زواجها (عليها السلام)
ـ خطبة الأمير لها
ـ مهرها
ـ دعاء النبيّ (صلى الله عليه وآله) لها ليلة الزفاف
ـ أحداث ما بعد الزواج
زواجها (عليها السلام) (1)
____________
1 ـ إنّ زواج السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كان بأمر الله سبحانه وتعالى، وهذا ما اتّفق عليه الخاصة وروي في عدّة كتب منها:
أمالي الصدوق: 474/19، مناقب ابن المغازلي: 344/396، دلائل الإمامة:19 قطعة منه، روضة الواعظين:146 قطعة منه، مناقب الخوارزمي:245، مائة منقبة لابن شاذان:16 منقبة 15 عنه معالم الزلفى:411، مدينة المعاجز: 158/436، كشف الغمة 1:352.
وقد روى عماد الدين الطوسي(قدس سره) في كتابه الثاقب في المناقب ص 288 في ذلك ما يلي:
عن الأعمش، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "كنت يوماً جالساً في المسجد إذ هبط عليَّ ملك له عشرون رأساً، فوثبت لأقبّل رأسه، فقال: مه يا أحمد، أنت أكرم على الله تعالى من أهل السموات وأهل الأرض أجمعين. وقبّل الملك رأسي ويدي، فظننته جبرئيل (عليه السلام)، فقلت: حبيبي جبرئيل، ما هذه الصورة التي لم تهبط عليَّ بمثلها؟ قال: ما أنا جرئيل، ولكني ملك، يقال لي "محمود" وبين كتفي مكتوب: لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله.
وفي رواية: عليّ وليه ووصيّه.
بعثني أن أزوج النور من النور. قلت: مَن النور؟ قال: فاطمة من عليّ، وهذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وإسماعيل صاحب سماء الدنيا، وسبعون ألفاً من الملائكة قد حضروا".
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام): "قد زوجتك على ما زوجك الله من فوق سبع سماوات، فخذها إليك".
ثمّ التفت النبي (صلى الله عليه وآله) إلى محمود وقال: "منذ كم كتب هذا بين كتفيك؟" قال: من قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام.
قال: فناوله جبرئيل قدحاً فيه خلوق من خلوق الجنة، وقال: حبيبي يا محمد، مُر فاطمة (عليها السلام) إذا حكت رأسها أو بدنها شمّ أهل المدينة رائحة الخلوق.
قال: فأتيته، فلمّا رآني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضحك، ثمّ قال: ما جاء بك يا أبا الحسن، حاجتك؟
قال: فذكرت له قرابتي وقدمي في الإسلام ونصرتي له وجهادي.
فقال: يا عليّ صدقت فأنت أفضل ممّا تذكر.
فقلت: يا رسول الله فاطمة تزوّجنيها؟
فقال: يا عليّ إنّه قد ذكرها قبلك رجال، فذكرت ذلك لها، فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رسلك(2) حتّى أخرج إليك.
____________
1 ـ قلت: روى أحمد في الفضائل برقم 1051 معنى صدر الحديث، وفيه: حدثنا أبو عمرو ـ محمّد بن محمود الأصبهاني ـ، قال: حدّثنا عليّ بن خشرم المروزي، قال: حدّثنا الفضل بن موسى السينائي، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه: إنّ أبا بكر وعمر خطبا إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فاطمة، فقال: إنّها صغيرة، فخطبها عليّ فزوّجها منه.
2 ـ الرسل ـ بالكسر ـ: التأنّي والرفق.
قال: إنّ عليّ بن أبي طالب من قدعرفت قرابته، وفضله، وإسلامه، وإنّي قد سألت ربّي أن يزوّجك خير خلقه وأحبّهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئاً، فماترين؟
فسكتت، ولم تولّ وجهها ولم ير فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كراهة. فقام وهو يقول: الله اكبر سكوتها إقرارها، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمّد زوّجها عليّ بن أبي طالب، فإنّ الله قد رضيها له، ورضيه لها.
قال عليّ: فزوّجني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثمّ أتاني، فأخذ بيدي فقال: قم بسم الله وقل على بركة الله، وما شاء الله إلاّ بالله توكّلت على الله، ثمّ جاءني حتّى أقعدني عندها (عليها السلام)، ثمّ قال: اللّهمّ إنّهما أحبّ خلقك إليّ، فأحبّهما وبارك في ذريّتهما، واجعل عليهما منك حافظاً، وإنّي اُعيذهما بك وذريّتهما من الشيطان الرجيم(1).
____________
1 ـ عن أمالي الطوسي، بحار الأنوار 43:93، ورواه البحراني في غاية المرام: 453.
(قلت): حديث خطبة الزهراء وزواجها من أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومجيء الرسول (صلى الله عليه وآله) ليلة زفافها للدعاء لها، قد رواه أحمد بن حنبل في مسنده، وكتاب الفضائل بصور عديدة وإليك ما رواه بهذا الشأن، ففي المسند 1:80، اورد ما يلي: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، أنبأنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن رجل سمع عليّاً يقول: أردت أن أخطب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ابنته فقلت: مالي من شيء فكيف؟ ثمّ ذكرت صلته وعائدته، فخطبتها إليه. فقال: هل لك من شيء؟ قلت: لا. قال فأين درعك الحطيمة [كذا] الّتي أعطيتك يوم كذا وكذا؟ قال: هي عندي قال: فاعطها إيّاها. والدروع الحطميّات: دروع تنسب إلى حطمة بن محارب، كان يعمل الدروع، او هي الدروع الّتي تكسّر السيوف. او: الثقيلة العريضة.
وروى أحمد بن حنبل في كتاب الفضائل برقم: 1076 حديثاً مفصلا في هذا المعنى وفيه: حدثنا إبراهيم بن عبد الله البصري، حدّثنا ابراهيم بن بشار، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، قال: أخبرني من سمع عليّاً على منبر الكوفة يقول: لما أردت أن أخطب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فذكرت أن لا شيء لي، ثمّ ذكرت عائدته وصلته، فخطبتها.
فقال: هل عندك شيء؟ قلت: لا. قال: فأين درعك الحطمية الّتي كنت اعطيتك يوم كذا وكذا؟ قلت: هي عندي. قال: فأت بها. قال: فأتيته بها، فأنكحنيها. فلمّا أن دخلت عليّ قال: لا تحدّثنّ شيئاً حتّى آتيكما، فاستأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلينا كساء او قطيفة فتحشحشنا فقال: مكانكما على حالكما، فدخل علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فجلس عند رؤوسنا، فدعا باناء فيه ماء، فأتي به، فدعا فيه بالبركة ثمّ رشّه علينا، فقلت: يا رسول الله أنا أحبّ إليك أم هي؟ قال هي أحبّ إليّ منك، وأنت أعزّ عليّ منها، وأخرج هذا الحديث ابو داود (3/240)، والنسائي (6/129)، وابن سعد (8/20)، من طريق أيّوب السختياني عن عكرمة، عن ابن عباس، واسناده صحيح.
فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة أما علمت أنّ الله أشرف على الدّنيا، فأختارني على رجال العالمين، ثمّ اطلّع، فاختار عليّاً على رجال العالمين، ثمّ اطلّع، فاختارك على نساء العالمين؟
يا فاطمة، إنّه لمّا اُسري بي إلى السّماء وجدت مكتوباً على صخرة بيت المقدّس: لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته بوزيره، فقلت: لجبرئيل: ومن وزيري؟ فقال: عليّ بن أبي طالب.
فلمّا انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوباً عليها: إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا
____________
1 ـ الدحداح: القصير السمين، ودحداح البطن: واسعة.
2 ـ الكردايس: جمع كردوس، وهو كلّ عظمين التقيا في مفصل، والمراد به: المفاصل.
3 ـ الانزع: الّذي انحسر الشعر عن جانبي جبهته.
4 ـ السكنة: ما يستقرّ عليه الرأس من العنق أي: عظيم العنق.
5 ـ كذا صححه المجلسي في بيانه ص 101 والمشاش: رؤوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين.
فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين وجدت مكتوباً على كل قائمة من قوائم العرش: أنا الله لا إله إلاّ أنا محمد حبيبي ايدته بوزيره، ونصرته بوزيره.
فلمّا دخلت الجنّة رأيت في الجنّة شجرة طوبى اصلها في دار عليّ وما في الجنّة قصر ولا منزل إلاّ وفيها فتر(1) منها، وأعلاها اسفاط حلل من سندس واستبرق يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط في كلّ سفط مائة ألف حلّة ما فيه حلّة تشبه الاخرى على ألوان مختلفة وهي ثياب الجنّة، ووسطها ظلّ ممدود، عرض الجنّة كعرض السّماء، والأرض اُعدّت للّذين آمنوا بالله ورسوله، يسير الراكب في ذلك الظلّ مسيرة مائة عام، فلا يقطعه وذلك قوله: {وظلّ ممدود} (2)، وأسفلها ثمار أهل الجنّة وطعامهم متدلل(3) في بيوتهم يكون القضيب منها مأة لون من الفاكهة ممّا رأيتم في دار الدّنيا ومالم تروه، وما سمعتم به ومالم تسمعوا مثلها، وكلّما يجتني منها شيء نبتت مكانها اُخرى "لا مقطوعة ولا ممنوعة" ويجري نهر في أصل تلك الشجرة تنفجر منها الأنهار الأربعة {أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغيّر طعمه وأنهار من خمر لذّة للشّاربين وأنهار من عسل مصفّى} (4).
يا فاطمة إنّ الله أعطاني في عليّ سبع خصال: هو أوّل من ينشقّ عنه القبر معي،
____________
1 ـ الفتر مقدار من الغصن، كالشبر إلاّ أنه أقلّ منه.
وقال المجلسي وفي بعض النسخ اقتر ـ بالقاف ـ بمعنى القدر، أي المقدار، وفي بعض النسخ: قنو، أي: عذق.
2 ـ سورة الواقعة 56:30.
3 ـ كذا في البحار ولعلّ الصحيح: متد.
4 ـ وهي المذكورة في سورة محمّد (صلى الله عليه وآله) 67:15.
يا فاطمة هذا ما أعطاه الله عليّاً في الآخرة وأعدّ له في الجنّة، إذا كان في الدّنيا لا مال له.
فأمّا ما قلت: إنّه بطين، فإنّه مملوء من علم، خصّه الله به وأكرمه من بين اُمّتي.
وأمّا ما قلت: إنّه أنزع عظيم العينين، فإنّ الله خلقه بصفة آدم (عليه السلام).
وأمّا طول يديه، فإنّ الله عزّ وجلّ طوّلهما ليقتل بهما أعداءه، وأعداء رسوله، وبه يظهر الله الّذين، ولو كره المشركون، وبه يفتح الله الفتوح، ويقاتل المشركين على تنزيل القرآن، والمنافقين من أهل البغي والنكث والفسوق على تأويله، ويخرج الله من صلبه سيّدي شباب أهل الجنّة، ويزيّن بهما عرشه.
يا فاطمة ما بعث الله نبيّاً إلاّ جعل له ذريّة من صلبه، وجعل ذرّيتي من صلب عليّ، ولو لا عليّ ما كانت لي ذريّة.
فقالت فاطمة: يا رسول الله ما أختار عليه أحداً من أهل الأرض، فزوّجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه.
فقال ابن عبّاس عند ذلك: والله ما كان لفاطمة كفوٌ غير عليّ (عليه السلام) (2).
72 ـ مدينة المعاجز: عن كتاب مناقب فاطمة، قال: حدّثنا أبو إسحاق أحمد بن
____________
1 ـ المطففين 83:26.
2 ـ تفسير علي ابن ابراهيم 2:336 ـ 338 وعنه بحار الأنوار 43:99 وعوالم العلوم 11:143.
قال: فاولئك خدمك وخدم فاطمة في الجنّة، انطلق إلى منزلك، فلا تحدّث شيئاً حتّى آتيك، فما كان إلاّ كلا شيء حتّى مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى منزله وأمرني أن أهدي لها طيب.
قال عمّار: فلمّا كان من الغد جئت إلى منزل فاطمة (عليها السلام) ومعي الطيب، فقالت: يا أبا اليقظان ما هذا؟ قلت: طيب أمرني به أبوك أن أهديه لك.
قالت: والله لقد أتاني طيب من جوار من الجور العين وإنّ فيهنّ جارية حسناء كأنّها القمر ليلة البدر فقلت: من بعث بهذا الطيب، قالت: دفعه إليّ رضوان خازن الجنّة وأمر هؤلاء الجواري ينحدرن معي، مع كلّ واحدة منهنّ ثمرة من ثمار الجنّة [لم أرَ مثلهن] في حسنهنّ، فقلت: لمن أنتنّ؟ فقلن: نحن لك ولأهل بيتك وشيعتك من المؤمنين.
فقلت: أيكنّ من ازواج ابن عمّي؟ قلن: أنت زوجته في الدّنيا والآخرة، ونحن خدمك وخدم ذريّتك.
[إلى أن قال:] وحملت بالحسن، فلمّا رزقته بعد أربعين يوماً حملت بالحسين، ورزقت زينب، واُمّ كلثوم.
73 ـ الكافي: عن عليّ بن محمّد، عن عبد الله بن إسحاق، عن الحسن بن عليّ ابن سليمان، عمّن حدّثه عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنّ فاطمة قالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله): زوّجتني بالمهر الخسيس؟ فقال لها (صلى الله عليه وآله) ما أنا زوّجتك، ولكن الله زوّجك من السّماء وجعل مهرك خمس الدّنيا ما دامت السموات والأرض(2).
____________
1 ـ مدينة المعاجز: 55.
2 ـ الكافي 5:378 والوسائل 15:2.
(قلت): وقد ورد معنى ذلك في عدّة روايات منها ما في جامع أحاديث الشيعة 8:526 في رواية ابن سنان قوله (عليه السلام): على كلّ امرىء غنم او اكتسب الخمس. ـ مما اصاب ـ لفاطمة (عليها السلام): على آخر الحديث.
نقل هذا الحديث العلاّمة الرحماني في كتابه فاطمة الزهراء: 464 ـ 465 عن إحقاق الحقّ 10:367 وزاد فيه: قال النسفي: سألت فاطمة (عليها السلام) النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يكون صداقها شفاعة لاُمّة يوم القيامة، فإذا صارت على الصراط طلبت صداقها.
ونقل عن كشف الغمّة 1:507 ما يلي: في حديث، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) مخاطباً للحسنين عليهما السلام: انتما الامامان ولاُمّكما الشفاعة.
(قلت): الأحاديث في مهر فاطمة الزهراء (عليها السلام) كثيرة، ذكر بعضها السيّد حسن ميرجهاني في كتاب الجنّة العاصمة: 103 عن دلائل الامامة الملائكة إلى الله فقالوا: الهنا وسيّدنا اعلمنا ما مهر فاطمة لنعلم ونتبيّن أنّها اكرم الخلق عليك، فأوحى الله إليهم يا ملائكتي وسكّان سماواتي اُشهدكم أنّ مهر فاطمة بنت محمّد نصف الدنيا.
وفي: ص 103 في حديث آخر عن دلائل الامامة: [وعنه بحار الأنوار 43:113] اوحى الله تعالى: إنّي قد زوّجت عليّاً بفاطمة في سمائي تحت ظلّ عرشي وجعلت جبرئيل خطيبها وميكائيل دليلها وإسرافيل القابل عن عليّ وامرت شجرة طوبى، فنثرت عليهم اللؤلؤ الرّطب والدرّ والياقوت والزبرجد الأحمر والأخضر والأصفر والمناشير المخطوطة بالنور، فيها امان للملائكة مذخوراً إلى يوم القيامة.
وجعلت نحلتها من عليّ خمس الدنيا، وثلثي الجنّة، واربعة أنهار في الأرض: الفرات ودجلة ونيل [مصر] ونصر بلخ فزوّجها أنت يا محمّد بخمسائة درهم تكون سنة لامّتك.
وفي: ص 105 عن الجزء العاشر من البحار [وفي الطبعة الحديثة 43: 113] عن أمالي الشيخ المفيد باسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام): إنّ الله تبارك وتعالى أمهر فاطمة ربع الدّنيا، فربعها لها، وامهرها: الجنّة والنار تدخل اعدائها النار: وتدخل اوليائها الجنّة.
وفي: ص 218 عن السيد علي الهمداني في كتاب مودّة القربى: 192 (ط / لاهور) باسناده، عن عتبة بن الأزهري، عن يحيى بن عقيل قال سمعت عليّاً يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ الله امرني أنّ ازوجك فاطمة (عليها السلام) على خمس الدنيا أو على ربعها ـ شكّ عتبة ـ، فمن يمشي على الأرض وهو يبغضك، فالدنيا عليه حرام ومشيه فيها حرام.
وفي كشف الغمّة 1:472، عن ابن عباس عن النبيّ (صلى الله عليه وآله): يا عليّ إنّ الله عزّ وجلّ زوجك فاطمة وجعل صداقها: الأرض، فمن مشي عليها مبغضاً لك [لها خ ل] مشى حراماً.
وروى المجلسي معنى هذا الحديث في البحار 43:145 عن مصباح الأنوار وكتاب المحتضر للحسن ابن سليمان نقلا من كتاب الفردوس... أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال لعليّ (عليه السلام): يا عليّ إنّ الله عزّ وجلّ زوّجك فاطمة وجعل صداقها الأرض، فمن مشى عليها مبغضاً لك، مشى عليها حراماً.
=>
____________
<=
وفي البحار 43:113، قيل للنبيّ (صلى الله عليه وآله): قد علمنا مهر فاطمة في الأرض، فما مهرها في السماء؟
قال: سل عمّا يعنيك، ودع ما لا يعينك، قيل: هذا مما يعنينا يا رسول الله.
قال: كان مهرها في السماء خمس الأرض، فمن مشى عليها مبغضاً لها ولولدها مشى عليها حراماً إلى أن تقوم الساعة.
وفي معالم الزلفى للسيد هاشم البحراني: 397: في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ولقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة، فهي في دار عليّ (عليه السلام).
(قلت): ورد في هذا الحديث ذكر جهاز فاطمة (عليها السلام) ورأيت من المناسب أن اذكر ما رواه العامّة في هذا الشأن.
واليك ما رواه أحمد في جهاز فاطمة (عليها السلام) في كتابه المسند، ففي 1:83، حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا أبو اسامة، أنبأنا زائدة، حدّثنا عطاء بن السائب، عن أبيه عن عليّ (عليه السلام) قال: جهّز رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) في خميل وقربة ووسادة أدم حشوها ليف الأذخر وفي 1:93، حدثنا عبدالله: حدثني أبي، حدثنا معاوية بن عمرو وأبو سعيد قالا: حدثنا زائدة عن عطاء بن السائب، عن ابيه عن علي (عليه السلام) قال: جهز رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) في خميل وقربة ووسادة أدم حشوها أذخر قال: أبو سعيد: ليف.
وفي 1:104، حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد، حدّثنا عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عليّ: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمّا زوّجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة من آدم حشوها ليف ورحيين وسقاء وجرّتين.
وفي 1:106، حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد، أنبأنا عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عليّ (عليه السلام): إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمّا زوّجه فاطمة بعث معها يخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف ورحيين وسقاء، وجرّتين.
وفي 1:108 ومثله الفضائل برقم: 1194 حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا أبو سعيد ـ مولى بني هاشم ـ ومعاوية بن عمرو قالا: حدّثنا زائدة، حدثنا عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عليّ (عليه السلام)، قال: جهّز رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) في خميل وقربة، ووسادة من أدم حشوها ليف. قال معاوية: أذخر. قال أبي: والخميل: القطيفة المخمّلة.
(قلت): الخميل: كلّ ثوب له خمل من أيّ شيء كان وقيل هو الأسود من الثياب، والخمل: أهداب الثوب.
وفي 5:359 ومثله الفضائل برقم: 1178 حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا حميد بن عبد الرحمان الرؤاسي، حدّثنا أبي، عن عبد الكريم ابن سليط، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: لمّا خطب عليّ فاطمة عليهما السلام: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّه لا بدّ للعرس من وليمة قال: فقال سعد على كبش، وقال فلان: على كذا وكذا من ذرّة وفي 6:299.
حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان: حدّثنا حمّاد بن سلمة، قال: حدّثنا عليّ بن زيد عن أم الحسن: إن اُمّ سلمة حدثتهم: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) شبر لفاطمة شبراً من نطاقها.
74 ـ الجنّة العاصمة عن العوالم ومعراج النبوّة إنّ في جملة ما اوصته الزهراء (عليها السلام) إلى عليّ (عليه السلام): إذا دفنتني ادفن معي هذا الكاغذ الّذي في الحقّة.
فقال لها سيّد الوصيّين: بحقّ النبيّ أخبريني بما فيه.
قالت: حين أراد أن يزوجني أبي منك قال لي زوجتك من علي [على ]صداق أربع مائة درهم.
قلت: رضيت عليّاً ولا أرضى بصداق أربعمائة درهم.
فجاء جبرئيل، فقال: يا رسول الله يقول الله عزّ وجلّ: الجنّة وما فيها صداق فاطمة.
قلت: لا أرضى.
قال: أي شيء تريدين.
قلت: اُريد اُمّتك لأنّك مشغول باُمّتك.
فرجع جبرئيل: ثمّ جاء بهذا الكتاب مكتوب [فيه]: شفاعة اُمّة محمّد صداق فاطمة (عليها السلام).
75 ـ الجنّة العاصمة، عن أحمد بن يوسف الدمشقي في أخبار الدول وآثار الاُول ص 88 ط / بغداد، وعنه كتاب تجهيز الجيوش ص 102 (مخطوط) أنّه قال: روي أنّها لمّا سمعت بأنّ أباها زوّجها وجعل الدراهم مهراً لها.
فقالت: يا رسول الله إنّ بنات الناس يتزوّجن بالدراهم، فما الفرق بيني وبينهنّ، أسألك أن تردها، وتدعوا الله أن يجعل مهري الشفاعة في عصاة اُمّتك، فنزل جبرئيل (عليه السلام) ومعه بطاقة من حرير مكتوب فيها: جعل الله مهر فاطمة الزهراء شفاعة المذنبين من اُمّة محمد (صلى الله عليه وآله) (وفي نسخة: اُمّة أبيها).
فلمّا احتضرت، أوصت بأنّ توضع تلك البطاقة على صدرها تحت الكفن وقالت: إذا حشرت رفعت تلك البطاقة بيدي وشفعت في عصاة اُمّة أبي(2).
76 ـ الجنّة العاصمة ـ أيضاً ـ عن كتاب صحيفة الأبرار وروضة الشهداء وكتاب الستين الجامع للطائف البساتين: إنّ رجلا من المنافقين عيّر أمير المؤمنين (عليه السلام) في تزويج فاطمة (عليها السلام) وقال: إنّك أفضل العرب وأشجعها وقد تزوّجت بعائلة لا تملك قوت يومها ولو تزوّجت ببنتي لملأت داري ودارك من نوق موقرة بأجهزة نفيسة، فقال عليّ (عليه السلام): إنّا قوم نرضى بما قدّر الله، ولا نريد إلاّ رضي الله وفخرنا بالأعمال لا بالأموال.
قال: فحمد الله ذلك منه، وإذا بهاتف ينادي يا علي أرفع رأسك وانظر إلى جهاز بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرفع أمير المؤمنين (عليه السلام) رأسه وإذا هو بحجب من نور إلى العرش العظيم، ورأى تحت العرش فضاءً وسيعاً مملوءً من نوق الجنّة عليها احمال
____________
1 ـ الجنّة العاصمة: 179.
2 ـ نفس المصدر: 217. قلت وسيأتي حديثاً بمعنى ما سبق في فصل وصاياها (عليها السلام).
قال: بل أخبريني يا فاطمة، فأخبرته فاطمة (عليها السلام) بكلّ ما جرى بينه وبين ذلك المنافق وما رآه أمير المؤمنين (عليه السلام) من جهازها من عند ربّ العالمين(1).
77 ـ الأمالي: جماعة عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراريّ، عن خاله، عن الأشعري، عن البرقي، عن ابن اسباط، عن داود، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لمّا زوّج رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً فاطمة (عليها السلام) دخل عليها وهي تبكي، فقال لها ما يبكيك؟ فو الله لو كان في أهل بيتي خيراً منه زوّجتك [إيّاه]، وما أنا زوّجتك ولكن الله زوّجك وأصدق عنك: "الخمس" ما دامت السموات والأرض.
قال عليّ (عليه السلام) (2): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قمّ فبع الدّرع فقمت فبعته وأخذت الثمن ودخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسكبت الدّراهم في حجره، فلم يسألني كم هي ولا أنا أخبرته، ثمّ قبض قبضة ودعا بلالا، فأعطاه فقال: ابتع لفاطمة طيباً، ثمّ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الدّراهم بكلتا يديه فأعطاها أبا بكر وقال: ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت واردفه بعمّار بن ياسر وبعدّة من أصحابه، فحضروا السوق فكانوا يعترضون الشيء ممّا يصلح، فلا يشترونه حتّى يعرضوه على أبي بكر، فإنّ استصلحه اشتروه، فكان مما اشتروه قميص(3) بسبعة دراهم وخمار بأربعة دراهم
____________
1 ـ الجنّة العاصمة: 179 ـ 180.
2 ـ كذا في الأصل وانظر هامش صفحة 1990.
3 ـ كذا في الأصل ـ هنا. وفيما بعده.
حتّى إذا استكمل الشراء حمل أبو بكر بعض المتاع وحمل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ الّذين كانوا معه ـ الباقي، فلمّا عرض المتاع على رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل يقلّبه بيده ويقول: بارك الله لأهل البيت.
قال علي (عليه السلام): فأقمت بعد ذلك شهراً اُصلّي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأرجع إلى منزلي ولا أذكر شيئاً من أمر فاطمة (عليها السلام)، ثمّ قلن أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا نطلب لك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخول فاطمة (عليها السلام) عليك؟
فقلت: افعلن. فدخلن عليه، فقالت اُمّ أيمن: يا رسول لو أنّ خديجة باقية لقرّت عينها بزفاف فاطمة وإنّ عليّاً يريد أهله، فقرّ عين فاطمة ببعلها وأجمع شملها وقرّ عيوننا بذلك.
فقال: فما بال عليّ لا يطلب منّي زوجته، فقد كنّا نتوقّع ذلك منه؟
قال: عليّ (عليه السلام)، فقلت: الحياء يمنعني يا رسول الله.
فالتفت إلى النساء: اُمّ سلمة أنا اُمّ سلمة وهذه زينب وهذه فلانة وفلانة.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هيّئوا فقال: من ها هنا؟
فقالت: لا بنتي وابن عمّي في حجري بيتاً.
فقالت اُمّ سملة: في أيّ حجرة يا رسول الله؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): في حجرتك. وأمر نساءه أن يزيّن ويصلحن من شأنها.