فهرس الكتاب

مكتبة فاطمة الزهراء

 

العبّاسُ يُحاولُ عيَادَةِ السَيّدة فَاطمَة

اشتد المرض بسيدة نساء العالمين، وثقلت، فجاءها العباس بن عبد المطلب عائداً، فقيل له، إنها ثقيلة، وليس يدخل عليها أحد، فانصرف إلى داره وأرسل إلى علي (عليه السلام) فقال لرسوله: قل له: يا ابن أخ! عمُّك يقرئك السلام ويقول لك: لله قد فاجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقرة عينه وعيني فاطمة ما هدّني، وإني لأظنها أولنا لحوقاً برسول الله (صلّى الله عليه وآله) يختار لها ويحبوها ويزلفها لربه.

فإن كان من أمرها ما لا بدَّ منه فاجمع - أنا لك الفداء - المهاجرين والأنصار حتى يصيبوا الأجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للدين.

فقال علي (عليه السلام) لرسوله: أبلغ عمي السلام وقل: لا عدمتُ إشفاقك وتحيتك، وقد عرفت مشورتك، ولرأيك فضله، إن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تزل مظلومة، من حقها ممنوعة، وعن ميراثها مدفوعة، ولم تُحفظ فيها وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا رُعي فيها حقه ولا حق الله عز وجل، وكفى بالله حاكماً ومن الظالمين منتقماً وأنا أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به، فإنها وصّتني بستر أمرها.

فلما بلّغ الرسول كلام علي إلى العباس قال: يغفر الله لابن أخي فإنه لمغفور له، إنَّ رأْي ابن أخي لا يُطعن فيه، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلاَّ النبي (صلى الله عليه وآله) إن علياً لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة، وأعلمهم بكل فضيلة، وأشجعهم في الكريهة، وأشدَّهم جهاداً للأعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن بالله ورسوله(1).

كانت السيدة فاطمة الزهراء في ذلك اليوم، اليوم الأخير من حياتها طريحة على فراشها المتواضع، وقد أخذ الهزال منها كل مأخذ، وما بقي منها سوى الهيكل العظمي فقط.

نامت السيدة فاطمة في ساعة من ساعات ذلك اليوم، وإذا بها ترى أباها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام، ولعل تلك المرَّة هي الأُولى والأخيرة التي رأت أباها الرسول في المنام.

رأت أباها في قصر من الدر الأبيض، فلما رآها قال (صلى الله عليه وآله): هلمِّي إليَّ يا بُنَيَّة، فإنِّي إليكِ مشتاق!! فقالت: والله إني لأشد شوقاً منك إلى لقائك.

فقال لها: أنت الليلة عندي!!

 

1 - العاشر من بحار الأنوار عن أمالي الشيخ.