ـ30 ـ

سورة الأحزاب

(وفيها آيتان)

1ـ (إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ)) الآية: 33

2ـ ((إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)) الآية: 56.

((إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً))

الأحزاب/ 33

أجمع عامّة أهل التفسير، والحديث، والتاريخ على أنّ المقصود بـ (أهل البيت) هم الخمسة الطيّبون (محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين) (عليهم الصلاة والسلام).

روى (البلاذري) قال: حدثني أبو صالح الفرّاء (بإسناده المذكور في كتابه) عن أنس بن مالك: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان يمرّ ببيت فاطمة ستّة أشهر ـ وهو منطلق إلى صلاة الصبح ـ فيقول:

((الصلاة أهل البيت)).

((إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً))[1].

وأورد الفيروزآبادي: عن الطّحاوي (الحنفي) في كتاب (مشكل الآثار) بسنده عن أمّ سلمة قالت: نزلت هذه الآية في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين:

((إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً))[2].

وأورد أيضاً عن (أبي داود الطيالسي) في مسنده بإسناده عن أنس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): أنّه كان يمرّ على باب فاطمة شهراً قبل صلاة الصبح فيقول: الصلاة يا أهل البيت ((إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ))[3].

وفي مُسند الإمام أحمد بن حنبل (بإسناده المذكور) عن أمّ سلمة: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) قال لفاطمة: آتيني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم فألقى عليهم كساءً فدكياً ثم قال (صلى الله عليه وسلّم):

((اللّهم إنّ هؤلاء آل محمد فاجعلْ صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد إنّك حميد مجيد))[4].

وفي مستدرك الصّحيحين ـ كما أورد العلاّمة الفيروزآبادي ـ بإسناده المذكور عن عامر بن سعد، عن سعد بن أبي وقّاص يقول:

لا أسبُّه (يعني علي بن أبي طالب) ما ذكرت حين نزل عليه (يعني النبي (صلى الله عليه وسلّم) الوحي فأخذ علياً وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال (صلى الله عليه وسلّم):

((ربِّ إنّ هؤلاء أهل بيتي))[5].

وروى (الفقيه الشافعي) جلال الدين بن أبي بكر السّيوطي في تفسيره، بإسناده عن سعد قال: نزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) الوحي فأدخل علياً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ثم قال (صلى الله عليه وسلّم):

((اللُّهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي))[6].

وأورد العلاّمة الفيروزآبادي، عن الهيثمي في كتاب (مجمع الزوائد) عن وائلة بن الأسقع قال:

خرجتُ وأنا أريد علياً فقيل لي:

هو عند رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) فأممت إليهم فأجدهم في حظيرة من قصب رسول الله، وعلي وفاطمة وحسن وحسين قد جعلهم (صلى الله عليه وسلّم) تحت ثوب قال:

((اللّهم إنّك جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليّ وعليهم))[7].

وأخرج المفسّر المعاصر (محمد عزّة دروزة) في تفسيره الذي أسماه (التفسير الحديث)) وقد رتّب السّور فيه على ترتيب نزولها لا على الترتيب المثبت عليه القرآن، قال: (ومنها حديث رواه مسلم والترمذي عن أمّ سلمة أمّ المؤمنين جاء فيه (نزلت الآية ((إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)) في بيتي، فدعا النبي (صلى الله عليه وسلّم) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فجللّهم بكساء وعلى خلف ظهره ثم قال (صلى الله عليه وسلّم): اللّهُم هؤلاء أهل بيتي فأذهبْ عنهم الرّجسَ وطهّرهُم تطهيراً (فقلت): وأنا معهم يا رسول الله؟

قال (صلى الله عليه وسلّم): أنتِ على مكانكِ وأنتِ إلى خير)[8].

وقال العلاّمة المراغي ـ أحمد مصطفى، أستاذ الشريعة الإسلأميّة واللغة العربية بكليّة دار العلوم بمصر ـ في تفسير: (وعن ابن عبّاس قال: شهدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) تسعة أشهر يأتي كلّ يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول: ((السلام عليكم ورحمة الله، إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، الصلاة يرحمكم الله، كل يوم خمس مرّات))[9].

وأخرج الإمام الخطيب الشربيني (الفقيه الشافعي) في تفسيره (السّراج المنير) قال:

وعن أمّ سلمة (رضي الله تعالى عنها) قالت في بيتي نزل:

((إنما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ)).

قالت: فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين فقال (صلى الله عليه وسلّم):

((هؤلاء أهل بيتي))[10].

وأخرج مثل ذلك بمعنى واحد، ونتيجة واحدة، وواقع غير متناقض ـ وإنْ كان بألفاظ عديدة، ورواة مختلفين، وأسانيد متكاثرة ـ كثيرون غير هؤلاء، نشير إلى مواقع ذكره من مؤلفاتهم كنماذج لا كاستيعاب تسهيلاً على الطالب، وتمكيناً للراغب:

(منهم) الإمام فخر الدين الرّازي في (تفسيره)[11].

(منهم) النيسابوري (الشافعي) في (تفسيره)[12].

(ومنهم) مسلم في (صحيحه)[13].

(ومنهم) الإمام الطبري في (تفسيره)[14].

(ومنهم) البيهقي في (سننه)[15].

(ومنهم) أحمد بن محبّ الدين الطبري (الشافعي) في (رياضه) و (ذخائره)[16].

(ومنهم) العلاّمة الطّحاوي الحنفي في (مشكله)[17].

(ومنهم) الحاكم في (مستدركه)[18].

(ومنهم) المؤرخ الكبير ابن الأثير (الشافعي) في (أسد الغابة)[19].

(ومنهم) ابن حجر الهيثمي (الشافعي) في (مجمعه)[20].

(ومنهم) غير هؤلاء من الأعلام.

((إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ))

 الأحزاب/ 56

روى العلاّمة الواحد النيسابوري في تفسير هذه الآية بسنده المذكور عن كعب بن عجرة، قال: لمّا نزلت:

((إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)) الآية قلنا: يا رسول الله قد علمنا: السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟

قال (صلى الله عليه وسلّم): قولوا: اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ[21].

(ونقله) بالنصّ: العلاّمة المراغي في تفسيره أيضاً[22].

وأورد ـ العلاّمة الفيروزآبادي ـ عن البخاري في كتابه (الأدب المفرد) بسنده عن رسول الله (صلى الله عليه وسلّم):

(من قال: ((اللّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وترحّم على محمد وعلى آل محمد كما ترحّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)) شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له)[23].

وأورد أيضاً عن (عبد الرؤوف المناوي) في كتابه (فيض القدير) قال: روى الطبراني في الأوسط عن علي موقوفاً قال:

((كلُّ دعاء محجوب حتى يُصلّى على محمد وآل محمد))[24].

وأخرج المفسّر المعاصر (محمد عزّة دروزة) في تفسيره قال: (ومنها حديث عن عبد الله بن مسعود، قال إذا صلّيتم على النبي فأحسنوا الصلاة عليه قالوا له: علّمنا، فقال: قولوا:... اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ)[25].

وقال الحافظ الإمام أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي في تفسيره المسمّى بالتسهيل لعلوم التنزيل في تفسير هذه الآية: (وروى أنّ النبي (صلى الله عليه وسلّم) قال: نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ، وفي علي وفاطمة والحسن والحسين)[26].

وأخرج علي المتّقي الهندي في (كنزه) بأسانيده العديدة عن زيد بن خارجة، عن النبي (صلى الله عليه وسلّم) أنّه قال: (قولوا: اللُّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد) الخ[27]..

(أقول) سيّدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي ممّن نزلت فيهم هذه الآية الكريمة، وأمرت المؤمنين بالصلاة عليهم والتسليم لهم.


[1] أنساب الإشراف 2/104.

[2] فضائل الخمسة 2/219.

[3] فضائل الخمسة ج2.

[4] مسند أحمد بن حنبل 4/107.

[5] فضائل الخمسة ج2.

[6] الدرّ المنثور عند تفسير هذه الآية من سورة الأحزاب.

[7] فضائل الخمسة ج2.

[8] التفسير الحديث 8/261.

[9] تفسير المراغي 22/7.

[10] تفسير السراج المنير 3/ 245.

[11] تفسير الفخر الرازي 6/783.

[12] تفسير النيسابوري في تفسير سورة الأحزاب (هامش تفسير الطبري).

[13] صحيح مسلم 2/ 331.

[14] تفسير جامع البيان 22/5.

[15] سنن البيهقي 2/ 150.

[16] الرياض النضرة 2/188 وذخائر العقبى / 24.

[17] مشكل الآثار 1/334.

[18] المستدرك على الصحيحين 2/416.

[19] أسد الغابة في معرفة الصحابة 5/521.

[20] مجمع الزوائد 9/169-185.

[21] أسباب النزول / 271.

[22] تفسير المراغي 22/34.

[23] فضائل الخمسة / 2.

[24] فضائل الخمسة / 2.

[25] التفسير الحديث 8/286.

[26] تفسير الكلبي 3/ 299.

[27] كنز العمال 1/ 439.