`` شعر

يا باب فاطم لا طُرقتَ بخيفة

الشيخ محمّد حسن آل سميسم


مّن مبلّــع عنّـي الزمـان عتـابـاً*ومُقــرّع منّـي لــه أبــوابــا
يا ويـح دهـري راح ينـزع للأسـى*من بعـد ما ذقـتُ النعيـم شـرابـا
دهــرٌ تعامـى عـن هُــداه كأنّـه*أصحـاب أحمـد أشركوا مُـذ غابـا
نكصــوا علـى الأعقاب بعد مماتـه*سيـرون فـي هـذا النكـوص عقابا
يا بــاب فاطـم لا طُرقـت بخيفـةٍ*ويدُ الهــدى سدلـت عليـه حجابـا
أوَلـسـت أنـت بكـل آنٍ مهـبـط*الأمـلاك فيــك تقبَّـل الأعتـابـا
أوْهاً عليـك فمـا استطعـت تصدَّهـم*لما أتـوك بنـو الضـلال غضابـا
نفســي فـداك أمـا علمـتَ بفاطـمٍ*وقفـت وراك تـوبّـخ الأصحـابـا
أوَ ما رقـقـتَ لضلعـهــا لما انحنـى كســراً وعنه تزجـر الخطّـابــا
أوَ مـا درى المسمـار حيـن أصابها*مـن قبلهـا قلـب النبـي أصابــا
عتبي علـى الأعتـاب فيهـا محسـن*مُلقـىً ومـا انهالـت عليـه ترابـا


( 13 )

حتـى تواريـه لأن لا تسـتحـق الـ*أقـدام منـه أضـلعـاً واهـابـــا
هـو أوّل الشـهـداء بعـد محـمّـدٍ*ويرى المصاب على الصواب صوابـا
ما اسطـاع يدفـع عـن أبيـه واُمّـه*فمضـى لأحمـدَ يشتكـي الأصحابـا
لمـا عــدوا للبـيـت عـدوةَ آمـنٍ*من ليـث غابٍ حيـن داسـوا الغابـا
لـو ينظرون ذُبـاب صـارم حيـدر*لـرأيتـهـم يتطـايـرون ذُبـابــا
لكنّهـم علِـمـوا الوصـيـة أنّهــا*صارت لصارمــه الصقيـل قِرابـا
فهناك قـد جعلـوا النّجاد بعُنـق مَـن*مدّوا لـه يـوم « الغـديـر » رِقابـا
سحبـوه والـزهراء تعــدو خلفــه*والدمــع أجرتـه عليـه سحـابـا
فدعتْهـم خلّـوا ابـن عمـي حيـدرٍ*أو أكشفـنَّ إلــى الدعـاء نِقابــا
حـاربـتـم البــاري وآل نبـيّــه*وعـصيتُـم الأعــواد والمحرابــا
ونكـثتـُـم كثمـود ، هـذا صـالـحٌ*لِـمَ تسحبــون الصالـح الأوّابــا
رجعـوا إليـهـا بالسـيـاط ليُخمـدوا*نــور النّبــي الساطـع الثـقّابـا
فتهـافـتـوا مثـل الفـراش ونـوره*قـد صار دونهـم لهــا جلبـابــا

رمتها سهام الدهر
الشيخ حبيب شعبان


سقاك الحيـال الهطّال يا معهـد الألــف*ويا جنّـة الفردوس دانيـــة القطـــفِ
أيـا منـزل الأحبـــاب ما لكَ موحشـاً*بزهوتــك الأريـاح أودت بما تسفـــي
تعـفّـيــت يا ربــع الأحبّـة بعدهـم*فذكّرتنـي قبــر البـتـولة إذ عفّـــي
رمتهــا سهــام الدهـر وهي صوائـب*بشجوٍ إلى ان جـرَّعت غصص الحتــف
شجـاها فـراق المصطفـى واهتضامهـا*لدى كـلّ رجـس من صحابتــه جلــف
لقـد بالغـوا فـي هضـمهـا وتحالفــوا*عليها وخانوا الله فــي محـكم الصحــف


( 14 )

فآبـت وزنـد الغيـظ يقـدح فـي الحشــا*تعثَّـرُ بالأذيــال مثـنـية العـطـــف
وجاءت إلـى الكــرار تشكـو اهتضامهـا*ومدّت إليـه الطـرف خاشعة الطـــرف
أبـا حسـن يـا راســخ الحلـم والحـجـا*إذا فــرّت الأبطـال رعبـاً من الزحف
ويـا واحـداً أفنـى الجمــوع ولـم يـزل*بصيحته في الـروع يأتـي علـى الألف
أراك ترانــي وابـن تـيـم وصـحبــه*يسومونني ما لا أطيـق مــن الخسـف
ويلطــم عينـي نصـب عينيـك ناصـبُ*العــداوة لي بالضرب منّـيَ يستشـفـي
فتـغضــي ولا تنـضـي حسامـك آخـذاً*بحقـيّ ومنـه اليـوم قـد صفـرت كفّي
لِمَـن اشتـكـي إلاّ إليــك ومَــن بــه*ألوذُ وهـل لـي بعـد بيتـك مـن كهف
وقد أضرمــوا النيـران فيـه واسقطــوا*جنينــي فواويـلاه منـهم ويــا لهفي
ومــا برحـت مهـضـومـة ذات علّــة*تـؤرقهـا البلـوى وظـالمـهـا مُغـفي
إلى ان قضـت مكسـورة الضلـع مسقَطــاً*جنـينٌ لهـا بـالضـرب مسـودّة الكتف


المناقب الغر
الشيخ حبيب شعبان


هي الغيد تسقــى من لواحظها خمـرا*لذلك لا تنفـك عشـاقهــا سكــرى
واصـفـي ودادي للـديـار وأهلـهـا*فيسـلو فـؤادي ودّ فاطمــة الزهرا
وقـد فرض الرحمـان في الذكر ودّهـا*وللمصطفـى كانـت مودتـهـا أجرا
وزوّجهـا فـوق السمـا مـن أميـنـه*علـيٍ فزادت فوق مفخـرهـا فخـرا
وكـان شهود العقـد سكّـان عـرشـه*وكـان جنان الخلد منـه لهـا مهــرا
فـلـم تـرض إلاّ ان يشفّعهـا بمَــن*تحب فأعطاها الشفاعة فـي الأخـرى
حبيبـة خيـر الرسـل ما بيـن أهلـه*يقبّلهـا شوقـاً ويـوسعـهـا بشـرا
ومهمـا لريـح الجنـة اشتـاق شمّهـا*فينشق منهـا ذلك العطـر والبشــرا


( 15 )

إذا هـي في المحراب قامـت فنورهـا*بزهرته يحكي لأهـل السمـا الزهـرا
وانسيــة حـوراء فالحــورُ كلّـهـا*وصائـفهـا يعـددن خدمتهـا فخـرا
وان نسـاء العـالمـيـن إمــاءَ‌هــا*بهـا شرفت منهـنّ مـن شرفت قدرا
فلـم يكُ لولاهـا نصيبٌ مــن العـلا*لاُنثـى ولا كانـت خديجـة بالكبـرى
لقـد خصّهـا البـاري بغـرّ منـاقـبٍ*تجلّت وجلّـت ان نطيق لهـا حصـرا
وكيف تحيط اللسن وصفـاً بكنـهِ مـن*أحاطت بمـا يأتي وما قد مضى خبـرا
وما خفيـت فضـلاً علـى كـل مسلـمٍ*فياليت شعـري كيـف قد خفيت قبـرا
ومـا شيّع الأصحـاب سامـي نعشهـا*وما ضرّهم ان يغنموا الفضل والأجـرا
لهـا الله مـن مظلومـة كـم ظـلامـة*لديـك لهـا لا تستطيع لهـا حصـرا
وافـجـع مـا قاسـتـه منـك وكلهـا*فجائـع ان ارقيت صـدر ابنها شمـرا


النجم المشرق
الدكتور محمد اقبال اللاهوري


نســب المسيـح بنـى لمريـم سيــرةً*بقيـت علـى طول المـدى ذكراهـا
والنجــم يشـرق مـن ثـلاث مطالــع*فـي مهـد فاطمـة فمـا أعـلاهـا
هي بنت مَن ، هي زوج مّن ، هي اُم مّن ؟*مّن ذا يدانـي فـي الفخـار أباهــا
هي ومضـة مـن نـور عيـن المصطفى*هـادي الشعـوب إذا تـروم هداهـا
هـي رحمة للعالـميـن وكعـبـة الآمـال*فـي الـدنـيـا وفـي اُخـراهــا
مّـن أيـقـظ الفـطـر النـيـام بروحـه*وكأنّـه بعــد البـلـى أحـيـاهـا
وأعــاد تـاريـخ الحـيـاة جـديــدة*مثل العرائس في جـديـد حـلاهـا
ولـزوج فاطـمـة بسـورة هـل أتــى*تاجٌ يفـوق الشمـس عنـد ضحاهـا


( 16 )

ما بال عينيك
السيد مهدي الأعرجي


مـا بـال عينيـك دمـاً تنسـكـب*ونـار أحشـــاك اســى تلتـهــبُ
يــوم قضـى فيـه النبـي نحـبه*فضلَّت الدنيــــا لـــه تنـتحــبُ
وانقـلب الناس علـى أعقابـهــم*ولـن يضــــرّ الله مّــن ينقـلـبُ
وأقبلـوا إلـى ( البتـول ) عنــوة*وحـول دارهـــا أُديــر الحطــبُ
فاستـقبـلتهـم ( فاطـم ) وظنّـهـا*إن كلّمتـهـم رجعـــوا وانقلـبــوا
حتى إذا خلت عـن البـاب وقــد*لاذت وراهــا منـهــمّ تحتـجــبُ
فكسّـروا أضلاعهـا واغتـصبـوا*ميراثـهـا وللشـهـــور كـذّبـــوا
وأخرجوا ( الكـرار ) من منزلــه*وهـو بـبـند سيـفـــه مـلبـــبُ
يصيـح أين اليوم منّي ( حمــزة )*ينصرنـي و( جعـفــر ) فيغـضــبُ
وخلفهـم ( فاطمـة ) تعـثـر فـي*أذيالـهــا وقـلبـهــا منـشـعــبُ
تصيـح خلّوا عن ( علـي ) قبـل أن*أدعـو وفيكم أرضكـم تـنـقـلــبُ
فأقـبــل العـبد لهـا يضربـهـا*بالسـوط وهي بالنـبـيّ تـنــــدبُ
يـا والـدي هـذا ( علــي ) بعـد*عينيـك علـى اغـتصابــه تـألّبـوا
واعتـزلـوا جانـبـاً وأمّــــروا ضئـيــل تـيـم بـعـــده ونصّـبــوا
تجاهلــوا مقـامـه وهـــو الـذي*بسيفه في الحــرب قُدّ ( مرحــبُ )
ولـو ترانــي والعــدى تحالفـــوا*علـيّ لمّـا غيّـبــتـك التـــربُ
وجرّعـونــي صحبـك الصـاب وقـد*تراكمـت منهـم علـــيّ الكــربُ
ولـم تزل تجــرع منهـم غصصــاً*تنـدكّ منها الراسيـــات الهضــبُ
حتى قضـت بحســرة مهـضومــة*حقـوقهـا وفيـئهــا مسـتــلـبُ
وأخـرج الكـرار ليــلاً نعـشـهــا*و ( زينـب ) خلفهـــم تنـتحــبُ


( 17 )

من الأنوار القدسية
الشيخ محمد حسين الاصفهاني


جوهرةُ القـدس مـن الكنـز الخـفـي*بـدت فابــدت عاليـات الأحــرفِ
وقـد تجلّـى مـن سمـاء العظـمــه*مـن عالــم الأسماء اسمـى كَلِمَـهْ
بـل هـي اُمّ الكلـمات المـحـكمــه*فـي غيــب ذاتهـا نكـات مبهـمه
اُمّ الائـمـة العـقـول الغـرَّ بـــلْ*اُمّ أبيـهــا وهـو علــة العــللْ
روح النـبيّ فـي عظـيم المنـزلــةْ*وفي الكفـاء كفـو من لا كفــوَ لـهْ
هـي البـتـول الطـهـر والعــذراء*كمــريــم الطهـر ولا ســـواء
فــانّهــا ســيــدة النـســـاء*ومريـم الكبـــرى بـلا خفـــاء
وحبـهـا مـن الصفــات العاليــة*عليــه دارت القـــرون الخالـيـة
تبتّـلـت عــن دنــس الطبـيعـة*فيــا لهـا مـن رتـبـةٍ رفيـعــة
فـي اُفـق المجــد هـي الزهــراء*للشمـس مـن زهرتـهـا الضيــاء
بـل هــي نــورُ عالــم الأنـوارِ*ومطلـع الشـمــوس والاقـمــارِ
رضيـعـة الوحــي مـن الجلـيـل*حليفـــة المحـكــم والتنـزيــل
مفـطـومــة مــن زلل الأهــواء*معصومة عـن وصـمة الأخـطــاء
زكيــة مــن وصــمـة القيــود*فهــي غنـيـة مــن الحـــدود
يـــا قبلــة الأرواح والعـقــول*وكعبـــة الشهــود والـوصــول
لهـفـي لهـا لقــد اُضيـع قـدرُهـا*حتــى توارى بالحـجـاب بــدرها
تجرّعـت مـن غصــص الزمــان*مـا جـاوز الحـدَّ مــن البــيـانِ
إنّ حديــث البـــاب ذو شجــون*مـمّـا جنت بــه يـــد الخــؤنِ
أيضــرم النــار ببــاب دارهــا*وآيـة النـــور علـى منـارِهـا
وبـابـهـا بـاب نبـــي الرحمــة*وبـاب أبـواب نجــــاة الاُمّــة
بـل بابهـا بـاب العلــيّ الأعلــى*فثـم وجــه الله قــد تـجـلّــى
ما اكتسبـوا بالنـار غيــر العــار*ومـن ورائــه عـــذاب النــار


( 18 )

ما أجهـل القـوم فــانّ النــار لا*تطفـيء نـور الله جـلَّ وعــلا
لكـنّ كسـر الضلـع ليـس ينجبـرْ*إلاّ بصـمصام عـزيـزٍ مقـتـدر
إذ رضّ تـلك الأضلــع الزكـيـة*رزيــة لا مثـلهــا رزيـــهْ
ومــن نبـوع الـدم مـن ثديـيـها*يعـرف عُظـم ما جـرى عليهـا
وجــاوزوا الحـدّ بلطــمِ الخــدَّ*شُلّت يـد الطغـيـان والتعــدي
فأجـرت العـين وعيـنُ المعــرفة*تذرفُ بالدمع علـى تـلك الصفـة
ولا يزيـلُ حمـرة العـينِ ســوى*بيضُ السيوف يـومَ يُنشرُ اللـوى
ومـن سـواد متـنها اسـودّ الفـضا*يـا ساعـدَ الله الإمـام المرتضـى
ووكـز نعـل السيـف فـي جنبـيها*أتـى بكـلّ مــا أتـى عليـهـا
ولســتُ أدري خبــر المسـمـار*سلْ صـدرها خُـزانـة الأسـرار
وفـي جنيـن المجد ما يُدمي الحشـا*وهـل لهـم إخفـاء أمرٍ قد فشـى
والبــابُ والجــدار والدمـــاءُ*شهـود صـدقٍ مـا بــه خفـاءُ
لقد جنـى الجانـي علـى جنينهــا*فانـدكّت الجـبال مـن حنـينهـا
أهكــذا يُصـنـع بابـنـة النبـي*حرصـاً على المُـلك فيـا للعجب
أتُـمنـع المكـروبـةُ المقـروحـة*عـن البكـا خوفـاً من الفضيـحة
تـاللهِ ينـبغي لهـا تـبكـي دمــا*مـا دامـت الأرض ودارتِ السمـا
لفـقـد عـزَّهـا أبيـها السامــي*ولا هتـضـامـهـا وذلَّ الحــام