27 - باب في ذكر حديث اللوح، وان الامام الثاني عشر هو الحجة ابن الحسن العسكري

92 - سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر الحميري جميعا، عن أبي الحسن صالح بن أبي حماد، والحسن بن طريف جميعا: عن بكر بن صالح(1)، عن عبدالرحمن بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: قال أبي عليه السلام لجابر بن عبد الله الانصاري: إن لي اليك حاجة، فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ فقال له جابر: في أي الاوقات شئت، فخلى به أبوجعفر عليه السلام، قال له: يا جابر، أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد (ي) أمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وما أخبرتك به أنه في ذلك اللوح مكتوبا، فقال جابر: أشهد بالله، أني دخلت على أمك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله أهنئها بولادة الحسين عليه السلام، فرأيت في يدها لوحا أخضر، ظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتابة بيضاء شبيهة بنور الشمس، فقلت لها: بأبي أنت وأمي، يابنت رسول الله ماهذا اللوح؟

___________________________________

1 - ورواه المؤلف أيضا عن علي بن إبراهيم عن أبيه ابراهيم بن هاشم عن بكر، فلاحظ السند في كمال الدين.

(*)

[104]

فقالت: هذا اللوح أهداه الله عزوجل إلى رسوله صلى الله عليه وآله فيه إسم أبي، واسم بعلي، واسم إبني، وأسماء الاوصياء من ولدي، فأعطانيه أبي ليسرني بذلك.

قال جابر: فأعطتنيه أمك فاطمة عليها السلام، فقرأته وانتسخته، فقال له أبي عليه السلام: فهل لك - ياجابر - أن تعرضه علي؟ فقال: نعم، فمشى معه أبي عليه السلام، حتى انتهى إلى منزل جابر فأخرج إلى أبي صحيفة من رق، فقال: يا جابر، أنظر أنت في كتابك، لاقرأه أنا عليك.

فنظر جابر في نسخته فقرأه عليه أبي عليه السلام، فوالله ماخالف حرف حرفا قال جابر: فاني اشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نوره و سفيره وحجابه ودليله، نزل به الروح الامين من عند رب العالمين عظم يا محمد أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، إني أنا الله، لا إله إلا أنا، قاصم الجبارين (ومبير المتكبرين) ومذل الظالمين، وديان الدين، إني أنا الله، لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي، عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين فاياي فاعبد، وعلي فتوكل، إني لم أبعث نبيا، فأكملت أيامه وانقضت مدته، إلا جعلت له وصيا، واني فضلتك على الانبياء، وفضلت وصيك على الاوصياء وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك الحسن والحسين، وجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه، وجعلت حسينا خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة فهو أفضل من استشهد، وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه، والحجة البالغة عنده، بعترته أثيب وأعاقب، أولهم علي سيد العابدين، وزين أوليائي الماضين، وابنه سمي(2) جده المحمود،

___________________________________

2 - في البحار: شبيه، وفي الاختصاص: شبه.

(*)

[105]

محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لاكرمن مثوى جعفر، ولاسرنه في أوليائه وأشياعه وأنصاره، وانتجبت " بعد "(3) موسى " فتنة "(4) عمياء حندس، لان خيط فرضي لا ينقطع، وحجتي لا تخفى، وأن أوليائي لا يشقون أبدا، ألا ومن جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي، ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى وحبيبي و خيرتي، ألا إن المكذب بالثامن مكذب بكل أوليائي، وعلي وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوة، وأمتحنه بالاضطلاع، يقتله عفريت مستكبر، يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح ذو القرنين، إلى جنب شر خلقي، حق القول مني لاقرن عينه بمحمد إبنه وخليفته من بعده، فهو وارث علمي ومعدن حكمتي وموضع سري وحجتي على خلقي، جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار، وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري، والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، اخرج منه الداعي إلى سبيلي، والخازن لعلمي الحسن، ثم اكمل ذلك بابنه، رحمة للعالمين، عليه كمال موسى، وبهاء عيسى وصبر أيوب، ستذل أوليائي في زمانه، ويتهادون رؤوسهم كما تهادى رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون، ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الارض من دمائهم، ويفشو الويل والرنين في نسائهم، أولئك أوليائي حقا، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل، وأرفع عنهم الآصار والاغلال " أولئك

___________________________________

3 - 4 - في الاختصاص: بعده، واتيحت فتنة.

(*)

[106]

عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون "(5).

قال عبدالرحمن بن سالم: قال أبوبصير: لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك، فصنه إلا عن أهله(6).

93 - سعد بن عبدالله، وعبدالله بن جعفر الحميري، ومحمد بن يحيى العطار، وأحمد بن ادريس، جميعا قالوا: حدثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، قال: حدثنا أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني محمد بن علي عليهما السلام قال: أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم ومعه الحسن بن علي وسلمان الفارسي رضي الله عنه، وأمير المؤمنين متكئ على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين عليه السلام فرد عليه السلام فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم، وان تكن الاخرى علمت أنك وهم شرع سواء.

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: سلني عما بدا لك؟ فقال: أخبرني عن الرجل اذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الاعمام والاخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين إلى أبي محمد الحسن فقال: يا با محمد أجبه.

فقال: أما ما سألت عنه من أمر الانسان إذا نام أين تذهب روحه، فان روحه متعلقة بالريح والريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فان أذن الله عزوجل برد تلك الروح إلى صاحبها جذبت تلك الروح الريح، وجذبت تلك

___________________________________

5 - آية 157 سورة البقرة 2.

6 - رواه الصدوق في الاكمال: 1 / 308 ح 1 والعيون: 1 / 34 ح 2 عن أبيه وعنهما في البحار: 36 / 195 ح 3 وعن الاحتجاج: 1 / 84 والاختصاص: 205 وغيبة الطوسي: 93 وغيبة النعماني: 29، وأورده في الكافي: 1 / 527 ح 3 واعلام الورى: 392، وجامع الاخبار: 21، وقد تقدمت الاشارة إلى هذا الحديث في المقدمة تحت عنوان حديث اللوح.

(*)

[107]

الريح الهواء، فرجعت الروح فاسكنت في بدن صاحبها، وان لم يأذن الله عزوجل برد تلك الروح إلى صاحبها جذب الهواء الريح، وجذبت الريح الروح، فلم ترد إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث، وأما ماذكرت من أمر الذكر والنسيان: فان قلب الرجل في حق، على الحق طبق فان صلى الرجل عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة إنكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب وذكر الرجل ما كان نسيه، وان هو لم يصل على محمد وآل محمد أو نقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق فأظلم القلب ونسي الرجل ما كان ذكر.

وأما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه وأخواله، فان الرجل اذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب فأسكنت تلك النطفة في جوف الرحم خرج الولد يشبه أباه وأمه، وان هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب، اضطربت تلك النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق فان وقعت على عرق من عروق الاخوال أشبه الرجل أخواله، فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أن محمدا رسول الله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته بعده - وأشار بيده إلى أمير المؤمنين عليه السلام - ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته - وأشار إلى الحسن عليه السلام - وأشهد أن الحسين بن علي وصي أبيك والقائم بحجته بعدك، وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين، وأشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد على موسى بن جعفر أنه القائم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد على علي ابن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد، وأشهد على رجل من ولد الحسن ابن علي لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملا الارض عدلا كما ملئت جورا،

[108]

والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا أبا محمد اتبعه فأنظر أين يقصد؟ فخرج الحسن عليه السلام في أثره، قال: فما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فأعلمته.

فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟: فقلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، فقال: هو الخضر عليه السلام(7).

___________________________________

7 - رواه الصدوق في الاكمال: 1 / 313 ح 1 والعيون: 1 / 53 ح 35 والعلل: 1 / 96 ح 6 عن أبيه وعنهم في البحار: 36 / 414 ح 1 وعن غيبة الطوسي: 98 والاحتجاج: 1 / 395 والمحاسن: 2 / 332 ح 99 وغيبة النعماني: 27 وتفسير القمي: 578 و 405، واعلام الورى: 404 عن ابن بابويه ودلائل الامامية: 68.

(*)

[109]