الصفحة الرئيسية

   

بسم الله الرحمن الرحيم

عمدة الطالب في أنساب آل أبى طالب

تأليف: جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عنبة المتوفى سنة 828 هجرية

الطبعة الثانية 1380هـ - 1960م

عنى بتصحيحه محمد حسن آل الطالقاني
منشورات المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف

 

عقب إبراهيم بن الامام موسى الكاظم (عليه السلام):

وأما ابراهيم بن موسى الكاظم وهو الاكبر وأمه أم ولد نوبية اسمها نجية قال الشيخ أبو الحسن العمرى : ظهر باليمن أيام أبى السرايا . وقال أبو نصر البخاري : إن ابراهيم الاكبر ظهر باليمن وهو أحد أئمة الزيدية وقد عرفت حاله وأنه لم يعقب . وأعقب ابراهيم الاصغر المرتضى بن الكاظم عليه السلام من رجلين موسى أبى سبحة وجعفر ، قال الشيخ أبو نصر البخاري : لا يصح لابراهيم المرتضى بن موسى الكاظم " ع " عقب إلا من موسى بن ابراهيم وجعفر / صفحة 202 / ابن ابراهيم وكل من انتسب إليه من غيرهما فهو مدع كذاب مبطل . وقال الشيخ أبو الحسن العمرى : أحمد بن ابراهيم المرتضى وقع إلى مرند وله بها بقية ، وقال أبو عبد الله بن طباطبا : أعقب ابراهيم المرتضى من ثلاثة موسى وجعفر واسماعيل ثم قال : العقب من اسماعيل بن ابراهيم بن الكاظم " ع " في رجل واحد وهو محمد ومنه في جماعة ، قال شيخ الشرف : ذكر البخاري أنهم انقرضوا . قال ابن طباطبا : وهذا تسامح في القول وإطلاق للقول بما يوجب الاثم ويخرج عن الدين . ولمحمد بن اسماعيل بن ابراهيم أعقاب وأولاد منهم بالدينور وغيرها رأيت منهم أبا القاسم حمزة بن على بن الحسين بن أحمد بن محمد بن اسماعيل ابن ابراهيم بن الكاظم " ع " وكان نعم الرجل ومات بقرمسين وله اخوة وبنو عم ، هذا كلام ابن طباطبا . ونص الشيخ تاج الدين على أن ابراهيم لم يعقب إلا من موسى وجعفر . أما موسى أبو سبحة بن المرتضى فله أعقاب وانتشار ، والبيت والعدد في ولده ، أعقب من ثمانية رجال أربعة منهم مقلون واربعة مكثرون أما / صفحة 203 / المقلون فعبيد الله وعيسى وعلى وجعفر فأما داود فمنقرض ، وأما المكثرون فمحمد الاعرج واحمد الاكبر وابراهيم العسكري والحسين القطعي ، أما عبيد الله ابن أبى سبحة فأعقب من الحسين والمحسن قال ابن طباطبا : لهما أولاد بالبصرة والابلة . وأما عيسى بن أبى سبحة فأعقب من أبى جعفر محمد بن عيسى وله الحسن وعلى لهما أولاد بفارس . وأما على بن أبى سبحة فولده بالدينور وشيراز ، قال شيخ الشرف العبيدلى : من ولده أحمد الكاتب بن على بن محمد بن الحسن بن على بن موسى أبى سبحة في ديوان السلطان له جدة مجوسية وكان يضرب بالعود ومن ندماء بهاء الدولة . هذا ما ذكره شيخ الشرف ، وقال ابن طباطبا : أما على بن أبى سبحة فولده أبو محمد الحسن ، وأبو الفضل الحسين أما أبو محمد الحسن فولده أبو على الصبيح محمد بشيراز ، وأبو العباس أحمد وموسى ، ولكل واحد منهم أعقاب وأما أبو الفضل الحسين فولده طاهر وله أولاد بالدينور ، وأما جعفر بن أبى سبحة فولده بالرى هم موسى وأبو الحسن محمد ، وبالترمذ عيسى وأبو عبد الله محمد الضرير ، لعيسى وأبى عبد الله محمد عقب ولموسى ولد ، وأما محمد الاعرج بن أبى سبحة فأعقب من موسى الاصغر وحده ، ويعرف بالابرش ، وأعقب موسى الابرش من ثلاثة أبى طالب المحسن ، وأبى أحمد الحسين ، وأبى عبد الله أحمد أما أبو طالب المحسن فقال ابن طباطبا : له عقب منهم أحمد ولد بالبصرة . وأما أبو أحمد الحسين بن موسى الابرش فهو النقيب الطاهر ذو المناقب كان نقيب نقباء الطالبيين ببغداد ، قال الشيخ أبو الحسن العمرى : كان بصريا وهو أجل من وضع على رأسه الطيلسان وجر خلفه رمحا أريد أجل من جمع بينهما ، وكان قوى المنة شديد العصبة يتلاعب بالدول ويتجرأ على الامور وفيه مواساة لاهله ، ولاه بهاء الدولة قضاء القضاء مضافا إلى النقابة فلم يمكنه القادر بالله وحج بالناس مرات أميرا على الموسم وعزل عن النقابة مرارا ثم أعيد إليها / صفحة 204 / وأسن وأضر في آخر عمره ، وكان فيه مواساة لاهله . قال أبو الحسن العمرى : حدثنى الشريف أبو الوفاء محمد بن على بن محمد ملقطة البصري المعروف بابن الصوفى ، قال وكان ابن عم جدى لحا ، قال احتاج أبى أبو القاسم على بن محمد وكانت معيشته لاتفى لعياله . فخرج في متجر ببضاعة نزرة فلقى ابا أحمد الموسوي - ولم يقل أبوالوفا اين لقيه - فلما رأى شكله خف على قلبه وسأله عن حاله فتعرف إليه بالعلوية والبصرية وقال خرجت في متجر . فقال له : يكفيك من المتجر لقائي . قال العمرى : فالذي استحسنت من هذه الحكاية قوله يكفيك من المتجر لقائي . وكان لابي أحمد مع الملك عضد الدولة سير لانه كان في حيز بختيار بن معز الدولة ، فقبض عضد الدولة عليه وحبسه في قلعة بفارس وولى على الطالبيين أبا الحسن على بن أحمد العلوى العمرى فبقى على النقابة أربع سنين ، فلما مات عضد الدولة خرج أبو الحسن العمرى إلى الموصل فولده بها اليوم ، وأعيد الشريف أبو أحمد إلى النقابة وتوفى سنة أربع مائة ببغداد وقد أناف على التسعين ودفن في داره ثم نقل إلى مشهد الحسين عليه السلام بكربلا فدفن هناك قريبا من قبر الحسين عليه السلام وقبره معروف ظاهر ، ورثته الشعراء بمراث كثيرة وممن رثاه ولداه الرضى والمرتضى ، ومهيار الكاتب ، وأبو العلاء أحمد بن سليمان المعرى رثاه بالقصيدة الفائية وهى في كتابه ( سقط الزند ) فولد الشريف أبو أحمد بن موسى الابرش ابنين عليا ، ومحمدا . أما على فهو الشريف الطاهر الاجل ذو المجدين الملقب بالمرتضى علم الهدى ، يكنى أبا القاسم ، تولى نقابة النقباء وإمارة الحاج وديوان المظالم على قاعدة / صفحة 205 / أبيه ذى المناقب وأخيه الرضى ، وكان توليته لذلك بعد أخيه الرضى ، وكانت مرتبته في العلم عالية فقها وكلاما وحديثا ولغة وأدبا وغير ذلك ، وكان متقدما في فقه الامامية وكلامهم ناصرا لاقوالهم ، قال أبو الحسن العمرى : رأيته فصيح اللسان يتوقد ذكاء . قال : وكان اجتماعي به سنة خمس وعشرين وأربعمائة ببغداد وحضر مجلسه أبو العلاء أحمد بن سليمان المعرى ذات يوم فجرى ذكر أبى الطيب المتنبي فتنقصه الشريف المرتضى وعاب بعض أشعاره ، فقال أبو العلاء : لو لم يكن له إلا قوله : ( لك يا منازل في القلوب منازل ) لكفاه . فغضب الشريف وأمر بالمعرى فسحب وأخرج فتعجب الحاضرون من ذلك ، فقال لهم الشريف : أعلمتم ما أراد الاعمى ؟ إنما أراد قوله في تلك القصيدة : وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهى الشهادة لى بأنى كامل وأمه وأم اخيه الرضى فاطمة بنت أبى محمد الحسن الناصر الصغير بن أبى الحسين أحمد بن محمد الناصر الكبير الاطروش بن على بن الحسن بن على الاصغر بن عمر الاشرف بن زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى طالب " ع " وتولى النقابة وإمارة الحاج وديوان المظالم ثلاثين سنة وأشهرا ، وكانت ولادته سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة ، وتوفى خامس عشر ربيع الاول سنة ست وثلاثين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة ودفن في داره ثم نقل إلى كربلا فدفن عند أبيه وأخيه ، وقبورهم ظاهرة مشهورة ، وله مصنفات كثيرة في الفقه والكلام والادب ومن أشهرها كتاب ( درر القلائد وغرر الفوائد ) وهو يدل على فضل عظيم وقوة ذهن وقدرة تصرف وكثرة نقل وغزارة اطلاع ، وله شعر فائق قد دون فمنه قوله في الغزل : / صفحة 206 / يا خليلي من ذؤابة بكر في التصابى رياضة الاخلاق عللاني بذكرهم تسعدانى واسقياني دمعى بكأس دهاق وخذا النوم من عيوني فانى قد خلعت الكرى على العشاق فيقال إن بعض الظرفاء لما سمع هذا البيت قال : تكرم سيدنا الشريف خلع مالا يملك على من لا يقبل . وكان المرتضى يبخل ولما ترك مالا كثيرا . ورأيت في بعض التواريخ : أن خزانته اشتملت على ثمانين ألف مجلد ولم أسمع بمثل هذا إلا ما يحكى عن الصاحب اسماعيل بن عباد ، كتب إلى فخر الدولة بن بويه وكان قد استدعاه للوزارة فتعذر بأعذار منها أن قال : انى رجل طويل الذيل وإن كتبي تحتاج إلى سبعمائة بعير ، حكى الشيخ الرافعى : أنها كانت مائة ألف وأربعة عشر ألفا . وقد أناف القاضى الفاضل عبد الرحمان الشيباني على جميع من جمع كتبا فاشتملت خزائنه على مائة ألف وأربعين الفا مجلدا ، وكان المستنصر قد أودع خزانته في المستنصرية ثمانين ألف مجلدا على ما قيل ، والظاهر أنه لم يبق الآن منها شئ والله الباقي . وأعقب المرتضى من ابنه أبى جعفر محمد بن على المرتضى ، النسابة الفاضل صاحب كتاب ( ديوان النسب ) وغيره ، أطلق قلمه ووضع لسانه حيت شاء كما طعن في آل أبى زيد العبيدليين نقباء الموصل وهو شئ تفرد به لم يذكره أحد سواه من النسابين . وحدثني الشيخ النقيب تاج الدين محمد بن معية الحسنى قال : قال لى الشيخ علم الدين المرتضى على بن عبد الحميد بن فخار الموسوي إنه تفرد بالطعن في نيف وسبعين بيتا من بيوت العلويين لم يوافقه على ذلك أحد . ثم قال لى النقيب تاج الدين : لا شك أنه تفرد بالطعن في بيوت العلويين فاما هذا المقدار فانه يكتب في مشجرته التى سماها ديوان النسب من سمع به ولم / صفحة 207 / يتحققه بعد موصلا بالحمرة وليس ذلك منه بطغن انما هو تشكيك لم يحققه بعد إلا أنه تحقق فيه شيئا . ولا يخفى أن هذا اعتذار من النقيب عنه والله تعالى أعلم . وكان للنسابة ابن اسمه احمد درج ، وانقرض على المرتضى النسابة وانقرض بانقراضه الشريف المرتضى علم الهدى بن أبى احمد الحسين الموسوي . وأما محمد بن ابى أحمد الحسين بن موسى الابرش ، فهو الشريف الاجل الملقب بالرضى ذو الحسبين يكنى أبا الحسن نقيب النقباء وهو ذو الفضائل الشائعة والمكارم الذائعة ، كانت له هيبة وجلالة وفيه ورع وعفة وتقشف ومراعاء للاهل والعشيرة ، ولى نقابة الطالبيين مرارا ، وكانت إليه إمارة الحاج والمظالم كان يتولى ذلك نيابة عن أبيه ذى المناقب ، ثم تولى ذلك بعد وفاته مستقلا وحج بالناس مرات ، وهو أول طالبي جعل عليه السواد وكان أحد علماء عصره قرأ على أجلاء الافاضل ، وله من التصانيف كتاب ( المتشابه ) في القرآن وكتاب ( مجازات الآثار النبوية ) وكتاب ( نهج البلاغة ) وكتاب ( تلخيص البيان عن مجازات القرآن ) وكتاب ( الخصائص ) وكتاب ( سيرة والده / صفحة 208 / الطاهر ) وكتاب انتخاب شعر ابن الحجاج سماه ( الحسن من شعر الحسين ) وكتاب ( أخبار قضاة بغداد ) ( وكتاب رسائله ) ثلاث مجلدات وكتاب ( ديوان شعره ) وهو مشهور . قال الشيخ أبو الحسن العمرى : شاهدت مجلدا من تفسير القرآن منسوبا إليه مليحا حسنا يكون بالقياس في كبر تفسير أبى جعفر الطبري أو اكبر . وشعره مشهور وهو أشعر قريش وحسبك أن يكون أشعر قبيلة في أولها مثل الحارث بن هشام ، وهبيرة بن أبى وهب ، وعمر بن أبى ربيعة ، وأبى ذهيل ويزيد بن معاوية ، وفى آخرها مثل محمد بن صالح الحسنى ، وعلى بن محمد الحمانى وابن طباطبا الاصفهانى ، وعلى بن محمد صاحب الزنج عند من يصح نسبه ، وإنما كان أشعر قريش لان المجيد منهم ليس بمكثر ، والمكثر ليس بمجيد ، والرضى جمع بين الاكثار والاجادة ، قال أبو الحسن العمرى : وكان يقدم على أخيه المرتضى والمرتضى اكبر لمحله في نفوس العامة والخاصة ، ولم يكن يقبل من أحد شيئا أصلا ، وكان قد حفظ القرآن على الكبر فوهب له معلمه الذى علمه القرآن دارا يسكنها فاعتذر إليه وقال : أنا لا أقبل بر أبى فكيف أقبل برك ؟ . فقال له : إن حقى عليك / صفحة 209 / أعظم من حق أبيك وتوسل إليه فقبلها منه . وحكى أبو إسحاق محمد بن ابراهيم بن هلال الصابى الكاتب قال : كنت عند الوزير أبى محمد المهدى ذات يوم فدخل الحاجب واستأذن للشريف المرتضى فاذن له ، فلما دخل قام إليه واكرمه وأجلسه معه في دسته وأقبل عليه يحدثه حتى فرغ من حكايته ومهماته ، ثم قام فقام إليه وودعه وخرج ، فلم تكن إلا ساعة حتى دخل الحاجب واستأذن للشريف الرضى وكان الوزير قد ابتدأ بكتابة رقعة فألقاها ، وقام كالمندهش حتى استقبله من دهليز الدار وأخذ بيده وأعظمه وأجلسه في دسته ثم جلس بين يديه متواضعا وأقبل عليه بمجامعه ، فلما خرج الرضى خرج معه وشيعه إلى الباب ثم رجع ، فلما خف المجلس قلت : أيأذن الوزير أعزه الله تعالى أن اسأله عن شئ ؟ قال : نعم ، وكأني بك تسأل عن زيادتي في إعظام الرضى على أخيه المرتضى والمرتضى أسن وأعلم ؟ فقلت : نعم أيد الله الله الوزير . فقال إعلم إنا أمرنا بحفر النهر الفلاني وللشريف المرتضى على ذلك النهر ضيعة فتوجه عليه من ذلك ستة عشر درهما أو نحو ذلك فكاتبني بعدة رقاع يسأل في تخفيف ذلك المقدار عنه ، وأما أخوه الرضى فبلغني ذات يوم أنه ولد له غلام فأرسلت إليه بطبق فيه ألف دينار فرده وقال : قد علم الوزير أنى لا أقبل من أحد شيئا . فرددته إليه وقلت : إنى إنما أرسلته للقوابل . فرده الثانية وقال : قد علم الوزير أنه لا تقبل نساءنا غريبة . فرددته إليه وقلت : يفرقه الشريف على ملازميه من طلاب العلم . فلما جاءه الطبق وحوله طلاب العلم قال : هاهم حضور فليأخذ كل أحد ما يريد فقام رجل وأخذ دينارا فقرض من جانبه قطعة وأمسكها ورد الدينار إلى الطبق فسأله الشريف عن ذلك فقال : احتجت إلى دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضرا فاقترضت من فلان البقال دهنا فاخذت هذه القطعة لادفعها إليه عوض دهنه ، وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضى في دار قد اتخذها لهم سماها ( دار العلم ) وعين لهم جميع ما يحتاجون إليه ، فلما سمع الرضى / صفحة 210 / ذلك أمر في الحال بأن يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد الطلبة ويدفع إلى كل منهم مفتاح ليأخذ ما يحتاج إليه ولا ينتظر خازنا يعطيه ، ورد الطبق على هذه الصورة فكيف لا أعظم من هذا حاله . وكان الرضى ينسب إلى الافراط في عقاب الجاني من أهله وله في ذلك حكايات ، منها أن امرأة علوية شكت إليه زوجها وأنه يقامر بما يتحصل له من حرفة يعانيها وأن له أطفالا وهو ذو عيلة وحاجة ، وشهد لها من حضر بالصدق فيما ذكرت فاستحضره الشريف وأمر به فبطح وأمر بضربه فضرب والامرأة تنظر أن يكف والآمر يزيد حتى جاوز ضربه مائة خشبة ، فصاحت الامرأة : وايتم أولادي كيف تكون صورتنا إذا مات هذا ؟ فكلمها الشريف بكلام فظ فقال : ظننت أنك تشكينه إلى المعلم . وكان الرضى يرشح إلى الخلافة وكان أبو إسحاق الصابى يطمعه فيها ويزعم أن طالعه كان يدل على ذلك ، وله في ذلك شعر أرسله إليه ، ووجدت في بعض الكتب أن الرضى كان زيدي المذهب وأنه كان يرى أنه أحق من قريش بالامامة ، وأظن إنما نسب إلى ذلك لما في اشعاره من هذا كقوله يعنى نفسه : هذا أمير المؤمنين محمد طابت أرومته وطاب المحتد أو ما كفاك بأن أمك فاطم وأباك حيدرة وجدك أحمد وأشعاره مشحونة بذلك ، ومدح القادر بالله فقال في تلك القصيدة : ما بيننا يوم الفخار تفاوت أبدا كلانا في المفاخر معرق إلا الخلافة قدمتك وإنني أنا عاطل منها وأنت مطوق فقال له القادر بالله : على رغم أنف الشريف وأشعاره مشهورة لا معنى للاطلالة بالاكثار منها ، ومناقبه غزيرة ، وفضله مذكور . ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمائة وتوفى يوم الاحد السادس من المحرم سنة ست وأربعمائة ، ودفن في داره ، ثم نقل إلى مشهد الحسين " ع " بكربلا / صفحة 211 / فدفن عند أبيه وقبره ظاهر معروف : ولما توفى جزع أخوه المرتضى جزعا شديدا بلغ منه إلى أنه لم يتمكن من الصلاة عليه ورثاه هو وغيره من شعراء زمانه ، فولد الرضى أبو الحسن محمد ، أبا أحمد عدنان يلقب الطاهر ذا المناقب لقب جده أبى أحمد الحسين بن موسى ، تولى نقابة الطالبيين ببغداد على قاعدة جده وأبيه وعمه ، قال أبو الحسن العمرى : هو الشريف العفيف المتميز في سداده وصونه ، رأيته يعرف علم العروض وأظنه يأخذ ديوان أبيه ، ووجدته يحسن الاستماع ويتصور ما ينبذ إليه . هذا كلامه ، وانقرض الرضى وانقرض بانقراضه وانقراض أخيه عقب أبى أحمد الموسوي . وأما أبو عبد الله أحمد بن موسى الابرش بن محمد بن موسى بن ابراهيم المرتضى فأعقب من ثلاثة على بالبصرة له عز الشرف أحمد ولاحمد محمد ، ومقلد وأبو تراب . وأبو الحسن موسى بن أحمد ، له ذيل قصير وأبو محمد الحسن بن أحمد له أولاد منهم الحسين والحسن بن أحمد المذكور أعقب من أبى البركات سعد الله نقيب سامراء ، فمن ولد سعد الله النقيب الطاهر شرف الدين أبو تميم معد بن الحسن بن معد بن سعد الله المذكور ، كان شهما صارما تولى كثيرا من الاعمال ، وابنه النقيب قوام الدين الحسن نقيب النقباء أيضا وللحسن ، المرتضى ابن الحسن بن معد ، ومن ولد سعد الله ، أبو محمد الحسن بن سعد الله ، أعقب من رجلين وهما أبو البركات يحيى يلقب نجم الشرف وأبو المظفر هبة الله . أما أبو البركات يحيى فأعقب من الاكمل ، عقبه بالمشهد الغروى ، وأبى محمد الحسن ، عقبه بالمشهد الكاظمي ببغداد . وأما أبو المظفر هبة الله وهو جد بنى الموسوي ببغداد وكانوا بيتا / صفحة 212 / جليلا إلا انهم أفسدوا أنسابهم وتزوجوا بمن لا يناسبهم ، وأول من ابتدأ ذلك جلال الدين أبو الحسن على بن محمد بن هبة الله المذكور ، وكان كريما سخيا تولى نقابة مشهد موسى الكاظم " ع " وتولى نقابة الاشراف بالحلة ، وتزوج ( حياة ) المغنية المشهورة التى يقول فيها ابن الاهوازي لما ركبت الارجوحة : ظفرت من اللذات لما ترجحت ( حياة ) بشئ لم يكن قط في ظنى وصارت على زعم الحواسد في الهوى تجيئ إلى عندي وأدفعها عنى وتزوج ابنه أبو عبد الله الحسين صفى الدين نقيب مشهد موسى شاهى بنت محمود الطشت دار كانت مشببة بدار الخلافة ، فولدت له أبا جعفر محمدا يلقب التاج أنكره أبوه ثم اعترف به في كتاب إجازت صورتها : أجزت عنى وعن ولدى الذى تحت حجري . وولد التاج أبو جعفر محمد ، جلال الدين عليا ونظام الدين سليمان ، كان يبيع الكاغد بالحلة ، أمهما عجمة بنت داود بن مبارك التركي فيها ما فيها ، وتزوج ابنه الآخر جلال الدين احمد - ويعرف باللبود سماه بذلك ابن الاعرج النسابة ولذلك حكاية - ( ست الشام ) بنت النعمة الاربلية ، فيها ما فيها فولدت له مظفرا ، وكان له على أمه ( ستين ) جارية رومية كانت للفلك الطبسى تلقب بالعديمية إدعت أن عليا من جلال الدين اللبود فأخذه منه وتوفى وهو صغير فلحق به والله أعلم . وبالجملة فقد اكثر أهل هذا البيت من أمثال هذه الافعال وتراهم ما بين آكل الربا أو خمرى ساقط أو عوانى قد أسعر الناس شرا ، وما أحسن ما كتب الشيخ تاج الدين عند نسبهم لما ذكر أفعالهم وبين انفصالهم وهو : يعز على أسلافكم يا بنى العلى إذا نال من أعراضكم شتم شاتم / صفحة 213 / بنو لكم مجد الحياة فما لكم أساتم إلى تلك العظام الرمائم ترى ألف بان لا يقوم بهادم فكيف ببان خلفه ألف هادم ؟ وأما أحمد الاكبر بن موسى أبى سبحة بن ابراهيم الاصغر بن موسى الكاظم " ع " فأعقب من ثلاثة رجال ، الحسين العرضى ، وابراهيم وعلى الاحول فمن ولد على الاحول ، رافع بن فضائل بن على بن حمزة القصير بن أحمد بن حمزة ابن على الاحول المذكور ، يقال لولده آل رافع كان منهم الفقيه صفى الدين محمد بن معد بن على بن رافع المذكور ، انقرض ، ومنهم فضائل بن رافع المذكور فمن ولده أبو القاسم على الملقب قويسم بن على بن محمد بن فضائل المذكور وله عقب بالغرى يعرفون ببنى قويسم ، منهم حسين سقامة بن النضر بن يحيى النظام بن قويسم ، ساقط خمرى ، وأمه مغنية ، وله اخوان منها . ومن ولد ابراهيم بن أحمد الاكبر بن أبى سبحة ، أبو أحمد بن محمد بن ابراهيم المذكور ، كان أزرق العينين ويقال لولده بنو الازرق كان شيخا متقدما ببغداد ، ومن ولد الحسين العرضى بن أحمد الاكبر بن أبى سبحة ، على بن الحسين يعرف بابن طلعة ، قال أبو عمر بن المنتاب درج وقال غيره أعقب ، وحمزة والقاسم[1] ابنا الحسين أعقبا ، وقد نسب بعضهم الشيخ الجليل سيدى أحمد / صفحة 214 / ابن الرفاعي إلى حسين بن أحمد الاكبر فقال : هو أحمد بن على بن يحيى ابن ثابت بن حازم بن على بن الحسن بن المهدى بن القاسم بن محمد بن الحسين المذكور ، ولم يذكر أحد من علماء النسب للحسين ولدا اسمه محمد . وحكى لى الشيخ النقيب تاج الدين أن سيدى أحمد بن الرفاعي لم يدع هذا النسب وإنما ادعاه أولاد أولاد أولاده والله أعلم . وأما ابراهيم العسكري بن موسى أبى سبحة ويكنى أبا المحسن فعقبه كثير منهم أبو طالب المحسن بن ابراهيم العسكري بشيراز صاحب حرة : وأبو عبد الله الحسين خرفة ، وأبو عبد الله اسحاق ، وأبو جعفر محمد ، والقاسم الاشج . فمن ولد أبى طالب المحسن بن ابراهيم العسكري ، أبو إسحاق ابراهيم بن الحسن بن على ابن المحسن المذكور ، خاطبه شرف الدولة بن عضد الدولة بالشريف الجليل وولاه نقابة الطالبيين في سائر أعماله فهو يدعى نقيب النقباء ، وله ولد لهم أولاد . ومن ولد أبى عبد الله الحسين خرفة بن ابراهيم العسكري ، أحمد الممتع يقال لولده بنو الممتع ، ومن ولد أبى عبد الله اسحاق بن ابراهيم العسكري موسى وأحمد ، ولدهما بآبة ، والحسن وولده ببخارا ، وأما ولد أبى عبد الله اسحاق بن ابراهيم العسكري فأعقب من موسى وأحمد ، والحسن ، فأعقب الحسن بن اسحاق بقم وسوادها ، وأعقب أحمد بن اسحاق من الحسين وعلى لهما أعقاب بقم وآبة ، فمن بنى الحسين بن احمد بن اسحاق بن ابراهيم العسكري بنو محسن بالمشهد الغروى ، وهو محسن بن على بن الحسين بن حمزة بن محمد ابن على بن الحسين عزيزى بن الحسين المذكور . وأعقب موسى بن اسحاق بن ابراهيم العسكري ، أبا جعفر محمدا الفقيه / صفحة 215 / بقم ، وأبا عبد الله اسحاق ، فمن ولد اسحاق بن موسى ، مهدى الجوهرى بن اسحاق ببخارا ، وأبو عبد الله الحسين بن اسحاق باستراباد ، وأبو الحسين زيد وأبو طالب محمد ، بنو اسحاق . ولم يذكر الشيخ العمرى ، ولا شيخ الشرف العبيدلى وابن ميمون الواسطي ، وابن طباطبا الاصفهانى ، ونظراؤهم لمهدي الجوهرى ولدا سوى هادى الجوهرى ببخارا ، وقد درج حتى أن ابن قثم العباسي كتب على اسحاق بن موسى بن اسحاق انقرض ، وبأبرقوه جماعة كثيرة هم جل ساداتها ينتسبون إلى اسماعيل بن مهدى الجوهرى هذا ، وقد ذكر السيد رضى الدين الحسن ابن قتادة الحسنى المدنى في مشجرته فقال : اسماعيل ابن مهدى الجوهرى وذيله وقال الشيخ تاج الدين : المهدى الجوهرى عقب بأبرقوه وغيرها وقوله حجة لا تدفع والله أعلم . وأما الحسين القطعي بن موسى أبى سبحة بن ابراهيم المرتضى فله نسل كثير وعقبه ينتهى إلى أبى الحسن على المعروف بابن الديلمية بن أبى طاهر عبد الله ابن أبى الحسن محمد المحدث بن أبى الطيب طاهر بن الحسين القطعي ، أعقب على ابن الديلمية من ثلاثة رجال وهم أبو الحرث محمد والحسين الاشقر ، والحسن المدعو بركة ، فأعقب أبو الحرث محمد بن على ابن الديلمية من رجلين ، ابى طاهر عبيدالله ، وابى محمد عبد الله ، اما أبو طاهر عبيدالله فأقام بالكرخ وكان عقبه بها وانتقل أبو محمد عبد الله إلى الحائر فعقبه هناك يقال لهم بيت عبد الله واعقب أبو محمد عبد الله من اربعة رجال ، وهم على الحائري جد آل دخينة وهو جعفر بن حمزة بن جعفر دخينة بن احمد بن جعفر بن على الحائري المذكور والنفيس يقال لولده بنو النفيس بالحائر ، وابو السعادات محمد يقال لولده آل أبى السعادات بالحائر ، وأبو الحرث محمد من ولده آل زحيك ، وهو يحيى ابن منصور بن محمد بن أبى الحارث محمد المذكور ، بالحائر أيضا ، وانفصل منهم إلى الكوفة بنو طويل الباع وهو محمد بن يحيى بن أبى الحارث محمد المذكور . / صفحة 216 / ومن عقب الحسين الاشقر بن على ابن الديلمية ، حيدر بن الحسن بن على بن على بن الحسين المذكور ، كان بمقابر قريش ، ومن عقب الحسن بركة بن على بن الديلمية ، علاء الدين على بن محمد بن الحسين بن هبة الله بن على بن الحسن المذكور ، كان بدمشق وله أولاد وأخوة ، وأما جعفر بن ابراهيم المرتضى بن الكاظم عليه السلام فأعقب من موسى ، ومحمد ، وعلى لهم أولاد ، وأما أحمد بن ابراهيم المرتضى فميناث وله في كتب النسب اسحاق وقد تقدم كلام العمرى فيه وعقب ابراهيم المرتضى الظاهر اليوم ، من موسى أبى سبحة وجعفر كما تراه .


 

الهامش:

[1]  رأيت في بعض المشجرات : أن احمد الرفاعي من أولاد القاسم هذا وليس من أولاد محمد بن الحسين لانه ذكر نسبه على الصفة المشروحة بعد حتى وصل إلى القاسم ثم ذكر الحسين المذكور ولم يذكر محمدا والله أعلم . ( عن هامش المخطوطة )

 

 

جمعيـة تنزيـه النسـب العلـوي