التكليف بغير المقدور.
ومن الآيات في ذلك ما أمر الله تعالى العباد بالأفعال والمسارعة إليها مثل قوله تعالى: (وَسارِعُوا) و (فاسْتَبقوا الخيرات) و (أَجيبوْا) و (آمِنُوا)و(اعبدوا) و(اتّبعوا) فإنّه لا يعقل الأمر بما يكونون عاجزين غير قادرين، ولا يصحّ النهي عمّا لا يستطيع تركه، وهل يكون أحد أقبل للعذر الصحيح من الله تعالى فإن اعتذر العبد يوم القيامة بالعذر الصحيح فيقول: يا ربّ ما قدرت وإنّك منعتنا عن الطاعة، مع أنـّه لم يقدر على قول المجبّرة، يكون معذوراً بالعذر الصحيح، فلا يجوز عذابه ولا عذاب أحد أبداً، وهذا خلاف قول أهل الملل كلّهم. وفيما ذكرنا ذكرى لمن كان له قلب.
ويأتي في «عصى»: قول الكاظم(عليه السلام) في المعصية: لا يخلو من ثلاث: إمّا تكون من الله تعالى وليست منه، فلا ينبغي للكريم أن يعذّب عبده بما لم يكتسبه; وإمّا تكون من الله والعبد، فلا ينبغي للشريك القويّ أن يعذّب الشريك الضعيف، وإمّا تكون من العبد فقط. فالأوّلان باطلان للعذاب، فثبت الثالث. وهذا الاستدلال عقليّ نبّه عليه الكاظم(عليه السلام).
وفي «خمس»: إنّ الّذي يذنب ويحمل ذنبه على الله تعالى من الخمسة الّذين لا تطفى نيرانهم. وفي «فعل» و «عمل» ما يتعلّق بذلك.
عن رسالة الإهليلجة قال الصّادق(عليه السلام): فعزّ من جلّ عن الصفات ومن نزَّه نفسه عن أفعال خلقه ـ الخ.
وسئل أبو الحسن الثالث(عليه السلام) عن أفعال العباد أهي مخلوقة له تعالى؟ فقال: لو كان خالقاً لما تبرّأ منها، وقد قال سبحانه: (اِنّ اللهَ بَريءٌ مِنَ المشركين) ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم، وإنّما برأ من شركهم و قبائحهم ـ الخبر.
وفي روايتين عن الصّادق(عليه السلام) بعد السؤال عن الفرق بين الإجبار والإكراه قال: الجبر من السلطان، والإكراه من الزوج والأب والاُمّ(1).
(1) ط كمباني ج 23/144، و جديد ج 104/219.