الصفحة السابقة الصفحة التالية

إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب (ج2)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 271

والخصال (1). الآية السابعة: قوله تعالى في سورة آل عمران حكاية عن قول عيسى لما بعث إلى بني إسرائيل *(إني قد جئتكم بآية من ربكم إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين)*(2). وفي التفسير أنه صنع من الطين كهيئة الخفاش فنفخ فصار طايرا وأحيى، الموتى أحيى أربعة أنفس عاذر وكان صديقا له وكان قد مات منه ثلاثة أيام فقال لأخته انطلقي بنا إلى قبره ثم قال: اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع إنك أرسلتني إلى بني إسرائيل أدعوهم إلى دينك وأخبرهم بأني أحيي الموتى فأحي عاذر فخرج من قبره وبقي وولد له، وابن العجوز مر به ميتا على سريره فدعا الله عيسى فجلس على سريره ونزل من أعناق الرجال ولبس ثيابه ورجع إلى أهله وبقي وولد له، وابنة قيل: أتحييها وقد ماتت أمس؟ فدعا الله فعاشت وبقيت وولدت، وسام بن نوح دعا عليه باسم الله الأعظم فخرج من قبره فشاب نصف رأسه فقال: قد قامت القيامة قال: لا، ولكني دعوتك باسم الله الأعظم قال: ولم تكونوا تشيبون في ذلك الزمان، لأن سام بن نوح عاش خمسمائة سنة وهو شاب ثم قال له: مت قال: بشرط أن يعيذني الله من سكرات الموت فدعا الله ففعل (3). الآية الثامنة: قوله تعالى في سورة المائدة: *(وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بأذني وإذ تخرج الموتى بإذني)*(4) الآية في الدمعة عن أمالي الصدوق عن ابن عباس قال: لما مضى بعيسى ثلاثون سنة بعثه الله عز وجل إلى بني إسرائيل فلقيه إبليس لعنه الله على عقبة بيت المقدس وهي عقبة أفيق فقال له: يا عيسى أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكونت من غير أب؟ قال: بل العظمة لله، كونني وكذلك كون آدم وحواء، قال إبليس: يا عيسى فأنت الذي بلغ

(هامش)

1 - الكافي: 8 / 305 وعلل الشرائع: 2 / 586 ح 31. 2 - سورة آل عمران: 49. 3 - نور البراهين: 1 / 511 بتفاوت. 4 - سورة المائدة: 110. (*)

ص 272

من عظم ربوبيتك أنك تكلمت في المهد صبيا؟ قال عيسى: يا إبليس بل العظمة للذي أنطقني في صغري ولو شاء لأبكمني، قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيصير طيرا؟ قال عيسى: بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخر لي، قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تشفي المرضى؟ قال عيسى: بل العظمة للذي بإذنه أشفيهم وإذا شاء أمرضني، قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتى؟ قال عيسى: بل العظمة للذي بإذنه أحييهم ولا بد أن يميت ما أحييت ويميتني... الحديث (1). الآية التاسعة: قوله تعالى في سورة الأنعام *(ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون)*(2). في الدمعة عن تأويل الآيات الظاهرة عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو خارج من الكوفة فتبعته من ورائه حتى إذا صار إلى جبانة اليهود فوقف في وسطها ونادى: يا يهود فأجابوه من جوف القبور، لبيك لبيك ملطايخ يعنون بذلك يا سيدنا فقال: كيف ترون العذاب؟ فقالوا: بعصياننا لك كهارون فنحن ومن عصاك في العذاب إلى يوم القيامة، ثم صاح صيحة كادت السماوات أن ينقلبن فوقعت مغشيا على وجهي من هول ما رأيت، فلما أفقت رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) على سرير من ياقوتة حمراء على رأسه إكليل من الجوهر وعليه حلل خضر وصفر ووجهه كدارة القمر، فقلت: يا سيدي هذا ملك عظيم، قال (عليه السلام): نعم يا جابر إن ملكنا أعظم من ملك سليمان بن داود وسلطاننا أعظم من سلطانه، ثم رجع ودخلنا الكوفة ودخلت خلفه إلى المسجد فجعل يخطو خطوات وهو يقول: لا والله لا فعلت، لا والله لا كان ذلك أبدا، فقلت: يا مولاي لمن تكلم؟ ولمن تخاطب وليس أرى أحدا؟ فقال: يا جابر كشف لي عن برهوت فرأيت سنبوبة (3) وحبتر وهما يعذبان في جوف تابوت في برهوت فنادياني: يا أبا الحسن يا أمير المؤمنين

(هامش)

1 - أمالي الصدوق: 272 ح 300 مجلس 37. 2 - سورة الأنعام: 28. 3 - سنبوبة بالسين المهملة والنون والباء الموحدة سوء الخلق في سرعة والغصب وهو الثاني والحبتر بالحاء المهملة والباء الموحدة الثعلب الأول. (*)

ص 273

ردنا إلى الدنيا نقر بفضلك ونقر بالولاية لك، فقلت: لا والله لا كان ذلك أبدا ثم قرأ هذه الآية *(ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون)*. يا جابر وما أحد خالف وصي نبي إلا حشره الله يتكبكب في عرصات القيامة (1). الآية العاشرة: قوله تعالى في سورة الأعراف: *(ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك)* إلى قوله: *(سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين)*(2) ذكر تفسيره في العيون والتوحيد والبحار: أحيى الله بني إسرائيل بعد أن رد الله روح موسى وأفاق وقال *(سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين)*(3). الآية الحادية عشرة: قوله تعالى: *(واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا)*(4). والحق أن هؤلاء السبعين غير الذين قالوا: *(لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة)*(5) كما عن ابن عباس: أمر الله تعالى موسى أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختارهم وبرز بهم ليدعو ربهم فكان فيما دعوا أن قالوا: اللهم أعطنا ما لم تعط أحدا قبلنا ولا تعطيه أحدا بعدنا فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة. وروي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: إنما أخذتهم الرجفة من أجل دعواهم على موسى قبل هارون وذلك أن موسى وهارون وشبر وشبير ابني هارون انطلقوا إلى سفح جبل فنام هارون على سرير فتوفاه الله، فلما مات دفنه موسى فلما رجع إلى بني إسرائيل قالوا له: أين هارون؟ قال: توفاه الله، فقالوا: لا بل أنت قتلته حسدتنا على خلقه ولينه، قال: فاختاروا من شئتم فاختاروا منهم سبعين رجلا وذهب بهم فلما انتهوا إلى القبر قال موسى: يا هارون أقتلت أم مت؟ فقال هارون: ما قتلني أحد ولكن توفاني الله، فقالوا: لن تعصى بعد اليوم فأخذتهم الرجفة وصعقوا وقيل: إنهم ماتوا ثم أحياهم الله وجعلهم أنبياء (6). الآية الثانية عشرة: قوله تعالى في سورة الكهف: *(وتحسبهم أيقاظا وهم رقود)* إلى قوله:

(هامش)

1 - تأويل الآيات: 1 / 163. 2 - سورة الأعراف: 143. 3 - كفاية الأثر: 262. 4 - سورة الأعراف: 155. 5 - سورة البقرة: 55. 6 - مجمع البيان: 4 / 482. (*)

ص 274

*(بكم أحدا)*(1) وقوله أيضا: *(ولبثوا في كهفهم ثلاثمأة سنين وازدادوا تسعا)*(2) الآية، وقصتهم معروفة وشرح حالهم في التفاسير وكتب الأخبار مشحونة لا مجال لذكر حالهم هنا (3). الآية الثالثة عشرة: قوله تعالى: *(ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا)* إلى قوله تعالى: *(قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا)*(4) والأخبار في بيان حاله وأنه نبي أو ملك وفي تسميته، ذي القرنين كثيرة جدا، سأل ابن الكوا عليا (عليه السلام) عن ذي القرنين وقال: أملك أو نبي؟ قال (عليه السلام): لا ملك ولا نبي كان عبدا صالحا ضرب على قرنه الأيمن على طاعة الله فمات ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمي ذا القرنين (5). وباقي الأخبار وشرح الأحوال في البحار وفي كتابنا هذا في حديقة أحوال الأنبياء (6). الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى في سورة الأنبياء: *(وأيوب إذ نادى ربه إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين)*(7) وشرح حاله (عليه السلام) معروف ومشهور، وفي المجمع والبحار والكافي وغيرها مكشوف، وإحياء أهله وولده مذكور فمن أراد فليطلب في محله (8). الآية الخامسة عشرة: قوله تعالى في سورة يس *(واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون)*(9) والقرية أنطاكية والمرسلون رسل عيسى إلى أهلها بعثهم دعاة إلى الحق وكانوا عبدة أوثان أرسل إليهم اثنين، فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات وهو حبيب نجار صاحب يس فسألهما فأخبراه فقال: أمعكما آية؟ فقالا: نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص، وكان له ولد مريض سنتين فمسحاه فقام وآمن حبيب وفشا الخبر فشفى على أيديهما خلق ورقى حديثهما إلى الملك، وقال لهما: ألنا إله سوى آلهتنا؟

(هامش)

1 - سورة الكهف: 18 - 19. 2 - سورة الكهف: 25. 3 - الاحتجاج: 2 / 88 وسعد السعود: 20. 4 - سورة الكهف: 83 - 86. 5 - سعد السعود: 65 والبحار: 53 / 141. 6 - قصص الأنبياء للجزائري: 154 الباب الثامن. 7 - سورة الأنبياء: 84. 8 - معاني الأخبار: 207، وقصص الأنبياء: 154. 9 - سورة يس: 14. (*)

ص 275

قالا: نعم من أوجدك وآلهتك فقال حتى أنظر في أمركما فتبعهما الناس وضربوهما وقيل حبسا ثم بعث عيسى شمعون فدخل متنكرا وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا خبره إلى الملك فأنس به فقال له ذات يوم: بلغني أنك حبست رجلين فهل سمعت ما يقولانه؟ قال: لا حال الغضب بيني وبين ذلك فدعاهما فقال شمعون: من أرسلكما؟ قالا: الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك فقال: صفاه وأوجزا قالا: يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال: وما آتاكما؟ قالا: ما يتمنى الملك فدعا بغلام مطموس العين فدعوا الله حتى انشق له بصر وأخذا بندقتين فوضعاهما في حدقتيه فكانتا مقلتين ينظر بهما فقال له شمعون: أرأيت لو سألت إلهك حتى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف؟ فقال: ليس عندك سر إن إلهنا لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع وكان شمعون يدخل معهم الصنم فيصلي ويتضرع ويحسبون أنه منهم ثم قال: إن قدر إلهكم على إحياء ميت آمنا به فدعوا لغلام مات من سبعة أيام فقام وقال: إني أدخلت في سبعة أودية من النار وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا وقال: فتحت أبواب السماء فرأيت شابا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة قال الملك: ومن هم؟ قال: شمعون وهذان فتعجب الملك، فلما رأى شمعون أن قوله قد أثر فيه نصحه فآمن وآمن قومه، ومن لم يؤمن صاح عليهم جبرائيل فهلكوا. وفي تفسير علي بن إبراهيم ذلك باختلاف يسير (1). الآية السادسة عشرة: قوله تعالى في سورة الشورى: *(أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحي الموتى)* إلى قوله جل ذكره: *(وإليه أنيب)*(2) وعن البحار وفي تفسير البرهان أن جماعة من اليمن أتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: نحن من بقايا الملل المتقدمة من آل نوح وكان لنبينا وصي اسمه سام وأخبر في كتابه أن لكل نبي معجزا وله وصي يقوم مقامه فمن وصيك؟ فأشار عليه وآله السلام بيده نحو علي (عليه السلام)، فقالوا: يا محمد إن سألناه أن يرينا سام بن نوح فيفعل، فقال: نعم بإذن الله وقال: يا علي قم معهم إلى داخل المسجد واضرب

(هامش)

1 - بحار الأنوار عن الثعلبي: 14 / 266 وتفسير القمي: 1 / 93. 2 - سورة الشورى: 9 - 10. (*)

ص 276

برجلك الأرض عند المحراب فذهب علي (عليه السلام) وبأيديهم صحف إلى أن دخل المسجد فصلى ركعتين ثم قام وضرب برجله الأرض فانشقت الأرض وظهر لحد وتابوت فقام من التابوت شيخ يتلألأ وجهه مثل القمر ليلة البدر وينفض التراب من رأسه وله لحية إلى سرته وصلى على علي وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله سيد المرسلين وأنك علي وصي محمد، سيد الوصيين وأنا سام بن نوح فنشروا أولئك صحفهم فوجدوه كما وصفوه في الصحف ثم قالوا: نريد أن يقرأ من صحفه سورة فأخذ في قراءته حتى تمم السورة ثم سلم على علي (عليه السلام) ونام كما كان فانضمت الأرض وقالوا بأسرهم: إن الدين عند الله الإسلام وآمنوا وأنزل الله *(أم اتخذوا من دونه أولياء)*(1). الآية السابعة عشرة: قوله تعالى في سورة الزخرف: *(واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون)*(2). عن الكافي عن أبي الربيع قال: حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام) في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب إلى أن قال: فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ثم أشرف على علي بن جعفر (عليه السلام) فقال: يا محمد بن علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وقد عرفت جلالها وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي قال: فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه فقال: سل عما بدا لك، فقال: أخبرني كم بين عيسى وبين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من سنة؟ فقال (عليه السلام): أخبرك بقولي أو بقولك؟ قال: أخبرني بالقولين جميعا، قال (عليه السلام): أما في قولي فخمسمائة سنة وأما في قولك فستمائة سنة، قال: فاخبرني عن قول الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)*(واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون)* من الذي سأل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟ قال: فتلا أبو جعفر (عليه السلام) هذه الآية: *(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا)*(3) فكان من الآيات التي أراها الله تعالى محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين والآخرين

(هامش)

1 - بحار الأنوار: 41 / 212 عن مناقب آل أبي طالب: 1 / 472 - 474. 2 - سورة الزخرف: 45. 3 - سورة الإسراء: 1. (*)

ص 277

من النبيين والمرسلين ثم أمر جبرائيل فأذن شفعا وأقام شفعا وقال في أذانه حي على خير العمل ثم تقدم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فصلى بالقوم فلما انصرف قال لهم: على ما تشهدون؟ وما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فقال نافع: صدقت يا أبا جعفر (عليه السلام) (1). الآية الثامنة عشرة: قوله تعالى *(ولما ضرب بن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون)*(2). عن تفسير البرهان والمدينة جاء قوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا محمد إن عيسى ابن مريم كان يحيي الموتى فأحي لنا الموتى، فقال لهم: من تريدون؟ فقالوا: فلان وإنه قريب عهد بالموت فدعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأصفى إليهم شيئا لا نعرفه ثم قال له: انطلق معهم إلى الميت فادعه باسمه واسم أبيه فانطلق معهم حتى وقف على قبر الرجل ثم ناداه يا فلان بن فلان فقام الميت فسألوه ثم اضطجع في لحده فانصرفوا وهم يقولون: إن هذا من أعاجيب بني عبد المطلب، أو نحوها فأنزل الله عز وجل *(ولما ضرب بن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون)* أي يضجون (3).

(هامش)

1 - الكافي: 8 / 121 ح 93. 2 - سورة الزخرف: 57. 3 - تفسير البرهان: 4 / 151 ح 5. (*)

ص 278

(الثمرة الثانية)
في الأحاديث الدالة على أن الرجعة

 قد وقعت في الأمم السالفة وأن كل ما وقع في الأمم السابقة يقع مثله في هذه الأمة حذو النعل بالنعل والقذة (1) بالقذة. الخبر الأول: في الدمعة عن الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عيسى ابن مريم جاء إلى قبر يحيى بن زكريا وكان سأل ربه أن يحييه له فدعاه فأجابه وخرج إليه من القبر فقال له: ما تريد مني؟ فقال له: أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا، فقال له: يا عيسى ما سكنت عني حرارة الموت وأنت تريد أن تعيدني إلى الدنيا وتعود علي مرارة الموت؟ فتركه فعاد إلى قبره (2). الخبر الثاني: في البحار أن فتية من أولاد ملوك بني إسرائيل كانوا متعبدين، وكانت العبادة في أولاد ملوك بني إسرائيل أنهم خرجوا يسيرون في البلاد ليعتبروا فمروا بقبر على ظهر الطريق قد سفى عليه السافي ليس يتبين منه إلا رسمه فقالوا: لو دعونا الله عز وجل الساعة لينشر لنا صاحب هذا القبر فسألناه كيف وجد طعم الموت، فدعوا الله عز وجل وكان دعاؤهم الذي دعوا الله به أنت: إلهنا يا ربنا ليس لنا إله غيرك والبديع الدائم غير الغافل والحي الذي لا يموت، لك في كل يوم شأن، تعلم كل شيء بغير تعليم، انشر لنا هذا الميت بقدرتك، قال: فخرج من ذلك القبر رجل أبيض الرأس واللحية ينفض رأسه من التراب فزعا شاخصا بصره إلى السماء فقال لهم: ما يوقفكم على قبري؟ فقالوا: دعوناك لنسألك كيف وجدت طعم الموت؟ فقال لهم: لقد سكنت في قبري تسعة وتسعين سنة ما ذهب عني ألم

(هامش)

1 - القذة: ريش السهم (غريب الحديث: 1 / 266). 2 - الكافي: 3 / 260 ح 37. (*)

ص 279

الموت وكربه ولا خرج مرارة طعم الموت من حلقي، فقالوا له: مت أنت على ما نرى، أبيض الرأس واللحية؟ قال: لا، ولكن لما سمعت الصيحة: أخرج، اجتمعت تربة عظامي إلى روحي فنفثت فيه فخرجت فزعا شاخصا بصري مهطعا إلى صوت الداعي فابيض لذلك رأسي ولحيتي. فانظر وتصور إذا جاز أن يحيي الله تعالى الموتى بدعاء أولاد الملوك المتعبدين فكيف يجوز إنكار إحياء الموتى بدعاء أولاد أشرف الأنبياء الأئمة المعصومين والهداة الطاهرين (1). الخبر الثالث: وعن الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل: هل كان عيسى ابن مريم (عليه السلام) أحيى أحدا بعد موته حتى كان له أكل ورزق ومدة وولد؟ فقال: نعم إنه كان له صديق مواخ له في الله تبارك وكان عيسى يمر به وينزل عليه وأن عيسى غاب عنه حينا ثم مر به ليسلم عليه فخرجت إليه أمه فسألها عنه فقالت: مات يا رسول الله، قال: أفتحبين أن ترينه؟ قالت: نعم، فقال لها: فإذا كان غدا فآتيك حتى أحييه لك بإذن الله تبارك وتعالى، فلما كان من الغد أتاها فقال لها: انطلقي معي إلى قبره فانطلقا حتى أتيا قبره فوقف عليه عيسى ثم دعا الله عز وجل فانفرج القبر وخرج ابنها حيا، فلما رأته أمه ورآها بكيا فرحمها عيسى (عليه السلام) فقال له عيسى: أتحب أن تبقى مع أمك في الدنيا؟ فقال: يا نبي الله بأكل ورزق ومدة أم بغير أكل ولا رزق ولا مدة؟ فقال عيسى: بأكل ورزق ومدة تعمر عشرين سنة وتزوج ويولد لك، قال: نعم إذا، قال: فدفعه عيسى إلى أمه فعاش عشرين سنة وولد له (2). الخبر الرابع: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مر عيسى ابن مريم على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها قال: أما إنهم لم يموتوا إلا بغتة ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون: يا روح الله وكلمته ادع الله أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالها فنجتنبها، فدعا عيسى ربه فنودي من الجو أن نادهم فقام عيسى (عليه السلام) بالليل على شرف من الأرض فقال: يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب: لبيك يا روح الله وكلمته، فقال: ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت وحب الدنيا مع خوف قليل وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب فقال: كيف كان حبكم للدنيا؟

(هامش)

1 - البحار: 6 / 171 ح 48. 2 - الكافي: 8 / 337 ح 532. (*)

ص 280

قال: كحب الصبي لأمه، إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا وإذا أدبرت عنا بكينا وحزنا، قال (عليه السلام): كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي، قال: كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية، فقال: وما الهاوية؟ فقال: سجين، قال: وما سجين؟ قال: جبال من خمر توقد علينا يوم القيامة، قال: فما قلتم؟ وما قيل لكم؟ قال: قلنا ردنا إلى الدنيا فنزهد فيها، قيل: كذبتم، قال: ويحك كيف لم يكلمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح الله وكلمته إنهم ملجمون بلجم من النار بأيدي ملائكة غلاظ شداد إني كنت فيهم ولم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمني معهم فأنا معلق بشعرة على شفير جهنم لا أدري أكبكب فيها أم أنجو منها، فالتفت عيسى إلى الحواريين فقال: يا أولياء الله أكل الخبز اليابس بالملح الجريش والنوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا والآخرة (1). الخبر الخامس: عن قصص الأنبياء للقطب الراوندي عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن داود (عليه السلام) كان يدعو أن يسلمه القضا بين الناس بما هو عنده تعالى الحق فأوحى الله: يا داود إن الناس لا يحتملون ذلك وإني سأفعل، وارتفع إليه رجلان فاستعداه أحدهما على الآخر فأمر المستعدي عليه أن يقوم إلى المستعدى فيضرب عنقه ففعل فاستعظمت بنو إسرائيل ذلك وقالت: رجل جاء يتظلم من رجل فأمر الظالم أن يضرب عنقه فقال (عليه السلام): رب أنقذني من هذه الورطة قال: فأوحى الله تعالى إليه: يا داود سألتني أن ألهمك القضاء بين عبادي بما هو عندي الحق وأن هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدى عليه فأمرت فضرب عنقه قودا بأبيه وهو مدفون في حايط كذا وكذا تحت شجرة كذا فأته وناده باسمه فإنه سيجيبك فسله قال: فخرج داود وقد فرح فرحا شديدا لم يفرح مثله، فقال لبني إسرائيل: قد فرج الله فمشى ومشوا معه فانتهى إلى الشجرة فنادى يا فلان فقال: لبيك يا نبي الله قال: من قتلك؟ قال: فلان، فقالت: بنو إسرائيل سمعناه يقول: يا نبي الله فنحن نقول كما قال فأوحى الله تعالى إليه: يا داود إن العباد لا يطيقون الحكم بما هو عندي الحكم البينة (2). الخبر السادس: في إكمال الدين عن أبي جعفر (عليه السلام) يذكر حديثا طويلا ويذكر فيه غيبة

(هامش)

1 - أصول الكافي: 2 / 318 ح 11. 2 - بحار الأنوار: 14 / 7. (*)

ص 281

إدريس وما كان بينه وبين قومه إلى أن قال: فهبط إدريس من موضعه إلى قرية يطلب أكله من جوع، فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة وهي ترقق قرصتين على مقلاة فقال لها: أيتها المرأة أطعميني فإني مجهود من الجوع فقالت: يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا وحلفت أنها ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية، قال لها: أطعميني ما أمسك به روحي وتحملني به رجلي إلى أن أطلب قالت: إنهما قرصتان واحدة لي والأخرى لابني فإن أطعمتك قوتي مت وإن أطعمتك قوت ابني مات وما هاهنا فضل أطعمه فقال لها: إن ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيى به ويجزيني النصف الآخر فأحيى به وفي ذلك بلغة لي وله، فأكلت المرأة قرصها وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين ابنها، فلما رأى ابنها يأكل إدريس من قرصه اضطرب حتى مات قالت له: يا عبد الله قتلت علي ابني جزعا على قوته فقال لها إدريس: أنا أحييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال: أيتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله، أنا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت أمه كلام إدريس وقوله: أنا إدريس ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت أشهد أنك إدريس النبي (عليه السلام) وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية: أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم (1). الخبر السابع: عن معاوية بن قرة قال: كان أبو طلحة يحب ابنه حبا شديدا فمرض فخافت أم سليم على أبي طلحة الجزع حين قرب موت الولد فبعثته إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما خرج أبو طلحة من داره توفي الولد فسجته أم سليم بثوب وعزلته في ناحية من البيت ثم تقدمت إلى أهل بيتها وقالت لهم: لا تخبروا أبا طلحة بشيء، ثم إنها صنعت طعاما ثم تمسحت شيئا من الطيب فجاء أبو طلحة من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ما فعل ابني؟ فقالت له: هدأت نفسه ثم قال: هل لنا ما نأكل؟ فقامت وقربت إليه الطعام ثم تعرضت له فوقع عليها، فلما اطمأن قالت له: يا أبا طلحة أتغضب من وديعة كانت عندنا وديعة فقبضها الله تعالى؟ فقال أبو طلحة: فأنا أحق بالصبر منك، ثم قام من مكانه فاغتسل وصلى ركعتين ثم

(هامش)

1 - كمال الدين: 131 ح 1 باب 1. (*)

ص 282

انطلق إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره بصنيعها فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل صابرة بني إسرائيل، فقيل: يا رسول الله ما كان من خبرها؟ فقال: كان في بني إسرائيل امرأة وكان لها زوج ولها منه غلامان فأمرها بطعام ليدعو عليه الناس ففعلت، واجتمع الناس في داره فانطلق الغلامان يلعبان فوقعا في بئر كانت في الدار فكرهت أن تنغص على زوجها الضيافة فأدخلتهما البيت وسجتهما بثوب، فلما فرغوا دخل زوجها فقال: أين ابناي؟ قالت: هما في البيت وإنما كانت تمسحت بشيء من الطيب وتعرضت للرجل حتى وقع عليها، ثم قال: أين ابناي؟ قالت: هما في البيت فناداهما أبوهما فخرجا يسعيان فقالت المرأة: سبحان الله والله لقد كانا ميتين ولكن الله أحياهما ثوابا لصبري (1). الخبر الثامن: في الدمعة عن قصص الأنبياء للقطب الراوندي عن ابن عباس قال: بعث الله جرجيس إلى ملك بالشام يقال له واذانه يعبد صنما فقال له: أيها الملك اقبل نصيحتي، لا ينبغي للخلق أن يعبدوا غير الله تعالى ولا يرغبوا إلا إليه فقال له الملك: من أي أرض أنت؟ قال: من الروم قاطنين بفلسطين فأمر بحبسه ثم مشط جسده بأمشاط من حديد حتى تساقط لحمه ونضح جسده بالخل ودلكه بالمسوح الخشنة ثم أمر بمكاوي من حديد تحمى فيكوى بها جسده ولما لم يقتل أمر بأوتاد من حديد فوقذت في رأسه فسال منها دماغه وأمر بالرصاص فاذيب وصب على أثر ذلك ثم أمر بسارية من حجارة كانت في السجن لم ينقلها إلا ثمانية عشر رجلا فوضعت على بطنه، فلما أظلم الليل وتفرق عنه الناس رآه أهل السجن وقد جاءه ملك فقال له: يا جرجيس إن الله جلت عظمته يقول اصبر وابشر ولا تخف إن الله معك يخلصك وإنهم يقتلونك أربع مرات في كل ذلك أدفع عنك الألم والأذى، فلما أصبح الملك دعاه فجلده على السياط على الظهر والبطن ثم رده إلى السجن ثم كتب إلى أهل مملكته أن يبعثوا إليه بكل ساحر فبعثوا، والساحر استعمل كل ما قدر عليه من السحر فلم يعمل فيه ثم عمد إلى سم فسقاه فقال جرجيس: بسم الله الذي

(هامش)

1 - مسكن الفؤاد: 69. (*)

ص 283

يضل عند صدقه كذب الفجرة وسحر السحرة فلم يضره فقال الساحر: لو أني سقيت بهذا أهل الأرض نزعت قواهم وشوهت خلقهم وعميت أبصارهم، فأنت يا جرجيس النور المضئ والسراج المنير والحق اليقين، أشهد أن إلهك حق وما دونه باطل آمنت به وصدقت رسله وإليه أتوب بما فعلت فقتله الملك ثم أعاد جرجيس (عليه السلام) إلى السجن وعذبه بألوان العذاب ثم قطعه أقطاعا وألقاها في جب ثم خلا الملك الملعون وأصحابه على طعام له وشراب فأمر الله تعالى جل وعلا إعصارا أنشأت سحابة سوداء وجاءت بالصواعق ورجفت الأرض وتزلزلت الجبال حتى أشفقوا أن يكون هلاكهم، وأمر الله ميكائيل فقام على رأس الجب وقال: قم يا جرجيس بقوة الله الذي خلقك فسواك، فقام جرجيس حيا سويا وأخرجه من الجب وقال اصبر وابشر فانطلق جرجيس حتى قام بين يدي الملك وقال: بعثني الله ليحتج بي عليكم فقام صاحب الشرطة وقال: آمنت بإلهك الذي بعثك بعد موتك وشهدت أنه الحق وجميع الآلهة دونه باطل واتبعه أربعة آلاف آمنوا وصدقوا جرجيس فقتلهم الملك جميعا بالسيف، ثم أمر بلوح من نحاس أوقد عليه النار حتى احمر فبسط عليه جرجيس وأمر بالرصاص فأذيب وصب في فيه ثم ضرب الأوتاد في عينيه ورأسه ثم ينزع ويفرغ بالرصاص مكانه، فلما رأى أن ذلك لم يقتله فأوقد عليه النار حتى مات وأمر برماده فذر في الرياح، فأمر الله رياح الأرضين في الليلة فجمعت رماده في مكان فأمر ميكائيل فنادى جرجيس فقام حيا سويا بإذن الله فانطلق جرجيس إلى الملك وهو في أصحابه فقام رجل وقال: إن تحتنا أربعة عشر منبرا، ومائدة بين أيدينا وهي من عيدان شتى منها ما يثمر ومنها ما لا يثمر فسل ربك أن يلبس كل شجرة منها لحاها وينبت فيها ورقتها وثمرها فإن فعل ذلك فإني أصدقك فوضع جرجيس ركبتيه على الأرض ودعا ربه تعالى فما برح مكانه حتى أثمر كل عود فيها ثمرة فأمر به الملك فمد بين الخشبتين ووضع المنشار على رأسه فنشر حتى سقط المنشار من تحت رجليه ثم أمر بقدر عظيمة فألقي فيها زفت وكبريت ورصاص وألقي فيها جسد جرجيس فطبخ حتى اختلط ذلك كله جميعا فاظلمت الأرض لذلك وبعث الله إسرافيل فصاح صيحة خر منها الناس لوجوههم ثم قلب إسرافيل القدر، فقال: قم يا جرجيس بإذن الله تعالى فقام حيا سويا بقدرة الله تعالى وانطلق جرجيس

ص 284

إلى الملك، فلما رآه الناس عجبوا منه فجاءته امرأة وقالت: أيها العبد الصالح كان لنا ثور نعيش به فمات فقال لها جرجيس: خذي عصاي هذه فضعيها على ثورك وقولي: إن جرجيس يقول: قم بإذن الله ففعلت فقام حيا فآمنت بالله، فقال الملك إن تركت هذا الساحر أهلك قومي فاجتمعوا كلهم أن يقتلوه فأمر به أن يخرج ويقتل بالسيف فقال جرجيس لما أخرج: لا تعجلوا علي، اللهم إن أهلكت أنت عبدة الأوثان أسألك أن تجعل اسمي وذكري صبرا لمن يتقرب إليك عند كل هول وبلاء ثم ضربوا عنقه ومات ثم أسرعوا إلى القرية فهلكوا كلهم (1). الخبر التاسع: في الدمعة عن أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام) إنه قال للمتوكل: أعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما حج حجة الوداع فنزل بالأبطح بعد فتح مكة فلما جن عليه الليل أتى القبور قبور بني هاشم وقد ذكر أباه وأمه وعمه أبا طالب (عليه السلام) فدخله حزن عظيم عليهم ورقد فأوحى الله إليه أن الجنة محرمة على من أشرك بي وأني أعطيك يا محمد ما لم أعطه أحدا غيرك فادع أباك وأمك وعمك فإنهم يجيبونك ويخرجون من قبورهم أحياء لا يمسهم عذابي كرامتك علي فادعهم إلى الإيمان بالله وإلى رسالتك وموالاة أخيك علي والأوصياء منه إلى يوم القيامة فيجيبونك ويؤمنون بك فأهب لك كل ما سألت وأجعلهم ملوك الجنة كرامة لك يا محمد، فرجع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: قم يا أبا الحسن فقد أعطاني ربي هذه الليلة ما لم يعطه أحدا من خلقه في أبي وأمي وأبيك عمي، وحدثه بما أوحى الله إليه وخاطبه به وأخذ بيده وصار إلى قبورهم ودعاهم إلى الإيمان بالله وبرسوله وبأمير المؤمنين والأئمة منه واحدا بعد واحد إلى يوم القيامة، فقال لهم رسول الله: عودوا إلى الله ربكم وإلى الجنة فقد جعلكم الله ملوكها فعادوا إلى قبورهم صلوات الله عليهم... الخبر، كذا في تفسير علي بن إبراهيم باختلاف يسير (2). الخبر العاشر: عن الخرايج كان لبعض الأنصار عناق فذبحها وقال لأهله اطبخوا بعضا واشووا بعضا فلعل رسولنا يشرفنا ويحضر بيتنا الليلة ويفطر عندنا وخرج إلى المسجد وكان

(هامش)

1 - قصص الأنبياء للثعلبي: 243 والكامل لابن الأثير: 1 / 214، والبحار: 14 / 445. 2 - مدينة المعاجز: 7 / 536 والهداية الكبرى: 65 وحلية الأبرار: 2 / 460. (*)

ص 285

له ابنان صغيران وكانا يريان أن أباهما يذبح العناق فقال أحدهما للآخر: تعال حتى أذبحك فأخذ السكين فذبحه، فلما رأتهما الوالدة صاحت فعدا الذابح وهرب فوقع من الغرفة فمات فسترتهما وطبخت وهيأت الطعام، فلما دخل النبي دار الأنصاري نزل جبرئيل وقال: يا رسول الله استحضر ولديه فخرج أبوهما يطلبهما، فقالت والدتهما: ليسا حاضرين، فرجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبره بغيبتهما فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا بد من إحضارهما فخرج إلى أمهما فأطلعته على حالهما فأخذهما إلى مجلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فدعا الله فأحياهما وعاشا سنين (1). الخبر الحادي عشر: في الدمعة عن ميثم التمار أن أعرابيا دخل على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال إني رسول إليك من ستين ألف رجل يقال لهم العقيمة وقد حملوا معي ميتا مذ مدة وقد اختلفوا في سبب موته وهو بباب المسجد فإن أحييته علمنا أنك صادق نجيب الأصل وتحققنا أنك حجة الله في أرضه وخليفة محمد على خلقه إلى أن قال: فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): كم لميتكم هذا؟ قال: واحد وأربعون يوما، قال: وسبب موته؟ قال الإعرابي: يا علي إن أهله يريدون أن تحييه فيخبرهم من قتله لأنه بات سالما وأصبح مذبوحا من أذنه إلى أذنه ويطالب بدمه خمسون رجلا يقصد بعضهم فاكشف الشك والريب يا أخا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الإمام: قتله عمه لأنه زوجه ابنته فخلاها وتزوج بغيرها فقتله حنقا عليه فقال الإعرابي: لسنا نقطع بقولك فإنا نريد أن يشهد الغلام لنفسه عند أهله من قتله لترتفع الفتنة والسيف والقتال، فعند ذلك قام الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصلى عليه وقال (عليه السلام): يا أهل الكوفة ما بقرة بني إسرائيل بأجل عند الله مني قدرا وأنا أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحييت بها ميتا بعد سبعة أيام، ثم دنا أمير المؤمنين (عليه السلام) من الميت وقال: إن بقرة بني إسرائيل ضرب بعضها على الميت وعاش وإني لأضرب هذا الميت ببعضي لأن بعضي خير من البقرة كلها ثم هزه برجله اليمنى وقال: قم بإذن الله يا مدركة بن حنظلة بن غسان بن بحير بن قهرب بن سلامة بن الطيب بن الأشعث فقد أحياك الله على يد علي بن أبي طالب (عليه السلام).

(هامش)

1 - الخرائج والجرائح: 927 بتفاوت. (*)

ص 286

قال ميثم التمار: فنهض غلام أضوء من الشمس أضعافا ومن القمر أوصافا فقال: لبيك لبيك يا حجة الله على الأنام المتفرد بالفضل والإنعام فعند ذلك قال: يا غلام من قتلك؟ قال: قتلني عمي الحارث بن غسان، قال له الإمام: انطلق إلى قومك فأخبرهم بذلك، فقال له: يا مولاي لا حاجة بي إليهم أخاف أن يقتلوني مرة أخرى ولا يكون عندي من يحييني، قال: فالتفت الإمام إلى صاحبه وقال له: امض إلى أهلك فأخبرهم، قال: يا مولاي والله لا أفارقك، بل أكون معك حتى يأتي الله بأجلي من عنده فلعن الله من اتضح له الحق وجعل بينه وبين الحق سترا، ولم يزل بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى قتل بصفين، ثم إن أهل الكوفة رجعوا إلى الكوفة واختلفوا أقوالا فيه (1). الخبر الثاني عشر: في الدمعة عن رجال الكشي عن أحمد بن علي بن كلثوم السرخسي قال: رأيت رجلا من يعرف بأبي زينبه فسألني عن أحكم بن بشار المروزي عن قصته وعن الأثر الذي في حلقه، وقد كنت رأيت في بعض حلقه شبه الخيط كأنه أثر الذبح فقلت له: قد سألته مرارا فلم يخبرني قال: فقال كنا سبعة نفر في حجرة واحدة ببغداد في زمان أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فغاب عنا أحكم من عند القصر ولم يرجع إلينا في تلك الليلة، فلما كان في جوف الليل جاء لنا توقيع من أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أن صاحبكم الخراساني مذبوح مطروح في لبد (2) في مزبلة كذا وكذا فأذهبوا وداووه بكذا وكذا فذهبنا ووجدناه مذبوحا مطروحا كما قال (عليه السلام) فحملناه فداويناه بما أمر به فبرئ من ذلك. قال أحمد بن علي: كانت قصته أنه تمتع ببغداد في دار قوم فعلموا به وأخذوه وذبحوه ودرجوه في لبد وطرحوه في مزبلة. قال أحمد: وكان أحكم إذا ذكر عنده الرجعة فأنكرها أحد يقول: أنا أحد المكرورين (3). الخبر الثالث عشر: في الدمعة عن مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف كانت ولادة فاطمة؟ قال (عليه السلام): نعم، إن خديجة (عليها السلام) لما تزوج بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هجرتها نسوان مكة فلم

(هامش)

1 - مدينة المعاجز: 1 / 251 وفيه: عمي حريث بن رفعة بدل الحارث بن غسان. 2 - اللبد: بساط من صوف أو غيره يجعل على ظهر الفرس. 3 - مناقب آل أبي طالب: 3 / 501. (*)

ص 287

يدخلن عليها ولم يسلمن ولا تركن امرأة تدخل عليها، واستوحشت خديجة لذلك وكان جزعها وغمها حذرا عليه، فلما حملت بفاطمة (عليها السلام) كانت فاطمة تحدثها في بطنها وتصبرها وكانت تكتم ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة فقال: يا خديجة هذا جبرئيل يخبرني أنها أنثى وأنها النسلة الطاهرة الميمونة وأن الله تبارك وتعالى جعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة يجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه فلم تزل خديجة على ذلك إلى أن حضرت ولادتها فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء فأرسلن إليها: أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب، فقيرا لا مال له فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا فاغتمت خديجة لذلك، فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن لما رأتهن فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة إنا رسل ربك إليك ونحن أخواتك أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثوم أخت موسى بن عمران بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها فوضعت فاطمة (عليها السلام) طاهرة مطهرة (1). الخبر الرابع عشر: وفيه عن قصص الراوندي عن ابن عباس في حديث طويل إلى أن قال: ثم إن إلياس نزل واستخفى عند أم يونس بن متى ستة أشهر ويونس مولود ثم عاد إلى مكانه فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات ابنها حين فطمته فعظمت مصيبتها فخرجت في طلب إلياس ورقت الجبال حتى وجدت إلياس فقالت: إني فجعت بموت ابني وألهمني الله عز وجل الاستشفاع بك إليه ليحيي لي ابني فإني تركته بحاله ولم أدفنه وأخفيت مكانه فقال لها: ومتى مات ابنك؟ قالت: اليوم سبعة أيام، فانطلق إلياس وصار سبعة أيام أخرى حتى انتهى إلى منزلها فرفع يديه بالدعاء واجتهد حتى أحيى الله تعالى جلت عظمته بقدرته يونس، فلما عاش انصرف الياس، ولما صار ابن أربعين سنة أرسله الله تعالى إلى قومه كما قال *(وأرسلناه إلى مأة ألف أو

(هامش)

1 - دلائل الإمامة: 77 وأمالي الصدوق: 691. (*)

ص 288

يزيدون)* الحديث (1) (2). الخبر الخامس عشر: عن تفسير علي بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن قال: ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربط بها فدخلت المسجد ومعي جبرائيل إلى جنبي فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من أنبياء الله قد جمعوا إلي وأقيمت الصلاة ولا أشك إلا وجبرئيل يستقدمنا، فلما استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقدمني وأممتهم ولا فخر، وفيه دلالة على أن إبراهيم وموسى وعيسى والأنبياء جميعا رجعوا إلى الدنيا وأحياهم الله تعالى في ليلة الإسراء ليصلوا مع رسول الله (3).

(هامش)

1 - سورة الصافات: 147. 2 - مجمع البيان: 8 / 457. 3 - تفسير القمي: 2 / 3 مطلع سورة بني إسرائيل. (*)

ص 289

في الآيات القرآنية المشعرة بالرجعة

 الفرع الثاني
 في الآيات القرآنية المشعرة بالرجعة عموما

 الآية الأولى: في سورة المائدة قوله تعالى: *(اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين)*(1). (عن المنتخب) سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: *(وجعل منكم أنبياء)* قال: الأنبياء رسول الله وإبراهيم وإسماعيل وذريته والملوك الأئمة قيل له: وأي ملك أعطيتم؟ فقال: ملك الجنة وملك الكرة (2).

 الآية الثانية: قوله تعالى في سورة الأعراف: *(إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)*(3). (عن الكافي) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) أن الأرض يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا من أحيى أرضنا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها فإن تركها أو خراجها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل حتى يظهر القائم (عج) من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما أخرج رسول الله ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم (4).

 الآية الثالثة: قوله تعالى في سورة الرعد: *(ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به

(هامش)

1 - سورة المائدة: 20. 2 - مختصر البصائر: 28 والبرهان: 1 / 255 ح 2. 3 - سورة الأعراف: 128. 4 - الكافي: 1 / 407 ح 1. (*)

ص 290

الأرض أو كلم به الموتى)*(1) الآية. (عن الكافي) عن أحمد بن حماد عن أبيه عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك أخبرني عن النبي ورث النبيين كلهم؟ قال: نعم، قلت: من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: ما بعث الله نبيا إلا ومحمد أعلم منه، قال: قلت: إن عيسى ابن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله تعالى؟ قال: صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله يقدر على هذه المنازل إلى أن قال: وإن الله يقول في كتابه *(ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى)*(2) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيى به الموتى... الحديث (3).

 الآية الرابعة: قوله تعالى في سورة الحجر: *(قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم)*(4). عن كتاب منتخب البصائر وتفسير البرهان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن إبليس قال: أنظرني إلى يوم يبعثون فأبى الله ذلك عليه وقال: إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشيائه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت المعلوم وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقلت: وإنها لكرات؟ قال: نعم إنها لكرات وكرات، ما من إمام في قرن إلا ويكر معه البر والفاجر في دهره حتى يديل الله المؤمن من الكافر فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال لها الروحا قريبا من كوفتكم فيقتتلون قتالا لم يقتل مثله منذ خلق الله عز وجل العالمين. ورواية أخرى في المحجة في ذيل هذه الآية في الغصن الذي فيه الآيات المؤولة بقيام القائم (عليه السلام) (5).

 الآية الخامسة: قوله تعالى في سورة بني إسرائيل *(فإذا جاء وعد أوليهما)* إلى قوله

(هامش)

1 - سورة الرعد: 31. 2 - سورة الرعد: 31. 3 - الكافي: 1 / 226 ح 7. 4 - سورة الحجر: 36 - 38. 5 - مختصر الدرجات: 27 ومدينة المعاجز: 3 / 101. (*)

ص 291

تعالى: *(وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا)*(1) عن المقتضب وتفسير البرهان عن سلمان قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فلما نظر إلي قال: يا سلمان إن الله عز وجل لم يبعث نبيا ولا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا، قال: قلت يا رسول الله لقد عرفت هذا من أهل الكتابين؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان فهل علمت من نقبائي الاثنا عشر الذين اختارهم الله للإمامة من بعدي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: يا سلمان خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فأطعته وخلق من نوري نور علي (عليه السلام) فدعاه إلى طاعته فأطاعه وخلق من نوري ونور علي فاطمة (عليها السلام) فدعاها فأطاعته وخلق مني ومن علي وفاطمة الحسن والحسين فدعاهما فأطاعاه فسمانا الله عز وجل بخمسة أسماء من أسمائه، فالله المحمود وأنا محمد والله العلي وهذا علي والله فاطر وهذه فاطمة والله [قديم] الإحسان وهذا الحسن والله المحسن وهذا الحسين، ثم خلق منا ومن نور الحسين (عليه السلام) تسعة أئمة فدعاهم فأطاعوا قبل أن يخلق الله عز وجل سماء مبنية أو أرضا مدحية أو هواء أو ماء أو ملكا أو بشرا وكنا بعلمه أنوارا نسبحه ونسمع له ونطيع، فقال سلمان: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فوالى وليهم وتبرأ من عدوهم فهو والله منا، يرد حيث نرد ويسكن حيث نسكن، قال قلت: يا رسول الله فهل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم وأنسابهم؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يا سلمان، قلت: يا رسول الله فأنى لي بهم قد عرفت إلى الحسين؟ قال: ثم سيد العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الأولين من النبيين والمرسلين ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق ثم موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبرا في الله ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله ثم محمد بن علي المختار من خلق الله ثم علي بن محمد الهادي إلى الله ثم الحسن بن علي الصامت الأمين على سر الله ثم فلان سماه باسمه ابن الحسن المهدي (عج) الناطق القائم بحق الله، قال سلمان: فبكيت ثم قلت: يا رسول الله فأنى لسلمان بإدراكهم؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان إنك مدركهم وأمثالك ومن تولاهم بحقيقة المعرفة فشكرت الله

(هامش)

1 - سورة الإسراء: 6. (*)

ص 292

كثيرا، ثم قلت: يا رسول الله إني مؤجل إلى عهدهم؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان اقرأ *(فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نقيرا)*(1) قال سلمان: فاشتد بكائي وشوقي وقلت: يا رسول الله بعهد منك؟ فقال: إي والذي أرسل محمدا إنه لبعهد مني وبعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة أئمة وكل من هو منا ومظلوم فينا إي والله يا سلمان ثم ليحضرن إبليس وجنوده وكل من محض الإيمان محضا ومحض الكفر محضا حتى يؤخذ بالقصاص والأوتار (2) ولا يظلم ربك أحدا ونحن (3) تأويل هذه الآية: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)*(4) قال سلمان (رضي الله عنه): فقمت من بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما يبالي سلمان متى لقي الموت أو لقيه الموت (5).

 الآية السادسة: قوله تعالى في سورة طه: *(إن في ذلك لآيات لأولى النهى)*(6) عن القمي عن عمار بن مروان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: *(إن في ذلك لآيات لأولي النهى)* قال: نحن والله أولي النهى، فقلت: جعلت فداك وما معنى أولي النهى؟ قال: ما أخبر الله به رسوله مما يكون بعده من ادعاء أبي فلان الخلافة والقيام بها والآخر من بعده والثالث من بعدهما وبني أمية فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) وكما انتهى إلينا من علي فيما يكون من بعده من الملك في بني أمية وغيرهم، فهذه الآية التي ذكرها الله تعالى في الكتاب *(إن في ذلك لآيات لأولي النهى)* الذي انتهى إلينا علم هذا كله فصبرنا لأمر الله فنحن قوام الله على خلقه وخزانه على دينه نخزنه ونستره ونكتم به من عدونا كما كتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أذن الله له في الهجرة وجاهد المشركين فنحن على منهاج رسول الله حتى يأذن الله لنا في إظهار دينه بالسيف وندعو الناس إليه فنضربهم عليه عودا كما ضربهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

(هامش)

1 - سورة الإسراء: 5 - 6. 2 - في بعض النسخ نسخ المصدر زيادة: والأثوار. 3 - في المصدر: ويحقق. 4 - سورة القصص: 5 - 6. 5 - دلائل الإمامة: 448. 6 - سورة طه: 54. (*)

ص 293

بدءا (1).

 الآية السابعة: قوله تعالى في سورة الأنبياء: *(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر إن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين)*(2) عن تأويل الآيات عن أبي جعفر (عليه السلام): الصالحون هم آل محمد، العابدون هم شيعتنا (3). وعن البحار والعوالم أخبر الله تعالى نبيه في كتابه ما يصيب أهل بيته بعده من القتل والغصب والبلاء ثم يردهم إلى الدنيا ويقتلون أعداءهم ويملكهم الأرض وهو قوله تعالى: *(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر إن الأرض يرثها عبادي الصالحون)*(4) وقوله: *(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات)*(5) الآية (6).

 الآية الثامنة: قوله تعالى في سورة الحج: *(أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)*(7). عن كامل الزيارة في الباب الثامن عشر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: *(أذن للذين يقاتلون)* الآية قال: في القائم وأصحابه (8). وإذن ماض، ومعلوم أن مضارعا متحققا وقوعه بمنزلة الماضي.

 الآية التاسعة: قوله تعالى *(الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)*(9) عن تفسير القمي عن أبي جعفر (عليه السلام) الآية لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آخر الأئمة والمهدي (عج) وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ويظهر الدين ويميت الله به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهاء الحق، لا

(هامش)

1 - تفسير القمي: 2 / 61. 2 - سورة الأنبياء: 105 - 106. 3 - تأويل الآيات: 1 / 332. 4 - سورة الأنبياء: 105. 5 - سورة النور: 55. 6 - البحار: 53 / 117 عن علل الشرائع لمحمد بن علي بن إبراهيم. 7 - سورة الحج: 39. 8 - في كامل الزيارات المطبوع: 135 أنها في علي والحسن والحسين، وفي غيبة النعماني: 241، إنها في القائم وأصحابه. 9 - سورة الحج: 41. (*)

ص 294

يرى أثر الظلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (1).

 الآية العاشرة: قوله تعالى في سورة النور: *(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا)*(2) دلت الآية بمنطوقها على وعد الله باستخلاف من اتصف بهذه الصفات وليس هو إلا الأئمة (عليهم السلام) وحيث إنهم صلوات الله عليهم لم يحصل لهم التمكين التام فيما مضى بالبداهة لغلبة الظالمين والمنافقين فدار الأمر بين أن يخلف وعده أو ينجزه، لا سبيل إلى الأول لاستلزامه الكفر فتعين الثاني، ولما لم يحصل فيما مضى تعين أن يكون إنجاز هذا الوعد بالرجعة فثبت المطلوب منها وتكون نصا في الرجعة وبه صرح غير واحد. وعن مناقب الطاهرين للشيخ الجليل الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الطبري المازندراني بعد ذكر الآية أن من دور آدم إلى يومنا هذا لم يمكن أصلا أن جميع العالم يعبدون الله تعالى وليس يشركون به فعلم من هنا أن هذه الحال منتظرة بدليل أنه تعالى ذكر ذلك بلفظ الاستقبال بالسين وفيه تراخ واستقبال أيضا وليس للمخالف أن يقول المراد به الخلفاء الثلاثة لأن في زمانهم كانت الدنيا مملوءة من الشرك وقليل من الإسلام ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبر نقلا عن كتبهم: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي يواطئ اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (3). وعن الكافي عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: *(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم)* قال: هم الأئمة (عليهم السلام) (4).

 الآية الحادية عشرة: قوله تعالى في سورة الشعراء: *(إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية

(هامش)

1 - تفسير القمي: 1 / 108. 2 - سورة النور: 55. 3 - مناقب أمير المؤمنين: 2 / 173. 4 - الكافي: 1 / 193 ح 3. (*)

ص 295

فظلت أعناقهم لها خاضعين)*(1) عن تأويل الآيات عن ابن عباس: هذه نزلت فينا وفي بني أمية تكون لنا عليهم دولة تذل أعناقهم لنا بعد صعوبة، وهوان بعد عز (2).

 الآية الثانية عشرة: قوله تعالى في سورة النمل: *(سيريكم آياته فتعرفونها)*(3) عن القمي: الآيات أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة إذا رجعوا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا، انتهى (4).

 الآية الثالثة عشرة: قوله تعالى في سورة القصص *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)*(5). عن مجمع البيان قد صحت الرواية عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس (6) على ولدها، وتلا عقيب ذلك: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض)* الآية. وروى العياشي بالإسناد عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: هذا والله من الذين قال الله: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض)* الآية، انتهى (7). وفي حديث مفضل بن عمر المذكور سابقا عن الصادق (عليه السلام): ثم يظهر السيد الأكبر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في أنصاره والمهاجرين إليه ومن آمن به وصدقه واستشهد معه ويحضر مكذبوه والشاكون فيه والمكفرون له والقائلون فيه: إنه ساحر وكاهن ومجنون ومعلم وشاعر وناطق عن الهوى، ومن حاربه وقاتله حتى يقتص منهم بالحق ويجازون بأفعالهم منذ وقت رسول الله إلى وقت ظهور المهدي مع إمام إمام وكل وقت وقت ويحق تأويل هذه الآية: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)*.

(هامش)

1 - سورة الشعراء: 4. 2 - تأويل الآيات: 1 / 386، وبحار الأنوار: 53 / 109. 3 - سورة النمل: 93. 4 - مختصر البصائر: 44 وتفسير القمي: 1 / 479. 5 - سورة القصص: 5 - 6. 6 - الضروس: الناقة يموت ولدها أو يذبح فيحشى جلده فتدنو منه وتعطف عليه. 7 - مجمع البيان: 4 / 239 ونهج البلاغة: 4 / 47 (محمد عبده). (*)

ص 296

قال المفضل: قلت: يا سيدي من هامان وفرعون؟ قال (عليه السلام): الأول والثاني ينبشان ويحييان إلى أن قال: لكأني أنظر يا مفضل إلى معاشر الأئمة ونحن بين يدي جدنا رسول الله نشكو إليه ما نزل بنا من الأمة بعده وما نالنا من التكذيب والرد علينا وسبنا ولعننا وتخويفنا بالقتل، وقصد طواغيتهم الولاة لأمورهم إيانا من دون الأمة بترحلنا من حرمه إلى دار ملكهم وقتلهم إيانا بالسم والحبس والكيد العظيم فيبكي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول: ما نزل بكم إلا ما نزل بجدكم قبلكم ولو علمت طواغيتهم وولاتهم أن الحق والهدى والإيمان والوصية في غيركم لطلبوه. وعن البرهان عن الباقر والصادق (عليهما السلام): إن فرعون وهامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا (1).

 الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى: *(إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)*(2) عن القمي عن علي بن الحسين: في هذه الآية يرجع إليكم نبيكم وأمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة (عليهم السلام) (3).

 الآية الخامسة عشرة: قوله تعالى في سورة التنزيل: *(ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون)*(4) في حديث المفضل سئل الصادق (عليه السلام) عن هذه الآية: يا مولاي فما العذاب الأدنى وما العذاب الأكبر؟ قال الصادق (عليه السلام): العذاب الأدنى عذاب الرجعة والعذاب الأكبر عذاب يوم القيامة الذي تبدل الأرض غير الأرض وبرزوا لله الواحد القهار (5).

 الآية السادسة عشرة: قوله تعالى في سورة المؤمن: *(إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)*(6) عن القمي عن جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت قول

(هامش)

1 - تفسير البرهان: 3 / 220 ح 1، والمحجة: 168. 2 - سورة القصص: 85. 3 - تفسير القمي: 2 / 147. 4 - سورة السجدة: 21. 5 - بحار الأنوار: 53 / 29. 6 - سورة غافر: 51. (*)

ص 297

الله تعالى: *(إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)* قال: ذلك والله في الرجعة أما علمت أن أنبياء الله كثير لم ينصروا في الدنيا وقتلوا، والأئمة من بعدهم قتلوا ولم ينصروا وذلك في الرجعة (1). وكذا في منتخب البصائر مثله (2).

 الآية السابعة عشرة: قوله تعالى: *(ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون)*(3). عن القمي: يريكم آياته يعني أمير المؤمنين والأئمة في الرجعة فإذا رأوهم قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين أي جهدنا بما أشركناهم فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون (4).

 الآية الثامنة عشرة: قوله تعالى في سورة الزخرف: *(وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)*(5) يعني فإنهم يرجعون أي الأئمة إلى الدنيا (6).

 الآية التاسعة عشرة: قوله تعالى في سورة الأحقاف: *(ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)*(7) عن القمي: *(الإنسان)* رسول الله، *(بوالديه)* إنما عني الحسن والحسين (عليهما السلام) ثم عطف على الحسين فقال: *(حملته أمه كرها)* ووضعته كرها وذلك أن الله أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبشره بالحسين قبل حمله وأن الإمامة تكون في ولده إلى يوم القيامة، ثم أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة في نفسه وولده، ثم عوضه بأن جعل الإمامة في عقبه وأعلمه أنه يقتل ثم يرده إلى الدنيا وينصره حتى يقتل أعداءه ويملكه الأرض وهو قوله تعالى: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض)*(8) الآية، وقوله تعالى: *(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر إن الأرض يرثها عبادي الصالحون)*(9) فبشر الله تعالى نبيه أن أهل بيتك يملكون الأرض ويرجعون إليها ويقتلون أعداءهم، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة (عليها السلام) بخبر الحسين وقتله فحملته كرها، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): فهل رأيتم أحدا يبشر بولد ذكر فتحمله كرها أي إنها اغتمت وكرهت لما أخبرت

(هامش)

1 - تفسير القمي: 2 / 258. 2 - مختصر بصائر الدرجات: 45. 3 - سورة غافر: 81. 4 - تفسير القمي: 2 / 256 بلفظ: يعني الأئمة. 5 - سورة الزخرف: 28. 6 - تفسير القمي. 7 - سورة الأحقاف: 15. 8 - سورة القصص: 6. 9 - سورة الأنبياء: 105. (*)

ص 298

بقتله ووضعته كرها لما علمت من ذلك وكان بين الحسن والحسين طهر واحد وكان الحسين في بطن أمه ستة أشهر وفصاله أربعة وعشرون شهرا وهو قول الله تبارك وتعالى: *(وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)*(1) (2).

 الآية العشرون: قوله تعالى في سورة الشمس: *(والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها)*(3) في تفسير الفرات عن قول الله تعالى: *(والشمس وضحيها)* قال: محمد رسول الله: *(والقمر إذا تليها)* قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): *(والنهار إذا جليها)* هم آل محمد صلوات الله عليهم وهما الحسن والحسين (4). (وفيه) أيضا عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال الحارث الأعور للحسين (عليه السلام): يا بن رسول الله جعلت فداك أخبرني عن قول الله في كتابه *(والشمس وضحيها)* قال: ويحك يا حارث ذاك محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قلت: جعلت فداك قوله *(والقمر إذا تليها)* قال ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يتلو محمدا، قال: قلت: قوله *(والنهار إذا جليها)* قال (عليه السلام): ذاك القائم (عج) من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يملأ الأرض عدلا وقسطا (5).

(هامش)

1 - سورة الأحقاف: 15. 2 - تفسير القمي: 2 / 297. 3 - سورة الشمس: 2. 4 - تفسير العياشي: 2 / 257. 5 - المصدر السابق. (*)

ص 299

في الآيات المؤولة بالرجعة المطلقة

 الفرع الثالث
 في الآيات المؤولة بالرجعة المطلقة

 الآية الأولى: قوله تعالى في سورة البقرة: *(الذين يؤمنون بالغيب)*(1) عن مشارق الأنوار: الغيب ثلاثة: يوم الرجعة ويوم القيامة ويوم القائم وهي أيام آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (2). الآية الثانية: قوله تعالى في سورة آل عمران: *(ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ولئن متم أو قت

لتم لألى الله تحشرون)*(3) في الدمعة عن منتخب البصائر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) سئل عن قول الله *(ولئن قتلتم)* الخ فقال: يا جابر أتدري ما سبيل الله؟ قلت: لا والله إلا إذا سمعت منك، فقال: القتل في سبيل الله علي وذريته، من قتل في ولايته قتل في سبيل الله وليس أحد يؤمن بهذه الآية إلا وله قتلة وميتة، أنه من قتل فينشر حتى يموت ومن مات ينشر حتى يقتل (4). أقول: لعل المراد بالحشر (5) الرجعة.

 الآية الثالثة: قوله تعالى في سورة البقرة: *(ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون)*(6) عن مجمع البيان: استدل قوم من أصحابنا بهذه الآية على جواز الرجعة وقول من قال إن الرجعة لا تجوز إلا في زمن النبي لتكون معجزا له ودلالة على نبوته باطل لأن عندنا، بل عند أكثر الأمة يجوز إظهار المعجزات على أيدي الأئمة والأولياء، والأدلة على ذلك مذكورة في كتب الأصول. أقول: ويعلم من قوله *(لعلكم تشكرون)* أن الشكر إنما يكون لكونها دار التكليف وإنما يقع الشكر منهم لرجعتهم والتشفي لمن ينتقم وهو ساقط عنهم يوم القيامة

(هامش)

1 - سورة البقرة: 3. 2 - مشارق أنوار اليقين: 295 ط. الأعلمي بتحقيقنا. 3 - سورة آل عمران: 157 - 158. 4 - تفسير العياشي: 1 / 202. 5 - بالنشر. 6 - البقرة: 56. (*)

ص 300

فيكون ذلك دليلا على وقوعه في الرجعة فإنها حق (1).

 الآية الرابعة: قوله تعالى في سورة آل عمران: *(كل نفس ذائقة الموت)*(2) في الدمعة عن تفسير كنز الدقايق عن زرارة: قلت للباقر (عليه السلام): فإن الله يقول *(كل نفس ذائقة الموت)* من قتل لم يذق الموت، قال: لا بد من أن يرجع حتى يذوق الموت (3). وعن تفسير نور الثقلين عن أبي جعفر (عليه السلام): *(كل نفس ذائقة الموت)* أو منشورة نزل بها على محمد ليس أحد من هذه الأمة إلا وينشر فأما المؤمنون فينشرون إلى قرة عين، وأما الفجار فينشرون إلى خزي الله إياهم (4).

 الآية الخامسة: قوله تعالى في سورة النساء: *(وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا)*(5) عن تفسير الكشاف قيل: الضمير متعلق بعيسى بمعنى وإن منهم أحد إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى وهم أهل الكتاب الذين يكونون في زمان نزوله، روي أنه ينزل من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به حتى تكون الملة واحدة فهي ملة الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال وتقع الآمنة حتى ترتع الأسود مع الإبل والنسور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات ويلبث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه (6). وعن تفسير علي بن إبراهيم عن شهر بن حوشب قال: قال لي الحجاج: يا شهر آية في كتاب الله قد أعيتني فقلت: أيها الأمير أية آية؟ فقال: قوله *(وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته)* والله إني لآمر اليهودي والنصراني فيضرب (7) عنقه ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يخمد، فقلت: أصلح الله الأمير ليس على ما تأولت قال: كيف هو؟ قلت: إن عيسى (عليه السلام) ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة، يهودي ولا غيره إلا آمن قبل موته ويصلي خلف المهدي، قال: ويحك أنى لك هذا ومن أين جئت؟ فقلت: حدثني به

(هامش)

1 - مجمع البيان: 1 / 223. 2 - سورة آل عمران: 185. 3 - تفسير كنز الدقائق: 2 / 249 وتفسير العياشي: 1 / 202. 4 - تفسير كنز الدقائق: 2 / 305. 5 - سورة النساء: 159. 6 - تفسير كنز الدقائق: 2 / 679، وقصص الأنبياء لابن كثير: 2 / 467 بتفاوت. 7 - في بعض النسخ: فأضرب. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب (ج2)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب