(428)
1 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن العباس مولى الرضا (عليه السلام) (1) قال: سمعته (عليه السلام) يقول: المستتر بالحسنة يعدل سبعين حسنة (2)
والمذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بالسيئة مغفور له.
2 محمد بن يحيى، عن محمد بن صندل، عن ياسر، عن اليسع بن حمزة، عن الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المستتر بالحسنة يعدل سبعين حسنة، و المذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بها مغفور له.
* (من يهم بالحسنة أو السيئة) *
1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى جعل لآدم في ذريته من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ومن هم بحسنة وعملها كتبت له بها عشرا ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه [سيئة] ومن هم بها وعملها كتبت عليه سيئة.
2 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليهم بالحسنة ولا يعمل بها فتكتب له حسنة وإن هو عملها كتبت له عشر حسنات وإن المؤمن
____________
(1) أى كان من شيعته او ممن اعتقه ويقال المولى ايضا لمن التحق بقبيلة ولم يكن منهم (آت).
(2) " المستتر " على بناء الفاعل والباء للتعدية و " يعدل " على بناء المجرد وفى الاول تقدير، أى فعل المستتر (آت). [*]
===============
(429)
ليهم بالسيئة أن يعملها فلا يعملها فلا تكتب عليه 3 عنه، عن علي بن حفص العوسي، عن علي بن السائح، عن عبدالله بن موسى بن جعفر، عن أبيه قال: سألته، عن الملكين هل يعلمان بالذنب إذاأراد العبد أن يفعله أو الحسنة؟ فقال: ريح الكنيف وريح الطيب سواء (1)؟ قلت: لا قال: إن العبد إذا هم بالحسنة خرج نفسه طيب الريح فقال: صاحب اليمين لصاحب الشمال: قم (2) فإنه قدهم بالحسنة فإذا فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها له وإذاهم بالسيئة خرج نفسه منتن الريح فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين: قف فإنه قد هم بالسيئة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده وأثبتها عليه (3).
4 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن فضل ابن عثمان المرادي قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعد هن إلا هالك (4) يهم العبد بالحسنة فيعملها فإن هو
____________
(1) كان هذان ريحان معنويان يجدهما الملائكة (آت).
(2) اى ابعد عنه ليس لك شغل به. أو كناية عن التوقف وعدم الكتابة.
(3) في الوافى انما جعل الريق واللسان آلة لاثبات الحسنة والسيئة لان بناء الاعمال انما هو على ماعقد في القلب من التكلم بها وإليه الاشارة بقوله سبحانه " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " وهذا الريق واللسان الظاهر صورة لذلك المعنى كما قيل.
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * جعل اللسان على الفؤاد دليلا (4) " أربع " مبتدأ والموصول بصلته خبره وتأنيث الاربع باعتبار الخصال أو الكلمات وقد يكون المبتد أنكرة إذا كان مفيدا و " من " اسم موصول مبتدء فله عائدان: الاول ضمير " فيه " والثانى المستتر في " لم يهلك " وهذا المستتر مستثنى منه لقوله: " الاهالك " لان مرجعه من ألفاظ العموم وليس " الا هالك " استثناء مفرغا والمراد " بمن كن فيه " أن يكون مؤمنا مستحقا لهذه الخصال فان هذه الخصال ليست في غير المؤمنين كما عرفت: معنى " كن فيه " أن يكون معلوما له وما ذكرنا أطهر واعلم أن الهلاك في قوله: " يهلك " بمعنى الخسران واستحقاق العقاب وفى قوله " هالك " بمعنى الضلال والشقاوة والجبلة. وتعديته بكلمة على إما بتضمين معنى الورود أى لم يهلك حين وروده على الله او معنى الاجتراء أى مجترء ا على الله.
أو معنى العلو والرفعة كان من يعصيه تعالى يرتفع عليه ويخاصمه (آت). [*]
===============
(430)
لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته وإن هو عملها كتب الله له عشرا ; ويهم بالسيئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شئ وإن هو عملها اجل سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فإن الله عزوجل يقول: " إن الحسنات يذهبن السيئات (1) ".
أو الاستغفار فإن هو قال: أستغفر الله الذي لاإله إلاهو، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم، الغفور الرحيم، ذوالجلال والاكرام وأتوب إليه، لم يكتب عليه شئ وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات: اكتب على الشقي المحروم.
1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية ابن وهب قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحاأحبه الله (2)
____________
(1) هود: 115 (2) قال في النهاية في حديث ابى: سألت النبى (صلى الله عليه وآله) عن التوبة النصوح فقال هى الخالصة التى لايعاود بعدها الذنب. وفعول من أبنية المبالغة يقع على الذكر والانثى، فكان الانسان بالغ في نصح نفسه بها. وقال الشيخ البهائى قدس سره قد ذكر المفسرون في معنى التوبه النصوح وجوها منها أن المراد توبة تنصح الناس أى تدعوهم إلى أن يأتوا بمثلها لظهور آثارها الجميلة في صاحبها أو تنصح صاحبها فيقلع عن الذنوب ثم لا يعود إليها أبدا.
ومنها أن النصوح ماكانت خالصة لوجه الله سبحانه من قولهم: عسل النصوح إذاكان خالصا من الصمع بان يندم على الذنوب لقبحها أو كونها خلاف رضاء الله سبحانه لا لخوف النار مثلا وقد حكم المحقق الطوسى طاب ثراه في التجريد بأن الندم على الذنوب خوفا من النار ليس توبة ومنها أن النصوح من النصاحة وهى الخياطة لانها تنصح من الدين ما مزقته الذنوب أو تجمع بين التائب وبين أولياء الله وأحبائه كما تجمع الخياطة بين قطع الثوب ومنها أن النصوح وصف للتائب واسناده إلى التوبة من قبيل الاسناد المجازى أى توبة ينصحون بها أنفسهم بأن يأتوا بها على أكمل [*]
===============
(431)
فستر عليه في الدنياوالآخرة، فقلت: وكيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب ويوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه ويوحي إلى بقاع الارض اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله حين يلقاه وليس شئ يشهد عليه بشئ من الذنوب.
2 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز،
____________
ما ينبغى أن تكون عليه حتى يكون قالعه لاثار الذنوب من القلوب بالكلية وذلك باذابة النفس بالحسرات ومحوظلمة السيئات بنور الحسنات. روى الشيخ الطبرسى (ره) عند تفسير هذه الاية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن التوبة تجمعها ستة أشياء على الماضى من الذنوب الندامة واللفرائض الاعادة ورد المظالم واستحلال الخصوم وأن تعزم على أن لا تعود وأن تذيب نفسك في طاعة الله كما ربيتها في المعصية وأن يذيقها مرارة الطاعات كما أذقتها حلاوة المعاصى و أورد السيد رضى الله عنه في كتاب نهج البلاغة: أن قائلا قال بحضرته: أستغفر الله، فقال له:
تكلتك امك أتدرى ما الاستغفار ان الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان: أولها الندم على مامضى. الثانى: العزم على ترك العود إليه أبدا. الثالث: أن تؤدى إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله سبحانة أملس ليس عليك تبعة. الرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدى حقها الخامس: أن تعمد إلى اللحم الذى تنبت على السحت فتذيبه بالاحزان حتى يلصق الجلد باللحم وينشأ بينهما لحم جديد. السادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية. وفى كلام بعض الاكابر أنه لا يكفى في جلاء المرآة قطع الانفاس والابخره المسودة لوجهها بل لابد من تصقيلها وازالة ما حصل في جرمها من السواد كذلك لا يكفى في جلاء القلب من ظلمات المعاصى وكدورتها مجرد تركها وعدم العود إليها بل يجب محو آثار تلك الظلمات بأنوار الطاعات فانه كما يرتفع إلى القلب من كل معصية ظلمة وكدورة كذلك يرتفع إليه من كل طاعة نور وضياء فالاولى محو ظلمة كل معصية بنور طاعة تضادها بأن ينظر التائب إلى سيئاته مفصلة ويطلب لكل سيئة منها حسنة تقابلها فيأتى بتلك الحسنة على قدر ما أتى بتلك السيئة فيكفر استماع الملاهى مثلا باستماع القران والحديث والمسائل الدينية ويكفر مس خط المصحف محدثا باكرامه وكثرة تقبيله وتلاوته ويكفر المكث في المسجد جنبا بالاعتكاف فيه
وكثرة التعبد في زواياه وأمثال ذلك، واما في حقوق الناس فيخرج من مظالم أولا بردها عليهم والاستحلال منهم ثم يقابل ايذاء ه له بالاحسان إليهم وغصب أموالهم بالتصدق بماله الحلال وغيبتهم بالثناء على أهل الدين واشاعة أوصافهم الحميدة وعلى هذا القياس يمحوا كل سيئة من حقوق الله أو حقوق الناس بحسنة تقابلها من جنسها كما يعالج الطيب الامراض باضدادها نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لذلك بمنه وكرمه (آت). [*]
===============
(432)
عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عزوجل: " فمن جاء ه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف (1) " قال: الموعظة التوبة.
3 عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا (2) " قال: يتوب العبد من الذنب ثم لايعود فيه.
قال: محمد بن الفضيل: سألت عنها أبا الحسن (عليه السلام) فقال: يتوب من الذنب ثم لايعود فيه، وأحب العباد إلى الله تعالى المفتنون التوابون.
4 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا " قال: هو الذنب (3) الذي لايعود فيه أبدا، قلت: وأينا لم يعد؟ فقال: يا أبا محمد إن الله يحب من عباده المفتن التواب (4).
5 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا رفعه قال: إن الله عزوجل أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات والارض لنجوابها قوله عزوجل: " إن الله بحب التوابين ويحب المتطهرين (5) " فمن أحبه الله لم يعذبه ; وقوله: " الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الحجيم * ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم *
(1) البقرة: 275.
(2) التحريم: 8.
(3) أى التوبة من الذنوب.
(4) قد مر معنى المفتن في باب تنقل أحوال القلب ص 424.
(5) البقرة: 222. [*]
===============
(433)
وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم (1) " وقوله
عزوجل: " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولايزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورارحيما " (2).
____________
(1) المؤمن 7 9. وقوله: " الذين يحملون العرش ومن حوله " قال البيضاوى:
الكروبيون أعلا طبقات الملائكة وأولهم وجودا وحملهم أياه وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم و تدبيرهم له أو كناية عن قربهم من ذى العرش ومكانتهم عنده وتوسيطهم في نفاذ أمره " يسبحون بحمد ربهم " يذكرون الله بجوامع الثناء من صفات الجلال والاكرام، جعل التسبيح أصلا والحمد حالا، لان الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح " ويؤمنون به " أخبر عنهم بالايمان إظهار الفضله وتعظيما لاهله ومساق الاية لذلك كما صرح به بقوله: " ويستغفرون للذين آمنوا " وإشعارا بان حملت العرش وسكان الفرش في معرفة سواء، ردا على المجسمة. واستغفارهم شفاعتهم و حملهم على التوبة والهامهم مايوجب المغفرة وفيه تنبيه على أن المشاركة في الايمان توجب النصح والشفقة وأن تخالفت الاجناس لانها أقوى المناسبات كما قال " انما المؤمنون اخوة " قوله: " ربنا " أى يقولون: ربنا وهو بيان يستغفرون أو حال " وسعت كل شئ رحمة وعلما " أى وسعت رحمته وعلمه، فازيل عن أصله للاغراق في وصفه بالرحمة والعلم والمبالغة في عمومها وتقديم الرحمة لانها المقصودة بالذات ههنا " فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك " أى للذين علمت منهم التوبة واتباع سبيل الحق " وقهم عذاب الجحيم " اى واحفظهم عنه وهو تصريح بعد اشعار للتأكيد والدلالة على شدة العذاب " ربنا وادخلهم جنات عدن التى وعدتهم " أى وعدتهم إياها " ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم " عطف على " هم " الاول أى ادخلهم معهم هؤلاء ليتم سرورهم أو الثانى لبيان عموم الوعد " انك أنت العزيز " الذى لا يمتنع عليه مقدور " الحكيم " الذى لا يفعل الا ما تقتضيه حكمته ومن ذلك الوفاء بالوعد " وقهم السيئات " أى العقوبات أو جزاء السيئات وهو تعميم بعد تخصيص أو مخصوص بمن صلح والعاصى في الدنيا لقوله: " ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته " أى ومن اتقاها في الدنيا فقد رحمته في الاخرة كانهم سألوا السبب بعد ما سألوا المسبب و " ذلك هو الفوز العظيم " يعنى الرحمة أو الوقاية أو مجموعهما.
(2) الفرقان: 68 وقوله: " حرم الله " أى حرم قتلها " إلا بالحق " متعلق ب " لا يقتلون " ولا يزنون " نفى عنهم امهات المعاصى بعد ماثبت لهم اصول الطاعات اظهار الكمال ايمانهم [*]
===============
(434)
6 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يامحمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذاتاب منها مغفورة له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة، أما والله إنها ليست إلا لاهل الايمان قلت: فإن عادبعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة؟! فقال: يا محمد بن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثم لايقبل الله توبته؟
قلت: فإنه فعل ذلك مرارا، يذنب ثم يتوب ويستغفر [الله]، فقال: كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة وإن الله غفور رحيم، يقبل التوبة ويعفوعن السيئات، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله (1).
7 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته، عن قول الله عزوجل: " إذا
____________
قوله: " ومن يفعل ذلك يلق أثاما " أى من يفعل هذه الخصال يلق عقوبة جزاء لما يفعل. قال الفراء: أثمه يأثمه أثاما أى جازاه جزاء لاثم. " يضاعف " بدل من " يلق " لانه في معناه كقوله:
متى تأتنا تلمم بنافى ديارنا * تجد حطبا جزلا ونارا تأججا وقوله: " اولئك يبدل الله سياتهم حسنات " قيل: بأن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم أو يبدل ملكة المعصية في النفس بملكة الطاعة. وقيل بأن يوفقه لاضداد ماسلف منه أو بأن يثبت له بدل كل عقاب ثوابا كما ورد في الخبر، والخصال الثلاثة:
الاولى أنه يحبهم والثانية أن الملائكة يستغفرون لهم والثالثة أنه عزوجل وعدهم الامن و الرحمة.
(1) قوله: " أترى العبد " الهمزة للانكار وفيه دلالة على أن التوبة مقرونة بالقبول ألبتة ويدل عليه أيضا قول أميرالمؤمنين (عليه السلام): " ما كان الله ليفتح على عبد باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة " ويدل عليه أيضا ظاهر الايات (آت) [*]
===============
(435)
مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذاهم مبصرون (1) " قال: هو العبديهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك فذلك قوله: " تذكروا فإذا هم مبصرون.
8 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله تعالى أشدفرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده (2) في ليلة ظلماء فوجدها فالله أشد فرحا بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها.
9 محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن عبدالله ابن عثمان، عن أبي جميلة قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): إن الله يحب العبد المفتن التواب ومن لم يكن ذلك منه (3) كان أفضل.
10 عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن محمد بن سنان، عن يوسف [بن] أبي يعقوب بياع الارز، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
سمعته يقول: التائب من الذنب كمن لاذنب له (4) والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ.
11 علي بن إبراهيم، عن أبيه ; وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا عن ابن محبوب، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل أوحى إلى
____________
(1) قوله: " إذا مسهم طائف من الشيطان " قال البيضاوى: أى لمة منه وهو اسم فاعل من طاف يطيف كانها طافت بهم ودارت حولهم فلم يقدر أن يؤثر فيهم أو من طاف به الخيال يطيف طيفا. " تذكروا " ما أمر الله به ونهى عنه " فاذاهم مبصرون " بسبب التذكر مواقع الخطأ ومكائد الشيطان فيحترزون عنا ولا يتبعونه فيها. وقال في النهاية: طيف من الجن اى عرض منهم.
وأصل الطيف: الجنون ثم استعمل في الغضب ومس الشيطان ووسوسته ويقال له: طائف أيضا وقد قرأ بهما قوله تعالى: " أن الذين أمنوا إذا مسهم.. الاية ".
(2) في بعض النسخ [مراده] وفى بعضها [مزاده].
(4) أى في عدم العقوبة لا التساوى في الدرجة وإن كان غير مستبعد في بعض أفرادهما. [*]
===============
(436)
داود (عليه السلام) أن ائت عبدي دانيال فقل له: إنك عصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك (1)، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك، فأتاه داود (عليه السلام) فقال: يا دانيال إنني رسول الله إليك وهو يقول لك: إنك عصيتني فغفرت لك و عصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك، فقال:
له دانيال: قد أبلغت يا نبي الله، فلما كان في السحر قام دانيال فناجى ربه فقال: يا رب إن داود نبيك أخبرني عنك أنني قد عصيتك فغفرت لي وعصيتك فغفرت لي و عصيتك فغفرت لي وأخبرني عنك أنني إن عصيتك الرابعة لم تغفرلي، فوعز تك لئن لم تعصمني لاعصينك، ثم لاعصينك ثم لاعصينك (2).
12 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن جده الحسن بن راشد، عن معاوية بن وهب قال: سمعت ابا عبدالله (عليه السلام) يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه، فقلت: وكيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كانا يكتبان عليه ويوحي [الله] إلى جوارحه وإلى بقاع الارض أن اكتمي عليه ذنوبه فيلقى الله عزوجل حين يلقاه وليس شئ يشهد عليه بشئ من الذنوب (3)
13 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها (4).
____________
(1) العصيان محمول على ترك الاولى لان دانيال (عليه السلام) كان من الانبياء وهم معصومون من الكبائر والصغائر عندنا كما مر (آت).
(2) " لان لم تعصمنى لاعصينك " فيها مع الاقرار بالتقصير اعتراف بالعجز عن مقاومة النفس وأهوائها وحث على التوسل بذيل ألطافه الربانية والاستعاذة من التسويلات النفسانية والوساوس الشيطانية (آت)
(3) قد مرعن معاوية بسند آخر 431.
(4) قد مر مضمونه 435. [*]
===============
(437)
* (الاستغفارمن الذنب) * (1)
1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن زرارة قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) (2) يقول: إن العبد إذا أذنب ذنبا اجل من غدوة إلى الليل (3) فإن استغفر الله لم يكتب عليه (4).
2 عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ; وأبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال من عمل سيئة اجل فيها سبع ساعات من النهار فإن قال: أستغفر الله الذي لاإله إلا هو الحي القيوم. ثلاث مرات لم تكتب عليه.
3 علي بن إبراهيم، عن أبيه ; وأبوعلي الاشعري، ومحمد بن يحيى، جميعا، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن عبدالصمد ابن بشير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجله الله سبع ساعات فإن استغفر الله لم يكتب عليه شئ وإن مضت الساعات ولم يستغفر كتبت عليه سيئة وإن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له و إن الكافر لينساه من ساعته (5).
____________
(1) في بعض النسخ [من الذنوب].
(2) في بعض النسخ [سمعت أبا جعفر (عليه السلام)].
(3) أى من ذلك الزمان، ويمكن أن يكون زمان التأجيل متفاوتا بحسب تفاوت الاشخاص والاحوال والذنوب (آت).
(4) يحتمل أن يكون المراد بالاستغفار التوبة بشرائطها وإن يكون محض طلب المغفرة وهوأظهر وقد يقال: الفرق بين التوبة والاستغفار أن التوبة ترفع عقوبة الذنوب والاستغفار طلب الغفر والستر عن الاغيار كيلا يعلمه احد ولا يكون عليه شاهد (آت).
(5) ذكر المؤمن من لطفه سبحانه ونسيان الكافرمن سلب لطفه تعالى عنه ليؤاخذه بالكفر والذنب جميعاوحمل الكفر على كفر النعمة وكفر المخالفة بناء على أن كفر الجحود لا ينفع معه التوبة عن الذنب والاستغفار إلا عن الكفر بعيد لان الكفر بالمعنيين الاولين يجامع الايمان أيضا إلا أن يحمل الايمان على الكامل (آت). [*]
===============
(438)
4 حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن غير واحد، عن أبان، عن زيد الشحام، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوب إلى الله عزوجل في كل يوم سبعين مرة، فقلت: أكان يقول: أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال: لا ولكن كان يقول: أتوب إلى الله (1) قلت: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب ولا يعود ونحن نتوب ونعود، فقال: الله المستعان 5 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: من عمل سيئه اجل فيها سبع ساعات من النهار، فإن قال: أستغفر الله الذي لاإله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات لم تكتب عليه (2).
6 عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة بياع الاكسية عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليذنب الذنب فيذكر بعد عشرين سنة فيستغفر الله منه فيغفر له وإنما يذكره ليغفر له وإن الكافر ليذنب الذنب فينساه من ساعته.
7 عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عمن ذكره، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: ما من مؤمن يقارف (3) في يومه وليلته أربعين كبيرة، فيقول وهو نادم: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بديع السماوات والارض ذو الجلال والاكرام وأسأله أن يصلي على محمد وآل
____________
(1) أى كان (صلى الله عليه وآله) يقول: استغفر الله وأتوب إلى الله، كما في كتاب الدعاء في باب الاستغفار واستغفاره (صلى الله عليه وآله) والائمة (عليهم السلام) لم يكن عن ذنب لاتفاق الامامية على عصمتهم بل هو من باب حسنات الابرار سيئات المقربين. ويمكن أن يكون الاستغفار و التوبة عبادة في نفسهما.
(2) وقد مر وحمل على ما إذا كان مع الندم كما سيأتى (آت).
(3) قارفه أى قاربه ويشعر بان الكبائر أكثر من أربعين لكن يحتمل تكرار كبيرة واحدة والتقييد بالندم لئلا يشبه استغفار المستهزئين (آت). [*]
===============
(439)
محمد وأن يتوب علي. إلا غفرها الله عزوجل له ولا خير فيمن يقارف في يوم أكثرمن أربعين كبيرة (1).
8 عنه، عن عدة من أصحابنا، رفعوه، قالوا: قال: لكل شئ دواء ودواء الذنوب الاستغفار (2).
9 أبوعلي الاشعري، ومحمد بن يحيى جميعا، عن الحسين بن إسحاق ; وعلى ابن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن علي بن مهزيار، عن النضر بن سويد، عن عبدالله ابن سنان، عن حفص قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: ما من مؤمن يذنب ذنبا إلا أجله الله عزوجل سبع ساعات من النهار، فإن هو تاب لم يكتب عليه شئ وإن هو لم يفعل كتب [الله] عليه سيئة، فأتاه عباد البصري فقال له: بلغنا أنك قلت: ما من عبد يذنب ذنبا إلا أجله الله عزوجل سبع ساعات من النهار؟ فقال: ليس هكذا قلت ولكني قلت: ما من مؤمن وكذلك كان قولي (3)
10 محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): من قال: " أستغفر الله " مائة مرة في [كل] يوم غفر الله عزوجل له سبعمائة ذنب ولا خير في عبد يذنب في [كل] يوم سبعمائة ذنب (4).
____________
(1) في بعض النسخ [في يومه].
(2) مرفوع والظاهر أن ضمير " قال " للصادق أو الباقر (عليهما السلام).
(3) قال الشيخ البهائى (قدس سره): عبدالله بن سنان أكثر ما يرويه عن الصادق (عليه السلام) بدون واسطة وقد يروى عنه بواسطة كما رواه في كيفية الصلاة وصفتها من التهذيب بتوسط حفص الاعور تارة وبتوسط عمر بن يزيد أخرى ويدل على أن التأجيل مخصوص بالمؤمن لا الكافر والمخالف (آت)
(4) لفظة " كل " في الموضعين ليست في بعض النسخ فيمكن أن يكون المراد سبعمائة ذنب في عمره ويكون قوله: " لاخير " لبيان رفع التوهم لهذا الاحتمال (آت). [*]
===============
(440)
* (فيما اعطى الله عزوجل آدم (عليه السلام) وقت التوبة) *
1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن ابن بكير، عن أبي عبدالله أو عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال: إن آدم (عليه السلام) قال: يا رب سلطت علي الشيطان وأجريته مني مجرى الدم فاجعل لي شيئا، فقال: يا آدم جعلت لك أن من هم من ذريتك بسيئة لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه سيئة ومن هم منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة فإن هو عملها كتبت له عشرا، قال: يا رب زدني، قال: جعلت لك أن من عمل منهم سيئة ثم استغفر له غفرت له، قال: يا رب زدني، قال: جعلت لهم التوبة أوقال: بسطت لهم التوبة حتى تبلغ النفس هذه، قال: يا رب حسبي.
2 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عمن ذكره، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته، ثم قال: إن السنة لكثيرة من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته، ثم قال إن الشهر لكثير، من تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته، ثم قال: إن الجمعة لكثير من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته، ثم قال: إن يوما لكثير من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته.
3 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا بلغت النفس هذه وأهوى بيده إلى حلقه لم يكن للعالم توبة وكانت للجاهل توبة.
4 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن
وهب قال: خرجنا إلى مكة ومعنا شيخ متأله متعبد لايعرف هذا الامر يتم الصلاة في
===============
(441)
الطريق (1) ومعه ابن أخ له مسلم، فمرض الشيخ فقلت لا بن أخيه: لو عرضت هذا الامر على عمك لعل الله أن يخلصه، فقال كلهم: دعوا الشيخ حتى يموت على حاله فإنه حسن الهيئة فلم يصبر ابن أخيه حتى قال له: يا عم إن الناس ارتد وابعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا نفرا يسيرا وكان لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) من الطاعة ما كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان بعد رسول الله الحق والطاعة له، قال: فتنفس الشيخ وشهق وقال: أنا على هذا وخرجت نفسه. فدخلنا على أبي عبدالله (عليه السلام) فعرض علي بن السري هذا الكلام على أبي عبدالله (عليه السلام) فقال: هو رجل من أهل الجنة، قال له علي بن السري:
إنه لم يعرف شيئا من هذا غير ساعته تلك!؟ قال: فتريدون منه ماذا؟، قد دخل والله الجنة.
1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت له: أرأيت قول الله عزوجل: " الذين يجتنبون كبائرالاثم والفواحش إلا اللمم (2) " قال: هو الذنب يلم به الرجل فيمكث ما شاء الله ثم يلم به بعد.
2 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: قلت له: " الذين يجتنبون كبائر الاثم و الفواحش إلا اللمم " قال: الهنة بعد الهنة (3) أي الذنب بعد الذنب يلم به العبد
____________
(1) أى لايأتى بما يجب على المسافر في مذهبنا بل يتم الصلاة في السفر وهو لاييد لكونه من أهل السنة. وقوله: " مسلم " أى مؤمن أو بتشديد اللام أى منقاد للحق ولفظه " لو " للتمنى.
(2) النجم: 33. واللمم مقاربة الذنب كما في المصباح وصغار الذنوب كما في القاموس.
(3) قال الجوهري: هن على وزن أخ كلمة كناية ومعناهاشئ وأصله هنو (بفتحتين) تقول:
هذا هنك أى شيئك وتقول للمرأة: هنة. ولا مهامحذوفة [*]
===============
(442)
3 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمار قال:
قال أبوعبدالله (عليه السلام): ما من مؤمن إلا وله ذنب يهجره زمانا (1) ثم يلم به وذلك قول الله عزوجل: " إلا اللمم " وسألته عن قول الله عزوجل " الذين يجتنبون كبائر الاثم و الفواحش إلا اللمم " قال: الفواحش الزنى والسرقة واللمم: الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه.
4 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحارث بن بهرام، عن عمرو بن جميع قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): من جاء نا يلتمس الفقه والقرآن و تفسيره فدعوه ومن جاء نا يبدي عورة قدسترها الله فنحوه، فقال له رجل من القوم جعلت فداك والله إنني لمقيم على ذنب منذ دهر، اريد أن أتحول عنه إلى غيره فما أقدر عليه، فقال له: إن كنت صادقا فإن الله يحبك ومايمنعه أن ينقلك منه إلى غيره إلا لكي تخافه (2).
5 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى [عن حريز] عن إسحاق ابن عمار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: ما من ذنب إلا وقد طبع عليه عبد مؤمن يهجره الزمان ثم يلم به وهو قول الله عزوجل: " الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم "، قال: اللمام (3) العبد الذي يلم الذنب بعد الذنب ليس من سليقته، أي من طبيعته.
6 علي بن إبراهيم، عن أبيه، ; وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: سمعت أباعبدالله (عليه السلام) يقول: إن المؤمن لايكون، سجيته الكذب والبخل والفجور وربما ألم من ذلك شيئا لا يدوم عليه، قيل: فيزني؟ قال: نعم ولكن لا يولد له من تلك النطفة.
____________
(1) يهجره كينصره أى يتركه. وقيل العموم في هذا الكلام عموم عرفى، كناية عن الكثرة.
(2) أى لدخلك العجب.
(3) في بعض النسخ [اللمم]. [*]
===============
(443)
* (في أن الذنوب ثلاثة) *
1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالرحمن بن حماد، عن بعض أصحابه رفعه قال: صعد أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أيهاالناس إن الذنوب ثلاثة ثم أمسك فقال له حبة العرني: يا أمير المؤمنين قلت: الذنوب ثلاثة ثم أمسكت، فقال: ما ذكرتها إلا وأنا اريد أن افسرها ولكن عرض لي بهر حال بيني وبين الكلام (1) نعم الذنوب ثلاثة: فذنب مغفور وذنب غير مغفور وذنب نرجو لصاحبه ونخاف عليه، قال: يا أمير المؤمنين فبينها لنا؟
قال: نعم أما الذنب المغفور فعبد عاقبه الله على ذنبه في الدنيا فالله أحلم وأكرم من أن يعاقب عبده مرتين، وأما الذنب الذي لايغفر فمظالم العباد بعضهم لبعض، إن الله تبارك وتعالى إذا برز لخلقه (2) أقسم قسما على نفسه، فقال: وعزتي و جلالى لايجوزني ظلم ظالم ولوكف بكف ولو مسحة بكف ولو نطحة ما بين القرنا إلى الجماء (3) فيقتص للعباد بعضهم من بعض حتى لاتبقى لاحد على أحد مظلمة ثم يبعثهم للحساب ; وأما الذنب الثالث فذنب ستره الله على خلقه ورزقه التوبة منه، فأصبح خائفا من ذنبه راجيا لربه، فنحن له كما هو لنفسه، نرجو له الرحمة ونخاف عليه العذاب (4).
2 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن بكير، عن زرارة عن حمران، قال: سالت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل اقيم عليه الحد في الرجم أيعاقب [عليه] في الآخرة؟ قال: إن الله أكرم من ذلك (5).
____________
(1) البهر بالضم: انقطاع النفس من الاعياء. وما يعتري الانسان عند السعى الشديد و العدو من التهيج وتتابع النفس.
(2) البروز: الظهور بعد الخفاء ولعله كناية عن ظهور أحكامه وثوابه وعقابه وحسابه.
(3) نطحه كمنعه وضربه أصابه بقرنه والجماء: الشاة التى لاقرن لها.
(4) في بعض النسخ [العقاب].
(5) ذكر هذا الحديث تحت عنوان هذا الباب تطفلى باعتبار أنه يفسر الاول من الحديث الاول. [*]
===============
(444)
* (تعجيل عقوبة الذنب) *
1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل إذا كان من أمره (1) أن يكرم عبدا وله ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك له ابتلاه بالحاجة فإن لم يفعل به ذلك شدد عليه الموت ليكافيه بذلك الذنب، قال: وإذا كان من أمره أن يهين عبداو له عنده حسنة صحح بدنه، فإن لم يفعل به ذلك وسع عليه في رزقة، فإن هو لم يفعل ذلك به هون عليه الموت ليكافيه بتلك الحسنة.
2 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن الحكم بن عتيبة قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): إن العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يكن عنده من العمل ما يكفرها ابتلاه بالحزن ليكفرها.
3 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عزوجل:
وعزتي وجلالي لا اخرج عبدا من الدنيا وأنا اريد أن ارحمه حتى أستوفي منه كل خطيئة عملها، إما بسقم في جسده وإما بضيق في رزقة وإما بخوف في دنياه فإن بقيت عليه بقية شددت عليه عند الموت ; وعزتي وجلالي لا اخرج عبدا من الدنيا وأنا اريد أن اعذبه حتى اوفيه كل حسنة عملها إما بسعة في رزقه وإما بصحة في جسمه وإما بأمن في دنياه فإن بقيت عليه بقية هو نت عليه بها الموت.
4 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن هشام
____________
(1) أى من شأنه وتدبيره. [*]
===============
(445)
ابن سالم، عن أبان بن تغلب قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): إن المؤمن ليهول عليه (1)
في نومه فيغفر له ذنوبه وإنه ليمتهن (2) في بدنه فيغفر له ذنوبه.
5 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن السري بن خالد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا أراد الله عزوجل بعبد خيرا عجل له عقوبته في الدنيا وإذا أراد بعبد سوء ا أمسك عليه ذنوبه حتى يوافي بها يوم القيامة.
6 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن مسمع بن عبدالملك، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله عزو جل: و " ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير (3) ": ليس من التواء عرق، ولا نكبة حجر (4) ولا عثرة قدم، ولا خدش عود إلا بذنب ولمايعفو الله أكثر (5)، فمن عجل الله عقوبة ذنبه في الدنيا فإن الله عزوجل أجل وأكرم وأعظم من أن يعود في عقوبته في الآخرة.
7 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن موسى الوراق:
عن علي الاحمسي، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يزال الهم والغم بالمؤمن حتى ما يدع له ذنبا.
8 عنه، عن أحمد بن محمد ; وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن الحارث بن بهرام، عن عمرو بن جميع قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: إن العبد المؤمن ليهتم في الدنيا حتى يخرج منها ولا ذنب عليه (6).
____________
(1) على بناء المجهول من التفعيل. وهاله هو لا أفزعه كهوله فاهتال. والهول: المخافة لا يدرى ماهجم عليه (2) مهنه كمنعه ونصره مهنا ومهنة: خدمه وضربه وجهده وامتهنه: استعمله للمهنة فامتهن هو لازم متعد والمهين: الحقير الضعيف.
(3) الشورى: 30.
(4) الالتواء: الانفتال والانعطاف. في القاموس لواه يلويه ليا ولويا بالضم: وثناه، فالتوى وتلوى. وبرأسه: أمال. وقال: نكب الحجارة رجله لئمتها أو أصابتها.
(5) في بعض النسخ [لما يغفر].
(6) " ليهتم " أى يصيبه الهم. [*]
===============
(446)
9 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي الاحسمي، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا يزال الهم والغم بالمؤمن حتى ما يدع له من ذنب.
10 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن وهب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عزوجل: ما من عبد اريد أن ادخله الجنة إلا ابتليته في جسده فإن كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا شددت عليه عند موته حتى يأتيني ولا ذنب له، ثم ادخله الجنة وما من عبد اريد أن ادخله النار إلا صححت له جسمه فإن كان ذلك تماما لطلبته عندي وإلا آمنت خوفه من سلطانه فان كان ذلك تماما لطلبته عندي وإلا وسعت عليه في رزقه فإن كان ذلك تماما لطلبته عندي وإلا هونت عليه موته حتى يأتيني ولا حسنة له عندي ثم ادخله النار.
11 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن اورمة، عن النضر بن سويد، عن درست بن أبي منصور، عن ابن مسكان، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال مرنبي من أنبياء بني إسرائيل برجل بعضه تحت حائط وبعضه خارج منه قد شعثته الطير (1) ومرقته الكلاب، ثم مضى فرفعت له مدينة فدخلها فإذا هو بعظيم من عظمائها ميت على سرير مسجا بالديباج حوله المجمر (2) فقال: يا رب أشهد أنك حكم، عدل، لا تجور، هذا عبدك لم يشرك بك طرفة عين أمته بتلك الميتة وهذا عبدك لم يؤمن بك طرفة عين أمتة بهذه الميتة؟! فقال: عبدي أنا كما قلت حكم عدل لاأجور، ذلك عبدي كانت له عندي سيئة أو ذنب أمته بتلك الميتة لكي يلقاني ولم يبق عليه شئ وهذا عبدي كانت له [عندي] حسنة فأمته بهذه الميتة لكي يلقاني وليس له عندي حسنة.
____________
(1) التشعيث: التفريق.
(2) تسجية الميت: تغطيته. والديباج: الثياب المتخذة من الابريسم والمجمر مصدر ميمى اجتماع الخلق الكثير أو هو كمنبر مايوضع فيه الجمر والبخور. [*]
===============
(447)
2 1 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي الصباح الكناني قال: كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) فدخل عليه شيخ فقال: ياأبا عبدالله أشكو إليك ولدي وعقوقهم وإخواني وجفاهم عند كبرسني، فقال أبوعبدالله (عليه السلام): يا هذا إن للحق دولة وللباطل دولة وكل واحد منهما في دولة صاحبه ذليل وإن أدنى ما يصيب المؤمن في دولة الباطل العقوق من ولده والجفاء من إخوانه وما من مؤمن يصيبه شيئا من الرفاهية في دولة الباطل إلا ابتلي قبل موته، إما في بدنه وإما في ولده وإما في ماله حتى يخلصه الله مما اكتسب في دولة الباطل ويوفرله حظه في دولة الحق.
فاصبر وأبشر.
* (في تفسير الذنوب) *
1 الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن العلاء عن مجاهد، عن أبيه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: الذنوب التي تغير النعم البغي (1)
____________
(1) حمل البغى على الذنوب باعتبار كثرة أفراده وكذا نظائره والبغى في اللغة تجاوز الحد ويطلق غالبا على التكبر والتطاول وعلى الظلم، قال الله تعالى: " تبغون في الارض بغير الحق " وقال: " إنما بغيكم على أنفسكم ". " ومن بغى عليه ليصنرنه الله " " إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم " " فان بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التى تبغى ". وقد روى أن الحسن (عليه السلام) طلب المبارز في صفين فنهاه امير المؤمنين عن ذلك وقال: انه بغى ولوبغى جبل على جبل لهد الله الباغى ولما كان الظلم مذكورا بعد ذلك فالمراد به التطاول والتكبر فانهما موجبان لرفع النعمة وسلب العزة كما خسف الله بها قارون وقد مر ان التواضع سبب للرفعة والتكبر يوجب الذلة. أو المراد به البغى على الامام أو الفساد في الارض. والذنوب التى تورث الندامة لقتل فانه يورث الندامة في الدنيا والاخرة كما قال تعالى في قابيل حين قتل أخاه " فأصبح من النادمين " والتى تنزل النقم الظلم كما يشاهد من أحوال الظالمين وخراب ديارهم واستئصال [*]
===============
(448)
والذنوب التي تورث الندم القتل، والتي تنزل النقم الظلم، والتي تهتك الستر شرب الخمر، والتي تحبس الرزق الزنا، والتي تعجل الفناء قطيعة الرحم، و التي ترد الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين.
2 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال:
سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: كان أبي (عليه السلام) يقول: نعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء وتقرب الآجال وتخلي الديار وهي قطيعة الرحم والعقوق وترك البر.
3 علي بن إبراهيم، عن أيوب بن نوح أو بعض أصحابه عن أيوب عن صفوان بن يحيى قال: حدثني بعض أصحابنا قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): إذا فشا أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا ظهرت الزلزلة وإذا فشا الجورفي الحكم احتبس القطر وإذا خفرت الذمة اديل لاهل الشرك من أهل الاسلام (1) إذا منعت الزكاة ظهرت الحاجة.
____________
أولادهم وأموالهم كما هو معلوم من أحوال فرعون وهامان وبنى أمية وبنى العباس وأضرابهم وقد قال تعالى: " وتلك بيوتهم خاوية بما ضلموا " وهتك الستور بشرب الخمر ظاهر وحبس الرزق بالزنا مجرب فان الزناة وإن كانوا أكثر الناس أموالا عما قليل يصيرون أسوء الناس حالا وقد يقرء هنا " الربا " بالراء المهملة والباء الموحدة وهى تحبس الرزق لقوله تعالى " يمحق الله الربا ويربى الصدقات " وإظلام الهواء إما كناية عن التحير في الاموال أو شدة البلية أو ظهور آثار غضب الله في الجو (آت).
(1) خفره وبه وعليه: أجاره ومنعه وآمنه. وخفره: أخذ منه جعلا ليجيره وبه خفرا وخفورا:
نقض عهده والادالة: الغلبة وفى الدعا " أدل لنا وتدل منا " وذلك لانهم ينقضون الامان ويخالفون الله في ذلك فيورد الله عليهم نقيض مقصودهم كما انهم يمنعون الزكاة لحصول الغنامع انها سبب لنموا أموالهم فيذهب الله ببركتها ويحوجهم. وكون المراد حاجة الفقراء كما قيل بعيد نعم يحتمل الاعم. وفى بعض النسخ [من أهل الايمان] (آت).
اصول الكافي 28 [*]
===============
(449)
1 محمدبن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب عن عبدالعزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: قال الله عزوجل:
إن العبد من عبيدي المؤمنين ليذنب الذنب العظيم مما يستوجب به عقوبتي في الدنيا والآخرة (2) فأنظر له فيما فيه صلاحه في آخرته فاعجل له العقوبه عليه في الدنيا لا جازيه بذلك الذنب واقدر عقوبة ذلك الذنب وأقضيه وأتركه عليه موقوفا غير ممضى ولي في إمضائه المشيئة وما يعلم عبدي به فأتردد في ذلك مرارا على إمضائه ثم امسك عنه فلا امضيه كراهة لمساء ته وحيدا عن إدخال المكروه عليه فأتطول عليه بالغفو عنه والصفح، محبة لمكافاته لكثير نوافله التي يتقرب بها إلي في ليله و نهاره فأصرف ذلك البلاء عنه وقد قدرته وقضيته وتركته موقوفا ولي في إمضائه المشيئة ثم أكتب له عظيم أجر نزول ذلك البلاء وأدخره واو فرله أجره ولم يشعر به ولم يصل إليه أذاه وأنا الله الكريم الرؤوف الرحيم.
1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) في قول الله عزوجل: (3) " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم "
____________
(1) إنما أفرده عن الابواب السابقة لاشتماله على زيادة لم يجد له من جنسه حتى يشركه معه مع غرابة مضمونه ويمكن أن يقرء بالتوصيف والاضافة (آت).
(2) " والاخرة " الواو بمعنى أو. " فأنظر له " أى أدبر له. و " أقدر " عطف تفسير لقوله:
" فاعجل " أى أجعل تقدير العقوبة في الدنيا وصرفها عن الاخرة، صادف الامضاء أو لم يصادفه.
" في ذلك " أى في العقوبة. " علي امضائه " أى لامضائه، أو عازما أو أعزم على إمضائه أو " على " بمعنى " في " وهو بدل اشتمال لقوله: " في ذلك " وحاد عنه حيدا مال وعدل، وقوله: " محبة " مفعول له لقوله: " فأتطول " وقوله: " لمكافاته " متعلق بالمحبة وقوله: " لكثير " متعلق بالمكافاة أى لانى احب أن اكافيه واجازيه بكثير نوافله (آت ملخصا).
(3) كأن " في " بمعنى " عن " أو هنا بتقدير، أى سألت عن شئ في هذه الاية. [*]
===============
(450)
فقال هو: " ويعفو عن كثير " (1) قال: قلت: ليس هذا أردت أرأيت ما أصاب عليا وأشباهه من أهل بيته (عليهم السلام) من ذلك؟ فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله في كل يوم سبعين مرة من غير ذنب (2).
2 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ; وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل:
" وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " أرأيت ما أصاب عليا وأهل بيته (عليهم السلام) من بعده هو بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياء ه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب (3).
3 علي بن إبراهيم، رفعه قال: لما حمل علي بن الحسين صلى الله عليهما إلى يزيد بن معاوية فاوقف بين يديه قال يزيد لعنه الله: " وماأصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم (1) " فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): ليست هذا الآية فينا إن فينا قول الله عزوجل: " ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير (4) ".
____________
(1) الشورى: 29.
(2) لعله لما اكتفى ببعض الاية كان موهما لان يكون نسى تتمة الاية فقرأها (عليه السلام) او موهما لانه توهم أن كل ذنب لابد أن يبتلى الانسان عنده ببلية فقرأ (عليه السلام) تتمة الاية لرفع هذا التوهم. وقوله: " أرأيت " أى أخبرنى وجوابه (عليه السلام) يحتمل الوجهين: الاول أن استغفار النبى (صلى الله عليه وآله) لم يكن لحط الذنوب بل لرفع الدرجات فكذا ابتلاؤهم (عليهم السلام) ليست لكفارة الذنوب بل لكثرة المثوبات ورفع الدرجات فالخطاب في الاية متوجه إلى غير المعصومين بقرينة " ماكسبت ايديكم " كما عرفت والثانى أن استغفار النبى (صلى الله عليه وآله) كان لترك الاولى وترك العبادة الافضل إلى الادنى وامثال ذلك فكذا ابتلاؤهم كان لتدارك ذلك والاول أظهر (آت) ويمكن أن يكون الاستغفار والتوبة العبادة في نفسهما.
(3) المراد بالسبعين في حديث السابق العدد الكثير ولا ينافى هذا أو أنه (عليه السلام) يفعل مرة هكذا ومرة هكذا.
(4) الحديد: 22. [*]
===============
(451)
* (أن الله يدفع بالعامل عن غير العامل (1)
1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبدالله بن القاسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن الله [ل] يدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لايصلي من شيعتنا ولوأجمعوا على ترك الصلاة لهلكوا، وإن الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لايزكي ولو أجمعوا على ترك الزكاة لهلكوا، وإن الله ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لايحج ولو أجمعواعلى ترك الحج لهلكوا وهو قول الله عزوجل:
" ولو لادفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذوفضل على العالمين (2) " فوالله ما نزلت إلا فيكم ولا عنى بها غيركم.
* (ان ترك الخطيئة أيسر من [طلب] التوبة (3) *
1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابه عن أبي العباس البقباق [قال:] قال أبوعبدالله (عليه السلام): قال أميرالمؤمنين (عليه السلام):
ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة وكم من شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا والموت فضح الدنيا، فلم يترك لذي لب فرحا (4).
____________
(1) لم يكن هذا العنوان في أكثر النسخ.
(2) البقرة: 252. والمراد بالهلاك نزول عذاب الاستئصال وظاهره أن المراد بالاية من " بعضهم " بسبب بعض فيكون " الناس " و " بعضهم " منصوبين ينزع الخافض. أو يقال: المراد دفع بعض الناس أى الظالمين أوالمشركين عن بعض ببركة بعض فيكون المدفوع عنه متروكا في الكلام (آت)
(3) لم يكن هذا العنوان في أكثر النسخ.
(4) الموت فضح الدنيا لكشفه عن مساويها وغرورها وعدم وفائه لاهلها. [*]
===============
(452)
1 عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبدالله بن جندب، عن سفيان بن السمط قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): إن الله إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا أتبعه بنقمة ويذكره الاستغفار، وإذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا أتبعه بنعمه لينسيه الاستغفار، ويتمادى بها، وهو قول الله عزوجل: " سنتدرجهم من حيث لايعلمون (2) " بالنعم عند المعاصي.
2 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب، عن بعض أصحابه قال: سئل أبوعبدالله (عليه السلام) عن الاستدراج، فقال: هو العبد يذنب الذنب فيملي له (3) ويجدد له عندها النعم فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب فهو مستدرج من حيث لايعلم.
3 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل:
" سنستدرجهم من حيث لايعلمون (2) " قال: هو العبد يذنب الذنب فتجددله النعمة معه تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب.
4 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان [بن داود]
المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كم من مغروربما قد أنعم الله عليه وكم من مستدرج بستر الله عليه (4) وكم من مفتون بثناء الناس عليه،
____________
(1) استدراج الله تعالى العبد أنه كلما جدد خطيئة جدد له نعمة وأنساه الاستغفار وأن يأخذه قليلا قليلا ولا يباغته (2) الاعراف: 182 و " لا يعلمون " أى لا يعلمون ما نريد بهم وذلك أن تتواتر عليهم النعم فيظنوا أنه لطف من ربهم فيزدادوا بطرا.
(3) الاملاء: الامهال، (4) وربما يقرء [يستر الله] بالياء. [*]