الشريف الغروى خرج أهل الكوفة لتلقيه وكان من جملة من خرج في غمار
الناس قوم معهم أسد قد ربطوه في سلسلة ، فلما رآه قتادة تطير من ذلك وقال :
لا أدخل بلادا تذل فيها الاسد . ثم رجع من فوره إلى الحجاز ، وكتب إلى
الخليفة الناصر لدين الله الابيات : بلادي وإن جارت على عزيزة ولو أننى
أعرى بها وأجوع ولى كف ضرغام إذا ما بسطتها بها أشترى يوم الوغى وأبيع
معودة لثم الملوك لظهرها وفى بطنها للمجد بين ربيع أأتركها تحت الرهان
وأبتغى لها مخرجا إنى إذا لرقيع ؟ وما أنا إلا المسك في غير أرضكم أضوع
وأما عندكم فأضيع / صفحة 142 / ولقتادة أخوة وعمومة لهم أعقاب ، وأعقب هو
من تسعة رجال ويقال لعقبه القتادات . فمن ولده الامير حسن بن قتادة ولى مكة
بعد أبيه . وفى أيام حكومته وقعت فتنة بين أهل مكة وقافلة العراق إنجلت عن
قتل حاكم القافلة فأخذ الشريف حسن بن قتادة رأسه وعلقه في ميزاب الكعبة ،
ثم سكنت الفتنة وأرسل الشريف حسن يعتذر إلى دار الخلافة ، ومنهم الامير
راجح ابن قتادة أمير مكة بعد أخيه الحسن وكان الاقشب مسعود بن كامل قد تغلب
على مكة وقتا ثم طرد عنها الامير راجح بن قتادة ، وكان شجاعا بطلا ثم شاركه
في حكومة مكة بعد أخيه أبو سعد الحسن بن على بن قتادة ثم خلصت لابي سعد ،
وكان شجاعا بطلا وأمه أم ولد حبشية . فيحكى أن أبا سعد في بعض حروبه للغزو
ولغيرهم - وأمرهم لا أتحققه الآن إلا أن غالب ظنى أن تلك الحرب كانت مع
الغزو - وأتوه بجمع كثير هائل ، فلما ترائى الصفان جاءته أمه على بعير في
هودج وأمرت من استدعاه لها ، فما أجابها قالت له : إنك قد وقفت موقفا إن
ظفرت فيه أو قتلت قال الناس ظفر بن رسول الله أو قتل ابن رسول الله ، وإن
هربت قال الناس هرب ابن السوداء فانظر أي الامرين تحب أن يقال لك . فقال :
جزاك الله خيرا فلقد نصحت وأبلغت . ثم ردها فقاتل قتالا لم يسمع بمثله .
حتى ظفر ، وملك مكة بعد أبى سعد الحسن بن على بن قتادة ابنه نجم الدين محمد
أبو نمى بن أبى سعد ، وفي ولده / صفحة 143 / الامارة إلى الآن . وكان في
غاية النجدة ونهاية الشجاعة ، شارك أباه في إمارة مكة صبيا وذلك أن راجح بن
قتادة في بعض حروبه مع ابن اخيه أبى سعد استنجد أخواله من بنى حسين فخرجوا
لمدده في سبعمائة فارس ورئيسهم الامير عيسى الملقب بالحرون فارس بنى حسين
في زمانه ، وسمع بخروجهم أبو سعد وابنه أبونمى بينبع فأرسل إليه يطلبه وعمر
أبى نمى يومئذ سبع عشرة سنة أو أزيد بقليل ، فخرج من ينبع قاصدا إلى مكة
فصادف القوم سائرين إليها فلما صادفهم حمل عليهم وهم سائرون فهزمهم ورجعوا
إلى المدينة . مغلوبين ، وفى ذلك يقول النقيب تاج الدين أبو عبد الله جعفر
بن محمد بن معية الحسنى ، وهو إذ ذاك لسان بنى حسن بالعراق من قصيدة يذكر
فيها تلك الواقعة ويمدح أبا نمى ويحسن أفعاله : ألم يبلغك شأن بنى حسين *
وفرهم وما فعل لحرون ؟ يصول بأربعين على مئين * وكم من فئة ظلت تهون فلما
قدم أبونمى على أبيه بمكة أشركه في ملكها فلم يزل حاكما على الحجاز مع أبيه
وبعده إلى أن مات وقد أناف على التسعين ، وقد أخرج من مكة مرارا وحارب
العساكر المصرية فظفر بهم ، وكان من الشجاعة بحيت لم ير مثله في عصره وكان
له ثلاثون ذكرا منهم الامير أبو الغيث بن أبى نمى قتله أخوه حميضة ومنهم
الامير عطيفة حكم بمكة شرفها الله وكذا أخوه حميضة ثم قبض عليه وحمل إلى
مصر فاعتقل بها ثم هرب إلى العراق وتوجه إلى السلطان اولجايتو ابن أرغون
فأكرمه اكراما عظيما ، وبذل له عسكرا يذهب به إلى مكة ومنها إلى الشام أو
إلى الشام أولا لانه وعده أن يملكها له وأحس أو لجايتو منه شجاعة / صفحة
144 / عظيمه وهمة عالية فعين له عشرة الآف فارس وأمر عليهم الامير طالب
الدلنقدى الافطسى ، وساروا من البصرة إلى القطيف متوجهين إلى أطراف الشام ،
وأرسل الشريف حميضة إلى أمراء العرب من كل قوم فأجابوه ، وأهم ذلك أهل
الشام فالتجأوا إلى أمراء طئ وقومهم وهم عرب كثيرون ليس في العرب مثلهم
كثرة وتمولا ، وأمراؤهم آل فضل أمراء العرب ، وانفق وفاة السلطان أو لجايتو
وكاتب الوزير رشيد الدين الطبيب ذلك العسكر أن يتفرقوا لعداوة كانت له مع
السيد طالب ، فتفرق ذلك العسكر وثارت بهم الاعراب الذين جمعهم السيد حميضة
مع أعراب طئ فنبهوهم ، وحارب السيد حميضة في ذلك اليوم حربا لم يسمع بمثله
. فيحكى عن السيد طالب الدلنقدى أنه قال : ما زلت أسمع بحملات على بن أبى
طالب " ع " حتى رأيتها من السيد حميضة معاينة . ومنهم السيد عز الدين زيد
الاصغر بن أبى نمى ملك سواكن ، وكانت لجده لامه وهى من بنى الغمر بن الحسن
المثنى ، ثم سم هناك وأخرج من سواكن فقد العراق وكان قد قدمه مرة أخرى قبل
أن يملك سواكن ، وتولى النقابة الطاهرية بالعراق ، وكان زيد كريما جوادا
وجيها وتوفى بالحلة ودفن بالمشهد الشريف الغروى بظهر النجف ، وليس لزيد بن
أبى نمى عقب ، ومن ولد أبى نمى شميلة بن أبى نمى وكان شاعرا شجاعا فمن شعره
: ليس التعلل بالآمال من شيمى ولا القناعة بالاقلال من همى ولست بالرجل
الراضي بمنزله حتى أطا الفلك الدوار بالقدم والبيت الاول من شعر ابى الطيب
المتنبي غيره الشريف يسيرا ، ومن ولد شميلة بن أبى نمى ، محمد بن حازم بن
شميلة بن أبى نمى فارس شجاع شديد الايد وأمه بنت السيد حميضة بن أبى نمى ،
ورد العراق وتوجه إلى تبريز ولاقى السلطان السعيد أويس بن الشيخ حسن فأكرمه
وأنعم عليه ثم رجع إلى الحجاز وتوفى هناك . / صفحة 145 / ومن ولد أبى نمى
سيف بن أبى نمى ، وهو أصغر أولاده وآخر من بقى من ولد أبيه ، أدرك أولاد
أولاد أولاد أولاد بعض أخوته وله عقب ، منهم أحمد بن سيف المذكور وهو الآن
بخراسان ، وأمه بنت على بن مالك الهاشمي الحسنى أخت الشريف مبارك بن سيف بن
على ، واليه وفد الشريف أحمد وبقى بخراسان ، ومن ولد أبى نمى عضد الدين أبو
محمد عبد الله الفارس البطل الشجاع غضب عليه أبوه فأرسله إلى بعض بلاد
اليمن وأمر حاكمها أن يحصره في دار ولا يمكنه من الخروج ففعل ذلك وكان
يكرمه ويزوره ويقوم بكل ما يحتاج إليه ولكنه لا يمكنه من الخروج . وكان قد
اتخذ له بابا عليه شباك من حديد يجلس خلفه وينظر إلى الطريق فقبض عليه ذات
ليلة واجتذ به فقلعه وخرج من الدار ، فاحتال حاكم البلد حتى رده ثم راسل
أباه بما كان منه وأخبره أنه يخاف منه وطلب العفو من القبض عليه ، فاستدعاه
أبوه ثم جهزه إلى العراق وأطلق له أوقاف مكة بها فورد العراق وتوجه إلى
السلطان غازن بن أرعون فأجله إجلالا عظيما ، وأنعم عليه وأقطعه إقطاعا
نفيسا بولاية الحلة بالصدرين منه - موضع يقال له الزاوية فيه عدة قرى جليلة
- وأقام الشريف بالحلة عريض الجاه نافذ الامر إلى أن مات ، وأعقب من ولده
الشريف شمس الدين محمد وحده ، فأعقب الشريف شمس الدين محمد أحمد وأبا الغيث
، أمهما بنت السيد زيد بن أبى نمى بنت عمه ، ودر جامعا بشيراز وتوجه إليها
احدهما بعد الآخر في ايام حكومة الامير أبى إسحاق بن الامير محمود شاه ،
ودفنا بمشهد السادة المجاور لمشهد على بن حمزة بن الامام موسى الكاظم " ع "
وعليا السيد الجليل نور الدين كان عميد السادات بالعراق عريض الجاه ساكن
النفس كريم الاخلاق حليما متجاوزا ، اعقب جماعة منهم السيد شمس الدين محمد
ابن على أمه شمية بنت الشريف شهاب الدين أحمد بن رميثة بن أبى نمى ، وأمها
بنت الشرف بنت الشريف عضد الدين عبد الله بن أبى نمى ، له أولاد ، ومنهم /
صفحة 146 / السيد حسب الله بن على بن محمد ، ومغامس وغيرهم كثرهم الله
تعالى . ومن ولد أبى نمى السيد رميثة ( 1 ) واسمه منجد ويكنى بأبى عرادة
ويلقب أسد الدين ، ملك مكة وطالت إمرته بها وفى ولده الامارة إلى الآن دون
ساير أولاد أبى نمى ، وكان له عدة أولاد ، منهم الشريف شهاب الدين أبو
سليمان أحمد بن رميثة كان قد توجه في زمن أبيه إلى العراق وذهب إلى السطان
أبى سعيد ابن السلطان أو لجايتو بن أرغون فأكرمه وأحسن مثواه ، فأقام عنده
ثم توجه صحبة القافلة وحج في تلك السنة الوزير غياث الدين محمد بن الرشيد
وجماعة من وجوه العراق وأركان المملكة ، وكان الشريف شهاب الدين أحمد قد
أعد رجالا وسلاحا ودراهم مسكوكة باسم السلطان أبى سعيد فلما بلغوا إلى
عرفات وزالت الشمس وتهيأ الناس للوقوف لبس رجاله السلاح وقدموا المحمل
العراقى - وهو محمل السلطان أبى سعيد - مع أعلامه على المحمل المصرى
وأصعدوه جبل عرفات قبله ، وأوقفوه أرفع منه ولم تجر بذلك عادة منذ انقضاء
الدولة العباسية . ولم يكن للمصريين طاقة على دفعه فالتجأوا إلى الشريف
رميثة ابيه فاستنجد بنى حسن والقواد فتخاذلوا عنه لمكان ابنه احمد ومحبتهم
إياه ولاحسانه إليهم قديما وحديثا ، وامر الشريف أحمد أن يتعامل بتلك
الدراهم المسكوكة باسم أبى سعيد فتعومل بها في الموسم خوفا منه وعاد إلى
السطان مصاحبا للقافلة العراقية فأعظمه السلطان أبو سعيد إعطاما عظيما
وأحله مقاما كريما وفوض إليه أمر الاعراب بالعراق ، فأكثر فيهم الغارة
والقتل وكثر أتباعه وعرض جاهه واقام بالحلة نافذ الامر عريض الجاه كثير
الاعوان إلى أن توفى السلطان أبو سعيد فأخرج الشريف أحمد الحاكم الذى كان
بالحلة وهو الامير على بن الامير طالب الدلقندى الحسينى الافطسى وتغلب على
البلد وأعماله ونواحيه وجبى الاموال وكثر / صفحة 147 / في زمانه الظلم
والتغلب ، فلما تمكن الشيخ حسن بن الامير حسين أقبوقا الجلايرى من وجه إليه
العساكر مرارا فأعجزه لمراوغته مرة ومقاومته اخرى ، ثم إن الشيخ حسن توجه
إليه بنفسه في عسكر ضخم وعبر الفرات من الانبار وأحاط بالحلة فتحصن الشريف
أحمد بها فغدر به أهل المحلة لتى كان قد اعتمد عليها ، وخذله الاعراب الذين
جاء بهم مددا وتفرق الناس عنه حتى بقى وحده ، وملك عليه البلد فقاتل عند
باب داره في الميدان قتالا لم يسمع بمثله وقتل معه أحمد بن فليتة الفارس
الشجاع وأبوه فليتة ، ولم يثبت معه من بنى حسن غيرهما ، وابتليا وقاتلا حتى
قتلا . ولما ضاق به الامر توجه إلى محلة الاكراد وقد كان نهبها مرارا وقتل
جماعة من رجالها ، إلا أنهم لما رأوه قد خذل أظهر واله الوفاء وواعدوه
النصر وتعهدوا له أن يحاربوا دونه في مضايق دروب البلد حتى يدخل الليل ثم
يتوجه حيث شاء ، وكان الحزم فيما أشاروا لكنه خالفهم وذهب إلى دار النقيب
قوام الدين بن طاوس الحسنى وهو يومئذ نقيب نقباء الاشراف ، فلما سمع الامير
الشيخ حسن بذلك ارسل إليه شيخ الاسلام بدر الدين المعروف بابن الشيخ
المشايخ الشيباني ، وكان مصاهرا للنقيب قوام الدين بن طاوس فآمن الشريف
وحلف له وأعطاه خاتم الامان وأرسل به إلى الامير الشيخ حسن فركب الشريف معه
إلى الامير الشيخ حسن وهو نازل خارج البلد ولم يكن الشريف أحمد يظن أو يخطر
بباله ان الشيخ حسن يقدم على قتله ، ولعمري لقد كان الشيخ حسن يهاب ذلك
لجلالة الشريف ونسبه ولمكان ابيه بمكة شرفها الله تعالى وخوفا من قبح
الاحدوثة والتقلد بدم مثل ذلك السيد ، إلا أن بعض بنى حسن أغراه بذلك وخوفه
عواقبه وأنه مادام حيا لا يصفو العراق له فلما ذهب مع الشيخ بدر الدين وكان
في بعض الطريق استلبوا سيفه فأحس بالشر فقال الشيخ بدر الدين : ما هذا ؟
قال : لا أدرى انما كنت رسولا وفعلت ما امرت به . هذا كله والشريف غير /
صفحة 148 / آيس من نفسه ، فلما دخل على الامير الشيخ حسن اوصل الاعتذار
فأظهر الامير الشيخ حسن القبول منه وطالبه بأموال البلاد في المدة التى حكم
فيها وهى قريب من ثمانى سنوات أو أزيد ، فأجاب بأنه أنفقها . فعذب تعذيبا
فاحشا حتى كان يملا الطشت من الجمر ويوضع على صدره فكان لا يجيب إلا : أنى
انفقت بعضها عند بعض الناس ودفنت بعضها في الارض . لا يزيد على ذلك ، فأراد
الشيخ حسن إطلاقه فحذره بعض خواص الشريف فاحتال في قتله بان جاؤا بالامير
أبى بكر ابن كنجاية ، وكان الشريف قد قتل أباه الامير محمد بن كنجاية
واعترف بالقتل وكان قتله في بعض حروبه ، فأمر أبا بكر أن يقتله قصاصا بأبيه
فاستعفي فلم يعف فضرب عنق الشريف بسبع ضربات ثم حمل إلى داره فغسل وذهب
الشيخ حسن بنفسه وأمرائه فصلى عليه ودفن في داره ثم نقل إلى المشهد الغروى
، وانقطعت قافلة العراق عن الحج مدة حياة الشريف رميثة . فلما توفى وملك
ابنه عز الدين أبو سريع عجلان احتال بعض الاتباع وأولاد مولديهم وهو حسن بن
تركي وكان شهما جلدأ ، وتقبل بالسعي في الصلح واستصحب الشيخ سراج الدين عمر
ابن على القزويني المحدث وتوجها إلى الشام ثم مضيا مع قافلة الشام إلى
الحجاز ، وهكذا كان يحج من أراد الحج من العراق في تلك المدة ، فلما ورد
الحجاز تكلما في الصلح فأجابهما السيد عجلان إلى ما أرادا ، وأرسل معهما
ابنه خرصا إلى بغداد وصحبهم من كان قد حج من أهل العراق على طريق الشام ،
فلما وصل السيد خرص بن عجلان إلى الشيخ حسن اكرمه إكراما يتجاوز الوصف وبذل
له ما كان قد تقرر عليه الصلح من الاموال ، وما كان قد اجتمع من الاوقاف
المكية في تلك المدة وهى سبع سنوات . وأضاف إلى ذلك أشياء أخر ، وكان
للشريف أحمد إبنان هما أحمد ومحمود فقرر لهما من مال الحلة في كل سنة مبلغ
عشرين ألف دينار تحمل اليهما في كل سنة إلى الحجاز ، ولم تزل مستمرة يأخذها
محمود واحمد وفيهما يقول الشاعر : / صفحة 149 / وأحمد أحمد الرجلين عندي
ولست أنا لمحمود بذام وأعرف للكبير السن حقا ولكن الشهامة للغلام
جمعيـة تنزيـه النسـب العلـوي |