الصفحة 322

دعائها (عليها السلام) للمؤمنين والمؤمنات

250 ـ دلائل الامامة: أخبرني الشريف أبو محمّد الحسن بن أحمد الحمّدي النقيب، قال: أخبرني أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين، قال: حدّثني محمّد بن الحسن القزويني المعروف بابن المغيرة، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله الحضرمي، قال: حدّثنا جندل بن والق، قال: حدّثنا محمّد بن عمر المازني، عن عباد الضبي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن فاطمة الصغرى، عن الحسين بن عليّ، عن أخيه الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: رأيت اُمّي فاطمة (عليها السلام) قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتّى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء.

فقلت لها: يا اُمّاه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟

فقالت: يا بنيّ الجار ثمّ الدار(1).

251 ـ البحار: عن مصباح الأنوار: عن جعفر بن محمّد عليهما السلام كانت فاطمة (عليها السلام)، إذا دعت تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها، فقيل لها؟ فقالت: الجار ثمّ الدار(2).

دعاء النور

252 ـ مهج الدعوات: عن الشيخ عليّ بن محمّد بن عليّ بن عبدالصمد، عن جدّه، عن الفقيه أبي الحسن، عن أبي البركات عليّ بن الحسين الجوزي، عن

____________

1 ـ دلائل الإمامة: 56، ورواه الصدوق في علل الشرائع 1:181، وبحار الأنوار: 43:82، والوسائل 4:1151، وعوالم العلوم 11:127، وناسخ التواريخ 2:418، وكشف الغمّة: 94.

2 ـ بحار الأنوار 9:388.


الصفحة 323
الصّدوق، عن الحسن بن محمّد بن سعيد، عن فرات بن ابراهيم، عن جعفر بن محمّد بشرويه، عن محمّد بن ادريس بن سعيد الأنصاري، عن داود بن رشيد، والوليد بن شجاع بن مروان، عن عاصم، عن عبدالله بن سلمان الفارسي، عن أبيه، قال:

خرجت من منزلي يوماً بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعشرة أيّام، فلقيني عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ابن عمّ الرّسول (صلى الله عليه وآله)، فقال لي: يا سلمان جفوتنا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: حبيبي أبا الحسن مثلكم لا يجفى، غير أن حزني على رسول الله (صلى الله عليه وآله) طال فهو الّذي منعني من زيارتكم.

فقال (عليه السلام) لي: يا سلمان إئت منزل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإنّها إليك مشتاقة [و] تريد أن تتحفك بتحفة قد اُتحفت بها من الجنّة. قلت لعليّ (عليه السلام): قد اُتحفت فاطمة بشيء من الجنّة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟

قال: نعم، بالأمس.

قال سلمان الفارسي: فهرولت إلى منزل فاطمة (عليها السلام) بنت محمّد (صلى الله عليه وآله) [وقرعت الباب، فخرجت إليّ فضة فأذنت لي فدخلت]، فإذا هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا اخمّرت رأسها انجلى ساقها وإذا اغطّت ساقها انكشف رأسها.

فلمّا نظرت إليّ اعتجزت(1) [بها واستترت] ثمّ قالت: يا سلمان جفوتني بعد وفاة أبي (صلى الله عليه وآله)؟

قلت: حبيبتي أأجفاكم؟ قالت: فمه، اجلس واعقل ما أقول لك: إنيّ كنت جالسة بالأمس في هذا المجلس وباب الدار مغلق وأنا أتفكّر في انقطاع الوحي عنّا

____________

1 ـ أي جعلت العباءة على رأسها، والإعتجار: شد الشيء على الرأس.


الصفحة 324
وانصراف الملائكة عن منزلنا، فإذا انفتح الباب من غير أن يفتحه أحد، فدخل عليّ ثلاث جوار لم ير الراؤون بحسنهنّ ولا كهيئتهنّ ولا نضارة وجوههنّ، ولا أزكى من ريحهنّ، فلمّا رأيتهنّ قمت اليهنّ مستنكرة لهنّ(1). فقلت: أنتنّ من أهل مكّة ام من أهل المدينة؟ فقلن: يا بنت محمّد لسنا من أهل مكّة ولا من أهل المدينة ولا من أهل الأرض جميعاً غير أننّا جوار من الحور العين من دار السلام ارسلنا ربّ العزّة إليك يا بنت محمّد إنا إليك مشتاقات.

فقلت للّتي اظنّ إنّها أكبر سنّاً: ما اسمك؟ قالت: اسمي مقدودة. قلت: ولم سمّيت مقدودة؟

قالت: خلقت للمقداد بن الأسود الكندي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فقلت للثانية: ما اسمك؟ قالت: ذرّة.

قلت: لم سمّيت ذرّة، وأنت في عيني نبيلة؟

قالت: خلقت لأبي ذرّ الغفاريّ صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقلت للثالثة: ما اسمك؟ قالت: سلمى، قلت: ولم سمّيت سلمى؟

قالت: أنا لسلمان الفارسي مولى أبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله).

قالت فاطمة: ثمّ أخرجن لي رطباً ازرق كامثال الخشكنانج الكبّار(2)، أبيض من الثلج، وأزكى ريحاً من المسك الأزفر، فقالت لي: يا سلمان افطر عليه عشيتك، فإذا كان غداً، فجئني بنواه ـ او قالت: عجمه ـ.

قال سلمان: فأخذت الرطب، فما مررت بجمع من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)

____________

1 ـ تنكرت لهنّ: نظرت إليهنّ بتعجب واستنكار.

2 ـ خشكنانج معرب خشكنانة، وهو: الخبز المحلّي بالسكرو المخلوط عجينه بالفستق واللوز، وقال المجلسي: لعلّه معرب أي الخبز اليابس.


الصفحة 325
ألا قالوا: يا سلمان امعك مسك؟ قلت: نعم، فلمّا كان وقت الإفطار أفطرت عليه، فلم أجد له عجماً ولا نوى، فمضيت إلى بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في اليوم الثاني، فقلت لها: (عليها السلام) إنّي أفطرت على ما أتحفتيني به، فما وجدت له عجماً ولا نوى قالت: يا سلمان ولن يكون له عجماً ولا نوى وإنّما هو نخل غرسه الله في دار السلام بكلام علّمنيه أبي محمّد (صلى الله عليه وآله) كنت أقوله غدوة وعشيّة؟

قال سلمان: قلت: علميني الكلام يا سيّدتي.

فقالت: إن سرّك أن لا يمسّك اذى الحمى ما عشت في دار الدّنيا، فواظب عليه.

ثمّ قال سلمان: علمتني هذا الحرز، فقالت: "بسم الله الرّحمن الرّحيم، بسم الله النور، بسم الله نور النور، بسم الله نور على نور، بسم الله الّذي هو مدبّر الاُمور، بسم الله الّذي خلق النور من النور، الحمد لله الّذي خلق النور من النور، وأنزل النور على الطور، في كتاب مسطور، في رقّ منشور، بقدر مقدور، على نبيّ محبور، الحمد لله الّذي هو بالعز مذكور، وبالفخر مشهور، وعلى السّراء والضّرّاء مشكور، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين".

قال سلمان، فتعلمتهنّ، فوالله لقد علمتهنّ أكثر من ألف نفس من أهل المدينة ومكّة ممّن بهم الحمى، فكلّ برىء من مرضه بإذن الله تعالى(1).

253 ـ وروى الكشي في رجاله: عن جعفر غلام عبدالله بن بكير، عن عبدالله

____________

1 ـ مهج الدعوات: 5، وعنه بحار الأنوار 43:66 و83:323، و91:226، و92:36، وعوالم العلوم 11:81، وناسخ التواريخ: 388، والخرائج والجرائح 2:533 ومعالم الزلفى: 406.

(قلت) ورواه أبو جعفر الطوسي في الثاقب في المناقب: 297 ـ 300 باختلاف يسير في الألفاظ، وما بين المعقوفات أخذناها منه.


الصفحة 326
بن محمّد بن نهيك، عن النصيبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ; يا سلمان اذهب إلى فاطمة (عليها السلام)، فقل لها: تتحفك بتحفة من تحف الجنّة، فذهب إليها سلمان، فإذا بين يديها ثلاث سلال، فقال لها: يا بنت رسول الله اتحفيني، فقالت: هذه ثلاث سلال جائتني بها ثلاث وصائف، فسالتهنّ عن اسمائهنّ، فقالت واحدة: أنا سلمى لسلمان وقالت الاُخرى: أنا ذرّة لأبي ذر وقالت الاُخرى: أنا مقدودة لمقداد.

قال سلمان: ثمّ قبضت، فناولتني، فما مررت بملأ إلاّ ملئوا طيباً لريحها(1).

254 ـ دلائل الإمامة: روى علي بن الحسن الشافعي، قال: حدّثنا يوسف ابن يعقوب القاضي، قال: حدّثنا محمّد بن الأشعث، عن محمّد بن عون الطائي، عن داود بن أبي هند، عن ابن أبان، عن سلمان، قال: كنت خارجاً من منزلي (فساق الحديث وفيه: أنّ فاطمة (عليها السلام) اعطته تمراً، وطلبت منه أن يأتيها بعجمه ونواه، فلم يجد لها نور؟ فجاء من الغد)(2)، فتبسّمت ضاحكة وقالت: من أين يكون لها نوى؟ وإنّما هو تعالى خلقه لي(3) تحت عرشه بدعوات علمنيها رسول الله، فقلت: حبيبتي علميني الدعوات؟ فقالت: إن سرك أن تلقى الله وهو عنك غير غضبان، فواظب على هذا الدعاء وهو "بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله النور، بسم الله الّذي يقول للشيء كن، فيكون، بسم الله الّذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، بسم الله الّذي خلق النور من النور، بسم الله الّذي هو بالمعروف مذكور، بسم الله الّذي

____________

1 ـ رجال الكشي: 6، وعنه بحار الأنوار 22:353.

2 ـ قد نقلنا الحديث بطوله عن كتاب مهج الدعوات في ما مضى.

3 ـ كذا في دلائل الامامة: 28، وفي مهج الدعوات: وإنّما هو نخل غرسه الله في دار السلام.


الصفحة 327
أنزل النور على الطور، بقدر، مقدور، في كتاب مسطور، على نبيّ محبور(1).

دعاء آخر

255 ـ بحار الأنوار: عن اختيار ابن الباقي: دعاء عن سيّدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام): "اللّهمّ بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي، اللّهمّ إنّي أسألك كلمة الاخلاص وخشيتك في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرّة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بالقضاء; وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك من غير ضرّآء مضرّة ولا فتنة مظلّة، اللّهمّ زينّا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهديين يا ربّ العالمين"(2).

دعاء ثالث

256 ـ مهج الدعوات: دعاء آخر، عن مولاتنا فاطمة الزهراء، صلوات الله عليها:

"اللّهم قنعّني بما رزقتي، واسترني، وعافني أبداً ما أبقيتني، واغفر لي وارحمني إذا توفّيتني اللّهمّ لا تعيني(3) في طلب ما لم تقدّر لي، وما قدّرته عليِّ، فاجعله ميسّراً سهلا، اللّهمّ كاف(4) عنّي والديّ وكلّ من له نعمة عليّ، خير مكافاة،

____________

1 ـ دلائل الامامة: 28.

2 ـ بحار الأنوار 91:225.

3 ـ من الأعياء: وهو التعب والنصب.

4 ـ كذا في البحار والصحيح: كافيء ـ بالهمزة ـ لأنّه المكافاة وهي المجازات.


الصفحة 328
اللّهمّ فرّغني لما خلقتني له ولا تشغلني بما تكفلت لي به، ولا تعذّبني وأنا استغفرك ولا تحرمني وأنا اسألك، اللّهمّ ذلل نفسي، وعظّم شأنك في نفسي، والهمني طاعتك والعمل بما يرضيك والتجنّب لما يسخطك يا أرحم الرّاحمين"(1).

تسبيحها (عليها السلام)

257 ـ الدعوات: تسبيح فاطمة (عليها السلام) في اليوم الثالث(2): "سبحان من استنار بالحول والقوّة، سبحان من احتجب إلى سبع سماوات، فلا عين تراه، سبحان من اذلّ الخلائق، بالموت واعزّ نفسه بالحياة، سبحان من يبقى ويفنى كلّ شيء سواه، سبحان من استخلص الحمد لنفسه وارتضاه، سبحان الحيّ العليم، سبحان الحكيم الكريم، سبحان الملك القدوس، سبحان العليّ العظيم، سبحان الله وبحمده"(3).

ادعية الاُسبوع

258 ـ البلد الأمين: ادعية الاُسبوع لفاطمة (عليها السلام) (4).

دعاء يوم السبت

"اللّهمّ افتح لنا خزائن رحمتك، وهب لنا اللّهمّ رحمة لا تعذبنا بعدها في

____________

1 ـ مهج الدعوات: 175، وعنه بحار الأنوار 92:406.

2 ـ أي اليوم الثالث من كلّ شهر، فقد ذكر الراوندي لكلّ يوم من ايّام النصف الاول من الشهر تسبيحاً لأحد المعصومين. وجعل هذا التسبيح في ما يختص بفاطمة الزهراء (عليها السلام) في اليوم الثالث على أنّها (عليها السلام) ثالث المعصومين الاربعة عشر. سلام الله عليهم اجمعين.

3 ـ الدعوات: 91، وعنه المجلسي في البحار 91:205.

4 ـ البلد الأمين: 101، وعنه بحار الأنوار 87:338.


الصفحة 329
الدنياوالآخرة، وارزقنا من فضلك الواسع رزقاً حلالا طيّباً، ولا تحوجنا ولا تفقرنا إلى أحد سواك، وزدنا لك شكراً، وإليك فقراً وفاقة، وبك عمّن سواك غنا وتعفّفا، اللّهمّ وسّع علينا في الدنيا، اللّهمّ إنّا نعوذ بك ان تزوي(1) وجهك عنّا في حال ونحن نرغب إليك فيه، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد واعطنا ما تحب واجعله لنا قوّة فيما تحبّ يا أرحم الرّاحمين".

دعاء يوم الأحد

"اللّهم اجعل اوّل يومي هذا فلاحاً، وآخره نجاحاً، واوسطه صلاحاً، اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد، واجعلنا ممن أناب إليك، فقبلته وتوكّل عليك، فكفيته، وتضرّع إليك، فرحمته".

دعاء يوم الإثنين

اللّهمّ إنّي أسألك قوّة في عبادتك، وتبصّراً في كتابك، وفهماً في حكمك، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، ولا تجعل القرآن بنا ماحلا(2)، والصراط زائلا(3)، ومحمّداً (صلى الله عليه وآله) موليّاً"(4).

دعاء يوم الثلاثاء

"اللّهمّ اجعل غفلة الناس لنا ذكراً، واجعل ذكرهم لنا شكراً، واجعل صالح ما

____________

1 ـ الزوى: الانقباض.

2 ـ المحل: الجدب، وهو انقطاع المطر وخلوّ الأرض من الكلأ، يقال: بلد ما حلّ وزمان ما حلّ وأرض محل، والمراد: لا تجعل القرآن غير نافع لنا لعدم تمسكنا به.

3 ـ من الازديال وهي الازالة، وقال المجلسي في 87:340، والصراط زائلا أي بنا أوعنا.

4 ـ أي معرضاً عني.


الصفحة 330
نقول بألسنتا نيّة(1) في قلوبنا، اللّهمّ إنّ مغفرتك اوسع من ذنوبنا، ورحمتك ارجى عندنا من أعمالنا، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ووفقنا لصالح الأعمال والصواب من الفعال".

دعاء يوم الأربعاء

"اللّهمّ احرسنا بعينك الّتي لا تنام، وركنك الّذي لا يرام، وبأسمائك العظام، وصلّ على محمّد وآله، واحفظ علينا ما لو حفظه غيرك ضاع، واستر علينا ما لو ستره غيرك شاع، واجعل كلّ ذلك لنا مطوعاً(2) إنّك سميع الدعاء قريب مجيب".

دعاء يوم الخميس

"اللّهمّ إنّي أسألك الهدى والتقى والعفّاف والغنى والعمل بما تحبّ وترضى، اللّهمّ إنّي أسألك من قوّتك لضعفنا، ومن غناك لفقرنا وفاقتنا، ومن حلمك وعلمك لجهلنا، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد واعنا على شكرك وذكرك وطاعتك وعبادتك برحمتك يا أرحم الرّاحمين".

دعاء يوم الجمعة

"اللّهم اجعلنا من أقرب من تقرّب إليك، وأوجه من توجّه إليك، وانجح من سألك وتضرّع إليك، اللّهمّ اجعنا ممّن كأنّه يراك إلى يوم القيامة الّذي فيه يلقاك، ولا تمتنا إلاّ على رضاك، اللّهمّ واجعلنا ممّن اخلص لك بعمله واحبك في جميع خلقك، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، واعفر لنا مغفرة جزما حتماً لا نقترف بعدها ذنباً ولا نكتسب خطيئة ولا إثما، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد صلاة

____________

1 ـ قال المجلسي في بيانه: نية، أي: ذانيّة صحيحة.

2 ـ قال المجلسي في البحار 87:340 المطواع ـ بالكسر ـ الكثير الاطاعة.


الصفحة 331
نامية(1) دائمة زاكية متتابعة متواصلة مترادفة برحمتك يا أرحم الرّاحمين"(2).

تعقيباتها للصلاة اليومية

259 ـ فلاح السائل: ومن المهمات الدعاء عقيب الصلوات الخمس المفروضات بما كانت الزهراء فاطمة سيّدة العالمين تدعو به، فمن ذلك دعائها عقيب فريضة الظّهر وهو:

"سبحان ذي العزّ الشامخ المنيف، سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم، سبحان ذي الملك الفاخر القديم، والحمد لله الّذي بنعمته بلغت ما بلغت به من العلم، والعمل له، والرغبة إليه، والطاعة لأمره، والحمد لله الّذي لم يجعلني جاحداً لشيء من كتابه، ولا متحيّراً في شيء من أمره، والحمد لله الّذي هداني لدينه ولم يجعلني اعبد شيئاً غيره.

اللّهمّ إنّي أسألك قول التوّابين وعملهم، ونجاة المجاهدين وثوابهم، وتصديق المؤمنين وتوكّلهم، والراحة عند الموت، والأمن عند الحساب، واجعل الموت خير غائب انتظره، وخير مطّلع يطلع عليّ، وارزقني عند حضور الموت، وعند نزوله، وفي غمراته، وحين تنزل النفس من بين التراقي، وحين تبلغ الحلقوم، وفي حال خروجي من الدنيا، وتلك الساعة الّتي لا أملك لنفسي فيها ضراً ولا نفعاً ولا شدّة ولا رخاء، روحاً من رحمتك، وحظا من رضوانك، وبشرى من كرامتك قبل أن تتوفى نفسي وتقبض روحي، وتسلّط ملك الموت على اخراج نفسي ببشري منك ـ يا ربّ ـ ليست من أحد غيرك تثلج بها صدري، وتسر بها نفسي، وتقر بها عيني، ويتهلل بها

____________

1 ـ من النمو وهو: الإزدياد.

2 ـ بحار الأنوار 87:338.


الصفحة 332
وجهي ويسفر بها لوني، ويطمئن بها قلبي، ويتباشر بها سائر جسدي، يغبطني بها من حضرني من خلقك ومن سمع بي من عبادك، تهوّن عليّ بها سكرات الموت، وتفرّج عنّي بها كربته وتخفف عنّي بها شدّته، وتكشف عنّي بها سقمه، وتذهب عنّي بها همّه وحسرته، وتعصمني بها أسفه وفتنته، وتجيرني بها من شره وشر ما يحضر أهله، وترزقني بها خيره وخير ما يحضر عنده، وخير ما هو كائن بعده.

ثمّ إذا توفيت نفسي وقبضت روحي، فاجعل روحي في الأرواح الرابحة واجعل نفسي في الأنفس الصالحة، واجعل جسدي في الأجساد المطهّرة، واجعل عملي في الأعمال المتقبّلة.

ثمّ ارزقني في خطتي من الأرض حصّتي، وموضع جنبي حيث يرفت لحمي، ويدفن عظمي، وأترك وحيداً لا حيلة لي، قد لفظتني البلاد، وتخّلى منّي العباد، وافتقرت إلى رحمتك، وأحتجت إلى صالح عملي، وألقى ما مهدت لنفسي وقدمت لآخرتي وعملت في أيام حياتي، فوزاً من رحمتك وضياء من نورك، وتثبيتاً من كرامتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، إنّك تضلّ الظالمين وتفعل ما تشاء.

ثمّ بارك لي في البعث والحساب إذا أنشقت الأرض عنّي وتخلّى العباد منّي، وغشيتني الصيحة، وأفزعتني النفخة، ونشرتني بعد الموت وبعثتني للحساب، فابعث معي يا ربّ نوراً من رحمتك يسعى بين يديّ، وعن يميني، تؤمنّي به وتربط به على قلبي، وتظهر به عذري، وتبيّض به وجهي، وتصدّق بها حديثي، وتفلج به حجّتي، وتبلغني به العروة الوثقى من رحمتك، وتحلّني الدرجة العليا من جنّتك، وترزقني به مرافقة محمّد النبيّ عبدك ورسولك في أعلى الجنّة درجة، وأبلغها

الصفحة 333
فضيلة، أبرّها عطيّة وأوفقها نفسة، مع الّذين أنعمت عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً.

اللّهمّ صلّ على محمّد خاتم النّبيّين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى الملائكة أجمعين وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وعلى أئمّة الهدى أجمعين، آمين ربّ العالمين.

اللّهمّ صلّ على محمّد كما هديتنا به، وصلّ على محمّد كما رحمتنا به، وصلّ على محمّد كما عززتنا به، وصلّ على محمّد كما فضّلتنا به، وصلّ على محمّد كما شرّفتنا به، وصلّ على محمّد كما بصرتنا به، وصلّ على محمّد كما أنقذتنا به من شفا حفرة من النار.

اللّهمّ بيّض وجهه، وأعل كعبه، وأفلج حجّته، وأتمم نوره، وثقّل ميزانه، وعظّم برهانه، وأفسح له حتّى يرضى، وبلّغه الدرجة الوسيلة من الجنّة، وابعثه المقام المحمود الّذي وعدته، وأجعله أفضل النبيّين والمرسلين عندك منزلة ووسيلة، وأقصص بنا أثره، وأسقنا بكأسه، وأوردنا حوضه، واحشرنا في زمرته، وتوفّنا على ملّته وأسلك بنا سبله، واستعملنا بسنّته، غير خزايا ولا نادمين ولا شاكيّن ولا مبدلين.

يا من بابه مفتوح لداعيه، وحجابه مرفوع لراجيه، يا ساتر الأمر القبيح، ومداوي القلب الجريح، لا تفضحني في مشهد القيامة بموبقات الآثام، ولا تعرض بوجهك الكريم عنّي من بين الأنام، يا غاية المضطرّ الفقير، ويا جابر العظم الكسير هب لي موبقات الجرائر، وأعف عنّي فاضحات السرائر، واغسل قلبي من وزر الخطايا، وارزقني حسن الاستعداد لنزول المنايا، يا اكرم الأكرمين ومنتهى امنية السائلين.


الصفحة 334
أنت مولاي فتحت لي باب الدعاء والإنابة، فلا تغلق عنّي باب القبول والإجابة، ونجنّي برحمتك من النار، وبوّئني غرفات الجنان، واجعلني مستمسكاً بالعروة الوثقى، واختم لي بالسعادة وأحيني بالسلامة يا ذاالفضل والكمال والعزّة والجلال، لا تشمت بي عدوّاً ولا حاسداً، ولا تسلّط عليّ سلطاناً عنيداً ولا شيطاناً مريداً برحمتك يا أرحم الراحمين، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم تسليماً"(1).

ومما روى عنها (عليها السلام) دعائها عقيب العصر في فلاح السائل

ومن المهمّات الدعاء عقيب العصر ممّا كانت الزهراء فاطمة سيّدة النساء صلوات الله عليها تدعو به في جملة دعائها للخمس الصلوات وهو:

سبحان من يعلم خواطر القلوب، سبحان من يحصي عدد الذّنوب، سبحان من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السّماء، والحمد لله الّذي لم يجعلني كافراً لأنعمة، ولا جاحداً لفضله، فالخير فيه وهو أهله.

والحمد لله على حجّته البالغة على جميع من خلق ممّن اطاعه وممّن عصاه، فإن رحم فمن منّه، وإن عاقب فبما قدّمت أيديهم وما الله بظلاّم للعبيد.

والحمد لله العليّ المكان والرفيع البنيان، الشديد الأركان العزيز السلطان، العظيم الشأن، الواضح البرهان، الرحيم الرحمان، المنعم المنّان.

الحمد لله الّذي احتجب عن كلّ مخلوق يراه بحقيقة الربوبيّة وقدرة الوحدانيّة، فلم تدركه الأبصار، ولم تحط به الأخبار، ولم يعيّنه مقدار، ولم يتوهمّه اعتبار، لأنّه الملك الجبّار.

____________

1 ـ بحار الأنوار 83:66 عن فلاح السائل: 173 ـ 159 ـ 161، وعنه ناسخ التواريخ: 444.


الصفحة 335
اللّهمّ قدترى مكاني، وتسمع كلامي، وتطّلع على أمري، وتعلم ما في نفسي، وليس يخفى عليك شيء من أمري، وقد سعيت إليك في طلبتي، وطلبت إليك في حاجتي، وتضرّعت إليك في مسألتي وسألتك لفقر وحاجة وذلّه وضيقة وبؤس ومسكنة، وأنت الربّ الجواد بالمغفرة، تجد من تعذّب غيري ولا أجد من يغفر لي غيرك، وأنت غنيّ عن عذابي.

وأنا فقير إلى رحمتك، فأسألك بفقري إليك وغناك عنّي، وبقدرتك عليّ وقلّة امتناعي منك، أن تجعل دعائي هذا دعاءاً وافق منك اجابة، ومجلسي هذا مجلساً وافق منك رحمة، وطلبتي هذه طلبة وافقت منك نجاحاً، وما خفت عسرته من الاُمور فيسّره، وما خفّت عجزه من الأشياء فوسّعه، ومن ارادني بسوء من الخلائق كلّهم فاغلبه به، آمين يا أرحم الراحمين، وهوّن عليّ ما خشيت شدّته، واكشف عنّي ما خشيت كربته، ويسّر لي ما خشيت عسرته آمين ربّ العالمين.

اللّهم انزع العجب والرّياء والكبر والبغي والحسد والضعف والشكّ والوهن والضرّ والأسقام والخذلان والمكر والخديعة والبلية والفساد من سمعي وبصري وجميع جوارحي، وخذ بناصيتي إلى ما تحبّ وترضى يا أرحم الراحمين.

اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، واغفر ذنبي، واستر عورتي، وآمن روعتي، واجبر مصيبتي، واغن فقري، ويسّر حاجتي، واقلني عثرتي، واجمع شملي، واكفني ما اهمّني وما غاب عنّي وما حضرني وما اتخوّفه منك يا ارحم الرّاحمين.

اللّهمّ فوّضت أمري إليك، والجأت ظهري إليك، واسلمت نفسي إليك بما جنيت عليها فزعاً منك وخوفاً وطمعاً، وأنت الكريم الّذي لا يقطع الرجاء، ولا يخيب الدعاء، فأسألك بحقّ إبراهيم خليلك وموسى كليمك، وعيسى روحك،

الصفحة 336
ومحمّد صفيّك ونبيّك صلواتك عليه وآله، ان لا تصرف وجهك الكريم عنّي حتّى تقبل توبتي، وترحم عبرتي وتغفر لي خطيئتي يا أرحم الرّاحمين، ويا أحكم الحاكمين.

اللّهم اجعل ثاري على من ظلمني، وانصرني على من عاداني، اللّهم لا تجعل مصيبتي في ديني، ولا تجعل الدنيا أكبر همّي، ولا مبلغ علمي.

الهي أصلح لي ديني الّذي هو عصمة أمري، واصلح لي دنياي الّتي فيها معاشي، واصلح لي آخرتي الّتي فيما معادي، واجعل الحياة زيادة لي من كلّ خير، واجعل الموت راحة لي من كلّ شرّ.

اللّهمّ إنّك عفّو تحبّ العفو، فاعف عنّي.

اللّهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، والعدل في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا يبيد، وقرّة عين لا ينقطع، فأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك لذّة النظر إلى وجهك.

اللّهمّ إنّي استهديك لإرشاد أمري، واعوذ بك من شرّ نفسي.

اللّهمّ عملت سوء وظلمت نفسي، فاغفر لي، إنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت.

اللّهمّ إنّي أسألك تعجيل عافيتك، وصبراً على بليّتك، وخروجاً من الدنيا إلى رحمتك.

اللّهمّ إنّي اُشهدك واُشهد ملائكتك وحملة عرشك، واُشهد من في السموات ومن في الأرض إنّك أنت الله لا إله إلاّ أنت، وحدك لا شريك لك، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك (صلى الله عليه وآله)، وأسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلاّ أنت بديع السموات والأرض، يا

الصفحة 337
كائناً قبل أن يكون شيء، والمكوّن لكلّ شيء، والكائن بعد ما لا يكون شيء.

اللّهمّ إلى رحمتك رفعت بصري، وإلى جودك بسطت كفّي، ولا تحرمني وأنا أسألك، ولا تعذّبني وأنا استغفرك.

اللّهمّ، فاغفر لي، فإنّك بي عالم، ولا تعذّبني، فإنّك عليّ قادر برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللّهمّ ذا الرحمة الواسعة والصلاة النافعة الرافعة الزاكية صلّ على أكرم خلقك عليك وأحبّهم إليك وأوجههم لديك، محمّد عبدك ورسولك المخصوص بفضائل الوسائل أشرف وأكرم وأرفع وأعظم وأكمل ما صلّيت على مبلّغ عنك، ومؤتمن على وحيك.

اللّهمّ كما سددت به العمى وفتحت به الهدى، فاجعل مناهج سبله لنا سننا، وحجج برهانه لنا سببا نأتمّ به إلى القدوم عليك.

اللّهمّ لك الحمد ملء السموات السبع، وملء طباقهنّ، وملء الأرض السبع، وملء ما بينهما وملء عرش ربّنا الكريم، وميزان ربّنا الغفّار، ومداد كلمات ربّنا القهّار، وملء الجنّة وملء النار، وعدد الثرى والماء وعدد ما يرى وما لا يرى.

اللّهمّ واجعل صلواتك وبركاتك ومنّك ومغفرتك ورحمتك ورضوانك وفضلك وسلامتك وذكرك ونورك وشرفك ونعمتك وخيرتك على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت وباركت وترحمت على ابراهيم وآل ابراهيم إنّك حميد مجيد.

اللّهمّ اعط محمّداً الوسيلة العظمى وكريم جزائك في العقبى حتّى تشرفه يوم القيامة يا إله الهدى.

اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد وعلى جميع ملائكتك ورسلك،