الصفحة السابقة الصفحة التالية

إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب (ج1)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 161

فقال له وزير كان معه: أتدري ما أخبرك به الرضا (عليه السلام)؟ قال: لا. قال: إنه أخبرك أن ملككم يا بني عباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان، حتى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم سلط الله عليكم رجلا منا فأفناكم عن آخركم. قال له: صدقت. ثم قال لي: يا أبا الصلت علمني الكلام الذي تكلمت به. قلت: والله لقد نسيت الكلام من ساعتي فحضرت وقد كنت صدقت، فأمر بحبسي ودفن الرضا (عليه السلام) فحبست سنة فضاق علي الحبس وسهرت الليلة ودعوت الله بدعاء ذكرت فيه محمدا وآل محمد (صلى الله عليه وآله)، وسألت الله تعالى بحقهم أن يفرج عني، فلم أستتم الدعاء حتى دخل علي أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) فقال لي: يا أبا الصلت لقد ضاق صدرك؟ فقلت: إي والله. قال: قم فاخرج ثم ضرب يده إلى القيود التي كانت علي ففكها، وأخذ بيدي وأخرجني من الدار والحرسة والغلمة يرونني فلم يستطيعوا أن يكلموني فخرجت من باب الدار، ثم قال لي: امض في ودايع الله فإنك لن تصل إليه ولن يصل إليك أبدا. فقال أبو الصلت: فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت (1). ورويت كيفية غسله وكفنه ودفنه (عليه السلام) وخروج الحيتان من طرق أهل السنة عن هرثمة باختلاف يسير (2). وفي الخصال عن أبي عبد الله (عليه السلام): سيأتي مسجدكم هذا - يعني مكة - ثلاثمائة وثلاثة عشر يعلم أهل مكة أنهم لم يلدهم آباؤهم ولا أجدادهم، عليهم السيوف، مكتوب على كل سيف كلمة تفتح ألف كلمة طلعت (3) الريح فتنادي بكل واد: هذا المهدي يقضي بقضاء آل داود، ولا يسئل عليه بينة (4). وفي العوالم عن أبي سعيد الخراساني قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): المهدي والقائم واحد؟ فقال: نعم. فقلت: لأي شيء سمي المهدي؟ قال: لأنه يهدي إلى أمر خفي، وسمي القائم لأنه يقوم بعدما يموت، إنه يقوم بأمر عظيم (5). أقول: قوله: بعدما يموت، أي يموت ذكره أو بزعم الناس.

(هامش)

1 - عيون أخبار الرضا: 245 باب 63 ح 1 حديث أبا الصلت. 2 - مدينة المعاجز: 7 / 76. 3 - في المصدر: تبعث وبالهامش: في بعض النسخ: طلعت. 4 - الخصال: 649 ح 43 باب علم رسول الله عليا ألف باب من أبواب الثمانين وما فوق. 5 - غيبة الطوسي: 471 ح 489. (*)

ص 162

في الآيات القرآنية المفسرة بأعيان الأئمة (عليهم السلام)

 الفرع الثالث
 في الآيات القرآنية المفسرة بأعيان الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)

 الآية الأولى: قوله تعالى في سورة البقرة *(وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)*(1). في الدمعة عن تأويل الآيات عن مفضل قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز وجل *(وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات)* ما هذه الكلمات؟ قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، وهو أنه قال: يا رب بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم. قال: فقلت: يا بن رسول الله فما معنى قوله *(فأتمهن)* قال: أتمهن إلى القائم اثني عشر إماما: علي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين. وأما قوله: *(إني جاعلك للناس...)* أي إماما يقتدى به في أقواله وأفعاله ويقوم بتدبير الأمة وسياستها، فلما بشره ربه بذلك قال فرحا واستبشارا *(ومن ذريتي)* *(قال لا ينال عهدي الظالمين)* والعهد هو الإمامة، والظالم هو الكافر بقوله تعالى: *(والكافرون هم الظالمون)* ولذلك إن الظالم لا يكون إماما (2). الآية الثانية: قوله تعالى *(آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون)*(3). في الدمعة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء قال لي العزيز: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه. قلت: والمؤمنون. قال: صدقت يا محمد عليك السلام، من خلفت لأمتك من بعدك؟ قلت: خيرها لأهلها. قال: علي بن أبي طالب. قلت: نعم يا رب. قال: يا محمد إني اطلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها، واشتققت لك اسما من أسمائي، لا أذكر في مكان إلا وذكرت معي فأنا المحمود وأنت محمد. ثم اطلعت ثانية فاخترت عليا واشتققت له اسما من أسمائي فأنا الأعلى وهو علي، يا محمد إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين أشباح نور من نوري، وعرضت ولايتكم على السماوات وأهلها وعلى الأرضين ومن فيهن، فمن قبل ولايتكم كان عندي من

(هامش)

1 - البقرة: 124. 2 - الخصال: 305 ح 84. 3 - البقرة: 285. (*)

ص 163

المقربين ومن جحدها كان عندي من الكفار الضالين. يا محمد لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم. يا محمد تحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب، قال: التفت عن يمين العرش فالتفت فإذا أنا بأشباح علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة كلهم، حتى بلغ المهدي في ضحضاح من نور قيام يصلون، المهدي في وسطهم كأنه كوكب دري. فقال لي: يا محمد هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك، فوعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي (1). الآية الثالثة: في سورة الأنفال قوله تعالى *(وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم)*(2). في الدمعة عن حسين بن علي (عليهما السلام): لما أنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن تأويلها فقال (صلى الله عليه وآله): ما عنى بها غيركم، فأنتم أولو الأرحام، فإذا مت فأبوك علي أولى بي وبمكاني، فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به، فإذا مضى الحسن فأنت أولى به. قلت: يا رسول الله فمن أولى من بعدي؟ فقال: ابنك علي أولى بك من بعدك، فإذا مضى فابنه محمد أولى به، فإذا مضى محمد فابنه جعفر أولى به من بعده، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى به من بعده، فإذا مضى موسى فابنه علي أولى به من بعده، فإذا مضى علي فابنه محمد أولى به من بعده، فإذا مضى محمد فابنه علي أولى به من بعده، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى به من بعده، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك، فهذه الأئمة التسعة من صلبك، أعطاهم الله علمي وفهمي، طينتهم من طينتي، ما لقوم يؤذونني فيهم، لا أنالهم الله شفاعتي (3). الآية الرابعة: قوله تعالى في سورة هود *(بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين)*(4). في الدمعة عن الحسن بن مسعود ومحمد بن خليل قالا: دخلنا على سيدنا أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) بسامراء وعنده جماعة من شيعته، فسألناه عن الأيام سعدها ونحسها

(هامش)

1 - تأويل الآيات: 1 / 98 والمختصر للحلي: 82. 2 - الأنفال: 75. 3 - كفاية الأثر: 176. 4 - هود: 86. (*)

ص 164

فقال (عليه السلام): لا تعادوا الأيام فتعاديكم. وسألناه عن معنى الحديث فقال (عليه السلام): له معنيان: ظاهر وباطن، فالظاهر أن السبت لنا والأحد لشيعتنا والاثنين لبني أمية والثلاثاء لشيعتهم والأربعاء لبني العباس والخميس لشيعتهم والجمعة للمسلمين عيد. والباطن: السبت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والأحد أمير المؤمنين (عليه السلام)، والاثنين الحسن والحسين، والثلاثاء علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد (عليهم السلام)، والأربعاء موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وأنا، والخميس ابني الحسن، والجمعة ابنه الذي به يجمع الكلم ويتم النعم ويحق الله الحق ويزهق الباطل، وهو مهديكم المنتظر، ثم قرأ: *(بسم الله الرحمن الرحيم بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين)* قال: هو والله بقية الله (1). الآية الخامسة: قوله تعالى في سورة يوسف *(ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون)*(2) في الخرايج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتدري ما كان قميص يوسف؟ قلت: لا. قال: إن إبراهيم لما أوقد له النار أتاه جبرئيل بثوب من الجنة فألبسه إياه فلم يضره معه حر ولا برد، فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة وعلقها على إسحاق، وعلقه إسحاق على يعقوب، فلما ولد يوسف علقه عليه فكان في عضده حتى كان من أمره ما كان، فلما أخرجه يوسف من التميمة بمصر وجد يعقوب ريحه، وهو قوله تعالى حاكيا عنه *(إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون)* فهو ذلك القميص الذي أنزل من الجنة. قلت له: جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص؟ قال: إلى أهله، وهو قائمنا إذا خرج يجد المؤمنون ريحه إن شاء الله شرقا وغربا، ثم قال: كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمد وآله (3). الآية السادسة: قوله تعالى في سورة الرعد *(طوبى لهم وحسن مآب)*(4) في الإكمال عن أبي بصير: قال الصادق (عليه السلام): طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية. فقلت له: جعلت فداك وما طوبى؟ قال (عليه السلام): شجرة في الجنة أصلها في دار علي بن

(هامش)

1 - الهداية الكبرى: 363 ومن لا يحضره الفقيه: 1 / 425 ح 1257. 2 - يوسف: 94. 3 - الخرائج والجرائح: 693 فصل في إعلام الإمام محمد بن الحسن المهدي. 4 - الرعد: 29. (*)

ص 165

أبي طالب (عليه السلام)، وليس من مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها، وذلك قول الله عز وجل *(طوبى لهم وحسن مآب)*(1). الآية السابعة: قوله تعالى في سورة الحجر *(إن في ذلك لآيات للمتوسمين. وإنها لبسبيل مقيم)*(2). عن المفيد في الإرشاد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قام قائم آل محمد يحكم بين الناس بحكم داود (عليه السلام)، لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استنبطوه، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم، قال الله عز وجل: *(إن في ذلك لآيات للمتوسمين)*(3). الآية الثامنة: قوله تعالى في سورة الأنبياء *(فلما أحسوا بأسنا)* إلى قوله *(لعلكم تسألون)*(4). في الدمعة عن القمي: فلما أحسوا بأسنا يعني بني أمية إذا أحسوا بالقائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله)*(إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون)* يعني الكنوز التي كنزوها. قال: فيدخلون بني أمية إلى الروم إذا طلبهم القائم، ثم يخرجهم من الروم ويطالبهم بالكنوز التي كنزوها فيقولون كما حكى الله *(يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناها حصيدا خامدين)*(5) قال: بالسيف وتحت ظلال السيوف، وهذا كله مما لفظه ومعناه مستقبل (6). الآية التاسعة: قوله تعالى في سورة الشعراء *(ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين)*(7). في البحار عن الباقر (عليه السلام) قال: إذا ظهر قائمنا أهل البيت قال *(ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما)* أي خفتكم على نفسي وجئتكم لما أذن لي ربي وأصلح لي أمري (8). الآية العاشرة: قوله تعالى في سورة ص *(هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب)*(9).

(هامش)

1 - كمال الدين: 358 ح 55 باب 33. 2 - الحجر: 74 - 75. 3 - الإرشاد: 2 / 386، وينابيع المعاجز: 90. 4 - الأنبياء: 12 و13. 5 - الأنبياء: 14 - 15. 6 - تفسير القمي: 2 / 68 - 254 وفيه: لفظه ماض ومعناه مستقبل. 7 - الشعراء: 21. 8 - البحار: 52 / 385 ح 194. 9 - ص: 39. (*)

ص 166

عن بصائر الدرجات عن أبي عبيدة الحذاء قال: كنا زمان أبي جعفر (عليه السلام) مضى حين نردد كالغنم لا راعي لها، فلقينا سالم بن أبي حفصة فقال: يا أبا عبيدة من إمامك؟ قال: قلت: أئمتي آل محمد (صلى الله عليه وآله). قال: هلكت وأهلكت أما سمعت أنا وأنت أبا جعفر وهو يقول: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية. قلت: بلى لعمري لقد كان ذلك. ثم بعد ذلك بثلاث أو نحوها دخلنا على أبي عبد الله فرزق الله لنا المعرفة فدخلت عليه فقلت له: لقيت سالما فقال لي كذا وكذا وقلت له كذا وكذا. فقال أبو عبد الله: يا ويل لسالم ثلاث مرات أما يدري سالم ما منزلة الإمام، الإمام أعظم مما يذهب إليه سالم والناس أجمعين، يا أبا عبيدة إنه لم يمت منا ميت حتى يخلف من بعده من يعمل بمثل عمله، ويسير بمثل سيرته ويدعو إلى مثل الذي دعا إليه، يا أبا عبيدة إنه لم يمنع الله ما أعطى داود أن أعطى سليمان أفضله ما أعطى، ثم قال: *(هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب)*. قال: قلت: ما أعطاه الله جعلت فداك؟ قال: نعم يا أبا عبيدة إنه إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل الناس البينة (1). الآية الحادية عشرة: قوله تعالى في سورة الواقعة *(السابقون السابقون أولئك المقربون)*(2). في الدمعة عن غيبة النعماني عن داود بن كثير الرقي قال: قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): جعلت فداك أخبرني عن قول الله عز وجل *(السابقون السابقون. أولئك المقربون)* قال: نطق الله بهذا يوم ذرأ الخلق في الميثاق، وقبل أن يخلق الخلق بألفي عام. فقلت: فسر لي ذلك؟ فقال: إن الله جل وعز لما أراد أن يخلق الخلق خلقهم من طين ورفع لهم نارا فقال ادخلوها فكان أول من دخلها محمد (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والحسن والحسين وتسعة من الأئمة، إمام بعد إمام ثم أتبعهم بشيعتهم، فهم والله السابقون (3). الآية الثانية عشرة: قوله تعالى في سورة الصف *(فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين)*(4).

(هامش)

1 - بصائر الدرجات: 509 باب النوادر ح 11 و15. 2 - الواقعة: 10 - 11. 3 - غيبة النعماني: 90 ح 20. 4 - الصف: 14. (*)

ص 167

في الدمعة عن ابن أبي يعفور قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده نفر من أصحابه فقال لي: يا بن أبي يعفور هل قرأت القرآن؟ قال: قلت: نعم، هذه القراءة. قال: عنها سألتك ليس عن غيرها. قال: فقلت: نعم جعلت فداك ولم؟ قال: لأن موسى (عليه السلام) حدث قومه بحديث لم يحتملوه عنه، فخرجوا عليه بمصر فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم وهو قوله عز وجل *(فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين)* وإنه أول قائم يقوم منا أهل البيت يحدثكم بحديث لا تحتملونه، فتخرجون عليه برميلة الدسكرة (1) فتقاتلونه [فيقاتلكم] فيقتلكم، وهي آخر خارجة تكون (2).

(هامش)

1 - الدسكرة القرية أو الأرض المستوية، وبيوت الأعاجم يكون فيها الشراب والملاهي أو بناء كالقصر حوله بيوت (القاموس). 2 - كتاب الزهد للكوفي: 104 والبحار: 52 / 375. (*)

ص 168

إخبار النبي والأئمة (عليهم السلام) بأعيان الأئمة من طريق أهل السنة

 الفرع الرابع
 إخبار النبي والأئمة بأعيان الأئمة من طريق أهل السنة

 في غاية المرام عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حدثني جبرئيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال: من علم أنه لا إله إلا أنا وحدي، وأن محمدا عبدي ورسولي، وأن علي بن أبي طالب خليفتي، وأن الأئمة من ولده حججي، أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي وأبحت له جواري وأوجبت له كرامتي وأتممت عليه نعمتي وجعلته من خاصتي وخالصتي، إن ناداني لبيته وإن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وإن سكت ابتدأته وإن أساء رحمته وإن فر مني دعوته وإن رجع إلي قبلته وإن قرع بابي فتحته، ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن محمدا عبدي ورسولي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي، فقد جحد نعمتي وصغر عظمتي وكفر بآياتي وكتبي ورسلي، إن قصدني حجبته وإن سألني حرمته وإن ناداني لم أسمع نداءه وإن دعاني لم أستجب دعاءه وإن رجاني خيبت رجاءه مني وما أنا بظلام للعبيد. فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين، ثم الباقر محمد بن علي ستدركه يا جابر فإذا أدركته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد ثم الكاظم موسى بن جعفر ثم الرضا علي بن موسى ثم التقي محمد بن علي ثم النقي علي بن محمد ثم الزكي الحسن بن علي ثم ابنه القائم محمد بالحق، مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي، من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني، وبهم يمسك الله السماء أن تقع على الأرض، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها (1). (وفيه) عن أخطب الخطباء، خطيب خوارزم موفق بن أحمد المكي من أعيان علماء

(هامش)

1 - كمال الدين: 260 وكفاية الأثر: 19. (*)

ص 169

العامة عن النبي (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء أوحى إلي ربي جل جلاله فقال: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها وجعلتك نبيا وشققت لك اسما من اسمي، فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسما من أسمائي، فأنا العلي الأعلى وهو علي، وخلقت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين. يا محمد لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي، ثم أتاني جاحدا لولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي. يا محمد تحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب. فقال عز وجل: إرفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي، وم ح م د بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري. فقلت: ومن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة وهذا القائم في وسطهم كأنه كوكب دري، الذي يحل حلالي ويحرم حرامي وبه أنتقم من أعدائي (1). أقول: وهكذا عن طرق الخاصة بزيادة: وهو راحة الأولياء وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنة الناس بهما يومئذ أشد من فتنة العجل السامري (2). (وفيه) عن الحمويني عن أصبغ عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي. قيل: يا رسول الله من أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب. قيل: فمن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق

(هامش)

1 - ينابيع المودة: 3 / 249 ح 44. 2 - المختصر للحلي: 91، والبحار: 52 / 379 ح 185. (*)

ص 170

والمغرب (1). (وفيه) عن الحمويني: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا سيد النبيين، وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر، أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم المهدي (2). (وفيه) عنه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: يخرج المهدي في أمتي، يبعثه الله عيانا للناس، تنعم الأمة وتعيش الماشية وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحا (3). (وفيه) عن سلمان المحمدي: دخلت على النبي وإذا الحسين على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه وهو يقول: أنت السيد ابن السيد أبو السادة، أنت الإمام أخو الإمام ابن الإمام أبو الأئمة، أنت الحجة ابن الحجة أخو الحجة أبو الحجج التسعة، من صلبك تاسعهم قائمهم (4). (وفيه) عن أخطب الخطباء موفق بن أحمد الخوارزمي في مناقبه عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا واردكم على الحوض وأنت يا علي الساقي والحسن الزائد والحسين الآمر وعلي بن الحسين القارض ومحمد بن علي الناشر وجعفر بن محمد السائق وموسى بن جعفر محصي المحبين والمبغضين وقامع المنافقين، وعلي بن موسى زين المؤمنين ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم وعلي بن محمد خطيب شيعته ومزوجهم الحور العين، والحسن بن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به، والمهدي شفيعهم يوم القيامة حيث لا يأذن الله إلا أن يشاء ويرضى (5). وفي أعلام الورى عن ابن عباس: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين حضرته وفاته فقلت: إذا كان ما نعوذ بالله منه فإلى من؟ فأشار إلى علي فقال: إلى هذا فإنه مع الحق والحق معه، ثم يكون من بعده أحد عشر إماما، مفترضة طاعتهم كطاعتي (6). (وفيه) عن عباس بن عبد المطلب أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال له: يا عم يملك من ولدي اثنا عشر خليفة، ثم تكون أمور كريهة شديدة عظيمة، ثم يخرج المهدي من ولدي يصلح الله أمره في

(هامش)

1 - ينابيع المودة: 3 / 295 وكمال الدين: 280. 2 - فرائد السمطين للحمويني: 2 / 313 ح 563. 3 - نور الأبصار: 189 باب 2. 4 - ينابيع المودة: 2 / 44 ح 401. 5 - مقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 145. 6 - أعلام الورى: 385 الفصل الأول في النص عليهم. (*)

ص 171

ليلة، فيملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ويمكث في الأرض ما شاء الله، ثم يخرج الدجال (1). وفي الخصال وعمدة ابن بطريق وأعلام الورى عن صحاح أهل السنة عن جابر بن سمرة: جئت مع أبي إلى المسجد ورسول الله يخطب فسمعته يقول: يكون من بعدي اثنا عشر أميرا، ثم خفض من صوته فلم أدر ما قال فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش (2). وبهذا المضمون أخبار كثيرة بطرق مختلفة وفي بعضها: فقالوا له: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون النفث والنفاث (3). وفي العمدة بطرق متعددة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة، ويكون عليهم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش. وسمعته يقول: عصبة من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض، بيت كسرى وآل كسرى. وسمعته يقول: إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم (4). وفي الخصال عن مسروق قال: بينا نحن نعرض مصاحفنا على ابن مسعود إذ قال له فتى شاب: هل عهد إليكم نبيكم كم يكون من بعده خليفة؟ قال: إنك لحدث السن وإن هذا شيء ما سألني عنه أحد قبلك. قال: نعم عهد إلينا نبينا (صلى الله عليه وآله) أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل (5). (وفيه) عنه بهذا المضمون عن طرق متعددة كثيرة (6). وفي الينابيع عن بعض المحققين أن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده (صلى الله عليه وآله) اثني عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الكون علم أن مراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حديثه هذا الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر، ولا يمكن أن يحمله على الملوك

(هامش)

1 - أعلام الورى: 376 الفصل الأول في النص عليهم. 2 - الخصال: 469 - 472 الخلفاء والأئمة ح 13 و24. 3 - كفاية الأثر: 50، وكمال الدين: 1 / 272. ولم أجد الزيادة بهذه الألفاظ. 4 - غيبة النعماني: 121، والعمدة: 418 ح 866. 5 - عيون أخبار الرضا: 2 / 53. 6 - الأمالي للصدوق: 386 ح 495 وكمال الدين: 270. (*)

ص 172

الأموية لزيادتهم على اثني عشر ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز (رحمه الله)، ولكونهم عين بني هاشم لأن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: كلهم من بني هاشم، لأن النبي في رواية عبد الملك عن جابر وإخفاء صوته في هذا القول يرجح هذه الرواية، لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم. ولا يمكن أن يحمل على الملوك العباسية لزيادتهم على العدد المذكور ولقلة رعايتهم [يؤيد ذلك هذه] الآية *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)*(1) وحديث الكساء، فلا بد من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته، لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلهم وأورعهم وأتقاهم وأعلاهم نسبا وأفضلهم حسبا وأكرمهم عند الله، وكانت علومهم عن آبائهم متصلا بجدهم صلوات الله عليه وعليهم وبالوراثة واللدنية (2). في الينابيع عن النبي (صلى الله عليه وآله): من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن أنكر نزول عيسى فقد كفر، ومن أنكر خروج الدجال فقد كفر (3). (وفيه) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر، أولهم علي وآخرهم ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلف المهدي، وتشرق الأرض بنور ربها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب (4). (وفيه) عن فرائد السمطين عن مجاهد عن ابن عباس قال: قدم يهودي يقال له نعثل فقال: يا محمد أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك، قال (صلى الله عليه وآله): سل يا أبا عمارة. فقال: يا محمد صف لي ربك؟ فقال (صلى الله عليه وآله): لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز العقول أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحده والأبصار أن تحيط به، جل وعلا عما يصفه الواصفون، ناء في قربه وقريب في نأيه، هو كيف الكيف وأين الأين فلا يقال له أين هو، وهو منقطع الكيفية والدينونية، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.

(هامش)

1 - الشورى: 23. 2 - ينابيع المودة: 3 / 292 ح. 3 - ينابيع المودة: 3 / 295. 4 - المصدر السابق، وفرائد السمطين: 4 / 332 ح 585. (*)

ص 173

قال: صدقت يا محمد فأخبرني عن قولك: إنه واحد لا شبيه له، أليس الله واحدا والإنسان واحد؟ فقال (صلى الله عليه وآله): الله عز وعلا واحد حقيقي أحدي المعنى، أي لا جزء ولا تركب له، والإنسان واحد ثنائي المعنى مركب من روح وبدن. قال: صدقت، فأخبرني عن وصيك من هو، فما من نبي إلا وله وصي وإن نبينا موسى بن عمران أوصى [إلى] يوشع بن نون. فقال (صلى الله عليه وآله): إن وصيي علي بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين. قال: يا محمد (صلى الله عليه وآله): فسمهم لي؟ قال (صلى الله عليه وآله): إذا مضى الحسين فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه جعفر فإذا مضى جعفر فابنه موسى فإذا مضى موسى فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه علي فإذا مضى علي فابنه الحسن فإذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد المهدي (عج)، فهؤلاء اثنا عشر إلى هنا محل الحاجة (1). وما ذكرنا يعد إتماما للخبر المؤلفة. قال: أخبرني كيفية موت علي والحسن والحسين؟ قال (صلى الله عليه وآله): يقتل علي بضربة على قرنه والحسن يقتل بالسم والحسين بالذبح. قال: فأين مكانهم؟ قال (صلى الله عليه وآله): في الجنة في درجتي. قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأشهد أنهم الأوصياء بعدك، ولقد وجدت في كتب الأنبياء المتقدمة وفيما عهد إلينا موسى بن عمران أنه إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له أحمد ومحمد وهو خاتم الأنبياء، لا نبي بعده فيكون أوصياؤه بعده اثني عشر أولهم ابن عمه وختنه والثاني والثالث كانا أخوين من ولده، ويقتل أمة النبي الأول بالسيف والثاني بالسم والثالث مع جماعة من أهل بيته بالسيف وبالعطش في موضع الغربة، فهو كولد الغنم يذبح ويصبر على القتل، يرفع درجاته ودرجات أهل بيته وذريته ولإخراج محبيه وأتباعه من النار، والتسعة الأوصياء منهم من أولاد الثالث، فهؤلاء الاثنا عشر عدد الأسباط. قال (صلى الله عليه وآله): أتعرف الأسباط؟ قال: نعم إنهم كانوا اثني عشر أولهم لاوي بن برخيا وهو الذي غاب عن بني إسرائيل غيبة، ثم عاد فأظهر الله به شريعته بعد اندراسها، وقاتل قرسطيا الملك حتى قتل الملك. قال: كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، وإن الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى، ويأتي على أمتي بزمن لا يبقى

(هامش)

1 - ينابيع المودة: 3 / 281 وفرائد السمطين: 2 / 132 ح 431. (*)

ص 174

من الإسلام إلا اسمه ولا يبقى من القرآن إلا رسمه، فحينئذ يأذن الله تعالى له بالخروج فيظهر الله الإسلام به ويجدده، طوبى لمن أحبهم وتبعهم والويل لمن أبغضهم وخالفهم، وطوبى لمن تمسك بهداهم (1). أقول: كذا في كتاب الدر النظيم باختلاف يسير وفي آخره فانتفض نعثل فقام بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأنشأ يقول: صلى العلي ذو العلى * عليك يا خير البشر أنت النبي المصطفى * والهاشمي المفتخر بك قد هدانا ربنا * وفيك نرجو ما أمر ومعشر سميتهم * أئمة اثني عشر حباهم رب العلى * ثم صفاهم من كدر قد فاز من والاهم * وخاب من عادى الزهر آخرهم يشفي الظما * وهو الإمام المنتظر عترتك الأخيار لي * والتابعون ما أمر من كان عنهم معرضا * فسوف يصلاه سقر (2) وفيه: عن المناقب عن واثلة عن جابر بن عبد الله الأنصاري: دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد أخبرني عما ليس لله وعما ليس عند الله وعما لا يعلمه الله، فقال (صلى الله عليه وآله): أما ما ليس لله فليس لله شريك، وأما ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم للعباد، وأما ما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معشر اليهود: إن عزيرا ابن الله، والله لا يعلم أن له ولدا، بل يعلم أنه مخلوقه وعبده. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله حقا وصدقا. ثم قال: إني رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران فقال: يا جندل أسلم على يد محمد خاتم الأنبياء واستمسك بأوصيائه من بعده. فقلت: أسلم! فلله الحمد أسلمت وهداني بك. ثم قال: أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لأتمسك بهم، قال: أوصيائي الاثنا عشر؟ قال جندل: هكذا وجدناهم في التوراة وقال: يا رسول الله سمهم لي؟

(هامش)

1 - بحار الأنوار: 36 / 283 بتفاوت. 2 - العدد القوية للحلي: 81. (*)

ص 175

فقال: أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي، ثم ابناه الحسن والحسين فاستمسك بهم، ولا يغرنك جهل الجاهلين، فإذا ولد علي بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه. فقال جندل: وجدناه في التوراة وفي كتب الأنبياء: إيليا وشبر وشبير فهذه أسماء علي والحسن والحسين. فمن بعد الحسين ما أساميهم؟ قال (صلى الله عليه وآله): إذا انقضت مدة الحسين فالإمام ابنه علي ويلقب بزين العابدين (عليه السلام)، فبعده ابنه محمد يلقب بالباقر، فبعده ابنه جعفر يدعى بالصادق، فبعده ابنه موسى يدعى بالكاظم، فبعده ابنه علي يدعى بالرضا، فبعده ابنه محمد يدعى بالتقي والزكي، فبعده علي يدعى بالنقي والهادي، فبعده ابنه الحسن يدعى بالعسكري، فبعده ابنه محمد يدعى بالمهدي والقائم والحجة فيغيب ثم يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم، أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال: *(هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب)*(1) ثم قال تعالى: *(أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون)*(2) فقال جندل: الحمد لله الذي وفقني بمعرفتهم. ثم عاش إلى أن كانت ولادة علي بن الحسين (عليهما السلام) فخرج إلى الطائف، ومرض وشرب لبنا وقال: أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن، ومات ودفن بالطائف بالموضع المعروف بالكوزارة (3). في الدمعة عن كتاب سليم بن قيس الهلالي قال: أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين (عليه السلام) فنزل عسكر قريبا من دير النصارى فنزل إلينا من الدير شيخ حسن الوجه، حسن الهيئة والسمة، معه كتاب في يده حتى أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) فسلم عليه بالخلافة. فقال له علي: مرحبا يا أخي شمعون بن حمون، كيف حالك رحمك الله؟ قال: بخير يا أمير المؤمنين وسيد المسلمين ووصي رسول رب العالمين، أنا من حواري أخيك عيسى ابن مريم (عليه السلام)، وأنا من نسل شمعون بن يوحنا وصي عيسى ابن مريم، وإليه دفع كتبه وعلمه، فلم يزل أهل بيته على دينه مستمسكين بملته، لم يكفروا ولم يبدلوا ولم يغيروا، وتلك الكتب عندي، إملاء عيسى وخط أبينا، وفيه كل شيء يفعل الناس من بعده،

(هامش)

1 - البقرة: 3. 2 - المجادلة: 3 - ينابيع المودة: 3 / 285 باب 76. (*)

ص 176

كل ملك ملك وكم يملك، وما يكون في زمان كل ملك منهم حتى يبعث الله رجلا من العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من أرض تهامة والتاج يعني العمامة. ثم ذكر مبعثه ومولده وهجرته (صلى الله عليه وآله) ومن يقاتله ومن ينصره ومن يعاديه وكم يعيش وما يلقى الكتاب [من] أمته بعده، إلى أن ينزل عيسى ابن مريم من السماء (1)، فذكر في ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل، هم خير خلق الله وأحب من خلق الله إلى الله، ولي من والاهم وعدو من عاداهم، من أطاعهم اهتدى ومن عصاهم ضل، طاعتهم لله طاعته ومعصيتهم لله معصيته، مكتوب بأسمائهم وأنسابهم ونعتهم، وكم يعيش كل رجل منهم، وكم رجل منهم يستتر بدينه ويكتمه من قومه، ومن يظهر حتى ينزل عيسى على آخرهم فيصلي خلفه ويقول: إنكم الأئمة لا ينبغي لأحد أن يتقدمكم، فيتقدم فيصلي بالناس وعيسى خلفه في الصف الأول، وهو أفضلهم وأخيرهم، له مثل أجورهم ونور من أطاعهم واهتدى بهم: بسم الله الرحمن الرحيم أحمد رسول الله وهو محمد ويس والفتاح والخاتم والحاشر والعاقب والماحي والقائد هو نبي الله وخليل الله وحبيب الله وصفي الله وخيرته يرى تقلبه في الساجدين، يعني في أصلاب النبيين، هو أكرم خلق الله على الله وأحبهم إليه لم يخلق الله خلقا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا آدم فمن سواه خير منه ولا أحب إلى الله منه، يقعده الله يوم القيامة على عرشه ويشفعه في كل من يشفع فيه، باسمه جرى القلم في اللوح المحفوظ. ثم أخوه ووزيره وخليفته وأحب من خلق الله إلى الله بعده، ابن عمه علي بن أبي طالب ولي كل مؤمن بعده، ثم أحد عشر رجلا من ولده وولد ولده، أولهم شبر والثاني شبير وتسعة من ولد شبير واحدا بعد واحد، آخرهم الذي يصلي عيسى خلفه يسميه من يملك منهم ومن يستتر بدينه ومن يظهر، فأول من يظهر منهم يملأ جميع بلاد الله قسطا وعدلا، ويملك ما بين الشرق والغرب حتى يظهره الله على الأديان كلها، [فلما بعث] النبي وأبي حي صدق به وآمن به وشهد أنه رسول الله، وكان شيخا كبيرا، لم يكن به شخوص فمات وقال: يا بني إن وصي محمد وخليفته الذي اسمه في هذا الكتاب ونعته سيمر بك، إذ مضى ثلاثة من أئمة

(هامش)

1 - في المصدر: وما تلقى أمته من بعده من الفرقة والاختلاف وفيه تسمية كل إمام هدى وإمام ضلالة. (*)

ص 177

الضلالة والمسمين بأسمائهم وقبايلهم، فإذا مر بك فاخرج إليه فبايعه وقاتل معه عدوه فإن الجهاد معه كالجهاد مع محمد، والموالي له كالموالي لمحمد والمعادي له كالمعادي لمحمد. وفي هذا الكتاب اثنا عشر إماما من أئمة الضلالة من قريش من قومه، يعادون أهل بيته ويمنعونهم حقهم ويقتلونهم ويطردونهم ويحرمونهم ويخنقونهم، مسمين واحدا واحدا بأسمائهم ونعتهم، وكم يملك كل رجل منهم وما يلقى من قومه ولدك وأنصارك وشيعتك من القتل والخوف والبلاء، وكيف يديلكم منهم ومن أوليائهم وأنصارهم، وما يلقون من الذل والخزي والقتل والخوف منكم أهل البيت. ثم قال: ابسط يدك يا أمير المؤمنين أبايعك، فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد أنك وصيه وخليفته في بيعته وشاهده على خلقه وحجته في أرضه، وأن الإسلام دين الله الذي اصطفاه لنفسه ورضيه لأوليائه، وأنه دين عيسى ومن كان قبله من أنبياء الله ورسله، وهو الدين الذي دان به من مضى من آبائي، وإني أتولاك وأتولى أولياءك وأبرأ من أعدائك، وأتولى الأئمة من ولدك وأبرأ من عدوهم وممن خالفهم وبرئ منهم، وادعى حقهم وظلمهم من الأولين والآخرين، فتناول يد أمير المؤمنين (عليه السلام) فبايعه، ثم قال له أمير المؤمنين: أرني كتابك فناوله إياه فقال لرجل من أصحابه: قم مع الرجل فانظر ترجمانا يفهم كلامه فلينسخه لك بالعربية، فلما انتسخه، أتاه به فقال للحسن: يا بني ايتني بالكتاب الذي دفعته إليك، واقرأ أنت يا بني وانظر أنت يا فلان في نسخة هذا الكتاب فإنه خطي وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقرأه فما خالف حرفا واحدا فكأنه إملاء رجل واحد، فحمد الله أمير المؤمنين وقال: الحمد لله الذي لو شاء لم تختلف الأمة ولم تفترق، والحمد لله الذي لم ينسني ولم يضع أمري ولم يخمد (1) ذكري عنده وعند أوليائه، إذ صغر وخمل عند أولياء الشيطان [و] حزبه (2). انتهى (3). وفي الينابيع عن الحمويني الشافعي في فرائد السمطين عن دعبل الخزاعي: أنشدت

(هامش)

1 - في المصدر: يخمل ذكري. 2 - في المصدر: إذ صغر وخمل ذكر أولياء الشيطان وحزبه. 3 - بطوله في: كتاب سليم بن قيس: 252، والخرائج: 2 / 744. (*)

ص 178

قصيدة لمولاي الرضا (عليه السلام) أولها: مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات وقبر ببغداد لنفس زكية * تضمنها الرحمن في الغرفات قال: قال لي الرضا: أفلا الحق البيتين بقصيدتك؟ قلت: بلى يا بن رسول الله، فقال (عليه السلام): وقبر بطوس يا لها من مصيبة * توقد في الأحشاء بالحرقات إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفرج عنا الهم والكربات قال دعبل: ثم قرأت بواقي القصيدة عنده فلما انتهيت إلى قولي: خروج إمام لا محالة واقع * يقوم على اسم الله والبركات يميز فينا كل حق وباطل * ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا (عليه السلام) بكاء شديدا ثم قال: يا دعبل نطق روح القدس بلسانك، أتعرف من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟ قلت: لا إلا أني سمعت خروج إمام منكم يملأ الأرض قسطا وعدلا. فقال: إن الإمام بعدي ابني محمد وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة القائم، وهو المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وأما متى يقوم فإخبار عن الوقت (1). وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام) من طرق الشيعة هكذا، إلا أن فيه: لقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي عن النبي قيل له: يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال: مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في الأرض لا تأتيكم إلا بغتة (2). أقول: ولما انجر الكلام إلى هذا فلا ضير أن نذكر بقية حال دعبل من بركة هذه القصيدة فتكون على بصيرة من أمرك. في إكمال الدين: نهض الرضا (عليه السلام) بعد فراغ دعبل من إنشاده القصيدة، وأمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدار، فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية، فقال له: يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك. فقال: والله ما لهذا جئت ولا قلت هذه القصيدة طمعا في شيء يصل إلي، ورد الصرة وسأل ثوبا من ثياب الرضا (عليه السلام) ليتبرك به ويتشرف، وأنفذ إليه

(هامش)

1 - ينابيع المودة: 3 / 309 وفرائد السمطين: 2 / 337 ح 591. 2 - عيون أخبار الرضا: 265 - 266 ح 34 باب 66. (*)

ص 179

الرضا بجبة خز مع الصرة وقال للخادم: قل له يقول لك مولاي خذ هذه الصرة فإنك ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها. فأخذ دعبل الصرة والجبة وانصرف، وسار من مرو في قافلة فلما أتوا ميان (بلد بقرب نيسابور قوهان) وقع عليهم اللصوص وأخذوا القافلة بأسرها وكتفوا أهلها، وكان دعبل فيمن كتف، وملك اللصوص القافلة وجعلوا يقتسمونها بينهم، فقال رجل من اللصوص متمثلا بقول دعبل من قصيدة: أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات فسمعه دعبل فقال: لمن هذا البيت؟ قال: لرجل من خزاعة يقال له دعبل بن علي. قال دعبل: أنا دعبل بن علي قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت، فوثب الرجل إلى رئيسهم وكان يصلي على رأس تل وكان من الشيعة فأخبره، فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل فقال له: أنت دعبل؟ فقال: نعم. قال: أنشد القصيدة، فأنشدها فحل كتافه وكتاف جميع أهل القافلة ورد إليهم جميع ما أخذ منهم لكرامة دعبل. وسار دعبل حتى وصل إلى قم فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في مسجد الجامع، فلما اجتمعوا صعد دعبل المنبر فأنشدهم القصيدة، فوصله الناس من المال والخلع بشيء كثير واتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار فامتنع من ذلك، فقالوا له: بعنا شيئا منها بألف دينار فأبى عليهم، وسار عن قم فلما خرج عن رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب وأخذوا الجبة منه، فرجع دعبل إلى قم وسألهم رد الجبة عليه فامتنع الأحداث من ذلك وعصوا المشايخ في أمرها فقالوا لدعبل: لا سبيل لك إلى الجبة فخذ ثمنها ألف دينار، فأبى عليهم فلما يئس من ردهم الجبة فسألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها فأجابوه إلى ذلك، فأعطوه بعضها ودفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار، وانصرف دعبل إلى وطنه فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان في منزله، فباع المائة دينار التي كان الرضا (عليه السلام) وصله بها من الشيعة، كل دينار بمائة درهم فحصل في يده عشرة آلاف درهم، فتذكر قول الرضا (عليه السلام) إنك ستحتاج إلى الدنانير. وكانت له جارية لها من قلبه محل، فرمدت رمدا عظيما فأدخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا: أما العين اليمنى فليس فيها لنا علاج ولا حيلة، قد ذهبت، وأما اليسرى فنحن

ص 180

نعالجها ونجتهد ولا نرى أن تسلم، فاغتم لذلك غما شديدا وجزع عليها جزعا عظيما، ثم إنه ذكر ما معه من فضلة الجبة فمسحها على عيني الجارية وعصبها بعصابة من أول الليل فأصبحت وعيناها أصح مما كانت، وكأنه ليس لها أثر رمد قط ببركة مولانا أبي الحسن الرضا (عليه السلام) (1). وفي العيون عن علي بن دعبل الخزاعي، يقول: لما أن حضر أبي الوفاة تغير لونه وانعقد لسانه واسود وجهه فكدت الرجوع من مذهبه، فرأيته بعد ثلاث فيما يرى النائم وعليه ثياب بيض وقلنسوة بيضاء فقلت: يا أبه ما فعل الله بك؟ فقال: يا بني إن الذي رأيته من اسوداد وجهي وانعقاد لساني كان من شرب الخمر في دار الدنيا، ولم أزل كذلك حتى لقيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليه ثياب بيض وقلنسوة بيضاء فقال لي: أنت دعبل؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: فأنشدني قولك في أولادي فأنشدته قولي: لا أضحك الله سن الدهر إن ضحكت * وآل أحمد مظلومون قد قهروا مشردون نفوا عن عقر دارهم * كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر قال: فقال لي: أحسنت فشفع وأعطاني ثيابه وها هي وأشار إلى ثياب بدنه (2). وفي العيون: سمعت أبا نصر بن الحسن الكرخي الكاتب يقول: رأيت على قبر دعبل بن علي الخزاعي: أعد الله يوم يلقاه دعبل، أن لا إله إلا هو يقولها مخلصا عساه بها يرحمه في القيامة الله، الله مولاه والرسول ومن بعدهما فالوصي مولاه (3).

(هامش)

1 - كمال الدين: 376 ح 7 باب 35. 2 - عيون أخبار الرضا: 266 ح 36 باب 66 خبر دعبل. 3 - عيون أخبار الرضا: 267 ح 37. (*)

ص 181

إخبار النبي والأئمة بأعيان الأئمة وأسمائهم (عليهم السلام) من طرق الخاصة

 الفرع الخامس
 إخبار النبي والأئمة بأعيان الأئمة وأسمائهم (عليهم السلام) من طرق الخاصة

 في أعلام الورى أن رسول الله يقول: إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابنه الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فأخوه الحسين بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علي، ثم ابنه محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين ثم تكمله اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين (1). (وفيه) سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله: إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي من العترة؟ قال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله حوضه (2). (وفيه) عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنا وعلي والحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون (3). (وفيه) عنه (صلى الله عليه وآله): أنا سيد النبيين وعلي سيد الوصيين، وإن أوصيائي من بعدي اثنا عشر وصيا، أولهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم القائم (4). (وفيه) عن جابر بن عبد الله الأنصاري: لما أنزل الله تعالى على نبيه *(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)*(5) قلت: يا رسول الله قد عرفنا الله ورسوله فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعته؟ فقال: هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين بعدي، أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف بالتوراة بالباقر وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فأقرأه مني السلام، ثم الصادق

(هامش)

1 - أعلام الورى: 395 الفصل الثاني من النص عليهم. 2 - أعلام الورى: 396 الفصل الثاني من النص عليهم. 3 - أعلام الورى: 396 الفصل الثاني من النص عليهم. 4 - أعلام الورى: 391 الفصل الثاني من النص عليهم. 5 - النساء: 59. (*)

ص 182

جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميي وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده محمد بن الحسن بن علي (عليهم السلام)، ذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان. قال جابر: فقلت: يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال: إي والذي بعثني بالنبوة، إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاها سحاب، يا جابر: هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه إلا عن أهله، الحديث. فليطلب تمامه في محله (1). وفيه: عن عبد الله بن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى اطلع على الأرض اطلاعة فاختارني منها فجعلني نبيا، ثم اطلع الثانية فاختار منها عليا فجعله إماما، ثم أمرني أن أتخذه أخا ووصيا وخليفة ووزيرا، فعلي مني وأنا من علي، وهو زوج ابنتي وأبو سبطي الحسن والحسين، ألا وإن الله تبارك وتعالى جعلني وإياه حججا على عباده، وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهدي أمتي أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله، يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مظلمة، فيعلن أمر الله ويظهر دين الله ويؤيد بنصر الله وينصر بملائكة الله، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا (2). (وفيه) عن حسين بن علي قال: دخلت على رسول الله وعنده أبي بن كعب فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): مرحبا يا أبا عبد الله يا زين السماوات والأرض. قال له أبي: وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك؟ فقال: والذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض، وإنه لمكتوب على يمين عرش الله مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام غير وهن وعز وفخر وعلم وذخر، وإن الله عز وجل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية، خلقت من قبل أن يكون مخلوق في الأرحام أو يجري ماء في الأصلاب أو يكون ليل أو نهار، ولقد لقن دعوات ما يدعو بهن مخلوق إلا حشره الله عز وجل معه وكان

(هامش)

1 - أعلام الورى: 397. 2 - أعلام الورى: 397 الفصل الثاني من النص عليهم. (*)

ص 183

شفيعه في آخرته، وفرج الله عنه كربه، وقضى بها دينه ويسر أمره وأوضح سبيله وقوي على عدوه ولم يهتك سره. فقال له أبي: وما هذه الدعوات يا رسول الله؟ قال: تقول إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد: اللهم إني أسألك بكلماتك ومعاقد عزك وسكان سماواتك وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي، فقد رهقني من أمري عسرا، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي فرجا من عسري ويسرا ومخرجا، فإن الله عز وجل يسهل أمرك ويشرح صدرك ويلقنك شهادة أن لا إله إلا الله عند خروج نفسك. قال له أبي: يا رسول الله فما هذه النطفة في صلب الحسين (عليه السلام)؟ قال (صلى الله عليه وآله): مثل هذه النطفة كمثل القمر وهي نطفة تبيين وبيان (1)، يكون من اتبعه رشيدا ومن ضل عنه غويا. قال: فما اسمه وما دعاؤه؟ قال: اسمه علي ودعاؤه: يا دائم يا ديموم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم ويا فارج الهم ويا باعث الرسل ويا صادق الوعد، من دعا بهذا الدعاء حشره الله مع علي بن الحسين وكان قائده إلى الجنة. قال له أبي: يا رسول الله فهل له من خلف ووصي؟ قال (صلى الله عليه وآله): نعم له مواريث السماوات والأرض. قال: وما معنى مواريث السماوات والأرض؟ قال (صلى الله عليه وآله): القضاء بالحق والحكم بالديانة وتأويل الأحكام وبيان ما يكون. قال: فما اسمه؟ قال: محمد وإن الملائكة لتستأنس به في السماوات ويقول في دعائه: اللهم إن كان لي عندك رضوان وود فاغفر لي ولمن تبعني من إخواني وشيعتي وطيب ما في صلبي، فركب الله عز وجل في صلبه نطفة مباركة زكية، وأخبرني أن الله طيب هذه النطفة وسماها عنده جعفرا وجعله هاديا وراضيا ومرضيا، يدعو ربه فيقول في دعائه: يا ديان غير متوان يا أرحم الراحمين، اجعل لشيعتي من النار وقاء، ولهم عندك رضى واغفر ذنوبهم واستر عيوبهم ويسر أمورهم واقض ديونهم واستر عوراتهم، وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم، يا من لا يخاف الضيم، ولا تأخذه سنة ولا نوم، اجعل لي من كل غم فرجا. من دعا بهذا الدعاء حشره الله أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنة. يا أبي إن الله ركب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليهما الرحمة وسماها عنده موسى. فقال له أبي يا رسول الله كأنهم يتواصفون ويتناسلون ويتوارثون ويصف بعضهم بعضا، قال: وصفهم لي جبرئيل عن رب العالمين جل جلاله، قال: فهل لموسى من

(هامش)

1 - في العيون: وهي نطفة بنين وبنات. (*)

ص 184

دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه؟ قال: نعم يقول في دعائه: يا خالق الخلق ويا باسط الرزق وفالق الحب وبارئ النسم ومحيي الأموات ومميت الأحياء ودائم الثبات ومخرج النبات افعل بي ما أنت أهله. من دعا بهذا الدعاء قضى الله حوائجه وحشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر. وإن الله عز وجل ركب في صلبه نطفة مباركة زكية مرضية وسماها عنده عليا وكان الله في خلقه رضيا في علمه وحكمه، وجعله حجة على خلقه إلى يوم القيامة، وله دعاء يدعو به فيقول: اللهم أعطني الهدى وثبتني عليه، واحشرني مع الذين لا خوف عليهم ولا حزن ولا جزع، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة وإن الله عز وجل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية، وسماها محمد بن علي فهو شفيع شيعته ووارث علم جده، له علامة بينة وحجة ظاهرة إذا ولد، يقول: لا إله إلا الله ويقول في دعائه: يا من لا شبيه له ولا مثال، أنت الله لا إله إلا أنت، ولا خالق إلا أنت، تغني المخلوقين وتبقى، أنت حلمت عمن عصاك وفي المغفرة رضاك، من دعا بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة. وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية، بارة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد، فألبسها السكينة والوقار، وأودعها العلوم وكل سر مكتوم، من لقيه وفي صدره شيء أنبأه به وحذره من عدوه، ويقول في دعائه: يا نور يا برهان يا مبين يا منير يا رب اكفني شر الشرور، وآفات الدهور، وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور، من دعا بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه وقائده إلى الجنة وإن الله قد ركب في صلبه نطفة وسماها عنده الحسن فجعله نورا في بلاده وخليفة في أرضه وعزا لأمته وهاديا لشيعته وشفيعا لهم عند ربهم، ونقمة على من خالفه وحجة لمن والاه وبرهانا لمن اتخذه إماما، يقول في دعائه: يا عزيز العز في عزه يا عزيزا أعزني بعزتك وأيدني بنصرك، وابعد عني همزات الشيطان وادفع عني بدفعك وامنع عني بصنعك واجعلني من خيار خلقك، يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد، من دعا بهذا الدعاء حشره الله عز وجل معه ونجاه من النار ولو وجبت عليه. وإن الله تعالى ركب في صلبه نطفة زكية طيبة طاهرة مطهرة يرضى بها كل مؤمن امتحن

ص 185

الله قلبه للإيمان ممن قد أخذ الله ميثاقه في الولاية، ويكفر بها كل جاحد، فهو إمام تقي نقي سار مرضي هادي مهدي، يحكم بالعدل ويأمر به ويصدق الله ويصدقه الله في قوله، يخرج من تهامة حتى يظهر الدلائل والعلامات، وله بالطالقان كنوز لا ذهب ولا فضة إلا خيول مطهمة ورجال مسومة، يجمع الله له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا مع صحيفة مختومة، فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وطبايعهم وخلقهم، وكدادون مجدون في طاعته. فقال له أبي: وما دلائله وعلامته يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه، وأنطقه الله عز وجل فناداه العلم: أخرج يا ولي الله واقتل أعداء الله، وله رايتان وعلامتان، وله سيف مغمد، فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه الله عز وجل فناداه السيف: أخرج يا ولي الله وأمرني بأمرك يا حجة الله فلا يحل لك أن تقعد من أعداء الله حيث ثقفتهم، ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله، ويكون جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يسرته، وشعيب وصالح على مقدمته، وسوف تذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله تعالى ولو بعد حين. يا أبي طوبى لمن لقيه وطوبى لمن أحبه وطوبى لمن قال به، ينجيهم الله من الهلكة وبالإقرار به وبرسول الله وبجميع الأئمة تفتح لهم الجنة، مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي تسطع ريحه فلا يتغير أبدا، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفأ أبدا نوره. قال أبي: يا رسول الله كيف حال هؤلاء الأئمة عن الله عز وجل؟ قال (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل أنزل علي اثنتي عشرة صحيفة باثني عشر خاتما اسم كل إمام على خاتمه وصفته في صحيفته (1). وفيه: عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لأصحابه: آمنوا بليلة القدر فإنها تكون من بعدي لعلي بن أبي طالب وولده وهم أحد عشر من بعده (2). (وفيه) عنه (صلى الله عليه وآله): اثنا عشر من أهل بيتي أعطاهم الله فهمي وعلمي وحكمتي، وخلقهم من طينتي، فويل للمتكبرين عليهم بعدي، القاطعين فيهم صلتي، ما لهم لا أنالهم الله

(هامش)

1 - أعلام الورى: 404 الفصل الثاني من النص عليهم. 2 - أعلام الورى: 390 الفصل الثاني من النص عليهم. (*)

ص 186

شفاعتي (1). (وعنه (صلى الله عليه وآله)): الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي، وآخرهم القائم الذي يفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها (2). (وعنه (صلى الله عليه وآله)): الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم، هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج الله على أمتي بعدي، المقر لهم مؤمن والمنكر لهم كافر (3). وفيه: عنه (صلى الله عليه وآله): إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي. قيل: يا رسول الله ومن أخوك؟ قال (صلى الله عليه وآله): علي بن أبي طالب. قيل: فمن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، والذي بعثني بالحق بشيرا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب (4). وفي أربعين الخوئي عن ابن عباس: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه لما عرج بي ربي جل جلاله أتاني النداء: يا محمد. قلت: لبيك رب العظمة لبيك، فأوحى الله عز وجل إلي: يا محمد فيم اختصم به الملأ الأعلى؟ قلت: إلهي لا علم لي. فقال لي: يا محمد هل اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك؟ فقلت: إلهي ومن أتخذ؟ تخير لي أنت يا إلهي، فأوحى الله عز وجل إلي: يا محمد قد اخترت لك من الآدميين عليا فقلت: إلهي ابن عمي فأوحى الله لي: يا محمد إن عليا وارثك ووارث العلم من بعدك، وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة، وصاحب حوضك يسقي من ورد عليه من بريتي من أمتك، ثم أوحى الله عز وجل إلي، يا محمد إني قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين الطاهرين حقا حقا، أقول يا محمد لأدخلن جميع أمتك الجنة إلا من أبى. فقلت: إلهي وأحد يأبى دخول الجنة؟ فأوحى الله عز وجل إلي: بلى. فقلت: وكيف يا ربي؟ فأوحى الله عز وجل إلي: يا محمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك،

(هامش)

1 - أعلام الورى: 390. 2 - أعلام الورى: 391. 3 - أعلام الورى: 391. 4 - أعلام الورى: 391. (*)

ص 187

وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك، وألقيت محبة في قلبك، وجعلته أبا لولديك، فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في حياتك، فمن جحد حقه جحد حقك ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يواليك، ومن أبى أن يواليك فقد أبى أن يدخل الجنة. فخررت لله عز وجل ساجدا شاكرا لما أنعم علي، فإذا مناد ينادي: إرفع يا محمد رأسك واسألني أعطك. فقلت: إلهي اجمع أمتي من بعدي على علي بن أبي طالب ليردوا علي جميعا حوضي يوم القيامة، فأوحى الله عز وجل إلي يا محمد إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم، وقضائي ماض فيهم، لأهلك به من أشاء وأهدي به من أشاء، وقد أتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك، عزيمة مني ولا يدخل الجنة من عاداه وأبغضه وأنكر ولايته بعدك، فمن أبغضه أبغضك ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن عاداه فقد عاداك ومن عاداك فقد عاداني ومن أحبه فقد أحبك ومن أحبك فقد أحبني، وقد جعلت لك هذه الفضيلة، وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديا، كلهم من ذريتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا، أنجي به من الهلكة وأهدي به من الضلالة وأبرئ به الأعمى وأشفي به المريض، فقلت: إلهي وسيدي متى يكون ذلك؟ فأوحى الله عز وجل: يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل وكثر القتل وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة والخؤونة، وكثر الشعراء، واتخذت أمتك قبورهم مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وكثر الجور والفساد وظهر المنكر وأمرت أمتك به، ونهي عن المعروف واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وصارت الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة وأعوانهم ظلمة وذوو الرأي منهم فسقة، وعند ثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة على يد رجل من ذريتك تتبعه الزنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن علي، وظهور الدجال، يخرج [من] المشرق من سجستان وظهور السفياني. فقلت: إلهي وما يكون بعدي من الفتن؟ فأوحى الله إلي وأخبرني ببلاء بني أمية وفتنة ولد عمي، وما هو كائن إلى يوم القيامة، فأوصيت بذلك ابن عمي حين هبطت إلى الأرض، وأديت الرسالة ولله الحمد على ذلك كما حمده النبيون، وكما حمده كل شيء قبل وما هو

ص 188

خالقه إلى يوم القيامة (1). وفي أعلام الورى: سئل أمير المؤمنين عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، من العترة؟ قال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله حوضه (2). وفي أعلام الورى عن أصبغ بن نباتة قال: خرج علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم، ووضع يده في يد ابنه الحسن (عليه السلام) وهو يقول: خرج علينا رسول الله ذات يوم ويده في يدي هكذا وهو يقول: خير الخلق بعدي وسيدهم أخي هذا، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعد وفاتي، ألا وإني أقول: إن خير الخلق بعدي وسيدهم ابني هذا، إمام كل مسلم، وولي كل مؤمن بعد وفاتي، ألا وإنه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله). وخير الخلق وسيدهم بعد الحسن ابني الحسين المظلوم بعد أخيه، المقتول بأرض كربلا، أما إنه وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة، ومن بعد الحسين تسعة من صلبه، خلفاء الله في أرضه وحججه على عباده وأمناؤه على خزائنه، وهم أئمة المسلمين وقادة المؤمنين وسادة المتقين، وتاسعهم القائم الذي يملأ الله به الأرض نورا بعد ظلمتها، وعدلا بعد جورها، وعلما بعد جهلها، والذي بعث أخي محمدا بالنبوة واختصني بالإمامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الأمين جبرئيل، ولقد سئل رسول الله وأنا عنده: من الأئمة بعده؟ فقال للسائل: والسماء ذات البروج إن عددهم كعدد البروج، ورب الليالي والأيام والشهور إن عدتهم كعدة الشهور. قال السائل: فمن هم يا رسول الله؟ فوضع رسول الله يده على رأسي فقال: أولهم هذا وآخرهم المهدي من والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني، ومن أحبهم فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني، ومن أنكرهم فقد أنكرني ومن عرفهم فقد عرفني، بهم يحفظ الله دينه وبهم يعمر بلاده وبهم يرزق عباده، وبهم ينزل القطر من السماء وبهم يخرج بركات

(هامش)

1 - كمال الدين: 252 باب نص الله عليه (23) ح 1. 2 - أعلام الورى: 396 الفصل الثاني من النص عليهم. (*)

ص 189

الأرض، هؤلاء أوصيائي وخلفائي وأئمة المسلمين وموالي المؤمنين (1). (وفيه): لما مات أبو بكر وبويع عمر وعلي جالس ناحية، إذ أقبل يهودي عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون حتى قام على رأس عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الأمة بكتابهم وأمر نبيهم، فطأطأ عمر رأسه، فأعاد عليه القول فقال له عمر: ولم ذلك؟ فقال: إني جئت مرتاد النفس، شاكا في ديني أريد الحجة وأطلب البرهان. فقال عمر: دونك هذا الشاب، وأشار إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام). فقال الغلام: ومن هذا؟ قال عمر: هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وأبو الحسن وأبو الحسين ابني رسول الله، وزوج فاطمة بنت رسول الله، وأعلم الناس بالكتاب والسنة. قال: فقام الغلام إلى علي (عليه السلام) فقال: أنت كذلك؟ فقال (عليه السلام) له: نعم. قال الغلام: أريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة، فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: يا هاروني ما منعك أن تقول عن سبع؟ فقال: أريد أن أسألك عن ثلاث فإن علمتهن سألتك عما بعدهن، وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم علم. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فإني أسألك بالإله الذي تعبده لأن أجبتك عن ما تسألني لتدعن دينك ولتدخلن في ديني. قال: ما جئت إلا لذلك. قال: فسل. قال: فأخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض، أي قطرة دم هي؟ وأول عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي؟ وأول شجرة اهتزت على وجه الأرض أي شجرة هي؟ فقال (عليه السلام): يا هاروني أما أنتم فتقولون: أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض حيث قتل أحد ابني آدم، وليس كذلك ولكنه حيث طمثت حواء، وذلك قبل أن تلد ابنيها. وأما أنتم فتقولون: أول عين فاضت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس، وليس هو كذلك ولكنها عين الحياة التي وقف عليها موسى وفتاه ومعهما النون المالح، فسقط فيها فحيي وهذا الماء لا يصيب ميتا إلا وحيي. وأما أنتم فتقولون: أول شجرة اهتزت على وجه الأرض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح، وليس كذلك ولكنها النخلة التي أهبطت من الجنة، وهي العجوة، ومنها تفرع كلما ترى من أنواع النخل. فقال: صدقت والله الذي لا إله إلا هو، إني لأجد هذا في كتب أبي هارون، كتابته بيده

(هامش)

1 - أعلام الورى: 399 الفصل الثاني من النص عليهم. (*)

ص 190

وإملاء عمي موسى، ثم قال: أخبرني عن الثلاث الأخر، عن أوصياء محمد كم بعده من أئمة عدل وعن منزله في الجنة ومن يكون ساكنا معه في الجنة وفي منزله؟ فقال (عليه السلام): يا هاروني إن لمحمد اثني عشر وصيا أئمة عدل لا يضرهم خذلان من خذلهم، ولا يستوحشون خلاف من خالفهم، وإنهم أرسب في الدين من الجبال الرواسي في الأرض، ومسكن محمد في جنة عدن التي ذكرها الله عز وجل وغرسها بيده، ومعه في مسكنه فيه الأئمة الاثنا عشر العدول. فقال: صدقت والله الذي لا إله إلا هو، إني لأجد ذلك في كتب أبي هارون، كتابته بيده وإملاء عمي موسى (عليه السلام). قال: فأخبرني عن الواحدة: كم يعيش وصي محمد بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟ فقال (عليه السلام): يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص يوما، ثم يضرب ضربة هاهنا، ووضع يده على قرنه وأومأ إلى لحيته، فتخضب هذه من هذه. قال: فصاح الهاروني وقطع كستيجه (1) وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأنك وصي رسول الله، ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظم ولا تستضعف، ثم مضى به علي إلى منزله فعلمه معالم الدين. أقول: قد ورد هذا الخبر بطرق مختلفة باختلاف يسير تركناها خوفا من الإطالة (2). وفي أعلام الورى عن أبي جعفر محمد بن علي الثاني قال (عليه السلام): أقبل أمير المؤمنين ذات يوم ومعه الحسن بن علي وسلمان الفارسي، وأمير المؤمنين متكئ على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين (عليه السلام) فرد، فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم، ولا في آخرتهم، وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سلني عما بدا لك. فقال: أسألك عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحسن (عليه السلام) فقال: يا أبا محمد أجبه. فقال (عليه السلام): أما ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه، فإن روحه متعلقة بالريح، والريح متعلقة بالهواء إلى

(هامش)

1 - الكستيج بالضم: حبل غليظ يشده الذمي فوق ثيابه دون الزنار. 2 - أعلام الورى: 388 الفصل الثاني من النص عليهم. (*)

ص 191

وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فإن أذن الله برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الريح الروح، وجذبت تلك الروح الهواء فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن الله عز وجل برد تلك على صاحبها جذبت الهواء، وجذبت الريح الروح فلم ترد على صاحبها إلى وقت ما يبعث. وأما ما ذكرت من الذكر والنسيان فإن قلب الرجل في حق، وعلى الحق طبق، فإن صلى عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب وذكر الرجل ما كان نسي، وإن لم يصل على محمد وآل محمد أو انتقص من الصلوات عليهم طبق ذلك الطبق على ذلك الحق وأظلم القلب ونسي الرجل. وأما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه وأخواله، فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب، فأسكنت بذلك تلك النطفة جوف الرحم خرج الولد يشبه أباه وأمه، وإذا أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت تلك النطفة، فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام يشبه الولد أعمامه، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله. فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك، وأشهد أنك وصي رسول الله والقائم بحجته وأشار إلى أمير المؤمنين، ولم أزل أشهد بذلك، وأشهد أنك وصيه القائم بحجته، وأشار إلى الحسن بن علي، وأشهد أن الحسين بن علي أخيك وصي أبيك والقائم بحجته بعدك، وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين من بعده، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين من بعده، وأشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد على موسى بن جعفر أنه القائم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل من ولد الحسن بن علي لا يكنى ولا يوصف أنه يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، أنه القائم بأمر الحسن بن علي، والسلام عليكم أيها المؤمنون

ص 192

ورحمة الله وبركاته. ثم قام ومضى. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد، فخرج الحسن بن علي (عليهما السلام)، قال: فما كان إلا وضع رجله خارج المسجد فما رأيت أين أخذ من أرض الله فرجعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعلمته، فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ فقلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، فقال: هو الخضر (1). في أعلام الورى عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاري: إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ فقال له جابر: في أي الأوقات شئت، فخلا به أبي فقال له: أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة بنت رسول الله، وما أخبرتك به أمي أن في ذلك اللوح مكتوبا؟ فقال له جابر: أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة سلام الله عليها في حياة رسول الله أهنيها بولادة الحسن، فرأيت في يدها لوحا أخضر ظننت أنه زمرد، ورأيت فيه كتابا أبيض شبيه نور الشمس فقلت لها: بأبي أنت وأمي يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما هذا اللوح؟ فقالت (عليها السلام): هذا اللوح أهداه الله إلى رسول الله فيه اسم أبي (صلى الله عليه وآله) واسم بعلي (عليه السلام) واسم ابني واسم الأوصياء من ولدي، فأعطانيه أبي ليسرني بذلك. قال جابر: فأعطتنيه أمك فاطمة فقرأته وانتسخته. فقال أبي: فهل لك أن تعرضه علي؟ قال: نعم، فمشى معه أبي حتى انتهى إلى منزل جابر وأخرج إلى أبي صحيفة من رق، قال جابر: فأشهد بالله أني رأيته هكذا في اللوح مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم لمحمد بن عبد الله نوره وسفيره وحجابه ودليله، نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي، إني أنا الله الذي لا إله إلا أنا قاصم الجبارين ومذل الظالمين ومبيد المتكبرين وديان يوم الدين إني أنا الله لا إله إلا أنا فمن رجا غير فضلي وخاف غير عدلي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، فإياي فاعبد وعلي فتوكل إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا، وإني فضلتك على الأنبياء وفضلت وصيك على الأوصياء، وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك الحسن والحسين، فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدة

(هامش)

1 - أعلام الورى: 404 الفصل الثاني من النص عليهم. (*)

ص 193

أبيه، وجعلت حسينا خازن وحيي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه والحجة البالغة عنده وبعترته أثيب وأعاقب، أولهم سيد العابدين وزين أوليائي الماضين، وابنه شبيه جده المحمود محمد الباقر لعلمي، والمعدن لحكمي، سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، وانتجبت بعده موسى وارتجيت بعده فتنة عمياء حندس (1)، ألا إن خيط فرجي لا ينقطع وحجتي لا تخفى وإن أوليائي لا يشقون ألا من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي من غير آية من كتابي فقد افترى علي، وويل للمفترين الجاحدين، فعند انقضاء مدة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي، إن المكذب بالثامن مكذب بكل أوليائي، وعلي وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوة وأمنحه بالاضطلاع، يقتله عفريت مستكبر، يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي، حق القول مني لأقرن عينيه بمحمد ابنه وخليفته من بعده، فهو وارث علمي ومعدن حكمي وموضع سري وحجتي على خلقي، وجعلت الجنة مثواه، وشفعته في سبعين من أهل بيته قد استوجبوا النار، واختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري، والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن العسكري، ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب، ستذل أوليائي في زمانه، ويتهادون رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم ويغشو الويل والرنين في نسائهم، أولئك أوليائي حقا، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل وأرفع الآصار والأغلال، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون. قال أبو بصير لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك فصنه إلا عن أهله (2). وعن إسحاق بن عمار مثله بتفاوت يسير. وعن محمد بن جعفر (عليه السلام) عن أبيه جعفر بن محمد (عليه السلام) أن أباه محمد بن علي جمع ولده

(هامش)

1 - أي: شديدة الظلمة. 2 - أعلام الورى: 394 الفصل الثاني من النص عليهم. (*)

ص 194

وفيهم عمهم زيد بن علي، وأخرج اللوح المذكور وفيه ما ذكر (1). (وفيه) عن جابر بن عبد الله دخلت على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقدامها لوح يكاد ضوؤه يعشي الأبصار فيه اثنا عشر اسما، ثلاثة في ظاهره وثلاثة في باطنه وثلاثة أسماء في آخره وثلاثة أسماء في طرفه فعددتها فإذا هي اثنا عشر، فقلت: أسماء من هؤلاء؟ قالت: هذه أسماء الأوصياء، أولهم ابن عمي وأحد عشر من ولدي آخرهم القائم. قال جابر: فرأيت فيها محمدا محمدا محمدا في ثلاثة مواضع وعليا عليا عليا في أربعة مواضع، بشهادة جمع عند معاوية (2). في الأربعين: لما صالح الحسن بن علي (عليهما السلام) معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته فقال (عليه السلام): ويحكم ما تدرون ما عملت، والله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت، ألا تعلمون أني إمامكم، مفترض الطاعة عليكم وأحد سيدي شباب أهل الجنة بنص رسول الله؟. قالوا: بلى. قال: أما علمتم أن الخضر لما خرق السفينة وقتل وأقام الجدار كان ذلك سخطا لموسى بن عمران، إذ خفي عليه وجه الحكم فيه، وكان ذلك عند الله حكمة وصوابا؟ أما علمتم أنه ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلي روح الله عيسى ابن مريم خلفه؟ فإن الله عز وجل يخفي ولادته ويغيب شخصه لئلا يكون في عنقه بيعة، إذا خرج التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الإماء، يطيل الله عمره في غيبته ثم يظهر بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة، ذلك ليعلم أن الله على كل شيء قدير (3). وفي الأربعين قال الحسين بن علي (عليهما السلام): في التاسع من ولدي سنة من يوسف وسنة من موسى بن عمران، وهو قائمنا أهل البيت، يصلح الله تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة (4). (وفيه) عنه (عليه السلام): قائم هذه الأمة هو التاسع من ولدي وهو صاحب الغيبة، وهو الذي يقسم ميراثه وهو حي (5).

(هامش)

1 - عيون أخبار الرضا: 44 باب النصوص على الرضا (6) ح 1. والاختصاص: 212 في إثبات إمامة الأئمة. 2 - أعلام الورى: 394 الفصل الثاني من النص عليهم. 3 - كمال الدين: 316 ح 27 باب 29. 4 - كشف الغمة: 2 / 522 الفصل الثاني. 5 - أعلام الورى: 2 / 231. (*)

ص 195

وعنه (عليه السلام): منا اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم التاسع من ولدي وهو الإمام القائم بالحق، يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون، وله غيبة يرتد فيها أقوام ويثبت على الدين فيها آخرون فيؤذون ويقال: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين، أما إن الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله (1). (وفيه) عنه (عليه السلام): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي، فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، كذلك سمعت رسول الله (2). (وفيه) عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على سيدي علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله أخبرني بالذين فرض الله طاعتهم ومودتهم، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول الله، فقال (عليه السلام): يا كنكر إن أولي الأمر الذين جعلهم الله أئمة للناس وأوجب عليهم طاعتهم: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين أبناء علي بن أبي طالب، ثم انتهى الأمر إلينا وسكت. فقلت له: يا سيدي روي لنا عن أمير المؤمنين أن الأرض لا تخلو عن حجة الله على عباده، فمن الحجة والإمام بعدك؟ فقال: ابني محمد، فاسمه في التوراة باقر يبقر العلم بقرا، هو الحجة والإمام بعدي ومن بعد محمد ابنه جعفر واسمه عند أهل السماء الصادق. فقلت: يا سيدي فكيف صار اسمه الصادق وكلكم الصادقون؟ فقال (عليه السلام): حدثني أبي عن أبيه أن رسول الله قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق لأن الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدعي الإمامة افتراء على الله وكذبا عليه، فسموه جعفر الكذاب المفتري على الله والمدعي بما ليس بأهل، المخالف على أبيه والحاسد لأخيه ذلك اليوم الذي يروم كشف سر الله عند غيبة ولي الله، ثم بكى علي بن الحسين (عليه السلام) بكاء شديدا، ثم قال: كأني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله والمغيب في حفظ الله، والتوكيل بحرم أبيه جهلا منه بولادته، وحرصا على قتله إن ظفر به طمعا في ميراث أبيه حتى يأخذه بغير حقه.

(هامش)

1 - 2 - كمال الدين: 577 باب حديث شداد. (*)

ص 196

فقال أبو خالد: فقلت له: يا بن رسول الله وإن ذلك لكائن؟ فقال: إي وربي إن ذلك لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله. قال: فقلت له: يا بن رسول الله ثم يكون ماذا؟ قال: ثم تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله والأئمة بعده، يا أبا خالد إن أهل زمان غيبته والقائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كل زمان، لأن الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف، أولئك المخلصون حقا وشيعتنا صدقا والدعاة إلى الله سرا وجهرا (1). وفي أعلام الورى عن أبي جعفر (عليه السلام): إن الله تعالى أرسل محمدا إلى الجن والإنس وجعل من بعده اثني عشر وصيا، منهم من سبق ومنهم من بقي، وكل وصي جرت به سنة الأوصياء الذين من بعد محمد على سنة أوصياء عيسى، وكانوا اثني عشر (2). وفي الأربعين عن أبي بصير: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء: سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد، أما من موسى فخائف يترقب، وأما من يوسف فالحبس، وأما من عيسى فيقال: إنه مات ولم يمت، وأما من محمد فالسيف (3). (وفيه) عن محمد بن مسلم: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) فقال لي مبتدئا: يا محمد بن مسلم إن في القائم من آل محمد شبه من خمسة من الرسل: يونس بن متي ويوسف بن يعقوب وموسى وعيسى ومحمد، فأما شبهه من يونس فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السن، وأما شبهه من يوسف بن يعقوب فالغيبة من خاصة وعامة، واختفاؤه من إخوته، وإشكال أمره على أبيه يعقوب مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته، وأما شبهه من موسى فدوام خوفه وطول غيبته وخفاء ولادته، وتعب شيعته من بعده مما لقوا من الأذى والهوان إلى أن أذن الله عز وجل في ظهوره ونصره وأيده على عدوه، وأما شبهه من عيسى فاختلاف من اختلف فيه حتى قالت طائفة منهم: ما

(هامش)

1 - كمال الدين: 319، والبحار: 36 / 386. 2 - أعلام الورى: 386 الفصل الثاني من النص عليهم ط. قم الأولى. 3 - كمال الدين: 327. (*)

ص 197

ولد، وقالت طائفة: مات وقالت طائفة قتل وصلب. وأما شبهه من جده المصطفى فخروجه بالسيف وقتل أعداء الله وأعداء رسوله والجبارين والطواغيت، وأنه ينصر بالسيف وبالرعب، وأنه لا ترد له راية. وإن من علامات خروجه، خروج السفياني من الشام وخروج اليماني وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومناد ينادي باسمه من السماء واسم أبيه (1). (وفيه) عن الصادق (عليه السلام): من أقر بجميع الأئمة وجحد المهدي كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمدا نبوته، فقيل له: يا بن رسول الله فمن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه، ولا تحل لكم تسميته (2). (وفيه) عنه (عليه السلام): إذا توالت ثلاثة أسماء محمد وعلي والحسن كان رابعهم قائمهم (3). (وفيه) عن مفضل: دخلت على الصادق (عليه السلام) قلت: يا سيدي لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك؟ فقال لي: يا مفضل الإمام من بعدي ابني موسى والخلف المأمول المنتظر م ح م د بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى (4). وفي أعلام الورى عن مفضل عنه (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام فهي أرواحنا. فقيل له: يا بن رسول الله ومن الأربعة عشر؟ فقال: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته، ويطهر الأرض من كل جور وظلم (5). (وفيه) عن الحميري في حديث طويل: قلت للصادق (عليه السلام): يا بن رسول الله روي لنا أخبار عن آبائك في الغيبة وصحة كونها، فأخبرني بمن تقع؟ فقال: إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم القائم بالحق بقية الله في الأرض وصاحب الزمان، وبقي من غيبته ما بقي نوح في قومه، لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (6).

(هامش)

1 - كشف الغمة: 3 / 330. 2 - أعلام الورى: 2 / 234 ط. مؤسسة آل البيت. 3 - المصدر السابق. 4 - المصدر السابق. 5 - أعلام الورى: 408 الفصل الثاني من النص عليهم. ط. قم الأولى. 6 - أعلام الورى: 286 الفصل الرابع من النص عليهم. (*)

ص 198

وفي الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن الله عز وجل أنزل على نبيه كتابا قبل وفاته وقال: يا محمد هذه وصيتك إلى النجبة من أهلك. قال: وما النجبة يا جبرئيل؟ قال: علي بن أبي طالب وولده، وكان على الكتاب خواتم من ذهب، ودفعه النبي إلى أمير المؤمنين وأمره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه، ففك أمير المؤمنين خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى ابنه الحسن ففك خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى الحسين ففك خاتما فوجد فيه: أن أخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلا معك واشر نفسك لله ففعل، ثم دفعه إلى علي بن الحسين ففك خاتما فوجد فيه: أن اطرق واصمت إلى منزلك، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ففعل، ثم دفعه إلى محمد بن علي ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وأفتهم ولا تخافن إلا الله عز وجل فإنه لا سبيل لأحد عليك، ثم دفعه إلى ابنه جعفر ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وأفتهم وانشر علوم أهل بيتك، وصدق آباءك الصالحين، ولا تخافن إلا الله عز وجل وأنت في حرز وأمان ففعل، ثم دفعه إلى ابنه موسى وكذلك يدفعه موسى إلى الذي بعده، ثم كذلك إلى قيام المهدي (1). وفي الأربعين عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام): إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لا يزيلنكم أحد عنها، يا بني إنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه، ولو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذا لاتبعوه. فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني عقولكم تصغر من هذا، وأخلاقكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه (2). (وفيه) عن يونس بن عبد الرحمن قال: دخلت على موسى بن جعفر (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله أنت القائم بالحق؟ فقال: أنا القائم بالحق، ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله ويملأها عدلا كما ملئت جورا هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون، ثم قال: طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم، قد رضوا بنا

(هامش)

1 - الكافي: 1 / 280 ح 2. 2 - الكافي: 1 / 336 ح 2. (*)

ص 199

أئمة ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم ثم طوبى لهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة (1). قال الناقل لهذا الحديث الفاضل المحقق الحاج ميرزا إبراهيم الخوئي في أربعينه: أحد العلل التي من أجلها وقعت الغيبة الخوف كما ذكر في هذا الحديث، وقد كان موسى بن جعفر (عليهما السلام) في ظهوره كاتما لأمره وكان شيعته لا يجترئون على الإشارة إليه خوفا من طاغية زمانهم، حتى أن هشام بن الحكم لما سئل في مجلس يحيى بن خالد عن الدلالة على الإمام أخبر بها، فلما قيل له: فمن هذا الموصوف؟ قال: صاحب أمير المؤمنين هارون الرشيد، وكان هو خلف الستر قد سمع كلامه، فقال: أعطانا والله من جراب النورة، فلما علم هشام أنه قد أتى هرب، فطلب فلم يقدر عليه فخرج إلى الكوفة ومات بها عند بعض الشيعة فلم يكف عنه الطلب حتى وضع ميتا بالكناسة وكتب رقعة معه: هذا هشام بن الحكم الذي يطلبه أمير المؤمنين حتى نظر إليه القاضي والعدول وصاحب المعونة والعامل، فحينئذ كف الطاغية عنه (2). وفي الأربعين عن علي بن موسى (عليه السلام) لحسن بن محبوب: لا بد من فتنة صماء صيلم (3)، يسقط منها كل بطانة ووليجة وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض، وكل حيرى وحيران وكل حزين ولهفان، ثم قال: بأبي وأمي سمي جدي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران عليه، حتوب (4) النور ويتوقد من شعاع ضياء القدس، يحزن لموته أهل الأرض والسماء، وكم من مؤمنة وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المعين، كأني بهم آيس ما كانوا وقد نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب، يكون رحمة على المؤمنين وعذابا على الكافرين (5). (وفيه) عن عبد العظيم بن عبد الله عن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: دخلت على سيدي محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام) وأنا أريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره، فابتدأني فقال: يا أبا القاسم إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والذي بعث محمدا بالنبوة وخصنا بالإمامة إنه لو

(هامش)

1 - كمال الدين: 361 ح 5 باب 34. 2 - كمال الدين: 368 ح 5. 3 - الفتنة الصماء: هي التي تدع الناس حيارى لا يجدون المخلص منها، والصيلم الشديد من الداهية. 4 - في الإمامة والتبصرة: عليه جيوب. 5 - الإمامة والتبصرة: 114 ومختصر البصائر: 38. (*)

ص 200

لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وإن الله تبارك وتعالى يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى، إذ ذهب ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو رسول نبي، ثم قال (عليه السلام): أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج (1).. (وفيه) عن صغير بن دلف قال: سمعت أبا جعفر الثاني يقول: إن الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري وقوله قولي وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن أمره أمر أبيه وقوله قول أبيه وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت فقلت له: يا بن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكى (عليه السلام) بكاء شديدا ثم قال (عليه السلام): إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر، فقلت له: يا بن رسول الله ولم سمي القائم؟ قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته. فقلت له: ولم سمي المنتظر؟ قال (عليه السلام): لأن له غيبة تكثر أيامها ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ بذكره الجاحدون ويكذب فيها الوقاتون وتهلك فيها المستعجلون وينجو فيها المسلمون (2). (وفيه) عن محمد بن عبد الله الحسيني: قلت لمحمد بن علي بن موسى (عليهم السلام): إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله) الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. فقال: يا أبا القاسم ما منا إلا قائم بأمر الله عز وجل وهاد إلى دينه، ولكن القائم الذي يطهر الله به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملأها قسطا وعدلا هو الذي يخفى عن الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، وهو سمي رسول الله وكنيه وهو الذي تطوى له الأرض ويذل له كل صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض وذلك قول الله عز وجل *(أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير)*(3) فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الإخلاص أظهر أمره، فإذا أكمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عز وجل فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل. قال عبد العظيم: فقلت: يا سيدي وكيف يعلم أن الله قد رضي؟ قال: يلقي في قلبه

(هامش)

1 - كفاية الأثر: 281. 2 - كمال الدين: 378 وكفاية الأثر: 283. 3 - سورة البقرة: 148. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب (ج1)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب