الصفحة السابقة الصفحة التالية

إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب (ج1)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 81

سبحانه لما خلق إبراهيم كشف له عن بصره فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش فقال: إلهي ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور محمد صفوتي من خلقي، ورأى نورا إلى جنبه فقال: إلهي ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور علي بن أبي طالب (عليه السلام) ناصر ديني، ورأى إلى جنبهما ثلاثة أنوار فقال: إلهي وما هذه الأنوار؟ فقيل: هذه فاطمة فطمت محبيها من النار، ونور ولديها الحسن والحسين، فقال: إلهي وأرى تسعة أنوار قد حفوا بهم؟ قيل: يا إبراهيم هؤلاء الأئمة من ولد علي وفاطمة، فقال إبراهيم: بحق هؤلاء إلا ما عرفتني من التسعة، فقال: يا إبراهيم أولهم علي بن الحسين وابنه محمد وابنه جعفر وابنه موسى وابنه علي وابنه محمد وابنه علي وابنه الحسن والحجة القائم ابنه، فقال إبراهيم: إلهي وسيدي أرى أنوارا قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلا أنت؟ قيل: يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم، شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال إبراهيم: وبما تعرف شيعتهم؟ قال: بصلاة إحدى وخمسين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والقنوت قبل الركوع والتختم في اليمين، فعند ذلك قال إبراهيم: اللهم اجعلني من شيعة أمير المؤمنين، قال: فأخبر الله في كتابه فقال *(وإن من شيعته لإبراهيم)*(1). الآية الثمانون: قوله تعالى في سورة ص *(ولتعلمن نبأه بعد حين)*(2) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: عند خروج القائم (3). الآية الحادية والثمانون: قوله تعالى في سورة الزمر *(وأشرقت الأرض بنور ربها)*(4) عن مفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام): ربها أي رب الأرض، أي إمام الأرض، قلت: فإذا خرج يكون ماذا؟ قال: إذن يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويحتظون بنور الإمام (5). وعنه (عليه السلام): إن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها واستغنى العباد عن ضوء الشمس وصار الليل والنهار واحدا وعاش الرجل في زمانه ألف سنة، يولد له كل سنة غلام لا يولد له جارية، يكسوه الثوب فيطول عليه كلما طال، ويكون عليه أي لون شاء (6).

(هامش)

1 - تأويل الآيات: 2 / 495 ومدينة المعاجز: 4 / 40. 2 - ص: 86. 3 - روضة الكافي: 8 / 287. 4 - الزمر: 69. 5 - تفسير القمي: 2 / 253 سورة الزمر، وفيه: ويجتزون بنور الإمام. 6 - دلائل الإمامة: 454 ح 433. (*)

ص 82

الآية الثانية والثمانون: قوله تعالى في سورة حم السجدة *(فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى)*(1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قوله *(كذبت ثمود بطغواها)*(2) قال: ثمود رهط من الشيعة فإن الله سبحانه يقول *(فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب)*(3) فهو السيف إذا قام القائم (4). الآية الثالثة والثمانون: قوله تعالى *(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)*(5) عن أبي عبد الله (عليه السلام): أي أنه القائم (عليه السلام) (6). وسئل أبو جعفر (عليه السلام) عن تفسير قوله عز وجل *(سنريهم آياتنا)* إلى *(أنه الحق)* فقال (عليه السلام): يريهم الله في أنفسهم المسخ ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم، فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الآفاق، وقوله *(حتى يتبين لهم أنه الحق)* يعني بذلك خروج القائم وهو الحق من الله عز وجل، يراه هذا الخلق لا بد منه (7). الآية الرابعة والثمانون: قوله تعالى في سورة الشورى *(حمعسق)*(8) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (حمعسق) عدد سني القائم وق جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر، وخضرة السماء من ذلك الجبل وعلم كل شيء في *(عسق)*. وعنه (عليه السلام): (حم) حتم وعين عذاب وسين سنون كسنين يوسف وق قذف ومسخ يكون في آخر الزمان بالسفياني وأصحابه، وناس من كلب خال السفياني وبنو كلب وبنو خالد ثلاثون ألفا يخرجون معه وذلك حين يخرج القائم بمكة، وهو مهدي هذه الأمة (9). الآية الخامسة والثمانون: قوله تعالى *(من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب)*(10). في الصافي عن أبي عبد الله (عليه السلام): ليس له في دولة الحق مع القائم نصيب (11). الآية السادسة والثمانون: قوله تعالى *(يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا

(هامش)

1 - فصلت: 17. 2 - الشمس: 11. 3 - فصلت: 17. 4 - بحار الأنوار: 24 / 72. 5 - فصلت: 53. 6 - تأويل الآيات: 2 / 541 ح 16 و17. 7 - غيبة النعماني: 269. 8 - الشورى: 2. 9 - تأويل الآيات: 528 سورة (حمعسق). 10 - الشورى: 20. 11 - أصول الكافي: 1 / 436 ح 92 وتفسير الصافي: 4 / 371. (*)

ص 83

مشفقون منها ويعلمون أنها الحق)*(1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) لمفضل بن عمر: يا مفضل كيف يقرأ أهل العراق هذه الآية؟ قال: قلت: يا سيدي وأي آية؟ قال (عليه السلام): قول الله تعالى *(يستعجل بها الذين آمنوا والذين لا يؤمنون مشفقون منها)* فقلت: يا سيدي كذا تقرأ. فقال: كيف تقرأ؟ فقلت: *(يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق)* قال: ويحك أتدري ما هي؟ فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم. فقال (عليه السلام): والله ما هي إلا قيام القائم، فكيف يستعجل به من لا يؤمن به؟ والله ما يستعجل به إلا المؤمنون ولكنهم حرفوها حسدا لكم، فاعلم ذلك يا مفضل. إلى آخر الحديث (2). الآية السابعة والثمانون: قوله تعالى *(الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب)*(3) عن أبي بصير قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): *(الله لطيف بعباده يرزق من يشاء)*. قال: ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، قلت: *(من كان يريد حرث الآخرة)*، قال: معرفة أمير المؤمنين والأئمة. *(نزد له في حرثه)*، قال: نزيده فيها. قال: يستوفي نصيبه من دولتهم *(ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب)* قال: ليس له في دولة الحق مع القائم (عليه السلام) نصيب (4). الآية الثامنة والثمانون: قوله تعالى *(ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم)*(5) عن أبي جعفر (عليه السلام): لولا ما تقدم فيهم من أمر الله عز وجل ما أبقى منهم القائم أحد (6). الآية التاسعة والثمانون: قوله تعالى *(أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته)*(7) عن أبي جعفر (عليه السلام): جاءت الأنصار إلى رسول الله فقالوا: إنا قد آوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا استعن بها على ما أنابك، فأنزل الله *(قل لا سألكم عليه أجرا)* يعني على النبوة *(إلا المودة في القربى)*(8) أي في أهل بيته،

(هامش)

1 - الشورى: 18. 2 - دلائل الإمامة: 238 معرفة وجوب القائم. 3 - الشورى: 19 - 20. 4 - تفسير البرهان: 4 / 121 ح 2 عن الكافي كما تقدم. 5 - الشورى: 21. 6 - روضة الكافي 8: 287 ح 432. 7 - الشورى: 24. 8 - الشورى: 23. (*)

ص 84

ثم قال: ألا ترى أن الرجل يكون له صديق، وفي ذلك شيء على أهل بيته فلا يسلم صدره، فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيء على أمته ففرض عليهم المودة، فإن أخذوا أخذوا مفروضا وإن تركوا تركوا مفروضا، قال: فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول: عرضنا عليه أموالنا فقال: قاتلوا عن أهل بيتي. وقال طائفة: ما قال هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجحدوا وقالوا كما حكى الله *(أم يقولون افترى على الله كذبا)* فقال الله *(إن يشأ الله يختم على قلبك)* قال: لو افتريت *(ويمحوا الله الباطل)* يعني سيبطله *(ويحق الحق بكلماته)* يعني بالأئمة والقائم من آل محمد *(إنه عليم بذات الصدور)* ثم قال *(وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات)* إلى قوله *(ويزيدهم من فضله)*(1) يعني الذين قالوا: القول ما قال رسول الله، ثم قال: والكافرون لهم عذاب شديد (2). والروايات من طرق الخاصة والعامة كثيرة إن الآية نزلت في مودة أهل البيت (3). الآية التسعون: قوله تعالى *(ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل)*(4) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: *(ولمن انتصر بعد ظلمه)* يعني القائم وأصحابه *(فأولئك ما عليهم من سبيل)* والقائم إذا قام انتصر من بني أمية ومن المكذبين والنصاب هو وأصحابه، وهو قول الله تبارك وتعالى *(إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم)*(5) (6). الآية الحادية والتسعون: قوله تعالى *(وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي)*(7) عن أبي جعفر (عليه السلام): *(من طرف خفي)* يعني القائم (عليه السلام) (8). الآية الثانية والتسعون: قوله تعالى في سورة الزخرف *(وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)*(9) عن جابر بن يزيد عن الباقر (عليه السلام) قال: قلت له: يا بن رسول الله إن قوما يقولون إن الله تبارك وتعالى جعل الأئمة في عقب الحسن دون الحسين (عليهما السلام)، قال: كذبوا والله أولم يسمعوا أن الله تعالى ذكره يقول *(وجعلها كلمة باقية في عقبه)* فهل جعلها إلا في عقب

(هامش)

1 - الشورى: 24 - 25. 2 - تفسير القمي: 2 / 275 سورة الشورى. 3 - ملحق المودة 4 - الشورى: 41. 5 - الشورى: 42. 6 - تفسير القمي: 2 / 278 سورة الشورى. 7 - الشورى: 45. 8 - تأويل الآيات: 535 سورة حمعسق. 9 - الزخرف: 28. (*)

ص 85

الحسين (عليه السلام). فقال: يا جابر إن الأئمة هم الذين نص عليهم رسول الله بالإمامة، وهم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق العرش بالنور اثني عشر اسما، منهم علي وسبطاه وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة القائم (عليهم السلام)، فهذه الأئمة من أهل بيت الصفوة والطهارة، والله ما يدعيه أحد غيرنا إلا حشره الله تعالى مع إبليس وجنوده، ثم تنفس (عليه السلام) وقال: لا رعى حق هذه الأمة فإنها لم ترع حق نبيها، والله لو تركوا الحق على أهله لما اختلف في الله اثنان، ثم أنشأ يقول: إن اليهود لحبهم لنبيهم * أمنوا بوايق حادث الأزمان وذوو الصليب بحب عيسى أصبحوا * يمشون صحوا في قرى نجران والمؤمنون بحب آل محمد * يرمون في الآفاق بالنيران قلت: يا سيدي أليس هذا الأمر لكم؟ قال: نعم. قلت: فلم قعدتم عن حقكم ودعواكم وقد قال الله تبارك وتعالى *(وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم)*(1) فما بال أمير المؤمنين قعد عن حقه؟ قال: فقال: حيث لم يجد ناصرا، ألم تسمع الله يقول في قصة لوط *(قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد)*(2) ويقول حكاية عن نوح (عليه السلام)*(فدعا ربه أني مغلوب فانتصر)*(3) ويقول في قصة موسى (عليه السلام)*(إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين)*(4) فإذا كان النبي هكذا فالوصي أعذر، يا جابر مثل الإمام مثل الكعبة تؤتى ولا تأتي (5). وعن علي بن أبي طالب (عليه السلام): فينا نزلت هذه الآية *(وجعلها كلمة باقية في عقبه)* فالإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة، وإن للغائب منا غيبتين، إحداهما أطول من الأخرى: أما الأولى فستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، وأما الأخرى فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه حرجا مما قضينا وسلم لنا أهل البيت (6). الآية الثالثة والتسعون: قوله تعالى *(هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا

(هامش)

1 - الحج: 78. 2 - هود: 80. 3 - القمر: 10. 4 - المائدة: 25. 5 - كفاية الأثر: 197 باب ما جاء عن فاطمة. 6 - كمال الدين: 323 ح 8 باب 31. (*)

ص 86

يشعرون)*(1) عن أبي جعفر (عليه السلام): هي ساعة القائم تأتيهم بغتة (2). الآية الرابعة والتسعون: قوله تعالى في سورة الدخان *(حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم)*(3) عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام): الليلة المباركة ليلة القدر وأنزل الله القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثم نزل من البيت المعمور على النبي (صلى الله عليه وآله) في طول عشرين سنة *(فيها يفرق كل أمر حكيم)* يعني في ليلة القدر كل أمر حكيم، أي يقدر الله كل أمر من الحق والباطل، وما يكون في تلك السنة، وله فيها البداء والمشية، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والأمراض، ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء، ويلقيه رسول الله إلى أمير المؤمنين ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمة حتى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان، ويشترط له ما فيه البداء والمشية والتقديم والتأخير (4). الآية الخامسة والتسعون: قوله تعالى في سورة الجاثية *(قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله)*(5) عن أبي عبد الله (عليه السلام): الأيام المرجوة ثلاثة: يوم قيام القائم ويوم الكرة ويوم القيامة، كما ذكر في ذيل آية *(وذكرهم بأيام الله)*(6) في سورة إبراهيم. الآية في سورة الأحقاف *(فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم)*(7) عن الكراجكي عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى *(واصبر على ما يقولون)* يا محمد من تكذيبهم إياك، فأنا منتقم منهم برجل منك وهو قائمي الذي سلطته على دماء الظلمة (8). الآية السادسة والتسعون: قوله تعالى في سورة محمد (صلى الله عليه وآله)*([ف‍] هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكريهم)*(9) عن مفضل بن عمر: سألت سيدي أبا عبد الله الصادق (عليه السلام): هل للمأمول المنتظر المهدي وقت موقت تعلمه الناس؟ فقال: حاش لله أن يوقت له وقتا. قال: قلت: مولاي ولم ذلك؟ قال: لأنه الساعة التي قال الله تعالى *(ويسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي في كتاب لا يجليها لوقتها

(هامش)

1 - الزخرف: 66. 2 - تأويل الآيات: 552 سورة الزخرف. 3 - الدخان: 2. 4 - تفسير القمي: 2 / 290 سورة الدخان. 5 - الجاثية: 14. 6 - إبراهيم: 5. 7 - الأحقاف: 35. 8 - تأويل الآيات: 492 سورة ص. 9 - محمد: 18. (*)

ص 87

إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون)*(1) وقوله *(وعنده علم الساعة)* ولم يقل: عند أحد دونه، وقوله *([ف‍] هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكريهم)* وقوله *(اقتربت الساعة وانشق القمر)*(2) وقوله *(وما يدريك لعل الساعة قريب يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنه الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد)*(3) قلت: يا مولاي ما معنى يمارون؟ قال: يقولون: متى ولد؟ ومن رآه؟ وأين هو؟ ومتى يظهر؟ كل ذلك استعجالا لأمره وشكا في قضائه وقدرته، أولئك الذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة وإن للكافرين لشر مآب. قال المفضل: يا مولاي فلا توقت له وقتا؟ قال (عليه السلام): يا مفضل لا توقت فإنه من وقت لمهدينا وقتا فقد شارك الله في عمله وادعى أنه أظهره على علمه وسره (4). الآية السابعة والتسعون: قوله تعالى في سورة الفتح *(لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما)*(5) عن أبي عبد الله (عليه السلام) لرجل قال له: أصلحك الله ألم يكن علي قويا في دين الله؟ قال: بلى. قال: فكيف ظهر عليه القوم؟ وكيف لم يدفعهم؟ وما منعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله عز وجل منعته. قال: وأي آية؟ قال: قوله *(لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما)* إنه كان لله عز وجل ودايع مؤمنين، في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن علي ليقتل الآباء حتى تخرج الودايع، فلما خرج الودايع ظهر علي على من ظهر وقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتى تظهر ودايع الله عز وجل، فإذا ظهرت ظهر على من ظهر فقتله (6). الآية الثامنة والتسعون: قوله تعالى *(وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله)*(7) عن الصادق (عليه السلام): هو الإمام الذي يظهره على الدين كله، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وهذا من الذي تأويله بعد تنزيله (8).

(هامش)

1 - الأعراف: 187. 2 - القمر: 1. 3 - الشورى: 17 - 18. 4 - الصراط المستقيم: 2 / 257 فصل علامات القائم (عليه السلام). 5 - الفتح: 25. 6 - علل الشرائع: 147 ح 3 باب 122. 7 - التوبة: 33. 8 - تفسير القمي: 2 / 317 سورة الفتح. (*)

ص 88

الآية التاسعة والتسعون: قوله تعالى في سورة ق *(واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج)*(1) عن الصادق (عليه السلام): ينادي المنادي باسم القائم واسم أبيه. قوله *(يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج)* قال: صيحة القائم من السماء، وذلك يوم الخروج (2). الآية المائة: قوله تعالى في سورة الذاريات *(وفي السماء رزقكم وما توعدون)*(3) عن ابن عباس: هو خروج المهدي (4). الآية الحادية والمائة: قوله تعالى *(فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون)*(5) عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قوله: *(إنه الحق)* قيام القائم (عليه السلام)، وفيه نزلت *(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا)*(6) (7). الآية الثانية ومائة: قوله تعالى في سورة الطور *(والطور وكتاب مسطور في رق منشور)*(8) عن أبي عبد الله (عليه السلام): وأمير المؤمنين وجبرئيل على حرى فيقول له جبرئيل أجب فيخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) رقا من جحرة أزراره فيدفعه إلى علي فيقول: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. عهد من الله ومن رسوله ومن علي بن أبي طالب لفلان بن فلان باسمه واسم أبيه، وذلك قول الله عز وجل في كتابه *(والطور وكتاب مسطور في رق منشور)* وهو الكتاب الذي كتبه علي بن أبي طالب (عليه السلام) والرق المنشور الذي أخرجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جحرة أزراره. قلت: والبيت المعمور أهو رسول الله؟ قال: نعم المملي رسول الله (صلى الله عليه وآله) والكاتب علي (عليه السلام) (9). الآية الثالثة ومائة: قوله تعالى في سورة القمر *(اقتربت الساعة وانشق القمر)*(10) قد مر الحديث في ذلك من سورة محمد (صلى الله عليه وآله) (11).

(هامش)

1 - ق: 41 - 42. 2 - تفسير القمي: 2 / 327 سورة ق. 3 - الذاريات: 22. 4 - غيبة الطوسي: 175 الكلام على الواقفة. 5 - الذاريات: 23. 6 - النور: 55. 7 - غيبة النعماني: 269 ح 40 باب ما جاء في العلامات. 8 - الطور: 1 - 3. 9 - دلائل الإمامة: 256 معرفة وجوب القائم. 10 - القمر: 1. 11 - (*)

ص 89

الآية الرابعة ومائة: قوله تعالى *(وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر)*(1) قد مر الحديث في ذلك من سورة الشعراء، في ذيل آية *(إن نشأ ننزل عليهم)*(2). الآية الخامسة ومائة: قوله تعالى في سورة الرحمن *(يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام)*(3) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الله يعرفهم، ولكن هذه أنزلت في القائم وهو يعرفهم بسيماهم فيخبطهم [بالسيف] هو وأصحابه خبطا (4). وعن معاوية الدهني عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى *(يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام)* فقال (عليه السلام): يا معاوية ما يقولون في هذا؟ قلت: يزعمون أن الله تبارك وتعالى يعرف المجرمون بسيماهم في القيامة، فيأمر بهم، فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم فيلقون في النار. فقال لي: وكيف يحتاج تبارك وتعالى إلى معرفة خلق أنشأهم وهو خلقهم؟ فقلت: جعلت فداك وما ذلك؟ قال: ذلك لو قام قائمنا أعطاه السيماء فيأمر بالكافر فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم ثم يخبط بالسيف خبطا، وقرأ أبو عبد الله (عليه السلام): هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان وتصليانها، لا تموتان ولا تحييان (5). الآية السادسة ومائة: قوله تعالى في سورة الحديد *(ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون)*(6) عن أبي عبد الله (عليه السلام): نزلت هذه الآية في القائم ومن أهل زمان الغيبة وأيامها دون غيرهم، والأمد أمد الغيبة (7). الآية السابعة ومائة: قوله تعالى *(اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها)*(8) عن أبي جعفر: *(يحيي الأرض بعد موتها)* بكفر أهلها، والكافر ميت فيحييها الله بالقائم (عليه السلام) فيعدل فيها فيحيي الأرض ويحيي أهلها بعد موتهم (9). وعن ابن عباس *(اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها)* يعني: يصلح الله الأرض بقائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) بعد موتها، يعني من بعد جور أهل مملكتها *(قد بينا لكم الآيات)* بقائم آل محمد *(لعلكم تعقلون)* عن أبي إبراهيم (عليه السلام) في قول الله عز وجل *(يحيي الأرض بعد

(هامش)

1 - القمر: 2. 2 - 3 - الرحمن: 41. 4 - غيبة النعماني: 242 ح 39 باب 13. 5 - تفسير القمي: 2 / 345 سورة الرحمن. 6 - الحديد: 16. 7 - غيبة النعماني: 24. 8 - الحديد: 17. 9 - تأويل الآيات: 638 سورة الحديد. (*)

ص 90

موتها)* قال: ليس يحييها بالقطر ولكن يبعث الله عز وجل رجالا فيحيون العدل فتحيى الأرض لإحياء العدل، ولإقامة العدل فيها أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا (1). الآية الثامنة ومائة: قوله تعالى في سورة الممتحنة *(يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور)*(2) عن علي (عليه السلام): العجب كل العجب بين جمادى ورجب، فقام رجل وقال: يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تتعجب منه؟ فقال (عليه السلام): ثكلتك أمك وأي العجب أعجب من أموات يضربون كل عدو لله ولرسوله ولأهل بيته وذلك تأويل هذه الآية *(يا أيها الذين آمنوا)* إلى *(من أصحاب القبور)* فإذا اشتد القتل قلتم: مات وهلك وأي واد سلك؟ وذلك تأويل هذه الآية *(ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا)*(3) (4). الآية التاسعة ومائة: قوله تعالى في سورة الصف *(يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)*(5) عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي قال: سألته عن الآية قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين بأفواههم. قلت: *(والله متم نوره)*. قال: والله متم الإمامة لقوله عز وجل *(آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا)*(6) فالنور هو الإمام، قلت: *(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق)* قال: هو أمر رسوله محمد بالولاية لوصيه، والولاية هي دين الحق. قلت: *(ليظهره على الدين كله)* قال: يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم. قال: يقول الله *(والله متم نوره)* بولاية القائم *(ولو كره الكافرون)* بولاية علي. قلت: هذا تنزيل. قال: نعم، أما هذا الحرف تنزيل، أما غيره فتأويل (7). الآية العاشرة ومائة: قوله تعالى *(وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب)*(8) في تفسير الإمام يعني في الدنيا يفتح القائم (عليه السلام) (9). الآية الحادية عشرة ومائة: قوله تعالى *(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره

(هامش)

1 - تأويل الآيات: 638. 2 - الممتحنة: 13. 3 - الإسراء: 6. 4 - تأويل الآيات: 659 سورة الممتحنة. 5 - الصف: 8. 6 - التغابن: 8. 7 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 214 دلالة أخرى. 8 - الصف: 13. 9 - نهج البلاغة: 9 / 78، طريق النوبة من الغيبة. (*)

ص 91

على الدين كله ولو كره المشركون)*(1) عن أبي بصير سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الآية فقال: والله ما نزل تأويلها. قلت: جعلت فداك ومتى ينزل تأويلها؟ قال: حتى يقوم القائم إن شاء الله، فإذا خرج القائم لم يبق كافر ومشرك إلا كره خروجه، حتى لو أن كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت الصخرة: يا مؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله فيجيبه فيقتله (2). الآية الثانية عشرة ومائة: قوله تعالى في سورة الملك *(قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين)*(3) عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: سألته عن هذه الآية، فقال: إذا فقدتم إمامكم فلم تروه، فماذا تصنعون؟ (4). وعن عمار بن ياسر قال: كنت مع رسول الله في بعض غزواته، وقتل علي أصحاب الألوية وفرق جمعهم وقتل جمعا، أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت له: يا رسول الله إن عليا قد جاهد في الله حق جهاده. فقال (صلى الله عليه وآله): لأنه مني وأنا منه وإنه وارث علمي وقاضي ديني ومنجز وعدي والخليفة من بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي، حربه حربي وحربي حرب الله وسلمه سلمي وسلمي سلم الله، ألا إنه أبو سبطي والأئمة، من صلبه يخرج الله تعالى الأئمة الراشدين ومنهم مهدي هذه الأمة. فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله من هذا المهدي؟ قال (صلى الله عليه وآله): يا عمار إن الله تبارك وتعالى عهد إلي أنه يخرج من صلب الحسين أئمة تسعة والتاسع من ولده يغيب عنهم وذلك قوله عز وجل *(قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين)*، يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وهو سميي وأشبه الناس بي. يا عمار سيكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع عليا واصحبه فإنه مع الحق والحق معه، يا عمار إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين: الناكثين والقاسطين ثم تقتلك الفئة الباغية، قال: يا رسول الله أليس ذلك على رضا الله ورضاك؟ قال: نعم على رضا الله ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه، فلما كان يوم صفين خرج عمار بن ياسر إلى أمير

(هامش)

1 - التوبة: 33. 2 - تفسير فرات: 481 سورة الصف. 3 - الملك: 30. 4 - كمال الدين: 360 ح 3 باب ذكر كلام هشام. (*)

ص 92

المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا أخا رسول الله أتأذن لي في القتال؟ فقال: مهلا رحمك الله، فلما كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه بمثله، فأعاد عليه ثالثا فبكى أمير المؤمنين (عليه السلام) فنظر إليه عمار فقال: يا أمير المؤمنين إنه اليوم الذي وصفه لي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنزل علي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن بغلته وعانق عمارا وودعه ثم قال: يا أبا اليقظان جزاك الله عن نبيك وعني خيرا، فنعم الأخ كنت ونعم الصاحب كنت ثم بكى (عليه السلام) وبكى عمار ثم قال: والله يا أمير المؤمنين ما تبعتك إلا ببصيرة فإني سمعت رسول الله يقول يوم خيبر: يا عمار ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع عليا وحزبه فإنه مع الحق والحق معه، وستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين، فجزاك الله يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء فلقد أديت وأبلغت ونصحت، ثم ركب وركب أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم برز إلى القتال ثم دعا بشربة من ماء، فقيل: ما معنا ماء، فقام إليه رجل من الأنصار وسقاه شربة من لبن فشربه فقال: هكذا عهد إلي رسول الله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن، ثم حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفسا فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل (رحمه الله)، فلما كان في الليل طاف أمير المؤمنين (عليه السلام) في القتلى فوجد عمارا ملقى بين القتلى فجعل رأسه على فخذه ثم بكى عليه وأنشأ يقول: ألا أيها الموت الذي ليس تاركي * أرحني فقد أفنيت كل خليل أيا موت كم هذا التفرق عنوة * فلست تبقي خلة لخليل أراك بصيرا بالذين أحبهم * كأنك تمضي نحوهم بدليل (1) الآية الثالثة عشرة ومائة: قوله تعالى في سورة القلم *(وإذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين)*(2) في تفسير الإمام (عليه السلام): إذا تتلى عليه قال: كنى عن الثاني، أساطير الأولين أي أكاذيب الأولين *(سنسمه على الخرطوم)*(3) قال: في الرجعة إذا رجع (4). وفي الدمعة عن تأويل الآيات *(إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين)* يعني تكذيبه بقائم آل محمد، إذ يقول له لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة، كما قال المشركون لمحمد (صلى الله عليه وآله) (5).

(هامش)

1 - كفاية الأثر: 120 باب ما جاء عن عمار بن ياسر. 2 - القلم: 15. 3 - القلم: 16. 4 - تفسير القمي: 2 / 381 سورة القلم. 5 - تأويل الآيات: 2 / 748 سورة المطففين. (*)

ص 93

الآية الرابعة عشرة ومائة: قوله تعالى في المعارج *(سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج)*(1) سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن معنى هذا، قال: نار تخرج من المغرب وملك يسوقها من خلفها حتى تأتي دار سعد بن همام عند مسجدهم، فلا تدع دارا لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها، ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها وذلك المهدي (2). الآية الخامسة عشرة ومائة: قوله تعالى *(والذين يصدقون بيوم الدين)*(3) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بخروج القائم (4). الآية السادسة عشرة ومائة: قوله تعالى *(خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون)*(5) عن أبي جعفر (عليه السلام): يعني يوم خروج القائم (6). الآية السابعة عشرة ومائة: قوله تعالى في سورة الجن *(حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا)*(7) عن أبي جعفر (عليه السلام): يعني بذلك القائم وأنصاره. وعن الصادق (عليه السلام)*(إذا رأوا ما يوعدون)* قال: القائم وأمير المؤمنين في الرجعة *(فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا)* قال: هو أمير المؤمنين (عليه السلام) لزفر: والله يا بن ضحاك لولا عهد من رسول الله وعهد من الله سبق لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا، قال: فلما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يكون من الرجعة، قالوا: متى يكون هذا؟ قال: قل يا محمد إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا (8). الآية الثامنة عشرة ومائة: قوله تعالى في سورة المدثر *(فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير)*(9) عن أبي عبد الله (عليه السلام) [وقد سئل] عن هذه الآية قال: إن منا إماما مظفرا مستترا، فإذا أراد الله عز وجل إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله (10). الآية التاسعة عشرة ومائة: قوله تعالى *(ذرني ومن خلقت وحيدا)* الآية عن أبي

(هامش)

1 - المعارج: 1 - 3. 2 - تفسير القمي: 2 / 385 سورة المعارج. 3 - غافر: 27. 4 - الكافي: 8 / 287. 5 - المعارج: 44. 6 - تأويل الآيات: 21 / 726 وتفسير البرهان: 4 / 386 ح 1. 7 - الجن: 34. 8 - تفسير القمي: 2 / 391 سورة الجن. 9 - المدثر: 8. 10 - غيبة الطوسي: 164 الكلام عن الواقفة. (*)

ص 94

جعفر (عليه السلام): يعني بهذه الآية إبليس اللعين، خلقه وحيدا من غير أب ولا أم، وقوله *(وجعلت له مالا ممدودا)* يعني هذه الدولة إلى يوم الوقت المعلوم يوم يقوم القائم *(وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا)*(1) يقول: معاند الأئمة يدعو إلى غير سبيلها ويصد الناس عنها وهي آيات الله (2). الآية العشرون ومائة: قوله تعالى *(فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر)*(3) عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله *(ذرني ومن خلقت وحيدا)* قال: الوحيد ولد الزنا وهو زفر *(وجعلت له مالا ممدودا)* قال: أجل ممدود إلى مدة *(وبنين شهودا)* قال: أصحابه الذين شهدوا أن رسول الله لا يورث *(ومهدت له تمهيدا)* ملكه الذي ملك ملكته مهدته له *(ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا)* قال: لولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) جاحدا معاندا لرسول الله *(سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر) فيما أمر به من الولاية، وقدر أي مضى رسول الله لا يسلم لأمير المؤمنين البيعة الذي بايعه بها على عهد رسول الله *(فقتل كيف قدر)* قال: عذاب بعد عذاب يعذبه القائم، ثم نظر إلى رسول الله وأمير المؤمنين *(فعبس وبسر)* فيما أمر به *(ثم أدبر واستكبر)* وقال: *(إن هذا إلا سحر يؤثر)* قال: إن زفر قال: إن رسول الله سحر الناس لعلي *(إن هذا إلا قول البشر)* أي ليس بوحي من الله عز وجل *(سأصليه سقر)* إلى آخر الآية، فيه نزلت (4). الآية الحادية والعشرون ومائة: *(والصبح إذا أسفر)*(5) المراد بالصبح القائم (6). قوله تعالى *(وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة)*(7) لأهل المشرق والمغرب، والملائكة هم الذين يملكون علم آل محمد. قوله *(وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا)* قال: يعني المرجئة. وقوله *(ليستيقن الذين أوتوا الكتاب)* قال: هم الشيعة وهم أهل الكتاب وهم الذين أوتوا الكتاب والحكم والنبوة. وقوله تعالى *(ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب)* أي لا يشك الشيعة في أمر القائم *(وليقول الذين

(هامش)

1 - المدثر: 11 - 16. 2 - تأويل الآيات: 709 سورة المدثر. 3 - المدثر: 20. 4 - تفسير القمي: 703 ط. القديمة وتأويل الآيات: 2 / 733. 5 - المدثر: 34. 6 - لم أجده في المصادر. 7 - المدثر: 31. (*)

ص 95

في قلوبهم مرض)* يعني بذلك الشيعة وضعفاءها والكافرين *(ماذا أراد الله بهذا مثلا)* فقال الله عز وجل لهم: *(كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء)* فالمؤمن يسلم والكافر يشك. وقوله تعالى *(وما يعلم جنود ربك إلا هو)* فجنود ربك هم الشيعة وهم شهداء الله في الأرض. وقوله *(وما هي إلا ذكرى للبشر)* *(لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر)* عنه، وقوله *(كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين)* قال: هم أطفال المؤمنين، قال الله تبارك وتعالى *(وألحقنا بهم ذرياتهم بإيمان)* قال: إنه بالميثاق. وقوله *(وكنا نكذب بيوم الدين)* قال: بيوم الدين خروج القائم وقولهم *(فما لهم عن التذكرة معرضين)* قال: بالتذكرة ولاية أمير المؤمنين *(كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة)* قال: كأنهم حمر وحش فرت من قسورة أي الأسد حين رأته وكذلك المرجئة إذا سمعت بفضل آل محمد تعرت عن الحق، ثم قال الله تعالى *(بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة)* قال: يريد كل رجل من المخالفين أن ينزل عليهم كتابا من السماء ثم قال الله تعالى *(كلا بل لا يخافون الآخرة)* قال: هي دولة القائم، ثم قال تعالى بعد أن عرفهم [أن] التذكرة هي الولاية *(كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة)* فالتقوى هي النبي والمغفرة [علي] أمير المؤمنين (عليه السلام) (1). الآية الثانية والعشرون ومائة: قوله تعالى في سورة التكوير *(فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس)*(2) عن أبي جعفر (عليه السلام): الخنس إمام يخنس في زمانه عند انقطاع عن عمله عند الناس سنة ستين ومائتين، ثم يبدو كالشهاب الثاقب في ظلمة الليل، فإن أدركت ذلك قرت عيناك (3). الآية الثالثة والعشرون ومائة: قوله تعالى في سورة الإنشقاق *(لتركبن طبقا عن طبق)*(4) عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن للقائم منا غيبة يطول أمدها فقلت له: ولم ذاك يا بن رسول الله؟ قال: إن الله عز وجل أبى أن لا يجري فيه سنن الأنبياء في غيباتهم، وإنه لا بد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله عز وجل *(لتركبن طبقا عن طبق)* أي على سنن من كان

(هامش)

1 - بطوله في تأويل الآيات: 2 / 735 - 736 سورة المدثر. 2 - التكوير: 16. 3 - أصول الكافي: 1 / 341 ح 23. 4 - الإنشقاق: 19. (*)

ص 96

قبلكم (1). الآية الرابعة والعشرون ومائة: قوله تعالى في سورة البروج *(والسماء ذات البروج)*(2) عن الأصبغ عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله): ذكر الله عز وجل عبادة وذكري عبادة وذكر علي عبادة وذكر الأئمة من ولده عبادة، والذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إن وصيي لأفضل الأوصياء، وإنه لحجة الله على عباده وخليفته على خلقه، ومن ولده الأئمة الهداة، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الأرض، وبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وبهم يمسك الجبال أن تميد بهم، وبهم يسقي خلقه الغيث، وبهم يخرج النبات، أولئك أولياء الله حقا وخلفاؤه صدقا، وعدتهم عدة الشهور وهي اثنا عشر شهرا، وعدتهم عدة نقباء موسى ابن عمران ثم تلا هذه الآية *(والسماء ذات البروج)* ثم قال: بقدر يا بن عباس إن الله يقسم بالسماء ذات البروج يعني به السماء وبروجها! قلت: يا رسول الله فما ذاك؟ قال (صلى الله عليه وآله): فأما السماء فأنا، وأما البروج فالأئمة بعدي أولهم علي وآخرهم المهدي (3). الآية الخامسة والعشرون ومائة: قوله تعالى في سورة الطارق *(إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا)*(4) عن أبي بصير في قوله *(فما له من قوة ولا ناصر)*(5) قال: ما قوة يقوى بها على خالقه، ولا ناصر من الله ينصره إن أراد به سوءا. قلت: *(إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا)*(6)؟ قال: كادوا رسول الله وكادوا عليا وكادوا فاطمة فقال: يا فاطمة إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين يا محمد أمهلهم رويدا، الوقت بعد بعث القائم فينتقم من الجبابرة والطواغيت من قريش وبني أمية وسائر الناس (7). الآية السادسة والعشرون ومائة: قوله تعالى في سورة الغاشية *(هل أتاك حديث الغاشية وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية)*(8) عن سهل بن محمد عن أبيه عن أبي عبد الله قال: قلت: *(أتاك حديث الغاشية)* قال: يغشاهم القائم بالسيف قال: قلت *(وجوه يومئذ خاشعة)* لا تطيق الامتناع. قال: قلت: *(عاملة)* قال: عملت بغير ما أنزل الله، قال:

(هامش)

1 - علل الشرائع: 1 / 245 ح 7. 2 - البروج: 1. 3 - الإختصاص: 224 حديث في الدعاء وأوقاته - بتفاوت - وإثبات الهداة: 1 / 635 ح 747. 4 - الطارق: 17. 5 - الطارق: 10. 6 - الطارق: 15. 7 - تفسير القمي: 2 / 416. 8 - الغاشية: 4. (*)

ص 97

قلت: *(ناصبة)* قال: نصبت غير ولاة الأمر، قال: قلت: *(تصلى نارا حامية)* قال: تصلى نار الحرب في الدنيا على عهد القائم، وفي الآخرة نار جهنم (1). الآية السابعة والعشرون ومائة: قوله تعالى في سورة الفجر *(والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر)*(2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قوله عز وجل *(والفجر)* الفجر هو القائم والليالي العشر الأئمة من الحسن إلى الحسن *(والشفع)* أمير المؤمنين وفاطمة *(والوتر)* هو الله وحده لا شريك له *(والليل إذا يسر)* هي دولة جبت فهي تسري إلى دولة القائم (3). الآية الثامنة والعشرون ومائة: قوله تعالى في سورة الشمس *(والشمس وضحيها والقمر إذا تليها والنهار إذا جليها والليل إذا يغشيها)*(4) عن سليمان الديلمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألت عن قول الله عز وجل *(والشمس وضحيها)* قال: الشمس رسول الله أوضح للناس دينهم. قلت: *(والقمر إذا تليها)* قال: ذاك أمير المؤمنين تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله)*(والنهار إذا جليها)* قال: ذلك الإمام من ذرية فاطمة نسل رسول الله فيجلى ظلام الجور والظلم، فحكى الله سبحانه عنه وقال *(النهار إذا جليها)* يعني به القائم (عليه السلام). قلت: *(والليل إذا يغشيها)* قال: ذاك أئمة الجور الذين استبدوا بالأمور دون آل الرسول (صلى الله عليه وآله) وجلسوا مجلسا كان الرسول أولى به منهم، فغشوا دين الله بالجور والظلم فحكى الله سبحانه فعلهم فقال *(والليل إذا يغشاها)*(5). عن أبي عبد الله (عليه السلام): *(والشمس وضحاها)* الشمس أمير المؤمنين (عليه السلام) وضحاها قيام القائم (عليه السلام)، لأن الله سبحانه قال *(وأن يحشر الناس ضحى)*(6)*(والقمر إذا تلاها)* الحسن والحسين (عليهما السلام)*(والنهار إذا جليها)* هو قيام القائم (عليه السلام)*(والليل إذا يغشاها)* الجبت ودولته قد غشا عليه الحق، وأما قوله *(والسماء وما بناها)* قال: هو محمد هو السماء الذي يسيمون إليه الخلق في العلم، وقوله *(والأرض وما طحاها)* قال: الأرض الشيعة *(ونفس وما سواها)* قال: هو المؤمن المستوي على الخلق، وقوله *(فألهمها فجورها وتقواها)* قال:

(هامش)

1 - الكافي: 8 / 50 ح 13. 2 - الفجر: 1. 3 - تأويل الآيات بتفاوت: 2 / 793. 4 - الشمس: 1 - 4. 5 - روضة الكافي: 8 / 50 ح 12. 6 - طه: 59. (*)

ص 98

عرفت الحق من الباطل فذلك قوله *(ونفس وما سواها قد أفلح من زكاها)* قد أفلحت نفس زكاها الله *(وقد خاب من دساها)* وقوله *(كذبت ثمود بطغواها)* قال: ثمود رهط من الشيعة فإن الله تعالى يقول *(فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون)* فهو السيف إذا قام القائم (عليه السلام)، وقوله *(فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها)* قال: الإمام الناقة الذي فهم عن الله، وسقياها أي عنده منتقى العلم *(فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها)* قال: في الرجعة *(ولا يخاف عقباها)* قال: لا يخاف من مثلها إذا رجع (1). الآية التاسعة والعشرون ومائة: قوله تعالى في سورة الليل *(والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى)*(2) عن أبي عبد الله (عليه السلام)*(والليل إذا يغشى)* قال: دولة إبليس لعنه الله إلى يوم القيامة وهو قيام القائم *(والنهار إذا تجلى)* وهو القائم إذا قام، وقوله *(فأما من أعطى واتقى)*(3) أعطى نفسه الحق واتقى الباطل *(فسنيسره لليسرى)* *(وأما من بخل واستغنى)*(4) يعني بنفسه عن الحق واستغنى بالباطل عن الحق، وكذب بالحسنى بولاية علي بن أبي طالب والأئمة من بعده *(فسنيسره للعسرى)* يعني النار، وأما قوله *(إن علينا للهدى)* يعني إن عليا هو الهدى *(وإن لنا للآخرة والأولى فأنذرتكم نارا تلظى)* قال: القائم (عليه السلام) إذا قام بالغضب فيقتل من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين *(لا يصليها إلا الأشقى)* قال: هو عدو آل محمد *(وسيجنبها الأتقى)* قال: ذاك أمير المؤمنين وشيعته (5). وعن أبي قال: الليل في هذا الموضع الثاني يغشى أمير المؤمنين (عليه السلام) في دولته التي جرت له عليه، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يصير في دولتهم حتى تنقضي قال: *(والنهار إذا تجلى)* قال: النهار هو القائم (عليه السلام) منا أهل البيت إذا قام غلبت دولته الباطل، والقرآن ضرب فيه الأمثال وخاطب نبيه ونحن، فليس يعلمه غيرنا (6).

(هامش)

1 - إثبات الهداة: 3 / 566 ح 660 والبرهان: 4 / 467 ح 11. 2 - الليل: 1 - 2. 3 - الليل: 5. 4 - الليل: 8. 5 - تأويل الآيات: 2 / 807 وإثبات الهداة: 3 / 566 ح 662. 6 - وسائل الشيعة: 27 / 205 ح 33611 وفيه: ونحن نعلمه فليس. (*)

ص 99

الآية الثلاثون ومائة: قوله تعالى في سورة القدر *(سلام هي حتى مطلع الفجر)*(1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو محمد: قرأ علي بن أبي طالب (عليه السلام)*(إنا أنزلناه في ليلة القدر)*(2) وعنده الحسن والحسين فقال الحسنان: يا أبتا كأن بها فيك من حلاوة، قال له: يا بن رسول الله وابني، اعلم أني أعلم فيها ما لم تعلم، إنها لما أنزلت بعث إلي جدك رسول الله فقرأها علي فضرب على كتفي الأيمن وقال: يا أخي ووصيي ووليي على أمتي وحرب أعدائي إلى يوم يبعثون، هذه السورة لك من بعدي ولولديك من بعدك، إن جبرئيل أخي من الملائكة أحدث إلي أحداث أمتي في سنتها وإنه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوة، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم، وسئل أبو عبد الله عن ما يفرق في ليلة القدر، هل هو ما يقدر سبحانه وتعالى فيها؟ قال: لا توصف قدرة الله تعالى سبحانه لأنه يحدث ما يشاء، وأما قوله *(خير من ألف شهر)*(3) يعني فاطمة، وقوله تعالى *(تنزل الملائكة والروح فيها)*(4) والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد، والروح روح القدس وهي فاطمة *(من كل أمر سلام)* يقول: كل أمر سلمه حتى مطلع الفجر يعني حتى يقوم القائم (عليه السلام) (5). الآية الحادية والثلاثون ومائة: قوله تعالى في سورة البينة *(وذلك دين القيامة)*(6) عن أبي عبد الله (عليه السلام): دين القيامة هو ذلك دين القائم (عليه السلام) (7). الآية الثانية والثلاثون ومائة: قوله تعالى في سورة العصر *(والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا)*(8) الآيات عن مفضل: سألت الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز وجل *(والعصر إن الإنسان لفي خسر)* فقال: العصر عصر القائم (عليه السلام)*(إن الإنسان لفي خسر)* يعني أعداءنا *(إلا الذين آمنوا)* بآياتنا *(وعملوا الصالحات)* يعني بمواساة الإخوان *(وتواصوا بالحق)* يعني بالإمامة *(وتواصوا بالصبر)* يعني في الفترة (9).

(هامش)

1 - القدر: 5. 2 - القدر: 1. 3 - القدر: 3. 4 - القدر: 4. 5 - تفسير البرهان: 4 / 487 ح 24 وتأويل الآيات: 2 / 818. 6 - البينة: 5. 7 - المحجة: 257، تأويل الآيات: 2 / 831. 8 - العصر: 2. 9 - كمال الدين: 656 في نوادر الكتاب ح 1. (*)

ص 100

الآية الثالثة والثلاثون ومائة: *(إذا جاء نصر الله والفتح)*(1) من المواضع التي أول بزمان قيام القائم (عليه السلام) كما عن كتاب تنزيل وتحريف لأحمد بن محمد السيار في آية *(إذا جاء نصر الله والفتح)* فتح قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) (2). الفاكهة الأولى: قد ذكر ذيل آية النور تأويل قوله تعالى *(يهدي الله لنوره من يشاء)*(3) إلى الحجة، ولقد أجاد المحدث الخوانساري في كتابه الموضوع للزبر والبينات المسمى بمضيء الأعيان قال: زبر هذه الآية يطابق الإمام الحميد محمد بن الحسن المهدي صاحب الزمان، واستخرج وطابق بيناته: الحميد الزكي محمد بن الحسن المهدي الهادي ومن جمع الزبر والبينات: الإمام الماحي والقائم الدائم ابن الحسن محمد المهدي صاحب العصر والزمان، واستخرج من زبر كلمة الغيب في قوله تعالى *(الذين يؤمنون بالغيب)*(4) الإمام الجامع بالحق أبو القاسم محمد بن الحسن المهدي الهادي ومن بيناته: حبيب ودود محمد مهدي هادي، ومن جمعهما: الإمام بحق مولانا أبو القاسم محمد بن الحسن المهدي الهادي صاحب الزمان عجل الله فرجه وسهل مخرجه (5). الفاكهة الثانية: في حديث جم الفوائد كثير العوائد حسن السبك جعلتها فاكهة من فرع هذه الشجرة المباركة، وذلك هو الحديث الوارد في تأويل سورة القدر والعصر في شأن أولي الأمر (عليهم السلام)، عن السيد الثقة الجليل الفقيه السيد نعمة الله الجزائري (رحمه الله) في بعض مؤلفاته عن ابن عباس قال: لما صارت الخلافة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما كان في اليوم الثالث أقبل رجل في ثياب خضر ووقف على باب المسجد، وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه جالسا في المسجد والناس حوله يمينا وشمالا فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الحق. فقال له أمير المؤمنين: وعليك السلام يا بيهس بن صاف بن حاف بن لامو بن بيهس. فقال: يا خليفة الله في أرضه من أين عرفتني وعرفت اسمي؟ قال (عليه السلام): من

(هامش)

1 - النصر: 1. 2 - لم أجده في المصادر بهذه الألفاظ، نعم ورد في تفسير الآية قول النبي: بنا فتح الله وبنا يختم راجع ملاحم ابن طاووس: 84 باب 191. 3 - النور: 35. 4 - البقرة: 3. 5 - مضئ الأعيان: الورق 4 والكتاب مخطوط فارسي. (*)

ص 101

علم وتبيان، أليس مسكنك في الجبال والبراري؟ قال: بلى يا خليفة الله. قال: ما الذي جاء بك إلينا؟ قال: جئت أنظر نورك فأستضئ به. قال: كيف علمت أن لنا أنوارا؟ قال: يقول الله تعالى *(مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة...)*(1) وأنتم مصابيح الدجى ومفاتيح الهدى وحبل الله المتين. قال له: صدقت سل عما بدا لك؟ قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول الله تعالى *(إنا أنزلناه في ليلة القدر)*(2) قال (عليه السلام): نعم يا بيهس قد سألت عنه غيري؟ قال: لا كرامة لهم وهذا علم لا يعلمه إلا نبي أو وصي. قال (عليه السلام): أما قوله تعالى *(إنا أنزلناه في ليلة القدر)* فنور أنزل على الدنيا. قال: كيف أنزل؟ قال (عليه السلام): لما استوى الرب على العرش أراد أن يستضئ ضوء، بنورنا وإن نورنا من نوره، فأمر الله النور أن ينطق فنطق حول العرش فعلمت الملائكة بذلك فخروا له سجدا لحلاوة كلام نورنا، فلذلك سميت القدر فإنها لنا ولمن يتولانا، وليس لغيرنا فيه نصيب فكان نورنا عند العرش ناميا صباحا، والملائكة يسلمون علينا، فلما أن خلق الله آدم رفع رأسه فنظر إلى نورنا فقال آدم: إلهي وسيدي منذ كم نورهم تحت عرشك؟ فقال الله تبارك وتعالى: يا آدم من قبل أن خلقتك وخلقت السماوات والأرض والجبال والبحار والجنة والنار بأربعة وعشرين ألف عام وأنت في بعض أنوارهم، فلما أن هبط آدم (عليه السلام) إلى الدنيا كانت الدنيا مظلمة، فقال آدم (عليه السلام): بإذن ربهم. أتدري أي إذن كان؟ قال: لا. قال: أنزل الله تعالى إلى جبرائيل يا رب بحق محمد وعلي إلا رددت علي النور الذي كان لي، فأهبطه الله تبارك وتعالى إلى الدنيا فكان آدم يستضئ بنورنا، فلذلك سمى ليلة القدر، فلما بقي آدم (عليه السلام) في الدنيا وعاش فيها أربعمائة سنة أنزل الله عليه تابوتا من نور له اثنا عشر بابا، لكل باب وصي قائم يسير بسيرة الأنبياء. قال: يا رب من هؤلاء؟ قال الله عز وجل: يا آدم أول الأنبياء أنت والثاني نوح والثالث إبراهيم والرابع موسى والخامس عيسى والسادس محمد خاتم الأنبياء. وأما الأوصياء أولهم شيث ابنك والثاني سام بن نوح والثالث إسماعيل بن إبراهيم والرابع يوشع بن نون والخامس شمعون الصفا والسادس علي بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم القائم من ولد محمد

(هامش)

1 - النور: 35. 2 - القدر: 1. (*)

ص 102

الذي أظهر به ديني على الدين كله ولو كره المشركون. قال: فسلم آدم التابوت إلى شيث وقبض آدم، فلذلك قال الله تعالى *(إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر)* وإن نورنا أنزله الله إلى الدنيا حتى يستضئ بنورنا المؤمنون ويعمى الكافرون. وأما قوله *(تنزل الملائكة)* فإنه لما بعث الله محمد (صلى الله عليه وآله) ومعه تابوت من در أبيض له اثنا عشر بابا، فيه رق أبيض فيه أسامي الاثني عشر فعرضه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمره عن ربه أن الحق لهم وهم أنوار. قال: ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال: أنا وأولادي الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ومحمد بن الحسن صاحب الزمان صلوات الله عليهم أجمعين، وبعدهم أتباعنا وشيعتنا المقرون بولايتنا المنكرون لولاية أعدائنا. وقوله *(من كل أمر سلام)* من كل من في السماوات ومن في الأرض علينا صباحا ومساء إلى يوم القيامة، هي نور ذريتي، تستضاء بنا الدنيا حتى مطلع الفجر عنا إلى يوم القيامة، وأول ما يسأل العبد في ذلك اليوم يسأل عن ولايتنا فإن كان منا نجا وإلا دحى في نار جهنم. قال: صدقت يا أمير المؤمنين أشهد أنك وصي محمد (صلى الله عليه وآله) حقا، فأخبرني عن نوركم ما هو؟ قال: نعم، نور لا يزول ولا ينقص ولا يطفأ فإذا كان ليلة القدر زيد فيه من نور عرش رب العالمين فيدخل في نورنا ونور شيعتنا ومحبينا. قال: من شيعتك ومحبوك؟ قال (عليه السلام): المؤمنون والمؤمنات من يتولانا ولا يتولى عدونا. قال: يا أمير المؤمنين فبعد ذلك أين يذهب نوركم؟ قال (عليه السلام): يرجع نورنا إلى السماء فإذا كان العام القابل وتأتي ليلة القدر ينزل نورنا إلى الدنيا فمن كان منا نظر إلى نورنا ومن لم يكن منا لم ير نورنا ولم يدر. قال: يا أمير المؤمنين ففي أي ليلة نلتمس أنواركم؟ قال: في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان أو سبعة وعشرين وهي أكرم ليلة على الله وأشرفها. قال: يا مولاي أخبرني عن أرواح محبيكم؟ قال (عليه السلام): أرواح محبينا إذا أخذوا مضاجعهم تخرج أرواحهم من أبدانهم فيؤتى بها إلى العرش ثم ترجع إلينا لا تختلط بأرواح الآخرين، فلذلك يقع حبنا في قلوبهم، لا يختلط معه حب غيرنا.

ص 103

قال: أخبرني عن قول الله تعالى *(فلعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين)*(1) قال: نعم، قوم زعموا أنهم مؤمنون وليسوا مؤمنين. قال: أخبرني عن قول الله تعالى *(ذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا)*(2) قال: نعم، التيمي والعدوي والأموي الذين لم يصدقوا رسول الله واتهموه. فقال: إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما. قال: أخبرني عن قومك؟ قال: نعم قومي الخيرون الفاضلون غدا في عرض ربي يكسون إذا كسيت ويحيون إذا حييت. قال: فكيف يقومون؟ قال: بيض الوجوه خضر الثياب بين أيديهم النور حتى ينتهوا إلى باب الجنة. قال: فأخبرني عن المنكرين لحقك؟ قال: يقومون حفاة عراة منكسين الرؤوس، بين أيديهم السرادق من الظلم حتى ينتهوا إلى باب جهنم. وإن الله تعالى إلى على نفسه في ليلة القدر أن يقضي لنا حوائج الدنيا والآخرة. وليلة القدر ليلة عظيمة شريفة شرفها الله تعالى في محكم كتابه المنزل على لسان نبيه الصادق فقال *(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)*(3) فمن اهتدى إلينا وشايعنا كانوا هم السعداء ومن لم يهتد إلينا كانوا هم الأشقياء الذين لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. قال: بماذا يكلم العباد؟ قال: يسألون عن ولايتنا فمن تولانا دخل الجنة ومن لم يتولانا فأولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين. قال: أخبرني عن سراج أهل الجنة؟ قال: سراج أهل الجنة نورنا، بنا يبصرون وبنا يعرفون وبنا يجوزون على الصراط وبنا يدخلون الجنة. قال: فما يصنع بمذنبيهم؟ قال (عليه السلام): لو أن لأحد من شيعتي من الذنوب مثل الجبال الرواسي وزبد البحر وعدد الحصى والرمل ليغفر له تلك الذنوب كلها، ولو أن لأهل البدع والأهواء من الحسنات بقدر ورق الأشجار وقطر الأمطار ولم يتولنا لم تنفعه حسناته شيئا. قال: فأخبرني عن فاطمة بنت محمد؟ قال (عليه السلام): حورية في صورة إنسية خلقت من النور. قال: فالحسن والحسين؟ قال (عليه السلام): نوران مضيئان وسراجان ظاهران، لا يطفأ نورهما ولا ينقص علمهما ولا تفنى خزائنهما. قال: من العلم أم من النور؟ قال: من النور ومن العلم.

(هامش)

1 - الكهف: 6. 2 - المزمل: 11. 3 - البقرة: 185. (*)

ص 104

قال: أخبرني عن قوله تعالى *(ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا)*(1) قال (عليه السلام): نعم نزوله من السماء على الخلق، عنى بذلك المهدي (عليه السلام). قال: أخبرني عن قول الله تعالى *(وبئر معطلة وقصر مشيد)*(2) فبكى بكاء شديدا وقال (عليه السلام): قد سألتني عن أمر عظيم سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنه قال لجبرئيل: أخبرني عن بئر معطلة وقصر مشيد؟ قال: لا علم لي بذلك حتى أرجع إلى ربي. قال: فرجع جبرائيل قال: أما البئر المعطلة فعلي بن أبي طالب وفي أمتك قوم يعطلون ذكرهم يرجون رحمتي يوم القيامة، لا تنالهم رحمتي، هم أشر الناس وأبغضهم إلي، فوعزتي وجلالي لأذيقنهم ماء الحميم، لا يموت عبد وفي قلبه من بغض علي إلا أكبه الله على منخريه في النار. قال (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل وما القصر المشيد؟ قال: أنت يا محمد أكرمك الله بكرامته واختصك برسالته وعلا ذكرك مع ذكره، فما يذكر اسم الله إلا وتذكر معه، وأنت يوم القيامة أقرب منزلة إلى الله تعالى وأمتك أكرم الأمم على الله تعالى فطوبى لك يا محمد. قال: أخبرني عن قول الله تعالى *(والعصر إن الإنسان لفي خسر)*(3) فبكى بكاء شديدا وقال: كم تسألني ولو سألتني عما في التوراة والإنجيل والكتب التي أنزل الله على الأنبياء لأجبتك عن ذلك، لا يذهب علي حرف منها بقدرة الله تعالى. قال: صدقت يا أمير المؤمنين ولكني رسول الجن إليك ونحن ممن آمنوا بمحمد وصدقوه وعرفوا أنك وصيه ولا بد لي من أن أسألك، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما العصر فمحمد (صلى الله عليه وآله) و*(إن الإنسان لفي خسر)* فأهل الشام الذين خسروا *(إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات)* هم محبونا وأهل ولايتنا *(وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)* ولداي. قال: أخبرني عن قول الله تعالى *(وذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين)*(4) قال (عليه السلام): أمره بأن يذكر المؤمنين أمرنا حتى ينتفعوا بذلك، وإذا ذكرونا لا يفترقون حتى تنزل عليهم ملائكة من السماء فيقومون على رؤوسهم ويسمعون كلامهم ويباركون عليهم ويقولون: طوبى لأقوام ذكروا هؤلاء القوم، فإذا صعدوا قالت الملائكة بعضهم لبعض: كنا عند قوم ازداد نورنا من نور كلامهم، فتقول الملائكة: طوبى لهم ولمحبيهم وطوبى لمن يسلم عليهم، فهذا الذكرى.

(هامش)

1 - القمر: 11. 2 - الحج: 45. 3 - العصر: 1 - 2. 4 - الذاريات: 55. (*)

ص 105

قال: أخبرني عن اسمك لم سميت عليا؟ قال: لأن الله الأعلى قد أعلى أمري. قال: أخبرني ما يكون بعدك؟ قال: جور وقهر وظلم وزور وباطل. (1) قال علي (عليه السلام): من قال على أولادي وذريتي وأهل بيتي ومحبيي. قال: وكيف يفعلون ذلك يا بن عم محمد (صلى الله عليه وآله) ويعاندوكم أليس هم من أمة محمد؟ قال علي (عليه السلام): بلى ولكنهم أشد خلق الله لنا بغضا لأنهم لا يرون حبنا ويرون حب غيرنا فريضة، وإن الله تعالى فرض حبنا على كل مؤمن بالله ونبيه، قال الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): *(وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة)*(2) فنحن الذين عرفنا في الكتب السالفة ومعرفتنا في التوراة والإنجيل والفرقان، قد سألتك يا بيهس: أليس تعلم أن الجن تعرفنا وتعرف أسامينا وحقنا؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين ما جئت إليك إلا لمعرفتي بك، فطوبى لك فطوبى لك ثم طوبى لمن أحبك وطوبى لمن أحب محبك، فلقد أخبرتني بعلم الأولين وأخبرتني بتفسير القرآن كما أنزل على محمد (صلى الله عليه وآله)، وإني راجع إلى قومي لا يراني أحد بعدك حتى يأتي الله بأمره وهم كارهون. ورجع من وقته وساعته ولم يره أحد بعد ذلك، والحمد لله رب العالمين (3).

(هامش)

1 - ثمت سقط في الكلام لم نهتدي إليه. 2 - الواقعة: 8. 3 - لم أجده في المصادر المتوفرة لدينا ولا في الأنوار النعمانية للجزائري. (*)

ص 106

إخبار الله عز وجل في كتب أنبيائه السلف وبشاراته بقيام القائم (عليه السلام)

 الفرع الثاني
 إخبار الله عز وجل في كتب أنبيائه السلف وبشاراته بقيام القائم (عليه السلام)

 البشارة الأولى

 البشارة الأولى في إقامة الشهود

 أن في التوراة، في سفر التكوين، في الفصل السابع عشر في الآية العشرين مما ترجمته بالعربية: يقول الله تعالى مخاطبا لهاجر توصية لإسماعيل: يا إبراهيم أنا قد سمعنا دعاءك وتضرعك في إسماعيل فباركت لك فيه وسأرفع له مكانا رفيعا ومقاما عليا، وسأظهر منه اثني عشر نقيبا وستكون له أمة عظيمة (1). ولا يخفى أن الآية فيها من علائم بيت الوحي والنبوة والإشعار بوجودهم والبشارة بمقدمهم صلوات الله عليهم عدة أمور، الأول: لفظة بمئدمئد، فإن هذه الكلمة موافقة في الجمل بكلمة محمد (صلى الله عليه وآله) حيث أن كلا منهما في العدد اثنان وتسعون. الثاني: وعد الله كثرة ذريته وانتشار أولاده صلوات الله عليه، ومع انحصار عقبه في الزهراء سلام الله عليها لم يكن بلد من البلاد، لا مصر ولا صقع من الأصقاع إلا وقد اشتمل على ذريته الطاهرة والسادة الزكية من ولده، وقد ملأ العالم نورهم، ولم ينعقد اليوم مجلس إلا ويكون أكثرهم أو نصفهم أو غالبا فردا منهم ومن ذريتهم، ولا أقل من واحد ولا يكون خاليا غالبا، وإنما ببركة دعاء الخليل ووعد الرب الجليل، وليس الاثنا عشر الموعودون في الآية إلا الأئمة صلوات الله عليهم، فهم من ولد إسماعيل من قيدار، لا ما توهمه اليهود خذلهم الله لأن أولاده الاثني عشر المسمون في التوراة في الفصل الخامس والعشرين [في] الآية الحادية والثلاثين: وهم بنايوت وقيدار وادئيل وميسام وميشماع ودوماه ومسا وحدروتيما ويطور ونافيش وقيدماه، عدد أسماء قبائلهم وأممهم، لم يكن المقصود في الآية هؤلاء البتة، لأنهم لم ينالوا مرتبة النبوة ولا الوحي والإلهام والرسالة، فليسوا مقصودين إلا الأنوار الطاهرة الاثنا عشر من بطن قيدار، وقد فضل الله تعالى ذكرا لقيدار وبيان شرفه في الفصل الثاني والأربعين من كتاب الشعيا في طي آيات.

(هامش)

1 - سفر التكوين: 92، الإصحاح: 17 رقم 20 - 18 ط. دار المشرق بيروت. (*)

ص 107

البشارة الثانية

 لا يخفى أنه يناسب بحسب الترتيب ذكر البشارة السادسة والعشرين قبل البشارة الثانية، ما ذكره القاضي جواد الساباطي وكان نصرانيا فأسلم وهو من السنة والجماعة، وألف كتابا في رد القسيس الپادري وإثبات حقيقة مذهب الإسلام سماه البراهين الساباطية وقد طبع ما يقرب [من] خمسين سنة قبل زماننا وهو عندنا موجود قال: البرهان الأول من المقالة الثالثة من التبصرة الثالثة من البراهين الساباطية ما ورد في الفصل الثاني في الآية السابعة من الرؤيا التي ترجمتها بالعربية: من كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنايس: إني سأطعم المظفر من شجرة الحياة التي هي في جنة الله (1). وفي الآية الحادية عشرة: من كانت له أذن سامعة فليسمع ما تقول الروح للكنايس: فإن المظفر لا تضره الموتة الثانية (2). وفي الآية السابعة عشرة: من كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنايس: إني سأطعم المظفر من المن المكنون وأعطيته حجرة بيضاء مكتوبا عليها اسم مرتجل لا يفهمه إلا من يناله (3). وفي الآية السادسة والعشرين: وسأعطي المظفر الذي يحفظ جميع أفعالي سلطانا على الأمم، فيرعاهم بقضيب من حديد ويسحقهم كآنية الفخار كما أخذت من أبي وأعطيه أيضا نجمة الصبح، فمن كانت له أذن سامعة فليسمع ما تقول الروح للكنايس (4). وفي الفصل الثالث في الآية الخامسة: المظفر يلبس ثيابا بيضاء، ولا أمحو اسمه من سفر الحياة، وأعترف باسمه أمام أبي وأمام ملائكته، فمن كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنايس (5). وفي الآية السادسة عشرة (6) منه: المظفر أجعله عمودا في الهيكل الإلهي، ولا يخرج

(هامش)

1 - العهد الجديد، رؤيا يوحنا: 2، الآية 7 وفيه تفاوت: من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة. 2 - العهد الجديد، رؤيا يوحنا الثانية، وفيه: من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني. 3 - المصدر بتفاوت. 4 - المصدر بتفاوت وفيه: كوكب الصبح. 5 - العهد الجديد، رؤيا يوحنا الثالثة، الآية الخامسة بتفاوت. 6 - في العهد الجديد، الآية الثانية عشرة. (*)

ص 108

خارجا، وأكتب عليه اسم إلهي واسم مدينة إلهي أورشليم الجديدة التي نزلت من السماء من عند إلهي، وأكتب عليه اسمي الجديد، فمن كانت له أذن سامعة فليسمع ما تقول الروح للكنايس (1). وفي الآية الحادية والعشرين (2) منه: المظفر أهب له الجلوس معي على كرسيي، كما ظفرت أنا أيضا وجلست مع أبي على كرسيه، فمن كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنايس (3). أقول: هذه سبعة براهين متواترة مترادفة في الإصحاح الثاني والثالث من رؤيا يوحنا بن زبدي تدل دلالة صريحة على بعثة محمد (صلى الله عليه وآله) وعلى نبوته العامة وقبلته الجديدة وعلو درجته، تغافل النصارى عنها وأولوها تأويلات ركيكة لا تستقيم على شيء منها حجة، ولا يثبت برهان، وكان الأحرى بها أن يكتب كل واحد منها على حدة لكني أعرضت عن ذلك وكتبتها كلها في برهان واحد، وجعلتها أول هذه المقالة وتركت تفصيلها إلى آن خروجي من الهند، وبعد ذلك سأشرحها إن شاء الله تعالى في المطول الذي أوعدت به في صدر الكتاب، ولأشرع الآن في بيان معانيها والاستدلال بمبانيها. فاعلم أيدك الله بروحه القدسية، وجعلك ممن يقتفي شريعة سيد البرية أن يوحنا (رضي الله عنه) كان في جزيرة أطموس، وهي جزيرة واقعة في طول أربعة وأربعين درجة وخمس عشرة دقيقة من الطول الجديد وعرض سبعة وثلاثين درجة وخمس عشرة دقيقة من الشمال، في يوم الأحد، فأتاه الوحي وحل عليه الروح القدس وسمع صوتا عظيما يقول له: إني أنا الألف والياء، الأول والآخر فاكتب ما تراه وأرسله إلى الكنايس السبع المشهورة، أعني كنيسة افس وكنيسة سمرنا وبير غابوس وشاتيرا وسارديس وفيلادلفيه ولاذقية، ثم رأى في رؤيا سبع منائر من ذهب، وفي وسطها إنسان يماثل عيسى (عليه السلام)، وفي يده سبعة كواكب وفي فمه سيف فقال: إني أنا الذي كنت حيا وصرت ميتا وأنا الآن حي إلى الأبد، وعندي مفاتيح جهنم فاكتب إلى الكنايس السبع ما رأيته وما هو كائن وما سيكون، أعني سر الكواكب السبعة التي

(هامش)

1 - المصدر السابق الآية الثانية عشرة. 2 - المصدر السابق، بتفاوت كبير، وفي اللفظ دون المعنى. 3 - نفحات الأزهار: 10 / 303 ط. قم. (*)

ص 109

رأيت في يدي والمنائر السبع، فإن النجوم ملائكة الكنايس والمنائر أنفسها، فاكتب إلى ملك كنيسة افس، هذا ما يقول ذو الكواكب السبعة المتمشي بين المنائر السبع: إني قد عرفت جميع أحوالك وامتحانك أنبياءك الكذبة، لكنك لست كما كنت، فاذكر سقوطك وتب وإلا فسأجئ وأزيل منارتك من وسطك، من كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنايس: إني سأطعم المظفر من شجرة الحياة التي في جنة الله فاكتب إلى ملك كنيسة سميرنا، هذا ما يقول الأول والآخر الذي مات وحيى: إني قد عرفت عملك ومسألتك فلا تخف مما يحل عليك فإن إبليس سيضطهدكم عشرة أيام، فاصبر وأنا أعطيك إكليل الحياة. من كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنايس: فإن المظفر لا تضره الموتة الثانية، واكتب إلى ملك كنيسة بئر غاموس، هذا ما يقول ذو السيف الحاد: إني قد علمت أنك لم تنكرني مع أنك مستقر في مقر الشيطان لكن بعض قومك متمسك ببدع بلعم باعور، وبعضهم ببدع النيقولانيين فتب وإلا حاربتك بسيف فمي. من كانت له أذن فليستمع ما تقول الروح للكنايس: إني سأطعم المظفر من المن المكتوم وأعطيه حصاة بيضاء مكتوبا عليها اسم لا يعرفه إلا من يناله، واكتب إلى ملك كنيسة تياتيرا هذا ما تقول: أين الله الذي عيناه كالنار ورجلاه كالنحاس، إني قد اطلعت على حسن إيمانك إلا أنك قبلت زابيل المتبنية أن تضل القوم وترغبهم في الزنا وأكل ذبايح الأوثان فسأقتلها وأولادها، وستعلم الكنايس أني أنا هو، وسأحصي الكل وأجازيكم بحسب أعمالكم، ومن تمسك منكم بشريعتي فلا ألقي عليه ثقلا آخر، بل سيكون كذلك إلى آن إتياني، وسأعطي المظفر الذي يحفظ أفعالي سلطانا على الأمم فيرعاهم بقضيب من حديد، ويسحقهم كآنية الفخار كما أخذت أنا أيضا من أبي وأعطيه نجمة الصبح، فمن كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنايس. وأكتب إلى ملك كنيسة ساوديس: هذا ما يقول ذو الأرواح السبع الإلهية والكواكب السبعة التي قد عرفت أعمالكم وأنك حي بالاسم، إلا أنك ميت فتيقظ، وقو أصحابك فإن أعمالك لم تكمل أمام الله، فتذكر ما سمعت وتب، وإلا فسأجئ إليك مجئ اللص، والذين لم يتدنسوا منكم يستحقون أن يلبسوا معي البياض، فالمظفر يلبس ثيابا بيضاء ولا

ص 110

أمحي اسمه من سفر الحياة واعترف باسمه أمام أبي وأمام ملائكته، فمن كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنايس. واكتب إلى ملك كنيسة دلفيا هذا ما يقوله المقدس الحقيقي الذي عنده مفتاح داود فيفتح ولا أحد يغلق، ويغلق ولا أحد يفتح، قد عرفت أعمالك وفتحت لك بابا لا يستطيع أحد أن يغلقه لمحافظتك على كلامي، وسيذل لك الذين يقولون: إنا يهود وليسوا بيهود، ويعلمون أني أحبك وسأحافظ عليك ساعة الامتحان كما حافظت على كلامي فإني سريع الإتيان فتمسك بما عندي لئلا يؤخذ تاجك، فإني سأجعل المظفر عمودا في هيكل إلهي فلا يخرج منها إلى خارج، واكتب عليه اسم إلهي واسم مدينة إلهي أورشليم الجديدة التي نزلت من السماء من عند إلهي، واكتب عليه اسمي الجديد فمن كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنايس: واكتب إلى ملك كنيسة لاذقية، هذا ما يقوله أمين الشاهد، الأمين الحقيقي رأس خليقة الله: إني قد عرفت أنك لا حار ولا بارد، فيا ليتك كنت حارا أو باردا، وها أنا أنقيك لأنك فاقر تدعي الغنى وعدم الاحتياج ولم تعلم بفقرك وشقائك فاشترني الذهب الإبريز لتستغني والبس البياض لتستر وتكحل لتبصر، فإني أؤدب من أحبه فتب، فإني واقف على الباب فمن يفتح لي الباب أدخل إليه وأسعى معه وسأجلس المظفر معي على كرسيي كما ظفرت وجلست مع أبي على كرسيه، فمن كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنايس (1). أقول: هذا ملخص الفصول الثلاثة المشتملة على الحجج السبعة وإن أردت الاطلاع على جميع العبارة فارجع إلى سفر الرؤيا (2). إذا علمت ذلك فاعلم أن هذه الرؤيا هي، على ما يعتقد النصارى رؤيا رآها يوحنا (عليه السلام) تشتمل على الأخبار التي حدثت في العالم من ارتفاع المسيح إلى بعثة محمد (صلى الله عليه وآله)، ومن وفاته إلى ظهور المهدي (عج)، ومن وفاته إلى قيام الساعة. ولا شك في أنها تدل على جميع ذلك، وأنها كلام الله تعالى لكني لست بمطمئن الخاطر من تحريفها، ومع ذلك إن أماكن الاستدلال فيها قائمة على دعائمها الأصلية، فمن جملة ذلك هذه الآيات الشريفة.

(هامش)

1 - العهد الجديد، رؤيا يوحنا، الإصحاح الأول والثاني والثالث. 2 - رؤيا يوحنا في الإنجيل المسمى بالعهد الجديد. (*)

ص 111

وهاهنا أمر يقف عليه البحث وهو معرفة الكلمات التي هي محل النزاع، فمن ذلك لفظة: الاووركمن (1)، يعني المظفر، وهي في الأصل اليوناني تدل على الغالب والغازي والقاهر في الحرب، ومنها الموتة الثانية وهي عند النصارى عبارة عن موت الإنسان في الذنب أي انهماكه فيه لا غير، وأما البعث فإنهم يعترفون بقيام جميع الناس عند ظهور المسيح وبخلود أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، ولم يتعرضوا للبحث في هذا المقام، وعند اليهود عبارة عن الموتة التي لا تكون بعدها موتة. وتقرير ذلك: أنهم يقولون إن مدة مكث هذه الخليقة على حالتها لا يكون إلا سبعة آلاف سنة، فمن آدم إلى موسى ألفان وثلثمائة وثمان وستون سنة، ومن موسى إلى المسيح ثلاثة آلاف وستمائة واثنتان وثلاثون سنة، وإذا ظهر المسيح تبعث جميع الموتى وتستقيم لهم السلطنة ألف سنة، وبعد ذلك يفنى من على وجه الأرض، وتزول هي والسماء ويصير العالم كأن لم يكن، ثم يستأنف الصانع صنعته الأخرى، ترادف هذه الصنعة أو تغايرها، وفيه ما فيه من عدم فساد الأنفس، إذ الحكماء كلهم متفقون على عدم فسادها، لأنها لو قبلت الفساد لكانت مركبة من شيء يكون فيها بمنزلة المادة يقبل الفساد [و] شيء بمنزلة الصورة يفسد بالفعل، وينبغي للقائل للفساد أن يبقى مع الفساد وللفساد الفاسد بالفعل أن لا يبقى معه، والذي يفسد بالفعل غير الذي يقبل الفساد فتكون مركبة، وليس الأمر كذلك ولأنها لو كانت قابلة للفساد لأشير إليها في النواميس، لأنها مما عليه التعويل، ولم يذكر ذلك في شيء من نواميسهم، فليس بشيء. وقال بعضهم: إن أنفس الأتقياء تبقى إلى الأبد وأنفس الأشقياء تهلك. وعند المسلمين: أما أهل السنة والجماعة فالظاهر أنهم لا يعترفون بموتة ثانية، ولم يذكروا إلا الموتة الأولى والحياة الثانية، وبعدها يساق الذين آمنوا إلى الجنة والذين كفروا إلى النار، وقالوا إن الاستثناء في مثل *(لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى)*(2) منقطع. (وأما الإمامية) فيقولون: إنه إذا ظهر المهدي (عليه السلام) ونزل عيسى يرجع حينئذ محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، ويرجع معهم الأبرار والفجار وتستقل لهم المملكة، واستدلوا بآيات كثيرة منها قوله تعالى: *(إنا لننصرن رسلنا في الحياة الدنيا ويوم يقوم

(هامش)

1 - لفظة عبرية. 2 - الدخان: 56. (*)

ص 112

الأشهاد)*(1) وقالوا: إن علي بن إبراهيم وسهل بن عبد الله قد رويا عن الصادق (عليه السلام): أن يوم يقوم الأشهاد يوم رجعة محمد (صلى الله عليه وآله) (2)، وبقوله تعالى *(ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين)*(3) وفيه بحث. ومنها بلعم بن باعور الفاثوري، وفاثور بلد على شاطئ الفرات وقيل قبيلة من أعراب مدين، وكان بالاق بن صفور ملك الموابين لما نزل بنو إسرائيل على شاطئ الأردن، وشاهد ما فعلوا في الأمور خاف منهم واستدعى بلعم بن باعور ليدعو عليهم بالهلاك، فاستخار الله فمنعه عن ذلك فخالف حكم الله وسار إليه طمعا في إكرامه، قتله موسى في حرب مدين. ومنها الحصاة البيضاء وهي حصاة يدفعها عيسى أو الروح القدس (عليهما السلام) إلى المظفر وهو إلى الذي يكون بعده، ولا يفهم ما كتب عليها إلا من يأخذها، ولا يشابه ذلك في مذاهب أهل السنة والجماعة، وذهب الإمامية إلى أن جبرائيل (عليه السلام) قد أعطى ذلك محمدا (صلى الله عليه وآله) وهو دفعه إلى علي (عليه السلام)، وهلم جرا إلى الحسن بن علي (عليهما السلام) وهو دفعها إلى المهدي (عليه السلام). ومنها زابيل المتنبئة، وهي زابيل بنت أشبال ملك الزبدانيين، زوجة باشا بن أهيجا ملك إسرائيل فإنها لما تزوجت بباشا ألجأته إلى عبادة الأوثان، وأفسدتهم حتى صار أكثر بني إسرائيل يعبدون التماثيل، كما صرح به في الفصل السادس عشر في الآية الحادية والثلاثين من سفر الملوك الأول. ومنها أورشليم الجديدة وهي عبارة عن مكة المعظمة على بادئ الرأي لقوله: النازلة من السماء، لأن أهل الإسلام قد ذهبوا إلى أن قوله *(أم القرى ومن حولها)*(4) يفيد العموم وقالوا: إن الحجر الأسود كان قد نزل من السماء أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم. وقد رواه الترمذي وصححه (5). وذهب الإمامية إلى مثل ذلك (6)، فيكون قوله: أورشليم الجديدة النازلة من السماء، كناية عن مكة وهذا من قبيل إقامة الظرف مقام المظروف، وهي في جزيرة العرب قريب من

(هامش)

1 - غافر: 51. 2 - مختصر البصائر: 18. 3 - غافر: 11. 4 - الأنعام: 92. 5 - سنن الترمذي: 2 / 182 ح 878 ط. دار الفكر. 6 - عوالي اللئالي: 1 / 68. (*)

ص 113

ساحل البحر الأحمر في محاري طول خمسة وأربعين درجة من الطول الجديد وعرض اثنتين وعشرين درجة من الشمال، فالأول قوله: فاكتب إلى كنيسة افس الخ، وهي بلدة في عرض ثمان وثلاثين درجة من الشمال وطول خمس وأربعين درجة وخمس عشرة دقيقة من الطول الجديد، هذا ما يقول المراد بالكواكب الملائكة الموكلة على الكنايس من أنه لكل كنيسة ملك وبالمنائر نفوس الكنائس، أي هذا ما يقول مولانا. وقوله: امتحانك الأنبياء الكذبة، يشير به إلى أنه قد خرج في زمان الفترة نبي كاذب غير بارلسوع بصيغة الجمع. قوله: لكنك لست كما كنت، يدل على عدم استقامة أهل افس في دينهم. قوله: وإلا أزلت منارتك، إما بتخريب البلد أو بتفريق القوم. قوله: من كانت له أذن سامعة الخ، يدل على أن هذا هو محل يجب استماعه. قوله: ما تقول الروح للكنايس، ذهب كافة النصارى إلى أن الفاعل هاهنا هو المسيح مع أنه مظهر يأول إلى الروح، وطمسوا على أعين القوم بأدلة فاسدة، والحق أن الفاعل هو الروح. قوله: إني سأطعم المظفر من عود الحياة، قال النصارى: إن المراد بالمظفر الذي يظفر على الشيطان من أهل كل كنيسة فيكون عاما، والعهد الخارجي يمنعه فلا يقوم، والحق أن مراده محمد (صلى الله عليه وآله)، لأن تقييد كلا المعنيين يدل على أن موضوع الثاني غير موضوع الأول، ولم يأت بعد عيسى من يقوم بالأمر فيكون المنصوص عليه محمد (صلى الله عليه وآله) ولأن قوله: وامتحانك لكذبة الأنبياء واضح الدلالة على إتيان غير الكاذب، وهذا يدل على فضيلته. وفيه أنك قد كذبت الكاذبين فيلزمك تصديق الصادقين. (وقوله): لكنك لست كما كنت أي لست مستعدا في تصديق الصادق كما كنت في تكذيب الكاذب، فاحذر سقوطك، يحذره بهفوة آدم (عليه السلام) أي اذكر سقوط آدم وكيف حبط عمله لما عصى الله وأكل من شجرة العلم، أو منصوب بنزع الخافض: أي احذر من سقوطك وتب عما أنت مستهيئ له من تكذيب الصادق وإلا فسأجئ وأزيل منارتك، ثم رجع بعد ذلك وقال: من كانت له أذن سامعة الخ، وهذا من بليغ التأكيد، وقد تحقق أن هذه الكنايس السبع قد زالت بعد ظهوره وناهيك به من تنبؤ الصادق ومن بالحق ناطق. والثاني: قوله واكتب إلى ملك نيسة سيمرنا الخ، وهي بلد في عرض ثمان وثلاثين وخمس وثلاثين وطول خمس وأربعين من الطول الجديد. قوله هذا ما يقول الأول والآخر

ص 114

أي الذي مات وحيى. احتج النصارى بذلك على ربوبية المسيح وقالوا: إن قوله: الأول والآخر، يدل على ربوبيته، إذ هما من صفات الواجب تعالى، مع أن في قوله: مات وحيى، إضافة الموت والحياة إلى نفسه ظاهرة. والحق أنه يجيز النهوض لأنه إن كان المراد بالأول القديم وبالآخر الحادث، فلا يجتمعان لأنهما متباينان، لأن القديم إن كان بالذات فهو ما لا يكون وجدانه من غيره كواجب الوجود تعالى اسمه، وعيسى ابن مريم قد تولد في أيام هيروديس من أمه مريم فليس بقديم الذات، وإن كان بالزمان فالقديم بالزمان ما لا أول لزمانه كالأفلاك العلوية، وعيسى متأخر بالزمان فليس بقديم الزمان. وأما أن أريد به المقدم بالرتبة في أنه (عليه السلام) أقرب لمبدئه من ملك كنيسة سيمرنا وأنا أثق به وعليه جميع أهل التحقيق، لكن أرادوا بالآخر المتأخر بالرتبة فمن المحال أن يجتمع المتقدم بالرتبة والمتأخر فيها في شخص واحد. وإن أرادوا بهما الأول والآخر اللذين هما من صفات الواجب تعالى فينقضهما قوله: الذي مات وحيى، لأن الموت من أمارات الحدث. ومن المعلوم أن الوجوب مباين للحدث. وأما إضافة الموت والحياة لنفسه فمحمول على العرف العام إذ لم يرو أحد من أهل لغة قتل الله أو موت الله فلانا، بل المطرد عندهم مات وحيى، فتمسكه بهذا الدليل ليس إلا كتمسك الضرير الساقط في البئر بحد السيف الطرير. (قوله) إني قد عرفت عملك، إلى قوله: فاصبر وأنا أعطيك إكليل الحياة، إشارة إلى وفور الشبهات التي عرضت عليهم في سني الفترة، عبر فيها باليوم عن خمسين سنة لتصير المدة بالنظر إلى حدوث الإنسان. (وقوله) إن يوما عند ربك كألف سنة الخ بالنظر إلى قدم الواجب، فالذي يصير فيها ولا ينحرف إلى عبادة الأوثان أعطيه إكليل الحياة، وبديهي أن غاية الصبر لا تكون إلا بلوغ المأمول وهو إكليل الحياة الذي كنى به عن محمد (صلى الله عليه وآله). (قوله) أذن الخ، حث على الإصغاء لأن الذي يأتي بعده هو غاية الكلام. (قوله): المظفر لا تضره الموتة الثانية، يريد به محمدا (صلى الله عليه وآله)، والموتة الثانية مر ذكرها في مقدمة هذا البحث. والثالث (قوله): واكتب إلى ملك كنيسة بئر غاموس، وهي بلد في عرض تسعة وثلاثين درجة وعشرين دقيقة من الشمال وطول خمسة وأربعين درجة من الطول الجديد. (قوله) هذا ما يقول ذو السيف الحاد: إني قد عرفت الخ إشارة إلى حسن اعتقادهم وعدم انحرافهم

ص 115

عن دينه في أوان الشبهات، إلا أن بعضهم كانوا يستعملون الرياضات والطلاسم مثل بلعم بن باعور فمنع عن ذلك، وبعضهم النيقوذ يمسيين، وهي إضافة إلى نيقوذ يمس وهو شماس دهري فمنعهم (عليه السلام) عن اتباع شبهاته، ونيقوذ ذيمس هذا ليس بنيقوذ يمس الذي ذكر في الفصل الثالث في الآية الأولى من يوحنا، فإن ذلك من مقدسي النصارى (رحمه الله). ثم قال: إن تركت هذين الأمرين وسلكت في سبيل الرشاد الذي أمرتك بسلوكه، وإلا جئت وحاربتك بسيف فمي. قال بعض النصارى: إنه يريد بسيف فمه سيف الله أبيه، فعلى هذا التقرير يكون المراد به عليا (عليه السلام)، لأنه هو سيف الله الذي قاتل مشركي اليهود والنصارى. ثم قال: من كانت له أذن سامعة الخ. حث على الإصغاء لأن هذا هو مقام البحث والنزاع لا تشتبهوا فيه لما مر فيما قبله. قوله: إني سأطعم المظفر من المن المكتوم، يريد به محمدا (صلى الله عليه وآله) والمن المكتوم هو علم النبوة، والمن هو ما كان ينزل من الطل على الأشجار لبني إسرائيل في بريته فارو أعطيه حصاة بيضاء. اختلف النصارى في تأويلها فأكثرهم لم يبحث في الرؤيا، والذي بحث في أولها قال: هذه كناية عن ما يتفضل به عليهم من الثواب، لأن اللذة لا يعرفها إلا من ينالها، وليس بشيء، إذ تشبيه اللذة بالحصاة أمر ما أبرده، والحق ما ذهب إليه الإمامية في مقدمة هذا البحث. (وقال) بعض أهل التحقيق: هذه حصاة نزل بها آدم (عليه السلام) وأعطاها عند وفاته شيثا ولم تزل تنتقل من يد إلى يد حتى أتت إلى عيسى (عليه السلام) ومنه إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، ولا شك أن محمدا إما أن يكون دفعها إلى علي (عليه السلام) أو سيدفعها إلى المهدي (عليه السلام)، لا سبيل إلى الثاني، لأن علماءنا لم يعترفوا بالرجعة وإنما هي من خصائص مذهب الإمامية، فيكون قد فوضها إلى علي (عليه السلام) وهذا مما يؤيد مذهبهم. والرابع: قوله: واكتب إلى ملك كنيسة تاتير الخ. وهي بلد في عرض ثمان وثلاثين درجة وخمس وأربعين دقيقة من الشمال وطول خمس وأربعين درجة وعشرين دقيقة من الطول الجديد. (قوله) هذا ما يقول الذي عيناه إشارة إلى شدة غضبه. (وقوله) رجلاه كالنحاس إشارة إلى استقامة رأيه وعزمه. (قوله) قد اطلعت يريد به حسن إيمانه الذي ثبت عليه في زمان الفترة، ثم جرحه بأنه قد أهمل يزابيل أن تتصرف في الكنيسة بفجورها، ولم تكن في ذلك الزمان باغية تسمى يزابيل، لكنه كنى بها عن يزابيل المذكورة في مقدمة هذا البحث

ص 116

لما اتبعوها في عبادة الأوثان، وأنذرهم بأنهم إن لم يرتدعوا عما هم عليه وإلا سيجئ إليهم، ويهلكهم ويجزيهم بحسب أعمالهم في زمان الرجعة مع المهدي (عليه السلام)، وإلا فلا معنى لإتيانه ومجازاتهم. (قوله) من تمسك بشريعتي فلا ألقي عليه ثقلا آخر من البحث فيه في البرهان الثالث عشر من المقالة الثانية من التبصرة الثالثة، أراد بذلك أنه لا يكلف باتباع شريعة أخرى، وفوات المشروط يمنع وقوع الشرط، لكنه سيكلفه به بعد إتيانه. (قوله) وسأعطي المظفر الذي يحفظ أفعالي، وفي بعض التراجم كلامي، وأيما كان المراد بحفظ أفعاله أو كلامه هو مطلق أوامره، فيرعاهم بقضيب من حديد، وقد رعاهم بحد ذي الفقار، وسحقهم سحق آنية الفخار. (قوله) كما أخذت من أبي، أي أعطيه فكما أعطاني أبي على حسب مرتبة النبوة أعطيه على حسب مرتبة النبوة والسلطنة، وأعطيه نجمة الصبح، يريد بذلك المهدي (عليه السلام) لأنه ظهر في صبح اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الأولى من العشرة الأولى من المائة الأولى من الألف السابع. (ثم قال) فمن كانت الخ، يحث على امتثال أمره واتباع حكمه إذا بعث، والاستضاءة بضياء نجمة الصبح، جعلني الله وإياك ممن يستضئ ويهتدي بهداه. والخامس: قوله: فاكتب إلى ملك كنيسة سارديس، وهي بلدة في عرض سبع وثلاثين درجة وخمس وخمسين دقيقة من الشمال وطول خمس وأربعين درجة وخمسين دقيقة من الطول الجديد. (قوله) هذا ما يقول ذو الأرواح السبع الإلهية الخ، الأرواح السبع هي أرواح المنائر، هذا كما قال في الأول ذو الكواكب السبعة المتمشي في وسط المنائر السبع. قوله: قد عرفت أعمالك الصالحة وأنك لتمر حيا مع أنك ميت أي أن عملك ليس بشيء، ثم أخذ يرغبهم في التهيؤ لاتباع محمد (صلى الله عليه وآله) وقال: إن الذين لم يتدنسوا منهم بعصيان الإعراض عن اتباعه (صلى الله عليه وآله) يلبسون معه البياض، أي يدخلون معه تحت ظلال نجمة الصبح، ثم قال: فإن المظفر يلبس ثيابا بيضاء أي يدخل تحت راية نجمة الصبح، وهذا مصادق ما ذهب إليه الإمامية من باب الرجعة، فإنهم قد اتفقوا على أن محمدا وعليا وفاطمة والحسنين (عليهم السلام) يرجعون بالأجسام إذا ظهر المهدي (عليه السلام). (قوله) ولا أمحي اسمه، ترغيب آخر لهم في اتباع شريعته حيث قال: إنه يظهر فضيلتهم أمام الله وأمام ملائكته، أي يعترف بأن هؤلاء الذين اتبعوني وامتثلوا أمري ثم أزاد الترغيب

ص 117

بالتأكيد والتخصيص (وقال) فمن كانت له الخ يريد به أن هذا كلام روح الله ولا شك في وقوعه، فاسمعوا وعده فإنكم مسؤولون. السادس: قوله: واكتب إلى ملك كنيسة دلفية، وهي بلدة في عرض ثمان وثلاثين درجة وعشرين دقيقة من الشمال، وطول ست وأربعين درجة وعشرين دقيقة من الطول الجديد. (قوله) هذا ما يقول الخ يريد بالمقدس الحقيقي درجة النبوة، لأن السلطان ملك غير حقيقي أي زائل المملكة، وأما النبي فإن ملكه حقيقي، وهذا أيضا مما يشير إلى عدم احتياج أمة أحد الأنبياء إلى الأخر، والمراد بالمفتاح هو الاقتدار الحقيقي كأنما قال: إني انتهز القاضي والمفتي فأفتي بالإطلاق وأطلق وأمني بالحبس وأحبس، ولم تجمع هاتان الصفتان في شخص واحد، وأظهر له أنه عرفت كيفية أعماله، وافتح له بابا لن يغلق، وأنه سيذل له المتهودون الكذابون، أي الذين لم يتمسكوا بتوراة موسى، وقد فعل ذلك وسلط عليهم اليونانيين والروم فأخذوهم أخذ عزيز مقتدر، وإنه سيحافظ عليه ساعة الامتحان أي ساعة خروج الدجال المسيح الكذاب لعنه الله. ثم أخذ يحذره وحيث قال: فتمسك بما عندك لئلا يؤخذ تاجك إشارة إلى ما يجب على النصراني المشرك إذا لم يعترف بنبوة رب الجنود من أداء الجزية، ثم أكد ذلك وقال: فإني سأجعل المظفر الخ العمود الدعامة، وهيكل إلهه هو هيكل إلهنا أعني الكعبة شرفها الله تعالى، ومدينة إلهه أورشليم الجديدة هي مكة زادها الله شرفا، والمراد بنزولها من السماء هو نزول الحجر الأسود كما مر في مقدمة هذا البحث، ثم زاده تأكيدا وقال: وكتب عليه اسمي الجديد، يعني الفار قليطا ثم زاد في التأكيد بالتخصيص حيث قال: فمن كانت له أذن الخ، حثا على ترغيب القوم وتخويفهم بالوعد والوعيد. السابع: قوله: واكتب إلى ملك كنيسة لاذقية، وهي بلدة في عرض ثلاثين درجة وثلاثين دقيقة من الشمال وطول سبع وأربعين درجة من الطول الجديد. (قوله) هذه هو ما يقول الخ أي غاية قوله: وأمين عجمة عبرانية بمعنى ليكن كذلك، وتكلف المفسرين لها جهل بحت، ونصيرها علما للمتكلم إشارة إلى نفوذ الكلام، ووصفه نفسه بالشاهد الأمين بيانا لأنه لم يأت إلا شاهدا لمحمد (صلى الله عليه وآله)، ثم وصف الشاهد بالأمين إخراجا له من الخائن، يريد به أنه لم

ص 118

يكتم شهادته، بل إنه أداها على سبيل إعلام، وضرب بها الأمثال، والحقيقي الذي يباين المجازي يريد به أنه ليس بشاهد مجازي يشهد أمام القاضي الحقيقي على الأمر الحقيقي، واتصافه برأس خليفة الله إشارة إلى فضيلة الأنبياء. (وقوله) إنه قد عرف أنه فاتر وسيتقياه لفتوره إشارة إلى عدم تعصب أهل كنيسته في مذهبهم ومداهنتهم مع اليونانيين والملاحدة، ثم وصفه بالفقر وأمره بشراء الذهب إشارة إلى تبشيره بالشريعة الغراء، ولباس البياض حث إلى الإعراض عن سبيل الضلال، والتكحل أمر بإمعان النظر في معاني كلامه ليحصل له الغنى الحقيقي في الدين، ويستر بالسهرور الذي لا زوال له ويشاهد حقايق الأشياء كما هي عليه في نفس الأمر. (وقوله) أؤدب من أحبه بيان لكمال اللطف على أهل كنيسته، ثم أمره بالتوبة بعدما هدده بالتأدب وأخبره بسرعة إتيانه وقرب زمانه. ثم قال: وسأجلس المظفر معي على كرسيي، تأكيد آخر برجعة محمد (صلى الله عليه وآله) زمان ظهور المهدي (عليه السلام) وتأييد لما يزعمه الإمامية من باب الرجعة، فمن كانت له أذن سامعة فليستمع ما يقول الروح للكنايس، ويرغب في آجل الثواب ويحذر من عاجل العقاب ويتهيأ بشريعة رب الجنود ويدلي بحاجته إلى النجاح وينتظم في حزب نجمة الصباح، جعلني الله وإياك ممن يفوز بلقائه ويسلك في سلسلة أوليائه.

 البشارة الثالثة

 وفيه: البرهان الثالث ما ترجمته: وسيولم رب الجنود لجميع الناس في هذا الجنود ويدلي بحاجته إلى النجاح وينتظم في حزب نجمة الصباح. جعلني الله في تأويل هذا النص، فقال اليهود: إن المراد برب الجنود هو المسيح المزمع بالإتيان. وقال النصارى: بل هو عيسى ابن مريم (عليه السلام) لأنه كان قد صير الماء في قاني الجليل خمرا كما حرر في الفصل الثاني في الآية الأولى من يوحنا، وليس بشيء، لأن قوله: رب الجنود لا يتناول عيسى ابن مريم لأنه لم يكن ذا جند، ولأن الضيافة المذكورة هاهنا لا بد أن تكون لجميع الناس أو لأعظم النصفين، أو أن يكون فيها من كل حزب من بني آدم جماعة، وضيافة الجليل لم تكن إلا وليمة عرس، فلا يصدق عليها.

ص 119

والمراد برب الجنود وهو المهدي (عليه السلام) فيكون هو المقصود من هذا النص. فإن قلت: لم لا يكون المقصود محمدا (صلى الله عليه وآله)، لأنك قد وصفته برب الجنود. قلت: ولأني قد صرحت فيما قبل هذا بأنه لم يذهب إلى أورشليم إلا ليلة الإسراء ولم يضيف هناك أحدا، وقد ذكرت لك ما ذهب إليه القوم من مسير المهدي (عليه السلام) إلى أورشليم وتعميرها وإقامة دعائمها فيما مر آنفا فتذكره، فلا يكون إلا هو.

البشارة الرابعة

 لا يخفى أنه يناسب ذكر البشارة السابعة قبل ذلك، فيه في البرهان الخامس في الفصل الحادي والعشرين في الآية العاشرة من كتاب الرؤيا من كتب العهد الجديد (1) ترجمتها بالعربية: فأخذتني الروح إلى جبل عظيم شامخ، وأرتني المدينة العظيمة أورشليم المقدسة نازلة من السماء من عند الله وفيها مجد الله، وضوؤها كالحجر الكريم، كحجر اليشم والبلور، وكان لها سور عظيم عال واثنا عشر بابا، وعلى الأبواب اثنا عشر ملكا، وكان قد كتب عليها أسماء أسباط إسرائيل الاثني عشر. (أقول) لا تأويل لهذا النص بحيث أن يدل على غير مكة شرفها الله تعالى، والمراد بمجد الله بعثته محمدا (صلى الله عليه وآله) فيها، والضوء عبارة عن الحجر الأسعد، وتشبيهه باليشم والبلور إشارة إلى صحيح الروايات التي وردت في أنه لما نزل كان أبيض. والمراد بالسور هو رب الجنود والأبواب الاثني عشر أولاده الأحد عشر وابن عمه علي وهم: الحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والقائم المهدي (عليه السلام) محمد، وقوله: وعلى الأبواب الاثني عشر اثني عشر ملكا، يدل على عظم رتبته وعلى عموم نبوته وقيام دعوته على انقياد جميع الأسباط له، والأسباط الاثني عشر عبارة عن أولاد يعقوب (عليه السلام) وهم: روبين وشمعون ولاوى ويهودا واسحر وزابلول وبنيامين ودان ونفتالى وياد وعاشر ويوسف (عليه السلام) وهذا مصداق لقوله [تعالى] لولاك لما خلقت الأفلاك (2).

(هامش)

1 - العهد الجديد، رؤيا يوحنا، الفصل 21 أو الرؤية 21، الآية العاشرة، وفيه تفاوت في اللفظ دون المعنى. 2 - بحار الأنوار: 15 / 28 و: 54 / 199 وكشف الخفاء: 2 / 164. (*)

ص 120

البشارة الخامسة

 فيه: البرهان السادس ما ورد في الفصل الحادي والعشرين أيضا في الآية الرابعة عشرة من كتاب الرؤيا ما ترجمته بالعربية: ولسور المدينة اثنا عشر أساسا، وعليها أسماء رسل الحمل الاثني عشر (1). أقول: هذا تأكيد صريح لما قبله، والاثنا عشر الأساس هم الأئمة الاثنا عشر، ورسل الحمل الاثنا عشر هم الحواريون الاثنا عشر (رض) وهم: شمعون وبطرس واندرياس ويعقوب ويوحنا وفيلبوس وبرتولو وملئوس وتوما ومتي ويعقوب ولباؤس وشمعون القاني وبرلوص على راني انالان يهودها لاسخر يوطي (2) كان قد خنق نفسه وهلك واقيم برلوص مقامه، وفيه إشارة إلى انقياد جميع المذاهب العيسوية لشريعة خير البرية.

 البشارة السادسة

 فيه: البرهان السابع ما ورد في الفصل الحادي والعشرين من الآية الحادية والعشرين من الرؤيا من كتب العهد الجديد ما ترجمته بالعربية: والأبواب الاثنا عشر لؤلؤا كل واحد من الأبواب كان من لؤلؤة واحدة، وساحة المدينة من الذهب الابريز كالزجاج الشفاف (3). أقول: بيان لما قبله وصفة للأبواب، وكون كل باب من لؤلؤة واحدة فيه إشارة إلى ما يدعيه الإماميون من عصمة أئمتهم، لأن اللؤلؤة كروية، ولا شك أن الشكل الكروي لا يمكن انشلابه، لأنه لا يباشر الأجسام إلا على ملتقى نقطة واحدة، كما صرح به اوقليدس، والأصل في عصمة الإمام أما عند أهل السنة والجماعة فإن العصمة ليست بشرط، بل العمدة فيه انعقاد الإجماع، وأما عند الإمامية فهي واجبة فيه لأنه لطف، ولأن النفوس الزكية الفاضلة تأبى عن اتباع النفوس الدنية المفضولة، وعدم العصمة علة عدم الفضيلة، ولهما فيها بحث

(هامش)

1 - العهد الجديد، رؤيا يوحنا الحادية والعشرون الآية 14 وفيه: وسور المدينة كان له اثنا عشر أساسا وعليها أسماء رسل الحروف الاثني عشر. 2 - كذا ولم نجده. 3 - المصدر السابق، الآية 21، وفيه: وسوق المدينة ذهب نقي كزجاج شفاف. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب (ج1)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب