بَابُ وُجُوهِ الْجِهَادِ |
1- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ جَمِيعاً عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) عَنِ الْجِهَادِ سُنَّةٌ أَمْ فَرِيضَةٌ فَقَالَ الْجِهَادُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَجِهَادَانِ فَرْضٌ وَجِهَادٌ سُنَّةٌ لا يُقَامُ إِلا مَعَ الْفَرْضِ فَأَمَّا أَحَدُ الْفَرْضَيْنِ فَمُجَاهَدَةُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ عَنْ مَعَاصِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ وَمُجَاهَدَةُ الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ فَرْضٌ وَأَمَّا الْجِهَادُ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ لا يُقَامُ إِلا مَعَ فَرْضٍ فَإِنَّ مُجَاهَدَةَ الْعَدُوِّ فَرْضٌ عَلَى جَمِيعِ الأمَّةِ وَلَوْ تَرَكُوا الْجِهَادَ لأتَاهُمُ الْعَذَابُ وَهَذَا هُوَ مِنْ عَذَابِ الأمَّةِ وَهُوَ سُنَّةٌ عَلَى الإمَامِ وَحْدَهُ أَنْ يَأْتِيَ الْعَدُوَّ مَعَ الأمَّةِ فَيُجَاهِدَهُمْ وَأَمَّا الْجِهَادُ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ فَكُلُّ سُنَّةٍ أَقَامَهَا الرَّجُلُ وَجَاهَدَ فِي إِقَامَتِهَا وَبُلُوغِهَا وَإِحْيَائِهَا فَالْعَمَلُ وَالسَّعْيُ فِيهَا مِنْ أَفْضَلِ الأعْمَالِ لأنَّهَا إِحْيَاءُ سُنَّةٍ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. 2- وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَبِي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) عَنْ حُرُوبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) وَكَانَ السَّائِلُ مِنْ مُحِبِّينَا فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلام) بَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) بِخَمْسَةِ أَسْيَافٍ ثَلاثَةٌ مِنْهَا شَاهِرَةٌ فَلا تُغْمَدُ حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا وَلَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا آمَنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً وَسَيْفٌ مِنْهَا مَكْفُوفٌ وَسَيْفٌ مِنْهَا مَغْمُودٌ سَلُّهُ إِلَى غَيْرِنَا وَحُكْمُهُ إِلَيْنَا وَأَمَّا السُّيُوفُ الثَّلاثَةُ الشَّاهِرَةُ فَسَيْفٌ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا يَعْنِي آمَنُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ فَهَؤُلاءِ لا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلا الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِي الإسْلامِ وَ أَمْوَالُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ سَبْيٌ عَلَى مَا سَنَّ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فَإِنَّهُ سَبَى وَعَفَا وَقَبِلَ الْفِدَاءَ وَالسَّيْفُ الثَّانِي عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ اللهُ تَعَالَى وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ ثُمَّ نَسَخَهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دَارِ الإسْلامِ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلا الْجِزْيَةُ أَوِ الْقَتْلُ وَمَالُهُمْ فَيْءٌ وَذَرَارِيُّهُمْ سَبْيٌ وَإِذَا قَبِلُوا الْجِزْيَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ حُرِّمَ عَلَيْنَا سَبْيُهُمْ وَحُرِّمَتْ أَمْوَالُهُمْ وَحَلَّتْ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَلَّ لَنَا سَبْيُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ وَلَمْ تَحِلَّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ إِلا الدُّخُولُ فِي دَارِ الإسْلامِ أَوِ الْجِزْيَةُ أَوِ الْقَتْلُ وَالسَّيْفُ الثَّالِثُ سَيْفٌ عَلَى مُشْرِكِي الْعَجَمِ يَعْنِي التُّرْكَ وَالدَّيْلَمَ وَالْخَزَرَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَصَّ قِصَّتَهُمْ ثُمَّ قَالَ فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها فَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ يَعْنِي بَعْدَ السَّبْيِ مِنْهُمْ وَإِمَّا فِداءً يَعْنِي الْمُفَادَاةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الإسْلامِ فَهَؤُلاءِ لَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلا الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِي الإسْلامِ وَلا يَحِلُّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَمَّا السَّيْفُ الْمَكْفُوفُ فَسَيْفٌ عَلَى أَهْلِ الْبَغْيِ وَالتَّأْوِيلِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الأخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ بَعْدِي عَلَى التَّأْوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى التَّنْزِيلِ فَسُئِلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) مَنْ هُوَ فَقَالَ خَاصِفُ النَّعْلِ يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ قَاتَلْتُ بِهَذِهِ الرَّايَةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) ثَلاثاً وَهَذِهِ الرَّابِعَةُ وَاللهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يَبْلُغُوا بِنَا السَّعَفَاتِ مِنْ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ وَكَانَتِ السِّيرَةُ فِيهِمْ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فِي أَهْلِ مَكَّةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِ لَهُمْ ذُرِّيَّةً وَقَالَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَكَذَلِكَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) يَوْمَ الْبَصْرَةِ نَادَى فِيهِمْ لا تَسْبُوا لَهُمْ ذُرِّيَّةً وَلا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ وَلا تَتْبَعُوا مُدْبِراً وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَلْقَى سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَأَمَّا السَّيْفُ الْمَغْمُودُ فَالسَّيْفُ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْقِصَاصُ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ فَسَلُّهُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَحُكْمُهُ إِلَيْنَا فَهَذِهِ السُّيُوفُ الَّتِي بَعَثَ اللهُ بِهَا مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فَمَنْ جَحَدَهَا أَوْ جَحَدَ وَاحِداً مِنْهَا أَوْ شَيْئاً مِنْ سِيَرِهَا وَأَحْكَامِهَا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه). 3- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) بَعَثَ بِسَرِيَّةٍ فَلَمَّا رَجَعُوا قَالَ مَرْحَباً بِقَوْمٍ قَضَوُا الْجِهَادَ الأصْغَرَ وَبَقِيَ الْجِهَادُ الأكْبَرُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَمَا الْجِهَادُ الأكْبَرُ قَالَ جِهَادُ النَّفْسِ. |