67- باب وجوه الصيام وشرح جميعها على البيان

* (895) * 1 - محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم ابن محمد الجوهري عن سليمان بن داود عن سفيان بن عينية عن الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: يوما: يا زهري من أين جئت؟ فقلت: من المسجد، فقال: فيم كنتم؟ قلت: تذاكرنا أمر الصوم فاجمع رأي ورأي أصحابي على انه ليس من الصوم شئ واجب إلا صوم شهر رمضان فقال: يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على اربعين وجها، فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وعشرة أوجه منها صيامهن حرام، واربعة عشر وجها منها صاحبها بالخيار ان شاء صام وان شاء افطر وصوم الاذن على ثلاثة أوجه، وصوم التاديب، وصوم الاباحة، وصوم السفر والمرض، قلت: جعلت فداك ففسرهن لي؟

__________________________________

- 895 - الكافي ج 1 ص 185 الفقيه ج 2 ص 46.(*)

[295]

قال: اما الواجب فصيام شهر رمضان وشهرين متتابعين في كفارة الظهار لقول الله عزوجل: (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل ان يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) (1) وصيام شهرين متتابعين فيمن افطر يوما من شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب لقول الله عزوجل (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) إلى قوله: (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما) (2) وصوم ثلاثة ايام في كفارة اليمين واجب قال الله عزوجل: (فصيام ثلاث ايام ذلك كفارة أيمانكم اذا حلفتم) (3) هذا لمن لم يجد الاطعام، كل ذلك متتابع وليس بمتفرق، وصيام أذى حلق الرأس واجب قال الله عزوجل: (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) (4) فصاحبها فيها بالخيار فان شاء صام ثلاثا، وصوم دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي قال الله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة) (5) وصوم جزاء الصيد واجب قال الله عزوجل: (ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما) (6) اتدري كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قال: قلت لا ادري قال: يقوم الصيد قيمة عادلة وتفض تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر اصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما، وصوم النذر واجب، وصوم الاعتكاف واجب.

___________________________________

* (1) سورة المجادلة الآية: 3 و 4.

(2) سورة النساء الآية: 91.

(3) سورة المائدة الآية: 90.

(4) سورة البقرة الآية: 196.

(5) سورة البقرة الآية: 196.

(6) سورة المائدة الآية: 96.

(*)

[296]

واما صوم الحرام: فصوم يوم الفطر ويوم الاضحى وثلاثة ايام من ايام التشريق وصوم يوم الشك أمرنا به ونهينا عنه أمرنا به ان نصومه مع صيام شعبان ونهينا عنه ان ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس، فقلت له: جعلت فداك فان لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك انه صائم من شعبان فان كان من شهر رمضان اجزأ عنه، وان كان من شعبان لم يضره، قلت: وكيف يجزي صوم تطوع عن فريضة؟ فقال: لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك اجزأ عنه لان الفرض انما وقع على اليوم بعينه، وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام، وصوم نذر المعصية حرام، وصوم الدهر حرام.

واما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار: فصوم يوم الجمعة والخميس، وصوم ايام البيض، وصوم ستة ايام من شوال بعد شهر رمضان وصوم يوم عرفة ويوم عاشورا، فكل ذلك فيه صاحبه بالخيار ان شاء صام وان شاء أفطر.

واما صوم الاذن: فالمرأة لا تصوم تطوعا إلا باذن زوجها، والعبد لا يصوم تطوعا إلا باذن مولاه.

والضيف لا يصوم تطوعا إلا باذن صاحبه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من نزل على قوم فلا يصوم تطوعا الا باذنهم.

فاما صوم التأديب: فانه يؤخذ الصبي إذا راهق بالصوم تأديبا وليس بفرض، وكذلك من افطر لعلة من أول النهار ثم قوي بقية يومه أمر بالامساك عن الطعام بقية يومه تأديبا وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا اكل من أول النهار ثم قدم أهله أمر بالامساك بقية يومه وليس بفرض، وكذلك الحائض إذا طهرت امسكت بقية يومها.

واما صوم الاباحة: فمن اكل أو شرب ناسيا أوقاء من غير تعمد فقد اباح الله عزوجل له ذلك واجزأ عنه صومه.

[297]

واما صوم السفر والمرض: فان العامة قد اختلفت في ذلك فقال قوم: يصوم، وقال آخرون: لا يصوم، وقال قوم: ان شاء صام وان شاء أفطر، واما نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعا، فان صام في حال السفر أو في حال المرض فعليه القضاء فان الله عزوجل يقول: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من ايام أخر)، فهذا تفسير الصيام.واما الخبر الذي رواه:

* (869) * 2 - محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال سألته عن رجل قتل رجلا خطأ في الشهر الحرام، قال: تغلظ عليه العقوبة وعليه عتق رقبه أو صيام شهرين متتابعين من اشهر الحرم، قلت: فانه يدخل في هذا شئ؟ فقال: وما هو؟ قلت: يوم العيد وايام التشريق قال: يصوم فانه حق لزمه.

فليس بمناقض لما تضمنه الخبر الاول من تحريم صيام العيدين لان التحريم انما وقع على من يصومهما مختارا مبتدء‌ا، فاما إذا لزمه شهران متتابعان على حسب ما تضمنه الخبر فيلزمه صوم هذه الايام لادخاله نفسه في ذلك فاما صيام ايام التشريق خاصة فقد روي ان التحريم فيها يختص بمن كان بمنى فاما من كان في غير منى من البلدان فلا بأس ان يصومها، روى ذلك.

* (897) * 3 - أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن ابي عمير عن محمد ابن ابي حمزة عن معاوية بن عمار قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن صيام ايام التشريق فقال: اما بالامصار فلا بأس، واما بمنى فلا،

___________________________________

* - 896 - الكافي ج 1 ص 201.

(*)

[298]

واما صوم الوصال: فهو ان يجعل عشاء‌ه سحوره فذلك محرم، روى ذلك.

* (898) * 4 - محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد عمن رواه عن الحلبي عن ابي عبدالله عليه السلام قال: الوصال في الصيام ان يجعل عشاء‌ه سحوره.

* (899) * 5 - والذي رواه علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن إسماعيل عن حماد بن عيسى عن حريز عنهم عليهم السلام قال: إذا أفطرت من رمضان فلا تصومن بعد الفطر تطوعا إلا بعد ثلاث يمضين.فالوجه فيه انه ليس في صيام هذه الايام من الفضل والتبرك به ما في غيرها من الايام، وان كان يجوز صومه حسب ما تضمنه الخبر من التخيير.واما صوم يوم عرفة: فقد ورد فيه الترغيب حسب ما تضمنه الخبر وقد ورد فيه كراهية اما ما ورد من الترغيب ما رواه:

* (900) * 6 - علي بن الحسن بن فضال عن يعقوب بن يزيد عن ابي همام عن عبدالرحمن بن ابي عبدالله عن ابي الحسن عليه السلام قال: صوم يوم عرفة يعدل السنة، وقال: لم يصمه الحسن عليه السلام وصامه الحسين عليه السلام.

* (901) * 7 - الحسين بن سعيد عن سليمان الجعفري قال: سمعت ابا الحسن عليه السلام يقول: كان ابي عليه السلام يصوم يوم عرفة في اليوم الحار في الموقف ويأمر بظل مرتفع فيضرب له فيغتسل مما يبلغ منه الحر.واما كراهيته فقد روى ذلك:

* (902) * 8 - علي بن الحسن بن فضال عن محمد واحمد ابني الحسن عن ابيهما عن ثعلبة بن ميمون عن محمد بن قيس قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام

___________________________________

* - 898 - الكافي ج 1 ص 189 الفقيه ج 2 ص 112.

- 902 - الكافي ج 1 ص 203.

(*)

[299]

يقول: ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصم يوم عرفة منذ نزل صيام شهر رمضان.

* (903) * 9 - وعنه عن عمرو بن عثمان عن حنان بن سدير عن أبيه عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم عرفة فقلت جعلت فداك انهم يزعمون انه يعدل صوم سنة قال: كان ابي عليه السلام لا يصومه قلت: ولم ذاك؟ قال: ان يوم عرفة يوم دعاء ومسألة واتخوف ان يضعفني عن الدعاء واكره ان اصومه واتخوف ان يكون عرفة يوم اضحى فليس بيوم صوم.

فالوجه في الجمع بين هذه الاخبار ان من قوي على صوم هذا اليوم قوة لا يمنعه من الدعاء فانه يستحب له صوم هذا اليوم، ومن خاف الضعف وما يمنعه من الدعاء والمسألة فالا ولى له ترك صومه، والذي يكشف عما ذكرناه ما رواه:

* (904) * 10 - الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم عرفة قال: من قوي عليه فحسن ان لم يمنعك من الدعاء فانه يوم دعاء ومسألة فصمه، وان خشيت ان تضعف عن ذلك فلا تصمه.

واما صوم يوم عاشورا: فقد ورد فيه الترغيب في صومه، وقد وردت الكراهية ايضا اما ما روي من الترغيب في صومه فقد روى:

* (905) * 11 - علي بن الحسن بن فضال عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن ابي عبدالله عن أبيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام قال: صوموا العاشورا التاسع والعاشر فانه يكفر ذنوب سنة.

* (906) * 12 - وعنه عن يعقوب بن يزيد عن ابي همام عن ابي الحسن

___________________________________

* - 903 - الفقيه ج 2 ص 53.

(*)

[300]

عليه السلام قال: صام رسول الله صلى الله عليه وآله يوم عاشورا.

* (907) * 13 - سعد بن عبدالله عن ابي جعفر عن جعفر بن محمد بن عبيدالله عن عبدالله بن ميمون القداح عن ابي جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: صيام يوم عاشورا كفارة سنة.

* (908) * 14 - علي بن الحسن عن محمد بن عبدالله بن زرارة عن احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابان بن عثمان الاحمر عن كثير النوا عن ابي جعفر عليه السلام: قال لزقت السفينة يوم عاشورا على الجودي فامر نوح عليه السلام من معه من الجن والانس ان يصوموا ذلك اليوم وقال ابوجعفر عليه السلام: اتدرون ما هذا اليوم، هذا اليوم الذي تاب الله عزوجل فيه على آدم وحوا عليهما السلام، وهذا اليوم الذى فلق الله فيه البحر لبني اسرائيل فاغرق فرعون ومن معه، وهذا اليوم الذى غلب فيه موسى عليه السلام فرعون، وهذا اليوم الذى ولد فيه إبراهيم عليه السلام، وهذا اليوم الذى تاب الله فيه على قوم يونس عليه السلام، وهذا اليوم الذى ولد فيه عيسى ابن مريم عليه السلام، وهذا اليوم الذى يقوم فيه القائم عليه السلام (1).

واما ما روي في كراهية صومه فقد روى:

* (909) * 15 - محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن نوح ابن شعيب النيشابورى عن ياسين الضرير عن حريز عن زرارة عن ابي جعفر وابي عبدالله عليهما السلام قال: لا تصم يوم عاشورا ولا يوم عرفة بمكة ولا بالمدينة ولا في وطنك ولا في مصر من الامصار.

___________________________________

* (1) الاظهر حمله على التقية لما رواه الصدوق رحمه الله في اماليه وغيره ان وقوع هذه البركات في هذا اليوم من اكاذيب العامة ومفترياتهم، ويظهر من الاخبار الآتية ان تلك الاخبار صدرت تقية، بل المستحب الامساك إلى ما بعد العصر بغير نية كما رواه الشيخ في المصباح وغيره في غيره - عن هامش الاصل -.

- 909 - الكافي ج 1 ص 203.

(*)

[301]

* (910) * 16 - وعنه عن الحسن بن علي الهاشمي عن محمد بن موسى عن يعقوب بن يزيد عن الوشا قال: حدثني نجية بن الحارث العطار قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن صوم يوم عاشورا فقال: صوم متروك بنزول شهر رمضان، والمتروك بدعة، قال نجية: فسألت ابا عبدالله عليه السلام عن ذلك من بعد أبيه عليه السلام فاجاب بمثل جواب أبيه ثم قال لي: أما انه صيام يوم ما نزل به كتاب ولا جرت به سنة إلا سنة آل زياد لعنهم الله بقتل الحسين بن علي صلوات الله عليهما.

* (911) * 17 - وعنه عن الحسن بن علي الهاشمي عن محمد بن عيسى ابن عبيد قال: حدثنا جعفر بن عيسى اخى قال: سألت الرضا عليه السلام عن صوم يوم عاشورا وما يقول الناس فيه فقال: عن صوم ابن مرجانة لعنة الله تسألني؟ ! ذلك يوم ما صامه إلا الادعياء من آل زياد بقتل الحسين صلوات الله عليه، وهو يوم تشاء‌م به آل محمد، ويتشأم به أهل الاسلام، واليوم المتشأم به الاسلام واهله لا يصام ولا يتبرك به، ويوم الاثنين يوم نحس قبض الله فيه نبيه صلى الله عليه وآله وما أصيب آل محمد عليهم السلام إلا في يوم الاثنين فتشأمنا به وتبرك به اعداؤنا، ويوم عاشورا قتل الحسين عليه السلام وتبرك به ابن مرجانة وتشأم به آل محمد عليه وعليهم السلام فمن صامهما وتبرك بهما لقى الله عزوجل ممسوح القلب، وكان محشره مع الذين سنوا صومهما وتبركوا بهما.

* (912) * 18 - وعنه عن الحسن بن علي الهاشمي عن محمد بن عيسى قال: حدثني محمد بن ابي عمير عن زيد النرسي قال: حدثنا عبيد بن زرارة قال: سمعت زرارة يسأل ابا عبدالله عليه السلام عن صوم يوم عاشورا فقال: من صامه

___________________________________

* - 910 - 911 - 912 - الكافي ج 1 ص 203.

(*)

[302]

كان حظه من صيام ذلك اليوم حظ ابن مرجانة وآل زياد قال قلت: وما حظهم من ذلك اليوم؟ فقال: النار.فالوجه في هذه الاحاديث ان من صام يوم عاشورا على طريق الحزن بمصاب رسول الله صلى الله عليه وآله والجزع لما حل بعترته فقد اصاب، ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرك به والاعتقاد لبركته وسعادته فقد أثم واخطأ.