وقس شبرك بفترك(1) وألزم بيتك، وابك على خطيئتك فإن ذلك أسلم لك في حياتك ومماتك، ورد هذا الامر إلى حيث جعله الله عزوجل ورسوله ولا تركن إلى الدنيا ولا يغرنك من قد ترى من أوغادها(2) فعما قليل تضمحل عنك دنياك، ثم تصير إلى ربك فيجزيك بعملك وقد علمت أن هذا الامر لعلي عليه السلام وهو صاحبه بعد رسول الله صلى الله عليه واله وقد نصحتك إن قبلت نصحي.
ثم قام بريدة الاسلمي فقال: يا أبابكر نسيت أم تناسيت أم خادعتك نفسك أما تذكر إذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه واله فسلمنا على علي بإمرة المؤمنين، ونبينا عليه السلام بين أظهرنا فاتق الله ربك وأدرك نفسك قبل أن لا تدركها وأنقذها من هلكتها، ودع هذا الامر ووكله إلى من هو أحق به منك، ولا تماد في غيك، وارجع وأنت تستطيع الرجوع فقد نصحتك نصحي وبذلت لك ما عندي، فإن قبلت وفقت ورشدت.
ثم قام عبدالله بن مسعود فقال: يا معشر قريش قد علمتم وعلم خياركم أن أهل بيت نبيكم صلى الله عليه واله أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه واله منكم وإن كنتم إنما تدعون هذا الامر بقرابة رسول الله صلى الله عليه واله وتقولون: إن السابقة لنا فأهل نبيكم أقرب إلى رسول الله منكم وأقدم سابقة منكم.
وعلي بن أبي طالب عليه السلام صاحب هذا الامر بعد نبيكم فأعطوه ما جعله الله له ولا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين.
ثم قام عمار بن ياسر فقال: يا أبا بكر لا تجعل لنفسك حقا جعله الله عزوجل لغيرك، ولا تكن أول من عصى رسول الله صلى الله عليه واله وخالفه في أهل بيته واردد الحق إلى أهله تخف ظهرك وتقل وزرك وتلقى رسول الله صلى الله عليه واله وهو عنك راض، ثم يصير إلى الرحمن فيحاسبك بعملك ويسألك عما فعلت.
ثم قام خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين فقال: يا أبابكر ألست تعلم أن رسول الله صلى الله عليه واله قبل شهادتي وحدي ولم يرد معي غيري؟ قال: نعم، قال: فاشهد بالله أني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: " أهل بيتي يفرقون بين الحق والباطل، وهم الائمة الذين يقتدى بهم ".
(1) " اربع على نفسك " أى توقف واقتصر على حدك، والفتر - بالكسر - ما بين الابهام والسبابة والشبر ما بين الخنصر والابهام أى لا تتجاوز حدك.
(2) الوغد: الضعيف العقل، الاحمق، الدنئ.