وجهي بكلّه إلى الكتاب الكريم وآثار العترة الطاهرة فوجدت العلم كلّه في كتاب الله العزيز وأخبار أهل بيت الرسالة الّذين جعلهم الله خزّاناً لعلمه وتراجمة لوحيه، ورغّب وأكّد الرسول(صلى الله عليه وآله) بالتمسّك بهما، وضمن الهداية للمتمسّك بهما، فاخترت الفحص عن أخبار أئمّة الهدى والبحث عن آثار سادات الورى، فاُعطيت النظر فيها حقّه واُوفيت التدبّر فيها حظّه، فلعمري وجدتها سفينة نجاة مشحونة بذخائر السعادات وألفيتها فلكاً مزيّناً بالنيرات المنجية من ظلمات الجهالات، ورأيت سبلها لائحة وطرقها واضحة وأعلام الهداية والفلاح على مسالكها مرفوعة، ووصلت في سلوك شوارعها إلى رياض نضرة وحدائق خضرة مزّينة بأزهار كلّ علم وثمار كلّ حكمة إلهيّة الموحاة إلى النواميس الإلهيّة فلم أعثر على حكمة إلاّ وفيها صفوها، ولم أظفر بحقيقة إلاّ وفيها أصلها. والحمد لله الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
ثمّ خرج الاُستاذ الأعظم من العراق عازماً إلى ايران فاختار مجاورة الإمام الرؤوف عليّ بن موسى الرّضا(عليه السلام) وشرع في التعليم والتدريس مطالب الفقه والاُصول ومعارف القرآن في مدّة قريبة من ثلاثين سنة وقوّم الأفاضل والأكارم بأحسن تقويم وأفاض مطالب الاُصول في ثلاث دورات: الأوّل بنحو المفصّل والمبسوط على المرسوم. والثاني في إثبات ما يختاره في ذلك بالأدلّة التامّة. والثالث مهمّات مباحث الاُصول التّي يتوقّف عليها الإستنباط.
وكذلك أجاد فيما أفاد من الفقه ومعارف القرآن وكان ساعياً مجدّاً في نشر العلوم والمعارف بحيث لم يكن له تعطيل في تمام السنة إلاّ أيـّاماً قليلة قليلة لا تبلغ عشرة أيـّام كلّ وقت على حسب ما يقتضيه ويرتضيه.
فاستفاد من محضره الشريف الأفاضل والأماثل حتّى بلغ أكثرهم رتبة الاجتهاد في الفقه والاُصول والمعارف الإلهيّة فبلغوا من ذلك أعلاها ووصلوا إلى أسناها.
والحمد لله الّذي وفّقني للتشرّف بشرف محضره الشريف والاستفادة من