|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم عمدة الطالب في أنساب آل أبى طالب تأليف: جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عنبة المتوفى سنة 828 هجرية الطبعة الثانية 1380هـ - 1960م
المعلم الثاني في ذكر عقب ابراهيم الغمر بن الحسن المثنى: المعلم
الثاني في ذكر عقب ابراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن بن على بن أبى
طالب عليه السلام ، ولقب الغمر لجوده ، ويكنى أبا اسماعيل وكان سيدا شريفا
روى الحديث وهو صاحب الصندوق بالكوفة يزار قبره وقبض عليه أبو جعفر المنصور
مع أخيه وتوفى في حبسه سنة خمس وأربعين ومائة وله تسع وستون سنة ، وقال ابن
خداع : مات قبل الكوفة بمرحلة وسنه سبع وستون سنة . وكان السفاح يكرمه .
فيروى أن السفاح كان كثيرا ما يسأل عبد الله المحض عن أبنيه محمد وابراهيم
، فشكا عبد الله ذلك إلى أخيه ابراهيم الغمر ، فقال له إبراهيم : إذا سألك
عنهما فقل : عمهما ابراهيم أعلم بهما فقال له عبد الله : وترضى بذلك ؟ قال
: نعم . فسأله السفاح عن ابنيه ذات يوم فقال : لا علم لى بهما وعلمهما عند
عمهما ابراهيم . فسكت عنه ثم خلا بابراهيم فسأله عن ابني أخيه فقال له : /
صفحة 162 / يا أمير المؤمنين أكلمك كما يكلم الرجل سلطانه أو كما يكلم ابن
عمه ؟ فقال : بل كما يكلم الرجل ابن عمه . فقال يا أمير المؤمنين أرأيت إن
كان الله قد قدر أن يكون لمحمد وابراهيم من هذا الامر شئ أتقدر أنت وجميع
من في الارض على دفع ذلك ؟ قال : لا والله . قال : ورأيت إن لم يقدر لهما
من ذلك شئ أيقدران ولو أن أهل الارض معهما على شئ منه ؟ قال : لا . فما لك
تنغص على هذا الشيخ النعمة التى تنعمها عليه ؟ فقال : السفاح : والله لا
ذكرتهما بعد هذا . فلم يذكر شيئا من أمرهما حتى مضى لسبيله . والعقب من
ابراهيم الغمر في اسماعيل الديباج وحده ، ويكنى أبا ابراهيم ، ويقال له
الشريف الخلاص ، وشهد فخا ، والعقب منه في رجلين الحسن التج وابراهيم
طباطبا . أما الحسن التج بن اسماعيل الديباج ويكنى أبا على / صفحة 163 /
وشهد فخا وحبسه الرشيد نيفا وعشرين سنة حتى خلاه المأمون وهلك وهو ابن ثلاث
وستين فأعقب الحسن التج من ابنه الحسن بن الحسن وحده ويلقب التج أيضا ،
ويقال لولده بنو التج ، وأعقب الحسن بن الحسن بن الديباج من أبى جعفر محمد
، يقال له أيضا التج وولده الآن آل التج بمصر . ومن أبى القاسم على المعروف
بابن معية وهى أمه وبها يعرف عقبها ، وهى معية بنت محمد بن حارثة بن معاوية
بن اسحاق بن زيد بن حارثة بن عامر بن مجمع ابن العطاف بن ضبيعة بن زيد بن
مالك بن عوف بن عمر بن عوف بن الاوس كرفية ينسب إليها ولدها ، قال أبو عبد
الله بن طباطبا : وهى أم اولاده ، ولعمري أن آل معية أعرف بنسبهم من غيرهم
وقد صرح النقيب تاج الدين في كثير من تصانيفه أنها أم على بن الحسن بن
الحسن ، والشيخ العمرى قال : إن أمه يعنى عليا - معية الانصارية بها يعرف
ولده وذكر ابن خداع أن أصلها من بغداد . والعقب من أبى القاسم على بن الحسن
بن الحسن بن الديباج من رجلين أبى طاهر الحسن ، وأبى عبد الله الحسين
الخطيب ، وكان له ولد ثالث هو أبو جعفر محمد النسابة صاحب المبسوط ، أخذ
عنه شيخ الشرف العبيدلى انقرض عقبه وبقى عقب على بن معية من الاولين
المذكورين ، أما أبو طاهر الحسن بن على بن معية فكان له عقب كثير بالكوفة ،
منهم السيد العالم النسابة عبد الجبار بن الحسن بن محمد بن جعفر بن أبى
طاهر الحسن المذكور ، إليه ينسب مسجد عبد الجبار بالكوفة وله ولاخويه أبى
الحسن على وأبى الفوارس ناصر عقب منهم بنو المناديلى انقرضوا بنو العجعج ،
منهم السيد سعد الدين موسى بن العجعج رأيته شيخا وهو ميناث . وأما أبو عبد
الله الحسين الخطيب بن على بن معية وهم يدعون بنى معية فأعقب من رجلين أبى
القاسم على وأبى أحمد عبد العظيم ، أعقب عبد العظيم من محمد يعرف بميمون
ومن على له ولد بالرى ، ومن أحمد بن عبد العظيم ، له ولد ولمحمد / صفحة 164
/ ميمون بن عبد العظيم الحسين بن محمد ميمون ، له أولاد بالرى منهم مهدى
وما نكيرم ، وأعقب أبو القاسم على بن الحسين الخطيب بن على بن معية من
رجلين هما أبو عبد الله محمد ، وأبو عبد الله الحسين الفيومى ، أما أبو عبد
الله محمد ابن أبى القاسم على بن الحسين الخطيب ، فأعقب من أبى الطيب الحسن
قتله بنو أسد ، قال ابن طباطبا : وله أولاد ستة برامهرمز والاهواز والبصرة
. ومن أبى القاسم عبد الله الشعرانى ، له ولد ، ومن أبى محمد ابراهيم ، له
أولاد بالاهواز هذا كله عن ابن طباطبا ، وكان له أبو طالب أحمد كان شديد
التوجه وحج فأنفق مالا واسعا ، فقيل إن رجلا من الاشراف جلس إليه بمكة وهو
يشكو جور السلطان ، فأدخل العلوى الحجازى يده في ثيابه وقال له : ثيابك هذه
الرقاق هي التى أضلتك سبيلك والعز معه الشقاء . وقال العمرى : وكان لابي
طالب عدة من الولد جميعهم أصدقائى مات أكثرهم وهذا أبو طالب أحمد عرفه بهاء
الدولة بن بويه الديلمى ، وكان أبو طالب رئيسا بالبصرة وله أحوال حسنة ،
قال ابن طباطبا : وله بقية بالبصرة ، وأما أبو عبد الله الحسين الفيومى بن
على بن الحسين بن معية فأعقب من ابنه أبى الطيب محمد ، وأعقب أبو الطيب
محمد بن الحسين الفيومى من أبى عبد الله الحسين القصرى نزل قصر ابن هبيرة
فنسب إليه ، وكان لابي عبد الله الحسين القصرى عدة أولاد منهم أبو الحسن
على بن الحسين القصرى قتله أحمد بن عمار العبيدلى ، من ولده بنو البديوى
وهو أبو عبد الله محمد البديوى بن أبى المعالى هبة الله ابن أبى الحسن على
المذكور ، كان لهم بقية بالعراق . ومنهم النقيب ظهير الدولة أبو منصور
الحسن بن أحمد بن الحسن بن الحسين القصرى ، وهو الزكي الاول وعقبه ينقسم
فرقتين ، بنو قريش بن أبى الحسين بن أبى الفتح على النقيب بن رضى الدين بن
الزكي الاول المذكور ، منهم السيد سيد عماد الدين محمد بن محمد بن الحسين
بن قريش المذكور ، سافر إلى خراسان ثم منها إلى الهند واستوطن دهلى ، وله
بها عقب . / صفحة 165 / والى بنى النقيب أبى منصور الحسن الزكي الثالث بن
النقيب أبى طالب الزكي الثاني بن أبى منصور الحسن الزكي الاول يعرفون ببنى
معية ذوى جلالة ورياسة ونقابة وتقدم ، أعقب النقيب أبو منصور الحسن الزكي
الثالث من رجلين محمد ، والقاسم النقيب جلال الدين أبى جعفر ، أما محمد بن
الزكي الثالث فأعقب من ولده النقيب تاج الدين جعفر الشاعر الفصيح لسان بنى
حسن بالعراق حدثنى الشيخ تاج الدين محمد قال : حدثنى أبى عن خاله النقيب
تاج الدين جعفر المذكور أنه حدثه قال لهجت بقول الشعر وانا صبى فسمع والدى
بذلك فاستدعاني وقال يا جعفر قد سمعت انك تهذى بالشعر فقل في هذه الشجرة
حتى أسمع فقلت ارتجالا : ودوحة تدهش الابصار ناضرة تريك في كل غصن جذوة
النار كأنما فصلت بالتبر في حلل خضر تميس بها قامات أبكار فاستدناني وقبل
ما بين عينى ، وأمر لى بفرس وثياب نفيسة ودراهم أمر باحضارها في الحال ،
ووهب لى ضيعة من خاصة ضياعه ، وقال : يا بنى استكثر من هذا فانا نقصد دار
الخلافة ومعنا من الخيل وغيرها وانواع التكلفات ومما لا يتمكن منه ويجيئ بن
عامر بدواته وقلمه فتقضى حوائجه قبلنا ويرجع إلى الكوفة ونحن مقيمون بدار
الخلافة لم يقض لنا بعد حاجة . وكان للنقيب تاج الدين جعفر وظائف على ديوان
بغداد تحمل إليه في كل سنة وكان قد أضر وبنى موضعا سماه الزوية واعتكف فيه
دائما فأرسلوا إليه بعض السنين - وحاكم بغداد يومئذ الصاحب علاء الدين عطاء
الملك الجوينى - بفرس كبير السن أعور فكتب إلى صاحب الديوان بهذين البيتين
: أهديتم الجنس إلى جنسه بزرك كور لبزرك وكور وما لكم في ذلك من حيلة سبحان
من قدر هذى الامور / صفحة 166 / فركب صاحب الديوان إليه وقاد إليه فرسا آخر
واعتذر منه ، ومن حكاياته أن شاعرا مدحه فلم يعطه شيئا فهجاه بقوله : أعرق
والاعراق دساسة إلى خؤول كخليع الدلا مدحته وانفس أمارة بالسوء إلا ما وقى
ذو العلى فكنت كالمودع بطيخة من عنبر حقة بيت الخلا فلما بلغته هذه الابيات
أمر للشاعر بجائزة فجاءه الشاعر معتذرا وقال : كيف أجازني النقيب على الهجو
ولم يجزني على المدح ؟ فقال النقيب : أنا لا أعرف ما تقول ولكنك لما قلت
شعرا أثبتك عليه . فعرف الشاعر أنه لم يجزه لاسترذال القصيدة وركاكة الشعر
. وكان للنقيب تاج الدين إبنان أحدهما معتوه والآخر مجد الدين محمد ، وكان
نجيبا وجبها توفى في حياة أبيه وانقرض النقيب تاج الدين جعفر . وأما النقيب
جلال الدين أبو جعفر القاسم بن الزكي الثالث كان أحد رجالات العلويين وكان
صدر البلاد الفراتية بأسرها ونقيبها ، وكان فيه كر وإقدام وظلم على ما يحكى
من أخباره ، وبسببه نكب الخليفة الناصر لدين الله على آل المختار العلويين
وتولى هو تعذيبهم واستخرج أموالهم ، وحكم في قوسان وكان قد ضمنها بعير
اختياره ، وكان الوزير ناصر بن مهدى الحسنى البطحانى ببغض النقيب زكى الدين
ويقصده بالاذى ، واشتدت البغضة والعداوة لما فعل النقيب جلال الدين بآل
المختار ما فعل ، واستشعر منه خوفا عمل معه على هلاكه واستيصاله فضمن قوسان
بأضعاف ما كان مقدار ضمانها ، وعزم النقيب زكى الدين على الهرب فكره ذلك
منه ابنه جلال الدين وتقبل بذلك الضمان ، ولا طف الوزير ثم خرج إلى قوسان
فعسف الناس عسفا لم يسمع بمثله ، فزرع ضياع الملاك وغصب الاكرة وفعل بقوم
كان له معهم عداوة ولهم قرية تسمى بالهور ما لم يسمع بمثله حمل جميع ما حصل
في تلك القرية وأحال عليهم بالخراج وعاملهم من التشدد / صفحة 167 /
والاهانة بما لم يفعله حاكم بأحد قبله ، وهم خواص الوزير وبطانته . وحمل
الغلات على تفاوت أجناسها إلى بغداد فحصلت في محرز هناك وتوجه إلى بغداد
فساعدته الاقدار على أن أرتفع سعر الحنطة من درهمين إلى أربعة فدخل على
الوزير وشكا عدم الحاصل وقلة الارتفاع وأنه لم يحصل ما يقوم بثلث مال
الضمان ، وكان مائة وعشرين ألف دينار ذهبا ، والتمس بأن تغلق أبواب المناثر
ولا يبيع أحد شيئا من الغلات والحبوبات مدة عشرة أيام فاجيب إلى ما التمسه
، وأحال عليه الوزير من يومه بحوالات توازى المبلغ المذكور ، وكان يؤدى إلى
كل ذى حوالة شيئا يوما فيوما ، وارتفع السعر في تلك الايام فوصلت الحنطة
إلى ستة دراهم فلم يمض أسبوع حتى باع السيد جميع ما كان عنده ولم يبق في
مناثره شئ أصلا . وقد وفى من الحوالات مائة الف دينار ، وأخذ لنفسه مثلها ،
فاحتال ذات ليلة حتى دخل على الوزير وقت السحر وهو خال يكتب مطالعة الصباح
التى تعرض على الخليفة ، وقد حمل المال معه وأوقفه على باب دار الوزير ،
فشكا إلى الوزير حاله ووصف جده واجتهاده وذكر ما نال به الناس من الظلم
وأنه مع ذلك كله قد أدى مائة ألف دينار حصلها من قوسان والتمس أن يترك له
العشرين ألف دينار الباقية ، فقال له الوزير : ليس لتخلية درهم واحد من مال
أمير المؤمنين سبيل ، فقال النقيب : أيها الوزير هذه الدنانير على الباب
وقد حصلت هذا المقدار بتمامه ، فان تقدم الوزير أن أدخلها إليه فهو الحاكم
، وإن تقدم أن اؤديها إلى أرباب الحوالات أديتها . فتبسم ثم قال : لا بل
أمير المؤمنين يترك لك هذه العشرين ألف دينار فقد علم أن ضمانك كان ثقيلا .
قلت : ولا يسمع في كلام متظلم فالوزير يعلم كيف حصلت هذه الاموال . قال :
لك ذلك على أن لا تعود إلى مثلها . قال : على ذلك مادام الوزير أعزه الله
لا يكلفني ضمانا ثقيلا لا يحصل إلا بالجور والعسف والضرر العائد على
الديوان في السنين المستقبلة . ثم صلح / صفحة 168 / الحال بينهم ظاهرا إلى
أن عزل الوزير ولم يتعرض للنقيب زكى الدين ولا لابنه إلا بالخير . وكان
مزيد الخشكرى الشاعر قد هجا النقيب جلال الدين وذكر ظلمه وعسفه وذكر الهور
الذى قدمناه دكره وأهله بقصيدة طويلة منها . وكانما الهور الطفوف وأهله
الشهداء وابن معية ابن زياد وحذر من النقيب وأقسم ليقتله إن ظفر به واختبأ
مزيد الخشكرى وانما كان قد تجرأ على هجو النقيب ظنا أن الوزير يستأصله
وأباه إما بالقتل أو بأن يهربا إلى اليمن كعادتهما ، وكانا قد هربا قبل ذلك
وهرب معهما قوم من أهلهما فأقاما بالبادية تارة بمكة اخرى وباليمن أوقاتا
حتى استمال الخليفه الزكي الثالث فرجع إلى العراق . فظن ابن الخشكرى أن ما
يقوله الوزير سيفعله البتة فلما صلح أمر النقيب جلال الدين مع الوزير خاف
ابن الخشكرى خوفا شديدا ولم يجد من يجيره من النقيب فدخل عليه ذات يوم وهو
متلثم فسفر عن لثامه ولم يكن النقيب رآه ولا عرفه قبل ذلك وأنشده قصيدته
التى أولها : سعود تدوم بشرب المدام * ببنت الكروم مع ابن الكرام حسونا
بكأس وطاس وجام * غدونا بنون وخاء ولام فلما أتم القصيدة قال له النقيب -
وكان قد سمع شعره قبل ذلك - : انى لاسمع نفس مزيد . قال : إذا هو . ففكر
النقيب ساعة وكان قد كتب إلى الخليفة الناصر لدين الله ضراعة بارسال عشرة
الآف دينار ذهبا في عشرة أكياس فأمر باخلاء كيس ودفع ما فيه إلى مزيد
الخشكرى وجعل القصيدة في الكيس وختم عليها ، فما نظر الخليفة إلى قوله ضحك
وأمر باجرائها له وطلب مزيد الخشكرى فأمر له بجائزة اخرى ومدح مزيد الخليفة
وصار مزيد من شعراء الخلافة والاصل في ترتيبه قوله . ( فكانما الهور الطفوف
) إلى آخره ، وكان الناصر كثيرا ما ينشد هذا البيت ويضحك . / صفحة 169 /
فأعقب النقيب جلال الدين القاسم من رجلين زكى الدين الحسن ، وفخر الدين
الحسين ، انقرض زكى الدين الحسن وكان له الفقيه العالم الفاضل المدرس رضى
الدين محمد ، انقرض وانقرض أبوه بانقراضه ، وولد فخر الدين الحسين جلال
الدين أبا جعفر القاسم بن الحسين ، كان جليل القدر فاضلا شاعرا ولم يل
السيد جلال الدين بن الحسين صدارة وامتنع وكان أبوه على قاعدة أبيه صدرا
نقيبا بالفراتية فعزل عن النقابة ومن شعره : تقاعست دون ما حاولته الهمم
ولا سعت بى إلى داعى الندى قدم ولا امتطيت جوادا يوم معركة وخاننى في الوغى
الصمصامة الخذم ولا بلغت من العلياء ما بلغ الآباء قبلى ولا أدركت شأوهم إن
كنت رمت سلوا عن محبتكم أو كنت يوما بظهر الغيب خنتكم فما الذى أوجب
الهجران لى فلقد تنكرت منكم الاخلاق والشيم ؟ أذاك من بخل بالوصل أم ملل أم
ليس يرعى لمثلى عندكم ذمم ؟ ؟ ؟ وكان لجلال الدين أبى جعفر القاسم بن
الحسين بن القاسم بن الزكي الاول ابنان أحدهما زكى الدين مات عن بنت وانقرض
، والآخر شيخي المولى السيد العالم الفقيه الحاسب النسابة المصنف تاج الدين
محمد ، إليه انتهى علم النسب في زمانه وله فيه الاسنادات العالية والسماعات
الشريفه ، أدركته قدس الله روحه شيخا وخدمته قريبا من اثنتى عشرة سنة ،
قرأت فيها ما أمكن حديثا ونسبا وفقها وحسابا وأربا وتواريخ وشعرا إلى غير
ذلك ، وصاهرته رحمه الله على ابنة له ماتت طفلة فأجاز لى أن ألازمه ليلا
فكنت ألازمه ليالى من الاسبوع أقرا فيها ما لا يمنعنى فيه النوم . فمن
تصانيفه ( كتاب في معرفة الرجال ) خرج في مجلدين ضخمين ، وكتاب ( نهاية
الطالب في نسب آل أبى طالب ) خرج في اثنى عشر مجلدا ضخما قرأت / صفحة 170 /
عليه أكثره ، وكتاب ( الثمرة الظاهرة من الشجرة الطاهرة ) أربع مجلدات في
أنساب الطالبيين مشجر قرأته عليه بتمامه ، ومنها ( الفلك المشحون في أنساب
القبائل والبطون ) قرأت عليه كثيرا مما خرج منه ولم يبلغ من هذا الكتاب إلا
قريبا من الربع ، ومنها كتاب ( أخبار الامم ) خرج منه أحد وعشرون مجلدا
وكان يقدر إتمامه في مائة مجلد كل مجلد أربع مائة ورقة ، ومنها كتاب ( سبك
الذهب في شبك النسب ) مختصر مفيد قرأته عليه بتمامه ، ومنها كتاب ( الجذوة
الزينية ) مختصر قرأته عليه أول اشتغالي بعلم النسب لم أقرأ قبله إلا مقدمة
مختصرة لشيخ الشرف العبيدلى ، ومنها كتاب ( تبديل الاعقاب ) ومنها ( كشف
الالتباس في نسب بنى العباس ) ومنها رسالة ( الابتهاج في الحساب ) وكتاب (
منهاج العمال في ضبط الاعمال ) إلى غير ذلك من كتبه في الفقه والحساب
والعروض والحديث . وكان يتولى إلباس لباس الفتوة ويعتزى إليه أهله ويحكم
بينهم بما يراه فيطيعون أمره ويمتثلون مرسومه ، وهذا المنصب ميراث لآل معية
من عهد الناصر لدين الله وقد كان بعض آل معية يعارض النقيب تاج الدين في
ذلك وينقسم الناس بالعراق أحزابا كل ينتمى إلى أحدهم ، فلما مات النقيب فخر
الدين ابن معية والنقيب نصير الدين بن قريش بن معية لم يبق له معارض ولم
يكن عوام العراق ولا خواصهم ليسلموا ذلك الامر إلى أحد من غير آل معية
مادام / صفحة 171 / منهم أحد فكيف بالنقيب تاج الدين . وكان إليه إلباس
خرقة التصوف من غير منازع في ذلك لا يلبسها أحد غيره أو من يعزى إليه -
فأما النسب فلم يمت حتى أجمع نساب العراق على تلمذته والاستفادة منه حتى
أنى رأيت في كتاب مشجر بخط السيد أبى المظفر ابن الاشرف الافطسى اسم النقيب
تاج الدين وقد كتب تحته : ( قرأت عليه واستفدت منه ) . وكان أبو المظفر أسن
من النقيب تاج الدين بكثير فسألت النقيب تاج الدين : ما قرأ عليك أبو
المظفر ؟ فقال : لم يقرأ على شيئا ولا سمع منى شيئا يعتد به بل ما يخطر
ببالى إلا أنه كان يوما على باب القبة الشريفة بالغرى في الايوان المقابل
فوصل إلى مكان - ذكره النقيب ونسيته انا - قال فسألني عنه فأخبرته . وكان
متقدما في هذا الفن قريبا من خمسين سنة يشار إليه بالاصابع . فأما روايته
واتساعها ومعرفته بغوامض الحديث والحاقه بالاجداد فأمر لم يخالف فيه أحد ،
ومن أشعاره قوله : ملكت عنان الفضل حتى أطاعنى وذللت منه الجامح المتصعبا
وضاربت عن نيل لعالى وحوزها بسيفي أبطال الرجال فما نبا وأجريت في مضمار كل
بلاغة جوادي فحاز السبق فيهم وما كبا ولكن دهري جامح عن مراتبي ونجمى في
برج السعادة قد خبا ومن غالب الايام فيما يرومه تيقن أن الدهر يضحى مغلبا
جمعيـة تنزيـه النسـب العلـوي |