الصفحة الرئيسية

مكتبة الموقع

الحديث الشريف

فهرس الكتاب

 

رسالة أبي عبدالله إلى جماعة الشيعة

1- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَفْصٍ الْمُؤَذِّنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) أَنَّهُ كَتَبَ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ إِلَى أَصْحَابِهِ وَأَمَرَهُمْ بِمُدَارَسَتِهَا وَالنَّظَرِ فِيهَا وَتَعَاهُدِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا فَكَانُوا يَضَعُونَهَا فِي مَسَاجِدِ بُيُوتِهِمْ فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلاةِ نَظَرُوا فِيهَا قَالَ وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْكُوفِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِيعِ الصَّحَّافِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَخْلَدٍ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ خَرَجَتْ هَذِهِ الرِّسَالَةُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) إِلَى أَصْحَابِهِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمُ الْعَافِيَةَ وَعَلَيْكُمْ بِالدَّعَةِ وَالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالْحَيَاءِ وَالتَّنَزُّهِ عَمَّا تَنَزَّهَ عَنْهُ الصَّالِحُونَ قَبْلَكُمْ وَعَلَيْكُمْ بِمُجَامَلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ تَحَمَّلُوا الضَّيْمَ مِنْهُمْ وَإِيَّاكُمْ وَمُمَاظَّتَهُمْ دِينُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ إِذَا أَنْتُمْ جَالَسْتُمُوهُمْ وَخَالَطْتُمُوهُمْ وَنَازَعْتُمُوهُمُ الْكَلامَ فَإِنَّهُ لا بُدَّ لَكُمْ مِنْ مُجَالَسَتِهِمْ وَمُخَالَطَتِهِمْ وَمُنَازَعَتِهِمُ الْكَلامَ بِالتَّقِيَّةِ الَّتِي أَمَرَكُمُ اللهُ أَنْ تَأْخُذُوا بِهَا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ فَإِذَا ابْتُلِيتُمْ بِذَلِكَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ سَيُؤْذُونَكُمْ وَتَعْرِفُونَ فِي وُجُوهِهِمُ الْمُنْكَرَ وَلَوْ لا أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَدْفَعُهُمْ عَنْكُمْ لَسَطَوْا بِكُمْ وَمَا فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا يُبْدُونَ لَكُمْ مَجَالِسُكُمْ وَمَجَالِسُهُمْ وَاحِدَةٌ وَأَرْوَاحُكُمْ وَأَرْوَاحُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ لا تَأْتَلِفُ لا تُحِبُّونَهُمْ أَبَداً وَلا يُحِبُّونَكُمْ غَيْرَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَكْرَمَكُمْ بِالْحَقِّ وَبَصَّرَكُمُوهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ مِنْ أَهْلِهِ فَتُجَامِلُونَهُمْ وَتَصْبِرُونَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ لا مُجَامَلَةَ لَهُمْ وَلا صَبْرَ لَهُمْ عَلَى شَيْ‏ءٍ وَحِيَلُهُمْ وَسْوَاسُ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ فَإِنَّ أَعْدَاءَ اللهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا صَدُّوكُمْ عَنِ الْحَقِّ فَيَعْصِمُكُمْ اللهُ مِنْ ذَلِكَ فَاتَّقُوا اللهَ وَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ إِلا مِنْ خَيْرٍ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُزْلِقُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِقَوْلِ الزُّورِ وَالْبُهْتَانِ وَالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ فَإِنَّكُمْ إِنْ كَفَفْتُمْ أَلْسِنَتَكُمْ عَمَّا يَكْرَهُهُ اللهُ مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ كَانَ خَيْراً لَكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ مِنْ أَنْ تُزْلِقُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِهِ فَإِنَّ زَلَقَ اللِّسَانِ فِيمَا يَكْرَهُ اللهُ وَمَا يَنْهَى عَنْهُ مَرْدَاةٌ لِلْعَبْدِ عِنْدَ اللهِ وَمَقْتٌ مِنَ اللهِ وَصَمٌّ وَعَمًى وَبَكَمٌ يُورِثُهُ اللهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتَصِيرُوا كَمَا قَالَ اللهُ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ يَعْنِي لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ وَ إِيَّاكُمْ وَمَا نَهَاكُمُ اللهُ عَنْهُ أَنْ تَرْكَبُوهُ وَعَلَيْكُمْ بِالصَّمْتِ إِلا فِيمَا يَنْفَعُكُمُ اللهُ بِهِ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِكُمْ وَيَأْجُرُكُمْ عَلَيْهِ وَأَكْثِرُوا مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّسْبِيحِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللهِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي لا يَقْدِرُ قَدْرَهُ وَلا يَبْلُغُ كُنْهَهُ أَحَدٌ فَاشْغَلُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِذَلِكَ عَمَّا نَهَى اللهُ عَنْهُ مِنْ أَقَاوِيلِ الْبَاطِلِ الَّتِي تُعْقِبُ أَهْلَهَا خُلُوداً فِي النَّارِ مَنْ مَاتَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتُبْ إِلَى اللهِ وَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهَا وَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُدْرِكُوا نَجَاحَ الْحَوَائِجِ عِنْدَ رَبِّهِمْ بِأَفْضَلَ مِنَ الدُّعَاءِ وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَى اللهِ وَالْمَسْأَلَةِ لَهُ فَارْغَبُوا فِيمَا رَغَّبَكُمُ اللهُ فِيهِ وَأَجِيبُوا اللهَ إِلَى مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ لِتُفْلِحُوا وَتَنْجُوا مِنْ عَذَابِ اللهِ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَشْرَهَ أَنْفُسُكُمْ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَكَ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ هَاهُنَا فِي الدُّنْيَا حَالَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا وَلَذَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا الْقَائِمَةِ الدَّائِمَةِ لأهْلِ الْجَنَّةِ أَبَدَ الآبِدِينَ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ بِئْسَ الْحَظُّ الْخَطَرُ لِمَنْ خَاطَرَ اللهَ بِتَرْكِ طَاعَةِ اللهِ وَرُكُوبِ مَعْصِيَتِهِ فَاخْتَارَ أَنْ يَنْتَهِكَ مَحَارِمَ اللهِ فِي لَذَّاتِ دُنْيَا مُنْقَطِعَةٍ زَائِلَةٍ عَنْ أَهْلِهَا عَلَى خُلُودِ نَعِيمٍ فِي الْجَنَّةِ وَلَذَّاتِهَا وَكَرَامَةِ أَهْلِهَا وَيْلٌ لأولَئِكَ مَا أَخْيَبَ حَظَّهُمْ وَأَخْسَرَ كَرَّتَهُمْ وَأَسْوَأَ حَالَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اسْتَجِيرُوا اللهَ أَنْ يُجِيرَكُمْ فِي مِثَالِهِمْ أَبَداً وَأَنْ يَبْتَلِيَكُمْ بِمَا ابْتَلاهُمْ بِهِ وَلا قُوَّةَ لَنَا وَلَكُمْ إِلا بِهِ فَاتَّقُوا اللهَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ النَّاجِيَةُ إِنْ أَتَمَّ اللهُ لَكُمْ مَا أَعْطَاكُمْ بِهِ فَإِنَّهُ لا يَتِمُّ الأمْرُ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي دَخَلَ عَلَى الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَحَتَّى تُبْتَلَوْا فِي أَنْفُسِكُمْ.

وَ أَمْوَالِكُمْ وَحَتَّى تَسْمَعُوا مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ أَذًى كَثِيراً فَتَصْبِرُوا وَتَعْرُكُوا بِجُنُوبِكُمْ وَحَتَّى يَسْتَذِلُّوكُمْ وَيُبْغِضُوكُمْ وَحَتَّى يُحَمِّلُوا عَلَيْكُمُ الضَّيْمَ فَتَحَمَّلُوا مِنْهُمْ تَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ وَحَتَّى تَكْظِمُوا الْغَيْظَ الشَّدِيدَ فِي الأذَى فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَجْتَرِمُونَهُ إِلَيْكُمْ وَحَتَّى يُكَذِّبُوكُمْ بِالْحَقِّ وَيُعَادُوكُمْ فِيهِ وَيُبْغِضُوكُمْ عَلَيْهِ فَتَصْبِرُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي كِتَابِ اللهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلام) عَلَى نَبِيِّكُمْ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّكُمْ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى‏ ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا فَقَدْ كُذِّبَ نَبِيُّ اللهِ وَالرُّسُلُ مِنْ قَبْلِهِ وَأُوذُوا مَعَ التَّكْذِيبِ بِالْحَقِّ فَإِنْ سَرَّكُمْ أَمْرُ اللهِ فِيهِمُ الَّذِي خَلَقَهُمْ لَهُ فِي الأصْلِ [أَصْلِ الْخَلْقِ] مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي سَبَقَ فِي عِلْمِ اللهِ أَنْ يَخْلُقَهُمْ لَهُ فِي الأصْلِ وَمِنَ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ فَتَدَبَّرُوا هَذَا وَاعْقِلُوهُ وَلا تَجْهَلُوهُ فَإِنَّهُ مَنْ يَجْهَلْ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ مِمَّا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ مِمَّا أَمَرَ اللهُ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ تَرَكَ دِينَ اللهِ وَرَكِبَ مَعَاصِيَهُ فَاسْتَوْجَبَ سَخَطَ اللهِ فَأَكَبَّهُ اللهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ وَقَالَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفْلِحَةُ إِنَّ اللهَ أَتَمَّ لَكُمْ مَا آتَاكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِلْمِ اللهِ وَلا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ فِي دِينِهِ بِهَوًى وَلا رَأْيٍ وَلا مَقَايِيسَ قَدْ أَنْزَلَ اللهُ الْقُرْآنَ وَجَعَلَ فِيهِ تِبْيَانَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَجَعَلَ لِلْقُرْآنِ وَلِتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَهْلا لا يَسَعُ أَهْلَ عِلْمِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللهُ عِلْمَهُ أَنْ يَأْخُذُوا فِيهِ بِهَوًى وَلا رَأْيٍ وَلا مَقَايِيسَ أَغْنَاهُمُ اللهُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ عِلْمِهِ وَخَصَّهُمْ بِهِ وَوَضَعَهُ عِنْدَهُمْ كَرَامَةً مِنَ اللهِ أَكْرَمَهُمْ بِهَا وَهُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللهُ هَذِهِ الأمَّةَ بِسُؤَالِهِمْ وَهُمُ الَّذِينَ مَنْ سَأَلَهُمْ وَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللهِ أَنْ يُصَدِّقَهُمْ وَيَتَّبِعَ أَثَرَهُمْ أَرْشَدُوهُ وَأَعْطَوْهُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ مَا يَهْتَدِي بِهِ إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَإِلَى جَمِيعِ سُبُلِ الْحَقِّ وَهُمُ الَّذِينَ لا يَرْغَبُ عَنْهُمْ وَعَنْ مَسْأَلَتِهِمْ وَعَنْ عِلْمِهِمُ الَّذِي أَكْرَمَهُمُ اللهُ بِهِ وَجَعَلَهُ عِنْدَهُمْ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ اللهِ الشَّقَاءُ فِي أَصْلِ الْخَلْقِ تَحْتَ الأظِلَّةِ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ عَنْ سُؤَالِ أَهْلِ الذِّكْرِ وَالَّذِينَ آتَاهُمُ اللهُ عِلْمَ الْقُرْآنِ وَوَضَعَهُ عِنْدَهُمْ وَأَمَرَ بِسُؤَالِهِمْ وَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ وَمَقَايِيسِهِمْ حَتَّى دَخَلَهُمُ الشَّيْطَانُ لأنَّهُمْ جَعَلُوا أَهْلَ الإيمَانِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللهِ كَافِرِينَ وَجَعَلُوا أَهْلَ الضَّلالَةِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللهِ مُؤْمِنِينَ وَحَتَّى جَعَلُوا مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ حَرَاماً وَجَعَلُوا مَا حَرَّمَ اللهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ حَلالا فَذَلِكَ أَصْلُ ثَمَرَةِ أَهْوَائِهِمْ وَقَدْ عَهِدَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) قَبْلَ مَوْتِهِ فَقَالُوا نَحْنُ بَعْدَ مَا قَبَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ يَسَعُنَا أَنْ نَأْخُذَ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ رَأْيُ النَّاسِ بَعْدَ مَا قَبَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَبَعْدَ عَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْنَا وَأَمَرَنَا بِهِ مُخَالِفاً للهِ وَلِرَسُولِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فَمَا أَحَدٌ أَجْرَأَ عَلَى اللهِ وَلا أَبْيَنَ ضَلالَةً مِمَّنْ أَخَذَ بِذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ وَاللهِ إِنَّ للهِ عَلَى خَلْقِهِ أَنْ يُطِيعُوهُ وَيَتَّبِعُوا أَمْرَهُ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَبَعْدَ مَوْتِهِ هَلْ يَسْتَطِيعُ أُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللهِ أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ أَحَداً مِمَّنْ أَسْلَمَ مَعَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَرَأْيِهِ وَمَقَايِيسِهِ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَضَلَّ ضَلالا بَعِيداً وَإِنْ قَالَ لا لَمْ يَكُنْ لأحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْيِهِ وَهَوَاهُ وَمَقَايِيسِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحُجَّةِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ يُطَاعُ وَيُتَّبَعُ أَمْرُهُ بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَقَدْ قَالَ اللهُ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ وَما مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى‏ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ وَذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُطَاعُ وَيُتَّبَعُ أَمْرُهُ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَبَعْدَ قَبْضِ اللهِ مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَكَمَا لَمْ يَكُنْ لأحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاهُ وَلا رَأْيِهِ وَلا مَقَايِيسِهِ خِلافاً لأمْرِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لأحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاهُ وَلا رَأْيِهِ وَلا مَقَايِيسِهِ.

وَ قَالَ دَعُوا رَفْعَ أَيْدِيكُمْ فِي الصَّلاةِ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً حِينَ تُفْتَتَحُ الصَّلاةُ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَهَرُوكُمْ بِذَلِكَ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ وَقَالَ أَكْثِرُوا مِنْ أَنْ تَدْعُوا اللهَ فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْعُوهُ وَقَدْ وَعَدَ اللهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالاسْتِجَابَةِ وَاللهُ مُصَيِّرٌ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُمْ عَمَلا يَزِيدُهُمْ بِهِ فِي الْجَنَّةِ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنَّ اللهَ أَمَرَ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ لَهُ وَاللهُ ذَاكِرٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ إِلا ذَكَرَهُ بِخَيْرٍ فَأَعْطُوا اللهَ مِنْ أَنْفُسِكُمُ الاجْتِهَادَ فِي طَاعَتِهِ فَإِنَّ اللهَ لا يُدْرَكُ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَهُ إِلا بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَبَاطِنِهِ فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ وَذَرُوا ظاهِرَ الإثْمِ وَباطِنَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ تَجْتَنِبُوهُ فَقَدْ حَرَّمَهُ وَاتَّبِعُوا آثَارَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَسُنَّتَهُ فَخُذُوا بِهَا وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَكُمْ وَآرَاءَكُمْ فَتَضِلُّوا فَإِنَّ أَضَلَّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَرَأْيَهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ وَأَحْسِنُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها وَجَامِلُوا النَّاسَ وَلا تَحْمِلُوهُمْ عَلَى رِقَابِكُمْ تَجْمَعُوا مَعَ ذَلِكَ طَاعَةَ رَبِّكُمْ وَإِيَّاكُمْ وَسَبَّ أَعْدَاءِ اللهِ حَيْثُ يَسْمَعُونَكُمْ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَقَدْ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا حَدَّ سَبِّهِمْ للهِ كَيْفَ هُوَ إِنَّهُ مَنْ سَبَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ فَقَدِ انْتَهَكَ سَبَّ اللهِ وَمَنْ أَظْلَمُ عِنْدَ اللهِ مِمَّنِ اسْتَسَبَّ للهِ وَلأوْلِيَاءِ اللهِ فَمَهْلا مَهْلا فَاتَّبِعُوا أَمْرَ اللهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ وَقَالَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْحَافِظُ اللهُ لَهُمْ أَمْرَهُمْ عَلَيْكُمْ بِ‏آثَارِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَسُنَّتِهِ وَآثَارِ الأئِمَّةِ الْهُدَاةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) مِنْ بَعْدِهِ وَسُنَّتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ أَخَذَ بِذَلِكَ فَقَدِ اهْتَدَى وَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَرَغِبَ عَنْهُ ضَلَّ لأنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ أَمَرَ اللهُ بِطَاعَتِهِمْ وَوَلايَتِهِمْ وَقَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْعَمَلِ فِي اتِّبَاعِ الآثَارِ وَالسُّنَنِ وَإِنْ قَلَّ أَرْضَى للهِ وَأَنْفَعُ عِنْدَهُ فِي الْعَاقِبَةِ مِنَ الاجْتِهَادِ فِي الْبِدَعِ وَاتِّبَاعِ الأهْوَاءِ أَلا إِنَّ اتِّبَاعَ الأهْوَاءِ وَاتِّبَاعَ الْبِدَعِ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ ضَلالٌ وَكُلُّ ضَلالَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ فِي النَّارِ وَلَنْ يُنَالَ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَ اللهِ إِلا بِطَاعَتِهِ وَالصَّبْرِ وَالرِّضَا لأنَّ الصَّبْرَ وَالرِّضَا مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنِ اللهِ فِيمَا صَنَعَ اللهُ إِلَيْهِ وَصَنَعَ بِهِ عَلَى مَا أَحَبَّ وَكَرِهَ وَلَنْ يَصْنَعَ اللهُ بِمَنْ صَبَرَ وَرَضِيَ عَنِ اللهِ إِلا مَا هُوَ أَهْلُهُ وَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا أَحَبَّ وَكَرِهَ وَعَلَيْكُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قانِتِينَ كَمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ وَعَلَيْكُمْ بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ حَقَّرَهُمْ وَتَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ زَلَّ عَنْ دِينِ اللهِ وَاللهُ لَهُ حَاقِرٌ مَاقِتٌ وَقَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) أَمَرَنِي رَبِّي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ حَقَّرَ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَلْقَى اللهُ عَلَيْهِ الْمَقْتَ مِنْهُ وَالْمَحْقَرَةَ حَتَّى يَمْقُتَهُ النَّاسُ وَاللهُ لَهُ أَشَدُّ مَقْتاً فَاتَّقُوا اللهَ فِي إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمَسَاكِينِ فَإِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً أَنْ تُحِبُّوهُمْ فَإِنَّ اللهَ أَمَرَ رَسُولَهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) بِحُبِّهِمْ فَمَنْ لَمْ يُحِبَّ مَنْ أَمَرَ اللهُ بِحُبِّهِ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ مَاتَ وَهُوَ مِنَ الْغَاوِينَ وَإِيَّاكُمْ وَالْعَظَمَةَ وَالْكِبْرَ فَإِنَّ الْكِبْرَ رِدَاءُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ نَازَعَ اللهَ رِدَاءَهُ خَصَمَهُ اللهُ وَأَذَلَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِيَّاكُمْ أَنْ يَبْغِيَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ خِصَالِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهُ مَنْ بَغَى صَيَّرَ اللهُ بَغْيَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَصَارَتْ نُصْرَةُ اللهِ لِمَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ وَمَنْ نَصَرَهُ اللهُ غَلَبَ وَأَصَابَ الظَّفَرَ مِنَ اللهِ وَإِيَّاكُمْ أَنْ يَحْسُدَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّ الْكُفْرَ أَصْلُهُ الْحَسَدُ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُعِينُوا عَلَى مُسْلِمٍ مَظْلُومٍ فَيَدْعُوَ اللهَ عَلَيْكُمْ وَيُسْتَجَابَ لَهُ فِيكُمْ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) كَانَ يَقُولُ إِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَلْيُعِنْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) كَانَ يَقُولُ إِنَّ مَعُونَةَ الْمُسْلِمِ خَيْرٌ وَأَعْظَمُ أَجْراً مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَاعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِيَّاكُمْ وَإِعْسَارَ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ تُعْسِرُوهُ بِالشَّيْ‏ءِ يَكُونُ لَكُمْ قِبَلَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) كَانَ يَقُولُ لَيْسَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُعْسِرَ مُسْلِماً وَمَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَظَلَّهُ اللهُ بِظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ وَإِيَّاكُمْ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفَضَّلَةُ عَلَى مَنْ سِوَاهَا وَحَبْسَ حُقُوقِ اللهِ قِبَلَكُمْ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ وَسَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ فَإِنَّهُ مَنْ عَجَّلَ حُقُوقَ اللهِ قِبَلَهُ كَانَ اللهُ أَقْدَرَ عَلَى التَّعْجِيلِ لَهُ إِلَى مُضَاعَفَةِ الْخَيْرِ فِي الْعَاجِلِ وَالآجِلِ وَإِنَّهُ مَنْ أَخَّرَ حُقُوقَ اللهِ قِبَلَهُ كَانَ اللهُ أَقْدَرَ عَلَى تَأْخِيرِ رِزْقِهِ وَمَنْ حَبَسَ اللهُ رِزْقَهُ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَرْزُقَ نَفْسَهُ فَأَدُّوا إِلَى اللهِ حَقَّ مَا رَزَقَكُمْ يُطَيِّبِ اللهُ لَكُمْ بَقِيَّتَهُ وَيُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنْ مُضَاعَفَتِهِ لَكُمُ الأضْعَافَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي لا يَعْلَمُ عَدَدَهَا وَلا كُنْهَ فَضْلِهَا إِلا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَقَالَ اتَّقُوا اللهَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ وَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لا يَكُونَ مِنْكُمْ مُحْرِجُ الإمَامِ فَإِنَّ مُحْرِجَ الإمَامِ هُوَ الَّذِي يَسْعَى بِأَهْلِ الصَّلاحِ مِنْ أَتْبَاعِ الإمَامِ الْمُسَلِّمِينَ لِفَضْلِهِ الصَّابِرِينَ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ الْعَارِفِينَ لِحُرْمَتِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ نَزَلَ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ عِنْدَ الإمَامِ فَهُوَ مُحْرِجُ الإمَامِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الإمَامِ أَحْرَجَ الإمَامَ إِلَى أَنْ يَلْعَنَ أَهْلَ الصَّلاحِ مِنْ أَتْبَاعِهِ الْمُسَلِّمِينَ لِفَضْلِهِ الصَّابِرِينَ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ الْعَارِفِينَ بِحُرْمَتِهِ فَإِذَا لَعَنَهُمْ لإحْرَاجِ أَعْدَاءِ اللهِ الإمَامَ صَارَتْ لَعْنَتُهُ رَحْمَةً مِنَ اللهِ عَلَيْهِمْ وَصَارَتِ اللَّعْنَةُ مِنَ اللهِ وَمِنَ الْمَلائِكَةِ وَرُسُلِهِ عَلَى أُولَئِكَ وَ اعْلَمُوا أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ أَنَّ السُّنَّةَ مِنَ اللهِ قَدْ جَرَتْ فِي الصَّالِحِينَ قَبْلُ وَقَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقّاً حَقّاً فَلْيَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلْيَبْرَأْ إِلَى اللهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ وَيُسَلِّمُ لِمَا انْتَهَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِهِمْ لأنَّ فَضْلَهُمْ لا يَبْلُغُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلا مَنْ دُونَ ذَلِكَ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا ذَكَرَ اللهُ مِنْ فَضْلِ أَتْبَاعِ الأئِمَّةِ الْهُدَاةِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ قَالَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فَهَذَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ فَضْلِ أَتْبَاعِ الأئِمَّةِ فَكَيْفَ بِهِمْ وَفَضْلِهِمْ وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُتِمَّ اللهُ لَهُ إِيمَانَهُ حَتَّى يَكُونَ مُؤْمِناً حَقّاً حَقّاً فَلْيَفِ للهِ بِشُرُوطِهِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ قَدِ اشْتَرَطَ مَعَ وَلايَتِهِ وَوَلايَةِ رَسُولِهِ وَوَلايَةِ أَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ إِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَإِقْرَاضَ اللهِ قَرْضاً حَسَناً وَاجْتِنَابَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ فَلَمْ يَبْقَ شَيْ‏ءٌ مِمَّا فُسِّرَ مِمَّا حَرَّمَ اللهُ إِلا وَقَدْ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ فَمَنْ دَانَ اللهَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ مُخْلِصاً للهِ وَلَمْ يُرَخِّصْ لِنَفْسِهِ فِي تَرْكِ شَيْ‏ءٍ مِنْ هَذَا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ فِي حِزْبِهِ الْغَالِبِينَ وَهُوَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً وَإِيَّاكُمْ وَالإصْرَارَ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللهُ فِي ظَهْرِ الْقُرْآنِ وَبَطْنِهِ وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ إِلَى هَاهُنَا رِوَايَةُ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعٍ يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ إِذَا نَسُوا شَيْئاً مِمَّا اشْتَرَطَ اللهُ فِي كِتَابِهِ عَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ عَصَوُا اللهَ فِي تَرْكِهِمْ ذَلِكَ الشَّيْ‏ءَ فَاسْتَغْفَرُوا وَلَمْ يَعُودُوا إِلَى تَرْكِهِ فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ اللهِ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ.

وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ وَنَهَى لِيُطَاعَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَلِيُنْتَهَى عَمَّا نَهَى عَنْهُ فَمَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ فَقَدْ أَطَاعَهُ وَقَدْ أَدْرَكَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَهُ وَمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَمَّا نَهَى اللهُ عَنْهُ فَقَدْ عَصَاهُ فَإِنْ مَاتَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ أَكَبَّهُ اللهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلا مَنْ دُونَ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ إِلا طَاعَتُهُمْ لَهُ فَاجْتَهِدُوا فِي طَاعَةِ اللهِ إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ حَقّاً حَقّاً وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ وَقَالَ وَعَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ رَبِّكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّ اللهَ رَبُّكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ الإسْلامَ هُوَ التَّسْلِيمُ وَالتَّسْلِيمَ هُوَ الإسْلامُ فَمَنْ سَلَّمَ فَقَدْ أَسْلَمَ وَمَنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَلا إِسْلامَ لَهُ وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْلِغَ إِلَى نَفْسِهِ فِي الإحْسَانِ فَلْيُطِعِ اللهَ فَإِنَّهُ مَنْ أَطَاعَ اللهَ فَقَدْ أَبْلَغَ إِلَى نَفْسِهِ فِي الإحْسَانِ وَإِيَّاكُمْ وَمَعَاصِيَ اللهِ أَنْ تَرْكَبُوهَا فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَكَ مَعَاصِيَ اللهِ فَرَكِبَهَا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الإسَاءَةِ إِلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ بَيْنَ الإحْسَانِ وَالإسَاءَةِ مَنْزِلَةٌ فَلأهْلِ الإحْسَانِ عِنْدَ رَبِّهِمُ الْجَنَّةُ وَلأهْلِ الإسَاءَةِ عِنْدَ رَبِّهِمُ النَّارُ فَاعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللهِ وَاجْتَنِبُوا مَعَاصِيَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ يُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ شَيْئاً لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلا مَنْ دُونَ ذَلِكَ فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ تَنْفَعَهُ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ عِنْدَ اللهِ فَلْيَطْلُبْ إِلَى اللهِ أَنْ يَرْضَى عَنْهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَداً مِنْ خَلْقِ اللهِ لَمْ يُصِبْ رِضَا اللهِ إِلا بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَطَاعَةِ وُلاةِ أَمْرِهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَمَعْصِيَتُهُمْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ وَلَمْ يُنْكِرْ لَهُمْ فَضْلا عَظُمَ أَوْ صَغُرَ وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمُنْكِرِينَ هُمُ الْمُكَذِّبُونَ وَأَنَّ الْمُكَذِّبِينَ هُمُ الْمُنَافِقُونَ وَأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِلْمُنَافِقِينَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً وَلا يَفْرَقَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَلْزَمَ اللهُ قَلْبَهُ طَاعَتَهُ وَخَشْيَتَهُ مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْ صِفَةِ الْحَقِّ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِهَا فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ مِنْ أَهْلِ صِفَةِ الْحَقِّ فَأُولَئِكَ هُمْ شَيَاطِينُ الإنْسِ وَالْجِنِّ وَإِنَّ لِشَيَاطِينِ الإنْسِ حِيلَةً وَمَكْراً وَخَدَائِعَ وَوَسْوَسَةً بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ يُرِيدُونَ إِنِ اسْتَطَاعُوا أَنْ يَرُدُّوا أَهْلَ الْحَقِّ عَمَّا أَكْرَمَهُمُ اللهُ بِهِ مِنَ النَّظَرِ فِي دِينِ اللهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ اللهُ شَيَاطِينَ الإنْسِ مِنْ أَهْلِهِ إِرَادَةَ أَنْ يَسْتَوِيَ أَعْدَاءُ اللهِ وَأَهْلُ الْحَقِّ.

فِي الشَّكِّ وَالإنْكَارِ وَالتَّكْذِيبِ فَيَكُونُونَ سَوَاءً كَمَا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً ثُمَّ نَهَى اللهُ أَهْلَ النَّصْرِ بِالْحَقِّ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً فَلا يُهَوِّلَنَّكُمْ وَلا يَرُدَّنَّكُمْ عَنِ النَّصْرِ بِالْحَقِّ الَّذِي خَصَّكُمُ اللهُ بِهِ مِنْ حِيلَةِ شَيَاطِينِ الإنْسِ وَمَكْرِهِمْ مِنْ أُمُورِكُمْ تَدْفَعُونَ أَنْتُمُ السَّيِّئَةَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ تَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ رَبِّكُمْ بِطَاعَتِهِ وَهُمْ لا خَيْرَ عِنْدَهُمْ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تُظْهِرُوهُمْ عَلَى أُصُولِ دِينِ اللهِ فَإِنَّهُمْ إِنْ سَمِعُوا مِنْكُمْ فِيهِ شَيْئاً عَادَوْكُمْ عَلَيْهِ وَرَفَعُوهُ عَلَيْكُمْ وَجَهَدُوا عَلَى هَلاكِكُمْ وَاسْتَقْبَلُوكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ وَلَمْ يَكُنْ لَكُمُ النَّصَفَةُ مِنْهُمْ فِي دُوَلِ الْفُجَّارِ فَاعْرِفُوا مَنْزِلَتَكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْبَاطِلِ فَإِنَّهُ لا يَنْبَغِي لأهْلِ الْحَقِّ أَنْ يُنْزِلُوا أَنْفُسَهُمْ مَنْزِلَةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ لأنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ أَهْلَ الْحَقِّ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ أَلَمْ يَعْرِفُوا وَجْهَ قَوْلِ اللهِ فِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ أَكْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ عَنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَلا تَجْعَلُوا اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَهُ الْمَثَلُ الأعْلَى وَإِمَامَكُمْ وَدِينَكُمُ الَّذِي تَدِينُونَ بِهِ عُرْضَةً لأهْلِ الْبَاطِلِ فَتُغْضِبُوا اللهَ عَلَيْكُمْ فَتَهْلِكُوا فَمَهْلا مَهْلا يَا أَهْلَ الصَّلاحِ لا تَتْرُكُوا أَمْرَ اللهِ وَأَمْرَ مَنْ أَمَرَكُمْ بِطَاعَتِهِ فَيُغَيِّرَ اللهُ مَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَحِبُّوا فِي اللهِ مَنْ وَصَفَ صِفَتَكُمْ وَأَبْغِضُوا فِي اللهِ مَنْ خَالَفَكُمْ وَابْذُلُوا مَوَدَّتَكُمْ وَنَصِيحَتَكُمْ [لِمَنْ وَصَفَ صِفَتَكُمْ] وَلا تَبْتَذِلُوهَا لِمَنْ رَغِبَ عَنْ صِفَتِكُمْ وَعَادَاكُمْ عَلَيْهَا وَبَغَى لَكُمُ الْغَوَائِلَ هَذَا أَدَبُنَا أَدَبُ اللهِ فَخُذُوا بِهِ وَتَفَهَّمُوهُ وَاعْقِلُوهُ وَلا تَنْبِذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ مَا وَافَقَ هُدَاكُمْ أَخَذْتُمْ بِهِ وَمَا وَافَقَ هَوَاكُمْ طَرَحْتُمُوهُ وَلَمْ تَأْخُذُوا بِهِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّجَبُّرَ عَلَى اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ عَبْداً لَمْ يُبْتَلَ بِالتَّجَبُّرِ عَلَى اللهِ إِلا تَجَبَّرَ عَلَى دِينِ اللهِ فَاسْتَقِيمُوا للهِ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ أَجَارَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ التَّجَبُّرِ عَلَى اللهِ وَلا قُوَّةَ لَنَا وَلَكُمْ إِلا بِاللهِ وَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلام) إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ خَلَقَهُ اللهُ فِي الأصْلِ أَصْلِ الْخَلْقِ مُؤْمِناً لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُكَرِّهَ اللهُ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَيُبَاعِدَهُ عَنْهُ وَمَنْ كَرَّهَ اللهُ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَبَاعَدَهُ عَنْهُ عَافَاهُ اللهُ مِنَ الْكِبْرِ.

أَنْ يَدْخُلَهُ وَالْجَبْرِيَّةِ فَلانَتْ عَرِيكَتُهُ وَحَسُنَ خُلُقُهُ وَطَلُقَ وَجْهُهُ وَصَارَ عَلَيْهِ وَقَارُ الإسْلامِ وَسَكِينَتُهُ وَتَخَشُّعُهُ وَوَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ وَاجْتَنَبَ مَسَاخِطَهُ وَرَزَقَهُ اللهُ مَوَدَّةَ النَّاسِ وَمُجَامَلَتَهُمْ وَتَرْكَ مُقَاطَعَةِ النَّاسِ وَالْخُصُومَاتِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَلا مِنْ أَهْلِهَا فِي شَيْ‏ءٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ اللهُ خَلَقَهُ فِي الأصْلِ [أَصْلِ الْخَلْقِ] كَافِراً لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُحَبِّبَ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَيُقَرِّبَهُ مِنْهُ فَإِذَا حَبَّبَ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَقَرَّبَهُ مِنْهُ ابْتُلِيَ بِالْكِبْرِ وَالْجَبْرِيَّةِ فَقَسَا قَلْبُهُ وَسَاءَ خُلُقُهُ وَغَلُظَ وَجْهُهُ وَظَهَرَ فُحْشُهُ وَقَلَّ حَيَاؤُهُ وَكَشَفَ اللهُ سِتْرَهُ وَرَكِبَ الْمَحَارِمَ فَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهَا وَرَكِبَ مَعَاصِيَ اللهِ وَأَبْغَضَ طَاعَتَهُ وَأَهْلَهَا فَبُعْدٌ مَا بَيْنَ حَالِ الْمُؤْمِنِ وَحَالِ الْكَافِرِ سَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ وَاطْلُبُوهَا إِلَيْهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ صَبِّرُوا النَّفْسَ عَلَى الْبَلاءِ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ تَتَابُعَ الْبَلاءِ فِيهَا وَالشِّدَّةَ فِي طَاعَةِ اللهِ وَوَلايَتِهِ وَوَلايَةِ مَنْ أَمَرَ بِوَلايَتِهِ خَيْرٌ عَاقِبَةً عِنْدَ اللهِ فِي الآخِرَةِ مِنْ مُلْكِ الدُّنْيَا وَإِنْ طَالَ تَتَابُعُ نَعِيمِهَا وَزَهْرَتِهَا وَغَضَارَةُ عَيْشِهَا فِي مَعْصِيَةِ اللهِ وَوَلايَةِ مَنْ نَهَى اللهُ عَنْ وَلايَتِهِ وَطَاعَتِهِ فَإِنَّ اللهَ أَمَرَ بِوَلايَةِ الأئِمَّةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَهُمُ الَّذِينَ أَمَرَ اللهُ بِوَلايَتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَالَّذِينَ نَهَى اللهُ عَنْ وَلايَتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَهُمْ أَئِمَّةُ الضَّلالَةِ الَّذِينَ قَضَى اللهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ دُوَلٌ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَوْلِيَاءِ اللهِ الأئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ يَعْمَلُونَ فِي دُولَتِهِمْ بِمَعْصِيَةِ اللهِ وَمَعْصِيَةِ رَسُولِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) لِيَحِقَّ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ وَلِيَتِمَّ أَنْ تَكُونُوا مَعَ نَبِيِّ اللهِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَالرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ فَتَدَبَّرُوا مَا قَصَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِهِ مِمَّا ابْتَلَى بِهِ أَنْبِيَاءَهُ وَأَتْبَاعَهُمُ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ سَلُوا اللهَ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الصَّبْرَ عَلَى الْبَلاءِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ مِثْلَ الَّذِي أَعْطَاهُمْ وَإِيَّاكُمْ وَمُمَاظَّةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَعَلَيْكُمْ بِهُدَى الصَّالِحِينَ وَوَقَارِهِمْ وَسَكِينَتِهِمْ وَحِلْمِهِمْ وَتَخَشُّعِهِمْ وَوَرَعِهِمْ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ وَصِدْقِهِمْ وَوَفَائِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ للهِ فِي الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ لَمْ تُنْزَلُوا عِنْدَ رَبِّكُمْ مَنْزِلَةَ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً شَرَحَ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَإِذَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ أَنْطَقَ لِسَانَهُ بِالْحَقِّ وَعَقَدَ قَلْبَهُ عَلَيْهِ فَعَمِلَ بِهِ فَإِذَا جَمَعَ اللهُ لَهُ ذَلِكَ تَمَّ لَهُ إِسْلامُهُ وَكَانَ عِنْدَ اللهِ إِنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَقّاً وَإِذَا لَمْ يُرِدِ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْراً وَكَلَهُ إِلَى نَفْسِهِ وَكَانَ صَدْرُهُ ضَيِّقاً حَرَجاً فَإِنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ حَقٌّ لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُعْطِهِ اللهُ الْعَمَلَ بِهِ فَإِذَا اجْتَمَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ كَانَ عِنْدَ اللهِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَصَارَ مَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي لَمْ يُعْطِهِ اللهُ أَنْ يُعْقَدَ قَلْبُهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْعَمَلَ بِهِ حُجَّةً عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَاتَّقُوا اللهَ وَسَلُوهُ أَنْ يَشْرَحَ صُدُورَكُمْ لِلإسْلامِ وَأَنْ يَجْعَلَ أَلْسِنَتَكُمْ تَنْطِقُ بِالْحَقِّ حَتَّى يَتَوَفَّيكُمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْ يَجْعَلَ مُنْقَلَبَكُمْ مُنْقَلَبَ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ فَلْيَعْمَلْ بِطَاعَةِ اللهِ وَلْيَتَّبِعْنَا أَلَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهِ لا يُطِيعُ اللهَ عَبْدٌ أَبَداً إِلا أَدْخَلَ اللهُ عَلَيْهِ فِي طَاعَتِهِ اتِّبَاعَنَا وَلا وَاللهِ لا يَتَّبِعُنَا عَبْدٌ أَبَداً إِلا أَحَبَّهُ اللهُ وَلا وَاللهِ لا يَدَعُ أَحَدٌ اتِّبَاعَنَا أَبَداً إِلا أَبْغَضَنَا وَلا وَاللهِ لا يُبْغِضُنَا أَحَدٌ أَبَداً إِلا عَصَى اللهَ وَمَنْ مَاتَ عَاصِياً للهِ أَخْزَاهُ اللهُ وَأَكَبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

صَحِيفَةُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِما السَّلام) وَكَلامُهُ فِي الزُّهْدِ

2- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ مَا سَمِعْتُ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ أَزْهَدَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِما السَّلام) إِلا مَا بَلَغَنِي مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ أَبُو حَمْزَةَ كَانَ الإمَامُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِما السَّلام) إِذَا تَكَلَّمَ فِي الزُّهْدِ وَوَعَظَ أَبْكَى مَنْ بِحَضْرَتِهِ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ وَقَرَأْتُ صَحِيفَةً فِيهَا كَلامُ زُهْدٍ مِنْ كَلامِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِما السَّلام) وَكَتَبْتُ مَا فِيهَا ثُمَّ أَتَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فَعَرَضْتُ مَا فِيهَا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُ وَصَحَّحَهُ وَكَانَ مَا فِيهَا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَفَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ كَيْدَ الظَّالِمِينَ وَبَغْيَ الْحَاسِدِينَ وَبَطْشَ الْجَبَّارِينَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الطَّوَاغِيتُ وَأَتْبَاعُهُمْ مِنْ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْمَائِلُونَ إِلَيْهَا الْمُفْتَتِنُونَ بِهَا الْمُقْبِلُونَ عَلَيْهَا وَعَلَى حُطَامِهَا الْهَامِدِ وَهَشِيمِهَا الْبَائِدِ غَداً وَاحْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللهُ مِنْهَا وَازْهَدُوا فِيمَا زَهَّدَكُمُ اللهُ فِيهِ مِنْهَا وَلا تَرْكَنُوا إِلَى مَإ؛ّّ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا رُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا دَارَ قَرَارٍ وَمَنْزِلَ اسْتِيطَانٍ وَاللهِ إِنَّ لَكُمْ مِمَّا فِيهَا عَلَيْهَا لَدَلِيلا وَتَنْبِيهاً مِنْ تَصْرِيفِ أَيَّامِهَا وَتَغَيُّرِ انْقِلابِهَا وَمَثُلاتِهَا وَتَلاعُبِهَا بِأَهْلِهَا إِنَّهَا لَتَرْفَعُ الْخَمِيلَ وَتَضَعُ الشَّرِيفَ وَتُورِدُ أَقْوَاماً إِلَى النَّارِ غَداً فَفِي هَذَا مُعْتَبَرٌ وَمُخْتَبَرٌ وَزَاجِرٌ لِمُنْتَبِهٍ إِنَّ الأمُورَ الْوَارِدَةَ عَلَيْكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ مُظْلِمَاتِ الْفِتَنِ وَحَوَادِثِ الْبِدَعِ وَسُنَنِ الْجَوْرِ وَبَوَائِقِ الزَّمَانِ وَهَيْبَةِ السُّلْطَانِ وَوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ لَتُثَبِّطُ الْقُلُوبَ عَنْ تَنَبُّهِهَا وَتُذْهِلُهَا عَنْ مَوْجُودِ الْهُدَى وَمَعْرِفَةِ أَهْلِ الْحَقِّ إِلا قَلِيلا مِمَّنْ عَصَمَ اللهُ فَلَيْسَ يَعْرِفُ تَصَرُّفَ أَيَّامِهَا وَتَقَلُّبَ حَالاتِهَا وَعَاقِبَةَ ضَرَرِ فِتْنَتِهَا إِلا مَنْ عَصَمَ اللهُ وَنَهَجَ سَبِيلَ الرُّشْدِ وَسَلَكَ طَرِيقَ الْقَصْدِ ثُمَّ اسْتَعَانَ عَلَى ذَلِكَ بِالزُّهْدِ فَكَرَّرَ الْفِكْرَ وَاتَّعَظَ بِالصَّبْرِ فَازْدَجَرَ وَزَهِدَ فِي عَاجِلِ بَهْجَةِ الدُّنْيَا وَتَجَافَى عَنْ لَذَّاتِهَا وَرَغِبَ فِي دَائِمِ نَعِيمِ الآخِرَةِ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَرَاقَبَ الْمَوْتَ وَشَنَأَ الْحَيَاةَ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ نَظَرَ إِلَى مَا فِي الدُّنْيَا بِعَيْنٍ نَيِّرَةٍ حَدِيدَةَ الْبَصَرِ وَأَبْصَرَ حَوَادِثَ الْفِتَنِ وَضَلالَ الْبِدَعِ وَجَوْرَ الْمُلُوكِ الظَّلَمَةِ فَلَقَدْ لَعَمْرِي اسْتَدْبَرْتُمُ الأمُورَ الْمَاضِيَةَ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْفِتَنِ الْمُتَرَاكِمَةِ وَالانْهِمَاكِ فِيمَا تَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى تَجَنُّبِ الْغُوَاةِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَالْبَغْيِ وَالْفَسَادِ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَاسْتَعِينُوا بِاللهِ وَارْجِعُوا إِلَى طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالطَّاعَةِ مِمَّنِ اتُّبِعَ فَأُطِيعَ.

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ قَبْلِ النَّدَامَةِ وَالْحَسْرَةِ وَالْقُدُومِ عَلَى اللهِ وَالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَاللهِ مَا صَدَرَ قَوْمٌ قَطُّ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلا إِلَى عَذَابِهِ وَمَا آثَرَ قَوْمٌ قَطُّ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ إِلا سَاءَ مُنْقَلَبُهُمْ وَسَاءَ مَصِيرُهُمْ وَمَا الْعِلْمُ بِاللهِ وَالْعَمَلُ إِلا إِلْفَانِ مُؤْتَلِفَانِ فَمَنْ عَرَفَ اللهَ خَافَهُ وَحَثَّهُ الْخَوْفُ عَلَى الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللهِ وَإِنَّ أَرْبَابَ الْعِلْمِ وَأَتْبَاعَهُمُ الَّذِينَ عَرَفُوا اللهَ فَعَمِلُوا لَهُ وَرَغِبُوا إِلَيْهِ وَقَدْ قَالَ اللهُ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ فَلا تَلْتَمِسُوا شَيْئاً مِمَّا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بِمَعْصِيَةِ اللهِ وَاشْتَغِلُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بِطَاعَةِ اللهِ وَاغْتَنِمُوا أَيَّامَهَا وَاسْعَوْا لِمَا فِيهِ نَجَاتُكُمْ غَداً مِنْ عَذَابِ اللهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ لِلتَّبِعَةِ وَأَدْنَى مِنَ الْعُذْرِ وَأَرْجَى لِلنَّجَاةِ فَقَدِّمُوا أَمْرَ اللهِ وَطَاعَةَ مَنْ أَوْجَبَ اللهُ طَاعَتَهُ بَيْنَ يَدَيِ الأمُورِ كُلِّهَا وَلا تُقَدِّمُوا الأمُورَ الْوَارِدَةَ عَلَيْكُمْ مِنْ طَاعَةِ الطَّوَاغِيتِ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ أُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ عَبِيدُ اللهِ وَنَحْنُ مَعَكُمْ يَحْكُمُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ سَيِّدٌ حَاكِمٌ غَداً وَهُوَ مُوقِفُكُمْ وَمُسَائِلُكُمْ فَأَعِدُّوا الْجَوَابَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَالْمُسَاءَلَةِ وَالْعَرْضِ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ يَوْمَئِذٍ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لا يُصَدِّقُ يَوْمَئِذٍ كَاذِباً وَلا يُكَذِّبُ صَادِقاً وَلا يَرُدُّ عُذْرَ مُسْتَحِقٍّ وَلا يَعْذِرُ غَيْرَ مَعْذُورٍ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَى خَلْقِهِ بِالرُّسُلِ وَالأوْصِيَاءِ بَعْدَ الرُّسُلِ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاسْتَقْبِلُوا فِي إِصْلاحِ أَنْفُسِكُمْ وَطَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ مَنْ تَوَلَّوْنَهُ فِيهَا لَعَلَّ نَادِماً قَدْ نَدِمَ فِيمَا فَرَّطَ بِالأمْسِ فِي جَنْبِ اللهِ وَضَيَّعَ مِنْ حُقُوقِ اللهِ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ وَتُوبُوا إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَةِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَإِيَّاكُمْ وَصُحْبَةَ الْعَاصِينَ وَمَعُونَةَ الظَّالِمِينَ وَمُجَاوَرَةَ الْفَاسِقِينَ احْذَرُوا فِتْنَتَهُمْ وَتَبَاعَدُوا مِنْ سَاحَتِهِمْ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ خَالَفَ أَوْلِيَاءَ اللهِ وَدَانَ بِغَيْرِ دِينِ اللهِ وَاسْتَبَدَّ بِأَمْرِهِ دُونَ أَمْرِ وَلِيِّ اللهِ كَانَ فِي نَارٍ تَلْتَهِبُ تَأْكُلُ أَبْدَاناً قَدْ غَابَتْ عَنْهَا أَرْوَاحُهَا وَغَلَبَتْ عَلَيْهَا شِقْوَتُهَا فَهُمْ مَوْتَى لا يَجِدُونَ حَرَّ النَّارِ وَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَوَجَدُوا مَضَضَ حَرِّ النَّارِ وَ اعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَارِ وَاحْمَدُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لا تَخْرُجُونَ مِنْ قُدْرَةِ اللهِ إِلَى غَيْرِ قُدْرَتِهِ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ فَانْتَفِعُوا بِالْعِظَةِ وَتَأَدَّبُوا بِ‏آدَابِ الصَّالِحِينَ.

3- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ وَهُوَ الْعَاصِمِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الصَّوَّافِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) يُوصِي أَصْحَابَهُ وَيَقُولُ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ فَإِنَّهَا غِبْطَةُ الطَّالِبِ الرَّاجِي وَثِقَةُ الْهَارِبِ اللاجِي وَاسْتَشْعِرُوا التَّقْوَى شِعَاراً بَاطِناً وَاذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً خَالِصاً تَحْيَوْا بِهِ أَفْضَلَ الْحَيَاةِ وَتَسْلُكُوا بِهِ طَرِيقَ النَّجَاةِ انْظُرُوا فِي الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدِ الْمُفَارِقِ لَهَا فَإِنَّهَا تُزِيلُ الثَّاوِيَ السَّاكِنَ وَتَفْجَعُ الْمُتْرَفَ الآمِنَ لا يُرْجَى مِنْهَا مَا تَوَلَّى فَأَدْبَرَ وَلا يُدْرَى مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَيُنْتَظَرَ وُصِلَ الْبَلاءُ مِنْهَا بِالرَّخَاءِ وَالْبَقَاءُ مِنْهَا إِلَى فَنَاءٍ فَسُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ وَالْبَقَاءُ فِيهَا إِلَى الضَّعْفِ وَالْوَهْنِ فَهِيَ كَرَوْضَةٍ اعْتَمَّ مَرْعَاهَا وَأَعْجَبَتْ مَنْ يَرَاهَا عَذْبٌ شِرْبُهَا طَيِّبٌ تَرْبُهَا تَمُجُّ عُرُوقُهَا الثَّرَى وَتَنْطُفُ فُرُوعُهَا النَّدَى حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْعُشْبُ إِبَّانَهُ وَاسْتَوَى بَنَانُهُ هَاجَتْ رِيحٌ تَحُتُّ الْوَرَقَ وَتُفَرِّقُ مَا اتَّسَقَ فَأَصْبَحَتْ كَمَا قَالَ اللهُ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مُقْتَدِراً انْظُرُوا فِي الدُّنْيَا فِي كَثْرَةِ مَا يُعْجِبُكُمْ وَقِلَّةِ مَا يَنْفَعُكُمْ.

خُطْبَةٌ لأمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) وَهِيَ خُطْبَةُ الْوَسِيلَةِ

4- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُكَايَةَ التَّمِيمِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ النَّضْرِ الْفِهْرِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الأوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلام) فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ قَدْ أَرْمَضَنِي اخْتِلافُ الشِّيعَةِ فِي مَذَاهِبِهَا فَقَالَ يَا جَابِرُ أَلَمْ أَقِفْكَ عَلَى مَعْنَى اخْتِلافِهِمْ مِنْ أَيْنَ اخْتَلَفُوا وَمِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَفَرَّقُوا قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ قَالَ فَلا تَخْتَلِفْ إِذَا اخْتَلَفُوا يَا جَابِرُ إِنَّ الْجَاحِدَ لِصَاحِبِ الزَّمَانِ كَالْجَاحِدِ لِرَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فِي أَيَّامِهِ يَا جَابِرُ اسْمَعْ وَعِ قُلْتُ إِذَا شِئْتَ قَالَ اسْمَعْ وَعِ وَبَلِّغْ حَيْثُ انْتَهَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) خَطَبَ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَذَلِكَ حِينَ فَرَغَ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ وَتَأْلِيفِهِ فَقَالَ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَعَ الأوْهَامَ أَنْ تَنَالَ إِلا وُجُودَهُ وَحَجَبَ الْعُقُولَ أَنْ تَتَخَيَّلَ ذَاتَهُ لامْتِنَاعِهَا مِنَ الشَّبَهِ وَالتَّشَاكُلِ بَلْ هُوَ الَّذِي لا يَتَفَاوَتُ فِي ذَاتِهِ وَلا يَتَبَعَّضُ بِتَجْزِئَةِ الْعَدَدِ فِي كَمَالِهِ فَارَقَ الأشْيَاءَ لا عَلَى اخْتِلافِ الأمَاكِنِ وَيَكُونُ فِيهَا لا عَلَى وَجْهِ الْمُمُازَجَةِ وَعَلِمَهَا لا بِأَدَاةٍ لا يَكُونُ الْعِلْمُ إِلا بِهَا وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْلُومِهِ عِلْمُ غَيْرِهِ بِهِ كَانَ عَالِماً بِمَعْلُومِهِ إِنْ قِيلَ كَانَ فَعَلَى تَأْوِيلِ أَزَلِيَّةِ الْوُجُودِ وَإِنْ قِيلَ لَمْ يَزَلْ فَعَلَى تَأْوِيلِ نَفْيِ الْعَدَمِ فَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ قَوْلِ مَنْ عَبَدَ سِوَاهُ وَاتَّخَذَ إِلَهاً غَيْرَهُ عُلُوّاً كَبِيراً نَحْمَدُهُ بِالْحَمْدِ الَّذِي ارْتَضَاهُ مِنْ خَلْقِهِ وَأَوْجَبَ قَبُولَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ شَهَادَتَانِ تَرْفَعَانِ الْقَوْلَ وَتُضَاعِفَانِ الْعَمَلَ خَفَّ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ مِنْهُ وَثَقُلَ مِيزَانٌ تُوضَعَانِ فِيهِ وَبِهِمَا الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَالْجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ وَبِالشَّهَادَةِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَبِالصَّلاةِ تَنَالُونَ الرَّحْمَةَ أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلاةِ عَلَى نَبِيِّكُمْ إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لا شَرَفَ أَعْلَى مِنَ الإسْلامِ وَلا كَرَمَ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَى وَلا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ وَلا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ وَلا لِبَاسَ أَجْمَلُ مِنَ الْعَافِيَةِ وَلا وِقَايَةَ أَمْنَعُ مِنَ السَّلامَةِ وَلا مَالَ أَذْهَبُ بِالْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا بِالْقَنَاعَةِ وَلا كَنْزَ أَغْنَى مِنَ الْقُنُوعِ وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ انْتَظَمَ الرَّاحَةَ وَتَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ وَالرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ التَّعَبِ وَالاحْتِكَارُ مَطِيَّةُ النَّصَبِ وَالْحَسَدُ آفَةُ الدِّينِ وَالْحِرْصُ دَاعٍ إِلَى التَّقَحُّمِ فِي الذُّنُوبِ وَهُوَ دَاعِي الْحِرْمَانِ وَالْبَغْيُ سَائِقٌ إِلَى الْحَيْنِ وَالشَّرَهُ جَامِعٌ لِمَسَاوِي الْعُيُوبِ رُبَّ طَمَعٍ خَائِبٍ وَأَمَلٍ كَاذِبٍ وَرَجَاءٍ يُؤَدِّي إِلَى الْحِرْمَانِ وَتِجَارَةٍ تَئُولُ إِلَى الْخُسْرَانِ أَلا وَمَنْ تَوَرَّطَ فِي الأمُورِ غَيْرَ نَاظِرٍ فِي الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمُفْضِحَاتِ النَّوَائِبِ وَبِئْسَتِ الْقِلادَةُ الذَّنْبُ لِلْمُؤْمِنِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لا كَنْزَ أَنْفَعُ مِنَ الْعِلْمِ وَلا عِزَّ أَرْفَعُ مِنَ الْحِلْمِ وَلا حَسَبَ أَبْلَغُ مِنَ الأدَبِ وَلا نَصَبَ أَوْضَعُ مِنَ الْغَضَبِ وَلا جَمَالَ أَزْيَنُ مِنَ الْعَقْلِ وَلا سَوْأَةَ أَسْوَأُ مِنَ الْكَذِبِ وَلا حَافِظَ أَحْفَظُ مِنَ الصَّمْتِ وَلا غَائِبَ أَقْرَبُ مِنَ الْمَوْتِ أَيُّهَإ؛ ّّ النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ نَظَرَ فِي عَيْبِ نَفْسِهِ اشْتَغَلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ وَمَنْ رَضِيَ بِرِزْقِ اللهِ لَمْ يَأْسَفْ عَلَى مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ وَمَنْ حَفَرَ لأخِيهِ بِئْراً وَقَعَ فِيهَا وَمَنْ هَتَكَ حِجَابَ غَيْرِهِ انْكَشَفَ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ وَمَنْ نَسِيَ زَلَلَهُ اسْتَعْظَمَ زَلَلَ غَيْرِهِ وَمَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ ضَلَّ وَمَنِ اسْتَغْنَى بِعَقْلِهِ زَلَّ وَمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى النَّاسِ ذَلَّ.

وَ مَنْ سَفِهَ عَلَى النَّاسِ شُتِمَ وَمَنْ خَالَطَ الأنْذَالَ حُقِّرَ وَمَنْ حَمَلَ مَا لا يُطِيقُ عَجَزَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لا مَالَ هُوَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَلا فَقْرَ هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَلا وَاعِظَ هُوَ أَبْلَغُ مِنَ النُّصْحِ وَلا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّرِ وَلا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ وَلا وَحْشَةَ أَشَدُّ مِنَ الْعُجْبِ وَلا وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَلا حِلْمَ كَالصَّبْرِ وَالصَّمْتِ أَيُّهَا النَّاسُ فِي الإنْسَانِ عَشْرُ خِصَالٍ يُظْهِرُهَا لِسَانُهُ شَاهِدٌ يُخْبِرُ عَنِ الضَّمِيرِ حَاكِمٌ يَفْصِلُ بَيْنَ الْخِطَابِ وَنَاطِقٌ يُرَدُّ بِهِ الْجَوَابُ وَشَافِعٌ يُدْرَكُ بِهِ الْحَاجَةُ وَوَاصِفٌ يُعْرَفُ بِهِ الأشْيَاءُ وَأَمِيرٌ يَأْمُرُ بِالْحَسَنِ وَوَاعِظٌ يَنْهَى عَنِ الْقَبِيحِ وَمُعَزٍّ تُسَكَّنُ بِهِ الأحْزَانُ وَحَاضِرٌ تُجْلَى بِهِ الضَّغَائِنُ وَمُونِقٌ تَلْتَذُّ بِهِ الأسْمَاعُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لا خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُ لا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ وَاعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ وَمَنْ لا يَعْلَمْ يَجْهَلْ وَمَنْ لا يَتَحَلَّمْ لا يَحْلُمْ وَمَنْ لا يَرْتَدِعْ لا يَعْقِلْ وَمَنْ لا يَعْلَمْ يُهَنْ وَمَنْ يُهَنْ لا يُوَقَّرْ وَمَنْ لا يُوَقَّرْ يَتَوَبَّخْ وَمَنْ يَكْتَسِبْ مَالا مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ يَصْرِفْهُ فِي غَيْرِ أَجْرِهِ وَمَنْ لا يَدَعْ وَهُوَ مَحْمُودٌ يَدَعْ وَهُوَ مَذْمُومٌ وَمَنْ لَمْ يُعْطِ قَاعِداً مُنِعَ قَائِماً وَمَنْ يَطْلُبِ الْعِزَّ بِغَيْرِ حَقٍّ يَذِلَّ وَمَنْ يَغْلِبْ بِالْجَوْرِ يُغْلَبْ وَمَنْ عَانَدَ الْحَقَّ لَزِمَهُ الْوَهْنُ وَمَنْ تَفَقَّهَ وُقِّرَ وَمَنْ تَكَبَّرَ حُقِّرَ وَمَنْ لا يُحْسِنْ لا يُحْمَدْ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمَنِيَّةَ قَبْلَ الدَّنِيَّةِ وَالتَّجَلُّدَ قَبْلَ التَّبَلُّدِ وَالْحِسَابَ قَبْلَ الْعِقَابِ وَالْقَبْرَ خَيْرٌ مِنَ الْفَقْرِ وَغَضَّ الْبَصَرِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّظَرِ وَالدَّهْرَ يَوْمٌ لَكَ وَيَوْمٌ عَلَيْكَ فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلا تَبْطَرْ وَإِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ فَبِكِلَيْهِمَا تُمْتَحَنُ [وَفِي نُسْخَةٍ وَكِلاهُمَا سَيُخْتَبَرُ] أَيُّهَا النَّاسُ أَعْجَبُ مَا فِي الإنْسَانِ قَلْبُهُ وَلَهُ مَوَادُّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَأَضْدَادٌ مِنْ خِلافِهَا فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ وَإِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْصُ وَإِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الأسَفُ وَإِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشْتَدَّ بِهِ الْغَيْظُ وَإِنْ أُسْعِدَ بِالرِّضَى نَسِيَ التَّحَفُّظَ وَإِنْ نَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ وَإِنِ اتَّسَعَ لَهُ الأمْنُ اسْتَلَبَتْهُ الْعِزَّةُ [وَفِي نُسْخَةٍ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ] وَإِنْ جُدِّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ وَإِنْ أَفَادَ مَالا أَطْغَاهُ الْغِنَى وَإِنْ عَضَّتْهُ فَاقَةٌ شَغَلَهُ الْبَلاءُ [وَفِي نُسْخَةٍ جَهَدَهُ الْبُكَاءُ] وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ وَإِنْ أَجْهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ وَإِنْ أَفْرَطَ فِي الشِّبَعِ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ فَكُلُّ تَقْصِيرٍ بِهِ مُضِرٌّ وَكُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِدٌ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ فَلَّ ذَلَّ وَمَنْ جَادَ سَادَ وَمَنْ كَثُرَ مَالُهُ رَأَسَ وَمَنْ كَثُرَ حِلْمُهُ.

نَبُلَ وَمَنْ أَفْكَرَ فِي ذَاتِ اللهِ تَزَنْدَقَ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْ‏ءٍ عُرِفَ بِهِ وَمَنْ كَثُرَ مِزَاحُهُ اسْتُخِفَّ بِهِ وَمَنْ كَثُرَ ضِحْكُهُ ذَهَبَتْ هَيْبَتُهُ فَسَدَ حَسَبُ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَدَبٌ إِنَّ أَفْضَلَ الْفِعَالِ صِيَانَةُ الْعِرْضِ بِالْمَالِ لَيْسَ مَنْ جَالَسَ الْجَاهِلَ بِذِي مَعْقُولٍ مَنْ جَالَسَ الْجَاهِلَ فَلْيَسْتَعِدَّ لِقِيلٍ وَقَالٍ لَنْ يَنْجُوَ مِنَ الْمَوْتِ غَنِيٌّ بِمَالِهِ وَلا فَقِيرٌ لإقْلالِهِ أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ أَنَّ الْمَوْتَ يُشْتَرَى لاشْتَرَاهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا الْكَرِيمُ الأبْلَجُ وَاللَّئِيمُ الْمَلْهُوجُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَوَاهِدَ تُجْرِي الأنْفُسَ عَنْ مَدْرَجَةِ أَهْلِ التَّفْرِيطِ وَفِطْنَةُ الْفَهْمِ لِلْمَوَاعِظِ مَا يَدْعُو النَّفْسَ إِلَى الْحَذَرِ مِنَ الْخَطَرِ وَلِلْقُلُوبِ خَوَاطِرَ لِلْهَوَى وَالْعُقُولُ تَزْجُرُ وَتَنْهَى وَفِي التَّجَارِبِ عِلْمٌ مُسْتَأْنَفٌ وَالاعْتِبَارُ يَقُودُ إِلَى الرَّشَادِ وَكَفَاكَ أَدَباً لِنَفْسِكَ مَا تَكْرَهُهُ لِغَيْرِكَ وَعَلَيْكَ لأخِيكَ الْمُؤْمِنِ مِثْلُ الَّذِي لَكَ عَلَيْهِ لَقَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ وَالتَّدَبُّرُ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنَّهُ يُؤْمِنُكَ مِنَ النَّدَمِ وَمَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الآرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَإِ وَمَنْ أَمْسَكَ عَنِ الْفُضُولِ عَدَلَتْ رَأْيَهُ الْعُقُولُ وَمَنْ حَصَّنَ شَهْوَتَهُ فَقَدْ صَانَ قَدْرَهُ وَمَنْ أَمْسَكَ لِسَانَهُ أَمِنَهُ قَوْمُهُ وَنَالَ حَاجَتَهُ وَفِي تَقَلُّبِ الأحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ وَالأيَّامُ تُوضِحُ لَكَ السَّرَائِرَ الْكَامِنَةَ وَلَيْسَ فِي الْبَرْقِ الْخَاطِفِ مُسْتَمْتَعٌ لِمَنْ يَخُوضُ فِي الظُّلْمَةِ وَمَنْ عُرِفَ بِالْحِكْمَةِ لَحَظَتْهُ الْعُيُونُ بِالْوَقَارِ وَالْهَيْبَةِ وَأَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنَى وَالصَّبْرُ جُنَّةٌ مِنَ الْفَاقَةِ وَالْحِرْصُ عَلامَةُ الْفَقْرِ وَالْبُخْلُ جِلْبَابُ الْمَسْكَنَةِ وَالْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ وَوَصُولٌ مُعْدِمٌ خَيْرٌ مِنْ جَافٍ مُكْثِرٍ وَالْمَوْعِظَةُ كَهْفٌ لِمَنْ وَعَاهَا وَمَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ كَثُرَ أَسَفُهُ وَقَدْ أَوْجَبَ الدَّهْرُ شُكْرَهُ عَلَى مَنْ نَالَ سُؤْلَهُ وَقَلَّ مَا يُنْصِفُكَ اللِّسَانُ فِي نَشْرِ قَبِيحٍ أَوْ إِحْسَانٍ وَمَنْ ضَاقَ خُلُقُهُ مَلَّهُ أَهْلُهُ وَمَنْ نَالَ اسْتَطَالَ وَقَلَّ مَا تَصْدُقُكَ الأمْنِيَّةُ وَالتَّوَاضُعُ يَكْسُوكَ الْمَهَابَةَ وَفِي سَعَةِ الأخْلاقِ كُنُوزُ الأرْزَاقِ كَمْ مِنْ عَاكِفٍ عَلَى ذَنْبِهِ فِي آخِرِ أَيَّامِ عُمُرِهِ وَمَنْ كَسَاهُ الْحَيَاءُ ثَوْبَهُ خَفِيَ عَلَى النَّاسِ عَيْبُهُ وَانْحُ الْقَصْدَ مِنَ الْقَوْلِ فَإِنَّ مَنْ تَحَرَّى الْقَصْدَ خَفَّتْ عَلَيْهِ الْمُؤَنُ وَفِي خِلافِ النَّفْسِ رُشْدُكَ مَنْ عَرَفَ الأيَّامَ لَمْ يَغْفُلْ عَنِ الاسْتِعْدَادِ أَلا وَإِنَّ مَعَ كُلِّ جُرْعَةٍ شَرَقاً وَإِنَّ فِي كُلِّ أُكْلَةٍ غُصَصاً لا تُنَالُ نِعْمَةٌ إِلا بِزَوَالِ أُخْرَى وَلِكُلِّ ذِي رَمَقٍ قُوتٌ وَلِكُلِّ حَبَّةٍ آكِلٌ وَأَنْتَ قُوتُ الْمَوْتِ اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ مَنْ مَشَى عَلَى وَجْهِ الأرْضِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِلَى بَطْنِهَا وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ يَتَنَازَعَانِ [يَتَسَارَعَانِ] فِي هَدْمِ الأعْمَارِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُفْرُ النِّعْمَةِ لُؤْمٌ وَصُحْبَةُ الْجَاهِلِ شُؤْمٌ إِنَّ مِنَ الْكَرَمِ لِينَ الْكَلامِ وَمِنَ الْعِبَادَةِ إِظْهَارَ اللِّسَانِ وَإِفْشَاءَ السَّلامِ إِيَّاكَ وَالْخَدِيعَةَ فَإِنَّهَا مِنْ خُلُقِ اللَّئِيمِ لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ وَلا كُلُّ غَائِبٍ يَئُوبُ لا تَرْغَبْ فِيمَنْ زَهِدَ فِيكَ رُبَّ بَعِيدٍ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ وَعَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ أَلا وَمَنْ أَسْرَعَ فِي الْمَسِيرِ أَدْرَكَهُ الْمَقِيلُ اسْتُرْ عَوْرَةَ أَخِيكَ كَمَا تَعْلَمُهَا فِيكَ اغْتَفِرْ زَلَّةَ صَدِيقِكَ لِيَوْمِ يَرْكَبُكَ عَدُوُّكَ مَنْ غَضِبَ عَلَى مَنْ لا يَقْدِرُ عَلَى ضَرِّهِ طَالَ حُزْنُهُ وَعَذَّبَ نَفْسَهُ مَنْ خَافَ رَبَّهُ كَفَّ ظُلْمَهُ [مَنْ خَافَ رَبَّهُ كُفِيَ عَذَابَهُ] وَمَنْ لَمْ يَزِغْ فِي كَلامِهِ أَظْهَرَ فَخْرَهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهِيمَةِ إِنَّ مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةَ الزَّادِ مَا أَصْغَرَ الْمُصِيبَةَ مَعَ عِظَمِ الْفَاقَةِ غَداً هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ وَمَا تَنَاكَرْتُمْ إِلا لِمَا فِيكُمْ مِنَ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ فَمَا أَقْرَبَ الرَّاحَةَ مِنَ التَّعَبِ وَالْبُؤْسَ مِنَ النَّعِيمِ وَمَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ وَمَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ وَكُلُّ نَعِيمٍ دُونَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ وَكُلُّ بَلاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِيَةٌ وَعِنْدَ تَصْحِيحِ الضَّمَائِرِ تُبْدُو الْكَبَائِرُ تَصْفِيَةُ الْعَمَلِ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ وَتَخْلِيصُ النِّيَّةِ مِنَ الْفَسَادِ أَشَدُّ عَلَى الْعَامِلِينَ مِنْ طُولِ الْجِهَادِ هَيْهَاتَ لَوْ لا التُّقَى لَكُنْتُ أَدْهَى الْعَرَبِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَعَدَ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) الْوَسِيلَةَ وَوَعْدُهُ الْحَقُّ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ أَلا وَإِنَّ الْوَسِيلَةَ عَلَى دَرَجِ الْجَنَّةِ وَذِرْوَةِ ذَوَائِبِ الزُّلْفَةِ وَنِهَايَةِ غَايَةِ الأمْنِيَّةِ لَهَا أَلْفُ مِرْقَاةٍ مَا بَيْنَ الْمِرْقَاةِ إِلَى الْمِرْقَاةِ حُضْرُ الْفَرَسِ الْجَوَادِ مِائَةَ عَامٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ مِرْقَاةِ دُرَّةٍ.

إِلَى مِرْقَاةِ جَوْهَرَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ زَبَرْجَدَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ لُؤْلُؤَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ يَاقُوتَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ زُمُرُّدَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ مَرْجَانَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ كَافُورٍ إِلَى مِرْقَاةِ عَنْبَرٍ إِلَى مِرْقَاةِ يَلَنْجُوجٍ إِلَى مِرْقَاةِ ذَهَبٍ إِلَى مِرْقَاةِ غَمَامٍ إِلَى مِرْقَاةِ هَوَاءٍ إِلَى مِرْقَاةِ نُورٍ قَدْ أَنَافَتْ عَلَى كُلِّ الْجِنَانِ وَرَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) يَوْمَئِذٍ قَاعِدٌ عَلَيْهَا مُرْتَدٍ بِرَيْطَتَيْنِ رَيْطَةٍ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَرَيْطَةٍ مِنْ نُورِ اللهِ عَلَيْهِ تَاجُ النُّبُوَّةِ وَإِكْلِيلُ الرِّسَالَةِ قَدْ أَشْرَقَ بِنُورِهِ الْمَوْقِفُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَهِيَ دُونَ دَرَجَتِهِ وَعَلَيَّ رَيْطَتَانِ رَيْطَةٌ مِنْ أُرْجُوَانِ النُّورِ وَرَيْطَةٌ مِنْ كَافُورٍ وَالرُّسُلُ وَالأنْبِيَاءُ قَدْ وَقَفُوا عَلَى الْمَرَاقِي وَأَعْلامُ الأزْمِنَةِ وَحُجَجُ الدُّهُورِ عَنْ أَيْمَانِنَا وَقَدْ تَجَلَّلَهُمْ حُلَلُ النُّورِ وَالْكَرَامَةِ لا يَرَانَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلا بُهِتَ بِأَنْوَارِنَا وَعَجِبَ مِنْ ضِيَائِنَا وَجَلالَتِنَا وَعَنْ يَمِينِ الْوَسِيلَةِ عَنْ يَمِينِ الرَّسُولِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) غَمَامَةٌ بَسْطَةَ الْبَصَرِ يَأْتِي مِنْهَا النِّدَاءُ يَا أَهْلَ الْمَوْقِفِ طُوبَى لِمَنْ أَحَبَّ الْوَصِيَّ وَآمَنَ بِالنَّبِيِّ الأمِّيِّ الْعَرَبِيِّ وَمَنْ كَفَرَ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ وَعَنْ يَسَارِ الْوَسِيلَةِ عَنْ يَسَارِ الرَّسُولِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) ظُلَّةٌ يَأْتِي مِنْهَا النِّدَاءُ يَا أَهْلَ الْمَوْقِفِ طُوبَى لِمَنْ أَحَبَّ الْوَصِيَّ وَآمَنَ بِالنَّبِيِّ الأمِّيِّ وَالَّذِي لَهُ الْمُلْكُ الأعْلَى لا فَازَ أَحَدٌ وَلا نَالَ الرَّوْحَ وَالْجَنَّةَ إِلإ؛ّّ مَنْ لَقِيَ خَالِقَهُ بِالإخْلاصِ لَهُمَا وَالاقْتِدَارِ بِنُجُومِهِمَا فَأَيْقِنُوا يَا أَهْلَ وَلايَةِ اللهِ بِبَيَاضِ وُجُوهِكُمْ وَشَرَفِ مَقْعَدِكُمْ وَكَرَمِ مَ‏آبِكُمْ وَبِفَوْزِكُمُ الْيَوْمَ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ وَيَا أَهْلَ الانْحِرَافِ وَالصُّدُودِ عَنِ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَرَسُولِهِ وَصِرَاطِهِ وَأَعْلامِ الأزْمِنَةِ أَيْقِنُوا بِسَوَادِ وُجُوهِكُمْ وَغَضَبِ رَبِّكُمْ جَزَاءً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَمَا مِنْ رَسُولٍ سَلَفَ وَلا نَبِيٍّ مَضَى إِلا وَقَدْ كَانَ مُخْبِراً أُمَّتَهُ بِالْمُرْسَلِ الْوَارِدِ مِنْ بَعْدِهِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَمُوصِياً قَوْمَهُ بِاتِّبَاعِهِ وَمُحَلِّيَهُ عِنْدَ قَوْمِهِ لِيَعْرِفُوهُ بِصِفَتِهِ وَلِيَتَّبِعُوهُ عَلَى شَرِيعَتِهِ وَلِئَلا يَضِلُّوا فِيهِ مِنْ بَعْدِهِ فَيَكُونَ مَنْ هَلَكَ أَوْ ضَلَّ بَعْدَ وُقُوعِ الإعْذَارِ وَالإنْذَارِ عَنْ بَيِّنَةٍ وَتَعْيِينِ حُجَّةٍ فَكَانَتِ الأمَمُ فِي رَجَاءٍ مِنَ الرُّسُلِ وَوُرُودٍ مِنَ الأنْبِيَاءِ وَلَئِنْ أُصِيبَتْ بِفَقْدِ نَبِيٍّ بَعْدَ نَبِيٍّ عَلَى عِظَمِ مَصَائِبِهِمْ وَفَجَائِعِهَا بِهِمْ فَقَدْ كَانَتْ عَلَى سَعَةٍ مِنَ الأمَلِ وَلا مُصِيبَةٌ عَظُمَتْ وَلا رَزِيَّةٌ جَلَّتْ كَالْمُصِيبَةِ بِرَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) لأنَّ اللهَ خَتَمَ بِهِ الإنْذَارَ وَالإعْذَارَ وَقَطَعَ بِهِ الاحْتِجَاجَ وَالْعُذْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ وَجَعَلَهُ بَابَهُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَادِهِ وَمُهَيْمِنَهُ الَّذِي لا يَقْبَلُ إِلا بِهِ وَلا قُرْبَةَ إِلَيْهِ إِلا بِطَاعَتِهِ وَقَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً فَقَرَنَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِهِ وَمَعْصِيَتَهُ بِمَعْصِيَتِهِ فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلا عَلَى مَا فَوَّضَ إِلَيْهِ وَشَاهِداً لَهُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ وَعَصَاهُ وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْكِتَابِ الْعَظِيمِ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي التَّحْرِيضِ عَلَى اتَّبَاعِهِ وَالتَّرْغِيبِ فِي تَصْدِيقِهِ وَالْقَبُولِ بِدَعْوَتِهِ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ فَاتِّبَاعُهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) مَحَبَّةُ اللهِ وَرِضَاهُ غُفْرَانُ الذُّنُوبِ وَكَمَالُ الْفَوْزِ وَوُجُوبُ الْجَنَّةِ وَفِي التَّوَلِّي عَنْهُ وَالإعْرَاضِ مُحَادَّةُ اللهِ وَغَضَبُهُ وَسَخَطُهُ وَالْبُعْدُ مِنْهُ مُسْكِنُ النَّارِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ يَعْنِي الْجُحُودَ بِهِ وَالْعِصْيَانَ لَهُ فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ امْتَحَنَ بِي عِبَادَهُ وَقَتَلَ بِيَدِي أَضْدَادَهُ وَأَفْنَى بِسَيْفِي جُحَّادَهُ وَجَعَلَنِي زُلْفَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَحِيَاضَ مَوْتٍ عَلَى الْجَبَّارِينَ وَسَيْفَهُ عَلَى الْمُجْرِمِينَ وَشَدَّ بِي أَزْرَ رَسُولِهِ وَأَكْرَمَنِي بِنَصْرِهِ وَشَرَّفَنِي بِعِلْمِهِ وَحَبَانِي بِأَحْكَامِهِ وَاخْتَصَّنِي بِوَصِيَّتِهِ وَاصْطَفَانِي بِخِلافَتِهِ فِي أُمَّتِهِ فَقَالَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَقَدْ حَشَدَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ وَانْغَصَّتْ بِهِمُ الْمَحَافِلُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي كَهَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي فَعَقَلَ الْمُؤْمِنُونَ.

عَنِ اللهِ نَطَقَ الرَّسُولُ إِذْ عَرَفُونِي أَنِّي لَسْتُ بِأَخِيهِ لأبِيهِ وَأُمِّهِ كَمَا كَانَ هَارُونُ أَخَا مُوسَى لأبِيهِ وَأُمِّهِ وَلا كُنْتُ نَبِيّاً فَاقْتَضَى نُبُوَّةً وَلَكِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِخْلافاً لِي كَمَا اسْتَخْلَفَ مُوسَى هَارُونَ (عَلَيْهِ السَّلام) حَيْثُ يَقُولُ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ وَقَوْلُهُ (عَلَيْهِ السَّلام) حِينَ تَكَلَّمَتْ طَائِفَةٌ فَقَالَتْ نَحْنُ مَوَالِي رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) إِلَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ صَارَ إِلَى غَدِيرِ خُمٍّ فَأَمَرَ فَأُصْلِحَ لَهُ شِبْهُ الْمِنْبَرِ ثُمَّ عَلاهُ وَأَخَذَ بِعَضُدِي حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ رَافِعاً صَوْتَهُ قَائِلا فِي مَحْفِلِهِ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ فَكَانَتْ عَلَى وَلايَتِي وَلايَةُ اللهِ وَعَلَى عَدَاوَتِي عَدَاوَةُ اللهِ وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً فَكَانَتْ وَلايَتِي كَمَالَ الدِّينِ وَرِضَا الرَّبِّ جَلَّ ذِكْرُهُ وَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اخْتِصَاصاً لِي وَتَكَرُّماً نَحَلَنِيهِ وَإِعْظَاماً وَتَفْصِيلا مِنْ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) مَنَحَنِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ فِيَّ مَنَاقِبُ لَوْ ذَكَرْتُهَا لَعَظُمَ بِهَا الارْتِفَاعُ فَطَالَ لَهَا الاسْتِمَاعُ وَلَئِنْ تَقَمَّصَهَا دُونِيَ الأشْقَيَانِ وَنَازَعَانِي فِيمَا لَيْسَ لَهُمَا بِحَقٍّ وَرَكِبَاهَا ضَلالَةً وَاعْتَقَدَاهَا جَهَالَةً فَلَبِئْسَ مَا عَلَيْهِ وَرَدَا وَلَبِئْسَ مَا لأنْفُسِهِمَا مَهَّدَا يَتَلاعَنَانِ فِي دُورِهِمَا وَيَتَبَرَّأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ يَقُولُ لِقَرِينِهِ إِذَا الْتَقَيَا يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ فَيُجِيبُهُ الأشْقَى عَلَى رُثُوثَةٍ يَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْكَ خَلِيلا لَقَدْ أَضْلَلْتَنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا فَأَنَا الذِّكْرُ الَّذِي عَنْهُ ضَلَّ وَالسَّبِيلُ الَّذِي عَنْهُ مَالَ وَالإيمَانُ الَّذِي بِهِ كَفَرَ وَالْقُرْآنُ الَّذِي إِيَّاهُ هَجَرَ وَالدِّينُ الَّذِي بِهِ كَذَّبَ وَالصِّرَاطُ الَّذِي عَنْهُ نَكَبَ وَلَئِنْ رَتَعَا فِي الْحُطَامِ الْمُنْصَرِمِ وَالْغُرُورِ الْمُنْقَطِعِ وَكَانَا مِنْهُ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ لَهُمَا عَلَى شَرِّ وُرُودٍ فِي أَخْيَبِ وُفُودٍ وَأَلْعَنِ مَوْرُودٍ يَتَصَارَخَانِ بِاللَّعْنَةِ وَيَتَنَاعَقَانِ بِالْحَسْرَةِ مَا لَهُمَا مِنْ رَاحَةٍ وَلا عَنْ عَذَابِهِمَا مِنْ مَنْدُوحَةٍ إِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَزَالُوا عُبَّادَ أَصْنَامٍ وَسَدَنَةَ أَوْثَانٍ يُقِيمُونَ لَهَا الْمَنَاسِكَ وَيَنْصِبُونَ لَهَا الْعَتَائِرَ وَيَتَّخِذُونَ لَهَا الْقُرْبَانَ وَيَجْعَلُونَ لَهَا الْبَحِيرَةَ وَالْوَصِيلَةَ وَالسَّائِبَةَ وَالْحَامَ وَيَسْتَقْسِمُونَ بِالأزْلامِ عَامِهِينَ عَنِ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ حَائِرِينَ عَنِ الرَّشَادِ مُهْطِعِينَ إِلَى الْبِعَادِ وَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ وَغَمَرَتْهُمْ سَوْدَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ وَرَضَعُوهَا جَهَالَةً وَانْفَطَمُوهَا ضَلالَةً فَأَخْرَجَنَا اللهُ إِلَيْهِمْ رَحْمَةً وَأَطْلَعَنَا عَلَيْهِمْ رَأْفَةً وَأَسْفَرَ بِنَا عَنِ الْحُجُبِ نُوراً لِمَنِ اقْتَبَسَهُ وَفَضْلا لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَتَأْيِيداً لِمَنْ صَدَّقَهُ فَتَبَوَّءُوا الْعِزَّ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَالْكَثْرَةَ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَهَابَتْهُمُ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ وَأَذْعَنَتْ لَهُمُ الْجَبَابِرَةُ وَطَوَائِفُهَا وَصَارُوا أَهْلَ نِعْمَةٍ مَذْكُورَةٍ وَكَرَامَةٍ مَيْسُورَةٍ وَأَمْنٍ بَعْدَ خَوْفٍ وَجَمْعٍ بَعْدَ كَوْفٍ وَأَضَاءَتْ بِنَا مَفَاخِرُ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ وَأَوْلَجْنَاهُمْ بَابَ الْهُدَى وَأَدْخَلْنَاهُمْ دَارَ السَّلامِ وَأَشْمَلْنَاهُمْ ثَوْبَ الإيمَانِ وَفَلَجُوا بِنَا فِي الْعَالَمِينَ وَأَبْدَتْ لَهُمْ أَيَّامُ الرَّسُولِ آثَارَ الصَّالِحِينَ مِنْ حَامٍ مُجَاهِدٍ وَمُصَلٍّ.

قَانِتٍ وَمُعْتَكِفٍ زَاهِدٍ يُظْهِرُونَ الأمَانَةَ وَيَأْتُونَ الْمَثَابَةَ حَتَّى إِذَا دَعَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَرَفَعَهُ إِلَيْهِ لَمْ يَكُ ذَلِكَ بَعْدَهُ إِلا كَلَمْحَةٍ مِنْ خَفْقَةٍ أَوْ وَمِيضٍ مِنْ بَرْقَةٍ إِلَى أَنْ رَجَعُوا عَلَى الأعْقَابِ وَانْتَكَصُوا عَلَى الأدْبَارِ وَطَلَبُوا بِالأوْتَارِ وَأَظْهَرُوا الْكَتَائِبَ وَرَدَمُوا الْبَابَ وَفَلُّوا الدِّيَارَ وَغَيَّرُوا آثَارَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَرَغِبُوا عَنْ أَحْكَامِهِ وَبَعُدُوا مِنْ أَنْوَارِهِ وَاسْتَبْدَلُوا بِمُسْتَخْلَفِهِ بَدِيلا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ وَزَعَمُوا أَنَّ مَنِ اخْتَارُوا مِنْ آلِ أَبِي قُحَافَةَ أَوْلَى بِمَقَامِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) مِمَّنِ اخْتَارَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) لِمَقَامِهِ وَأَنَّ مُهَاجِرَ آلِ أَبِي قُحَافَةَ خَيْرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِيِّ الأنْصَارِيِّ الرَّبَّانِيِّ نَامُوسِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَلا وَإِنَّ أَوَّلَ شَهَادَةِ زُورٍ وَقَعَتْ فِي الإسْلامِ شَهَادَتُهُمْ أَنَّ صَاحِبَهُمْ مُسْتَخْلَفُ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مَا كَانَ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَقَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) مَضَى وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) الطَّيِّبُ الْمُبَارَكُ أَوَّلَ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ بِالزُّورِ فِي الإسْلامِ وَعَنْ قَلِيلٍ يَجِدُونَ غِبَّ مَا [يَعْلَمُونَ وَسَيَجِدُونَ التَّالُونَ غِبَّ مَا] أَسَّسَهُ الأوَّلُونَ وَلَئِنْ كَانُوا فِي مَنْدُوحَةٍ مِنَ الْمَهْلِ وَشِفَاءٍ مِنَ الأجَلِ وَسَعَةٍ مِنَ الْمُنْقَلَبِ وَاسْتِدْرَاجٍ مِنَ الْغُرُورِ وَسُكُونٍ مِنَ الْحَالِ وَإِدْرَاكٍ مِنَ الأمَلِ فَقَدْ أَمْهَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ شَدَّادَ بْنَ عَادٍ وَثَمُودَ بْنَ عَبُّودٍ وَبَلْعَمَ بْنَ بَاعُورٍ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَأَمَدَّهُمْ بِالأمْوَالِ وَالأعْمَارِ وَأَتَتْهُمُ الأرْضُ بِبَرَكَاتِهَا لِيَذَّكَّرُوا آلاءَ اللهِ وَلِيَعْرِفُوا الإهَابَةَ لَهُ وَالإنَابَةَ إِلَيْهِ وَلِيَنْتَهُوا عَنِ الاسْتِكْبَارِ فَلَمَّا بَلَغُوا الْمُدَّةَ وَاسْتَتَمُّوا الأكْلَةَ أَخَذَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَاصْطَلَمَهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ حُصِبَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَحْرَقَتْهُ الظُّلَّةُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْدَتْهُ الرَّجْفَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَرْدَتْهُ الْخَسْفَةُ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً فَإِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ لَوْ كُشِفَ لَكَ عَمَّا هَوَى إِلَيْهِ الظَّالِمُونَ وَآلَ إِلَيْهِ الأخْسَرُونَ لَهَرَبْتَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ وَإِلَيْهِ صَائِرُونَ أَلا وَإِنِّي فِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ كَهَارُونَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ وَكَبَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَسَفِينَةِ نُوحٍ فِي قَوْمِ نُوحٍ إِنِّي النَّبَأُ الْعَظِيمُ وَالصِّدِّيقُ الأكْبَرُ وَعَنْ قَلِيلٍ سَتَعْلَمُونَ مَا تُوعَدُونَ وَهَلْ هِيَ إِلا كَلُعْقَةِ الآكِلِ وَمَذْقَةِ الشَّارِبِ وَخَفْقَةِ الْوَسْنَانِ ثُمَّ تُلْزِمُهُمُ الْمَعَرَّاتُ خِزْياً فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى‏ أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَنَكَّبَ مَحَجَّتَهُ وَأَنْكَرَ حُجَّتَهُ وَخَالَفَ هُدَاتَهُ وَحَادَّ عَنْ نُورِهِ وَاقْتَحَمَ فِي ظُلَمِهِ وَاسْتَبْدَلَ بِالْمَاءِ السَّرَابَ وَبِالنَّعِيمِ الْعَذَابَ وَبِالْفَوْزِ الشَّقَاءَ وَبِالسَّرَّاءِ الضَّرَّاءَ وَبِالسَّعَةِ الضَّنْكَ إِلا جَزَاءُ اقْتِرَافِهِ وَسُوءُ خِلافِهِ فَلْيُوقِنُوا بِالْوَعْدِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلْيَسْتَيْقِنُوا بِمَا يُوعَدُونَ يَوْمَ تَأْتِي الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.

خُطْبَةُ الطَّالُوتِيَّةِ

5- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَيُّوبَ الأشْعَرِيُّ عَنْ عَمْرٍو الأوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) خَطَبَ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ كَانَ حَيّاً بِلا كَيْفٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَانٌ وَلا كَانَ لِكَانِهِ كَيْفٌ وَلا كَانَ لَهُ أَيْنٌ وَلا كَانَ فِي شَيْ‏ءٍ وَلا كَانَ عَلَى شَيْ‏ءٍ وَلا ابْتَدَعَ لِكَانِهِ مَكَاناً وَلا قَوِيَ بَعْدَ مَا كَوَّنَ شَيْئاً وَلا كَانَ ضَعِيفاً قَبْلَ أَنْ يُكَوِّنَ شَيْئاً وَلا كَانَ مُسْتَوْحِشاً قَبْلَ أَنْ يَبْتَدِعَ شَيْئاً وَلا يُشْبِهُ شَيْئاً وَلا كَانَ خِلْواً عَنِ الْمُلْكِ قَبْلَ إِنْشَائِهِ وَلا يَكُونُ خِلْواً مِنْهُ بَعْدَ ذَهَابِهِ كَانَ إِلَهاً حَيّاً بِلا حَيَاةٍ وَمَالِكاً قَبْلَ أَنْ يُنْشِئَ شَيْئاً وَمَالِكاً بَعْدَ إِنْشَائِهِ لِلْكَوْنِ وَلَيْسَ يَكُونُ للهِ كَيْفٌ وَلا أَيْنٌ وَلا حَدٌّ يُعْرَفُ وَلا شَيْ‏ءٌ يُشْبِهُهُ وَلا يَهْرَمُ لِطُولِ بَقَائِهِ وَلا يَضْعُفُ لِذُعْرَةٍ وَلا يَخَافُ كَمَا تَخَافُ خَلِيقَتُهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَلَكِنْ سَمِيعٌ بِغَيْرِ سَمْعٍ وَبَصِيرٌ بِغَيْرِ بَصَرٍ وَقَوِيٌّ بِغَيْرِ قُوَّةٍ مِنْ خَلْقِهِ لا تُدْرِكُهُ حَدَقُ النَّاظِرِينَ وَلا يُحِيطُ بِسَمْعِهِ سَمْعُ السَّامِعِينَ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً كَانَ بِلا مَشُورَةٍ وَلا مُظَاهَرَةٍ وَلا مُخَابَرَةٍ وَلا يَسْأَلُ أَحَداً عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنْ خَلْقِهِ أَرَادَهُ لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَنْهَجَ الدَّلالَةَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) أَيُّهَا الأمَّةُ الَّتِي خُدِعَتْ فَانْخَدَعَتْ وَعَرَفَتْ خَدِيعَةَ مَنْ خَدَعَهَا فَأَصَرَّتْ عَلَى مَا عَرَفَتْ وَاتَّبَعَتْ أَهْوَاءَهَا وَضَرَبَتْ فِي عَشْوَاءِ غَوَايَتِهَا وَقَدِ اسْتَبَانَ لَهَا الْحَقُّ فَصَدَّتْ عَنْهُ وَالطَّرِيقُ الْوَاضِحُ فَتَنَكَّبَتْهُ أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوِ اقْتَبَسْتُمُ الْعِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ وَشَرِبْتُمُ الْمَاءَ بِعُذُوبَتِهِ وَادَّخَرْتُمُ الْخَيْرَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَأَخَذْتُمُ الطَّرِيقَ مِنْ وَاضِحِهِ وَسَلَكْتُمْ مِنَ الْحَقِّ نَهْجَهُ لَنَهَجَتْ بِكُمُ السُّبُلُ وَبَدَتْ لَكُمُ الأعْلامُ وَأَضَاءَ لَكُمُ الإسْلامُ فَأَكَلْتُمْ رَغَداً وَمَا عَالَ فِيكُمْ عَائِلٌ وَلا ظُلِمَ مِنْكُمْ مُسْلِمٌ وَلا مُعَاهَدٌ وَلَكِنْ سَلَكْتُمْ سَبِيلَ الظَّلامِ فَأَظْلَمَتْ عَلَيْكُمْ دُنْيَاكُمْ بِرُحْبِهَا وَسُدَّتْ عَلَيْكُمْ أَبْوَابُ الْعِلْمِ فَقُلْتُمْ بِأَهْوَائِكُمْ وَاخْتَلَفْتُمْ فِي دِينِكُمْ فَأَفْتَيْتُمْ فِي دِينِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَاتَّبَعْتُمُ الْغُوَاةَ فَأَغْوَتْكُمْ وَتَرَكْتُمُ الأئِمَّةَ فَتَرَكُوكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ تَحْكُمُونَ بِأَهْوَائِكُمْ إِذَا ذُكِرَ الأمْرُ سَأَلْتُمْ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا أَفْتَوْكُمْ قُلْتُمْ هُوَ الْعِلْمُ بِعَيْنِهِ فَكَيْفَ وَقَدْ تَرَكْتُمُوهُ وَنَبَذْتُمُوهُ وَخَالَفْتُمُوهُ رُوَيْداً عَمَّا قَلِيلٍ تَحْصُدُونَ جَمِيعَ مَا زَرَعْتُمْ وَتَجِدُونَ وَخِيمَ مَا اجْتَرَمْتُمْ وَمَا اجْتَلَبْتُمْ وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي صَاحِبُكُمْ وَالَّذِي بِهِ أُمِرْتُمْ وَأَنِّي عَالِمُكُمْ وَالَّذِي بِعِلْمِهِ نَجَاتُكُمْ وَوَصِيُّ نَبِيِّكُمْ وَخِيَرَةُ رَبِّكُمْ وَلِسَانُ نُورِكُمْ وَالْعَالِمُ بِمَا يُصْلِحُكُمْ فَعَنْ قَلِيلٍ رُوَيْداً يَنْزِلُ بِكُمْ مَا وُعِدْتُمْ وَمَا نَزَلَ بِالأمَمِ قَبْلَكُمْ وَسَيَسْأَلُكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَئِمَّتِكُمْ مَعَهُمْ تُحْشَرُونَ وَإِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ غَداً تَصِيرُونَ أَمَا وَاللهِ لَوْ كَانَ لِي عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ أَوْ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ وَهُمْ أَعْدَاؤُكُمْ لَضَرَبْتُكُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى تَئُولُوا إِلَى الْحَقِّ وَتُنِيبُوا لِلصِّدْقِ فَكَانَ أَرْتَقَ لِلْفَتْقِ وَآخَذَ بِالرِّفْقِ اللهُمَّ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ قَالَ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَمَرَّ بِصِيرَةٍ فِيهَا نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ شَاةً فَقَالَ وَاللهِ لَوْ أَنَّ لِي رِجَالا يَنْصَحُونَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ بِعَدَدِ هَذِهِ الشِّيَاهِ لأزَلْتُ ابْنَ آكِلَةِ الذِّبَّانِ عَنْ مُلْكِهِ قَالَ فَلَمَّا أَمْسَى بَايَعَهُ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ رَجُلا عَلَى الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) اغْدُوا بِنَا إِلَى أَحْجَارِ الزَّيْتِ مُحَلِّقِينَ وَحَلَقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) فَمَا وَافَى مِنَ الْقَوْمِ مُحَلِّقاً إِلا أَبُو ذَرٍّ وَالْمِقْدَادُ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَجَاءَ سَلْمَانُ فِي آخِرِ الْقَوْمِ فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللهُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي كَمَا اسْتَضْعَفَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ هَارُونَ اللهُمَّ فَإِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ أَمَا وَالْبَيْتِ وَالْمُفْضِي إِلَى الْبَيْتِ [وَفِي نُسْخَةٍ وَالْمُزْدَلِفَةِ] وَالْخِفَافِ إِلَى التَّجْمِيرِ لَوْ لا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ النَّبِيُّ الأمِّيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) لأوْرَدْتُ الْمُخَالِفِينَ خَلِيجَ الْمَنِيَّةِ وَلأرْسَلْتُ عَلَيْهِمْ شَ‏آبِيبَ صَوَاعِقِ الْمَوْتِ وَعَنْ قَلِيلٍ سَيَعْلَمُونَ.

مقامات الشيعة وفضائلهم وبشارتهم بخير المآل

6- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَصِيرٍ وَقَدْ خَفَرَهُ النَّفَسُ فَلَمَّا أَخَذَ مَجْلِسَهُ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا هَذَا النَّفَسُ الْعَالِي فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ كَبِرَ سِنِّي وَدَقَّ عَظْمِي وَاقْتَرَبَ أَجَلِي مَعَ أَنَّنِي لَسْتُ أَدْرِي مَا أَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِي فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَإِنَّكَ لَتَقُولُ هَذَا قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَكَيْفَ لا أَقُولُ هَذَا فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُكْرِمُ الشَّبَابَ مِنْكُمْ وَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْكُهُولِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ يُكْرِمُ الشَّبَابَ وَيَسْتَحْيِي مِنَ الْكُهُولِ فَقَالَ يُكْرِمُ اللهُ الشَّبَابَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ وَيَسْتَحْيِي مِنَ الْكُهُولِ أَنْ يُحَاسِبَهُمْ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا لَنَا خَاصَّةً أَمْ لأهْلِ التَّوْحِيدِ قَالَ فَقَالَ لا وَاللهِ إِلا لَكُمْ خَاصَّةً دُونَ الْعَالَمِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنَّا قَدْ نُبِزْنَا نَبْزاً انْكَسَرَتْ لَهُ ظُهُورُنَا وَمَاتَتْ لَهُ أَفْئِدَتُنَا وَاسْتَحَلَّتْ لَهُ الْوُلاةُ دِمَاءَنَا فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ لَهُمْ فُقَهَاؤُهُمْ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) الرَّافِضَةُ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لا وَاللهِ مَا هُمْ سَمَّوْكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ سَمَّاكُمْ بِهِ أَمَا عَلِمْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنَّ سَبْعِينَ رَجُلا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رَفَضُوا فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ لَمَّا اسْتَبَانَ لَهُمْ ضَلالُهُمْ فَلَحِقُوا بِمُوسَى (عَلَيْهِ السَّلام) لَمَّا اسْتَبَانَ لَهُمْ هُدَاهُ فَسُمُّوا فِي عَسْكَرِ مُوسَى الرَّافِضَةَ لأنَّهُمْ رَفَضُوا فِرْعَوْنَ وَكَانُوا أَشَدَّ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَسْكَرِ عِبَادَةً وَأَشَدَّهُمْ حُبّاً لِمُوسَى وَهَارُونَ وَذُرِّيَّتِهِمَا (عَلَيْهِما السَّلام) فَأَوْحَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلام) أَنْ أَثْبِتْ لَهُمْ هَذَا الاسْمَ فِي التَّوْرَاةِ فَإِنِّي قَدْ سَمَّيْتُهُمْ بِهِ وَنَحَلْتُهُمْ إِيَّاهُ فَأَثْبَتَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلام) الاسْمَ لَهُمْ ثُمَّ ذَخَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكُمْ هَذَا الاسْمَ حَتَّى نَحَلَكُمُوهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ رَفَضُوا الْخَيْرَ وَرَفَضْتُمُ الشَّرَّ افْتَرَقَ النَّاسُ كُلَّ فِرْقَةٍ وَتَشَعَّبُوا كُلَّ شُعْبَةٍ فَانْشَعَبْتُمْ مَعَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَذَهَبْتُمْ حَيْثُ ذَهَبُوا وَاخْتَرْتُمْ مَنِ اخْتَارَ اللهُ لَكُمْ وَأَرَدْتُمْ مَنْ أَرَادَ اللهُ فَأَبْشِرُوا ثُمَّ أَبْشِرُوا فَأَنْتُمْ وَاللهِ الْمَرْحُومُونَ الْمُتَقَبَّلُ مِنْ مُحْسِنِكُمْ وَالْمُتَجَاوَزُ عَنْ مُسِيئِكُمْ مَنْ لَمْ يَأْتِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ حَسَنَةٌ وَلَمْ يُتَجَاوَزْ لَهُ عَنْ سَيِّئَةٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلائِكَةً يُسْقِطُونَ الذُّنُوبَ عَنْ ظُهُورِ شِيعَتِنَا كَمَا يُسْقِطُ الرِّيحُ الْوَرَقَ فِي أَوَانِ سُقُوطِهِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا اسْتِغْفَارُهُمْ وَاللهِ لَكُمْ دُونَ هَذَا الْخَلْقِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلا.

إِنَّكُمْ وَفَيْتُمْ بِمَا أَخَذَ اللهُ عَلَيْهِ مِيثَاقَكُمْ مِنْ وَلايَتِنَا وَإِنَّكُمْ لَمْ تُبَدِّلُوا بِنَا غَيْرَنَا وَلَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَعَيَّرَكُمُ اللهُ كَمَا عَيَّرَهُمْ حَيْثُ يَقُولُ جَلَّ ذِكْرُهُ وَما وَجَدْنا لأكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ إِخْواناً عَلى‏ سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ وَاللهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ وَاللهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَشِيعَتَنَا وَعَدُوَّنَا فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الألْبابِ فَنَحْنُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَعَدُوُّنَا الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ وَشِيعَتُنَا هُمْ أُولُو الألْبَابِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَإ؛ّّ مُحَمَّدٍ وَاللهِ مَا اسْتَثْنَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَحَدٍ مِنْ أَوْصِيَاءِ الأنْبِيَاءِ وَلا أَتْبَاعِهِمْ مَا خَلا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) وَشِيعَتَهُ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلا مَنْ رَحِمَ اللهُ يَعْنِي بِذَلِكَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلام) وَشِيعَتَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَاللهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمْ فَهَلْ سَرَرْتُكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَاللهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا إِلا الأئِمَّةَ (عَلَيْهِم السَّلام) وَشِيعَتَهُمْ فَهَلْ سَرَرْتُكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فَرَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) فِي الآيَةِ النَّبِيُّونَ وَنَحْنُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ وَأَنْتُمُ الصَّالِحُونَ فَتَسَمَّوْا بِالصَّلاحِ كَمَا سَمَّاكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللهُ إِذْ حَكَى عَنْ عَدُوِّكُمْ فِي النَّارِ بِقَوْلِهِ وَقالُوا ما لَنا لا نَرى‏ رِجالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصارُ وَاللهِ مَا عَنَى وَلا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمْ صِرْتُمْ عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الْعَالَمِ شِرَارَ النَّاسِ وَأَنْتُمْ وَاللهِ فِي الْجَنَّةِ تُحْبَرُونَ وَفِي النَّارِ تُطْلَبُونَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا مِنْ آيَةٍ نَزَلَتْ تَقُودُ إِلَى الْجَنَّةِ وَلا تَذْكُرُ أَهْلَهَا بِخَيْرٍ إِلا وَهِيَ فِينَا وَفِي شِيعَتِنَا وَمَا مِنْ آيَةٍ نَزَلَتْ تَذْكُرُ أَهْلَهَا بِشَرٍّ وَلا تَسُوقُ إِلَى النَّارِ إِلا وَهِيَ فِي عَدُوِّنَا وَمَنْ خَالَفَنَا فَهَلْ سَرَرْتُكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَيْسَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا نَحْنُ وَشِيعَتُنَا وَسَائِرُ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ بُرَآءُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَقَالَ حَسْبِي.