بَابٌ فِي أَنَّ الإيمَانَ مَبْثُوثٌ لِجَوَارِحِ الْبَدَنِ كُلِّهَا |
1ـ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الزُّبَيْرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عَلَيهِ السَّلام) قَالَ قُلْتُ لَهُ أَيُّهَا الْعَالِمُ أَخْبِرْنِي أَيُّ الأعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ الله قَالَ مَا لا يَقْبَلُ الله شَيْئاً إِلا بِهِ قُلْتُ وَمَا هُوَ قَالَ الإيمَانُ بِالله الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ أَعْلَى الأعْمَالِ دَرَجَةً وَأَشْرَفُهَا مَنْزِلَةً وَأَسْنَاهَا حَظّاً قَالَ قُلْتُ أَ لا تُخْبِرُنِي عَنِ الإيمَانِ أَ قَوْلٌ هُوَ وَعَمَلٌ أَمْ قَوْلٌ بِلا عَمَلٍ فَقَالَ الإيمَانُ عَمَلٌ كُلُّهُ وَالْقَوْلُ بَعْضُ ذَلِكَ الْعَمَلِ بِفَرْضٍ مِنَ الله بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ وَاضِحٍ نُورُهُ ثَابِتَةٍ حُجَّتُهُ يَشْهَدُ لَهُ بِهِ الْكِتَابُ وَيَدْعُوهُ إِلَيْهِ قَالَ قُلْتُ صِفْهُ لِي جُعِلْتُ فِدَاكَ حَتَّى أَفْهَمَهُ قَالَ الإيمَانُ حَالاتٌ وَدَرَجَاتٌ وَطَبَقَاتٌ وَمَنَازِلُ فَمِنْهُ التَّامُّ الْمُنْتَهَى تَمَامُهُ وَمِنْهُ النَّاقِصُ الْبَيِّنُ نُقْصَانُهُ وَمِنْهُ الرَّاجِحُ الزَّائِدُ رُجْحَانُهُ قُلْتُ إِنَّ الإيمَانَ لَيَتِمُّ وَيَنْقُصُ وَيَزِيدُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ لأنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَرَضَ الإيمَانَ عَلَى جَوَارِحِ ابْنِ آدَمَ وَقَسَّمَهُ عَلَيْهَا وَفَرَّقَهُ فِيهَا فَلَيْسَ مِنْ جَوَارِحِهِ جَارِحَةٌ إِلا وَقَدْ وُكِّلَتْ مِنَ الإيمَانِ بِغَيْرِ مَا وُكِّلَتْ بِهِ أُخْتُهَا فَمِنْهَا قَلْبُهُ الَّذِي بِهِ يَعْقِلُ وَيَفْقَهُ وَيَفْهَمُ وَهُوَ أَمِيرُ بَدَنِهِ الَّذِي لا تَرِدُ الْجَوَارِحُ وَلا تَصْدُرُ إِلا عَنْ رَأْيِهِ وَأَمْرِهِ وَمِنْهَا عَيْنَاهُ اللَّتَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَأُذُنَاهُ اللَّتَانِ يَسْمَعُ بِهِمَا وَيَدَاهُ اللَّتَانِ يَبْطِشُ بِهِمَا وَرِجْلاهُ اللَّتَانِ يَمْشِي بِهِمَا وَفَرْجُهُ الَّذِي الْبَاهُ مِنْ قِبَلِهِ وَلِسَانُهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ وَرَأْسُهُ الَّذِي فِيهِ وَجْهُهُ فَلَيْسَ مِنْ هَذِهِ جَارِحَةٌ إِلا وَقَدْ وُكِّلَتْ مِنَ الإيمَانِ بِغَيْرِ مَا وُكِّلَتْ بِهِ أُخْتُهَا بِفَرْضٍ مِنَ الله تَبَارَكَ اسْمُهُ يَنْطِقُ بِهِ الْكِتَابُ لَهَا وَيَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهَا فَفَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى السَّمْعِ وَفَرَضَ عَلَى السَّمْعِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ وَفَرَضَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ وَفَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ وَفَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ وَفَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ وَفَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْوَجْهِ فَأَمَّا مَا فَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الإيمَانِ فَالإقْرَارُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالْعَقْدُ وَالرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ بِأَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إِلَهاً وَاحِداً لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه) وَالإقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ الله مِنْ نَبِيٍّ أَوْ كِتَابٍ فَذَلِكَ مَا فَرَضَ الله عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الإقْرَارِ وَالْمَعْرِفَةِ وَهُوَ عَمَلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الله. عَزَّ وَجَلَّ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً وَقَالَ أَلا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَقَالَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ فَذَلِكَ مَا فَرَضَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الإقْرَارِ وَالْمَعْرِفَةِ وَهُوَ عَمَلُهُ وَهُوَ رَأْسُ الإيمَانِ وَفَرَضَ الله عَلَى اللِّسَانِ الْقَوْلَ وَالتَّعْبِيرَ عَنِ الْقَلْبِ بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِهِ قَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَقَالَ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَهَذَا مَا فَرَضَ الله عَلَى اللِّسَانِ وَهُوَ عَمَلُهُ وَفَرَضَ عَلَى السَّمْعِ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنِ الإسْتِمَاعِ إِلَى مَا حَرَّمَ الله وَأَنْ يُعْرِضَ عَمَّا لا يَحِلُّ لَهُ مِمَّا نَهَى الله عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ وَالإصْغَاءِ إِلَى مَا أَسْخَطَ الله عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ الله يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ثُمَّ اسْتَثْنَى الله عَزَّ وَجَلَّ مَوْضِعَ النِّسْيَانِ فَقَالَ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَقَالَ فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ الله وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الألْبابِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ وَقَالَ وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَقَالَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً فَهَذَا مَا فَرَضَ الله عَلَى السَّمْعِ مِنَ الإيمَانِ أَنْ لا يُصْغِيَ إِلَى مَا لا يَحِلُّ لَهُ وَهُوَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنَ الإيمَانِ وَفَرَضَ عَلَى الْبَصَرِ أَنْ لا يَنْظُرَ إِلَى مَا حَرَّمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْ يُعْرِضَ عَمَّا نَهَى الله عَنْهُ مِمَّا لا يَحِلُّ لَهُ وَهُوَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنَ الإيمَانِ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ فَنَهَاهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى عَوْرَاتِهِمْ وَأَنْ يَنْظُرَ الْمَرْءُ إِلَى فَرْجِ أَخِيهِ وَيَحْفَظَ فَرْجَهُ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ. مِنْ أَنْ تَنْظُرَ إِحْدَاهُنَّ إِلَى فَرْجِ أُخْتِهَا وَتَحْفَظَ فَرْجَهَا مِنْ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهَا وَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ مِنْ حِفْظِ الْفَرْجِ فَهُوَ مِنْ الزِّنَا إِلا هَذِهِ الآيَةَ فَإِنَّهَا مِنَ النَّظَرِ ثُمَّ نَظَمَ مَا فَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ فِي آيَةٍ أُخْرَى فَقَالَ وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ يَعْنِي بِالْجُلُودِ الْفُرُوجَ وَالأفْخَاذَ وَقَالَ وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً فَهَذَا مَا فَرَضَ الله عَلَى الْعَيْنَيْنِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ عَمَّا حَرَّمَ الله عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَمَلُهُمَا وَهُوَ مِنَ الإيمَانِ وَفَرَضَ الله عَلَى الْيَدَيْنِ أَنْ لا يَبْطِشَ بِهِمَا إِلَى مَا حَرَّمَ الله وَأَنْ يَبْطِشَ بِهِمَا إِلَى مَا أَمَرَ الله عَزَّ وَجَلَّ وَفَرَضَ عَلَيْهِمَا مِنَ الصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ الله وَالطَّهُورِ لِلصَّلاةِ فَقَالَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَقَالَ فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها فَهَذَا مَا فَرَضَ الله عَلَى الْيَدَيْنِ لأنَّ الضَّرْبَ مِنْ عِلاجِهِمَا وَفَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ أَنْ لا يَمْشِيَ بِهِمَا إِلَى شَيْءٍ مِنْ مَعَاصِي الله وَفَرَضَ عَلَيْهِمَا الْمَشْيَ إِلَى مَا يُرْضِي الله عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً وَقَالَ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ وَقَالَ فِيمَا شَهِدَتِ الأيْدِي وَالأرْجُلُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَعَلَى أَرْبَابِهِمَا مِنْ تَضْيِيعِهِمَا لِمَا أَمَرَ الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِ وَفَرَضَهُ عَلَيْهِمَا الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فَهَذَا أَيْضاً مِمَّا فَرَضَ الله عَلَى الْيَدَيْنِ وَعَلَى الرِّجْلَيْنِ وَهُوَ عَمَلُهُمَا وَهُوَ مِنَ الإيمَانِ وَفَرَضَ عَلَى الْوَجْهِ السُّجُودَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ فَقَالَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فَهَذِهِ فَرِيضَةٌ جَامِعَةٌ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَأَنَّ الْمَساجِدَ لله فَلا تَدْعُوا مَعَ الله أَحَداً وَقَالَ فِيمَا فَرَضَ عَلَى الْجَوَارِحِ مِنَ الطَّهُورِ وَالصَّلاةِ بِهَا وَذَلِكَ أَنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا صَرَفَ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه) إِلَى الْكَعْبَةِ عَنِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ فَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ وَما كانَ الله لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ الله بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ فَسَمَّى الصَّلاةَ إِيمَاناً فَمَنْ لَقِيَ الله عَزَّ وَجَلَّ حَافِظاً لِجَوَارِحِهِ مُوفِياً كُلُّ جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِهِ مَا فَرَضَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا لَقِيَ الله عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَكْمِلاً لِإِيمَانِهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ خَانَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ تَعَدَّى مَا أَمَرَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا لَقِيَ الله عَزَّ وَجَلَّ نَاقِصَ الإيمَانِ قُلْتُ قَدْ فَهِمْتُ نُقْصَانَ الإيمَانِ وَتَمَامَهُ فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ زِيَادَتُهُ فَقَالَ قَوْلُ الله عَزَّ وَجَلَّ وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَقَالَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً وَلَوْ كَانَ كُلُّهُ وَاحِداً لا زِيَادَةَ فِيهِ وَلا نُقْصَانَ لَمْ يَكُنْ لأحَدٍ مِنْهُمْ فَضْلٌ عَلَى الآخَرِ وَلاسْتَوَتِ النِّعَمُ فِيهِ وَلاسْتَوَى النَّاسُ وَبَطَلَ التَّفْضِيلُ وَلَكِنْ بِتَمَامِ الإيمَانِ دَخَلَ الْمُؤْمِنُونَ الْجَنَّةَ وَبِالزِّيَادَةِ فِي الإيمَانِ تَفَاضَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالدَّرَجَاتِ عِنْدَ الله وَبِالنُّقْصَانِ دَخَلَ الْمُفَرِّطُونَ النَّارَ. 2ـ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى جَمِيعاً عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ [ الْحَسَنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ] هَارُونَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله (عَلَيهِ السَّلام) إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً قَالَ يُسْأَلُ السَّمْعُ عَمَّا سَمِعَ وَالْبَصَرُ عَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ وَالْفُؤَادُ عَمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ. 3ـ أَبُو عَلِيٍّ الأشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ أَوْ غَيْرِهِ عَنِ الْعَلاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عَلَيهِ السَّلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الإيمَانِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله [ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله ] وَالإقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ الله وَمَا اسْتَقَرَّ فِي الْقُلُوبِ مِنَ التَّصْدِيقِ بِذَلِكَ قَالَ قُلْتُ الشَّهَادَةُ أَ لَيْسَتْ عَمَلاً قَالَ بَلَى قُلْتُ الْعَمَلُ مِنَ الإيمَانِ قَالَ نَعَمْ الإيمَانُ لا يَكُونُ إِلا بِعَمَلٍ وَالْعَمَلُ مِنْهُ وَلا يَثْبُتُ الإيمَانُ إِلا بِعَمَلٍ. 4ـ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُسْكَانَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عَلَيهِ السَّلام) قَالَ قُلْتُ لَهُ مَا الإسْلامُ فَقَالَ دِينُ الله اسْمُهُ الإسْلامُ وَهُوَ دِينُ الله قَبْلَ أَنْ تَكُونُوا حَيْثُ كُنْتُمْ وَبَعْدَ أَنْ تَكُونُوا فَمَنْ أَقَرَّ بِدِينِ الله فَهُوَ مُسْلِمٌ وَمَنْ عَمِلَ بِمَا أَمَرَ الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ. 5ـ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلام) فَقَالَ لَهُ سَلامٌ إِنَّ خَيْثَمَةَ ابْنَ أَبِي خَيْثَمَةَ يُحَدِّثُنَا عَنْكَ أَنَّهُ سَأَلَكَ عَنِ الإسْلامِ فَقُلْتَ لَهُ إِنَّ الإسْلامَ مَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَشَهِدَ شَهَادَتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا وَوَالَى وَلِيَّنَا وَعَادَى عَدُوَّنَا فَهُوَ مُسْلِمٌ فَقَالَ صَدَقَ خَيْثَمَةُ قُلْتُ وَسَأَلَكَ عَنِ الإيمَانِ فَقُلْتَ الإيمَانُ بِالله وَالتَّصْدِيقُ بِكِتَابِ الله وَأَنْ لا يُعْصَى الله فَقَالَ صَدَقَ خَيْثَمَةُ. 6ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عَلَيهِ السَّلام) عَنِ الإيمَانِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله قَالَ قُلْتُ أَ لَيْسَ هَذَا عَمَلٌ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَالْعَمَلُ مِنَ الإيمَانِ قَالَ لا يَثْبُتُ لَهُ الإيمَانُ إِلا بِالْعَمَلِ وَالْعَمَلُ مِنْهُ. 7ـ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُيَسِّرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو النَّصِيبِيِّ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ الْعَالِمَ (عَلَيهِ السَّلام) فَقَالَ أَيُّهَا الْعَالِمُ أَخْبِرْنِي أَيُّ الأعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ الله قَالَ مَا لا يُقْبَلُ عَمَلٌ إِلا بِهِ فَقَالَ وَمَا ذَلِكَ قَالَ الإيمَانُ بِالله الَّذِي هُوَ أَعْلَى الأعْمَالِ دَرَجَةً وَأَسْنَاهَا حَظّاً وَأَشْرَفُهَا مَنْزِلَةً قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإيمَانِ أَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ أَمْ قَوْلٌ بِلا عَمَلٍ قَالَ الإيمَانُ عَمَلٌ كُلُّهُ وَالْقَوْلُ بَعْضُ ذَلِكَ الْعَمَلِ بِفَرْضٍ مِنَ الله بَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ وَاضِحٍ نُورُهُ ثَابِتَةٍ حُجَّتُهُ يَشْهَدُ بِهِ الْكِتَابُ وَيَدْعُو إِلَيْهِ قُلْتُ صِفْ لِي ذَلِكَ حَتَّى أَفْهَمَهُ فَقَالَ إِنَّ الإيمَانَ حَالاتٌ وَدَرَجَاتٌ وَطَبَقَاتٌ وَمَنَازِلُ فَمِنْهُ التَّامُّ الْمُنْتَهَى تَمَامُهُ وَمِنْهُ النَّاقِصُ الْمُنْتَهَى نُقْصَانُهُ وَمِنْهُ الزَّائِدُ الرَّاجِحُ زِيَادَتُهُ قُلْتُ وَإِنَّ الإيمَانَ لَيَتِمُّ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَرَضَ الإيمَانَ عَلَى جَوَارِحِ بَنِي آدَمَ وَقَسَّمَهُ عَلَيْهَا وَفَرَّقَهُ عَلَيْهَا فَلَيْسَ مِنْ جَوَارِحِهِمْ جَارِحَةٌ إِلا وَهِيَ مُوَكَّلَةٌ مِنَ الإيمَانِ بِغَيْرِ مَا وُكِّلَتْ بِهِ أُخْتُهَا فَمِنْهَا قَلْبُهُ الَّذِي بِهِ يَعْقِلُ وَيَفْقَهُ وَيَفْهَمُ وَهُوَ أَمِيرُ بَدَنِهِ الَّذِي لا تُورَدُ الْجَوَارِحُ وَلا تَصْدُرُ إِلا عَنْ رَأْيِهِ وَأَمْرِهِ وَمِنْهَا يَدَاهُ اللَّتَانِ يَبْطِشُ بِهِمَا وَرِجْلاهُ اللَّتَانِ يَمْشِي بِهِمَا وَفَرْجُهُ الَّذِي الْبَاهُ مِنْ قِبَلِهِ وَلِسَانُهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ الْكِتَابُ وَيَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهَا وَعَيْنَاهُ اللَّتَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَأُذُنَاهُ اللَّتَانِ يَسْمَعُ بِهِمَا وَفَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ وَفَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ وَفَرَضَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى السَّمْعِ وَفَرَضَ عَلَى السَّمْعِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ وَفَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ وَفَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ وَفَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْوَجْهِ فَأَمَّا مَا فَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الإيمَانِ فَالإقْرَارُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالتَّصْدِيقُ وَالتَّسْلِيمُ وَالْعَقْدُ وَالرِّضَا بِأَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ أَحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً وَأَنَّ مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه) عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. 8ـ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنِ الأشْعَثِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصِ بْنِ خَارِجَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عَلَيهِ السَّلام) يَقُولُ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ قَوْلِ الْمُرْجِئَةِ فِي الْكُفْرِ وَالإيمَانِ وَقَالَ إِنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا وَيَقُولُونَ كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ عِنْدَنَا هُوَ الْكَافِرُ عِنْدَ الله فَكَذَلِكَ نَجِدُ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَقَرَّ بِإِيمَانِهِ أَنَّهُ عِنْدَ الله مُؤْمِنٌ فَقَالَ سُبْحَانَ الله وَكَيْفَ يَسْتَوِي هَذَانِ وَالْكُفْرُ إِقْرَارٌ مِنَ الْعَبْدِ فَلا يُكَلَّفُ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِبَيِّنَةٍ وَالإيمَانُ دَعْوًى لا تَجُوزُ إِلا بِبَيِّنَةٍ وَبَيِّنَتُهُ عَمَلُهُ وَنِيَّتُهُ فَإِذَا اتَّفَقَا فَالْعَبْدُ عِنْدَ الله مُؤْمِنٌ وَالْكُفْرُ مَوْجُودٌ بِكُلِّ جِهَةٍ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ الثَّلاثِ مِنْ نِيَّةٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَالأحْكَامُ تَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ بِالإيمَانِ وَيَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ عِنْدَ الله كَافِرٌ وَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْمُؤْمِنِينَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ. |