خلق الانسان
قال العالم عليه السلام: خلق الله عالمين متصلين، فعالم علوي وعالم سفلي، وركب العالمين جميعا في ابن آدم وخلقه كرويا مدورا فخلق الله رأس ابن آدم كقبة الفلك، وشعره كعدد
[143]
النجوم، وعينيه كالشمس والقمر، ومنخيريه كالشمال والجنوب، واذينه كالمشرق و المغرب، وجعل لمحه كالبرق وكلامه كالرعد ومشيه كسير الكواكب وقعوده كشرفها، وغفوه كهبوطها (1) وموته كاحتراقها، وخلق في ظهره أربعة وعشرين فقرة كعدد ساعات الليل والنهار، وخلق له ثلاثين معى كعدد الهلال ثلاثين يوما، وخلق له اثنى عشر عضوا وهو مقدار ما تقيم الجنين في بطن امه (2)، وعجنه من مياه أربعة فخلق المالح في عينيه فهما لا يذوبان في الحر ولا يخمدان في البرد، وخلق المر في اذنيه لكيلا تقر بها الهوام، وخلق المني في ظهره لكيلا يعتريه الفساد، وخلق العذب في لسانه فشهد آدم أن لا إله إلا الله (3) وخلقه بنفس وجسد وروح، فروحه التي لا تفارقه إلا بفراق الدنيا وبنفسه التي يرى بها الاحلام والمقامات وجسمه هو الذي يبلى ويرجع إلى التراب - كمل الحديث - (4).
يروى عن الصادق عليه السلام أنه قال: المؤمن هاشمي لانه هشم الضلال والكفر والنفاق والمؤمن قرشي لانه أقر للشئ ونحن الشئ وأنكر اللاشئ الدلام وأتباعه، والمؤمن نبطي لانه استنبط الاشياء فعرف الخبيث من الطيب، والمؤمن عربي لانه أعرب عنا أهل البيت، والمؤمن أعجمي لانه أعجم عن الدلام فلم يذكره بخير والمؤمن فارسي لانه يفرس في الايمان لو كان الايمان منوطا بالثريا لتناوله أبناء فارس يعني به المتفرس فاختار منها أفضلها واعتصم بأشرفها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله(5).
___________________________________
(1) غفوه أى نومه، والغفوة: النومة الخفيفة.
(2) اكثر الحمل على الاشهر اثنى عشر شهرا كما ذكره المجلسى - رحمه الله -.وروى الكلينى في باب النوادر من كتاب العقيقة الحديث الثالث عن أبي جعفر عليه السلام سئل عن غاية الحمل بالولد في بطن امه وكم هو؟ فان الناس يقولون: ربما بقى في بطنها سنين، فقال: كذبوا أقصى حد الحمل تسعة اشهر لا يزيد لحظة ولو زاد ساعة لقتل امه قبل ان يخرج.
(3) في بعض النسخ [ وخلق العذب في لسانه ليجد طعم الطعام والشراب ].وهكذا في البحار.
(4) نقله في البحار ج 14 ص 461.
(5) نقله المجلسى - رحمه الله - في الجزء الاول من المجلد الخامس عشر من البحار ص 17 وذكر في توضيحه المراد بالشئ الحق الثابت وباللاشئ الباطل المضمحل ويمكن أن يكون بمعنى المشى اى ما يصلح أن تتعلق به المشية والحق كذلك و " الدلام " للاشئ ويكنى به غالبا عن المنافق.