وسع الباحث البليغ، والمتكلّم الفصيح، وصف مثل هذا الكتاب العظيم. فجزاه الله تعالى عن الإسلام وأهله خير الجزاء.
والبحار موسوعة تمتدّ بها الأطراف، إلى كثير من الموضوعات والمسائل، ودائرة معارف تحوي من الفنون والعلوم، فوائد نفيسة، وغوالي فريدة، وموادّ غزيرة. وذلك الأثر البديع المشرق، يساير الطبيعة في البهجة والرواء، ولا يستغني عنها كلّ ذي فنّ يصمد إلى تقصّي الأطراف في فنّه وجمع الطرف اللاّزمة له. فصفحات هذا الكتاب الرقراقة، وأوراق هذا الجامع حيث أنـّها كالدّرر المتناسقة، واللّئالي العبقة اللّبقة، مسرح أنظار الكلّ، من المتأ لّه، والمفسّر، والمحدّث، والمحقّق، والفقيه، والمتكلّم، والأخلاقيّ، والطبيب، والرجالي، والفلكي، والمؤرّخ، والأديب، والمتفنّن إلى جميع صنوف العلماء وطبقات الفاضلين.
 |
(السفينة) |
 |
ثمّ إنّ الغوص في غمرات البحار المتراكمة، لإستخراج الدّرر، من الأصداف المتفاعمة، لا يمكن إلاّ بوسيلة; وشقّ أمواجها المتلاطمة، لا يحصل إلاّ بسفينة; تطوى عبابها الجياش، فتسلك بالقاصدين إلى منتهى النظر، حيث الساحل يلوح، لا سيّما مثل بحار الأنوار، الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، الفيّاضة بطرائف اللّئالي، ونوادر الفرائد الغوالي. فمثل هذا الكتاب لا يهدى إلى جميع موضوعاته إلاّ بفهرس عامّ يرشد المراجعين ويسهل التناول، ويلقي شعاعاً على طرق الإقتباس منه.
من هنا جاء الشيخ العالم، المحدّث الجليل، والعدل الثقة النبيل، صاحب المفاخر والمكارم، الحاج شيخ عبّاس القمّي زاد الله في علوّ درجاته فألّف كتابه القيّم، وجامعه المنيف اللاّمع «سفينة البحار» وجعله فهرساً حاوياً، ودليلا رشيقاً للكتاب، وهو كتاب كامل ظريف، وجامع لامع طريف، يكفيك عيانه عن التبسّط في الأطراء. فللّه درّ مصنّفه ومنظّم لئاليه، وشكر الله في ذلك مساعيه، وجزاه عن علماء الإسلام أفضل ما يرتجيه.