في مولد الزهراء
الاستاذ محمود مهدي


تجلّـت شمــس هـدي في ضحاهـا*وأشرقــت المعالــم مـن سنـاهــا
وفـي دلـج السُّـرى الحـادي تغـنى*بمولـدها ، وفيــهـا الكـون باهــى
فــلا تحــف السـؤال خــلاك ذمٌ*عـن الشمـس التـي الحـادي عناهــا
وشعشـع نـورها فـي كـلّ منحــىً*وطـوّق فسحــة الدنيــا صداهـــا
* * *
هـي الريحانـة الـذاكـي شـــذاها*لسـر الطهـر مـولاهـا اصطـفاهــا
هي الكنـز المصـون لكـلّ جيـــلٍ*مــن الإعجــاز باريـنـــا براهـا
هـي المشـكـاة مشكـاة الــدراري*هــي القديسـة السامـي علاهـــا
هي الفحــوى لقامــوس المعــالي*هي الزهــرا البتــول فتــاة طــه
وأيــــم الله لا تعطــى صفــات*كهــذي مـن بنـي الدنيــا سواهــا
يضيق الوصف عـن حصـر المعانـي*التــي فيهــا مكــوّنهـا حباهـــا
فمــن حــقّ المعالـي ان تباهــى*ببنـت كـــان هاديـنـا أباهــــا


( 56 )

وقفتُ وفي حلقي شجىً

السيد مدين الموسوي


وقفـتُ علـى قبـر النبـي وأعيُـنـي*تكـاد بـأن تأتـي عليهــا دموعُـهـا
وارخيـتُ أجفـانـي لتسكُـبَ عبــرةً*تفجَّـر مـن أرض العـراق نقـيعــها
بكيــتُ بهــا حــزنـاً لآل محمّـدٍ*وقـد راعني فـي كلّ أرض مضيـعُهـا
لمـاذا عفـت منهـم قبـور وغيرهــم*تـلألأُ نــوراً بالنـعيــم شموُعهــا
لماذا خَبَـتْ منهــم شمـوس وغُيّـبتْ*بـدورٌ مـع القـرآن كــان طلوعهـا
وقفـتُ وفـي حلقــي شجىً يستفزّني*وقـد هُدَّ مـن تلك العمــاد رفيعـهـا
اُسائلهــا الزهـراء كيـف تهشّـمـتْ*عشية خلـف البـاب عمـداً ضلوعهـا
اُسائـل عـن نــارٍ ببابـك لـم تـزَل*تُحـرّق أكبــاداً تضـرّى صديعـهـا
اُسائل عن أرضٍ وقـد ضـمَّ تُرابُــها*طهـارة اجـداثٍ عبيــراً تضـوعهـا
فمـا راعنــي إلاّ صدىً جاوبَ الصدى*وقـد صُـمَّ مـن تلك القلـوب سميعهـا
هـي الآن قاعـاً صفصـفـاً غيـر أنّها*تُحشّـدُ أمـلاك السمــاء ربـوعهــا
ســلاماً أبـا الزهــراء إنّ عصابـة*توالـت علـى إيـذاك ســاء صنيعـها
وأنّ يـداً اعـفـتْ قبــوراً بطيـبَـةٍ*وباسمــك بعــد الله زال خنـوعهـا
لهـا مـن اكـفّ سالفــات وراثــة*غداة أحاطـت بالحسيــن جمـوعهــا
وأنَّ اَكُـفّــاً اضرمـت بـاب حيـدرٍ*بنــارٍ وللــزهراء راحـت تروعهـا
هي الآن تمري الضرع سُمـَّاً تدوفــه*فتقـطـر مـن حقـد علينــا ضروعها
تبادلنــا كأسـاً بكــأسٍ نقيـعـــةٍ*فنسكــرها حُبّــاً ويطغـى نقيـعهـا
لقـد رويـت منّـا دمــاءً ولـم يـزل*يُطــارد أشــلاء الملاييـن جوعهـا
وقـد قطعـت منّـا رؤوسـاً كريمــةً*وقــد اضرمـت نـاراً ترامـى وسيعها
فمنّــا بكوفــان اُبيـحـت حرائــرٌ*وبغـدادُ ما زالـت تسيـل صدوعـهـا
وفي كربــلا حيث الزمان تفـصّمـتْ*عـراه وقـد جلّـى السمـاء صديـعهـا
وفـي أرض فــخًّ لا تـزال جماجـم*معـلّقــة مالـت عليـهـا جَـذوعهـا


( 57 )

وقد حسبَتْ انّــا إذا السيـف حُكّـمَتْ*قواعــده فينـا تطــول قطوعهـــا
وقـد حسبَـتْ انّــا غـاب بعضـنـا*واخلى لها دربــاً يســود جميعهـــا
وما علِمَـتْ انّــا بقـيّـة صرخــة*تـردّد فـي صُـمِّ الزمــان رجيعـهـا
وانّــا غــراس ثابتـات بأصلهــا*وقـد ناطحـت هــام السمـاء فروعها
عـزاءً أبــا الزهـراء لسـتُ معـزّياً*ســواك بمَـن يـوم الحسـاب شفيعهـا
بامّــة ظلـم اجمـعـتْ فيـك رأيهـا*وعنــك تخلّـى جلفهــا وقطـيعهــا
وطـال بوجـه الله عمْــداً وقوفهــا*وفـي حضـرة الشيطـان دام ركوعهـا
غــداة أزاحـت عـن علاهـا عليّهـا*ورُفِّـع من جهـلٍ عليهــا وضيعهــا
وراحـت تكافيـك الصنيــع فتــارة*بنــار واُخــرى سُـمُّها ونقـيعهــا
وفـي كــربلا لـم تُبـق منـك بقيّـةً*ليفـنـى عليهــا شيخنــا ورضيعهـا
واخــرى وقــد لاحـت لآلك قبَّــةٌ*يُلامِــس أبـراج المســاء سطوعهـا
عفَتهـــا لتعفــي نـورها وسمـوَّها*وقـد خـاب ، إلاّ تطــولَ ، صنيعهـا
عـزاءً أبا الزهــراء في كـل بقعـةٍ*تســاوى عليهــا طفُّهــا وبقـيعـها


سيدة النساء

السيد مدين الموسوي

ارى على بوابة السماءْ
ملائكاً تهبط للأرض على حياءْ
تلامس التراب في حفيفها وتفرش الضياء
أسمع في موكبها همهمة الوحي وصوتاً يشبه البكاءْ
فتعتريني رعشة الخشوعْ
ويخفق القلب فما تكاد أن تمسكه الضلوعْ
أغرق في دوامة الدموعْ


( 58 )

وأقرأ الأشياءْ
أقرؤها بلا حروف أو نقاط تكشف الأسماءْ
أقرأ في القلب وفي العيون في ارتعاشة الدماءْ
نوراً به تحتفل الأرض ، فتنجابُ له السماءْ
أقرؤها فاطمة الزهراءْ ، فاطمة الزهراءْ
أطهرُ مَن يمشي على الأرض ، ومَن يمرُّ في الأجيالْ
أكرمُ مَن تحمد في خصالها الخصالْ
أعظم مَن يعظمُ في تعظيمه الكمالْ
أفضل مَن تحمل في ظهورها الرجالْ
سيدة النساءْ
بوابة الجنة يوم يوضع الميزان للجزاءْ
ربيبةُ العصمة والجمالْ
حليلة الإمامْ
شريكة الهمّ الذي ناءت به الجبالْ
كريمة الكرامْ
فلتفخر النساءْ.. بأن فيها أصبحت فاطمة الزهراءْ
ولتفخر الرسلْ.. والبيت والدعاءْ
لمّا تطوف حوله فاطمة الزهراءْ
وليفخر المقدسُ والإسراء.. لما ترى أنواره فاطمة الزهراءْ
وليفخر الكون الذي يضاءْ.. بطلعة الزهراء ،
فإن فيها رحمة السماءْ
تاب بها آدمُ من عصيانه
وكفّرت سوأتها حواءْ


( 59 )

نهج الكوثرية
الشيخ محمّد حسين الانصاري


يا أوّل نـــــور قــد صــــوّرْ*وبــه كـــلّ نبـــيّ بشّـــــرْ
إنّــــا أعطـينــاك الزهــــرا*إنّــا أعطـينــاك الكــوثــــر
أبـنــــاءُ الزهـــراء نجـــومٌ*إذ قيــل لشـانئـــك الابتـــــر
فهـــم أوّل مَـــن قــد صلّــى*أوّل مــن هــلل أو كبّـــــــر
الجنّــة أكبـــر مــن وصـــف*وفواكههـــا حُسنـــاً أكبـــــر
والـزهــرا فـاكـهـــة منـهـــا*ولــذا فيهــا سحـــر يؤثــــر
والشعــر عــلا بمـدائـحـهـــا*لا يُــذكــر شـــيءٌ إن تُــذكَـر
أنـــوار مدائحــهــا تطـغـــى*حتـى فـي الصبـــح إذا أسفــــر
وعبـيـــر مدائحهــــا يذكـــو*حتـى فـي المســـك أو العنبــــر
ورقــيــق مدائحـــها حــــرٌّ*لسواهـــا بالمـــلك فـــلا قــر
وجمـــال مدائحهــــا يبــــدو*كجمــال الـــروض إذا أزهــــر
كــالـــورد الأحمــر إذ يـبــدو*يجلــس فـي محــراب أخضـــر
وإذا مـا شئــتَ لـــها وصفـــاً*فـالنـــور لــها أقــرب مصـدر
ولــذا فـي المحـشــر لا تبـــدو*حتـى بالغــضّ لنــا يــؤمَـــر
فسنـــا بــرق الزهــرا سحــرٌ*يخـطَــفُ ألبـــاب ذوي المحشــر
ويكــاد سنــا بــرق الزهــــرا*يذهــب بالأبـصـــار إذا مــــر
وربـيــع مدائحـــهــا فيــضٌ*مـن جنبــات العـــرش تحـــدّر
وبــه أرض الشعــــر ستــنمـو*وسمـــاوات الشعــر ستـكـبـــر
وتكــاد سمـــاوات الشعــــراء*بمـــدح الزهــــرا تتـفطَّــــر
الزهــــرا مشكـــاة فيـهــــا*مصبــاح يــا حُســن المنـظــر
والمصبــــاح إذا مـــا يـبــدو*فـي نـــور زجاجـتــه مُـغمَــر
دريٌّ كــوكــبهــا يعــلــــو*وبـــه نــــور الله تـكــــوّر


( 60 )

يوقَـد مــن زيتـــونــة خيــرٍ*ولـــه الله لهــــذا استــأثـــر
ويكـــاد الزيــت يضــيءُ ولــو*لــم تمسـســهُ النـــار فيــؤمَر
نــور فـي نـــورِ يتــجـلّــى*سبـحــــان الله إذا صــــــوَّر
قـد قــال لـــها الهــادي قــولاً*حسبــي هــذا وبـــه أفخــــر
البــاري يرضـــى لـرضـاهــا*وبــذا حتــى الشانــىء قــد قـر
ويُكــنّيــهــا اُم أبــيهـــــا*وتُـخَـــصّ بــآيـــاتٍ أكثـــر
ويُـقـبِّــل حبّــاً إكـــرامـــاً*يدَهــا والأمـــر هنـــا أبهـــر
فــالهــادي لا ينطــق هجـــراً*لا يفـعــل إلاّ مــــا يــؤمَــر


قطوف طوبى
السيد مسلم فاخر الجابري


النــور فاض بمكـــةٍ فأضـاءَ‌هــا*فلتـنسـج البطحـــاء منـه رداءَ‌هــا
والكعبــة الغــراء يغســل وجههـا*بالعطــر ما ساقــى الهــوى بطحاء‌ها
قمــر السمــاء أطــلّ من عليائـه*وهفــا إليهــا لاثمــاً عليــاءهــا
مـا كـوكــبٌ إلاّ وأوجــع قلبـــه*شــوق يهـدهــد بالجـوى حصباءهـا
وتهافـتـت زهــر النجـوم برملهــا*فاختــار قلـب محمّــد زهــراءهـا
يـا كـعبــة الله اهتـفــي وتعطّـفي*حتى يـزور العطــر منـكِ فنـاءهــا
وتبـرّجـي فرحـاً بزهــرة دوحــةٍ*باهـت بهــا أرض الحجـاز سمــاءها
أقسمـتُ لــو مّـدتْ عليــه غصونها*لكسـت بـوارف ظلهــا صحـراءهــا
ولســان واديهــا يــروّى عذبــه*دنيــا تساقــى الظامئيـن رواءهـــا
والليـــل هــل يـدري سيخلع لونه*للنــور لـو لاقــى هنـاك ذُكاءهــا
هـذي الحجــارة فـي شوامـخ مكـةٍ*خشعت وشاطــرت السمـاء نعماءهــا
ولو أنّها استطـاعت تــذوب محبــةً*لسعـتْ يغيّـر شوقهــا أسماءهــــا


( 61 )

نامـت قريـش عـن تملمــل ليلــةٍ*نصبت على الحــرم المنيـع خباءهــا
وتغافلـت مضـرٌ عـن الاُفــق الـذي*غطّـى بخضـــرة موجـه حمـراءهـا
لتـزِفّ قافــلـة تطامـن خطـوهــا*فســرتْ وردّدتِ الجبـال صـداءهــا
الأعيـن الحيـرى يصــارع يأسهــا*حلــمٌ ألـــمّ ليستـردّ رجــاءهــا
فـي جنــةٍ غنّــاء تمنــح ظلهــا*للظامئين علـى الطريــق ومــاءهــا
لله بضعــةُ أحمــدٍ مـن نــــوره*لمعـت فأهـــدى أفـقــه لألاءهــا
وافتـكَ تختـرق القــرون كنـجمــةٍ*تنـأى فتهــدي للعيــون ضيـاءهــا
مهما ترامى الاُفـق حــول وميضهــا*عبـرتْــه تطـرد بالسنــا ظلماءهــا
مـرت بطوبــى فاستـفـزّ حنينهــا*ظــلّ يرافــق فـي النعيـم بهاءهــا
وتوسّمـت فـي موكـب عبـرت بــه*كفّــاً لطاهــا زهوهــا وعطاءهــا
بالأمـس أخلــد ركبـه فـي ظلهــا*ومضى يخوض من الجنــان قضاءهــا
نالــت يــداه فاثـقلتــه ثمارهــا*ومشت خطــاه فزيّـنـت خضراءهــا
ودنـت خديجــة تستـظـل بكـوثـرٍ*من رحمــةٍ تزجــي إليـه صفاءهــا
فـي ليلــة غــرّاء لـو مـدتْ يـداً*نحــو النجـوم تنـاولــت زرقاءهــا
يسـري ابـن عبـدالله فـي ملكوتهــا*فتـرى بمجــرى روحــه إسراءهــا
مـا غـاب همــسُ محمّـدٍ عن سمعها*يصغــي فتـمنح صوتــه إصغاءهــا
وتــرى الصبـــاح على جبين متوّجٍ*بالنــور ينـضح بالعبيــر مساءهـــا
أدَرَتْ خديــجـة إذ تــودّع ليلـــةً*والوجدُ يخضــب بالســنا احناءهـــا
أنّ الجنــان قـد انحنيــن كرامــةً*لســرِّ فاستـودعنــه أحشــاءهـــا
وبـأنّ كــفّ محمّـد قطفــت لهــا*في الخــلد من زهراتهــا عذراءهــا
وبـأنّ مـا ضمّـت عليـه ضلوعهــا*حــوراء غـادرت الجنــان وراءهــا
مـا زاغ طــرف محمّـد عـن سدرةٍ*في قـاب قوسيــن استـشـفّ سناءهـا
سـرّ النبــوة فاض فـي أغصانهــا*عبقــاً وخالـط نشــره أنــداءهــا
وتنـزّلت لــلأرض منــه كتائــبٌ*عقــدت ملائكــة السمــاء لواءهــا


( 62 )

يا ســرّ فاطــم ما مررت بخاطــرٍ*إلاّ وأهدتــه السمــاء حبـاءهــــا
البســتْ شيعـتهــا رداء كـرامــة*وجلــوتَ سفــر مآثــرٍ انبـاءهــا
تلك التي أعطــت فنـضّـرت الثـرى*وسمـت فجــاز سموّهــا جوزاءهــا
مـا موقـفٌ وقـفتــه بعـد محمّــد*تُصمــي بصائــب رأيهــا خصماءها
إلاّ وكــان الغــرّ مــن أبنـائهــا*وبناتهــا بجهــادهــم خلفـاءهـــا
للعلم ما عقــدت عليـــه ضلوعهــا*والطهر ما مــدت عليــه كساءهـــا
يحيـا بهمـا ميـت الضميـر وإن طغى*جدبٌ أراقــت كـالربيــع دماءهـــا
وهبـت لاُمتهــا قطــاف حياتهـــا*ومضـت تعانــق كربهــا وبلاءهــا
عــرس الشهـادة مـا تحفّـز ثائــرٌ*إلاّ أعــاد عليـــه عاشــوراءهــا
وإذا تعـثّــر موكــب فـي زحفــه*زفـت إلـى ســوح الجهــاد فداءهـا
مــرّ الخلـود بهــا فقارب خطــوه*ومشــى إليهــا يصطفـي شهـداءهـا
يــا صفــوة الله التـي مدّتْ لهـــا*كــفّ العنايــة فاصطفــت آباءهــا
الـروح مـن اُفـق السمــاء منــزّلٌ*يــروي لبنــت محــمّـد أبناءهــا
ترضــى فيرضــى الله في ملكوتــه*ويســوءُ قلــب محمد مـا سـاءهـا
وتقـــوم مـا قــام النبـي بلــيلـه*يخفـي النشـيـج عــن الظـلام نداءها
ترجو و( وعــد ) الله يمــلأ قلبهــا*ويهدُّ خــوف ( وعيــده ) أعضاءهــا
مـا أومـأت نحــو السمـاء تضرعـاً*إلاّ وســابــق دمعـهــا إيمـاءهــا
فــإذا تجلّــى للسمــاء جبـينهــا*بــدراً تساقـطـت النجــوم إزاءهــا
واهتــزّ محــراب تكنّــف ركنــه*ليــل أحــــبَّ الله فيــه لقاءهــا
يـا قصـــةً للمجــد ردّد بعدهـــا*تاريــخ اُمّــة أحمـــد أصـداءهــا
خلـدت علـى مــرّ العصور فما وهـى*صرحٌ على التقــوى أطــال بقاءهــا
كــفٌّ لأحمــد شيّــدت أركـانــه*فرعـت لهــا عيـن الإلــه بناءهــا
وشريعــةٌ للحــبّ كوثــرُ نبعهــا*يجــري ويمنــع ورده غربــاءهــا
عهــدٌ لفاطــم في ضمائــر عصبـةٍ*نسيـت لـه عنــد الوفــاء وفاءهــا


( 63 )

حشدت علـى بـاب الوصـي وعبّــأت*أضغانهــا واستـنفــرت غوغـاءهــا
مـا كـان أقســاها تــروّع بضعــةً*من أحمــدٍ فــرض الألــه ولاءهــا
ولقــد جفــت حتــى تلـبّـد أفـقها*بالظلــم واشتـكـت البتـول جفاءهــا
أيكــون حــب محمّــد فـي قلبــه*مـن مـات حيرانــاً يكــنّ عداءهــا
غضبـت وكــان الله شاهــد سرّهــا*مــذ أعلـنـت للعـالمـيـن عناءهــا
ودعــت عليــه بعــد كـل فريضةٍ*ولَيسـمـعـنّ الله فيـــه دعــاءهــا
ولئـن بكـى يـومـاً وطــال شقــاؤه*مـن هجرهــا فلقــد أطــال بكاءهـا

سيد الحزن والكبرياء
الاستاذ مصطفى المهاجر


أريــجُ النبـــوة فيــكِ ابتــدى*وفيــض الهدايــةِ منــكِ اهتــدى
وأنغــامُ عــزكِ فـي الخافـقيــن*لهــا الدهــرُ مـن ولــهٍ انشــدا
ونـورِكِ يـا بضعـة المصطـفـــى*أضــاءَ أضــاءَ فغـطـى المــدى
حنـانـيـكِ اُمّ النـبــي الكــريـم*واُمّ الأئـمــة نـــور الهــــدى
شربنـــا ولاءَكِ منـذ الـرضــاع*فــأورقَ حبــاً غـزيــر النــدى
وحلَّــق فـي حزنــكِ المستـديـم*حنـيــن بأشـواقـــه يُـقـتــدى
فحـزنــكِ يسكــن أضـلاعنـــا*لهـيـبـــاً توقّــد لـن يُـخـمـدا
وصوتُـكِ رغــم رنيــن الأســى*لــهُ فـي نفــوس الهــداة صـدى
فصــارت شعاعـــاً بـما تحتـوي*قلــوبٌ لــدى وجدهــا سُـجّــدا
وصــارت بـذكـــراكِ أيـامنــا*مــعطــــرةً عــزةً ســـؤددا
وصــارت ليـالــي الاسـى ثـرةً*بـذكــراكِ نيـــرةً فــرقــــدا
وصـرنـا إذا ضامنــا حـاقــــد*وطــوّقَـنـا بالهـمـــوم العــدى
طلبنـاكِ نستـكـشـفُ العاديـــات*ذكرنـــاكِ نستـنــجحُ المقـصـدا


( 64 )

فـذابـتْ علـى عتـبــات الهـوى*مغاليـق أحكـامـــه كـالــــردى
وعــادت لأنـفسنــا بسـمــــة*تكــاد مـن الحـــزن أن تُـــوأدا
حنـانيــكِ سيــدة العـالميــــن*حنانـيــك يـا نسـمــة تُـفـتـدى
علــى شاطئـيـك تــرفّ الحيـاةُ*وتــزهــرُ أفيــاؤهـا بـالنـــدا
وتـشمـخُ ذكـراكِ نحــو السمــاء*تعـانـــقُ فـي مجدهــا أحمــدا
وتمــلأ دنيــا الوفـاء العظيـــم*بفـيــضٍ من الطهـر لـن ينـفــدا
وتـوقـدُ فـي الداجيــات الشمـوس*لتـكـشــف مـن ظلـمـةِ مـا بـدا
فـتـــزدان بـالنـــور أيامنــا*وتـفتــح دربــاً لنــا مـوصــدا
وتُـشـعــلُ أحــلامنـا بالرجــاء*لنـوصـل بالأمـس زهــواً غـــدا
أسـيـــدة الحــزن والامنيـــات*شموعــاً علـى الدرب لـن توقـــدا
بغــير ابتهـالك انّ الطـريــــق*إلــى الله مفـروشــةٌ عسـجـــدا
وغيــر نـدائــكِ ان الحيــــاة*بــلا طاعـــة الله لـن تُـحمــدا
وغيــر دعائـــكِ ان أبــناءنـا*لحمــل العقيــدة كـي تُــرشــدا
وغيـر وقـوفِــكِ بيـن الصفــوف*لتصـحيــح ما اعـــوجّ أو قُــدِّدا
حنـانيــك سيـــدةَ العالـميـــن*وعفـــوَكِ مـن بضعــة تُـقتـدى
شربنــا ولاءَكِ منــذ الرضـــاع*فأورقَ حبــــاً غزيــر النـــدى
ونرجــو الشفاعــة فـي حبكـــم*فمــن رحمـــة الله لــن نُطــردا