الصفحة 53


فضل الزهراء (عليها السلام)





الصفحة 54

الصفحة 55

فضل أهل البيت عن لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله)

27 ـ فضائل ابن شاذان: وممّا قاله النبيّ (صلى الله عليه وآله): في فضل عليّ وأهل بيته، ما روي عن ابن عباس(رضي الله عنه) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم جالساً إذ أقبل الحسن (عليه السلام) فلمّا رآه بكى ثمّ قال: إليّ إليّ يا بنيّ، فما زال يدنيه حتّى اجلسه ـ على فخذه الأيمن ثمّ أقبل الحسين (عليه السلام) فلمّا رآه بكى ثمّ قال: إليّ يا بني فما زال يدنيه حتّى اجلسه على فخذه الأيسر.

ثمّ اقبلت فاطمة (عليها السلام) فلمّا رآها بكى ثمّ قال: إليّ إليّ يا بنيتي، فما زال يدنيها حتّى اجلسها بين يديه، ثمّ أقبل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فلمّا رآه بكى ثمّ قال: إلي إليّ يا أخي، فما زال يدنيه حتّى اجلسه إلى جانبه الأيمن، فقال له أصحابه: ما ترى أحداً من هؤلاء إلاّ بكيت، أو ما فيهم من تسر برؤيته؟

فقال (صلى الله عليه وآله): والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً وبشيراً ونذيراً واصطفاني على جميع البريّة إنّي وإيّاهم لأكرم الخلق على الله عزّ وجلّ، وما على وجه الأرض نسمة أحبّ إليّ منهم.

أمّا عليّ بن أبي طالب فإنّه أخي وشقيقي وصاحب الأمر بعدي، وصاحب لوائي في الدّنيا والآخرة، وصاحب حوضي وشفاعتي، وهو مولى كلّ مؤمن ومؤمنة، وقائد كلّ تقي، وهو وصيّي وخليفتي على اُمّتي في حياتي وبعد مماتي محبّته محبّتي ومبغضته مبغضتي، وبولايته صارت اُمّتي مرحومة وبعد وفاتي تصير بالمخالفة له ملعونة فإنّي بكيت حين أقبل لأنّي ذكرت غدر الاُمّة به بعدي حتّى أنّه ليزال عن مقعدي وقد جعله الله بعدي له، ثمّ لا يزال الأمر به حتّى يضرب على قرنه

الصفحة 56
ضربة تختضب منها لحيته في أفضل الشهور وهو شهر رمضان الذي اُنزل فيه القرآن هدىً للنّاس وبيّنات من الهدى والفرقان.

وأمّا ابنتي فاطمة (عليها السلام) فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين. وهي بضعة منّي وهي نور عيني وثمرة فؤادي وهي روحي، وهي الّتي بين يدي ربّها جلّ جلاله زهر نورها للملائكة في السّماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، فيقول الله عزّ وجلّ للملائكة يا ملائكتي اُنظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة نساء خلقي قائمة بين يديّ ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، اُشهدكم أنّي قد آمنت شيعتها من النّار وإنّي لمّا رأيتها تذكرت ما يصنع بها بعدي وكأنّي بها وقد دخل عليها الذلّ في بيتها وانتُهكت حرمتها وغصب حقّها ومُنعت إرثها وكُسر جنبها وسقط جنينها وهي تنادي: وامحمّداه فلا تجاب وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية فتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرّة وتذكر قرابتي اُخرى وتستوحش إذا جنّها اللّيل لفقدي وفقد صوتي الّذي كانت تأوي إليه إذا لَهِجْتُ بالقرآن، ثمّ تُرى ذليلة بعد أن كانت عزيزة فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بملائكته فتناديها بما نادت مريم ابنة عمران: "يا فاطمة إنّ الله اصطفيكِ وطهّركِ على نساء العالمين، يا فاطمة اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الرّاكعين".

ثم يتبدىء بها الوجع فتمرض ويبعث الله عزّ وجلّ إليها مريم ابنة عمران فتمرضها وتؤنسها في علّتها، فتقول عند ذلك: "يا ربّ إنّي قد سئمت الحياة وتبرمت بأهل الدّنيا فالحقني بأبي" فيلحقها الله عزّ وجلّ بي، فتكون أوّل من يلحقني من أهل بيتي، فتقدّم عليّ محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة، فأقول عند ذلك: اللّهمّ العن ظالميها وعاقب من غصبها حقّها، وأذلّ من أذلّها، وخلّد في النّار من ضربها

الصفحة 57
على جنبها حتّى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين.

وأمّا الحسن فإنّه ابني وولدي ومنّي وقرّة عيني وضياء قلبي وثمرة فؤادي وهو سيّد شباب أهل الجنّة.

وأمّا الحسين فإنّه منّي وهو ابني وولدي وخير الخلق بعد أبيه وهو إمام المسلمين وهو سيّد أهل الجنّة وباب نجاة الاُمّة أمره أمري...

ثمّ ذكر مجيء فاطمة يوم القيامة على ناقة من نوق الجنّة(1) وسيأتي ذكره في ص 777 من هذا الكتاب.

قال المؤلّف: ورواه البحراني عن ابن بابويه قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق(رحمه الله)، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن زيد النوفلي، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان جالساً ذات يوم إذ أقبل الحسن... فذكر الحديث(2).

____________

1 ـ الفضائل لابن شاذان: 10 و13.

2 ـ غاية المرام: 48.

قال المؤلف: وقد ذكر المجلسي في بحار الأنوار 11:154 عن الشيخ الصدوق في معاني الأخبار حديثاً فيه: فلمّا أراد الله عزّ وجلّ أن يتوب عليهما (آدم وحواء) جاءهما جبرئيل، فقال لهما: إنّكما أنّما ظلمتما انفسكما بتمني منزلة من فُضّل عليكما إلى أن قال: فسلا ربّكما بحقّ الأسماء الّتي رأيتموها على ساق العرش حتّى يتوب عليكما فقالا: اللّهمّ إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة الاّ تبت علينا ورحمتنا. فتاب الله عليهما إنّه هو التّواب الرّحيم.


الصفحة 58

ولادتها

28 ـ عيون المعجزات: روي عن حارثة بن قدامة، قال: حدّثني سلمان، قال: حدّثني عمّار وقال: أخبرك عجباً؟ قلت: حدّثني يا عمّار. قال: نعم، شهدت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وقد ولج على فاطمة (عليها السلام) فلمّا أبصرت به نادت: "اُدن لأحدّثك بما كان، وبما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم السّاعة".

قال عمّار: فرأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) يرجع القهقرى، فرجعت برجوعه حتى دخل على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: اُدن يا أبا الحسن، فدنا فلمّا اطمأنّ به المجلس، قال له: تحدّثني أم اُحدثك؟ قال: الحديث منك أحسن يا رسول الله.

فقال: كأنّي بك وقد دخلت على فاطمة (عليها السلام) وقالت لك: كيت وكيت فرجعت.

فقال عليّ (عليه السلام): نور فاطمة من نورنا؟

فقال (صلى الله عليه وآله): أو لم تعلم؟ فسجد علي شكراً لله تعالى.

قال عمّار: فخرج عليّ (عليه السلام) وخرجت بخروجه فولج على فاطمة (عليها السلام) وولجت معه فقالت: كأنّك رجعت إلى أبي (صلى الله عليه وآله)، فأخبرته بما قلته لك؟ قال: كذلك يا فاطمة.

فقالت: إعلم يا أبا الحسن إنّ الله تعالى خلق نوري وكان يسبّح الله عزّ وجلّ ثمّ اودعه شجرة من شجر الجنّة فأضاءت، فلمّا دخل أبي الجنّة اوحى الله تعالى إليه إلهاماً ان اقتطف الثمرة من تلك الشّجرة، وادرها في لهواتك، ففعل، فأودعني الله سبحانه صلب أبي (صلى الله عليه وآله)، ثمّ أودعني خديجة بنت خويلد، فوضعتني، وأنا من ذلك النّور، أعلم ما كان وما يكون ومالم يكن، يا أبا الحسن "المؤمن ينظر بنور الله

الصفحة 59
تعالى"(1).

29 ـ غاية المرام: عن ابن بابويه قال: حدّثني أبو عبد الله أحمد بن محمّد الخليلي، عن محمّد بن أبي بكر الفقيه، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن إسحاق بن يزيد، عن حمّاد بن عيسى، عن زرعة بن محمّد، عن المفضّل [بن عمرو] قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): كيف كان ولادة فاطمة (عليها السلام) فقال: نعم، إنّ خديجة لمّا تزوّج بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) هجرتها نسوة مكّة فكنّ لا يدخلن عليها ولا يسلّمن عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها فاستوحشت خديجة وكان جزعها وغمّها حذراً عليه صلوات الله عليه فلمّا حملت بفاطمة كانت فاطمة تحدّثها من بطنها وتصبّرها... فلم تزل خديجة على ذلك إلى أن حضرت ولادتها... فلمّا ان سقطت إلى الأرض أشرق منها النّور حتّى دخل بيوتات مكّة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلاّ أشرق فيه ذلك النّور ودخل عشر من الحور العين... ثمّ استنطقتها(2) فنطقت فاطمة (عليها السلام). وقالت: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ أبي رسول الله سيّد الأنبياء وأنّ بعلي سيّد الاُوصياء وولدي سادة الأسباط، ثمّ سلّمت عليهنّ(3) وسمّت كلّ واحدة منهنّ

____________

1 ـ عيون المعجزات: 45 وعنه بحار الأنوار 43:8، وعوالم العلوم: 6 ومستدرك سفينة البحار 8:239 وناسخ التواريخ: 266.

قال المؤلّف: وفي البحار 43:12 عن علل الشرائع باسناده عن جابر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت لم سمّيت فاطمة الزهراء (عليه السلام): زهراء قال: لأنّ الله عزّ وجلّ خلقها من نور عظمته فلمّا اشرقت أضاءت السموات والأرض بنورها وغشيت أبصار الملائكة وخرّت الملائكة لله ساجدين وقالوا: الهنا وسيّدنا ما هذا النّور؟ فأوحى الله إليهم: هذا نور من نوري واسكنته في سمائي خلقته من عظمتي اُخرجه من صلب نبيّ من أنبيائي اُفضّله على جميع الأنبياء واُخرج من ذلك النور أئمّة يقومون بأمري يهدون إلى حقّي واجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي. (بحار الأنوار43:12).

2 ـ أي المرأة الّتي تناولت الزهراء وغسّلتها بماء الكوثر ـ كما ورد في الحديث ـ 3 ـ أي على الحور العين العشر اللواتي دخلن على السيّدة خديجة (عليها السلام).


الصفحة 60
باسمها... الحديث(1).

30 ـ وذكر الشيخ أحمد الرّحماني صاحب كتاب فاطمة الزهراء حديثاً عن كتاب مناقب الطاهرين للشيخ عماد الدّين الطبري المخطوط في م/ ملك بطهران: أنّ خديجة (عليها السلام) كانت تصلّي يوماً فقصدت أن تسلّم في الثالثة، فنادتها فاطمة (عليها السلام) من بطنها: قومي يا اُمّاه فإنّك في الثالثة(2).

____________

1 ـ وكذا رواه الصدوق في أماليه: 75 وعنه البحار 43:2 و16:80 ـ 81 و22:484 والعوالم: 113 وناسخ التواريخ 1:19 ودلائل الإمامة: 9 وفي غاية المرام: 177.

2 ـ قلت: حديث تكلّم فاطمة في بطن اُمّها خديجة (عليها السلام) ذكرها الرواة من الخاصة والعامّة، ولعلّ ذلك قد تكرّر في موارد عديدة وممّن ذكر ذلك العامّة: العلاّمة الشيخ عبد الرحمن الصفوري الشافعي في كتاب نزهة المجالس 2:227 (ط القاهرة) قالت اُمّها خديجة: لمّا حملت بفاطمة كانت حملا خفيفاً تكلمني من باطني ورواه أيضاً القندوزي في ينابيع المودّة: 198 (ط اسلامبول) والمحب الطبري في ذخائر العقبى: 44 والعلامة حسن بن مولوي أمان الله الدهلوي في كتاب تجهيز الجيوش: 99 ـ مخطوط ـ كما في: 190 من كتاب الجِنّة العاصمة.

وفي إحقاق الحقّ 10:12 عن الشيخ عزّ الدّين عبد السلام الشافعي في رسالته في مدح الخلفاء الراشدين. وملحقات إحقاق الحق 19: 4 والصدوق في أماليه: 475 وابن شهر آشوب في المناقب 3:340 وروضة الواعظين: 143 و144 والخرائج والجرائح 2:254 ودلائل الإمامة: 8 وينابيع المودة: 198 والعدد القوية: 222 وغاية المرام: 177 والعلاّمة المجلسي في البحار 86: 80.

وذكر أبو جعفر محمد بن علي الطوسي في كتاب الثاقب في المناقب: 852 ـ 187 عن مجاهد، عن إبن عباس، قال: لما تزوجت خديجة بنت خويلد، رسول الله (صلى الله عليه وآله) هجرها نسوان مكة، وكنّ لا يكلمنها، ولا يدخلن عليها، فلما حملت بالزهراء فاطمة (عليها السلام) كانت إذا خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من منزلها تكلمها فاطمة الزهراء في بطنها من ظلمة الأحشاء، وتحدثها وتؤانسها، فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها: "يا خديجة من تكلمين؟" قالت: يا رسول الله، إن الجنين الذي أنا حامل به إذا أنا خلوت به في منزلي كلّمني، وحدثني من ظلمة الأحشاء.

فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: "يا خديجة، هذا أخي جبرئيل (عليه السلام) يخبرني أنّها إبنتي، وأنها النسمة الطاهرة المطهرة، وأن الله تعالى أمرني أن أسميها "فاطمة" وسيجعل الله تعالى من ذريتها أئمة يهتدي بهم المؤمنون".

ففرحت خديجة بذلك فلما أن حضر وقت ولادتها أرسلت إلى نسوان مكة أن: يتفضلن ويحضرن ولادتي ليلين مني النساء من النساء، فأرسلن اليها: يا خديجة، أنت عصيتنا ولم تقبلي منا قولنا، وتزوجت فقيراً لا مال له، فلسنا نجيء إليك، ولا نلي منك ما تلي النساء من النساء.

فاغتمت خديجة(رضي الله عنه) غمّاً شديداً، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة كأنِّهن من نسوة قريش، فقالت إحداهن: يا خديجة، لا تحزني فأنا آسية بنت مزاحم، وهذه صفية بنت شعيب ـ وفي رواية أخرى: كلثم بنت عمران أخت موسى (عليه السلام) ـ وهذه سارة زوجة إبراهيم (عليه السلام)، وهذه مريم بنت عمران (عليها السلام)، وقد بعثنا الله تعالى إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء. وجلسن حولها، ووضعت الزهراء فاطمة (عليها السلام) طاهرة ومطهرة.

245/2 ـ قال إبن عباس: لما سقطت فاطمة الزهراء إلى الأرض أزهرت الأرض، وأشرقت الفلوات، وأنارت الجبال والربوات، وهبطت الملائكة إلى الأرض ونشرت أجنحتها في المشرق والمغرب، وضربت عليها سرادقات وحجب البهاء، وكنفتها بأظلة السماء، وغشي أهل مكة ما غشيهم من النور، ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى خديجة وقال: "يا خديجة، لا تحزني، إن كان قد هجرك نسوان مكة ولن يدخلن عليك، فلينزلن عندك اليوم نسوان بهجات عطرات غنجات، ينقدح في أعلاهن نور يستقبل إستقبالا ويلتهب إلتهاباً، وتفوح منهن رائحة تسر أهل مكة جميعاً" فسلمت الجواري فأحسن وحيين فأبلغن ـ في حديث طويل ـ حتى وليت كلّ واحدة من حملها وغسلها ـ في الطشت الذي كان معهن ـ ونشفنها بالمنديل وتخليقها وتقميطها، فلما فرغن عرجن إلى السماء مثنيات عليها.

وفي رواية أخرى أن المرأة التي بين يدي خديجة غسّلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضاً من اللبن، وأطيب رائحة من المسك والعنبر، فلفتها بواحدة، وقنعتها بالثانية، ثمّ إستنطقتها فنطقت (عليها السلام) بالشهادة، فقالت: ـ أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أن أبي محمداً رسول الله، وأن علياً سيد الأوصياء، وولدي سادة الأسباط" ثمّ سلّمت عليهن وسمّت كلّ واحدة منهن باسمها، وأقبلن فضحكن إليها.

وتباشرت الحور العين، وبشّر أهل السماوات بعضهم بعضاً بولادة فاطمة عليها السلام، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة، مطهرة، زكية ميمونة، بورك لك فيها، وفي نسلها.

فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدر عليها، وكانت (عليها السلام) تنمو في اليوم كما ينمو الصبي في الشهر، وتنمو في الشهر كما ينمو الصبي في السنة.


الصفحة 61
31 ـ الجنّة العاصمة: عن الشيخ أبي مدين شعيب الحريفش في كتابه الروض الفائق ص 214 (ط / القاهرة ـ مصطفى الحلبي):

فلمّا سأله الكفّار أن يريهم انشقاق القمر وقد بان لخديجة حملها بفاطمة وظهر قالت خديجة: واخيبة من كذب محمّد وهو خير رسول ونبيّ، فنادت فاطمة من بطنها: يا اُمّاه لا تحزني ولا ترهبي فإنّ الله مع أبي.

فلمّا تمّ أمدُ حملها وانقضى وضعت فاطمة فاشرق بنور وجهها الفضاء(1).

____________

1 ـ الجنة العاصمة: 190. ونقل ذلك الرحماني في كتابه فاطمة الزهراء: 45 و129 عن الروض الفائق: 255 و314.


الصفحة 62

خلق العالم لأجل فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها

32 ـ قال الشيخ عبد الله في العوالم(1): رأيت بخطّ الشيخ الجليل السيّد هاشم البحراني، عن شيخه الجليل السيّد ماجد البحراني، عن الشيخ حسن بن زين الدّين الشهيد الثاني، عن شيخه المقدّس الأردبيلي، عن شيخه عليّ بن عبد العالي الكركي، عن الشيخ عليّ بن هلال الجزائري، عن الشيخ أحمد بن فهد الحليّ، عن الشيخ عليّ بن الخازن الحائري، عن الشيخ ضياء الدّين عليّ بن الشهيد الأوّل، عن أبيه عن فخر المحقّقين، عن شيخه ووالده العلاّمة الحلّي، عن شيخه المحقّق، عن شيخه ابن نما الحلّي، عن شيخه محمّد بن إدريس الحليّ، عن ابن حمزة الطوسي، صاحب الثاقب في المناقب، عن شيخه الجليل الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي، عن أبيه شيخ الطائفة الحقّة، عن شيخه المفيد، عن شيخه ابن قولويه القمّي، عن شيخه الكليني، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن

____________

1 ـ قال المؤلّف: كما في إحقاق الحقّ 2:553 عن عوالم العلوم نسخة المكتبة السليمانية ـ مخطوط ـ، وقد ذكر هذا الحديث المحدث الرجالي الخبير الشيخ فخر الدين الطريحي: صاحب مجمع البحرين في منتخبه: 259 وقد رأيت هذه النسخة مع سنده في يد والدي(رحمه الله) أرسله إليه العلامة المجتهد آية الله السيد شهاب الدين المرعشي النجفي(رحمه الله) وقد أورده العالم الجليل الزاهد الحاج الشيخ محمّد تقي بن الحاج الشيخ محمّد باقر اليزدي البافقي ـ نزيل قم ـ في رسالة له والعلامة الجليل الديلمي في كتابه: الغرر والدرر والعالم الجليل الحجة خازن روضة سيدنا عبد العظيم الحسني بالري: الشيخ محمّد جواد الرازي الكني في كتابه نور الآفاق ط طهران: 2.

قلت: رأيت أخيراً كراساً بعنوان سند حديث الكساء لعلي أكبر مهدي لاور ذكر فيه أنّ حديث الكساء بهذا التفصيل قد أورده جماعة في كتبهم وذكر منها: غرر الأخبار ودرر الآثار في مناقب الأخبار للديلمي: صاحب إرشاد القلوب ـ عن الذريعة 16:36 ـ ونهج المحجّة في فضائل الأئمّة للشيخ علي نقي بن أحمد الإحسائي المتوفّى سنة 1246 هـ عن الذريعة 24:424 أيضاً ـ ونور الآفاق للشيخ محمّد جواد المازندراني المتوفّى سنة 1355 ـ عن إحقاق الحقّ 2:558 ـ والمجموعة لسيد مهدي الشيرازي: ت/1380 ـ عن الدعاء والزيارة: 805 ـ وغيرها ثمّ ذكر سند الحديث في: 11 و12 عن كتاب إحقاق الحقّ عن الشيخ عبد الله البحراني: صاحب العوالم عن مشايخه بسند متّصل ـ عن جابر عن فاطمة الزهراء (عليها السلام) وفي: 33 ـ 48 ذكر أسماء تسع وخمسين كتاباً تناول مؤلفوها حديث الكساء شرحاً وتعليقاً ونظماً وتحقيقاً.


الصفحة 63
أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن قاسم بن يحيى الجلاء الكوفي، عن أبي بصير، عن أبان بن تغلب، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رحمة الله عليهم أجمعين.

قال: سمعت فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّها قالت: دخل عليّ أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض الأيّام، فقال: السّلام عليك يا فاطمة، فقلت: عليك السلام.

قال: إنّي أجد في بدني ضعفاً. فقلت له: اُعيذك بالله يا أبتاه من الضعف.

فقال: يا فاطمة إيتيني بالكساء اليماني، فغطّيني به، فأتيته بالكساء اليماني فغطّيته به، وصرت أنظر إليه وإذا وجهه يتلألأ كأنّه البدر في ليلة تمامه وكماله.

فما كانت إلاّ ساعةً وإذا بولدي الحسن قد أقبل وقال: السّلام عليك يا اُمّاه.

فقلت: وعليك السّلام يا قرّة عيني وثمرة فؤادي.

فقال: يا اُمّاه إنّي أشمُّ عندكِ رائحة طيّبة كأنّها رائحة جدّي رسول الله.

فقلت: نعم إنّ جدّك تحت الكساء.

فأقبل الحسن نحو الكساء وقال: السلام عليك يا جدّاه يا رسول الله، أتأذن لي أن أدخل معك تحت الكساء؟ فقال: وعليك السّلام يا ولدي ويا صاحب حوضي قد أذنت لك فدخل معه تحت الكساء.

فما كانت إلاّ ساعة وإذا بولدي الحسين قد أقبل وقال: السّلام عليكِ يا اُمّاه.

فقلت: وعليك السلام يا ولدي ويا قرّة عيني، فقال لي: يا اُمّاه إنّي أشمّ عندك رائحة طيّبة كأنّها رائحة جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فقلت: نعم إنّ جدّك وأخاك تحت الكساء.

فدنا الحسين نحو الكساء، وقال: السّلام عليك يا جدّاه، السّلام عليك يا من

الصفحة 64
اختاره الله أتأذن لي أن أكون معكما تحت الكساء؟

فقال: وعليك السّلام يا ولدي ويا شافع اُمّتي قد أذنت لك، فدخل معهما تحت الكساء.

فأقبل عند ذلك أبو الحسن عليّ بن أبي طالب وقال: السّلام عليك يا بنت رسول الله.

فقلت: وعليك السّلام يا أبا الحسن ويا أمير المؤمنين.

فقال: يا فاطمة إنّي أشمّ عندك رائحة طيّبة كأنّها رائحة أخي وابن عمّي رسول الله.

فقلت: نعم ها هو مع ولديك تحت الكساء.

فأقبل عليّ نحو الكساء وقال: السّلام عليك يا رسول الله أتأذن لي أن أكون معكم تحت الكساء؟

قال له: وعليك السّلام يا أخي ويا وصيّي وخليفتي وصاحب لوائي قد أذنت لك، فدخل عليّ تحت الكساء.

ثمّ أتيت نحو الكساء وقلت: السّلام عليك يا أبتاه يا رسول الله أتأذن لي أن أكون معكم تحت الكساء؟

قال: وعليك السّلام يا بنتي ويا بضعتي قد أذنت لك، فدخلت تحت الكساء.

فلمّا اكتملنا جميعاً تحت الكساء أخذ أبي رسول الله بطرفي الكساء وأومى بيده اليمنى إلى السّماء وقال: اللّهمّ إنّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي وحامّتي، لحمهم لحمي ودمهم دمي، يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم، أنا حرب لمن حاربهم وسلم لم سالمهم وعدوّ لمن عاداهم ومحبّ لمن أحبّهم، إنّهم منّي وأنا منهم، فاجعل

الصفحة 65
صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك عليّ وعليهم وأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً.

فقال الله عزّ وجلّ: يا ملائكتي ويا سكّان سمواتي إنّي ما خلقت سماءً مبنيّة، ولا أرضاً مدحيّة، ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة، ولا فلكاً يدور، ولا بحراً يجري، ولا فلكاً يسري، إلاّ في محبّة هؤلاء الخمسة الّذين هم تحت الكساء.

فقال الأمين جبرائيل: يا ربّ ومن تحت الكساء؟

فقال عزّ وجلّ: هم أهل بيت النبوّة ومعدن الرّسالة، هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها.

فقال جبرئيل: يا ربّ أتأذن لي أن أهبط إلى الأرض لأكون معهم سادساً؟

فقال الله: نعم قد أذنت لك.

فهبط الأمين جبرائيل وقال: السّلام عليك يا رسول الله العليّ الأعلى يقرئك السّلام ويخصّك بالتّحيّة والإكرام ويقول لك: وعزّتي وجلالي إنّي ما خلقت سماء مبنيّة، ولا أرضاً مدحيّة، ولا قمراً منيراً، ولا شمساً مضيئة، ولا فلكاً يدور، ولا بحراً يجري، ولا فلكاً يسري، إلاّ لأجلكم ومحبّتكم وقد أذن لي أن أدخل معكم، فهل تأذن لي يا رسول الله؟

فقال رسول الله: وعليك السّلام يا أمين وحي الله، إنّه نعم قد أذنت لك.

فدخل جبرائيل معنا تحت الكساء، فقال لأبي: إنّ الله قد أوحى إليكم يقول: {إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً} (1).

فقال عليّ لأبي: يا رسول الله أخبرني ما لجلوسنا هذا تحت الكساء من الفضل

____________

1 ـ سورة الأحزاب 33:33.