بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة {1} الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي عرفنا حججه على خلقه، وسفراءه في بلاده، وسائر أوليائه في أرضه، وأمرنا باتِباعهم والاهتداء بهديهم كما قال عز من قائل: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [آل عمران/ 32]. وقال تعالى حاكياً على لسان أهل الجنة: "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " [الأعراف/ 44]. وصلى الله على خير خلقه وسيد رسله وخاتم أنبيائه وعلى أهل بيته الأطهار المفضلين بعده بكل ما للفضل من معنى، ولا سيما بضعته فاطمة الزهراء المفضلة على سائر النساء صلوات الله عليهم أجمعين.
{2} نعم. فاطمة وما أدراك ما فاطمة. فاطمة التي عرفها لنا أبوها الصادق الأمين الذي هو أعرف الناس بالله والناس بقولهi المتواتر: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. وقوله الشهير: فاطمة سيدة نساء العالمين. ومعنى هذا وذاك أنها نابغة النساء كّلهن من الأولين والآخرين من أهل عالمي الدنيا والآخرة أي ما خلق الله في الدارين أفضل منها. ولا غرابة في ذلك إذ ليس على الله بمستنكر إن يجمع العالم في واحد وهذه الحقيقة الناصعة بتفضيلها المطلق قد أوضحناها تمام الإيضاح بأدلتها في هذه الدراسة التي بين يدي القارئ الكريم.
{3} وهي دراسة موضوعية موسعة في المفضلين والمفضلات من الرجال والنساء على ضوء الأدلة الأربعة كتاباً وسنة وإجماعاً وعقلاً، وتتضمن تراجم ضافية للمفضلات من النساء بالخصوص لأن الكتاب مخصص لهن، كما تتضمن التحقيق والتدقيق من جوانب شتى، ومن أسانيد ومتون ورواية ودراية. وتشتمل (بنفس الوقت) على فوائد جمة ومعطيات مهمة خاصة وعامة لا يستغنى عنها. وقد فصلناها إلى أربعة فصول راجع فهرستها إذا شئت. نسأل الله نشرها والاستفادة منها للجميع إنه سميع مجيب. وهذه الدراسة قد قمنا بتأليفها في مسودة قبل أكثر من عشرين سنة في وقت كان من نيتنا أن نقوم بتأليف موسوعة كبرى في فاطمة الزهراء بأجزاء متعددة بهذه العناوين. ج1 فاطمة والمفضلات من النساء (وهو هذا الكتاب) ج2 فاطمة والآيات النازلة فيها وفي أبيها وبعلها وبنيها. ج3 فاطمة وأسماؤها عند الله تعالى، وج4 فاطمة وخطبها ومحاجاتها، ومواد هذه العناوين كلها (تقريباً) مهيأة ولكنها بعد غير منظمة، وبعد إكمال المسودة الأولى انشغلت بتأليف مواضيع أخرى ولذلك وغير ذلك أرجأت تنظيم الموسوعة إلى وقت آخر. ولا نزال في نيتنا تنظيم هذه الموسوعة الكبرى بأجزائها الأربعة. والأشياء مرهونة بأوقاتها. وما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن. وجاء في الدعاء: "ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور" نسأله تعالى أن يوفقنا وجميع المؤمنين إلى ما فيه الصلاح والإصلاح وإلى ما يحب ويرضى. "وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب" [هود/ 89].
عبد اللطيف البغدادي 3/7/1410هـ |